مشاهدة النسخة كاملة : الهولوكست الصهيونى فى فلسطين وثيقة تاريخية
أمـــة الله
2010-11-03, 02:50 PM
قرية سيرين
احتُلت سيرين في 12 أيار 1948. كانت تقع بالقرب من بيسان في واحدة من أراضي الجِفتلك. وكانت هذه الأراضي، التي يشار إليها أحياناً باسم أراضي «المدَوَّر»، تخص اسمياً السلطان العثماني، بيد أن الفلاحين الفلسطينيين كانوا هم الذين يزرعونها.
اشتهرت سيرين بكونها نموذجاً رائعاً للنظام التعاوني القائم على التشارك في الأرض، والذي تمسّك به القرويون، وهو يرجع إلى العهد العثماني. ولم ينجح في القضاء عليه تحول الزراعة المحلية إلى الطرائق الرأسمالية، ولا الاندفاع الصهيوني للحصول على الأراضي. وكان في القرية ثلاثة بساتين غنية بأشجار الفواكه وكروم الزيتون، تمتد على أكثر من 9000 دونم من الأرض المزروعة (من مجموع 17.000 دونم). وكانت الأراضي ملكاً للقرية كمجموع، وحصة العائلة من المحاصيل ومساحة الأرض تتقرر بناء على حجم العائلة.
وكان لسيرين علاقات جيدة بالجميع. وقد كانت العائلة الرئيسة، عائلة الزعبي، موعودة بحصانة للقرية من جانب الوكالة اليهودية، لأنها كانت تنتمي إلى عشيرة متعاونة. فالمختار مبارك الحاج الزعبي، الذي كان شاباً متعلماً، وعلى علاقة وثيقة بأحزاب المعارضة، كان صديقاً لرئيس بلدية حيفا، شبتاي ليفي، منذ يوم كانا يعملان في شركة البارون روتشيلد. وكان متأكداً من أن سكان القرية، البالغ عددهم 700 نسمة، سيُجنَّبون المصير الذي لاقته القرى المجاورة. لكن كان هناك في القرية عشيرة أُخرى، حمولة أبو الهيجاء، التي كانت أكثر ولاء للمفتي السابق، الحاج أمين الحسيني، وللحزب العربي الفلسطيني. وبحسب ملف الهاغاناه لسنة 1943 الخاص بقرية سيرين، فإن وجود هذه العشيرة هو الذي حكم عليها بالهلاك. ولحظ الملف أن في سيرين عشرة أشخاص من حمولة أبو الهيجاء شاركوا في ثورة 1936، وأن «أياً منهم لم يُعتقل أو يُقتل، وأنهم يحتفظون ببنادقهم.»
كانت القرية تعاني بين حين وآخر جرّاء الخصومات بين الحمولتين الرئيستين. لكن، كما حدث في أنحاء فلسطين كافة، فإن الأمور تحسنت بعد الثورة العربية الكبرى. ومع حلول نهاية الانتداب كانت القرية تجاوزت الانقسامات التي مزقتها خلال فترة الثلاثينات العاصفة.
وأمل مختار سيرين بأن تتعزز حصانة القرية أيضاً جرّاء وجود عشيرة مسيحية صغيرة فيها كانت على علاقة ممتازة ببقية السكان. وكان أحد أفرادها معلم القرية، وكان يربي تلاميذ الصف البالغ عددهم 40 تلميذاً، من دون أي أثر لتحامل سياسي أو ارتباط عشائري. وكان صديقه المفضل الشيخ محمد المصطفى، إمام الجامع المحلي وحارس الكنيسة المحلية والدير اللذين كانا موجودين أيضاً داخل القرية.
هذا العالم الصغير من التعايش الديني والانسجام تم تدميره تماماً خلال ساعات قليلة معدودة. لم يقاتل القرويون. جمعت القوات اليهودية المسلمين- من الحمولتين- والمسيحيين معاً وأمرتهم بالتوجه إلى نهر الأردن وعبوره إلى الجانب الآخر. ومن ثم نسفت المسجد والكنيسة والدير والبيوت كافة. ولم تلبث الأشجار في البساتين أن جفت وماتت.
اليوم، يحيط سياج من الصبار بالأنقاض التي كانت ذات يوم قرية سيرين. ولم ينجح اليهود قط في تكرار نجاح الفلسطينيين في التشبث بالتربة الوعرة في الوادي، لكن الينابيع القائمة في الجوار لا تزال هناك - منظر موحش يبعث خلوه من البشر الرهبة في النفس.
إلى الغرب من سيرين، في مرج ابن عامر (عيمك يزراعيل)، فعل فوزي القاوقجي كل ما في وسعه للحد من الاحتلالات اليهودية، وشن عدة هجمات فاشلة على الكيبوتس اليهودي الوحيد الموجود في المنطقة، مِشْمار هَعيمِكْ. وفي واحدة من المرات التي تعرض فيها الكيبوتس للقصف بواسطة المدفع الوحيد الذي كان في حيازة القاوقجي، قتلت قذيفة مباشرة ثلاثة أطفال. وهذه المأساة المروعة سيجدها المرء مذكورة في كتب التاريخ الرسمية باعتبارها الحادثة الوحيدة العدائية التي وقعت في هذه المنطقة.
لم تساهم القرى المجاورة كثيراً في الجهود التي بذلها جيش الإنقاذ لينقل أخباراً طيبة من جبهة القتال إلى جامعة الدول العربية التي أرسلته. وفي الواقع، كثير منها وقّع معاهدات عدم اعتداء مع الكيبوتسات المجاورة له. لكن هجوم جيش الإنقاذ على مِشْمار هَعيمك أشعل الغضب والرغبة في الانتقام في نفوس أعضاء الكيبوتسات، وبالتالي لم تعد تلك القرى آمنة من العدوان المتمادي في السهل. وحث أعضاء الكيبوتسات القوات اليهودية على مواصلة التطهير العرقي الذي بدأته في شرق المنطقة. وكان كثير من الكيبوتسات في هذا الجزء من الجليل تابعاً للحزب الصهيوني الاشتراكي «هَشومير هَتْسَعير»، الذي حاول بعض أعضائه اتخاذ موقف أكثر إنسانية. وفي تموز (يوليو)، اشتكى عدد من أعضاء مبام البارزين إلى بن - غوريون ما اعتقدوا أنه توسيع «لا لزوم له» لعملية التطهير. وسارع بن - غوريون إلى تذكير هؤلاء الكيبوتسيين من أصحاب الضمير أنهم هم أنفسهم كانوا مسرورين من انطلاق المرحلة الأولى في المنطقة في نيسان السابق. وفي الحقيقة، لو كنتَ يهودياً صهيونياً في سنة 1948، لكان معنى ذلك شيئاً واحداً، وشيئاً واحداً فقط: الالتزام الكامل بتطهير فلسطين من العرب.
في حيفا وحواليها اكتسبت عملية التطهير العرقي زخماً شديداً، وشكلت سرعتها القاتلة نذيراً بالدمار الآتي. خمس عشرة قرية- بعضها صغير لا يتعدى عدد سكان القرية فيه 300 نسمة، وبعضها كبير جداً، يتجاوز عدد سكان القرية فيه الـ5000 نسمة - طُرد سكانها بسرعة الواحدة تلو الأُخرى. أبو شوشة؛ أبو زريق؛ عرب الفقراء؛ عرب النفيعات؛ عرب ظهرة الضميري، بلد الشيخ؛ الدامون؛ خربة الكساير؛ خربة منشيّة؛ الريحانية؛ خربة الشركس؛ خربة سعسع؛ وعرة السريس؛ ياجور؛ هذه القرى كلها مسحت من خريطة فلسطين داخل قضاء ملآن بالجنود البريطانيين، ومبعوثي الأمم المتحدة، والمراسلين الأجانب.
ولدينا سجلات تشتمل على إدانات لفظية من ساسة صهيونيين من تلك الفترة أقلقهم الأمر، وزودت «المؤرخين الجدد» بمادة عن الأعمال الوحشية لم يجدوها في أية مصادر أرشيفية أُخرى. وتبدو اليوم وثائق الشكوى هذه أقرب إلى محاولة من جانب ساسة وجنود «حسّاسين» لإراحة ضمائرهم. وهي تشكل جزءاً من عاطفة إسرائيلية يمكن وصفها بعبارة «يطلقون النار ويبكون»، التي نستعيرها من عنوان مجموعة أقوال يُفترض أنها تعبر عن ندم أخلاقي لجنود إسرائيليين شاركوا في عمليات تطهير عرقي ضيقة النطاق في حرب حزيران 1967. وقد دُعي الضباط والجنود المعنيون وقتئذ من جانب الكاتب الإسرائيلي الشهير عاموس عوز وأصدقائه إلى ممارسة «طقس تبرئة» Exoneration في «البيت الأحمر» قبل أن يُهدم.
أمـــة الله
2010-11-03, 02:51 PM
فصول من «التطهير العرقي في فلسطين» (7 من 8)
إعدامات «عين الزيتون» وغيرها ومسؤولية الانتداب البريطاني والأمم المتحدة
كتاب ايلان بابه «التطهير العرقي في فلسطين» الذي تنشر «الحياة» فصولاً منه، يكشف المسكوت عنه حول دور التطهير العرقي في إنشاء إسرائيل.
ويدحض المؤلف الأفكار الرائجة عن ان نزوح الفلسطينيين من أرضهم يعود الى اختيار طوعي أو الى وعود الجيوش العربية بأن النازحين سيعودون ما ان تكمل عملياتها ضد ما سمي آنذاك «العصابات الصهيونية».
تصدر الطبعة العربية من الكتاب أواسط الشهر المقبل عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية، وأنجز الترجمة أحمد خليفة. والمؤلف ايلان بابه من المؤرخين الإسرائيليين الجدد وأستاذ في جامعة حيفا وناشط في مؤسسات بحوث من اجل السلام.
«الحياة» نشرت ست حلقات، وهنا السابعة:
< تعتبر مجزرة عين الزيتون الأكثر شهرة لأن قصتها شكلت الأساس للرواية الملحمية الوحيدة عن النكبة حتى الآن، وهي رواية «باب الشمس» للكاتب الياس خوري. كما أن ثمة عرضاً لما حدث في القرية في القصة القصيرة الإسرائيلية شبه المتخيَّلة عن تلك الفترة، «بين العُقد»، للكاتبة نِتيفا بن- يهودا. وقد جرى تحويل رواية «باب الشمس» إلى فيلم من إنتاج فرنسي- مصري مشترك (إخراج يسري نصر الله- «المحرر»). وتشبه المشاهد في الفيلم كثيراً الوصف الذي نجده في قصة «بين العُقد»، واستندت فيه بن- يهودا، إلى حد كبير، إلى التقارير المحفوظة في الأرشيفات العسكرية، وإلى ذكريات رُويت شفهياً. ويبرز الفيلم أيضاً بصدق جمال القرية، التي تقع في واد عميق ضيق يشطر جبال الجليل المرتفعة على الطريق ما بين ميرون وصفد، ويترقرق فيه جدول من المياه العذبة محاط ببرك مياه معدنية حارة.
الموقع الاستراتيجي، على بعد ميل واحد إلى الغرب من صفد، جعل قرية الزيتون هدفاً مثالياً للاحتلال. وكانت مشتهاة من المستوطنين اليهود المحليين، الذين كانوا شرعوا في شراء الأراضي المجاورة، وكانت علاقتهم بالقرويين مضطربة مع اقتراب الانتداب البريطاني من نهايته. ووفرت عملية «مِكنسة» (مَطْأطي) الفرصة في 2 أيار (مايو) 1948 لوحدة النخبة التابعة للهاغاناه، البالماخ، لا لتطهير القرية وفقاً للخطة دالِتْ فحسب، بل أيضاً لتصفية «حسابات قديمة» مصدرها العداء الذي أبداه القرويون الفلسطينيون تجاه المستوطنين.
أُوكلت العملية إلى موشيه كالمان، الذي كان أشرف بنجاح على الهجمات الوحشية على الخصاص وسعسع والحسينية في المنطقة نفسها. وواجهت قواته مقاومة ضعيفة جداً، لأن المتطوعين السوريين الذين كانوا متمركزين هناك غادروا على عجل عندما بدأت القرية بالتعرض للقصف فجراً: قصف عنيف بمدافع الهاون، تبعه وابل منتظم من القنابل اليدوية. ودخلت قوات كالمان القرية حوالى الظهر. وخرج النساء والأطفال والشيوخ وعدد قليل من الشبان لم يغادروا مع المتطوعين السوريين من مخبئهم يلوحون بعلم أبيض، وسيقوا على الفور إلى ساحة القرية.
