دانة
2010-01-07, 07:21 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل هناك تعارض بين قوله تعالى:
"َإِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء "سورة القصص
وبين قوله تعالى:"وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَىصِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ"سورة الشورى
فهو مرة نفى عنه بلاالنافية"لا تهدي" ومرة أثبت له ذلك بلام التوكيد"إِنَّكَ لتهدي" ولايمكن أن يكون النفي والإثبات متعلقين بمعنى واحد في الهداية،بل الهداية لها معنيان: هداية بمعنى الدلالة، وهداية بمعنى المعونة.
أماالتي للرسول صلى الله عليه وسلم فالهداية بمعنى الدلالة
" وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ"
أى تدل الناس وترشدهم على طريق الخير. يسلكونه أو لا يسلكونه، هذا موضوع آخر، يؤمنون به ،أو لايؤمنون به ، هذا موضوع آخر فالذى يؤمن به ، ويقبل على منهج الله فيه ويصدق الله فيه، يكون عمل الله فى أن ييسرعليه الأمر ويعينه ، كما قال تعالى" وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ " سورة محمد
َإِذا فالهداية ترد بمعنين ، بمعنى الدلالة ،وبمعنى الحمل على الخير ، فالتى بمعنى الدلالة فالكل مشترك فيها ، وأما الحمل على الخير، فالذى يقبل على الله مؤمنا به ، ومصدقا لهداه يقول له مادمت آمنت بى وصدقت بى وأقبلت بنفسك على منهجي ، أعينك أنا على ذلك المنهج وأمكنك منه وأريك حلاوته ،فيزيدهم هدى وتقوى . وأما الذى لايقبل هداية الدلالة ، فَإِن محمدا صلى الله عليه وسلم لايستطيع أن يمنحه هداية المعونة، ولو كان أقرب الناس إِليه ، وأحب الخلق إِليه
" إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ" وذلك كالذى حدث مع عمه أبى طالب.
ومما يدل على هذا المعنى من الآيات ، قوله تعالى:" وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ " سورة فصلت
فهديناهم أى دللناهم ، "فاستحبوا العمى على الهدى" أى أنهم قالوا : لا نحن غير مؤمنين بأن هناك ربا ، وليس هناك من توجيه ، فإِذا كانوا غير مؤمنين بأن هناك ربا ، وبأن منه توجيه فكيف يمكنهم من الهداية؟ . لا يمكنهم ، و إِنما يُمَكن من أقبل مؤمنا به ، ومصدقا له ، إِذا فهداية الرسل تأتي بمعنى الدلالة ، والدلالة أنك تهدي إنسانا إِلى شئ ، أى تدله على الخير ، مثلا هناك فرق بين هداية تدل، وهداية تعين وتحمل.
هداية تدل : هذا قدرمشترك حتى مع الكفار كما فى الآية " وأما ثمود فهديناهم " على المعنى العام بعدها قال مباشرة " فاستحبوا العمى على الهدى " فكلمة هديناهم هنا ، أى دللناهم على طريق الخير ، قهل استمعوا أم لم يستمعوا؟ لم يستمعوا ، إِذا فوردت الهداية فى القرآن بمعنى الدلالة على الطريق الموصل للخير" وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ" سورة البلد
" إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا " سورة الإِنسان
ووردت أيضا بمعنى آخر وهو التمكين من فعل الخير والمعونة عليه كيف هذا؟
نقول مثلا: ولله المثل الأعلى - أنا أمضى فى الطريق وأريد أن أذهب إِلى مكان ما ، وأنا لا أعرف الطريق الموصل إِليه ، فجاء رجل المرور ، وقال لى : هذا هو الطريق المؤدى إِلى المكان الذى تريد ، فدلنى على الطريق بكلامه ، إِذا أنا أنصعت له وشكرته ، وبعد ذلك اتجهت لأسير فيه ، فأجده يقول لى : اسمع ، هذا الطريق فيه عقبة كذا ، ويصح أن تعمل كذا ، حتى تنتهى منه ، أى يرشدني إِلى شئ فى الطريق ، والثانية أنه طلب منى أن يذهب معى حتى يخلصنى من هذه العقبة، فإِذا هناك هدايتان ، هداية دلت على الطريق فقط وهداية أعانت على أن تسلك الطريق.
أعان رجل المرور من ؟ الذى انصاع له وآمن بمشورته فى أن الطريق هو هذا ، أما الذى لايأتمر بأمره ويقول له : لا أنت لاتعرف الطريق ، وماذا عرفت أنت عن الطريق ، فالطريق ليس هناك ، أيمكن لجندى المرور ان يعينه عملا بأن يسير معه إِلى أن يدله ؟ بالطبع لا، كذلك - ولله المثل الأعلى - الهداية بالنسبة لله ، الله يهدى الجميع مؤمنا وكافرا ، يهدى بمعنى يدل الجميع على طريق الخير ، وبعد ذلك فالذى يؤمن به إِلها ويستمع إِليه بعد ذلك ، يعينه ويسهل عليه المهمة ، والمعونة لاتأتى إِلا من مقبل على عمل وبعد ذلك تعينه ، أما غير المقبل على عمل فكيف تكون المعونة؟ المعونة لا تأتى لشخص لايعمل ، ثم تجعله يعمل ، لا ،ولكن المعونة أن تجد واحدا مقبلا على عمل ، وبعد ذلك تعينه أنت على العمل .
