مشاهدة النسخة كاملة : السلسلة الضعيفة
ذو الفقار
2008-02-28, 12:07 AM
هو ذاك يا اخي ذو الفقار مع الاسف البعض من المسلمين تواجههم هذه المشكلة وخصوصا من ليس متفقها في الدين ولايستطيع ان يميز بين الحديث الصحيح والضعيف
حياكِ الله أخت صفاء
إذاً شمروا عن سواعدكم وابروا أقلامكم وشاركوا بعد تحميل الكتاب من الرابط أعلاه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــ
41 - " من أصاب مالا من نهاوش أذهبه الله في نهابر " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 115 ) :
لا يصح .
رواه القضاعي في " مسند الشهاب " ( ق 37 / 2 ) و الرامهرمزي في " الأمثال "
( ص 160 ) عن عمرو بن الحصين قال : أنبأنا محمد بن عبد الله بن علاثة قال :
أنبأنا أبو سلمة الحمصي مرفوعا .
قلت : و هذا إسناد ساقط ، عمرو هذا كذاب كما سبق مرارا ، و قال السخاوي في
" المقاصد " ( رقم 1061 ) : عمرو متروك ، و أبو سلمة و اسمه سليمان بن سلم
و هو كاتب يحيى بن جابر قاضي حمص ، لا صحبة له ، فهو مع ضعفه مرسل ، و قد عزاه
الديلمي ليحيى بن جابر هذا و هو أيضا ليس بصحابي ، و قال التقي السبكي في
" الفتاوى " ( 2 / 369 ) : إنه لا يصح ، و له كلام طويل في نقضه و قد ذكر
العسكري في " التصحيفات " ( 1 / 229 ) عن أبي عبيد أنه غير محفوظ .
و الحديث عزاه السيوطي في " الجامع " لابن النجار عن أبي سلمة الحمصي و تعقبه
المناوي بأن أبا سلمة هذا تابعى مجهول ، قاله في " التقريب " كأصله ، و بأن
عمرا متروك .
نهاوش : بالنون من نهش الجثة جمع نهواش أو هواش من الهوش الجمع و هو كل مال
أصيب من غير حله و " الهواش " ما جمع من مال حرام .
نهابر : بنون أوله أي مهالك و أمور مبددة جمع نهبر و أصل النهابر مواضع الرمل
إذا وقعت بها رجل بعير لا تكاد تخلص و المراد أن من أخذ شيئا من غير حله كنهب
أذهبه الله في غير حله كذا في " فيض القدير " .
(1/118)
________________________________________
42 - " الأنبياء قادة ، و الفقهاء سادة ، و مجالسهم زيادة " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 116 ) :
موضوع .
أخرجه الدارقطني في " سننه " ( ص 322 ) و القضاعي في " مسند الشهاب "
( 23 / 1 ) من طريق أبي إسحاق عن الحارث عن علي بن أبي طالب مرفوعا .
و هذا سند ضعيف جدا ، الحارث هو ابن عبد الله الهمداني الأعور و قد ضعفه
الجمهور و قال ابن المديني : كذاب ، و قال شعبة : لم يسمع أبو إسحاق منه إلا
أربعة أحاديث ، و في الكشف ( 1 / 205 ) : قال القاري : هو موضوع كما في
" الخلاصة " ، و أورده السيوطي في " الجامع " من رواية القضاعي ، و بيض له
المناوي ! و لوائح الوضع عليه ظاهرة .
(1/119)
________________________________________
43 - " شهر رمضان معلق بين السماء و الأرض ، و لا يرفع إلى الله إلا بزكاة الفطر " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 117 ) :
ضعيف .
عزاه في " الجامع الصغير " لابن شاهين في " ترغيبه " و الضياء عن جرير و رمز له
بالضعف و بين سببه المناوي في شرحه فقال : أورده ابن الجوزي في " الواهيات "
و قال : لا يصح فيه محمد بن عبيد البصري مجهول .
قلت : و تمام كلام ابن الجوزي " العلل المتناهية " ( 824 ) : لا يتابع عليه .
و أقره الحافظ عليه في " اللسان " .
و أما قول المنذري في " الترغيب " ( 2 / 100 ) : رواه أبو حفص بن شاهين في
" فضائل رمضان " و قال : حديث غريب جيد الإسناد .
ففيه نظر من وجهين :
الأول : ثبوت هذا النص في كتاب ابن شاهين المذكور ، فإنى قد راجعت " فضائل
رمضان " له في نسخة خطية جيدة في المكتبة الظاهرية بدمشق ، فلم أجد الحديث فيه
مطلقا ، ثم إننى لم أره تكلم على حديث واحد مما أورده فيه بتصحيح أو تضعيف .
ثم رأيت الحديث رواه أحمد بن عيسى المقدسي في " فضائل جرير " ( 2 / 24 / 2 ) من
هذا الوجه و قال : رواه أبو حفص بن شاهين و قال : حديث غريب جيد الإسناد قال :
و معناه لا يرفع إلى الله عز وجل بغفران مما جنى فيه إلا بزكاة الفطر ! .
فلعل ابن شاهين ذكر ذلك في غير " فضائل رمضان " أو في نسخة أخرى منه ، فيها
زيادات على التي وقفت عليها .
الآخر : على افتراض ثبوت النص المذكور عن ابن شاهين فهو تساهل منه ، و إلا فأنى
للحديث الجودة مع جهالة راويه و قد تفرد به كما قال ابن الجوزي ، و تبعه
الحافظ ابن حجر العسقلاني كما سبق .
و روي من حديث أنس أخرجه الخطيب ( 9 / 121 ) و عنه ابن الجوزي في " العلل "
( 823 ) ، و ابن عساكر ( 12 / 239 / 2 ) عن بقية بن الوليد حدثني عبد الرحمن بن
عثمان بن عمر عنه مرفوعا .
قلت : و عبد الرحمن هذا لم أعرفه و الظاهر أنه من شيوخ بقية المجهولين ، و زعم
ابن الجوزي أنه البكراوي الذي قال أحمد فيه : طرح الناس حديثه مردود ، فإن هذا
متأخر الوفاة مات سنة ( 195 هـ ) فهو من طبقة بقية .
ثم إن الحديث لو صح لكان ظاهر الدلالة على أن قبول صوم رمضان متوقف على إخراج
صدقة الفطر ، فمن لم يخرجها لم يقبل صومه ، و لا أعلم أحدا من أهل العلم يقول
به ، و التأويل الذي نقلته آنفا عن المقدسي بعيد جدا عن ظاهر الحديث ، على أن
التأويل فرع التصحيح ، و الحديث ليس بصحيح .
أقول هذا ، و أنا أعلم أن بعض المفتين ينشر هذا الحديث على الناس كلما أتى شهر
رمضان ، و ذلك من التساهل الذي كنا نطمع في أن يحذروا الناس منه فضلا عن أن
يقعوا فيه هم أنفسهم ! .
(1/120)
________________________________________
44 - " من أحدث و لم يتوضأ فقد جفاني ، و من توضأ و لم يصل فقد جفاني ، و من صلى
و لم يدعني فقد جفاني ، و من دعاني فلم أجبه فقد جفيته ، و لست برب جاف " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 119 ) :
موضوع .
قاله الصغاني ( 6 ) و غيره .
و مما يدل على وضعه أن الوضوء بعد الحدث ، و الصلاة بعد الوضوء إنما ذلك من
المستحبات ، و الحديث يفيد أنهما من الواجبات لقوله : " فقد جفاني " و هذا لا
يقال في الأمور المستحبة كما لا يخفى و مثله :
(1/121)
________________________________________
45 - " من حج البيت و لم يزرني فقد جفاني " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 119 ) :
موضوع .
قاله الحافظ الذهبي في " الميزان " ( 3 / 237 ) ، و أورده الصغاني في
" الأحاديث الموضوعة " ( ص 6 ) و كذا الزركشي و الشوكاني في " الفوائد المجموعة
في الأحاديث الموضوعة " ( ص 42 ) .
قلت : و آفته محمد بن محمد بن النعمان بن شبل أو جده قال : حدثنا مالك عن نافع
عن ابن عمر مرفوعا .
أخرجه ابن عدي ( 7 / 2480 ) ، و ابن حبان في " الضعفاء " ( 2 / 73 ) ، و عنه
ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 2 / 217 ) و قالا : يأتي عن الثقات بالطامات
و عن الأثبات بالمقلوبات ، قال ابن الجوزي عقبه : قال الدارقطني : الطعن فيه من
محمد بن محمد بن النعمان .
و مما يدل على وضعه أن جفاء النبي صلى الله عليه وسلم من الكبائر إن لم يكن
كفرا ، و عليه فمن ترك زيارته صلى الله عليه وسلم يكون مرتكبا لذنب كبير و ذلك
يستلزم أن الزيارة واجبة كالحج و هذا مما لا يقوله مسلم ، ذلك لأن زيارته
صلى الله عليه وسلم و إن كانت من القربات فإنها لا تتجاوز عند العلماء حدود
المستحبات ، فكيف يكون تاركها مجافيا للنبي صلى الله عليه وسلم و معرضا عنه ؟ !
(1/122)
________________________________________
46 - " من زارني و زار أبي إبراهيم في عام واحد دخل الجنة " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 120 ) :
موضوع .
قال الزركشي في " اللآليء المنثورة " ( رقم 156 - نسختي ) : قال بعض الحفاظ :
هو موضوع و لم يروه أحد من أهل العلم بالحديث و كذا قال النووي : هو موضوع لا
أصل له .
و أورده السيوطي في " ذيل الأحاديث الموضوعة " رقم ( 119 ) و قال : قال
ابن تيمية و النووي : إنه موضوع لا أصل له و أقره الشوكاني ( ص 42 ) .
(1/123)
________________________________________
47 - " من حج فزار قبري بعد موتي كان كمن زارني في حياتي " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 120 ) :
موضوع .
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 3 / 203 / 2 ) و في " الأوسط " ( 1 /
126 / 2 من " زوائد المعجمين : الصغير و الأوسط " ) و ابن عدي في " الكامل "
و الدارقطني في " سننه " ( ص 279 ) و البيهقي ( 5 / 246 ) و السلفي في " الثاني
عشر من المشيخة البغدادية " ( 54 / 2 ) كلهم من طريق حفص بن سليمان أبي عمر عن
الليث بن أبي سليم عن مجاهد عن عبد الله بن عمر مرفوعا به و زاد ابن عدي :
" و صحبني " .
قلت : و هذا سند ضعيف جدا ، و فيه علتان :
الأولى : ضعف ليث بن أبي سليم فإنه كان قد اختلط كما تقدم بيانه في الحديث
( 2 ) .
الأخرى : أن حفص بن سليمان هذا و هو القاريء و يقال له الغاضري ضعيف جدا كما
أشار إليه الحافظ ابن حجر بقوله في " التقريب " : متروك الحديث و ذلك لأنه قد
قال فيه ابن معين : كان كذابا كما في " كامل " ابن عدي ، و قال ابن خراش : كذاب
يضع الحديث و قد تفرد بهذا الحديث كما قال الطبراني و ابن عدي و البيهقي
و قال : و هو ضعيف ، و قال ابن عدي بعد أن ساق الحديث في أحاديث أخرى له :
و عامة حديثه غير محفوظ .
و مما سبق تعلم أن قول ابن حجر الهيثمي في " الجوهر المنظم " ( ص 7 ) أن
ابن عدي رواه بسند يحتج به مما لا يتلفت إليه ، فلا يغتر به أحد كما فعل الشيخ
محمد أمين الكردي في " تنوير القلوب في معاملة علام الغيوب " حيث نقل ( ص 245 )
ذلك عنه مرتضيا له ! فوجب التنبيه عليه .
ثم وقفت على متابع لحفص بن سليمان فقال الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 126 / 2 )
من " زوائد المعجمين " : حدثنا أحمد بن رشدين حدثنا علي بن الحسن بن هارون
الأنصارى حدثني الليث ابن بنت الليث بن أبي سليم حدثتني عائشة بنت يونس امرأة
الليث ابن أبي سليم عن ليث بن أبي سليم به و قال : لا يروى عن الليث إلا بهذا
الإسناد تفرد به علي .
قلت : و لم أجد له ترجمة ، و مثله الليث ابن بنت أبي الليث و امرأته عائشة لم
أجد من ذكرها ، و بها أعل الهيثمي الحديث في " المجمع " ( 4 / 2 ) فقال : لم
أجد من ترجمها و هذا إعلال قاصر لما علمت من حال من دونها ، ثم إن شيخ الطبراني
فيه أحمد بن رشدين قال ابن عدي : كذبوه ، و أنكرت عليه أشياء .
و ذكر له الذهبي أحاديث من أباطيله .
و من طريقه رواه الطبراني في " الكبير " أيضا .
و إذا عرفت حال هذا الإسناد تبين لك أن المتابعة المذكورة لا يعتد بها البتة ،
فلا تغتر بإيراد السبكي إياها في " شفاء السقام " ( ص 20 ) دون أن يتكلم عليها
و لا على الطريق إليها !
و قد قال المحقق العلامة محمد بن عبد الهادي في الرد عليه في " الصارم المنكي "
( ص 63 ) : ليس هذا الإسناد بشيء يعتمد عليه ، و لا هو مما يرجع إليه ، بل هو
إسناد مظلم ضعيف جدا ، لأنه مشتمل على ضعيف لا يجوز الاحتجاج به ( و هو ليث بن
أبي سليم ) ، و مجهول لم يعرف من حاله ما يوجب قبول خبره ، و ابن رشدين شيخ
الطبراني قد تكلموا فيه ، و علي بن حسن الأنصارى ليس هو ممن يحتج بحديثه ،
و الليث ابن بنت الليث بن أبي سليم و جدته عائشة مجهولان لم يشتهر من حالهما
عند أهل العلم ما يوجب قبول روايتهما و لا يعرف لهما ذكر في غير هذا الحديث ،
قال : و الحاصل أن هذا المتابع الذي ذكره المعترض ( السبكي ) من رواية الطبراني
لا يرتفع به الحديث عن درجة الضعف و السقوط و لا ينهض إلى رتبة تقتضي الاعتبار
و الاستشهاد ، لظلمة إسناده ، و جهالة رواته ، و ضعف بعضهم و اختلاطه ، و لو
كان الإسناد صحيحا إلى ليث بن أبي سليم لكان فيه ما فيه ، فكيف و الطريق إليه
ظلمات بعضها فوق بعض ؟ ! .
و اعلم أنه قد جاءت أحاديث أخرى في زيارة قبره صلى الله عليه وسلم و قد ساقها
كلها السبكي في " الشفاء " و كلها واهية و بعضها أوهى من بعض ، و هذا أجودها
كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه الآتي ذكره ، و قد تولى بيان ذلك
الحافظ ابن عبد الهادي في الكتاب المشار إليه آنفا بتفصيل و تحقيق لا تراه عند
غيره فليرجع إليه من شاء .
و قال شيخ الإسلام ابن تيمية في " القاعدة الجليلة " ( ص 57 ) : و أحاديث زيارة
قبره صلى الله عليه وسلم كلها ضعيفة لا يعتمد على شيء منها في الدين ، و لهذا
لم يرو أهل الصحاح و السنن شيئا منها ، و إنما يرويها من يروي الضعاف
كالدارقطني و البزار و غيرهما .
ثم ذكر هذا الحديث ثم قال : فإن هذا كذبه ظاهر مخالف لدين المسلمين ، فإن من
زاره في حياته و كان مؤمنا به كان من أصحابه ، لاسيما إن كان من المهاجرين إليه
المجاهدين معه ، و قد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لا تسبوا أصحابي
فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم و لا نصيفه "
خرجاه في الصحيحين ، و الواحد من بعد الصحابة لا يكون مثل الصحابة بأعمال مأمور
بها واجبة كالحج و الجهاد و الصلوات الخمس ، و الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم
فيكف بعمل ليس بواجب باتفاق المسلمين ( يعني زيارة قبره صلى الله عليه وسلم )
بل و لا شرع السفر إليه ، بل هو منهي عنه ، و أما السفر إلى مسجده للصلاة فيه
فهو مستحب .
( تنبيه ) : يظن كثير من الناس أن شيخ الإسلام ابن تيمية و من نحى نحوه من
السلفيين يمنع من زيارة قبره صلى الله عليه وسلم ، و هذا كذب و افتراء و ليست
أول فرية على ابن تيمية رحمه الله تعالى ، و عليهم ، و كل من له اطلاع على كتب
ابن تيمية يعلم أنه يقول بمشروعية زيارة قبره صلى الله عليه وسلم و استحبابها
إذا لم يقترن بها شيء من المخالفات و البدع ، مثل شد الرحل و السفر إليها لعموم
قوله صلى الله عليه وسلم : " لا تشد الرحل إلا إلى ثلاثة مساجد " و المستثنى
منه في هذا الحديث ليس هو المساجد فقط كما يظن كثيرون بل هو كل مكان يقصد
للتقرب إلى الله فيه سواء كان مسجدا أو قبرا أو غير ذلك ، بدليل ما رواه
أبو هريرة قال ( في حديث له ) : فلقيت بصرة بن أبي بصرة الغفاري فقال : من أين
أقبلت ؟ فقلت : من الطور ، فقال : لو أدركتك قبل أن تخرج إليه ما خرجت ! سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لا تعمل المطي إلا إلى ثلاثة مساجد "
الحديث أخرجه أحمد و غيره بسند صحيح ، و هو مخرج في " أحكام الجنائز "
( ص 226 ) .
فهذا دليل صريح على أن الصحابة فهموا الحديث على عمومه ، و يؤيده أنه لم ينقل
عن أحد منهم أنه شد الرحل لزيارة قبر ما ، فهم سلف ابن تيمية في هذه المسألة ،
فمن طعن فيه فإنما يطعن في السلف الصالح رضي الله عنهم ، و رحم الله من قال :
و كل خير في اتباع من سلف و كل شر في ابتداع من خلف .
(1/124)
________________________________________
48 - " الولد سر أبيه " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 124 ) :
لا أصل له .
قاله السخاوي في " المقاصد الحسنة " ( ص 706 ) ، و السيوطي في " الدرر "
(ص 170 ) تبعا للزركشي في " التذكرة " ( ص 211 ) ، و أورده الصغاني في
" الأحاديث الموضوعة " ( ص 4 ) .
و معناه ليس مضطردا ، ففي الأنبياء من كان أبوه مشركا عاصيا ، مثل آزر والد
إبراهيم عليه السلام ، و فيهم من كان ابنه مشركا مثل ابن نوح عليه السلام .
(1/125)
________________________________________
49 - " من زار قبر أبويه أو أحدهما في كل جمعة غفر له و كتب برا " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 125 ) :
موضوع .
أخرجه الطبراني في " الصغير " ( ص 199 ) و في " الأوسط " ( 1 / 84 / 1 ـ من
" زوائد المعجمين " ) ، و عنه الأصبهاني في " الترغيب " ( 228 / 2 ) من طريق
محمد بن النعمان بن عبد الرحمن عن يحيى بن العلاء البجلي عن عبد الكريم
أبي أمية عن مجاهد عن أبي هريرة مرفوعا و قال : لا يروى عن أبي هريرة إلا
بهذا الإسناد .
قلت : و هو موضوع : محمد بن النعمان هذا قال في " الميزان " و تبعه في
" اللسان " : مجهول ، قاله العقيلي ، و يحيى متروك .
قلت : و يحيى هذا مجمع على ضعفه ، و قد كذبه وكيع ، و كذا أحمد فقال : كذاب يضع
الحديث و قال ابن عدي : و الضعف على رواياته بين ، و أحاديثه موضوعات .
و شيخه عبد الكريم أبي أمية هو ابن أبي المخارق ضعيف أيضا و لكنه لم يتهم ،
و لذلك لم يصب الحافظ الهيثمي حين أعل الحديث به فقط ، فقال ( 3 / 60 ) : رواه
الطبراني في " الأوسط " و " الصغير " ، و فيه عبد الكريم أبو أمية و هو ضعيف .
و أما شيخه العراقي ، فقد أعله في " تخريج الإحياء " ( 4 / 418 ) بما نقلته
آنفا عن " الميزان " فأصاب و كذلك أخطأ السيوطي في " اللآليء " حيث قال ( 2 /
234 ) حيث قال : عبد الكريم ضعيف ، و يحيى بن العلاء و محمد بن النعمان مجهولان
فإن يحيى بن العلاء ليس بالمجهول ، بل هو معروف و لكن بالكذب ! .
ثم إن للحديث علة أخرى و هي الاضطراب ، فقد أخرجه ابن أبي الدنيا في " القبور "
و من طريقه عبد الغني المقدسي في " السنن " ( 92 / 2 ) عن محمد بن النعمان يرفع
الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، و هذا معضل .
و قال ابن أبي حاتم في " العلل " ( 2 / 209 ) : سألت أبي عن حديث رواه أبو موسى
محمد ( بن ) المثنى عن محمد بن النعمان أبي النعمان الباهلي عن يحيى بن العلاء
عن عمه خالد بن عامر عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في الرجل يعق
والديه أو أحدهما فيموتان فيأتي قبره كل ليلة ؟ قال أبي : هذا إسناد مضطرب ،
و متن الحديث منكر جدا كأنه موضوع .
(1/126)
________________________________________
50 - " من زار قبر والديه كل جمعة ، فقرأ عندهما أو عنده *( يس )* غفر له بعدد كل
آية أو حرف " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 126 ) :
موضوع .
رواه ابن عدي ( 286 / 1 ) و أبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 2 / 344 - 345 )
و عبد الغني المقدسي في " السنن " ( 91 / 2 ) من طريق أبي مسعود يزيد بن خالد ،
حدثنا عمرو بن زياد ، حدثنا يحيى بن سليم الطائفي عن هشام بن عروة عن أبيه عن
عائشة عن أبي بكر الصديق مرفوعا و كتب بعض المحدثين - و أظنه ابن المحب أو
الذهبي - على هامش نسخة " سنن المقدسي " : هذا حديث غير ثابت ، و قال ابن عدي :
باطل ليس له أصل بهذا الإسناد ، ذكره في ترجمة عمرو بن زياد هذا ، و هو
أبو الحسن الثوباني مع أحاديث أخرى له ، قال في أحدها : موضوع ، ثم قال :
و لعمرو بن زياد غير هذا من الحديث ، منها سرقة يسرقها من الثقات ، و منها
موضوعات ، و كان هو يتهم بوضعها .
و قال الدارقطني : يضع الحديث و لهذا أورد الحديث ابن الجوزي في " الموضوعات "
( 3 / 239 ) من رواية ابن عدي فأصاب ، و تعقبه السيوطي في " اللآليء " ( 2 /
440 ) بقوله : قلت : له شاهد ، ثم ساق سند الحديث الذي قبله ! و قد علمت أنه
حديث موضوع أيضا ! و لو قيل بأنه ضعيف فقط فلا يصلح شاهدا لهذا ، لوجهين :
الأول : أنه مغاير له في المعنى و لا يلتقي معه إلا في مطلق الزيارة .
الآخر : ما ذكره المناوي في شرحه على " الجامع الصغير " فإنه قال بعد أن نقل
كلام ابن عدي المتقدم : و من ثم اتجه حكم ابن الجوزي عليه بالوضع ، و تعقبه
المصنف بأن له شاهدا ( و أشار إلى الحديث المتقدم ) و ذلك غير صواب لتصريحهم
حتى هو بأن الشواهد لا أثر لها في الموضوع بل في الضعيف و نحوه .
و الحديث يدل على استحباب قراءة القرآن عند القبور ، و ليس في السنة الصحيحة ما
يشهد لذلك ، بل هي تدل على أن المشروع عند زيارة القبور إنما هو السلام عليهم
و تذكر الآخرة فقط ، و على ذلك جرى عمل السلف الصالح رضي الله عنهم ، فقراءة
القرآن عندها بدعة مكروهة كما صرح به جماعة من العلماء المتقدمين ، منهم
أبو حنيفة ، و مالك ، و أحمد في رواية كما في " شرح الإحياء " للزبيدي ( 2 /
285 ) قال : لأنه لم ترد به سنة ، و قال محمد بن الحسن و أحمد في رواية : لا
تكره ، لما روى عن ابن عمر أنه أوصى أن يقرأ على قبره وقت الدفن بفواتح سورة
البقرة و خواتمها .
قلت : هذا الأثر عن ابن عمر لا يصح سنده إليه ، و لو صح فلا يدل إلا على
القراءة عند الدفن لا مطلقا كما هو ظاهر .
فعليك أيها المسلم بالسنة ، و إياك و البدعة ، و إن رآها الناس حسنة ، فإن " كل
بدعة ضلالة " كما قال صلى الله عليه وسلم .
(1/127)
ذو الفقار
2008-02-28, 12:59 AM
51 - " إن الله يحب عبده المؤمن الفقير المتعفف أبا العيال " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 128 ) :
ضعيف .
أخرجه ابن ماجه ( 2 / 529 ) و العقيلي في " الضعفاء " ( ص 361 ) من طريق حماد
ابن عيسى ، حدثنا موسى بن عبيدة ، أخبرني القاسم بن مهران عن عمران بن حصين
مرفوعا .
و قال العقيلي في ترجمة القاسم : لا يثبت سماعه من عمران بن حصين ، رواه عنه
موسى بن عبيدة و هو متروك .
و أقره البوصيري في " الزوائد " ( 253 / 2 ) و قال : هذا إسناد ضعيف .
قلت : فللحديث علتان تبينتا في كلام العقيلي و هما الانقطاع و ضعف ابن عبيدة .
و له علة ثالثة : و هي جهالة ابن مهران هذا ، قال الحافظ في " التقريب " :
مجهول .
و علة رابعة و هي حماد بن عيسى و هو الواسطي ، قال الحافظ : ضعيف ، و لذلك قال
العراقي : سنده ضعيف كما نقله المناوي و ضعفه السخاوي أيضا في " المقاصد "
( رقم 246 ) .
قلت : و قد وجدت للحديث طريقا أخرى و لكنه لا يزداد بها إلا ضعفا ، لأنه من
رواية محمد بن الفضل عن زيد العمي عن محمد بن سيرين عن عمران بن حصين به دون
قوله : " أبا العيال " ، أخرجه ابن عدي ( 295 / 1 ) و أبو نعيم ( 2 / 282 )
و قال : غريب من حديث محمد بن سيرين ، لم نكتبه إلا من حديث زيد و محمد بن
الفضل بن عطية .
قلت : و في هذا السند ثلاث علل أيضا :
الأولى : الانقطاع بين عمران و ابن سيرين ، فإنه لم يسمع منه كما قال الدارقطني
خلافا لما رواه عبد الله بن أحمد عن أبيه .
الثانية : زيد العمي و هو ابن الحواري ، ضعيف .
الثالثة : محمد بن الفضل بن عطية و هو كذاب كما قال الفلاس و غيره .
(1/128)
________________________________________
52 - " إذا استصعبت على أحدكم دابته أو ساء خلق زوجته أو أحد من أهل بيته فليؤذن في أذنه " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 130 ) :
ضعيف .
أورده الغزالي ( 2 / 195 ) جازما بنسبته إليه صلى الله عليه وسلم ! و قال مخرجه
الحافظ العراقي : رواه أبو منصور الديلمي في " مسند الفردوس " من حديث الحسين
ابن علي بن أبي طالب بسند ضعيف نحوه .
قلت : و لفظه كما في " الفردوس " ( 3 / 558 ) : " من ساء خلقه من إنسان أو
دابة ، فأذنوا في أذنيه " .
(1/129)
________________________________________
53 - " عليكم بدين العجائز " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 130 ) :
لا أصل له .
كذا قال في " المقاصد " و ذكره الصغاني في " الأحاديث الموضوعة " ( 7 ) و أورده
الغزالي ( 3 / 67 ) مرفوعا إليه صلى الله عليه وسلم ! و قال مخرجه العراقي :
قال ابن طاهر في " كتاب التذكرة " ( رقم 511 ) : تداوله العامة ، و لم أقف له
على أصل يرجع إليه من رواية صحيحة و لا سقيمة ، حتى رأيت حديثا لمحمد بن
عبد الرحمن البيلماني عن أبيه عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم .
قلت : ثم ذكر الحديث الآتي :
(1/130)
________________________________________
54 - " إذا كان في آخر الزمان ، و اختلفت الأهواء ، فعليكم بدين أهل البادية و النساء " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 130 ) :
موضوع .
قال ابن طاهر : و ابن البيلماني ( يعني الذي في سنده ) له عن أبيه عن
ابن عمر نسخة كان يتهم بوضعها .
قال الحافظ العراقي : و هذا اللفظ من هذا الوجه رواه ابن حبان في " الضعفاء "
في ترجمة ابن البيلماني .
قلت : من طريق ابن حبان أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 1 / 271 ) و منه
تبين أن فيه علة أخرى ، لأن راويه عن ابن عبد الرحمن البيلماني محمد بن الحارث
الحارثي و هو ضعيف ، و في ترجمته أورد الحديث ابن عدي ( 297 / 2 ) و قال :
و عامة ما يرويه غير محفوظ ، ثم قال ابن الجوزي : لا يصح ، محمد بن الحارث ليس
بشيء ، و شيخه كذلك حدث عن أبيه بنسخة موضوعة ، و إنما يعرف هذا من قول عمر بن
عبد العزيز .
و أقره السيوطي في " اللآليء المصنوعة " ( 1 / 131 ) و زاد عليه فقال : قلت :
محمد بن الحارث من رجال ابن ماجه ، و قال في " الميزان " : هذا الحديث من
عجائبه .
قلت : الحمل فيه على ابن البيلماني أولى من الحمل فيه على ابن الحارث ، فإن هذا
قد وثقه بعضهم ، بخلاف ابن البيلماني فإنه متفق على توهينه ، و قد أشار إلى ما
ذهبت إليه بعض الأئمة ، فقال الآجرى : سألت أبا داود عن ابن الحارث فقال :
بلغني عن بندار قال : ما في قلبي منه شيء ، البلية من ابن البيلماني ، و قال
البزار : مشهور ليس به بأس ، و إنما تأتي هذه الأحاديث من ابن البيلماني .
فثبت أن آفة الحديث من ابن البيلماني و به أعله الحافظ ابن طاهر كما تقدم ،
و كذا السخاوي في " المقاصد " ، و قال الشيخ علي القاري : حديث موضوع .
ثم أليس من العجائب أن يورد السيوطي هذا الحديث في " الجامع الصغير " مع تعهده
في مقدمته أن يصونه مما تفرد به كذاب أو وضاع مع أن الحديث فيه ذاك الكذاب ابن
البيلماني ، و مع إقراره ابن الجوزي على حكمه عليه بالوضع ؟ ! و قد أقرهما على
ذلك ابن عراق أيضا في " تنزيه الشريعة " ( 136 / 1 ) فإنه أورده في " الفصل
الأول " الذي يورد فيه ما حكم ابن الجوزي بوضعه و لم يخالف فيه كما نص عليه في
المقدمة .
(1/131)
________________________________________
55 - " سرعة المشي تذهب بهاء المؤمن " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 132 ) :
منكر جدا .
و قد روي من حديث أبي هريرة و ابن عمر و أنس و ابن عباس .
1 ـ أما حديث أبي هريرة فقد روي من ثلاث طرق عن أبي سعيد المقبري عنه .
الأولى : عن محمد بن يعقوب الفرجي قال : نبأنا محمد بن عبد الملك بن قريب
الأصمعي قال : نبأنا أبي عن أبي معشر عن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة .
أخرجه أبو سعد الماليني في " الأربعين في شيوخ الصوفية " ( 5 / 1 ) و أبو نعيم
في " الحلية " ( 10 / 290 ) و الخطيب في " تاريخ بغداد " ( 1 / 417 ) ، و من
طريقه ابن الجوزي في " الواهيات " ( 1178 ) و قال : لم أسمع لمحمد بن الأصمعي
ذكرا إلا في هذا الحديث ، قال الذهبي في ترجمته : و هو حديث منكر جدا ، ثم ساقه
بهذا السند ثم قال : هذا غير صحيح ، و أقره الحافظ في " اللسان " .
قلت : و لهذا الإسناد ثلاث علل :
أ - ابن الأصمعي هذا و هو مجهول كما يشير إليه كلام الخطيب السابق .
ب - الراوي عنه محمد بن يعقوب الفرجي ، لم أجد له ترجمة إلا أن الماليني أورده
في " شيوخ الصوفية " و لم يذكر فيه تعديلا و لا جرحا ، و كذلك فعل الخطيب في
" تاريخ بغداد " ( 3 / 388 ) إلا أنه قال : و كان يحفظ الحديث ، و لعله هو
الآفة .
ج - أبو معشر و اسمه نجيح بن عبد الرحمن السندي ضعيف اتفاقا ، و ضعفه يحيى بن
سعيد جدا ، و كذا البخاري حيث قال : منكر الحديث .
الطريق الثانية : قال عبد الله بن سالم : حدثنا عمار بن مطر الرهاوي - و كان
حافظا للحديث - حدثنا ابن أبي ذئب عن المقبري عن أبي هريرة ، أخرجه ابن عدي في
" الكامل " ( 5 / 72 ـ بيروت ) ، و عنه ابن الجوزي في " الواهيات " ( 2 / 219 )
و قال : لا يصح ، و ذكره الذهبي في ترجمة عمار هذا ، و قال : هالك ، وثقه بعضهم
و منهم من وصفه بالحفظ ، ثم ساقه ثم ذكر أحاديث منكرة ، ثم ختم ترجمته بقوله :
قال أبو حاتم الرازي : كان يكذب ، و قال ابن عدي : أحاديثه بواطيل ، و قال
الدارقطني : ضعيف .
قلت : فهذه متابعة قوية لأبي معشر من ابن أبي ذئب ، و لكنه لا يعتد بها ، فإنه
و إن كان ثقة ففي الطريق إليه ذلك الهالك ، لكنه روي من طريق غيره و هو :
الطريق الثالثة : أخرجه ابن عدي في " الكامل " ( 5 / 72 ) ، و من طريقه ابن
الجوزي عن أبي شهاب عبد القدوس بن عبد القاهر بن أبي ذئب أبي شهاب سمعه من صدقة
ابن أبي الليث الحصني - و كان من الثقات - عن ابن أبي ذئب ، ذكره ابن حجر في
" اللسان " في ترجمة عبد القدوس هذا بعد أن قال فيه الذهبي : له أكاذيب وضعها ،
ثم ذكر منها حديثا ، ثم ذكر الحافظ منها حديثا آخر هو هذا ثم قال : و هذا إنما
يعرف برواية عمار بن مطر عن ابن أبي ذئب ، و كان الناس ينكرونه على عمار ، و قد
عرفت حال عمار آنفا .
و خير هذه الطرق الأولى ، و مع ذلك فهي واهية لكثرة عللها ، و قد قال الحافظ في
" تخريج الكشاف " ( 130 رقم 181 ) : و إسناده ضعيف .
2 ـ و أما حديث ابن عمر ، فأخرجه عباس الدوري في " تاريخ ابن معين " ( ق 41 /
2 ) ، و ابن عدي ( 5 / 13 و 7 / 77 ) ، و الخطيب في " الجامع " ( 5 / 91 / 2 )
نسخة الإسكندرية و الواحدي في " الوسيط " ( 3 / 194 / 1 ) و الثعلبي في
" التفسير " ( 3 / 78 / 2 ) ، و ابن الجوزي في " الواهيات " ( 1177 ) عن الوليد
ابن سلمة - قاضي الأردن - حدثنا عمر بن صهبان عن نافع عنه ، و قال ابن عدي :
و عمر هذا عامة أحاديثه لا يتابعه الثقات عليه و يغلب على حديثه المناكير .
قلت : و هو ضعيف جدا ، قال البخاري : منكر الحديث ، و قال الدارقطني : متروك
الحديث .
قلت : لكن الراوي عنه الوليد بن سلمة شر منه فقد قال فيه أبو مسهر و دحيم
و غيرهما : كذاب ، و قال ابن حبان : يضع الحديث على الثقات .
و قد ساق ابن عدي له أحاديث ، و منها هذا الحديث أورده في ترجمته أيضا و قال و
كذا في " المنتخب منه " ( ق 350 / 1 ) و غيره : عامتها غير محفوظة .
3 ـ و أما حديث أنس ، فأخرجه ابن بشران في " الأمالي " ( 23 / 69 / 2 ) ،
و الخطيب في " الجامع " ( 2 / 22 / 1 ) من طريق محمد بن يونس حدثنا يوسف بن
كامل حدثنا عبد السلام بن سليمان الأزدي عن أبان عنه مرفوعا بلفظ : " ... بهاء
الوجه " .
و هذا إسناد باطل ليس فيهم من هو معروف بالثقة باستثناء أنس طبعا .
أما أبان فهو ابن أبي عياش الزاهد البصري ، و قال أحمد : متروك الحديث ، و قال
شعبة : لأن يزني الرجل خير من أن يروي عن أبان .
قلت : و لا يجوز أن يقال مثل هذا إلا فيمن هو كذاب معروف بذلك و قد كان شعبة
يحلف على ذلك ، و لعله كان لا يتعمد الكذب ، فقد قال فيه ابن حبان : كان أبان
من العباد يسهر الليل بالقيام و يطوي النهار بالصيام ، سمع من أنس أحاديث
و جالس الحسن فكان يسمع كلامه و يحفظ ، فإذا حدث ربما جعل كلام الحسن عن أنس
مرفوعا و هو لا يعلم ! و لعله روى عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من
ألف حديث و خمس مئة حديث ما لكبير شيء منها أصل يرجع له ! .
و أما عبد السلام بن سليمان الأزدي ، فالظاهر أنه أبو همام العبدي ، فإنه من
طبقته سمع داود بن أبي هند روى عنه حرمي بن عمارة و أبو سلمة و يحيى بن يحيى
كما قال أبو حاتم على ما في " الجرح و التعديل " ( 3 / 1 / 46 ) و لم يذكر فيه
جرحا و لا تعديلا فهو مجهول الحال ، و أما ابن حبان فأورده في " الثقات " ( 2 /
182 ) على قاعدته و أورد قبله راويا آخر فقال : عبد السلام بن سليمان يروي عن
يزيد بن سمرة ، عداده في أهل الشام ، روى عنه الأوزاعي .
و الظاهر أنه ليس هو راوي هذا الحديث فإن إسناده ليس شاميا ، فإنما هو الذي
قبله .
و أما يوسف بن كامل ، فالظاهر أنه العطار ، روى عن سويد بن أبي حاتم و نافع بن
عمر الجمحي ، روى عنه عمرو بن علي الصيرفي كما في " الجرح و التعديل " ( 4 /
2 / 228 ) و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا ، و لعله في " ثقات ابن حبان "
فليراجع في أتباع أتباع التابعين منه ، فإن نسختنا منه ينقص منها هذا المجلد
و ما دونه .
و أما محمد بن يونس فهو الكديمي قال ابن عدي : قد اتهم بالوضع ، و قال
ابن حبان : لعله وضع أكثر من ألف حديث ، و كذبه أبو داود و موسى بن هارون
و القاسم بن المطرز ، و قال الدارقطني : يتهم بوضع الحديث ، و ما أحسن فيه
القول إلا من لم يخبر حاله .
4 ـ و أما حديث ابن عباس فعزاه السيوطي في " الجامع " لابن النجار ، و لم أقف
على إسناده ، و غالب الظن أنه واه كغيره ، و قد بيض له المناوي .
فتبين من هذا التحقيق أن هذه الطرق كلها واهية جدا فلا تصلح لتقوية الطريق
الأولى منها ، و هي على ضعفها أحسنها حالا ، فلا تغتر بقول الحافظ السخاوي في
" المقاصد " ( 240 ) : و شواهده كثيرة ، فإنها لا تصلح للشهادة كما ذكرنا .
و الظاهر أن أصل الحديث موقوف رفعه أولئك الضعفاء عمدا أو سهوا ، فقد رأيت في
" المنتقى من المجالسة " للدينوري ( 52 / 2 ) بسند صحيح عن مغيرة قال : قال
إبراهيم : ليس من المروءة كثرة الالتفات في الطريق ، و يقال : " سرعة المشي
تذهب بهاء المؤمن " .
و ذكره الشيخ على القاري في " شرح الشمائل " ( 1 / 52 ) من قول الزهري .
و يكفي في رد هذا الحديث أنه مخالف لهدي النبي صلى الله عليه وسلم في مشيه ،
فقد كان صلى الله عليه وسلم سريع المشي كما ثبت ذلك عنه في غير ما حديث ، و روى
ابن سعد في " الطبقات " عن الشفاء بنت عبد الله أم سليمان قالت : كان عمر إذا
مشى أسرع .
و لعل هذا الحديث من افتراء بعض المتزهدين الذين يرون أن الكمال أن يمشي المسلم
متباطئا متماوتا كأن به مرضا ! و هذه الصفة ليست مرادة قطعا بقوله تعالى :
*( و عباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا ، و إذا خاطبهم الجاهلون قالوا
سلاما )* ، قال الحافظ ابن كثير في تفسيرها : هونا : أي بسكينة و وقار من غير
جبرية و لا استكبار ، كقوله تعالى : * ( و لا تمش في الأرض مرحا )* ، فأما
هؤلاء فإنهم يمشون بغير استكبار و لا مرح و لا أشر و لا بطر .
و ليس المراد أنهم يمشون كالمرضى تصنعا و رياء ، فقد كان سيد ولد آدم عليه
الصلاة و السلام إذا مشى كأنما ينحط من صبب و كأنما تطوى الأرض له ، و قد كره
بعض السلف المشي بتضعف ، حتى روى عن عمر أنه رأى شابا يمشي رويدا ، فقال : ما
بالك أأنت مريض ؟ قال : لا يا أمير المؤمنين ، فعلاه بالدرة و أمره أن يمشي
بقوة ، و إنما المراد بالهون هنا : السكينة و الوقار .
و قد روى الإمام أحمد ( رقم 3034 ) من حديث ابن عباس : أن النبي صلى الله عليه
وسلم كان إذا مشى مشى مجتمعا ليس فيه كسل ، و رواه البزار ( 2391 ـ زوائده ) و
سنده صحيح ، و له شاهد عن سيار أبي الحكم مرسلا ، رواه ابن سعد ( 1 / 379 ) .
(1/132)
________________________________________
56 - " لولا النساء لعبد الله حقا حقا " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 139 ) :
موضوع .
و له طريقان :
الأول : عن محمد بن عمران الهمذاني ، أنبأنا عيسى بن زياد الدورقي - صاحب ابن
عيينة - قال : حدثنا عبد الرحيم بن زيد العمي عن أبيه عن سعيد بن المسيب عن
عمر بن الخطاب مرفوعا ، أخرجه ابن عدي ( ق 312 / 1 ) و قال : هذا حديث منكر
، و لا أعرفه إلا من هذا الوجه ، و عبد الرحيم بن زيد العمي أحاديثه كلها لا
يتابعه الثقات عليه .
قلت : و قال البخاري : تركوه ، و قال أبو حاتم : يترك حديثه ، منكر الحديث ،
كان يفسد أباه يحدث عنه بالطامات ، و قال ابن معين : كذاب خبيث .
قلت : و أبوه زيد ضعيف كما تقدم ( 51 ) .
و الحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 2 / 255 ) من طريق ابن عدي ثم
قال : لا أصل له ، عبد الرحيم و أبوه متروكان ، و محمد بن عمران منكر الحديث .
قلت : الظاهر أن ابن الجوزي توهم أن محمد بن عمران هذا هو الأخنسي الذي قال فيه
البخاري في " تاريخه الكبير " ( 1 / 1 / 202 ) : كان ببغداد ، يتكلمون فيه ،
منكر الحديث عن أبي بكر بن عياش ، و ليس صاحب هذا الحديث هو الأخنسي ، بل هو
الهمذاني كما صرح ابن عدي في روايته ، و هو ثقة و له ترجمة جيدة في " تاريخ
بغداد " ( 3 / 133 - 134 ) ، فعلة الحديث ممن فوقه .
و أما السيوطي فخفي عليه هذا ، فإنه إنما تعقب ابن الجوزي بقوله في " اللآليء "
( 1 / 159 ) : قلت : له شاهد ! و مع ذلك فهذا تعقب لا طائل تحته ، لأن الشاهد
المشار إليه ليس خيرا من المشهود له !
هو الطريق الآخر : عن بشر بن الحسين عن الزبير بن عدي عن أنس مرفوعا بلفظ :
" لولا النساء دخل الرجال الجنة " .
رواه أبو الفضل عيسى بن موسى الهاشمي في " نسخة الزبير بن عدي " ( 1 / 55 / 2 )
و أبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 2 / 30 ) و الثقفي في " الثقفيات " .
قلت : و بشر هذا متروك يكذب كما تقدم ( 28 ) ، و من طريقه رواه الديلمي في
" مسند الفردوس " بلفظ : " لولا النساء لعبد الله حق عبادته " كما في " فيض
القدير " .
و قد اقتصر السيوطي في ترجمة بشر هذا على قوله عقب الحديث : متروك ، فتعقبه ابن
عراق في " تنزيه الشريعة " ( 2 / 204 ) : بل كذاب وضاع فلا يصلح حديثه شاهدا .
و مما سبق تعلم أن السيوطي لم يحسن صنعا بإيراده هذه الأحاديث الثلاثة في
" الجامع الصغير " خلافا لشرطه الذي ذكرته أكثر من مرة .
(1/133)
________________________________________
57 - " اختلاف أمتي رحمة " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 141 ) :
لا أصل له .
و لقد جهد المحدثون في أن يقفوا له على سند فلم يوفقوا ، حتى قال السيوطي في
" الجامع الصغير " : و لعله خرج في بعض كتب الحفاظ التي لم تصل إلينا ! .
و هذا بعيد عندي ، إذ يلزم منه أنه ضاع على الأمة بعض أحاديثه صلى الله عليه
وسلم ، و هذا مما لا يليق بمسلم اعتقاده .
و نقل المناوي عن السبكي أنه قال : و ليس بمعروف عند المحدثين ، و لم أقف له
على سند صحيح و لا ضعيف و لا موضوع .
و أقره الشيخ زكريا الأنصاري في تعليقه على " تفسير البيضاوي " ( ق 92 / 2 ) .
ثم إن معنى هذا الحديث مستنكر عند المحققين من العلماء ، فقال العلامة ابن حزم
في " الإحكام في أصول الأحكام " ( 5 / 64 ) بعد أن أشار إلى أنه ليس بحديث :
و هذا من أفسد قول يكون ، لأنه لو كان الاختلاف رحمة لكان الاتفاق سخطا ، و هذا
ما لا يقوله مسلم ، لأنه ليس إلا اتفاق أو اختلاف ، و ليس إلا رحمة أو سخط .
و قال في مكان آخر : باطل مكذوب ، كما سيأتي في كلامه المذكور عند الحديث
( 61 ) .
و إن من آثار هذا الحديث السيئة أن كثيرا من المسلمين يقرون بسببه الاختلاف
الشديد الواقع بين المذاهب الأربعة ، و لا يحاولون أبدا الرجوع بها إلى الكتاب
و السنة الصحيحة ، كما أمرهم بذلك أئمتهم رضي الله عنهم ، بل إن أولئك ليرون
مذاهب هؤلاء الأئمة رضي الله عنهم إنما هي كشرائع متعددة ! يقولون هذا مع علمهم
بما بينها من اختلاف و تعارض لا يمكن التوفيق بينها إلا برد بعضها المخالف
للدليل ، و قبول البعض الآخر الموافق له ، و هذا ما لا يفعلون ! و بذلك فقد
نسبوا إلى الشريعة التناقض ! و هو وحده دليل على أنه ليس من الله عز وجل لو
كانوا يتأملون قوله تعالى في حق القرآن : *( و لو كان من عند غير الله لوجدوا
فيه اختلافا كثيرا )* فالآية صريحة في أن الاختلاف ليس من الله ، فكيف يصح إذن
جعله شريعة متبعة ، و رحمة منزلة ؟ .
و بسبب هذا الحديث و نحوه ظل أكثر المسلمين بعد الأئمة الأربعة إلى اليوم
مختلفين في كثير من المسائل الاعتقادية و العملية ، و لو أنهم كانوا يرون أن
الخلاف شر كما قال ابن مسعود و غيره رضي الله عنهم و دلت على ذمه الآيات
القرآنية و الأحاديث النبوية الكثيرة ، لسعوا إلى الاتفاق ، و لأمكنهم ذلك في
أكثر هذه المسائل بما نصب الله تعالى عليها من الأدلة التي يعرف بها الصواب من
الخطأ ، و الحق من الباطل ، ثم عذر بعضهم بعضا فيما قد يختلفون فيه ، و لكن
لماذا هذا السعي و هم يرون أن الاختلاف رحمة ، و أن المذاهب على اختلافها
كشرائع متعددة ! و إن شئت أن ترى أثر هذا الاختلاف و الإصرار عليه ، فانظر إلى
كثير من المساجد ، تجد فيها أربعة محاريب يصلى فيها أربعة من الأئمة !
و لكل منهم جماعة ينتظرون الصلاة مع إمامهم كأنهم أصحاب أديان مختلفة ! و كيف
لا و عالمهم يقول : إن مذاهبهم كشرائع متعددة ! يفعلون ذلك و هم يعلمون قوله
صلى الله عليه وسلم : " إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة " رواه مسلم
و غيره ، و لكنهم يستجيزون مخالفة هذا الحديث و غيره محافظة منهم على المذهب
كأن المذهب معظم عندهم و محفوظ أكثر من أحاديثه عليه الصلاة و السلام ! و جملة
القول أن الاختلاف مذموم في الشريعة ، فالواجب محاولة التخلص منه ما أمكن ،
لأنه من أسباب ضعف الأمة كما قال تعالى : *( و لا تنازعوا فتفشلوا و تذهب
ريحكم )* ، أما الرضا به و تسميته رحمة فخلاف الآيات الكريمة المصرحة بذمه ،
و لا مستند له إلا هذا الحديث الذي لا أصل له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
.
و هنا قد يرد سؤال و هو : إن الصحابة قد اختلفوا و هم أفاضل الناس ، أفيلحقهم
الذم المذكور ؟ .
و قد أجاب عنه ابن حزم رحمه الله تعالى فقال ( 5 / 67 - 68 ) : كلا ما يلحق
أولئك شيء من هذا ، لأن كل امرئ منهم تحرى سبيل الله ، و وجهته الحق ، فالمخطئ
منهم مأجور أجرا واحدا لنيته الجميلة في إرادة الخير ، و قد رفع عنهم الإثم في
خطئهم لأنهم لم يتعمدوه و لا قصدوه و لا استهانوا بطلبهم ، و المصيب منهم مأجور
أجرين ، و هكذا كل مسلم إلى يوم القيامة فيما خفي عليه من الدين
و لم يبلغه ، و إنما الذم المذكور و الوعيد المنصوص ، لمن ترك التعلق بحبل الله
تعالى و هو القرآن ، و كلام النبي صلى الله عليه وسلم بعد بلوغ النص إليه
و قيام الحجة به عليه ، و تعلق بفلان و فلان ، مقلدا عامدا للاختلاف ، داعيا
إلى عصبية و حمية الجاهلية ، قاصدا للفرقة ، متحريا في دعواه برد القرآن
و السنة إليها ، فإن وافقها النص أخذ به ، و إن خالفها تعلق بجاهليته ، و ترك
القرآن و كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، فهؤلاء هم المختلفون المذمومون .
و طبقة أخرى و هم قوم بلغت بهم رقة الدين و قلة التقوى إلى طلب ما وافق أهواءهم
في قول كل قائل ، فهم يأخذون ما كان رخصة في قول كل عالم ، مقلدين له غير
طالبين ما أوجبه النص عن الله و عن رسوله صلى الله عليه وسلم .
و يشير في آخر كلامه إلى " التلفيق " المعروف عند الفقهاء ، و هو أخذ قول
العالم بدون دليل ، و إنما اتباعا للهوى أو الرخص ، و قد اختلفوا في جوازه ،
و الحق تحريمه لوجوه لا مجال الآن لبيانها ، و تجويزه مستوحى من هذا الحديث
و عليه استند من قال : " من قلد عالما لقي الله سالما " ! و كل هذا من آثار
الأحاديث الضعيفة ، فكن في حذر منها إن كنت ترجو النجاة *( يوم لا ينفع مال
و لا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم )* .
(1/134)
________________________________________
58 - " أصحابي كالنجوم ، بأيهم اقتديتم اهتديتم " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 144 ) :
موضوع .
رواه ابن عبد البر في " جامع العلم " ( 2 / 91 ) و ابن حزم في " الإحكام "
( 6 / 82 ) من طريق سلام بن سليم قال : حدثنا الحارث بن غصين عن الأعمش عن
أبي سفيان عن جابر مرفوعا به ، و قال ابن عبد البر : هذا إسناد لا تقوم به
حجة لأن الحارث بن غصين مجهول .
و قال ابن حزم : هذه رواية ساقطة ، أبو سفيان ضعيف ، و الحارث بن غصين هذا هو
أبو وهب الثقفي ، و سلام بن سليمان يروي الأحاديث الموضوعة و هذا منها بلا شك .
قلت : الحمل في هذا الحديث على سلام بن سليم - و يقال : ابن سليمان و هو
الطويل - أولى فإنه مجمع على ضعفه ، بل قال ابن خراش : كذاب ، و قال ابن حبان :
روى أحاديث موضوعة .
و أما أبو سفيان فليس ضعيفا كما قال ابن حزم ، بل هو صدوق كما قال الحافظ في
" التقريب " ، و أخرج له مسلم في " صحيحه " .
و الحارث بن غصين مجهول كما قال ابن حزم ، و كذا قال ابن عبد البر و إن ذكره
ابن حبان في " الثقات " ، و لهذا قال أحمد : لا يصح هذا الحديث كما في
" المنتخب " لابن قدامة ( 10 / 199 / 2 ) .
و أما قول الشعراني في " الميزان " ( 1 / 28 ) : و هذا الحديث و إن كان فيه
مقال عند المحدثين ، فهو صحيح عند أهل الكشف ، فباطل و هراء لا يتلفت إليه !
ذلك لأن تصحيح الأحاديث من طريق الكشف بدعة صوفية مقيتة ، و الاعتماد عليها
يؤدي إلى تصحيح أحاديث باطلة لا أصل لها ، كهذا الحديث لأن الكشف أحسن أحواله -
إن صح - أن يكون كالرأي ، و هو يخطيء و يصيب ، و هذا إن لم يداخله الهوي ،
نسأل الله السلامة منه ، و من كل ما لا يرضيه .
و روي الحديث عن أبي هريرة بلفظ : " مثل أصحابي " و سيأتي برقم (438 )
و روي نحوه عن ابن عباس و عمر بن الخطاب و ابنه عبد الله .
أما حديث ابن العباس فهو :
(1/135)
________________________________________
59 - " مهما أوتيتم من كتاب الله فالعمل به ، لا عذر لأحدكم في تركه ، فإن لم يكن في كتاب الله ، فسنة مني ماضية ، فإن لم يكن سنة مني ماضية ، فما قال أصحابي ، إن أصحابي بمنزلة النجوم في السماء ، فأيها أخذتم به اهتديتم ، و اختلاف أصحابي لكم رحمة " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 146 ) :
موضوع .
أخرجه الخطيب في " الكفاية في علم الرواية " ( ص 48 ) و من قبله أبو العباس
الأصم في الثاني من حديثه رقم 142 من نسختي ، و عنه البيهقي في " المدخل " رقم
( 152 ) ، و الديلمي ( 4 / 75 ) ، و ابن عساكر ( 7 / 315 / 2 ) من طريق سليمان
ابن أبي كريمة عن جويبر عن الضحاك عن ابن عباس مرفوعا .
قلت : و هذا إسناد ضعيف جدا : سليمان بن أبي كريمة قال ابن أبي حاتم ( 2 / 1 /
138 ) عن أبيه : ضعيف الحديث .
و جويبر هو ابن سعيد الأزدي ، متروك ، كما قال الدارقطني و النسائي و غيرهما ،
و ضعفه ابن المديني جدا .
و الضحاك هو ابن مزاحم الهلالي لم يلق ابن عباس ، و قال البيهقي عقبه : هذا
حديث متنه مشهور ، و أسانيده ضعيفة ، لم يثبت في هذا إسناد .
و الحديث أورد منه الجملة الأخيرة الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " ( 1 /
25 ) و أورده السيوطي بتمامه في أول رسالته " جزيل المواهب في اختلاف المذاهب "
من رواية البيهقي في " المدخل " ثم قال العراقي : و إسناده ضعيف .
و التحقيق أنه ضعيف جدا لما ذكرنا من حال جويبر ، و كذلك قال السخاوي في
" المقاصد " و لكنه موضوع من حيث معناه لما تقدم و يأتي .
فإذا عرفت هذا فمن الغريب قول السيوطي في الرسالة المشار إليها : في هذا الحديث
فوائد ، منها إخباره صلى الله عليه وسلم باختلاف المذاهب بعده في الفروع ،
و ذلك من معجزاته ، لأنه من الإخبار بالمغيبات ، و رضاه بذلك و تقريره عليه حيث
جعله رحمة ، و التخيير للمكلف في الأخذ بأيها شاء ... .
فيقال له : أثبت العشر ثم انقش ، و ما ذكره من التخيير باطل لا يمكن لمسلم أن
يلتزم القول و العمل به على إطلاقه لأنه يؤدي إلى التحلل من التكاليف الشرعية
كما لا يخفى .
و انظر الكلام على الحديث الآتي ( 63 ) .
و مما سبق ، تعلم أن تصحيح الشيخ مهدي حسن الشاهجهانبوري لهذا الحديث في كتابه
" السيف المجلى على المحلى " ( ص 3 ) و قوله : إنه حديث مشهور ليس بصحيح بل هو
مخالف لأقوال أهل العلم بهذا الفن كما رأيت ، و له مثله كثير فانظر الحديث
( 87 ) .
و أما حديث عمر بن الخطاب فهو :
(1/136)
________________________________________
60 - " سألت ربي فيما اختلف فيه أصحابي من بعدي ، فأوحى الله إلي يا محمد إن أصحابك عندي بمنزلة النجوم في السماء ، بعضها أضوأ من بعض ، فمن أخذ بشيء مما هم عليه من اختلافهم فهو عندي على هدى " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 147 ) :
موضوع .
رواه ابن بطة في " الإبانة " ( 4 / 11 / 2 ) و الخطيب أيضا و نظام الملك في
" الأمالي " ( 13 / 2 ) ، و الديلمي في " مسنده " ( 2 / 190 ) ، و الضياء في
" المنتقى عن مسموعاته بمرو " ( 116 / 2 ) و كذا ابن عساكر ( 6 / 303 / 1 ) من
طريق نعيم بن حماد حدثنا عبد الرحيم بن زيد العمي عن أبيه عن سعيد بن المسيب عن
عمر بن الخطاب مرفوعا .
و هذا سند موضوع ، نعيم بن حماد ضعيف ، قال الحافظ : يخطئ كثيرا ،
و عبد الرحيم بن زيد العمي كذاب كما تقدم ( 53 ) فهو آفته و أبوه خير منه .
و الحديث أورده السيوطي في " الجامع الصغير " برواية السجزي في " الإبانة "
و ابن عساكر عن عمر ، و قال شارحه المناوي : قال ابن الجوزي في " العلل " : هذا
لا يصح نعيم مجروح ، و عبد الرحيم قال ابن معين : كذاب ، و في " الميزان " :
هذا الحديث باطل ، ثم قال المناوي : ظاهر صنيع المصنف أن ابن عساكر أخرجه ساكتا
عليه و الأمر بخلافه فإنه تعقبه بقوله : قال ابن سعد : زيد العمي أبو الحواري
كان ضعيفا في الحديث ، و قال ابن عدي : عامة ما يرويه و من يروي عنه ضعفاء ،
و رواه عن عمر أيضا البيهقي ، قال الذهبي : و إسناده واه .
قلت : و روى ابن عبد البر عن البزار أنه قال في هذا الحديث : و هذا الكلام لا
يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم ، رواه عبد الرحيم بن زيد العمي عن أبيه عن
سعيد بن المسيب عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم ، و ربما رواه
عبد الرحيم عن أبيه عن ابن عمر ، كذا في الموضعين : ابن عمر ، و الظاهر أن لفظة
( ابن ) مقحمة من الناسخ في الموضع الأول و إنما أتى ضعف هذا الحديث من قبل عبد
الرحيم بن زيد ، لأن أهل العلم قد سكتوا عن الرواية لحديثه ، و الكلام أيضا
منكر عن النبي صلى الله عليه وسلم ، و قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم
بإسناد صحيح : " عليكم بسنتي و سنة الخلفاء الراشدين من بعدي ، عضوا عليها
بالنواجذ " ، و هذا الكلام يعارض حديث عبد الرحيم لو ثبت ، فكيف و لم يثبت ؟!
و النبي صلى الله عليه وسلم لا يبيح الاختلاف بعده من أصحابه .
ثم روى عن المزني رحمه الله أنه قال : إن صح هذا الخبر فمعناه : فيما نقلوا عنه
و شهدوا به عليه ، فكلهم ثقة مؤتمن على ما جاء به ، لا يجوز عندي غير هذا ،
و أما ما قالوا فيه برأيهم فلو كان عند أنفسهم كذلك ما خطأ بعضهم بعضا ، و لا
أنكر بعضهم على بعض ، و لا رجع منهم أحد إلى قول صاحبه فتدبر .
قلت : الظاهر من ألفاظ الحديث خلاف المعنى الذي حمله عليه المزني رحمه الله ،
بل المراد ما قالوه برأيهم ، و عليه يكون معنى الحديث دليلا آخر على أن الحديث
موضوع ليس من كلامه صلى الله عليه وسلم ، إذ كيف يسوغ لنا أن نتصور أن النبي
صلى الله عليه وسلم يجيز لنا أن نقتدي بكل رجل من الصحابة مع أن فيهم العالم
و المتوسط في العلم و من هو دون ذلك ! و كان فيهم مثلا من يرى أن البرد لا يفطر
الصائم بأكله ! كما سيأتي ذكره بعد حديث .
و أما حديث ابن عمر فهو :
(1/137)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــ
يتبع ..
ذو الفقار
2008-02-29, 02:11 AM
61 - " إنما أصحابي مثل النجوم فأيهم أخذتم بقوله اهتديتم " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 149 ) :
موضوع .
ذكره ابن عبد البر معلقا ( 2 / 90 ) و عنه ابن حزم من طريق أبي شهاب الحناط عن
حمزة الجزري عن نافع عن ابن عمر مرفوعا به ، و قد وصله عبد بن حميد في
" المنتخب من المسند " ( 86 / 1 ) : أخبرني أحمد بن يونس حدثنا أبو شهاب به ،
و رواه ابن بطة في " الإبانة " ( 4 / 11 / 2 ) من طريق آخر عن أبي شهاب به ، ثم
قال ابن عبد البر : و هذا إسناد لا يصح ، و لا يرويه عن نافع من يحتج به .
قلت : و حمزة هذا هو ابن أبي حمزة ، قال الدارقطني : متروك ، و قال ابن عدي :
عامة مروياته موضوعة ، و قال ابن حبان : ينفرد عن الثقات بالموضوعات حتى كأنه
المتعمد لها ، و لا تحل الرواية عنه ، و قد ساق له الذهبي في " الميزان "
أحاديث من موضوعاته هذا منها .
قال ابن حزم ( 6 / 83 ) : فقد ظهر أن هذه الرواية لا تثبت أصلا ، بل لا شك أنها
مكذوبة ، لأن الله تعالى يقول في صفة نبيه صلى الله عليه وسلم : *( و ما ينطق
عن الهوي ، إن هو إلا وحي يوحى )* ، فإذا كان كلامه عليه الصلاة و السلام في
الشريعة حقا كله و واجبا فهو من الله تعالى بلا شك ، و ما كان من الله تعالى
فلا يختلف فيه لقوله تعالى : *( و لو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا
كثيرا )* ، و قد نهى تعالى عن التفرق و الاختلاف بقوله : *( و لا تنازعوا )*
،فمن المحال أن يأمر رسوله صلى الله عليه وسلم باتباع كل قائل من الصحابة
رضي الله عنهم و فيهم من يحلل الشيء ، و غيره يحرمه ، و لو كان ذلك لكان بيع
الخمر حلالا اقتداء بسمرة بن جندب ، و لكان أكل البرد للصائم حلالا اقتداء
بأبي طلحة ، و حراما اقتداء بغيره منهم ، و لكان ترك الغسل من الإكسال واجبا
بعلي و عثمان و طلحة و أبي أيوب و أبي بن كعب و حراما اقتداء بعائشة و ابن عمر
و كل هذا مروى عندنا بالأسانيد الصحيحة .
ثم أطال في بيان بعض الآراء التي صدرت من الصحابة و أخطأوا فيها السنة ، و ذلك
في حياته صلى الله عليه وسلم و بعد مماته ، ثم قال ( 6 / 86 ) : فكيف يجوز
تقليد قوم يخطئون و يصيبون ؟ ! .
و قال قبل ذلك ( 5 / 64 ) تحت باب ذم الاختلاف : و إنما الفرض علينا اتباع ما
جاء به القرآن عن الله تعالى الذي شرع لنا دين الإسلام ، و ما صح عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم الذي أمره الله تعالى ببيان الدين ... فصح أن الاختلاف لا
يجب أن يراعى أصلا ، و قد غلط قوم فقالوا : الاختلاف رحمة ، و احتجوا بما روي
عن النبي صلى الله عليه وسلم : " أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم " ،
قال : و هذا الحديث باطل مكذوب من توليد أهل الفسق لوجوه ضرورية .
أحدها : أنه لم يصح من طريق النقل .
و الثاني : أنه صلى الله عليه وسلم لم يجز أن يأمر بما نهى عنه ، و هو عليه
السلام قد أخبر أن أبا بكر قد أخطأ في تفسير فسره ، و كذب عمر في تأويل تأوله
في الهجرة ، و خطأ أبا السنابل في فتيا أفتى بها في العدة ، فمن المحال الممتنع
الذي لا يجوز البتة أن يكون عليه السلام يأمر باتباع ما قد أخبر أنه خطأ .
فيكون حينئذ أمر بالخطأ تعالى الله عن ذلك ، و حاشا له صلى الله عليه وسلم من
هذه الصفة ، و هو عليه الصلاة و السلام قد أخبر أنهم يخطئون ، فلا يجوز أن
يأمرنا باتباع من يخطيء ، إلا أن يكون عليه السلام أراد نقلهم لما رووا عنه
فهذا صحيح لأنهم رضي الله عنهم كلهم ثقات ، فمن أيهم نقل ، فقد اهتدى الناقل .
و الثالث : أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يقول الباطل ، بل قوله الحق ،
و تشبيه المشبه للمصيبين بالنجوم تشبيه فاسد و كذب ظاهر ، لأنه من أراد جهة
مطلع الجدي ، فأم جهة مطلع السرطان لم يهتد ، بل قد ضل ضلالا بعيدا و أخطأ خطأ
فاحشا ، و ليس كل النجوم يهتدى بها في كل طريق ، فبطل التشبيه المذكور و وضح
كذب ذلك الحديث و سقوطه وضوحا ضروريا .
و نقل خلاصته ابن الملقن في " الخلاصة " ( 175 / 2 ) و أقره ، و به ختم كلامه
على الحديث فقال : و قال ابن حزم : خبر مكذوب موضوع باطل لم يصح قط .
و روي هذا الحديث بلفظ آخر :
(1/138)
________________________________________
62 - " أهل بيتي كالنجوم ، بأيهم اقتديتم اهتديتم " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 152 ) :
موضوع .
و هو في نسخة أحمد بن نبيط الكذاب ، و قد وقفت عليها ، و هي من رواية أبي نعيم
الأصبهاني قال : حدثنا أبو الحسن أحمد بن القاسم بن الريان المصري المعروف
باللكي - بالبصرة في نهر دبيس قراءة عليه في صفر سنة سبع و خمسين و ثلاث مئة
فأقر به قال - أنبأنا أحمد بن إسحاق بن إبراهيم بن نبيط بن شريط أبو جعفر
الأشجعي بمصر - سنة اثنتين و سبعين و مئتين قال - حدثني أبي إسحاق بن إبراهيم
ابن نبيط ، قال : حدثني أبي إبراهيم بن نبيط عن جده نبيط بن شريط مرفوعا .
قلت : فذكر أحاديث كثيرة هذا منها ( ق 158 / 2 ) ، و قد قال الذهبي في هذه
النسخة : فيها بلايا ! و أحمد بن إسحاق لا يحل الاحتجاج به فإنه كذاب .
و أقره الحافظ في " اللسان " .
قلت : و الراوي عنه أحمد بن القاسم اللكي ضعيف .
و الحديث أورده ابن عراق في " تنزيه الشريعة " ( 2 / 419 ) تبعا لأصله " ذيل
الأحاديث الموضوعة " للسيوطي ( ص 201 ) و كذا الشوكاني في " الفوائد المجموعة
في الأحاديث الموضوعة " ( ص 144 ) نقلا عن " المختصر " لكن وقع فيه نسخة نبيط
الكذاب فكأنه سقط من النسخة لفظة ( ابن ) و هو أحمد بن إسحاق نسب إلى جده ،
و إلا فإن نبيطا صحابي .
(1/139)
________________________________________
63 - " إن البرد ليس بطعام و لا بشراب " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 153 ) :
منكر .
أخرجه الطحاوي في " مشكل الآثار " ( 2 / 347 ) و أبو يعلى في " مسنده "
( ق 191 / 2 ) و السلفي في " الطيوريات " ( 7 / 1 - 2 ) و ابن عساكر
( 6 / 313 / 2 ) من طريق علي بن زيد بن جدعان عن أنس قال : مطرت السماء
بردا فقال لنا أبو طلحة : ناولوني من هذا البرد ، فجعل يأكل و هو صائم و ذلك في
رمضان ! فقلت : أتأكل البرد و أنت صائم ؟ فقال : إنما هو برد نزل من السماء
نطهر به بطوننا و إنه ليس بطعام و لا بشراب ! فأتيت رسول الله صلى الله عليه
وسلم فأخبرته بذلك فقال : " خذها عن عمك " .
قلت : و هذا سند ضعيف ، و علي بن زيد بن جدعان ضعيف كما قال الحافظ في
" التقريب " ، و قال شعبة بن الحجاج : حدثنا علي بن زيد و كان رفاعا يعني أنه
كان يخطيء فيرفع الحديث الموقوف و هذا هو علة هذا الحديث ، فإن الثقات رووه عن
أنس موقوفا على أبي طلحة خلافا لعلى بن زيد الذي رفعه إلى النبي صلى الله عليه
وسلم فأخطأ ، فرفعه منكر ، فقد أخرجه أحمد ( 3 / 279 ) و ابن عساكر ( 6 / 313 /
2 ) من طريق شعبة عن قتادة و حميد عن أنس قال : مطرنا بردا و أبو طلحة صائم
فجعل يأكل منه ، قيل له : أتأكل و أنت صائم ؟ ! فقال : إنما هذا بركة ! و سنده
صحيح على شرط الشيخين ، و صححه ابن حزم في " الإحكام " ( 6 / 83 ) و أخرجه
الطحاوي من طريق خالد بن قيس عن قتادة ، و من طريق حماد بن سلمة عن ثابت ،
كلاهما عن أنس به نحوه ، و رواه البزار موقوفا و زاد : فذكرت ذلك لسعيد بن
المسيب فكرهه ، و قال : إنه يقطع الظمأ ، قال البزار : لا نعلم هذا الفعل إلا
عن أبي طلحة ، فثبت أن الحديث موقوف ليس فيه ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ،
و إنما أخطأ في رفعه ابن جدعان كما جزم بذلك الطحاوي .
و الحديث أورده الهيثمي في " المجمع " ( 3 / 171 - 172 ) مرفوعا ثم قال :
رواه أبو يعلى و فيه علي بن زيد و فيه كلام ، و قد وثق ، و بقية رجاله رجال
الصحيح ، و أورده السيوطي في " ذيل الأحاديث الموضوعة " ( ص 116 ) من رواية
الديلمي بإسناد يقول فيه كل من رواته : أصم الله هاتين إن لم أكن سمعته من فلان
و لكن ابن عراق في " تنزيه الشريعة " ( 1 / 159 ) رد عليه حكمه عليه بالوضع
و نقل عن الحافظ ابن حجر أنه قال في " المطالب العالية " : إسناده ضعيف ، ثم
ختم ابن عراق كلامه بقوله : و لعل السيوطي إنما عنى أنه موضوع بهذه الزيادة من
التسلسل لا مطلقا ، والله اعلم .
قلت : و هذا الحديث الموقوف من الأدلة على بطلان الحديث المتقدم : " أصحابي
كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم " ، إذ لو صح هذا لكان الذي يأكل البرد في رمضان
لا يفطر اقتداء بأبي طلحة رضي الله عنه ، و هذا مما لا يقوله مسلم اليوم فيما
أعتقد .
(1/140)
________________________________________
64 - " نعم أو نعمت الأضحية الجذع من الضأن " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 155 ) :
ضعيف .
أخرجه الترمذي ( 2 / 355 ) و البيهقي ( 9 / 271 ) و أحمد ( 2 / 444 - 445 ) من
طريق عثمان بن واقد عن كدام بن عبد الرحمن عن أبي كباش قال : جلبت غنما جذعانا
إلى المدينة فكسدت علي ، فلقيت أبا هريرة فسألته ؟ فقال : سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول : فذكر الحديث ، قال : فانتهبه الناس ، و قال
الترمذي : حديث غريب يعني ضعيف ، و لذا قال الحافظ في " الفتح " ( 10 / 12 ) :
و في سنده ضعف ، و بين علته ابن حزم فقال في " المحلى " ( 7 / 365 ) : عثمان بن
واقد مجهول ، و كدام بن عبد الرحمن لا ندري من هو ، عن أبي كباش الذي جلب
الكباش الجذعة إلى المدينة فبارت عليه ، هكذا نص حديثه ، و هنا جاء ما جاء
أبو كباش ، و ما أدراك ما أبو كباش ، ما شاء الله كان ! كأنه يتهم أبا كباش
بهذا الحديث ، و هو مجهول مثل الراوي عنه كدام ، و قد صرح بذلك الحافظ في
" التقريب " ، و أما عثمان بن واقد فليس بمجهول فقد وثقه ابن معين و غيره ،
و قال أبو داود : ضعيف ، و للحديث علة أخرى و هي الوقف فقال البيهقي عقبه :
و بلغني عن أبي عيسى الترمذي قال : قال البخاري : رواه غير عثمان بن واقد عن
أبي هريرة موقوفا ، و له طريق آخر بلفظ : جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه
وسلم يوم الأضحى فقال : كيف رأيت نسكنا هذا ؟ قال : لقد باهى به أهل السماء ،
و اعلم يا محمد أن الجذع من الضأن خير من الثنية من الإبل و البقر و لو
علم الله ذبحا أفضل منه لفدى به إبراهيم عليه السلام ، و فيه إسحاق بن إبراهيم
الحنيني ، قال البيهقي : تفرد به و في حديثه ضعف .
قلت : و هو متفق على ضعفه ، و قد أورده العقيلي في " الضعفاء " و ساق له حديثا
و قال : لا أصل له ، ثم ساق له هذا الحديث ، ثم قال : يروي عن زياد بن ميمون
و كان يكذب عن أنس ، و من أوهى التعقب ما تعقب به ابن التركماني قول البيهقي
المتقدم فقال : قلت : ذكر الحاكم في المستدرك هذا الحديث من طريق إسحاق المذكور
ثم قال : صحيح الإسناد !
قلت : و كل خبير بهذا العلم الشريف يعلم أن الحاكم متساهل في التوثيق و التصحيح
و لذلك لا يلتفت إليه ، و لا سيما إذا خالف ، و لهذا لم يقره الذهبي في
" تلخيصه " على تصحيحه بل قال ( 4 / 223 ) : قلت : إسحاق هالك ، و هشام ليس
بمعتمد ، قال ابن عدي : مع ضعفه يكتبه حديثه .
و ليس يخفى هذا على مثل ابن التركماني لولا الهوي ! فإن هذا الحديث يدل على
جواز الجذع في الأضحية و هو مذهب الحنفية و ابن التركماني منهم و لما كانت
الأحاديث الواردة في ذلك ضعيفة لا يحتج بها أراد أن يقوي بعضها بالاعتماد على
تصحيح الحاكم ! و لو أن تصحيحه كان على خلاف ما يشتهيه مذهبه لبادر إلى رده
متذرعا بما ذكرناه من التساهل ! و هذا عيب كبير من مثل هذا العالم النحرير ،
و عندنا على ما نقول أمثلة أخرى كثيرة لا فائدة كبيرة من ذكرها .
و من الأحاديث المشار إليها :
(1/141)
________________________________________
65 - " يجوز الجذع من الضأن أضحية " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 157 ) :
ضعيف .
أخرجه ابن ماجه ( 2 / 275 ) و البيهقي و أحمد ( 6 / 338 ) من طريق محمد بن
أبي يحيى مولى الأسلميين عن أمه عن أم بلال بنت هلال عن أبيها مرفوعا ،
و هذا سند ضعيف من أجل أم محمد بن أبي يحيى فإنها مجهولة كما قال ابن حزم
( 7 / 365 ) و قال : و أم بلال مجهولة ، و لا ندري لها صحبة أم لا ، قال السندي
قال الدميري : أصاب ابن حزم في الأول ، و أخطأ في الثاني ، فقد ذكر
أم بلال في الصحابة ابن منده و أبو نعيم و ابن عبد البر ، ثم قال الذهبي في
" الميزان " : إنها لا تعرف و وثقها العجلي .
قلت : الحق ما قاله ابن حزم فيها ، فإنها لا تعرف إلا في هذا الحديث ، و مع أنه
ليس فيه التصريح بصحبتها ففي الإسناد إليها جهالة كما علمت فأنى ثبوت الصحبة
لها ؟ ! ثم من الغرائب أن يسكت الزيلعي في " نصب الراية " ( 4 / 217 - 218 )
على هذا الحديث مع ثبوت ضعفه ! و في الباب أحاديث أخرى أوردها ابن حزم في
" المحلى " ( 7 / 364 - 365 ) و ضعفها كلها ، و قد أصاب إلا في تضعيفه لحديث
عقبة بن عامر قال : ضحينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بجذع من الضأن .
أخرجه النسائي ( 2 / 204 ) و البيهقي ( 9 / 270 ) من طريق بكير بن الأشج عن
معاذ بن عبد الله بن خبيب عنه ، و هذا إسناد جيد رجاله ثقات ، و إعلال بن حزم
له بقوله : ابن خبيب هذا مجهول ، غير مقبول ، فإن معاذا هذا وثقه ابن معين
و أبو داود و ابن حبان و قال الدارقطني : ليس بذاك و لهذا قال الحافظ في
" الفتح " بعد أن عزاه للنسائي : سنده قوي ، لكن رواه أحمد ( 4 / 152 ) من طريق
أسامة بن زيد عن معاذ به بلفظ : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجذع ؟
فقال : " ضح به ، لا بأس به " ، و إسناده حسن و هو يخالف الأول في أنه مطلق ،
و ذاك خاص في الضأن ، و على الأول فيمكن أن يراد به الجذع من المعز و تكون
خصوصية لعقبة ، لحديثه الآخر قال : قسم النبي صلى الله عليه وسلم بين أصحابه
ضحايا فصارت لعقبة جذعة فقلت : يا رسول الله صارت لي جذعة ، و في رواية عتود
و هو الجذع من المعز قال : " ضح بها " ، أخرجه البخاري ( 10 / 3 - 4 و 9 - 10 )
و البيهقي ( 9 / 270 ) و زاد : " و لا أرخصه لأحد فيها بعد " ، و يمكن أن يحمل
المطلق على الضأن أيضا بدليل حديث أسامة و عليه يحتمل أن يكون ذلك خصوصية له
أيضا ، أو كان ذلك لعذر مثل تعذر المسنة من الغنم و غلاء سعرها و هذا هو الأقرب
لحديث عاصم بن كليب عن أبيه قال : كنا نؤمر علينا في المغازي أصحاب محمد
صلى الله عليه وسلم ، و كنا بفارس ، فغلت علينا يوم النحر المسان ، فكنا نأخذ
المسنة بالجذعين و الثلاثة ، فقام فينا رجل من مزينة فقال : كنا مع رسول الله
صلى الله عليه وسلم فأصبنا مثل هذا اليوم فكنا نأخذ المسنة بالجذعين و الثلاثة
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الجذع يوفي مما يوفي الثني " ، أخرجه
النسائي و الحاكم ( 4 / 226 ) و أحمد ( 268 ) و قال الحاكم : حديث صحيح ، و هو
كما قال ، و قال ابن حزم ( 7 / 267 ) : إنه في غاية الصحة ، و رواه أبو داود
( 2 / 3 ) و ابن ماجه ( 2 / 275 ) و البيهقي ( 9 / 270 ) مختصرا ، و في روايتهم
تسمية الصحابي بمجاشع بن مسعود السلمي و هو رواية للحاكم ، فهذا الحديث يدل
بظاهره على أن الجذعة من الضأن إنما تجوز عند غلاء سعر المسان و تعسرها ،
و يؤيده حديث أبي الزبير عن جابر مرفوعا : " لا تذبحوا إلا مسنة ، إلا أن يعسر
عليكم ، فتذبحوا جذعة من الضأن " ، أخرجه مسلم ( 6 / 72 ) و أبو داود ( 2 / 3 )
( 3 / 312 ، 327 ) و قال الحافظ في " الفتح " : إنه حديث صحيح .
و خلاصة القول أن حديث الباب لا يصح ، و كذا ما في معناه ، و حديث جابر و عاصم
ابن كليب على خلافها ، فالواجب العمل بهما ، و تأويلهما من أجل أحاديث الباب لا
يسوغ لصحتهما و ضعف معارضهما ، والله أعلم .
( فائدة ) : المسنة هي الثنية من كل شيء من الإبل و البقر و الغنم ، و هي من
الغنم و البقر ما دخل في السنة الثالثة ، و من الإبل ما دخل في السادسة و الجذع
من الضأن ما له سنة تامة على الأشهر عند أهل اللغة و جمهور أهل العلم كما قال
الشوكاني و غيره .
استدراك : ذلك ما كنت كتبته سابقا منذ نحو خمس سنوات ، و كان محور اعتمادي في
ذلك على حديث جابر المذكور من رواية مسلم عن أبي الزبير عنه مرفوعا : " لا
تذبحوا إلا مسنة ... " ، و تصحيح الحافظ ابن حجر إياه ، ثم بدا لي أني كنت
واهما في ذلك ، تبعا للحافظ ، و أن هذا الحديث الذي صححه هو و أخرجه مسلم كان
الأحرى به أن يحشر في زمرة الأحاديث الضعيفة ، لا أن تتأول به الأحاديث الصحيحة
ذلك لأن أبا الزبير هذا مدلس ، و قد عنعنه ، و من المقرر في " علم المصطلح " أن
المدلس لا يحتج بحديثه إذا لم يصرح بالتحديث ، و هذا هو الذي صنعه أبو الزبير
هنا ، فعنعن ، و لم يصرح ، و لذلك انتقد المحققون من أهل العلم أحاديث يرويها
أبو الزبير بهذا الإسناد أخرجها مسلم ، اللهم إلا ما كان من رواية الليث بن سعد
عنه ، فإنه لم يرو عنه إلا ما صرح فيه بالتحديث ، فقال الحافظ الذهبي في ترجمة
أبي الزبير - و اسمه محمد بن مسلم بن تدرس بعد أن ذكر فيه طعن بعض الأئمة بما
لا يقدح في عدالته : و أما أبو محمد بن حزم ، فإنه يرد من حديثه ما يقول فيه عن
جابر و نحوه لأنه عندهم ممن يدلس ، فإذا قال : سمعت ، و أخبرنا احتج به ،
و يحتج به ابن حزم إذا قال : عن مما رواه عنه الليث بن سعد خاصة ، و ذلك لأن
سعيد بن أبي مريم قال : حدثنا الليث قال : جئت أبا الزبير ، فدفع إلى كتابين ،
فانقلبت بهما ، ثم قلت في نفسي : لو أننى عاودته فسألته أسمع هذا من جابر ؟
فسألته ، فقال : منه ما سمعت ، و منه ما حدثت به ، فقلت : أعلم لي على ما سمعت
منه ، فأعلم لي على هذا الذي عندي ، ثم قال الذهبي : و في " صحيح مسلم " عدة
أحاديث مما لم يوضح فيها أبو الزبير السماع من جابر ، و لا هي من طريق الليث
عنه ، ففي القلب منها شيء ، و قال الحافظ في ترجمته من " التقريب " : صدوق إلا
أنه يدلس ، و أورده في المرتبة الثالثة من كتابه " طبقات المدلسين ( ص 15 )
و قال : مشهور بالتدليس ، و وهم الحاكم في " كتاب علوم الحديث " فقال في سنده :
و فيه رجال غير معروفين بالتدليس ! و قد وصفه النسائي و غيره بالتدليس ، و قال
في مقدمة الكتاب في صدد شرح مراتبه : الثالثة من أكثر من التدليس ، فلم يحتج
الأئمة من أحاديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع ، و منهم من رد حديثهم مطلقا ،
و منهم من قبلهم ، كأبي الزبير المكي .
قلت : و الصواب من ذلك المذهب الأول و هو قبول ما صرحوا فيه بالسماع و عليه
الجمهور خلافا لابن حزم فإنه يرد حديثهم مطلقا و لو صرحوا بالتحديث كما نص عليه
في أول كتابه " الإحكام في أصول الأحكام " على ما أذكر ، فإن يدي لا تطوله الآن
و أرى أنه قد تناقض في أبي الزبير منهم خاصة ، فقد علمت مما نقلته لك عن الذهبي
آنفا أن ابن حزم يحتج به إذا قال : سمعت ، و هذا ما صرح به في هذا الحديث ذاته
فقال في " المحلى " في صدد الرد على المخالفين له ( 7 / 363 - 364 ) : هذا حجة
على الحاضرين من المخالفين ، لأنهم يجيزون الجذع من الضأن ، مع وجود المسنات ،
فقد خالفوه ، و هم يصححونه ، و أما نحن فلا نصححه ، لأن أبا الزبير مدلس ما لم
يقل في الخبر أنه سمعه من جابر ، هو أقر بذلك على نفسه ، روينا ذلك عنه من طريق
الليث بن سعد .
انظر " الإحكام " ( 1 / 139 ـ 140 ) ، و مقدمتي لـ" مختصر مسلم " ( المكتبة
الإسلامية ) .
و جملة القول : أن كل حديث يرويه أبو الزبير عن جابر أو غيره بصيغة عن و نحوها
و ليس من رواية الليث بن سعد عنه ، فينبغي التوقف عن الاحتجاج به ، حتى يتبين
سماعه ، أو ما يشهد له ، و يعتضد به .
هذه حقيقة يجب أن يعرفها كل محب للحق ، فطالما غفل عنها عامة الناس ، و قد كنت
واحدا منهم ، حتى تفضل الله علي فعرفني بها ، فله الحمد و الشكر ، و كان من
الواجب علي أن أنبه على ذلك ، فقد فعلت ، و الله الموفق لا رب سواه .
و إذا تبين هذا ، فقد كنت ذكرت قبل حديث جابر هذا حديثين ثابتين في التضحية
بالجذع من الضأن ، أحدهما حديث عقبة بن عامر ، و الآخر حديث مجاشع بن مسعود
السلمي و فيه : " أن الجذع يوفي مما يوفي الثني " ، و كنت تأولتهما بما يخالف
ظاهرهما توفيقا بينهما و بين حديث جابر ، فإذ قد تبين ضعفه ، و أنه غير صالح
للاحتجاج به ، و لتأويل ما صح من أجله ، فقد رجعت عن ذلك ، إلى دلالة الحديثين
الظاهرة في جواز التضحية بالجذع من الضأن خاصة ، و حديث مجاشع و إن كان بعمومه
يشمل الجذع من المعز ، فقد جاء ما يدل على أنه غير مراد و هو حديث البراء قال :
ضحى خالي أبو بردة قبل الصلاة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تلك شاة
لحم " ، فقال : يا رسول الله إن عندي جذعة من المعز ، فقال : " ضح بها ، و لا
تصلح لغيرك " و في رواية : " اذبحها ، و لن تجزئ عن أحد بعدك " و في أخرى :
" و لا تجزيء جذعة عن أحد بعدك " ، أخرجه مسلم ( 6 / 74 - 76 ) و البخاري نحوه
و يبدو جليا من مجموع الروايات أن المراد بالجذعة في اللفظ الأخير الجذعة من
المعز ، فهو في ذلك كحديث عقبة المتقدم من رواية البخاري ، و أما فهم ابن حزم
من هذا اللفظ جذعة العموم فيشمل عنده الجذعة من الضأن فمن ظاهريته و جموده على
اللفظ دون النظر إلى ما تدل عليه الروايات بمجموعها ، و السياق و السباق ،
و هما من المقيدات ، كما نص على ذلك ابن دقيق العيد و غيره من المحققين .
ذلك هو الجواب الصحيح عن حديث جابر رضي الله عنه ، و أما قول الحافظ في
" التلخيص " ( ص 385 ) .
تنبيه : ظاهر الحديث يقتضي أن الجذع من الضأن لا يجزئ إلا إذا عجز عن المسنة ،
و الإجماع على خلافه ، فيجب تأويله ، بأن يحمل على الأفضل و تقديره : المستحب
أن لا تذبحوا إلا مسنة .
قلت : هذا الحمل بعيد جدا ، و لو سلم فهو تأويل ، و التأويل فرع التصحيح ،
و الحديث ليس بصحيح كما عرفت فلا مسوغ لتأويله .
و قد تأوله بعض الحنابلة بتأويل آخر لعله أقرب من تأويل الحافظ ، ففسر المسنة
بما إذا كانت من المعز ! و يرد هذا ما في رواية لأبي يعلى في " مسنده "
( ق 125 / 2 ) بلفظ : " إذا عز عليك المسان من الضأن ، أجزأ الجذع من الضأن "
و هو و إن كان ضعيف السند كما بينته في " إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار
السبيل " ( رقم 1131 ) ، فمعناه هو الذي يتبادر من اللفظ الأول .
و لعل الذي حمل الحافظ و غيره على ارتكاب مثل هذا التأويل البعيد هو الاعتقاد
بأن الإجماع على خلاف ظاهر الحديث ، و قد قاله الحافظ كما رأيت .
فينبغي أن يعلم أن بعض العلماء كثيرا ما يتساهلون في دعوى الإجماع في أمور
الخلاف فيها معروف ، و عذرهم في ذلك أنهم لم يعلموا بالخلاف ، فينبغي التثبت في
هذه الدعوى في مثل هذه المسألة التي لا يستطيع العالم أن يقطع بنفي الخلاف فيها
كما أرشدنا الإمام أحمد رحمه الله بقوله : من ادعى الإجماع فهو كاذب ، و ما
يدريه لعلهم اختلفوا ، أو كما قال رواه ابنه عبد الله بن أحمد في " مسائله " .
فمما يبطل الإجماع المزعوم في هذه المسألة ما روى مالك في " الموطأ " ( 2 /
482 / 2 ) عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يتقي من الضحايا و البدن التي لم تسن
و رواه عبد الرزاق عن مالك عن نافع بن ابن عمر قال : " لا تجزيء إلا الثنية
فصاعدا " ، ذكره ابن حزم ( 7 / 361 ) و ذكر بمعناه آثارا أخرى فليراجعها من شاء
الزيادة .
و ختاما أقول : نستطيع أن نستخلص مما سبق من التحقيق : أن حديث هلال هذا :
" نعمت الأضحية الجذع من الضأن " و كذا الذي قبله ، و إن كان ضعيف المبنى ، فهو
صحيح المعنى ، يشهد له حديث عقبة و مجاشع ، و لو أني استقبلت من أمري ما
استدبرت ، لما أوردتهما في هذه " السلسلة " و لأوردت بديلهما حديث جابر هذا ،
و لكن ليقضي الله أمرا كان مفعولا ، و لله في خلقه شؤون .
(1/142)
________________________________________
66 - " من عرف نفسه فقد عرف ربه " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 165 ) :
لا أصل له .
قال في " المقاصد " للحافظ السخاوي ( ص 198 ) : قال أبو المظفر بن السمعاني :
لا يعرف مرفوعا و إنما يحكي عن يحيى بن معاذ الرازي من قوله و كذا قال النووي :
إنه ليس بثابت .
و نقل السيوطي في " ذيل الموضوعات " ( ص 203 ) كلام النووي هذا و أقره ، و قال
في " القول الأشبه " ( 2 / 351 ) من " الحاوي للفتاوى " : هذا الحديث ليس بصحيح
.
و نقل الشيخ القاري في " موضوعاته " ( ص 83 ) عن ابن تيمية أنه قال : موضوع .
و قال العلامة الفيروز أبادي - صاحب القاموس - في " الرد على المعترضين على
الشيخ ابن عربي " ( ق 37 / 2 ) : ليس من الأحاديث النبوية ، على أن أكثر الناس
يجعلونه حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم ، و لا يصح أصلا، و إنما يروي في
الإسرائيليات : " يا إنسان اعرف نفسك تعرف ربك " .
قلت : هذا حكم أهل الاختصاص على هذا الحديث ، و مع ذلك فقد ألف بعض الفقهاء
المتأخرين من الحنفية رسالة في شرح هذا الحديث ! و هي محفوظة في مكتبة الأوقاف
الإسلامية في حلب ، و كذلك شرح أحدهم حديث : " كنت كنزا مخفيا ... " في رسالة
خاصة أيضا موجودة في المكتبة المذكورة برقم ( 135 ) مع أنه حديث لا أصل له أيضا
كما سيأتي ( 6023 ) ، و ذلك مما يدل على أن هؤلاء الفقهاء لم يحاولوا - مع
الأسف الشديد - الاستفادة من جهود المحدثين في خدمة السنة و تنقيتها مما أدخل
فيها ، و لذلك كثرت الأحاديث الضعيفة و الموضوعة في كتبهم ، والله المستعان .
(1/143)
________________________________________
67 - " من قرأ في الفجر بـ *( ألم نشرح )* و *( ألم تر كيف )* لم يرمد " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 166 ) :
لا أصل له .
قال السخاوي ( ص 200 ) : لا أصل له ، سواء أريد بالفجر هنا سنة الصبح أو الصبح
لمخالفته سنة القراءة فيهما .
يشير إلى أن السنة في سنة الفجر *( قل يا أيها الكافرون )* و *( قل هو الله
أحد )* ، و في فرض الفجر قراءة ستين آية فأكثر على ما هو مفصل في كتابي " صفة
صلاة النبي صلى الله عليه وسلم " .
(1/144)
________________________________________
68 - " قراءة سورة *( إنا أنزلناه )* عقب الوضوء " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 167 ) :
لا أصل له .
كما قال السخاوي ، قال : و رأيته في المقدمة المنسوبة للإمام أبي الليث من
الحنفية ، فالظاهر إدخاله فيها من غيره و هو مفوت سنة .
قلت : يعني سنة القول بعد الوضوء : " أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له
و أشهد أن محمدا عبده و رسوله ، اللهم اجعلني من التوابين ، و اجعلني من
المتطهرين " و هو في مسلم و الترمذي ، أو يقول : " سبحانك اللهم و بحمدك ، أشهد
أن لا إله إلا أنت ، أستغفرك و أتوب إليك " رواه الحاكم و غيره بسند صحيح .
قلت : و قوله : لا أصل له يوهم أنه لا إسناد له ، و ليس كذلك كما سيأتي
( 1449 ) .
(1/145)
________________________________________
69 - " مسح الرقبة أمان من الغل " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 167 ) :
موضوع .
قال النووي في " المجموع شرح المهذب : ( 1 / 465 ) : هذا موضوع ليس من كلام
النبي صلى الله عليه وسلم .
و نقله السيوطي في ذيل " الأحاديث الموضوعة " ( ص 203 ) عن النووي و أقره .
و قال الحافظ ابن حجر في " تلخيص الحبير " ( 1 / 433 ) ما مختصره : أورده
أبو محمد الجويني ، و قال : لم يرتض أئمة الحديث إسناده ، و أورده الغزالي في
" الوسيط " و تعقبه ابن الصلاح فقال : هذا الحديث غير معروف عن النبي صلى الله
عليه وسلم ، و هو من قول بعض السلف ، قال الحافظ : يحتمل أن يريد به ما رواه
أبو عبيد في كتاب " الطهور " عن عبد الرحمن بن مهدي عن المسعودي عن القاسم بن
عبد الرحمن عن موسى بن طلحة قال : " من مسح قفاه مع رأسه وقي الغل يوم
القيامة .
قلت : فيحتمل أن يقال : هذا و إن كان موقوفا فله حكم الرفع ، لأن هذا لا يقال
من قبل الرأي ، فهو على هذا مرسل .
قلت : لكن المسعودي كان قد اختلط فلا حجة في حديثه لو كان مرفوعا ، فكيف و هو
موقوف ؟ ثم قال الحافظ ( 1 / 434 - 453 ) : قال أبو نعيم في " تاريخ أصبهان " :
حدثنا محمد بن أحمد ، حدثنا عبد الرحمن بن داود ، حدثنا عثمان بن { خرزاذ }
حدثنا عمر بن محمد بن الحسن ، حدثنا محمد بن عمرو الأنصاري عن أنس بن سيرين عن
عمر أنه كان إذا توضأ مسح عنقه و يقول : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : " من توضأ و مسح عنقه لم يغل بالأغلال يوم القيامة " ، و في " البحر "
للروياني : قرأت جزءا رواه أبو الحسين بن فارس بإسناده عن فليح بن سليمان عن
نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من توضأ و مسح بيديه
على عنقه وقي الغل يوم القيامة " ، و قال : هذا إن شاء الله حديث صحيح ، قلت
( هو الحافظ ) : بين ابن فارس و فليح مفازة فينظر فيها .
قلت : و حديث ابن عمر في " تاريخ أصبهان " ( 2 / 115 ) ، و عزاه الشيخ علي
القاري في " الموضوعات " ( ص 73 ) لـ" مسند الفردوس " بسند ضعيف .
قلت : و علته محمد بن عمرو الأنصارى هذا ، و هو أبو سهل البصري ، متفق على
تضعيفه ، و كان يحيى بن سعيد يضعفه جدا و يقول : روى عن الحسن أوابد ! .
و شيخ أبي نعيم ضعيف أيضا ، و هو محمد بن أحمد بن علي بن المحرم ، قال الذهبي
في " الميزان " : هو من كبار شيوخ أبي نعيم الحافظ ، روى عنه الدارقطني و ضعفه
و قال البرقاني : لا بأس به ، و قال ابن أبي الفوارس : لم يكن عندهم بذاك و هو
ضعيف .
ثم رأيت ابن عراق قال في " تنزيه الشريعة " ( 2 / 75 ) بعد أن ذكر الحديث من
رواية أبي نعيم في " التاريخ " : و فيه أبو بكر المفيد شيخ أبي نعيم ، قال
الحافظ العراقي : و هو آفته .
و سيأتي الكلام على الحديث مع زيادة تحقيق برقم ( 744 ) أو نحوه إن شاء الله
تعالى .
قلت : فمثل هذا الحديث يعد منكرا ، و لا سيما أنه مخالف لجميع الأحاديث الواردة
في صفة وضوئه صلى الله عليه وسلم ، إذ ليس في شيء منها ذكر لمسح الرقبة ، اللهم
إلا في حديث طلحة بن مصرف عن أبيه عن جده قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يمسح رأسه مرة واحدة حتى بلغ القذال و هو أول القفا .
و في رواية : و مسح رأسه من مقدمه إلى مؤخره حتى أخرج يديه من تحت أذنيه .
أخرجه أبو داود و غيره ، و ذكر عن ابن عيينة أنه كان ينكره ، و حق له ذلك فإن
له ثلاث علل ، كل واحدة منها كافية لتضعيفه ، فكيف بها و قد اجتمعت ، و هي
الضعف ، و الجهالة ، و الاختلاف في صحبة والد مصرف ، و لهذا ضعفه النووي و ابن
تيمية و العسقلاني و غيرهم ، و قد بينت ذلك في " ضعيف سنن أبي داود "
( رقم 15 ) .
(1/146)
________________________________________
70 - " من أطعم أخاه خبزا حتى يشبعه ، و سقاه ماء حتى يرويه ، بعده الله عن النارسبع خنادق ، بعد ما بين خندقين مسيرة خمس مئة سنة " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 170 ) :
موضوع .
أخرجه الدولابي في " الكنى " ( 1 / 117 ) و يعقوب الفسوي في " التاريخ " ( 2 /
527 ) و ابن عبد الحكم في " فتوح مصر " ( ص 254 ) و الحاكم ( 4 / 129 ) و كذا
الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 95 / 1 ـ من زوائد المعجمين ) و ابن عساكر ( 6 /
115 / 2 ) من طريق إدريس بن يحيى الخولاني ، حدثني رجاء بن أبي عطاء عن واهب بن
عبد الله الكعبي عن عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعا ، و قال الحاكم :
صحيح الإسناد و وافقه الذهبي ! و هذا من أغلاطهما الفاحشة ، فإن رجاءا هذا ، لم
يوثقه أحد ، بل هو متهم ، فاسمع ما قال فيه الحاكم نفسه ! فيما ذكره الذهبي
نفسه في " الميزان " قال : صويلح ! ، قال الحاكم : مصري صاحب موضوعات ( ! ) ،
و قال ابن حبان : يروي الموضوعات ، ثم ساق له الحديث الذي وقع لنا مسلسلا
بالمصريين .
قلت : يعني هذا و ذكره ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 2 / 172 ) و أقره السيوطي
في " اللآليء " ( 2 / 87 ) و عزاه في " الجامع الكبير " و الزيادة لـ( ن ) أي :
النسائي و هو وهم أو تحريف ، ثم ساق الذهبي إسناده إلى رجاء به ثم قال : هذا
حديث غريب منكر تفرد به إدريس أحد الزهاد .
قلت : إدريس هذا صدوق كما قال ابن أبي حاتم ( 1 / 1 / 265 ) فالتهمة منحصرة في
رجاء هذا ، و زاد الحافظ في " لسان الميزان " : و هذا الحديث أورده ابن حبان
و قال : إنه موضوع ، و أخرجه الحاكم و قال : صحيح الإسناد ، فما أدري ما وجه
الجمع بين كلاميه ! ( يعني تصحيحه للحديث و قوله في راويه : صاحب موضوعات ) كما
لا أدري كيف الجمع بين قول الذهبي " صويلح " و سكوته على تصحيح الحاكم في
" تلخيص المستدرك " مع حكايته عن الحافظين ( يعني الحاكم و ابن حبان ) أنهما
شهدا عليه برواية الموضوعات ! .
قلت : و الحديث عزاه الهيثمي في " المجمع " ( 2 / 130 ) للطبراني في " الكبير "
و " الأوسط " قال : و فيه رجاء بن أبي عطاء ، و هو ضعيف ، كذا قال ، و رجاء أشد
ضعفا مما ذكر كما تقدم ، و مع هذا ، فالهيثمي أقرب إلى الصواب من المنذري ،
فإنه أورد الحديث في " الترغيب " ( 2 / 48 ـ رقم 14 ) ثم قال : رواه الطبراني
في " الكبير " و أبو الشيخ ابن حيان في " الثواب " و الحاكم ، و البيهقي ،
و قال الحاكم : صحيح الإسناد .
فأقر الحاكم على تصحيحه ، فأوهم أنه صحيح ، و ليس كذلك ، و هذا هو الحامل لي
على نشر هذا الحديث و تحقيق القول في وضعه كي لا يغتر أحد بزلة هؤلاء الأفاضل
فيقع في الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، صاننا الله من ذلك بمنه
و فضله .
(1/147)
________________________________________
يتبع إن شاء الله ..
ذو الفقار
2008-02-29, 08:27 PM
71 - " التكبير جزم " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 172 ) :
لا أصل له .
كما قال الحافظ ابن حجر و السخاوي ، و كذا السيوطي ، و له رسالة خاصة في الحديث
في كتابه " الحاوي للفتاوي " ( 2 / 71 ) و قد بين فيها أنه من قول إبراهيم
النخعي ، و أن معنى قوله جزم لا يمد ثم ذكر قول من فسره بأنه لا يعرب بل يسكن
آخره .
ثم رده من وجوه ثلاثة أوردها فليراجعها من شاء .
ثم إن الحديث مع كونه لا أصل له مرفوعا ، و إنما هو من قول إبراهيم ، فإنما
يريد به التكبير في الصلاة كما يستفاد من كلام السيوطي في الرسالة المشار إليها
فلا علاقة له بالأذان كما توهم بعضهم ، فإن هناك طائفة من المنتمين للسنة في
مصر و غيرها تؤذن كل تكبيرة على حدة : الله أكبر ، الله أكبر ، عملا بهذا
الحديث زعموا ! و التأذين على هذه الصفة مما لا أعلم له أصلا في السنة ، بل
ظاهر الحديث الصحيح خلافه ، فقد روى مسلم في " صحيحه " ( 2 / 4 ) من حديث عمر
ابن الخطاب مرفوعا : " إذا قال المؤذن : الله أكبر الله أكبر ، فقال أحدكم :
الله أكبر الله أكبر ، ثم قال : أشهد أن لا إله إلا الله ، قال : أشهد أن لا
إله ألا الله ، الحديث ... " ففيه إشارة ظاهرة إلى أن المؤذن يجمع بين كل
تكبيرتين ، و أن السامع يجيبه كذلك ، و في " شرح صحيح مسلم " للنووي ما يؤيد
هذا فليراجعه من شاء .
و مما يؤيد ذلك ما ورد في بعض الأحاديث أن الأذان كان شفعا شفعا .
(1/148)
________________________________________
72 - " أدبني ربي فأحسن تأديبي " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 172 ) :
ضعيف .
قال ابن تيمية في " مجموعة الرسائل الكبرى " ( 2 / 336 ) : معناه صحيح ، و لكن
لا يعرف له إسناد ثابت ، و أيده السخاوي و السيوطي فراجع " كشف الخفاء " ( 1 /
70 ) .
(1/149)
________________________________________
73 - " مسح العينين بباطن أنملتي السبابتين عند قول المؤذن : أشهد أن محمدا
رسول الله ... إلخ و أن من فعل ذلك حلت له شفاعته صلى الله عليه وسلم " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 173 ) :
لا يصح .
رواه الديلمي في " مسند الفردوس " عن أبي بكر رضي الله عنه مرفوعا .
قال ابن طاهر في " التذكرة " : لا يصح ، كذا في " الأحاديث الموضوعة " للشوكاني
( ص 9 ) و كذلك قال السخاوي في " المقاصد " .
(1/150)
________________________________________
74 - " عظموا ضحاياكم فإنها على الصراط مطاياكم " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 173 ) :
لا أصل له بهذا اللفظ .
قال ابن الصلاح : هذا حديث غير معروف و لا ثابت ، نقله الشيخ إسماعيل العجلوني
في " الكشف " و من قبله ابن الملقن في " الخلاصة " ( 164 / 2 ) و زاد : قلت :
و أسنده صاحب الفردوس بلفظ " استفرهوا " بدل " عظموا " أي : ضحوا بالثمينة
القوية السمينة .
قلت : و سنده ضعيف جدا ، و سوف يأتي تحقيق الكلام عليه بإذن الله تعالى
( 2687 ) .
(1/151)
________________________________________
75 - " عجلوا بالصلاة قبل الفوت ، و عجلوا بالتوبة قبل الموت " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 174 ) :
موضوع .
و معناه صحيح ، أورده الصغاني في " الأحاديث الموضوعة " ( ص 4 - 5 ) .
(1/152)
________________________________________
76 - " الناس كلهم موتى الا العالمون ، و العالمون كلهم هلكى الا العاملون
و العاملون كلهم غرقى الا المخلصون ، و المخلصون على خطر عظيم " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 174 ) :
موضوع .
أورده الصغاني ( ص 5 ) و قال : و هذا الحديث مفترى ملحون ، و الصواب في
الإعراب : " العالمين و العاملين و المخلصين ) " .
قلت : و هو شبيه بكلام الصوفية ، و مثله قول سهل بن عبد الله التستري : الناس
كلهم سكارى إلا العلماء ، و العلماء كلهم حيارى إلا من عمل بعلمه ، رواه الخطيب
في " اقتضاء العلم العمل " ( رقم 22 ـ بتحقيقي ) ثم روى من طريق أخرى عنه قال :
" الدنيا جهل و موات ، إلا العلم ، و العلم كله حجة إلا العمل به ، و العمل كله
هباء إلا الإخلاص ، و الإخلاص على خطر عظيم حتى يختم به " .
قلت : و هذا أقرب إلى هذا الحديث ، فلعله هو أصله ، رفعه بعض جهلة الصوفية .
(1/153)
________________________________________
77 - " لا مهدي إلا عيسى " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 175 ) :
منكر .
أخرجه ابن ماجه ( 2 / 495 ) و الحاكم ( 4 / 441 ) و ابن الجوزي في " الواهيات "
( 1447 ) و ابن عبد البر في " جامع العلم " ( 1 / 155 ) و أبو عمرو الداني في
" السنن الواردة في الفتن " ( 3 / 3 / 2 ، 4 / 9 / 1 ، 5 / 22 / 2 ) و السلفي
في " الطيوريات " ( 62 / 1 ) و الخطيب ( 4 / 221 ) من طريق محمد بن خالد الجندي
عن أبان بن صالح عن الحسن عن أنس مرفوعا بلفظ :
" لا يزداد الأمر إلا شدة ، و لا الدنيا إلا إدبارا ، و لا الناس إلا شحا ،
و لا تقوم الساعة إلا على شرار الناس ، و لا مهدي إلا عيسى بن مريم " .
قلت : و هذا إسناد ضعيف فيه علل ثلاث :
الأولى : عنعنة الحسن البصري ، فإنه قد كان يدلس .
الثانية : جهالة محمد بن خالد الجندي ، فإنه مجهول كما قال الحافظ في
" التقريب " تبعا لغيره كما يأتي .
الثالثة : الاختلاف في سنده .
قال البيهقي : قال أبو عبد الله الحافظ : محمد بن خالد مجهول و اختلفوا عليه في
إسناده ، فرواه صامت بن معاذ قال : حدثنا يحيى بن السكن ، حدثنا محمد بن خالد
... فذكره ، قال صامت : عدلت إلى الجند مسيرة يومين من صنعاء ، فدخلت على محدث
لهم ، فوجدت هذا الحديث عنده عن محمد بن خالد عن أبان بن أبي عياش عن الحسن
مرسلا ، قال البيهقي : فرجع الحديث إلى رواية محمد بن خالد الجندي و هو مجهول
عن أبان أبي عياش ، و هو متروك عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم ، و هو
منقطع ، و الأحاديث في التنصيص على خروج المهدي أصح البتة إسنادا ، نقله في
" التهذيب " .
و قال الذهبي في " الميزان " : إنه خبر منكر ، ثم ساق الرواية الأخيرة عن ابن
أبي عياش عن الحسن مرسلا ثم قال : فانكشف و وهى .
و قال الصغاني : موضوع كما في " الأحاديث الموضوعة " للشوكاني ( ص 195 )
و نقل السيوطي في " العرف الوردي في أخبار المهدي " ( 2 / 274 من الحاوي ) عن
القرطبي أنه قال في " التذكرة " : إسناد ضعيف ، و الأحاديث عن النبي صلى الله
عليه وسلم في التنصيص على خروج المهدي من عترته من ولد فاطمة ثابتة أصح من هذا
الحديث فالحكم بها دونه .
و قد أشار الحافظ في " الفتح " ( 6 / 385 ) إلى رد هذا الحديث لمخالفته لأحاديث
المهدي .
و هذا الحديث تستغله الطائفة القاديانية في الدعوة لنبيهم المزعوم : ميرزا غلام
أحمد القادياني الذي ادعى النبوة ، ثم ادعى أنه هو عيسى بن مريم المبشر بنزوله
في آخر الزمان ، و أنه لا مهدي إلا عيسى بناء على هذا الحديث المنكر ، و قد
راجت دعواه على كثيرين من ذوي الأحلام الضعيفة ، شأن كل دعوة باطلة لا تعدم من
يتباناها و يدعو إليها ، و قد ألفت كتب كثيرة في الرد على هؤلاء الضلال ، و من
أحسنها رسالة الأستاذ الفاضل المجاهد أبي الأعلى المودودى رحمه الله في الرد
عليها ، و كتابه الآخر الذي صدر أخيرا بعنوان " البيانات " فقد بين فيهما حقيقة
القاديانيين ، و أنهم مرقوا من دين المسلمين بأدلة لا تقبل الشك ، فليرجع
إليهما من شاء .
( تنبيه ) قوله في هذا الحديث : " و لا تقوم الساعة إلا على شرار الناس " هذه
الجملة منه صحيحة ثابتة عنه صلى الله عليه وسلم من حديث عبد الله بن مسعود !
خرجه مسلم و أحمد .
(1/154)
________________________________________
78 - " سؤر المؤمن شفاء " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 177 ) :
لا أصل له .
قال الشيخ أحمد الغزي العامري في " الجد الحثيث " ( رقم 168 من نسختي ) : ليس
بحديث ، و أقره الشيخ العجلوني في " كشف الخفاء " ( 1 / 458 ) .
قلت : و أما قول الشيخ على القاري في " موضوعاته " ( ص 45 ) : هو صحيح من جهة
المعنى لرواية الدارقطني في " الأفراد " من حديث ابن عباس مرفوعا : " من
التواضع أن يشرب الرجل من سؤر أخيه " أي المؤمن ، فيقال له كما تعلمنا منه في
مثل هذه المناسبة : ثبت العرش ثم انقش ! " ، فإن هذا الحديث غير صحيح أيضا ،
و بيانه فيما بعد ، على أنه لو صح لما كان شاهدا له ! كيف و ليس فيه أن سؤر
المؤمن شفاء لا تصريحا و لا تلويحا ، فتأمل .
(1/155)
________________________________________
79 - " من التواضع أن يشرب الرجل من سؤر أخيه ، و من شرب من سؤر أخيه ابتغاء وجه الله تعالى رفعت له سبعون درجة ، و محيت عنه سبعون خطيئة ، و كتب له سبعون درجة " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 177 ) :
موضوع .
أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 3 / 40 ) برواية الدارقطني من طريق نوح بن
أبي مريم عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس مرفوعا به ، و قال ابن الجوزي :
تفرد به نوح و هو متروك ، و تعقبه السيوطي في " اللآليء المصنوعة " ( 2 / 259
طبع المكتبة الحسينية ) بقوله : قلت : له متابع ، قال الإسماعيلي في
" معجمه " ( ق 123 / 2 ـ مصورة الجامعة الإسلامية ) : أخبرني علي بن محمد بن
حاتم أبو الحسن القومسي : حدثنا جعفر بن محمد الحداد القومسي ، حدثنا إبراهيم
بن أحمد البلخي ، حدثنا الحسن بن رشيد المروزي عن ابن جريج ، و عنه يعني
المروزي هذا ثلاثة أنفس ، فيه لين ، الأصل : فيهم و هو خطأ .
قلت : بل الحسن هذا منكر الحديث ، فقد قال ابن أبي حاتم في " الجرح و التعديل "
( 1 / 2 / 14 ) بعد أن نقل عن أبيه أنه مجهول : يدل حديثه على الإنكار ، و ذلك
أنه روى عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس أنه قال : " من صبر في حر مكة ساعة
باعد الله عز وجل منه جهنم سبعين خريفا ، و من مشى في طريق مكة ساعة ، كل قدم
يضعها ترفع له درجة ، و الأخرى حسنة " .
و في " اللسان " : و قال العقيلي فيه : في حديثه وهم ، و يحدث بمناكير ، ثم ساق
حديث ابن عباس الذي استنكره ابن أبي حاتم و قال : هذا حديث باطل لا أصل له .
و الحديث رواه السهمي الجرجاني في " تاريخ جرجان " ( 262 ) من طريق شيخه
أبي بكر الإسماعيلى قال : حدثنا علي بن محمد بن حاتم بن دينار أبو الحسن
القومسي و كان صدوقا ، إلخ ... و قال : قال شيخنا أبو بكر الإسماعيلى : إبراهيم
ابن أحمد و الحسن بن رشيد مجهولان ، و مما أوردنا يتبين أن هذه المتابعة لا
تسمن و لا تغني من جوع لشدة ضعفها ، و جهالة الراوي عنها ، فلا قيمة لتعقب
السيوطي على ابن الجوزي ، و لعله يشير لهذا صنيع الشوكاني في " الأحاديث
الموضوعة " ( ص 68 ) حيث ساق الحديث ثم اكتفى في تخريجه على قوله : رواه
الدارقطني و في إسناده متروك ، فلم يتعرض للمتابعة المزعومة بذكر !
قلت : و نوح هذا كان من أهل العلم ، و كان يسمى : الجامع ، لجمعه فقه أبي حنيفة
و لكنه متهم في الرواية ، قال أبو علي النيسابوري : كان كذابا ، و قال أبو سعيد
النقاش : روى الموضوعات ، و قال الحاكم : هو مقدم في علومه إلا أنه ذاهب الحديث
بمرة ، و قد أفحش أئمة الحديث القول فيه ببراهين ظاهرة ، و قال أيضا : لقد كان
جامعا ، رزق كل شيء إلا الصدق ! نعوذ بالله تعالى من الخذلان ، و كذا قال ابن
حبان ، و قد أورد الحافظ برهان الدين الحلبي في رسالة " الكشف الحثيث عمن رمي
بوضع الحديث " كما في " الفوائد البهية في تراجم الحنفية " ( ص 221 ) .
ثم إن للحديث علة أخرى لم أر من تنبه لها و هي عنعنة ابن جريج ، فإنه على جلالة
قدره كان مدلسا ، قال الإمام أحمد : بعض هذه الأحاديث التي كان يرسلها ابن جريج
أحاديث موضوعة ، كان ابن جريج لا يبالي من أين يأخذها ، يعني قوله : أخبرت
و حدثت عن فلان ، كذا في " الميزان " ، و قال الدارقطني : تجنب تدليس ابن جريج
فإنه قبيح التدليس ، لا يدلس إلا فيما سمعه من مجروح ، مثل إبراهيم بن أبي يحيى
و موسى بن عبيدة و غيرهما ، كذا في " التهذيب " ، فإن سلم الحديث من ابن
أبي مريم و الحسن بن رشيد ، فلن يسلم من تدليس ابن جريج .
(1/156)
________________________________________
80 - " المهدي من ولد العباس عمي " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 188 ) :
موضوع .
أخرجه الدارقطني في " الأفراد " ( ج 2 رقم 26 من أصلى المنقول عن مخطوطة
الظاهرية ) و عنه الديلمي ( 4 / 84 ) و ابن الجوزي في " الواهيات " ( 1431 ) من
طريق محمد بن الوليد القرشي ، حدثنا أسباط بن محمد و صلة بن سليمان الواسطي عن
سليمان التيمي عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن عثمان بن عفان مرفوعا ، و قال
الدارقطني : غريب ، تفرد به محمد بن الوليد مولى بني هاشم بهذا الإسناد .
قلت : و هو متهم بالكذب ، قال ابن عدي : كان يضع الحديث ، و قال أبو عروبة :
كذاب ، و بهذا أعله المناوي في " الفيض " نقلا عن ابن الجوزي ، و به تبين خطأ
السيوطي في إيراده لهذا الحديث في " الجامع الصغير " .
قلت : و مما يدل على كذب هذا الحديث أنه مخالف لقوله صلى الله عليه وسلم :
" المهدي من عترتي من ولد فاطمة " ، أخرجه أبو داود ( 2 / 207 - 208 ) و ابن
ماجه ( 2 / 519 ) و الحاكم ( 4 / 557 ) و أبو عمرو الداني في " السنن الواردة
في الفتن " ( 99 - 100 ) و كذا العقيلي ( 139 و 300 ) من طريق زياد بن بيان عن
علي بن نفيل عن سعيد بن المسيب عن أم سلمة مرفوعا ، و هذا سند جيد رجاله كلهم
ثقات ، و له شواهد كثيرة ، فهو دليل واضح على رد هذا الحديث ، و مثله :
(1/157)
يتبع ....
abcdef_475
2008-03-01, 01:05 PM
:p015::p015::p015::p015::p015:
:p01sdsed22::p01sdsed22::p01sdsed22::p01sdsed22::p 01sdsed22:
جزاكم الله خيرا علي هذا العمل الضخم
اسال الله تعالي ان يجعله في ميزان حسناتكم
ذو الفقار
2008-03-01, 01:28 PM
جزاكم الله خيرا علي هذا العمل الضخم
اسال الله تعالي ان يجعله في ميزان حسناتكم
اللهم آمين أشكرك أخي الحبيب على المرور والتعقيب والدعاء
وأذكر الجميع مرة أخري بأن الموضوع مفتوح للجميع ورابط السلسلة موجود في المشاركة رقم ثلاثة في الموضوع فمن أراد المشاركة في نشرها على محركات البحث فلا يتردد ...
***************************************
81 - " يا عباس إن الله فتح هذا الأمر بي ، و سيختمه بغلام من ولدك يملؤها عدلا كما
ملئت جورا ، و هو الذى يصلي بعيسى " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 181 ) :
موضوع .
أخرجه الخطيب في " تاريخ بغداد " ( 4 / 117 ) ، و من طريقه ابن الجوزي في
" الواهيات " ( 1437 ) في ترجمة أحمد بن الحجاج بن الصلت قال : حدثنا سعيد بن
سليمان ، حدثنا خلف بن خليفة عن مغيرة عن إبراهيم عن علقمة عن عمار بن ياسر
مرفوعا .
قلت : و هذا سند رجاله كلهم ثقات معروفون من رجال مسلم غير أحمد بن الحجاج هذا
و لم يذكر فيه الخطيب جرحا و لا تعديلا ، و قد اتهمه الذهبي بهذا الحديث فقال :
رواه بإسناد الصحاح مرفوعا ، فهو آفته ! و العجيب أن الخطيب ذكره في " تاريخه "
و لم يضعفه و كأنه سكت عنه لانتهاك حاله ، و وافقه الحافظ في " لسان الميزان "
و الحديث أورده السيوطي في " اللآليء المصنوعة " ( 1 / 431 - 434 ) و سكت عليه
! و من هنا يتبين لك الفرق بين الذهبي و السيوطي ، فإن الأول حافظ نقاد ،
و الآخر جماع نقال ، و هذا هو السر في كثرة خطئه و تناقضه في كتبه ، و الحديث
أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 2 / 37 ) من حديث ابن عباس نحوه و قال :
موضوع ، المتهم به الغلابي محمد بن زكريا ، و أقره السيوطي في " اللآليء "
( 1 / 435 ) ، و رواه الخطيب في " التاريخ " ( 3 / 323 ـ 324 ) ، و عنه ابن
الجوزي في " العلل المتناهية " ( 2 / 375 / 1438 ) من طريق أخرى ، ثم قال ابن
الجوزي ( 2 / 378 ) : لا بأس بإسناده كذا قال و هو منه عجيب فإن فيه علتين :
إحداهما : عبد الصمد بن علي و هو الهاشمي ضعفه العقيلي ( 3 / 84 / 1053 ) و ساق
له حديث استنكره الذهبي و سيأتي برقم ( 2898 ) .
و الأخرى : محمد بن نوح بن سعيد المؤذن ، أورده الذهبي و قال : خبره كذب يعني
هذا و أبوه مجهول .
تنبيه : اختلط هذا الإسناد على بعض الطلبة فظن أنه من رواية الغلابي ، و ليس هو
فيه ، و أما صلاة المهدي بعيسى عليه السلام ، فصحيح ثابت في أحاديث كثيرة ،
و مثل هذا الحديث :
(1/158)
________________________________________
82 - " ألا أبشرك يا أبا الفضل ؟ إن الله عز وجل افتتح بي هذا الأمر ، و بذريتك يختمه " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 183 ) :
موضوع .
أخرجه أبو نعيم في " الحلية " ( 1 / 135 ) من طريق لاهز بن جعفر التيمي ، حدثنا
عبد العزيز بن عبد الصمد العمي ، أخبرني علي بن زيد بن جدعان عن سعيد بن المسيب
عن أبي هريرة مرفوعا ، و قال : تفرد به لاهز بن جعفر و هو حديث عزيز .
قلت : و هو متهم ، قال فيه ابن عدي : بغدادي مجهول يحدث عن الثقات بالمناكير ،
ثم ساق له حديثا في فضل علي ثم قال ابن عدي : و هذا باطل ، قال الذهبي : إي
والله هذا من أكبر الموضوعات ، و علي ، فلعن الله من لا يحبه ، و الحديث أورده
في " كنز العمال " ( رقم 38693 ) برواية أبي نعيم في " الحلية " عن أبي هريرة
بغير هذا اللفظ ، و لم أعثر عليه الآن في " الحلية " ، فالله أعلم .
تنبيه : إذا علمت حال هذا الحديث و الذي قبله ، فلا يليق نصب الخلاف بينهما
و بين الحديث الصحيح المتقدم قريبا : " المهدي من ولد فاطمة " لصحته و شدة ضعف
مخالفه ، و عليه : لا مسوغ لمحاولة التوفيق بينهما كما فعل بعض المتقدمين
و الأستاذ المودودي رحمه الله في " البيانات " ( ص 115 ، 165 ) ، و الله تعالى
هو الموفق لا إله سواه .
(1/159)
________________________________________
83 - " نعم المذكر السبحة ، و إن أفضل ما يسجد عليه الأرض ، و ما أنبتته الأرض " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 184 ) :
موضوع .
أخرجه الديلمي في " مسند الفردوس " ( 4 / 98 ـ مختصره ) قال : أنا عبدوس بن
عبد الله أنا أبو عبد الله الحسين بن فنجويه الثقفي ، حدثنا علي بن محمد بن
نصرويه ، حدثنا محمد بن هارون بن عيسى بن منصور الهاشمي حدثني محمد بن علي بن
حمزة العلوي حدثني عبد الصمد بن موسى حدثتني زينب بنت سليمان بن علي حدثتني
أم الحسن بنت جعفر بن الحسن عن أبيها عن جدها عن علي مرفوعا ، ذكره السيوطي
في رسالته : " المنحة في السبحة " ( 2 / 141 ـ من الحاوي ) و نقله عنه الشوكاني
في " نيل الأوطار " ( 2 / 166 - 167 ) و سكتا عليه !
قلت : و هذا إسناد ظلمات بعضها فوق بعض ، جل رواته مجهولون ، بل بعضهم متهم ،
أم الحسن بنت جعفر بن الحسن ، لم أجد من ترجمها ، و زينب بنت سليمان بن علي
ترجمها الخطيب " في تاريخه " ( 14 / 334 ) و قال : كانت من فضائل النساء .
و عبد الصمد بن موسى ، هو الهاشمي ترجمه الخطيب ( 14 / 41 ) و لم يذكر فيه جرحا
و لا تعديلا ، و لكن نقل الذهبي في " الميزان " عن الخطيب أنه قال فيه : قد
ضعفوه فلعل ذلك في بعض كتبه الأخرى ، ثم استدركت فقلت : بل ذلك في حديث آخر
سيأتي برقم ( 2898 ) .
ثم قال الذهبي : يروي مناكير عن جده محمد بن إبراهيم الإمام .
قلت : فلعله هو آفة هذا الحديث ، و محمد بن علي بن حمزة العلوي ترجمه الخطيب
أيضا ( 3 / 63 ) و قال : قال ابن أبي حاتم : سمعت منه و هو صدوق ، مات سنة 286
و محمد بن هارون هو محمد بن هارون بن العباس بن أبي جعفر المنصور ، كذلك أورده
الخطيب ( 3 / 356 ) و قال : كان من أهل الستر و الفضل و الخطابة ، و ولي إمامة
مسجد المدينة ببغداد خمسين سنة ، و كانت وفاته سنة 308 .
و أبو عبد الله بن الحسين بن فنجويه الثقفي ثقة مترجم في " سير أعلام النبلاء "
( 17 / 383 ) و " شذرات الذهب " ( 3 / 200 ) .
و مثله عبدوس بن عبد الله له ترجمة في " سير أعلام النبلاء " ( 19 / 97 )
و " لسان الميزان " ( 4 / 95 ) .
و مما سبق يتبين لك أن الإسناد ضعيف لا تقوم به حجة ، ثم إن الحديث من حيث
معناه باطل عندي لأمور :
الأول : أن السبحة بدعة لم تكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم إنما حدثت بعده
صلى الله عليه وسلم ، فكيف يعقل أن يحض عليه الصلاة و السلام أصحابه على أمر لا
يعرفونه ؟ ! و الدليل على ما ذكرت ما روى ابن وضاح القرطبي في " البدع و النهي
عنها " ( ص 12 ) عن الصلت بن بهرام قال : مر ابن مسعود بامرأة معها تسبيح تسبح
به فقطعه و ألقاه ، ثم مر برجل يسبح بحصا ، فضربه برجله ، ثم قال : لقد سبقتم !
ركبتم بدعة ظلما ! و لقد غلبتم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم علما ! و سنده
إلى الصلت صحيح ، و هو ثقة من أتباع التابعين ، فالسند منقطع .
ثم روى عن أبان بن أبي عياش قال : سألت الحسن عن النظام ( خيط ينظم فيه لؤلؤ
و خرز و نحوهما ) من الخرز و النوى و نحو ذلك يسبح به ؟ فقال : لم يفعل ذلك أحد
من نساء النبي صلى الله عليه وسلم و لا المهاجرات ، و لكن سنده ضعيف جدا .
الثاني : أنه مخالف لهديه صلى الله عليه وسلم ، قال عبد الله بن عمرو : رأيت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقد التسبيح بيمينه ، رواه أبو داود ( 1 / 235 )
و الترمذي ( 4 / 255 ) و حسنه ، و ابن حبان ( 2334 ـ موارد ) و الحاكم ( 1 /
547 ) و البيهقي ( 2 / 352 ) و إسناده صحيح كما قال الذهبي ، ثم خرجته في
" صحيح أبي داود " ( 1346 ) .
ثم هو مخالف لأمره صلى الله عليه وسلم حيث قال لبعض النسوة : " عليكن بالتسبيح
و التهليل و التقديس ، و لا تغفلن فتنسين التوحيد " و في رواية : " الرحمة
و اعقدن بالأنامل فإنهن مسؤولات و مستنطقات " ، و هو حديث حسن أخرجه أبو داود
و غيره ، و صححه الحاكم و الذهبي ، و حسنه النووي و العسقلاني ، و له شاهد عن
عائشة موقوف انظر " صحيح أبي داود " ( 1345 ) .
و لذلك ضعف الحديث جماعة كما ذكره الشيخ محمد خليل القاوقجى في " شوارق الأنوار
الجليلة " ( ق 113 / 1 ) .
ثم تبين لي فيما بعد أن السند أشد ضعفا مما ذكرنا ، و أن آفته محمد بن هارون بن
عيسى بن منصور الهاشمي ، فإنه كان يضع الحديث كما يأتي ، و قولي أولا هو محمد
ابن هارون بن العباس .. إلخ وهم ، سببه أنني ذهلت عن الترجمة التي بعد ابن
العباس هذا في " تاريخ الخطيب " فقد قال : محمد بن هارون بن عيسى بن إبراهيم بن
عيسى بن أبي جعفر المنصور ، يكنى : أبا إسحاق ، و يعرف بـ " ابن برية " ...
و في حديثه مناكير كثيرة ، و قال الدارقطني : لا شيء ، و قال ابن عساكر في
" تاريخ دمشق " : يضع الحديث ، ثم ساق له حديثا ، ثم قال : هذا من موضوعاته ، و
كذلك اتهمه الخطيب ، فقال عقب الحديث المشار إليه ( 7 / 403 ) : و الهاشمي
يعرف بابن برية ، ذاهب الحديث ، يتهم بالوضع ، و إنما جزمت بأن هذا هو راوي
الحديث ، لأن السند فيه أنه محمد بن هارون بن عيسى ، و ليس فيه أنه محمد بن
هارون بن العباس ، فهما شخصان : اتفقا في اسمهما و اسم أبيهما ، و اختلفا في
اسم جدهما ، فالأول اسم جده عيسى ، و الآخر اسم جده العباس و هذا مستور ،
و الأول متهم كما عرفت ، فانحصرت شبهة وضع الحديث فيه ، و برئت ذمة عبد الصمد
ابن موسى منه على ضعفه و روايته المناكير ، و الفضل في تنبهي لهذه الحقيقة يعود
إلى مقال لي قديم في الكلام على هذا الحديث ، فالحمد لله على توفيقه ، هذا معنى
ما كنت أوردته في ردي على " التعقب الحثيث " للشيخ الحبشي ( ص 14 - 15 ) ، فإن
قيل : قد جاء في بعض الأحاديث التسبيح بالحصى و أنه صلى الله عليه وسلم أقره ،
فلا فرق حينئذ بينه و بين التسبيح بالسبحة كما قال الشوكاني ؟ قلت : هذا قد
يسلم لو أن الأحاديث في ذلك صحيحة ، و ليس كذلك ، فغاية ما روي في ذلك حديثان
أوردهما السيوطي في رسالته المشار إليها ، فلابد من ذكرهما ، و بيان علتهما :
الأول : عن سعد بن أبي وقاص أنه دخل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على امرأة
و بين يديها نوى أو حصى تسبح به ، فقال : أخبرك بما هو أيسر عليك من هذا أو
أفضل ؟ فقال : " سبحان الله عدد ما خلق في السماء .. " ، الحديث رواه أبو داود
( 1 / 235 ) و الترمذي ( 4 / 277 - 278 ) و ابن حبان ( 2330 ـ زوائده )
و الدورقي في " مسند سعد " ( 130 / 1 ) و المخلص في " الفوائد " ( 9 / 17 / 2 )
و الحاكم ( 1 / 547 ـ 548 ) من طريق عمرو بن الحارث أن سعيد بن أبي هلال حدثه
عن خزيمة عن عائشة بنت سعد بن أبي وقاص عن أبيها ، و قال الترمذي : حديث حسن ،
و قال الحاكم : صحيح الإسناد ، و وافقه الذهبي فأخطأ ، لأن خزيمة هذا مجهول ،
قال الذهبي نفسه في " الميزان " : خزيمة ، لا يعرف ، تفرد عنه سعيد بن أبي هلال
و كذا قال الحافظ في " التقريب " : إنه لا يعرف ، و سعيد بن أبي هلال مع ثقته
حكى الساجي عن أحمد أنه اختلط ، و كذلك وصفه بالاختلاط يحيى كما في " الفصل "
لابن حزم ( 2 / 95 ) ، و لعله مما يؤيد ذلك روايته لهذا الحديث ، فإن بعض
الرواة الثقات عنه لم يذكروا في إسناده خزيمة فصار الإسناد منقطعا و لذلك لم
يذكر الحافظ المزي عائشة بنت سعد في شيوخ ابن أبي هلال فلا يخلو هذا الإسناد من
علة الجهالة أو الانقطاع فأنى للحديث الصحة أو الحسن ؟ ! .
و جهل ذلك أو تجاهله بعض من ألف في سنية السبحة ! من أهل الأهواء من المعاصرين
مقلدا في ذلك شيخه عبد الله الغماري الذي تجاهل هذه الحقائق ، فأورد هذا الحديث
في " كنزه " ( 103 ) ليتوصل منه إلى تجويز السبحة لمريديه ! ثم إلى تجويز
تعليقها على العنق كما يفعل بعض مشايخ الطرق ، انظر الرد عليه في مقدمة المجلد
الثالث من هذه السلسلة ( ص 37 ) ترى العجب العجاب .
الآخر : عن صفية قالت : دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم و بين يدي أربعة
آلاف نواة أسبح بهن ، فقال : " يا بنت حيي ، ما هذا ؟ " ، قلت : أسبح بهن ،
قال : " قد سبحت منذ قمت على رأسك أكثر من هذا " ، قلت : علمني يا رسول الله ،
قال : " قولي : سبحان الله عدد ما خلق الله من شيء .. " ، أخرجه الترمذي ( 4 /
274 ) و أبو بكر الشافعي في " الفوائد " ( 73 / 255 / 1 ) ، و الحاكم ( 1 /
547 ) من طريق هاشم بن سعيد عن كنانة مولى صفية عنها ، و ضعفه الترمذي بقوله :
هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث هاشم بن سعيد الكوفي ، و ليس
إسناده بمعروف ، و في الباب عن ابن عباس ، و أما الحاكم فقال : صحيح الإسناد ،
و وافقه الذهبي و هذا منه عجب ، فإن هاشم بن سعيد هذا أورده هو في " الميزان "
و قال : قال ابن معين : ليس بشيء ، و قال ابن عدي : مقدار ما يرويه لا يتابع
عليه ، و لهذا قال الحافظ في " التقريب " : ضعيف ، و كنانة هذا مجهول الحال لم
يوثقه غير ابن حبان .
ثم استدركت فقلت : لكن قد روى عن كنانة جمع منهم زهير و حديج ابنا معاوية ، و
محمد بن طلحة بن مصرف ، و سعدان بن بشير الجهني ، و كل هؤلاء الأربعة ثقات ،
يضم إليهم يزيد بن مغلس الباهلي ، وثقه جماعة و ضعفه آخرون فسبيل من روى عنه
هؤلاء أن يحشر في زمرة من قيل فيه : صدوق ، كما حققته أخيرا في بحث مستفيض فريد
في " تمام المنة " ( ص 204 ـ 206 ) ، فلا تغتر ببعض الجهلة كالسقاف و غيره ، و
عليه فعلة الحديث هاشم فقط .
و مما يدل على ضعف هذين الحديثين أن القصة وردت عن ابن عباس بدون ذكر الحصى
و لفظه قال : عن جويرية أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من عندها بكرة حين صلى
الصبح و هي في مسجدها ، ثم رجع بعد أن أضحى و هي جالسة ، فقال : ما زلت على
الحال التي فارقتك عليها ؟ قالت : نعم ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : " لقد
قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن : سبحان الله
و بحمده عدد خلقه ، و رضا نفسه ، و زنة عرشه و مداد كلماته " ، أخرجه مسلم
( 8 / 83 - 84 ) و الترمذي ( 4 / 274 ) و صححه و النسائي في " عمل اليوم
و الليلة " ( 161 ـ 165 ) و ابن ماجه ( 1 / 23 ) و أحمد ( 6 / 325 و 429 -
430 ) ، فدل هذا الحديث الصحيح على أمرين :
الأول : أن صاحبة القصة هي جويرية ، لا صفية كما في الحديث الثاني ؟ .
الآخر : أن ذكر الحصى في القصة منكر ، و يؤيد هذا إنكار عبد الله بن مسعود
رضي الله عنه على الذين رآهم يعدون بالحصى ، و قد جاء ذلك عنه من طرق سبق أحدها
و لو كان ذلك مما أقره صلى الله عليه وسلم لما خفي على ابن مسعود إن شاء الله
و قد تلقى هذا الإنكار منه بعض من تخرج من مدرسته ألا و هو إبراهيم بن يزيد
النخعي الفقيه الكوفي ، فكان ينهى ابنته أن تعين النساء على فتل خيوط التسبيح
التي يسبح بها ! رواه ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 2 / 89 / 2 ) بسند جيد .
قد يقول قائل : إن العد بالأصابع كما ورد في السنة لا يمكن أن يضبط به العدد
إذا كان كثيرا ، فالجواب : إنما جاء هذا الإشكال من بدعة أخرى و هي ذكر الله في
عدد محصور كثير لم يأت به الشارع الحكيم ، فتطلبت هذه البدعة بدعة أخرى و هي
السبحة ! فإن أكثر ما جاء من العدد في السنة الصحيحة ، فيما ثبت لدي إنما هو
مئة ، و هذا يمكن ضبطه بالأصابع بسهولة لمن كان ذلك عادته .
و أما حديث : من قال في يوم مئتي مرة : " إله إلا الله وحده لا شريك له ... "
الحديث ، فالمراد : مئة إذا أصبح ، و مئة إذا أمسى كما جاء مصرحا به في بعض
الروايات الثابتة ، و بيان ذلك في " الصحيحة " ( 2762 ) .
و أما ما رواه ابن أبي شيبة ( 2 / 391 ) عن وقاء عن سعيد بن جبير قال : رأى
عمر بن الخطاب رجلا يسبح بتسابيح معه ، فقال عمر : إنما يجزيه من ذلك أن يقول :
سبحان الله .... إلخ ، فهو منكر لوجوه ، منها الانقطاع بينه و بين سعيد ، و ضعف
وقاء ، و هو ابن إياس ، و هو لين الحديث .
و لو لم يكن في السبحة إلا سيئة واحدة و هي أنها قضت على سنة العد بالأصابع أو
كادت ، مع اتفاقهم على أنها أفضل ، لكفى ! فإني قلما أرى شيخا يعقد التسبيح
بالأنامل ! ثم إن الناس قد تفننوا في الابتداع بهذه البدعه ، فترى بعض المنتمين
لإحدى الطرق يطوق عنقه بالسبحة ! و بعضهم يعد بها و هو يحدثك أو يستمع لحديثك !
و آخر ما وقعت عيني عليه من ذلك منذ أيام أننى رأيت رجلا على دراجة عادية يسير
بها في بعض الطرق المزدحمة بالناس و في إحدى يديه سبحة ! ! يتظاهرون للناس
بأنهم لا يغفلون عن ذكر الله طرفة عين ! و كثيرا ما تكون هذه البدعة سببا
لإضاعة ما هو واجب ، فقد اتفق لي مرارا - و كذا لغيري - أنني سلمت على أحدهم
فرد علي السلام بالتلويح بها ! دون أن يتلفظ بالسلام ! و مفاسد هذه البدعة لا
تحصى ، فما أحسن ما قال الشاعر :
و كل خير في اتباع من سلف و كل شر في ابتداع من خلف
ثم وقفت على حديث ثالث عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ : " كان يسبح بالحصا " ، و لكن
إسناده واه جدا ، فيه من روى عن مالك أحاديث موضوعة ، و سيأتي بيان ذلك برقم
( 1002 ) من هذه السلسلة إن شاء الله تعالى .
(1/160)
________________________________________
84 - " كلكم أفضل منه " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 184 ) :
ضعيف .
لم أجده في شيء من كتب السنة ، و إنما أخرجه ابن قتيبة في " عيون الأخبار " ( 1
/ 26 ) بسند ضعيف فقال : حدثني محمد بن عبيد عن معاوية بن عمر عن أبي إسحاق عن
خالد الحذاء عن أبي قلابة عن مسلم بن يسار أن رفقة من الأشعريين كانوا في سفر ،
فلما قدموا قالوا : يا رسول الله ! ليس أحد بعد رسول الله أفضل من فلان ، يصوم
النهار ، فإذا نزلنا قام يصلي حتى يرتحل ! قال : " من كان يمهن له أو يعمل له ؟
" ، قالوا : نحن ، قال : " كلكم أفضل منه ؟ " ، و هذا إسناد ضعيف ، رجاله كلهم
ثقات ، لكنه مرسل ، فإن مسلم بن يسار هذا و هو البصري الأموي تابعي ، ثم أنهم
ذكروا في ترجمته أن أكثر روايته عن أبي الأشعث الصنعاني و أبي قلابة ،
و هذا الحديث من رواية أبي قلابة عنه ، و قد كانت وفاتهما بعد المائة ببضع سنين
و لكن أبا قلابة مدلس ، قال الذهبي في ترجمته من " الميزان " : إمام شهير من
علماء التابعين ، ثقة في نفسه ، إلا أنه مدلس عمن لحقهم و عمن لم يلحقهم ،
و كان له صحف يحدث منها و يدلس ، و لهذا أورده الحافظ برهان الدين العجمي
الحلبي في رسالته " التبيين لأسماء المدلسين " ( ص 21 ) ، و كذا الحافظ ابن حجر
في " طبقات المدلسين " ( ص 5 ) و قال : وصفه بذلك الذهبي و العلائي ، فلو أن
الحديث سلم من الإرسال لما سلم من عنعنة أبي قلابة ، فالحديث ضعيف على كل حال .
ثم رأيت الحديث في " مصنف عبد الرزاق " ( 20442 ) عن معمر عن أيوب عن أبي قلابة
قال : ... فذكره نحوه ، و لم يذكر فيه مسلم بن يسار ، و هذا مرسل أيضا .
و يغني عنه حديث أنس قال : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في السفر فمنا
الصائم ، و منا المفطر ، قال : فنزلنا منزلا في يوم حار ، أكثرنا ظلا صاحب
الكساء ، و منا من يتقي الشمس بيده ، قال : فسقط الصوام ، فقام المفطرون ،
فضربوا الأبنية و سقوا الركاب ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ذهب
المفطرون اليوم بالأجر " ، رواه البخاري ( 6 / 64 ) و مسلم ( 3 / 144 ) ،
و اللفظ له و النسائي في " الكبرى " ( ق 20 / 1 ) .
(1/161)
________________________________________
85 - " يقتل عند كنزكم ثلاثة كلهم ابن خليفة ، ثم لا يصير إلى واحد منهم ، ثم تطلع الرايات السود من قبل المشرق فيقتلونكم قتلا لم يقتله قوم ، ثم ذكر شيئا لا أحفظه فقال : فإذا رأيتموه فبايعوه و لو حبوا على الثلج ، فإنه خليفة الله
المهدي - و في رواية - إذا رأيتم الرايات السود خرجت من قبل خراسان فأتوها و لو
حبوا .. إلخ " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 195 ) :
منكر .
أخرجه ابن ماجه ( 518 - 519 ) و الحاكم ( 4 / 463 - 464 ) من طريقين عن خالد
الحذاء عن أبي قلابة عن أبي أسماء عن ثوبان مرفوعا بالرواية الأولى ،
و أخرجه أحمد ( 5 / 277 ) عن علي بن زيد ، و الحاكم أيضا ( 4 / 502 ) من طريق
عبد الوهاب بن عطاء عن خالد الحذاء عن أبي قلابة به ، لكن علي بن زيد و هو ابن
جدعان لم يذكر أبا أسماء في إسناده ، و هو من أوهامه ، و من طريقه أخرجه ابن
الجوزي في كتاب " الأحاديث الواهية " ( 1445 ) مختصرا و ابن حجر في " القول
المسدد في الذب عن المسند " ( ص 45 ) و قال : و علي بن زيد فيه ضعف ، و به أعله
المناوي في " فيض القدير " فقال : نقل في " الميزان " عن أحمد و غيره تضعيفه ،
ثم قال الذهبي : أراه حديثا منكرا ، و أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " قال
ابن حجر : و لم يصب إذ ليس فيهم متهم بالكذب ، انتهى .
قلت : و في هذا الكلام أخطاء يجب التنبيه عليها :
1 - إعلاله الحديث بابن جدعان يوهم أنه تفرد به ، و ليس كذلك ، فقد تابعه خالد
الحذاء عند الحاكم و ابن ماجه كما تقدم و هو ثقة من رجال الصحيحين .
2 - أنه يوهم أن ابن الجوزي أورده من طريق ابن جدعان ، و ليس كذلك ، فإنما
أورده في " الموضوعات " ( 2 / 39 ) من طريق عمرو بن قيس عن الحسن عن أبي عبيدة
عن عبد الله يعني ابن مسعود مرفوعا نحو الرواية الثانية عن ثوبان ، ثم قال ابن
الجوزي : لا أصل له ، عمرو لا شيء ، و لم يسمع من الحسن ، و لا سمع الحسن من
أبي عبيدة ، قلت : و لا أبو عبيدة سمع من أبيه ابن مسعود ، و تعقبه السيوطي في
" اللآليء " ( 1 / 437 ) بحديث ابن ثوبان هذا ، و قد قال في " الزوائد " ( ق
249 / 2 ) : إسناده صحيح و رجاله ثقات ، و قال الحاكم : صحيح على شرط الشيخين ،
و وافقه الذهبي ! مع أنه يقول في " الميزان " : أراه منكرا كما تقدم ، و هذا هو
الصواب ، و قد ذهل من صححه عن علته ، و هي عنعنة أبي قلابة ، فإنه من المدلسين
كما تقدم نقله عن الذهبي و غيره في الحديث السابق و لعله لذلك ضعف الحديث ابن
علية من طريق خالد كما حكاه عنه أحمد في " العلل " ( 1 / 356 ) و أقره ، لكن
الحديث صحيح المعنى ، دون قوله : فإن فيها خليفة الله المهدي فقد أخرجه ابن
ماجه ( 2 / 517 ـ 518 ) من طريق علقمة عن ابن مسعود مرفوعا نحو رواية ثوبان
الثانية ، و إسناده حسن بما قبله ، فإن فيه يزيد بن أبي زياد و هو مختلف فيه
فيصلح للاستشهاد به ، و ليس فيه أيضا ذكر خليفة الله و لا خراسان ، و هذه
الزيادة خليفة الله ليس لها طريق ثابت ، و لا ما يصلح أن يكون شاهدا لها ، فهي
منكرة كما يفيده كلام الذهبي السابق ، و من نكارتها أنه لا يجوز في الشرع أن
يقال : فلان خليفة الله ، لما فيه من إيهام ما لا يليق بالله تعالى من النقص
و العجز ، و قد بين ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى ، فقال في
" الفتاوى " ( 2 / 461 ) : و قد ظن بعض القائلين الغالطين كابن عربي ، أن
الخليفة هو الخليفة عن الله ، مثل نائب الله ، و الله تعالى لا يجوز له خليفة ،
و لهذا قالوا لأبي بكر : يا خليفة الله ! فقال : لست بخليفة الله ، و لكن خليفة
رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حسبي ذلك بل هو سبحانه يكون خليفة لغيره ، قال
النبي صلى الله عليه وسلم : " اللهم أنت الصاحب في السفر ، و الخليفة في الأهل
، اللهم اصحبنا في سفرنا ، و اخلفنا في أهلنا " ، و ذلك لأن الله حي شهيد مهيمن
قيوم رقيب حفيظ غني عن العالمين ، ليس له شريك و لا ظهير ، و لا يشفع أحد عنده
إلا بإذنه ، و الخليفة إنما يكون عند عدم المستخلف بموت أو غيبة ، و يكون لحاجة
المستخلف ، و سمي خليفة ، لأنه خلف عن الغزو و هو قائم خلفه ، و كل هذه المعاني
منتفية في حق الله تعالى ، و هو منزه عنها ، فإنه حي قيوم شهيد لا يموت و لا
يغيب ... و لا يجوز أن يكون أحد خلفا منه و لا يقوم مقامه ، إنه لا سمي له
و لا كفء ، فمن جعل له خليفة فهو مشرك به .
(1/162)
________________________________________
86 - " الطاعون وخز إخوانكم من الجن " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 198 ) :
لا أصل له بهذا اللفظ .
و إن أورده ابن الأثير في مادة وخز من " النهاية " تبعا لغريبي الهروي ، و إنما
هو مركب من حديثين صحيحين كما يأتي بيانه و قال الحافظ في " الفتح "
( 10 / 147 ) : لم أره بهذا اللفظ بعد التتبع الطويل البالغ في شيء من طرق
الحديث المسندة ، لا في الكتب المشهورة ، و لا الأجزاء المنثورة ، و قد عزاه
بعضهم لـ " مسند أحمد " و " الطبراني " و " كتاب الطواعين " لابن أبي الدنيا ،
و لا وجود لذلك في واحد منها .
قلت : و الحديث في مسند أحمد ( 4 / 395 ، 413 ، 417 ) و كذا الطبراني في
" المعجم الصغير " ( ص 71 ) و الحاكم أيضا ( 1 / 50 ) من طرق عن أبي موسى
الأشعري مرفوعا بلفظ : " الطاعون وخز أعدائكم من الجن " ، و قال الحاكم :
صحيح على شرط مسلم و وافقه الذهبي .
قلت : هو صحيح ، أما على شرط مسلم ، فلا ، فإن فيه عند الحاكم و كذا أحمد في
بعض طرقه أبا بلج و اسمه يحيى بن سليم و هو ثقة ، إلا أنه ليس من رجال مسلم ،
و له عند أحمد طريق أخرى بسند صحيح أيضا ، و صححه الحافظ ، فهذا هو المحفوظ في
الحديث : وخز أعدائكم ، و أما لفظ إخوانكم فإنما هو في حديث آخر ، و هو قوله
صلى الله عليه وسلم : " فلا تستنجوا بهما يعني العظم و البقر فإنهما طعام
إخوانكم من الجن " ، رواه مسلم و غيره انظر " نيل الأوطار " فكأنه اختلط على
بعضهم هذا بالأول .
قال السيوطي في " الحاوي " : و أما تسميتهم إخوانا في حديث العظم ، فباعتبار
الإيمان ، فإن الأخوة في الدين لا تستلزم الاتحاد في الجنس ، و قد أطال الكلام
على طرق الحديث و بيان أنه لا أصل لهذه اللفظة " إخوانكم " في شيء من طرقه
الحافظ ابن حجر في كتابه القيم " بذل الماعون في فضل الطاعون " ( ق 26 / 1 - 28
/ 2 ) .
(1/163)
________________________________________
87 - " إذا صعد الخطيب المنبر ، فلا صلاة و لا كلام " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 199 ) :
باطل .
قد اشتهر بهذا اللفظ على الألسنة و علق على المنابر و لا أصل له ! و إنما رواه
الطبراني في " الكبير " عن ابن عمرو مرفوعا بلفظ : " إذا دخل أحدكم المسجد
و الإمام على المنبر فلا صلاة و لا كلام ، حتى يفرغ الإمام " ، و فيه أيوب بن
نهيك ، قال ابن أبي حاتم في " الجرح و التعديل " ( 1 / 1 / 259 ) : سمعت أبي
يقول : هو ضعيف الحديث ، سمعت أبا زرعة يقول : لا أحدث عن أيوب ابن نهيك ، و لم
يقرأ علينا حديثه و قال : و هو منكر الحديث ، و قال الهيثمي في " المجمع "
( 2 / 184 ) : و هو متروك ضعفه جماعة ... و لهذا قال الحافظ في " الفتح " ( 2 /
327 ) : إنه حديث ضعيف ، و أخرجه البيهقي في سننه ( 3 / 193 ) من حديث أبي
هريرة مرفوعا بلفظ : " خروج الإمام يوم الجمعة للصلاة يقطع الكلام " ، و قال :
رفعه خطأ فاحش و إنما هو من كلام سعيد بن المسيب أو الزهري ، و أقره الزيلعي في
" نصب الراية " ( 2 / 201 ) ، و إنما حكمت على الحديث بالبطلان لأنه مع ضعف
سنده يخالف حديثين صحيحين : الأول : قوله صلى الله عليه وسلم : " إذا جاء أحدكم
يوم الجمعة و قد خرج الإمام فليصل ركعتين " . أخرجه البخاري و مسلم في
" صحيحيهما " من حديث جابر ، و في رواية أخرى عنه قال : جاء سليك الغطفاني
و رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب ، فقال له : " يا سليك قم فاركع ركعتين
و تجوز فيهما " ، ثم قال : " إذا جاء أحدكم يوم الجمعة و الإمام يخطب فليركع
ركعتين و ليتجوز فيهما " ، أخرجه مسلم ( 3 / 14 - 15 ) و غيره ، و هو مخرج في
" صحيح أبي داود " ( 1023 ) .
الآخر : قوله صلى الله عليه وسلم : " إذا قلت لصاحبك : أنصت ، يوم الجمعة
و الإمام يخطب فقد لغوت " متفق عليه ، و هو مخرج في " الإرواء " ( 619 ) .
فالحديث الأول صريح بتأكد أداء الركعتين بعد خروج الإمام ، بينما حديث الباب
ينهي عنهما ! فمن الجهل البالغ أن ينهي بعض الخطباء عنهما من أراد أن يصليهما
و قد دخل و الإمام يخطب خلافا لأمره صلى الله عليه وسلم ، و إني لأخشى على مثله
أن يدخل في وعيد قوله تعالى : *( أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى )* و قوله :
*( فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم )* و لهذا
قال النووي رحمه الله : هذا نص لا يتطرق إليه التأويل ، و لا أظن عالما يبلغه
و يعتقده صحيحا فيخالفه .
و الحديث الآخر يدل بمفهوم قوله : و الإمام يخطب أن الكلام و الإمام لا يخطب لا
مانع منه ، و يؤيده جريان العمل عليه في عهد عمر رضي الله عنه ، كما قال ثعلبة
بن أبي مالك : إنهم كانوا يتحدثون حين يجلس عمر بن الخطاب رضي الله عنه على
المنبر حتى يسكت المؤذن ، فإذا قام عمر على المنبر لم يتكلم أحد حتى يقضي
خطبتيه كلتيهما ، أخرجه مالك في " موطئه " ( 1 / 126 ) و الطحاوي ( 1 / 217 )
و السياق له ، و ابن أبي حاتم في " العلل " ( 1 / 201 ) و إسناد الأولين صحيح .
فثبت بهذا أن كلام الإمام هو الذي يقطع الكلام ، لا مجرد صعوده على المنبر ،
و أن خروجه عليه لا يمنع من تحية المسجد ، فظهر بطلان حديث الباب ، و الله
تعالى هو الهادي للصواب .
(1/164)
________________________________________
88 - " الزرع للزارع ، و إن كان غاصبا " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 202 ) :
باطل لا أصل له .
قال الصنعاني في " سبل السلام " ( 3 / 60 ) : لم يخرجه أحد ، قال في
" المنار " : و قد بحثت عنه فلم أجده ، و الشارح نقله و بيض لمخرجه ، و قال
الشوكاني في " نيل الأوطار " ( 5 / 272 ) : و لم أقف عليه فلينظر فيه .
قلت : نظرت فيه فلم أعثر عليه ، بل وجدته مخالفا للأحاديث الثابتة في الباب :
الأول : " من أحيا أرضا ميتة فهي له ، و ليس لعرق ظالم حق " .
أخرجه أبو داود ( 2 / 50 ) بسند صحيح عن سعيد بن زيد رضي الله عنه ، و حسنه
الترمذي ( 2 / 229 ) و هو مخرج في " الإرواء " ( 1550 ) ، قال في النهاية :
و ليس لعرق ظالم حق ، هو أن يجيء الرجل إلى أرض قد أحياها رجل قبله فيغرس فيها
غرسا غصبا ليستوجب به الأرض ، و الرواية لعرق بالتنوين ، و هو على حذف المضاف ،
أي : لذي عرق ظالم ، فجعل العرق نفسه ظالما ، و الحق لصاحبه ، أو يكون الظالم
من صفة صاحب العرق ، و إن روي عرق بالإضافة فيكون الظالم صاحب العرق و الحق
للعرق ، و هو أحد عروق الشجرة .
قلت : فظاهر الحديث يدل على أنه ليس له حق في الأرض ، و يحتمل أنه حق مطلقا لا
في الأرض و لا في الزرع ، و يؤيده الحديث التالي ، و هو .
الثاني : " من زرع في أرض قوم بغير إذنهم ، فليس له من الزرع شيء ، و ترد عليه
نفقته " ، أخرجه أبو داود ( 2 / 23 ) و الترمذي ( 2 / 291 ) و ابن ماجه ( 2 /
90 ) و الطحاوي في " المشكل " ( 3 / 280 ) و البيهقي ( 6 / 136 ) و أحمد ( 4 /
141 ) من حديث رافع بن خديج ، و قال الترمذي : حديث حسن غريب ، و العمل عليه
عند بعض أهل العلم ، و هو قول أحمد و إسحاق ، و سألت محمد بن إسماعيل عن هذا
الحديث ؟ فقال : هو حديث حسن ، قال الصنعاني : و له شواهد تقويه .
قلت : و قد خرجتها مع الحديث ، و بينت صحته في " إرواء الغليل " ( 1519 )
فليراجعه من شاء .
(1/165)
________________________________________
89 - " صاحب الشيء أحق بحمله إلا أن يكون ضعيفا يعجز عنه فيعينه أخوه المسلم " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 204 ) :
موضوع .
رواه ابن الأعرابي في " معجمه " ( 235 / 1 - 2 ) و ابن بشران في " الأمالي "
( 2 / 53 - 54 ) و الحافظ محمد بن ناصر في " التنبيه " ( 16 / 1 - 2 ) من طريق
يوسف بن زياد البصري عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم عن الأغر أبي مسلم عن
أبي هريرة قال : دخلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم السوق ، فقعد إلى
البزازين ، فاشترى سراويل بأربعة دراهم ، قال : و كان لأهل السوق رجل يزن بينهم
الدراهم يقال له : فلان الوزان ، قال : فدعي ليزن ثمن السراويل ، فقال له النبي
صلى الله عليه وسلم : " اتزن و أرجح " ، فقال الوزان : إن هذا القول ما سمعته
من أحد من الناس ، فمن أنت ؟ قال أبو هريرة : فقلت : حسبك من الرهق و الجفاء في
دينك ألا تعرف نبيك ؟ فقال : أهذا نبي الله ؟ و ألقى الميزان و وثب إلى يد
رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجذبها رسول الله صلى الله عليه وسلم و قال : "
مه إنما يفعل هذا الأعاجم بملوكها ، و إني لست بملك ، إنما أنا رجل منكم " ثم
جلس فاتزن الدراهم و أرجح كما أمره النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما انصرفنا
تناولت السراويل من رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحملها عنه فمنعني و قال :
الحديث ، قال .. قلت : يا رسول الله أو إنك لتلبس السراويل ؟ قال : " نعم
بالليل و النهار ، و في السفر و الحضر " ، قال يوسف : و شككت أنا في قوله :
و مع أهلي ، " فإني أمرت بالستر فلم أجد ثوبا أستر من السراويل " .
قلت : و هذا إسناد واه بمرة ، يوسف هذا قال البخاري في " التاريخ الكبير "
( 4 / 2 / 388 ) : منكر الحديث ، و أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 3 /
47 ) من طريق ابن عدي عن يوسف هذا ، ثم قال : لا يصح ، قال الدارقطني في
" الأفراد " : الحمل فيه على يوسف بن زياد لأنه مشهور بالأباطيل ، و لم يروه عن
الإفريقي غيره ، و قال المناوي في " الفيض " : قال الحافظ العراقي و ابن حجر :
ضعيف ، و قال السخاوي : ضعيف جدا ، بل بالغ ابن الجوزي فحكم بوضعه ، و قال :
فيه يوسف بن زياد عن عبد الرحمن الإفريقي ، و لم يروه عنه غيره و رده المؤلف
يعني السيوطي أنه لم يتفرد به يوسف ، فقد خرجه البيهقي في " الشعب " و
" الأدب " من طريق حفص بن عبد الرحمن ، و يرد بأن عبد الرحمن يعني الإفريقي قال
ابن حبان : يروي الموضوعات عن الثقات ، فهو كاف بالحكم بوضعه .
قلت : و الحق مع ابن الجوزي لما سيأتي ، و ما ذكره المناوي عن السيوطي من
متابعة حفص بن عبد الرحمن ، لعله تحريف ، فالذي رأيته في " التعقبات على
الموضوعات " للسيوطي ( ص 32 - 33 ) جعفر بن عبد الرحمن بن زياد ، و لا آمن على
نسخة " التعقبات " و كذا " الفيض " التحريف ، و على كل حال لم أعرف ابن
عبد الرحمن هذا والله أعلم ، و كلام ابن الجوزي السابق نقله السيوطي في
" اللآليء " ( 2 / 263 ) و ارتضاه لأنه لم يتعقبه بشيء ، لكنه قال : أخرجه
الطبراني ، و قال في " الحاوي " ( 2 / 101 ) بعد أن عزاه للطبراني و أبي يعلى :
و يوسف و شيخه ضعيفان ، و قال الهيثمي في " المجمع " ( 5 / 121 - 122 ) : رواه
أبو يعلى و الطبراني في " الأوسط " ، و فيه يوسف بن زياد البصري و هو ضعيف .قلت
: فذهل عن كونه شديد الضعف و عن علته الأخرى ، و هي ضعف الإفريقي ، و يوسف هذا
ترجمه الخطيب في " تاريخه " ( 14 / 295 - 296 ) و روى عن النسائي أنه قال : ليس
بثقة ، و عن البخاري و الساجي : منكر الحديث و كذا قال أبو حاتم كما في
" الجرح و التعديل " ( 4 / 222 ) ، فهو متهم ، ثم رأيت السخاوي قد أورد الحديث
في " الفتاوى الحديثية " ( ق 86 / 1 ) و قال : سنده ضعيف جدا ، و اقتصر شيخنا
في " فتح الباري " على ضعف رواته ، و لشدة ضعفه جزم بعض العلماء بأنه صلى الله
عليه وسلم لم يلبس السراويل .
(1/166)
________________________________________
90 - " عليكم بلباس الصوف تجدوا حلاوة الإيمان في قلوبكم ، و عليكم بلباس الصوف تجدوا قلة الأكل ، و عليكم بلباس الصوف تعرفون به في الآخرة ، و إن لباس الصوف يورث القلب التفكر ، و التفكر يورث الحكمة ، و الحكمة تجري في الجوف مجرى الدم فمن كثر تفكره قل طعمه ، و كل لسانه ، و رق قلبه ، و من قل تفكره كثر طعمه ، و عظم بدنه ، و قسا قلبه ، و القلب القاسي بعيد من الجنة ، قريب من النار " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 206 ) :
موضوع .
رواه أبو بكر بن النقور في " الفوائد " ( 1 / 147 - 148 ) و ابن بشران في
" الأمالي " ( 2 / 9 / 1 ) و الديلمي في " مسند الفردوس " ( 2 / 281 ) و ابن
الجوزي في " الموضوعات " ( 3 / 48 ) من طريق الخطيب عن محمد بن يونس الكديمي ،
حدثنا عبد الله بن داود الواسطي التمار حدثنا إسماعيل بن عياش عن ثور بن يزيد
عن خالد بن معدان عن أبي أمامة مرفوعا به ، ثم قال ابن النقور : غريب ،
تفرد به عبد الله بن داود الواسطي التمار و فيه نظر ، و عنه الكديمى ، و قال
ابن الجوزي : لا يصح ، الكديمي يضع ، و شيخه لا يحتج به .
و أقره السيوطي في " اللآليء " ( 2 / 264 ) إلا أنه بين أن في الحديث إدراجا
فقال : قلت : قال البيهقي في شعب الإيمان : أنبأنا أبو عبد الله الحافظ ( هو
الحاكم صاحب المستدرك ) أنبأنا أبو بكر الفقيه ، أنبأنا محمد بن يونس - قلت :
فساق إسناده مثلما تقدم مقتصرا من المتن على قوله : " عليكم بلباس الصوف تجدوا
حلاوة الإيمان " - قال البيهقي : و أنبأنا أبو عبد الرحمن - قلت : فساق إسناده
إلى الكديمي مثله ، و زاد في الحديث متنا منكرا ، فضربت عليه و هو قوله :
" عليكم بلباس الصوف تجدون قلة الأكل إلخ ... " الحديث ، و يشبه أن يكون من
كلام بعض الرواة فألحق بالحديث ، والله أعلم .
و في العبارة تشويش يوضحها ما في " فيض القدير " : قال البيهقي : و هذه زيادة
منكرة ، و يشبه كونها من كلام .. ، ثم وجدت العبارة قد نقلها السيوطي في
" المدرج إلى المدرج " ( 64 / 2 ) علي الصواب ، فقال ما نصه : أخرجه البيهقي في
" شعب الإيمان " ، و قال : إن المرفوع منه " عليكم بلباس الصوف تجدون حلاوة
الإيمان في قلوبكم " فقط ، و الباقي زيادة منكرة ، قال : و يشبه ... .
قلت : و هذا هو مستند السيوطي في اقتصاره في " الجامع الصغير " على الشطر الأول
من الحديث عازيا له للحاكم و البيهقي ، و ماذا يفيده هذا ما دام المزيد عليه ،
كالمزيد كلاهما من طريق محمد بن يونس الوضاع ؟ ! و قال ابن حبان : لعله وضع
أكثر من ألفي حديث !
ثم رأيته في " المستدرك " ( 1 / 28 ) من هذا الوجه مقتصرا على الجملة الأولى
منه أورده شاهدا ، و قال الذهبي : طريق ضعيف .
لكن أخرجه الديلمي أيضا من طريق عبد الرحمن بن محمد المروزي حدثنا أحمد بن
عبد الله حدثنا أخي محمد عن إسماعيل بن عياش به نحوه .
قلت : و المروزي هذا الظاهر أنه ابن حبيب الحبيبي المروزي ، قال في " اللسان "
قال الدارقطني : يحدث بنسخ و أحاديث مناكير ، و أحمد بن عبد الله أظنه
الجويباري الكذاب المشهور ، و أخوه محمد أرى أنه الذي في " اللسان " : محمد بن
عبد الله الجويباري عن مالك ، قال الخطيب : مجهول .
(1/167)
********************************
يتبع .......
ذو الفقار
2008-03-01, 01:35 PM
91 - " لأن أحلف بالله و أكذب ، أحب إلي من أن أحلف بغير الله و أصدق "
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 209 ) :
موضوع .
أخرجه أبو نعيم في " الحلية " ( 7 / 267 ) و في " أخبار أصبهان " ( 2 / 181 )
من طريق محمد بن معاوية حدثنا عمر بن علي المقدمي ، حدثنا مسعر عن وبرة عن همام
عن ابن مسعود مرفوعا ، و قال أبو نعيم في " الأخبار " : و رواه الناس
موقوفا ، و قال في " الحلية " : تفرد به محمد بن معاوية .
قلت : و هو النيسابوري كذبه الدارقطني ، و قال ابن معين : كذاب ، و المعروف كما
ذكر أبو نعيم أن الحديث من قول ابن مسعود . كذلك رواه الطبراني في " الكبير "
( 3 / 17 / 2 ) بسند صحيح ، و رجاله رجال الصحيح كما في " المجمع " ( 4 / 177 )
.
(1/168)
________________________________________
92 - " ثلاث من كن فيه نشر الله عليه كنفه و أدخله الجنة : رفق بالضعيف ، و الشفقة
على الوالدين ، و الإحسان إلى المملوك " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 209 ) :
موضوع .
أخرجه الترمذي ( 3 / 316 ) من طريق عبد الله بن إبراهيم الغفاري المديني ،
حدثني أبي عن أبي بكر بن المنكدر عن جابر مرفوعا ، و قال الترمذي : هذا
حديث غريب .
قلت : عبد الله بن إبراهيم نسبه ابن حبان إلى أنه يضع الحديث ، و قال الحاكم :
روى عن جماعة من الضعفاء أحاديث موضوعة لا يرويها غيره .
قلت : و أبوه مجهول كما في " التقريب " فالحديث بهذا الإسناد موضوع ، و قد
أورده المنذري في " الترغيب " ( 2 / 49 ) مشيرا لضعفه بزيادة : " و ثلاث من كن
فيه أظله الله عز وجل تحت عرشه يوم لا ظل إلا ظله : الوضوء في المكاره ،
و المشي إلى المساجد في الظلم ، و إطعام الجائع " ، و قال : رواه الترمذي
بالثلاث الأول فقط ، و قال : حديث غريب ، و رواه أبو الشيخ في " الثواب "
و أبو القاسم الأصبهاني بتمامه .
(1/169)
________________________________________
93 - " يصف الناس يوم القيامة صفوفا ، فيمر الرجل من أهل النار على الرجل فيقول : يا فلان أما تذكر يوم استسقيت ، فسقيتك شربة ؟ قال : فيشفع له ، و يمر الرجل فيقول : أما تذكر يوم ناولتك طهورا ؟ فيشفع له ، و يمر الرجل فيقول : يا فلان أما تذكر يوم بعثتني في حاجة كذا و كذا فذهبت لك ؟ فيشفع له " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 210 ) :
ضعيف .
أخرجه ابن ماجه ( 2 / 394 ) من طريق يزيد الرقاشي عن أنس مرفوعا ، و يزيد
هذا هو ابن أبان و هو ضعيف كما قال الحافظ و غيره ، و قد روى غيره نحو هذا عن
أنس ، و لا يصح منها شيء ، انظر " الترغيب " ( 2 / 50 - 51 ) .
(1/170)
________________________________________
94 - " عرى الإسلام و قواعد الدين ثلاثة ، عليهن أسس الإسلام ، من ترك واحدة منهن فهو بها كافر حلال الدم : شهادة أن لا إله إلا الله ، و الصلاة المكتوبة ، و صوم رمضان " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 211 ) :
ضعيف .
رواه أبو يعلى في " مسنده " ( ق 126 / 2 ) و اللالكائي في " السنة " ( 1 / 202
/ 1 ) من طريق مؤمل بن إسماعيل قال حدثنا حماد بن زيد عن عمرو بن مالك النكري
عن أبي الجوزاء عن ابن عباس ، قال حماد : و لا أعلمه إلا قد رفعه إلى النبي
صلى الله عليه وسلم قال : فذكره .
قال المنذري ( 1 / 196 ) و تبعه الهيثمي ( 1 / 48 ) : و إسناده حسن .
قلت : و فيما قالاه نظر ، فإن عمرا هذا لم يوثقه غير ابن حبان ( 7 / 228 ، 8 /
487 ) ، و هو متساهل في التوثيق حتى أنه ليوثق المجهولين عند الأئمة النقاد كما
سبق التنبيه على ذلك مرارا ، فالقلب لا يطمئن لما تفرد بتوثيقه ، و لا سيما أنه
قد قال هو نفسه في مالك هذا : يعتبر حديثه من غير رواية ابنه يحيى عنه ، يخطيء
و يغرب ، فإذا كان من شأنه أن يخطيء و يأتي بالغرائب ، فالأحرى به أن لا يحتج
بحديثه إلا إذا توبع عليه لكي نأمن خطأه ، فأما إذا تفرد بالحديث كما هنا -
فاللائق به الضعف .
و أيضا فإن مؤمل بن إسماعيل صدوق كثير الخطأ كما قال أبو حاتم و غيره ، و يغلب
على الظن أن الحديث إن كان له أصل عن ابن عباس رضي الله عنه فهو موقوف عليه ،
فقد تردد حماد بن زيد بعض الشيء في رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، نعم
جزم برفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم سعيد بن زيد أخو حماد ، لكن سعيد هذا
ليس بحجة كما قال السعدي ، و قال النسائي و غيره : ليس بالقوي ، ثم إن ظاهر
الحديث مخالف للحديث المتفق على صحته : " بني الإسلام على خمس ... " الحديث ،
و ذلك من وجهين :
الأول : أن هذا جعل أسس الإسلام خمسة ، و ذاك صيرها ثلاثة .
الآخر : أن هذا لم يقطع بكفر من ترك شيئا من الأسس ، بينما ذاك يقول : من ترك
واحدة منهن فهو كافر ، و في رواية سعيد بن حماد : فهو بالله كافر و لا أعتقد أن
أحدا من العلماء المعتبرين يكفر من ترك صوم رمضان مثلا غير مستحل له خلافا لما
يفيده ظاهر الحديث ، فهذا دليل عملي من الأمة على ضعف هذا الحديث والله أعلم .
و مما لا شك فيه أن التساهل بأداء ركن واحد من هذه الأركان الأربعة العملية مما
يعرض فاعل ذلك للوقوع في الكفر كما أشار إلى ذلك قوله صلى الله عليه وسلم :
" بين الرجل و بين الكفر ترك الصلاة " ، رواه مسلم و غيره ، فيخشى على من تهاون
بالصلاة أن يموت على الكفر و العياذ بالله تعالى ، لكن ليس في هذا الحديث
الصحيح و لا في غيره القطع بتكفير تارك الصلاة و كذا تارك الصيام مع الإيمان
بهما بل هذا مما تفرد به هذا الحديث الضعيف ، والله أعلم .
و أما الركن الأول من هذه الأركان الخمسة " شهادة أن لا إله إلا الله " فبدونها
لا ينفع شيء من الأعمال الصالحة ، و كذلك إذا قالها و لم يفهم حقيقة معناها ،
أو فهم ، و لكنه أخل به عمليا كالاستغاثة بغير الله تعالى عند الشدائد و نحوها
من الشركيات .
(1/171)
________________________________________
95 - " التائب حبيب الله " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 213 ) :
لا أصل له بهذا اللفظ .
و قد أورده الغزالي في " الإحياء " ( 4 / 434 ) جازما بنسبته إلى النبي
صلى الله عليه وسلم ! و قال الشيخ تاج الدين السبكي في " الطبقات " ( 4 / 14 -
170 ) : لم أجد له إسنادا ، و نحوه الحديث الآتي :
(1/172)
________________________________________
96 - " إن الله يحب العبد المؤمن المفتن التواب " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 213 ) :
موضوع .
أخرجه عبد الله بن أحمد في زوائد " المسند " ( رقم 605 ، 810 ) و من طريقه
أبو نعيم في " الحلية " ( 3 / 178 - 179 ) عن أبي عبد الله مسلمة الرازي عن
أبي عمرو البجلي عن عبد الملك بن سفيان الثقفي عن أبي جعفر محمد بن علي عن
محمد بن الحنفية عن أبيه مرفوعا ، و هذا إسناد موضوع : أبو عبد الله مسلمة
الرازي لم أجد له ترجمة ، و لم يورده الحافظ بن حجر في " تعجيل المنفعة بزوائد
رجال الأئمة الأربعة " مع أنه على شرطه ، و قد فاته من مثله تراجم كثيرة ،
و أبو عمرو البجلي ، قال الذهبي في " الميزان " ثم الحافظ في " التعجيل " :
يقال : اسمه عبيدة ، حدث عنه حرمي بن حفص ، قال ابن حبان : لا يحل الاحتجاج به
و قد جزم الحافظ في " الكنى " من " لسان الميزان " ( 6 / 419 ) بأنه هو عبيدة
ابن عبد الرحمن ، و يؤيده أن الذهبي ثم العسقلاني أورداه في " الأسماء " هكذا
عبيدة بن عبد الرحمن أبو عمرو البجلي ، ذكره ابن حبان فقال : روى عن يحيى بن
سعيد ، حدث عنه حرمي بن حفص ، يروي الموضوعات عن الثقات روى عن يحيى عن سعيد بن
المسيب عن أبي أيوب قال : أخذت من لحية النبي صلى الله عليه وسلم شيئا فقال :
" لا يصيبك السوء أبا العرب " .
قلت : و قد أورده ابن أبي حاتم فيمن اسمه عبيدة بالفتح ( 3 / 1 / 92 ) و لم
يذكر فيه جرحا و لا تعديلا ، و في هذا تنبيه على أنه لا ينبغي أن يحمل سكوت ابن
أبي حاتم عن الرجل على أنه ثقة كما جرى عليه بعض المحدثين المعاصرين و بعض مدعي
العلم ، فإنك ترى هذا الرجل قد سكت عنه و يبعد جدا أن يكون عنده ثقة مع قول ابن
حبان فيه ما تقدم فتأمل ، بل إن ابن أبي حاتم رحمه الله قد نص في أول كتابه ( 1
/ 1 / 38 ) على أن الرواة الذين أهملهم من الجرح و التعديل إنما هو لأنه لم يقف
فيهم على شيء من ذلك ، فأوردهم رجاء أن يقف فيهم على الجرح
و التعديل فيلحقه بهم ، و عبد الملك بن سفيان الثقفي قال الحسينى : مجهول
و أقره الحافظ في " التعجيل " و الحديث في " مجمع الزوائد " ( 10 / 200 )
و قال : رواه عبد الله و أبو يعلى و فيه من لم أعرفه ، و عزاه إليهما شيخه
العراقي في " تخريج الإحياء " ( 4 / 5 ) و قال : سنده ضعيف ، ثم رأيته في
" مفتاح المعاني " ( 67 / 1 ) من طريق الواقدي : حدثنا إبراهيم بن إسماعيل عن
عبد الله بن أبي سفيان عن يزيد بن ركانة عن محمد بن الحنفية به ، لكن الواقدي
كذاب ، فالحديث موضوع و إن ذكره في " الجامع " من طريق الأولى .
(1/173)
________________________________________
97 - " إن الله يحب الشاب التائب " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 215 ) :
ضعيف .
قال العراقي في " التخريج " ( 4 / 4 - 5 ) : رواه ابن أبي الدنيا في " التوبة "
و أبو الشيخ في كتاب " الثواب " من حديث أنس بسند ضعيف .
(1/174)
________________________________________
98 - " إن الله يحب الشاب الذي يفني شبابه في طاعة الله عز وجل " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 215 ) :
موضوع .
رواه أبو نعيم ( 5 / 360 ) و عنه الديلمي في " مسند الفردوس " ( 1 / 2 / 247 )
من طريق محمد بن الفضل بن عطية عن سالم الأفطس عن عمر بن عبد العزيز عن
عبد الله مرفوعا ، و هذا إسناد موضوع : محمد بن الفضل كذاب و قد تقدم ، هذه
هي علة الحديث ، ثم إني أخشى أن يكون منقطعا بين عمر بن عبد العزيز و ابن عمر ،
فقد كانت سن عمر يوم وفاة ابن عمر نحو ثلاثة عشر سنة .
(1/175)
________________________________________
99 - " إن الله يحب الناسك النظيف " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 216 ) :
موضوع .
أخرجه الخطيب في " تاريخه " ( 10 / 11 - 12 ) من طريق عبد الله بن إبراهيم
الغفاري عن المنكدر بن محمد عن أبيه محمد بن المنكدر عن جابر مرفوعا ،
و هذا سند موضوع : الغفاري متهم بالوضع ، و المنكدر لين الحديث كما قال الحافظ
في " التقريب " ، و هذا الحديث و الذي قبله من موضوعات " الجامع الصغير " ! .
(1/176)
________________________________________
100 - " حسنات الأبرار سيئات المقربين " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 216 ) :
باطل لا أصل له .
و قد أورده الغزالي في " الإحياء " ( 4 / 44 ) بلفظ : قال القائل الصادق : "
حسنات الأبرار .. " ، قال السبكي ( 4 / 145 - 171 ) : ينظر إن كان حديثا ، فإن
المصنف قال : قال القائل الصادق ، فينظر من أراد .
قلت : الظاهر أن الغزالي لم يذكره حديثا ، و لذلك لم يخرجه الحافظ العراقي في
" تخريج أحاديث الإحياء " و إنما أشار الغزالي إلى أنه من قول أبي سعيد الخراز
الصوفي ، و قد أخرجه عنه ابن الجوزي في " صفوة الصفوة " ( 2 / 130 / 1 ) و كذا
ابن عساكر في ترجمته كما في " الكشف " ( 1 / 357 ) قال : و عده بعضهم حديثا
و ليس كذلك .
قلت : و ممن عده حديثا ، الشيخ أبو الفضل محمد بن محمد الشافعي فإنه قال في
كتابه " الظل المورود " ( ق 12 / 1 ) : فقد روي أنه صلى الله عليه وسلم قال :
فذكره ، و لا يشفع له أنه صدره بصيغة التمريض - إن كانت مقصودة منه لأن ذلك
إنما يفيد فيما كان له أصل و لو ضعيف ، و أما فيما لا أصل له - كهذا - فلا .
قلت : ثم إن معنى هذا القول غير صحيح عندي ، لأن الحسنة لا يمكن أن تصير سيئة
أبدا مهما كانت منزلة من أتى بها ، و إنما تختلف الأعمال باختلاف مرتبة الآتين
بها إذا كانت من الأمور الجائزة التي لا توصف بحسن أو قبح ، مثل الكذبات الثلاث
التي أتى بها إبراهيم عليه السلام ، فإنها جائزة لأنها كانت في سبيل الإصلاح ،
و مع ذلك فقد اعتبرها إبراهيم عليه السلام سيئة ، و اعتذر بسببها عن أن يكون
أهلا لأن يشفع في الناس صلى الله عليه و على نبينا و سائر إخوانهما أجمعين
و أما اعتبار الحسنة التي هي قربة إلى الله تعالى سيئة بالنظر إلى أن الذي صدرت
منه من المقربين ، فمما لا يكاد يعقل ، ثم وقفت على كلام مطول في هذا الحديث
لشيخ الإسلام ابن تيمية قال فيه : هذا ليس محفوظا عمن قوله حجة ، لا عن النبي
صلى الله عليه وسلم ، و لا عن أحد من سلف الأمة و أئمتها و إنما هو كلام لبعض
الناس و له معنى صحيح و قد يحمل على معنى فاسد ، ثم أفاض في بيان ذلك فمن شاء
الإطلاع عليه فليراجعه في رسالته في التوبة ( ص 251 - ص 255 ) من " جامع
الرسائل " تحقيق صديقنا الدكتور محمد رشاد سالم رحمه الله تعالى .
(1/177)
________________________________________
يتبع .....
ذو الفقار
2008-03-01, 07:00 PM
101 - " أما إني لا أنسى ، و لكن أنسى لأشرع " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 218 ) :
باطل لا أصل له .
و قد أورده بهذا اللفظ الغزالي في " الإحياء " ( 4 / 38 ) مجزوما بنسبته إليه
صلى الله عليه وسلم فقال العراقي في " تخريجه " : ذكره مالك بلاغا بغير إسناد ،
و قال ابن عبد البر : لا يوجد في " الموطأ " إلا مرسلا لا إسناد له ، و كذا قال
حمزة الكناني : إنه لم يرد من غير طريق مالك ، و قال أبو طاهر الأنماطي : و قد
طال بحثي عنه و سؤالي عنه للأئمة و الحفاظ فلم أظفر به و لا سمعت عن أحد أنه
ظفر به ، قال : و ادعى بعض طلبة الحديث أنه وقع له مسندا .
قلت : فالعجب من ابن عبد البر كيف يورد الحديث في " التمهيد " جازما بنسبته إلى
النبي صلى الله عليه وسلم في غير موضع منه ، فانظر ( 1 / 100 و 5 / 108 و 10 /
184 ) ؟ ! .
قلت : الحديث في " الموطأ " ( 1 / 161 ) عن مالك أنه بلغه أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال : " إني لأنسى أو أنسى لأسن " .
فقول المعلق على " زاد المعاد " ( 1 / 286 ) ، و إسناده منقطع ليس بصحيح بداهة
لأنه كما ترى بلاغ لا إسناد له ، و لذلك قال الحافظ فيما نقل الزرقاني في " شرح
الموطأ " ( 1 / 205 ) : لا أصل له .
و ظاهر الحديث أنه صلى الله عليه وسلم لا ينسى بباعث البشرية و إنما ينسيه الله
ليشرع ، و على هذا فهو مخالف لما ثبت في " الصحيحين " و غيرهما من حديث ابن
مسعود مرفوعا : " إنما أنا بشر أنسى كما تنسون ، فإذا نسيت فذكروني " ، و لا
ينافي هذا أن يترتب على نسيانه صلى الله عليه وسلم حكم و فوائد من البيان
و التعليم ، و القصد أنه لا يجوز نفي النسيان الذي هو من طبيعة البشر عنه
صلى الله عليه وسلم لهذا الحديث الباطل ! لمعارضته لهذا الحديث الصحيح .
(1/178)
________________________________________
102 - " الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 219 ) :
لا أصل له .
أورده الغزالي ( 4 / 20 ) مرفوعا إليه صلى الله عليه وسلم ! فقال الحافظ
العراقي و تبعه السبكي ( 4 / 170 - 171 ) : لم أجده مرفوعا ، و إنما يعزي إلى
علي بن أبي طالب ، و نحوه في " الكشف " ( 2 / 312 ) .
(1/179)
________________________________________
103 - " جالسوا التوابين فإنهم أرق أفئدة " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 219 ) :
لا أصل له .
أورده الغزالي مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ! فقال مخرجه العراقي ( 4 /
31 ) و تبعه السبكي ( 4 / 171 ) : لم أجده مرفوعا ، قال العراقي : و هو من قول
عون بن عبد الله رواه ابن أبي الدنيا في التوبة .
(1/180)
________________________________________
104 - " من لم يكن عنده صدقة فليلعن اليهود " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 219 ) :
موضوع .
أخرجه الخطيب في " تاريخ بغداد " ( 270 / 14 ) من طريق علي بن الحسين بن حبان
قال : وجدت في كتاب أبي - بخط يده - قال أبو زكريا ( يعني ابن معين ) يعقوب بن
محمد الزهري صدوق ، و لكن لا يبالي عمن حدث ، حدث عن هشام بن عروة عن أبيه عن
عائشة مرفوعا به ، قال ابن معين : هذا كذب و باطل لا يحدث بهذا أحد يعقل ،
و قد أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 2 / 157 ) من طريق الخطيب ثم قال ابن
الجوزي : يعقوب ، قال أحمد بن حنبل : لا يساوي شيئا .
و تعقبه السيوطي ( 2 / 76 ) بنقول أوردها ، فيها توثيق ليعقوب هذا ، ثم لم يكشف
القناع عن علة هذا الحديث الباطل و هي الانقطاع ، فقد قال الذهبي في ترجمة
يعقوب : و أخطأ من قال : إنه روى عن هشام بن عروة ، لم يلحقه و لا كأنه ولد إلا
بعد موت هشام ، ثم قال : و أردأ ما روى : عن رجل عن هشام عن أبيه عن عائشة
مرفوعا هذا الحديث .
قلت : و لعل هذا الرجل الذي لم يسم هو عبد الله بن محمد بن زاذان المدني و هو
هالك كما يأتي ، فقد أخرج الحديث ابن عدي و من طريقه السهمي في " تاريخ جرجان "
( 282 ) و كذا الضياء في " المنتقى من مسموعاته بمرو " ( 33 / 2 ) من طريق
عبد الله هذا عن أبيه عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا به ، أورده ابن
الجوزي من هذا الوجه أيضا و أعله بقوله : قال ابن عدي : عبد الله بن محمد بن
زاذان له أحاديث غير محفوظة ، و قال الذهبي في " الميزان " : هالك ثم ساق له
هذا الحديث من طريق ابن عدي ، قال الذهبي : هذا كذب ، و أقره الحافظ في
" اللسان " .
و للحديث طريق أخرى رواه الخطيب أيضا ( 1 / 258 ) من طريق إسماعيل بن محمد
الطلحي عن سليم يعني المكي عن طلحة بن عمرو عن عطاء عن أبي هريرة مرفوعا به
و أعله ابن الجوزي بقوله : لا يصح ، طلحة ، و سليم ، و الطلحي متروك .
فتعقبه السيوطي ( 2 / 85 ) بقوله : قلت : الطلحي روى عنه ابن ماجه و وثقه مطين
و ذكره ابن حبان في الثقات .
قلت : كأن السيوطي يشير بهذا إلى أن علة الحديث ممن فوق الطلحي هذا ، و هو
الصواب ، فإن سليما هذا هو ابن مسلم الخشاب ، قال النسائي : متروك الحديث ،
و قال أحمد : لا يساوي حديثه شيئا ، و طلحة بن عمرو قال النسائي : متروك الحديث
و قد أنكر عليه عبد الرحمن بن مهدي أحاديث حدث بها الناس على مصطبة فقال :
أستغفر الله العظيم و أتوب إليه منها ! فقال له : اقعد على مصطبة و أخبر الناس
فقال : أخبروهم عني ! ثم قال السيوطي : و قد سرق هذا الحديث أبو الحسن محمد بن
أحمد بن سهل الباهلي فرواه عن وهب بن بقية عن سفيان بن عيينة عن الزهري عن أبيه
عن عائشة ، أخرجه ابن عدي ( 318 / 1 ) و قال : الزهري لم يرو عن أبيه حرفا
و الحديث باطل ، و الحمل فيه على أبي الحسن هذا فإنه كان ممن يضع الحديث إسنادا
و متنا ، و يسرق من حديث الضعاف و يلزقها على قوم ثقات .
تنبيه : أورد هذا الحديث الشيخ العجلوني في " الكشف " ( 2 / 277 ) و لم يتكلم
عليه بشيء هو و لا من نقله عنه و هو ابن حجر الهيتمي ! و هذا مما يدل على أن
الشيخ العجلوني ليس من النقاد و إلا كيف يخفى عليه حال هذا الحديث الباطل .
و قد قال الشيخ علي القاري في هذا الحديث ( ص 85 ) : لا يصح ، يعني أنه موضوع .
و نقل ( ص 109 ) عن ابن القيم أن من علامات الحديث الموضوع أن يكون باطلا في
نفسه فيدل بطلانه على أنه ليس من كلامه عليه الصلاة و السلام ، ثم ساق أحاديث
هذا منها ، و قال : فإن اللعنة لا تقوم مقام الصدقة أبدا .
(1/181)
________________________________________
105 - " من وافق من أخيه شهوة غفر الله له " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 222 ) :
موضوع .
رواه العقيلي في " الضعفاء " ( 436 ، 437 ) و أبو نعيم في " أخبار أصبهان "
( 2 / 66 ) من طريق نصر بن نجيح الباهلي قال حدثنا عمر أبو حفص عن زياد النميري
عن أنس بن مالك عن أبي الدرداء مرفوعا ، قال العقيلي : و نصر و عمر مجهولان
بالنقل ، و الحديث غير محفوظ ، و من طريق العقيلي أورده ابن الجوزي في
" الموضوعات " ( 2 / 171 ) و قال : موضوع ، عمر متروك ، و أقره الحافظ العراقي
في " تخريج الإحياء " ( 2 / 11 ) و أما السيوطي فتعقبه في " اللآليء " ( 2 /
87 ) بقوله : قلت : أخرجه البزار و الطبراني و قال : أبو حفص لم يكن بالقوي .
قلت : هذا القول فيه تساهل كثير فالرجل شديد الضعف حتى قال ابن خراش : كذاب يضع
الحديث ، ثم ذكر له السيوطي شاهدا و هو الحديث الآتي ، و فيه متهم كما يأتي فلا
قيمة لهذا التعقيب !.
(1/182)
________________________________________
106 - " من أطعم أخاه المسلم شهوته حرمه الله النار " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 223 ) :
موضوع .
أخرجه البيهقي في " شعب الإيمان " بإسناده إلى محمد بن عبد السلام حدثنا
عبد الله بن مخلد بن خالد التميمي صاحب أبي عبيد حدثنا عبد الله بن المبارك عن
هشام عن ابن سيرين عن أبي هريرة مرفوعا به ، و قال البيهقي : هو بهذا
الإسناد منكر .
قلت : و علته محمد بن عبد السلام و هو ابن النعمان ، و قال ابن عدي : كان ممن
يستحل الكذب .
قلت : و هذا الحديث ذكره السيوطي في " اللآليء " ( 2 / 87 ) شاهدا للحديث الذي
قبله ، و قد تبين أنه موضوع أيضا ، و كلا الحديثين أوردهما في
" الجامع الصغير " ! .
(1/183)
________________________________________
107 - " من لذذ أخاه بما يشتهي كتب الله له ألف ألف حسنة ، و محى عنه ألف ألف سيئة ، و رفع له ألف ألف درجة و أطعمه الله من ثلاث جنات : جنة الفردوس ، و جنة عدن ، و جنة الخلد " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 224 ) :
موضوع .
أورده الغزالي في " الإحياء " ( 2 / 11 ) جازما بنسبته إلى النبي صلى الله عليه
وسلم ! و قال السبكي في " الطبقات " : إنه لم يجد له إسنادا ، و أما العراقي
فقال في " تخريج الإحياء " : و ذكره ابن الجوزي في " الموضوعات " من رواية محمد
ابن نعيم عن أبي الزبير عن جابر ، و قال أحمد بن حنبل : هذا باطل كذب ،
و كذا في " الميزان " و " اللسان " .
قلت : لكن ابن الجوزي إنما أورد الحديث ( 2 / 172 ) إلى قوله : ( ألف ألف
حسنة ) دون باقيه ، و أقره السيوطي في " اللآليء " ( 2 / 87 ) ثم ابن عراق في
" تنزيه الشريعة " ( 262 / 2 ) و أورده موفق الدين بن قدامة في " المنتخب "
( 10 / 196 / 1 ) و نقل عن أحمد أنه قال : هذا كذب هذا باطل .
(1/184)
________________________________________
108 - " كان يأكل العنب خرطا " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 224 ) :
موضوع .
رواه ابن عدي في " الكامل " ( 280 / 1 ) ، و من طريق البيهقي في " الشعب " ( 2
/ 201 / 1 ) بسنده عن سليمان بن الربيع عن كادح بن رحمة حدثنا حصين بن نمير عن
حسين بن قيس عن عكرمة عن ابن عباس عن العباس مرفوعا ، و قال ابن عدي :
و كادح عامة ما يرويه غير محفوظ و لا يتابع عليه في أسانيده و لا في متونه ،
و من طريق ابن عدي أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 2 / 287 ) و قال : حسين
ليس بشيء و كادح كذاب ، و سليمان ضعفه الدارقطني ، ثم ساقه البيهقي و ابن
الجوزي من طريق العقيلي بسنده عن داود بن عبد الجبار أبي سليمان الكوفي حدثنا
الجارود عن حبيب بن يسار عن ابن عباس قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يأكل العنب خرطا ، قال العقيلي ( 2 / 34 ) : لا أصل له ، و داود ليس بثقة و لا
يتابع عليه .
قلت : و من طريقه رواه أبو بكر الشافعي في " الفوائد " ( 110 / 1 ) و الطبراني
في " الكبير " ( 3 / 174 / 2 ) و به تعقبه السيوطي في " اللآليء " ( 2 / 211 )
بقوله : قلت : أخرجه الطبراني من هذا الطريق و أخرجه البيهقي في " الشعب " من
الطريقين ثم قال : ليس فيه إسناد قوي ، و اقتصر العراقي في " تخريج الإحياء "
على تضعيفه .
قلت : و هذا تعقيب لا طائل تحته ، فإن تضعيف العراقي و البيهقي إجمالي لا تفصيل
فيه و إعلال الذين قبلهما مفصل ، فهو يقضي على المجمل ، و داود المذكور قال فيه
ابن معين : ليس بثقة ، و قال مرة : يكذب ، فمثله لا يصلح شاهدا لحديث كادح
الكذاب .
و لهذا أقر الذهبي ثم العسقلاني العقيلي على قوله : لا أصل له ، فإيراد السيوطي
لحديث ابن عباس في " الجامع الصغير " مما لا يتفق مع شرطه ! .
(1/185)
________________________________________
109 - " عمل الأبرار من الرجال من أمتي الخياطة ، و عمل الأبرار من أمتي من النساء المغزل " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 226 ) :
موضوع .
رواه ابن عدي ( 153 / 1 ) و أبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 1 / 303 ) و ابن
عساكر ( 15 / 261 / 1 ) عن أبي داود النخعي سليمان بن عمرو عن أبي حازم عن
سهل بن سعد مرفوعا ، و قال ابن عدي : هذا مما وضعه سليمان بن عمرو على
أبي حازم ، و عزاه السيوطي في " الجامع الصغير " لرواية تمام و الخطيب و ابن
عساكر عن سهل بن سعد و هو في " تاريخ بغداد " ( 9 / 15 ) من طريق أبي داود
النخعي هذه ، و قال المناوي في شرحه على " الجامع الصغير " : و ظاهر صنيع
المصنف أن مخرجه الخطيب خرجه و أقره ، و الأمر بخلافه ، بل قدح في سنده فتعقبه
بأن أبا داود النخعي أحد رواته كذاب وضاع دجال ، و بسط ذلك بما يجيء منه أنه
أكذب الناس ، و جزم الذهبي في " الضعفاء " بأنه كذاب دجال ، و في " الميزان "
عن أحمد : كان يضع الحديث ، و عن يحيى : كان أكذب الناس ، ثم سرد له أحاديث هذا
منها ، و وافقه في " اللسان " و حكم ابن الجوزي بوضعه و لم يتعقبه المؤلف إلا
بإيراد حديث تمام و قال : موسى متروك ، و لم يزد على ذلك .
قلت : ذكر السيوطي هذا في " اللآليء " ( 2 / 154 ) و كذا في " الفتاوى " له
( 2 / 107 ) من رواية تمام بإسناده عن موسى بن إبراهيم المروزي حدثنا مالك بن
أنس عن أبي حازم به ، و موسى بن إبراهيم المروزي قد كذبه يحيى فلا يفرح
بمتابعته ، و لهذا أورد الحديث ابن عراق في الفصل الأول من المعاملات من كتابه
" تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة " ( 294 / 2 ) ، و هذا
الفصل قد نص في مقدمة الكتاب أنه يورد فيه ما حكم ابن الجوزي بوضعه و لم يخالف
فيه ، و قد قال الذهبي في هذا الحديث : قبح الله من وضعه ! ذكره في ترجمة
أبي داود هذا الكذاب ، و من أحاديثه :
(1/186)
________________________________________
110 - " لو خشع قلب هذا خشعت جوارحه " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 227 ) :
موضوع .
عزاه السيوطي في " الجامع الصغير " لرواية الحكيم عن أبي هريرة .
قلت : و صرح الشيخ زكريا الأنصاري في تعليقه على " تفسير البيضاوى " ( 202 /
2 ) بأن سنده ضعيف ، و هو أشد من ذلك فقد قال الشارح المناوي : رواه في
" النوادر " عن صالح بن محمد عن سليمان بن عمرو عن ابن عجلان عن المقبري عن
أبي هريرة قال : رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يعبث بلحيته و هو في
الصلاة ، فذكره ، قال الزين العراقي في " شرح الترمذي " : و سليمان بن عمرو هو
أبو داود النخعي متفق على ضعفه ، و إنما يعرف هذا عن ابن المسيب ، و قال في
" المغني " ( 1 / 151 ) : سنده ضعيف ، و المعروف أنه من قول سعيد ، رواه ابن
أبي شيبة في " مصنفه " ، و فيه رجل لم يسم ، و قال ولده : فيه سليمان بن عمرو
مجمع على ضعفه ، و قال الزيلعي : قال ابن عدي أجمعوا على أنه يضع الحديث .
قلت : رواه موقوفا على سعيد عبد الله بن المبارك في " الزهد " ( 213 / 1 ) :
أنا معمر عن رجل عنه به و هذا سند ضعيف لجهالة الرجل .
و صرح عبد الرزاق في " المصنف " ( 2 / 226 ) باسمه فقال : ... عن أبان ... و هو
ضعيف أيضا .
قلت : فالحديث موضوع مرفوعا ، ضعيف موقوفا بل مقطوعا ، ثم وجدت للموقوف طريقا
آخر فقال أحمد في " مسائل ابنه صالح " ( ص 83 ) : حدثنا سعيد بن خثيم قال حدثنا
محمد بن خالد عن سعيد بن جبير قال : نظر سعيد إلى رجل و هو قائم يصلي . . إلخ .
قلت : و هذا إسناد جيد ، يشهد لما تقدم عن العراقي أن الحديث معروف عن ابن
المسيب .
(1/187)
**********************
يتبع ...
ذو الفقار
2008-03-01, 07:08 PM
111 - " كذب النسابون ، قال الله تعالى : و قرونا بين ذلك كثيرا " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 228 ) :
موضوع .
أورده السيوطي في " الجامع " من رواية ابن سعد و ابن عساكر عن ابن عباس
و أورده فيما بعد بلفظ : " كان إذا انتسب لم يجاوز في نسبته معد بن عدنان بن أد
ثم يمسك و يقول : كذب النسابون ... " و قال : رواه ابن سعد عن ابن عباس .
و سكت عليه شارحه المناوي في الموضعين ، و كأنه لم يطلع على سنده ، و إلا لما
جاز له ذلك ، و قد أخرجه ابن سعد في " الطبقات " ( 1 / 1 / 28 ) قال : أخبرنا
هشام قال أخبرني أبي عن أبي صالح عن ابن عباس مرفوعا بتمامه .
قلت : و هشام هذا هو ابن محمد بن السائب الكلبي النسابة المفسر و هو متروك كما
قال الدارقطني و غيره و ولده محمد بن السائب شر منه قال الجوزجاني و غيره :
كذاب ، و قد اعترف هو نفسه بأنه يكذب ، فروى البخاري بسند صحيح عن سفيان الثوري
قال : قال لي الكلبي : كل ما حدثتك عن أبي صالح فهو كذب ! .
قلت : كذا في " الميزان " و فيه سقط أو اختصار يمنع نسبة الاعتراف بالكذب إلى
الكلبي ، كما سيأتي بيانه في الحديث ( 5449 ) .
و قال ابن حبان : مذهبه في الدين و وضوح الكذب فيه أظهر من أن يحتاج إلى
الإغراق في وصفه يروي عن أبي صالح عن ابن عباس التفسير ، و أبو صالح لم ير ابن
عباس ، و لا سمع الكلبي من أبي صالح إلا الحرف بعد الحرف ، لا يحل ذكره في
الكتب فكيف الاحتجاج به ؟ ! ، و من هذه الطريق أخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق
" ( 1 / 197 / 1 ، 198 / 2 ) من مخطوطة ظاهرية دمشق .
(1/188)
________________________________________
112 - " الجراد نثرة حوت في البحر " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 229 ) :
موضوع .
أخرجه ابن ماجه ( 2 / 292 ) من طريق زياد بن عبد الله بن علاثة عن موسى بن محمد
ابن إبراهيم عن أبيه عن جابر و أنس :
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دعا على الجراد قال : " اللهم أهلك كباره
و اقتل صغاره ، و أفسد بيضه و اقطع دابره ، و خذ بأفواهها عن معايشنا و أرزاقنا
إنك سميع الدعاء " ، فقال رجل : يا رسول الله كيف تدعو على جند من أجناد الله
بقطع دابره ؟ فقال : " إن الجراد .. " .
قلت : و هذا سند ضعيف جدا موسى بن محمد هذا هو التيمي المدني و هو منكر الحديث
كما قال النسائي و غيره و قد ساق له الذهبي من مناكيره هذا الحديث ، و أورده
ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 3 / 14 ) من رواية موسى هذا ، ثم قال : لا يصح ،
موسى متروك و أقره السيوطي في " اللآليء " ( 2 / 333 ) فلم يتعقبه بشيء إلا
قوله : قلت : أخرجه ابن ماجه ، و مع هذا فقد أورده في " الجامع الصغير " ! ، ثم
رأيت ابن قتيبة أخرجه في " غريب الحديث " ( 3 / 114 ) من رواية أبي خالد
الواسطي عن رجل عن ابن عباس موقوفا عليه ، و هذا مع أنه موقوف و هو به أشبه
فإن سنده واه جدا ، لأن أبا خالد هذا و هو عمرو بن خالد متروك و رماه وكيع
بالكذب .
قلت : و يشبه أن يكون هذا الحديث من الإسرائيليات .
(1/189)
________________________________________
113 - " اتقوا مواضع التهم " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 230 ) :
لا أصل له .
أورده الغزالي في " الإحياء " ( 3 / 31 ) و قال مخرجه الحافظ العراقي ، لم أجد
له أصلا ، و كذا قال السبكي في " الطبقات " ( 4 / 162 ) ، و قد روي موقوفا نحوه
فانظر " شرح الإحياء " للزبيدي ( 7 / 283 ) .
(1/190)
________________________________________
114 - " من ربى صبيا حتى يقول : لا إله إلا الله لم يحاسبه الله عز وجل " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 231 ) :
موضوع .
أخرجه الخرائطي في " مكارم الأخلاق " ( ص 75 ) و ابن عدي ( 162 / 2 ) و ابن
النجار في " ذيل تاريخ بغداد " ( 10 / 163 / 2 ) من طريق أبي عمير عبد الكبير
ابن محمد بن عبد الله من ولد أنس عن سليمان الشاذكوني حدثنا عيسى بن يونس عن
هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا .
قلت : و هذا سند موضوع عبد الكريم هذا و شيخه الشاذكوني كلاهما متهم بالكذب
و قد أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " ( 2 / 178 ) من طريق ابن عدي بسنده عن
عبد الكبير به و قال : لا يصح ، قال ابن عدي : لعل البلاء فيه من أبي عمير ،
قال : و قد رواه إبراهيم بن البراء عن الشاذكوني ، و إبراهيم حدث بالبواطيل ،
و تعقبه السيوطي في " اللآليء " ( 2 / 90 / 91 ) بقوله : قلت : أخرجه الطبراني
في " الأوسط " عن عبد الكبير به ، و له طريق آخر .
قلت : ثم ساقه من رواية الخلعي بسنده إلى أبي على الحسن بن علي بن الحسن
السريرى الأعسم حدثني أشعث بن محمد الكلاعي حدثنا عيسى بن يونس به ثم قال :
و أشعث في الأصل : أشعب في الموضعين و هو خطأ ضعيف .
قلت : و هذا تعقب لا طائل تحته فإن أشعث هذا لا يعرف إلا في هذا السند و من
أجله أورده في " الميزان " ثم قال : أتى بخبر موضوع يشير إلى هذا ، و أقره
الحافظ في " اللسان " ، و في ترجمة إبراهيم بن البراء من " الميزان " : قال
العقيلي : يحدث عن الثقات بالبواطيل ، و قال ابن حبان : يحدث عن الثقات
بالموضوعات ، لا يجوز ذكره إلا على سبيل القدح فيه ، ثم قال : هو الذي روى عن
الشاذكوني عن الدراوردي كذا عن هشام عن أبيه عن عائشة مرفوعا : " من ربي صبيا
حتى يتشهد وجبت له الجنة " ، و هذا باطل .
قال الذهبي : قلت : أحسب أن إبراهيم بن البراء هذا الراوي عن الشاذكوني آخر
صغير ، و قال الحافظ في " اللسان " : إبراهيم بن البراء عن سليمان الشاذكوني
بخبر باطل عن الدراوردي ... الظاهر أنه غير الأول ، و الشاذكوني هالك ، و أما
ابن حبان فجعلهما واحدا .
قلت : فقد اتفقت كلمات هؤلاء الحفاظ ابن حبان و ابن عدي و الذهبي و العسقلاني
على أن هذا الحديث باطل ، و جعلوا بطلانه دليلا على اتهام كل من رواه من
الضعفاء و المجهولين ، بعكس ما صنع السيوطي من محاولته تقوية الحديث بوروده من
الطريق الأخرى التي فيها أشعث الذي أشار الذهبي إلى اتهامه بهذا الحديث فتأمل
الفرق بين من ينقد و من يجمع ! .
و الحديث أورده السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية الطبراني و ابن عدي
و تعقبه شارحه المناوي بمختصر ما ذكرناه عن الذهبي و العسقلاني من أنه حديث
باطل ثم تناقض المناوي فاقتصر في " التيسير " على تضعيف إسناده ! .
(1/191)
________________________________________
115 - " أذيبوا طعامكم بذكر الله و الصلاة ، و لا تناموا عليه فتقسوا قلوبكم " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 233 ) :
موضوع .
أخرجه ابن نصر في " قيام الليل " ( ص 19 - 20 ) و العقيلي في " الضعفاء "
( ص 57 ) و ابن عدي في " الكامل " ( 40 / 2 ) و أبو نعيم في " أخبار أصبهان "
( 1 / 96 ) و ابن السني في " عمل اليوم و الليلة " ( ص 156 رقم 482 ) و البيهقي
في " الشعب " ( 2 / 211 / 1 ) من طريق بزيع أبي الخليل : حدثنا هشام بن عروة عن
أبيه عن عائشة مرفوعا .
قلت : و هذا موضوع ، قال العقيلي : بزيع لا يتابع عليه ، و قال ابن عدي بعد أن
ساق له أحاديث أخرى : و هذه الأحاديث مناكير كلها لا يتابعه عليها أحد ، و قال
البيهقي : هذا منكر تفرد به بزيع و كان ضعيفا .
و قال الذهبي في " الميزان " : متهم ، قال ابن حبان : يأتي عن الثقات بأشياء
موضوعات كأنه المتعمد لها ، روى عن هشام عن أبيه عن عائشة هذا الحديث و في
" اللسان " : قال البرقاني عن الدارقطني : متروك .
قلت : له عن هشام عجائب ، قال : هي بواطيل ، ثم قال : كل شيء له باطل .
و قال الحاكم : يروي أحاديث موضوعة ، و يرويها عن الثقات ، و الحديث أورده ابن
الجوزي في " الموضوعات " ( 3 / 69 ) من هذا الوجه برواية ابن عدي و من روايته
أيضا ( 37 / 2 ) من طريق أصرم بن حوشب حدثنا عبد الله بن إبراهيم الشيباني عن
هشام بن عروة به ، و قال ابن الجوزي : موضوع ، بزيع متروك و أصرم كذاب ، قال
ابن عدي : هو معروف ببزيع ، فلعل أصرم سرقه منه ، و تعقبه السيوطي في
" اللآليء " ( 3 / 254 ) بقوله : أخرجه من الطريق الأول الطبراني في " الأوسط "
و ابن السني في " عمل اليوم و الليلة " و أبو نعيم في " الطب " و البيهقي في
" الشعب " و قال : تفرد به بزيع و كان ضعيفا ، و أخرجه من الطريق الثاني ابن
السني في " الطب " و اقتصر العراقي في " تخريج الإحياء " على تضعيفه ، قال
المناوي في " شرح الجامع " : و أنت خبير بأن هذا التعقب أوهى من بيت العنكبوت
و صدق رحمه الله .
و اعلم أن أسعد الناس بهذا الحديث المكذوب هم أولئك الأكلة الرقصة الذين يملؤون
بطونهم بمختلف الطعام و الشراب ، ثم يقومون آخذا بعضهم بيد بعض يذكرون الله
تعالى - زعموا - يميلون يمنة و يسرة و أماما و خلفا ، و ينشدون الأشعار الجميلة
بالأصوات المطربة حتى يذوب ما في بطونهم ؟ و مع ذلك فهم يحسبون أنهم يحسنون
صنعا ! و صدق من قال :
متى علم الناس في ديننا بأن الغنا سنة تتبع
و أن يأكل المرء أكل الحمار و يرقص في الجمع حتى يقع
و قالوا : سكرنا بحب الإله و ما أسكر القوم إلا القصع
كذاك البهائم إن أشبعت يرقصها ريها و الشبع
فيا للعقول و يا للنهى ألا منكر منكم للبدع
تهان مساجدنا بالسماع و تكرم عن مثل ذاك البيع
(1/192)
________________________________________
116 - " تعشوا و لو بكف من حشف ، فإن ترك العشاء مهرمة " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 235 ) :
ضعيف جدا .
أخرجه الترمذي ( 3 / 100 ) و القضاعي ( 63 / 1 ) من طريق عنبسة بن عبد الرحمن
القرشي عن عبد الملك بن علاق عن أنس مرفوعا ، و قال الترمذي :
هذا حديث منكر لا نعرفه إلا من هذا الوجه عنبسة يضعف في الحديث ، و عبد الملك
ابن علاق مجهول .
قلت : و عنبسة هذا ، قال أبو حاتم : كان يضع الحديث كما في " الميزان " للذهبي
و ساق له أحاديث هذا أحدها ، و الحديث رواه أبو نعيم في " الحلية " ( 8 / 214 -
215 ) و الخطيب ( 3 / 396 ) من طريق عنبسة بن عبد الرحمن عن مسلم كذا عن أنس به
.
و قال أبو محمد بن أبي حاتم في " العلل " ( 2 / 11 ) : قرأ علينا أبو زرعة كتاب
الأطعمة فانتهى إلى حديث كان حدثهم قديما إسماعيل بن أبان الوراق عن عنبسة بن
عبد الرحمن عن علاق بن مسلم كذا عن أنس بن مالك به ، قال أبو زرعة : ضعيف ،
و لم يقرأ علينا .
ثم رأيته في " الكامل " لابن عدي ( 232 / 2 ) رواه على وجه آخر من طريق
عبد الرحمن بن مسهر البغدادي عن عنبسة بن عبد الرحمن عن موسى بن عقبة عن ابن
أنس بن مالك عن أبيه مرفوعا و قال : ابن مسهر هذا مقدار ما يرويه لا يتابع عليه
و هذا الحديث لعله لم يؤت من قبله ، و إنما أتي من قبل عنبسة لأنه ضعيف ،
و الحديث عن موسى غير محفوظ .
قلت : فتبين من الروايات أن عنبسة كان يضطرب في إسناده ، فمرة يقول :
عبد الملك بن علاق و مرة مسلم و لا ينسبه ، و أخرى علاق بن مسلم و تارة عن
موسى بن عقبة عن ابن أنس و هذا ضعف آخر في الحديث و هو الاضطراب في سنده .
و أورده الصغاني في " الأحاديث الموضوعة " ( ص 12 ) و من قبله ابن الجوزي
( 3 / 36 ) و ذكره من طريق الترمذي و نقل كلامه عليه و لم يزد فتعقبه السيوطي (
2 / 255 ) بقوله : قلت : ورد من حديث جابر ، قال ابن ماجه : حدثنا محمد بن عبد
الله الرقي حدثنا إبراهيم بن عبد السلام بن عبد الله بن باباه المخزومي حدثنا
عبد الله بن ميمون عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : " لا تدعوا العشاء و لو بكف من تمر فإن تركه يهرم " ، و
وجدت لحديث أنس طريقا آخر قال ابن النجار في تاريخه " .
قلت : ثم ساق إسناده من طريق أبي الهيثم القرشي عن موسى بن عقبة عن أنس مرفوعا
.
قلت : و هذا إسناد لا يفرح به ! قال الذهبي في " الميزان " : أبو الهيثم القرشي
عن موسى بن عقبة ، قال أبو الفتح الأزدي : كذاب ، و كذا في " اللسان " ، و أما
حديث جابر فهو عند ابن ماجه ( 2 / 322 ) بالسند المذكور و هو ضعيف جدا
إبراهيم ابن عبد السلام أحد المتروكين كما في " تهذيب التهذيب " و في
" الميزان " : ضعفه ابن عدي و قال عندي أنه يسرق الحديث ، و عبد الله بن ميمون
إن كان هو القداح فهو متروك ، و إن كان غيره فهو مجهول ، و قد رجح الأول الحافظ
ابن حجر في " التقريب " و رجح الآخر المزي في " التهذيب " قال : لأن القداح لم
يدرك ابن المنكدر إن كان إبراهيم بن عبد السلام في روايته عنه صادقا ! .
(1/193)
________________________________________
117 - " من أحب أن يكثر الله خير بيته فليتوضأ إذا حضر غداؤه و إذا رفع " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 237 ) :
منكر .
رواه ابن ماجه ( 3260 ) و أبو الشيخ في " كتاب أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم
و آدابه " ( ص 235 ) و ابن عدي في " الكامل " ( ق 275 / 1 ) و ابن النجار في
" ذيل تاريخ بغداد " ( 10 / 153 / 2 ) من طرق عن كثير بن سليم عن أنس
مرفوعا .
أورده ابن عدي في ترجمة كثير هذا ، و قال بعد أن ساق له أحاديث أخرى عن أنس :
و هذه الروايات عن أنس عامتها غير محفوظة .
قلت : و قد اتفقوا على تضعيف كثير هذا ، بل قال فيه النسائي : متروك و قد أعله
البوصيري في " الزوائد " بعلة أخرى فقال : جبارة و كثير ضعيفان ، و فاته أن
جبارة لم يتفرد به ، فقد توبع عليه كما أشرنا إليه ، بقولنا من طرق ، و في "
العلل " لابن أبي حاتم ( 2 / 11 ) قال أبو زرعة : هذا حديث منكر ، و امتنع عن
قراءته فلم يسمع منه .
و المشهور في هذا الباب - على ضعفه ! - الحديث الآتي رقم ( 168 ) ، " بركة
الطعام الوضوء قبله و بعده " ، فراجعه .
(1/194)
________________________________________
118 - " لا تنتفعوا من الميتة بشيء " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 238 ) :
ضعيف .
رواه ابن وهب في مسنده عن زمعة بن صالح عن أبي الزبير عن جابر مرفوعا ،
و زمعة فيه مقال ، كذا في " نصب الراية " ( 1 / 122 ) .
قلت : و من طريق ابن وهب أخرجه الطحاوى في " شرح معاني الآثار " ( 1 / 271 )
بهذا السند عن جابر قال : بينا أنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه
ناس فقالوا : يا رسول الله إن سفينة لنا انكسرت ، و إنا وجدنا ناقة سمينة ميتة
فأردنا أن ندهن بها سفينتنا و إنما هي عود و هي على الماء فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم فذكره ، و هذا إسناد ضعيف و له علتان :
الأولى : زمعة هذا قال الحافظ في " التقريب " و في " التلخيص " ( 1 / 297 ) :
ضعيف .
الأخرى : عنعنة أبي الزبير فإنه كان مدلسا .
و مما سبق تعلم أن قول الشيخ سليمان حفيد محمد بن عبد الوهاب رحمهما الله في
حاشيته على " المقنع " ( 1 / 20 ) :
رواه الدارقطني بإسناد جيد ، غير جيد ، على أنني في شك كبير من عزوه للدارقطني
فإني لم أره في " سننه " ، و هو المراد عند إطلاق العزو إليه و لم أجد من عزاه
إليه غير الشيخ هذا ، و ابن الجوزي لما أورده في " التحقيق " ( 15 / 1 ) لم
يعزه لأحد مطلقا بل قال : رواه أصحابنا من حديث جابر ، و لو كان عند الدارقطني
لعزاه إليه كما هي عادته ، و إنما عزاه الموفق بن قدامة في " المغني " ( 1 /
67 ) لأبي بكر الشافعي بإسناده عن أبي الزبير عن جابر ، قال : و إسناده حسن .
و قال الحافظ في " التلخيص " ( 1 / 297 ) بعد أن ذكره من طريق زمعة : رواه
أبو بكر الشافعي في " فوائده " من طريق أخرى ، قال الشيخ الموفق : إسناده حسن .
قلت : قد علمت مما نقلته عن الموفق أنه من طريق أبي الزبير أيضا عن جابر و علمت
علته مما بينا ، فالإسناد ضعيف على كل حال ، و قد راجعت فوائد أبي بكر الشافعي
رواية ابن غيلان عنه ، فلم أجد الحديث فيه ، لكن في النسخة نقص هو الجزء الأول
و أوراق من أجزاء أخرى ، كما راجعت من حديثه أجزاء أخرى فلم أعثر عليه و الله
أعلم .
و إنما صح الحديث بلفظ : " لا تنتفعوا من الميتة بإهاب و لا عصب " ، و في ثبوته
خلاف كبير بين العلماء ، لكن الراجح عندنا صحته كما حققناه في كتابنا " إرواء
الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل " ( رقم 38 ) .
و الفرق بينه و بين هذا الحديث الضعيف واضح ، و هو أنه خاص بالإهاب ( و هو
الجلد قبل الدبغ ) و العصب فلا يصح الانتفاع بهما إلا بعد دبغهما لقوله
صلى الله عليه وسلم : " كل إهاب دبغ فقد طهر " ، و هذا عام يشمل الشعر و الصوف
و العظم و القرن و نحو ذلك ، و ليس هناك ما يدل على عدم الانتفاع بها إلا هذا
الحديث الضعيف ، و لا تقوم به حجة و الأصل الإباحة ، فلا ينقل منها إلا بنقل
صحيح و هو معدوم .
( تنبيه ) : كنت قد أعللت الحديث بضعف زمعة بن صالح و عنعنة أبي الزبير و بأنه
مخالف للحديث الصحيح المخرج في " الإرواء " ثم وجدت تصريح أبي الزبير بالسماع
في مطبوعة جديدة قيمة من آثار السلف و وجدت له شاهدا قويا من حديث عبد الله بن
عكيم بهذا اللفظ كنت خرجته في " الإرواء " فأعدت النظر في إسناده فتأكدت من
صحته فأخرجته مع حديث أبي الزبير في " الصحيحة " ( 3133 ) .
( تنبيه ) : كان هنا بهذا الرقم حديث " يا نساء المؤمنات عليكن بالتهليل
و التكبير ، و لا تغفلن فتنسين الرحمة " الحديث ، ثم وجدت له شاهدا موقوفا على
عائشة له حكم المرفوع فبدا لي أنه لا يليق إيراده هنا مع هذا الشاهد و قد ذكرته
في رسالة " الرد على التعقب الحثيث " و ليت الذين يردون علينا يفيدوننا مثل هذه
الفائدة حتى نبادر إلى الرجوع إلى الصواب ، مع الاعتراف لهم بالشكر و الفضل ،
و المعصوم من عصمه الله عز وجل .
(1/195)
________________________________________
119 - " عند اتخاذ الأغنياء الدجاج يأذن الله بهلاك القرى " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 240 ) :
موضوع .
رواه ابن ماجه ( 2 / 48 ) و أبو سعيد بن الأعرابي في " معجمه " ( 176 / 1 / 2 )
و عنه ابن عساكر ( 12 / 238 / 1 ) من طريق عثمان بن عبد الرحمن زاد ابن
الأعرابي : الحراني ، حدثنا علي بن عروة عن المقبري عن أبي هريرة قال : أمر
رسول الله صلى الله عليه وسلم الأغنياء باتخاذ الغنم ، و أمر الفقراء باتخاذ
الدجاج و قال : فذكره ، قال السندي في " حاشيته على ابن ماجه " : و في
" الزوائد " : في إسناده علي بن عروة تركوه ، و قال ابن حبان : يضع الحديث
و عثمان بن عبد الرحمن مجهول ، و المتن ذكره ابن الجوزي في " الموضوعات " و قال
الذهبي في " الميزان " : و كذبه صالح جزرة و غيره لأنه روى هذا الحديث .
قلت : و قول البوصيري في " الزوائد " : إن عثمان بن عبد الرحمن مجهول ، ليس
كذلك ، بل هو معروف و هو الحراني كما صرح به ابن الأعرابي في روايته ، و قد قال
الحافظ في ترجمته من " التقريب " : صدوق أكثر الرواية عن الضعفاء و المجاهيل ،
و ضعف بسبب ذلك حتى نسبه ابن نمير إلى الكذب ، و قد وثقه ابن معين .
قلت : و ابن الجوزي أورده ( 2 / 304 ) من طريق ابن عدي ( 5 / 1851 ) بسنده إلى
علي بن عروة عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس مرفوعا به دون قوله " عند
اتخاذ ... " ثم رواه ابن الجوزي من طريق العقيلي بسنده إلى غياث بن إبراهيم عن
طلحة بن عمرو عن عطاء عن ابن عباس به ، ثم قال : لا يصح ، علي بن عروة و غياث
يضعان الحديث ! و تعقبه السيوطي في " اللآليء " ( 2 / 227 ) بقوله ، قلت : له
طريق آخر ، ثم ساق طريق ابن ماجه المذكور الذي فيه علي بن عروة الوضاع ! ،
و لذلك صرح ابن عراق ( 325 / 1 ) بضعف هذا التعقب ، و الحديث في " الضعفاء "
للعقيلى ( 351 ) مثل رواية ابن عدي و قال : غياث قال ابن معين : كذاب ليس بثقة
و لا مأمون و قال البخاري : تركوه ، و قد تابعه من هو دونه أو مثله .
(1/196)
________________________________________
120 - " يا حميراء من أعطى نارا فكأنما تصدق بجميع ما نضجت تلك النار ، و من أعطى ملحا فكأنما تصدق بجميع ما طيب ذلك الملح ، و من سقى مسلما شربة من ماء حيث يوجد الماء فكأنما أعتق رقبة ، و من سقى مسلما شربة من ماء حيث لا يوجد ، فكأنما أحياها " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 242 ) :
ضعيف .
أخرجه ابن ماجه ( 2 / 92 ) من طريق علي بن غراب عن زهير بن مرزوق عن على بن زيد
ابن جدعان عن سعيد بن المسيب عن عائشة أنها قالت : يا رسول الله ما الشيء
الذي لا يحل منعه ؟ قال : " الماء و الملح و النار " ، قالت : قلت : يا
رسول الله هذا الماء قد عرفناه فما بال الملح و النار ؟ قال : " يا حميراء ...
" و هذا سند ضعيف ، علي بن غراب مدلس ، و قد عنعنه ، و زهير بن مرزوق قال ابن
معين : لا أعرفه ، و قال البخاري : منكر الحديث ، مجهول ، و ساق له الذهبي هذا
الحديث ، و علي بن زيد بن جدعان فيه ضعف ، و الحديث رواه الطبراني في
" الأوسط " من طريق ابن زهير هذا كما في " المجمع " ( 3 / 133 ) ، و أورده ابن
الجوزي في " الموضوعات " ( 2 / 170 ) الشطر الثاني منه من طريق أخرى عن عائشة
و قال : قال ابن عدي : موضوع آفته أحمد بن محمد بن علي بن الحسين بن شفيق ،
فتعقبه السيوطي في " اللآليء " ( 2 / 85 ) بطريق ابن ماجه هذه و ليس فيها أحمد
هذا و أورده من حديث أنس و أعله بصالح بن بيان ، قال الدارقطني : متروك و
أقره السيوطي .
قلت : و قد وجدت للحديث طريقا ثالثا أخرجه الحافظ ابن عساكر في " تاريخ دمشق "
( 2 / 153 ) من طريق عبيد بن واقد عن عرضي بن زياد السدوسي عن شيخ من عبد قيس
عن عائشة مرفوعا .
قلت : و هذا سند ضعيف أيضا ، عبيد ضعيف و عرضي بن زياد لم أجد من ترجمه ،
و شيخه مجهول لم يسم .
(1/197)
******************************************
يتبع ...
121 - " قل ما يوجد في آخر الزمان درهم من حلال ، أو أخ يوثق به " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 243 ) :
ضعيف جدا أو موضوع .
أخرجه أبو نعيم ( 4 / 94 ) من طريق محمد بن سعيد الحراني حدثنا أبو فروة
الرهاوي حدثنا أبي حدثنا محمد بن أيوب الرقى عن ميمون بن مهران عن ابن عمر
مرفوعا .
قلت : و هذا سند ضعيف جدا محمد بن سعيد الحراني قال النسائي : لا أدري ما هو
و أبو فروة الرهاوي اسمه يزيد بن محمد بن يزيد بن سنان بن يزيد ، ترجمه ابن
أبي حاتم ( 4 / 2 / 288 ) و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا ، و أبوه محمد بن
يزيد قال ابن أبي حاتم ( 4 / 1 / 128 ) : سألت أبي عنه ؟ فقال : ليس بالمتين ،
هو أشد غفلة من أبيه مع أنه كان رجلا صالحا لم يكن من أحلاس الحديث ، صدوق ،
و كان يرجع إلى ستر و صلاح ، و كان النفيلي يرضاه ، و قال البخاري : يروي عن
أبيه مناكير ، و قال النسائي : ليس بالقوي ، و محمد بن أيوب الرقي ، قال ابن
أبي حاتم ( 3 / 2 / 197 ) : سألت أبي عنه ؟ فقال : ضعيف الحديث .
قلت : و بهذا ترجمه الذهبي في " الميزان " ، ثم قال عقبه : محمد بن أيوب الرقي
آخر ، عن مالك بخبر باطل ، و عنه زهير بن عباد ، ثم أعاده بعد خمس تراجم فقال :
محمد بن أيوب عن مالك بن أنس ، قال ابن حبان : يضع الحديث ، ثم ساق ابن حبان له
خبرا باطلا في فضل أويس ، و قال الحافظ في " اللسان " عقب هذه الترجمة : محمد
ابن أيوب الرقي عن ميمون بن مهران و عنه محمد بن يزيد بن سنان ، قال أبو حاتم
ضعيف الحديث ، و فرق النباتي بينه و بين الراوي عن مالك ، و الذي يظهر لي أنهما
واحد .
(1/198)
________________________________________
122 - " نهى عن الغناء ، و الاستماع إلى الغناء ، و نهى عن الغيبة ، و عن الاستماع
إلى الغيبة ، و عن النميمة ، و عن الاستماع إلى النميمة " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 245 ) :
ضعيف جدا .
أخرجه الخطيب في " تاريخه " ( 8 / 226 ) و الطبراني في " الكبير " و " الأوسط "
مفرقا كما في " المجمع " ( 8 / 91 ) و أبو نعيم ( 4 / 93 ) دون ذكر الغناء ،
كلهم من طريق فرات بن السائب عن ميمون بن مهران عن ابن عمر مرفوعا .
قلت : و الفرات هذا قال النسائي و الدارقطني : متروك ، و قال البخاري : منكر
الحديث ، و قال أحمد : هو قريب من محمد بن الطحان في ميمون يتهم بما يتهم به
ذاك .
قلت : و الطحان هذا هو ابن زياد اليشكري و قد كذبه أحمد و غيره ، و قد تقدم له
بعض الأحاديث فانظر الأحاديث ( 16 - 19 ) ، و عليه فالفرات هذا متهم عند أحمد .
و الحديث عزاه العراقي في " تخريج الإحياء " ( 3 / 127 ) للطبراني ثم قال :
و هو ضعيف ، و قال الهيثمي : و فيه فرات بن السائب و هو متروك ، و في تحريم
النميمة و الغيبة أحاديث صحيحة تغني عن هذا الحديث الضعيف فراجع إن شئت
" الترغيب " ( 3 / 296 - 303 ) .
و أما الغناء فليس كله حراما بل ما كان منه في وصف الخدود و الخصور و الخمور
و نحو ذلك فحرام قطعا ، و ما خلا من ذلك فالإكثار منه مكروه ، و أما آلات الطرب
فهي محرمة لقوله صلى الله عليه وسلم : " ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر
و الحرير و الخمر و المعازف " .. الحديث ، أخرجه البخاري تعليقا و وصله
أبو داود ( 2 / 174 ) و غيره بسند صحيح ، و قد ضعفه ابن حزم بدون حجة ، و لي
رسالة في الرد عليه ، أسأل الله تيسير نشرها ، ثم نشرت الحديث و تكلمت على
تضعيف ابن حزم له ، و بينت صحته في " سلسلة الأحاديث " فراجعها برقم ( 91 ) .
(1/199)
________________________________________
123 - " إن الله يسأل عن صحبة ساعة " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 246 ) :
اشتهر هكذا على الألسنة و لا أعرفه بهذا اللفظ .
و هو بمعنى الحديث الآتي و هو :
(1/200)
________________________________________
124 - " ما من صاحب يصحب صاحبا و لو ساعة من نهار إلا سئل عن صحبته هل أقام فيها حق الله أم أضاعه ؟ " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 247 ) :
موضوع .
أورده الغزالي في " الإحياء " ( 2 / 154 ) جازما بنسبته إليه صلى الله عليه
وسلم بلفظ : " إنه دخل غيضة مع بعض أصحابه فاجتنى منه سواكين أحدهما معوج
و الآخر مستقيم فدفع المستقيم إلى صاحبه فقال له : يا رسول الله كنت والله أحق
بالمستقيم مني فقال : ..." فذكره ، قال الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء "
:لم أقف له على أصل ، و ذكر نحوه السبكي في " الطبقات " ( 4 / 156 ) .
و أقول : قد وجدت له أصلا و لكنه موضوع لأنه من رواية أحمد بن محمد بن عمر بن
يونس اليمامي ، قال ابن أبي حاتم في ترجمته ( 1 / 1 / 71 ) : سألت أبي عنه
فقال : قدم علينا ، و كان كذابا ، و كتبت عنه ، و لا أحدث عنه ، فقال الذهبي في
ترجمته من " الميزان " : روى عن عمر بن يونس - يعني جده - عن أبيه سمع حمزة بن
عبد الله بن عمر عن أبيه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل غيضة
فاجتنى سواكين أحدهما مستقيم ، قلت : فذكر الحديث بتمامه إلا أنه قال : " إنه
ليس من صاحب يصاحب صاحبا و لو ساعة إلا سأله الله عن مصاحبته إياه " .
قلت : أخرجه ابن حبان في " الضعفاء " ( 1 / 143 ـ 144 ) ، و رواه الطبري ( 5 /
53 ) عن فلان عن الثقة عنده مرفوعا نحوه ، و هذا مرسل ضعيف .
(1/201)
________________________________________
125 - " سوء الخلق ذنب لا يغفر ، و سوء الظن خطيئة تفوح " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة ( 1 / 247 ) :
باطل لا أصل له .
و قد أورده الغزالي ( 3 / 45 ) جازما بنسبته إليه صلى الله عليه وسلم و إذا جاز
أن يخفى عليه بطلانه من الناحية الحديثية فلست أدري كيف خفي عليه بطلانه من
الناحية الفقهية ! فإن الحديث معارض تمام المعارضة لقوله تعالى : *( إن الله لا
يغفر أن يشرك به ، و يغفر ما دون ذلك لمن يشاء )* ، و لعل في هذا عبرة لمن
يتساهلون برواية الأحاديث و نسبتها إليه صلى الله عليه وسلم دون أن يتثبتوا من
صحتها على طريقة المحدثين جزاهم الله عن المسلمين خيرا .
و هذا الحديث أورده السبكي في " الطبقات " ( 4 / 162 ) في فصل الأحاديث التي لم
يجد لها إسنادا مما وقع في كتاب " الإحياء " ، و أما الحافظ العراقي فإنه
استشهد له في تخريجه إياه بالحديث الآتي و هو :
(1/202)
________________________________________
126 - " ما من شيء إلا له توبة ، إلا صاحب سوء الخلق ، فإنه لا يتوب من ذنب إلا عاد في شر منه " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 248 ) :
موضوع .
أخرجه الطبراني في " المعجم الصغير " ( ص 114 ) و الأصبهاني في " الترغيب "
( 151 / 1 ) من طريق عمرو بن جميع عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن محمد بن إبراهيم
التيمي عن أبيه عن عائشة مرفوعا .
و قال الطبراني : لم يروه عن يحيى إلا عمرو ، و لا يروى عن عائشة إلا بهذا
الإسناد .
قلت : و هو موضوع ، فإن عمرا هذا قال النقاش : أحاديثه موضوعة و كذبه يحيى بن
معين و قال ابن عدي : كان يتهم بالوضع ، و منه تعلم أن قول الحافظ العراقي في
" تخريج الإحياء " ( 3 / 45 ) بعد أن عزاه للطبراني : و إسناده ضعيف ، قصور إلا
أن يلاحظ أن الموضوع من أنواع الضعيف كما هو مقرر في المصطلح .
و قال الحافظ الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 8 / 25 ) : رواه الطبراني في
" الصغير " ، و فيه عمرو بن جميع و هو كذاب .
و الحديث أورده السيوطي في " الجامع " برواية أبي الفتح الصابوني في
" الأربعين " عن عائشة و يعترض عليه من وجهين .
الأول : إيراده فيه مع أنه ليس على شرطه لتفرد الكذاب به !
الآخر : اقتصاره في العزو على الصابوني فأوهم أنه ليس عند من هو أشهر منه !
ثم إن الحديث أورده العراقي شاهدا للحديث الذي قبله و ليس بصواب لأمرين .
الأول : أنه ليس فيه " أن سوء الخلق ذنب لا يغفر " .
الآخر : أنه ليس فيه : " و سوء الظن خطيئة تفوح " و هو تمام الحديث قبله .
(1/203)
________________________________________
127 - " صلاة بعمامة تعدل خمسا و عشرين صلاة بغير عمامة ، و جمعة بعمامة تعدل سبعين جمعة بغير عمامة ، إن الملائكة ليشهدون الجمعة معتمين ، و لا يزالون يصلون على أصحاب العمائم حتى تغرب الشمس " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 249 ) :
موضوع .
أخرجه ابن النجار بسنده إلى محمد بن مهدي المروزي أنبأنا أبو بشر بن سيار الرقي
حدثنا العباس بن كثير الرقي عن يزيد بن أبي حبيب قال : قال لي مهدي بن ميمون :
دخلت على سالم بن عبد الله بن عمر و هو يعتم ، فقال لي : يا أبا أيوب ألا أحدثك
بحديث تحبه و تحمله و ترويه ؟ قلت : بلى ، قال : دخلت على عبد الله بن عمر
و هو يعتم فقال : يا بني أحب العمامة ، يا بني اعتم تجل و تكرم و توقر ، و لا
يراك الشيطان إلا ولى هاربا إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
فذكره ، قال الحافظ ابن حجر في " لسان الميزان " ( 3 / 244 ) : هذا حديث موضوع
و لم أر للعباس بن كثير في " الغرباء " لابن يونس و لا في " ذيله " لابن الطحان
ذكرا ، و أما أبو بشر بن سيار فلم يذكره أبو أحمد الحاكم في " الكنى " و ما
عرفت محمد بن مهدي المروزي ، و لا مهدي بن ميمون الراوي للحديث المذكور عن سالم
و ليس هو البصري المخرج في " الصحيحين " و لا أدري ممن الآفة .
و نقله السيوطي في " ذيل الأحاديث الموضوعة " ( ص 110 ) و أقره و تبعه ابن عراق
( 159 / 2 ) .
ثم ذكر السيوطي أنه أخرجه ابن عساكر في " تاريخه " من طريق عيسى بن يونس
و الديلمي من طريق سفيان بن زياد المخرمي كلاهما عن العباس بن كثير به .
قلت : ثم ذهل عن هذا السيوطي فأورد الحديث في " الجامع الصغير " من رواية ابن
عساكر عن ابن عمر ، و تعقبه المناوي في شرحه بأن ابن حجر قال : إنه موضوع
و نقله عنه السخاوي و ارتضاه .
قلت : و لو تعقبه بما نقله السيوطي نفسه في " الذيل " عن ابن حجر كان أولى كما
لا يخفى ، و كلام السخاوي المشار إليه في " المقاصد " ( ص 124 ) .
و نقل الشيخ على القاري في " موضوعاته " ( ص 51 ) عن المنوفي أنه قال : هذا
حديث باطل .
ثم تعقبه القاري بأن السيوطي أورده في " الجامع الصغير " مع التزامه بأنه لم
يذكر فيه الموضوع و نقل العجلوني نحوه عن النجم .
قلت : و هذا تعقب باطل تغني حكايته عن إطالة الرد عليه ، و ما جاءهم ذلك إلا من
حسن ظنهم بعلم السيوطي ، و عدم معرفتهم بما في " الجامع الصغير " من الأحاديث
الموضوعة التي نص هو نفسه في غير " الجامع " على وضع بعضها كهذا الحديث و غيره
مما سبق و يأتي ، فكن امرءا لا يعرف الحق بالرجال ، بل اعرف الحق تعرف الرجال .
و قد علمت مما سبق أن الحافظ ابن حجر إنما حكم بوضع هذا الحديث من قبل ما فيه
من مبالغة في الفضل لأمر لا يشهد له العقل السليم بمثل هذا الأجر ، و لولا هذا
لاكتفى بتضعيفه لأنه ليس في سنده من يتهم ، فإذا عرفت هذا أمكنك أن تعلم حكم
الحديث الذي بعده من باب أولى ، و هو :
(1/204)
________________________________________
128 - " ركعتان بعمامة خير من سبعين ركعة بلا عمامة " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة ( 1 / 251 ) :
موضوع .
أورده السيوطي في " الجامع الصغير " برواية الديلمي في " مسند الفردوس " عن
جابر ! و كان حقه أن يورده في " ذيل الأحاديث الموضوعة " كما صنع بالحديث
الذي قبله ، لأنه أشد مبالغة في فضل الصلاة بالعمامة من ذاك فكان الحكم عليه
بالوضع أولى و أحرى .
هذا و قال المناوي في " شرح الجامع " : و رواه عن جابر أيضا أبو نعيم و من
طريقه و عنه تلقاه الديلمي ، فلو عزاه إلى الأصل لكان أولى ، ثم إن فيه طارق بن
عبد الرحمن ، أورده الذهبي في " الضعفاء " و قال : قال النسائي : ليس بقوى عن
محمد بن عجلان ذكره البخاري " في الضعفاء " ، و قال الحاكم : سيء الحفظ و من ثم
قال السخاوي : هذا الحديث لا يثبت .
قلت : محمد بن عجلان ثقة حسن الحديث ، فلا يعل بمثله هذا الحديث ، و طارق بن
عبد الرحمن اثنان أحدهما البجلي الكوفي روى عن سعيد بن المسيب و نحوه ، و هو
ثقة من رجال الشيخين و الآخر القرشي الحجازي يروي عن العلاء بن عبد الرحمن
و نحوه قال الذهبي : لا يكاد يعرف ، قال النسائي : ليس بالقوي ، فالظاهر أن هذا
هو المراد و ليس الأول لأنه في طبقته و ذكره ابن حبان في " الثقات " فلعله هو
علة الحديث و إلا فمن دونه .
و يؤسفني أنني لم أقف على سند الحديث لأنظر فيه مع أن المناوي ذكر فيما تقدم أن
أبا نعيم رواه أيضا ، و لم أجده في " البغية في ترتيب أحاديث الحلية " للشيخ
عبد العزيز بن محمد بن الصديق الغماري فالله أعلم .
ثم رأيت بخط الحافظ ابن رجب الحنبلى في قطعة من شرحه على الترمذي ( 83 / 2 ) ما
نصه : سئل أبو عبد الله يعني أحمد بن حنبل عن شيخ نصيبي يقال : محمد بن نعيم
قيل له : روى شيئا عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم :
" صلاة بعمامة أفضل من سبعين صلاة بغير عمامة " ، قال : هذا كذاب ، هذا باطل .
ثم رأيت رواية أبي نعيم ، فتأكدت أن آفة الحديث ممن دون طارق بن عبد الرحمن ،
فخرجته فيما سيأتي ( برقم 5699 ) .
(1/205)
________________________________________
129 - " الصلاة في العمامة تعدل بعشرة آلاف حسنة " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 253 ) :
موضوع .
أورده السيوطي في " ذيل الأحاديث الموضوعة " ( ص 111 ) من رواية الديلمي
( 2 / 256 ) بسنده إلى أبان عن أنس مرفوعا .
و قال : أبان متهم و تبعه ابن عراق في " تنزيه الشريعة " ( 257 / 2 ) .
قلت : و قال الحافظ السخاوي في " المقاصد " ( ص 124 ) تبعا لشيخه الحافظ ابن
حجر : إنه موضوع و قال المنوفي : إنه حديث باطل كما في " موضوعات " الشيخ
القاري ( ص 51 ) .
و لا شك عندي في بطلان هذا الحديث و كذا الحديثين قبله ، لأن الشارع الحكيم يزن
الأمور بالقسطاص المستقيم ، فغير معقول أن يجعل أجر الصلاة في العمامة مثل أجر
صلاة الجماعة بل أضعاف أضعافها ! مع الفارق الكبير بين حكم العمامة و صلاة
الجماعة ، فإن العمامة غاية ما يمكن أن يقال فيها : إنها مستحبة ، و الراجح
أنها من سنن العادة لا من سنن العبادة ، أما صلاة الجماعة فأقل ما قيل فيها :
إنها سنة مؤكدة ، و قيل : إنها ركن من أركان الصلاة لا تصح إلا بها ، و الصواب
أنها فريضة تصح الصلاة بتركها مع الإثم الشديد ، فكيف يليق بالحكيم العليم أن
يجعل ثوابها مساويا لثواب الصلاة في العمامة بل دونها بدرجات ! و لعل الحافظ
ابن حجر لاحظ هذا المعنى حين حكم على الحديث بالوضع .
و من آثار هذه الأحاديث السيئة و توجيهاتها الخاطئة أننا نرى بعض الناس حين
يريد الدخول في الصلاة يكور على رأسه أو طربوشه منديلا لكي يحصل بزعمه على هذا
الأجر المذكور مع أنه لم يأت عملا يطهر به نفسه و يزكيها ! و من العجائب أن ترى
بعض هؤلاء يرتكبون إثم حلق اللحية فإذا قاموا إلى الصلاة لم يشعروا بأي نقص
يلحقهم بسبب تساهلهم هذا و لا يهمهم ذلك أبدا ، أما الصلاة في العمامة فأمر لا
يستهان به عندهم ! و من الدليل على هذا أنه إذا تقدم رجل ملتح يصلي بهم لم
يرضوه حتى يتعمم ، و إذا تقدم متعمم و لو كان عاصيا بحلقه للحيته لم يزعجهم ذلك
و لم يهتموا له فعكسوا شريعة الله حيث استباحوا ما حرمه ، و أوجبوا ، أو كادوا
أن يوجبوا ما أباحه ، و العمامة إن ثبت لها فضيلة فإنما يراد بها العمامة التي
يتزين بها المسلم في أحواله العادية ! و يتميز بها عن غيره من المواطنين ،
و ليس يراد بها العمامة المستعارة التي يؤدي بها عبادة في دقائق معدودة ، فما
يكاد يفرغ منها حتى يسجنها في جيبه ! و المسلم بحاجة إلى عمامة خارج الصلاة
أكثر من حاجته إليها داخلها بحكم أنها شعار للمسلم تميزه عن الكافر و لا سيما
في هذا العصر الذي اختلطت فيه أزياء المؤمن بالكافر حتى صار من العسير أن يفشي
المسلم السلام على من عرف و من لم يعرف ، فانظر كيف صرفهم الشيطان عن العمامة
النافعة إلى العمامة المبتدعة ، و سول لهم أن هذه تكفي و تغني عن تلك و عن
إعفاء اللحية التي تميز المسلم من الكافر كما قال صلى الله عليه وسلم :
" خالفوا المشركين احفوا و في رواية قصوا الشوارب و أوفوا اللحى " ، رواه
الشيخان و غيرهما عن ابن عمر و غيره و هو مخرج في " حجاب المرأة المسلمة "
( ص 93 ـ 95 ) .
و ما مثل من يضع هذه العمامة المستعارة عند الصلاة إلا كمثل من يضع لحية
مستعارة عند القيام إليها ! و لئن كنا لم نشاهد هذه اللحى المستعارة في بلادنا
فإني لا أستبعد أن أراها يوما ما بحكم تقليد كثير من المسلمين للأوربيين . فقد
قرأت في " جريدة العلم الدمشقية " عدد ( 2485 ) بتاريخ 25 ذي القعدة سنة 1364
هـ ما نصه : لندن ـ عندما اشتدت وطأة الحر ، و انعقدت جلسة مجلس اللوردات سمح
لهم الرئيس بأن يخلعوا لحاهم المستعارة ! فهل من معتبر ؟ .
(1/206)
________________________________________
130 - " إن الله تعالى لا يعذب حسان الوجوه سود الحدق " .
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 255 ) :
موضوع .
أخرجه الديلمي ، أنبأنا بنجير بن منصور عن جعفر بن محمد بن الحسين الأبهري و عن
علي بن أحمد الحروري عن جعفر بن أحمد الدقاق عن عبد الملك بن محمد الرقاشي عن
عمرو بن مرزوق عن شعبة عن قتادة عن أنس مرفوعا .
أورده السيوطي في " اللآليء " ( 1 / 113 ـ 114 ) ، عند كلامه على الحديث الآتي
بعد هذا ، كأنه ساقه شاهدا له ، و سكت عنه ، فرأيت أن أتكلم عنه و أكشف عن علته
و لا سيما و قد سألني عنه أقرب الناس إلي و هو والدي رحمه الله و جزاه الله عني
خير الجزاء ، فأقول : علة هذا الحديث من الرقاشي فمن دونه ، و كلهم مجهولون لم
أجد لهم ذكرا في شيء من كتب الرجال التي تحت يدي إلا الرقاشي فإنه من رجال ابن
ماجه و له ترجمة واسعة في " تهذيب التهذيب " ( 6 / 419 - 421 )
و " تاريخ بغداد " ( 10 / 425 ـ 427 ) و يتلخص مما جاء فيها أنه في نفسه صدوق ،
لكنه اختلط حين جاء بغداد فكثر خطؤه في الأسانيد و المتون ، فلعل هذا الحديث من
تخاليطه ! و إلا فهو من وضع أحد أولئك المجهولين ، و قال ابن عراق في " تنزيه
الشريعة " ( 1 / 174 ) : في سنده جعفر بن أحمد الدقاق ، و هو آفته فيما أظن ،
والله أعلم .
قلت : و لست أشك في بطلان هذا الحديث لأنه يتعارض مع ما ورد في الشريعة ، من أن
الجزاء إنما يكون على الكسب و العمل *( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ، و من
يعمل مثقال ذرة شرا يره )* لا على ما لا صنع و لا يد للإنسان فيه كالحسن أو
القبح ، و إلى هذا أشار صلى الله عليه وسلم بقوله : " إن الله لا ينظر إلى
أجسادكم و لا إلى صوركم و لكن ينظر إلى قلوبكم و أعمالكم " رواه مسلم ( 8 / 11
) ، و غيره و هو مخرج في " غاية المرام " ( 415 ) ، و راجع التعليق عليه في
مقدمتي على " رياض الصالحين " للنووي ( ص : ل ـ ن ) ، فإنه مهم جدا ، و مثل هذا
الحديث الموضوع في البطلان الحديث الآتي و هو :
(1/207)
************************************
يتبع ....
Powered by vBulletin® Version 4.2.0 Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir