عزتي بديني
2010-01-03, 08:14 PM
الأسباب العشرة الموجبة لمحبة الله :
السبب الأول :قراءة القرآن بتدبر والتفهم لمعانيه ، وما أريد به . فمن أحبأن يكلمه الله تعالى فليقرأ كتاب الله تعالى ،
قال الحسن بن علي:(إن من كان قبلكم رأو القرآن رسائل من ربهم فكانوا يتدبرونها بالليل ،ويتفقدونها في النهار) .
قال ابن الجوزي رحمه الله: " ينبغي لتالي القرآن العظيم أن ينظر إلى لطفالله تعالى بخلقهفي إيصاله معاني كلامه إلى أفهامهم وأن يعلم ما يقرأه منكلام البشر ، وان يستحضر عظمة المتكلم سبحانه ، ويتدبر كلامه "
قال الإمام النووي رحمه الله: أول ما يجب على القارئ ، أن يستحضر في نفسه أنه يناجي الله تعالى . ولهذا فإن رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم استجلب محبة الله بتلاوة سورة واحدة وتدبرها ومحبتها ، هي سورةالإخلاص التي فيها صفة الرحمن جل وعلا فظل يرددها في صلاته ، فلما سئل عن ذلك قال : ( لأنها صفةالرحمن ، وأنا أحب أن أقرأها ) فقال النبي صلى
الله عليه وسلم : ( أخبروه أنالله يحبه ) البخاري .
وينبغي أن نعلم أن المقصود من القراءة هو التدبر ، وإن لم يحصل التدبر إلابتدبر الآية فليرددها كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه .
فقد روى أبو ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قالليلة بآية يرددها) : إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)المائدة : 118
وقام تميم الداري رضيالله عنه بآية وهي قوله تعالى : (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُواالصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ) الجاثية : 21
السبب الثاني : التقرب إلى الله بالنوافل بعد الفرائض ، فإنه موصلة إلى درجة المحبوب بعد المحبة .قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي عن رب العزة سبحانه وتعالى : (من عاد لي وليا فقد آذنته بالحرب ، وما تقرب إليّ عبدي بشيءأحب إليّ مما افترضته عليه ولا يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه ،فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها ، ولئن سألني لأعطينه ، ولئن استعاذني لأعيذنه ( البخاري .
وقد بين هذا الحديث صنفان من الناجين الفائزين .
الصنف الأول :المحب لله مؤدِ لفرائض الله ، وقافٌ عند حدوده .
الصنف الثاني : المحبوب من الله متقرب إلى الله بعد الفرائض بالنوافل .
وهذا مقصود ابن القيم رحمه الله بقوله : ( فإنها موصلة إلى درجة
المحبوبية بعد المحبة) .
يقول ابن رجب الحنبلي _ رحمه الله: " وألياء الله المقربون قسمان :ذكر الأول ، ثم قال : الثاني : من تقرب إلى الله تعالى بعد أداء الفرائض بالنوافل ، وهم أهل درجة السابقين المقربين ، لأنهم تقربوا إلى الله بعدالفرائض بالاجتهاد في نوافل الطاعات ، والانكفاف عن دقائق المكروه اتباع الورع ، وذلك يوجب للعبد محبة الله كما قال تعالى في الحديث القدسي) : لايزال عبدي يتقرب إلىّ بالنوافل حتى أحبه ) فمن أحبه الله رزقه محبته وطاعته والحظوة عنده . والنوافل المتقرب بها إلى الله أنواع : وهي الزيادات على أنواع الفرائض كالصلاة والزكاة والصيام ، والحج والعمرة .
السبب الثالث : دوام ذكره على كل حال ، باللسان والقلب والعمل والحال ،فنصيبهمن المحبة على قدر نصيبه من الذكر .قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله عز وجل يقول : أنا مع عبدي ما ذكرني وتحركت بي شفتاه "صحيح ابن ماجه للألباني .
وقال الله تعالى : " فاذكروني أذكركم"وقال رسول الله صلى الله عليه : (قد سبق المفردون ) قالوا : ومن المفردون يا رسول الله ؟ قال : " الذاكرون الله كثيرا والذاكرات "مسلم .
وقال صلى الله عليه وسلم يبين خسارة من لا يذكر الله : " ما يقعد قوم مقعدا لا يذكرون الله عز وجل ويصلون على النبي صلى الله عليه وسلم إلا كان عليهم حسرة يوم القيامة وإن دخلوا الجنة للثواب ." صححه أحمد شاكر في تخريجه
للمسند . ويقول صلى الله عليه وسلم : " ما من قوم يقومون من مجلس لايذكرون الله فيه إلاقاموا من مثل جيفة حمار وكان لهم حسرة " صحيح سنن أبي داود للألباني .
السبب الرابع :إيثار محابه على محابك عند غلبات الهوى ،والتسنم إلى محابه وإن صعب المرتقى .
يقول ابن القيم فيشرح هذه العبارة : رضى الله على غيره ، وإن عظم تفيه المحن ، وثقلت فيه المؤن ، وضعف عنه الطول والبدن وقال رحمه الله :إيثار رضى الله عز وجل على غيره ، وهو أن يريد وفعل مافيه مرضاته ،ولو أغضب الخلق ، وهي درجة الإيثار وأعلاها للرسل عليهم صلوات الله وسلامه ،وأعلاها لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم " .وذا كله لا يكون إلا لثلاثة أمور :
1- قهر هوى النفس .
2- مخالفة هوى النفس .
3- وجاهدة الشيطان وأوليائه .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " يحتاج المسلم إلى أن يخاف الله وينهى النفس عن الهوى ، ونفس الهوى والشهوة لا يعاقب عليه ، بل على اتباعه والعمل به ، فإذاكانت النفس تهوى وهو ينهاها ، كان نهيه عبادة لله،وعملاً صالحًا . [ 10 / 635مجموع الفتاوى]
السبب الخامس : مطالعة القلب لأسمائه وصفاته ، ومشاهدتها ومعرفتها ،وتقلبه في رياض هذه المعرفة ، فمن عرف الله بسمائه وصفاته وأفعاله ، أحبه لا محالة .
قال ابن القيم : " رحمه الله : " لا يوصف بالمعرفة إلا من كان عالما بالله وبالطريق الموصل إلى الله وبآفاتها وقواطعها ، وله حال مع الله تشهد له بالمعرفة . فالعارف هو من عرف الله بأسمائه وصفاته وأفعاله ، ثم صدق الله في معاملته ، ثم أخلص له في قصده ونيته "
السبب السادس :مشاهدة بره وإحسانه ، وآلائه ونعمه الباطنة والظاهرة فإنها داعية إلى محبته. العبد أسير الإحسان فالأنعام والبر واللطف ، معاني تسترق مشاعره وتستولي على أحاسيسه ، وتدفعه إلى محبة من يسدي إليه النعمة ويهدي إليه المعروف. ولا منعم على الحقيقة ولا محسن إلا الله ، هذه دلالة العقل الصريح والنقل الصحيح ، فلا محبوب في الحقيقة عند ذوي البصائر إلا الله تعالى ،ولامستحق للمحبة كلها سواه . والإنسان بالطبع يحب من أحسن إليه ، ولاطفه وواساه، وانتدب لنصرته وقمع أعدائه ، وأعانه على جميع أغراضه ، وإذا عرف الإنسان حق المعرفة ن علم إن المحسن إليه هو الله سبحانه وتعالى فقط ،وأنواع إحسانه لايحيط بها حصر : "وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَاتُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ" إبراهيم : 34
السبب السابع : وهو أعجبها : انكسار القلب بكليته بين يدي الله تعالى ، وليسفي التعبيرعن المعنى غير الأسماء والعبارات . والانكسار بمعنى الخشوع ، وهو الذل والسكون .قال تعالى : " وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا"يقول الراغب الأصفهاني : " الخشوع : الضراعة ، وأكثر ما يستعملالخشوع فيما يوجد على الجوارح ، والضراعة أكثر ماتستعمل فيما يوجد
في القلب ولذلك قيل إذا ضرع القلب : خشعت جوارحه " .قال ابن القيم : " الحق أن الخشوع معنى يلتئم من التعظيم والمحبة والذل
والانكسار ".
