مشاهدة النسخة كاملة : كيف تخرّج حديثا
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه .وبعد.
فهذا هو الجزء الثاني من الدورة العلمية التي ألقها فضيلة الشيخ/ محمد بن عبدالله الخضير حفظه الله والتي هي بعنوان كيف تشرح وتخرّج وتحكم على حديث مع التطبيق العملي ، وقد سبق الجزء الأول وهو بعنوان/ كيف تشرح حديثاً ؟ ،
وهذا هو الجزء الثاني وهو بعنوان/
كيف تُخرّج حديثاً ؟.
فنسأل الله العون والسداد وإخلاص القول والعمل له سبحانه.
التخريج هو : عزو الحديث إلى مصادره الأصلية ، وبيان درجته عند الحاجة.
ويقصدون بالمصادر الأصلية تلك الكتب التي تُروى بالأسانيد من المؤلف إلى النبي salla .
فمثلاً:
صحيح البخاري كتاب أصلي ومسلم كتاب أصلى .
لمَا ؟
لأنه يروي بإسناده عن شيخه إلى النبي salla.
بينما يقولون أن مجمع الزوائد ورياض الصالحين ، وغيرها ليست كتباً أصلية .
لمَا ؟
لأن أصحابها لا يروون بالأسانيد ، وإنما همّهم جمع الأحاديث مبتورةً عن أسانيدها.
يقول علماء التخريج:
أن المُخرّج همّه أصل الحديث ، والفقيه همّه لفظ الحديث.
كما نص على ذلك الزيلعي في نصب الراية (1/200).
وفي الحقيقة أن الأحاديث التي يُراد تخريجها لا تعدوا من أحد ثلاث حالات:
1. فإما أن تعطى متناً دون أن يرتبط هذا المتن بصحابي ولا إسناد .
وهذا أصعب أنواع التخريج.
2. وإما أن تُعطى متناً مقروناً بصحابي دون إسناد .
وهذا يليه في الصعوبة . لكنه أهون من الأول.
3. وإما أن تكون مربوطاً بإسناد من المؤلف إلى الرسولsalla .
وهذا أسهل أنواع التخريج.
لقائل أن يقول: لمَا صَعُب الأول ولمَا سهُل الثالث ولمَا توسط الثاني ؟
لأنك إذا أُعطيت متناً غير مرتبط بصحابي فإنك مسؤول عن تخريج هذا المتن عن جميع من رواه من الصحابة ، فلك أن تتصور أنك أُعطيت متناً مثل: ( من كذب عليَّ متعمداً فليتبوء مقعده من النار ). فقد رواه أكثر من 60 صحابياً ، منهم العشرة المبشرون بالجنة ، فليس تخريج حديث أبي هريرة رضي الله عنه بأهم من تخريج حديث ابن عمر رضي الله عنهما ، لأنه ليس لأحد من الصحابة على الآخر مزيةٌ ، لأنك مسؤول عن المتن.
بينما لو قال عن ابن عمر رضي الله عنهما ، فإنك مسؤول عن هذا الإسناد حتى يصح , وتترك طُرقاً لهذا الإسناد بعد صحته ، لأن همّك أن يصح الإسناد الذي بين يديك . ولذا سَهُلَ الأخير وصَعُبَ الأول.
التخريج لا بد أن يمر بثلاث مراحل:
المرحلة الأولى: كيف تصل إلى الحديث في بطون الكتب الأصلية.
المرحلة الثانية: بعد أن تصل ماذا تأخذ وماذا تدع ؟.
المرحلة الثالثة: كيف تصوغ ما أخذت ؟.
إن للوصول إلى الحديث في بطون الكتب الأصلية طُرقاً أشهرها خمس:
الطريق الأول: إما أن تصل إلى الحديث عن طريق الراوي الأعلى ، وهو الصحابي أو من دونه. ولها مؤلفاتها.
الطريق الثاني: أن يكون عن طريق أوّل الحديث ، ويُسمّونه طرف الحديث.
الطريق الثالث: أن يكون عن طريق كلمة يقل دورانها.
الطريق الرابع: أن يكون عن طريق خصائص تكون في السند أو المتن.
