عبدالرحمن السلفى
2010-04-30, 08:34 AM
"المسيَّا الرئيس" الذي أخبر عنه دانيال وبشّر به المسيح
محمد عبد الشافي القوصي (http://www.shareah.com/index.php?/authors/view/id/486/s/1/)
14 - 9 - 2009
ليس اكتشاف النسخة السامرية من "التوراة" بالأمر الهين، أو الذي سيمر بسهولة في هذا العالم الذي يأبى إلا إيثار الضلال على الهدى! بسبب قوة الدعاية الصهيونية وسلطة المال مع مآرب القوى المسخرة لسياسة الاستعمار والتبشير، وقد قام بترجمة هذه النسخة الكاهن السامري "أبو الحسن إسحاق الصوري" من العبرية إلى الإنجليزية، بعد العثور عليها بمدينة نابلس الفلسطينية، وبعث بها إلى جامعة برلين بألمانيا، ثم نقلت إلى جامعة السربون بفرنسا خلال العام الماضي.
ومع أن هناك كثيرًا من التشابه بين "التوراة السامرية" ونسخ التوراة الأخرى "العبرانية واليونانية"، إلا أن النصارى لعدم إيمانهم بها، روجوا للتوراة العبرانية؛ لأن المسيح من اليهود العبرانيين! مع أن كثيرين من يهود السامرة آمنوا بالمسيح، ولم يحاولوا إيذاءه كالآخرين!
والعجيب أن النصارى إلى يومنا هذا ينشرون التوراة العبرانية بين الناس، ويضمونها مع الإنجيل في كتاب واحد أسموه "الكتاب المقدس"! لكن اليهود لا يعترفون بهذا الكتاب إطلاقًا ... فترجمة اليهود للتوراة أفضل بكثير من ترجمة النصارى، كما أن اليهود أكثر معرفة من غيرهم بلغة كتابهم.
أما الفارق بين اليهود السامريين وإخوانهم العبرانيين: فيتلخص في أن السامريين لا يؤمنون إلا بأسفار موسى الخمسة "التكوين، الخروج، التثنية، اللاويين، العدد"، ولا يؤمنون بالتلمود ولا بأسفار الأنبياء من بعد موسى، ويعترفون بنبوة محمد بناء على "البركة التي وضعها اللَّـه في إسماعيل، وأن اللَّـه سيكثر نسله جدًّا جدًّا. ويجعله أمة كبيرة" [التثنية، (18،22)].
ومن أوجه الاختلاف بين السامريين والعبرانيين: أن يهود السامرة يؤمنون بأن البشارة الواردة في سِفْر التثنية، تشير إلى نبوة "محمد" وليس لأحد سواه، وهي كالآتي: "سأقيم لهم نبيًّا مثلك من وسط إخوتهم، أجعل كلامي في فمه فيكلِّمهم بكل ما أُوصيه به، ولسوف تستمعون إليه، ويكون أن الإنسان الذي لا يسمع لكلامي الذي يتكلم باسمي أنا أطالبه" [التثنية (18،18)]، وفي النسخة الكاثوليكية من الكتاب المقدس يقول: "سأكون أنا المنتقم" أي أنّ الله سيتوعد بالعقاب من لا يسمع له.
وهذا النص جاء في النسخة الإنجليزية كالآتي: "ولسوف يقيم ربك رسولًا من أبناء عمومتكم مثلك، أجعل كلامي في فمه فيكلِّمهم بكل ما أوصيه به، ولسوف تستمعون إليه ..."، فاليهود يزعمون أن هذه البشارة في حق "يوشع" وليس معهم دليل بذلك! والنصارى يزعمون أن هذا النص التوراتي يبشِّر بقدوم المسيح، بحجة أن عيسى مثل موسى باعتبار أنهما رسولان، وأنهم من بني إسرائيل.
ونحن إذا سلَّمنا بهاتين النقطتين، ووافقناهم في تأويلهم، فإننا نكون غير محايدين؛ لأن هناك أنبياء كثيرين تجمعهم بموسى هاتان الصفتان، أمثال: سليمان، وإشعياء، وحزقيال، ودانيال، وهوشع، وملاخي، وزكريا، ويحيى، وغيرهم الكثير. فكلُّهم كانوا يهودًا، وكانوا أنبياء، لكن بنظرة موضوعية لا نرى أنَّ عيسى مثل "موسى" للأسباب التالية:
- يرى المسيحيون أن عيسى إله، في حين يرى اليهود أن موسى لم يكن إلا نبيًّا ورسولًا.