السبب الثامن : الخلوة به وقت النزول الإلهي ، لمناجاته وتلاوة كلامه والوقوف بالقلب والتأدب بأدب العبودية بين يديه ، ثم ختم ذلك بالاستغفاروالتوبة .قالتعالى : (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَرَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ
يُنْفِقُونَ(
يقول الحسن البصري رحمه الله : " لم أجد من العبادة شيئا أشد من الصلاة فيجوف الليل فقيل له : ما بال المجتهدين من أحسن الناس وجوها فقال لأنهم خلوا بالرحمن فألبسهم من نوره " .
السبب التاسع : مجالسة المحبين الصادقين ، والتقاط أطايب ثمرات كلامهم كماينتقى أطايب الثمر ولا تتكلم إلا إذا ترجحت مصلحة الكلام وعلمت أن فيه مزيد لحالك ومنفعة لغيرك .قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال الله عز وجل : وجبت محبيت
للمتحابين فيّ ، ووجبت محبتي للمتجالسين فيّ ، ووجبت محبتي للمتزاورين
فيّ.صححه الألباني مشكاة المصابيح
وقال صلى الله عليه وسلم : " أوثق عرى الإيمان أن تحب في الله وتبغض في الله " السلسلة الصحيحة 728
فمحبة المسلم لأخيه في الله ثمرة لصدق الإيمان وحسن الخلق وهي سياج واقوي حفظ الله به قلب العبد ويشده فيه الإيمان حتى لا يتلفت أو يضعف .
السبب العاشر :مباعدة كل سبب يحول بين القلب وبين الله عز وجل . فالقلب إذا فسد فلن يجد المرء فائدة فيما يصلحه من شؤون دنياه ولن يجد نفعا أو كسبا في أخره قال تعالى : يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ
سَلِيمٍ (89)
ابن القيم الجوزية
السبب الأول :قراءة القرآن بتدبر والتفهم لمعانيه ، وما أريد به . فمن أحبأن يكلمه الله تعالى فليقرأ كتاب الله تعالى ،
قال الحسن بن علي:(إن من كان قبلكم رأو القرآن رسائل من ربهم فكانوا يتدبرونها بالليل ،ويتفقدونها في النهار) .
قال ابن الجوزي رحمه الله: " ينبغي لتالي القرآن العظيم أن ينظر إلى لطفالله تعالى بخلقهفي إيصاله معاني كلامه إلى أفهامهم وأن يعلم ما يقرأه منكلام البشر ، وان يستحضر عظمة المتكلم سبحانه ، ويتدبر كلامه "
قال الإمام النووي رحمه الله: أول ما يجب على القارئ ، أن يستحضر في نفسه أنه يناجي الله تعالى . ولهذا فإن رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم استجلب محبة الله بتلاوة سورة واحدة وتدبرها ومحبتها ، هي سورةالإخلاص التي فيها صفة الرحمن جل وعلا فظل يرددها في صلاته ، فلما سئل عن ذلك قال : ( لأنها صفةالرحمن ، وأنا أحب أن أقرأها ) فقال النبي صلى
الله عليه وسلم : ( أخبروه أنالله يحبه ) البخاري .
وينبغي أن نعلم أن المقصود من القراءة هو التدبر ، وإن لم يحصل التدبر إلابتدبر الآية فليرددها كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه .
فقد روى أبو ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قالليلة بآية يرددها) : إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)المائدة : 118
وقام تميم الداري رضيالله عنه بآية وهي قوله تعالى : (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُواالصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ) الجاثية : 21
السبب الثاني : التقرب إلى الله بالنوافل بعد الفرائض ، فإنه موصلة إلى درجة المحبوب بعد المحبة .قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي عن رب العزة سبحانه وتعالى : (من عاد لي وليا فقد آذنته بالحرب ، وما تقرب إليّ عبدي بشيءأحب إليّ مما افترضته عليه ولا يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه ،فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها ، ولئن سألني لأعطينه ، ولئن استعاذني لأعيذنه ( البخاري .
