مشاهدة النسخة كاملة : مع نساء بيت النبوة
أمـــة الله
2008-03-03, 01:44 AM
مع نساء بيت النبوة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اليوم نبدأ بإذن الله سلسلة نساء بيت النبوة و الصحابيات وهو إن شاء الله سنتعرض فيه لتراجم
بنات ونساء النبى صلى الله عليه وسلم ثم بعد ذلك نتعرض للصحابيات رضى الله عنهن
اسال الله ان يجعل هذا العمل خالصا لوجه سبحانه وتعالى
بنات محمد صلى الله علية وسلم من السيدة خديجة رضى الله عنها
--------------------------------------------------------------------------------
زينب بنت محمد( رضى الله عنها ) الحلقة الأولى
كانت هالة بنت خويلد كثيرة التردد على السيدة خديجة رضي الله عنها
فهي تعتبرها أما وأختا لها لذلك كانتا قريبتين جدا من بعضهما ..
وكم تمنت أن تكون زينب زوجة لابنها أبي العاص .. لما لمسته فيها من نقاوة و طهر وحسن خلق .. ومن ذلك نرى أن هالة بنت خويلد أحسنت إختيار زوجة لابنها ابو العاص معتمدة على حسن سيرتها وليسزينب) رضى الله عنها..
كبرى بنات الرسول صلى الله عليه وسلم
وأولى ثمرات زواجه صلى الله عليه وسلم من السيدة ( خديجة رضي الله عنها )..
فمن هي زينب ؟؟
مولدها ونشأتها :
كما ذكرت سابقا فالسيدة زينب هي كبرى بنات الرسول ورزق بها
عندما كان في الثلاثين من عمره رضي الله عنه
فهي زينب بنت محمد بن عبدالله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد المناف ..
كانت رضي الله عنها أولى درر عقد بيت النبوة الذي سيكتمل بأخواتها من بعدها .. وكانت فرحة الرسول بقدومها عظيمة .. وكم كانت فرحة تغمر السيدة خديجة عندما رأت سعادة الرسول وهو يلاعبها ..
إعتاد أشراف مكة على إرسال أبنائهم إلى المراضع في البادية لمدة تقارب السنتين وهكذا كان الحال مع زينب ..وبعد ان عادت إلى حضن أمها عهدت بها خديجة إلى مربية تساعدها على رعايتها والسهر على راحتها ..
ترعرعت زينب في كنف والدها حتى شبت على مكارم الأخلاق والآداب والخصال الحميدة فكانت تلك الفتاة البالغة الطاهرة نقية الروح بصفاتها وعفويتها .
زواجها رضى الله عنها
كان أبوالعاص يعرف زينب منذ صغره من كثرة ترداده على بيت خالته خديجة وأعجب بصفاتها وأخلاقها ..
وفي أحد الأيام فاتحت هالة أختها بنوايا ابنها الذي اختار ( زينب ) ذو المكانة العظيمة في قريش شرفا ونسبا لتكون زوجته وشريكة حياته .
. بالإضافة إلى ذلك فإن أبا العاص على الرغم من صغر سنه فقد عرف بالخصال الكريمة والأفعال النبيلة.
وعندما ذهب أبو العاص إلى رسول الله ليخطب ابنته، قال عنه الرسول : إنه نعم الصهر الكفء .. وطلب منه الرسول الانتظار حتى يرى رأي ابنته في ذلك ، وهذا موقف من المواقف التي دلت على حرص الرسول على المشاورة ورغبته في معرفة رأي ابنته خاصة وأن هذا الأمر يتعلق بمستقبلها .. ولم يفرض رأيه عليها
دخل رسول الله على ابنته زينب وقال لها :
- بنيتي إن ابن خالتك أبا العاص بن الربيع ذكر اسمك ( كنابة عن الرغبة في الزواج )
- فسكتت زينب حياء ، ولم تحر جوابا ، واحمر وجهها خجلا .. ولكن خفقات القلب الطاهر وإغضاء النظر .. كانا خير جواب
فتبسم الرسول – عليه الصلاة والسلام – ولم يكرر السؤال ، ثم عاد إلى أبي العاص فصافحه مهنئا مباركا داعيا بالخير ..
عاشت رضي الله عنها حياة سعيدة في كنف زوجها .. فكانت نعم الزوجة الصالحة وكان هو نعم الزوج الفاضل الذي أحاطها بالحب والأمان ..
وكان ثمرة هذا الزواج السعيد أن رزقهما الله بطفلين جميلين
أولها علي بن أبي العاص الذي توفي صغيرا وكان الرسول قد أردفه وراءه يوم الفتح والثانية كانت أمامة بنت أبي العاص والتي تزوجها علي بن أبي طالب رضى الله عنة
بعد وفاة فاطمة رضي الله عنها .
كان أبي العاص يحب زوجته بشدة .. وبما أنه يعمل بالتجارة فإنه
يضطر أن يفارق زوجته في رحلاته .. فكان يقول :
ذكرت زينب لما ورّكــــت أرما فقلت سقيا لشخصٍ يسكن الحرما
بنت الأمين جزاها الله صــــالحاً وكلٌ بَعــلٍ سيثني بالذي عـلِما
إسلامهــا :
وفي يوم نزول الوحي على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كان أبو العاص في سفر تجارة ، فخرجت السيدة زينب {رضي الله عنها} إلى بيت والدها تطمئن على أحوالهم فإذا بها ترى أمها خديجة في حال غريب بعد عودتها من عند ورقة بن نوفل. سألت زينب أمها عن سبب هذا الانشغال فلم تجبها إلى أن اجتمعت خديجة {رضي الله عنها}ببناتها الأربع زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة {رضي الله عنهن} وأخبرتهن بنزول الوحي على والدهم صلى الله عليه وسلم وبالرسالة التي يحملها للناس كافة. لم يكن غريباً أن تؤمن البنات الأربع برسالة محمد صلى الله عليه وسلم فهو أبوهن والصادق الأمين قبل كل شي، فأسلمن دون تردد وشهدن أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، وقررت الوقوف إلى جانبه ومساندته، وهذا أقل ما يمكن فعله.
