ابوالسعودمحمود
2011-01-07, 04:23 AM
http://tbn0.google.com/images?q=tbn:F4HgrSyfWeGDUM:http://www.amcoptic.com/fr_zakaria_sm.jpg (http://images.google.com.eg/imgres?imgurl=http://www.amcoptic.com/fr_zakaria_sm.jpg&imgrefurl=http://www.amcoptic.com/front_1_2005.htm&h=157&w=124&sz=15&hl=ar&start=18&um=1&tbnid=F4HgrSyfWeGDUM:&tbnh=97&tbnw=77&prev=/images%3Fq%3D%25D8%25B2%25D9%2583%25D8%25B1%25D9%2 58A%25D8%25A7%2B%25D8%25A8%25D8%25B7%25D8%25B1%25D 8%25B3%26um%3D1%26hl%3Dar%26sa%3DN)
غريب أمر هؤلاء المرضى الذين يؤمنون بالحياة الدنيا ويكفرون باليوم الآخر ، ويعيشون حياتهم بالطول والعرض .. فاليوم زنا ، والغد لواط .. وبعد الغد تبادل زوجات .. وفى غيرها من الأيام سرقة واختلاس ومخدرات وانحلال .. وكفر وتطاول على مقام الله عز وجل ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلم ..
وإذا ما سمعوا أى كلمة عن اليوم الآخر اتهموك بالجنون ، وبأنك تعيش أحلاماً وردية تتحول إلى أحلام يقظة ، وأنك لا تريد أن تتخلى عن أسطورة الحياة بعد الموت لتشبع رغبتك فى العيش مرة أخرى ولتغيب عقول الناس ولتنشر أكبر خرافة فى التاريخ ، وهى أنه هناك حياة بعد الموت وجنة بها نساء وأنهار .. ونار بها عذاب أليم للكفار ، والمحصلة أنك أفنيت زهرة عمرك بعيداً عن الملذات والتقلب فى أحضان العاهرات والنوم فى فرش الشواذ ورحت تقيد نفسك بصلاة وصوم وزكاة وحج ومت ولن تقوم ثانية .. لأنه لا حياة بعد الموت !! وقد فاز الزناة والشواذ ومرتكبى الفواحش والآثام ، بينما من حرم نفسه من اللهو والفجور .. مات أيضاً ولم يفعل أى شئ !!
والحقيقة أن تفكير هؤلاء المرضى ، يستلزم نقلهم لمستشفى الأمراض العصبية قسم الحالات المستعصية .. ذلك أنهم وضعوا فى رؤوسهم أحذية بدلاً من العقول التى منحها لهم الله سبحانه وتعالى ..
فلو ركبت طائرة ، وسألت جارى يا فلان من أين أتت هذه الطائرة التى نركبها وتطير بنا !؟ ورد قائلاً : إنها المصادفة أو الطبيعة !!
فماذا يكون الحكم على مثل هذا الرجل ؟؟
بالقطع مجنون .. تستلزم حالته الذهاب للعباسية أو الخانكة أو السرايا الصفراء . لأن الطائرة صنعها الإنسان وجعلها تطير .. وإن تحطمت الطائرة وأراد الإنسان أن يجمع بقاياها سيفعل ذلك .. فمن صنعها أول مرة يقدر أن يصنعها ثانى مرة .
والإنسان الذى ينكر وجود الخالق سبحانه وتعالى جرياً وراء اللواط والزنا والقذارة ؛ هو حتماً مختل عقلياً .. إذ أى طبيعة أو مصادفة تلك التى تجمع منى الرجل ببويضة المرأة وترعى ما نتج عن اختلاط المنى بالبويضة ( النطفة ) ، وتخلق العينين واللسان والشفتين .. والأقدام والأيدى والعروق الدقيقة – التى تجرى فيها الدماء ، والتى إن حصل إنسداد لعرق منها زهقت روح الإنسان – والقلب وتركيبه المعقد والمعدة وطريقتها فى هضم الطعام والأمعاء والمثانة و …. إلخ .
أى طبيعة أو مصادفة تلك التى تخلق الإنسان منذ عشرات الآلاف من السنين بطريقة معينة وبمدة حمل تسعة أشهر !؟
أى طبيعة أو مصادفة تلك التى تبث الروح فى الجنين داخل رحم أمه !؟
أى طبيعة أو مصادفة تلك التى تدر اللبن فى ثدى الأم ليشربه المولود !؟
أمثلة عديدة تبين أن هؤلاء المرضى الذين ينكرون اليوم الآخر ويكفرون بالله .. هم أقل من الدواب والبهائم .. بل إن البهائم والدواب أرقى منهم بمراحل بعيدة .. لأن الله حرم الدواب والبهائم من العقل .. ومنحه لهؤلاء المرضى الذين أصروا على عنادهم وكفرهم واستكبروا استكباراً ..
يقول الحق سبحانه وتعالى عن حال هؤلاء المرضى :
(( إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَالَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ قُلُوبُهُم مُّنكِرَةٌ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ )) ( النحل : 22 ) .
وأيضاً :
(( وَأَقْسَمُواْ بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لاَ يَبْعَثُ اللّهُ مَن يَمُوتُ بَلَى وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا وَلـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ )) ( النحل : 38 ) .
أى أقسم هؤلاء الملاحدة المرضى الزنادقة العصاة الفجرة ، بأن الله لا يبعث من يموت وأنه لا يوم آخر ولا يحزنون ولا حياة بعد الموت ، ويرد المولى عز وجل على كفرهم القبيح ، بأن إحياء الموتى وعد عليه .. ولكنهم لا يعلمون .
يقول تعالى :
(( زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن لَّن يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ )) ( التغابن : 7 ) .
يتحدث رب العزة عن زعم الكفار بأنهم لن يُبعثوا .. ثم يخبر حبيبه صلى الله عليه وسلم أن يقول لهم : بلى وربى لتبعثن .. أى سيحييكم الله ثم يُنبئكم بما عملتم فى الدنيا .. وهذا الأمر يسير جداً على الله .
وعن حال هؤلاء المرضى المكذبين ونفوسهم الخبيثة الرعديدة التى تكذب البعث وتشذ وتلهو فى الدنيا ، وتسخر من الذين آمنوا بالله واليوم الآخر يقول تعالى :
(( زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ اتَّقَواْ فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ )) ( البقرة : 212 ) .
ويرد الحق سبحانه وتعالى على المكذبين الضالين الذين لا يعتقدون بالبعث واليوم الآخر ، وهم يقفون موقف العذاب والمهانة نظير تكذيبهم وعصيانهم :
(( وَقَالُواْ إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُواْ عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُواْ بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُواْ العَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَاء اللّهِ حَتَّى إِذَا جَاءتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُواْ يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ )) ( 29 – 32 ) .
وعن مصير هؤلاء المرضى الذين رضوا بالحياة الدنيا فقط وكفروا بالآخرة يقول تعالى :
(( إَنَّ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا وَرَضُواْ بِالْحَياةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّواْ بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ أُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمُ النُّارُ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ )) ( يونس : 7 – 8 ) .
وأيضاً : (( الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُوْلَـئِكَ فِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ )) ( إبراهيم : 3 ) .
ويواصل رب العزة تعنيفه لهؤلاء المرضى المكذبين لليوم الآخر مستعرضاً كلامهم المنكر للبعث :
(( وَيَقُولُ الْإِنسَانُ أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا )) ( مريم : 66 – 69 ) .
أى ويقول ذلك الإنسان الذى فضله الله على كثير من المخلوقات وميزه بالعقل وخلقه فى أحسن تقويم : أئذا مت سيبعثنى الله !؟ أفلا يذكر ذلك الإنسان الجاحد المنكر للبعث الكافر باليوم الآخر أن الله خلقه وقبلها لم يكن شيئاً مذكوراً ؟؟ أإلى هذه الدرجة يتناسى ذلك الإنسان الجاحد أن الله خلقه من العدم ؟؟ ويُقسم الله بنفسه مخاطباً حبيبه صلى الله عليه وسلم بأنه سيحشر هؤلاء المكذبين مع الشياطين ثم يُحضرهم جثيا رُكع مطأطئى رؤوسهم حول جهنم ، ثم يستخرج منهم أئمة الكفر والضلال وإنكار البعث ليذيقهم العذاب الأليم .
يقول تعالى عن سؤال الكفار عن إمكانية البعث بعد ضياع أجسادهم فى الأرض وامتزاجها بالتراب :
(( وَقَالُوا أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُم بِلِقَاء رَبِّهِمْ كَافِرُونَ قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ )) ( السجدة : 10- 11 ) .
ويقول تعالى عن المكذبين الضالين الذين يتساءلون : من يحيى العظام وهى رميم أى مفتتة .. من يقدر على جمعها وخلقها !؟ متناسين أن الذين خلقها أول مرة هو القادر على ذلك :
(( أَوَلَمْ يَرَ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ الَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنتُم مِّنْهُ تُوقِدُونَ أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُم بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ )) ( يس : 77 – 83 ) .
ويوضح الله للمكذبين الضالين حقيقة الأمر ، فيخبرهم بأن الذى خلق السماوات بما فيها من نجوم وأفلاك وكواكب وأقمار والأرض وما فيها من بحار ومحيطات ويابسة وغلاف جوى ولم يمسه مثقال ذرة من تعب ، هو القادر على إحياء الموتى :
(( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ )) ( الأحقاف : 33 – 34 ) .
يقول الحق سبحانه وتعالى عن حال المكذب الذى ينكر أن يجمع الله عظامه بعد الموت ويبعثه ويحيه :
(( أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَلَّن نَجْمَعَ عِظَامَهُ بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ بَلْ يُرِيدُ الْإِنسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ )) ( القيامة : 3 – 6 )
يبدأ الحق سبحانه باستفهام توبيخى لكل من يكذب بالبعث ويظن أن الله لا يقدر أن يجمع عظامه بعد موته – أى المكذب ، ويرد الحق سبحانه وتعالى : بلى .. أى نقدر على تسوية بنانه التى هى من أدق الأعضاء فيه بعد أن نحييه مرة أخرى ونبث فيه الروح ونمد جسمه بالدماء والشرايين .. فإنا نسوى بنانه كدليل على اكتمال خلقه كما كان .. ثم يُعقب سبحانه وتعالى أن المكذب الضال يُريد ليفجر أمامه ، فيحيا حياة الزنا والشذوذ واللهو واللعب نتيجة لإنكاره البعث .. بل ويتساءل ذلك الفاجر المنكر للبعث مستهزئاً : أيان يوم القيامة !؟ أى لا يوجد بعث ولا يوم آخر !!
وسبحان الله رب العالمين ! بعد استعراض حال هؤلاء المكذبين الضالين يكون إيمانهم يوم القيامة بما أنكروه فى الحياة الدنيا .. يقول تعالى :
(( يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ يَقُولُونَ أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا نَّخِرَةً قَالُوا تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُم بِالسَّاهِرَةِ )) ( 6 – 14 ) .
أى يوم يُنفخ فى الصور ( الراجفة ) ثم ينفخ فيه مرة أخرى ( الرادفة ) ، يقول الحق سبحانه وتعالى : (( وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاء اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُم قِيَامٌ يَنظُرُونَ )) ( الزمر : 68 ) قلوب الكفار يومها ( واجفة ) مضطربة ، أبصارها خاشعة أى أن القلوب هى التى تبصر فى تلك اللحظات الرهيبة والأيام العصيبة ، بمنتهى الخشوع والذل والإنكسار .. يتساءل الكفار فيما بينهم بكلامهم فى الدنيا أئنا لمردودون فى الحافرة .أى أئنا سنبعث فى القبور !؟ حتى ونحن عظاماً نخرة متهرئة مفتتة بالية مبعثرة !؟ ولما أيقنوا بالبعث والحياة بعد الموت قالوا والأسى والحسرة والندامة تملأ قلوبهم : تلك إذا كرة خاسرة .. أى أن تلك العودة وهذا الرجوع للحياة فيه الخسران لنا والهلاك .. لما ينتظرهم من عقاب وعذاب عظيم . وبعد سرد حالهم يُقرر الله أنها تكون نفخة واحدة فإذا بهم أحياء مرة أخرى وإذا هم وقوف بين يدى الله تعالى .. وياله من وقوف وحساب طويل .
فهلا استحى هؤلاء المكذبين الضالين الذين حوّلوا أنفسهم إلى دواب وراحوا ينشرون قذرات أفكارهم بين عباد الله ، بل ويؤسسون منابراً لعهر أفكارهم ليبثوا أفكارهم البهيمية التى ستجعلهم يتمنون أن يتحولون إلى تراب ..
(( إِنَّا أَنذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا )) ( النبأ : 40 ) .
ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين .
غريب أمر هؤلاء المرضى الذين يؤمنون بالحياة الدنيا ويكفرون باليوم الآخر ، ويعيشون حياتهم بالطول والعرض .. فاليوم زنا ، والغد لواط .. وبعد الغد تبادل زوجات .. وفى غيرها من الأيام سرقة واختلاس ومخدرات وانحلال .. وكفر وتطاول على مقام الله عز وجل ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلم ..
وإذا ما سمعوا أى كلمة عن اليوم الآخر اتهموك بالجنون ، وبأنك تعيش أحلاماً وردية تتحول إلى أحلام يقظة ، وأنك لا تريد أن تتخلى عن أسطورة الحياة بعد الموت لتشبع رغبتك فى العيش مرة أخرى ولتغيب عقول الناس ولتنشر أكبر خرافة فى التاريخ ، وهى أنه هناك حياة بعد الموت وجنة بها نساء وأنهار .. ونار بها عذاب أليم للكفار ، والمحصلة أنك أفنيت زهرة عمرك بعيداً عن الملذات والتقلب فى أحضان العاهرات والنوم فى فرش الشواذ ورحت تقيد نفسك بصلاة وصوم وزكاة وحج ومت ولن تقوم ثانية .. لأنه لا حياة بعد الموت !! وقد فاز الزناة والشواذ ومرتكبى الفواحش والآثام ، بينما من حرم نفسه من اللهو والفجور .. مات أيضاً ولم يفعل أى شئ !!
والحقيقة أن تفكير هؤلاء المرضى ، يستلزم نقلهم لمستشفى الأمراض العصبية قسم الحالات المستعصية .. ذلك أنهم وضعوا فى رؤوسهم أحذية بدلاً من العقول التى منحها لهم الله سبحانه وتعالى ..
فلو ركبت طائرة ، وسألت جارى يا فلان من أين أتت هذه الطائرة التى نركبها وتطير بنا !؟ ورد قائلاً : إنها المصادفة أو الطبيعة !!
فماذا يكون الحكم على مثل هذا الرجل ؟؟
بالقطع مجنون .. تستلزم حالته الذهاب للعباسية أو الخانكة أو السرايا الصفراء . لأن الطائرة صنعها الإنسان وجعلها تطير .. وإن تحطمت الطائرة وأراد الإنسان أن يجمع بقاياها سيفعل ذلك .. فمن صنعها أول مرة يقدر أن يصنعها ثانى مرة .
والإنسان الذى ينكر وجود الخالق سبحانه وتعالى جرياً وراء اللواط والزنا والقذارة ؛ هو حتماً مختل عقلياً .. إذ أى طبيعة أو مصادفة تلك التى تجمع منى الرجل ببويضة المرأة وترعى ما نتج عن اختلاط المنى بالبويضة ( النطفة ) ، وتخلق العينين واللسان والشفتين .. والأقدام والأيدى والعروق الدقيقة – التى تجرى فيها الدماء ، والتى إن حصل إنسداد لعرق منها زهقت روح الإنسان – والقلب وتركيبه المعقد والمعدة وطريقتها فى هضم الطعام والأمعاء والمثانة و …. إلخ .
أى طبيعة أو مصادفة تلك التى تخلق الإنسان منذ عشرات الآلاف من السنين بطريقة معينة وبمدة حمل تسعة أشهر !؟
أى طبيعة أو مصادفة تلك التى تبث الروح فى الجنين داخل رحم أمه !؟
أى طبيعة أو مصادفة تلك التى تدر اللبن فى ثدى الأم ليشربه المولود !؟
أمثلة عديدة تبين أن هؤلاء المرضى الذين ينكرون اليوم الآخر ويكفرون بالله .. هم أقل من الدواب والبهائم .. بل إن البهائم والدواب أرقى منهم بمراحل بعيدة .. لأن الله حرم الدواب والبهائم من العقل .. ومنحه لهؤلاء المرضى الذين أصروا على عنادهم وكفرهم واستكبروا استكباراً ..
يقول الحق سبحانه وتعالى عن حال هؤلاء المرضى :
(( إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَالَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ قُلُوبُهُم مُّنكِرَةٌ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ )) ( النحل : 22 ) .
وأيضاً :
(( وَأَقْسَمُواْ بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لاَ يَبْعَثُ اللّهُ مَن يَمُوتُ بَلَى وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا وَلـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ )) ( النحل : 38 ) .
أى أقسم هؤلاء الملاحدة المرضى الزنادقة العصاة الفجرة ، بأن الله لا يبعث من يموت وأنه لا يوم آخر ولا يحزنون ولا حياة بعد الموت ، ويرد المولى عز وجل على كفرهم القبيح ، بأن إحياء الموتى وعد عليه .. ولكنهم لا يعلمون .
يقول تعالى :
(( زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن لَّن يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ )) ( التغابن : 7 ) .
يتحدث رب العزة عن زعم الكفار بأنهم لن يُبعثوا .. ثم يخبر حبيبه صلى الله عليه وسلم أن يقول لهم : بلى وربى لتبعثن .. أى سيحييكم الله ثم يُنبئكم بما عملتم فى الدنيا .. وهذا الأمر يسير جداً على الله .
وعن حال هؤلاء المرضى المكذبين ونفوسهم الخبيثة الرعديدة التى تكذب البعث وتشذ وتلهو فى الدنيا ، وتسخر من الذين آمنوا بالله واليوم الآخر يقول تعالى :
(( زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ اتَّقَواْ فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ )) ( البقرة : 212 ) .
ويرد الحق سبحانه وتعالى على المكذبين الضالين الذين لا يعتقدون بالبعث واليوم الآخر ، وهم يقفون موقف العذاب والمهانة نظير تكذيبهم وعصيانهم :
(( وَقَالُواْ إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُواْ عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُواْ بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُواْ العَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَاء اللّهِ حَتَّى إِذَا جَاءتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُواْ يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ )) ( 29 – 32 ) .
وعن مصير هؤلاء المرضى الذين رضوا بالحياة الدنيا فقط وكفروا بالآخرة يقول تعالى :
(( إَنَّ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا وَرَضُواْ بِالْحَياةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّواْ بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ أُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمُ النُّارُ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ )) ( يونس : 7 – 8 ) .
وأيضاً : (( الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُوْلَـئِكَ فِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ )) ( إبراهيم : 3 ) .
ويواصل رب العزة تعنيفه لهؤلاء المرضى المكذبين لليوم الآخر مستعرضاً كلامهم المنكر للبعث :
(( وَيَقُولُ الْإِنسَانُ أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا )) ( مريم : 66 – 69 ) .
أى ويقول ذلك الإنسان الذى فضله الله على كثير من المخلوقات وميزه بالعقل وخلقه فى أحسن تقويم : أئذا مت سيبعثنى الله !؟ أفلا يذكر ذلك الإنسان الجاحد المنكر للبعث الكافر باليوم الآخر أن الله خلقه وقبلها لم يكن شيئاً مذكوراً ؟؟ أإلى هذه الدرجة يتناسى ذلك الإنسان الجاحد أن الله خلقه من العدم ؟؟ ويُقسم الله بنفسه مخاطباً حبيبه صلى الله عليه وسلم بأنه سيحشر هؤلاء المكذبين مع الشياطين ثم يُحضرهم جثيا رُكع مطأطئى رؤوسهم حول جهنم ، ثم يستخرج منهم أئمة الكفر والضلال وإنكار البعث ليذيقهم العذاب الأليم .
يقول تعالى عن سؤال الكفار عن إمكانية البعث بعد ضياع أجسادهم فى الأرض وامتزاجها بالتراب :
(( وَقَالُوا أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُم بِلِقَاء رَبِّهِمْ كَافِرُونَ قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ )) ( السجدة : 10- 11 ) .
ويقول تعالى عن المكذبين الضالين الذين يتساءلون : من يحيى العظام وهى رميم أى مفتتة .. من يقدر على جمعها وخلقها !؟ متناسين أن الذين خلقها أول مرة هو القادر على ذلك :
(( أَوَلَمْ يَرَ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ الَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنتُم مِّنْهُ تُوقِدُونَ أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُم بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ )) ( يس : 77 – 83 ) .
ويوضح الله للمكذبين الضالين حقيقة الأمر ، فيخبرهم بأن الذى خلق السماوات بما فيها من نجوم وأفلاك وكواكب وأقمار والأرض وما فيها من بحار ومحيطات ويابسة وغلاف جوى ولم يمسه مثقال ذرة من تعب ، هو القادر على إحياء الموتى :
(( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ )) ( الأحقاف : 33 – 34 ) .
يقول الحق سبحانه وتعالى عن حال المكذب الذى ينكر أن يجمع الله عظامه بعد الموت ويبعثه ويحيه :
(( أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَلَّن نَجْمَعَ عِظَامَهُ بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ بَلْ يُرِيدُ الْإِنسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ )) ( القيامة : 3 – 6 )
يبدأ الحق سبحانه باستفهام توبيخى لكل من يكذب بالبعث ويظن أن الله لا يقدر أن يجمع عظامه بعد موته – أى المكذب ، ويرد الحق سبحانه وتعالى : بلى .. أى نقدر على تسوية بنانه التى هى من أدق الأعضاء فيه بعد أن نحييه مرة أخرى ونبث فيه الروح ونمد جسمه بالدماء والشرايين .. فإنا نسوى بنانه كدليل على اكتمال خلقه كما كان .. ثم يُعقب سبحانه وتعالى أن المكذب الضال يُريد ليفجر أمامه ، فيحيا حياة الزنا والشذوذ واللهو واللعب نتيجة لإنكاره البعث .. بل ويتساءل ذلك الفاجر المنكر للبعث مستهزئاً : أيان يوم القيامة !؟ أى لا يوجد بعث ولا يوم آخر !!
وسبحان الله رب العالمين ! بعد استعراض حال هؤلاء المكذبين الضالين يكون إيمانهم يوم القيامة بما أنكروه فى الحياة الدنيا .. يقول تعالى :
(( يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ يَقُولُونَ أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا نَّخِرَةً قَالُوا تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُم بِالسَّاهِرَةِ )) ( 6 – 14 ) .
أى يوم يُنفخ فى الصور ( الراجفة ) ثم ينفخ فيه مرة أخرى ( الرادفة ) ، يقول الحق سبحانه وتعالى : (( وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاء اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُم قِيَامٌ يَنظُرُونَ )) ( الزمر : 68 ) قلوب الكفار يومها ( واجفة ) مضطربة ، أبصارها خاشعة أى أن القلوب هى التى تبصر فى تلك اللحظات الرهيبة والأيام العصيبة ، بمنتهى الخشوع والذل والإنكسار .. يتساءل الكفار فيما بينهم بكلامهم فى الدنيا أئنا لمردودون فى الحافرة .أى أئنا سنبعث فى القبور !؟ حتى ونحن عظاماً نخرة متهرئة مفتتة بالية مبعثرة !؟ ولما أيقنوا بالبعث والحياة بعد الموت قالوا والأسى والحسرة والندامة تملأ قلوبهم : تلك إذا كرة خاسرة .. أى أن تلك العودة وهذا الرجوع للحياة فيه الخسران لنا والهلاك .. لما ينتظرهم من عقاب وعذاب عظيم . وبعد سرد حالهم يُقرر الله أنها تكون نفخة واحدة فإذا بهم أحياء مرة أخرى وإذا هم وقوف بين يدى الله تعالى .. وياله من وقوف وحساب طويل .
فهلا استحى هؤلاء المكذبين الضالين الذين حوّلوا أنفسهم إلى دواب وراحوا ينشرون قذرات أفكارهم بين عباد الله ، بل ويؤسسون منابراً لعهر أفكارهم ليبثوا أفكارهم البهيمية التى ستجعلهم يتمنون أن يتحولون إلى تراب ..
(( إِنَّا أَنذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا )) ( النبأ : 40 ) .
ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين .