الوابـ(الصيب)ـل
2010-10-22, 02:02 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضل له، ومَن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومَن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا كثيرًا .
أما بعد:
فيا أيها الناس، اتقوا الله - تعالى - وتفقَّهوا في دين الله - عزَّ وجل - لتعبدوا الله على بصيرة؛ فإنه لا يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون، ومَن يرد الله به خيرًا يفقّه في الدين، فالفقه في دين الله نورٌ يسير به العبد إلى ربه في عقيدته وعبادته، في أخلاقه ومعاملته، بالعلم يعرف العبد ما يعتقده في ربه، وبه يعرف العبد كيف يعبد ربه، وبه يعرف كيف يتوضأ وكيف يغتسل، وبه يعرف كيف يصلي وكيف يزكي، وبه يعرف كيف يصوم وكيف يحج وكيف يعتمر، بالعلم يميِّز بين الحق والباطل، بين الحلال والحرام، بين الواجب والمسنون، بين الصحيح والفاسد .
بالعلم يعرف كيف يخالق الناس، كيف يبرُّ والديه، كيف يصل أقاربه، به يعرف كيف يعامل صديقه وكيف يجازي عدوه .
بالعلم يعرف كيف يعامل الناس في البيع والشراء والتأجير والرهن والضمان والقضاء والاقتضاء، فرحم الله امرئً سمحًا إذا باع، سمحًا إذا اشترى، سمحًا إذا قضى، سمحًا إذا اقتضى .
بالعلم يعرف الحق الذي عليه فيؤديه إلى أهله، وبالعلم يعرف الحق الذي له فيطلبه أو يتسامح فيه .
بالعلم يعرف كيف يوصي بعد موته وكيف يسبِّل ملكه وكيف ينكح وكيف يطلق، وبالعلم يعرف كيف فرائض الله التي فرضها للوارثين بعد الموت، وبالعلم يسير الموفق بأمته في نور العلم والرشاد إذا تراكمت ظلمات الجهل والفتن والفساد .
بالعلم يهدي العالِم أمته إلى الصراط المستقيم ويبيِّن لهم المنهج القويم، فما اكتسب كاسبٌ مالاً ولا جاهًا ولا رئاسةً أفضل من العلم وأعلى شأنًا منه، واسمعوا قول الله عزَّ وجل: ((يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ" [المجادلة: 11]، واسمعوا قول النبي صلى الله عليه وسلم: «مَن سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهَّل الله له به طريقا إلى الجنة»(1) .
أيها الناس، مَن استطاع منكم أن يتفرغ لطلب العلم وتحصيله فذلك أفضل وتلك نعمةٌ كبرى وغنيمةٌ فضلى؛ وإن التفرغ لطلب العلم تفرغٌ للجهاد في سبيل الله؛ وإن التفرغ لطلب العلم ليتأكد في هذا الزمان الذي قلَّ فيه الفقهاء في دين الله وكثر فيه طلب الدنيا والإقبال عليها من أكثر الناس وبدأت نابغة البدع تدور حول بلادنا بل ربما تصل إلى بلادنا، وكثر الناس الذين يُفتون بغير علم؛ ولهذا كان طلب العلم في هذا العصر متأكدًا غاية التأكد، فالله الله - أيها الشباب - بطلب العلم؛ فإنه ذخرٌ لكم وسعادةٌ ورفعةٌ في الدنيا والآخرة، ومَن لم يستطع أن يتفرغ لطلب العلم فليستمع إلى العلم وليجلس إلى أهله فيستفيد منهم ويفيد غيره ومن ثم ينبغي لأهل العلم أن يستغلوا فرصة جلوسهم مع الناس فيعلموهم ويفتحوا لهم باب المسألة والمناقشة لتكون مجالسهم مجالسًا مفيدةً مباركة تعود عليهم بالنفع وعلى الحاضرين لديهم، وإننا نسأل الله أن يعفو عنا لنمضي كثيرًا من مجالسنا غير ملاحظين لهذه الفائدة، فنسأل الله أن يعفو عنا ما سلف وأن يرزقنا الانتباه لما يستقبل وأن يعيننا على نشر العلم في كل فرصةٍ سانحة، إنه جوادٌ كريم .
أيها الناس، مَن لم يستطع الاستماع إلى العلم والجلوس إلى أهله فلا أقل من أن يسأل عن الأمور التي لا يسعه جهلها في دينه ودنياه، ومَن استفتى عالِمًا واثقًا بعلمه وأمانته فأفتاه فليأخذ بما أفتاه به ولا يتبع هواه في هذا فيرفض ما أفتاه به إذا لم يناسبه؛ فإن بعض الناس إذا استفتى عالماً فأفتاه فلم تناسبه الفتوى ذهب إلى عالِمٍ آخر وإلى ثانٍ وثالث حتى يفتى بما يهوى ومَن كانت هذه حاله فإنه ممن يتتبع الرخص وهذا تلاعبٌ بدين الله واتباعٌ للهوى دون الهدى، ولكن إذا استفتى عالماً فأفتاه ثم تبيَّن له بعد ذلك بمجالسة العلماء والسماع منهم أن ما أفتاه به الأول مخالفٌ لما دلَّ عليه الكتاب والسنة فله حينئذٍ أن يعدل عن فتواه بل يجب عليه حينئذٍ أن يعدل عن الفتوى السابقة إلى ما دلَّ عليه الكتاب والسنَّة، وكذلك لو استفتى شخصًا ليس في بلده مَن هو أولى منه وأعلم ومَن نيته أنه إذا حصّل مَن هو أعلم منه استفتاه ولكنه استفتى مَن في بلده للضرورة؛ لأنه لا يجد أحدًا أولى منه بالاستفتاء، فلا بأس حينئذٍ أن يستفتي مَن هو أعلم منه؛ لأن استفتاءه الأول كان للضرورة فهو كما قيل بمنزلة أكل الميتة تحلُّ للضرورة فإذا وجد المزكاة فليأكلها .
أيها المسلمون، انتبهوا لفضل العلم والتفرغ له واحرصوا على تناوله ما استطعتم؛ فإنه - واللهِ - سعادة الدنيا والآخرة .
أيها المسلمون، استمعوا إلى قول الله تبارك وتعالى: ((اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ" [العلق: 1-5]، ثم قوله تعالى: ((الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (2) خَلَقَ الإِنْسَانَ (3) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ" [الرحمن: 1-4]، كل هذه الآيات ونحوها فيها دلالةٌ على فضيلة العلم، اللهم إنا نسألك في مقامنا هذا أن ترزقنا علمًا نافعًا وأن تنفعنا بما علمتنا وأن تزيدنا من فضلك والعلم، إنك على كل شيءٍ قدير .
المصدر
http://www.ibnothaimeen.com/all/khot...icle_487.shtml (http://www.ibnothaimeen.com/all/khotab/article_487.shtml)
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضل له، ومَن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومَن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا كثيرًا .
أما بعد:
فيا أيها الناس، اتقوا الله - تعالى - وتفقَّهوا في دين الله - عزَّ وجل - لتعبدوا الله على بصيرة؛ فإنه لا يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون، ومَن يرد الله به خيرًا يفقّه في الدين، فالفقه في دين الله نورٌ يسير به العبد إلى ربه في عقيدته وعبادته، في أخلاقه ومعاملته، بالعلم يعرف العبد ما يعتقده في ربه، وبه يعرف العبد كيف يعبد ربه، وبه يعرف كيف يتوضأ وكيف يغتسل، وبه يعرف كيف يصلي وكيف يزكي، وبه يعرف كيف يصوم وكيف يحج وكيف يعتمر، بالعلم يميِّز بين الحق والباطل، بين الحلال والحرام، بين الواجب والمسنون، بين الصحيح والفاسد .
بالعلم يعرف كيف يخالق الناس، كيف يبرُّ والديه، كيف يصل أقاربه، به يعرف كيف يعامل صديقه وكيف يجازي عدوه .
بالعلم يعرف كيف يعامل الناس في البيع والشراء والتأجير والرهن والضمان والقضاء والاقتضاء، فرحم الله امرئً سمحًا إذا باع، سمحًا إذا اشترى، سمحًا إذا قضى، سمحًا إذا اقتضى .
بالعلم يعرف الحق الذي عليه فيؤديه إلى أهله، وبالعلم يعرف الحق الذي له فيطلبه أو يتسامح فيه .
بالعلم يعرف كيف يوصي بعد موته وكيف يسبِّل ملكه وكيف ينكح وكيف يطلق، وبالعلم يعرف كيف فرائض الله التي فرضها للوارثين بعد الموت، وبالعلم يسير الموفق بأمته في نور العلم والرشاد إذا تراكمت ظلمات الجهل والفتن والفساد .
بالعلم يهدي العالِم أمته إلى الصراط المستقيم ويبيِّن لهم المنهج القويم، فما اكتسب كاسبٌ مالاً ولا جاهًا ولا رئاسةً أفضل من العلم وأعلى شأنًا منه، واسمعوا قول الله عزَّ وجل: ((يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ" [المجادلة: 11]، واسمعوا قول النبي صلى الله عليه وسلم: «مَن سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهَّل الله له به طريقا إلى الجنة»(1) .
أيها الناس، مَن استطاع منكم أن يتفرغ لطلب العلم وتحصيله فذلك أفضل وتلك نعمةٌ كبرى وغنيمةٌ فضلى؛ وإن التفرغ لطلب العلم تفرغٌ للجهاد في سبيل الله؛ وإن التفرغ لطلب العلم ليتأكد في هذا الزمان الذي قلَّ فيه الفقهاء في دين الله وكثر فيه طلب الدنيا والإقبال عليها من أكثر الناس وبدأت نابغة البدع تدور حول بلادنا بل ربما تصل إلى بلادنا، وكثر الناس الذين يُفتون بغير علم؛ ولهذا كان طلب العلم في هذا العصر متأكدًا غاية التأكد، فالله الله - أيها الشباب - بطلب العلم؛ فإنه ذخرٌ لكم وسعادةٌ ورفعةٌ في الدنيا والآخرة، ومَن لم يستطع أن يتفرغ لطلب العلم فليستمع إلى العلم وليجلس إلى أهله فيستفيد منهم ويفيد غيره ومن ثم ينبغي لأهل العلم أن يستغلوا فرصة جلوسهم مع الناس فيعلموهم ويفتحوا لهم باب المسألة والمناقشة لتكون مجالسهم مجالسًا مفيدةً مباركة تعود عليهم بالنفع وعلى الحاضرين لديهم، وإننا نسأل الله أن يعفو عنا لنمضي كثيرًا من مجالسنا غير ملاحظين لهذه الفائدة، فنسأل الله أن يعفو عنا ما سلف وأن يرزقنا الانتباه لما يستقبل وأن يعيننا على نشر العلم في كل فرصةٍ سانحة، إنه جوادٌ كريم .
أيها الناس، مَن لم يستطع الاستماع إلى العلم والجلوس إلى أهله فلا أقل من أن يسأل عن الأمور التي لا يسعه جهلها في دينه ودنياه، ومَن استفتى عالِمًا واثقًا بعلمه وأمانته فأفتاه فليأخذ بما أفتاه به ولا يتبع هواه في هذا فيرفض ما أفتاه به إذا لم يناسبه؛ فإن بعض الناس إذا استفتى عالماً فأفتاه فلم تناسبه الفتوى ذهب إلى عالِمٍ آخر وإلى ثانٍ وثالث حتى يفتى بما يهوى ومَن كانت هذه حاله فإنه ممن يتتبع الرخص وهذا تلاعبٌ بدين الله واتباعٌ للهوى دون الهدى، ولكن إذا استفتى عالماً فأفتاه ثم تبيَّن له بعد ذلك بمجالسة العلماء والسماع منهم أن ما أفتاه به الأول مخالفٌ لما دلَّ عليه الكتاب والسنة فله حينئذٍ أن يعدل عن فتواه بل يجب عليه حينئذٍ أن يعدل عن الفتوى السابقة إلى ما دلَّ عليه الكتاب والسنَّة، وكذلك لو استفتى شخصًا ليس في بلده مَن هو أولى منه وأعلم ومَن نيته أنه إذا حصّل مَن هو أعلم منه استفتاه ولكنه استفتى مَن في بلده للضرورة؛ لأنه لا يجد أحدًا أولى منه بالاستفتاء، فلا بأس حينئذٍ أن يستفتي مَن هو أعلم منه؛ لأن استفتاءه الأول كان للضرورة فهو كما قيل بمنزلة أكل الميتة تحلُّ للضرورة فإذا وجد المزكاة فليأكلها .
أيها المسلمون، انتبهوا لفضل العلم والتفرغ له واحرصوا على تناوله ما استطعتم؛ فإنه - واللهِ - سعادة الدنيا والآخرة .
أيها المسلمون، استمعوا إلى قول الله تبارك وتعالى: ((اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ" [العلق: 1-5]، ثم قوله تعالى: ((الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (2) خَلَقَ الإِنْسَانَ (3) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ" [الرحمن: 1-4]، كل هذه الآيات ونحوها فيها دلالةٌ على فضيلة العلم، اللهم إنا نسألك في مقامنا هذا أن ترزقنا علمًا نافعًا وأن تنفعنا بما علمتنا وأن تزيدنا من فضلك والعلم، إنك على كل شيءٍ قدير .
المصدر
http://www.ibnothaimeen.com/all/khot...icle_487.shtml (http://www.ibnothaimeen.com/all/khotab/article_487.shtml)