- يرى المسيحيون أن عيسى صُلِبَ مُكفِّرًا عن خطايا العالم، ولكن موسى لم يمت مكفرًا عن خطايا أحد.
- يرى المسيحيون أن عيسى ذهب إلى النار لمدة ثلاثة أيام، في حين لم يذهب موسى إلى نار إطلاقًا، وعلى ذلك لا يكون عيسى مثل موسى.
ولكن إذا قارنَّا مُحمَّدًا بموسى في حدود هذه الجملة التي وردت في التوراة، نجد ما يلي:
- وُلِد موسى من أب وأُم، كذلك وُلِدَ مُحمَّد، ولكن عيسى ولد من أنثى فقط، ولم يكن له أب.
- وُلِدَ موسى بالطريق الطبيعي زواج رجل بامرأة، ولكن عيسى ولِد بمعجزة.
- لقد تزوج موسى وكذلك محمد، وأنجبا ذرية، أما عيسى فبقي دون زواج طيلة حياته، وبالتالي فإن "عيسى" ليس كموسى، ولكن محمد مثله.
- صدَّق الشعب العربي محمَّدًا كما صدق الشعب اليهودي موسى، وقد تقبَّلاهما كرسولين خلال حياتهما، وأما عيسى الذي جاء إلى اليهود، لم تقبله اليهود حتى بعد قرابة ألفي سنة، وعلى ذلك نقول: إن عيسى ليس مثل موسى، بل موسى مثل محمد.
- كان كل من موسى ومحمد رسولًا وحاكمًا مدنيًّا، لكن عيسى لم يحكم ولم يملك حق تنفيذ الشريعة كصاحبيه، وبالتالي نقول: إن عيسى لم يكن مثل موسى، بل كان محمد مثله.
- جاء كل من موسى ومحمد بشريعة جديدة، أما المسيح فنجده يكرر مرارًا للشعب اليهودي بأنه لم يأت بدين جديد، وما جاء لينقض شريعة موسى، بل ليصلح فقط، وعلى ذلك يكون عيسى غير موسى وليس شبيهًا له، في حين أن محمدًًا شبيه بموسى ومثله.
- مات كلٌ من موسى ومحمد بطريقة طبيعية، لكن عيسى وفق ما يدَّعيه المسيحيون قُتِل على الصليب، ووفق القرآن رُفع إلى السماء، وعلى ذلك يكون محمد مثل موسى، وليس "عيسى" مثل موسى.
- دُفِنَ جثمان كل من موسى ومحمد في الأرض، ولكن عيسى كان مثواه السماء، وبالتالي يكون محمد مثل موسى، أما عيسى فلا. ومعنى: "أجعل كلامي في فمه فيكلِّمهم بكل ما أوصيه به" التي وردت في النص السابق: أي أن هذا النبي سيكون أُميًّا، لا يقرأ ولا يكتب، وأما المقصود بـ"من وسط إخوتهم ... أو من أبناء عمومتهم" أي: من نسل "إسماعيل" وليس من نسل بني إسرائيل؛ لأنه ولو كان هذا النبي الموعود من نسل إسرائيل، لقال: منكم أو من أنفسكم أو من بيت إسرائيل، أليست هذه هي الحقيقة؟
ومما يُدحض رأي اليهود والنصارى في أن هذه البشارة لم تكن متطابقة على يوشع ولا على السيد المسيح، وإنما تؤكد أنها تبشر على بالنبي الأمي الخاتم؛ فقد جاء في آخر التوراة أنه لا يقوم في بني إسرائيل نبي مثل موسى: "لن يظهر بعد نبي في بني إسرائيل مثل موسى، الذي خاطبه الرب وجهًا لوجه" [التثنية (34،10)]، وكما هو معروف لدى الجميع أن يوشع والمسيح كانا من بني إسرائيل، فلا يبقى إذًا سوى "محمد" الذي تحدث عنه سفر التثنية!