وعاد أبو العاص من سفره، وكان قد سمع من المشركين بأمر الدين الجديد الذي يدعو إليه محمد
دخل على زوجته فأخبرها بكل ما سمعه، وأخذ يردد أقوال المشركين في الرسول ودينه، في تلك اللحظة وقفت السيدة زينب {رضي الله عنها}موقف الصمود وأخبرت زوجها بأنها أسلمت وآمنت بكل ما جاء به محمد ودعته إلى الإسلام فلم ينطق بشيء وخرج من بيته تاركاً السيدة زينب بذهولها لموقفه غير المتوقع.
وعندما عاد أبو العاص إلى بيته وجد زوجته {رضي الله عنها} جالسة بانتظاره فإذا به يخبرها بأن والدها محمد r دعاه إلى الإسلام وترك عبادة الأصنام ودين أجداده ، فرحت زينب ظناً منها أن زوجها قد أسلم،
فهل أسلم زوجها؟...هذا ما سنعرفه بالحلقة القادمة إن شاء الله
أمـــة الله
2008-03-03, 01:47 AM
زينب بنت محمد( رضى الله عنها ) الحلقة الثانية
--------------------------------------------------------------------------------
وعندما عاد أبو العاص إلى بيته وجد زوجته {رضي الله عنها} جالسة بانتظاره فإذا به يخبرها بأن والدها محمد دعاه إلى الإسلام وترك عبادة الأصنام ودين أجداده ، فرحت زينب ظناً منها أن زوجها قد أسلم، لكنه لم يكمل ولم يبشرها بإسلامه كما ظنت فعاد الحزن ليغطي ملامح وجهها الطاهر من جديد. بالرغم من عدم إسلام أبي العاص ألا أنه أحب محمد r حباً شديدا،ً ولم يشك في صدقه لحظة واحدة، وكان مما قال لزوجته السيدة زينب {رضي الله عنها} في أحد الأيام عندما دعته إلى الإسلام :
" والله ما أبوك عندي بمتهم، وليس أحب إليّ من أن أسلك معك يا حبيبة في شعب واحد، ولكني أكره لك أن يقال: إن زوجك خذل قومه وكفر بآبائه إرضاء لامرأته "
من هذه المواقف نجد أن السيدة زينب {رضي الله عنها} على الرغم من عدم إسلام زوجها فقد بقيت معه تدعوه إلى الإسلام، وتقنعه بأن ما جاء به الرسول هو من عند الله وليس هناك أحق من هذا الدين لاعتناقه. ومن ذلك نجد أيضاً أن أبا العاص لم يجبر زوجته على تكذيب والدها أو الرجوع إلى دين آبائهِ وعبادة الأصنام ِ وحتى وإن أجبرها فلم تكن هي، لتكذب أباها إرضاء لزوجها، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، والملاحظ أن موقف أبا العاص ومسايرته لقومه مرده إلى كبرياء جاهلي ، سيطر على كثيرين من أمثاله ، مبعثه العصبية القبلية .
الهجرة :
اشتد أذى المشركين بالرسول و أصحابه وخاصة بعد وفاة خديجة وأبي طالب فأذن لأصحابه بالهجرة إلى يثرب
( ولا يفوتنا أن نذكر موقف السيدة زينب في رعايتها لإخوتها بعد وفاة أمهم وخاصة فاطمة الزهرة النضرة .. فقد أصبحت زينب نعم الأم لأخواتها )
طبق أجواء مكة ذات يوم نبأ هجرة الرسول وصاحبه إلى المدينة ومطاردة قريش لهما ، فكانت زينب تمضي الليالي مضطربة النفس خائفة القلب على الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولم ترتح إلا بعد أن وصل خبر وصوله وصاحبه إلى يثرب آمنين سالمين .. وبعد هجرة رسول الله r إلى المدينة المنورة أمر بإحضار ابنتيه فاطمة وأم كلثوم {رضي الله عنهن} إلى دار الهجرة يثرب، أما رقية {رضي الله عنها} فقد هاجرت مع زوجها من قبل ولم يبق سوى زينب التي كانت في مأمن من بطش المشركين وتعذيبهم وهي في بيت زوجها الذي آمنها على دينها.
غزوة بدر
دارت رحى غزوة بدر سريعا وحقق المسلمون فيها نصرا مؤزرا .. فقتل من المشركين من قتل وأسر من أسر وتشرد البقية .. وكان ضمن من وقعوا في الأسر ( أبو العاص بن الربيع )
الذي كان قد خرج مع المشركين يوم ذاك ..
ولما استعرض الرسول الأسرى نحا ( أبا العاص ) جانيا وقال لأصحابه :
استوصوا بالأسرى خيرا .
كانت زينب رضي الله عنها في وضع لا تحسد عليه ، وحين بدأت عملية فداء الأسرى ، كانت زينب راغبة في عودة زوجها إليها مستثيرة همة والدها العظيم لذلك ، فاستخرجت من صندوقها قلادة كانت لأمها خديجة رضي الله عنها أهدتها إياه يوم عرسها ثم حملته لشقيق زوجها عمرو بن الربيع كي يقدمها فدية عن زوجها .
فلم يكد الرسول يرى تلك القلادة حتى رق لها رقة شديدة وخفق القلب الكبير للذكرى العظيمة
وأطرق الحاضرون من الصحابة خاشعة أبصارهم وقد أسروا بجلال الموقف وروعته
وبعد صمت طويل قال ( صلى الله عليه وسلم ) :
- إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا عليها مالهم فافعلوا
فقالوا جميعا :
- نعم يا رسول الله .