الطريق الخامس: أن يكون عن طريق موضوع الحديث.
وأولى هذه الطرق التخريج عن طريق موضوع الحديث . لماذا ؟
لأسباب:
1. أنك بتخريجك عن طريق موضوع الحديث تجمع الأحاديث الواردة في ذلك الموضوع المؤيدة والمعارضة ، وبالتالي يُصبح لديك إلمام عن جميع الموضوع. فمثلاً: إذا كان الحديث في كتاب الصلاة باب صلاة الجماعة ، تجد أكثر من عشرة أحاديث واردة في فضل صلاة الجماعة المقوًية والمعارضة ، بينما لو أخذت الحديث عن طريق الراوي الأعلى ، فلا تجد غير حديث عبدالله بن عمر ، فلا تجد حديث أبي هريرة ولا حديث عائشة ولا حديث أُبيّ رضي الله عنهم.
2. أن التخريج من طريق موضوع الحديث ينمي لدى الطالب مَلكةَ الاستنباط والفهم ، لأنك لن تعرف موضوع الحديث حتى تعرف فقهه . ثم إن هذا الاستنباط يتقوّى ، إذ أنه اتضح أنك لست وحدك في الفهم ، لأن فهمك مربوط بفهم المصنّف الأصلي . هل يوافقك في هذا الفهم أو لا ؟.
وهذه الطريقة تنمي عندك فهم مناهج أصحاب الكتب الأصلية.
بعد أن تصل إلى الحديث .. يُهمنا هنا أن تعرف ماذا تأخذ وماذا تدع ؟
والأمر يزيد أهمية إذا اتضح لك أن لكل كتاب خصائصه ، فما تأخذه من البخاري غير ما تأخذه من مسلم . وما تأخذه من مسلم غير ما تأخذه من الترمذي ..... وهكذا . هناك قواسم مشتركة ولكن لكل كتاب خصائصه.
فمثلاً:
إذا كان الحديث في البخاري ، من المهم أن تعرف
هل رواه متصلاً أو مُعَلّقاً ،
وإذا كان مُعَلّقاً هل رواه بصيغة الجزم أو بصيغة التمريض ،
وإذا كان متصلاً هل أورده في الأصول أو أورده في الشواهد والمتابعات ،
فمثلاً تقول: رواه مُعَلّقاً مجزوماً به ، أو مُعَلّقاً بصيغة التمريض ، وتنص على هذا.
وإن كان في مسلم هل ساق لفظه أو أحال على غيره ،
وهل صرّح بالاختلاف بين الألفاظ ،
وهل صرّح بلفظ فلان دون فلان ،
وهل هذا فلان هو الذي معك في الإسناد ،
وهل هذا لفظه أو غير اللفظ ،
وهل اعتمد عليه أو جاء به في المتابعات والشواهد دون أصول الأبواب.
وإذا كان في أبي داود هل قدّمه واعتمد عليه ،
وهل جاء بما يُعارضه ،
وهل جاء متصلاً ،
وهل صرّح بما يُضعّفه ،
وهل بيّن ضعفه سواءً بالإيماء أو بالتصريح أو لا.
وإذا كان في الترمذي هل حكم عليه وبما حكم عليه ،
وهل حكم عليه حكماً مطلقاً أو من هذا الوجه ،
وهل حكم عليه بنفسه أو حكم عليه ناقلاً عن غيره ،
وهل أورد ما يُقويه في الباب أو لا.
وإذا كان في الحاكم هل حكم عليه ، وبما حكم عليه ،
وما موقف الذهبي من هذا الحكم ، وهل قوّاه أو اعترض عليه.
ثم إذا كان في ابن خزيمة هل أورده مُحتجاً به دون اعتراض أو أنه مرّض القول فيه ـ أو ـ علّق القول فيه بقوله: إن ثبت الخبر ، وهل قدّم المتن على الإسناد تضعيفاً له أو لا.
ولا بد أن يكون عند طالب العلم نباهة في مناهج المحدثين(1) (http://www.albshara.com/newreply.php?do=postreply&t=13607#_ftn1) . وبعضها لا يُعرف إلا عن طريق كتب المصطلح(2) (http://www.albshara.com/newreply.php?do=postreply&t=13607#_ftn2).
يتبع...
المصادر
--------------------------
( (http://www.albshara.com/newreply.php?do=postreply&t=13607#_ftnref1)1) قال مُقيّده : انظر كتاباً للشيخ د.سعد آل حميد بعنوان مناهج المحدثين.
(2) قال مُقيّده: انظر مثلاً: تدريب الرواي للسيوطي ، قواعد التحديث للقاسمي ، الحديث النبوي لمحمد لطفي الصبّاغ. (http://www.albshara.com/newreply.php?do=postreply&t=13607#_ftnref2)
أبوحمزة السيوطي
2010-04-03, 04:16 PM
بارك الله فيك أختنا الكريمة
متابع لهذا الموضوع الأكثر من رائع
للتثبيت
ابو علي الفلسطيني
2010-04-03, 05:05 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
بارك الله فيكم اختنا الفاضلة وفي الشيخ الجليل محمد الخضير ... ومتابع للاستفادة والتعلم ...
ولكن قبل ان يتعلم الطالب التخريج .. عليه ان يتعلم مصطلحات الحديث ليعرف ما معنى حديث معلق او موصول ومعنى صيغ التمريض او الجزم ... وانواع الحديث بشكل عام .. فهذه مظانها كتب مثل البيقونية ثم مقدمة ابن الصلاح ..الخ ... وفقكم الله تعالى
أبوحمزة السيوطي
2010-04-03, 05:51 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
بارك الله فيكم اختنا الفاضلة وفي الشيخ الجليل محمد الخضير ... ومتابع للاستفادة والتعلم ...
ولكن قبل ان يتعلم الطالب التخريج .. عليه ان يتعلم مصطلحات الحديث ليعرف ما معنى حديث معلق او موصول ومعنى صيغ التمريض او الجزم ... وانواع الحديث بشكل عام .. فهذه مظانها كتب مثل البيقونية ثم مقدمة ابن الصلاح ..الخ ... وفقكم الله تعالى
نعم شيخنا مرحلة التخريج مرحلة متقدمة ولن يستوعبها إلا من مر على المصطلح أولاً
بارك الله فيك أختنا الكريمة
متابع لهذا الموضوع الأكثر من رائع
للتثبيت
جزاكم الله خيرا أخي الفاضل وباركَ الله فيكم وأرضاكم
بسم الله الرحمن الرحيم
بارك الله فيكم اختنا الفاضلة وفي الشيخ الجليل محمد الخضير ... ومتابع للاستفادة والتعلم ...
يشرفني متابعة حضرتكم للموضوع أخي الفاضل
ولكن قبل ان يتعلم الطالب التخريج .. عليه ان يتعلم مصطلحات الحديث ليعرف ما معنى حديث معلق او موصول ومعنى صيغ التمريض او الجزم ... وانواع الحديث بشكل عام .. فهذه مظانها كتب مثل البيقونية ثم مقدمة ابن الصلاح ..الخ ... وفقكم الله تعالى
صدقت أخي الفاضل هو كذلكَ نستطيع أن نقول أن هذه الدورة هي لمن ألف هذه المصطلحات ولديه معرفة بعلم الحديث وهي بمثابة ملخص بالخطوات التي يجب أن يتبعها طالب العلم لتخريج حديث معين
ثم بعد أن تعرف ما تأخذ وما تدع ، لا بد أن تصوغ ، وإذا أردت أن تصوغ فلا بد أن تأتي بعشر كلمات ، لا بُدَّ أن تقول: أخرجه فلان في كتابه كتاب وباب وجزء وصفحة ورقم حديث بلفظه أو نحوه أو معناه من حديث فلان.
لكن ما وجدته من هذه الأمور العشرة فنُصَّ عليه ، وما لم تجده فاتركه ، لأن هناك من يستوفي هذه الأمور العشر وهناك من لا يستوفيها.
لكن يبقى الكلام عن كلمة لفظه ، لا بُدَّ أن تأخذ اللفظ الذي معك ثم تقارنه باللفظ الذي وصلت إليه في الكتاب الأصلي ، فإما أن تقول رواه بلفظه أي تُقارن بين المتن الذي معك والمتن الذي وجدته في الأصل ، فإما أن تقول بلفظه أو بنحوه أو مُطوّلاً أو مُختصراً أو مُقتصراً على شطره الأول أو فيه قصة أو مُقتصراً على شطره الأخير أو أصل الحديث أو ما يدل بدقة وليس له داعٍ أن تُشير إلى لفظ الحديث ، فالذين نراهم يُوردون لفظ الحديث ويقولون:
هذا لفظ مسلم وهذا لفظ البخاري وهذا لفظ كذا ، ثم يُورد ويملئ الصفحات ، فهذا لقلة فقهه وخبرته. وإلا فإنك تُقارن هل هو بلفظه أو بنحوه مطولاً ... ألخ.
ثم بعد أن ننظر نصوغ دون التعرض لمتنه ، لكن بعد أن تصل إلى الطرق . كيف تصوغ ؟
وما الذي ينبغي أن تقدّم ؟.
لا بد أن تجعل للحديث شجرة ، والإنسان لا يستطيع أن يُخرّج أو يحكم حتى يعرف مدار الحديث ، وما لم يعرف مدار الحديث فإنه ضائع.
ثم بعد ذلك البداءة بالتخريج ، ما الذي يحكمها ؟
يحكمها الإسناد الذي معك . ليس البخاري هو الذي يُبدأ به ولا مسلم ولا غيره ، وإنما يحكم البداءة هو الإسناد الذي معك .
فلنضرب مثالاً:
لو أن السند الذي أُريد تخريجه هو سند أبو عوانة في مستخرجه ، فإن أوّل ما يمكن أن يُقدم هو إسناد مسلم لأنه يلتقي به قبل أن نصل إلى المدار.وتَلحظ أنّا تركنا البخاري وتركنا مسلم من أقوى طُرقه ، لأن الإسناد يصل إلى إسناد مسلم قبل أن يصل إلى البخاري ، فإنه لا يصل إلا بالمدار ، لأنهما يرويان عن عبيدالله العُمري.
إذاً ما الذي يُبدأ به ؟
البداءة تكون بالإسناد الذي معك.
بعد الوصول إلى المدار الأولى أن تأخذ الأشهر والأكثر طُرقاً ، ثم إذا وصلت إلى الأشهر بعد أن تأتي بالإسناد الذي معك حتى تصل إلى ملتقى الطرق ، تأتي إلى أشهر من روى عنه ذلك به.
مثلاً:
مالك أشهر من روى عنه في هذا الإسناد . ثم بعد ذلك تبتدأ بالأعلى إسناداً ، فتقول: رواه مالك في الموطأ كتاب وباب وجزء ... ألخ. ثم بعد ذلك تقول ومن طريق مالك أخرجه البخاري ـ لأن البخاري أقوى من مسلم ـ ثم بعد ذلك تُعرًج على مسلم.
وإن اتفقا فتبدأ بالأقوى أو الأعلى إسناداً ، ثم بعد ذلك إن شئت أن تبدأ بعبدالرزاق لأنه أعلى إسناداً أو بمسلم لأنه أقوى وإن كان نازلاً.
ثم بعد ذلك أبدأ بأقرب إسناد في الإسناد الذي معي.
مثال: أبو عوانة أقرب شيء له مسلم من رواية ابن نُمير عن أبيه.
* هناك فرق بين ( من طريق ) و (عن ):
إذا كان بينهما وسائط فأقول (من طريق) ، وإذا كان مباشر فأقول (عن) . مثال: لو أردت رواية الضحاك بن عثمان الأسدي أقول أخرجه مسلم من طريق الضحاك ، لأني تركت راويين قبل الوصول. ولكن إذا قلت مالك في الموطأ وعنه البخاري ، لأن (عن) معناها : أن البخاري يروي مباشرة عن تلميذه.
ثم أقول أربعتهم عن نافع به.
الهزبر
2010-04-05, 09:40 PM
السلام عليكم
جزيت خيرا ونفع الله بعلمك.
Powered by vBulletin® Version 4.2.0 Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir