صفاء
2010-07-08, 03:38 PM
الفريعة بنت مالك رضي الله عنها
نشأت في أسرة أسلمت منذ دخل الإسلام المدينة، فهي أسرة من الأنصار من بني خدرة الخزرجية1.
ومعروف عن الأنصار أنهم أهل بذل وعطاء ومحبة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين جميعا... وسيخلد لهم التاريخ أبدا موقفهم حين هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة حيث آووهم ونصروهم وفدوهم بالمهج. اشترك في ذلك العمل الخالد الأنصار جميعا رجالا ونساءا. بل ما كان الرجال ليفعلوا ذلك لولا مشاركة النساء لهم. ولقد صدق الأستاذ عبد السلام ياسين حين قال: "ما كان الأنصار الرجال أن تسع بيوتهم غرباء عن البلد لو لم تكن الأنصاريات ربات البيوت قد تصارعت في قلوبهن دواعي الأنانية والخصوصية مع دواعي الإيثار حتى غلبت المحبة في الله وطردت الخصوصيةالشحيحة، ففتحن قلوبهن للمهاجرات يقاسمنهن السقف والدثار والماعون والحياة2.
نعم، أولئك هم الأنصار. ومنهم الفريعة ابنة مالك بن سنان بن عبيد الأنصاري المجاهد الشهيد... وأخت الصحابي الجليل سعد بن مالك بن سنان المكنى بأبي سعيد الخدري... وابنة أنيسة بنت أبي حارثة الأنصارية النجارية... وأخت قتادة بن النعمان بن زيد الأنصاري (أخته من أمه).
عاش والد سيدتنا فريعة مجاهدا، ومات شهيدا.. كان من أفقر أهل المدينة؛ ولكنه كان عفيفا فلم يسأل في حياته أحدا وصبر على الجوع حتى قال عنه الرسول صلى الله عليه وسلم: "من أراد أن ينظر إلى العفيف فلينظر إلى مالك بن سنان"3.
تربت سيدتنا فريعة في أسرة تعلم الصبر والتعفف والاستغناء بالله عن سؤال الناس ولنترك أخاها سيدنا أبو سعيد الخدري يحكي لنا بعضا من دروس هذه الأسرة المدرسة قال: "أصابنا جوع ما أصابنا مثله قط في جاهلية ولا إسلام فقالت لي أختي فريعة : اذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسله لنا فوالله لا يخيب سائله؛ لأنك منه بإحدى اثنتين: إما أن يكون عنده فيعطيك، وإما أن لا يكون عنده فيقول أعينوا أخاكم.. فلم أكره ذلك، فلما دنوت من المسجد، وهو يومئذ ليس له جدار، سمعت صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت إن هذا النبي صلى الله عليه وسلم يخطب، فكان أول ما فهمت من قوله "ومن يستعفف يعفه الله.. ومن يستغن يغنه الله... "فقلت: ثكلتك أمك سعد بن مالك والله لكأنك أردت بهذا.. لا جرم.. والذي بعثك بالحق لا أسأل شيئا بعدما سمعت منك..
وجلس أبو سعيد الخدري يستمع إلى الدرس النبوي في المسجد ولم يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وحين عاد إلى أخته وقد جهدها الجوع والانتظار.. أبصرت أنه لا يحمل شيئا سألته فقال لها: فوالله ما يخيب سائله وأخبرها القصة قالت: فسألته بعد ذلك؟ قال: لا قالت : أحسنت..
يضيف سيدنا أبو سعيد : فلما كان من الغد فإني والله لأتعب نفسي تحت الأحم إذ وجدت من دراهم يهود.. فابتعنا به وأكلنا، ثم والله ما زال النبي صلى الله عليه وسلم محسنا.
انظرن أخواتي.. انظروا إخوتي كيف تساند المومنة الصابرة أخاها في الخير، وتحضه عليه، فأكرم الله البيت المالكي الخدري فأصبحوا باستعفافهم عن سؤال الناس أغنى الأنصار4.
هكذا إذن نرى صبر هذه الصحابية الجليلة واستعفافها سلوكا راسخا في هذه الأسرة الكريمة ذات الأسس المتينة والتربية النبوية. فكانت نموذجا لكل فقير صابر متعفف وكل صابرة متعففة تنتظر ما وعد به رسول الله صلى الله عليه وسلم من العفة والغنى ورفع الضيق: "من يستعفف يعفه الله... ومن يستغن يغنه الله.."
في هذا الصدد يقول الأستاذ عبد السلام ياسين : "استكملت الإيمان من أصبحت أعمالها مطهرة من النفاق مخلَصة لوجه الله تعالى. بواعثها القلبية لا تكذب أفعال جوارحها. تعرض كل أفعالها على الشريعة لتتأكد من أن ما تأتي وما تذر، ما تعطي وما تمنع، ما تحب وما تبغض، لا يملي الهوى والشيطان أوامره، ولا توسوس به النفس المراوغة الممانعة لمقتضى الشرع.
إنها أعمال قلبية تزكي الأعمال الجوارحية، إنه إخلاص لوجه الله تعالى، إنه إمساك واستمساك بالعروة الوثقى بدل التشبت بحبال الدين الرث البالي5.
نشأت في أسرة أسلمت منذ دخل الإسلام المدينة، فهي أسرة من الأنصار من بني خدرة الخزرجية1.
ومعروف عن الأنصار أنهم أهل بذل وعطاء ومحبة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين جميعا... وسيخلد لهم التاريخ أبدا موقفهم حين هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة حيث آووهم ونصروهم وفدوهم بالمهج. اشترك في ذلك العمل الخالد الأنصار جميعا رجالا ونساءا. بل ما كان الرجال ليفعلوا ذلك لولا مشاركة النساء لهم. ولقد صدق الأستاذ عبد السلام ياسين حين قال: "ما كان الأنصار الرجال أن تسع بيوتهم غرباء عن البلد لو لم تكن الأنصاريات ربات البيوت قد تصارعت في قلوبهن دواعي الأنانية والخصوصية مع دواعي الإيثار حتى غلبت المحبة في الله وطردت الخصوصيةالشحيحة، ففتحن قلوبهن للمهاجرات يقاسمنهن السقف والدثار والماعون والحياة2.
نعم، أولئك هم الأنصار. ومنهم الفريعة ابنة مالك بن سنان بن عبيد الأنصاري المجاهد الشهيد... وأخت الصحابي الجليل سعد بن مالك بن سنان المكنى بأبي سعيد الخدري... وابنة أنيسة بنت أبي حارثة الأنصارية النجارية... وأخت قتادة بن النعمان بن زيد الأنصاري (أخته من أمه).
عاش والد سيدتنا فريعة مجاهدا، ومات شهيدا.. كان من أفقر أهل المدينة؛ ولكنه كان عفيفا فلم يسأل في حياته أحدا وصبر على الجوع حتى قال عنه الرسول صلى الله عليه وسلم: "من أراد أن ينظر إلى العفيف فلينظر إلى مالك بن سنان"3.
تربت سيدتنا فريعة في أسرة تعلم الصبر والتعفف والاستغناء بالله عن سؤال الناس ولنترك أخاها سيدنا أبو سعيد الخدري يحكي لنا بعضا من دروس هذه الأسرة المدرسة قال: "أصابنا جوع ما أصابنا مثله قط في جاهلية ولا إسلام فقالت لي أختي فريعة : اذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسله لنا فوالله لا يخيب سائله؛ لأنك منه بإحدى اثنتين: إما أن يكون عنده فيعطيك، وإما أن لا يكون عنده فيقول أعينوا أخاكم.. فلم أكره ذلك، فلما دنوت من المسجد، وهو يومئذ ليس له جدار، سمعت صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت إن هذا النبي صلى الله عليه وسلم يخطب، فكان أول ما فهمت من قوله "ومن يستعفف يعفه الله.. ومن يستغن يغنه الله... "فقلت: ثكلتك أمك سعد بن مالك والله لكأنك أردت بهذا.. لا جرم.. والذي بعثك بالحق لا أسأل شيئا بعدما سمعت منك..
وجلس أبو سعيد الخدري يستمع إلى الدرس النبوي في المسجد ولم يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وحين عاد إلى أخته وقد جهدها الجوع والانتظار.. أبصرت أنه لا يحمل شيئا سألته فقال لها: فوالله ما يخيب سائله وأخبرها القصة قالت: فسألته بعد ذلك؟ قال: لا قالت : أحسنت..
يضيف سيدنا أبو سعيد : فلما كان من الغد فإني والله لأتعب نفسي تحت الأحم إذ وجدت من دراهم يهود.. فابتعنا به وأكلنا، ثم والله ما زال النبي صلى الله عليه وسلم محسنا.
انظرن أخواتي.. انظروا إخوتي كيف تساند المومنة الصابرة أخاها في الخير، وتحضه عليه، فأكرم الله البيت المالكي الخدري فأصبحوا باستعفافهم عن سؤال الناس أغنى الأنصار4.
هكذا إذن نرى صبر هذه الصحابية الجليلة واستعفافها سلوكا راسخا في هذه الأسرة الكريمة ذات الأسس المتينة والتربية النبوية. فكانت نموذجا لكل فقير صابر متعفف وكل صابرة متعففة تنتظر ما وعد به رسول الله صلى الله عليه وسلم من العفة والغنى ورفع الضيق: "من يستعفف يعفه الله... ومن يستغن يغنه الله.."
في هذا الصدد يقول الأستاذ عبد السلام ياسين : "استكملت الإيمان من أصبحت أعمالها مطهرة من النفاق مخلَصة لوجه الله تعالى. بواعثها القلبية لا تكذب أفعال جوارحها. تعرض كل أفعالها على الشريعة لتتأكد من أن ما تأتي وما تذر، ما تعطي وما تمنع، ما تحب وما تبغض، لا يملي الهوى والشيطان أوامره، ولا توسوس به النفس المراوغة الممانعة لمقتضى الشرع.
إنها أعمال قلبية تزكي الأعمال الجوارحية، إنه إخلاص لوجه الله تعالى، إنه إمساك واستمساك بالعروة الوثقى بدل التشبت بحبال الدين الرث البالي5.