عائشة الصغيرة
2010-10-20, 06:46 PM
دومة الجندل من المناطق العريقة التي تحكي تاريخاً موغلاً فيالقدم فقد شاركت في صنع جزء هام من هذا التاريخ حيث كانت ذات صلة بالحضارات الإنسانية المبكرة من خلال موقعها المتميز بين جزيرة العرب وبلاد الشام وبلادالرافدين ، ومن هذا الموقع الفريد أسس أهل الجزيرة حضارات عدة كانت الأرومة التيقامت عليها الحضارات الكبرى في التاريخ.
كانت الجوف ملتقى الحضارات ومحطةتبادل تجاري واتصال ثقافي يبن الأمم الغابر.
ظهرت منطقة الجوف في العهدالآشوري كما أن هناك نصوص مكتوبة تتحدث عنها تعود إلى القرنين الثامن والسابع قبلالميلاد ، كما تشير المصادر الآشورية إلى " دومة الجندل " بـ " أدوماتو " أو " أدمو " وكذلك وقوعها ضمن ممتلكات قبيلة قيدار العربية.
وتبدأ الإشارة إلى دومة الجندل في القرن الثالث الميلادي في عهد الملكة العربية الشهيرة " زنوبيا " التيحكمت تدمر ما بين 267-272 م ويبدو أن هذه الملكة غزت دومة الجندل ولكن قلعت المدينةكانت حصينة بحيث لم تتمكن الملكة من إقتحامها فارتدت خائبة وقالت قولتها المشهورة " تمرد مارد وعز الأبلق " الأمر الذي يدل على أنه كان في دومة الجندل حكم قوي.
وتقع محافظة دومة الجندل جنوب غرب مدينة سكاكا حيث تقع على صخور تنتمي إلى الدرع العربي وهي من أهم المناطق الجيولوجية بالمملكة ، وتبعد عن مدينة سكاكا 52 كيلومتر وهي من أهم المواقع التاريخية والأثرية والحضارية في المملكة العربية السعودية حيث تحتضن قلعة مارد ومسجد عمر بن الخطاب كما تتوفر بوفرة مياههاالعذبه.
http://essanet.org/no3man/gndl1.jpg
ظهرت دومة الجندل على مسرح التاريخ المدون في العهد الآشوري أيأنها تعود إلى القرنين السابع والثامن قبل الميلاد. وتشير المصادر الآشورية إلى دومة الجندل بـ (ادوماتو) أو (ادومو) وتشير إلى وقوعها ضمن ممتلكات قبيلةقيدارالعربية.
وكانت دومة الجندل عاصمة لعدد من الملكات العربيات مثل ( تلخونو ) و ( (تبؤه )أو (تاربو )،واشير الى الملكات الاخريات بالاسم مثل (زبيبة) و(سمسي) و(اياتي) وقد اشير الى هؤلاء الملكات بعبارات عامة كملكات عربيات دون تسميةعاصمتهن.
وقد كان لهذه الملكات اكثر من مجرد سلطة دينية لأن (تغلثفلاشرالثالث 744-727ق.م) و(سرجون الثاني721-705ق.م)في ذكرهما للجزية التي ارسلهالهما ملوك الدول المجاورة يضعان الملكة( سمسي) على مستوى واحد مع فرعون مصر و(آنآمار) السبئ.وهذا المركز الرفيع التي تمتعت به ملكات دومة الجندل يمكن أن يفسرهالقول بأن الآلهه (دلبات)أو(اشتار-اتارسامين)كانت لها تبعية وامتيازعظيمان في شمال شبه الجزيرةالعربية ومن المعروف أنه كان لـ(دلبات)معبد هام في دومة الجندل.
منطقة الجوف من القرن الثالث الميلادي إلى مملكة الأكيدر
http://essanet.org/no3man/gouf.jpg
من الصعب الإتيان برواية محددة وواضحة عن منطقة تفتقر الى سجلات مكتوبة او شواهد أثرية، ونشعر بهذا النقص بين حين وآخر عند تناول تاريخ منطقة الجوف ولكن تبدأ الاشارة الى دومة الجندل في القرن الثالث الميلادي في عهد الملكة العربيةالشهيرة(زنوبيا)التي حكمت تدمر مابين 267-272م وقد غزت هذه الملكة دومة الجندل ولكن قلعة المدينة كانت حصينة بحيث لم تتمكن الملكة من اقتحامها فارتدت خائبة وقالت قولتها الشهيرة ((تمرد مارد وعز الأبلق))ومارد هو قصر مارد في دومة الجندل بينماقصر الأبلق هو قصر مشهور في تيماء.
وفي القرن الخامس الميلادي سيطر عليهاالملك العربي امرؤ القيس وكان يستوطن العراق مع قبيلته في الحيرة ولكنها ارتحلت فيالنهاية الى دومة الجندل.
الأكـيـدر :
جاء الإسلام والدولة في دومة الجندل لاكيدر بن عبدالملك من قبيلةكندة ويقال أن أول من ملك دومة الجندل هو:دجاجة بن قنافةبن عدي بن زهير بن جنابالكلبي.ويقال ان الاكيدر كندي من ذرية الملوك الذين ولاهم التبابعة (الحميريون)على كلب.وقد عد الاكيدر من ذوي الشأن في عصره وهناك دلائل مختلفة على ان الاكيدر ودومةالجندل كانا على صلة مع البيزنطيين والفرس كما تظهر النصوص المكتوبة ان الاكيدر كانعاملا للامبراطور البيزنطي (هرقل). وتوجد رواية تصف كيف ان الاكيدر أهدى للرسول صلى الله عليه وسلم جبة من صنع الساسانيين
http://essanet.org/no3man/gndl2.jpg
سوق دومة الجندل قبل الإسلام :/
كان للعرب في الجاهلية أسواق في أنحاء مختلفة من شبه الجزيرةالعربية يتجمعون فيها في مواسم معينة ويتبادلون البيع والشراء، وقد عدت دومة الجندلمن أقدم أسواق العرب وأهمها نتيجة لموقعها الجغرافي وتواجد عدد من القبائل العربيةفي المناطق المجاورة لها ففي الجاهلية (من القرن الخامس الميلادي وما قبله)كان منعادة القبائل أن تتجمع في دومة الجندل في أول يوم من ربيع الأول وحتى آخره لأغراضالبيع والشراء وكان البيع في هذا السوق بيع الحصاة وهو نوع من أنواع المقامرة ابطلهالاسلام كما ورد أن الاكيدرصاحب دومة الجندل كان يرعى الناس ويقوم بأمرهم أول يوم فتقوم سوقهم الى نصف الشهر وربما يغلب على السوق بني كلب ويتولى امرهم بعض رؤساء بني كلب فتقوم سوقهم الى آخر الشهر وقد ذكر ان سوق دومة الجندل كانت بين الاكيدرالعبادي من السكون وبين قنافة الكلبي.وكانت غلبة الملكين ان يتحاجيا فأيهما غلب صاحبه بما يلقى عليه تركه والسوق يفعل بها ما يشاء ولا يبيع فيها احد من الشام ولامن العراق الا باذنه.ولم يشتر ولم يبع حتى يبيع الملك كل شئ يريدبيعه.
وكانت سوق دومة الجندل من الاسواق الكبرى للعرب اذ كان يشترك فيهاالكثير من قبائلهم وخاصة كلب وغسان وطي ، وقد كان المتولون لأمر السوق يأخذون عشورالتجار ولهم جباه يجوبون السوق ليأخذو عشر ما يباع . ويجب ان ننظر الى سوق دومةالجندل من حيث أهميته التجارية فدومة الجندل تقع على الطرق الممتدة من وسط وشرق الجزيرة الى سوريه وجنوب فلسطين حيث كانت غزة ميناء رئيسيا حيث يشتري منه التجارمنتجات المناطق الواقعة على البحر المتوسط.
ويرى بعض المؤرخين ان اسواقالعرب تلك سواء سوق دومة الجندل او غيرها انما كانت بالاصل مواقع مقدسة بها اصنام تعبدها القبائل وتأتي للتقرب اليها في مواسم معينة هي مواسم حجها فتتحول تلك المواسم الى اسواق للبيع والشراء فقد ذكر ان بني وبره كانوا يفدون الى دومة الجندل للتقرب الى(ود)وكان سدنته من بني الفرافصة من كلب.
دومة الجندل ودورها الثقافي قبل ظهور الاسلام:
تدل النصوص الأدبية على الدور الذي لعبته دومة الجندل في التعريف بالكتابة ونشر الشعر قبل ظهور الاسلام ،ويقول جواد علي ان أهل دومة كانوا يقرأون ويكتبون وان احدهم علم اهل مكة ذلك .ثم اتى مكة في بعض شأنه وتزوج الصهباء بنت حرببن أمية بن عبدشمس القرشي احد رؤساء اهل مكة قبل الاسلام اذ رآه سفيان بن أميه بنعبدشمس وابو قيس بن عبد مناف بن زهره بن كلاب يلتب فسألاه ان يعلمهما الخط فعلمهما الهجاء ثم أراهما الخط فكتبا.
وقد اعتبرت دومة الجندل من مجامع أسواق العربومن أمهات القرى من بلاد العرب التي احتضنت ثقافات شتى ومن ذلك ما يتعلق بغناءالجاهليين الذي اعتبر أصله ومنشؤه في أمهات القرى ومنها دومة الجندل وعلى هذا فقدقال المؤرخين ان غناء الجاهليين يرجع الى ثلاثة أوجه النصب والسناد والهزج فأماالنصب فغناء الركبان وغناء الفتيان والقينات.واما السناد فالثقيل ذو الترجيع الكثيرالنغمات والنبرات وأما الهزج فالخفيف الذي يرقص عليه وينشد بالدف والمزمار.
الديانات في دومة الجندل قبل الفح الإسلامي :
كان الناس في دومة الجندل يعبدون أصناما مختلفة ولكن في الفترةالتي سبقت ظهور الإسلام بوقت قصير ظهرت كل من الديانتين النصرانية واليهودية فيهاوبالإضافة إليهما ظل الناس يعبدون أصناما مختلفة حتى ظهور الإسلام وقد ركزتالروايات على وجود صنم (ود)وأنه كان يعبد في دومة الجندل وقد تحدث عنه الكلبي فيكتابه(الأصنام)وذكر أن قبيلة كلب كانت تتعبد له بدومة الجندل وقد قام خالد بن الوليد بتحطيم صنم(ود) بعد ظهور الإسلام.
