ساجدة لله
2010-03-16, 04:18 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يستدل المسيحيون بما اقتبسه متى في الإصحاح الأول من إنجيله العدد 23 بنبوءة سابقة جاءت في سفر إشعياء في الإصحاح السابع، يقول متى : " َهَذَا كُلُّهُ كَانَ لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ مِنَ الرَّبِّ بِالنَّبِيِّ القَائِلِ : هُوَذَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْناً ، وَيَدْعُونَ اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ الَّذِي تَفْسِيرُهُ: اَللَّهُ مَعَنَا ". ( ترجمة فاندايك )
الرد على هذا الاستدلال :
لو قمنا بقراءة الإصحاح السابع بأكمله من سفر إشعياء والذي قد اقتبس منه كاتب إنجيل متى تلك النبوءة، فسنجد أن النبوءة المذكورة لها قصة وردت فيها، وسياق تاريخي تحققت فيه، وذلك قبل مجيء المسيح بعدة قرون ...
ان الإصحاح السابع من سفر اشعيا يخبرنا عن قوتين متحدتين هما ( ملك آرام وملك إسرائيل ) ارادتا ان تحتلا مملكة يهوذا وملكها آحاز، فيقول الكاتب : " وَفِي أَيَّامِ آحَازَ بْنِ يُوثَامَ بْنِ عُزِّيَّا مَلِكِ يَهُوذَا، صَعِدَ رَصِينُ مَلِكُ أَرَامَ مَعَ فَقَحَ بْنِ رَمَلْيَا مَلِكِ إِسْرَائِيلَ عَلَى أُورُشَلِيمَ لِمُحَارَبَتِهَا، فَعَجَزَا عَنْ قَهْرِهَا. وَلَمَّا قِيلَ لِمَلِكِ يَهُوذَا إِنَّ الأَرَامِيِّينَ تَحَالَفُوا مَعَ الإِسْرَائِيلِيِّينَ، اعْتَرَى قَلْبَهُ وَقُلُوبَ شَعْبِهِ الاضْطِرَابُ، كَأَشْجَارِ الْغَابَةِ تَهُزُّهَا رِيحٌ عَاصِفَةٌ ". ( اش 7 : 1 ، 2 ترجمة الحياة )
إلا أن الرب الإله كان مع آحاز. وأمر الربُ إشعياءَ أن يذهب هو وابنه ، ويُطَمْئِن آحاز ملك يهوذا : " فَقَالَ الرَّبُّ لإِشَعْيَاءَ : اخْرُجْ لِمُلاَقَاةِ آحَازَ أَنْتَ وَشَآرَ يَاشُوبَ ابْنُكَ إِلَى طَرَفِ قَنَاةِ الْبِرْكَةِ الْعُلْيَا إِلَى سِكَّةِ حَقْلِ الْقَصَّارِ وَقُلْ لَهُ: احْتَرِزْ وَاهْدَأْ. لاَ تَخَفْ وَلاَ يَضْعُفْ قَلْبُكَ مِنْ أَجْلِ ذَنَبَيْ هَاتَيْنِ الشُّعْلَتَيْنِ الْمُدَخِّنَتَيْنِ بِحُمُوِّ غَضَبِ رَصِينَ وَأَرَامَ وَابْنِ رَمَلْيَا. لأَنَّ أَرَامَ تَآمَرَتْ عَلَيْكَ بِشَرٍّ مَعَ أَفْرَايِمَ وَابْنِ رَمَلْيَا قَائِلَةً: نَصْعَدُ عَلَى يَهُوذَا وَنُقَوِّضُهَا وَنَسْتَفْتِحُهَا لأَنْفُسِنَا وَنُمَلِّكُ فِي وَسَطِهَا مَلِكاً ابْنَ طَبْئِيلَ. " ( اش 7 : 3 ، 4 ، 5 )
لقد كان آحاز ملك يهوذا في وضع خطير. فملك إسرائيل وملك آرام كانا سائرين إلى أورشليم ليقيلاه وينصّبا مكانه ملكًا آخر هو " ابن طابئيل ". ( أش 7 : 6 ).
إلا أن الرب يعطي آحاز وشعبه وعداً بفشل هذا التحالف وهذا العدوان : " هَكَذَا يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ: لاَ تَقُومُ! لاَ تَكُونُ! لأَنَّ رَأْسَ أَرَامَ دِمَشْقَ وَرَأْسَ دِمَشْقَ رَصِينُ. وَفِي مُدَّةِ خَمْسٍ وَسِتِّينَ سَنَةً يَنْكَسِرُ أَفْرَايِمُ حَتَّى لاَ يَكُونَ شَعْباً. وَرَأْسُ أَفْرَايِمَ السَّامِرَةُ وَرَأْسُ السَّامِرَةِ ابْنُ رَمَلْيَا. إِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا فَلاَ تَأْمَنُوا ". ( اشعيا 7 : 8 ، 9 )
قوله : " وَفِي مُدَّةِ خَمْسٍ وَسِتِّينَ سَنَةً يَنْكَسِرُ أَفْرَايِمُ حَتَّى لاَ يَكُونَ شَعْباً ". هي المدة الكلية التي ستشهد زوال قوة إسرائيل زوالاً نهائياً.
وقوله : " إِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا فَلاَ تَأْمَنُوا ". الكلام هنا موجه إلى آحاز وأتباعه الذين بدت عليهم علائم عدم الاقتناع بالرسالة التي حملها النبي. فما عليهم إلا التمسك بالإيمان للتمتع بالأمان. فإنهم ما لم يؤمنوا بالوعد الإلهي ويثقوا فيه متكلين على ذراع الرب لن يثبتوا في هذه الظروف القاسية الصعبة.
ولكي يؤكد اشعياء صحّة كلامه للملك ، يسأله أن يطلب آية من الرب : " ثُمَّ عَادَ الرَّبُّ فَقَالَ لآحَازَ: اُطْلُبْ لِنَفْسِكَ آيَةً مِنَ الرَّبِّ إِلَهِكَ. عَمِّقْ طَلَبَكَ أَوْ رَفِّعْهُ إِلَى فَوْقٍ. فَقَالَ آحَازُ : لاَ أَطْلُبُ وَلاَ أُجَرِّبُ الرَّبَّ ".
كلمة آية هنا كما يقول المفسر ( و. فتش ) ليست بالضرورة أن تكون عجائبية ، ولكنها علامة محسوسة تُقدم عربوناً أو دليلا على الحق الذي قدمه النبي باسم الرب. [1].
ان الأصل العبري لكلمة آيه وهو ( owth ) لا يعني بالضرورة حدثاً خارقاً ، بل يمكن أن يعني علامة " تثبيتية " ( كما هو الحال في سفر الخروج 3 : 12 ).
رفض آحاز أن يطلب من الله علامة يطمئن من خلالها بأن الله سيخلصه من أرام وإسرائيل فقال : " لَنْ أَطْلُبَ وَلَنْ أُجَرِّبَ الرَّبَّ ". ولكن العلامة رغم ذلك تُعطى لتأكد بأن الإنقاذ حق يقين ، فقال اشعيا : " اسْمَعُوا يَا بَيْتَ دَاوُدَ. هَلْ هُوَ قَلِيلٌ عَلَيْكُمْ أَنْ تُضْجِرُوا النَّاسَ حَتَّى تُضْجِرُوا إِلَهِي أَيْضاً؟ وَلَكِنْ يُعْطِيكُمُ السَّيِّدُ نَفْسُهُ آيَةً: هَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْناً وَتَدْعُو اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ. زُبْداً وَعَسَلاً يَأْكُلُ مَتَى عَرَفَ أَنْ يَرْفُضَ الشَّرَّ وَيَخْتَارَ الْخَيْرَ. لأَنَّهُ قَبْلَ أَنْ يَعْرِفَ الصَّبِيُّ أَنْ يَرْفُضَ الشَّرَّ وَيَخْتَارَ الْخَيْرَ تُخْلَى الأَرْضُ الَّتِي أَنْتَ خَاشٍ مِنْ مَلِكَيْهَا ". ( اش 7 : 13 - 16 )
اذن العذراء ستحبل وستلد ابناً وسيأكل زبداً وعسلاً إلى أن يعرف الخير والشر ، ولكن النبوة ستتحقق قبل ذلك أي قبل أن يعرف الصبي أن يختار الخير ويرفض الخير : " لأَنَّهُ قَبْلَ أَنْ يَعْرِفَ الصَّبِيُّ أَنْ يَرْفُضَ الشَّرَّ وَيَخْتَارَ الْخَيْرَ تُخْلَى الأَرْضُ الَّتِي أَنْتَ خَاشٍ مِنْ مَلِكَيْهَا ". وهو ما تم على يد الآشوريين الذين قاموا بضم أرض مملكة دمشق وقسماً من مملكة السامرة ، بين سنة 734 وسنة 732 . [2]
ان نص الاصحاح يكاد ان ينطق بأعلى صوته ان الله مع مملكة يهوذا ... ان الله معهم، وعلى لسانهم : ان الله معنا، وبالعبرية (عمانوئيل)!
سياق الإصحاح يقول ان الإله معهم بمعنى انه يقف بجوارهم ضد أعدائهم، لذلك عندما قدم الله النبوة لاحاز وشعبه اعتبر الطفل الذي سيولد لأشعياء النبي علامة على انه معهم ولن يتخلى عنهم ، ولذلك فاسم الطفل الذى هو علامة أعطى معنى رمزى يجسد هذا الوعد، وانه يجسد أيضاً، آمال المؤمنين من هذا الشعب أي ان الله معهم ضد أعدائهم.
إذن الحديث في اشعيا عن نبوءة قد تمت وحدثت قبل المسيح بعدة قرون .... إلا أن كاتب إنجيل متى قام واقتطع النبوءة من سياق القصة التي وردت فيها، وأسقطها على قصة ولادة السيد المسيح!!