يستحضر الفيلم روتين التحري والاعتقال- في هذه الحالة التحري والإعدام- كما كانت تتبعه وحدات الاستخبارات التابعة للهاغاناه. أولاً، أحضروا مخبراً مغطى الرأس أخذ يتمعن في الرجال المصفوفين في ساحة القرية، وتم التعرف إلى الأشخاص الذين كانت أسماؤهم مكتوبة في القائمة المعدة سلفاً والتي أحضرها ضباط الاستخبارات معهم. ومن ثم أُخذ الرجال المختارين إلى مكان آخر وأُعدموا. وعندما حاول رجال آخرون التمرد أو الاحتجاج، قُتلوا هم أيضاً. وثمة حادثة شخّصها الفيلم بصورة مؤثرة جداً: عندما أخبر أحد القرويين، يوسف أحمد حجّار، الذين أسروه أنه، مثل الآخرين، استسلموا وبالتالي «يتوقعون أن يعاملوا بطريقة إنسانية»، صفعه قائد قوة البالماخ وأمره، عقاباً له، باختيار سبعة وثلاثين مراهقاً بصورة عشوائية. وبعد أن أرغم بقية القرويين على دخول مستودع جامع القرية، قُتل المراهقون رمياً بالرصاص وأيديهم موثقة خلف ظهورهم.
وفي كتاب من تأليف هانس ليبْريخت، نجد وصفاً مقتضباً لمظهر آخر من مظاهر الوحشية. شرح ليبريخت قائلاً: «في نهاية أيار 1948، أمرتني الوحدة العسكرية التي كنت أخدم فيها ببناء محطة ضخ موقتة، وتحويل مجرى جدول القرية المهجورة، عين الزيتون، من أجل تزويد الكتيبة بالمياه. وكانت القرية مدمرة كلياً، وكان هناك بين الأنقاض جثث كثيرة. وعلى وجه التخصيص وجدنا الكثير من جثث النساء والأطفال والأطفال الرضّع بالقرب من الجامع الحالي، وأقنعت الجيش بإحراق الجثث.»
هذا الوصف الواضح جداً نجد مثله أيضاً في تقارير الهاغاناه العسكرية. لكن، من الصعب معرفة كم من سكان عين الزيتون أُعدموا فعلاً. فالوثائق العسكرية تذكر أن إجمالي عدد الذين قُتلوا رمياً بالرصاص، بمن في ذلك الذين أُعدموا، يبلغ سبعين شخصاً؛ بينما تذكر مصادر أُخرى، رقماً أكبر كثيراً. لقد كانت نِتيفا بن- يهودا عضواً في البالماخ؛ وكانت في القرية عندما حدثت الإعدامات، لكنها فضّلت أن تسرد القصة بشكل روائي. وعلى أي حال، فإن قصتها تعرض وصفاً تفصيلياً مرعباً للطريقة التي قتل فيها الرجال رمياً بالرصاص بينما كانوا مقيدي الأيدي. وتذكر أن عدد الذين أُعدموا كان مئات:
لكن يوناثان واصل الصراخ، وفجأة استدار معطياً ظهره لميركي، وسار مبتعداً وقد تملكه غضب شديد، مستمراً في شكواه: «إنه فقد عقله! مئات من الناس مستلقين هناك مقيدين! إذهب واقتلهم! إذهب واقضِ على مئات من الناس! إن مجنوناً فقط هو من يقتل أناساً مقيدين هكذا، ومجنوناً فقط هو من يبدد كل هذه الذخيرة عليهم!... لا أعرف في من يفكرون، من سيأتي للتفتيش، لكني أدرك أن أمراً ما صار ملحاً؛ أنه فجأة يتعين علينا أن نفك الرباط من على أيدي وأرجل أسرى الحرب هؤلاء. وعندئذ علمت أنهم كانوا جميعاً موتى، «المشكلة انحلت».
وبحسب هذه الرواية فإن المذبحة، كما نعرف أيضاً من كثير من أعمال القتل الجماعي الأُخرى، لم تحدث فقط كـ «عقاب» على «صفاقة»، بل أيضاً لأن الهاغاناه لم يكن لديها بعد معسكرات اعتقال لأسرى الحرب تستوعب العدد الكبير من الأسرى القرويين. لكن، حتى بعد إنشاء معسكرات كهذه، فإن مذابح كانت تحدث عندما يتم أسر عدد كبير من القرويين، كما في حالتي الطنطورة والدوايمة بعد 15 أيار 1948.
إن مرويّات التاريخ الشفهي التي زودت الياس خوري بمادة «باب الشمس»، تعزز الانطباع بأن المادة الأرشيفية لا تخبرنا بالقصة كاملة: إنها مقتضبة في ما يتعلق بالوسائل المستخدمة، ومضللة بالنسبة إلى عدد الأشخاص الذين قتلوا في ذلك اليوم المشؤوم من أيار 1948.
وكما سبق أن ذكرنا، كانت كل قرية تشكل سابقة وتصبح جزءاً من نمط أو نموذج من شأنه تسهيل عمليات الطرد الجماعي المنهجي. في عين الزيتون، أُخذ القرويون إلى طرف القرية، ومن ثم أخذ الجنود يطلقون النار فوق رؤوسهم بعدما أمروهم بالفرار. وهنا أيضاً جرى اتباع الإجراءات الروتينية: جُرّد الناس من جميع أمتعتهم قبل أن يتم نفيهم من وطنهم.
في وقت لاحق احتل البالماخ القرية المجاورة، بيرْيا. وكما في عين الزيتون، صدر الأمر بإحراق جميع البيوت بغية إضعاف معنويات العرب في صفد. ولم يبق في المنطقة سوى قريتين. وواجهت الهاغاناه الآن مهمة أكثر تعقيداً: كيف تفرض التجانس السكاني في، أو بالأحرى كيف «تهوِّد»، منطقة مرج ابن عامر والسهول الفسيحة الممتدة بين الوادي ونهر الأردن، شرقاً حتى بيسان المحتلة، وشمالاً حتى الناصرة، التي كانت لا تزال مدينة حرة في ذلك الوقت.
كان يغئيل يادين هو الذي طلب في نيسان (أبريل) القيام بمجهود أشد تصميماً لتطهير هذه المنطقة (الشمالية) الواسعة من السكان. ويبدو أنه شك في أن القوات ليست متحمسة بما فيه الكفاية، فكتب مباشرة إلى عدد من أعضاء الكيبوتسات الواقعة في الجوار للتحقق مما إذا كانت القوات احتلت ودمرت فعلاً القرى التي أُمرت بتدميرها.
لكن تردُّد الجنود لم يكن بسبب فقدان الحافز أو الحماسة. فقد كان ضباط الاستخبارات، في الحقيقة، هم الذين وضعوا قيوداً على العمليات. ففي جزء من المنطقة، خصوصاً بالقرب من مدينة الناصرة، وجنوباً حتى العفولة، كان هناك عشائر تعاونت- إقرأ: «تعاونت مع عدو»- معهم لأعوام كثيرة. فهل يجب طردها هي أيضاً؟
أمـــة الله
2010-11-03, 02:51 PM
المسؤولية البريطانية
هل علم البريطانيون بالخطة دالِتْ؟
يفترض المرء أنهم علموا، لكن ليس من السهل إثبات ذلك. غير أنه من اللافت جداً أن البريطانيين أعلنوا بعد أن تم تبني الخطة دالِتْ أنهم لم يعودوا مسؤولين عن الأمن والنظام العام في المناطق التي كانت قواتهم لا تزال مرابطة فيها، وقَصَروا نشاطهم على حماية هذه القوات. وكان ذلك يعني أن حيفا ويافا والمنطقة الساحلية الواقعة بينهما بأسرها باتت مساحة مكشوفة تستطيع القيادة الصهيونية أن تطبق فيها الخطة دالِتْ من دون خوف من أن يحبطها الجيش البريطاني، أو حتى من مواجهة معه. والأسوأ أن اختفاء البريطانيين من الريف والمدن كان معناه انهيار القانون والنظام العام كلياً في أنحاء فلسطين كافة. وعكست الصحف التي كانت تصدر آنذاك، مثل صحيفة «فلسطين»، قلق الناس من ازدياد جرائم كالسرقة والسطو على المنازل في المراكز الحضرية، والنهب في أرجاء القرى. كما أن انسحاب رجال الشرطة البريطانيين من المدن والبلدات كان يعني أيضاً، على سبيل المثال، أن كثيرين من الفلسطينيين لم يعودوا قادرين على قبض رواتبهم في البلديات المحلية لأن مكاتب الخدمات الحكومية كانت في معظمها موجودة في الأحياء اليهودية حيث يمكن أن يتعرضوا للاعتداء.
بالتالي لا عجب من أن المرء لا يزال يسمع فلسطينيين يقولون اليوم: «المسؤولية الرئيسية عن نكبتنا تقع على عاتق الانتداب البريطاني»، كما عبر عن ذلك جمال خضورة، اللاجئ من قرية سحماتا الواقعة بالقرب من عكا. وقد حمل إحساسه هذا بأنه تعرض للخيانة طوال حياته، وعبر عنه أمام لجنة تحقيق بريطانية مشتركة لمجالس الشرق الأوسط البرلمانية شكلت في سنة 2001 لتقصي الحقائق في شأن اللاجئين الفلسطينيين. وكرر لاجئون آخرون أدلوا بشهاداتهم أمام اللجنة الاتهام واللوم لبريطانيا، وعبروا هم أيضاً عن إحساسهم بالمرارة.
وفي الحقيقة، امتنع البريطانيون من القيام بأي تدخل جدي منذ تشرين الأول (أكتوبر) 1947، ولم يحركوا ساكناً في وجه محاولات القوات اليهودية السيطرة على المخافر الأمامية، كما لم يحاولوا إيقاف تسلل متطوعين عرب بأعداد قليلة. وفي كانون الأول (ديسمبر)، كان لا يزال لديهم 75.000 جندي في فلسطين، لكن جهدهم كان مقصوراً فقط على حماية جلاء الجنود والضباط والموظفين البريطانيين.
وساهم البريطانيون أحياناً بطرق أُخرى، مباشرة أكثر، في التطهير العرقي بتزويدهم القيادة اليهودية بصكوك الملكية ومعطيات حيوية أُخرى، كانوا استخرجوا نسخاً فوتوغرافية عنها قبل إتلافها، على جري عادتهم عندما كانوا ينهون استعمارهم لبلد ما. وأضافت هذه البيانات المفصلة إلى ملفات القرى ما كان الصهيونيون بحاجة إليه لتنفيذ الطرد الجماعي واسع النطاق. إن القوة العسكرية، الوحشية في هذه الحالة، هي المتطلَّب الأول للطرد والاحتلال، غير أن البيروقراطية لا تقل أهمية عنها من أجل التنفيذ الفعال لعملية تطهير ضخمة تتضمن لا سلب الناس فحسب، بل إعادة ترتيب ملكية الغنائم أيضاً.
الأمم المتحدة
بموجب قرار التقسيم، كان ينبغي للأمم المتحدة أن تكون حاضرة على الأرض لتشرف على تنفيذ خطتها للسلام، أي جعل فلسطين بكاملها بلداً مستقلاً، يشتمل على دولتين متميزتين تجمعهما وحدة اقتصادية. وتضمن القرار الصادر في 29 تشرين الثاني (نوفمبر) 1947 أموراً إلزامية واضحة جداً، منها التعهد بأن تمنع الأمم المتحدة أية محاولة من أي الطرفين لمصادرة أراض تعود ملكيتها إلى مواطني الدولة الأُخرى، أو أية مجموعة قومية أُخرى- سواء كانت أراضي مزروعة أو غير مزروعة، أي أراضي مُراحة من غير زرع لمدة عام تقريباً.
وإنصافاً لممثلي الأمم المتحدة المحليين، يمكن القول إنهم على الأقل شعروا بأن الأمور تتجه من سيئ إلى أسوأ، فحاولوا الدفع في اتجاه إعادة تقويم سياسة التقسيم، لكنهم عملياً لم يقوموا بأكثر من المراقبة وإرسال تقارير عن بدء التطهير العرقي. وكان وجود الأمم المتحدة في فلسطين محدوداً لأن السلطات البريطانية منعت وجود فريق منظم من المنظمة الدولية على الأرض، متجاهلة بذلك الجزء من قرار التقسيم القاضي بوجود لجنة من الأمم المتحدة في فلسطين. سمحت بريطانيا بحدوث التطهير العرقي الذي جرى تحت بصر وسمع جنودها وموظفيها خلال فترة الانتداب التي انتهت في منتصف ليل 14 أيار 1948، كما أنها أعاقت جهود الأمم المتحدة للتدخل بطريقة كان من الممكن أن تؤدي إلى إنقاذ أعداد من الفلسطينيين. أمّا الأمم المتحدة، فلا يمكن تبرئتها من ذنب التخلي، بعد 15 أيار، عن الشعب الذي قسّمت أرضه وسلّمت أرواحه وأرزاقه إلى اليهود الذين كانوا، منذ نهاية القرن التاسع عشر، يريدون اقتلاعه والحلول مكانه في البلد الذي كانوا يعتقدون أنه ملك لهم.