الفتح الإسلامي لدومة الجندل
http://essanet.org/no3man/gndl3.jpg
بعد ظهور الاسلام وارساء قواعد الدولة الاسلامية في المدينة المنورة في السنةالأولى للهجرة (622م)سعى المسلمون لنشر الدعوة في كل الاتجاهات بقدر ما تسعفهم بهامكاناتهم، وفي حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وبعد مماته اتجه الموفدون الى مختلف أرجاء الجزيرة العربية لنشر الدعوة وتم تنظيم الغزوات من أجل هذا الهدف العظيم ومنالغزوات التي خرجت من المدينة المنورة كانت الغزوةالأولى لدومة الجندل والتي يقالان الرسول صلى الله عليه وسلم قادها بنفسه وكان ذلك في السنة الخامسةللهجرة(626م).ابتدأت الغزوة الاولى لدومة الجندل في اليوم الخامس والعشرين من شهرربيع الاول للسنة الخامسة للهجرة وعادت الى المدينة في التاسع عشر من شهر ربيع الثاني كما ذكر الواقدي وقد كان مع الرسول صلى الله عليه وسلم ألف رجل ودليل من بني عذرة اسمه مدكور فلما وصل المسلمون الى دومة الجندل وجدوها خالية لأن سكانها فروابعد سماعهم بتقدم المسلمين وخلفوا وراءهم ماشيتهم وأمتعتهم التي غنمها المسلمونوعندما أرسل الرسول صلى الله عليه وسلم رجالا للبحث عن الفارين من الاهالي لم يجدواالا واحدا أقنعوه بالرجوع معهم واعتنق الرجل الاسلام على يد الرسول صلى الله عليه وسلم.
ويظهر من الأسباب التي أدت بالرسول صلى الله عليه وسلم الى القيامبغزوته هذه الى دومة الجندل قيام جنود الاكيدر بالاعتداءات المتكررة على قوافلالتجار المتجهة من المدينة الى سوريا ونهبهم لبضائعهم
ومؤنهم.
الغزوة الثانية:
وكانت في شهر شعبان في السنة السادسة للهجرة (يناير_فبراير 628م) وعن سبب هذه الغزوة أن شر أهل دومة الجندل لم ينقطع عن تجار المدينة فأرسل الرسولصلى الله عليه وسلم اليهم سرية عليها عبد الرحمن بن عوف وأوصاه حين دفع اليه اللواء بقوله(خذه يابن عوف فاغزوا جميعا في سبيل الله فقاتلوا من كفر بالله ولا تغلوا ولاتغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدا فهذا عهد الله وسيرة نبيه فيكم)ثم قال (ان استجابوا لك فتزوج بنت ملكهم).
ولما بلغ عبدالرحمن بن عوف دومة الجندل دعااهلها الى الاسلام فأسلم الأصبغ بن عمرو الكلبي من كبار كلب وأسلم معه ناس كثيرونمن دومة وتزوج عبد الرحمن ابنته (تماضر).
الغزوة الثالثة:
رغم حصول الغزوتين الاولى والثانية لدومة الجندل الا أن الاسلاميبدوأنه لم يستتب فيها وهذا ما كان سببا للقيام بالغزوة الثالثة في السنة التاسعةللهجرة(630م) ويبدو ان الاكيدر حاكم دومة الجندل وعامل الامبراطور البيزنطي (هرقل) واصل تعرضه للقوافل التجارية القادمة من المدينة المنورة بسبب اعراض التجار عنالتوقف في مدينته .وقد قام الرسول صلى الله عليه وسلم بارسال خالد بن الوليد على رأس غزوة الى دومة الجندل في السنة التاسعة للهجرة يرافقه اربعمائه وعشرونفارسا.
ويختلف المؤرخون فيما حققته هذه الغزوة ولهم في نتائجها أقوال كثيرةفمنهم من يقول ان خالدا أخضع دومة الجندل بالقوة وأخذ ملكها اسيرا إلى المدينةالمنورة حيث أعلن الاكيدر اسلامه امام الرسول صلى الله عليه وسلم بينما هناك الكثيرمن الروايات التي تذكر أن الاكيدر قد دفع الجزية مما يعني أنه لم يسلم.
وإذاما افترضنا أن الاكيدر قد أعلن اسلامه فان من الثابت أنه قد ارتد عن الاسلام بعدوفاة الرسول صلى الله عليه وسلم وهنا يختلف المؤرخون في مصيره بعد ذلك فمنهم منيقول أن الخليفة عمر بن الخطاب اجلاه من دومة الجندل الى الحيرة فنزل في موضع فيهاقرب عين تمر وبنى فيها منازل وسماها دومة, وقيل دوماء.
وتذكر في هذه المناسبة الأبيات التالية:
مــن آل كدر شجوة يعنيني
يامن رأى ضعنا تحمل غدوة
والسيرمن حصن اشم حصونا
قد بدلت ضعنا بدار اقامـة
دومة الجندل في عهد ابي بكرالصديق:
ذكر انه في السنه الثانبة عشر للهجرة (633م)ارسل ابو بكر الصديققائدين مسلمين لفتح السواق وهي المنطقة الواقعة الى الشمال والشمال الشرقي منالجزيرة العربية وسلك كل من القائدين خالد بن الوليد وعياض بن غنم طريقا مختلفا الىالسواق.حيث سلك عياض الطريق الرئيسي عبر الصحراء حيث اوصلته الى دومة الجندل مباشرةوفي نفس الوقت اتجه خالد بن الوليد الى العراق واخضع الحيرة والانبار قبل ان يعودلمساندة حملة عياض بن غنم على دومة الجندل.
