مشاهدة النسخة كاملة : الإجراءات والاحتياطات الواجب على مريض السكري إتباعها قبل سفره للحج
أمـــة الله
2010-11-02, 12:06 PM
مقدمة
من المعروف أن لمرض السكري خصوصية في كونه من الأمراض المزمنة التي لابد للمريض من التعايش معها في جميع أحوال حياته وظروفه، ويعلم الكثير من المصابين أهمية مراعاة النظام العلاجي الخاص بالسكري، والتمسك بالقواعد الأساسية التي تبقي المريض سليماً معافى ضمن هامش الأمان الصحي، ليتمكن من أداء واجباته كاملة، سواء الواجبات الحياتية أو الدينية.
ولما كان الحج إلى بيت الله الحرام ركناً من أركان الإسلام، فلابد للمسلم من تأدية هذا الركن إكمالاً لواجبه الديني، لكن دون أن يترك هذا المرض يؤثر على أداء مناسكه، وذلك عن طريق الأخذ بالاحتياطات اللازمة.
عندما ينوي الشخص المصاب بالسكري الذهاب إلى الحج، فإن هناك أموراً لابد من فهمها ومعرفتها معرفةً جيدة، ليتيسر له الحج بيسر وسهولة وبأداء كامل دون أن يعرض نفسه لأي مضاعفات يكون مرض السكري سبباً جوهرياً فيها، فحياة الحاج ثمينة، ومطلوب منه العودة إلى وطنه سالماً، ليساهم في بناء بلده والقيام بدوره في الحياة على الوجه الأفضل.
أولاً - الإجراءات والاحتياطات الواجب على مريض السكري إتباعها قبل سفره للحج
عندما ينوي مريض السكري الاستعداد للحج فإن هناك أموراً لابد من ترتيبها قبل ذهابه إلى الحج بفترة زمنية كافية، ويمكن تلخيص هذه الأمور فيما يلي:
1.زيارة الطبيب المعالج لإجراء فحص طبي شامل، وللحصول على العلاج الكافي خلال فترة السفر والحج والعودة، وكذلك للحصول على التعليمات المتعلقة بتعديل تطبيق الخطة العلاجية للسكري، والتزود بتقرير طبي عن حالته المرضية يمكن إبرازها للمراكز الصحية في الديار المقدسة إذا لزم الأمر.
2.ومن الضروري أيضـاً مراجعة طبيب القدم في المركز الوطني للسكري
أو عيادات القدم السكرية، لفحص قدميه حتى لو لم يكن لديه أية شكوى فيهما.
3.ولا بأس من زيارة طبيب العيون وفحص شبكية العين والقدرة البصرية.
4.زيارة دائرة التثقيـف في المركـز الوطني للسكــري، للحصـول على الإرشـادات الضرورية خلال فترة الحج والتي تتلاءم مع نوع النشاط والبيئة الخاصة بالحج، ومعرفة تأثير هذه الأمور على الإصابة السكرية.
5.مراجعـة الأعراض والعلامـات المختلفـة لهبـوط سكـر الدم وارتفـاع سكر الـدم والحماض الخلوني (الكيتوني)، وتأكيدها في الذهن قبل التوجه إلى السفر والحج.
6.مراجعة التدابير الوقائية والعلاجية والإسعافية لهبوط أو ارتفاع سكر الدم.
7.زيارة اختصاصي التغـذية والتثقيف السكري، لمراجعة البرنامج الغذائي والتعديلات اللازم إجراؤها أثناء الحج وأداء مناسكه.
8.تجهيز حقيبة مخصصة للأدوية والمستلزمات المتعلقة بعلاج السكري.
ولتيسير ذلك يمكن ترتيب الإرشادات الخاصة بالحج وفق ما يلي :
1.الاستعدادات اللازمة قبل السفر.
2.ما يجب على الحاج المصاب بالسكـري اصطحابه في السفـر للحج وأثناء أداء مناسكه.
3.ما يجب مراعاته في مراحل الحج المختلفة :
الإحرام.
الطواف والسعي.
الوقوف بعرفة.
النفرة إلى المزدلفة.
رمي الجمرات.
يوم العيد.
أيام التشريق.
4.نقاط صحية هامة يجب التنبيه إليها لأداء الحج بسلام :
ارتفاع نسبة سكر الدم.
انخفاض نسبة سكر الدم.
تشكل الحماض الخلوني.
تشكل الحماض اللبني.
الوقاية من الأمراض المنتشرة في الحج .
يتبع
أمـــة الله
2010-11-02, 12:06 PM
ثانياً - محتويات حقيبة الأدوية المخصصة للسفر إلى الحج والعمرة
1- بـطاقة تعرف بإصابتك بالداء السكري لاستعمالها عند الطوارئ.
2- التقريـر الطبـي المعـد من قبل طبيـبك المعالـج أو المركز الذي يقدم لك علاج السكري.
3- كمية كافيـة من الأنسوليـن أو الحبوب الخافضــة لسـكر الدم التي وصفها لك طبيبك.
http://www.reefnet.gov.sy/reef/images/stories/health/Hajj/16.jpg
4- حافظة يمكـن أن يوضــع فيهــــا بعض الجليد للمحافظـــة على الأنسولين من التلف أثناء السـفر في الأيام الحارة، ريثما يتم الوصول إلى مكـــان الإقامــة، حيـث يـودع الأنسـولين فوراً في بــاب الــبراد.
http://www.reefnet.gov.sy/reef/images/stories/health/Hajj/30.jpg
5- من الضــروري حمــل وســائل لحقـــــن الأنسولين من محاقـــن
أو قــلـم حـقــن مـع رؤوس الإبر ومواد مطهرة وقطن.
http://www.reefnet.gov.sy/reef/images/stories/health/Hajj/10.jpg
6 - جهاز قياس سكر الدم مع عدد من علب شرائط التحليل تكفي لفترة السفر والحج، وبمعدل 4 شرائط تحليل لليوم الواحد، مع عدد كاف من الواخزات.
7- علبـة شرائط خاصة للكشف عن الخلون في البول.
http://www.reefnet.gov.sy/reef/images/stories/health/Hajj/12.jpg
8- بعض الحـلـوى أو قوالـب السكر أو سكـر جل (قطر) والتي قد يحتاجها
مريض السكري لمعالجة هبوط سكر الدم بسرعة.
http://www.reefnet.gov.sy/reef/images/stories/health/Hajj/15.jpg
أمـــة الله
2010-11-02, 12:07 PM
ثالثاً - الأمور التي يجب مراعاتها أثناء السفر
من الضروري المحافظة على نظافة القدمين أثناء السفر، وذلك بغسلها بالماء الدافئ والحرص على عدم إصابتهما بالرضوض أو الجروح أو الحروق.
