ساجدة لله
2010-12-24, 04:43 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
باميلا جيلر أوقفوا أسلمة أميركا ::r::f::v
أحمد بركات
"أوقفوا أسلمة أميركا" ليست مجرد صرخة، بل استصراخ للمشاعر والإرادة الأميركية للوقوف في وجه الإسلام الذي يتسلل ويتغول في قطاعات التعليم والثقافة والمؤسسات السياسية والاقتصادية بأميركا. فالكتاب الذي تسعى مؤلفته "باميلا جيلر" لإخراجه إلى النور، و تم نشر مشروع البحث الخاص به على موقع "ثينك بروجريس" (http://fwstage.islamonline.net/cs/FCKeditor/editor/dialog/thinkprogress.org) بتاريخ 26 أكتوبر 2010، لا يكتفي بتقديم الدليل العملي للتفشي الإسلامي في الأوجه المتعددة للحياة الأميركية وتهديده السافر للمنظومة العلمانية، بل يقدم الخارطة الإرشادية لمقاومة هذا الخطر المحدق والدليل العملي للمحافظة على المقومات الحضارية والموروثات الفكرية للنموذج الليبرالي الأميركي.
أجراس الخطر
فالجهاد الإسلامي لا يتمثل في الهجمات الإرهابية فحسب، وإن كان الكتاب لا يستبعد تكرار هذه الهجمات وبعث أحداث الحادي عشر من سبتمبر من جديد في أي لحظة، بل فى اعتداء من نوع آخر، يتمثل في التجاوز الحضاري وفرض النموذج الإسلامي، حتى "تستيقظ أميركا يوما ما لتجد نفسها قد تحولت إلى دولة إسلامية"!! وتحاول "جيلر" عبر صفحات هذا الكتاب كما تقول أن "تفضح الاستراتيجية المتئدة والرصينة لجماعة الإخوان المسلمين لإحداث انقلاب ]في فلسفات الحكم[، واستئصال حرياتنا".
ويمكن تلخيص هذه الإستراتيجية - حسب رؤية جيلر- في النقاط التالية :
·محاولة تجريم حرية التعبير فيما يخص الإسلام والجهاد في العالم الغربي، وبالأخص في الولايات المتحدة الأميركية، وتقييد هذه الحريات بقيود وشروط الشريعة الإسلامية.
·تمديد نطاق جرائم الكراهية وتعبيرات الكراهية لتطول الحديث الموضوعي عن الإسلام والجهاد.
·بناء المساجد العملاقة بطول الولايات المتحدة الأميركية وعرضها بما يتجاوز احتياجات الجالية المسلمة وقدراتها الإنفاقية، وتحويل أماكن العمل إلى ما يشبه مساجد صغيرة تقام فيها الصلاة وينتشر فيها الزي الإسلامي.
·تسلل الإخوان المسلمون إلى وزارات الدفاع والخارجية والإعلام والتعليم ... إلى غير ذلك من الكيانات المفصلية في صناعة القرار وصياغة الرأي العام الأميركي.
·الدعوة الثقافية بالتأطير للنسق القيمي الإسلامي، الذي يتعارض في جوهره مع النسق القيمي العلماني، وتحويله إلى مرجعية معيارية عامة للمجتمع الأميركي.
·الجهاد الدستوري بإعطاء المسلمين مميزات خاصة في المحاكم الأميركية.
·الحرب القانونية برفع الدعاوى ومخاصمة الباحثين والناشطين والكتاب الشجعان وملاحقتهم قضائيا.
·الاقتصاد الشرعي بتحويل دولارات دافعي الضرائب الأميركية إلى مصدر رئيسي لتمويل الاقتصاد الإسلامي ودعم الجهاد.
الكاتبة وخطة الكتاب
مؤلفة الكتاب هي الناشطة "باميلا جيلر"، مؤسسة ورئيسة تحرير موقع "أطلس شرجز" والمدير التنفيذي لحركتي "أوقفوا أسلمة أميركا" و "مبادرة الدفاع عن الحريات"، والكاتبة بالعديد من الصحف و المواقع مثل واشنطن تايمز وفوكس نيوز وأميركان ثينكر وهيومان إيفنتس وديلي كولر ونيو ميديا جورنال وكندا فري بريس ... وغيرها. وهي من أبرز الناشطين الحقوقيين والمدافعين عن الحريات في الولايات المتحدة الأميركية، وصاحبة العديد من المبادرات وعلى رأسها مبادرات دعم المرتدين عن الإسلام، والمناهضة الأبرز حسب قولها "لانتشار الفكر الظلامي الإسلامي في المجتمع الأميركي". وهي أيضا مؤلفة كتاب "ما بعد الرئاسة الأميركية: حرب إدارة أوباما ضد أميركا"، بالتعاون مع المؤلف والناشط "روبرت سبنسر".
وتعمد الكاتبة من خلال كتابها الجديد "أوقفوا أسلمة أميركا : دليل عملي للمقاومة" إلى الكشف عن الأجندة الخفية لجماعة الإخوان المسلمين - حسب قولها - والتواطؤ المخزي لإدارة الرئيس أوباما والعديد من مؤسسات المجتمع المدني الأميركية عبر أحد عشر فصلا. فتتحدث في الفصل الأول عن جماعة الإخوان المسلمين والمنظمات التابعة لهم في الولايات المتحدة الأميركية، وأهدافهم العامة والنجاحات التي تمكنوا من تحقيقها. وتختتم الكاتبة هذا الفصل، والذي يحمل عنوان (الجهاد الأكبر لجماعة الإخوان المسلمين) بتوصيات هامة لفضح و هزيمة الجهاد الإخواني الدؤوب.
أما الفصل الثاني (التسلل) فيعرض لبسط اللوبي الجهادي سلطانه على وزارتي الخارجية والدفاع، والكونجرس، إضافة إلى سيطرة حزب الله على جهاز الاستخبارات الأميركية ومكتب التحقيقات الفيدرالية.
وفي الفصل الثالث تشرح "جيلر" الدوافع الحقيقية للإخوان المسلمين الكامنة وراء تشييد المساجد العملاقة على أنقاض الصرح الليبرالي الأميركي. ويبدأ الفصل الرابع (إسكات أعداء الجهاد) منهجية الكشف عن الأجندة الإخوانية لتحويل أميركا إلى دولة إسلامية، لتستمر هذه المنهجية عبر سبعة فصول كاملة حتى الفصل العاشر. فيعرض الفصل الخامس لاستخدام (جرائم الكراهية كسلاح)، ويتحدث الفصل السادس عن (الجهاد القانوني)، و السابع عن (الجهاد الثقافي). أما الفصل الثامن فيركز على (الجهاد في أماكن العمل) بتحويلها إلى دور عرض للشعائر و الملابس الإسلامية واستعراض الأصول الشرعية للعمل.
ويختص الفصل التاسع بتسليط الضوء على (الجهاد الاقتصادي) والعاشر على (تحويل المدارس العامة إلى مساجد). أما الفصل الحادي عشر والأخير فيردد عنوانه صرخة مدوية، هي نفسها عنوان الكتاب، (أوقفوا أسلمة أميركا)!!
الإعلام "الأميركو- إسلامي" المتحيز !!
لم تتوقف "جيلر" عن كيل الاتهامات بطول بحثها وعرضه ضد مختلف المؤسسات والجماعات حتى استحال الجميع على يديها قاتلا محترفا يطعن بخنجره القلب الحضاري للولايات المتحدة الأميركية، وإذا كان متوقعا أن تتهم الكاتبة جماعة الإخوان المسلمون بالإمبريالية والتوسعية على حساب النموذج الحضاري الأميركي، وأن تبالغ في تصوير قدراتهم على اختراق كافة المؤسسات والدوائر، فإن الكاتبة لم تقنع بهذا، بل سدرت في التشكيك، بل والتأكيد على "خيانة" الإدارة السياسية الأميركية واتهامها بالتواطؤ مع الإجندة الإخوانية، بل امتدت هذه الاتهامات لتطال الإعلام الأميركو- صهيوني ليتحول فجأة في مخيلة "جيلر" إلى إعلام إسلامي متطرف، رغم كل ما تعانيه المؤسسة الإعلامية الغربية بوجه عام، والأميركية بوجه خاص، من قلة التمثيل الإسلامي بها كما وكيفا قياسا إلى أعداد المواطنين المسلمين وما تقدمه من فكر عن الإسلام وسيطرة اليهود على الغالبية الغالبة من الأبواق الإعلامية بكافة أنواعها.
ويعرض البحث بشيء من الإسهاب لحيثيات هذا التحول في الأجندة الإعلامية الأميركية عبر تفنيد "عجيب" لتوصيات جمعية الصحفيين المحترفين التي صدرت في أعقاب أحداث الحادي عشر من سبتمبر. والقارئ لهذا التفنيد يلمح بسهولة اللغة التحريضية والخطاب الديماغوجي الذي تتبناه "جيلر" لتأصيل رأي عام مناهض للإسلام، مستغلة بذلك مشاعر الإسلاموفوبيا المتجذرة في الوعي العام الغربي (يمكن مراجعة استفتاءات معهد جالوب وجريدة واشنطن بوست وغيرهما عن رأي الأميركيين في الإسلام في سبتمبر 2010 في ذكرى مرور تسع سنوات على أحداث الحادي عشر من سبتمبر) والنجاحات التي حققها اليمين الراديكالي في اللعب على هذا الوتر لمزيد من التأجيج لمشاعر الكراهية والعداء ضد الإسلام.
ويمكن متابعة هذه التوصيات على موقع الجمعية www. Spj.org، ومقارنتها بالقراءة التأويلية والتحليل المتطرف الذي تقدمه "جيلر"، واستبعادها التام للسياق المجتمعي والمعايير الإعلامية والأهداف السياسية القومية التي رمت إليها هذه التوصيات، والتي لم تختلف في قليل أو كثير عن التوصيات الصادرة في سياقات مشابهة.
فالتوصية بـ "عدم الانسياق وراء التصويرات العنصرية في تغطية الحرب على الإرهاب والتأكيد على التزام لغة إخبارية غير تحريضية" يعني عند "جيلر" شكلا من أشكال المازوخية مع العمل الإرهابي "الجهادي".
وترفض "جيلر" بشدة (ومن دون ذكر أسباب) التوصية بعدم الانتقائية لإشخاص ذوي خلفيات إثنية ودينية بعينها عند تصوير حالة الحداد الأميركي العام على ضحايا نيويورك وواشنطن وبنسلفانيا. وتستنكر الكاتبة بشدة المطالبة بـ "تحري الحقيقة والموضوعية من خلال استعراض كافة وجهات النظر وطرح أحداث سبتمبر في ضوء خلفياتها المعقدة"، وعدم اختزال القضية في فكرة "إرهابية الإسلام" وحسب، و"انتقاء خبراء عسكريين واستراتيجيين وأمنيين ودبلوماسيين واقتصاديين يتسمون بدرجة عالية من الوعي بالتعدديات المختلفة التي يتشكل منها المجتمع الأميركي."، و"بذل مزيد من الجهود لتمديد رقعة التغطيات الإعلامية بكافة أنواعها السياسية والاقتصادية والمجتمعية والفنية والإخبارية الخاصة بأحداث الأزمة لتشمل رجالا ونساء من ذوي البشرات المتوسطة والداكنة، ومن السيخ والمسلمين وغيرهم من أصحاب الديانات المختلفة" .
ويستمر تواطؤ الجمعية، بحسب "جيلر"، بتوصيتها بعدم إهمال "ثراء الخبرة التعددية للمسلمين والعرب والشرق أوسطيين وشعوب جنوب آسيا."، و"تجنب استخدام كلمات مثل "الجهاد والإرهاب الإسلامي والمتطرفين الإسلاميين، من دون تحري الدقة، أو استخدام بدائل أكثر موضوعية من قبيل "الإرهابيين المنتمين لتنظيم القاعدة"، أو حتى " الإسلاميين السياسيين"."
والمثير للدهشة في قراءة "جيلر" لهذه لتوصيات أنها لا تعتمد منهجية تحليلية في نقدها بقدر ما تركن إلى أسلوب غوغائي يعمد إلى إثارة المشاعر وشحن العواطف وتكرار الإشارة بغير سند إلى إصرار الجمعية على "التستر" على الأعمال الإرهابية والجرائم الجهادية وصرف الانتباه عن الشخصية الجهادية المسلمة بوجه عام ومحاباة القتلة والمجرمين ووصف الجوانب المتعددة للشريعة الإسلامية- تشير بها الكاتبة إلى الحدود من شاكلة الرجم والقصاص، وقانون العقوبات في الإسلام، وبعض الممارسات كالختان و مشاعر الكراهية التي يستقيها المسلمون من النصوص الشرعية، في زعمها، ضد اليهود و الهندوس وغيرهم من أصحاب الديانات الأخرى، وما ترتب عليها من أعمال وحشية وجرائم في الهند وبلاد فارس- بالثراء التعددي في الإسلام (!!).
