السعيد شويل
2019-08-22, 02:47 PM
بلاغ الرسالة إلى اليهود والنصارى
************************************************** ***
...............................
أهل الكتاب من اليهود والنصارى كانوا ينتظرون مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم ويترقبون مبعثه ..
كانوا يعلمون ويعرفون صفة ونعت رسول الله كما يعرفون أبناءهم وأولادهم فلقد أنزلها الله فى كتبهم ..
{ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ }
كانوا يعلمون أن الدين الجديد الذى سوف يأتى به سيضع عنهم إصرهم ويحررهم من الأغلال التى كانت عليهم والتى نزلت
فى شريعتهم وسوف يحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث مثل قتل النفس لقبول التوبة وتحريم أكل كل ذى ظفر من الطير والأنعام
وغير ذلك من التعاليم والأحكام ..
{ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ
وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِم }
كانوا يستفتحون برسول الله على أهل الكفر والضلال ويخبرونهم بأن الزمان قد حان لمبعث النبى الأمى العربى من أم القرى مكة
وأنه سوف يكون مؤيدهم وناصرهم عليهم .. وحين بعثه الله تجاهلوه وتجاهلوا علمهم ومعرفتهم به ..
{ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَاءهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ }
يقول ابن هشام فى كتابه " السيرة النبوية " :
( قال ابن اسحق وحدثنى عاصم بن عمرو بن قتادة الأنصارى عن رجال من قومه كنا أهل شرك وأصحاب أوثان
وكانوا أهل كتاب عندهم علم ليس لنا فإن نلنا منهم ما يكرهون قالوا لنا لقد تقارب زمان النبى الذى سيبعثه الله فينا
وسوف نقتلكم قتل عاد وإرم فلما بُعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعانا إلى الله أجبنا وآمنا به وكفروا هم به ) ..
.......
دعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإيمان والتصديق بما أنزل الله عليه فى القرآن ..
دعاهم بالرفق واللين والحجة والمحجة وبالحكمة والموعظة الحسنة ..
نهاهم عن غلوهم وما ابتدعوه فى دينهم وحذرهم من اتباع أهوائهم وما ألِفوه وورثوه عن آبائهم من كفر وضلال ..
{ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعُواْ أَهْوَاء قَوْمٍ قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيراً }
أخبرهم أنه بشيرهم ونذيرهم وأنه لاحجة لهم يحتجون بها أمام الله فيزعمون أو يدعون بأنهم لم يأتهم بشير أو نذير..
كشف لهم ما بدلوه وحرفوه فى صحفهم وكتبهم وما نبذوه منها وراء ظهورهم .. وما كتموه وأخفوه من صفته ونعته..
{ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ }
بيّن لهم أن القرآن قد أنزله الله عليه مصدقاً لما معهم ومهيمناً على كل ما نزل إليهم فى الصحف والتوراة والإنجيل ..
وأخبرهم أنهم هم أول من يقوم بدعوتهم ونذارتهم من اليهود والنصارى إلى الإيمان واتباع دين الإسلام
وحثهم ألا يكونوا من أول الكافرين به من قوم بنى إسرائيل ( فيضلوا ويُضلوا من يأتى بعدهم ممن لاعقل لهم ولا بصيرة ) ..
{ وَآمِنُواْ بِمَا أَنزَلْتُ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ وَلاَ تَكُونُواْ أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ }
.......
آمن من القوم : من كانوا على ملة التوحيد والإيمان .. ومن كان لهم عقول وقلوب وأعين وآذان ..
استبان لهم رشدهم وأبصر قصدهم فآمنوا بوحدانية الله وصدّقوا برسول الله وبما أنزل الله عليه فى القرآن ..
وهؤلاء هم الأنصار والصحابة الأخيار والصدر الأول فى الإسلام رضى الله عنهم وأرضاهم أجمعين ..
{ وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ }
وعبر مختلف العصور والأزمان فقد سلك ويسلك سبيلهم من فقِهوا بعقولهم وخشعت قلوبهم ونفذت بصيرتهم ..