وقد بين هذا الحديث صنفان من الناجين الفائزين .
الصنف الأول :المحب لله مؤدِ لفرائض الله ، وقافٌ عند حدوده .
الصنف الثاني : المحبوب من الله متقرب إلى الله بعد الفرائض بالنوافل .
وهذا مقصود ابن القيم رحمه الله بقوله : ( فإنها موصلة إلى درجة
المحبوبية بعد المحبة) .
يقول ابن رجب الحنبلي _ رحمه الله: " وألياء الله المقربون قسمان :ذكر الأول ، ثم قال : الثاني : من تقرب إلى الله تعالى بعد أداء الفرائض بالنوافل ، وهم أهل درجة السابقين المقربين ، لأنهم تقربوا إلى الله بعدالفرائض بالاجتهاد في نوافل الطاعات ، والانكفاف عن دقائق المكروه اتباع الورع ، وذلك يوجب للعبد محبة الله كما قال تعالى في الحديث القدسي) : لايزال عبدي يتقرب إلىّ بالنوافل حتى أحبه ) فمن أحبه الله رزقه محبته وطاعته والحظوة عنده . والنوافل المتقرب بها إلى الله أنواع : وهي الزيادات على أنواع الفرائض كالصلاة والزكاة والصيام ، والحج والعمرة .
السبب الثالث : دوام ذكره على كل حال ، باللسان والقلب والعمل والحال ،فنصيبهمن المحبة على قدر نصيبه من الذكر .قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله عز وجل يقول : أنا مع عبدي ما ذكرني وتحركت بي شفتاه "صحيح ابن ماجه للألباني .
وقال الله تعالى : " فاذكروني أذكركم"وقال رسول الله صلى الله عليه : (قد سبق المفردون ) قالوا : ومن المفردون يا رسول الله ؟ قال : " الذاكرون الله كثيرا والذاكرات "مسلم .
وقال صلى الله عليه وسلم يبين خسارة من لا يذكر الله : " ما يقعد قوم مقعدا لا يذكرون الله عز وجل ويصلون على النبي صلى الله عليه وسلم إلا كان عليهم حسرة يوم القيامة وإن دخلوا الجنة للثواب ." صححه أحمد شاكر في تخريجه
للمسند . ويقول صلى الله عليه وسلم : " ما من قوم يقومون من مجلس لايذكرون الله فيه إلاقاموا من مثل جيفة حمار وكان لهم حسرة " صحيح سنن أبي داود للألباني .
السبب الرابع :إيثار محابه على محابك عند غلبات الهوى ،والتسنم إلى محابه وإن صعب المرتقى .
يقول ابن القيم فيشرح هذه العبارة : رضى الله على غيره ، وإن عظم تفيه المحن ، وثقلت فيه المؤن ، وضعف عنه الطول والبدن وقال رحمه الله :إيثار رضى الله عز وجل على غيره ، وهو أن يريد وفعل مافيه مرضاته ،ولو أغضب الخلق ، وهي درجة الإيثار وأعلاها للرسل عليهم صلوات الله وسلامه ،وأعلاها لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم " .وذا كله لا يكون إلا لثلاثة أمور :
1- قهر هوى النفس .
2- مخالفة هوى النفس .
3- وجاهدة الشيطان وأوليائه .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " يحتاج المسلم إلى أن يخاف الله وينهى النفس عن الهوى ، ونفس الهوى والشهوة لا يعاقب عليه ، بل على اتباعه والعمل به ، فإذاكانت النفس تهوى وهو ينهاها ، كان نهيه عبادة لله،وعملاً صالحًا . [ 10 / 635مجموع الفتاوى]
السبب الخامس : مطالعة القلب لأسمائه وصفاته ، ومشاهدتها ومعرفتها ،وتقلبه في رياض هذه المعرفة ، فمن عرف الله بسمائه وصفاته وأفعاله ، أحبه لا محالة .
