way_2_islam
2010-01-07, 10:56 PM
كتبه/ أحمد شكري
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،
جلست مع عشرة من الشباب المقبلين على الخير، والمحبين للطاعة المعمرين لبيوت الله -تعالى-، ووجهت لهم سؤالاً، وقلت لهم: "لا تعجلوا عليَّ في الإجابة. قلت لهم: ما هي أكبر موعظة أثَّرت فيكم؟"
وبعد الاستماع لإجاباتهم، وجدت أن سبعة منهم أجابوا بإجابات متنوعة، ولكنها تدور كلها حول موضوع واحد، وأجاب ثلاثة آخرون بإجابات تدور حول موضوع آخر. وبذلك انحصرت المواعظ التي تؤثر في هؤلاء الشباب في موعظتين فحسب.
قال الأول:
أكبر موعظة تأثرت بها كانت يوم زرت جاري في مرضه، فوجدته يلهث، ولصدره صوت مثل الكركرة أو الحشرجة، كأن رئتيه مملوءتان بالماء، وهو يحرك يديه في الهواء، كأنه يبحث عن ذرة من الهواء فلا يجدها، فلا يزال هذا المنظر في ذهني لا يغيب عني أبداً.
وقال الثاني:
تخرجت من معهد السياحة والفنادق، وبحثت عن عمل في مجالي، فلم أجد، فقلت: هذا من فضل الله عليك، فقال: الحمد لله.
قال: فتعلمت الكتابة على الكمبيوتر، وعملت في مكتب للطباعة، وذات يوم دخل عليَّ شاب ملتحٍ، لحيته خفيفة، وفي جبهته علامة الصلاة واضحة مع صغر سنه، فأقبل عليّ بابتسامة صافية، وأدب جمٍّ، وقال: أريد طباعة هذه الورقة.
فأخذتها، وإذا فيها مقارنة بين الجنة والنار، وكانت هذه هي أول مرة أقرأ مثل هذا الكلام. وأذكر أنه في نهاية هذه الورقة كان مكتوباًُ أن علينا بعد أن نقارن بين الجنة والنار، وأن نتعلم أعمال أهل الجنة وأعمال أهل النار. ومن يومها وأنا أحاول.
وقال الثالث:
كان لي صديق في المرحلة الثانوية، وكان مسرفاً على نفسه في المعاصي، ولكن فجأة مع قدوم رمضان بدأ يحافظ على الصلاة، ويكثر من قراءة القرآن حتى وهو في الفصل.
وكانت إجازة نصف العام بعد رمضان مباشرة، فلما عدنا من الإجازة لم أجده معنا في الفصل، فلما سألت عنه، قالوا: إنه مات. فقلت لنفسي: هذا تاب قبل أن يموت، وأسأل الله أن يقبل توبته، وأن يقبل أعماله الصالحة، وأن يجعله من أهل الجنة، فكيف سيكون حالي أنا لو مت قبل أن أتوب؟!
وقال الرابع:
دخلت مسجداً صغيراً أحضر فيه خطبة الجمعة، فإذا كل من فيه تقريباً يرتدون ثياباً بيضاء فعلمت أنه مسجد للسنيين، فجلست مترقباً، ماذا سيقول هؤلاء، ثم صعد شاب على المنبر، وبدأ الخطبة بشيء عجيب لم أسمعه من قبل، لقد قرأ سورة (ق) كاملة.
ورغم أن صوته لم يكن عذباً بدرجة ملفتة للنظر، إلا أن الملفت للنظر حقاً هو إحساسه بالآيات؛ فقد كانت تخرج من أعماق قبله، خصوصاً حين قرأ قوله -تعالى-: (لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ)(قّ:22)، فقلت لنفسي: هل سأظل على غفلتي هذه حتى أسمع من يوببخني عند موتي بمثل هذا التوبيخ؟!
وقال الخامس:
أكبر موعظة تأثرت بها هي رؤيتي لوالدي -رحمه الله- وهو يحتضر، وكنت معه في المستشفى أنا وإخوتي حوله، وإخوته وأصدقاؤه، والأطباء والممرضات، كل هؤلاء لا يمكلون له شيئاً، ولا يستطيعون فعل شيء، كل هؤلاء يريدون لو اقتطعوا من أعمارهم، وأعطوا له، ولكن....
فقلت: صدق الله إذ يقول: (فَلَوْلا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ . وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ . وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لا تُبْصِرُونَ . فَلَوْلا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ . تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)(الواقعة:83-87).
وقال السادس:
أكبر موعظة تأثرت بها حين أهدى إلي أحد أصدقائي في الجامعة شريط "وفاة الرسول" للداعية محمد حسان.
لم أتمالك عيني من البكاء، وأحسست برقة شديدة في قلبي، وبعدها نشاط كبير في الطاعة والعبادة.
وقال السابع:
كنت في جنازة عمتي، فقالوا: محارمها يحملونها لكي يضعوها في القبر، فأقبلت لأحملها، واضطررت أن أنزل إلى داخل القبر، فأرعبتني الظلمة الشديدة فيه، فقلت لنفسي: هل ستغلق عليها هذا القبر، وتتركها وحدها؟
ثم قلت بعد تدبر: هذا مصيري أنا أيضاً، فماذا أعددت لهذه الظلمة وهذا الوحشة؟!
أعزائي الشباب:
اسمحوا لي أن أرجئ عرض بقية أقوال هؤلاء الشباب لأن الثلاثة الباقين قد تكلموا عن موضوع آخر، وأقف معكم قليلاً.
أحبابي: هل الشباب لا يموتون؟
هل الموت يفرق بين شاب صغير وشيخ كبير؟
هل إذا جاء أجلك سيقول ملك الموت سأمهلك قليلاً لتتمتع من شهوات الدنيا بما تشاء؟، أم هل سيقول سأمهلك قليلاً حتى تحدث توبة وعودة إلى الله -تعالى-؟
هل تريد أن تكون ممن قال الله فيهم: (ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ)(الحجر:3)؟
أم تريد أن تتشبه باليهود الذين قال الله فيهم: (وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ)(البقرة:96)؟
أم تريد أن يقع عليك جزء من الذم الذي ذم الله به المشركين، يقول -تعالى-: (وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلا مَتَاعٌ)(الرعد:26)؟
أم تنتظر حتى تصرخ مع هذا الذي وصفه الله لنا بقوله: (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ)(المؤمنون:100)؟
أحبابي: هل من عودة إلى كتاب الله -تعالى- نتدبره؟ فإنك لا تكاد تقلب ورقة من المصحف إلا وتجد فيها ذكراً لليوم الآخر، أو تذكيراً بشيء من حقائقه.
أحبابي: هل من عودة إلى سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- القائل: (أكثروا ذكر هاذم اللذات الموت)(رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه وصححه الألباني)؟
أحبابي إلى لقاء قريب لنتعرف سوياً على ما قاله بقية هؤلاء الشباب. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،
جلست مع عشرة من الشباب المقبلين على الخير، والمحبين للطاعة المعمرين لبيوت الله -تعالى-، ووجهت لهم سؤالاً، وقلت لهم: "لا تعجلوا عليَّ في الإجابة. قلت لهم: ما هي أكبر موعظة أثَّرت فيكم؟"
وبعد الاستماع لإجاباتهم، وجدت أن سبعة منهم أجابوا بإجابات متنوعة، ولكنها تدور كلها حول موضوع واحد، وأجاب ثلاثة آخرون بإجابات تدور حول موضوع آخر. وبذلك انحصرت المواعظ التي تؤثر في هؤلاء الشباب في موعظتين فحسب.
قال الأول:
أكبر موعظة تأثرت بها كانت يوم زرت جاري في مرضه، فوجدته يلهث، ولصدره صوت مثل الكركرة أو الحشرجة، كأن رئتيه مملوءتان بالماء، وهو يحرك يديه في الهواء، كأنه يبحث عن ذرة من الهواء فلا يجدها، فلا يزال هذا المنظر في ذهني لا يغيب عني أبداً.
وقال الثاني:
تخرجت من معهد السياحة والفنادق، وبحثت عن عمل في مجالي، فلم أجد، فقلت: هذا من فضل الله عليك، فقال: الحمد لله.
قال: فتعلمت الكتابة على الكمبيوتر، وعملت في مكتب للطباعة، وذات يوم دخل عليَّ شاب ملتحٍ، لحيته خفيفة، وفي جبهته علامة الصلاة واضحة مع صغر سنه، فأقبل عليّ بابتسامة صافية، وأدب جمٍّ، وقال: أريد طباعة هذه الورقة.
فأخذتها، وإذا فيها مقارنة بين الجنة والنار، وكانت هذه هي أول مرة أقرأ مثل هذا الكلام. وأذكر أنه في نهاية هذه الورقة كان مكتوباًُ أن علينا بعد أن نقارن بين الجنة والنار، وأن نتعلم أعمال أهل الجنة وأعمال أهل النار. ومن يومها وأنا أحاول.
وقال الثالث:
كان لي صديق في المرحلة الثانوية، وكان مسرفاً على نفسه في المعاصي، ولكن فجأة مع قدوم رمضان بدأ يحافظ على الصلاة، ويكثر من قراءة القرآن حتى وهو في الفصل.
وكانت إجازة نصف العام بعد رمضان مباشرة، فلما عدنا من الإجازة لم أجده معنا في الفصل، فلما سألت عنه، قالوا: إنه مات. فقلت لنفسي: هذا تاب قبل أن يموت، وأسأل الله أن يقبل توبته، وأن يقبل أعماله الصالحة، وأن يجعله من أهل الجنة، فكيف سيكون حالي أنا لو مت قبل أن أتوب؟!
وقال الرابع:
دخلت مسجداً صغيراً أحضر فيه خطبة الجمعة، فإذا كل من فيه تقريباً يرتدون ثياباً بيضاء فعلمت أنه مسجد للسنيين، فجلست مترقباً، ماذا سيقول هؤلاء، ثم صعد شاب على المنبر، وبدأ الخطبة بشيء عجيب لم أسمعه من قبل، لقد قرأ سورة (ق) كاملة.
ورغم أن صوته لم يكن عذباً بدرجة ملفتة للنظر، إلا أن الملفت للنظر حقاً هو إحساسه بالآيات؛ فقد كانت تخرج من أعماق قبله، خصوصاً حين قرأ قوله -تعالى-: (لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ)(قّ:22)، فقلت لنفسي: هل سأظل على غفلتي هذه حتى أسمع من يوببخني عند موتي بمثل هذا التوبيخ؟!
وقال الخامس:
أكبر موعظة تأثرت بها هي رؤيتي لوالدي -رحمه الله- وهو يحتضر، وكنت معه في المستشفى أنا وإخوتي حوله، وإخوته وأصدقاؤه، والأطباء والممرضات، كل هؤلاء لا يمكلون له شيئاً، ولا يستطيعون فعل شيء، كل هؤلاء يريدون لو اقتطعوا من أعمارهم، وأعطوا له، ولكن....
فقلت: صدق الله إذ يقول: (فَلَوْلا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ . وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ . وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لا تُبْصِرُونَ . فَلَوْلا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ . تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)(الواقعة:83-87).
وقال السادس:
أكبر موعظة تأثرت بها حين أهدى إلي أحد أصدقائي في الجامعة شريط "وفاة الرسول" للداعية محمد حسان.
لم أتمالك عيني من البكاء، وأحسست برقة شديدة في قلبي، وبعدها نشاط كبير في الطاعة والعبادة.
وقال السابع:
كنت في جنازة عمتي، فقالوا: محارمها يحملونها لكي يضعوها في القبر، فأقبلت لأحملها، واضطررت أن أنزل إلى داخل القبر، فأرعبتني الظلمة الشديدة فيه، فقلت لنفسي: هل ستغلق عليها هذا القبر، وتتركها وحدها؟
ثم قلت بعد تدبر: هذا مصيري أنا أيضاً، فماذا أعددت لهذه الظلمة وهذا الوحشة؟!
أعزائي الشباب:
اسمحوا لي أن أرجئ عرض بقية أقوال هؤلاء الشباب لأن الثلاثة الباقين قد تكلموا عن موضوع آخر، وأقف معكم قليلاً.
أحبابي: هل الشباب لا يموتون؟
هل الموت يفرق بين شاب صغير وشيخ كبير؟
هل إذا جاء أجلك سيقول ملك الموت سأمهلك قليلاً لتتمتع من شهوات الدنيا بما تشاء؟، أم هل سيقول سأمهلك قليلاً حتى تحدث توبة وعودة إلى الله -تعالى-؟
هل تريد أن تكون ممن قال الله فيهم: (ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ)(الحجر:3)؟
أم تريد أن تتشبه باليهود الذين قال الله فيهم: (وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ)(البقرة:96)؟
أم تريد أن يقع عليك جزء من الذم الذي ذم الله به المشركين، يقول -تعالى-: (وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلا مَتَاعٌ)(الرعد:26)؟
أم تنتظر حتى تصرخ مع هذا الذي وصفه الله لنا بقوله: (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ)(المؤمنون:100)؟
أحبابي: هل من عودة إلى كتاب الله -تعالى- نتدبره؟ فإنك لا تكاد تقلب ورقة من المصحف إلا وتجد فيها ذكراً لليوم الآخر، أو تذكيراً بشيء من حقائقه.
أحبابي: هل من عودة إلى سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- القائل: (أكثروا ذكر هاذم اللذات الموت)(رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه وصححه الألباني)؟
أحبابي إلى لقاء قريب لنتعرف سوياً على ما قاله بقية هؤلاء الشباب. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.