التوراة والأناجيل تتحدث عن نبي مصطفى:
لقد ظل الأحبار والكهنة يتداولون فيما بينهم ـ نقلًا عن آبائهم وأجدادهم ـ أن الله سيرسل نبيًّا عظيم القدر، أخبر عنه موسى. فكان كلما جاءهم نبي يسألونه إذا كان هو المقصود بهذه البشارة أم لا؟ حتى جاء "يحيى بن زكريا" ـكما جاء في الإصحاح الأول من الإنجيل يوحنا ـوكان يعمد الناس في نهر الأردن، وكان ذلك في زمن المسيح عليه السلام، فتصدَّى له أحبار اليهود، وسألوه: هل أنت النبي المسيَّا ـأي المختار أو المصطفى أو المجتبى؟ ـ قال: لا، فقالوا: إذا لم تكن المسيح ولا ذلك النبي المنتظر، إذًا فلماذا تُعمَّد؟". وحيث إن السؤال كان في عهد السيد المسيح، فمن ذلك النبي الذي سألوا عنه؟!
إنه لم يبق إلا "النبي محمد"؛ لأنه قد جاء بعد المسيح مباشرة، وهذه البشارة تفنِّد ادعاء اليهود أن بشارة موسى عن نبي يقيمه اللَّـه لهم [سفر التثنية، (18)] دالَّة على يوشع بن نون؛ لأنه لو كان المقصود لما ظل اليهود إلى زمن المسيح يسألون عن ذلك النبي! وتفنِّد أيضًاادعاء النصارى بأن بشارة موسى السابقة تشير إلى المسيح؛ لأن علماء اليهود قالوا ليحيي: "إن كنت لست المسيح ولا النبي" وهذا يدلُّ على أن هذا النبي غير المسيح عليه السلام.
وورد أيضًا في إنجيل [يوحنا، (1،15)] بشارة أخرى بالمسيَّا الرئيس "إمام المرسلين"، والذي أخبر عنه دانيال في [الإصحاح: 9]الذي به تتم النعمة، وبه تُختَم النبوات، وهذه الشارة تطابق أيضًا ما ورد في أناجيل أخرى، ففي الحوار الذي سجَّله برنابا [الإصحاح: 96] بين الكاهن وبين المسيح أمام الجماهير "قال الكاهن: إنه مكتوب في كتاب موسى؛ أن إلهنا سيرسل لنا مُسيّا الذي سيأتي ليخبرنا بما يريد الله. وسيأتي للعالم برحمة الله، لذلك أرجوك أن تقول لنا الحق: هل أنت مسيّا الذي ننتظره ..؟ أجاب يسوع: حقًّا إن الله وعد هكذا، ولكني لست هو؛ لأنه خُلِقَ قبلي وسيأتي بعدي".
وفي رواية إنجيل يوحنّا "أجاب الكاهن: إننا نعتقد من كلامك وآياتك على كل حال أنك نبيٌّ وقدوس الله، لذلك أرجوك أن تفيدنا بأية كيفية سيأتي مسيَّا ...؟ أجاب يسوع: "لعمر اللَّـه الذي تقف بحضرته نفسي إني لست مسيَّا الذي تنتظره كل الشعوب"، لقد حظي "النبي الأمي" بالنصيب الأوفى من بشارات التوراة، ونظرًا لكثرتها وتنوعها عملوا على كتمانها وإخفائها، فصاروا إلى تحريف التأويل وإزالة معناها عمَّن لا تصلح لغيره، وجعلها لمعدوم لم يخلقه اللَّـه ولا وجود له البتَّة.
فجمعوا بين التحريف والكتمان لنعت الرسول، وأخذ هذا التحريف أشكالًا عدة، منها: إلباس الحق بالباطل، أي خلطه بحيث لا يتميز الحق من الباطل، وكتمان الحق وإخفاؤه، وتحريف الكلم عن مواضعه، سواء في لفظه أو معناه، ولي اللسان به ليلبس على السامع اللفظ المنزل بغيره، وقد وبخهم الله سبحانه وبكتهم على لسان رسوله بالتحريف والكتمان والإخفاء.
وإذا كان القوم يقرءون كتبهم ويؤمنون بما جاء فيها كما يزعمون؛ فإننا ندعوهم إلى إعادة قراءة البشارات التالية، بشرط أن يحترموا عقولهم، وينحازوا للحق وحده، وقد حاولت الاعتماد في كثير من النصوص على النسخة الإنجليزية من الكتاب المقدس؛ لأن نسخة الآباء اليسوعيين مملوءة بالحشو والأخطاء والفراغات، إلى جانب ركاكة الترجمة، وتضارب النسخ وتناقضها في أغلب النصوص، وقد نبهني لذلك كثير من المسيحيين.
إن من يتصفح "التوراة" سوف يرى كمًّا هائلًا من البشارات التي تُبشِّر بمقدم نبي أمي عظيم، أو نبي آخر الزمان، وتذكر صفاته وأحواله والتي من أهمها: أنه ليس من بني إسرائيل، كما أنه صاحب شريعة تدوم إلى الأبد، ويسحق أعداءه، ودعوته تكون لخير جميع الأمم، وهذه الصفات لم تتوافر في أحد من الأنبياء سواه، ولا يمكن للنصارى حمل تلك النبوءات التي يقرِّون في أنها نبوءات، لا يمكن لهم أن يحملوها على غيره، إذ موسى وعيسى كانا نبيين إلى بني إسرائيل فقط، وكان موسى صاحب شريعة انتصر أتباعه على أعدائه، وأمَّا عيسى فلم ينزل بشريعة مستقلة، بل جاء بتكميل شريعة موسى، فهو القائل: "لا تظنّوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء، ما جئت لأنقض بل لأُكمل" [متى، (17،5)]ولم يقيض له أن ينتصر على أعدائه، بل يزعم النصارى أن خصومه تمكنوا منه وصلبوه، فكيف يُقال بأنه المختار الذي يسحق أعداءه وتترقبه الأمم؟!
بشارة يعقوب بشيلون:
أقدم النبوءات الكتابية التي تحدثت عن النبي الخاتم جاءت في وصية يعقوب لبنيه قبل وفاته حين قال لهم: "لا يزول صولجان من يهوذا ومشترع من بين رجليه حتى يأتي شيلون، وله يكون خضوع الشعوب" [التكوين، 10،49].
والمعنى أنه ستظل النبوة في بني إسرائيل، إلى أن يأتي عظيم العالم "مُحمَّد" الذي ستخضع الشعوب لدينه وشريعته، ومن ثمَّ يبطُل العمل بالشرائع السابقة.
بشارة "سفر التثنية":
ورد في سفر التثنية [الإصحاح 33، الفقرة 2]: "جاء الرب من سيناء وأشرق لهم من ساعير، وتلألأ من جبال فاران، وعن يمينه نار شريعة لهم، فأحب الشعب جميع قديسيه، في يدك وهم جالسون عند قدمك يتقبلون من أقوالك"، وهي في النسخة الإنجليزية: "جاء الله من سيناء وأشرق لهم من ساعير وتلألأ فصاعدًا من جبل فاران، وأتى مع عشرات الآلاف من القديسين، من يده اليمنى فرض لهم قانونًا ناريًّا، فأحب الشعب جميع قديسيه، في يدك وهم جالسون عند قدمك يتقبلون من أقوالك".
فهذا النص يتحدث عن موضع نزول الرسالات السماوية الأخيرة "جاء الربُّ من سيناء" المقصود بها رسالة موسى، و"أشرق من ساعير" تشير إلى رسالة عيسى، و"ساعير" هي منطقة جبلية بأرض فلسطين، وهي الأرض التي عاش فيها المسيح. و"تلألأ من جبال فاران" المقصود بها رسالة الإسلام على النبي الأمي، و"فاران" هي مكة المكرمة، وهي نفس الأرض التي عاش عليها إسماعيل ـ كما ذكر سفر التكوين [الإصحاح، 21]: "وكان ينمو رامي قوس، وسكن في برية فاران"، وهذا النص يوافق بداية سورة التين في القرآن، حيث يقسم الله تعالى قائلًا: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ (2) وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ} [التين: 1-3].
هذه الآيات الكريمة تشير إلى أماكن الرسالات الثلاث: اليهودية والمسيحية والإسلام، ففي التوراة بدأت بالتسلسل الزمني "التوراة، فالإنجيل، فالقرآن"، أمَّا في القرآن فقد جاءت حسب المنزلة والمكانة "الإنجيل وعيسى، التوراة وموسى، القرآن ومحمد".
