way_2_islam
2010-01-08, 01:39 PM
كتبه/ محمد سرحان
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،
جاء في لسان العرب: الوطن المنزل تقيم به، وهو موطن الإنسان ومحله، وأوطان الغنم والبقر: مرابضها وأماكنها التي تأوي إليها، وَطَنَ بالمكان وأوطن: أقام، وأوطنه اتخذه وطناً، يقال أوطن فلان أرض كذا وكذا أي اتخذها محلاً ومسكناً يقيم فيها.
وطن المؤمن على الأرض:
وطن المسلم في الدنيا حيث مصلحة دينه، وحيث يقيم العبودية لله -تبارك وتعالى-، وحيث يخدم دينه. لقد ولد النبي -صلى الله عليه وسلم- والمهاجرون في مكة في أحب البلاد إلى الله وأقام فيها بعضهم معظم عمره، ولما حاربهم أهلها وخافوا على دينهم ولم تكن أرضاً ممهدة في ذلك الوقت للقيام بالعبودية على الوجه الأكمل، ولما خافوا الفتنة في دينهم تركوها إلى أرض أخرى لم يولدوا فيها ولم تكن يوماً ما قبل ذلك لهم مسكناً ودياراً ليقيموا فيها دينهم ويتعبدوا لربهم فتركوا الغالي والثمين فراراً بدينهم، وإقامة للعبودية، فهاجروا بداية إلى الحبشة ثم إلى المدينة المنورة، ونظر النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى مكة مودعاً فقال (إنك لأحب البلاد إليَّ وأحب البلاد إلى الله ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت)(السيرة لابن كثير، ورواه الإمام أحمد والنسائي بلفظ قريب من هذا وصححه الألباني).
ولقد ترك الصحابة بعد ذلك المدينة ومكة مجاهدين في سبيل الله فمنهم من مات في أفريقيا، ومنهم من مات في أوروبا، ومنهم من مات في آسيا، بعيداً عن الأماكن التي وُلِدوا فيها، فحيثما كانت خدمة الدين ونصرته فثم وطنهم، والرجل الذي قتل مئة نفس ترك أرضه التي ولد فيها وعاش عمره كله فيها إلى أرض أخرى يعبد الله فيها.
وطن المؤمن الحقيقي الدائم:
ووطن المؤمن الذي يجب أن يجتهد ليكون موطنه ومسكنه ومستقره هو الجنة، لأنها دار المقامة الدائمة التي ينعم فيها المؤمن ولا يبأس، ولا تفنى ولا تبيد، ولا ينقص نعيمها وهي الموطن الأول الذي يحن له كل مؤمن، قال ابن القيم:
ولكننا سبي العدو فهل ترى نعود إلى أوطاننا ونَسلَمُ
قال فتح الموصلي "كنا قوماً من أهل الجنة فسبانا إبليس إلى الدنيا فليس لنا إلا الهم والحزن حتى نُرد إلى الدار التي أخرجنا منها". "تفسير ابن كثير".
وقال ابن القيم:
وحـي على جـنات عـدن فإنهــا منازلك الأولـى بهـا كـــنت نــازلاً
ولكن سباك الكاشحون لأجل ذا وقفت على الأطلال تبكي المنازلا
وحي على يوم المزيد بجنة الـ خلود فجـد بالنفس إن كنـت بازلاً
فدعها رسوماً دارسات فما بها مــقيـل وجـاوزهـا فليست منـازلاً
قال الشيخ السعدي -رحمه الله- في قوله تعالى: (وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ)(البقرة: 36)، أي إلى انقضاء آجالكم ثم تنتقلون منها للدار التي خلقتم لها وخلقت لكم، ففيها أن مدة الحياة مؤقتة عارضة ليست مسكناً حقيقياً وإنما هي معبر يتزود منها لتلك الدار". أ. هـ.
فالدنيا ليست دار مقر ولكنها معبر لذا رُوي عن عيسى -عليه السلام- أنه قال: "أعبروها ولا تعمروها" وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (ما لي وللدنيا ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها)، ونصح ابن عمر -وهي نصيحة للأمة- فقال له: (كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل) رواه البخاري، فالمؤمن في الدنيا همه أن يتزود بالحسنات ويجتهد في الطاعات، فيأتمر بأمر الله وينتهي عن نواهي الله، ويقف عند حدوده رجاء أن ينعم الله عليه بالعودة إلى منزله وموطنه الأول: الجنة.
اللهم اجعلنا من أهل الجنة، وصلي اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،
جاء في لسان العرب: الوطن المنزل تقيم به، وهو موطن الإنسان ومحله، وأوطان الغنم والبقر: مرابضها وأماكنها التي تأوي إليها، وَطَنَ بالمكان وأوطن: أقام، وأوطنه اتخذه وطناً، يقال أوطن فلان أرض كذا وكذا أي اتخذها محلاً ومسكناً يقيم فيها.
وطن المؤمن على الأرض:
وطن المسلم في الدنيا حيث مصلحة دينه، وحيث يقيم العبودية لله -تبارك وتعالى-، وحيث يخدم دينه. لقد ولد النبي -صلى الله عليه وسلم- والمهاجرون في مكة في أحب البلاد إلى الله وأقام فيها بعضهم معظم عمره، ولما حاربهم أهلها وخافوا على دينهم ولم تكن أرضاً ممهدة في ذلك الوقت للقيام بالعبودية على الوجه الأكمل، ولما خافوا الفتنة في دينهم تركوها إلى أرض أخرى لم يولدوا فيها ولم تكن يوماً ما قبل ذلك لهم مسكناً ودياراً ليقيموا فيها دينهم ويتعبدوا لربهم فتركوا الغالي والثمين فراراً بدينهم، وإقامة للعبودية، فهاجروا بداية إلى الحبشة ثم إلى المدينة المنورة، ونظر النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى مكة مودعاً فقال (إنك لأحب البلاد إليَّ وأحب البلاد إلى الله ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت)(السيرة لابن كثير، ورواه الإمام أحمد والنسائي بلفظ قريب من هذا وصححه الألباني).
ولقد ترك الصحابة بعد ذلك المدينة ومكة مجاهدين في سبيل الله فمنهم من مات في أفريقيا، ومنهم من مات في أوروبا، ومنهم من مات في آسيا، بعيداً عن الأماكن التي وُلِدوا فيها، فحيثما كانت خدمة الدين ونصرته فثم وطنهم، والرجل الذي قتل مئة نفس ترك أرضه التي ولد فيها وعاش عمره كله فيها إلى أرض أخرى يعبد الله فيها.
وطن المؤمن الحقيقي الدائم:
ووطن المؤمن الذي يجب أن يجتهد ليكون موطنه ومسكنه ومستقره هو الجنة، لأنها دار المقامة الدائمة التي ينعم فيها المؤمن ولا يبأس، ولا تفنى ولا تبيد، ولا ينقص نعيمها وهي الموطن الأول الذي يحن له كل مؤمن، قال ابن القيم:
ولكننا سبي العدو فهل ترى نعود إلى أوطاننا ونَسلَمُ
قال فتح الموصلي "كنا قوماً من أهل الجنة فسبانا إبليس إلى الدنيا فليس لنا إلا الهم والحزن حتى نُرد إلى الدار التي أخرجنا منها". "تفسير ابن كثير".
وقال ابن القيم:
وحـي على جـنات عـدن فإنهــا منازلك الأولـى بهـا كـــنت نــازلاً
ولكن سباك الكاشحون لأجل ذا وقفت على الأطلال تبكي المنازلا
وحي على يوم المزيد بجنة الـ خلود فجـد بالنفس إن كنـت بازلاً
فدعها رسوماً دارسات فما بها مــقيـل وجـاوزهـا فليست منـازلاً
قال الشيخ السعدي -رحمه الله- في قوله تعالى: (وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ)(البقرة: 36)، أي إلى انقضاء آجالكم ثم تنتقلون منها للدار التي خلقتم لها وخلقت لكم، ففيها أن مدة الحياة مؤقتة عارضة ليست مسكناً حقيقياً وإنما هي معبر يتزود منها لتلك الدار". أ. هـ.
فالدنيا ليست دار مقر ولكنها معبر لذا رُوي عن عيسى -عليه السلام- أنه قال: "أعبروها ولا تعمروها" وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (ما لي وللدنيا ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها)، ونصح ابن عمر -وهي نصيحة للأمة- فقال له: (كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل) رواه البخاري، فالمؤمن في الدنيا همه أن يتزود بالحسنات ويجتهد في الطاعات، فيأتمر بأمر الله وينتهي عن نواهي الله، ويقف عند حدوده رجاء أن ينعم الله عليه بالعودة إلى منزله وموطنه الأول: الجنة.
اللهم اجعلنا من أهل الجنة، وصلي اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.