عادل محمد
2010-10-24, 02:22 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله، والصلاة والسلام على من أسكت الكفر وأخرس ، وجاء بدين قد حرّم الغيبة ومعه التجسس،وبعد :
أيها الناكبون عن الصراط، يامن لا ترعون في مؤمن إلا ولا ذمة، اشغلوا أنفسكم بأنفسكم، وذبوا عن عرض هذه الأمة
أيها الجالسون القابعون وراء شاشات ، الخائضين في أعراض الأخوة والأخوات، أرسل لكم هذه الكلمات، أعلم أنها شواظ من نار، علّها تحرق ما اقترفتم من جرم، واجترحتم من سيئات
أيها المندفعون ،أيها المتهمون للناس بلا تثبت ولا روية ، أغرّكم أنكم أشخاص وهمية إلكترونية ،فهل غبتم وغابت فعالكم عن رب البرية !!
أرسلها لمن نشأ وتربى ،وقد تناسى لم خلق ، وما علة وجوده ، فهو آلةٌ صماء يتصرف كيفما شاء، ويريد نفسه على ما شاء ،فيخوض في الأعراض، ويندفع في الإتهام وهواه متعدد الأغراض،هو في يد الشيطان يحركه للفتنة فيتحرك، عقربٌ لا تلدغ إلا من يتحرك ولا غرابة :
من كان في جحر الأفاعي ناشئاً ** غلبت عليه طبيعة الثعبان
أرسل هذه الكلمات وأهديها بلا ود؛ لمن يبنون الفروع على غير أصولها، فيبوءون بضياع الأصل والفرع معاً.
بل إلى من جعلوا الفرع سلماً للأصول، بل للوصول؛
فإنهم كقطيعٍ لا عقول لهم ** يكفي لإسكاتهم ماء وأعلاف
أعرضها على من يريد بقلمه ولسانه أن يداوي علة الأمة بعلل، ويقتل جرثومةً فيها بزرع جراثيم، كطبيبٍ يجرب معلوماته في المرضى ليزيدهم مرضاً، ثم يعيش على أمراضهم التي مكَّن لها فيهم، فهو حاميها وحراميها، سرطانه دواء سلها
هو طالحٌ لا صالحٌ لكنهم غلطوا ** فلم يضعوا العصا في رأسه
أشير بها إلى حملة الأقلام المسمومة، والأفكار الكاسدة، مورثة الضغائن، موقظة الفتن، لقطاء الكتابة، لابسي جلود الضأن على قلوب الذئاب.
والذئب أخبث ما يكون إذا بدا ** متلبساً بين النعاج إهابا
الأدعياء الذين اقتحموا عريناً ظنوا أن قد نامت آساده لكأن القائل عناهم يوم قال:
لقيط في الكتابة يدعيها ** كدعوى الجُعْل في بغض السماد
فدع عنك الكتابة لست منها ** ولو لطخت وجهك بالمداد
وأخشى أن يصدق فيهم قول من قال :
ومن البلية نصح من لا يرعوي ** عن غيه وخطاب من لا يفهم
الله حسيبهم على ما اقترفوا ويقترفون؛ في يومٍ لا ينفع فيه مال ولا بنون، إلا من أتى الله بقلبٍ سليم.
إن مواضع الزلل لا تكاد تنحصر ولا تختصر، ومن أخطر وأسوأ هذه المواضع: الاستطالة على الحرمات، وتتبع العورات، إنها الحالقة، بل الآفة الخطيرة والمزلق العظيم الذي اشتد نكير رسول الله صلى الله عليه وسلم على من اتصف به فيما ثبت عنه، قال: {يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه! لا تؤذوا المسلمين، ولا تعيروهم، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من تتبع عورة أخيه، تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته، فضحه ولو في قعر داره "
إنه موقفٌ حاسمٌ، ووعيدٌ زاجر يملأ النفس الحية خوفاً وهيبة وحذراً، ويقرر مبدأ صيانة العرض، وأن الجزاء من جنس العمل، وجرح اللسان كجرح السنان، والجروح قصاص: مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِه [النساء: 123].
بذلك تواترت النصوص الشرعية في غاية العظمة والإحكام؛ لتدل على عظيم منزلة المؤمن وبشاعة الاستطالة على حرمته، نظر عبد الله بن عمر رضي الله عنهما إلى الكعبة يوماً ثم قال: [[ما أعظمك! وما أعظم حرمتك! وللمؤمن والله أعظم حرمة منك ]] إنها كحرمة يوم النحر في شهر ذي الحجة في البلد الحرام:
لو قد عقلنا ذاك ما كنا نرى ** بعضاً يجرح مسلماً ويجرم
هب أن فينا مخطئاً فيما ادعى ** فهل السباب هو العلاج الأقوم؟
كيف الوقوف أمام خلاق الملا ** والعلم ظنٌّ والحديث مرجم؟
ثبت في البخاري من حديث أبي بكرة رضي الله عنهما: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر، فقال: {أي يوم هذا؟ أي شهر هذا؟ أي بلدٍ هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننا أنه سيسميها بغير اسمها، ثم قال: أليس بيوم النحر؟ أليس بذي الحجة؟ أليست بالبلدة الحرام؟ قلنا: بلى يا رسول الله! قال: فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام؛ كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا إلى يوم تلقون ربكم.. ألا هل بلغت؟ قالوا: نعم، قال: اللهم فاشهد } { كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه }.
لقد خاب من يسعى لإيذاء مسلمٍ ** كما خاب من يرجو سراباً بقيعة
إن من أخص سمات المسلم سلامة المسلم منه يداً ولساناً، والعاقل يطمح إلى هذا الوضع ليكون ممن جعلوا سلاطة ألسنتهم على أعداء الله وحلو كلامهم لأولياء الله، محققين قول الله في وصف أصحاب رسول الله: أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ [الفتح:29] وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: {المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده } ويقول ابن القيم عليه رحمة الله: أهل الصراط المستقيم كفوا ألسنتهم عن الباطل، وأطلقوها فيما يعود عليهم بالنفع في الآخرة، فلا ترى أحدهم يتكلم بكلمة تذهب عليه ضائعة بلا منفعة، فضلاً عن أن تضره في الآخرة، وإن العبد ليأتي يوم القيامة بحسناتٍ أمثال الجبال فيجد لسانه قد هدمها كلها، ويأتي بسيئاتٍ أمثال الجبال فيجد لسانه قد هدمها من كثرة ذكر الله وما اتصل به.
فللسان احفظ ولا تكلم ** إلا بخيرٍ أو فصمتاً الزم
وخشية الله فلازم وانتهِ ** عما نهاك وامتثل لأمره
ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لـمعاذ : {كف عليك هذا، ويشير إلى لسانه، فقال معاذ : وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به يا نبي الله؟! -وفي رواية: أوكلما نتكلم به يكتب علينا يا نبي الله؟!- فقال: ثكلتك أمك يا معاذ ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم؟ } إنك ما تزال سالماً ما سكت، فإذا تكلمت كتب عليك أو لك، فاللهم سلم سلم!
يكب الفتى في النار حصد لسانه ** فحافظ على ضبط اللسان وقيدِ
يا عبد الله! ذكرك أخاك بما يكره في حضوره سب وشتم، وبما يكره في غيبته لو بلغه؛ في بدنه، أو دينه، أو دنياه، أو نفسه، أو خَلقه، أو خُلقه، أو ماله، أو ولده، أو زوجه، أو خادمه، أو ثوبه، أو حركته، أو طلاقته، أو عبوسه، ذكره بواحدةٍ من هذه بلفظٍ، أو إشارة، أو رمزٍ، أو كتابةٍ، أو حكاية غيبة، أو همزٌ ولمزٌ وقدح إن كان فيه، فإن لم يكن فيه ما قلت فغيبةٌ وبهتانٌ وظلمٌ وكذب، ظلماتٌ بعضها فوق بعض، مع تعدٍ لحدود الله: وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [البقرة:229].
فاحذر حدود الله وارج ثوابه ** حتى تكون كمن له قلبان
هذا مجمل البيان ، نقلته من أصحاب البيان، من نصحوا لأمتهم بأجمل تبيان
فإن لم ترعوِ،ولم تقف عند حدك يا لئيم فاسمع إذن ،
ظننت نفسك في مملكة،فكنت على عادة زعماء قومك تكذب وتتهم،ألا خبت وخاب سعيُك !!!
إن أنت إلا أهوج أعوج أفحج زُبالة بُزالة غُسالة بُوالة حُثالة حُفالة
إن الأمة التي لا تجعل الأخلاق ملاكها أمة تتعجل هلاكها ، إن حاجتنا اليوم إلى أخلاق الإسلام أعظم من حاجتنا إلى كل مطلب ومرام ، زينوا المقال بالفعال أيها الرجال ، من خالفت اقواله أفعاله تحولت افعاله أفعى له
إن كنت تظن أيها البغيض أننا نسكت لجرم فعلناه، أو لخطأ ارتكبناه ،أو لخور منا ،أو لضعف فينا ؛ فقد وهمت وتعست، إن مما لم تكن تفهمه أننا نراعي عهدًا ووعدًا ، أما وقد استطلت،والفتنة لاحقة لصروح بذل لها أخوة نفائس أوقاتهم ،فهنا لابد من البيان، والحاجة إلى البيان في وقته مثلها مثل جهاد السنان
هو للصديق كما يحب وللعدى ** عند الكريهة ضيغم زئار
أي متتبعًا للعورات أرح المطية ولا تكن ** كمحاول صيد النجوم من المياه الركد
فتنبه ياهذا !!!!فإن لم تتنبه فإنناسنعمل الجزم بك ونخفض منك محل النصب ثم لن نرفع لك حالا
ثم إني موصيك بوصية :
وكلما أوقدوا نارا بها احترقوا ** وأحدثوا الحرب فيهم يحدث الحرب
تلكم هي الشجاعة حقًا :
تريث في غير عجلة ، تثبت في تؤدة ، فالاتئاد الاتئاد ، والتثبت التثبت ،بعد نظر في أصالة رأي ، لزم الوحي مع اتهام الرأي ، قضاء المصالح على أحسن وجه ، درء المفاسد في أجمل هيئة ،
الحد والشدة ليست لوازم قوة ، والتعقل والمدارات ليست مؤشرات ضعف ، والحزم والقوة والشجاعة حقا فعل ما ينبغي كما ينبغي في الوقت الذي ينبغي ..!!
والسيف لا يمضي بدون روية ** والرأي لا يمضي بغير مهند
وقد يدفع الإنسان عن نفسه الأذى ** بمقوله إن لم يدافعه باليد
ثبت من حديث البراء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {الربا اثنان وسبعون باباً، أدناها مثل إتيان الرجل أمه، وإن أربى الربا استطالة الرجل في عرض أخيه المسلم بغير حق }.
يا لله! إن العرض أعز على النفس من المال وغيره.. حقيقةٌ لا تدحر، وحجةٌ لا تنقض، أفلا نعقل؟ فأين المفر؟ {بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام }.
شنعاء صلعاء عوراء أن يقال في المؤمن ما ليس فيه أو ما يكرهه، فاحذروا ثم احذروا، وكونوا عباد الله إخواناً.
ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {من قال في مؤمن ما ليس فيه، أسكنه الله ردغة الخبال وهي عصارة أهل النار } وفي رواية للإمام أحمد : {ومن رمى مسلماً بشيءٍ يريد شينه به، حبسه الله على جسر جهنم حتى يخرج مما قال } يحبس حتى يرضى خصمه أو يشفع فيه، أو يعذب بقدر ذنبه أجارنا الله، وقد ثبت أن أبا الدرداء رضي الله عنه قال: [[ أيما رجل أشاع على امرئ مسلمٍ كلمة هو بريء منها ليشينه بها، كان حقاً على الله أن يعذبه يوم القيامة في النار حتى يأتي بنفاذ ما قال ]].
ذاك وربي موقفٌ عسير** ورسل الإله تستجير
يا رب سلم إنه لمأزق ** من شدة الهول يشيب المفرق
ألسنةٌ كالسياط، أدبها ودأبها التربص، فالتوثب على الأعراض في اعتراض، أشرفت علينا بقرون الفتنة لتضرب الثقة في العاملين في الدعوة ، طبع أصحابها -كما يقول ابن القيم عليه رحمة الله- طبع خنزير، يمر على الطيبات فلا يلوي عليها، فإذا قام الإنسان عن رجيعه ولغ فيه، وقمح، يسمع منك ويرى من المحاسن أضعاف أضعاف المساوئ فلا يحفظها، ولا ينقلها، ولا تناسبه، فإذا رأى سقطةً أو كلمةً عوراء ولو في فهمه، وجد بغيته وجعلها فاكهته، ألا بئس المنتجع وبئست الهواية، ويا ويلهم يوم تبلى السرائر يوم القيامة
أي دعاة الإسلام على الشبكة العنكبوتية – ومن أرادوا أن يكونوا دعاة على الحقيقة – تقدموا أيها الصادقون
وأنصح كل من كان أذنًا أن يتريث ، ولا يتهم بالباطل، وحذاري حذاري أن تقابلوا الله بذنب لم تبدؤه أنتم ، فاتقوا الله أيها المتجسسون ، ويامن تتهمون غيركم بالتجسس،لأمر قد وهى ، وسبب قد خفى ،ولفقتم عليه القصص والحكايات ، ظلمات بعضها فوق بعض ، فلا تكذبوا الكذبة وتصدقوها
فيا أيها القاطعون لأواصر المودة لكلمات قيلت ، ويا أيها المتهمون لغيركم بالغدر لأسباب واهية ، أفلا تثبتم من إخوانكم ، أفلا حاججتموهم ثم برأتم ذمتكم ، أم إنكم لا تحبون الإصلاح ، أفلا صرحتم بلا غيبة ،أم أن أسهل أمر عندكم القطيعة والمخاصمة
يا أيها المخاصمون ، يامن جافيتم إخوانكم هكذا ، أين الغدر ، ما فعلتم هو الغدر ، أم ما ادّعيتم ??
توبوا ، وارجعوا إلى ربكم ، وإني – على الايذاء – باسط لكم كفًّا ، وغيري كذلك، ومن أجل دعوة الله سأبذل ماء وجهي ،كفوا عن فتنة الناس ، أقصروا حتى لا يشمت بكم عدو !!!
إلى ديان يوم العرض نمضي ** وعند الله تجتمع الخصوم
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون !!!
كتبه الاخ الكريم الدكتور أبو عبد الله محمد بن يحيى
الحمد لله، والصلاة والسلام على من أسكت الكفر وأخرس ، وجاء بدين قد حرّم الغيبة ومعه التجسس،وبعد :
أيها الناكبون عن الصراط، يامن لا ترعون في مؤمن إلا ولا ذمة، اشغلوا أنفسكم بأنفسكم، وذبوا عن عرض هذه الأمة
أيها الجالسون القابعون وراء شاشات ، الخائضين في أعراض الأخوة والأخوات، أرسل لكم هذه الكلمات، أعلم أنها شواظ من نار، علّها تحرق ما اقترفتم من جرم، واجترحتم من سيئات
أيها المندفعون ،أيها المتهمون للناس بلا تثبت ولا روية ، أغرّكم أنكم أشخاص وهمية إلكترونية ،فهل غبتم وغابت فعالكم عن رب البرية !!
أرسلها لمن نشأ وتربى ،وقد تناسى لم خلق ، وما علة وجوده ، فهو آلةٌ صماء يتصرف كيفما شاء، ويريد نفسه على ما شاء ،فيخوض في الأعراض، ويندفع في الإتهام وهواه متعدد الأغراض،هو في يد الشيطان يحركه للفتنة فيتحرك، عقربٌ لا تلدغ إلا من يتحرك ولا غرابة :
من كان في جحر الأفاعي ناشئاً ** غلبت عليه طبيعة الثعبان
أرسل هذه الكلمات وأهديها بلا ود؛ لمن يبنون الفروع على غير أصولها، فيبوءون بضياع الأصل والفرع معاً.
بل إلى من جعلوا الفرع سلماً للأصول، بل للوصول؛
فإنهم كقطيعٍ لا عقول لهم ** يكفي لإسكاتهم ماء وأعلاف
أعرضها على من يريد بقلمه ولسانه أن يداوي علة الأمة بعلل، ويقتل جرثومةً فيها بزرع جراثيم، كطبيبٍ يجرب معلوماته في المرضى ليزيدهم مرضاً، ثم يعيش على أمراضهم التي مكَّن لها فيهم، فهو حاميها وحراميها، سرطانه دواء سلها
هو طالحٌ لا صالحٌ لكنهم غلطوا ** فلم يضعوا العصا في رأسه
أشير بها إلى حملة الأقلام المسمومة، والأفكار الكاسدة، مورثة الضغائن، موقظة الفتن، لقطاء الكتابة، لابسي جلود الضأن على قلوب الذئاب.
والذئب أخبث ما يكون إذا بدا ** متلبساً بين النعاج إهابا
الأدعياء الذين اقتحموا عريناً ظنوا أن قد نامت آساده لكأن القائل عناهم يوم قال:
لقيط في الكتابة يدعيها ** كدعوى الجُعْل في بغض السماد
فدع عنك الكتابة لست منها ** ولو لطخت وجهك بالمداد
وأخشى أن يصدق فيهم قول من قال :
ومن البلية نصح من لا يرعوي ** عن غيه وخطاب من لا يفهم
الله حسيبهم على ما اقترفوا ويقترفون؛ في يومٍ لا ينفع فيه مال ولا بنون، إلا من أتى الله بقلبٍ سليم.
إن مواضع الزلل لا تكاد تنحصر ولا تختصر، ومن أخطر وأسوأ هذه المواضع: الاستطالة على الحرمات، وتتبع العورات، إنها الحالقة، بل الآفة الخطيرة والمزلق العظيم الذي اشتد نكير رسول الله صلى الله عليه وسلم على من اتصف به فيما ثبت عنه، قال: {يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه! لا تؤذوا المسلمين، ولا تعيروهم، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من تتبع عورة أخيه، تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته، فضحه ولو في قعر داره "
إنه موقفٌ حاسمٌ، ووعيدٌ زاجر يملأ النفس الحية خوفاً وهيبة وحذراً، ويقرر مبدأ صيانة العرض، وأن الجزاء من جنس العمل، وجرح اللسان كجرح السنان، والجروح قصاص: مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِه [النساء: 123].
بذلك تواترت النصوص الشرعية في غاية العظمة والإحكام؛ لتدل على عظيم منزلة المؤمن وبشاعة الاستطالة على حرمته، نظر عبد الله بن عمر رضي الله عنهما إلى الكعبة يوماً ثم قال: [[ما أعظمك! وما أعظم حرمتك! وللمؤمن والله أعظم حرمة منك ]] إنها كحرمة يوم النحر في شهر ذي الحجة في البلد الحرام:
لو قد عقلنا ذاك ما كنا نرى ** بعضاً يجرح مسلماً ويجرم
هب أن فينا مخطئاً فيما ادعى ** فهل السباب هو العلاج الأقوم؟
كيف الوقوف أمام خلاق الملا ** والعلم ظنٌّ والحديث مرجم؟
ثبت في البخاري من حديث أبي بكرة رضي الله عنهما: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر، فقال: {أي يوم هذا؟ أي شهر هذا؟ أي بلدٍ هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننا أنه سيسميها بغير اسمها، ثم قال: أليس بيوم النحر؟ أليس بذي الحجة؟ أليست بالبلدة الحرام؟ قلنا: بلى يا رسول الله! قال: فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام؛ كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا إلى يوم تلقون ربكم.. ألا هل بلغت؟ قالوا: نعم، قال: اللهم فاشهد } { كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه }.
لقد خاب من يسعى لإيذاء مسلمٍ ** كما خاب من يرجو سراباً بقيعة
إن من أخص سمات المسلم سلامة المسلم منه يداً ولساناً، والعاقل يطمح إلى هذا الوضع ليكون ممن جعلوا سلاطة ألسنتهم على أعداء الله وحلو كلامهم لأولياء الله، محققين قول الله في وصف أصحاب رسول الله: أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ [الفتح:29] وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: {المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده } ويقول ابن القيم عليه رحمة الله: أهل الصراط المستقيم كفوا ألسنتهم عن الباطل، وأطلقوها فيما يعود عليهم بالنفع في الآخرة، فلا ترى أحدهم يتكلم بكلمة تذهب عليه ضائعة بلا منفعة، فضلاً عن أن تضره في الآخرة، وإن العبد ليأتي يوم القيامة بحسناتٍ أمثال الجبال فيجد لسانه قد هدمها كلها، ويأتي بسيئاتٍ أمثال الجبال فيجد لسانه قد هدمها من كثرة ذكر الله وما اتصل به.
فللسان احفظ ولا تكلم ** إلا بخيرٍ أو فصمتاً الزم
وخشية الله فلازم وانتهِ ** عما نهاك وامتثل لأمره
ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لـمعاذ : {كف عليك هذا، ويشير إلى لسانه، فقال معاذ : وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به يا نبي الله؟! -وفي رواية: أوكلما نتكلم به يكتب علينا يا نبي الله؟!- فقال: ثكلتك أمك يا معاذ ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم؟ } إنك ما تزال سالماً ما سكت، فإذا تكلمت كتب عليك أو لك، فاللهم سلم سلم!
يكب الفتى في النار حصد لسانه ** فحافظ على ضبط اللسان وقيدِ
يا عبد الله! ذكرك أخاك بما يكره في حضوره سب وشتم، وبما يكره في غيبته لو بلغه؛ في بدنه، أو دينه، أو دنياه، أو نفسه، أو خَلقه، أو خُلقه، أو ماله، أو ولده، أو زوجه، أو خادمه، أو ثوبه، أو حركته، أو طلاقته، أو عبوسه، ذكره بواحدةٍ من هذه بلفظٍ، أو إشارة، أو رمزٍ، أو كتابةٍ، أو حكاية غيبة، أو همزٌ ولمزٌ وقدح إن كان فيه، فإن لم يكن فيه ما قلت فغيبةٌ وبهتانٌ وظلمٌ وكذب، ظلماتٌ بعضها فوق بعض، مع تعدٍ لحدود الله: وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [البقرة:229].
فاحذر حدود الله وارج ثوابه ** حتى تكون كمن له قلبان
هذا مجمل البيان ، نقلته من أصحاب البيان، من نصحوا لأمتهم بأجمل تبيان
فإن لم ترعوِ،ولم تقف عند حدك يا لئيم فاسمع إذن ،
ظننت نفسك في مملكة،فكنت على عادة زعماء قومك تكذب وتتهم،ألا خبت وخاب سعيُك !!!
إن أنت إلا أهوج أعوج أفحج زُبالة بُزالة غُسالة بُوالة حُثالة حُفالة
إن الأمة التي لا تجعل الأخلاق ملاكها أمة تتعجل هلاكها ، إن حاجتنا اليوم إلى أخلاق الإسلام أعظم من حاجتنا إلى كل مطلب ومرام ، زينوا المقال بالفعال أيها الرجال ، من خالفت اقواله أفعاله تحولت افعاله أفعى له
إن كنت تظن أيها البغيض أننا نسكت لجرم فعلناه، أو لخطأ ارتكبناه ،أو لخور منا ،أو لضعف فينا ؛ فقد وهمت وتعست، إن مما لم تكن تفهمه أننا نراعي عهدًا ووعدًا ، أما وقد استطلت،والفتنة لاحقة لصروح بذل لها أخوة نفائس أوقاتهم ،فهنا لابد من البيان، والحاجة إلى البيان في وقته مثلها مثل جهاد السنان
هو للصديق كما يحب وللعدى ** عند الكريهة ضيغم زئار
أي متتبعًا للعورات أرح المطية ولا تكن ** كمحاول صيد النجوم من المياه الركد
فتنبه ياهذا !!!!فإن لم تتنبه فإنناسنعمل الجزم بك ونخفض منك محل النصب ثم لن نرفع لك حالا
ثم إني موصيك بوصية :
وكلما أوقدوا نارا بها احترقوا ** وأحدثوا الحرب فيهم يحدث الحرب
تلكم هي الشجاعة حقًا :
تريث في غير عجلة ، تثبت في تؤدة ، فالاتئاد الاتئاد ، والتثبت التثبت ،بعد نظر في أصالة رأي ، لزم الوحي مع اتهام الرأي ، قضاء المصالح على أحسن وجه ، درء المفاسد في أجمل هيئة ،
الحد والشدة ليست لوازم قوة ، والتعقل والمدارات ليست مؤشرات ضعف ، والحزم والقوة والشجاعة حقا فعل ما ينبغي كما ينبغي في الوقت الذي ينبغي ..!!
والسيف لا يمضي بدون روية ** والرأي لا يمضي بغير مهند
وقد يدفع الإنسان عن نفسه الأذى ** بمقوله إن لم يدافعه باليد
ثبت من حديث البراء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {الربا اثنان وسبعون باباً، أدناها مثل إتيان الرجل أمه، وإن أربى الربا استطالة الرجل في عرض أخيه المسلم بغير حق }.
يا لله! إن العرض أعز على النفس من المال وغيره.. حقيقةٌ لا تدحر، وحجةٌ لا تنقض، أفلا نعقل؟ فأين المفر؟ {بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام }.
شنعاء صلعاء عوراء أن يقال في المؤمن ما ليس فيه أو ما يكرهه، فاحذروا ثم احذروا، وكونوا عباد الله إخواناً.
ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {من قال في مؤمن ما ليس فيه، أسكنه الله ردغة الخبال وهي عصارة أهل النار } وفي رواية للإمام أحمد : {ومن رمى مسلماً بشيءٍ يريد شينه به، حبسه الله على جسر جهنم حتى يخرج مما قال } يحبس حتى يرضى خصمه أو يشفع فيه، أو يعذب بقدر ذنبه أجارنا الله، وقد ثبت أن أبا الدرداء رضي الله عنه قال: [[ أيما رجل أشاع على امرئ مسلمٍ كلمة هو بريء منها ليشينه بها، كان حقاً على الله أن يعذبه يوم القيامة في النار حتى يأتي بنفاذ ما قال ]].
ذاك وربي موقفٌ عسير** ورسل الإله تستجير
يا رب سلم إنه لمأزق ** من شدة الهول يشيب المفرق
ألسنةٌ كالسياط، أدبها ودأبها التربص، فالتوثب على الأعراض في اعتراض، أشرفت علينا بقرون الفتنة لتضرب الثقة في العاملين في الدعوة ، طبع أصحابها -كما يقول ابن القيم عليه رحمة الله- طبع خنزير، يمر على الطيبات فلا يلوي عليها، فإذا قام الإنسان عن رجيعه ولغ فيه، وقمح، يسمع منك ويرى من المحاسن أضعاف أضعاف المساوئ فلا يحفظها، ولا ينقلها، ولا تناسبه، فإذا رأى سقطةً أو كلمةً عوراء ولو في فهمه، وجد بغيته وجعلها فاكهته، ألا بئس المنتجع وبئست الهواية، ويا ويلهم يوم تبلى السرائر يوم القيامة
أي دعاة الإسلام على الشبكة العنكبوتية – ومن أرادوا أن يكونوا دعاة على الحقيقة – تقدموا أيها الصادقون
وأنصح كل من كان أذنًا أن يتريث ، ولا يتهم بالباطل، وحذاري حذاري أن تقابلوا الله بذنب لم تبدؤه أنتم ، فاتقوا الله أيها المتجسسون ، ويامن تتهمون غيركم بالتجسس،لأمر قد وهى ، وسبب قد خفى ،ولفقتم عليه القصص والحكايات ، ظلمات بعضها فوق بعض ، فلا تكذبوا الكذبة وتصدقوها
فيا أيها القاطعون لأواصر المودة لكلمات قيلت ، ويا أيها المتهمون لغيركم بالغدر لأسباب واهية ، أفلا تثبتم من إخوانكم ، أفلا حاججتموهم ثم برأتم ذمتكم ، أم إنكم لا تحبون الإصلاح ، أفلا صرحتم بلا غيبة ،أم أن أسهل أمر عندكم القطيعة والمخاصمة
يا أيها المخاصمون ، يامن جافيتم إخوانكم هكذا ، أين الغدر ، ما فعلتم هو الغدر ، أم ما ادّعيتم ??
توبوا ، وارجعوا إلى ربكم ، وإني – على الايذاء – باسط لكم كفًّا ، وغيري كذلك، ومن أجل دعوة الله سأبذل ماء وجهي ،كفوا عن فتنة الناس ، أقصروا حتى لا يشمت بكم عدو !!!
إلى ديان يوم العرض نمضي ** وعند الله تجتمع الخصوم
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون !!!
كتبه الاخ الكريم الدكتور أبو عبد الله محمد بن يحيى