المصدر
كتاب حقيقة الايمان للدكتور / عمر بن عبدالعزيز قرشي
هل هناك تعارض بين قوله تعالى:
"َإِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء "سورة القصص
وبين قوله تعالى:"وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَىصِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ"سورة الشورى
فهو مرة نفى عنه بلاالنافية"لا تهدي" ومرة أثبت له ذلك بلام التوكيد"إِنَّكَ لتهدي" ولايمكن أن يكون النفي والإثبات متعلقين بمعنى واحد في الهداية،بل الهداية لها معنيان: هداية بمعنى الدلالة، وهداية بمعنى المعونة.
أماالتي للرسول صلى الله عليه وسلم فالهداية بمعنى الدلالة
" وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ"
أى تدل الناس وترشدهم على طريق الخير. يسلكونه أو لا يسلكونه، هذا موضوع آخر، يؤمنون به ،أو لايؤمنون به ، هذا موضوع آخر فالذى يؤمن به ، ويقبل على منهج الله فيه ويصدق الله فيه، يكون عمل الله فى أن ييسرعليه الأمر ويعينه ، كما قال تعالى" وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ " سورة محمد
َإِذا فالهداية ترد بمعنين ، بمعنى الدلالة ،وبمعنى الحمل على الخير ، فالتى بمعنى الدلالة فالكل مشترك فيها ، وأما الحمل على الخير، فالذى يقبل على الله مؤمنا به ، ومصدقا لهداه يقول له مادمت آمنت بى وصدقت بى وأقبلت بنفسك على منهجي ، أعينك أنا على ذلك المنهج وأمكنك منه وأريك حلاوته ،فيزيدهم هدى وتقوى . وأما الذى لايقبل هداية الدلالة ، فَإِن محمدا صلى الله عليه وسلم لايستطيع أن يمنحه هداية المعونة، ولو كان أقرب الناس إِليه ، وأحب الخلق إِليه
" إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ" وذلك كالذى حدث مع عمه أبى طالب.
ومما يدل على هذا المعنى من الآيات ، قوله تعالى:" وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ " سورة فصلت
فهديناهم أى دللناهم ، "فاستحبوا العمى على الهدى" أى أنهم قالوا : لا نحن غير مؤمنين بأن هناك ربا ، وليس هناك من توجيه ، فإِذا كانوا غير مؤمنين بأن هناك ربا ، وبأن منه توجيه فكيف يمكنهم من الهداية؟ . لا يمكنهم ، و إِنما يُمَكن من أقبل مؤمنا به ، ومصدقا له ، إِذا فهداية الرسل تأتي بمعنى الدلالة ، والدلالة أنك تهدي إنسانا إِلى شئ ، أى تدله على الخير ، مثلا هناك فرق بين هداية تدل، وهداية تعين وتحمل.
هداية تدل : هذا قدرمشترك حتى مع الكفار كما فى الآية " وأما ثمود فهديناهم " على المعنى العام بعدها قال مباشرة " فاستحبوا العمى على الهدى " فكلمة هديناهم هنا ، أى دللناهم على طريق الخير ، قهل استمعوا أم لم يستمعوا؟ لم يستمعوا ، إِذا فوردت الهداية فى القرآن بمعنى الدلالة على الطريق الموصل للخير" وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ" سورة البلد
" إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا " سورة الإِنسان
ووردت أيضا بمعنى آخر وهو التمكين من فعل الخير والمعونة عليه كيف هذا؟
نقول مثلا: ولله المثل الأعلى - أنا أمضى فى الطريق وأريد أن أذهب إِلى مكان ما ، وأنا لا أعرف الطريق الموصل إِليه ، فجاء رجل المرور ، وقال لى : هذا هو الطريق المؤدى إِلى المكان الذى تريد ، فدلنى على الطريق بكلامه ، إِذا أنا أنصعت له وشكرته ، وبعد ذلك اتجهت لأسير فيه ، فأجده يقول لى : اسمع ، هذا الطريق فيه عقبة كذا ، ويصح أن تعمل كذا ، حتى تنتهى منه ، أى يرشدني إِلى شئ فى الطريق ، والثانية أنه طلب منى أن يذهب معى حتى يخلصنى من هذه العقبة، فإِذا هناك هدايتان ، هداية دلت على الطريق فقط وهداية أعانت على أن تسلك الطريق.
أعان رجل المرور من ؟ الذى انصاع له وآمن بمشورته فى أن الطريق هو هذا ، أما الذى لايأتمر بأمره ويقول له : لا أنت لاتعرف الطريق ، وماذا عرفت أنت عن الطريق ، فالطريق ليس هناك ، أيمكن لجندى المرور ان يعينه عملا بأن يسير معه إِلى أن يدله ؟ بالطبع لا، كذلك - ولله المثل الأعلى - الهداية بالنسبة لله ، الله يهدى الجميع مؤمنا وكافرا ، يهدى بمعنى يدل الجميع على طريق الخير ، وبعد ذلك فالذى يؤمن به إِلها ويستمع إِليه بعد ذلك ، يعينه ويسهل عليه المهمة ، والمعونة لاتأتى إِلا من مقبل على عمل وبعد ذلك تعينه ، أما غير المقبل على عمل فكيف تكون المعونة؟ المعونة لا تأتى لشخص لايعمل ، ثم تجعله يعمل ، لا ،ولكن المعونة أن تجد واحدا مقبلا على عمل ، وبعد ذلك تعينه أنت على العمل .
المصدر
كتاب حقيقة الايمان للدكتور / عمر بن عبدالعزيز قرشي