وبالاضافة الى الحملات العسكريةالمبكرة التي قام بها المسلمون في منطقة دومة الجندل فانهم بدأوا بارسال حملاتهمباتجاه العراق في زمن ابي بكر مع تركيز المزيد من الاهتمام بدومةالجندل.
ويذكر (موسيل ) الملاحظات التالية فيقول:
(( انه مالم يتم الاستيلاء على دومة الجندل واخضاعها تماما فان باستطاعة القبائل الشمالية ان تقطع كل وسيلة اتصال بين العراق وسوريا, كما يمكنهم توجيه ضربة قاسمة للمسلمين الذين يقاتلون في المنطقتين المذكورتين )).
التـحكيـم:
من اهم ما يرد عن دومة الجندل في عهد الخلفاء الراشدين هو وقوع (التحكيم) بين علي بن ابي طالب ومعاوية بنابي سفيان لان النزاع بينهما وصل الىدرجة الاقتتال بين أتباع كل منهما في موقعة صفين في السنة السابعة والثلاثين للهجرة –657م. فقد اتفق الطرفان على تحكيم القرآن الكريم في خلافهما على ان يختار كل طرف منهما شخصا يمثله. ولقد كثر القول بأن التحكيم ربما قصد به خديعة اراد بها معاويةايقاع الفرقة في جماعة علي عندما ظهر له أن الحرب كانت تسير ضده ، ويروى أن علي بنابي طالب شعر بالخديعة الا ان قومه خالفوه واختار اهل العراق ابو موسى الاشعريبالرغم من معارضة علي بن ابي طالب لذلك واختار اهل الشام عمرو بن العاص وقد اجتمع عمرو وابو موسى في دومة الجندل سنة 37هـ واتفقا فيما بينهما على خلع علي بن ابي طالب ومعاوية بن أبى سفيان على ان يكون الامر شورى بين المسلمين فيختاروا لأنفسهممن أحبوا.
دومة الجندل وشمالي الجزيرة العربية وبلاد الشام منذ القرن الأول الميلادي إلى القرن السابع الميلادي
القـرن الأول للهجـرة
http://essanet.org/no3man/gndl4.jpg
في بداية هذه الفترة كانت دومة الجندل تقع ضمن أراضي الأنباط بينما كانت في نهايتها تقع ضمن حدود الدولة الاسلامية التي اسسها الرسول صلى الله عليه وسلم وكانت المدينة المنورة مركزها ومنذ ان ضم الرومان مملكة الانباط الى مناطق نفوذهم في عام 106م والى ان جاء الاسلام في القرن الاول الهجري (السابعالميلادي) كانت دومة الجندل تقع خارج حدود الدولة الرومانية ثم البيزنطية في بلادالشام وكذلك ظلت في منأى عن سيطرة دول الـ ( Parthian) والساسانيين المتعاقبة فيالشرق. وكانت دومة الجندل أيام الأنباط تعتبر واحدة من أهم المدن الواقعة على الطرق التجارية التي تخضع لسيطرتهم وتمر عبر مناطق نفوذهم ممتدة مابين دمشق في الشام ومدائن صالح في الجنوب . وعندما قام الامبراطور الروماني ( تراجان ) بضم مملكةالانباط الى الامبراطورية الرومانية في عام 106بعد الميلاد اصبح الجزء الشمالي منالجزيرة العربية منفصلا عن البحر الابيض المتوسط بواسطة الخطوط الدفاعيةالاماميةالى أن جاء المسلمون وتغلبوا على البيزنطيين الذين خلفوا الرومان وذلك فيموقعة اليرموك عام 15 للهجرة –636 للميلاد فأزالوا التحصينات التي أقامهاالرومان.
وعندما قامت قوات الامبراطور الروماني ( اورليان )بسحق قوات تدمرفي عام 272م أعاد الرومان تنظيم خطوط دفاعهم فاتسعت دفاعاتهم وتحصيناتهم مع التركيزعلى التحصينات في الطرف الشمالي لوادي السرحان وبطريق دومة الجندل فيالجنوب.
وإذا ما اخذنا في الاعتبار كل هذه الشواهد التي تشير الى مدى اهتمامالرومان بالسيطرة على مداخل الصحراء فانه يصعب علينا أن نتخيل أنهم لم يبدوااهتماما بدومة الجندل نفسها وبالأجزاء الجنوبية من وادي السرحان ولهذا فان للحجرالذي عثر عليه في دومة الجندل وعليه نقوش لاتينية أهمية خاصة من حيث أنه دليل علىوجود اتصال روماني بالطرف الجنوبي لوادي السرحان وبدومة الجندل نفسها.
ونظرالأن دومة الجندل كانت احدى الاسواق الكبرى وتقع على الطرق الرئيسية من الجزيرةالعربية الى الشمال والشرق فقد كان من الأهمية بمكان بالنسبة للدول الرئيسية فيالمنطقة أن يكون لها بعض النفوذ على هذه المدينة وهذا هو السبب الذي جعلها هدفالقوات المسلمين في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وفي عهد من جاءوابعده.
ومع أن دومة الجندل لم تحظ بعد هذا التاريخ الا باهتمام ضئيل من قبلالمؤرخين والجغرافيين العرب الا أن الشواهد الأثرية الموجودة في الاردن تجعلنانتساءل عن مدى تأثير العصرالأموي على وادي السرحان وعلى دومة الجندل نفسها.
كانت الجوف ملتقى الحضارات ومحطةتبادل تجاري واتصال ثقافي يبن الأمم الغابر.
ظهرت منطقة الجوف في العهدالآشوري كما أن هناك نصوص مكتوبة تتحدث عنها تعود إلى القرنين الثامن والسابع قبلالميلاد ، كما تشير المصادر الآشورية إلى " دومة الجندل " بـ " أدوماتو " أو " أدمو " وكذلك وقوعها ضمن ممتلكات قبيلة قيدار العربية.
وتبدأ الإشارة إلى دومة الجندل في القرن الثالث الميلادي في عهد الملكة العربية الشهيرة " زنوبيا " التيحكمت تدمر ما بين 267-272 م ويبدو أن هذه الملكة غزت دومة الجندل ولكن قلعت المدينةكانت حصينة بحيث لم تتمكن الملكة من إقتحامها فارتدت خائبة وقالت قولتها المشهورة " تمرد مارد وعز الأبلق " الأمر الذي يدل على أنه كان في دومة الجندل حكم قوي.
وتقع محافظة دومة الجندل جنوب غرب مدينة سكاكا حيث تقع على صخور تنتمي إلى الدرع العربي وهي من أهم المناطق الجيولوجية بالمملكة ، وتبعد عن مدينة سكاكا 52 كيلومتر وهي من أهم المواقع التاريخية والأثرية والحضارية في المملكة العربية السعودية حيث تحتضن قلعة مارد ومسجد عمر بن الخطاب كما تتوفر بوفرة مياههاالعذبه.
http://essanet.org/no3man/gndl1.jpg
ظهرت دومة الجندل على مسرح التاريخ المدون في العهد الآشوري أيأنها تعود إلى القرنين السابع والثامن قبل الميلاد. وتشير المصادر الآشورية إلى دومة الجندل بـ (ادوماتو) أو (ادومو) وتشير إلى وقوعها ضمن ممتلكات قبيلةقيدارالعربية.
وكانت دومة الجندل عاصمة لعدد من الملكات العربيات مثل ( تلخونو ) و ( (تبؤه )أو (تاربو )،واشير الى الملكات الاخريات بالاسم مثل (زبيبة) و(سمسي) و(اياتي) وقد اشير الى هؤلاء الملكات بعبارات عامة كملكات عربيات دون تسميةعاصمتهن.
وقد كان لهذه الملكات اكثر من مجرد سلطة دينية لأن (تغلثفلاشرالثالث 744-727ق.م) و(سرجون الثاني721-705ق.م)في ذكرهما للجزية التي ارسلهالهما ملوك الدول المجاورة يضعان الملكة( سمسي) على مستوى واحد مع فرعون مصر و(آنآمار) السبئ.وهذا المركز الرفيع التي تمتعت به ملكات دومة الجندل يمكن أن يفسرهالقول بأن الآلهه (دلبات)أو(اشتار-اتارسامين)كانت لها تبعية وامتيازعظيمان في شمال شبه الجزيرةالعربية ومن المعروف أنه كان لـ(دلبات)معبد هام في دومة الجندل.
منطقة الجوف من القرن الثالث الميلادي إلى مملكة الأكيدر
http://essanet.org/no3man/gouf.jpg
من الصعب الإتيان برواية محددة وواضحة عن منطقة تفتقر الى سجلات مكتوبة او شواهد أثرية، ونشعر بهذا النقص بين حين وآخر عند تناول تاريخ منطقة الجوف ولكن تبدأ الاشارة الى دومة الجندل في القرن الثالث الميلادي في عهد الملكة العربيةالشهيرة(زنوبيا)التي حكمت تدمر مابين 267-272م وقد غزت هذه الملكة دومة الجندل ولكن قلعة المدينة كانت حصينة بحيث لم تتمكن الملكة من اقتحامها فارتدت خائبة وقالت قولتها الشهيرة ((تمرد مارد وعز الأبلق))ومارد هو قصر مارد في دومة الجندل بينماقصر الأبلق هو قصر مشهور في تيماء.
وفي القرن الخامس الميلادي سيطر عليهاالملك العربي امرؤ القيس وكان يستوطن العراق مع قبيلته في الحيرة ولكنها ارتحلت فيالنهاية الى دومة الجندل.