قال ابن القيم : " رحمه الله : " لا يوصف بالمعرفة إلا من كان عالما بالله وبالطريق الموصل إلى الله وبآفاتها وقواطعها ، وله حال مع الله تشهد له بالمعرفة . فالعارف هو من عرف الله بأسمائه وصفاته وأفعاله ، ثم صدق الله في معاملته ، ثم أخلص له في قصده ونيته "
السبب السادس :مشاهدة بره وإحسانه ، وآلائه ونعمه الباطنة والظاهرة فإنها داعية إلى محبته. العبد أسير الإحسان فالأنعام والبر واللطف ، معاني تسترق مشاعره وتستولي على أحاسيسه ، وتدفعه إلى محبة من يسدي إليه النعمة ويهدي إليه المعروف. ولا منعم على الحقيقة ولا محسن إلا الله ، هذه دلالة العقل الصريح والنقل الصحيح ، فلا محبوب في الحقيقة عند ذوي البصائر إلا الله تعالى ،ولامستحق للمحبة كلها سواه . والإنسان بالطبع يحب من أحسن إليه ، ولاطفه وواساه، وانتدب لنصرته وقمع أعدائه ، وأعانه على جميع أغراضه ، وإذا عرف الإنسان حق المعرفة ن علم إن المحسن إليه هو الله سبحانه وتعالى فقط ،وأنواع إحسانه لايحيط بها حصر : "وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَاتُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ" إبراهيم : 34
السبب السابع : وهو أعجبها : انكسار القلب بكليته بين يدي الله تعالى ، وليسفي التعبيرعن المعنى غير الأسماء والعبارات . والانكسار بمعنى الخشوع ، وهو الذل والسكون .قال تعالى : " وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا"يقول الراغب الأصفهاني : " الخشوع : الضراعة ، وأكثر ما يستعملالخشوع فيما يوجد على الجوارح ، والضراعة أكثر ماتستعمل فيما يوجد
في القلب ولذلك قيل إذا ضرع القلب : خشعت جوارحه " .قال ابن القيم : " الحق أن الخشوع معنى يلتئم من التعظيم والمحبة والذل
والانكسار ".
السبب الثامن : الخلوة به وقت النزول الإلهي ، لمناجاته وتلاوة كلامه والوقوف بالقلب والتأدب بأدب العبودية بين يديه ، ثم ختم ذلك بالاستغفاروالتوبة .قالتعالى : (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَرَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ
يُنْفِقُونَ(
يقول الحسن البصري رحمه الله : " لم أجد من العبادة شيئا أشد من الصلاة فيجوف الليل فقيل له : ما بال المجتهدين من أحسن الناس وجوها فقال لأنهم خلوا بالرحمن فألبسهم من نوره " .
السبب التاسع : مجالسة المحبين الصادقين ، والتقاط أطايب ثمرات كلامهم كماينتقى أطايب الثمر ولا تتكلم إلا إذا ترجحت مصلحة الكلام وعلمت أن فيه مزيد لحالك ومنفعة لغيرك .قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال الله عز وجل : وجبت محبيت
للمتحابين فيّ ، ووجبت محبتي للمتجالسين فيّ ، ووجبت محبتي للمتزاورين
فيّ.صححه الألباني مشكاة المصابيح
وقال صلى الله عليه وسلم : " أوثق عرى الإيمان أن تحب في الله وتبغض في الله " السلسلة الصحيحة 728
فمحبة المسلم لأخيه في الله ثمرة لصدق الإيمان وحسن الخلق وهي سياج واقوي حفظ الله به قلب العبد ويشده فيه الإيمان حتى لا يتلفت أو يضعف .
السبب العاشر :مباعدة كل سبب يحول بين القلب وبين الله عز وجل . فالقلب إذا فسد فلن يجد المرء فائدة فيما يصلحه من شؤون دنياه ولن يجد نفعا أو كسبا في أخره قال تعالى : يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ
سَلِيمٍ (89)
ابن القيم الجوزية