عدم الجلوس بوضعية القرفصاء فترة زمنية طويلة، وذلك للسماح بجريان الدم في أعضاء الجسم كاملةً وبخاصة القدمين.
ملاحظة أعراض ارتفاع أو هبوط سكر الدم أثناء قيادة السيارة.
عدم قيادة السيارة عند الشعور بالإعياء أو عدم التركيز أو النعاس أو زغللة البصر، وترك القيادة لشخص آخر عند ظهور هذه الأعراض.
التوقف عن قيادة السيارة عند ظهور أعراض هبوط سكر الدم، والمبادرة سريعاً لمعالجة نقص السكر في الدم، وعدم معالجة الحالة أثناء قيادة السيارة.
التوقف عن قيادة السيارة عند الرغبة بإجراء تحليل سكر الدم.
http://www.reefnet.gov.sy/reef/images/stories/health/Hajj/31.jpg
أمـــة الله
2010-11-02, 12:07 PM
رابعاً - أمور لابد من مراعاتها في مراحل الحج المختلفة
عندما يشرع المسلم في مناسك الحج، فإنه ينتقل من منسك إلى آخر وفق ترتيبٍ محدد، فيبدأ بالإحرام وينتهي بطواف الوداع، وبين الإحرام والطواف ينتقل الحاج من مكان إلى آخر ومن نسك إلى نسك، ويحتاج الحاج المصاب بالسكري إلى الإرشاد والتوعية في كل هذه المناسك وفق الظروف الزمانية والمكانية والجوية.وحسب مرحلة النسك التي يؤديها المريض السكري ننصح له بما يلي
كي يستمر في أداء الشعائر بحضورٍ صحي وذهني كامل:
1- الإحرام :
لابد للحاج من الإحرام، والذي يشتمل على الاغتسال إن أمكن وقص الشعر وتقليم الأظافر، ثم ارتداء لباس
الإحرام وغيرها من أركان وواجبات الإحرام، ومن هنا لا بد من التنبيه على مريض السكري مراعاة الأمور التالية:
أن يقلم أظافره بكل حرص ودقة وألا يتسبب في جرح أصابع يديه وقدميه، فإذا كان لا يتقن
القيام بذلك بنفسه، أو كان فاقد الإحساس العصبي بقدميه، فعلى مرافقه أن يقوم بهذه المهمة بعناية وحرص.
http://www.reefnet.gov.sy/reef/images/stories/health/Hajj/13.jpg
من الضروري استخدام حذاء مطاطي يحمي القدمين والأصابع من الأذى، أما المداس
(أبو إصبع) فيشكل خطورة بالغة على قدمي المريض السكري.
http://www.reefnet.gov.sy/reef/images/stories/health/Hajj/17.jpg
http://www.reefnet.gov.sy/reef/images/stories/health/Hajj/18.jpg
كما ولابد للمريض السكري أن يحرص على حمل بطاقة السكري التي زوده بها المركز الوطني للسكري، ودفتر المراقبة الشهري الذي سجل عليه نوع الدواء الذي يتعالج به وجرعته اليومية، وذلك ليسهل التعرف على شخصه وحالته الصحية واتخاذ التدابير الإسعافية بسرعة إذا حدث له فقدان للوعي.
http://www.reefnet.gov.sy/reef/images/stories/health/Hajj/19.jpg
الطواف والسعي :
يتطلب الطواف والسعي جهداً بدنياً كبيراً، ويصبح هذا الجهد أكثر شدة بسبب الازدحام في موسم الحج. ولذلك يتوجب على مريض السكري التحكم بالغذاء والدواء والجهد، فيحقق التوازن بينهم من أجل البقاء قوياً ومتوازناً منذ البدء بمناسك الحج، ولتحقيق ذلك لابد من إتباع الإرشادات التالية:
عــدم التوقــف عن أخــذ الــدواء الخافض لسـكر الدم مهما كانت الأسباب، أما تأجيـل مواعيده فيجب التدرب عليــه من خلال جلسات التثقيف المكثفة التي ننصح مريض السكري بها قبل السفر.
ويتوجب ألا يتخلى مريض الســكري عن تناول الوجبات الطعامية الأساسية في مواعيدها المحددة ووفق زمن تأثير الدواء الذي يأخذه.
ينصح البــدء بطواف القــدوم ثم السعي بتناول وجبة إضافية خفيفة مع كمية كبيرة من السوائل كالماء أو الشاي بدون سكر.
http://www.reefnet.gov.sy/reef/images/stories/health/Hajj/21.jpg
http://www.reefnet.gov.sy/reef/images/stories/health/Hajj/22.jpg
قياس سكر الدم قبل البدء بالطواف أو السعي، تجنباً لحدوث هبوط شديد في سكر الدم بعد فترة قصيرة. وعندها يجب تناول وجبة غنية بالنشويات تعادل نصف رغيف أو 7 تمرات.
أما إذا كان سكر الدم قبل البدء بالطواف أو السعي فوق 260 ملغ/دل، فربما كان السبب عدم أخذ الدواء في وقته. وعندها يجب تناول الدواء والإكثار من شرب الماء.
حمل قطع من السكاكر، أو مكعبات السكر، أو سكر الجل، أو ظروف السكر، لتناولها سريعاً عند بدء الشعور بأعراض انخفاض سكر الدم.
مرافقة شخص لديه اطلاع ومعرفة بكيفية التصرف في الحالات الإسعافية لمريض السكري.
أخذ قسـط من الراحة بين الطواف والسعي، وبين مراحل الحج المختلفة.
الحرص على أن يكون الطواف والسعي في وقت بارد نسبياً كالليل مثلاً.
الابتعاد قدر الإمكان عن مناطق الازدحام الشديد ومناطق الإعاقات المرورية.
http://www.reefnet.gov.sy/reef/images/stories/health/Hajj/20.jpg
أمـــة الله
2010-11-02, 12:07 PM
- الوقوف بعرفة :
يبدأ الوقوف بعرفة من صباح اليوم التاسع من ذي الحجة حتى غروب الشمس من ذلك اليوم، ويكون الحاج فيه معرضاً لحرارة الشمس العالية. ومريض السكري أكثر عرضة للإصابة بنقص السوائل وضربة الشمس، ولذلك تأثير سيء على حالته الصحية عامة، لذا ينصح بما يلي:
اســتخدام المظلــة دائمــاً، أو البقـاء داخل الخيمة.
تناول كميات كبيرة من الماء خلال هذا اليوم، حتى لو لم يشعر بالعطش، ولا بأس أن يبلل مريض السكري نفسه بالماء بين فترة وأخرى ليمنع ارتفاع حرارة الجسم نتيجة الحر الشديد.
وضع الأنسولين في حافظة تحوي قطع من الثلج، أو في ثلاجة خاصة طيلة اليوم.
حقن الأنسولين وتناول الوجبات الطعامية في مواعيدها الصحيحة، حتى لو لم يتوافق ذلك مع مواعيد الآخرين في تناول الطعام.
إذا كان مريض السكري يتداوى بالحبوب الفموية الخافضة لسكر الدم، فعليه تناولها في وقتها. تذكر أن الحبوب الفموية الخافضة لسكر الدم ليست أنسوليناً ولا تعوض عنه.
إذا كان مريض السكري يتداوى بالحبوب الفموية الخافضة لسكر الدم، فعليه تناولها في وقتها. تذكر أن الحبوب الفموية الخافضة لسكر الدم ليست أنسوليناً ولا تعوض عنه.
التوجه إلى أقرب المراكز الصحية المنتشرة في جبل عرفة عند الشعور بأعراض ارتفاع أو هبوط سكر الدم لتلقي العلاج المناسب، وعدم انتظار تفاقم الحالة.
http://www.reefnet.gov.sy/reef/images/stories/health/Hajj/23.jpg
تفحص القدمين بعد الانتهاء من كل مرحلة من مراحل الحج، وخاصة أخمص القدمين وبين الأصابع.
استعمال الفازلين كمطري لجلد القدمين في حال أصيبت بالجفاف أو تشققت.
http://www.reefnet.gov.sy/reef/images/stories/health/Hajj/25.jpg
أمـــة الله
2010-11-02, 12:07 PM
النــــفرة إلى المزدلفـــة :
عند غروب شمس يوم عرفة، ينفر الحجيج إلى مزدلفة للمبيت بها ماشياً أو في السيارة وقد يطول المسير من عرفة إلى مزدلفة بسبب شدة الازدحام فيستغرق أربع ساعات، على الرغم من أن مزدلفة ليست بعيدة عن عرفة، ولذلك لابد من مراعاة ما ذكر سابقاً فيما يتعلق بالسفر .
أما إذا قرر الحاج المصاب بداء السكري المشي إلى المزدلفة سيراً على الأقدام، فلابد من مراعاة احتمال حدوث انخفاض في سكر الدم، ولمنع ذلك، فلابد من أخذ وجبة من النشويات قبل النفرة تعادل نصف رغيف من الخبز أو ( 7- 10) تمرات، ثم التوقف كل 45 دقيقة لتناول وجبات خفيفة غنية بالسوائل تقدر بـ ( 5 ) تمرات، أو ثلاث تمرات مع كأسين من الحليب أو اللبن، أو ربع رغيف مع 3 تمرات، ولابد من شرب الماء ست مرات على الأقل خلال الانتقال إلى مزدلفة.
ولا ينصح الحاج المصاب بالسكري أن يكون ماشياً بمفرده ، بل لابد من وجود مرافق معه أو قريب ذي علم ودراية بطرق علاج انخفاض سكر الدم.
http://www.reefnet.gov.sy/reef/images/stories/health/Hajj/28.jpg
أمـــة الله
2010-11-02, 12:08 PM
ماذا لو وصل الحاج المريض إلى الغيبوبة وفقدان الوعي
في هذه الحالة لا نستطيع استعمال الفم للإطعام بسبب فقدان الوعي، ويمكن عندها إجراء ما يلي:
إذا كان لدى المريض حقنة غلوكاغون، فليبادر مرافقه بإعدادها وحقنها في أحد الأطراف كيفما كان (تحت الجلد أو في العضلة أو في الوريد) حيث يعود الوعي بعد عدة دقائق من الحقن. وعلى مريض السكري ألا يتابع السير قبل تناول وجبة كبيرة من النشويات مع الحليب أو الماء، ثم معايرة سكر الدم.
إذا لم تكن حقنة الغلوكاغون متوفرة، يمكن للمرافق تمديد المريض على جنبه على الأرض، وطلي باطن شفتيه وخديه من الداخل بالعسل أو الدبس أو مادة سكر الجل (القطر) في حال توفره.
يفضل في حالة فقدان الوعي تقديم الإسعافات المذكورة، ثم نقل المصاب إلى أقرب مركز صحي في الأراضي المقدسة، ليتم حقنه بمحلول الغلوكوز عن طريق الوريد.
الخطورة المحتملة أثناء النوم
إن أي مريض سكري في الحج معرض للإصابة بهبوط سكر الدم أثناء النوم، بسبب فرط الجهد البدني في النهار. وتعتبر هذه الحالة أشد خطورة على حياة المصاب بالسكري، لاحتمال عدم انتباه الآخرين له، والذين يكونون أيضاً في غاية التعب والإرهاق. ومن علامات نقص سكر الدم أثناء النوم :
أحلام كئيبة ومزعجة.
تعرق غزير وبارد يبلل الوسادة والوجه.
شخير حاد يشبه صوت الصرير أو الاختناق.
اختلاجات عضلية معممة.
فقدان الوعي أثناء النوم.
http://www.reefnet.gov.sy/reef/images/stories/health/Hajj/29.jpg
أمـــة الله
2010-11-02, 12:08 PM
الحج . . . رحلة الروح والبدن
ملاحظة : وردتنا هذه المقالات من الدكتور عزمي فريد بمناسبة شهر رمضان
قد لا يخطر ببال الشخص الذي يعتزم أداء مناسك الحج للمرة الأولى في مكة المكرمة مقدار العناء البدني والمسافات التي سيقطعها سيراً على الأقدام ، وذلك المناخ الصحراوي القاسي الذي سيقضي أياماً في كنفه ، فكل ما يدور في ذهنه من صور هي الشعائر الدينية التي سيقوم بها والتي يجب أن يلتزم بها بحذافيرها خطوة خطوة ومنسكاً منسكاً ، وهو يلتحف قطعتي قماش أبيض غير مخيط إن كان الحاج ذكراً ، أو اللباس العادي الطويل مع الحجاب إذا كانت أنثى ، وضمن الظروف الصحية الأساسية العامة فقط دون رفاهية أو أي مظهر من مظاهر التميز .
ومن المعروف أن الحاج سيقضي جل وقته في الدعاء والتلبية والصلاة والتسبيح والقيام وأداء الفرائض والسنن والمناسك في روحانية عالية ، متناسياً كل ما في الدنيا من مشاغل وأعمال ، ونائيا بفكره عن كل مطمع في الدنيا ، ومتخيلاً نفسه يقف بين يدي ربه يوم العرض الأكبر للحساب الأخير ، وذلك أمر طبيعي ومتوقع ، ولكنه قد يطغى على عناية الحاج بنفسه وصحته إلى درجة الإهمال ، وهو مما يتعارض مع التوصيات الدينية الأساسية ، وقد تزيد هذه الظاهرة مبالغةًً إذا كان الحاج ممن يتمنون الوفاة أثناء أداء هذه المناسك على أنها قربى لله عز وجل .
و مما يزيد من أداء مناسك الحج عناءً ، ذلك العدد الهائل من الحجاج في تلك الأيام المعدودات ، فالحرم المكي يتسع عادة لمائتي ألف زائر في الأيام العادية ، ولكنه سيغص بالملايين من الحجاج على مدار خمسة أيام ، وهذا الأمر يتطلب عناية صحية وطبية تتحمل السلطات المحلية العبء الأكبر منها وتشمل جميع المجالات وبجاهزية عالية ، ومع كل هذه الخدمات العظيمة المتوفرة بيسر وسهولة ، فإن ذلك لا يعفي الحاج من مسؤوليته في الحفاظ على صحته ، خصوصاً إذا كان من ذوي الأمراض المزمنة ، فعلى أفراد هذه الفئة التزود بالمشورة الطبية في بلدانهم قبل المغادرة إلى الأراضي المقدسة ، والعناية بأنفسهم وصحتهم قبل السفر بمدة ، فليس من مناسك الحج وتعاليم الدين الحنيف الإضرار بالنفس والجسم وعدم حمايتهما من عوامل الخطورة ، فهناك أخطار يتعرض لها الأصحاء والمرضى من الحجاج ، ولابد من الإنتباه إليها والتنبيه عليها ، ولمرضى السكري الأولوية في الاستشارة الطبية ومراجعة الحالة الصحية العامة قبل السفر بفترة غير قصيرة من أجل :
التأكد من وجود لياقة صحية وحد أدنى من الخطورة على الحياة
التعديلات العلاجية المناسبة في علاج السكري
التعديلات العلاجية المناسبة لأمراض المضاعفات المزمنة
مشكلة حرارة الجو العالية والحماية منها
الوقاية من إصابات حرارة الجو العالية ، إصابات القدم ، الإنتانات ، الأمراض العارضة
توصيات عامة للسفر والإنتظار في المطارات أو المحطات حتى الوصول إلى منطقة الحرم
1- العناية بالإصابة السكرية :
يشكل السكري مشكلة حقيقية أثناء مناسك الحج في معظم مناسكه ، ليس من أجل تحقيق ضبط سكر الدم فحسب ، بل بسبب تعدد عوامل الخطورة التي تسهم في فقدان السيطرة على سكر الدم بشكل خطير، ويوصى الحاج المصاب بالسكري بوضع أدويته ومستلزماته العلاجية في حقيبة اليد وعدم تركها في حقيبة الملابس أو في مخزن الأمتعة في الطائرة ، خصوصاً المرضى المعالجين بالإنسولين ، إذ لا ينبغي أن يتجمد في مخزن التبريد ، أو في البراد أثناء الإقامة في الديار المقدسة .
وإذا حدث طارئ صحي من أي نوع لمريض السكري ، فإن تحقيق السيطرة الفعالة على سكر الدم والمراقبة والمتابعة أمر بالغ الأهمية لجميع أنماط الإصابة السكرية ، كما أن جميع مرضى السكري في أجواء الحج أكثر عرضة لحالات نقص سكر أو الإرتفاع الشديد لسكر الدم ، فالعوامل المسببة والمتناقضة جميعها متوفرة خلال هذا المؤتمر الإسلامي ( فرط الجهد البدني ، فرط الحرارة ، فرط الطعام ، اضطراب مواعيد الوجبات ، العوامل الإنتانية ، العدوى ، . . . ) ، ولكن من الأهمية تنظيم جميع الأمور والفعاليات اليومية ، فمن الضروري مثلاً زيادة كمية الطعام المتناول قبيل البدء في المناسك ، وحمل كمية من الطعام والماء في مختلف المراحل ، ومراقبة سكر الدم بشكل متكرر ، مع الأخذ بعين الإعتبار إمكانية وجود إختلاف في أنواع الإنسولين المستخدمة في موطن الحاج والمتوفر في المملكة العربية السعودية ، ولا يغيب عن البال أهمية وجود شخص مرافق على دراية بأعراض وعلامات نقص سكر الدم وارتفاعه .
وكل ما سبق يستوجب وجود برامج للتثقيف تتعلق بالسكري وخصوصية مناسبة الحج ، والعنايات النوعية بالإصابة السكرية بما فيها الغذاء والدواء والمراقبة والجرعات والتعديلات العلاجية مسبقة الإعداد ، والتحصين ضد الأمراض ، والمحافظة على التوازن المائي والشوارد في الجسم ، والعناية بالمضاعفات المزمنة والوقاية من إصابات القدم بشكل خاص .
2- مشكلة الشمس الحارقة والحرارة العالية :
فليس من السهولة التأقلم سريعاً مع حرارة الجو الصحراوي في وادٍ غير ذي زرع ، حيث تكون الشمس المدارية لاهبة وقريبة من الوضعية العمودية ، ويقدر معدل الحرارة في فصل الشتاء في مكة المكرمة 30 درجة مئوية نهاراً و 20 درجة مئوية ليلاً ، و ذلك شبيه بصيف بلاد الشام الذي نعتبره حاراً ، ولكم أن تتخيلوا كم تصبح هذه الحرارة خلال أشهر الصيف في أم القرى وما حولها ، إذ تصبح الحروق الشمسية أشد خطورة خصوصاً بالنسبة لأصحاب البشرة البيضاء والرقيقة ، ومع أن لباس الإحرام الأبيض يعمل كعاكس للأشعة الشمسية المؤذية ، وربما المظلات البيضاء أيضاً ، مع توفر مرذات الماء في الشوارع ، فإن إفراز العرق وخسارة الماء والأملاح من الجسم لا مفر منه ، و يبقى أمراً ذا تأثير كبير على سلامة الحاج ، ومرضى السكري أيضاً .
ونلخص التوصيات العامة والهامة التي يجب توصية الحاج السكري في هذا المجال :
تجنب قضاء وقت طويل تحت أشعة الشمس ، خصوصاً وقت الظهيرة والعصر
السفر ليلاً ما أمكنه ذلك
تجنب أماكن الإزدحام والإندفاع الجماعي من الناس
إبقاء الرأس تحت المظلة البيضاء أثناء تأدية المناسك
تناول كميات كبيرة من الماء والسوائل يومياً وبشكل متكرر
إحمل الماء للشرب حيثما يتنقل الحاج
زيادة كمية الملح المتناولة مع الطعام أو تناول حبوب الملح
تجنب السفر والتنقل في وسائل النقل المكشوفة
وفي الحقيقة ، تحدث ضربة الحر لدى الأشخاص الذين لم يتأقلموا مع الطبيعة الحارة ولم يلتزموا بالإجراءات الواقية وبالغ في بذل الجهد البدني ، إذ أن نقص سوائل البدن والأملاح عن طريق التعرق والتبخر الجلدي من الأسباب الرئيسية لضربة الحر ، ويقدر ما يفقده الشخص يومياً من الماء 5 لترات و من الأملاح 20 غراماً ، وتبدأ أعراض ضربة الحر بالشعور بالتجفف والوهن ونقص النشاط ، ثم دوار وتشنج العضلات الإرادية المخططة ، والتي تزول بالراحة والتبريد اللطيف وتعويض السوائل والأملاح .
ويمكن لضربة الشمس أن تحدث بعد 20 دقيقة من مزاولة الجهد البدني في جو حار ، ويصبح الجلد ساخناً مع غياب التعرق بشكل واضح و كامل ، وتشكل هذه الحالة خطورة بالغة على حياة الأطفال والمسنين ومرضى السكري ، وتستوجب الحالة البدء فوراً في معالجة الحالة ونقل المصاب إلى مكان ظليل مبرد بتحريك الهواء الممتزج مع رذاذ الماء الفاتر ، وإعطاء السوائل عن طريق الفم إذا كان المريض واعياً ، مع تبديل ثيابه ، بينما يحتاج المصاب غير الواعي للعناية المركزة والخبرة المتخصصة ، وعادة لا ينصح بوضع المصاب في أحواض الماء المثلج ، ذلك أن التقلص المفاجئ للأوعية الدموية تسبب فيما بعد ارتفاع حرارة الجسم الإرتكاسي وربما كان لها أضرار أخرى .
وعلى الرغم من تزويد أماكن تجمع الحجاج وطرق الإنتقال بمرذات الماء التي تعمل على ترطيب الجو الخارجي ، فإن ذلك لا يغني عن تناول الماء طوال فترة قضاء شعائر الحج والتنقل والإقامة .
3- العناية بالقدم :
ومن المشاهد الملفتة للنظر أن معظم الحجيج يتنقلون سيراً على الأقدام ويقطعون مسافات طويلة ولفترات طويلة ، وعلى ذلك يوصى بانتعال الحذاء المناسب وبمواصفات صحية توفر التهوية والراحة للقدم ، ففي أيام الحج ترتفع حرارة الرمل والأرض بما يكفي لسلق بيضة الدجاج ، ولنا أن نتصور ما يمكن أن يحدث لجلد القدم من حروق ، وتصبح هذه الحروق أشد خطورة عند مرضى السكري ومرضى الإعتلال العصبي ، إذ من الممكن أن تتطور الإصابة بسرعة مذهلة إلى ما هو أسوأ مع تراجع قدرة الجرح على التندب وإمكانية حدوث إختلاط الإنتان وانتشاره في العضو المصاب أو تعممه عن طريق الدم .
وعادة ما يخلع الحاج نعليه عند الصلاة ، ومن المتوقع أن تختلط الأمور بعد انتهاء الصلاة فلا يدري صاحب النعل أي نعل له ، هذا إذا لم يفقد نعله فعلياً ، فإما أن يعود حافي القدمين إلى مكان إقامته المؤقت ضمن الأجواء المذكورة آنفاً ، أو أن يضطر إلى انتعال نعل ليس بمقاس قدميه ، فتحدث الرضوض والسحجات بسهولة أكثر ، وعلى ذلك ينصح الحاج بوضع نعله في كيس إلى جانبه تجنباً لماً ذكر.
4- خطورة الأمراض الإنتانية :
التلقيح ضد التهاب الكبد والملاريا ، مع أهمية الالتزام بالمعايير الوقائية واستبعاد مصادر الخطورة ومسببات العدوى . والتلقيح ضد التهاب الكبد ب ، والكزاز وإنتان قشر الدماغ ، والتيفوئيد والدفتريا والسل ، مع توصية الحاج بطلب المشورة الطبية دون تلكؤ في البلد المضيف لأي عارض صحي غير مألوف كالحمى ، الإسهال ، اليرقان ، تقيح الجلد ، الصداع المستمر الحاد ، الدوار ، الإنهاك المستمر، السعال المستمر ، الأعراض الصدرية والتنفسية ، حتى بعد العودة إلى أوطانهم بفترة .
وتصر السلطات الصحية السعودية على أن يتلقى جميع الحجاج لقاحاً من ACWY Vax بجرعتين ( خلال ثلاثة أشهر متفرقة ) مع لقاح السحايا ، إذ يوجد سنوياً عدد من الإصابات بإنتان السحايا بالمكورات السحائية ، ويعتقد أن التمنيع يستمر لثلاث سنوات تقريباً ، ويطلب التثبت من أخذ هذه اللقاحات قبل منح تأشيرات الدخول للمملكة .
ويذكر أن أحد شعائر الحج هو حلق الرأس تماماً بالنسبة للذكور ( مع وجود ترخيص شرعي بتقصير الشعر ) ، ويتم ذلك باستخدام الشفرة أو موسى الحلاقة العادية ، وعادة ما يقوم بهذا العمل أشخاص لا يمتهنون مهنة الحلاقة أصلاً وليسوا على ثقافة ومهارة كافيين ، وهذا مما يزيد من زيادة معدل خطورة نقل الأمراض الوبائية والفيروسية ( الإيدز - التهاب الكبد B,C ) من شخص لآخر نتيجة الإستخدام المتكرر لأداة الحلاقة وعدم استبدال الشفرة والتخلص من المستعملة ، مع الأخذ بعين الإعتبار أن كثيراً من الحجاج يقدمون من مناطق تستوطن فيها مثل هذه الأمراض ، ويعتقد أنهم ناقلون لمثل هذه الأمراض . ولا غنى عن تثقيف الحاج حول مدى خطورة إهمال القواعد الصحية العامة . ومن حسن الحظ ، ولكون العلاقة الجنسية الطبيعية بين الأزواج محظورة أيضاً خلال فترة الإحرام في الحج ، فإن إنتقال الأمراض الجنسية تكون في حدودها الدنيا في هكذا مناسبات .
5- الجروح والرضوض :
من الشائع التعرض للجروح الصغيرة والرضوض خلال فترة الحج ، ولكنها تتركز في أصابع القدمين نتيجة وطء الأجسام الصلبة ، أو الدوس عليها عفوياً من قبل الآخرين في مناطق الإزدحام ( الطواف ، السعي ، رمي الجمرات ) ، ويكون مرضى السكري أكثر عرضة لتحول الجروح الصغيرة إلى مدخل واسع للإصابات الإنتانية المميتة خلال النفرة إلى منى ورمي الجمرات ، وتتضاعف هذه الخطورة عند المرضى المذكورين إذا ترافقت الإصابة السكرية بإعتلال الأعصاب المحيطية ، وعلى ذلك لابد من نصح مرضى السكري بتجنب ذروات الإزدحام ، خصوصاً أن نسبة عالية من الوفيات أثناء أداء مناسك الحج تكون نتيجة اندفاع الحجاج الهائل أثناء المرور والتنقل والتصادم ، ثم الدوس خطأً على من يقع على الأرض ولا يتمكن من الوقوف ثانية ، ولا بأس بنصح الحاج المريض بالأخذ بالرخص وتوكيل آخرين برمي الجمرات لاستكمال تأدية مناسك الحج .
6- الأمراض المزمنة :
ينصح دوماً لمرضى الأمراض المزمنة بأخذ مؤونة كافية من المستلزمات العلاجية ، وحمل بطاقة تدل على نوع مرضه والعلاجات التي من المعتاد أن يتناولها ، بالإضافة إلى إسمه والبلد الذي قدم منه ، فذلك يساعد كثيراً على تقديم الخدمة الإسعافية النوعية في الحالات الطارئة في المراكز الطبية التابعة لمناطق أداء مناسك الحج ، ويعتقد أن بعض العلاجات الدوائية لارتفاع التوتر الشرياني يستوجب إعادة النظر في التداوي بها خلال فترة الحج أو استبدالها بأنواع أخرى ، مثل بعض المدرات .
7- أمراض الفم والأسنان :
يوصى دوماً بإتمام العلاجات الفموية والسنية قبل التوجه إلى الحج بفترة ، وعدم إهمال صحة الفم وقائياً في سياق المتعة الروحية التي يحلق بها الحاج أثناء رحلة العمر ، فلابد من اقتناء وسائل العناية بنظافة الفم ، وبعض المسكنات للحالات الطارئة من الإصابات السنية ، حتى زيت القرنفل يمكن أن يؤدي وظيفة تسكينية سريعة خلال مختلف مراحل أداء المناسك ، وهذه العناية أساسية لمرضى السكري ولغير السكريين ، وتقلل من العوامل المؤهبة لاضطراب سكر الدم غير المفسر عند المصابين بالداء السكري .
8- فيما يخص الإناث والسيدات :
يعتبر الحيض من مفسدات مناسك الحج والصلاة ، ومن هنا تتطلب هذه المسألة حلاً للسكريات وغير السكريات ، ولا تتقبل أي أنثى بعد العناء المادي والمعنوي والسفر والوقت والجهد أن يفسد حجها ، لذلك فإن تأجيل حدوث الدورة الشهرية باستخدام حبوب موانع الحمل المركبة أو تناول البروجيستيرون يومياً يحل المشكلة، وهذا الأمر يتطلب إستشارة مسبقة ، وإعداداً مسبق ، ضمن خطة زمنية محددة قبل السفر والحج .
9- الصيام في مناسك الحج :
يجب تقييم الحالة الصحية للحاج السكري بشكل عميق وشامل ، والأخذ بعين الإعتبار وجود المضاعفات المزمنة ، نوع العلاجات التي لا يجب التخلي عنها ، الوسط البيئي والمناخي الحار ، ومناقشة الأمر مع الشخص المستشير بكل جوانبه ، فإن لم يتوفر الأمان الصحي لصيام الأيام الثلاثة في الحج ، والسبعة عند العودة ، فلابد من الأخذ بالرخص .
وأخيراً ، فكم يحتاج الطبيب إلى توفر الثقافة الصحية و الوعي عند المريض السكري والمرشد الديني المرافق له أثناء الحج لضمان سلامة هذا الإنسان ، وذلك يحتاج إلى برامج تثقيفية عامة قبل مواسم الحج بفترة طويلة ، مع التركيز على النقاط الهامة قبيل بدء هذا الموسم الذي تطغى فيه الروحانية على قواعد السلامة والمحافظة على الحياة ، وعلى الطبيب المستشار أمام مريضه الذي يعتزم الحج والعمرة أن يعيد التوازن بين الروحانية واستمرار الحياة.
بقلم الدكتور عزمي فريد
أمـــة الله
2010-11-02, 12:08 PM
دليل المريض السكري في الحج والعمرة
ملاحظة : وردتنا هذه المقالات من الدكتور عزمي فريد بمناسبة شهر رمضان
بسم الله الرحمن الرحيم
لم يفرض سبحانه وتعالى فريضةًً تتعارض مع صحة الإنسان أو تسبب له الأذى ، بل ليس من موجبات صحة أداء الفريضة أن تسبب للمتعبد أذىً جسدياً أو صحياً ، وعليه ، فإنه ليس من العبادة في شيء أن يتسبب الحاج المصاب بالسكري لنفسه أي أذى أثناء أدائه مناسك الحج والعمرة ، لأنه لو توانى في الأخذ في أسباب المحافظة على الصحة والتوازن السكري ، لأصبح أداؤه لمناسك الحج مجرد عناء وجهد فقط . . ولكن بدون لذة في العبادة .
ما الذي يميز موسم الحج عن بقية الأيام بالنسبة للمريض السكري ؟
تحمل أيام الحج بالنسبة للحاج السكري تغيراً كبيراً في البيئة المحيطة والظروف المعيشية ، قد يتعارض بعضها مع القواعد والشروط الصحية المناسبة والخاصة بالمريض السكري بشكل عام ، وغايتنا أن يتمكن الحاج من تلافي الظروف الضارة به وامتلاك القدرة و المعرفة لاتخاذ الإحتياطات الضرورية ، وتوفير البدائل المناسبة ، أو الأخذ بالرخص الشرعية .
ومن أجل أداءٍ كاملٍ لفريضة الحج ، نأمل من كل حاج سكري أن يقرأ هذه المقالة بتمعن وأن يعلم زملاءه من الحجاج المصابين بالسكري ، وأن يصطحب نسخة منها معه في السفر فيقدم بذلك خدمة تطوعية كبيرة ، وفي ذلك ثواب كبير له :
أولاً - راجع طبيبك في بلدك قبل السفر بفترة بفترة لا تقل عن الشهر ، واطلب منه تزويدك بجميع التوصيات اللازمة لك في الحج والتي قد تتطلب تعديل نوع بعض الأدوية أو جرعاتها أو مواقيت تناولها ، ولا تنسى ضرورة وأهمية مناقشته حول اللقاحات اللازمة ، والصيام في الحج ، ورمي الجمرات وأماكن الإزدحام ، ولا بأس بالأخذ بالرخص في بعض المواقف فالله أرحم الراحمين ، ثم تزويدك بتقرير خطي حول ما لديك من أمراض وانواع المعالجات التي تحتاجها عادة .
ثانياً – السفر :
يعتبر السفر بحد ذاته مشكلة للمصاب بالسكري ، حيث يجب على المسافر أن لا ينسى حمل دوائه في حقيبة يده ، لا حقيبة الملابس ، مع بقية الأدوات الطبية مثل جهاز التحليل وشرائطه والواخزات وغيرها . . وأن يحفظ الإنسولين - إن كان هو الدواء الموصوف و المستعمل لعلاج السكري - في محفظة تحتوي على الجليد ، وأن يكون في مكان آمن يحميه من أشعة الشمس ، ومن الإرتجاجات الشديدة ، وإذا كان الدواء هو الحبوب الخافضة للسكر ، فمن الضروري أن تكون بعيدة عن الرطوبة . ولا تنسَ أبداً أخي الحاج ، وأختي الحاجة ، أن تحمل معك في حقيبة يدك وجبات طعامية تحتوي على النشويات كالخبز أو الكعك ، بعضها كوجبة خفيفة ، وبعضها كوجبة أساسية ، إذ غالباً ما يحدث ازدحام وتأخير في المطارات أو النقاط الحدودية ، فربما تدخل في توقيت ذروة الإنسولين أو تتعرض لنقص في سكر الدم أثناء الإنتظار وأنت قابع قرب أمتعتك ، فلا بأس أن تحمل معك طعامك الصحي وتتناوله تفادياً لحدوث نقص في سكر دمك ، وكذلك الماء للشرب ، فالأجواء حارة في معظم الأوقات ، والجهد متزايد ، وإفراز العرق الشديد قد يسيء إلى ضبطك لسكر دمك .
ثالثاً – مشكلة الجو الحار :
وما يحمله هذا الجو من إمكانية تعرض الحاج لضربة الشمس وضربة الحر وفقد للأملاح والسوائل من البدن بشدة ، وتستطيع أخي الحاج تخفيف هذا الظرف بحمل مظلة بيضاء ، وشرب الماء بكثرة ، وشرب اللبن الممدد ( العيران ) لتعويض الأملاح ، وقد تحدثت بعض المصادر الطبية أن الشخص يفقد في الحج في الأيام الحارة 5 لترات من الماء يومياً ، وما يعادل 20 غراماً من الملح ، أي تقريباً 3 أضعاف ما يحتاجه الجسم من الملح في اليوم الواحد ، وحتى تشعر بأعراض نقص الملح ( ألم في عضلات الساقين و وهن شديد وإعياء ) يمكنك إضافة ربع ملعقة شاي صغيرة ( 1 غ تقريباً بحجم حبة الحمص) إلى كل لتر من ماء الشرب الذي تحمله معك أثناء أداء مناسك الحج لتشرب منه بشكل متكرر ، وهذه الكمية لا تغير من طعم الماء أو طبيعته ، ولكنها تحميك من الضرر ، وتجنب التعرض للشمس منعاً من حدوث الحروق الجلدية ، ولا بأس في استعمال المراهم الواقية ، وترطيب لباس الإحرام بالماء بين حين وآخر ، ولكن لا تنسَ أن قدميك أيضاً معرضتان للحروق إذا مشيت حافياً أثناء الطواف أو رمي الجمرات . إحمل معك الماء للشرب دائماً ، وتجنب السفر أو التنقل في سيارة مكشوفة ، وليكن تنقلك إلى الأماكن البعيدة ليلاً .
رابعاً – مشكلة تأمين الطعام والماء النظيفين :
وبالأصح ، لا تجعل منهما مشكلة أثناء قضاء مناسك الحج ، واحمل معك قبل خروجك إلى المناسك طعاماً ( كالخبز أو التمر أو البلح ) يمكنك تناوله عند الحاجة كوجبات خفيفة متعددة أثناء الطواف أو السعي ، فبذلك تمنع من حوادث نقص سكر الدم بسبب ما تقوم به من جهد ، ولا تنسَ أن تحمل معك مواداً سكرية ( كالتمر اليانع أو مكعبات السكر أو أنبوباً من القطر ) ، وماء للشرب ، فهي تسعفك فوراً فيما لو بدأت تشعر بأعراض نقص سكر الدم ، وإذا ما قدَّرتَ أنك يجب أن تبدأ بتناول الطعام قبل الآخرين ، فلا تخجل من فعل ذلك ، وابدأ بتناول الطعام ، فحالتك السكرية لا تنتظر ، كما أنه على الآخرين أن يراعوا نظامك العلاجي الصحي ، أما موضوع صيامك أثناء الحج فهو مماثل لما أنت عليه بالنسبة لشهر رمضان المبارك ، بل قد يصبح أكثر خطورة بسبب ارتفاع حرارة الجو وشدة الجهد البدني الذي تقوم به وإن كان بطيئاً ، وأنت تعلم مسبقاً وجود رخصة شرعية للمريض (( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر )).
خامساً – مسألة الدواء :
لايمكن حفظ الإنسولين في تلك البلاد إلا في باب البراد ، فاحفظه به بعيداً عن المجمدة ، والتزم بمواعيد الحقن ومواعيد كل وجبة طعامية وفق جدول تأثير الإنسولين ووفق ما تقوم به من جهد بدني وحركي . . أما إذا كنت تتداوى بالحبوب ، فلا تتهاون في ابتلاع الحبة في موعدها الصحيح ، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال ((تداووا عباد الله . . )) كما تذكر دوماً أن لوجباتك الطعامية مواعيد تتوافق مع نوع الحبوب التي وصفها لك طبيبك عند مراجعته قبل الحج ، اسأله عن كل شيء ، ولن يبخل عليك بالإجابة .
سادساً – مشكلة الإزدحام والمناخ القاسي يزيدان من إمكانية حدوث الأمراض الإنتانية :
ولذلك فالنظافة الشخصية أمر ملح وضروري ، والتأكد من نظافة الطعام عادة حسنة ، وأخذ اللقاحات الضرورية قبل السفر قد يكون ضرورياً ، ولذلك استشر طبيبك في ذلك ليساعدك ، وأكثر المناطق تعرضاً للإنتان هي : القدمان ، لذلك احمهما بانتعال الحذاء المناسب ولا تمشِ حافياً ، ثم الطيات الجلدية بين الفخذين وتحت الإبط ، وهي معرضة للإنتانات بالفطور ، فاعمل على تهويتها وغسل العرق فيها ، ثم الجهاز الهضمي ، لأن بعض الأطعمة قد تكون ملوثة وغير منظفة قبل تناولها ، ثم جلد الرأس وباقي البدن إذا ما قاموا بحلق شعر رأسك بشفرة مستعملة ، تنبه ولاحظ وراقب ، لأننا ننتظر عودتك سالماً بعد أداء فريضة الحج .
سابعاً – ضبط سكر الدم :
وهذا الضبط لا يمكن أن تتأكد من تحقيقه إلا بواسطة جهاز معايرة سكر الدم الذي يعمل على التحليل الخمائري لا الضوئي ، قم بقياس سكر دمك قبل الطعام ، وبعد قيامك بأداء كل نسك من المناسك ، وقبل النوم ، وصباحاً قبل حقن الإنسولين أو ابتلاع الحبوب ، وسجل النتائج على دفتر خاص ، ففيها فائدة كبيرة للطبيب في العيادات الإسعافية في الأرض المقدسة ، ولك بعد عودتك إلى بلدك . . بالإضافة إلى أهمية أن تسأل طبيبك أو الممرضة أو المثقف الصحي عن أعراض ارتفاع سكر الدم وأعراض هبوط سكر الدم ، وكيفية التفريق بينهما ، وما يجب عمله في كلا الحالين .
ثامناً – مشكلة رمي الجمرات :
ففي موقع رمي الجمرات كثيراً ما تقع حوادث مؤسفة أنت في غنى عنها ، ويمكنك أن توكل أحد الأشخاص ليرمي الجمرات عنك ، ففي ذلك رخصة ورحمة لك ، فاغتنمها .
تاسعاً – مشكلة الإزدحام الشديد :
ففي الإزدحام الشديد تقطع المسافات القصيرة بساعات طويلة ، وفي ذلك بذل كبير للجهد واقتراب أكثر من موعد ذروة تأثير الإنسولين أو الحبوب الخافضة لسكر الدم ، مما قد يعرضك أكثر إلى هبوط سكر الدم ، لذلك احمل معك طعامك وشرابك وما يلزمك من مواد سكرية ، ولا تنتظر كثيراً لتبدأ بتناولها قبل أن تشعر بالأعراض الشديدة أو تصبح ميالاً لفقدان الوعي .
عاشراً – وقفة عرفة :
فالحج عرفة ، وجبل عرفة يمتاز بالحرارة المرتفعة وقلة الماء وكثرة الجهد ، وطول مدة الوقوف ، وأنت بحاجة إلى الرطوبة والماء والطعام ( إن لم تكن صائماً ) وتنظيم الجهد والراحة في هذا اليوم الأغر ، ولا نتمنى أن يفوتك شيء من هذا اليوم ، بل حجاً مبروراً وسعياً مشكوراً إن شاء الله .
حادي عشر - لا تتردد أبداً في مراجعة أقرب نقطة صحية في مناطق الحج ، وخصوصاً إذا شعرت بأحد الأعراض التالية ( ارتفاع شديد في سكر الدم ، صداع مستمر ، إسهال مستمر ، سعال مستمر ، حمى أو ارتفاع حرارة الجسم ، فقدان التركيز ، الإعياء المستمر أو المتزايد ، جروح أو رضوض أو فقاعات في القدم ، إحمرار أو تسلخ الجلد ، تقيح الجروح ، ألم متزايد في العضلات ، أو أية أعراض غريبة ) .
ثاني عشر - مشكلة الطعام في أيام العيد :
ففي هذا اليوم تنحر الذبائح والأضاحي ، ويكثر الطعام المتخم ، المشبع بالدهون الثقيلة وشحم الذبائح ، مع تأخر موعد تناول هذا الطعام بسبب طول مدة إعداده ، ونعتقد أنه لا بأس أن تبقى متوازناً في طعامك ودقة موعده كما كنت في الأيام السابقة التي أثبت فيها قدرة روحك على السمو فوق الشهوات ، فأنت لست محروماً من الطعام اللذيذ ، ولكن ليس هذا الطعام هو ثواب حجك ، وما ملأ ابن آدم وعاءً شراً من بطنه ، لذلك ، إعدل مع نفسك ، واجعل ثلثاً لطعامك ، وثلثاً لشرابك ، وثلثاً لنفسك .
نتمنى لك حجاً مبروراً وسعياً مشكورا وعودة ميمونة وصحة تنضح بالعافية
الدكتور عزمي فريد
البرنامج الوطني للسكري
شبكة المعرفة الريفية
Powered by vBulletin® Version 4.2.0 Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir