لطفي عيساني
2010-03-18, 01:25 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
ويصل بنا المطاف إلى تصوير جميل لأشكال البر، - تعالى -معنا عزيزي القارئ لنشاهد هذه الصور في سورة الإسراء:
((وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً)) [الإسراء 23: 24].
ولنا مع هذه الصور والمشاهد من أعمال البر بالوالدين وقفات. ففي الآية أمر بتوحيد المعبود، ثم ربط السياق بر الوالدين بعبادة الله إعلاناً لقيمة هذا البر عند الله.
بهذه العبارات الندية، والصور الموحية يستجيش القرآن وجدان البر والرحمة في قلوب الأبناء، ذلك أن الحياة وهي مندفعة في طريقها بالأحياء توجه اهتمامهم القوي إلى الأمة، إلى الذرية، إلى الناشئة الجديدة، وقلما توجه اهتمامهم إلى الوراء، إلى الحياة الموالية إلى الجيل الذاهب، ومن ثم تحتاج البنوة إلى استجاشة وجدانها بقوة لتنعطف إلى الخلف وتتلفت إلى الآباء والأمهات.
إن الوالدين يندفعان بالفطرة إلى رعاية الأولاد وإلى التضحية بكل شيء حتى بالذات، وكما تمتص النابتة الخضراء كل غذاء في الحبة فإذا هي فتات، ويمتص الفرخ كل غذاء في البيضة فإذا هي قشر، كذلك يمتص الأولاد كل رحيق وكل عافية وكل جهد وكل اهتمام من الوالدين فإذا هما شيخوخة فانية- إن أمهلهما الأجل- وهما مع ذلك سعيدان.
فأما الأولاد فسرعان ما ينسون هذا كله، ويندفعون بدورهم إلى الأمام إلى الزوجات والذرية وهكذا تندفع الحياة، ومن ثم لا يحتاج الآباء إلى توصية بالأبناء، إنما يحتاج هؤلاء إلى استجاشة وجدانهم بقوة ليذكروا واجب الجيل الذي أنفق رحيقه كله حتى أدركه الجفاف، وهنا يجيء الأمر بالإحسان إلى الوالدين صورة قضاء من الله يحمل معنى الأمر المؤكد، بعد الأمر المؤكد بعبادة الله.
((إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا)): والكبر له جلاله، وضعف الكبر له إيحاؤه.
وكلمة ((عندك)): تصور معنى الالتجاء والاحتماء في حالة الكبر والضعف.
((فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا)): وهي أول مرتبة من مراتب الرعاية والأدب، ألا يند من الولد ما يدل على الضجر والضيق، وما يشير بالإهانة وسوء الأدب.
((وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً)): وهي مرتبة أعلى إيجابية أن يكون كلامه لها يشي بالإكرام والاحترام.
((وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ)): إنها الرحمة ترق وتلطف، حتى لكأنها الذل الذي لا يرفع عيناً ولا يرفض أمراً.
((وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً)): فهي الذكرى الحانية، ذكرى الطفولة الضعيفة يرعاها الوالدان وهما اليوم في مثلها من الضعف والحاجة إلى الرعاية والحنان، وهو التوجه إلى الله أن يرحمهما فرحمة الله أوسع، ورعاية الله أشمل، وضباب الله أرحب، وهو أقدر على جزائهما بما بذلا من دمهما وقلبهما مما لا يقدر على جزائه الأبناء.
كيف يكون الولد الصالح ربحاً في الآخرة؟
1- الدعاء للوالدين بعد وفاتهما: إن موت الإنسان ليس نهاية ولكنه انتقال من دار الفناء إلى دار الخلد، وأخطر ما في الموت هي قضية انقطاع العمل، من أجل ذلك بيّن لنا رسول الله أن هناك امتداد لعمل الإنسان حتى بعد موته وانقطاع عمله من الدنيا وهذا الامتداد هو دعاء الولد الصالح لأبيه، كما جاء في الحديث: ((إذا مات بن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له))، رواه مسلم. وكما جاء في الآية الكريمة من سورة الإسراء: ((وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً)).
2- الدعاء عند الدفن ووقت سؤال الملائكة: وقف محمد عند دفن أبيه ثم انصرف الجميع، فإذا به يجلس يتمثل حديث رسولنا – صلى الله عليه وسلم - عندما قال لأصحابه: ((استغفروا لأخيكم، وسلوا له التثبيت -أي عند سؤال الملكين له- فإنه الآن يُسأل)) رواه أبو داود.
3- التصدق عن المتوفي: عن عائشة - رضي الله عنها -: أن رجلاً قال للنبي– صلى الله عليه وسلم -: ((إن أمي اُقتتلت نفسها- أي ماتت- وأرها لو تكلمت تصدقت، فهل لها من أجر إن تصدقتُ عنها؟ قال: "نعم")) متفق عليه.
4- الحج والعمرة عن المُتوفى فإنه يصل أجرها إليه بعد موته.
5- حفظ الولد للقرآن: ((إن القرآن يلقى صاحبه يوم القيامة حين ينشق عنه قبره كالرجل الشاحب، فيقول له: "هل تعرفني؟ "، فيقول له: "ما أعرفك"، فيقول: "أنا صاحبك القرآن الذي أظمأتك في الهواجر وأسهرت ليلك، وإن كل تاجر من وراء تجارته، وإنك اليوم من وراء كل تجارة"، فيُعطى الملك بيمينه والخلد بشماله، ويوضع على رأسه تاج الوقار ويُكسى والده حلتين لا يقوم لهما أهل الدنيا، فيقولان: "بم كُسينا هذا؟ "، فيُقال: "بأخذ ولدكما القرآن". ثم يُقال له: "اقرأ واصعد في درجة الجنة وغرفها فهو في صعود ما دام يقرأ هذَّاً (يعني سرعة القراءة) أو ترتيلاً))، رواه أحمد.
ومن الطبيعي أن الابن الذي حفظ القرآن كان وراءه أم وأب حريصان على تحفيظه القرآن، وبذلا الوقت والجهد في التسميع والمراجعة والمتابعة فكان الجزاء في الآخرة من جنس العمل والثمر من نوع الشجر، فيكسى الابن والديه حلتين يوم القيامة.
6- استغفار الولد لأبيه يرفع درجته في الجنة.
وخلاصة القول:
إن من أهداف الزواج الأخروية، دعاء الولد الصالح لوالديه بعد وفاتهما وبعد انقطاع العمل كما جاء في حديث رسولنا الكريم:
((إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم يُنتفع به، أو ولد صالح يدعو له)) صحيح.
وكما جاء في قوله - تعالى -: ((وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً))، ولا يكون الولد صالحاً إلا إذا اهتم الآباء والأمهات بتربيته التربية الصالحة النافعة، ويمكن الرجوع في هذا المجال وتربية الأبناء إلى ركن أطفالنا على موقعنا.
وفق الله الأبناء والآباء للعمل الصالح وما فيه الخير في الدنيا والآخرة.
ويصل بنا المطاف إلى تصوير جميل لأشكال البر، - تعالى -معنا عزيزي القارئ لنشاهد هذه الصور في سورة الإسراء:
((وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً)) [الإسراء 23: 24].
ولنا مع هذه الصور والمشاهد من أعمال البر بالوالدين وقفات. ففي الآية أمر بتوحيد المعبود، ثم ربط السياق بر الوالدين بعبادة الله إعلاناً لقيمة هذا البر عند الله.
بهذه العبارات الندية، والصور الموحية يستجيش القرآن وجدان البر والرحمة في قلوب الأبناء، ذلك أن الحياة وهي مندفعة في طريقها بالأحياء توجه اهتمامهم القوي إلى الأمة، إلى الذرية، إلى الناشئة الجديدة، وقلما توجه اهتمامهم إلى الوراء، إلى الحياة الموالية إلى الجيل الذاهب، ومن ثم تحتاج البنوة إلى استجاشة وجدانها بقوة لتنعطف إلى الخلف وتتلفت إلى الآباء والأمهات.
إن الوالدين يندفعان بالفطرة إلى رعاية الأولاد وإلى التضحية بكل شيء حتى بالذات، وكما تمتص النابتة الخضراء كل غذاء في الحبة فإذا هي فتات، ويمتص الفرخ كل غذاء في البيضة فإذا هي قشر، كذلك يمتص الأولاد كل رحيق وكل عافية وكل جهد وكل اهتمام من الوالدين فإذا هما شيخوخة فانية- إن أمهلهما الأجل- وهما مع ذلك سعيدان.
فأما الأولاد فسرعان ما ينسون هذا كله، ويندفعون بدورهم إلى الأمام إلى الزوجات والذرية وهكذا تندفع الحياة، ومن ثم لا يحتاج الآباء إلى توصية بالأبناء، إنما يحتاج هؤلاء إلى استجاشة وجدانهم بقوة ليذكروا واجب الجيل الذي أنفق رحيقه كله حتى أدركه الجفاف، وهنا يجيء الأمر بالإحسان إلى الوالدين صورة قضاء من الله يحمل معنى الأمر المؤكد، بعد الأمر المؤكد بعبادة الله.
((إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا)): والكبر له جلاله، وضعف الكبر له إيحاؤه.
وكلمة ((عندك)): تصور معنى الالتجاء والاحتماء في حالة الكبر والضعف.
((فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا)): وهي أول مرتبة من مراتب الرعاية والأدب، ألا يند من الولد ما يدل على الضجر والضيق، وما يشير بالإهانة وسوء الأدب.
((وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً)): وهي مرتبة أعلى إيجابية أن يكون كلامه لها يشي بالإكرام والاحترام.
((وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ)): إنها الرحمة ترق وتلطف، حتى لكأنها الذل الذي لا يرفع عيناً ولا يرفض أمراً.
((وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً)): فهي الذكرى الحانية، ذكرى الطفولة الضعيفة يرعاها الوالدان وهما اليوم في مثلها من الضعف والحاجة إلى الرعاية والحنان، وهو التوجه إلى الله أن يرحمهما فرحمة الله أوسع، ورعاية الله أشمل، وضباب الله أرحب، وهو أقدر على جزائهما بما بذلا من دمهما وقلبهما مما لا يقدر على جزائه الأبناء.
كيف يكون الولد الصالح ربحاً في الآخرة؟
1- الدعاء للوالدين بعد وفاتهما: إن موت الإنسان ليس نهاية ولكنه انتقال من دار الفناء إلى دار الخلد، وأخطر ما في الموت هي قضية انقطاع العمل، من أجل ذلك بيّن لنا رسول الله أن هناك امتداد لعمل الإنسان حتى بعد موته وانقطاع عمله من الدنيا وهذا الامتداد هو دعاء الولد الصالح لأبيه، كما جاء في الحديث: ((إذا مات بن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له))، رواه مسلم. وكما جاء في الآية الكريمة من سورة الإسراء: ((وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً)).
2- الدعاء عند الدفن ووقت سؤال الملائكة: وقف محمد عند دفن أبيه ثم انصرف الجميع، فإذا به يجلس يتمثل حديث رسولنا – صلى الله عليه وسلم - عندما قال لأصحابه: ((استغفروا لأخيكم، وسلوا له التثبيت -أي عند سؤال الملكين له- فإنه الآن يُسأل)) رواه أبو داود.
3- التصدق عن المتوفي: عن عائشة - رضي الله عنها -: أن رجلاً قال للنبي– صلى الله عليه وسلم -: ((إن أمي اُقتتلت نفسها- أي ماتت- وأرها لو تكلمت تصدقت، فهل لها من أجر إن تصدقتُ عنها؟ قال: "نعم")) متفق عليه.
4- الحج والعمرة عن المُتوفى فإنه يصل أجرها إليه بعد موته.
5- حفظ الولد للقرآن: ((إن القرآن يلقى صاحبه يوم القيامة حين ينشق عنه قبره كالرجل الشاحب، فيقول له: "هل تعرفني؟ "، فيقول له: "ما أعرفك"، فيقول: "أنا صاحبك القرآن الذي أظمأتك في الهواجر وأسهرت ليلك، وإن كل تاجر من وراء تجارته، وإنك اليوم من وراء كل تجارة"، فيُعطى الملك بيمينه والخلد بشماله، ويوضع على رأسه تاج الوقار ويُكسى والده حلتين لا يقوم لهما أهل الدنيا، فيقولان: "بم كُسينا هذا؟ "، فيُقال: "بأخذ ولدكما القرآن". ثم يُقال له: "اقرأ واصعد في درجة الجنة وغرفها فهو في صعود ما دام يقرأ هذَّاً (يعني سرعة القراءة) أو ترتيلاً))، رواه أحمد.
ومن الطبيعي أن الابن الذي حفظ القرآن كان وراءه أم وأب حريصان على تحفيظه القرآن، وبذلا الوقت والجهد في التسميع والمراجعة والمتابعة فكان الجزاء في الآخرة من جنس العمل والثمر من نوع الشجر، فيكسى الابن والديه حلتين يوم القيامة.
6- استغفار الولد لأبيه يرفع درجته في الجنة.
وخلاصة القول:
إن من أهداف الزواج الأخروية، دعاء الولد الصالح لوالديه بعد وفاتهما وبعد انقطاع العمل كما جاء في حديث رسولنا الكريم:
((إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم يُنتفع به، أو ولد صالح يدعو له)) صحيح.
وكما جاء في قوله - تعالى -: ((وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً))، ولا يكون الولد صالحاً إلا إذا اهتم الآباء والأمهات بتربيته التربية الصالحة النافعة، ويمكن الرجوع في هذا المجال وتربية الأبناء إلى ركن أطفالنا على موقعنا.
وفق الله الأبناء والآباء للعمل الصالح وما فيه الخير في الدنيا والآخرة.