بشارة سفر العدد:
جاء في قصة بلعام بن باعوراء أنه قال لقومه: "انظروا كوكبًا قد ظهر من آل إسماعيل، وعضده سبط من العرب. ولظهوره تزلزلت الأرض ومن عليها"، ومعروف أنه لم يظهر من نسل إسماعيل نبي إلا "محمد"، وما تزلزلت الأرض إلا لظهوره، وتغيّر الكون بعد بعثته.
http://www.shareah.com/index.php?/records/view/id/4271/
محمد عبد الشافي القوصي (http://www.shareah.com/index.php?/authors/view/id/486/s/1/)
14 - 9 - 2009
ليس اكتشاف النسخة السامرية من "التوراة" بالأمر الهين، أو الذي سيمر بسهولة في هذا العالم الذي يأبى إلا إيثار الضلال على الهدى! بسبب قوة الدعاية الصهيونية وسلطة المال مع مآرب القوى المسخرة لسياسة الاستعمار والتبشير، وقد قام بترجمة هذه النسخة الكاهن السامري "أبو الحسن إسحاق الصوري" من العبرية إلى الإنجليزية، بعد العثور عليها بمدينة نابلس الفلسطينية، وبعث بها إلى جامعة برلين بألمانيا، ثم نقلت إلى جامعة السربون بفرنسا خلال العام الماضي.
ومع أن هناك كثيرًا من التشابه بين "التوراة السامرية" ونسخ التوراة الأخرى "العبرانية واليونانية"، إلا أن النصارى لعدم إيمانهم بها، روجوا للتوراة العبرانية؛ لأن المسيح من اليهود العبرانيين! مع أن كثيرين من يهود السامرة آمنوا بالمسيح، ولم يحاولوا إيذاءه كالآخرين!
والعجيب أن النصارى إلى يومنا هذا ينشرون التوراة العبرانية بين الناس، ويضمونها مع الإنجيل في كتاب واحد أسموه "الكتاب المقدس"! لكن اليهود لا يعترفون بهذا الكتاب إطلاقًا ... فترجمة اليهود للتوراة أفضل بكثير من ترجمة النصارى، كما أن اليهود أكثر معرفة من غيرهم بلغة كتابهم.
أما الفارق بين اليهود السامريين وإخوانهم العبرانيين: فيتلخص في أن السامريين لا يؤمنون إلا بأسفار موسى الخمسة "التكوين، الخروج، التثنية، اللاويين، العدد"، ولا يؤمنون بالتلمود ولا بأسفار الأنبياء من بعد موسى، ويعترفون بنبوة محمد بناء على "البركة التي وضعها اللَّـه في إسماعيل، وأن اللَّـه سيكثر نسله جدًّا جدًّا. ويجعله أمة كبيرة" [التثنية، (18،22)].
ومن أوجه الاختلاف بين السامريين والعبرانيين: أن يهود السامرة يؤمنون بأن البشارة الواردة في سِفْر التثنية، تشير إلى نبوة "محمد" وليس لأحد سواه، وهي كالآتي: "سأقيم لهم نبيًّا مثلك من وسط إخوتهم، أجعل كلامي في فمه فيكلِّمهم بكل ما أُوصيه به، ولسوف تستمعون إليه، ويكون أن الإنسان الذي لا يسمع لكلامي الذي يتكلم باسمي أنا أطالبه" [التثنية (18،18)]، وفي النسخة الكاثوليكية من الكتاب المقدس يقول: "سأكون أنا المنتقم" أي أنّ الله سيتوعد بالعقاب من لا يسمع له.
وهذا النص جاء في النسخة الإنجليزية كالآتي: "ولسوف يقيم ربك رسولًا من أبناء عمومتكم مثلك، أجعل كلامي في فمه فيكلِّمهم بكل ما أوصيه به، ولسوف تستمعون إليه ..."، فاليهود يزعمون أن هذه البشارة في حق "يوشع" وليس معهم دليل بذلك! والنصارى يزعمون أن هذا النص التوراتي يبشِّر بقدوم المسيح، بحجة أن عيسى مثل موسى باعتبار أنهما رسولان، وأنهم من بني إسرائيل.
ونحن إذا سلَّمنا بهاتين النقطتين، ووافقناهم في تأويلهم، فإننا نكون غير محايدين؛ لأن هناك أنبياء كثيرين تجمعهم بموسى هاتان الصفتان، أمثال: سليمان، وإشعياء، وحزقيال، ودانيال، وهوشع، وملاخي، وزكريا، ويحيى، وغيرهم الكثير. فكلُّهم كانوا يهودًا، وكانوا أنبياء، لكن بنظرة موضوعية لا نرى أنَّ عيسى مثل "موسى" للأسباب التالية:
- يرى المسيحيون أن عيسى إله، في حين يرى اليهود أن موسى لم يكن إلا نبيًّا ورسولًا.
- يرى المسيحيون أن عيسى صُلِبَ مُكفِّرًا عن خطايا العالم، ولكن موسى لم يمت مكفرًا عن خطايا أحد.
- يرى المسيحيون أن عيسى ذهب إلى النار لمدة ثلاثة أيام، في حين لم يذهب موسى إلى نار إطلاقًا، وعلى ذلك لا يكون عيسى مثل موسى.
ولكن إذا قارنَّا مُحمَّدًا بموسى في حدود هذه الجملة التي وردت في التوراة، نجد ما يلي:
- وُلِد موسى من أب وأُم، كذلك وُلِدَ مُحمَّد، ولكن عيسى ولد من أنثى فقط، ولم يكن له أب.
- وُلِدَ موسى بالطريق الطبيعي زواج رجل بامرأة، ولكن عيسى ولِد بمعجزة.
- لقد تزوج موسى وكذلك محمد، وأنجبا ذرية، أما عيسى فبقي دون زواج طيلة حياته، وبالتالي فإن "عيسى" ليس كموسى، ولكن محمد مثله.
- صدَّق الشعب العربي محمَّدًا كما صدق الشعب اليهودي موسى، وقد تقبَّلاهما كرسولين خلال حياتهما، وأما عيسى الذي جاء إلى اليهود، لم تقبله اليهود حتى بعد قرابة ألفي سنة، وعلى ذلك نقول: إن عيسى ليس مثل موسى، بل موسى مثل محمد.
- كان كل من موسى ومحمد رسولًا وحاكمًا مدنيًّا، لكن عيسى لم يحكم ولم يملك حق تنفيذ الشريعة كصاحبيه، وبالتالي نقول: إن عيسى لم يكن مثل موسى، بل كان محمد مثله.
- جاء كل من موسى ومحمد بشريعة جديدة، أما المسيح فنجده يكرر مرارًا للشعب اليهودي بأنه لم يأت بدين جديد، وما جاء لينقض شريعة موسى، بل ليصلح فقط، وعلى ذلك يكون عيسى غير موسى وليس شبيهًا له، في حين أن محمدًًا شبيه بموسى ومثله.
- مات كلٌ من موسى ومحمد بطريقة طبيعية، لكن عيسى وفق ما يدَّعيه المسيحيون قُتِل على الصليب، ووفق القرآن رُفع إلى السماء، وعلى ذلك يكون محمد مثل موسى، وليس "عيسى" مثل موسى.
- دُفِنَ جثمان كل من موسى ومحمد في الأرض، ولكن عيسى كان مثواه السماء، وبالتالي يكون محمد مثل موسى، أما عيسى فلا. ومعنى: "أجعل كلامي في فمه فيكلِّمهم بكل ما أوصيه به" التي وردت في النص السابق: أي أن هذا النبي سيكون أُميًّا، لا يقرأ ولا يكتب، وأما المقصود بـ"من وسط إخوتهم ... أو من أبناء عمومتهم" أي: من نسل "إسماعيل" وليس من نسل بني إسرائيل؛ لأنه ولو كان هذا النبي الموعود من نسل إسرائيل، لقال: منكم أو من أنفسكم أو من بيت إسرائيل، أليست هذه هي الحقيقة؟
ومما يُدحض رأي اليهود والنصارى في أن هذه البشارة لم تكن متطابقة على يوشع ولا على السيد المسيح، وإنما تؤكد أنها تبشر على بالنبي الأمي الخاتم؛ فقد جاء في آخر التوراة أنه لا يقوم في بني إسرائيل نبي مثل موسى: "لن يظهر بعد نبي في بني إسرائيل مثل موسى، الذي خاطبه الرب وجهًا لوجه" [التثنية (34،10)]، وكما هو معروف لدى الجميع أن يوشع والمسيح كانا من بني إسرائيل، فلا يبقى إذًا سوى "محمد" الذي تحدث عنه سفر التثنية!
التوراة والأناجيل تتحدث عن نبي مصطفى:
لقد ظل الأحبار والكهنة يتداولون فيما بينهم ـ نقلًا عن آبائهم وأجدادهم ـ أن الله سيرسل نبيًّا عظيم القدر، أخبر عنه موسى. فكان كلما جاءهم نبي يسألونه إذا كان هو المقصود بهذه البشارة أم لا؟ حتى جاء "يحيى بن زكريا" ـكما جاء في الإصحاح الأول من الإنجيل يوحنا ـوكان يعمد الناس في نهر الأردن، وكان ذلك في زمن المسيح عليه السلام، فتصدَّى له أحبار اليهود، وسألوه: هل أنت النبي المسيَّا ـأي المختار أو المصطفى أو المجتبى؟ ـ قال: لا، فقالوا: إذا لم تكن المسيح ولا ذلك النبي المنتظر، إذًا فلماذا تُعمَّد؟". وحيث إن السؤال كان في عهد السيد المسيح، فمن ذلك النبي الذي سألوا عنه؟!
إنه لم يبق إلا "النبي محمد"؛ لأنه قد جاء بعد المسيح مباشرة، وهذه البشارة تفنِّد ادعاء اليهود أن بشارة موسى عن نبي يقيمه اللَّـه لهم [سفر التثنية، (18)] دالَّة على يوشع بن نون؛ لأنه لو كان المقصود لما ظل اليهود إلى زمن المسيح يسألون عن ذلك النبي! وتفنِّد أيضًاادعاء النصارى بأن بشارة موسى السابقة تشير إلى المسيح؛ لأن علماء اليهود قالوا ليحيي: "إن كنت لست المسيح ولا النبي" وهذا يدلُّ على أن هذا النبي غير المسيح عليه السلام.
وورد أيضًا في إنجيل [يوحنا، (1،15)] بشارة أخرى بالمسيَّا الرئيس "إمام المرسلين"، والذي أخبر عنه دانيال في [الإصحاح: 9]الذي به تتم النعمة، وبه تُختَم النبوات، وهذه الشارة تطابق أيضًا ما ورد في أناجيل أخرى، ففي الحوار الذي سجَّله برنابا [الإصحاح: 96] بين الكاهن وبين المسيح أمام الجماهير "قال الكاهن: إنه مكتوب في كتاب موسى؛ أن إلهنا سيرسل لنا مُسيّا الذي سيأتي ليخبرنا بما يريد الله. وسيأتي للعالم برحمة الله، لذلك أرجوك أن تقول لنا الحق: هل أنت مسيّا الذي ننتظره ..؟ أجاب يسوع: حقًّا إن الله وعد هكذا، ولكني لست هو؛ لأنه خُلِقَ قبلي وسيأتي بعدي".
وفي رواية إنجيل يوحنّا "أجاب الكاهن: إننا نعتقد من كلامك وآياتك على كل حال أنك نبيٌّ وقدوس الله، لذلك أرجوك أن تفيدنا بأية كيفية سيأتي مسيَّا ...؟ أجاب يسوع: "لعمر اللَّـه الذي تقف بحضرته نفسي إني لست مسيَّا الذي تنتظره كل الشعوب"، لقد حظي "النبي الأمي" بالنصيب الأوفى من بشارات التوراة، ونظرًا لكثرتها وتنوعها عملوا على كتمانها وإخفائها، فصاروا إلى تحريف التأويل وإزالة معناها عمَّن لا تصلح لغيره، وجعلها لمعدوم لم يخلقه اللَّـه ولا وجود له البتَّة.
فجمعوا بين التحريف والكتمان لنعت الرسول، وأخذ هذا التحريف أشكالًا عدة، منها: إلباس الحق بالباطل، أي خلطه بحيث لا يتميز الحق من الباطل، وكتمان الحق وإخفاؤه، وتحريف الكلم عن مواضعه، سواء في لفظه أو معناه، ولي اللسان به ليلبس على السامع اللفظ المنزل بغيره، وقد وبخهم الله سبحانه وبكتهم على لسان رسوله بالتحريف والكتمان والإخفاء.
وإذا كان القوم يقرءون كتبهم ويؤمنون بما جاء فيها كما يزعمون؛ فإننا ندعوهم إلى إعادة قراءة البشارات التالية، بشرط أن يحترموا عقولهم، وينحازوا للحق وحده، وقد حاولت الاعتماد في كثير من النصوص على النسخة الإنجليزية من الكتاب المقدس؛ لأن نسخة الآباء اليسوعيين مملوءة بالحشو والأخطاء والفراغات، إلى جانب ركاكة الترجمة، وتضارب النسخ وتناقضها في أغلب النصوص، وقد نبهني لذلك كثير من المسيحيين.
إن من يتصفح "التوراة" سوف يرى كمًّا هائلًا من البشارات التي تُبشِّر بمقدم نبي أمي عظيم، أو نبي آخر الزمان، وتذكر صفاته وأحواله والتي من أهمها: أنه ليس من بني إسرائيل، كما أنه صاحب شريعة تدوم إلى الأبد، ويسحق أعداءه، ودعوته تكون لخير جميع الأمم، وهذه الصفات لم تتوافر في أحد من الأنبياء سواه، ولا يمكن للنصارى حمل تلك النبوءات التي يقرِّون في أنها نبوءات، لا يمكن لهم أن يحملوها على غيره، إذ موسى وعيسى كانا نبيين إلى بني إسرائيل فقط، وكان موسى صاحب شريعة انتصر أتباعه على أعدائه، وأمَّا عيسى فلم ينزل بشريعة مستقلة، بل جاء بتكميل شريعة موسى، فهو القائل: "لا تظنّوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء، ما جئت لأنقض بل لأُكمل" [متى، (17،5)]ولم يقيض له أن ينتصر على أعدائه، بل يزعم النصارى أن خصومه تمكنوا منه وصلبوه، فكيف يُقال بأنه المختار الذي يسحق أعداءه وتترقبه الأمم؟!
بشارة يعقوب بشيلون:
أقدم النبوءات الكتابية التي تحدثت عن النبي الخاتم جاءت في وصية يعقوب لبنيه قبل وفاته حين قال لهم: "لا يزول صولجان من يهوذا ومشترع من بين رجليه حتى يأتي شيلون، وله يكون خضوع الشعوب" [التكوين، 10،49].
والمعنى أنه ستظل النبوة في بني إسرائيل، إلى أن يأتي عظيم العالم "مُحمَّد" الذي ستخضع الشعوب لدينه وشريعته، ومن ثمَّ يبطُل العمل بالشرائع السابقة.
بشارة "سفر التثنية":
ورد في سفر التثنية [الإصحاح 33، الفقرة 2]: "جاء الرب من سيناء وأشرق لهم من ساعير، وتلألأ من جبال فاران، وعن يمينه نار شريعة لهم، فأحب الشعب جميع قديسيه، في يدك وهم جالسون عند قدمك يتقبلون من أقوالك"، وهي في النسخة الإنجليزية: "جاء الله من سيناء وأشرق لهم من ساعير وتلألأ فصاعدًا من جبل فاران، وأتى مع عشرات الآلاف من القديسين، من يده اليمنى فرض لهم قانونًا ناريًّا، فأحب الشعب جميع قديسيه، في يدك وهم جالسون عند قدمك يتقبلون من أقوالك".
فهذا النص يتحدث عن موضع نزول الرسالات السماوية الأخيرة "جاء الربُّ من سيناء" المقصود بها رسالة موسى، و"أشرق من ساعير" تشير إلى رسالة عيسى، و"ساعير" هي منطقة جبلية بأرض فلسطين، وهي الأرض التي عاش فيها المسيح. و"تلألأ من جبال فاران" المقصود بها رسالة الإسلام على النبي الأمي، و"فاران" هي مكة المكرمة، وهي نفس الأرض التي عاش عليها إسماعيل ـ كما ذكر سفر التكوين [الإصحاح، 21]: "وكان ينمو رامي قوس، وسكن في برية فاران"، وهذا النص يوافق بداية سورة التين في القرآن، حيث يقسم الله تعالى قائلًا: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ (2) وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ} [التين: 1-3].
هذه الآيات الكريمة تشير إلى أماكن الرسالات الثلاث: اليهودية والمسيحية والإسلام، ففي التوراة بدأت بالتسلسل الزمني "التوراة، فالإنجيل، فالقرآن"، أمَّا في القرآن فقد جاءت حسب المنزلة والمكانة "الإنجيل وعيسى، التوراة وموسى، القرآن ومحمد".
بشارة سفر العدد:
جاء في قصة بلعام بن باعوراء أنه قال لقومه: "انظروا كوكبًا قد ظهر من آل إسماعيل، وعضده سبط من العرب. ولظهوره تزلزلت الأرض ومن عليها"، ومعروف أنه لم يظهر من نسل إسماعيل نبي إلا "محمد"، وما تزلزلت الأرض إلا لظهوره، وتغيّر الكون بعد بعثته.
http://www.shareah.com/index.php?/records/view/id/4271/