لا بد من أن يكون اتضح الآن أن الأسطورة التأسيسية الإسرائيلية في شأن الهروب الطوعي للفلسطينيين في لحظة بدء الحرب- استجابة لدعوة الزعماء العرب إلى إخلاء الطريق أمام الجيوش الغازية- لا أساس لها من الصحة. إنها تلفيق محض من أجل القول إنه جرت محاولات يهودية، كما تصر الكتب المدرسية الإسرائيلية على الادعاء، لإقناع الفلسطينيين بالبقاء. فكما رأينا، كان مئات الآلاف من الفلسطينيين قد طردوا فعلاً بالقوة قبل أن تبدأ الحرب، وسيطرد عشرات الآلاف في الأسبوع الأول منذ بدئها. وبالنسبة إلى معظم الفلسطينيين، لم يكن تاريخ 15 أيار 1948 ذا أهمية خاصة وقتها: كان مجرد يوم آخر في الروزنامة المرعبة للتطهير العرقي الذي كان بدأ قبل أكثر من خمسة أشهر.
أمـــة الله
2010-11-05, 09:06 PM
أيام التطهير (طيهور)
«طيهور» كلمة عبرية تعني التطهير. بعد إعلان إقامة الدولة اليهودية مساء يوم 14 أيار، كانت الأوامر التي تلقتها الوحدات في الميدان من الأعلى تستخدم هذا التعبير بصورة متكررة وبصراحة. وقد اختارت القيادة العليا هذا النوع من اللغة كي تشحن الجنود الإسرائيليين بالطاقة قبل أن ترسلهم لتدمير الريف الفلسطيني والمناطق الحضرية. وكان هذا التصعيد في الخطاب الاختلاف الوحيد عن الشهر السابق. أمّا عمليات التطهير فقد تواصلت بلا هوادة.
استمرت الهيئة الاستشارية في عقد اجتماعاتها، لكن بوتيرة أقل، لأن الدولة اليهودية أصبحت أمراً واقعاً(fait accompli) ، لها حكومة، ومجلس وزاري، وقيادة عسكرية، وأجهزة سرية، إلخ، وكل في مكانه. ولم يعد أعضاؤها مشغولين بخطة الطرد الرئيسية، إذ إن الخطة دالِتْ، منذ وضعها موضع التنفيذ، كان كل شيء فيها يسير على ما يرام، ولم تعد بحاجة إلى تنسيق أو توجيه. وتركز اهتمامهم الآن على تفحص ما إذا كان لديهم قوات كافية لتحمّل «الحرب» على جبهتين: ضد الجيوش العربية، وضد المليون فلسطيني الذين أصبحوا في 15 أيار، بموجب القانون الدولي، مواطنين إسرائيليين. لكن بحلول نهاية أيار، كانت حتى هذه المخاوف قد تبددت.
وإذا كان ثمة جديد طرأ على طريقة عمل الهيئة الاستشارية، فإنه لم يتعدّ الانتقال إلى مبنى جديد قائم على قمة هضبة مشرفة على قرية الشيخ مونّس، التي تم إخلاؤها. وقد صار هذا المبنى، بعد إعلان الدولة، المقر الرئيسي لهيئة أركان الجيش الإسرائيلي. ومن هذا الموقع المتميز، كان في استطاعة الهيئة الاستشارية أن تراقب عملياً الهجوم الذي بدأ في الأول من أيار ضد القرى الفلسطينية المجاورة. ولم يكن هذا الهجوم هو الوحيد الذي نفذ في ذلك اليوم، إذ تزامنت معه عمليات مماثلة في الشرق والشمال. وفي وقت لاحق كُلِّف لواء ألكسندروني مهمة تطهير القرى الواقعة إلى الشرق والشمال من تل أبيب ويافا. وبعد ذلك، أُمر بالتحرك شمالاً والبدء، مع وحدات أُخرى، بإخلاء الساحل الفلسطيني من السكان الفلسطينيين صعوداً حتى مدينة حيفا.
وصلت الأوامر إلى اللواء في 12 أيار. «يجب أن تحتلوا وتدمروا خلال 14 و15 أيار: الطيرة؛ قلنسوة؛ قاقون؛ إيراتا؛ دنابه؛ قطبا؛ الشويكة. وعلاوة على ذلك، يجب أن تحتلوا قلقيلية، لكن لا تدمروها [المدينة في الضفة الغربية التي فشل لواء ألكسندروني في احتلالها والمحاطة اليوم كلياً بجدار عازل أقامته إسرائيل، يبلغ ارتفاعه ثمانية أمتار]». وخلال يومين وصل الأمر الثاني إلى رئاسة أركان لواء ألكسندروني: «عليكم أن تهاجموا وتطهروا كلاً من طيرة حيفا؛ عين غزال؛ إجزم؛ كفر لام؛ جبع؛ عين حوض؛ المزار.»
وباستعادة الطريق الذي اتبعه اللواء، يبدو أن القوات فضلت تنظيف المنطقة بصورة منهجية من الجنوب إلى الشمال، وإنجاز تدمير القرى بالترتيب الذي بدا صحيحاً من وجهة نظرها، بدلاً من اتباع التعليمات حرفياً في ما يتعلق بأي قرى يجب مهاجمتها أولاً. وبما أن القائمة بكاملها كانت الهدف الإجمالي، فإنه لم تُذكر أولويات واضحة. وقد بدأ ألكسندروني بقريتين واقعتين إلى الشمال والشرق من تل أبيب: كفر سابا وقاقون، اللتين طُرد سكانهما كما يجب. وادعت الأمم المتحدة أن حالة اغتصاب حدثت في أثناء احتلال قاقون، وعززت شهادات أدلى بها جنود يهود هذه الواقعة.
كان إجمالي عدد القرى في المنطقة الممتدة بين تل أبيب وحيفا أربعاً وستين قرية، في مستطيل من الأرض يبلغ طوله 100 كلم وعرضه 15 - 20 كلم، أُبقي منها في نهاية المطاف قريتان فقط: الفريديس وجسر الزرقاء. وكان من المقرر طرد سكانهما أيضاً، لكن أعضاء المستوطنات اليهودية المجاورة أقنعوا قادة الجيش بعدم المساس بهما، مدَّعين أنهم بحاجة إلى القرويين للقيام بأعمال لا تتطلب مهارة في مزارعهم ومنازلهم. واليوم يخترق هذا المستطيل طريقان سريعان رئيسيان يصلان بين المدينتين الرئيستين، تل أبيب وحيفا: الطريق السريع رقم 2 والطريق السريع رقم 4. ويستخدم هذين الطريقين يومياً مئات الآلاف من الإسرائيليين في تنقلاتهم من دون أن يكون لديهم أية فكرة عن الأماكن التي يعبرونها، ناهيك عن تاريخها. وقد حلّت مستعمرات يهودية وغابات صنوبر وبرك تجارية لتربية الأسماك محل المجتمعات الفلسطينية التي كانت ذات يوم مزدهرة هناك.
كانت سرعة تقدم لواء ألكسندروني في تطهير المستطيل الساحلي مرعبة- خلال النصف الثاني من الشهر وحده، طهّر القرى التالية: المنشية (في منطقة طولكرم)؛ البطيمات؛ خربة المنارة؛ قنير؛ خربة قمبازة؛ خربة الشونة. وقد قاوم عدد قليل من القرى بشجاعة فلم يتمكن لواء ألكسندروني من احتلالها؛ إلاّ إنها في النهاية احتُلت في تموز (يوليو) وجرى تطهيرها. خلاصة القول: مرت عمليات التطهير العرقي في السهل الساحلي الأوسط بمرحلتين: الأولى في أيار، والثانية في تموز، وفي النصف الثاني من أيار، كانت «الغنيمة» الكبرى قرية الطنطورة، التي احتلها لواء ألكسندروني في 22 أيار 1948.
المجزرة في الطنطورة
كانت الطنطورة بالنسبة إلى لواء ألكسندروني عالقة «كعظمة في الحلق»، على حد ما جاء في الكتاب الرسمي الذي يروي تاريخ لواء ألكسندروني في الحرب. وجاء دور الطنطورة في 22 أيار.
كانت الطنطورة قرية فلسطينية قديمة على ساحل البحر الأبيض المتوسط، يقطنها في ذلك الوقت نحو 1500 نسمة يعتمدون في معيشتهم على الزراعة، وصيد الأسماك، وأعمال وضيعة في حيفا المجاورة. في 15 أيار 1948، اجتمعت مجموعة صغيرة من أعيان الطنطورة، بمن في ذلك مختارها، بضباط من الاستخبارات اليهودية عرضوا عليهم شروط الاستسلام. وساور الأعيان شك في أن الاستسلام سيؤدي إلى طرد سكان القرية، فرفضوا العرض.
بعد أسبوع، في 22 أيار 1948، هوجمت القرية ليلاً. في البداية، أراد القائد اليهودي المسؤول إرسال عربة إلى القرية تحمل مكبراً للصوت لدعوة السكان إلى الاستسلام، لكن لم يتم ذلك.
أتى الهجوم من أربع جهات. وكان ذلك أمراً غير مألوف؛ فاللواء كان يهاجم عادة من ثلاث جهات، تاركاً لغرض تكتيكي الجهة الرابعة، لتكون بمثابة «بوابة مفتوحة» يمكن أن يطرد الناس من خلالها. لكن غياب التنسيق جعل القوات اليهودية تطوق القرية تطويقاً كاملاً، بالتالي وجدت نفسها وفي عهدتها عدد كبير من السكان.
وأُجبر سكان الطنطورة الأسرى تحت تهديد السلاح على التجمع على الشاطئ. ثم فصلت القوات اليهودية الرجال عن النساء والأطفال، وطردت الأخيرين إلى قرية الفريديس المجاورة، حيث انضم إليهم بعض الرجال بعد عام ونصف العام.
وفي هذه الأثناء، أُمر مئات الرجال المجمَّعين على الشاطئ بالجلوس وانتظار وصول ضابط استخبارات إسرائيلي، شمشون ماشفيتس، كان يقطن في مستعمرة غِفْعات عادا المجاورة، وكانت القرية ضمن نطاق «منطقته».
جال ماشفيتس برفقة متعاون محلي، مغطّى الرأس كما في عين الزيتون، واختار عدداً من الرجال- مرة أُخرى، كان «الرجال» في نظر الجيش الإسرائيلي هم جميع الذكور ما بين سن العاشرة وسن الخمسين- اقتادهم في مجموعات صغيرة إلى بقعة أبعد قليلاً، حيث جرى إعدامهم. وقد اختير الرجال وفقاً لقائمة معدة سلفاً، ومأخوذة من ملف قرية الطنطورة، واشتملت على كل من شارك في ثورة 1936، أو في هجمات على وسائط النقل اليهودية، أو كانت له اتصالات بالمفتي، وأي شخص آخر «ارتكب» واحدة من «الجرائم» التي تدينه تلقائياً.
ولم يكن هؤلاء هم الوحيدون الذين جرى إعدامهم. فقبل أن تجرى عملية الفرز والإعدام على الشاطئ، اندفع جنود الوحدة المحتلة إلى الشوارع وإلى داخل البيوت في فورة قتل عشوائي مطلقين النار على كل من صادفهم. جُويل سكولنيك، خبير بزرع الألغام وتفجيرها، كان قد جرح في الهجوم، لكن بعد إدخاله المستشفى للمعالجة سمع من جنود آخرين أن ما جرى كان «واحدة من المعارك الأشد خزياً التي خاضها الجيش الإسرائيلي». وبحسب روايته، فإن طلقات قناص من داخل القرية عندما اقتحمها الجنود جعلت أفراد القوة اليهودية يتراكضون كالمجانين في الشوارع بعد احتلال القرية، مطلقين النار على كل من صادفهم، وذلك قبل أن يجري ما جرى على الشاطئ. وجدير بالذكر أن الهجوم وقع بعد أن أشار القرويون إلى رغبتهم في الاستسلام بتلويحهم بعلم أبيض.
وسمع سكولنيك أن جنديين على وجه التخصيص كانا يقومان بالقتل، وأنهما كانا سيستمران في ذلك لولا قدوم بعض الأشخاص من مستعمرة زِخْرون يعقوب القريبة ووضْعه حداً لتصرفهما. وقد كان رئيس مستعمرة زِخْرون يعقوب، يعقوب إبشتايل، هو من نجح في إيقاف عربدة القتل في الطنطورة، لكنه جاء «متأخراً جداً»، كما علَّق بمرارة أحد الناجين من المجزرة.
معظم القتل نُفِّذ بدم بارد على الشاطئ. بعض الضحايا جرى استجوابهم أولاً، وسُئلوا عن «مخبأ الأسلحة الضخم» المفترض أنه أُخفي في مكان ما في القرية. وعندما لم يستطيعوا الإجابة- لم يكن هناك أسلحة مخبأة - أُعدموا فوراً.
واليوم، يقطن كثيرون من الناجين من هذه الأحداث المروعة في مخيم اليرموك للاجئين في سورية، ويجدون صعوبة شديدة في التغلب على الصدمة الناجمة عن مشاهدتهم الإعدامات.
عندما انتهت العربدة في القرية وتمت الإعدامات أُمر فلسطينيان بحفر قبور جماعية بإشراف مردخاي سوكولر، من زِخْرون يعقوب، صاحب «التراكتورات» التي أُحضرت للقيام بالمهمة الرهيبة. وقد تذكر في سنة 1999 أنه دفن 230 جثة؛ وكان العدد واضحاً في ذهنه: «وضعتهم واحداً تلو الآخر في القبر.»
عندما استكمل لواء ألكسندروني عمليات التطهير على الساحل، أُمر بالتحرك نحو الجليل الأعلى:
مطلوب منكم أن تحتلوا قَدَس وميرون والنبي يوشع والمالكية؛ قَدَس يجب تدميرها. أمّا الاثنتان الأُخريان [النبي يوشع والمالكية- المترجم] فيجب أن تُسلّما إلى لواء غولاني وسيقرر قائده ماذا يفعل بهما. ميرون يجب أن تُحتل وتوضع في تصرف لواء غولاني.
المسافة الجغرافية بين مختلف المواقع كبيرة جداً، وتدل مرة أُخرى على السرعة الطموحة التي كان متوقعاً من القوات المحافظة عليها في رحلتها التدميرية.
أمـــة الله
2010-11-05, 09:07 PM
فصول من «التطهير العرقي في فلسطين» (8 من 8)
عرب الجليل «سرطان في جسد اسرائيل» وتهديم القرى المهجورة لمنع عودة اللاجئين
كتاب ايلان بابه «التطهير العرقي في فلسطين» الذي تنشر «الحياة» فصولاً منه، يكشف المسكوت عنه حول دور التطهير العرقي في إنشاء إسرائيل.
ويدحض المؤلف الأفكار الرائجة عن ان نزوح الفلسطينيين من أرضهم يعود الى اختيار طوعي أو الى وعود الجيوش العربية بأن النازحين سيعودون ما ان تكمل عملياتها ضد ما سمي آنذاك «العصابات الصهيونية».
تصدر الطبعة العربية من الكتاب أواسط الشهر المقبل عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية، وأنجز الترجمة أحمد خليفة. والمؤلف ايلان بابه من المؤرخين الإسرائيليين الجدد وأستاذ في جامعة حيفا وناشط في مؤسسات بحوث من اجل السلام.
«الحياة» نشرت سبع حلقات، وهنا الأخيرة:
أرادت النخبة السياسية الإسرائيلية اجتثاث الطابع «العربي» الواضح جداً للجليل. لكن الجليل، على الرغم من جهود إسرائيل لـ «تهويده» - ابتداء من عمليات الطرد المباشر في الأربعينات، إلى الاحتلال العسكري في الستينات، إلى مصادرات الأراضي الهائلة في السبعينات، إلى جهود التوطين اليهودية الواسعة النطاق في الثمانينات - لا يزال إلى الآن المنطقة الوحيدة في فلسطين التي احتفظت بجمالها الطبيعي، ونكهتها الشرق الأوسطية، وثقافتها الفلسطينية. وبما أن نصف عدد سكانه من الفلسطينيين، فإن «الميزان الديموغرافي» يمنع كثيرين من اليهود الإسرائيليين من الاعتقاد أن المنطقة «تخصهم»، حتى في بداية القرن الحادي والعشرين.
في شتاء سنة 1948، اشتملت محاولات الإسرائيليين لإمالة «الميزان» الديموغرافي الى مصلحتهم على طرد سكان قرى صغيرة إضافية، مثل عرب السمنية بالقرب من عكا، البالغ عدد سكانها 200 نسمة، والقرية الكبيرة دير القاسي البالغ عدد سكانها 2500 نسمة. وبالإضافة إلى ذلك، هناك القصة الفريدة للقرى الثلاث: إقرت وكفر برعم والغابسية، التي بدأت في تشرين الأول (أكتوبر) 1948 ولم تنته بعد. وحكاية إقرت شبيهة بما جرى أيضاً للقريتين الأُخريين.
كانت القرية القريبة من الحدود اللبنانية، تجثم عالية في الجبل، على بعد نحو 30 كم من ساحل البحر. احتلتها كتيبة إسرائيلية في 31 تشرين الأول 1948. استسلم السكان من دون قتال، إذ كانوا من الطائفة المارونية وتوقعوا أن يكونوا مرحباً بهم في الدولة اليهودية الجديدة. وأمرهم قائد الكتيبة بالمغادرة بحجة أن بقاءهم يشكل خطراً عليهم، ووعدهم بتمكينهم من العودة خلال أسبوعين، بعد انتهاء العمليات الحربية. وفي 6 تشرين الثاني (نوفمبر)، أُخرج السكان من بيوتهم، ونقلتهم شاحنات الجيش إلى الرامة. وسُمح لخمسين شخصاً، بينهم الكاهن، بالبقاء للمحافظة على البيوت والأملاك، لكن الجيش الإسرائيلي عاد بعد ستة أشهر وطردهم هم أيضاً.
ونجد هنا مثالاً لتنوع الأساليب التي اتبعت في عمليات التطهير. إن حالة إقرت وقرية كفر برعم المجاورة هي من الأمثلة القليلة المعلنة التي قرر السكان فيها أن يخوضوا معركة طويلة الأمد بحثاً عن الإنصاف من خلال المحاكم الإسرائيلية. فالقرويون، لأنهم مسيحيون، سُمح لهم بالبقاء في البلد، لكن لا في قريتهم. غير أنهم لم يستسلموا، وبدأوا كفاحاً قانونياً طال أمده، من أجل حقهم في العودة إلى قريتهم، مطالبين باحترام وعد الجيش لهم. وها قد مضى ستون عاماً تقريباً وما زالوا يواصلون كفاحهم لاسترداد حياتهم المسروقة.
في 26 أيلول (سبتمبر) 1949، أعلن وزير الدفاع أن قوانين الطوارئ (الموروثة من الانتداب البريطاني تنطبق على إقرت، وذلك من أجل منع العودة التي وعد الضابط المحتل سكان القرية بها. وبعد عام ونصف العام تقريباً، في 28 أيار (مايو) 1951، قرر سكان إقرت رفع قضيتهم إلى المحكمة العليا الإسرائيلية، التي قررت بتاريخ 31 تموز (يوليو) أن إجلاء السكان كان غير قانوني وأمرت الجيش بالسماح لسكان إقرت بالعودة إلى قريتهم الأصلية والاستقرار فيها. ومن أجل الالتفاف على قرار المحكمة العليا، كان الجيش بحاجة إلى إثبات أنه أصدر أمراً رسمياً بالطرد خلال حرب 1948. وكان من شأن ذلك أن يحول إقرت إلى مجرد قرية أُخرى أخليت من سكانها، مثلها مثل الـ350 قرية فلسطينية التي تغاضت المحاكم الإسرائيلية بأمر رجعي عن طرد سكانها. فكان أن فبرك الجيش الإسرائيلي أمراً رسمياً كهذا من دون أي تردد أو وسواس. في أيلول 1951، أصيب سكان قرية إقرت، المقيمون آنذاك بالرامة كلاجئين، بالذهول لدى رؤيتهم الأمر العسكري الرسمي القاضي بطردهم، وعليه التاريخ: 6 تشرين الثاني 1948، الأمر الذي يعني أنه أُرسل إليهم بعد ثلاثة أعوام تقريباً.
ومن أجل أن ينهي الجيش الإسرائيلي المسألة مرة وإلى الأبد، قام عشية عيد الميلاد في سنة 1951 بتدمير جميع البيوت في قرية إقرت تدميراً كلياً، مستثنياً الكنيسة والمقبرة فقط. ودمّر في السنة نفسها على نحو مشابه قرى عدة مجاورة، بينها: قديتا ودير حنا وكفر برعم والغابسية، كي يمنع العودة إليها. وكان سكان كفر برعم والغابسية نجحوا أيضاً في الحصول على أحكام قاطعة من محاكم إسرائيلية [تقضي بعودتهم- المترجم]. وكما حدث بالنسبة إلى إقرت، «انتقم» الجيش بتدمير قريتيهم، متذرعاً بعذر سخيف فحواه أن الجيش كان يقوم بتدريبات عسكرية في المنطقة، وضمنها قصف جوي، ونجم عن ذلك بطريقة ما تحويل القريتين إلى ركام غير صالح للسكن.
وكان التدمير جزءاً من معركة متواصلة ضد «تعريب» الجليل، كما ترى إسرائيل الأمر. في سنة 1976، وصف الموظف الأعلى مرتبة في وزارة الداخلية، يسرائيل كوينغ، الفلسطينيين في الجليل بأنهم «سرطان في جسد الدولة.» وقال عنهم رئيس هيئة الأركان الإسرائيلي، رفائيل إيتان، صراحة بأنهم «صراصير». لقد فشلت الجهود المكثفة لـ«تهويد» الجليل حتى الآن في جعله «يهودياً». لكن بما أن كثيرين من الإسرائيليين، بمن فيهم سياسيون وأكاديميون، أصبحوا يقبلون ويبررون التطهير العرقي الذي حدث، ويوصون صناع القرار المستقبليين بتكراره، فإن خطر عمليات طرد إضافية ما زال يحوّم فوق رؤوس السكان الفلسطينيين في هذا الجزء من فلسطين.
استمرت عمليات «التخلص ممن تبقى» خلال نيسان (أبريل) 1949، ونجم عنها في بعض الأحيان مجازر جديدة، وتعرضت لذلك خربة الوعرة السوداء، التي كان يقطن فيها بدو من عرب المواسي. وكانت هذه القرية الصغيرة، الواقعة في الجليل الشرقي، نجحت في صد هجمات عدة خلال «عملية حيرام»، فتُركت وشأنها. وأقدم عدد من القرويين، بعد واحدة من الهجمات، على قطع رؤوس جنود إسرائيليين قتلى. ولمّا انتهت الأعمال الحربية الشاملة في تشرين الثاني 1948، حان وقت الانتقام. ويصف تقرير قائد الكتيبة 103، التي ارتكبت الجريمة، ما حدث بتفصيل نابض بالحياة. جُمع رجال القرية في مكان معين بينما أخذت القوات تشعل النار في جميع البيوت. وأُعدم على الفور أربعة عشر رجلاً، وسيق الباقون إلى أحد المعتقلات.
منع العودة
ركزت عمليات التطهير العرقي الرئيسة في نهاية سنة 1948 على تطبيق سياسة إسرائيل المعارضة لعودة اللاجئين إلى مواطنهم. وتجلى ذلك في مستويين: المستوى الأول قومي، ودشنه قرار اتخذته الحكومة الإسرائيلية في آب (أغسطس) 1948 قضى بتدمير جميع القرى التي تم إخلاؤها وتحويلها إلى مستعمرات يهودية، أو إلى غابات «طبيعية». والمستوى الثاني دبلوماسي، انصب الجهد فيه على تفادي الضغط الدولي المتنامي على إسرائيل للسماح بعودة اللاجئين. وكان الإثنان مرتبطين أحدهما بالآخر، إذ سرّعت إسرائيل عمداً عملية التدمير والهدم لتحقيق هدف محدد هو تفادي أي بحث في موضوع عودة اللاجئين إلى بيوتهم، باعتبار أن هذه البيوت لن تكون موجودة.
المجهود الدولي الرئيس لتسهيل عودة اللاجئين قادته لجنة التوفيق الخاصة بفلسطين، التابعة للأمم المتحدة. وكانت هذه لجنة صغيرة مؤلفة من ثلاثة أعضاء فقط، واحد من كل من فرنسا وتركيا والولايات المتحدة الأميركية. وقد دعت اللجنة إلى عودة غير مشروطة للاجئين إلى ديارهم، كما طالب بذلك وسيط الأمم المتحدة، الكونت فولك برنادوت، الذي جرى اغتياله. وترجم موقف اللجنة هذا إلى قرار للجمعية العامة للأمم المتحدة أيده معظم الدول الأعضاء، وتم تبنيه كقرار في 11 كانون الأول 1948. وقد منح هذا القرار، قرار الأمم المتحدة الرقم 194، اللاجئين الحق في الاختيار بين العودة غير المشروطة إلى بيوتهم وبين قبول تعويض.
وقامت إسرائيل، بالإضافة إلى جهودها في المستويين السابقين لمنع العودة، بمجهود ثالث، هو ضبط التوزع الديموغرافي للفلسطينيين، سواء داخل القرى التي لم يجر تطهيرها، أم في مدن فلسطين التي كانت سابقاً مختلطة وتحولت إلى مدن «خالية كلياً من العرب». ولهذا الغرض، شكل الجيش الإسرائيلي في 12 كانون الثاني (يناير) 1949 وحدة جديدة، هي وحدة الأقليات. وكانت مكونة من الدروز والشركس والبدو الذين جرى تجنيدهم للقيام بعمل وحيد محدد: منع القرويين الفلسطينيين وسكان المدن من العودة إلى بيوتهم الأصلية.
تحت بصر مراقبي الأمم المتحدة الذين كانت دورياتهم الجوية تحوّم في سماء الجليل، بدأت المرحلة النهائية من عملية التطهير العرقي في تشرين الأول 1948، واستمرت حتى صيف سنة 1949. وسواء من الجو أم على الأرض، لم يكن في قدرة أي كان عدم رؤية جموع الرجال والنساء والأطفال وهم يتدفقون يومياً في اتجاه الشمال. وكان النساء والأطفال المرهقون العنصر الطاغي في هذه القوافل البشرية، إذ كان الشبان غائبين. كانوا إمّا مقتولين، أو معتقلين، أو مفقودين. أمّا مراقبو الأمم المتحدة من الأعلى، أو شهود العيان اليهود على الأرض، فمن المؤكد أن قلوبهم كانت آنذاك قد تحجرت، وإلاّ كيف يمكن تفسير القبول الصامت بمثل هذا الترحيل الجماعي القسري الهائل الذي كان يجري تحت بصرهم؟
وتوصل مراقبو الأمم المتحدة في تشرين الأول إلى بعض الاستنتاجات، وكتبوا إلى الأمين العام للأمم المتحدة - الذي لم ينشر تقريرهم - أن السياسة الإسرائيلية كانت «اقتلاع العرب من قراهم الأصلية في فلسطين بالقوة، أو بالتهديد.» وحاول الأعضاء العرب لفت انتباه مجلس الأمن إلى التقرير عن فلسطين، لكن من دون جدوى. وظلت الأمم المتحدة طوال ثلاثين عاماً تقريباً تتبنى بلا مساءلة إبهام لغة آبا إيبن، مندوب إسرائيل في الأمم المتحدة، الذي كان يتحدث عن اللاجئين كأنهم «مشكلة إنسانية» لا يمكن اعتبار أحد مسؤولاً عنها أو محاسبته عليها. كما صدم المراقبين أيضاً حجم النهب المتواصل الذي كان طاول عند حلول تشرين الأول 1948 كل قرية وكل مدينة في فلسطين. وبما أن الأمم المتحدة كانت أقرت قبل عام تقريباً قرار التقسيم بغالبية ساحقة، فقد كان في وسعها أن تصدر قراراً آخر يدين التطهير العرقي لكنها لم تفعل ذلك قط.
كان نجاح إسرائيل في هذه المرحلة النهائية كبيراً إلى درجة أن أحلام إنشاء إمبراطورية مصغرة عادت إلى الظهور. واستُنفرت القوات الإسرائيلية مرة أُخرى من أجل توسيع الدولة اليهودية بحيث تشمل الضفة الغربية والجنوب اللبناني. واختلفت الأوامر الصادرة إليها هذه المرة عن سابقاتها بأن الإشارات إلى الضفة الغربية (المسماة السامرية أو المثلث العربي في تلك الأيام) كانت أوضح، وشكلت في الواقع الخرق الأول الشفاف والرسمي للتفاهمات الإسرائيلية - الأردنية. وكانت الأوامر تقضي بمحاولة احتلال المناطق الواقعة حول جنين في الجزء الشمالي من الضفة الغربية حالياً، وإذا نجحت في ذلك، التقدم نحو نابلس. ومع أن الهجوم جرى تأجيله، فإن القيادة العسكرية العليا ظلت مهجوسة طوال الأشهر التالية بالمناطق التي لم يحتلها الجيش بعد، وخصوصاً بالضفة الغربية. ولدينا الأسماء التي أُطلقت على مختلف العمليات التي خططت إسرائيل لتنفيذها هناك ما بين كانون الأول 1948 وآذار (مارس) 1949، وأشهرها عملية «سْنير». لكن عندما وقّعت إسرائيل والأردن في النهاية اتفاق الهدنة، كان لا بد من تنحيتها جانباً.
وكما نعرف، أُعيد تنشيط هذه الخطط في حزيران (يونيو) 1967، عندما استغلت الحكومة الإسرائيلية سياسات حافة الحرب التي أقدم عليها جمال عبد الناصر لتشن هجوماً على الضفة الغربية بكاملها.
أجرى بن - غوريون المناقشات المتعلقة بالخطط المستقبلية، بما في ذلك ضرورة احتلال الجنوب اللبناني، في لجنة مؤلفة من خمسة أشخاص (جميعهم أعضاء سابقون في الهيئة الاستشارية) دعاها إلى المقر الرئيسي الجديد لقيادة الجيش الإسرائيلي، الذي كان اسمه «التلة». وقد اجتمع هؤلاء مرات عدة خلال تشرين الأول وتشرين الثاني، ولا بد من أن تكون هذه الاجتماعات جعلته يحن إلى أعضاء عصبته السرية السابقة. فقد شاور هذه اللجنة صاحبة القرار، المكونة من خمسة أعضاء، في شأن احتلال الضفة الغربية في المستقبل. فواجهته بحجة إضافية ضد احتلال الضفة الغربية. وعلى حد قول أحد المشاركين، يتسحاق غرينباوم، وزير الداخلية الإسرائيلي: «سيكون من المستحيل أن نفعل هناك ما فعلناه في باقي فلسطين»، أي تطهير عرقي. وتابغ غرينباوم: «إذا قمنا باحتلال أمكنة مثل نابلس، فسيطالبنا العالم اليهودي بالاحتفاظ بها» [وبالتالي لن نحصل على نابلس فقط، بل أيضاً على النابلسيين]. وفي سنة 1967 فقط، أدرك بن- غوريون صعوبة تكرار أعمال الطرد الجماعية، التي حدثت سنة 1948، في المناطق التي احتلتها إسرائيل في حرب حزيران. ومن سخريات القدر، ان يكون هو من أقنع رئيس هيئة الأركان آنذاك، يتسحاق رابين، بالامتناع من القيام بعمليات طرد جماعي واسعة النطاق، وبالاكتفاء بترحيل 200.000 نسمة «فقط». وانطلاقاً من إدراكه صعوبة الطرد، أوصى الجيش بالانسحاب من الضفة الغربية فوراً. لكن رابين، الذي دعمه أعضاء الحكومة الآخرون آنذاك، أصر على ضم المناطق إلى إسرائيل.
أمـــة الله
2010-11-05, 09:07 PM
كانت خطط الاستيلاء على الجنوب اللبناني مبنية على تقارير استخباراتية بأن اللبنانيين ليس لديهم خطط هجومية، وإنما خطط دفاعية فقط. وقد احتلت القوات الإسرائيلية ثلاث عشرة قرية في الجنوب اللبناني، ووجدت بين أيديها عدداً كبيراً ممن سمّتهم «أسرى حرب»- خليطاً من قرويين وجنود - أكثر مما تستطيع التعامل معهم. وبالتالي، نُفّذت هنا أيضاً عمليات إعدام. ففي 31 تشرين الأول 1948، أعدمت القوات اليهودية أكثر من ثمانين قروياً في قرية حولا وحدها، بينما قتلت في قرية «الصالحة» أكثر من مئة شخص.
الجنوب والشرق
كانت الجبهة الأخيرة النقب الجنوبي، الذي وصل إليه الإسرائيليون في تشرين الثاني 1948. طردوا القوات المصرية المتبقية إلى خارج الحدود، وواصلوا التقدم جنوباً حتى وصلوا في آذار 1949 إلى قرية للصيادين بالقرب من البحر الأحمر، أم رشرش، التي هي اليوم مدينة إيلات.
أراد يغآل ألون، الذي كان يعرف أن الألوية المشغولة بالتطهير العرقي في المناطق المزدحمة بالسكان هي الأفضل، أن يعيد توجيهها لاحتلال النقب: «أنا بحاجة إلى استبدال لواء النقب بلواء هرئيل، وأريد أيضاً اللواء الثامن. العدو قوي ومتحصن ومسلح جيداً، وسيشن حرباً عنيدة، لكننا نستطيع أن ننتصر.»
إلاّ إن المصدر الرئيس للقلق كان الخوف من هجوم بريطاني مضاد، لأن الإسرائيليين كانوا يعتقدون، خطأً، أن بريطانيا تريد الاحتفاظ بهذه المنطقة، أو أن حكومة صاحب الجلالة ستفعّل المعاهدة الدفاعية مع مصر، لأن بعض القوات الإسرائيلية كان على وشك التحرك إلى داخل أراضٍ مصرية. غير أن البريطانيين لم يفعلوا أياً من الأمرين، مع أنهم اشتبكوا هنا وهناك مع سلاح الجو الإسرائيلي الذي قصف بلا رحمة، وربما من دون سبب، رفح وغزة والعريش. ونتيجة ذلك، فإن الغزاويين، اللاجئين منهم والسكان القدامى، هم أصحاب التاريخ الأطول كضحايا للقصف الجوي الإسرائيلي، منذ سنة 1948 حتى الآن.
أمّا على جبهة التطهير العرقي، فإن العمليات النهائية في الجنوب وفرت، كما كان متوقعاً، فرصة لمزيد من إخلاء البلد من الفلسطينيين ولمزيد من الطرد. احتُلت المدينتان الساحليتان الجنوبيتان، إسدود والمجدل، في تشرين الثاني 1948 وطُرد سكانهما إلى قطاع غزة. وطُرد آلاف من السكان الذين بقوا في المجدل في كانون الأول 1949، الأمر الذي صدم بعض اليساريين الإسرائيليين لأن ذلك حدث في «زمن السلم».
وكُرّس كانون الأول لتطهير النقب من كثير من القبائل البدوية المقيمة هناك. طُردت قبيلة الترابين الكثيرة العدد إلى غزة، وسمح الجيش لـ1000 من أفرادها فقط بالبقاء. وشُطرت قبيلة أُخرى، التياها، إلى قسمين، نصفها رُحّل إلى غزة، والنصف الآخر رُحّل في اتجاه الأردن. ودُفعت قبيلة الهجاجرة، التي كانت منتشرة على جانبي خط السكة الحديد، إلى غزة في كانون الأول. ومن كل هذه لم ينجح في العودة إلاّ قبيلة العزازمة، لكنها طُردت مرة أُخرى في ما بين سنة 1950 وسنة 1954، عندما أصبحت الهدف المفضل لقوة كوماندو إسرائيلية خاصة، القوة 101، التي كان يقودها ضابط شاب طموح اسمه أريئيل شارون. كما أن الوحدات الإسرائيلية أكملت في كانون الأول إخلاء منطقة بئر السبع التي كانت بدأت بإخلائها في خريف سنة 1948. وعندما انتهت من ذلك، كان تسعون في المئة من السكان الذين كانوا يعيشون منذ قرون في أقصى الجنوب الآهل من فلسطين قد ذهبوا.
في تشرين الثاني وكانون الأول هاجمت القوات الإسرائيلية وادي عارة مرة أُخرى، لكن وجود المتطوعين والوحدات العراقية والقرويين المحليين ردع، وفي عدة حالات أحبط، هذه الخطة مرة ثانية. وقد نجحت القرى المألوفة أسماؤها للإسرائيليين المسافرين حالياً على الطريق 65 المزدحم، الذي يصل بين العفولة وحديرا، في حماية نفسها من قوة عسكرية متفوقة عليها بما لا يقاس: المشيرفة؛ مصمص؛ معاوية؛ عرعرة؛ برطعة؛ الشويكة؛ وكثير غيرها. وأصبحت أكبر هذه القرى بلدة نعرفها اليوم باسم أم الفحم، وكان القرويون فيها قد نظّموا آنذاك، بمساعدة من جنود عراقيين، قوة سموها «جيش الشرف». وقد سمى الإسرائيليون المحاولة الخامسة لاحتلال هذه القرى «حِدوش يَمينوا كِـ - كيدِمْ» (أي: «إحياء ماضينا المجيد»)، ربما على أمل أن يشحن اسم رمزي حافل بالدلالات كهذا القوات بحماسة خاصة، لكن المحاولة باءت بالفشل مرة أُخرى.
أُطلق على العملية في منطقة بئر السبع - الخليل اسم منذر بالشؤم: «الأَصله» [نوع من الحيات - المترجم]. وهناك، بالإضافة إلى بلدة بئر السبع الصغيرة، البالغ عدد سكانها 5000 نسمة، والتي احتلت في 21 تشرين الأول، احتُلت قريتان كبيرتان، القبيبة والدوايمة. وروى حبيب جرادة، الذي يعيش حالياً في مدينة غزة، كيف طُرد سكان بئر السبع تحت تهديد السلاح إلى الخليل. وأسطع ما بقي حياً في ذاكرته هو مشهد رئيس البلدية وهو يتوسل إلى الضابط المحتل راجياً ألاّ يرحِّل السكان. «نحن بحاجة إلى الأرض، لا إلى عبيد»، أتى الجواب الفظ.
كان المدافعون عن بئر السبع في الأساس متطوعين مصريين من الإخوان المسلمين بقيادة ضابط ليبي، رمضان السنوسي. وعندما انتهى القتال، جُمع الجنود الأسرى والسكان المحليون الذين شكّت القوات الإسرائيلية في أنهم حملوا السلاح، وأُطلقت عليهم النار بصورة عشوائية. ويتذكّر جرادة حتى الآن كثيراً من أسماء الناس الذين قتلوا، وبينهم ابن عمه يوسف جرادة وجدّه علي جرادة. أمّا هو، فقد سيق إلى أحد المعتقلات وأُطلق في صيف سنة 1949 في عملية تبادل للأسرى أعقبت إبرام الهدنة مع الأردن.
مجزرة الدوايمة
ولدينا قرية الدوايمة، الواقعة بين بئر السبع والخليل. وما جرى لها ربما كان أسوأ ما حدث في تاريخ الأعمال الوحشية التي ارتكبت خلال النكبة. أمّا الوحدة التي احتلتها فكانت الكتيبة 89 التابعة للواء الثامن.
وعقدت لجنة التوفيق الخاصة بفلسطين، التابعة للأمم المتحدة، والتي حلّت - كما ذكرنا سابقاً - محل الكونت برنادوت في جهود الوساطة، جلسة خاصة لتقصي ما حدث في هذه القرية في 28 تشرين الأول 1948، الواقعة على بعد أقل من ثلاثة أميال من مدينة الخليل، والتي كان عدد سكانها في الأصل 2000 نسمة، لكن 4000 آلاف لاجئ أتوا إليها رفعوا الرقم إلى ثلاثة أضعاف.
يرد في تقرير الأمم المتحدة المؤرخ في 14 حزيران 1949 (في الإمكان الاطلاع عليه ببساطة في الإنترنت تحت اسم القرية) التالي:
السبب في ضآلة ما هو معروف عن هذه المجزرة، التي تفوق - من نواح كثيرة - في وحشيتها مجزرة دير ياسين، يرجع إلى أن الفيلق العربي (الجيش الذي كانت المنطقة تحت سيطرته) خشي، فيما لو سُمح لأخبارها بالانتشار، أن تحدث التأثير نفسه الذي أحدثته مجزرة دير ياسين في معنويات الفلاحين، وأن تتسبب بموجة لجوء أُخرى.
لكن السبب كان، على الأرجح، أن الأردنيين خشوا أن يوجه إليهم، بحق، اللوم على عجزهم وتقاعسهم. ويستند تقرير لجنة التوفيق أساساً إلى شهادة المختار، حسن محمود إهديب. وتعزز التقارير المحفوظة في الأرشيفات العسكرية الإسرائيلية كثيراً مما رواه. كما أكد الكاتب الإسرائيلي المعروف جيداً، عاموس كينان، الذي شارك في المجزرة، حقيقة وقوعها، وذلك في مقابلة أجراها معه في أواخر التسعينات الممثل والمخرج الفلسطيني محمد بكري، من أجل فيلمه الوثائقي «1948».
روى المختار أنه بعد صلاة الجمعة في 28 تشرين الأول بنصف ساعة، دخلت عشرون عربة مصفحة القرية من جهة القبيبة، في حين هاجمها في الوقت نفسه جنود من الجهة المقابلة. وشل الخوف على الفور الأشخاص العشرين الذين كانوا يحرسون القرية. وفتح الجنود الموجودون في العربات المصفحة النار من أسلحة أوتوماتيكية ومدافع هاون، بينما كانوا يشقون طريقهم داخل القرية بحركة شبه دائرية. وعلى جري عادتهم، طوقوا القرية من ثلاث جهات، وتركوا الجهة الشرقية مفتوحة كي يطردوا من خلالها السكان البالغ عددهم 6000 نسمة خلال ساعة واحدة. وعندما لم يتحقق ذلك، قفز الجنود من عرباتهم وراحوا يطلقون النار على الناس من دون تمييز، ولجأ كثير ممن فروا إلى الجامع للاحتماء به، أو إلى كهف مقدس قريب يُدعى «عراق الزاغ». وعندما تجرأ المختار وعاد إلى القرية في اليوم التالي، هاله مرأى أكوام الأجساد الميتة في الجامع، والجثث الكثيرة المتناثرة في الشارع، وهي لرجال ونساء وأطفال، وبينهم والده. وعندما ذهب إلى الكهف وجده مسدوداً بعشرات الجثث. وأظهر التعداد الذي قام به المختار أن 455 شخصاً كانوا مفقودين، بينهم نحو 170 طفلاً وامرأة.
وصف الجنود اليهود الذين شاركوا في المجزرة مشاهد تقشعر لها الأبدان: أطفال رضع حُطمت جماجمهم، ونساء اغتُصبن أو أُحرقن أحياء داخل بيوتهن، ورجال طُعنوا حتى الموت. ولم تكن هذه روايات قيلت بعد أعوام، وإنما روايات شهود عيان في تقارير رُفعت إلى القيادة العليا خلال أيام قليلة بعد وقوع الحدث. وتعزز الوحشية الموصوفة فيها تصديقي للوصف الدقيق، الذي سبق ذكره، للجرائم البشعة التي ارتكبها الجنود الإسرائيليون في الطنطورة والصفصاف وسعسع، والتي أمكن استعادة مجرياتها أساساً بمساعدة الشهادات والتواريخ الشفوية الفلسطينية.
وكان ذلك كله النتيجة النهائية لأمر تلقاه قائد الكتيبة 89 في اللواء الثامن من رئيس الأركان، يغئيل يادين: «يجب أن تتضمن استعداداتك حرباً نفسية و«معالجة» (طِبّول) أمر المواطنين كجزء لا يتجزأ من الخطة.»
التطهير العرقي ليس إبادة عرقية، لكنه ينطوي على أعمال وحشية وقتل جماعي ومجازر. آلاف من الفلسطينيين قتلوا بوحشية ومن دون رحمة بأيدي جنود إسرائيليين من خلفيات ورتب وأعمار متعددة. وأياً منهم لم يحاكم لارتكابه جرائم حرب، على رغم الأدلة الوافرة.
ولم يثْنِ أي أسف القوات الإسرائيلية عن إنجاز مهمتها القاضية بتطهير فلسطين؛ وهي مهمة انبرت لتنفيذها بمستويات متصاعدة من القسوة والوحشية. وهكذا، ابتداء من تشرين الثاني 1948 حتى التوصل إلى اتفاق نهائي مع سورية ولبنان في صيف سنة 1949، تم احتلال سبع وثمانين قرية أُخرى: ست وثلاثون منها أُخليت بالقوة، بينما رُحّل من البقية أعداد مختارة. ومع بداية سنة 1950، بدأت أخيراً طاقة وتصميم الطاردين بالنفاد، وأصبح الفلسطينيون الذين كانوا ما زالوا يعيشون في فلسطين- التي قُسّمت إلى دولة إسرائيل، وضفة غربية أردنية، وقطاع غزة مصري- بمأمن من الطرد إلى حد كبير. صحيح أنهم أُخضعوا لحكم عسكري في إسرائيل ومصر، وبالتالي ظل وضعهم هشاً، لكن مهما تكن الصعوبات التي عانوها، فإنها تظل أهون من تلك التي تعرضوا لها في سنة الأهوال التي نسميها الآن «النكبة».
أمـــة الله
2010-11-05, 09:08 PM
حاخام اسرائيلي: قتل المدنيين الفلسطينيين أمر شرعي
غزة - الصباح - - دعا الحاخام الرئيسي السابق في إسرائيل
مردخاي إلياهو الحكومة إلى شن حملة عسكرية على غزة، معتبرا أن 'المس بالمواطنين الفلسطينيين الأبرياء أمر شرعي'.
وكان إلياهو قد بعث برسالة قبيل جلسة الحكومة الإسرائيلية التي خصصت للشأن الفلسطيني ضمنها فتوى توجب التحرك ضد قطاع غزة حتى لو أدى ذلك لسفك دماء الأبرياء، لافتا إلى قول تاريخي منسوب للملك داود دعا فيه لملاحقة الأعداء وعدم العودة قبل قتلهم.
وأضافت الفتوى 'أن أقوال الملك داود تستبطن تصريحا لقادة إسرائيل بعدم إبداء الرحمة تجاه من يستهدف المدنيين لدينا بواسطة إطلاق صواريخ من داخل مناطق مأهولة بالسكان'. وقال الحاخام في فتواه إنه لا يجوز الامتناع عن المساس بمن سماهم المخربين المختبئين بين المدنيين 'فيما يعيش سكان مدينة سديروت في خطر دائم'.
وحث إلياهو رئيس الوزراء إيهود أولمرت على الخروج بحملة عسكرية حقيقية ضد الفلسطينيين دون الاكتراث باحتمال إصابة المدنيين الأبرياء، ولفت إلى أن هؤلاء أيضا 'غير نظيفين من الخطيئة' مقتبسا أقوالا لرجال دين يهود تاريخيين، أمثال ألرمبام، تؤيد وجهة نظره.
وأضاف 'المواطنون الفلسطينيون الذين يغطون على قتلة ليسوا طاهرين من الخطأ وهم شركاء بالجريمة المستمرة المتمثلة باستهداف مدنيينا، ولذا لا يجوز تعريض حياة مواطن أو جندي إسرائيلي واحد للخطر خوفا من المس بهؤلاء المدنيين المساندين للإرهاب'.
دعوات للتصعيد
يشار إلى أن إلياهو هو الزعيم الروحي لليهود الشرقيين وهو مقرب من أوساط اليمين، وأن سابقه بالمنصب الحاخام عوفاديا يوسف كان قد دعا في الماضي نواب حركة 'شاس' الخاضعة لنفوذه إلى عدم مساندة أي قرار حكومي يؤيد عملية عسكرية من شأنها تعريض المدنيين الفلسطينيين للخطر.
وتتزامن هذه الفتوى مع تصريحات لوزراء ومسؤولين إسرائيليين دعوا فيها لتصعيد العمليات العسكرية ضد غزة وإحكام الحصار عليها، كان آخرها لوزير الشؤون الإستراتيجية أفيغدور ليبرمان، الذي دعا عبر الإذاعة الإسرائيلية العامة اليوم الخميس إلى فصل غزة عن الضفة والإعلان عنها سلطة معادية ووقف تزويدها بالماء والكهرباء واستهداف أثريائها.
رؤية إسلامية
وعقب رئيس الحركة الإسلامية النائب إبراهيم العبد الله على الفتوى المذكورة بالقول إن تاريخ الغرب ملطخ بدماء النساء والأطفال، ولفت إلى أن أوروبا سبق وغرقت في بحر من دماء الأبرياء في حروب كثيرة أبرزها الحرب العالمية الثانية.
وفي تصريح للجزيرة نت أوضح الشيخ العبد الله أن فتوى الحاخام إلياهو تأتي في السياق الغربي، وأشار إلى أنها تمكن من توجيه الاتهام للدولة اليهودية بأنها لا تحترم المدنيين ووضعها في زاوية ليست جديدة بالنسبة للعرب والمسلمين.
وأضاف' تنبع سياسات إسرائيل من مثل هذه الأيديولوجيا التي لا تحترم المدنيين, إسرائيل كدولة
واليهود كجماعة وأفراد يرون ذواتهم فوق الآخرين فيبيحون لأنفسهم استئصالهم'.
وشدد الشيخ العبد الله على أن الإسلام لا يقر بالمساس بالمدنيين مهما كانت الأسباب والمبررات، ولفت إلى مجموعة التوجيهات النبوية التي صدرت للجيوش قبيل الفتوحات والتي أوصتها بعدم المس بالمدنيين والتعرض للشجر والحيوان ومنها توجيه النبي الكريم 'اخرجوا باسم الله، قاتلوا في سبيل الله من كفرَ بالله، لا تعتدوا ولا تغلوا ولا تمثلوا، ولا تقتلوا الولدان ولا أصحاب الصوامع'.
وأضاف 'منذ البداية اعتمد المسلمون الحرب الدفاعية كما أكد القرآن الكريم في آيات كثيرة'، ودعا العبد الله إلى عدم الانحدار لحضيض استهداف المدنيين وعدم التساوي مع دعاة القتل مهما انحدر الآخرون، مشددا على حيوية التشبث بالأخلاق الإسلامية.
كما قال 'إذا تساوينا معهم ربما نحرز انتصارا عسكريا لكننا سنخسر الحرب وقد سبق وصد القائد صلاح الدين دعوات بعض قادة جيشه للثأر من الصليبيين وجرائمهم يوم احتلوا القدس وذبحوا المسلمين واليهود داخل المسجد الأقصى'، وأكد حيوية تميز الإسلام وتمسك المسلمين بالأخلاق زمن الحرب والسلام وفي حالات الضعف القوة على حد سواء.
أمـــة الله
2010-11-05, 09:09 PM
منذ بداية انتفاضة الأقصى وحتى نهاية مارس الماضي.. 5093 شهيد و49997 جريح
بلغ عدد الشهداء الذين سقطوا على يد قوات الاحتلال الصهيوني منذ اندلاع انتفاضة الأقصى في 28/9/2000 وحتى 31/03/2007، 5093 شهيداً، فيما بلغ عدد الجرحى 49997 جريحاً، منهم 4835 مواطناً تلقوا علاجاً ميدانياً، وبلغ عدد الشهداء من الأطفال أقل من 18 عاماً 940 شهيداً، في حين وصل عدد الشهداء الذين سقطوا جراء سياسة الاغتيالات والتصفية الجسدية 481 شهيداً من المواطنين المستهدفين.
وذكر تقرير حديث صدر عن مركز المعلومات الوطني الفلسطيني في الهيئة العامة للاستعلامات، أن عدد الشهيدات من الإناث بلغ 351 شهيدة، أما عدد الشهداء من المرضى جراء الإعاقة على الحواجز العسكرية الإسرائيلية فقد بلغ 151 شهيداً ما بين طفل وسيدة وشيخ مسن من مرضى القلب والكلى والسرطان، إضافةً إلى شهداء اعتداءات المستعمرين والذين بلغ عددهم 67 شهيداً.
كما بلغ عدد شهداء الأطقم الطبية والدفاع المدني في هذه الفترة 36 شهيداً، واستشهد 9 من العاملين في الحقل الإعلامي، كما سجل التقرير 220 شهيداً من الحركة الرياضية.
وحسب التقرير، فقد وصل عدد الأسرى والمعتقلين الذين ما زالوا في سجون الاحتلال إلى 10400 أسيراً، منهم 553 أسيراً قبل انتفاضة الأقصى، ما زالوا في الأسر وموزعين على أكثر من 30 سجناً ومعتقلاً ومركز توقيف، من هؤلاء الأسرى 1150 أسير يعانون من أمراض مزمنة.
وحول المعتقلين من طلبة المدارس والجامعات، أفاد التقرير بوجود 1189 طالباً وطالبة في المعتقلات الإسرائيلية، منهم 330 من الأطفال دون سن الثامنة عشر.
أما إجمالي المعتقلين من المعلمين والموظفين في التربية والتعليم، فقد بلغ عددهم 107 معلماً وموظفاً، فيما بلغ عدد الأسيرات الإناث 117 أسيرة.
وأفاد التقرير أن عدد المباني العامة والمباني والمنشآت الأمنية المتضررة حتى 31/03/2007، قد بلغ 645 مقراً عاماً ومنشأة أمنية، وبلغ إجمالي المنازل التي تضررت بشكل كلي وجزئي 72737 منزلاً، أما المنازل التي تضررت بشكل كلي فكان عددها 30871 منزلاً، منها 4785 منزلاً في قطاع غزة والمنازل التي تضررت بشكل جزئي فكان عددها 64693 منها 23622 منزل في قطاع غزة حتى 31/10/2006.
وجاء في التقرير أن عدد المدارس والجامعات التي تم إغلاقها بأوامر عسكرية حتى 8/8/2006، بلغ 12 مدرسة وجامعة، في حين تم تعطيل الدراسة جراء العدوان الإسرائيلي في 1125 مدرسة ومؤسسة تعليم عالي، وبلغ عدد مؤسسات التربية والتعليم التي تعرضت للقصف 359 مدرسة ومديرية ومكاتب تربية وتعليم وجامعة، وقد حولت 43 مدرسة إلى ثكنات عسكرية، ووصل عدد الطلاب الذين استشهدوا برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى 848 طالباً من طلبة المدارس والكليات. ووصل عدد الطلبة والطالبات والموظفين الذين أصيبوا برصاص الاحتلال إلى 4792 طالباً وطالبة وموظفاً.
وأكد مركز المعلومات أن إجمالي مساحة الأراضي التي تم تجريفها حتى 31/7/2006، بلغ 80712 دونماً، في حين بلغ عدد الأشجار التي تم اقتلاعها في الضفة وغزة 1357296 شجرة، منها 2278 في قطاع غزة وهدم 784 مخزناً زراعياً منها 16 في قطاع غزة، و788 مزرعة دواجن وحظائر حيوانات تم تدميرها بمعداتها منها 32 في قطاع غزة، وقد نفق 14829 رأس ماعز وأغنام، منها 99 في غزة وقتلت 12151 بقرة وحيوان مزرعة منها 19 في غزة، وتم إتلاف 16549 خلية نحل منها 1284 في غزة، وهدمت آبار كاملة بملحقاتها، بلغ عددها 425 بئراً منها 22 في غزة، كما هدمت منازل للمزارعين بأثاثها بلغ عددها 207 منزلاً.
ونفقت 899767 دجاجة لاحمة، و350292 دجاجة بيض، وقتل 1650 أرنب مزارع، في حين جرفت قوات الاحتلال 33792 دونماً من شبكات الري منها 2529 في غزة، وهدمت 1362 بركة وخزان مياه منها 35 في غزة، وتم تجريف 631182 متراً من سياج مزارع وجدران استنادية بالمتر الطولي منها 25340 في غزة، كما تم تجريف 979239 متراً طولياً من خطوط المياه الرئيسية منها 68155 في غزة.
وذكر التقرير أن عدد المزارعين المتضررين حتى 31/7/2006، بلغ 16195 مزارعاً، فيما بلغ عدد المشاتل المجرفة 16 مشتلاً، وقام الاحتلال بإتلاف جرارات ومعدات زراعية مختلفة بلغ عددها 16 جراراً، في حين دمرت قوات الاحتلال منذ 01/10/2001 حتى نهاية شهر يونيو/حزيران الماضي 9257 ورشة ومحل وبسطة.
وأشار التقرير إلى أن نسبة العاطلين عن العمل في الشعب الفلسطيني بلغت 28.4% حسب نتائج مسح الربع الرابع من العام 2006، موضحاً أن عدد العاطلين عن العمل بلغ 284500 حتى 30/9/2006، كما أشار إلى أن نسبة الفقر في الأراضي الفلسطينية جراء الإغلاق والحصار أصبحت أكثر من 70% حسب نتائج مسح الربع الثالث من العام 2006.
وأفاد التقرير بأن الانتهاكات ضد الصحافيين بلغت 1147 حالة اعتداء، في حين نصبت قوات الاحتلال 5001 حاجزاً عسكرياً ونقطة عسكرية جديدة منذ 1/10/2001، وقصفت تلك القوات الأحياء السكنية 36724 مرة من نفس التاريخ السابق حتى نهاية الشهر الماضي.
وجاء في التقرير أن إجمالي مساحة الأراضي التي تمت مصادرتها لخدمة جدار الفصل العنصري منذ 29/3/2003 بلغت 247291 دونماً، وتعرضت 432 منشأة صناعية إلى الأضرار والخسارة الناتجة عن الانتهاكات والاعتداءات الإسرائيلية، حسب ما ورد من وزارة الاقتصاد الوطني.
المصدر : نداء القدس + وكالات
أمـــة الله
2010-11-05, 09:09 PM
تقرير :الاحتلال الصهيوني يصعّد من جرائمه في الأراضي الفلسطينية
أكد المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان في تقريره الأسبوعي حول الإنتهاكات الصهيونية في الضفة الغربية وقطاع غزة، أن الاحتلال قتل أربعة عشر مواطناً، من بينهم خمسة أطفال.
وأشار المركز، إلى أن (31) مدنياً أصيبوا برصاص الاحتلال، من بينهم أحد عشر طفلاً وامرأتان، فيما استمرت الأعمال الاستعمارية واعتداءات المستعمرين.
وأكد المركز، استمرار الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني وعزل قطاع غزة عن العالم الخارجي، إضافة إلى شن قوات الاحتلال (32) عملية توغل في الضفة الغربية واثنتين في القطاع.
وكانت أبرز هذه الجرائم خلال تلك الفترة على النحو التالي:
أعمال القتل وإطلاق النار والقصف: قُتِلَ خلال الفترة التي يغطيها هذا التقرير أربعة عشر مواطناً فلسطينياً، من بينهم خمسة أطفال. قُتِلَ عشرة منهم في قطاع غزة، وقتل الأربعة الآخرون في الضفة الغربية. وأصيب31 مدنياً، من بينهم 11 طفلاً وصحفي أمريكي، ثمانية عشر منهم أصيبوا في الضفة الغربية، والآخرون أصيبوا في قطاع غزة.
ففي قطاع غزة، استشهد عشرة مواطنين فلسطينيين، من بينهم خمسة أطفال، ضمنهم حالتان من الأشقاء، وأصيب ثلاثة عشر آخرون بجراح، ففي تاريخ 14/6/2007،استشهد خمسة أطفال، من بينهم حالتان من الأشقاء، وأصيب ثلاثة أشقاء آخرين بجراح بالغة، أثناء عبثهم بجسم من مخلفات قوات الاحتلال الصهيوني في بلدة الشوكة، شرقي مدينة رفح، والمتاخمة للحدود الصهيونية الفلسطينية، والتي تتعرض باستمرار لأعمال توغل وقصف بالقذائف. وفي تاريخ 18/6/2007، وفي استخدام جديد للقوة المسلحة المميتة، قتلت قوات الاحتلال الصهيوني مدنياً فلسطينياً، وأصابت ثلاثة آخرين بجراح في معبر بيت حانون" إيرز"، شمالي قطاع غزة، فيما قتلت بتاريخ 20/6/2007 أربعة مواطنين في بلدة القرارة، شرقي خان يونس، وأصابت خمسة آخرين بجراح، أثناء تصديهم لها، فيما أصيب طفل جراء القصف العشوائي، بعدما توغلت قوات الاحتلال في تلك البلدة.
وتفيد تحقيقات المركز، أن سيارات الإسعاف لم تتمكن من الوصول للمصابين إلا بعد عدة ساعات من إصابتهم، مما يشير إلى احتمال أن منهم من نزف حتى الموت. وفي حادثتين منفصلتين، أصيب بتاريخ 19/6/2007، اثنان من المدنيين الفلسطينيين من المحتجزين على معبر إيرز، بجراح، في أعمال إطلاق نار متفرقة، نفذتها قوات الاحتلال التي تتوغل في المعبر باتجاههم.
وفي الضفة الغربية، قتلت قوات الاحتلال الصهيوني أربعة مواطنين فلسطينيين في ثلاث جرائم قتل مختلفة. في تاريخ 14/6/2007، قتلت تلك القوات أحد رجال المقاومة الفلسطينية في مدينة قلقيلية، وأصابت ثلاثة عشر مدنياً، من بينهم خمسة أطفال وامرأة ، بجراح، وذلك أثنا توغلها في المدينة لتنفيذ أعمال اعتقال فيها. وفي ساعات مساء اليوم المذكور أعلاه، وفي جريمة جديدة من جرائم القتل خارج إطار القانون، قتلت قوات الاحتلال ناشطاً فلسطينياً من كتائب شهداء الأقصى في بلدة صيدا، شمالي مدينة طولكرم، وأصابت اثنين من المدنيين الفلسطينيين، من بينهم طفل، كانا يمران بالصدفة من مكان مسرح تنفيذ الجريمة. وفي تاريخ 20/6/2007، قتلت قوات الاحتلال الصهيوني مواطنين في قرية كفر دان، غربي مدينة جنين.
وفضلاً عن الخمسة عشر مدنياً الذين أصيبوا في الجرائم المذكورة، أصيب طفل فلسطيني بتاريخ 15/6/2007 في قرية كفر دان، غربي مدينة جنين، أثناء توغل قوات الاحتلال فيها وإطلاق النار العشوائي، فيما أصيب متظاهر فلسطيني وصحفي أمريكي في مسيرة الاحتجاج السلمية الأسبوعية التي ينظمها المدنيون الفلسطينيون والمتضامنون الصهيونيون والأجانب المدافعون عن حقوق الإنسان، ضد استمرار أعمال البناء في جدار الضم في قرية بلعين،غربي مدينة رام الله.
أما أعمال التوغل، فقد استمرت قوات الاحتلال الصهيوني في تصعيد أعمال التوغل في مدن وقرى ومخيمات الضفة الغربية. وإمعاناً في إرهاب المدنيين الفلسطينيين، وبخاصة الأطفال والنساء، عادة ما تتم أعمال التوغل في ساعات الفجر الأولى والناس نيام، وخلال الفترة التي يغطيها هذا التقرير، نفذت تلك القوات اثنتين وثلاثين عملية توغل في معظم مدن وبلدات ومخيمات الضفة الغربية، اقتحمت خلالها عشرات المباني والمنازل السكنية، وأطلقت النار عدة مرات، بصورة عشوائية ومتعمدة، تجاه المواطنين ومنازلهم. اعتقلت تلك القوات خلال أعمال التوغل تلك خمسين مدنياً فلسطينياً في الضفة الغربية. وباعتقال المذكورين، واستناداً لتوثيق المركز، يرتفع عدد المواطنين الفلسطينيين الذين اعتقلوا منذ بداية هذا العام إلى (ألف وأربعمائة وثمانية معتقلين)، فضلاً عن اعتقال العشرات على الحواجز العسكرية والمعابر الحدودية وخلال مظاهرات الاحتجاج السلمي على استمرار أعمال البناء في جدار الضم، وضد سياسات فرض العقاب الجماعي من خلال استمرار إقامة الحواجز العسكرية وإغلاق الطرق. كما وحولت تلك القوات منزلين سكنيين في بلدة عزون، شرقي مدينة قلقيلية إلى ثكنتين عسكريتين.
وفي قطاع غزة، نفذت قوات الاحتلال خلال الأسبوع الذي يغطيه هذا التقرير عمليتي توغل محدودتين، فبتاريخ 16/6/2007، توغلت قوة راجلة من جنود الاحتلال مسافة تقدر بنحو 1000 متر في منطقة أبو شعر في قرية وادي السلقا، شرقي مدينة دير البلح، وسط القطاع، وأسفرت عملية التوغل تلك عن اعتقال اثنين من سكان المنطقة. وبتاريخ 20/6/2007، نفذت تلك القوات عملية توغل في بلدة القرارة، شرق مدينة خان يونس، جنوب القطاع، أسفرت عن مقتل أربعة من أفراد المقاومة، وإصابة خمسة آخرين.
وقال التقرير: استمرت قوات الاحتلال الصهيوني في أعمال تجريف المنازل السكنية في مدينة القدس العربية وضواحيهان ففي تاريخ 19/6/2007، جرفت تلك القوات منزلاً سكنياً في حي جبل الطور في مدينة القدس العربية المحتلة بذريعة البناء بدون ترخيص، حيث أن سلطات الاحتلال الصهيوني تفرض قيوداً مشددة وإجراءات إدارية معقدة في منح تراخيص بناء لسكان مدينة القدس المحتلة وضواحيها في إطار سياستها الرامية لتفريغ المدينة من سكانها لصالح مشاريع التوسع الاستيطاني فيها، وبالتالي تهويدها.
كما استمر المستوطنون في أراضي الضفة الغربية المحتلة، خلافاً للقانون الدولي الإنساني، في اقتراف جرائمهم المنظمة ضد المدنيين الفلسطينيين وممتلكاتهم. وعادة ما تتم تلك الجرائم على مرأى ومسمع من قوات الاحتلال التي توفر حماية دائمة لهم، كما وإنها تتجاهل التحقيق في الشكاوى التي يتقدم بها المدنيون الفلسطينيون ضد المعتدين من المستوطنين. ففي تاريخ 14/6/2006، أقدمت مجموعة من المستوطنين على إشعال النيران في أراضي بلدة فرعون، الواقعة جنوبي البلدة والمعزولة بجدار "الضم" مما أدى إلى احتراق عشرات أشجار الزيتون.
وتواصل قوات الاحتلال الصهيوني منذ ما يقارب العام إغلاق قطاع غزة، وعزله عن محيطه الخارجي، ليبقى نحو مليون ونصف المليون مواطن فلسطيني داخل سجن كبير، وسط ظروف إنسانية قاهرة، فيما تواصل تلك القوات إجراءات حصارها المفروض على الضفة الغربية. وتأتي هذه الإجراءات في إطار العقوبات الجماعية التي تفرضها قوات الاحتلال على المدنيين الفلسطينيين.
ففي قطاع غزة، واصلت سلطات الاحتلال فرض حصارها على القطاع وشددت منه خلال الأسبوع الحالي، حيث لازال هذا الحصار يلقي بظلاله على الأوضاع الإنسانية فيه، ويتسبب في تدهور كارثي يطال كافة القطاعات الحيوية، وينتهك كافة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وبخاصة حق المدنيين الفلسطينيين في التنقل وحرية الحركة، وحق السكان في مستوى معيشي ملائم، وحقهم في الصحة والتعليم. وكانت تلك القوات في الفترة السابقة بفتح معبر رفح الحدودي مع مصر، وهو نافذة القطاع الوحيدة على الخارج، بشكل محدود جداً ويتسم بالمزاجية الصهيونية، وتزامناً مع بعض المناسبات المهمة للفلسطينيين. وخلال الفترة التي يغطيها التقرير، أغلقت سلطات الاحتلال المعبر وذلك بعد انسحاب أفراد الأمن الفلسطيني والاوروبين من المعبر، جراء سيطرة حماس على الأوضاع في القطاع، وهذا سبب ولا يزال معاناة شديدة لمئات المواطنين، سواءً المحتجزين لدى الجانب المصري، والذين لا يستطيعون الوصول لغزة، أو من هم بحاجة ماسة للسفر للخارج وخصوصاً المرضى والطلاب.
وبتاريخ 18/6/2007، تم السماح من قبل الجانب المصري لعشرات المواطنين المرحلين من المطارات المصرية، وبعض أفراد الأجهزة الأمنية، الذين كانوا قبل الأحداث في الخارج، من الوصول لقطاع غزة عن طريق المعبر.
وفي المقابل لا يزال معبر بيت حانون "إيرز"، شمالي القطاع، وهو المنفذ الوحيد على إسرائيل والضفة الغربية، بما فيها مدينة القدس المحتلة، مغلقاً في وجه معظم شرائح المجتمع حتى صدور هذا التقرير. ومنذ نحو خمسة شهور بدأ العمل في المعبر كمعبر دولي، بدلاً من المعبر القديم، ويترتب على هذا الأمر تطبيق إجراءات وقوانين جديدة بخصوص مرور المواطنين من وإلى قطاع غزة، بحيث يتوجب على سكان الضفة الغربية وقطاع غزة الحصول على تصاريح شخصية يتم الحصول عليها من الإدارة المدنية مثلما كان الحال سابقاً بدون تغيير في الإجراءات المتبعة. ومنذ بداية انتفاضة الأقصى في 29/09/2000 يمنع المدنيون الفلسطينيون من المرور عبره إلى إسرائيل أو الضفة الغربية، بما فيها القدس المحتلة. ولا تسمح السلطات الحربية المحتلة بالمرور عبره إلا للحالات المرضية، والتي لا يتوفر علاج لها في مستشفيات القطاع، إضافة إلى الدبلوماسيين والأجانب وبعض العاملين في الهيئات الإنسانية والدولية، وأهالي المعتقلين في السجون الصهيونية وعشرات التجار، فيما تواصل تلك القوات منع أعضاء التشريعي المنتخبين عن حركة (حماس) والوزراء منهم من الدخول للشق الثاني من الوطن "الضفة الغربية والقدس المحتلة"، والتواصل مع نظرائهم هناك. وخلال هذا الأسبوع وجراء التطورات الدراماتيكية التي حدثت وأسفرت عن سيطرة حركة حماس على القطاع، أغلقت قوات الاحتلال الصهيوني المعبر بشكل كامل، وأعادت احتلال الجزء الذي كانت قد انسحبت منه في علام 2005، بسبب عدم وجود ارتباط فلسطيني، ومنعت التجار والحالات الإنسانية والمرضية من استخدام المعبر، فيما سمحت لعشرات من أفراد الأجهزة الأمنية الفلسطينية وعائلاتهم من الدخول للضفة الغربية، بعد إجراءات تنسيق لهم، في الوقت الذي منعت فيه عشرات آخرين فروا من القطاع باتجاه المعبر. وبتاريخ 19/6/2007، سمح لتسع حالات مرضية من الدخول لإسرائيل، بعد إجراء تنسيق لهم عن طريق الصليب الأحمر الدولي. في نفس التوقيت، واصلت قوات الاحتلال إغلاق كافة المعابر التجارية الواصلة بين إسرائيل وقطاع غزة من جهة والواصلة بين قطاع غز ومصر من جهة أخرى. وسمح فقط بإدخال كميات محدودة من الوقود للقطاع، وبعض المساعدات الإنسانية المقدمة لمنظمات إغاثية تعمل في القطاع. وفي حال استمر هذا الإغلاق فسوف يشهد قطاع غزة حالة من الركود الاقتصادي، الذي سيؤدي بدوره إلى كارثة إنسانية.
وفي الضفة الغربية، استمرت قوات الاحتلال الصهيوني بفرض المزيد من إجراءات العقاب الجماعي على المدنيين الفلسطينيين، وفرضت المزيد من القيود على حركتهم. وخلال الأسبوع الذي يغطيه هذا التقرير، أغلقت قوات الاحتلال الصهيوني العديد من حواجزها العسكرية الثابتة، بشكل كلي أو جزئي، أمام حركة المدنيين الفلسطينيين، وفرضت المزيد من قيودها على حركتهم على تلك الحواجز.
ولا تزال محافظة نابلس تشهد فرض قيود مشددة على حركة تنقل المدنيين منذ اندلاع انتفاضة الأقصى. وذكر باحث المركز أن قوات الاحتلال أغلقت الحواجز المحيطة بالمدينة عدة مرات خلال الأسبوع، ما أدى إلى إعاقة حركة المرور، وتعطيل المواطنين عن قضاء مصالحهم المختلفة. يشار إلى أن مدينة نابلس محاطة بأحد عشر حاجز عسكري ثابت، بعضها مغلق إغلاقاً تاماً أمام حركة المدنيين الفلسطينيين مثل حاجز عصيرة الشمالية، والحاجز العسكري المقام على تقاطع شارع نابلس ـ جنين مع قرية الناقورة ومستوطنة "شافي شومرون". أما تلك الحواجز فهي: حوارة، بيت ايبا، زعترة، عورتا، بيت فوريك، الطور، عصيرة الشمالية، "شافي شومرون"، قوصين؛ الباذان، وجيت. ويعتبر حاجز حوارة، على المدخل الجنوبي للمدينة من الحواجز الأولى التي أقيمت في الضفة الغربية منذ اندلاع الانتفاضة، حيث أقيم في تشرين أول (أكتوبر) عام 2000، وأقيمت الحواجز الأخرى خلال عام 2001.
وفي إطار سياسة استخدام الحواجز العسكرية والمعابر الحدودية كمصائد لاعتقال مواطنين فلسطينيين، تدعي أنهم مطلوبون لها، اعتقلت قوات الاحتلال خلال الفترة التي يغطيها التقرير ثلاثة من المدنيين الفلسطينيين على الأقل، أحدهم طفلة اعتقلت في مدينة الخليل.
المصدر: نداء القدس + وكالات 21/06/2007، 20:20
أمـــة الله
2010-11-05, 09:10 PM
استشهاد مواطن برصاص الاحتلال الإسرائيلي شمال الخليل
2007-06-22 2236
الخليل-فلسطين برس- استشهد مساء اليوم مواطن من الخليل جنوب الضفة الغربية برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي.
وقالت مصادر فلسطينية " أن الشاب شادي راجح المطور (25 عاماً)، استشهد بعد أن أطلق جنود الاحتلال النار عليه أثناء خروجه من منزله في منطقة جسر حلحول شمال الخليل.
وأضاف المراسل أن جثمان الشهيد المطور نقل إلى المستشفى الأهلي في مدينة الخليل، وأن المصادر الطبية
أشارت إلى إصابة الشهيد بعدة أعيرة نارية في الرأس والساقين، أدت إلى استشهاده على الفور.
Powered by vBulletin® Version 4.2.0 Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir