أبو عائشة السوري
2011-01-04, 04:06 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونتوب إليه،ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا،من يهده الله فلا مضل له،ومن يضلل فلا هادي له،وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له،وأن نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله وبعد.
قال الله تعالى ولم يزل قائلاً عالماً آمراً حكيماً:" محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من الله ورضواناً سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجراً عظيماً"
فالصحابة رضوان الله عليهم كلهم بدون استثناء_وأهل البيت وأمهات المؤمنين صحابة بلا شك_عدول وخير الناس بعد الأنبياء بلا شكٍ ولا ريب،لكن لمعاوية رضي الله عنه وأرضاه خصوصية تميزه عن أي صحابي آخر،وهي أنه كما قال الإمام النسائي رحمه الله:"الصحابة هم سور الإسلام،ومعاوية هو باب هذا السور"يعني لا تصدقوا يا أخوتي وأخواتي أن أعداء الإسلام توصلوا إلى أمهاتنا زوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم بين يوم وليلة،ولكنهم بدأوا بالفتنة التي جرت بين معاوية وعلي رضي الله عنهما وصاروا يطنطنون حول أحداثها،ثم ساروا شيئاً فشيئاً إلى أمه رضي الله عنها التي يلقبونها ب"آكلة الأكباد"ثم إلى أبيه أبي سفيان رضي الله عنه وأرضاه،ومن ثم إلى صاحبه عمرو بن العاص رضي الله عنه وأرضاه فاتح مصر_وكفى بهذه مفخرة وفضلاً عظيماً_ثم إلى الطلقاء وأبناء الطلقاء_مع العلم بأن حديث الطلقاء ضعفه الألباني رحمه الله رغم اشتهاره على ألسنة الناس_ثم إلى بني أمية ومنهم عثمان رضي الله عنه وأرضاه،وكلما زاد تساهل الأمة تجاه المنهج وابتعدت عن هذا الماضي المشرف،زاد هؤلاء من المكر والحيلة والكيد للإسلام والمسلمين،بل وبعضهم يلجأ إلى أسلوب غاية في المكر والخبث في الطعن به،ألا وهو زيادة الإطراء على عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى،وأنا كرأي شخصي _أسأل الله ألا يؤاخذني به يوم القيامة_أدين لله بأنه إذا كان هناك من يستحق لقب خامس الخلفاء الراشدين فعلاً فهو معاوية رضي الله عنه وأرضها،بل و سيد شباب الجنة الحسن بن علي رضي الله عنهما أحق بهذا اللقب من وجهة نظري وحسب،ولقد تنبه جهابذة علماء أمتنا إلى هذا الطرح الخطير،فلقد سئل عبد الله بن المبارك ، أيهما أفضل : معاوية بن أبي سفيان ، أم عمر بن عبدالعزيز ؟
فقال : و الله إن الغبار الذي دخلفي أنف معاوية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل من عمر بألف مرة ، صلى معاويةخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : سمع الله لمن حمده ، فقال معاوية : ربناولك الحمد . فما بعد هذا ؟ وفيات الأعيان ، لابن خلكان (3 /33) ، و بلفظ قريب منهعند الآجري في كتابه الشريعة (5/2466)
والحق أنه لا يذكر عمر بن عبد العزيز رحمه الله إلى ونجد عبارات الإطراء والمديح والثناء تحفه وتبجله_ولا ننكر فضله وعظيم قدره_،وفي المقابل إذا ذكر معاوية رضي الله عنه وأرضاه لا يتذكر الناس إلا الفتنة والقتال مع علي رضي الله عنه وأرضاه ولا يعرف حتى الكثير من الكتاب والمثقفين عن فضائل هذا الصحابي الجليل شيئاً،فهو الذي كلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتابة الوحي وكفى بهذا شرفاً ورفعة،ولا ننسى بأنه خال المؤمنين وأخته رملة واحدة من أمهاتنا ،وهو الذي قاد أول معركة بحرية في التاريخ الإسلامي ألا وهي ذات الصواري مع أعظم قوة عسكرية وسياسية وقتها ألا وهم الروم،وكانت خطته فيها تدل على مبلغ ذكائه وبراعته ودهائه العسكري،فلقد قام بربط سفن المسلمين مع سفن الروم بالحبال والكلاليب حتى تحولت المعركة من بحرية إلى حربية برية،واستفادوا من هذه الحركة أيضاً ثبات السفن وعدم تأرجحها ،الأمر الذي كان يسبب دوار البحر لهؤلاء العرب الذين لم يعتادوا ركوب البحر فضلاً عن خوض معركة بحرية خطيرة،ومع أعظم وأكبر قوة عسكرية سياسية وقتذاك!!
بعد هذه المقدمة سنأتي الآن بعون الله وتوفيقه إلى تفنيد الشبهات السخيفة التي أثيرت حول هذا الصحابي العظيم.
الشبهة الأولى:يقولون:بأن معاوية رضي الله عنه وأرضاه أمر بسب علي رضي الله عنه وأرضاه على المنابر،وإليكم أشهر شبهاتهم في هذا البهتان العظيم:
إنه حديث في صحيح مسلم رحمه الله ونصه كالتالي:" أمر معاوية بن أبي سفيان سعدا فقال ما منعك أن تسب أبا التراب ؟ فقال أما ذكرت ثلاثا قالهن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فلن أسبه لأن تكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له خلفه في بعض مغازيه فقال له علي يا رسول الله خلفتني مع النساء والصبيان ؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبوة بعدي وسمعته يقول يوم خيبر لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله قال فتطاولنا لها فقال ادعوا لي عليا فأتى به أرمد فبصق في عينه ودفع الراية إليه ففتح الله عليه ولما نزلت هذه الآية فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبنائكم [ 3 / آل عمران / 61 ] دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا وفاطمة وحسنا وحسينا فقال اللهم هؤلاء أهلي"ولو أن هؤلاء المرضى تدبروا هذا الحديث جيداً لوجدوا بأنه دليل على محبة معاوية رضي الله عنه وأرضاه لعلي رضي الله عنه وأرضاه،ولا شك أن الأمر اتضح في أذهانكم أخوتي وأخواتي،ولكن نجلي الحقيقة قليلاً،معاوية رضي الله عنه وأرضاه معروف بالدهاء وحدّة الذكاء،أراد أن يستخرج ما في جوف سعد رضي الله عنه وأرضاه ،فسأله السؤال السابق،ولاحظوا كيف أن جواب سعد رضي الله عنه وأرضاه كان ذكر فضائل علي رضي الله عنه وإطراء له،وهذا يؤكد على كذب من قال:"إن معاوية كان يرغم الناس على سب علي على المنابر"فلو كان الأمر كذلك لما تجرأ سعد على ذكر فضائل علي وأمام معاوية رضي الله عنهم جميعاً وأمام الملأ!فإن قال قائل:"لماذا ذكر معاوية السب طالما أنه ليس هنالك سب على الإطلاق؟"قلنا:"نحن لم ننكر وجود السب على علي رضي الله عنه أو حتى على غيره،فقلوب العباد بين رب العباد،لعل سعداً كان وسط طائفة تسب علياً فسأله معاوية عن سبب عدم السب على سبيل مدح ترك السب لعلي رضوان الله عليهم أجمعين،ولكننا نسأل أهل الفتنة سؤالاً واحداً سهلاً بسيطاً:ما أدراكم وما دليلكم على أن الذين كانوا يسبون علياً رضي الله عنه من الصحابة رضوان الله عليهم؟لعل الذين قاموا بسبه من الخوارج الذين شقوا عصا الطاعة على أمير المؤمنين علي رضي الله عنه وقتها،أو لعله من أتباع جدكم الروحي الخنزير عبد الله بن سبأ الذين دخلوا في صفوف الموحدين وقتها ليمزقوها ويقطّعوا أوصالها ويؤججوا نار الفتنة كما تفعلون أنتم اليوم!"
الشبهة الثانية: ما جاء في صحيح مسلم عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال : استُعمل على المدينة رجل من آل مروان قال : فدعا سهل بن سعد فأمر أن يشتم علياً رضي الله عنه ، فأبى سهل ، فقال له : أما إذا أبيت فقل : لعن الله أبا تراب ، فقال سهل : ما كان لعلي اسم أحب إليه من أبي تراب .. ثم ذكر الحديث وسبب تسميته بذلك .
الجواب:حاولوا العثور على اسم معاوية رضي الله عنه في هذه الرواية،ثم من قال بأن جميع بني أمية صالحون وأتقياء!بل ولاحظوا أخوتي وأخواتي كيف أن سهلاً رضي الله عنه امتنع ولم يأبه لهذا الرجل الذي أمره بسب أبي تراب _الذي هو علي رضي الله عنه وأرضاه_وهذا دليل على أنه لم يكن أحد يرغم أحداً على سب علي رضي الله عنه وقتها لا معاوية رضي الله عنه ولا غير معاوية.
الشبهة الثالثة:حديث في صحيح مسلم أيضاً ونصه كالتالي:" عن ابن عباس قال
: كنت ألعب مع الصبيان فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فتواريت خلف باب قال فجاء فحطأني حطأة وقال اذهب وادع لي معاوية قال فجئت فقلت هو يأكل قال ثم قال لي اذهب فادع لي معاوية قال فجئت فقلت هو يأكل فقال لا أشبع الله بطنه"
قالوا:"إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذمّ معاوية بقوله (لا أشبع الله بطنه).
الجواب:عندما يأتي محقق أو قاضٍ ليحكم في قضية معينة،يكون من مبلغ غبائه وشدة جهله أن يستمع لطرف واحد،أو أن ينظر إلى القضية من زاوية واحدة،بل عليه أن يحيط بالقضية من كل جوانبها ويستكشف الأدلة والحقائق والقرائن على قدر استطاعته وهو مأجور باجتهاده ان شاء الله،ونرد عليهم بالحديث الوارد في السنن الذي حسنه الألباني رحمه الله واللفظ هنا للترمذي:" عن ابن عمر قال : تجشأ رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال كف عنا جشاءك فإن أكثرهم شبعا في الدنيا أطولهم جوعا يوم القيامة"ومعنى "تجشأ"يعني أخرج هواءاً مع صوت من حلقه من كثرة الأكل،فكان دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم لشدة محبته لابن حماه وأخو زوجته وخوفه عليه من أن يجوع يوم القيامة ،ولا يتسع المقام هنا لذكر مضار الشبع ومنافع الطعام القليل طبياً وصحياًوبركته وفوائده على البدن والعقل والقلب ،لكن الأمر لا يحتاج إلا لقليل من التعقل والحياد والإنصاف والورع والعدل والصدق مع الله ومع النفس فضلاً عن قليل من الثقافة الطبية والاجتماعية ولا يسعنا أمام قضية كهذه إلا أن نحمد الله على نعمة التوحيد وحسن الاتباع وكفى بها نعمة.
الشبهة الرابعة:حديث في صحيح مسلم أيضاً ونصه كالتالي:" عن فاطمة بنت قيس أن أبا عمرو بن حفص طلقها البتة وهو غائب فأرسل إليها وكيله بشعير فسخطته فقال والله مالك علينا من شيء فجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال ليس لك عليه نفقة فأمرها أن تعتد في بيت أم شريك ثم قال
: تلك امرأة يغشاها أصحابي اعتدى عند ابن أم مكتوم فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك فإذا حللت فآذنينى قالت فلما حللت ذكرت له أن معاوية بن أبي سفيان وأبا جهم خطباني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه وأما معاوية فصعلوك لا مال له انكحى أسامة بن زيد فكرهته ثم قال انكحى أسامة فنكحته فجعل الله فيه خيرا واغتبطت"ما يهمنا من هذه الرواية هو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم عن معاوية رضي الله عنه وأرضاه بأنه:"صعلوك لا مال له"قالوا:"لقد ذمّ رسول الله صلى الله عليه وسلم معاوية ووصفه بأنه صعلوك"
الجواب:معلوم وبديهي بأن واللسان العربي يختلف ويتباين تبعاً للأزمنة والأمكنة،ومعلوم بأن الكلمة يختلف معناها حتى حسب سياق الكلام،فلو جاء رجل وقال بأن الآية :"ولا تقربوا الصلاة"دليل على ترك الصلاة لاستخف به حتى اليهود والنصارى،ومن سياق الجملة القائلة:"صعلوك لا مال له"يتضح لنا بأن تفسير كلمة "صعلوك"هو فقير،وندعم كلامنا بشواهد وأدلة أخرى حتى تزداد القلوب اطمئناناً بإذن الله تعالى:
(الصعلوك) الفقيرو (التصعلك) الفقر
مختار الصحاح 363
قال ثعلب هذاوصَف صُعْلوكاً فقال لا مالَله
لسان العرب 9/249
الصُّعْلُوك الفقير الذي لا مالله
لسان العرب 10/455
والصُّعْلُوكُ كعُصْفُورٍ : الفقيرُ . وتَصَعْلَكَ : افْتَقَرَ
القاموس المحيط 1/1221
ولا بأس من أن نجلد هؤلاء الحمقى بسياط من الأدلة من كتبهم:
و الصعاليك جمع الصعلوك و هو الفقير
بحار الأنوار 35/143
وتدبروا معي هذه الرواية من كتبهم أيضاً:
"تزوج الرسول صلى الله عليه و آله و سلم بخديجة رضي الله عنها عندما عرف خويلد (أبو خديجة) أن محمدا (الرسول صلى الله عليه و آله) جاءها خاطبا فتغير لونه و كبر عليه وقال : و الله إن فيكم الكفاية و أنتم أعز الخلق علينا و لكن خديجة قد ملكت نفسها وعقلها أوفر من عقلي و أنا لم تطب قلبي إن خطبها الملوك فكيف هذا ومحمد فقير صعلوك"
بحار الأنوار 16/59
يعني لاحظوا أنهم بمجرد أن يقولوا:"كلمة صعلوك تفيد الذم دائماً"بهذا الشكل يسبون رسول الله صلى الله عليه وسلم بشكل مباشر،ولا ندري متى سيفهم هؤلاء الأغبياء بأن الطعن، ولو في صحابي واحد،يشكل طعناً صريحاً برسول الله صلى الله عليه وسلم،بل وفي السنة والقرآن وهم حملته،ولصالح من!!!
وفي هذا السياق أردت لكم أن تشاهدوا هذا المقاطع التي ستسبب لكم الألم بلا شك،وأنصح بإهدائها لكل شخص ما يزال لديه أمل بأن هؤلاء القوم يمكن التقارب معهم:
http://www.aaa102.com/view_window.aspx?art_no=417&file_no=1 (http://www.aaa102.com/view_window.aspx?art_no=417&file_no=1)
واستمعوا لهذا المقطع أيضاً
http://www.aaa102.com/view_window.aspx?art_no=1145&file_no=1 (http://www.aaa102.com/view_window.aspx?art_no=1145&file_no=1)
وشاهدوا على هذا الرابط واحداً من القواسم المشتركة بين الرافضة والنصارى
http://www.aaa102.com/listen_window.aspx?art_no=1201&file_no=1 (http://www.aaa102.com/listen_window.aspx?art_no=1201&file_no=1)
والآن شاهدوا مكانة رسول الله صلى الله عليه وسلم عند هؤلاء الأنجاس،سيرشدكم الأخوة الأفاضل الذين قاموا بهذا العمل إلى موقع في محرك البحث غوغل،أنصحكم بعدم الدخول :
http://www.aaa102.com/view_window.aspx?art_no=1554&file_no=1 (http://www.aaa102.com/view_window.aspx?art_no=1554&file_no=1)
وما كان من صواب وسداد وتوفيق فبفضل من الله وحده لا شريك له،وما كان من خطأ أو تقصير أو نسيان فمني ومن الشيطان،والله ورسوله صلى الله عليه وسلم منه براء،وجزاكم الله كل خير على حسن المتابعة ،ووفقني وإياكم لما هو خير للإسلام والمسلمين.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون * وسلام على المرسلين * والحمد لله رب العالمين
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونتوب إليه،ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا،من يهده الله فلا مضل له،ومن يضلل فلا هادي له،وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له،وأن نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله وبعد.
قال الله تعالى ولم يزل قائلاً عالماً آمراً حكيماً:" محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من الله ورضواناً سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجراً عظيماً"
فالصحابة رضوان الله عليهم كلهم بدون استثناء_وأهل البيت وأمهات المؤمنين صحابة بلا شك_عدول وخير الناس بعد الأنبياء بلا شكٍ ولا ريب،لكن لمعاوية رضي الله عنه وأرضاه خصوصية تميزه عن أي صحابي آخر،وهي أنه كما قال الإمام النسائي رحمه الله:"الصحابة هم سور الإسلام،ومعاوية هو باب هذا السور"يعني لا تصدقوا يا أخوتي وأخواتي أن أعداء الإسلام توصلوا إلى أمهاتنا زوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم بين يوم وليلة،ولكنهم بدأوا بالفتنة التي جرت بين معاوية وعلي رضي الله عنهما وصاروا يطنطنون حول أحداثها،ثم ساروا شيئاً فشيئاً إلى أمه رضي الله عنها التي يلقبونها ب"آكلة الأكباد"ثم إلى أبيه أبي سفيان رضي الله عنه وأرضاه،ومن ثم إلى صاحبه عمرو بن العاص رضي الله عنه وأرضاه فاتح مصر_وكفى بهذه مفخرة وفضلاً عظيماً_ثم إلى الطلقاء وأبناء الطلقاء_مع العلم بأن حديث الطلقاء ضعفه الألباني رحمه الله رغم اشتهاره على ألسنة الناس_ثم إلى بني أمية ومنهم عثمان رضي الله عنه وأرضاه،وكلما زاد تساهل الأمة تجاه المنهج وابتعدت عن هذا الماضي المشرف،زاد هؤلاء من المكر والحيلة والكيد للإسلام والمسلمين،بل وبعضهم يلجأ إلى أسلوب غاية في المكر والخبث في الطعن به،ألا وهو زيادة الإطراء على عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى،وأنا كرأي شخصي _أسأل الله ألا يؤاخذني به يوم القيامة_أدين لله بأنه إذا كان هناك من يستحق لقب خامس الخلفاء الراشدين فعلاً فهو معاوية رضي الله عنه وأرضها،بل و سيد شباب الجنة الحسن بن علي رضي الله عنهما أحق بهذا اللقب من وجهة نظري وحسب،ولقد تنبه جهابذة علماء أمتنا إلى هذا الطرح الخطير،فلقد سئل عبد الله بن المبارك ، أيهما أفضل : معاوية بن أبي سفيان ، أم عمر بن عبدالعزيز ؟
فقال : و الله إن الغبار الذي دخلفي أنف معاوية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل من عمر بألف مرة ، صلى معاويةخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : سمع الله لمن حمده ، فقال معاوية : ربناولك الحمد . فما بعد هذا ؟ وفيات الأعيان ، لابن خلكان (3 /33) ، و بلفظ قريب منهعند الآجري في كتابه الشريعة (5/2466)
والحق أنه لا يذكر عمر بن عبد العزيز رحمه الله إلى ونجد عبارات الإطراء والمديح والثناء تحفه وتبجله_ولا ننكر فضله وعظيم قدره_،وفي المقابل إذا ذكر معاوية رضي الله عنه وأرضاه لا يتذكر الناس إلا الفتنة والقتال مع علي رضي الله عنه وأرضاه ولا يعرف حتى الكثير من الكتاب والمثقفين عن فضائل هذا الصحابي الجليل شيئاً،فهو الذي كلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتابة الوحي وكفى بهذا شرفاً ورفعة،ولا ننسى بأنه خال المؤمنين وأخته رملة واحدة من أمهاتنا ،وهو الذي قاد أول معركة بحرية في التاريخ الإسلامي ألا وهي ذات الصواري مع أعظم قوة عسكرية وسياسية وقتها ألا وهم الروم،وكانت خطته فيها تدل على مبلغ ذكائه وبراعته ودهائه العسكري،فلقد قام بربط سفن المسلمين مع سفن الروم بالحبال والكلاليب حتى تحولت المعركة من بحرية إلى حربية برية،واستفادوا من هذه الحركة أيضاً ثبات السفن وعدم تأرجحها ،الأمر الذي كان يسبب دوار البحر لهؤلاء العرب الذين لم يعتادوا ركوب البحر فضلاً عن خوض معركة بحرية خطيرة،ومع أعظم وأكبر قوة عسكرية سياسية وقتذاك!!
بعد هذه المقدمة سنأتي الآن بعون الله وتوفيقه إلى تفنيد الشبهات السخيفة التي أثيرت حول هذا الصحابي العظيم.
الشبهة الأولى:يقولون:بأن معاوية رضي الله عنه وأرضاه أمر بسب علي رضي الله عنه وأرضاه على المنابر،وإليكم أشهر شبهاتهم في هذا البهتان العظيم:
إنه حديث في صحيح مسلم رحمه الله ونصه كالتالي:" أمر معاوية بن أبي سفيان سعدا فقال ما منعك أن تسب أبا التراب ؟ فقال أما ذكرت ثلاثا قالهن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فلن أسبه لأن تكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له خلفه في بعض مغازيه فقال له علي يا رسول الله خلفتني مع النساء والصبيان ؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبوة بعدي وسمعته يقول يوم خيبر لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله قال فتطاولنا لها فقال ادعوا لي عليا فأتى به أرمد فبصق في عينه ودفع الراية إليه ففتح الله عليه ولما نزلت هذه الآية فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبنائكم [ 3 / آل عمران / 61 ] دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا وفاطمة وحسنا وحسينا فقال اللهم هؤلاء أهلي"ولو أن هؤلاء المرضى تدبروا هذا الحديث جيداً لوجدوا بأنه دليل على محبة معاوية رضي الله عنه وأرضاه لعلي رضي الله عنه وأرضاه،ولا شك أن الأمر اتضح في أذهانكم أخوتي وأخواتي،ولكن نجلي الحقيقة قليلاً،معاوية رضي الله عنه وأرضاه معروف بالدهاء وحدّة الذكاء،أراد أن يستخرج ما في جوف سعد رضي الله عنه وأرضاه ،فسأله السؤال السابق،ولاحظوا كيف أن جواب سعد رضي الله عنه وأرضاه كان ذكر فضائل علي رضي الله عنه وإطراء له،وهذا يؤكد على كذب من قال:"إن معاوية كان يرغم الناس على سب علي على المنابر"فلو كان الأمر كذلك لما تجرأ سعد على ذكر فضائل علي وأمام معاوية رضي الله عنهم جميعاً وأمام الملأ!فإن قال قائل:"لماذا ذكر معاوية السب طالما أنه ليس هنالك سب على الإطلاق؟"قلنا:"نحن لم ننكر وجود السب على علي رضي الله عنه أو حتى على غيره،فقلوب العباد بين رب العباد،لعل سعداً كان وسط طائفة تسب علياً فسأله معاوية عن سبب عدم السب على سبيل مدح ترك السب لعلي رضوان الله عليهم أجمعين،ولكننا نسأل أهل الفتنة سؤالاً واحداً سهلاً بسيطاً:ما أدراكم وما دليلكم على أن الذين كانوا يسبون علياً رضي الله عنه من الصحابة رضوان الله عليهم؟لعل الذين قاموا بسبه من الخوارج الذين شقوا عصا الطاعة على أمير المؤمنين علي رضي الله عنه وقتها،أو لعله من أتباع جدكم الروحي الخنزير عبد الله بن سبأ الذين دخلوا في صفوف الموحدين وقتها ليمزقوها ويقطّعوا أوصالها ويؤججوا نار الفتنة كما تفعلون أنتم اليوم!"
الشبهة الثانية: ما جاء في صحيح مسلم عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال : استُعمل على المدينة رجل من آل مروان قال : فدعا سهل بن سعد فأمر أن يشتم علياً رضي الله عنه ، فأبى سهل ، فقال له : أما إذا أبيت فقل : لعن الله أبا تراب ، فقال سهل : ما كان لعلي اسم أحب إليه من أبي تراب .. ثم ذكر الحديث وسبب تسميته بذلك .
الجواب:حاولوا العثور على اسم معاوية رضي الله عنه في هذه الرواية،ثم من قال بأن جميع بني أمية صالحون وأتقياء!بل ولاحظوا أخوتي وأخواتي كيف أن سهلاً رضي الله عنه امتنع ولم يأبه لهذا الرجل الذي أمره بسب أبي تراب _الذي هو علي رضي الله عنه وأرضاه_وهذا دليل على أنه لم يكن أحد يرغم أحداً على سب علي رضي الله عنه وقتها لا معاوية رضي الله عنه ولا غير معاوية.
الشبهة الثالثة:حديث في صحيح مسلم أيضاً ونصه كالتالي:" عن ابن عباس قال
: كنت ألعب مع الصبيان فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فتواريت خلف باب قال فجاء فحطأني حطأة وقال اذهب وادع لي معاوية قال فجئت فقلت هو يأكل قال ثم قال لي اذهب فادع لي معاوية قال فجئت فقلت هو يأكل فقال لا أشبع الله بطنه"
قالوا:"إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذمّ معاوية بقوله (لا أشبع الله بطنه).
الجواب:عندما يأتي محقق أو قاضٍ ليحكم في قضية معينة،يكون من مبلغ غبائه وشدة جهله أن يستمع لطرف واحد،أو أن ينظر إلى القضية من زاوية واحدة،بل عليه أن يحيط بالقضية من كل جوانبها ويستكشف الأدلة والحقائق والقرائن على قدر استطاعته وهو مأجور باجتهاده ان شاء الله،ونرد عليهم بالحديث الوارد في السنن الذي حسنه الألباني رحمه الله واللفظ هنا للترمذي:" عن ابن عمر قال : تجشأ رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال كف عنا جشاءك فإن أكثرهم شبعا في الدنيا أطولهم جوعا يوم القيامة"ومعنى "تجشأ"يعني أخرج هواءاً مع صوت من حلقه من كثرة الأكل،فكان دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم لشدة محبته لابن حماه وأخو زوجته وخوفه عليه من أن يجوع يوم القيامة ،ولا يتسع المقام هنا لذكر مضار الشبع ومنافع الطعام القليل طبياً وصحياًوبركته وفوائده على البدن والعقل والقلب ،لكن الأمر لا يحتاج إلا لقليل من التعقل والحياد والإنصاف والورع والعدل والصدق مع الله ومع النفس فضلاً عن قليل من الثقافة الطبية والاجتماعية ولا يسعنا أمام قضية كهذه إلا أن نحمد الله على نعمة التوحيد وحسن الاتباع وكفى بها نعمة.
الشبهة الرابعة:حديث في صحيح مسلم أيضاً ونصه كالتالي:" عن فاطمة بنت قيس أن أبا عمرو بن حفص طلقها البتة وهو غائب فأرسل إليها وكيله بشعير فسخطته فقال والله مالك علينا من شيء فجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال ليس لك عليه نفقة فأمرها أن تعتد في بيت أم شريك ثم قال
: تلك امرأة يغشاها أصحابي اعتدى عند ابن أم مكتوم فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك فإذا حللت فآذنينى قالت فلما حللت ذكرت له أن معاوية بن أبي سفيان وأبا جهم خطباني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه وأما معاوية فصعلوك لا مال له انكحى أسامة بن زيد فكرهته ثم قال انكحى أسامة فنكحته فجعل الله فيه خيرا واغتبطت"ما يهمنا من هذه الرواية هو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم عن معاوية رضي الله عنه وأرضاه بأنه:"صعلوك لا مال له"قالوا:"لقد ذمّ رسول الله صلى الله عليه وسلم معاوية ووصفه بأنه صعلوك"
الجواب:معلوم وبديهي بأن واللسان العربي يختلف ويتباين تبعاً للأزمنة والأمكنة،ومعلوم بأن الكلمة يختلف معناها حتى حسب سياق الكلام،فلو جاء رجل وقال بأن الآية :"ولا تقربوا الصلاة"دليل على ترك الصلاة لاستخف به حتى اليهود والنصارى،ومن سياق الجملة القائلة:"صعلوك لا مال له"يتضح لنا بأن تفسير كلمة "صعلوك"هو فقير،وندعم كلامنا بشواهد وأدلة أخرى حتى تزداد القلوب اطمئناناً بإذن الله تعالى:
(الصعلوك) الفقيرو (التصعلك) الفقر
مختار الصحاح 363
قال ثعلب هذاوصَف صُعْلوكاً فقال لا مالَله
لسان العرب 9/249
الصُّعْلُوك الفقير الذي لا مالله
لسان العرب 10/455
والصُّعْلُوكُ كعُصْفُورٍ : الفقيرُ . وتَصَعْلَكَ : افْتَقَرَ
القاموس المحيط 1/1221
ولا بأس من أن نجلد هؤلاء الحمقى بسياط من الأدلة من كتبهم:
و الصعاليك جمع الصعلوك و هو الفقير
بحار الأنوار 35/143
وتدبروا معي هذه الرواية من كتبهم أيضاً:
"تزوج الرسول صلى الله عليه و آله و سلم بخديجة رضي الله عنها عندما عرف خويلد (أبو خديجة) أن محمدا (الرسول صلى الله عليه و آله) جاءها خاطبا فتغير لونه و كبر عليه وقال : و الله إن فيكم الكفاية و أنتم أعز الخلق علينا و لكن خديجة قد ملكت نفسها وعقلها أوفر من عقلي و أنا لم تطب قلبي إن خطبها الملوك فكيف هذا ومحمد فقير صعلوك"
بحار الأنوار 16/59
يعني لاحظوا أنهم بمجرد أن يقولوا:"كلمة صعلوك تفيد الذم دائماً"بهذا الشكل يسبون رسول الله صلى الله عليه وسلم بشكل مباشر،ولا ندري متى سيفهم هؤلاء الأغبياء بأن الطعن، ولو في صحابي واحد،يشكل طعناً صريحاً برسول الله صلى الله عليه وسلم،بل وفي السنة والقرآن وهم حملته،ولصالح من!!!
وفي هذا السياق أردت لكم أن تشاهدوا هذا المقاطع التي ستسبب لكم الألم بلا شك،وأنصح بإهدائها لكل شخص ما يزال لديه أمل بأن هؤلاء القوم يمكن التقارب معهم:
http://www.aaa102.com/view_window.aspx?art_no=417&file_no=1 (http://www.aaa102.com/view_window.aspx?art_no=417&file_no=1)
واستمعوا لهذا المقطع أيضاً
http://www.aaa102.com/view_window.aspx?art_no=1145&file_no=1 (http://www.aaa102.com/view_window.aspx?art_no=1145&file_no=1)
وشاهدوا على هذا الرابط واحداً من القواسم المشتركة بين الرافضة والنصارى
http://www.aaa102.com/listen_window.aspx?art_no=1201&file_no=1 (http://www.aaa102.com/listen_window.aspx?art_no=1201&file_no=1)
والآن شاهدوا مكانة رسول الله صلى الله عليه وسلم عند هؤلاء الأنجاس،سيرشدكم الأخوة الأفاضل الذين قاموا بهذا العمل إلى موقع في محرك البحث غوغل،أنصحكم بعدم الدخول :
http://www.aaa102.com/view_window.aspx?art_no=1554&file_no=1 (http://www.aaa102.com/view_window.aspx?art_no=1554&file_no=1)
وما كان من صواب وسداد وتوفيق فبفضل من الله وحده لا شريك له،وما كان من خطأ أو تقصير أو نسيان فمني ومن الشيطان،والله ورسوله صلى الله عليه وسلم منه براء،وجزاكم الله كل خير على حسن المتابعة ،ووفقني وإياكم لما هو خير للإسلام والمسلمين.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون * وسلام على المرسلين * والحمد لله رب العالمين