الأكـيـدر :
جاء الإسلام والدولة في دومة الجندل لاكيدر بن عبدالملك من قبيلةكندة ويقال أن أول من ملك دومة الجندل هو:دجاجة بن قنافةبن عدي بن زهير بن جنابالكلبي.ويقال ان الاكيدر كندي من ذرية الملوك الذين ولاهم التبابعة (الحميريون)على كلب.وقد عد الاكيدر من ذوي الشأن في عصره وهناك دلائل مختلفة على ان الاكيدر ودومةالجندل كانا على صلة مع البيزنطيين والفرس كما تظهر النصوص المكتوبة ان الاكيدر كانعاملا للامبراطور البيزنطي (هرقل). وتوجد رواية تصف كيف ان الاكيدر أهدى للرسول صلى الله عليه وسلم جبة من صنع الساسانيين
http://essanet.org/no3man/gndl2.jpg
سوق دومة الجندل قبل الإسلام :/
كان للعرب في الجاهلية أسواق في أنحاء مختلفة من شبه الجزيرةالعربية يتجمعون فيها في مواسم معينة ويتبادلون البيع والشراء، وقد عدت دومة الجندلمن أقدم أسواق العرب وأهمها نتيجة لموقعها الجغرافي وتواجد عدد من القبائل العربيةفي المناطق المجاورة لها ففي الجاهلية (من القرن الخامس الميلادي وما قبله)كان منعادة القبائل أن تتجمع في دومة الجندل في أول يوم من ربيع الأول وحتى آخره لأغراضالبيع والشراء وكان البيع في هذا السوق بيع الحصاة وهو نوع من أنواع المقامرة ابطلهالاسلام كما ورد أن الاكيدرصاحب دومة الجندل كان يرعى الناس ويقوم بأمرهم أول يوم فتقوم سوقهم الى نصف الشهر وربما يغلب على السوق بني كلب ويتولى امرهم بعض رؤساء بني كلب فتقوم سوقهم الى آخر الشهر وقد ذكر ان سوق دومة الجندل كانت بين الاكيدرالعبادي من السكون وبين قنافة الكلبي.وكانت غلبة الملكين ان يتحاجيا فأيهما غلب صاحبه بما يلقى عليه تركه والسوق يفعل بها ما يشاء ولا يبيع فيها احد من الشام ولامن العراق الا باذنه.ولم يشتر ولم يبع حتى يبيع الملك كل شئ يريدبيعه.
وكانت سوق دومة الجندل من الاسواق الكبرى للعرب اذ كان يشترك فيهاالكثير من قبائلهم وخاصة كلب وغسان وطي ، وقد كان المتولون لأمر السوق يأخذون عشورالتجار ولهم جباه يجوبون السوق ليأخذو عشر ما يباع . ويجب ان ننظر الى سوق دومةالجندل من حيث أهميته التجارية فدومة الجندل تقع على الطرق الممتدة من وسط وشرق الجزيرة الى سوريه وجنوب فلسطين حيث كانت غزة ميناء رئيسيا حيث يشتري منه التجارمنتجات المناطق الواقعة على البحر المتوسط.
ويرى بعض المؤرخين ان اسواقالعرب تلك سواء سوق دومة الجندل او غيرها انما كانت بالاصل مواقع مقدسة بها اصنام تعبدها القبائل وتأتي للتقرب اليها في مواسم معينة هي مواسم حجها فتتحول تلك المواسم الى اسواق للبيع والشراء فقد ذكر ان بني وبره كانوا يفدون الى دومة الجندل للتقرب الى(ود)وكان سدنته من بني الفرافصة من كلب.
دومة الجندل ودورها الثقافي قبل ظهور الاسلام:
تدل النصوص الأدبية على الدور الذي لعبته دومة الجندل في التعريف بالكتابة ونشر الشعر قبل ظهور الاسلام ،ويقول جواد علي ان أهل دومة كانوا يقرأون ويكتبون وان احدهم علم اهل مكة ذلك .ثم اتى مكة في بعض شأنه وتزوج الصهباء بنت حرببن أمية بن عبدشمس القرشي احد رؤساء اهل مكة قبل الاسلام اذ رآه سفيان بن أميه بنعبدشمس وابو قيس بن عبد مناف بن زهره بن كلاب يلتب فسألاه ان يعلمهما الخط فعلمهما الهجاء ثم أراهما الخط فكتبا.
وقد اعتبرت دومة الجندل من مجامع أسواق العربومن أمهات القرى من بلاد العرب التي احتضنت ثقافات شتى ومن ذلك ما يتعلق بغناءالجاهليين الذي اعتبر أصله ومنشؤه في أمهات القرى ومنها دومة الجندل وعلى هذا فقدقال المؤرخين ان غناء الجاهليين يرجع الى ثلاثة أوجه النصب والسناد والهزج فأماالنصب فغناء الركبان وغناء الفتيان والقينات.واما السناد فالثقيل ذو الترجيع الكثيرالنغمات والنبرات وأما الهزج فالخفيف الذي يرقص عليه وينشد بالدف والمزمار.
الديانات في دومة الجندل قبل الفح الإسلامي :
كان الناس في دومة الجندل يعبدون أصناما مختلفة ولكن في الفترةالتي سبقت ظهور الإسلام بوقت قصير ظهرت كل من الديانتين النصرانية واليهودية فيهاوبالإضافة إليهما ظل الناس يعبدون أصناما مختلفة حتى ظهور الإسلام وقد ركزتالروايات على وجود صنم (ود)وأنه كان يعبد في دومة الجندل وقد تحدث عنه الكلبي فيكتابه(الأصنام)وذكر أن قبيلة كلب كانت تتعبد له بدومة الجندل وقد قام خالد بن الوليد بتحطيم صنم(ود) بعد ظهور الإسلام.
الفتح الإسلامي لدومة الجندل
http://essanet.org/no3man/gndl3.jpg
بعد ظهور الاسلام وارساء قواعد الدولة الاسلامية في المدينة المنورة في السنةالأولى للهجرة (622م)سعى المسلمون لنشر الدعوة في كل الاتجاهات بقدر ما تسعفهم بهامكاناتهم، وفي حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وبعد مماته اتجه الموفدون الى مختلف أرجاء الجزيرة العربية لنشر الدعوة وتم تنظيم الغزوات من أجل هذا الهدف العظيم ومنالغزوات التي خرجت من المدينة المنورة كانت الغزوةالأولى لدومة الجندل والتي يقالان الرسول صلى الله عليه وسلم قادها بنفسه وكان ذلك في السنة الخامسةللهجرة(626م).ابتدأت الغزوة الاولى لدومة الجندل في اليوم الخامس والعشرين من شهرربيع الاول للسنة الخامسة للهجرة وعادت الى المدينة في التاسع عشر من شهر ربيع الثاني كما ذكر الواقدي وقد كان مع الرسول صلى الله عليه وسلم ألف رجل ودليل من بني عذرة اسمه مدكور فلما وصل المسلمون الى دومة الجندل وجدوها خالية لأن سكانها فروابعد سماعهم بتقدم المسلمين وخلفوا وراءهم ماشيتهم وأمتعتهم التي غنمها المسلمونوعندما أرسل الرسول صلى الله عليه وسلم رجالا للبحث عن الفارين من الاهالي لم يجدواالا واحدا أقنعوه بالرجوع معهم واعتنق الرجل الاسلام على يد الرسول صلى الله عليه وسلم.
ويظهر من الأسباب التي أدت بالرسول صلى الله عليه وسلم الى القيامبغزوته هذه الى دومة الجندل قيام جنود الاكيدر بالاعتداءات المتكررة على قوافلالتجار المتجهة من المدينة الى سوريا ونهبهم لبضائعهم
ومؤنهم.
الغزوة الثانية:
وكانت في شهر شعبان في السنة السادسة للهجرة (يناير_فبراير 628م) وعن سبب هذه الغزوة أن شر أهل دومة الجندل لم ينقطع عن تجار المدينة فأرسل الرسولصلى الله عليه وسلم اليهم سرية عليها عبد الرحمن بن عوف وأوصاه حين دفع اليه اللواء بقوله(خذه يابن عوف فاغزوا جميعا في سبيل الله فقاتلوا من كفر بالله ولا تغلوا ولاتغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدا فهذا عهد الله وسيرة نبيه فيكم)ثم قال (ان استجابوا لك فتزوج بنت ملكهم).
ولما بلغ عبدالرحمن بن عوف دومة الجندل دعااهلها الى الاسلام فأسلم الأصبغ بن عمرو الكلبي من كبار كلب وأسلم معه ناس كثيرونمن دومة وتزوج عبد الرحمن ابنته (تماضر).
الغزوة الثالثة:
رغم حصول الغزوتين الاولى والثانية لدومة الجندل الا أن الاسلاميبدوأنه لم يستتب فيها وهذا ما كان سببا للقيام بالغزوة الثالثة في السنة التاسعةللهجرة(630م) ويبدو ان الاكيدر حاكم دومة الجندل وعامل الامبراطور البيزنطي (هرقل) واصل تعرضه للقوافل التجارية القادمة من المدينة المنورة بسبب اعراض التجار عنالتوقف في مدينته .وقد قام الرسول صلى الله عليه وسلم بارسال خالد بن الوليد على رأس غزوة الى دومة الجندل في السنة التاسعة للهجرة يرافقه اربعمائه وعشرونفارسا.
ويختلف المؤرخون فيما حققته هذه الغزوة ولهم في نتائجها أقوال كثيرةفمنهم من يقول ان خالدا أخضع دومة الجندل بالقوة وأخذ ملكها اسيرا إلى المدينةالمنورة حيث أعلن الاكيدر اسلامه امام الرسول صلى الله عليه وسلم بينما هناك الكثيرمن الروايات التي تذكر أن الاكيدر قد دفع الجزية مما يعني أنه لم يسلم.
وإذاما افترضنا أن الاكيدر قد أعلن اسلامه فان من الثابت أنه قد ارتد عن الاسلام بعدوفاة الرسول صلى الله عليه وسلم وهنا يختلف المؤرخون في مصيره بعد ذلك فمنهم منيقول أن الخليفة عمر بن الخطاب اجلاه من دومة الجندل الى الحيرة فنزل في موضع فيهاقرب عين تمر وبنى فيها منازل وسماها دومة, وقيل دوماء.
وتذكر في هذه المناسبة الأبيات التالية:
مــن آل كدر شجوة يعنيني
يامن رأى ضعنا تحمل غدوة
والسيرمن حصن اشم حصونا
قد بدلت ضعنا بدار اقامـة
دومة الجندل في عهد ابي بكرالصديق:
ذكر انه في السنه الثانبة عشر للهجرة (633م)ارسل ابو بكر الصديققائدين مسلمين لفتح السواق وهي المنطقة الواقعة الى الشمال والشمال الشرقي منالجزيرة العربية وسلك كل من القائدين خالد بن الوليد وعياض بن غنم طريقا مختلفا الىالسواق.حيث سلك عياض الطريق الرئيسي عبر الصحراء حيث اوصلته الى دومة الجندل مباشرةوفي نفس الوقت اتجه خالد بن الوليد الى العراق واخضع الحيرة والانبار قبل ان يعودلمساندة حملة عياض بن غنم على دومة الجندل.
وبالاضافة الى الحملات العسكريةالمبكرة التي قام بها المسلمون في منطقة دومة الجندل فانهم بدأوا بارسال حملاتهمباتجاه العراق في زمن ابي بكر مع تركيز المزيد من الاهتمام بدومةالجندل.
ويذكر (موسيل ) الملاحظات التالية فيقول:
(( انه مالم يتم الاستيلاء على دومة الجندل واخضاعها تماما فان باستطاعة القبائل الشمالية ان تقطع كل وسيلة اتصال بين العراق وسوريا, كما يمكنهم توجيه ضربة قاسمة للمسلمين الذين يقاتلون في المنطقتين المذكورتين )).
التـحكيـم:
من اهم ما يرد عن دومة الجندل في عهد الخلفاء الراشدين هو وقوع (التحكيم) بين علي بن ابي طالب ومعاوية بنابي سفيان لان النزاع بينهما وصل الىدرجة الاقتتال بين أتباع كل منهما في موقعة صفين في السنة السابعة والثلاثين للهجرة –657م. فقد اتفق الطرفان على تحكيم القرآن الكريم في خلافهما على ان يختار كل طرف منهما شخصا يمثله. ولقد كثر القول بأن التحكيم ربما قصد به خديعة اراد بها معاويةايقاع الفرقة في جماعة علي عندما ظهر له أن الحرب كانت تسير ضده ، ويروى أن علي بنابي طالب شعر بالخديعة الا ان قومه خالفوه واختار اهل العراق ابو موسى الاشعريبالرغم من معارضة علي بن ابي طالب لذلك واختار اهل الشام عمرو بن العاص وقد اجتمع عمرو وابو موسى في دومة الجندل سنة 37هـ واتفقا فيما بينهما على خلع علي بن ابي طالب ومعاوية بن أبى سفيان على ان يكون الامر شورى بين المسلمين فيختاروا لأنفسهممن أحبوا.
دومة الجندل وشمالي الجزيرة العربية وبلاد الشام منذ القرن الأول الميلادي إلى القرن السابع الميلادي
القـرن الأول للهجـرة
http://essanet.org/no3man/gndl4.jpg
في بداية هذه الفترة كانت دومة الجندل تقع ضمن أراضي الأنباط بينما كانت في نهايتها تقع ضمن حدود الدولة الاسلامية التي اسسها الرسول صلى الله عليه وسلم وكانت المدينة المنورة مركزها ومنذ ان ضم الرومان مملكة الانباط الى مناطق نفوذهم في عام 106م والى ان جاء الاسلام في القرن الاول الهجري (السابعالميلادي) كانت دومة الجندل تقع خارج حدود الدولة الرومانية ثم البيزنطية في بلادالشام وكذلك ظلت في منأى عن سيطرة دول الـ ( Parthian) والساسانيين المتعاقبة فيالشرق. وكانت دومة الجندل أيام الأنباط تعتبر واحدة من أهم المدن الواقعة على الطرق التجارية التي تخضع لسيطرتهم وتمر عبر مناطق نفوذهم ممتدة مابين دمشق في الشام ومدائن صالح في الجنوب . وعندما قام الامبراطور الروماني ( تراجان ) بضم مملكةالانباط الى الامبراطورية الرومانية في عام 106بعد الميلاد اصبح الجزء الشمالي منالجزيرة العربية منفصلا عن البحر الابيض المتوسط بواسطة الخطوط الدفاعيةالاماميةالى أن جاء المسلمون وتغلبوا على البيزنطيين الذين خلفوا الرومان وذلك فيموقعة اليرموك عام 15 للهجرة –636 للميلاد فأزالوا التحصينات التي أقامهاالرومان.
وعندما قامت قوات الامبراطور الروماني ( اورليان )بسحق قوات تدمرفي عام 272م أعاد الرومان تنظيم خطوط دفاعهم فاتسعت دفاعاتهم وتحصيناتهم مع التركيزعلى التحصينات في الطرف الشمالي لوادي السرحان وبطريق دومة الجندل فيالجنوب.
وإذا ما اخذنا في الاعتبار كل هذه الشواهد التي تشير الى مدى اهتمامالرومان بالسيطرة على مداخل الصحراء فانه يصعب علينا أن نتخيل أنهم لم يبدوااهتماما بدومة الجندل نفسها وبالأجزاء الجنوبية من وادي السرحان ولهذا فان للحجرالذي عثر عليه في دومة الجندل وعليه نقوش لاتينية أهمية خاصة من حيث أنه دليل علىوجود اتصال روماني بالطرف الجنوبي لوادي السرحان وبدومة الجندل نفسها.
ونظرالأن دومة الجندل كانت احدى الاسواق الكبرى وتقع على الطرق الرئيسية من الجزيرةالعربية الى الشمال والشرق فقد كان من الأهمية بمكان بالنسبة للدول الرئيسية فيالمنطقة أن يكون لها بعض النفوذ على هذه المدينة وهذا هو السبب الذي جعلها هدفالقوات المسلمين في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وفي عهد من جاءوابعده.
ومع أن دومة الجندل لم تحظ بعد هذا التاريخ الا باهتمام ضئيل من قبلالمؤرخين والجغرافيين العرب الا أن الشواهد الأثرية الموجودة في الاردن تجعلنانتساءل عن مدى تأثير العصرالأموي على وادي السرحان وعلى دومة الجندل نفسها.