لقد استغلّ كاتبُ إنجيل متى تلك النبوءة واقتطعها من سياقها التاريخي وغيّر من معناها وجعلها نبوءة تتنبأ عن يسوع وعن ميلاده العذراوي ...
هذا ما جاء باشعياء بوضوح لا يحتمل اى تأويل فالطفل الذى ستلده المرأة الشابة سيكون معاصرا لزمن الملك آحاز وليس انه سيأتى بعد مئات السنين من موت الملك، لانه لا معنى حينئذ لهذه القصة التى دونها اشعياء ...
ففى زمن هذا الطفل ستخلى ارض مملكة سوريا ومملكة اسرائيل التى كان آحاز يخشى منهما : " لأَنَّهُ قَبْلَ أَنْ يَعْرِفَ الصَّبِيُّ أَنْ يَرْفُضَ الشَّرَّ وَيَخْتَارَ الْخَيْرَ تُخْلَى الأَرْضُ الَّتِي أَنْتَ خَاشٍ مِنْ مَلِكَيْهَا ".
فماذا فعل القديس متى بهذه النصوص الواضحة؟
انه نزع جملة واحدة من سياق النص وانطقها بما لم يخطر على بال اشعياء نفسه : " هَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْناً وَتَدْعُو اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ ". وجعل منها نبؤة عن يسوع وامه مريم العذراء، جعلها تنطبق على يسوع الذى جاء بعد زمن آحاز بمئات السنين ...
وهنا أوجه سؤالي للزملاء المسيحيين:
هل يصح اقتطاع جزء من سياق أي نبوءة دون مراعاة السياق الكامل لها ، ومن ثم نأتي ونطبقهاعلى شخصيه أخرى؟
ان كانت الاجابه بنعم ... إذن فبنفس هذا التفكير سيقوم المسلمون باقتطاع جزء من سياق أي نبوءة في الكتاب المقدس ويجعلونها على النبي محمد ومحققه فيه بحذافيرها!
من هي العذراء المقصودة بزمن الملك آحاز؟
يقول Dr. J. Paul Tanner ماجستير في علم اللاهوت : " والمرأة في زمن آحاز هي عذراء بالفعل، لكن الميلاد ليس من النوع الخارق. أي أنها عذراء في وقت النبوءة لكن بعد ذلك ستكون لها علاقة جنسية طبيعية لإنجاب هذا الولد ".
وتقول نسخة The NET BIBLE :
It is very likely that Isaiah pointed to a woman who was present at the scene of the prophet’s interview with Ahaz. Isaiah’s address to the “house of David” and his use of second plural forms suggests other people were present, and his use of the second feminine singular verb form (“you will name”) later in the verse is best explained if addressed to a woman who is present.
هناك احتمال قوي أن إشعياء يشير إلى سيدة كانت موجودة أثناء مقابلة النبي إشعياء للملك آحاز. وخطاب إشعياء موجه لـ "بيت داود" واستخدامه أسلوب الجمع هنا يدل على وجود آخرين، واستخدامه لضمير المؤنث (ستسمينه) فيما بعد في الفقرة يدل على أنه يوجه حديثه لسيدة موجودة.
وتقول دائرة المعارف الكتابية :
إنها نبوة تشير إلى إحدى إمرأتين : إما امرأة إشعياء ، أو امرأة آحاز . وفي الحالة الأولى يكون المقصود " بعمانوئيل " هو " مهير شلال حاش بز " (إش 8 : 1-4) ، وأمه هي زوجة إشعياء الموصوفة بأنها " النبية " (إش 8 : 3) ، التي كان إشعياء على وشك الاقتران بها ، أي أنها كانت مازالت عذراء في وقت النطق بالنبوة ، ويؤيدون هذا الرأي بأن أولاد إشعياء كانوا آيات ومعجزات في أرض إسرائيل : " هَئَنَذَا وَالأَوْلاَدُ الَّذِينَ أَعْطَانِيهِمُ الرَّبُّ آيَاتٍ وَعَجَائِبَ فِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عِنْدِ رَبِّ الْجُنُودِ السَّاكِنِ فِي جَبَلِ صِهْيَوْنَ ". ( اش 8 : 18 )
ثانياً: لو سلمنا جدلاً بأن نبوءة إشعياء تنطبق على المسيح ، وأن المسيح دُعي باسم ( عمانوئيل ) عندها نقول : أن عمانوئيل هي كلمة عبرية معناها كما في حاشية الترجمة العربية المشتركة على اش 7 : 14 : " الله معنا " أو " ليكن الله معنا ". [3]
وهو أي عمانوئيل اسم رمزي يدل على معيه الله وتوفيقه ، كقول القائل : ( الله معنا ) يريد حفظ الله ورعايته ، إذ ليس معنى ( الله معنا ) ، أن الله بذاته مشخص وموجود معنا ، بل الموجود معنا هو عونه ورعايته ، كقول القائل : (( الله معنا )) إنما يقصد به معونة الله وتوفيقه ورعايته، ولهذا كثير من المسيحيين تسمى بهذا الاسم ( عمانوئيل ) كالقس عمانوئيل بنيامين راعي الكنيسة الإنجيلية بالكويت ، والبطريرك مار عمانوئيل الثالث بطريرك بابل للكلدان الكاثوليك. والراعي الماروني عمانوئيل صقر.... وغيرهم ..
ثالثاً: نلاحظ ان النص في اشعياء 7 : 14 يقول ان تلك العذراء التي تحبل وتلد هي نفسها التي ستطلق اسم عمانوئيل على مولودها : " وتدعو اسمه عمانوئيل ". بينما كاتب الإنجيل لم يكن أميناً فى نقل الاقتباس فغير فى النص وجعل من سيطلق اسم عمانوئيل على الطفل قوم من الناس : " و يدعون اسمه عمانوئيل " وليس ام الطفل كما جاء بالنص المقتبس منه!!
رابعاً: الكتاب المقدس أطلق اسم الله على أشخاص كثيرين ولم يقل أحد أنهم آلهة بحق ، فمن ذلك على سبيل المثال :
1 - أطلق الكتاب المقدس لفظ الله على الملك ، ففي سفر القضاة 13 : 21 ، 22 : " ولم يعد ملاك الرب يتراءى لمنوح وامرأته ، حينئذ عرف منوح أنه ملاك الرب فقال منوح لامرأته ، نموت موتاً لأننا رأينا الله " . ( ترجمة فانديك )
2 - أطلق الكتاب المقدس لفظ الله على القاضي الذي ينوب عن الله في حكمه ، ففي سفر الخروج 21 : 5 ، 6 : " يقدمه سيده إلى الله ويقربه إلى الباب او إلى القائمة ويثقب سيده أذنه بالمثقب . فيخدمه إلى الأبد " . فقوله : يقدمه سيده إلى الله ، أي إلى القاضي. وفي سفر الخروج أيضاً 22 : 8 : " وإن لم يوجد السارق يقدم صاحب البيت إلى الله ليحكم ، هل يمد يده إلى ملك صاحبه " . ( ترجمة فاندايك ) فقوله : إلى الله ، أي : إلى القاضي نائب الله .
3 - أطلق الكتاب المقدس لفظ الله على النبي ، ففي سفر صموئيل الأول 9 : 9 : " سابقا في اسرائيل هكذا كان يقول الرجل عند ذهابه ليسأل الله. هلم نذهب الى الرائي. لان النبي اليوم كان يدعى سابقا الرائي " . ( ترجمة فانديك ) فذهابه ليسأل الله ، أي ليسأل النبي .
فبما أن هؤلاء جميعاً يطلق عليهم اسم الله كالمسيح فإما يعتبرون جميعاً آلهة حسب المعنى الظاهر وهو محال عقلاً ، أو يئول الظاهر ويكون لفظ الله قد أطلق عليهم بالمعنى المجازي أو التشبيهي ولأجل الاحتراز بين لفظ الاله بالمعني المجازي والإله بالمعني الحقيقي أعلن المسيح عليه السلام ذلك في إنجيل يوحنا [ 17 : 3 ] بقوله : " وَهَذِهِ هِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ: أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ الإِلَهَ الْحَقِيقِيَّ وَحْدَكَ وَيَسُوعَ الْمَسِيحَ الَّذِي أَرْسَلْتَهُ ". ( ترجمة فاندايك ) [4]
ثم ان المسيح عليه السلام لم يرض أن يوصف بالصلاح طبقاً لما كتبه متى في [ 19 : 16 ، 17 ] ونصه : " وَإِذَا وَاحِدٌ تَقَدَّمَ وَقَالَ لَهُ: أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ الصَّالِحُ أَيَّ صَلاَحٍ أَعْمَلُ لِتَكُونَ لِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ؟ فَقَالَ لَهُ: لِمَاذَا تَدْعُونِي صَالِحاً؟ لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحاً إِلاَّ وَاحِدٌ وَهُوَ اللَّهُ ". ( ترجمة فاندايك )
فإذا كان المسيح لم يرض بأن يوصف بالصلاح ، فكيف يرضى بأن يوصف بالألوهية ؟!!
مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآياتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ( المائدة : 75 )
مراجع ..................................
[1] تفسير الكتاب المقدس ، منشورات النفير ، بيروت - لبنان ، الطبعة الأولى 1988 الجزء الرابع.
[2] حاشية الترجمة العربية المشتركة على ( اش 7 : 16 ) جمعية الكتاب المقدس بلبنان الإصدار الثاني 1995 ، الطبعة الرابعة.
[3] الترجمة العربية المشتركة - المرجع السابق.
[4] النصرانية في الميزان للمستشار محمد عزت طهطاوي - دار القلم - دمشق .
[5] المناظرة الكبرى مع القس زكريا بطرس - للأستاذ علاء ابو بكر - مكتبة وهبة بالقاهرة .
[6] المسيح في القرآن والتوراة والانجيل - عبد الكريم الخطيب طبعة 1966 - دار الكتب الحديثة - القاهرة .
يستدل المسيحيون بما اقتبسه متى في الإصحاح الأول من إنجيله العدد 23 بنبوءة سابقة جاءت في سفر إشعياء في الإصحاح السابع، يقول متى : " َهَذَا كُلُّهُ كَانَ لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ مِنَ الرَّبِّ بِالنَّبِيِّ القَائِلِ : هُوَذَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْناً ، وَيَدْعُونَ اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ الَّذِي تَفْسِيرُهُ: اَللَّهُ مَعَنَا ". ( ترجمة فاندايك )
الرد على هذا الاستدلال :
لو قمنا بقراءة الإصحاح السابع بأكمله من سفر إشعياء والذي قد اقتبس منه كاتب إنجيل متى تلك النبوءة، فسنجد أن النبوءة المذكورة لها قصة وردت فيها، وسياق تاريخي تحققت فيه، وذلك قبل مجيء المسيح بعدة قرون ...
ان الإصحاح السابع من سفر اشعيا يخبرنا عن قوتين متحدتين هما ( ملك آرام وملك إسرائيل ) ارادتا ان تحتلا مملكة يهوذا وملكها آحاز، فيقول الكاتب : " وَفِي أَيَّامِ آحَازَ بْنِ يُوثَامَ بْنِ عُزِّيَّا مَلِكِ يَهُوذَا، صَعِدَ رَصِينُ مَلِكُ أَرَامَ مَعَ فَقَحَ بْنِ رَمَلْيَا مَلِكِ إِسْرَائِيلَ عَلَى أُورُشَلِيمَ لِمُحَارَبَتِهَا، فَعَجَزَا عَنْ قَهْرِهَا. وَلَمَّا قِيلَ لِمَلِكِ يَهُوذَا إِنَّ الأَرَامِيِّينَ تَحَالَفُوا مَعَ الإِسْرَائِيلِيِّينَ، اعْتَرَى قَلْبَهُ وَقُلُوبَ شَعْبِهِ الاضْطِرَابُ، كَأَشْجَارِ الْغَابَةِ تَهُزُّهَا رِيحٌ عَاصِفَةٌ ". ( اش 7 : 1 ، 2 ترجمة الحياة )
إلا أن الرب الإله كان مع آحاز. وأمر الربُ إشعياءَ أن يذهب هو وابنه ، ويُطَمْئِن آحاز ملك يهوذا : " فَقَالَ الرَّبُّ لإِشَعْيَاءَ : اخْرُجْ لِمُلاَقَاةِ آحَازَ أَنْتَ وَشَآرَ يَاشُوبَ ابْنُكَ إِلَى طَرَفِ قَنَاةِ الْبِرْكَةِ الْعُلْيَا إِلَى سِكَّةِ حَقْلِ الْقَصَّارِ وَقُلْ لَهُ: احْتَرِزْ وَاهْدَأْ. لاَ تَخَفْ وَلاَ يَضْعُفْ قَلْبُكَ مِنْ أَجْلِ ذَنَبَيْ هَاتَيْنِ الشُّعْلَتَيْنِ الْمُدَخِّنَتَيْنِ بِحُمُوِّ غَضَبِ رَصِينَ وَأَرَامَ وَابْنِ رَمَلْيَا. لأَنَّ أَرَامَ تَآمَرَتْ عَلَيْكَ بِشَرٍّ مَعَ أَفْرَايِمَ وَابْنِ رَمَلْيَا قَائِلَةً: نَصْعَدُ عَلَى يَهُوذَا وَنُقَوِّضُهَا وَنَسْتَفْتِحُهَا لأَنْفُسِنَا وَنُمَلِّكُ فِي وَسَطِهَا مَلِكاً ابْنَ طَبْئِيلَ. " ( اش 7 : 3 ، 4 ، 5 )
لقد كان آحاز ملك يهوذا في وضع خطير. فملك إسرائيل وملك آرام كانا سائرين إلى أورشليم ليقيلاه وينصّبا مكانه ملكًا آخر هو " ابن طابئيل ". ( أش 7 : 6 ).
إلا أن الرب يعطي آحاز وشعبه وعداً بفشل هذا التحالف وهذا العدوان : " هَكَذَا يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ: لاَ تَقُومُ! لاَ تَكُونُ! لأَنَّ رَأْسَ أَرَامَ دِمَشْقَ وَرَأْسَ دِمَشْقَ رَصِينُ. وَفِي مُدَّةِ خَمْسٍ وَسِتِّينَ سَنَةً يَنْكَسِرُ أَفْرَايِمُ حَتَّى لاَ يَكُونَ شَعْباً. وَرَأْسُ أَفْرَايِمَ السَّامِرَةُ وَرَأْسُ السَّامِرَةِ ابْنُ رَمَلْيَا. إِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا فَلاَ تَأْمَنُوا ". ( اشعيا 7 : 8 ، 9 )
قوله : " وَفِي مُدَّةِ خَمْسٍ وَسِتِّينَ سَنَةً يَنْكَسِرُ أَفْرَايِمُ حَتَّى لاَ يَكُونَ شَعْباً ". هي المدة الكلية التي ستشهد زوال قوة إسرائيل زوالاً نهائياً.
وقوله : " إِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا فَلاَ تَأْمَنُوا ". الكلام هنا موجه إلى آحاز وأتباعه الذين بدت عليهم علائم عدم الاقتناع بالرسالة التي حملها النبي. فما عليهم إلا التمسك بالإيمان للتمتع بالأمان. فإنهم ما لم يؤمنوا بالوعد الإلهي ويثقوا فيه متكلين على ذراع الرب لن يثبتوا في هذه الظروف القاسية الصعبة.
ولكي يؤكد اشعياء صحّة كلامه للملك ، يسأله أن يطلب آية من الرب : " ثُمَّ عَادَ الرَّبُّ فَقَالَ لآحَازَ: اُطْلُبْ لِنَفْسِكَ آيَةً مِنَ الرَّبِّ إِلَهِكَ. عَمِّقْ طَلَبَكَ أَوْ رَفِّعْهُ إِلَى فَوْقٍ. فَقَالَ آحَازُ : لاَ أَطْلُبُ وَلاَ أُجَرِّبُ الرَّبَّ ".
كلمة آية هنا كما يقول المفسر ( و. فتش ) ليست بالضرورة أن تكون عجائبية ، ولكنها علامة محسوسة تُقدم عربوناً أو دليلا على الحق الذي قدمه النبي باسم الرب. [1].
ان الأصل العبري لكلمة آيه وهو ( owth ) لا يعني بالضرورة حدثاً خارقاً ، بل يمكن أن يعني علامة " تثبيتية " ( كما هو الحال في سفر الخروج 3 : 12 ).
رفض آحاز أن يطلب من الله علامة يطمئن من خلالها بأن الله سيخلصه من أرام وإسرائيل فقال : " لَنْ أَطْلُبَ وَلَنْ أُجَرِّبَ الرَّبَّ ". ولكن العلامة رغم ذلك تُعطى لتأكد بأن الإنقاذ حق يقين ، فقال اشعيا : " اسْمَعُوا يَا بَيْتَ دَاوُدَ. هَلْ هُوَ قَلِيلٌ عَلَيْكُمْ أَنْ تُضْجِرُوا النَّاسَ حَتَّى تُضْجِرُوا إِلَهِي أَيْضاً؟ وَلَكِنْ يُعْطِيكُمُ السَّيِّدُ نَفْسُهُ آيَةً: هَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْناً وَتَدْعُو اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ. زُبْداً وَعَسَلاً يَأْكُلُ مَتَى عَرَفَ أَنْ يَرْفُضَ الشَّرَّ وَيَخْتَارَ الْخَيْرَ. لأَنَّهُ قَبْلَ أَنْ يَعْرِفَ الصَّبِيُّ أَنْ يَرْفُضَ الشَّرَّ وَيَخْتَارَ الْخَيْرَ تُخْلَى الأَرْضُ الَّتِي أَنْتَ خَاشٍ مِنْ مَلِكَيْهَا ". ( اش 7 : 13 - 16 )
اذن العذراء ستحبل وستلد ابناً وسيأكل زبداً وعسلاً إلى أن يعرف الخير والشر ، ولكن النبوة ستتحقق قبل ذلك أي قبل أن يعرف الصبي أن يختار الخير ويرفض الخير : " لأَنَّهُ قَبْلَ أَنْ يَعْرِفَ الصَّبِيُّ أَنْ يَرْفُضَ الشَّرَّ وَيَخْتَارَ الْخَيْرَ تُخْلَى الأَرْضُ الَّتِي أَنْتَ خَاشٍ مِنْ مَلِكَيْهَا ". وهو ما تم على يد الآشوريين الذين قاموا بضم أرض مملكة دمشق وقسماً من مملكة السامرة ، بين سنة 734 وسنة 732 . [2]
ان نص الاصحاح يكاد ان ينطق بأعلى صوته ان الله مع مملكة يهوذا ... ان الله معهم، وعلى لسانهم : ان الله معنا، وبالعبرية (عمانوئيل)!
سياق الإصحاح يقول ان الإله معهم بمعنى انه يقف بجوارهم ضد أعدائهم، لذلك عندما قدم الله النبوة لاحاز وشعبه اعتبر الطفل الذي سيولد لأشعياء النبي علامة على انه معهم ولن يتخلى عنهم ، ولذلك فاسم الطفل الذى هو علامة أعطى معنى رمزى يجسد هذا الوعد، وانه يجسد أيضاً، آمال المؤمنين من هذا الشعب أي ان الله معهم ضد أعدائهم.
إذن الحديث في اشعيا عن نبوءة قد تمت وحدثت قبل المسيح بعدة قرون .... إلا أن كاتب إنجيل متى قام واقتطع النبوءة من سياق القصة التي وردت فيها، وأسقطها على قصة ولادة السيد المسيح!!
لقد استغلّ كاتبُ إنجيل متى تلك النبوءة واقتطعها من سياقها التاريخي وغيّر من معناها وجعلها نبوءة تتنبأ عن يسوع وعن ميلاده العذراوي ...
هذا ما جاء باشعياء بوضوح لا يحتمل اى تأويل فالطفل الذى ستلده المرأة الشابة سيكون معاصرا لزمن الملك آحاز وليس انه سيأتى بعد مئات السنين من موت الملك، لانه لا معنى حينئذ لهذه القصة التى دونها اشعياء ...
ففى زمن هذا الطفل ستخلى ارض مملكة سوريا ومملكة اسرائيل التى كان آحاز يخشى منهما : " لأَنَّهُ قَبْلَ أَنْ يَعْرِفَ الصَّبِيُّ أَنْ يَرْفُضَ الشَّرَّ وَيَخْتَارَ الْخَيْرَ تُخْلَى الأَرْضُ الَّتِي أَنْتَ خَاشٍ مِنْ مَلِكَيْهَا ".
فماذا فعل القديس متى بهذه النصوص الواضحة؟
انه نزع جملة واحدة من سياق النص وانطقها بما لم يخطر على بال اشعياء نفسه : " هَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْناً وَتَدْعُو اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ ". وجعل منها نبؤة عن يسوع وامه مريم العذراء، جعلها تنطبق على يسوع الذى جاء بعد زمن آحاز بمئات السنين ...
وهنا أوجه سؤالي للزملاء المسيحيين:
هل يصح اقتطاع جزء من سياق أي نبوءة دون مراعاة السياق الكامل لها ، ومن ثم نأتي ونطبقهاعلى شخصيه أخرى؟
ان كانت الاجابه بنعم ... إذن فبنفس هذا التفكير سيقوم المسلمون باقتطاع جزء من سياق أي نبوءة في الكتاب المقدس ويجعلونها على النبي محمد ومحققه فيه بحذافيرها!
من هي العذراء المقصودة بزمن الملك آحاز؟
يقول Dr. J. Paul Tanner ماجستير في علم اللاهوت : " والمرأة في زمن آحاز هي عذراء بالفعل، لكن الميلاد ليس من النوع الخارق. أي أنها عذراء في وقت النبوءة لكن بعد ذلك ستكون لها علاقة جنسية طبيعية لإنجاب هذا الولد ".
وتقول نسخة The NET BIBLE :
It is very likely that Isaiah pointed to a woman who was present at the scene of the prophet’s interview with Ahaz. Isaiah’s address to the “house of David” and his use of second plural forms suggests other people were present, and his use of the second feminine singular verb form (“you will name”) later in the verse is best explained if addressed to a woman who is present.
هناك احتمال قوي أن إشعياء يشير إلى سيدة كانت موجودة أثناء مقابلة النبي إشعياء للملك آحاز. وخطاب إشعياء موجه لـ "بيت داود" واستخدامه أسلوب الجمع هنا يدل على وجود آخرين، واستخدامه لضمير المؤنث (ستسمينه) فيما بعد في الفقرة يدل على أنه يوجه حديثه لسيدة موجودة.
وتقول دائرة المعارف الكتابية :
إنها نبوة تشير إلى إحدى إمرأتين : إما امرأة إشعياء ، أو امرأة آحاز . وفي الحالة الأولى يكون المقصود " بعمانوئيل " هو " مهير شلال حاش بز " (إش 8 : 1-4) ، وأمه هي زوجة إشعياء الموصوفة بأنها " النبية " (إش 8 : 3) ، التي كان إشعياء على وشك الاقتران بها ، أي أنها كانت مازالت عذراء في وقت النطق بالنبوة ، ويؤيدون هذا الرأي بأن أولاد إشعياء كانوا آيات ومعجزات في أرض إسرائيل : " هَئَنَذَا وَالأَوْلاَدُ الَّذِينَ أَعْطَانِيهِمُ الرَّبُّ آيَاتٍ وَعَجَائِبَ فِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عِنْدِ رَبِّ الْجُنُودِ السَّاكِنِ فِي جَبَلِ صِهْيَوْنَ ". ( اش 8 : 18 )
ثانياً: لو سلمنا جدلاً بأن نبوءة إشعياء تنطبق على المسيح ، وأن المسيح دُعي باسم ( عمانوئيل ) عندها نقول : أن عمانوئيل هي كلمة عبرية معناها كما في حاشية الترجمة العربية المشتركة على اش 7 : 14 : " الله معنا " أو " ليكن الله معنا ". [3]
وهو أي عمانوئيل اسم رمزي يدل على معيه الله وتوفيقه ، كقول القائل : ( الله معنا ) يريد حفظ الله ورعايته ، إذ ليس معنى ( الله معنا ) ، أن الله بذاته مشخص وموجود معنا ، بل الموجود معنا هو عونه ورعايته ، كقول القائل : (( الله معنا )) إنما يقصد به معونة الله وتوفيقه ورعايته، ولهذا كثير من المسيحيين تسمى بهذا الاسم ( عمانوئيل ) كالقس عمانوئيل بنيامين راعي الكنيسة الإنجيلية بالكويت ، والبطريرك مار عمانوئيل الثالث بطريرك بابل للكلدان الكاثوليك. والراعي الماروني عمانوئيل صقر.... وغيرهم ..
ثالثاً: نلاحظ ان النص في اشعياء 7 : 14 يقول ان تلك العذراء التي تحبل وتلد هي نفسها التي ستطلق اسم عمانوئيل على مولودها : " وتدعو اسمه عمانوئيل ". بينما كاتب الإنجيل لم يكن أميناً فى نقل الاقتباس فغير فى النص وجعل من سيطلق اسم عمانوئيل على الطفل قوم من الناس : " و يدعون اسمه عمانوئيل " وليس ام الطفل كما جاء بالنص المقتبس منه!!
رابعاً: الكتاب المقدس أطلق اسم الله على أشخاص كثيرين ولم يقل أحد أنهم آلهة بحق ، فمن ذلك على سبيل المثال :
1 - أطلق الكتاب المقدس لفظ الله على الملك ، ففي سفر القضاة 13 : 21 ، 22 : " ولم يعد ملاك الرب يتراءى لمنوح وامرأته ، حينئذ عرف منوح أنه ملاك الرب فقال منوح لامرأته ، نموت موتاً لأننا رأينا الله " . ( ترجمة فانديك )
2 - أطلق الكتاب المقدس لفظ الله على القاضي الذي ينوب عن الله في حكمه ، ففي سفر الخروج 21 : 5 ، 6 : " يقدمه سيده إلى الله ويقربه إلى الباب او إلى القائمة ويثقب سيده أذنه بالمثقب . فيخدمه إلى الأبد " . فقوله : يقدمه سيده إلى الله ، أي إلى القاضي. وفي سفر الخروج أيضاً 22 : 8 : " وإن لم يوجد السارق يقدم صاحب البيت إلى الله ليحكم ، هل يمد يده إلى ملك صاحبه " . ( ترجمة فاندايك ) فقوله : إلى الله ، أي : إلى القاضي نائب الله .
3 - أطلق الكتاب المقدس لفظ الله على النبي ، ففي سفر صموئيل الأول 9 : 9 : " سابقا في اسرائيل هكذا كان يقول الرجل عند ذهابه ليسأل الله. هلم نذهب الى الرائي. لان النبي اليوم كان يدعى سابقا الرائي " . ( ترجمة فانديك ) فذهابه ليسأل الله ، أي ليسأل النبي .
فبما أن هؤلاء جميعاً يطلق عليهم اسم الله كالمسيح فإما يعتبرون جميعاً آلهة حسب المعنى الظاهر وهو محال عقلاً ، أو يئول الظاهر ويكون لفظ الله قد أطلق عليهم بالمعنى المجازي أو التشبيهي ولأجل الاحتراز بين لفظ الاله بالمعني المجازي والإله بالمعني الحقيقي أعلن المسيح عليه السلام ذلك في إنجيل يوحنا [ 17 : 3 ] بقوله : " وَهَذِهِ هِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ: أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ الإِلَهَ الْحَقِيقِيَّ وَحْدَكَ وَيَسُوعَ الْمَسِيحَ الَّذِي أَرْسَلْتَهُ ". ( ترجمة فاندايك ) [4]
ثم ان المسيح عليه السلام لم يرض أن يوصف بالصلاح طبقاً لما كتبه متى في [ 19 : 16 ، 17 ] ونصه : " وَإِذَا وَاحِدٌ تَقَدَّمَ وَقَالَ لَهُ: أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ الصَّالِحُ أَيَّ صَلاَحٍ أَعْمَلُ لِتَكُونَ لِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ؟ فَقَالَ لَهُ: لِمَاذَا تَدْعُونِي صَالِحاً؟ لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحاً إِلاَّ وَاحِدٌ وَهُوَ اللَّهُ ". ( ترجمة فاندايك )
فإذا كان المسيح لم يرض بأن يوصف بالصلاح ، فكيف يرضى بأن يوصف بالألوهية ؟!!
مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآياتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ( المائدة : 75 )
مراجع ..................................
[1] تفسير الكتاب المقدس ، منشورات النفير ، بيروت - لبنان ، الطبعة الأولى 1988 الجزء الرابع.
[2] حاشية الترجمة العربية المشتركة على ( اش 7 : 16 ) جمعية الكتاب المقدس بلبنان الإصدار الثاني 1995 ، الطبعة الرابعة.
[3] الترجمة العربية المشتركة - المرجع السابق.
[4] النصرانية في الميزان للمستشار محمد عزت طهطاوي - دار القلم - دمشق .
[5] المناظرة الكبرى مع القس زكريا بطرس - للأستاذ علاء ابو بكر - مكتبة وهبة بالقاهرة .
[6] المسيح في القرآن والتوراة والانجيل - عبد الكريم الخطيب طبعة 1966 - دار الكتب الحديثة - القاهرة .