صقر قريش
2008-02-26, 04:40 PM
في رحاب الوحي
يقول الحق جل شأنه: " ان الدين عند الله الاسلام وما اختلف الذين اوتوا الكتاب الا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب" (آل عمران-19)
ليس هناك خلاف ابداً على ان الدين الذي بعث الله به انبياءه هو دين واحد, ليس في اصله اختلاف بين الانبياء عليهم الصلاة والسلام اجمعين. والاية الكريمة السابقة تشير بوضوح الى هذا المعنى وتؤكده. فهذا الدين الذي ارتضاه الله لعباده هو الاسلام, والذي يقوم على مبدأ الاقرار بالتوحيد مع التصديق والعمل بشريعة الله سبحانه وتعالى.
لم يكن بين الانبياء اختلاف في اصل الدين (الجوهر), وانما كان الاختلاف في صور عباداتهم, وكيفية شرائعهم. فعلى سبيل المثال: كان حد الزاني في شريعة موسى عليه السلام الرجم, وجزاء القتل القصاص, وفي شريعتنا فإن حد الزاني المحصن الرجم, وحد غير المحصن الجلد, وفي قتل العمد القصاص وفي غير العمد الدية.
وكان كذلك في شريعة موسى استقبال بيت المقدس في الصلاة, وفي بداية الدعوة الاسلامية, كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه - وهم في مكة- يصلون الى بيت المقدس. وكان الرسول الكريم يصلي متجهاً الى بيت المقدس جاعلاً الكعبة امامه. ولما هاجر الى المدينة واتجه الى بيت المقدس صارت الكعبة وراءه. فانتهزها المشركون فرصة وقالوا: ترك قبلة ابيه ابراهيم, واستغلها اليهود ايضاً وقالوا: اتجه الى قبلتنا,فظل صلى الله عليه وسلم يترقب الوحي متأملاً ان تكون قبلته الكعبة. فعن ابن عباس رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما هاجر الى المدينة امره الله ان يتجه الى بيت المقدس, ففرحت اليهود, فاستقبلها بضعة عشر شهرا, وكان يحب قبلة ابراهيم, وكان يدعو الله وينظر الى السماء, فأنزل الله تعالى: "قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره, وان الذين اوتوا الكتاب ليعلمون انه الحق من ربهم وما الله بفاعل عما يعملون" (البقرة- 144).
وقد كان هناك اختلافات بين الانبياء عليهم السلام جميعاً, في اوقات العبادة وشروطها, اما الأصل (الجوهر) فهو ثابت لا يتغير بتغير الاقوام والانبياء والرسل, وهو واحد يدعو الى توحيد الله عز وجل, ويدعو الى تعظيمه, وتنزيهه سبحانه عما لا يليق به وبجلاله, وتدعو جميع الشرائع التي نزلت الى التقرب بطاعته الى جنابه, والخوف من غضبه وعقابه, وتدعو كذلك الى دوام الرجاء ونبيل رحمته وثوابه, والتخلق بالاخلاق الكريمة كالصدق والامانة والوفاء وصلة الرحم والابتعاء عن الفواحش والفتن, ما ظهر منها وما بطن, "واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا ان الله شديد العقاب" (الانفال-25).
وقد نهى الله سبحانه وتعالى عن الفتنة, ووصفها بأنها اكبر من القتل في قوله تعالى: "والفتنة اكبر من القتل" (البقرة-217) . كما دعانا الله سبحانه الى التناصح فيما بيننا, وكف الاذى عن الناس, ولم يرسل الله جلت قدرته رسولاً الا وكان عمدة دينه, وقواعده الاساسية التمسك بهذه الاصول, والعمل عليه وبها, مصداقاً لقوله تعالى: "شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً والذي اوحينا اليك وما وصينا به ابراهيم وموسى وعيسى ان اقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم اليه, الله يجتبي اليه من يشاء ويهدي اليه من ينيب" (الشورى- 13)
لقد ارسل الله سبحانه وتعالى الرسل بالشرائع الى الناس ليبشروا من اطاعهم واتبعهم بالجنة, والنعيم الدائم, وينذروا من خالفهم وعصاهم بالعذاب الابدي. كما ارسلهم سبحانه ليبينوا للناس ما فيه صلاح دنياهم لئلا يقولوا يوم القيامة لم يأتنا رسول من الله- يخبرنا عنه, ويدعونا للايمان به وعبادته جل شأنه. يقول الحق جل شأنه: " وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا" (الاسراء-15)
هذا, وكان الرسل كلهم قبل محمد صلى الله عليه وسلم يبعث كل واحد منهم الى قومه, فقد ارسل الله هودا عليه السلام الى قوم عاد "والى عاد اخاهم هودا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره" (هود- 50) "والى ثمود اخاهم صالحا فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره" (الاعراف-73)
والله سبحانه وتعالى كان يبعث لكل قوم رسولاً من لسانهم حتى لا يحتجوا ويقولوا اننا لم نفهم اللغة التي قابلنا بها, يقول تعالى: "وما ارسلنا من رسول الا بلسان قومه" (ابراهيم-4)
اما رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم فقد ارسله الله سبحانه وتعالى بأمر الرسالات السماوية (الاسلام) للناس كافة رحمة بهم. وقد بشر به عيسى عليه السلام " واذ قال عيسى ابن مريم يا بني اسرائيل اني رسول الله اليكم مصدقاً لما بين يدي من التوراة ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه احمد" (الصف-6). ويقول الله سبحانه بشأن رسوله محمد صلى الله عليه وسلم: " وما ارسلناك الا رحمة للعالمين" (الانبياء- 107)، وقد امرنا الله سبحانه بأن نطيعه ونطيع رسوله الكريم " قل اطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين" (آل عمران- 32). ويقول سبحانه على لسان رسوله "قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله" (آل عمران- 31).
منقول من جريدة الغد .
يقول الحق جل شأنه: " ان الدين عند الله الاسلام وما اختلف الذين اوتوا الكتاب الا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب" (آل عمران-19)
ليس هناك خلاف ابداً على ان الدين الذي بعث الله به انبياءه هو دين واحد, ليس في اصله اختلاف بين الانبياء عليهم الصلاة والسلام اجمعين. والاية الكريمة السابقة تشير بوضوح الى هذا المعنى وتؤكده. فهذا الدين الذي ارتضاه الله لعباده هو الاسلام, والذي يقوم على مبدأ الاقرار بالتوحيد مع التصديق والعمل بشريعة الله سبحانه وتعالى.
لم يكن بين الانبياء اختلاف في اصل الدين (الجوهر), وانما كان الاختلاف في صور عباداتهم, وكيفية شرائعهم. فعلى سبيل المثال: كان حد الزاني في شريعة موسى عليه السلام الرجم, وجزاء القتل القصاص, وفي شريعتنا فإن حد الزاني المحصن الرجم, وحد غير المحصن الجلد, وفي قتل العمد القصاص وفي غير العمد الدية.
وكان كذلك في شريعة موسى استقبال بيت المقدس في الصلاة, وفي بداية الدعوة الاسلامية, كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه - وهم في مكة- يصلون الى بيت المقدس. وكان الرسول الكريم يصلي متجهاً الى بيت المقدس جاعلاً الكعبة امامه. ولما هاجر الى المدينة واتجه الى بيت المقدس صارت الكعبة وراءه. فانتهزها المشركون فرصة وقالوا: ترك قبلة ابيه ابراهيم, واستغلها اليهود ايضاً وقالوا: اتجه الى قبلتنا,فظل صلى الله عليه وسلم يترقب الوحي متأملاً ان تكون قبلته الكعبة. فعن ابن عباس رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما هاجر الى المدينة امره الله ان يتجه الى بيت المقدس, ففرحت اليهود, فاستقبلها بضعة عشر شهرا, وكان يحب قبلة ابراهيم, وكان يدعو الله وينظر الى السماء, فأنزل الله تعالى: "قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره, وان الذين اوتوا الكتاب ليعلمون انه الحق من ربهم وما الله بفاعل عما يعملون" (البقرة- 144).
وقد كان هناك اختلافات بين الانبياء عليهم السلام جميعاً, في اوقات العبادة وشروطها, اما الأصل (الجوهر) فهو ثابت لا يتغير بتغير الاقوام والانبياء والرسل, وهو واحد يدعو الى توحيد الله عز وجل, ويدعو الى تعظيمه, وتنزيهه سبحانه عما لا يليق به وبجلاله, وتدعو جميع الشرائع التي نزلت الى التقرب بطاعته الى جنابه, والخوف من غضبه وعقابه, وتدعو كذلك الى دوام الرجاء ونبيل رحمته وثوابه, والتخلق بالاخلاق الكريمة كالصدق والامانة والوفاء وصلة الرحم والابتعاء عن الفواحش والفتن, ما ظهر منها وما بطن, "واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا ان الله شديد العقاب" (الانفال-25).
وقد نهى الله سبحانه وتعالى عن الفتنة, ووصفها بأنها اكبر من القتل في قوله تعالى: "والفتنة اكبر من القتل" (البقرة-217) . كما دعانا الله سبحانه الى التناصح فيما بيننا, وكف الاذى عن الناس, ولم يرسل الله جلت قدرته رسولاً الا وكان عمدة دينه, وقواعده الاساسية التمسك بهذه الاصول, والعمل عليه وبها, مصداقاً لقوله تعالى: "شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً والذي اوحينا اليك وما وصينا به ابراهيم وموسى وعيسى ان اقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم اليه, الله يجتبي اليه من يشاء ويهدي اليه من ينيب" (الشورى- 13)
لقد ارسل الله سبحانه وتعالى الرسل بالشرائع الى الناس ليبشروا من اطاعهم واتبعهم بالجنة, والنعيم الدائم, وينذروا من خالفهم وعصاهم بالعذاب الابدي. كما ارسلهم سبحانه ليبينوا للناس ما فيه صلاح دنياهم لئلا يقولوا يوم القيامة لم يأتنا رسول من الله- يخبرنا عنه, ويدعونا للايمان به وعبادته جل شأنه. يقول الحق جل شأنه: " وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا" (الاسراء-15)
هذا, وكان الرسل كلهم قبل محمد صلى الله عليه وسلم يبعث كل واحد منهم الى قومه, فقد ارسل الله هودا عليه السلام الى قوم عاد "والى عاد اخاهم هودا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره" (هود- 50) "والى ثمود اخاهم صالحا فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره" (الاعراف-73)
والله سبحانه وتعالى كان يبعث لكل قوم رسولاً من لسانهم حتى لا يحتجوا ويقولوا اننا لم نفهم اللغة التي قابلنا بها, يقول تعالى: "وما ارسلنا من رسول الا بلسان قومه" (ابراهيم-4)
اما رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم فقد ارسله الله سبحانه وتعالى بأمر الرسالات السماوية (الاسلام) للناس كافة رحمة بهم. وقد بشر به عيسى عليه السلام " واذ قال عيسى ابن مريم يا بني اسرائيل اني رسول الله اليكم مصدقاً لما بين يدي من التوراة ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه احمد" (الصف-6). ويقول الله سبحانه بشأن رسوله محمد صلى الله عليه وسلم: " وما ارسلناك الا رحمة للعالمين" (الانبياء- 107)، وقد امرنا الله سبحانه بأن نطيعه ونطيع رسوله الكريم " قل اطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين" (آل عمران- 32). ويقول سبحانه على لسان رسوله "قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله" (آل عمران- 31).
منقول من جريدة الغد .