زهراء
2008-03-04, 08:53 AM
الخطــــــيئة والكفارة
لقد حاول القائلون بمبدأ الخطيئة والكفارة أن يجدوا حلا منطقيا للجمع بين عدل الله ومحبته ، فخرجوا بفكرة الإنسان السماوي الذي يموت ليحمل عن الناس آثامهم ، إلا أن هذا الحل الذي أوجدوه أوقعهم في إشكالات كثيرة لا يمكن للعقل أن يقبلها،
وإليك بعض هذه الإشكالات:-
1-( محبة الله ) :
إن الذي دفع الله إلى قتل المسيح على الصليب هو محبته للعالم ، والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن هو: هل من المعقول أن يحب الله البشر الخطاة أكثر من حبه للمسيح البار فيضحي به من أجلهم ؟! ويسمح بضربه وشتمه وإهانته ؟!.
2- ( عدل الله ) :
إن كان الله قدم المسيح كفارة عن خطايا البشر من أجل عدله ، فلنا أن نسأل: هل من العدل أن يعذب الله المسيح ويقتله على الصليب من أجل ذنب لم يقترفه ولم تكن له أي علاقة به ؟! وكأن هم الله أن يجمع بين عدله ومحبته بأي طريقة ، ولو كان فيها ظلم لمن ليس له ذنب أبدا!!!
وقد يقول قائل:
إن المسيح رضي بذلك ، ولا أدري ما هو نوع العقول التي تفكر بهذه الطريقة ، وكأنهم يقولون أن الله يريد أن يتلذذ برؤية الدم ترضية لنفسه فقط ، من غير مراعاة لكون المقتول هو الشخص المذنب أم لا ، فإن سفك دم أي منهما يصلح لإطفاء هذا الغضب الإلهي !!!
علاوة على ذلك أن الشخص المصلوب لم يكن راضيا على هذا الفعل!!
ففي إنجيل متى قال المصلوب: [ إلهي إلهي لماذا تركتني ؟ ] متى (46:27) فهذه العبارة تدل على ثلاثة أمور:
أ- أن الله ترك الشخص المصلوب .
ب- أن المصلوب لم يكن راضيا عن ترك الله له.
ت- أن المصلوب لم يكن راضيا عما يحدث له.
3- ( صفات الله ) :
كل من يؤمن بالله يقر بأن الله متصف بكل صفات الكمال منـزه عن كل صفات النقص، فذات الله كاملة لا تشوبها شائبة نقص ، والسؤال هو: هل من كمال ذات الله أن تتجسد في المسيح ؟ لا تتسرع بالإجابة ، فإن كان من كمال ذات الله أن تتجسد في المسيح ، فهذا يعني أن ذات الله كانت ناقصة قبل التجسد ، وإن كان من كمال ذات الله أن لا تتجسد في المسيح فهذا يعني أن ذات الله صارت ناقصة بعد التجسد ، ولهذا فنحن نقول: إن الله منـزه عن التجسد ؛ لأنه إما أن يكون ناقصا قبل التجسد ، أو ناقصا بعد التجسد ، وكلا الأمرين لا يرضاهما أحد من المؤمنين.
4- ( عقاب الله ) :
لاشك أن الله يعاقب من يستحق العقاب بقدر ذنوبه ، هذا هو العدل فهل يكون عقاب من نهي عن الأكل من شجرة وأكل بأن يلقى في جهنم وأبناؤه إلى أبد الآبدين؟! إن إلها يفعل هذا لن يكون أكثر رحمة من هتلر .
5- ( طرق الله ) :
إن الله قادر على أن يعطينا عددا لا يحصى من الوسائل حتى يكفر عنا خطايانا ، وإلا استطاع البشر بخطاياهم أن يحدوا الله بطريقة واحدة أو بعدد معين من الطرق حتى يكفر عن خطايا الناس ، فلماذا اختار الله طريقة يعذب ويهان ويصلب فيها!!! ؟؟؟؟
وقد يجيب أحدهم :
بأن الله أراد أن يظهر محبته لنا بموته على الصليب من أجلنا، ونحن بدورنا نقول: ألم يكن بمقدور الله أن يظهر محبته لنا بطريقة أخرى ؟؟.
6- ( قداسة الله ) :
إن كانت الخطيئة الساكنة في الإنسان تحول بينه وبين الله ؛ لأن الله قدوس فأين كانت قداسته عندما أرسل الأنبياء وكلم موسى وأعان داود وسليمان على أعدائهما؟! لماذا لم تحل طبيعة الخطيئة فيهم بينهم وبين الله ؟!!
7- ( ذبيح الله ) : إن كان الله قدم المسيح على الصليب ذبيحا ، ووضع عليه آثام الخطاة فسيطرد المسيح من رحمة الله لأجل ذلك ، حتى قال كاتب رسالة غلاطية : [ المسيح افتدانا من لعنة الناموس إذ صار لعنة لأجلنا ] (13:3) يقول أتكنسون في تفسيره لإنجيل متى (46:27) :" إن المسيح وقعت عليه لعنة الله لكونه حاملا الخطايا "، فلماذا لم يفد الله المسيح من هذه الآثام ويحرره منها!!!؟؟ .
8- ( حكم الله ) :
إن كان الله قد حكم على الناس بالموت لأجل الخطيئة التي ورثوها عندما أكل آدم من الشجرة ، فهل من المعقول أن يحكم عليهم بالحياة والعودة إليه عن طريق خطيئة أعظم من الخطيئة الأولى وهي صلب المسيح وقتله ! يقول كمونة في كتابه المذكور آنفا :" أي خطيئة كانت قبل المسيح أو بعده أعظم من الخطيئة التي كانت في زمانه عندكم ؟ "
9- ( فرح الله ) :
هل فرح الله لظلم اليهود للمسيح وقتلهم إياه فيكون قد فرح بارتكاب الناس للخطيئة ؟! أم كان ساخطا عن هذا الفعل مع أنه اختاره ليجمع فيه بين عدله ورحمته وضحى بالمسيح من أجله ؟! يقول روي يسكون سميث في كتابه " ضوء على البعث " :" إذا كان الله أذن بالصلب لأجل ترضيته فإنه يكون مشتركا في الذنب مع السفاكين الذين يكونون قد قاموا بمهمة إلهية " (1).
10- ( تجسد الله ) :
إن كان الله قد تجسد وولد من مريم ومات بجسده على الصليب من أجل تكفير الخطايا ، فهل يكفي هذا الجسد المحدود لتكفير خطايا الكثيرين ؟ ثم لماذا لا يكون جسد المسيح قد ورث الخطيئة من أمه مريم كما ورثها سائر البشر ؟ هل طهر الله مريم من الخطيئة حتى لا يرثها المسيح ؟ إذن فلماذا لا يطهر جميع البشر كما طهر مريم ؟
.. قد يقف البعض واضعا كل ما ذكرناه جانبا ليقول: إن المسيح غير حياتي ، ونحـن نقول لمثل هؤلاء: إنك إن كنت لا تريد الاقتناع بما قلناه فلن نستطيع أن نقنعك ولا أن نجبرك، لكن تذكر أنه كما غير المسيح حياتك عندما آمنت به مخلصا لك، فكذلك غير بوذا حياة كثير من البوذيين الذين آمنوا به مخلصا لهم ، وغير كرشنا حياة كثير من الهنادكة الذين آمنوا به مخلصا لهم ، فمن هو المخلص الحقيقي ؟ لا تقل إنه المسيح، فإنك لم تجرب غيره ممن غيروا حياة الكثيرين !
والآن وبعد ما ذكرت من هذه الإشكالات ، اعتقد أنه صار من الواضح لكل منصف أن فكرة الخطيئة والكفارة فكرة دخيلة على المسيحية التي جاء بها المسيح، وأن نفي صلب المسيح وقيامته حقيقة غابت عن الكثيرين ، وقد أرسل الله محمدا – صلى الله عليه وآله وسلم – ليكشف هذه الحقيقة وغيرها، لقد جاء رسول الله محمد – صلى الله عليه وآله وسلم – بالخلاص الذي جاء به المسيح – عليه السلام –
والذي يتمثل في ثلاثة أمور:-
1- الإيمان بإله واحد يخص بجميع أنواع العبادة ،
وأن المسيح مجرد بشر أرسله الله لهداية الناس : وهذا هو ما قاله المسيح في إنجيل يوحنا (3:17) [ وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته ] لقد كان المسيح يوجه كلامه إلى الآب ، فالحياة الأبدية أن تعرف أن الآب هو الإله الحقيقي وحده أي أن الابن والروح القدس ليسوا آلهة حقيقية ، وإن أطلق على أحدهما إله فإن المقصود أنه صارت إليه كلمة الله ، وهذا المعنى يشترك فيه المسيح واليهود ، لهذا عندما اتهم اليهود المسيح بالتجديف لأنه جعل نفسه إلها وهو إنسان كما جاء في إنجيل يوحنا (33:10-35) ، أجابهم المسيح: [ أليس مكتوبا في ناموسكم أنا قلت : إنكم آلهة ، إن قال آلهة لأولئك الذين صارت إليهم الكلمة ] فهو لم يقصد أنه إله على الحقيقة ، لأن الإله الحقيقي وحده هو الآب والمسيح مرسل من عنده .
ونحن إن كنا لا نرضى عن تسمية الله بالآب ، فذلك لأن الكثيرين فهموا هذه الكلمة على غير المعنى الذي تستعمل له في الكتاب المقدس -وهو المربي- ، فذهب فريق إلى أن المقصود منها الأبوة الحقيقية ، وأن المسيح ابن الله بطريق الاتصال الجنسي ، وذهب آخرون إلى أن الله هو الآب لأن المسيح انبثق وانفصل عنه ، ولهذا فهو إله يحمل نفس صفات الآب وكلا المعنيين خطأ.
*أما الأول فلأن الله ليس مثل البشر حتى يكون أبا بالمعنى البشري ، جاء في سفر إشعياء (5:46) [ بمن تشبهونني وتسوونني وتمثلونني لنتشابه].
* وأما المعنى الثاني فلأن المسيح لا يملك صفات الله فهو لا يعلم وقت الساعة كما أخبر هو عن نفسه في إنجيل مرقس (32:13) [ أما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بها أحد ولا الملائكة الذين في السماء ولا الابن إلا الآب]. إذا فتلك الساعة لا يعلمها إلا الآب ، لا يعلمها الابن ولا الملائكة ولو كان الابن إلها حقيقيا لعلمها.
وقد يقول قائل:
إن الابن له طبيعتان: طبيعة إلهية تعرف كل شيء ، وطبيعة بشرية لا تعرف وقت الساعة ، والمسيح عندما أخبر أن الابن لا يعرف موعد الساعة كان يتكلم عن الطبيعة البشرية لا الإلهية.
ونجيب فنقول:
إن المسيح لم ينف فقط عن الابن عدم معرفة وقت الساعة حتى نقول إنه نفى عن الابن بطبيعته البشرية لا الإلهية معرفة وقت الساعة ، وإنما حصر معرفة وقت الساعة بعد نفيها عن الابن بالآب فقط ، فقد قال: [ إلا الآب ] أي إن الآب وحده هو الذي يعرف ذلك الوقت وعليه فلا يمكن أن يكون الابن إلها حقيقيا منبثقا عن الآب .
وإنما سمي المسيح ابن الله ؛ لأنه إنسان بار كما هو حال كل من يسير في طريق الله ، جاء في إنجيل متى (9:5) [طوبى لصانعي السلام لأنهم أبناء الله يدعون ] وجاء في رسالة رومية (14:8) [لأن كل الذين ينقادون بروح الله فأولئك هم أبناء الله ] فليس الآب للمسيح وحده ، بل لجميع المؤمنين ولهذا علمهم المسيح أن يقولوا: [أبانا الذي في السماوات ] متى (9:6).
أما معجزات المسيح وغفرانه للخطايا ، فكل ذلك بقدرة الله وسلطانه الذي أعطاه له ، كما حدث بذلك إنجيل متى (2:9) عندما قال المسيح للمفلوج: [ مغفورة لك خطاياك ] فاعترض عليه الكتبة فقال المسيح لهم: [أيما أيسر أن يقول مغفورة لك خطاياك أم أن يقال قم وامش ولكن لتعلموا أن لابن الإنسان سلطانا على الأرض أن يغفر الخطايا حينئذ قال للمفلوج قم احمل فراشك واذهب إلى بيتك فقام ومضى إلى بيته فلما رأى الجموع تعجبوا ومجدوا الله الذي أعطى الناس سلطانا مثل هذا ] فالمسيح لا يملك هذا السلطان لولا أن الله أعطاه إياه .
ولهذا قال بطرس [ أيها الرجال الإسرائيليون اسمعوا هذه الأقوال يسوع الناصري رجل قد تبرهن لكم من قبل الله بقوات وعجائب وآيات صنعها الله بيده في وسطكم كما أنتم تعلمون ] أعمال الرسل (22:2) فمن عرف هذه الحقيقة وهي أن الرب – الآب في الكتاب المقدس – هو الإله الحقيقي وحده ، وأن المسيح عبده ورسوله فسينال الحياة الأبدية؟
وهذا الذي أخبر به المسيح قريب جدا مما أخبر به رسول الله محمد – صلى الله عليه وآله وسلم - حين قال: " من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه (1)، وأن الجنة حق والنار حق أدخله الله الجنة على ما كان من عمله ".
2- التوبة إلى الله والرجوع عن الذنب :
فقد جاء المسيح رحمة للناس يدعوهم إلى التوبة ، ولم يأت ذبيحة لهم ، كما قال في إنجيل متى (13:9) [ فاذهبوا وتعلموا ما هو إني أريد رحمة لا ذبيحة لأني لم آت لأدعو أبرارا بل خطاة إلى التوبة] ولهذا فقد علم المسيح الناس أن يقولوا [ واغفر لنا ذنوبنا كما نغفر نحن أيضا للمذنبين إلينا ] متى (12:6). وكذلك حث القرآن الناس على أن يقولوا [ ربنا اغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار ] سورة آل عمران (193).
وقد ضرب المسيح أمثلة كثيرة ليحث الناس على التوبة مبينا لهم فرح الله بتوبة عبده ، فضرب لهم مثل الخروف ، وقال: [ افرحوا معي لأني وجدت خروفي الضال أقول لكم إنه هكذا يكون فرح في السماء بخاطئ واحد يتوب ] إنجيل لوقا (4:15-7) وكذلك ضرب رسول الله محمد – صلى الله عليه وآله وسلم – مثل الذي فقد ناقته ، فقال: " فلله أشد فرحا بتوبة العبد المؤمن من هذا براحلته وزاده ". وهكذا فإن الله يقبل توبة عبده من غير ذبيح وواسطة ، كما قبل الرجل خروفه وقبل الآخر بعيره من غير أن يذبح خروفا أو بعيرا آخر.
وإن كان الله سيغلق بابه دوننا ، فمن الذي سيفتحه ويقبل توبتنا ؟! لهذا قال الله في القرآن [والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفـر الذنوب إلا الله ] سورة آل عمران (135). ومثل هذا ما جاء في المزمور (130 :3-4) [ إن كنت تراقب الآثام يا رب يا سيد فمن يقف بريئا لأن عندك المغفرة لكي يخاف منك].
وإنما تكون التوبة بالرجوع عن المعاصي وترك الآثام حتى ينال المرء الملكوت ، كما جاء في حزقيال (30:18) [ توبوا وارجعوا عن كل معاصيكم ولا يكون لكم الإثم مهلكة ] وجاء في القرآن قوله تعالى: [ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين ] سورة آل عمران (135-136).
والذي يرفض هذه التوبة التي أمر بها الله فسيكون مصيره الهلاك ، كما قال المسيح في إنجيل لوقا(3:13)أقول لكم إن لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون ] وقال تعالى: [ ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون ] سورة الحجرات (11). وقبل أن ننتقل إلى الأمر الثالث الذي يؤدي إلى الخلاص نطلب منك أيها النصراني أن تقرأ بتمعن ، وتتفكر في هاتين الفقرتين من الكتاب المقدس والقرآن:-
[ ولكن الآن يقول الرب ارجعوا إلىّ بكل قلوبكم وبالصوم وبالبكاء والنوح ومزقوا قلوبكم لا ثيابكم وارجعوا إلى الرب إلهكم لأنه رؤوف رحيم بطئ الغضب وكثير الرأفة ] سفر يوئيل (12:2 - 13).
[ قل يا عبادي الذي أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العـذاب ثم لا تنصرون ] سورة الزمر (53-54).
3- العمل الصالح :
وذلك بعمل وصايا الله واتباع تعاليم أنبيائه ، فعندما جاء الشاب الغني إلى المسيح وقال له: [ أيها المعلم الصالح أي صلاح أعمل لتكون لي الحياة الأبدية فقال له لماذا تدعوني صالحا ليس أحد صالح إلا واحد وهو الله ولكن إن أردت أن تدخل الحياة فاحفظ الوصايا … قال له الشاب: هذه كلها حفظتها أثناء حداثتي فماذا يعوزني بعد ؟ قال له يسوع : إن أردت أن تكون كاملا فاذهب وبع أملاكك و أعط الفقراء فيكون لك كنز في السماء وتعال واتبعني ] متى (16:19-21).
لقد نبه المسيح الشاب أولا إلى عبادة الله وحده وأنه ليس بإله ، ثم أمره بعمل الوصايا وباتباعه ؛ وذلك لأنه رسول من عند الله ، والله لم يرسل الرسل إلا لتحكم بين الناس بحكم الله ، فمن فعل هذا نال الحياة الأبدية ، وبهذا أمر الله رسوله محمدا – صلى الله عليه وآله وسلم – أن يأمر الناس حيث قال في سورة آل عمران (32): [ قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين ].
هذا هو طريق الخلاص الذي جاء به المسيح - عليه السلام – والذي جاء رسول الله محمد – صلى الله عليه وآله وسلم – ليوضحه ويبينه للناس، لقد جاء رسول الله بمسيحية المسيح ، ولا عجب أن نرى هذا التوافق والانسجام بين تعاليم المسيح وتعاليم محمد –عليهما الصلاة والسلام – ، فكلاهما كان رسولا من عند الله ، ودين الله واحد على مر العصور ،كما قال تعالى في القرآن الكريم: [شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه ] ولهذا قال المسيح في إنجيل متى (17:5) :[ لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء ما جئت لأنقض بل لأكمل ].
......................................
فيا أيها النصراني العاقل..فكر..قبل أن يأتي يوم لا ينفع مال ولا بنون..فكر فإنك بتعصبك وعنادك هذا ..لن تضر الله شيئا..وإنما تضر نفسك..أنت فقط من سيدفع الثمن..
اسأل الله لكم الهداية يا نصارى..
لقد حاول القائلون بمبدأ الخطيئة والكفارة أن يجدوا حلا منطقيا للجمع بين عدل الله ومحبته ، فخرجوا بفكرة الإنسان السماوي الذي يموت ليحمل عن الناس آثامهم ، إلا أن هذا الحل الذي أوجدوه أوقعهم في إشكالات كثيرة لا يمكن للعقل أن يقبلها،
وإليك بعض هذه الإشكالات:-
1-( محبة الله ) :
إن الذي دفع الله إلى قتل المسيح على الصليب هو محبته للعالم ، والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن هو: هل من المعقول أن يحب الله البشر الخطاة أكثر من حبه للمسيح البار فيضحي به من أجلهم ؟! ويسمح بضربه وشتمه وإهانته ؟!.
2- ( عدل الله ) :
إن كان الله قدم المسيح كفارة عن خطايا البشر من أجل عدله ، فلنا أن نسأل: هل من العدل أن يعذب الله المسيح ويقتله على الصليب من أجل ذنب لم يقترفه ولم تكن له أي علاقة به ؟! وكأن هم الله أن يجمع بين عدله ومحبته بأي طريقة ، ولو كان فيها ظلم لمن ليس له ذنب أبدا!!!
وقد يقول قائل:
إن المسيح رضي بذلك ، ولا أدري ما هو نوع العقول التي تفكر بهذه الطريقة ، وكأنهم يقولون أن الله يريد أن يتلذذ برؤية الدم ترضية لنفسه فقط ، من غير مراعاة لكون المقتول هو الشخص المذنب أم لا ، فإن سفك دم أي منهما يصلح لإطفاء هذا الغضب الإلهي !!!
علاوة على ذلك أن الشخص المصلوب لم يكن راضيا على هذا الفعل!!
ففي إنجيل متى قال المصلوب: [ إلهي إلهي لماذا تركتني ؟ ] متى (46:27) فهذه العبارة تدل على ثلاثة أمور:
أ- أن الله ترك الشخص المصلوب .
ب- أن المصلوب لم يكن راضيا عن ترك الله له.
ت- أن المصلوب لم يكن راضيا عما يحدث له.
3- ( صفات الله ) :
كل من يؤمن بالله يقر بأن الله متصف بكل صفات الكمال منـزه عن كل صفات النقص، فذات الله كاملة لا تشوبها شائبة نقص ، والسؤال هو: هل من كمال ذات الله أن تتجسد في المسيح ؟ لا تتسرع بالإجابة ، فإن كان من كمال ذات الله أن تتجسد في المسيح ، فهذا يعني أن ذات الله كانت ناقصة قبل التجسد ، وإن كان من كمال ذات الله أن لا تتجسد في المسيح فهذا يعني أن ذات الله صارت ناقصة بعد التجسد ، ولهذا فنحن نقول: إن الله منـزه عن التجسد ؛ لأنه إما أن يكون ناقصا قبل التجسد ، أو ناقصا بعد التجسد ، وكلا الأمرين لا يرضاهما أحد من المؤمنين.
4- ( عقاب الله ) :
لاشك أن الله يعاقب من يستحق العقاب بقدر ذنوبه ، هذا هو العدل فهل يكون عقاب من نهي عن الأكل من شجرة وأكل بأن يلقى في جهنم وأبناؤه إلى أبد الآبدين؟! إن إلها يفعل هذا لن يكون أكثر رحمة من هتلر .
5- ( طرق الله ) :
إن الله قادر على أن يعطينا عددا لا يحصى من الوسائل حتى يكفر عنا خطايانا ، وإلا استطاع البشر بخطاياهم أن يحدوا الله بطريقة واحدة أو بعدد معين من الطرق حتى يكفر عن خطايا الناس ، فلماذا اختار الله طريقة يعذب ويهان ويصلب فيها!!! ؟؟؟؟
وقد يجيب أحدهم :
بأن الله أراد أن يظهر محبته لنا بموته على الصليب من أجلنا، ونحن بدورنا نقول: ألم يكن بمقدور الله أن يظهر محبته لنا بطريقة أخرى ؟؟.
6- ( قداسة الله ) :
إن كانت الخطيئة الساكنة في الإنسان تحول بينه وبين الله ؛ لأن الله قدوس فأين كانت قداسته عندما أرسل الأنبياء وكلم موسى وأعان داود وسليمان على أعدائهما؟! لماذا لم تحل طبيعة الخطيئة فيهم بينهم وبين الله ؟!!
7- ( ذبيح الله ) : إن كان الله قدم المسيح على الصليب ذبيحا ، ووضع عليه آثام الخطاة فسيطرد المسيح من رحمة الله لأجل ذلك ، حتى قال كاتب رسالة غلاطية : [ المسيح افتدانا من لعنة الناموس إذ صار لعنة لأجلنا ] (13:3) يقول أتكنسون في تفسيره لإنجيل متى (46:27) :" إن المسيح وقعت عليه لعنة الله لكونه حاملا الخطايا "، فلماذا لم يفد الله المسيح من هذه الآثام ويحرره منها!!!؟؟ .
8- ( حكم الله ) :
إن كان الله قد حكم على الناس بالموت لأجل الخطيئة التي ورثوها عندما أكل آدم من الشجرة ، فهل من المعقول أن يحكم عليهم بالحياة والعودة إليه عن طريق خطيئة أعظم من الخطيئة الأولى وهي صلب المسيح وقتله ! يقول كمونة في كتابه المذكور آنفا :" أي خطيئة كانت قبل المسيح أو بعده أعظم من الخطيئة التي كانت في زمانه عندكم ؟ "
9- ( فرح الله ) :
هل فرح الله لظلم اليهود للمسيح وقتلهم إياه فيكون قد فرح بارتكاب الناس للخطيئة ؟! أم كان ساخطا عن هذا الفعل مع أنه اختاره ليجمع فيه بين عدله ورحمته وضحى بالمسيح من أجله ؟! يقول روي يسكون سميث في كتابه " ضوء على البعث " :" إذا كان الله أذن بالصلب لأجل ترضيته فإنه يكون مشتركا في الذنب مع السفاكين الذين يكونون قد قاموا بمهمة إلهية " (1).
10- ( تجسد الله ) :
إن كان الله قد تجسد وولد من مريم ومات بجسده على الصليب من أجل تكفير الخطايا ، فهل يكفي هذا الجسد المحدود لتكفير خطايا الكثيرين ؟ ثم لماذا لا يكون جسد المسيح قد ورث الخطيئة من أمه مريم كما ورثها سائر البشر ؟ هل طهر الله مريم من الخطيئة حتى لا يرثها المسيح ؟ إذن فلماذا لا يطهر جميع البشر كما طهر مريم ؟
.. قد يقف البعض واضعا كل ما ذكرناه جانبا ليقول: إن المسيح غير حياتي ، ونحـن نقول لمثل هؤلاء: إنك إن كنت لا تريد الاقتناع بما قلناه فلن نستطيع أن نقنعك ولا أن نجبرك، لكن تذكر أنه كما غير المسيح حياتك عندما آمنت به مخلصا لك، فكذلك غير بوذا حياة كثير من البوذيين الذين آمنوا به مخلصا لهم ، وغير كرشنا حياة كثير من الهنادكة الذين آمنوا به مخلصا لهم ، فمن هو المخلص الحقيقي ؟ لا تقل إنه المسيح، فإنك لم تجرب غيره ممن غيروا حياة الكثيرين !
والآن وبعد ما ذكرت من هذه الإشكالات ، اعتقد أنه صار من الواضح لكل منصف أن فكرة الخطيئة والكفارة فكرة دخيلة على المسيحية التي جاء بها المسيح، وأن نفي صلب المسيح وقيامته حقيقة غابت عن الكثيرين ، وقد أرسل الله محمدا – صلى الله عليه وآله وسلم – ليكشف هذه الحقيقة وغيرها، لقد جاء رسول الله محمد – صلى الله عليه وآله وسلم – بالخلاص الذي جاء به المسيح – عليه السلام –
والذي يتمثل في ثلاثة أمور:-
1- الإيمان بإله واحد يخص بجميع أنواع العبادة ،
وأن المسيح مجرد بشر أرسله الله لهداية الناس : وهذا هو ما قاله المسيح في إنجيل يوحنا (3:17) [ وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته ] لقد كان المسيح يوجه كلامه إلى الآب ، فالحياة الأبدية أن تعرف أن الآب هو الإله الحقيقي وحده أي أن الابن والروح القدس ليسوا آلهة حقيقية ، وإن أطلق على أحدهما إله فإن المقصود أنه صارت إليه كلمة الله ، وهذا المعنى يشترك فيه المسيح واليهود ، لهذا عندما اتهم اليهود المسيح بالتجديف لأنه جعل نفسه إلها وهو إنسان كما جاء في إنجيل يوحنا (33:10-35) ، أجابهم المسيح: [ أليس مكتوبا في ناموسكم أنا قلت : إنكم آلهة ، إن قال آلهة لأولئك الذين صارت إليهم الكلمة ] فهو لم يقصد أنه إله على الحقيقة ، لأن الإله الحقيقي وحده هو الآب والمسيح مرسل من عنده .
ونحن إن كنا لا نرضى عن تسمية الله بالآب ، فذلك لأن الكثيرين فهموا هذه الكلمة على غير المعنى الذي تستعمل له في الكتاب المقدس -وهو المربي- ، فذهب فريق إلى أن المقصود منها الأبوة الحقيقية ، وأن المسيح ابن الله بطريق الاتصال الجنسي ، وذهب آخرون إلى أن الله هو الآب لأن المسيح انبثق وانفصل عنه ، ولهذا فهو إله يحمل نفس صفات الآب وكلا المعنيين خطأ.
*أما الأول فلأن الله ليس مثل البشر حتى يكون أبا بالمعنى البشري ، جاء في سفر إشعياء (5:46) [ بمن تشبهونني وتسوونني وتمثلونني لنتشابه].
* وأما المعنى الثاني فلأن المسيح لا يملك صفات الله فهو لا يعلم وقت الساعة كما أخبر هو عن نفسه في إنجيل مرقس (32:13) [ أما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بها أحد ولا الملائكة الذين في السماء ولا الابن إلا الآب]. إذا فتلك الساعة لا يعلمها إلا الآب ، لا يعلمها الابن ولا الملائكة ولو كان الابن إلها حقيقيا لعلمها.
وقد يقول قائل:
إن الابن له طبيعتان: طبيعة إلهية تعرف كل شيء ، وطبيعة بشرية لا تعرف وقت الساعة ، والمسيح عندما أخبر أن الابن لا يعرف موعد الساعة كان يتكلم عن الطبيعة البشرية لا الإلهية.
ونجيب فنقول:
إن المسيح لم ينف فقط عن الابن عدم معرفة وقت الساعة حتى نقول إنه نفى عن الابن بطبيعته البشرية لا الإلهية معرفة وقت الساعة ، وإنما حصر معرفة وقت الساعة بعد نفيها عن الابن بالآب فقط ، فقد قال: [ إلا الآب ] أي إن الآب وحده هو الذي يعرف ذلك الوقت وعليه فلا يمكن أن يكون الابن إلها حقيقيا منبثقا عن الآب .
وإنما سمي المسيح ابن الله ؛ لأنه إنسان بار كما هو حال كل من يسير في طريق الله ، جاء في إنجيل متى (9:5) [طوبى لصانعي السلام لأنهم أبناء الله يدعون ] وجاء في رسالة رومية (14:8) [لأن كل الذين ينقادون بروح الله فأولئك هم أبناء الله ] فليس الآب للمسيح وحده ، بل لجميع المؤمنين ولهذا علمهم المسيح أن يقولوا: [أبانا الذي في السماوات ] متى (9:6).
أما معجزات المسيح وغفرانه للخطايا ، فكل ذلك بقدرة الله وسلطانه الذي أعطاه له ، كما حدث بذلك إنجيل متى (2:9) عندما قال المسيح للمفلوج: [ مغفورة لك خطاياك ] فاعترض عليه الكتبة فقال المسيح لهم: [أيما أيسر أن يقول مغفورة لك خطاياك أم أن يقال قم وامش ولكن لتعلموا أن لابن الإنسان سلطانا على الأرض أن يغفر الخطايا حينئذ قال للمفلوج قم احمل فراشك واذهب إلى بيتك فقام ومضى إلى بيته فلما رأى الجموع تعجبوا ومجدوا الله الذي أعطى الناس سلطانا مثل هذا ] فالمسيح لا يملك هذا السلطان لولا أن الله أعطاه إياه .
ولهذا قال بطرس [ أيها الرجال الإسرائيليون اسمعوا هذه الأقوال يسوع الناصري رجل قد تبرهن لكم من قبل الله بقوات وعجائب وآيات صنعها الله بيده في وسطكم كما أنتم تعلمون ] أعمال الرسل (22:2) فمن عرف هذه الحقيقة وهي أن الرب – الآب في الكتاب المقدس – هو الإله الحقيقي وحده ، وأن المسيح عبده ورسوله فسينال الحياة الأبدية؟
وهذا الذي أخبر به المسيح قريب جدا مما أخبر به رسول الله محمد – صلى الله عليه وآله وسلم - حين قال: " من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه (1)، وأن الجنة حق والنار حق أدخله الله الجنة على ما كان من عمله ".
2- التوبة إلى الله والرجوع عن الذنب :
فقد جاء المسيح رحمة للناس يدعوهم إلى التوبة ، ولم يأت ذبيحة لهم ، كما قال في إنجيل متى (13:9) [ فاذهبوا وتعلموا ما هو إني أريد رحمة لا ذبيحة لأني لم آت لأدعو أبرارا بل خطاة إلى التوبة] ولهذا فقد علم المسيح الناس أن يقولوا [ واغفر لنا ذنوبنا كما نغفر نحن أيضا للمذنبين إلينا ] متى (12:6). وكذلك حث القرآن الناس على أن يقولوا [ ربنا اغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار ] سورة آل عمران (193).
وقد ضرب المسيح أمثلة كثيرة ليحث الناس على التوبة مبينا لهم فرح الله بتوبة عبده ، فضرب لهم مثل الخروف ، وقال: [ افرحوا معي لأني وجدت خروفي الضال أقول لكم إنه هكذا يكون فرح في السماء بخاطئ واحد يتوب ] إنجيل لوقا (4:15-7) وكذلك ضرب رسول الله محمد – صلى الله عليه وآله وسلم – مثل الذي فقد ناقته ، فقال: " فلله أشد فرحا بتوبة العبد المؤمن من هذا براحلته وزاده ". وهكذا فإن الله يقبل توبة عبده من غير ذبيح وواسطة ، كما قبل الرجل خروفه وقبل الآخر بعيره من غير أن يذبح خروفا أو بعيرا آخر.
وإن كان الله سيغلق بابه دوننا ، فمن الذي سيفتحه ويقبل توبتنا ؟! لهذا قال الله في القرآن [والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفـر الذنوب إلا الله ] سورة آل عمران (135). ومثل هذا ما جاء في المزمور (130 :3-4) [ إن كنت تراقب الآثام يا رب يا سيد فمن يقف بريئا لأن عندك المغفرة لكي يخاف منك].
وإنما تكون التوبة بالرجوع عن المعاصي وترك الآثام حتى ينال المرء الملكوت ، كما جاء في حزقيال (30:18) [ توبوا وارجعوا عن كل معاصيكم ولا يكون لكم الإثم مهلكة ] وجاء في القرآن قوله تعالى: [ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين ] سورة آل عمران (135-136).
والذي يرفض هذه التوبة التي أمر بها الله فسيكون مصيره الهلاك ، كما قال المسيح في إنجيل لوقا(3:13)أقول لكم إن لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون ] وقال تعالى: [ ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون ] سورة الحجرات (11). وقبل أن ننتقل إلى الأمر الثالث الذي يؤدي إلى الخلاص نطلب منك أيها النصراني أن تقرأ بتمعن ، وتتفكر في هاتين الفقرتين من الكتاب المقدس والقرآن:-
[ ولكن الآن يقول الرب ارجعوا إلىّ بكل قلوبكم وبالصوم وبالبكاء والنوح ومزقوا قلوبكم لا ثيابكم وارجعوا إلى الرب إلهكم لأنه رؤوف رحيم بطئ الغضب وكثير الرأفة ] سفر يوئيل (12:2 - 13).
[ قل يا عبادي الذي أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العـذاب ثم لا تنصرون ] سورة الزمر (53-54).
3- العمل الصالح :
وذلك بعمل وصايا الله واتباع تعاليم أنبيائه ، فعندما جاء الشاب الغني إلى المسيح وقال له: [ أيها المعلم الصالح أي صلاح أعمل لتكون لي الحياة الأبدية فقال له لماذا تدعوني صالحا ليس أحد صالح إلا واحد وهو الله ولكن إن أردت أن تدخل الحياة فاحفظ الوصايا … قال له الشاب: هذه كلها حفظتها أثناء حداثتي فماذا يعوزني بعد ؟ قال له يسوع : إن أردت أن تكون كاملا فاذهب وبع أملاكك و أعط الفقراء فيكون لك كنز في السماء وتعال واتبعني ] متى (16:19-21).
لقد نبه المسيح الشاب أولا إلى عبادة الله وحده وأنه ليس بإله ، ثم أمره بعمل الوصايا وباتباعه ؛ وذلك لأنه رسول من عند الله ، والله لم يرسل الرسل إلا لتحكم بين الناس بحكم الله ، فمن فعل هذا نال الحياة الأبدية ، وبهذا أمر الله رسوله محمدا – صلى الله عليه وآله وسلم – أن يأمر الناس حيث قال في سورة آل عمران (32): [ قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين ].
هذا هو طريق الخلاص الذي جاء به المسيح - عليه السلام – والذي جاء رسول الله محمد – صلى الله عليه وآله وسلم – ليوضحه ويبينه للناس، لقد جاء رسول الله بمسيحية المسيح ، ولا عجب أن نرى هذا التوافق والانسجام بين تعاليم المسيح وتعاليم محمد –عليهما الصلاة والسلام – ، فكلاهما كان رسولا من عند الله ، ودين الله واحد على مر العصور ،كما قال تعالى في القرآن الكريم: [شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه ] ولهذا قال المسيح في إنجيل متى (17:5) :[ لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء ما جئت لأنقض بل لأكمل ].
......................................
فيا أيها النصراني العاقل..فكر..قبل أن يأتي يوم لا ينفع مال ولا بنون..فكر فإنك بتعصبك وعنادك هذا ..لن تضر الله شيئا..وإنما تضر نفسك..أنت فقط من سيدفع الثمن..
اسأل الله لكم الهداية يا نصارى..