بل أن دهشة القارئ لهذا البحث تصل بالفعل إلى ذروتها عندما نقرأ أن هذه التوصيات بوجه عام لم توضع إلا لمحاباة المسلمين حيث أن"الإرهاب ملمح إسلامي أصيل.. لا يوجد استعلائيين عنصريين أو راديكاليين مناهضين للإجهاض أو أي جماعات عنف أخرى إلا في الإسلام"، و تبلغ الموضوعية من الكاتبة مبلغها فتذكر أن "ربما ثلاث جرائم فقط من هذا النوع وقعت في مرحاض خارجي أو مبنى إضافي بمكان ما بمنطقة أبالاشيا" هي كل ما خرج عن الدائرة الإسلامية!!!
المساجد .. أوكاراً للإرهاب
تلمح الكاتبة إلى أن ثمة متغيرين رئيسيين لا يتخلفان في مختلف السيناريوهات الإرهابية الإسلامية هما "المسجد ومنح الرخصة الشرعية للعمل الإرهابي من قبل العلماء." وتمثل الكاتبة لذلك بالعديد من الجرائم الإرهابية التي ارتكبها المسلمون في عام 2010 في "جزيرة ستيتن، وخليج شيبسهيد وبروكلين ومقاطعة راثفورد وميرفريسبورو ... وغيرهم". فعلى الرغم من آلاف الأميال التي تفصل هذه الأماكن عن بعضها بعضاً، إلا أن بناء المساجد العملاقة وسط جاليات مسلمة محدودة العدد يبقى هو المتغير الوحيد الثابت في نظر "جيلر"!
وانطلاقا من هذه العقيدة تقدم "جيلر" لقرائها عبر الولايات المتحدة الأميركية دليلا عمليا مفصلا لمواجهة المشروع الإخواني لبناء هذه "المساجد التنينية" حسب وصفها. ويمكن تلخيص استراتيجية المواجهة في النقاط التالية :
·اكتشاف اللاعبين الحقيقيين وراء هذه الأبنية، حيث أن الغالبية الغالبة من هذه المساجد ـ كما تؤكد "جيلر" ـ يقف وراءها الإخوان المسلمون. وفي هذا السياق تقدم الكاتبة قائمة كاملة بجميع الروابط والتنظيمات التي تمثل الأذرع الطولى للشبكة الأخطبوطية الإخوانية منها "الرابطة الإسلامية بأميركا الشمالية" و"اتحاد الطلاب المسلمين" و"الدائرة الإسلامية بأميركا الشمالية" و"اتحاد الشباب العربي" و "الأمانة الإسلامية بأميركا الشمالية" (والتي تؤكد "جيلر" أنها الجهة المسؤولة عن تمويل العديد من المساجد في الولايات المتحدة)، و"الاتحاد الإسلامي من أجل فلسطين" (والذي انبثق عنه "مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية".
والأزمة ـ كما تراها "جيلر" ـ أن هذه الجماعات والروابط التابعة لتنظيم الإخوان المسلمين لا تزال ينظر إليها في الدوائر الرسمية والشعبوية الأميركية على أنها تمثل "الإسلام المعتدل"، والذي لا تعترف به الكاتبة حيث يقبع الإسلام عندها كله داخل تأطير إرهابي ظلامي شبكي محكم.
وتقدم الكاتبة الخطوات العملية لمواجهة هذا المخطط الإخواني، والتي تبدأ بـــ "إبلاغ المراسلين المحليين بهذه الكيانات الإخوانية والإلحاح عليهم لمتابعة الرابطة العضوية بين القائمين على هذه المساجد وجماعة الإخوان"، (الجماعة الأم لتنظيمي القاعدة وحماس ـ بحسب "جيلر").
وحتى إذا لم يكن ثمة رابط عضوي بين المسجد والجماعات سالفة الذكر، فإن استراتيجية الإخوان في أميركا، كما تؤكد الكاتبة، تنضوي على العديد من "جماعات الظل للتمويه والتعمية عليها". وبناء على هذا الطرح فإن كافة المساجد والمراكز الإسلامية بالولايات المتحدة الأميركية ستظل متهمة بالتبعية للإخوان وغير بريئة من شبهة التآمر لهدم الحضارة الأميركية وتشييد النموذج الحضاري الإسلامي على أنقاضه.
وفي هذا السياق تشير الكاتبة إلى أهمية تتبع أسماء المتحدثين والخطباء في المسجد، الذي لا يوجد دليل على انتمائه للإخوان تنظيميا، حيث يحتفظ هؤلاء المتحدثون بواجهة معتدلة ويضمرون إرهابا مدمرا نحو الشعب والأمة الأميركية من أمثال "أنور العوالقي" و"سراج وهاج".
·البحث عن مصادر تمويل المساجد، والتي تؤكد "جيلر" مسبقا أنها سعودية، ومن ثم تسعى لنشر الأدبيات الوهابية الاستعلائية التي تحمل توجهات دونية لغير المسلمين.
·القيام بمراجعات نقدية للطروحات والأفكار التي تدرسها هذه المساجد، حيث تؤكد "جيلر" بناء على دراسات مسحية أن ثلاثة مساجد من كل أربعة تبشر وتنشر مشاعر الكراهية و التحريض على العنف.
ورغم أن الكاتبة تعبر عن شديد أسفها لقلة الدراسات المسحية والمراجعات النقدية التي تتناول ما يتم تعليمه في المساجد، إلا أنها تؤكد على عدم وجود دراسات مقابلة من الجانب الإسلامي تؤكد على اهتمام المساجد بنشر ثقافة التعددية وحرية التعبير.
وفي السياق ذاته تشير الكاتبة إلى مجموعة أسماء تضمها قوائم القراءة في المساجد، والتي تتماشى مع التوجه العام لجماعة الإخوان المسلمين. ويأتي على رأس هذه القائمة الشيخ يوسف القرضاوي، كما تضم العديد من العلماء والمفكرين المسلمين، وغير المسلمين مثل "جون إسبوسيتو".
·ممارسة ما أسمته الكاتبة بـ "لعبة البيروقراطيين"، وذلك بالبحث في قوانين التنظيم البنائي، وقوانين المرور، وغيرها لإرباك هذه الأعمال عن طريق مواجهة أية مخالفات.
نقد الكراهية
هكذا تحولت الإدارة الأميركية بأجنحتها السياسية والاقتصادية والعسكرية كافة، وتحولت معها كافة مؤسسات المجتمع المدني، على يد الصارخة "جيلر"، إلى كيان (إسلامي متطرف !!)
لا تذر شيئاً أتت عليه من بقايا النموذج الليبرالي الأميركي إلا جعلته كالرميم بدافع انتمائها للإسلام.
لم تشر الكاتبة في غمار عرضها لحالة "التأسلم" الأميركي المفاجئ على المستويين الرسمي والمجتمعي إلى حقائق التاريخ في الماضي وموازنات البراجماتية الأميركية التي تفوقت على المكيافيلية الأوروبية، والدلالات الصارخة للسياسة الخارجية الأميركية في الشرق الأوسط.
ولم توضح الكاتبة كيف تأسلم فجأة صقور الكنيسة الإنجيلية التي تهيمن على مفاصل صناعة القرار الأميركي والتي نحت بالإدارة الأميركية إلى التعامل مع الصراع العربي الإسرائيلي من منظور ديني صهيو-إنجيلي يقوم على الدعم اللامحدود واللامشروط للكيان الصهيوني لبناء الهيكل المزعوم وعودة المسيح!! لم تفسر لنا "جيلر" كيف تأسلمت جماعات الضغط الصهيوني التي تقود سفينة الحكم الأميركي، ديمقراطيا كان أو جمهوريا، من داخل غرف العمليات ودوائر صناعة القرار، عبر مراكزها المترسخة ومفكريها وساساتها النافذين وأيديولوجيات الصدام الحضاري ونهاية التاريخ، بمفاهيم وغائيات العقيدة السبتية فتجعل من دعم الإنجيليين للدولة الإسرائيلية العنصرية في صراعها المقدس لبناء مملكة المسيح على أشلاء المسلمين ونشر قيم العدل والتسامح فريضة دينية لا مناص منها!!
كذلك لم تفسر لنا "الكاتبة في ثنايا بحثها الاستصراخي السياسات العسكرية الأميركية في أفغانستان والعراق التي بدأها صقور المحافظين الجدد ـ أو الإنجيليين الجدد ـ و لم يتغير منها شيء حتى الآن (اللهم إلا التحول من مسمى "السياسة الخشنة" في عهد الرئيس بوش إلى "السياسة الناعمة" على يد أوباما)
لم تفسر "جيلر" الدوافع (الإسلامية!!) لتدمير العراق و أفغانستان الذي كلف الخزانة الأميركية 371 ألف دولار في الدقيقة الواحدة (أي بمعدل يزيد عن مليون دولار كل ثلاث دقائق) ليتحمل تجار النفط الشرق أوسطي سداد هذه الفاتورة الإنجيلية السبتية، إضافة إلى تكريس المنظمات الدولية للمصالح الصهيو- أميركية، أو تجاوزها حال تعارضها مع هذه المصالح.
لم تقدم "جيلر" التفسير الأميركو- إسلامي للسياسات الأميركية التي تكرس الاستبداد السياسي في منطقة الشرق الأوسط ودعم النظم الحاكمة الموالية لها والوقوف بكل قوتها في وجه أي تحول ديمقراطي وخلق حضانة خصبة للإرهاب ليكون ذريعة لعودة الإمبريالية إلى سيرتها العسكرية الأولى وتجديد الحلم الإمبراطوري وتكرار السيناريو التاريخي للحروب الصليبية.
لم تشرح "جيلر" لقرائها توجهات (الإسلام الأميركي!!) لمقاومة المشروعات النهضوية وحرمان الأمة من حقها في تطوير أنظمتها التسلحية وقدراتها الردعية.
وإذا كان الكتاب الذي يتحدث عن أسلمة أميركا يفتقد إلى كل هذه التفسيرات ويتسم بكل هذه اللاموضوعية، ومن ثم لا يرقى إلى درجة البحث العلمي أو حتى تمثيل خطاب فكري بعينه (خاصة إذا علمنا أن البحث لم ترد فيه كلمة واحدة عن تعليم الكاتبة والمؤهلات العلمية التي تحملها أو حتى منهجية البحث التي اعتمدتها برغم إفرادها صفحتين (5 و6) للتعريف بنفسها)، فلماذا إذا تبنت "جيلر" هذا التوجه الراديكالي وتلك اللغة التحريضية؟
ربما يكمن التفسير الوحيد لإخراج هذه الكتابات أو ،بتعبير أكثر دقة، لإغراق السوق الأميركية ببضاعة في الدافع الرأسمالي لتحقيق الربح المادي على حساب أي شيء وكل شيء، خاصة إذا علمنا أن ثمة صناعة جديدة تزدهر اليوم على أرض الولايات المتحدة الأميركية، والغرب بوجه عام، هي صناعة العداء للآخر الإسلامي.
ويكفي في هذا السياق أن نورد ما ذكرته جريدة "تنيسي" الأميركية أن "ستيفن إيمرسون"، قد بلغت أرباحه عام 2008 ثلاث مليارات وثلاثمائة وتسعين مليون دولار نتيجة قيام مؤسسته البحثية بعمل أبحاث عن العلاقات المزعومة بين المسلمين الأميركيين والإرهاب العالمي. وصار لهذه الصناعة سادتها بداية من وسائل الإعلام المحافظة إلى المطبوعات والأبحاث والكتب وصولا إلى صناعة السينما.
رابط موقع "ثينك بروغريس" الذي نشر الدراسة
:http://thinkprogress.org/2010/10/26/geller-new-book-islam/
يمكن مطالعة النص الأصلي للمشروع البحثي للكتاب
على:
http://images2.americanprogressaction.org/ThinkProgress/Geller-Book-Proposal1.pdf
المصدر (http://www.tanseerel.com/main/articles.aspx?article_no=15005&menu_id=9)
باميلا جيلر أوقفوا أسلمة أميركا ::r::f::v
أحمد بركات
"أوقفوا أسلمة أميركا" ليست مجرد صرخة، بل استصراخ للمشاعر والإرادة الأميركية للوقوف في وجه الإسلام الذي يتسلل ويتغول في قطاعات التعليم والثقافة والمؤسسات السياسية والاقتصادية بأميركا. فالكتاب الذي تسعى مؤلفته "باميلا جيلر" لإخراجه إلى النور، و تم نشر مشروع البحث الخاص به على موقع "ثينك بروجريس" (http://fwstage.islamonline.net/cs/FCKeditor/editor/dialog/thinkprogress.org) بتاريخ 26 أكتوبر 2010، لا يكتفي بتقديم الدليل العملي للتفشي الإسلامي في الأوجه المتعددة للحياة الأميركية وتهديده السافر للمنظومة العلمانية، بل يقدم الخارطة الإرشادية لمقاومة هذا الخطر المحدق والدليل العملي للمحافظة على المقومات الحضارية والموروثات الفكرية للنموذج الليبرالي الأميركي.
أجراس الخطر
فالجهاد الإسلامي لا يتمثل في الهجمات الإرهابية فحسب، وإن كان الكتاب لا يستبعد تكرار هذه الهجمات وبعث أحداث الحادي عشر من سبتمبر من جديد في أي لحظة، بل فى اعتداء من نوع آخر، يتمثل في التجاوز الحضاري وفرض النموذج الإسلامي، حتى "تستيقظ أميركا يوما ما لتجد نفسها قد تحولت إلى دولة إسلامية"!! وتحاول "جيلر" عبر صفحات هذا الكتاب كما تقول أن "تفضح الاستراتيجية المتئدة والرصينة لجماعة الإخوان المسلمين لإحداث انقلاب ]في فلسفات الحكم[، واستئصال حرياتنا".
ويمكن تلخيص هذه الإستراتيجية - حسب رؤية جيلر- في النقاط التالية :
·محاولة تجريم حرية التعبير فيما يخص الإسلام والجهاد في العالم الغربي، وبالأخص في الولايات المتحدة الأميركية، وتقييد هذه الحريات بقيود وشروط الشريعة الإسلامية.
·تمديد نطاق جرائم الكراهية وتعبيرات الكراهية لتطول الحديث الموضوعي عن الإسلام والجهاد.
·بناء المساجد العملاقة بطول الولايات المتحدة الأميركية وعرضها بما يتجاوز احتياجات الجالية المسلمة وقدراتها الإنفاقية، وتحويل أماكن العمل إلى ما يشبه مساجد صغيرة تقام فيها الصلاة وينتشر فيها الزي الإسلامي.
·تسلل الإخوان المسلمون إلى وزارات الدفاع والخارجية والإعلام والتعليم ... إلى غير ذلك من الكيانات المفصلية في صناعة القرار وصياغة الرأي العام الأميركي.
·الدعوة الثقافية بالتأطير للنسق القيمي الإسلامي، الذي يتعارض في جوهره مع النسق القيمي العلماني، وتحويله إلى مرجعية معيارية عامة للمجتمع الأميركي.
·الجهاد الدستوري بإعطاء المسلمين مميزات خاصة في المحاكم الأميركية.
·الحرب القانونية برفع الدعاوى ومخاصمة الباحثين والناشطين والكتاب الشجعان وملاحقتهم قضائيا.
·الاقتصاد الشرعي بتحويل دولارات دافعي الضرائب الأميركية إلى مصدر رئيسي لتمويل الاقتصاد الإسلامي ودعم الجهاد.
الكاتبة وخطة الكتاب
مؤلفة الكتاب هي الناشطة "باميلا جيلر"، مؤسسة ورئيسة تحرير موقع "أطلس شرجز" والمدير التنفيذي لحركتي "أوقفوا أسلمة أميركا" و "مبادرة الدفاع عن الحريات"، والكاتبة بالعديد من الصحف و المواقع مثل واشنطن تايمز وفوكس نيوز وأميركان ثينكر وهيومان إيفنتس وديلي كولر ونيو ميديا جورنال وكندا فري بريس ... وغيرها. وهي من أبرز الناشطين الحقوقيين والمدافعين عن الحريات في الولايات المتحدة الأميركية، وصاحبة العديد من المبادرات وعلى رأسها مبادرات دعم المرتدين عن الإسلام، والمناهضة الأبرز حسب قولها "لانتشار الفكر الظلامي الإسلامي في المجتمع الأميركي". وهي أيضا مؤلفة كتاب "ما بعد الرئاسة الأميركية: حرب إدارة أوباما ضد أميركا"، بالتعاون مع المؤلف والناشط "روبرت سبنسر".
وتعمد الكاتبة من خلال كتابها الجديد "أوقفوا أسلمة أميركا : دليل عملي للمقاومة" إلى الكشف عن الأجندة الخفية لجماعة الإخوان المسلمين - حسب قولها - والتواطؤ المخزي لإدارة الرئيس أوباما والعديد من مؤسسات المجتمع المدني الأميركية عبر أحد عشر فصلا. فتتحدث في الفصل الأول عن جماعة الإخوان المسلمين والمنظمات التابعة لهم في الولايات المتحدة الأميركية، وأهدافهم العامة والنجاحات التي تمكنوا من تحقيقها. وتختتم الكاتبة هذا الفصل، والذي يحمل عنوان (الجهاد الأكبر لجماعة الإخوان المسلمين) بتوصيات هامة لفضح و هزيمة الجهاد الإخواني الدؤوب.
أما الفصل الثاني (التسلل) فيعرض لبسط اللوبي الجهادي سلطانه على وزارتي الخارجية والدفاع، والكونجرس، إضافة إلى سيطرة حزب الله على جهاز الاستخبارات الأميركية ومكتب التحقيقات الفيدرالية.
وفي الفصل الثالث تشرح "جيلر" الدوافع الحقيقية للإخوان المسلمين الكامنة وراء تشييد المساجد العملاقة على أنقاض الصرح الليبرالي الأميركي. ويبدأ الفصل الرابع (إسكات أعداء الجهاد) منهجية الكشف عن الأجندة الإخوانية لتحويل أميركا إلى دولة إسلامية، لتستمر هذه المنهجية عبر سبعة فصول كاملة حتى الفصل العاشر. فيعرض الفصل الخامس لاستخدام (جرائم الكراهية كسلاح)، ويتحدث الفصل السادس عن (الجهاد القانوني)، و السابع عن (الجهاد الثقافي). أما الفصل الثامن فيركز على (الجهاد في أماكن العمل) بتحويلها إلى دور عرض للشعائر و الملابس الإسلامية واستعراض الأصول الشرعية للعمل.
ويختص الفصل التاسع بتسليط الضوء على (الجهاد الاقتصادي) والعاشر على (تحويل المدارس العامة إلى مساجد). أما الفصل الحادي عشر والأخير فيردد عنوانه صرخة مدوية، هي نفسها عنوان الكتاب، (أوقفوا أسلمة أميركا)!!
الإعلام "الأميركو- إسلامي" المتحيز !!
لم تتوقف "جيلر" عن كيل الاتهامات بطول بحثها وعرضه ضد مختلف المؤسسات والجماعات حتى استحال الجميع على يديها قاتلا محترفا يطعن بخنجره القلب الحضاري للولايات المتحدة الأميركية، وإذا كان متوقعا أن تتهم الكاتبة جماعة الإخوان المسلمون بالإمبريالية والتوسعية على حساب النموذج الحضاري الأميركي، وأن تبالغ في تصوير قدراتهم على اختراق كافة المؤسسات والدوائر، فإن الكاتبة لم تقنع بهذا، بل سدرت في التشكيك، بل والتأكيد على "خيانة" الإدارة السياسية الأميركية واتهامها بالتواطؤ مع الإجندة الإخوانية، بل امتدت هذه الاتهامات لتطال الإعلام الأميركو- صهيوني ليتحول فجأة في مخيلة "جيلر" إلى إعلام إسلامي متطرف، رغم كل ما تعانيه المؤسسة الإعلامية الغربية بوجه عام، والأميركية بوجه خاص، من قلة التمثيل الإسلامي بها كما وكيفا قياسا إلى أعداد المواطنين المسلمين وما تقدمه من فكر عن الإسلام وسيطرة اليهود على الغالبية الغالبة من الأبواق الإعلامية بكافة أنواعها.
ويعرض البحث بشيء من الإسهاب لحيثيات هذا التحول في الأجندة الإعلامية الأميركية عبر تفنيد "عجيب" لتوصيات جمعية الصحفيين المحترفين التي صدرت في أعقاب أحداث الحادي عشر من سبتمبر. والقارئ لهذا التفنيد يلمح بسهولة اللغة التحريضية والخطاب الديماغوجي الذي تتبناه "جيلر" لتأصيل رأي عام مناهض للإسلام، مستغلة بذلك مشاعر الإسلاموفوبيا المتجذرة في الوعي العام الغربي (يمكن مراجعة استفتاءات معهد جالوب وجريدة واشنطن بوست وغيرهما عن رأي الأميركيين في الإسلام في سبتمبر 2010 في ذكرى مرور تسع سنوات على أحداث الحادي عشر من سبتمبر) والنجاحات التي حققها اليمين الراديكالي في اللعب على هذا الوتر لمزيد من التأجيج لمشاعر الكراهية والعداء ضد الإسلام.
ويمكن متابعة هذه التوصيات على موقع الجمعية www. Spj.org، ومقارنتها بالقراءة التأويلية والتحليل المتطرف الذي تقدمه "جيلر"، واستبعادها التام للسياق المجتمعي والمعايير الإعلامية والأهداف السياسية القومية التي رمت إليها هذه التوصيات، والتي لم تختلف في قليل أو كثير عن التوصيات الصادرة في سياقات مشابهة.
فالتوصية بـ "عدم الانسياق وراء التصويرات العنصرية في تغطية الحرب على الإرهاب والتأكيد على التزام لغة إخبارية غير تحريضية" يعني عند "جيلر" شكلا من أشكال المازوخية مع العمل الإرهابي "الجهادي".
وترفض "جيلر" بشدة (ومن دون ذكر أسباب) التوصية بعدم الانتقائية لإشخاص ذوي خلفيات إثنية ودينية بعينها عند تصوير حالة الحداد الأميركي العام على ضحايا نيويورك وواشنطن وبنسلفانيا. وتستنكر الكاتبة بشدة المطالبة بـ "تحري الحقيقة والموضوعية من خلال استعراض كافة وجهات النظر وطرح أحداث سبتمبر في ضوء خلفياتها المعقدة"، وعدم اختزال القضية في فكرة "إرهابية الإسلام" وحسب، و"انتقاء خبراء عسكريين واستراتيجيين وأمنيين ودبلوماسيين واقتصاديين يتسمون بدرجة عالية من الوعي بالتعدديات المختلفة التي يتشكل منها المجتمع الأميركي."، و"بذل مزيد من الجهود لتمديد رقعة التغطيات الإعلامية بكافة أنواعها السياسية والاقتصادية والمجتمعية والفنية والإخبارية الخاصة بأحداث الأزمة لتشمل رجالا ونساء من ذوي البشرات المتوسطة والداكنة، ومن السيخ والمسلمين وغيرهم من أصحاب الديانات المختلفة" .
ويستمر تواطؤ الجمعية، بحسب "جيلر"، بتوصيتها بعدم إهمال "ثراء الخبرة التعددية للمسلمين والعرب والشرق أوسطيين وشعوب جنوب آسيا."، و"تجنب استخدام كلمات مثل "الجهاد والإرهاب الإسلامي والمتطرفين الإسلاميين، من دون تحري الدقة، أو استخدام بدائل أكثر موضوعية من قبيل "الإرهابيين المنتمين لتنظيم القاعدة"، أو حتى " الإسلاميين السياسيين"."
والمثير للدهشة في قراءة "جيلر" لهذه لتوصيات أنها لا تعتمد منهجية تحليلية في نقدها بقدر ما تركن إلى أسلوب غوغائي يعمد إلى إثارة المشاعر وشحن العواطف وتكرار الإشارة بغير سند إلى إصرار الجمعية على "التستر" على الأعمال الإرهابية والجرائم الجهادية وصرف الانتباه عن الشخصية الجهادية المسلمة بوجه عام ومحاباة القتلة والمجرمين ووصف الجوانب المتعددة للشريعة الإسلامية- تشير بها الكاتبة إلى الحدود من شاكلة الرجم والقصاص، وقانون العقوبات في الإسلام، وبعض الممارسات كالختان و مشاعر الكراهية التي يستقيها المسلمون من النصوص الشرعية، في زعمها، ضد اليهود و الهندوس وغيرهم من أصحاب الديانات الأخرى، وما ترتب عليها من أعمال وحشية وجرائم في الهند وبلاد فارس- بالثراء التعددي في الإسلام (!!).
بل أن دهشة القارئ لهذا البحث تصل بالفعل إلى ذروتها عندما نقرأ أن هذه التوصيات بوجه عام لم توضع إلا لمحاباة المسلمين حيث أن"الإرهاب ملمح إسلامي أصيل.. لا يوجد استعلائيين عنصريين أو راديكاليين مناهضين للإجهاض أو أي جماعات عنف أخرى إلا في الإسلام"، و تبلغ الموضوعية من الكاتبة مبلغها فتذكر أن "ربما ثلاث جرائم فقط من هذا النوع وقعت في مرحاض خارجي أو مبنى إضافي بمكان ما بمنطقة أبالاشيا" هي كل ما خرج عن الدائرة الإسلامية!!!
المساجد .. أوكاراً للإرهاب
تلمح الكاتبة إلى أن ثمة متغيرين رئيسيين لا يتخلفان في مختلف السيناريوهات الإرهابية الإسلامية هما "المسجد ومنح الرخصة الشرعية للعمل الإرهابي من قبل العلماء." وتمثل الكاتبة لذلك بالعديد من الجرائم الإرهابية التي ارتكبها المسلمون في عام 2010 في "جزيرة ستيتن، وخليج شيبسهيد وبروكلين ومقاطعة راثفورد وميرفريسبورو ... وغيرهم". فعلى الرغم من آلاف الأميال التي تفصل هذه الأماكن عن بعضها بعضاً، إلا أن بناء المساجد العملاقة وسط جاليات مسلمة محدودة العدد يبقى هو المتغير الوحيد الثابت في نظر "جيلر"!
وانطلاقا من هذه العقيدة تقدم "جيلر" لقرائها عبر الولايات المتحدة الأميركية دليلا عمليا مفصلا لمواجهة المشروع الإخواني لبناء هذه "المساجد التنينية" حسب وصفها. ويمكن تلخيص استراتيجية المواجهة في النقاط التالية :
·اكتشاف اللاعبين الحقيقيين وراء هذه الأبنية، حيث أن الغالبية الغالبة من هذه المساجد ـ كما تؤكد "جيلر" ـ يقف وراءها الإخوان المسلمون. وفي هذا السياق تقدم الكاتبة قائمة كاملة بجميع الروابط والتنظيمات التي تمثل الأذرع الطولى للشبكة الأخطبوطية الإخوانية منها "الرابطة الإسلامية بأميركا الشمالية" و"اتحاد الطلاب المسلمين" و"الدائرة الإسلامية بأميركا الشمالية" و"اتحاد الشباب العربي" و "الأمانة الإسلامية بأميركا الشمالية" (والتي تؤكد "جيلر" أنها الجهة المسؤولة عن تمويل العديد من المساجد في الولايات المتحدة)، و"الاتحاد الإسلامي من أجل فلسطين" (والذي انبثق عنه "مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية".
والأزمة ـ كما تراها "جيلر" ـ أن هذه الجماعات والروابط التابعة لتنظيم الإخوان المسلمين لا تزال ينظر إليها في الدوائر الرسمية والشعبوية الأميركية على أنها تمثل "الإسلام المعتدل"، والذي لا تعترف به الكاتبة حيث يقبع الإسلام عندها كله داخل تأطير إرهابي ظلامي شبكي محكم.
وتقدم الكاتبة الخطوات العملية لمواجهة هذا المخطط الإخواني، والتي تبدأ بـــ "إبلاغ المراسلين المحليين بهذه الكيانات الإخوانية والإلحاح عليهم لمتابعة الرابطة العضوية بين القائمين على هذه المساجد وجماعة الإخوان"، (الجماعة الأم لتنظيمي القاعدة وحماس ـ بحسب "جيلر").
وحتى إذا لم يكن ثمة رابط عضوي بين المسجد والجماعات سالفة الذكر، فإن استراتيجية الإخوان في أميركا، كما تؤكد الكاتبة، تنضوي على العديد من "جماعات الظل للتمويه والتعمية عليها". وبناء على هذا الطرح فإن كافة المساجد والمراكز الإسلامية بالولايات المتحدة الأميركية ستظل متهمة بالتبعية للإخوان وغير بريئة من شبهة التآمر لهدم الحضارة الأميركية وتشييد النموذج الحضاري الإسلامي على أنقاضه.
وفي هذا السياق تشير الكاتبة إلى أهمية تتبع أسماء المتحدثين والخطباء في المسجد، الذي لا يوجد دليل على انتمائه للإخوان تنظيميا، حيث يحتفظ هؤلاء المتحدثون بواجهة معتدلة ويضمرون إرهابا مدمرا نحو الشعب والأمة الأميركية من أمثال "أنور العوالقي" و"سراج وهاج".
·البحث عن مصادر تمويل المساجد، والتي تؤكد "جيلر" مسبقا أنها سعودية، ومن ثم تسعى لنشر الأدبيات الوهابية الاستعلائية التي تحمل توجهات دونية لغير المسلمين.
·القيام بمراجعات نقدية للطروحات والأفكار التي تدرسها هذه المساجد، حيث تؤكد "جيلر" بناء على دراسات مسحية أن ثلاثة مساجد من كل أربعة تبشر وتنشر مشاعر الكراهية و التحريض على العنف.
ورغم أن الكاتبة تعبر عن شديد أسفها لقلة الدراسات المسحية والمراجعات النقدية التي تتناول ما يتم تعليمه في المساجد، إلا أنها تؤكد على عدم وجود دراسات مقابلة من الجانب الإسلامي تؤكد على اهتمام المساجد بنشر ثقافة التعددية وحرية التعبير.
وفي السياق ذاته تشير الكاتبة إلى مجموعة أسماء تضمها قوائم القراءة في المساجد، والتي تتماشى مع التوجه العام لجماعة الإخوان المسلمين. ويأتي على رأس هذه القائمة الشيخ يوسف القرضاوي، كما تضم العديد من العلماء والمفكرين المسلمين، وغير المسلمين مثل "جون إسبوسيتو".
·ممارسة ما أسمته الكاتبة بـ "لعبة البيروقراطيين"، وذلك بالبحث في قوانين التنظيم البنائي، وقوانين المرور، وغيرها لإرباك هذه الأعمال عن طريق مواجهة أية مخالفات.
نقد الكراهية
هكذا تحولت الإدارة الأميركية بأجنحتها السياسية والاقتصادية والعسكرية كافة، وتحولت معها كافة مؤسسات المجتمع المدني، على يد الصارخة "جيلر"، إلى كيان (إسلامي متطرف !!)
لا تذر شيئاً أتت عليه من بقايا النموذج الليبرالي الأميركي إلا جعلته كالرميم بدافع انتمائها للإسلام.
لم تشر الكاتبة في غمار عرضها لحالة "التأسلم" الأميركي المفاجئ على المستويين الرسمي والمجتمعي إلى حقائق التاريخ في الماضي وموازنات البراجماتية الأميركية التي تفوقت على المكيافيلية الأوروبية، والدلالات الصارخة للسياسة الخارجية الأميركية في الشرق الأوسط.
ولم توضح الكاتبة كيف تأسلم فجأة صقور الكنيسة الإنجيلية التي تهيمن على مفاصل صناعة القرار الأميركي والتي نحت بالإدارة الأميركية إلى التعامل مع الصراع العربي الإسرائيلي من منظور ديني صهيو-إنجيلي يقوم على الدعم اللامحدود واللامشروط للكيان الصهيوني لبناء الهيكل المزعوم وعودة المسيح!! لم تفسر لنا "جيلر" كيف تأسلمت جماعات الضغط الصهيوني التي تقود سفينة الحكم الأميركي، ديمقراطيا كان أو جمهوريا، من داخل غرف العمليات ودوائر صناعة القرار، عبر مراكزها المترسخة ومفكريها وساساتها النافذين وأيديولوجيات الصدام الحضاري ونهاية التاريخ، بمفاهيم وغائيات العقيدة السبتية فتجعل من دعم الإنجيليين للدولة الإسرائيلية العنصرية في صراعها المقدس لبناء مملكة المسيح على أشلاء المسلمين ونشر قيم العدل والتسامح فريضة دينية لا مناص منها!!
كذلك لم تفسر لنا "الكاتبة في ثنايا بحثها الاستصراخي السياسات العسكرية الأميركية في أفغانستان والعراق التي بدأها صقور المحافظين الجدد ـ أو الإنجيليين الجدد ـ و لم يتغير منها شيء حتى الآن (اللهم إلا التحول من مسمى "السياسة الخشنة" في عهد الرئيس بوش إلى "السياسة الناعمة" على يد أوباما)
لم تفسر "جيلر" الدوافع (الإسلامية!!) لتدمير العراق و أفغانستان الذي كلف الخزانة الأميركية 371 ألف دولار في الدقيقة الواحدة (أي بمعدل يزيد عن مليون دولار كل ثلاث دقائق) ليتحمل تجار النفط الشرق أوسطي سداد هذه الفاتورة الإنجيلية السبتية، إضافة إلى تكريس المنظمات الدولية للمصالح الصهيو- أميركية، أو تجاوزها حال تعارضها مع هذه المصالح.
لم تقدم "جيلر" التفسير الأميركو- إسلامي للسياسات الأميركية التي تكرس الاستبداد السياسي في منطقة الشرق الأوسط ودعم النظم الحاكمة الموالية لها والوقوف بكل قوتها في وجه أي تحول ديمقراطي وخلق حضانة خصبة للإرهاب ليكون ذريعة لعودة الإمبريالية إلى سيرتها العسكرية الأولى وتجديد الحلم الإمبراطوري وتكرار السيناريو التاريخي للحروب الصليبية.
لم تشرح "جيلر" لقرائها توجهات (الإسلام الأميركي!!) لمقاومة المشروعات النهضوية وحرمان الأمة من حقها في تطوير أنظمتها التسلحية وقدراتها الردعية.
وإذا كان الكتاب الذي يتحدث عن أسلمة أميركا يفتقد إلى كل هذه التفسيرات ويتسم بكل هذه اللاموضوعية، ومن ثم لا يرقى إلى درجة البحث العلمي أو حتى تمثيل خطاب فكري بعينه (خاصة إذا علمنا أن البحث لم ترد فيه كلمة واحدة عن تعليم الكاتبة والمؤهلات العلمية التي تحملها أو حتى منهجية البحث التي اعتمدتها برغم إفرادها صفحتين (5 و6) للتعريف بنفسها)، فلماذا إذا تبنت "جيلر" هذا التوجه الراديكالي وتلك اللغة التحريضية؟
ربما يكمن التفسير الوحيد لإخراج هذه الكتابات أو ،بتعبير أكثر دقة، لإغراق السوق الأميركية ببضاعة في الدافع الرأسمالي لتحقيق الربح المادي على حساب أي شيء وكل شيء، خاصة إذا علمنا أن ثمة صناعة جديدة تزدهر اليوم على أرض الولايات المتحدة الأميركية، والغرب بوجه عام، هي صناعة العداء للآخر الإسلامي.
ويكفي في هذا السياق أن نورد ما ذكرته جريدة "تنيسي" الأميركية أن "ستيفن إيمرسون"، قد بلغت أرباحه عام 2008 ثلاث مليارات وثلاثمائة وتسعين مليون دولار نتيجة قيام مؤسسته البحثية بعمل أبحاث عن العلاقات المزعومة بين المسلمين الأميركيين والإرهاب العالمي. وصار لهذه الصناعة سادتها بداية من وسائل الإعلام المحافظة إلى المطبوعات والأبحاث والكتب وصولا إلى صناعة السينما.
رابط موقع "ثينك بروغريس" الذي نشر الدراسة
:http://thinkprogress.org/2010/10/26/geller-new-book-islam/
يمكن مطالعة النص الأصلي للمشروع البحثي للكتاب
على:
http://images2.americanprogressaction.org/ThinkProgress/Geller-Book-Proposal1.pdf
المصدر (http://www.tanseerel.com/main/articles.aspx?article_no=15005&menu_id=9)