هؤلاء أبصروا وتبصروا وتفكروا وتدبروا فهداهم الله وآمنوا بدين الله وصدّقوا برسول الله وبما أنزل الله عليه ..
{ وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَن يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلّهِ }
الغالب منهم سوف يكون من النصارى . لأن اليهود قالوا بأن قلوبهم مغلقةٌ ومقفلةٌ عن الإيمان .. ولذا : لن يؤمن منهم إلا النادر والقليل ..
{ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً }
.......
وكفر من القوم : من قست قلوبهم وعمت أبصارهم واستحوذ عليهم الشيطان ..
تجاهلوا علمهم ومعرفتهم برسول الله صلى الله عليه وسلم وسألوه أن يأتهم بكتاب يدل على أنه نبى ورسول ..
{ يَسْألكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَاباً مِّنَ السَّمَاءِ }
زعموا أن الله قد أوصاهم وأخذ العهد عليهم بألا يؤمنوا بنبى أو رسول إلا بعد أن يأتيهم بقربان من السماء ..
{ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلاَّ نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّىَ يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ }
...
وبدون حجة أو دليل أو برهان زعمواأن الهداية فى دينهم وليست فى دين الإسلام ..
{وَقَالُواْ كُونُواْ هُوداً أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُواْ }
وبأمانيهم وأمنياتهم .. قالوا بأن الجنة قاصرة عليهم ولن يدخلها إلا اليهود والنصارى ..
وتوهموا أنهم قد اتخذوا عهداً على الله .. وأن الله قد تعهد لهم بأن النار لن تمسهم إلا أياماً قليلة ومعدودة ..
{ وَقَالُواْ لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَةً . قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِندَ اللّهِ عَهْداً فَلَن يُخْلِفَ اللّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ }
{ وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ . قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ }
.......
ولقد جاءوا بشىء إداً واتخذوا لله ولدا .. قالت اليهود عزير بن الله . وأن يد الله مغلولة . وأن الله فقيرٌ وهم أغنياء .
وزعموا أنهم أحباء وأبناء لله وأن الله اختصهم وقال لهم " أنتم أولاد للرب إلهكم " ..
وقالت النصارى المسيح بن الله . وقالوا إن الله هو المسيح ابن مريم . وقالوا إن الله ثالث ثلاثة : الإله الأب هو الله .
والإله الإبن هو المسيح . والروح القدس هى التى حلّت بالسيدة مريم ( الإله والإبن والروح القدس ) ..
{ وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ }
قالوا ماقالوا ( وما يقولون به ) إفكاً وزورا فاقترفوا ويقترفون إثماً وحوباً كبيرا ..
إفك وافتراء وكذب واجتراء على رب الأرض والسماء .. ساء ما يحكمون وتعالى الله عما به يصفون ..
كادت السماوات والأرض والجبال أن يتفطرن ويتشققن ويخرّون هداًمن إفكهم وبهتان أقوالهم وافترائهم على الله ..
{ لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَآلُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ } . { لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ }
{ تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّاً أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَداً وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَداً }
.......
أخبرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله واحدٌ أحد سبحانه أن يكون له شريك أو ولد ..
أنّى يكون لله ولد ولم تكن له صاحبة .. وكيف يكون لله ولد وهو رب كل شىء وفاطره ورب كل خلق وبارئه ..
وأنّى يكون لله ولد وهو القاهر لمخلوقاته ولكل ما فى أرضه وسماواته . وما من ذرة فى الأرض أو السماء إلا ويعلمها الله
وما من شىء إلا وقد خلقه الله وما من شىء إلا ويسبح بحمد الله ..
{ بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }
{ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ }
أخبرهم بأنْ لو كان لله ولد لكان له من أول العابدين . وأنْ لو أراد الله أن يصطفى ولداً من خلقه وعبيده لاصطفاه
فهو الإله كل شىء يرجع إلى إرادته وكل ما فى الكون خاضع لمشيئته ..
{ قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَٰنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ }
{ لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لَّاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ }
.......
بين للنصارى أن المسيح عيسى بن مريم نبى ورسول من الله وبشر مثلنا خلقه الله كما خلق أبينا آدم عليه السلام ..
فلقد خلق الله سيدنا آدم من التراب والطين ولم يكن شيئاً مذكورا .. وكذلك خلَق الله سيدنا عيسى عليه السلام ..
{ إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ }
وقال لليهود بأن لو كانوا صادقين فى زعمهم وادعائهم بأن الله قد اختصهم وقال لهم : " أنتم أولاد للرب إلهكم " ..
فليتمنواْ الموت للقاء الله ( ولم ولن يتمنوْه أبدا ) ..
{ قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِن زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاء لِلَّهِ مِن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً }
وكشف لهم ماكان من إفكهم وافترائهم واجترائهم على الله وماكان من جحودهم وقسوة قلوبهم
لنبيهم موسى وهارون عليهما السلام وما كان من تكذيبهم وقتلهم للرسل والأنبياء التى بعثها الله وأرسلها لهم ..
{ وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ }
{ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء سَنَكْتُبُ مَا قَالُواْ وَقَتْلَهُمُ الأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ }
أخبرهم بأنهم هم من رموا السيدة مريم بالإفك والباطل والبهتان . وهم من كذبوا رسالة المسيح عيسى عليه السلام ..
وهم من عقدوا العزم والنية على قتله وصلبه .. وهم من أدخلوا الشك والريبة فى قلوب أتباعه وأنصاره من الحواريين
وهم من دأبوا على تشكيكهم فى إيمانهم وفى يقينهم بأن الله قد طهر نبيه ونجّاه من شرهم وكيدهم ورفعه من بينهم إلى السماء ..
وهم من زعموا للحواريين بأن رب العالمين نزل إليهم وأنزل ابنه المسيح لكى يقتل ويصلب فداء منه للتكفير عن خطيئة أبينا آدم وخطايا البشرية ..
.......
لم يفقهوا أو يعقلوا .. وحاجّوا رسول الله وجادلوه فى الرسل والأنبياء .. وكأنهم يعلمون مالا يعلمه الله ..
قالوا عن سيدنا إبراهيم عليه السلام بأنه كان يهودياً وقالوا عنه بأنه كان نصرانياً ..
وقالوا بأن سيدنا إبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب والأسباط كانوا يهوداً وقالوا بأنهم كانوا نصارى ..
بجهلهم وضيق أفق عقولهم .. لم يدركوا أن اليهودية والنصرانية لم تنزل إلا من بعد سيدنا إبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب عليهم السلام ..
وبعمههم وبلادة أذهانهم .. لم يعوا بأن سيدنا يعقوب " إسرائيل " هو أبيهم وأنهم هم نسله وذريته " بنى إسرائيل " ..
{ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَآجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنزِلَتِ التَّورَاةُ وَالإنجِيلُ إِلاَّ مِن بَعْدِهِ . أَفَلاَ تَعْقِلُونَ }
{ أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطَ كَانُواْ هُوداً أَوْ نَصَارَى . قُلْ أَأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللّهُ }
.......
زعموا أنهم يتبعوهم .. وهم من جحدوهم وجحدوا وصاياهم إليهم بأن يعبدوا الله ولا يشركوا به وألايموتوا إلا وهم مسلمون ..
يحاجون ويجادلون فيهم وهم من حادوا ومالوا عن ملتهم ملة التوحيد والإيمان ..
{ وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ
قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـهَكَ وَإِلَـهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَـهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ }
.......
ادّعوا أنهم يتمسكون بما فى التوراة والإنجيل .. فأخبرهم رسول الله بأنهم ليسواْ على شىءٍ مما يتمسكون به ..
فهم من خالفوا الصحف والألواح والتوراة وهم من حرفوها ولم يبينوها وهم من كتموا الحق فيها وهم يعلمون ..
وهم من كذبوا وخالفوا ما أنزل الله فى الإنجيل من تعاليم وأحكام ومن حكمة وموعظة وبيان ..
{ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّىَ تُقِيمُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ }
{وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً }
.......
حثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى النظر والتأمل فى الخلق والتفكر والتدبر فى الكون ليرواْ آيات الله ومعجزاته فى أرضه وسماواته
وليروا بديع صنع الله وصنعته فيؤمنوا ويوقنوا بوحدانيته ..
{ قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ } . { قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ }
زاغوا فأزاغ الله قلوبهم .. لم ولن تغنهم النذر أو الآيات .. ولن يؤمنوا ويوقنوا حتى يرواْ العذاب الأليم..
لم يدركوا أنهم عبيدٌ لله وضاهوا الكفار فى كفرهم وشركهم ..
ارتضوا بالعبودية لأحبارهم ورهبانهم واتخذوهم أرباباً من دون الله .. فاستعبدوهم باسم الدين وبدعوى التفويض الإلهى
وأعطوا لأنفسهم الحق فى منحهم " صكوك الغفران " فى دخولهم الجنة أو النجاة من النار ..
حذرهم رسول الله من عبادة أو تقديس أو الخضوع لأحدٍ غير الله وحذرهم من تأليه الطواغيت والطغاة ..
بين لهم أن العبادة والتقديس لايكون إلا لله فقد خلق الله الخلق جميعهم متساوين لاطبقية ولا تمييز أو فرق بينهم ولا فضل
لأحدٍ منهم على الآخر إلا بتقوى الله ( وبذلك يشعر كل إنسان بعزته وبحريته وكرامته )..
{ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ }
.......
حشدوا جهودهم وطاقاتهم وبذلوا مساعيهم وسعيهم لإطفاء نور دين الله .. يريدونها عوجاً فى الأرض وفساداً ..
أخبرهم رسول الله بأن الله شهيدٌ عليهم وليس بغافلٍ عنهم وسوف ينبئهم بأقوالهم وأعمالهم وبظلمهم وطغيانهم ..
{ هَذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِّ . إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }
{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجاً وَأَنتُمْ شُهَدَاءوَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ }
كشف لهم رسول الله بأن دين الإسلام قد أظهر خفاياهم وخفايا قلوبهم وأن أكثرهم ضالين فاسقين وأن بغضهم ونقمتهم على الإسلام والمسلمين
ماهو إلا لإيماننا بديننا ودينهم وإيماننا بما أنزل الله إلينا فى كتابه الكريم وبما أنزل إليهم فى التوراة والإنجيل " دون إخفاء أو تحريف أو تبديل " ..
{ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنقِمُونَ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ }
.......
ظلوا فى الغى يعمهون ومازالوا فى الضلال غارقون ..
جحدوا الدين الذى ارتضاه الله لهم .. جحدوه كفراً وحسداً أو ظلماً وبغياً فشقوا شقاوةً لن يسعدوا بعدها أبدا ..
وأبناؤهم هرعوا على آثارهم دون أن يتفكروا ويتدبروا إن كان آباؤهم يعقلون أو يجهلون ومهتدين أو غير مهتدين ..
وأحبارهم ورهبانهم ملأوا قلوبهم بالحقد على الإسلام والمسلمين .. فورِثوا ماورثوه منهم وأورثوه لمن بعدهم ..
...
وإنه لمن نِعم الله على خلقه وسِعة رحمته وفضله .. أنْ قضى بإمهالهم وتأخير عذابهم إلى يوم القيامة ..
شأنهم كشأن الكفار والمشركين .. لم يعاجلهم الله بعذابه وعقابه كما عاجل من كانوا قبلهم ..
أفسح الله لهم العمر وأمده وأمهلهم حتى احتضارهم لعلّهم يفقهوا ويعقلوا ويتوبوا ويستغفروا ويؤمنوا بدين الله ..
{ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءكُمُ النَّذِيرُ }
أمامهم وبين أيديهم كتاب الله جعله الله بشيراً ونذيراً لهم ولكل من خلقهم الله ويخلقهم فى هذه الحياة ..
أوضح الله فيه البيان وأبان الله لهم فيه معالم الحق والإيمان التى تهديهم إلى متبوأ الأبرار وطريق الباطل الذى يودى بهم ويسوقهم إلى جحيم النار ..
فما الذى يمنعهم من المغفرة والإيمان .. وما الذى يحجبهم عن اتباع دين الإسلام ..
................................
************************************************** ***
سعيد شويل
************************************************** ***
...............................
أهل الكتاب من اليهود والنصارى كانوا ينتظرون مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم ويترقبون مبعثه ..
كانوا يعلمون ويعرفون صفة ونعت رسول الله كما يعرفون أبناءهم وأولادهم فلقد أنزلها الله فى كتبهم ..
{ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ }
كانوا يعلمون أن الدين الجديد الذى سوف يأتى به سيضع عنهم إصرهم ويحررهم من الأغلال التى كانت عليهم والتى نزلت
فى شريعتهم وسوف يحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث مثل قتل النفس لقبول التوبة وتحريم أكل كل ذى ظفر من الطير والأنعام
وغير ذلك من التعاليم والأحكام ..
{ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ
وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِم }
كانوا يستفتحون برسول الله على أهل الكفر والضلال ويخبرونهم بأن الزمان قد حان لمبعث النبى الأمى العربى من أم القرى مكة
وأنه سوف يكون مؤيدهم وناصرهم عليهم .. وحين بعثه الله تجاهلوه وتجاهلوا علمهم ومعرفتهم به ..
{ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَاءهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ }
يقول ابن هشام فى كتابه " السيرة النبوية " :
( قال ابن اسحق وحدثنى عاصم بن عمرو بن قتادة الأنصارى عن رجال من قومه كنا أهل شرك وأصحاب أوثان
وكانوا أهل كتاب عندهم علم ليس لنا فإن نلنا منهم ما يكرهون قالوا لنا لقد تقارب زمان النبى الذى سيبعثه الله فينا
وسوف نقتلكم قتل عاد وإرم فلما بُعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعانا إلى الله أجبنا وآمنا به وكفروا هم به ) ..
.......
دعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإيمان والتصديق بما أنزل الله عليه فى القرآن ..
دعاهم بالرفق واللين والحجة والمحجة وبالحكمة والموعظة الحسنة ..
نهاهم عن غلوهم وما ابتدعوه فى دينهم وحذرهم من اتباع أهوائهم وما ألِفوه وورثوه عن آبائهم من كفر وضلال ..
{ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعُواْ أَهْوَاء قَوْمٍ قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيراً }
أخبرهم أنه بشيرهم ونذيرهم وأنه لاحجة لهم يحتجون بها أمام الله فيزعمون أو يدعون بأنهم لم يأتهم بشير أو نذير..
كشف لهم ما بدلوه وحرفوه فى صحفهم وكتبهم وما نبذوه منها وراء ظهورهم .. وما كتموه وأخفوه من صفته ونعته..
{ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ }
بيّن لهم أن القرآن قد أنزله الله عليه مصدقاً لما معهم ومهيمناً على كل ما نزل إليهم فى الصحف والتوراة والإنجيل ..
وأخبرهم أنهم هم أول من يقوم بدعوتهم ونذارتهم من اليهود والنصارى إلى الإيمان واتباع دين الإسلام
وحثهم ألا يكونوا من أول الكافرين به من قوم بنى إسرائيل ( فيضلوا ويُضلوا من يأتى بعدهم ممن لاعقل لهم ولا بصيرة ) ..
{ وَآمِنُواْ بِمَا أَنزَلْتُ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ وَلاَ تَكُونُواْ أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ }
.......
آمن من القوم : من كانوا على ملة التوحيد والإيمان .. ومن كان لهم عقول وقلوب وأعين وآذان ..
استبان لهم رشدهم وأبصر قصدهم فآمنوا بوحدانية الله وصدّقوا برسول الله وبما أنزل الله عليه فى القرآن ..
وهؤلاء هم الأنصار والصحابة الأخيار والصدر الأول فى الإسلام رضى الله عنهم وأرضاهم أجمعين ..
{ وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ }
وعبر مختلف العصور والأزمان فقد سلك ويسلك سبيلهم من فقِهوا بعقولهم وخشعت قلوبهم ونفذت بصيرتهم ..
هؤلاء أبصروا وتبصروا وتفكروا وتدبروا فهداهم الله وآمنوا بدين الله وصدّقوا برسول الله وبما أنزل الله عليه ..
{ وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَن يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلّهِ }
الغالب منهم سوف يكون من النصارى . لأن اليهود قالوا بأن قلوبهم مغلقةٌ ومقفلةٌ عن الإيمان .. ولذا : لن يؤمن منهم إلا النادر والقليل ..
{ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً }
.......
وكفر من القوم : من قست قلوبهم وعمت أبصارهم واستحوذ عليهم الشيطان ..
تجاهلوا علمهم ومعرفتهم برسول الله صلى الله عليه وسلم وسألوه أن يأتهم بكتاب يدل على أنه نبى ورسول ..
{ يَسْألكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَاباً مِّنَ السَّمَاءِ }
زعموا أن الله قد أوصاهم وأخذ العهد عليهم بألا يؤمنوا بنبى أو رسول إلا بعد أن يأتيهم بقربان من السماء ..
{ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلاَّ نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّىَ يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ }
...
وبدون حجة أو دليل أو برهان زعمواأن الهداية فى دينهم وليست فى دين الإسلام ..
{وَقَالُواْ كُونُواْ هُوداً أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُواْ }
وبأمانيهم وأمنياتهم .. قالوا بأن الجنة قاصرة عليهم ولن يدخلها إلا اليهود والنصارى ..
وتوهموا أنهم قد اتخذوا عهداً على الله .. وأن الله قد تعهد لهم بأن النار لن تمسهم إلا أياماً قليلة ومعدودة ..
{ وَقَالُواْ لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَةً . قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِندَ اللّهِ عَهْداً فَلَن يُخْلِفَ اللّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ }
{ وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ . قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ }
.......
ولقد جاءوا بشىء إداً واتخذوا لله ولدا .. قالت اليهود عزير بن الله . وأن يد الله مغلولة . وأن الله فقيرٌ وهم أغنياء .
وزعموا أنهم أحباء وأبناء لله وأن الله اختصهم وقال لهم " أنتم أولاد للرب إلهكم " ..
وقالت النصارى المسيح بن الله . وقالوا إن الله هو المسيح ابن مريم . وقالوا إن الله ثالث ثلاثة : الإله الأب هو الله .
والإله الإبن هو المسيح . والروح القدس هى التى حلّت بالسيدة مريم ( الإله والإبن والروح القدس ) ..
{ وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ }
قالوا ماقالوا ( وما يقولون به ) إفكاً وزورا فاقترفوا ويقترفون إثماً وحوباً كبيرا ..
إفك وافتراء وكذب واجتراء على رب الأرض والسماء .. ساء ما يحكمون وتعالى الله عما به يصفون ..
كادت السماوات والأرض والجبال أن يتفطرن ويتشققن ويخرّون هداًمن إفكهم وبهتان أقوالهم وافترائهم على الله ..
{ لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَآلُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ } . { لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ }
{ تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّاً أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَداً وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَداً }
.......
أخبرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله واحدٌ أحد سبحانه أن يكون له شريك أو ولد ..
أنّى يكون لله ولد ولم تكن له صاحبة .. وكيف يكون لله ولد وهو رب كل شىء وفاطره ورب كل خلق وبارئه ..
وأنّى يكون لله ولد وهو القاهر لمخلوقاته ولكل ما فى أرضه وسماواته . وما من ذرة فى الأرض أو السماء إلا ويعلمها الله
وما من شىء إلا وقد خلقه الله وما من شىء إلا ويسبح بحمد الله ..
{ بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }
{ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ }
أخبرهم بأنْ لو كان لله ولد لكان له من أول العابدين . وأنْ لو أراد الله أن يصطفى ولداً من خلقه وعبيده لاصطفاه
فهو الإله كل شىء يرجع إلى إرادته وكل ما فى الكون خاضع لمشيئته ..
{ قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَٰنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ }
{ لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لَّاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ }
.......
بين للنصارى أن المسيح عيسى بن مريم نبى ورسول من الله وبشر مثلنا خلقه الله كما خلق أبينا آدم عليه السلام ..
فلقد خلق الله سيدنا آدم من التراب والطين ولم يكن شيئاً مذكورا .. وكذلك خلَق الله سيدنا عيسى عليه السلام ..
{ إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ }
وقال لليهود بأن لو كانوا صادقين فى زعمهم وادعائهم بأن الله قد اختصهم وقال لهم : " أنتم أولاد للرب إلهكم " ..
فليتمنواْ الموت للقاء الله ( ولم ولن يتمنوْه أبدا ) ..
{ قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِن زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاء لِلَّهِ مِن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً }
وكشف لهم ماكان من إفكهم وافترائهم واجترائهم على الله وماكان من جحودهم وقسوة قلوبهم
لنبيهم موسى وهارون عليهما السلام وما كان من تكذيبهم وقتلهم للرسل والأنبياء التى بعثها الله وأرسلها لهم ..
{ وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ }
{ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء سَنَكْتُبُ مَا قَالُواْ وَقَتْلَهُمُ الأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ }
أخبرهم بأنهم هم من رموا السيدة مريم بالإفك والباطل والبهتان . وهم من كذبوا رسالة المسيح عيسى عليه السلام ..
وهم من عقدوا العزم والنية على قتله وصلبه .. وهم من أدخلوا الشك والريبة فى قلوب أتباعه وأنصاره من الحواريين
وهم من دأبوا على تشكيكهم فى إيمانهم وفى يقينهم بأن الله قد طهر نبيه ونجّاه من شرهم وكيدهم ورفعه من بينهم إلى السماء ..
وهم من زعموا للحواريين بأن رب العالمين نزل إليهم وأنزل ابنه المسيح لكى يقتل ويصلب فداء منه للتكفير عن خطيئة أبينا آدم وخطايا البشرية ..
.......
لم يفقهوا أو يعقلوا .. وحاجّوا رسول الله وجادلوه فى الرسل والأنبياء .. وكأنهم يعلمون مالا يعلمه الله ..
قالوا عن سيدنا إبراهيم عليه السلام بأنه كان يهودياً وقالوا عنه بأنه كان نصرانياً ..
وقالوا بأن سيدنا إبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب والأسباط كانوا يهوداً وقالوا بأنهم كانوا نصارى ..
بجهلهم وضيق أفق عقولهم .. لم يدركوا أن اليهودية والنصرانية لم تنزل إلا من بعد سيدنا إبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب عليهم السلام ..
وبعمههم وبلادة أذهانهم .. لم يعوا بأن سيدنا يعقوب " إسرائيل " هو أبيهم وأنهم هم نسله وذريته " بنى إسرائيل " ..
{ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَآجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنزِلَتِ التَّورَاةُ وَالإنجِيلُ إِلاَّ مِن بَعْدِهِ . أَفَلاَ تَعْقِلُونَ }
{ أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطَ كَانُواْ هُوداً أَوْ نَصَارَى . قُلْ أَأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللّهُ }
.......
زعموا أنهم يتبعوهم .. وهم من جحدوهم وجحدوا وصاياهم إليهم بأن يعبدوا الله ولا يشركوا به وألايموتوا إلا وهم مسلمون ..
يحاجون ويجادلون فيهم وهم من حادوا ومالوا عن ملتهم ملة التوحيد والإيمان ..
{ وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ
قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـهَكَ وَإِلَـهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَـهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ }
.......
ادّعوا أنهم يتمسكون بما فى التوراة والإنجيل .. فأخبرهم رسول الله بأنهم ليسواْ على شىءٍ مما يتمسكون به ..
فهم من خالفوا الصحف والألواح والتوراة وهم من حرفوها ولم يبينوها وهم من كتموا الحق فيها وهم يعلمون ..
وهم من كذبوا وخالفوا ما أنزل الله فى الإنجيل من تعاليم وأحكام ومن حكمة وموعظة وبيان ..
{ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّىَ تُقِيمُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ }
{وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً }
.......
حثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى النظر والتأمل فى الخلق والتفكر والتدبر فى الكون ليرواْ آيات الله ومعجزاته فى أرضه وسماواته
وليروا بديع صنع الله وصنعته فيؤمنوا ويوقنوا بوحدانيته ..
{ قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ } . { قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ }
زاغوا فأزاغ الله قلوبهم .. لم ولن تغنهم النذر أو الآيات .. ولن يؤمنوا ويوقنوا حتى يرواْ العذاب الأليم..
لم يدركوا أنهم عبيدٌ لله وضاهوا الكفار فى كفرهم وشركهم ..
ارتضوا بالعبودية لأحبارهم ورهبانهم واتخذوهم أرباباً من دون الله .. فاستعبدوهم باسم الدين وبدعوى التفويض الإلهى
وأعطوا لأنفسهم الحق فى منحهم " صكوك الغفران " فى دخولهم الجنة أو النجاة من النار ..
حذرهم رسول الله من عبادة أو تقديس أو الخضوع لأحدٍ غير الله وحذرهم من تأليه الطواغيت والطغاة ..
بين لهم أن العبادة والتقديس لايكون إلا لله فقد خلق الله الخلق جميعهم متساوين لاطبقية ولا تمييز أو فرق بينهم ولا فضل
لأحدٍ منهم على الآخر إلا بتقوى الله ( وبذلك يشعر كل إنسان بعزته وبحريته وكرامته )..
{ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ }
.......
حشدوا جهودهم وطاقاتهم وبذلوا مساعيهم وسعيهم لإطفاء نور دين الله .. يريدونها عوجاً فى الأرض وفساداً ..
أخبرهم رسول الله بأن الله شهيدٌ عليهم وليس بغافلٍ عنهم وسوف ينبئهم بأقوالهم وأعمالهم وبظلمهم وطغيانهم ..
{ هَذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِّ . إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }
{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجاً وَأَنتُمْ شُهَدَاءوَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ }
كشف لهم رسول الله بأن دين الإسلام قد أظهر خفاياهم وخفايا قلوبهم وأن أكثرهم ضالين فاسقين وأن بغضهم ونقمتهم على الإسلام والمسلمين
ماهو إلا لإيماننا بديننا ودينهم وإيماننا بما أنزل الله إلينا فى كتابه الكريم وبما أنزل إليهم فى التوراة والإنجيل " دون إخفاء أو تحريف أو تبديل " ..
{ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنقِمُونَ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ }
.......
ظلوا فى الغى يعمهون ومازالوا فى الضلال غارقون ..
جحدوا الدين الذى ارتضاه الله لهم .. جحدوه كفراً وحسداً أو ظلماً وبغياً فشقوا شقاوةً لن يسعدوا بعدها أبدا ..
وأبناؤهم هرعوا على آثارهم دون أن يتفكروا ويتدبروا إن كان آباؤهم يعقلون أو يجهلون ومهتدين أو غير مهتدين ..
وأحبارهم ورهبانهم ملأوا قلوبهم بالحقد على الإسلام والمسلمين .. فورِثوا ماورثوه منهم وأورثوه لمن بعدهم ..
...
وإنه لمن نِعم الله على خلقه وسِعة رحمته وفضله .. أنْ قضى بإمهالهم وتأخير عذابهم إلى يوم القيامة ..
شأنهم كشأن الكفار والمشركين .. لم يعاجلهم الله بعذابه وعقابه كما عاجل من كانوا قبلهم ..
أفسح الله لهم العمر وأمده وأمهلهم حتى احتضارهم لعلّهم يفقهوا ويعقلوا ويتوبوا ويستغفروا ويؤمنوا بدين الله ..
{ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءكُمُ النَّذِيرُ }
أمامهم وبين أيديهم كتاب الله جعله الله بشيراً ونذيراً لهم ولكل من خلقهم الله ويخلقهم فى هذه الحياة ..
أوضح الله فيه البيان وأبان الله لهم فيه معالم الحق والإيمان التى تهديهم إلى متبوأ الأبرار وطريق الباطل الذى يودى بهم ويسوقهم إلى جحيم النار ..
فما الذى يمنعهم من المغفرة والإيمان .. وما الذى يحجبهم عن اتباع دين الإسلام ..
................................
************************************************** ***
سعيد شويل