الفــراق
لكن النبي أوصى أبا العاص أن برسل زينب إليه . لأن الإسلام فرق ينهما وأخذ عليه عهد في ذلك
عاد أبا العاص إلى مكة وهو بادي الوجوم ظاهر الحزن وقال لمرأته :
جئتك مودعا يا زينب
وأخبرها بما وعد أباها من ردها إليه .
ثم قال :
مهما يحدث يا زينب فسأبقى على حبك ما حييت وفيا ، وسيبقى طيفك أبدا ملئ هذه الدار التي شهدت أحلى وأطيب أيام حياتنا .
مسحت زينب دموعها المترقرقة ، وانصرفت ، ولكن قريشا تصدت لها ومنعتها وأعادتها إلى مكة وروعت رضى الله عنها بما حدث وكانت حاملا فنزفت دما وأجهضت .. فحماها أبو العاص عنده حتى استعادت عافيتها وقوتها ، فاغتنم يوما غفلت فيه قريش عنها فأخرجها بصحبة أخيه كنانة بن الربيع حتى أبلغها مأمنها عند أبيها .. وعاد كنانة وهو ينشد :
عجبت لهبار وأوباش قومه يريدون إخفارى ببنت محمد
ولست أبالي ما حييت عديدهم وما استجمعت قبضا يدي بمهندي
وهبار هو هبار بن الأسود الذي أعترض مع نفر من قومه زينب رضى الله عنها وتسبب في إسقاطها لجنينها .
ولقد أمر الرسول بقتله بعد علمه بالحدث ..
ماذا حدث لها رضى الله عنها ؟....؟؟؟
يتبع,,,,
أمـــة الله
2008-03-03, 01:51 AM
زينب بنت محمد( رضى الله عنها ) الحلقة الثالثة
--------------------------------------------------------------------------------
بلغ الرسول – صلى الله عليه وسلم – أن قافلة لقريش قد أقبلت من الشام فأرسل زيد بن حارثة رضي الله عنه في سرية لاعتراض القافلة .. فاستولوا عليها وعادوا إلى المدينة ومعهم الأسرى الذين كانوا في حراسة القافلة ..
كان من ضمن حراس القافلة أبو العاص بن الربيع .. إلا أنه استطاع الهرب من جنود سرية زيد فلم يقع في الأسر معهم ..واختبأ في مكان بالقرب من المدينة .. وظل في مكمنه يعاني البرد الشديد وخوف الصير، وكان وهو في مقامه هذا يهفو قلبه المضطرب إلى الحبيبة ( زينب ) ..
( زينب ) .. التي ماعرف الهناءة والطمأنينة إلا بجوارها ، وما عرف السعادة والأمن إلا معها .
فكر ماذا يفعل؟ هل يقوم من مكمنه ويمضي باتجاه مكة وحيدا وليس معه زاد ولا ركوب ؟
أم يتخذ سبيله إلى بيت زينب حيث الحبيبة الوفية التي لا يمكن أن تتنكر له ، يستجير بها ويلوذ بحماها ؟
وغلبه حبه وصدق مشاعره ، فتسلل تحت جنح الليل مستتر بالظلام وقرع الباب وكانت طرقاته أخف من وجيب قلبه المضطرب .
وقامت زينب رضي الله عنها خائفة .. فمن ذا الذي يطرق بابها في مثل هذه الساعة المتاخرة من الليل ؟
ونادت :
- من بالباب .
وجاءها الصوت الذي تعرف .. هامسا خائفا مضطربا :
- أنا أبو العاص
وفتحت الباب واستقبلت الزوج الحبيب !!
لكن اللقاء تحدثت به العيون بدلا من الألسنة ، وتصافحت القلوب بدلا من الأيدي ، وتعانقت الأرواح بدلا من الأجساد ، وانهمرت الدموع من العيون مدرارا .
ظل أبوالعاص – رغم استعادته سكينته – قلقا وجما بعض الشيء ، قليل الكلام .
وعرفت زينب انه جاءها مستجيرا ، محتميا بحماها، طالبا شفاعتها عند أبيها ، فطمأنته أنها ستفعل في الغد إن شاء الله ..
فلما صلى رسول الله الفجر ، قامت زينب فنادت مستشفعة :
- إني قد اجرت أبا العاص بن الربيع
فقال الرسول صلى الله عليه وسلم :
- أيها الناس هل سمعتم كما سمعت ؟
- قالوا : نعم
- فقال : فوالذي نفسي بيده ما علمت بشيء مما كان حتى سمعت بالذي سمعتم
- وأضاف : المؤمنون يد على من سواهم ، يجير عليهم أدناهم ، وقد أجرنا من أجارت
فلما انصرف عليه الصلاة والسلام إلى منزله ، دخلت عليه زينب فسألته أن يرد على أبي العاص ما أخذ منه ففعل وأمرها أن لا يقربها فإنها لا تحل له مادام مشركا .
وهذه الواقعة يجب ألا تفوتنا .
ذلك أن أبا العاص حين شعر بالامان يغمره في المدينة وأن الرسول قد أواه واجاره ورأى ما في الإسلام من سماحة أدرك ما كان فيه من جاهلية عمياء ..
كما أدرك أن حب زينب له وحبه لها أصيل ومتمكن من قلبيهما
أدرك كل ذلك .. وأراد أن يدخل في حوزة الدين الحنيف راغبا لا راهبا ، وان يعلن إسلامه ولكن .. !
وعند ( ولكن ) توقف أبو العاص .
ثارت في وجدانه شهامته العربية وإباؤه القبلي .. فأضمر في نفسه أن لا يكون إشهار إسلامه منعوتا بالتأثير والضغط .. فلا يقال في مكة بان أبا العاص أسلم رغبة في الحياة أو خوفا من الموت أو غير ذلك .. وصمم على أن يكون إشهاره لإسلامة في أندية مكة وعلى رؤوس الأشهاد .
وأيضا هناك أمر آخر وهو ما في ذمته من أموال لقريش ، فلو أنه بقى في المدينة وأعلن إسلامه فسيقولون بأنه قد تهرب من رد ودائعهم وأماناتهم .. وهذا ما تأباه نفسه
رجع أبو العاص بالمال إلى مكة وأعطى كل واحد من قريش نصيبه من المال ثم قال:" أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمد عبده ورسوله، والله ما منعني من الإسلام إلا أن تظنوا أني إنما أردت أن آكل أموالكم، فلما أداها الله إليكم فرغت منهم وأسلمت".جمع أبو العاص أغراضه وعاد إلى يثرب قاصداً مسجد الرسول r فإذا بالرسول r وأصحابه يفرحون بعودته، ليكمل فرحتهم تلك بالإسلام ورد عليه الرسول زينب فاجتمع الشمل ، واكتمل العقد وخيم على الدار ماكان من قبل من حبور وسرور ، وهناءة وسعادة .
وفاتها ( رضي الله عنها ) :
مضى على الزوجين الحبيبين عام واحد في المدينة ، يعبان من السعادة والفرحة ، ثم كان الفراق الأبدي الذي لا لقاء بعده إلا في الدار الأخرة .
إذ توفي الله تعالى إليه زينب – رضي الله عنها – في مستهل السنة الثامنة من الهجرة ، متأثرة بمرض النزف الذي لازمها منذ هجرتها .
وبكاها أبوالعاص بكاء حارا ، وتشبث بها حتى أبكى من حوله .
وجاء رسول الله دامع العين ، محزون الفؤاد ، وقد ذكره موتها فراق خديجة رضي الله عنها .
ثم قال للنسوة اللاتي اجتمعن حولها :
- اغسلنها وتراً، ثلاثاً أو خمساً .. واجعلن في الآخرة كافور
ثم صلى عليها ، وشيعها إلى القبر .
رضي الله عن زينب بنت الرسول صلى الله عليه وسلم ، وجزاها بما صبرت جنة وحريرا ,,
يتبع غدا باذن الله عن الابنة الثانية لسيد البشرية علية اطيب الصلاة والتسليم ( رقية ) رضي الله عنها
أمـــة الله
2008-03-03, 12:29 PM
نكمل اليوم بأذن الله عن سيرة طيبة وعطرة بدأناها بزينب بنت محمد( رضى الله عنها ) وسنتحدث اليوم عن الابنة الثانية لسيد البشرية علية اطيب الصلاة والتسليم ( رقية )
************************************
رقية بنت الرسول رضي الله عنها
الجزء الاول
نشأتها :
ولدت رضي الله عنها بعد أختها زينب فكانت قرة عين لوالديها الكريمين ..
وما لبثت أن جاءت بعدها ( أم كلثوم ) فنشأتا سويا ، متلاصقتين متعاطفتين ، وكأنهما توأمين ..
وقد استمدت ( رقية رضي الله عنها ) كثيراً من شمائل أمها، وتمثلتها قولاً وفعلاً في حياتها من أول يوم تنفس فيِه صبح الإسلام، إلى أن كانت رحلتها الأخيرة إلى الله عز وجل. فكانت سيرتها كنز من كنوز الفضائل والأخلاق مليئة بالنفحات الإيمانية ..
زواجها رضي الله عنها من عُتبة
لم يمض على زواج زينب كبرى البنات غير وقت قصير ، حتى جاء أبوطالب إلى النبي صلى الله عليه وسلم خاطبا رقية وأم كلثوم لبني أخيه عبد العزى بن عبدالمطلب ( أبي لهب ) فلقد أصبحتا في سن الزواج.
قال أبو طالب :
- جئناك نخطب ابنتينا ( رقية ) و ( أم كلثوم ) وما أراك تضيق بهما على ابني عمك عتبة و عتيبة ابني عبد العزى
- فأجاب الرسول صلى الله عليه وسلم :
- معاذ القرابة والرحم ، ولكن هلاّ أمهلتني يا عم حتى أتحدث في هذا إلى ابنتي ..؟
وعرض الرسول صلى الله عليه وسلم الأمر على أهل بيته ..
وأحست رقية وأختها انقباضاً لدى أمهما خديجة، فالأم تعرف من تكون أم الخاطبين زوجة أبي لهب، ولعل كل بيوت مكة تعرف من هي أم جميل بنت حرب ذات القلب القاسي والطبع الشرس واللسان الحاد. ولقد أشفقت الأم على ابنتيها من معاشرة أم جميل، لكنها خشيت اللسان السليط الذي سينطلق متحدثاً بما شاء من حقد وافتراء إن لم تتم الموافقة على الخطوبة والزواج، ولم تشأ خديجة أيضاً أن تعكر على زوجها طمأنينته وهدوءه بمخاوفها من زوجة أبي لهب،، فسكتت كما سكتت الفتاتان حياء ، وأغضتا عن الجواب رقة وخجلا , وعلت الحمرة وجهيهما فزادتهما بهاء .
وتمت الموافقة ..
وبارك محمد ابنتيه، وأعقب ذلك فرحة العرس والزفاف وانتقلت العروسان في حراسة الله إلى بيت آخر وجو جديد.
انبثاق فجر الإسلام
ودخلت رقية مع أختها أم كلثوم بيت العم، ولكن لم يكن مكوثهما هناك طويلاً .. فقد لاح في سماء مكة قبس من نور أضاءها وبدد ظلمتها ، إذا أظلتها بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم هداية ونور .. وتذكرت خديجة رضي الله عنها ابنتيها ( رقية ) و ( أم كلثوم ) وما سيئول إليه أمرهما على يد أم جميل الظالمة وزوجها المطواع الألعوبة في يد زوجته .
وقد قام رسول الله بدعوة الناس إلى الإسلام وعندما علم أبو لهب بذلك أخذ يضحك ويسخر من رسول الله ثم رجع إلى البيت، وراح يروي لامرأته الحاقدة ما كان من أمر محمد ابن أخيه الذي أخبرهم أنه رسول الله إليهم؛ ليخرجهم من الظُلمات إلى النور وصراط العزيز الحميد، وشاركت أم جميل زوجها في سخريته وهزئه.
ولعب الشيطان برأس أم جميل ، وقررت الإنتقام من محمد فهي بطبعها حسودة حاقدة، تكره أن يصيب الخير غيرها ،، فبدأت بأذيته وبأذية ابنتيه وسلكت ضد سيدنا رسول الله أبشع السبل في اضطهاده، وزادت على ذلك أن أرسلت إلى أصهار رسول الله تطلب منهم مفارقة بنات الرسول، أما أبو العاص فرفض طلبهم مؤثرا ومفضلاً ً صاحبته زينب على نساء قريش جميعاً، وقد أمن في نهاية المطاف وجمع الله شمل الأحبة.
وطفقت أم جميل تنفث سمومها في كل مكان تكون فيه و تزرع بذور الفتنة، وتبغي نشر الحقد والفساد، فراحت تجمع الحطب لتضعه في طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم لتؤذيه.
ولكن القرآن الكريم تنزل على الحبيب المصطفى ندياً رطباً، ونزل القرآن عليه يشير إلى المصير المشؤوم لأم جميل بنت حرب، وزوجها المشؤوم أبي لهب، قال الله تعالى: )تبت يدا أبي لهب وتب *ما أغني عنه ماله وما كسب* سيصلى نارا ذات لهب* وامرأته حمالة الحطب * في جيدها حبلاً من مسد(. (المسد:1-5).
وكانت رقيِّة وأم كلثوم في كنف ابني عمهما، لما نزلت سورة المسد، وذاعت
في الدنيا بأسرها، ومشي بعض الناس بها إلى أبي لهب وأم جميل، اربدَّ
وجه كل واحد منهما، واستبد بها الغضب والحنق، ثم أرسلا ولديهما عُتبة
وعُتيبة وقالا لهما: إنَّ محمداً قد سبهما، ثم التف أبو لهب إلى ولده
عتبة وقال في غضب: رأسي من رأسك حرام إن لم تطلق ابنة محمد؛ فطلقها قبل
أن يدخل بها. وأما عُتيبة، فقد استسلم لثورة الغضب وقال في ثورة
واضطراب: لآتين محمداً فلأوذينَّه في ربه. وانطلق عتيبة بن أبي لهب إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم فشتمه ورد عليه ابنته وطلقها، فقال رسول
الله"اللهم سلط عليه كلباً من كلابك" واستجابت دعوة الرسول ، فأكل
الأسد عُتيبة في إحدى أسفاره إلى الشام.
ولم يكفها أن ردت رقيِّة وأم كلثوم مطلقتين، بل خرجت ومعها زوجها أبو
لهب (الذي شذ عن الأعمام وآل هاشم، فقد جمع بين الكفر وعداوة ابن
أخيه)، وسارت وإياه يشتمان محمداً، ويؤذيانه ويؤلبان الناس ضده، وقد
صبر الرسول r على أذاهم. وكذلك فعلت رقيِّة وأختها، صبرتا مع أبيهما،
وهما اللتان تعودتا أن تتجملا بالصبر قبل طلاقهما، لما كانت تقوم به أم
جميل من رصد حركاتهما ومحاسبتهما على النظرة والهمسة واللفتة.
زواج رقيِّة من عثمان:
شاءت قدرة الله لرقيِّة أن ترزق بعد صبرها زوجاً صالحاً كريماً من
النفر الثمانية الذين سبقوا إلى الإسلام، وأحد العشرة المبشرين بالجنة،
ذلك هو (عثمان بن عفان) صاحب النسب العريق، والطلعة البهية، والمال
الموفور، والخلق الكريم. وعثمان بن عفان أحد فتيان قريش مالاً،
وجمالاً، وعزاً، ومنعةً، تصافح سمعه همسات دافئة تدعو إلى عبادة العليم
الخبير الله رب العالمين. والذي أعزه الله في الإسلام سبقاً وبذلاً
وتضحيةً، وأكرمه بما يقدم عليه من شرف المصاهرة، وما كان الرسول الكريم
ليبخل على صحابي مثل عثمان بمصاهرته، وسرعان ما استشار ابنته، ففهم
منها الموافقة عن حب وكرامة، وتم لعثمان نقل عروسه إلى بيته، وهو يعلم
أن قريشاً لن تشاركه فرحته، وسوف تغضب عليه أشد الغضب. ولكن الإيمان
يفديه عثمان بالقلب ويسأل ربه القبول.
ودخلت رقيِّة بيت الزوج العزيز، وهي تدرك أنها ستشاركه دعوته وصبره،
وأن سبلاً صعبة سوف تسلكها معه دون شك إلى أن يتم النصر لأبيها
وأتباعه. وسعدت رقيِّة رضي الله عنها بهذا الزواج من التقي النقي عثمان
بن عفان رضي الله عنه، وولدت رقيِّة غلاماً من عثمان فسماه عبد الله،
واكتنى به..
يــتــــبــــــــع الجزء الثاني
ذو الفقار
2008-03-03, 03:48 PM
:p015:
تسجيل متابعة
زنبقة الاسلام
2008-03-03, 04:32 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
جزاك الله كل خير اختي الحبيبة نورا
متابعين ان شاء الله للسيرة الطيبة العطرة لنساء بيت النبوة رضوان الله عليهن
أمـــة الله
2008-03-03, 11:03 PM
جزانا واياكم جنان النعيم أخوتي ذو الفقار وزنبقة وبارك الله فيكن على المتابعة والمرور العطر منورين الصفحة
أمـــة الله
2008-03-03, 11:09 PM
رقية بنت الرسول رضي الله عنها الجزء الثاني
رقية والهجرة إلى الحبشة:
ودارت الأيام لكي تختبر صدق المؤمنين، وتشهد أن أتباع محمد قد تحملوا
الكثير من أذى المشركين، كان المؤمنون وفي مقدمتهم رقيِّة وعثمان رضي
الله عنهم في كرب عظيم، فكفار قريش ينزلون بهم صنوف العذاب، وألوان
البلاء والنقمة،)وما نقموا بهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد(
(البروج:8).ولم يكن رسول الله بقادر على إنقاذ المسلمين مما يلاقونه
من البلاء المبين، وجاءه عثمان وابنته رقيِّة يشكوان مما يقاسيان من
فجرة الكافرين، ويقرران أنهما قد ضاقا باضطهاد قريش وأذاهم.
وجاء نفر آخرون ممن آمن من المسلمين، وشكوا إلى الرسول الكريم صلى الله
عليه وسلم ما يجدون من أذى قريش، ومن أذى أبي جهل زعيم الفجار. ثم أشار
النبي عليهم بأن يخرجوا إلى الحبشة، إذ يحكمها ملك رفيق لا يظلم عنده
أحد، ومن ثم يجعل الله للمسلمين فرجاً مما هم عليه الآن.
وأخذت رقيِّة وعثمان رضي الله عنهما يعدان ما يلزم للهجرة، وترك الوطن
الأم مكة أم القرى. ويكون عثمان ورقيِّة أول من هاجر على قرب عهدهما
بالزواج، ونظرت رقيِّة مع زوجها نظرة وداع على البلد الحبيب. وتمالكت
دمعها قليلاً، ثم صعب ذلك عليها، فبكت وهي تعانق أباها وأمها وأخواتها
الثلاث زينب وأم كلثوم والصغيرة فاطمة، ثم سارت راحلتها مع تسعة من
المهاجرين، مفارقة الأهل والأحباب، وعثمان هو أول من هاجر بأهله، ثم
توافدت بعد ذلك بعض العزاء والمواساة،
لكنها ظلت أبداً تنزع إلى مكة وتحن إلى من تركتهم بها، وظل سمعها مرهفاً يتلهف إلى أنباء أبيها
الرسول وصحبة الكرام. ولقد أثرت شدة الشوق والحنين على صحتها،
فأسقطت جنينها الأول، وخيف عليها من فرط الضعف والإعياء، ولعل مما خفف
عنها الأزمة الحرجة رعاية زوجها وحبة وعطف المهاجرين وعنايتهم.
وانطلق المهاجرون نحو الحبشة تتقدمهم رقيِّة وعثمان، حتى دخلوا على
النجاشي، فأكرم وفادتهم، وأحسن مثواهم، فكانوا في خير جوار،لا يؤذيهم
أحد ويقيمون شعائر دينهم في أمن وأمان وسلام. وكانت رقيِّة رضي الله
عنها في شوق واشتياق إلى أبيها رسول الله وأمها خديجة، ولكن المسافة
بعيدة، وإن كانت الأرواح لتلتقي في الأحلام.
وجاء من أقصى مكة رجل من أصحاب رسول الله، فاجتمع به المسلمون في
الحبشة، وأصاخوا إليه أسماعهم حيث راح يقص عليهم خبراً أثلج صدورهم،
خبر إسلام حمزة بن عبد المطلب وعمر بن الخطاب، وكيف أن الله عز وجل قد
أعز بهما الإسلام. واستبشر المهاجرون بإسلام حمزة وعمر، فخرجوا راجعين،
وقلوبهم تخفق بالأمل والرجاء، وخصوصاً سيدة نساء المهاجرين رقيِّة بنت
رسول الله التي تعلق فؤادها وأفئدة المؤمنين بنبي الله محمد .
العودة إلى مكة:
وصلت إلى الحبشة شائعات كاذبة، تتحدث عن إيمان قريش بمحمد، فلم يقو بعض
المهاجرين على مغالبة الحنين المستثار، وسَرعان ما ساروا في ركب متجهين
نحو مكة، ويتقدمهم عثمان ورقيِّة، ولكن يا للخيبة المريرة، فما أن
بلغوا مشارف مكة، حتى أحاطت بهم صيحات الوعيد والهلاك. وطرقت رقيِّة
باب أبيها تحت جنح الظلام، فسمعت أقدام فاطمة وأم كلثوم، وما أن فتح
الباب حتى تعانق الأحبة، وانهمرت دموع اللقاء. وأقبل محمدr نحو ابنته
يحنو عليها ويسعفها لتثوب إلى السكينة والصبر، فالأم خديجة قد قاست مع
رسول الله وآل هاشم كثيراً من الاضطهاد مع أنها لم تهاجر، وقد ألقاها
المرض طريحة الفراش، لتودع الدنيا وابنتها ما تزال غائبة في الحبشة.
عودة رقيِّة إلى الحبشة:
وعندما علمت قريش برجوع المؤمنين المهاجرين، عملت على إيذائهم أكثر من
قبل، واشتدت عداوتهم على جميع المؤمنين، مما جعل أصحاب في قلق،
ولكنهم اعتصموا بكتاب الله، مما زاد ضراوة المشركين وزاد من عذابهم.
وراح الفجرة الكفرة، يشددون على المسلمين في العذاب، وفي السخرية حتى
ضاقت عليهم مكة، وقاسى عثمان بن عفان من ظلم أقربائه وذويه الكثير.
ولكن عثمان صبر وصبرت معه رقيِّة مما جعل قريش، تضاعف وجبات العذاب
للمؤمنين، فذهبوا إلى رسول الله يستأذنونه في الهجرة إلى الحبشة فأذن
لهم، فقال عثمان بن عفان :
يا رسول الله، فهجرتنا الأولى وهذه الآخرة
إلى النجاشي، ولست معنا. فقال رسول الله أنتم مهاجرون إلى الله
وإلي، لكم هاتان الهجرتين جميعاً". فقال عثمان: فحسبنا يا رسول الله.
وهاجرت رقيِّة ثانية مع زوجها إلى الحبشة مع المؤمنين الذين بلغوا
ثلاثة وثمانين رجلاً. وبهذا تنفرد رقيِّة ابنة رسول الله بأنها الوحيدة
من بناته الطاهرات التي تكتب لها الهجرة إلى بلاد الحبشة، ومن ثم عُدت
من أصحاب الهجرتين. قال الإمام الذهبي {رحمه الله} عن هجرة رقيِّة
وعثمان رضي الله عنهما :" هاجرت معه إلى الحبشة الهجرتين جميعاً.
وفيهما قال رسول الله : "إنهما أول من هاجرا إلى الله بعد لوط".
ولم يطل المقام برقيِّة في مكة، ففي العام الثالث عشر للبعثة، كان أكثر
المؤمنين من أهل البيت الحرام قد وصلوا إلى المدينة المنورة، ينتظرون
نبيهم محمداً ليأتي إليهم وإلى اخوتهم الأنصار مهاجراً مجاهداً. وهناك
في المدينة جلست رقيِّة مع زوجها عثمان، ووضعت مولودها الجميل عبد
الله... وراحت تملأ عينها من النظر إليه، لكي تنسى مرارة فقدها
لجنينها، ولوعة مصابها في أمها، وما قاسته في هجرتها وهي بطلة الهجرتين
من شجن الغربة. ويبدأ صراع جديد بين الحق والباطل، وترى رقيِّة بوادر
النصر لأبيها، فالله عز وجل قد أذن له وللمؤمنين أن يقاتلوا المشركين،
ليدعموا بنيان المجتمع الإسلامي الجديد الذي بنوه بأيديهم في يثرب.
يـــــتــــبــــع
أمـــة الله
2008-03-03, 11:21 PM
رقية بنت الرسول رضي الله عنها الحلقة الثالثة والأخيرة
وفاتها
وينمو عبد الله ابن المجاهدين العظيمين نمواً طيباً، ولكن شدة العناية
قد توقع في ما يحذره الإنسان أحياناً، فما بال عبد الله يميل نحو
الهبوط، وتذبل ريحانته بعد أن كان وردة يفوح عطرها، ويزكو أريجها يا
لله... وأخذ الزوجان يرقبان بعيون دامعة، وقلب حزين سكرات الموت
يغالبها الصغير بصعوبة تقطع الفؤاد. ومات ابن رقيِّة، بعد أن بلغ ست
سنين ومات بعد أن نقر الديك وجهه(عينه)، فتورم وطمر وجهه ومرض ثم مات،
وبكته أمه وأبوه، وافتقد جده بموته ذلك الحمل الوديع الذي كان يحمله
بين يديه كلما زار بيت ابنته، ولم تلد رقيِّة بعد ذلك.
ولم يكن لرقيِّة سوى الصبر وحسن التجمل به، ولكن كثرة ما أصابها في
حياتها من مصائب عند أم جميل، وفي الحبشة، كان لها الأثر في أن تمتد
إليها يد المرض والضعف، ولقد آن لجسمها أن يستريح على فراش أعده لها
زوجها عثمان، وجلس بقربها الزوج الكريم يمرضها ويرعاها، ويرى في وجهها
علامات مرض شديد وألم قاس تعانيه،
وراح عثمان يرنو بعينين حزينتين إلى
وجه رقيِّة الذابل، فيغص حلقه آلاما، وترتسم الدموع في عينيه، وكثيراً
ما أشاح بوجهه لكي يمسك دمعة تريد أن تنهمر، ولقد كانت رقيِّة تحس هذا
الشيء، فتتجلد وتبذل ما أمكنها، لكي تبتسم له ابتسامة تصطنعها حتى تعود
إليه إشراقة وجهه النضير... وتنهال على رأسه الذكريات البعيدة، ورأى
رقيِّة وهي في الحبشة تحدث المهاجرات حديثاً يدخل البهجة إلى النفوس،
ويبعث الآمال الكريمة في الصدور، وتقص عليهن ما كانت تراه من مكارم
أبيها رسو ل الله ، وحركت هذه الذكريات أشجان عثمان، وزادت في مخاوفه،
وكان أخشى ما يخشاه أن تموت رقيِّة، فينقطع نسبه لرسول الله .
ورنا عثمان ثانية إلى وجه زوجته الذابل، ففرت سكينته، ولفه حزن شديد
ممزوج بخوف واضطراب، حيث كانت الأنفاس المضطربة التي تلتقطها رقيِّة
جهدها، تدل على فناء صاحبتها. كانت رقيِّة تغالب المرض، ولكنها لم
تستطع أن تقاومه طويلاً، فأخذت تجود بأنفاسها، وهي تتلهف لرؤية أبيها
الذي خرج إلى بدر، وتتلهف لرؤية أختها زينب في مكة، وجعل عثمان يرنو
إليها من خلال دموعه، والحزن يعتصر قلبه،
مما كان أوجع لفؤاده أن يخطر على ذهنه، أن صلته الوثيقة برسول الله توشك أن تنقطع. وكان مرض
رقيِّة رضي الله عنها الحصبة، ثم بعد صراعها مع هذا المرض، لحقت رقيِّة
بالرفيق الأعلى، وكانت أول من لحق بأم المؤمنين خديجة من بناتها، لكن
رقيِّة توفيت بالمدينة، وخديجة توفيت بمكة قبل بضع سنين،
ولم ترها رقيِّة، وتوفيت رقيِّة، ولم تر أباها رسول الله، حيث كان ببدر مع
أصحابه الكرام، يعلون كلمة الله، فلم يشهد دفنها صلى الله عليه وسلم.
وحُمِل جثمان رقيِّة رضي الله عنها على الأعناق، وقد سار زوجها خلفه،
وهو واله حزين، حتى إذا بلغت الجنازة البقيع، دفنت رقيِّة هنالك، وقد
انهمرت دموع المشيعين. وسوى التراب على قبر رقيِّة بنت رسول الله صلى
الله عليه وسلم، ثم عاد المجاهدون من بدر يبشرون المؤمنين بهزيمة
المشركين، وأسر أبطالهم. وفي المدنية المنورة خرج رسول الله إلى
البقيع، ووقف على قبر ابنته يدعو لها بالغفران. لقد ماتت رقيِّة ذات
الهجرتين قبل أن تسعد روحها الطاهرة بالبشرى العظيمة بنصر الله، ولكنها
سعدت بلقاء الله في داره.
ولما توفيت رقيِّة بكت النساء عليها، في رواية ابن سعد: قال: لما ماتت
رقيِّة بنت رسول الله، قال: " ألحقي بسلفنا عثمان بن مظعون" فبكت
النساء عليها، فجعل عمر يضربهن بسوطه. فأخذ النبي rبيده، وقال: " دعهن
يبكين"، ثم قال: " ابكين، وإياكن ونعيق الشيطان؛ فإنه مهما يكن من
القلب والعين فمن الله والرحمة، ومهما يكن من اليد واللسان فمن
الشيطان"، فقعدت فاطمة على شفير القبر إلى جنب رسول الله صلى الله عليه
وسلم فجعلت تبكي، فجعل رسول الله يمسح الدمع عن عينها بطرف ثوبه.
رحم الله رقيِّة بطلة الهجرتين، وصلاة وسلاماً على والدها في العالمين
ورحم معها أمها وأخواتها وابنها وشهداء بدر الأبطال، وسلام عليها وعلى
المجاهدين الذين بذلوا ما تسع لهم أنفسهم به من نصره لدين الله ودفاع
عن كلمة الحق والتوحيد إلى يوم الدين، و السعي إلى إعلاء كلمة الله
يتبع مع سيرة أم كلثوم رضي الله عنها
أمـــة الله
2008-03-04, 02:53 PM
نكمل اليوم بأذن الله عن سيرة طيبة وعطرة بدأناها بزينب بنت محمد( رضى الله عنها ) وسنتحدث اليوم عن الابنة الثالثة لسيد البشرية علية اطيب الصلاة والتسليم
أم كلثوم رضي الله عنها
اسمها ونسبها
هي أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم .. من السيدة خديجة رضى الله عنها
أسلمت مع امها واخواتها عند بزوغ فجر الإسلام .. تزوجها عتيبة بن أبي لهب إلا أنه لم يدخل بها ، وما لبث أن طلقها استجابة لأمر أبيه بسبب رفضهم الإسلام ، وزاد عتيبة في أن جاء إلى الرسول بعد ان فارق أم كلثوم وقال: كفرت بدينك وفارقت ابنتك وسطا عليه.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أما إني أسأل الله أن يسلط عليك كلبا من كلابه)
وكان خارجا إلى الشام تاجراً مع نفر من قريش حتى نزلوا مكاناً من الشام يقال له الزرقاء ليلا فأطاف بهم الأسد تلك الليلة، فجعل عتيبة يقول: يا ويل أمه، هو الله آكله بدعوة محمد، قاتلي ابن أبي كبشة وهو بمكة وأنا بالشام.
وفال أبو لهب: يا معشر قريش أعينونا هذه الليلة، فإني أخاف دعوة محمد فجمعوا أحمالهم وفرشوا لعتيبة في أعلاها وناموا حوله، فقيل: إن الأسد انصرف عنهم حتى ناموا وعتيبة في وسطهم، ثم أقبل يتخطاهم ويتشممهم حتى أخذ برأس عتيبة ففدغه.
حبيسة الشعب :
عانت أم كلثوم رضي الله عنها أوقا عصيبة في أثناء عزل الرسول صلى الله عليه وسلم وصحبه وأهله في شعب أبي طالب لمدة ثلاث سنوات ، فاستحملت مع أهلها الظروف الصعبة التي يواجهونها من قلة في المؤن والغذاء بالإضافة إلى أن السيدة خديجة كانت قد مرضت في هذه الفترة ، فكان عليها أن تهتم بوالدتها إضافة إلى تربية أختها الصغرى السيدة فاطمة رضي الله عنهما ، ذلك لأن السيدة زينب والسيدة رقية كانتاقد تزوجتا، ألقت السنوات البطئية التي قضوها في الشعب بظلالها الحزينة فقد فارت السيدة خديجة الحياة بسبب المرض ، فاصبرت السيدة أم كلثوم واهتمت برعاية أختها .
هجرتها :
هاجرت أم كلثوم مع أختها فاطمة الزهراء ، وزوجة الرسول سودة بنت زمعة، ثاني زوجاته بعد خديجة رضي الله عنها، بكل شوق وحنان إلى المدينة ، فاستقبلهن الرسول -صلى الله عليه وسلم، وأتى بهنّ إلى داره التي أعدّها لأهله بعد بناء المسجد النبوي الشريف .
زواجها :
بعد أن توفيت رقيـة بنت رسـول اللـه -صلى اللـه عليه وسلم- ومضت الأحزان والهموم ، يزوّج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عثمان بن عفان من أم كلثـوم فيتبدل الحال وتمضي سنة الحياةوقد روي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال ( أتاني جبريل فقال ( إن الله يأمرك أن تزوج عثمان أم كلثوم على مثل صداق رقية وعلى مثل صحبتها وأصبح عثمان ذا النورين ، وكان هذا الزواج في ربيع الأول سنة ثلاث من الهجرةوعاشت أم كلثوم عند عثمان ولكن لم تلد له.
وفاتها :
توفيت أم كلثوم -رضي الله عنها- في شهر شعبان سنة تسع من الهجرةوقد جلس الرسول -صلى الله عليه وسلم- على قبرها وعيناه تدمعان حُزناً على ابنته
الغالية ، وقد روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم ، أنه قال بعد وفاة أم كلثوم رضي الله عنها ، لو كان عندي ثالثة زوجتها عثمان " رضي الله عنه .
رحم الله السيدة أم كلثوم رضي الله عنها ..
يتبع مع سيرة فاطمة الزهراء بنت الرسول صلى الله علية وسلم {رضي الله عنها}
Powered by vBulletin® Version 4.2.0 Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir