مشاهدة النسخة كاملة : أقوال أئمة الإسلام في حكم الخروج على الحاكم المسلم
عماد المهدي
2011-01-21, 11:08 PM
سنستعرض وإياكم أقوال أئمة الإسلام في حكم الخروج على الحاكم المسلم
(1) قال الإمام الشوكاني : ( ولكنه ينبغي لمن ظهر له غلط الإمام في بعض المسائل أن يناصحه ولا يظهر الشناعة عليه على رؤوس الأشهاد ، بل كم ورد في الحديث : أن يأخذ بيده ويخل به ويبذل له النصيحة ولا يذل سلطان الله وقد قدمنا في أول كتاب السيرة أنه لا يجوز الخروج على الأئمة وإن بلغوا في الظلم أي مبلغ ما أقاموا الصلاة ولم يظهر منهم الكفر) البواح…(4/556 )
(2) وهو ما ذكره كذلك الآجري في الشريعة (28): فعن حذيفة ابن اليمان رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( سيكون بعدي أئمة لا يهتدون بهدي ولا يستنون بسنتي)
وقال صلى الله عليه وسلم : ( من نزع يداً من طاعة لم يكن له يوم البعث حجة.. )رواه أحمد وابن أبي عاصم في السنن .
(3)قال أبو جعفر الطحاوي : (ولا نرى الخروج على أئمتنا وولاة أمرنا وإن جاروا ولا ندعوا عليهم ولا ننزع يداً من طاعتهم ونرى طاعتهم من طاعة الله مالم يأمرونا بمعصية وندعوا لهم بالصلاح والعافية)
(4)قال ابن رجب الحنبلي : ( وأما النصيحة لأئمة المسلمين فحب صلاحهم ورشدهم وعدلهم ووجوب إعزازهم في طاعة
الله ،ومعاونتهم على الحق وتذكيرهم به وتنبيههم في رفق ولطف ولين ومجانية الوثوق عليهم ،والدعاء لهم بالتوفيق وحث الأخيار على ذلك )جامع العلوم والحكم1/222.
(5)كان الحسن البصري والفضيل بن عياض وأحمد بن حنبل يقولون : ( لو كان لنا دعوة مستجابة لدعونا بها للأمام )
(6)وقال الإمام إبن تيميه :( المشهور من مذهب أهل السنة أنهم لا يرون الخروج على الأئمة وقتالهم بالسيف وإن كان فيهم ظلم ) منهاج السنة النبوية 3/390
(7)قال الإمام الصنعاني : (من خرج على أمام اجتمعت عليه كلمة المسلمين فإنه قد استحق القتل لإدخاله الضرر على عباده وظاهره سواء كان عادلاً أو جائراً) (أنظر حاشية ضوء النهار (4/2487-2488)
(8)قال الإمام النووي : ( لا يجوز الخروج على الخلفاء بمجرد الظلم أو الفسق ما لم يغيروا شيئاً من قواعد الإسلام )شرح صحيح مسلم (12/195)
(10)قال الشيخ بن باز رحمه الله تعالى : (لا يجوز منازعة ولاة الأمور والخروج عليهم لأنه يسبب مفاسداً كبيرةً وشراً عظيماً وإذا رأى المسلمون كفراً بواحاً عندهم من الله فيه برهان فلا بأس أن يخرجوا أو كان الخروج يسبب شراً أكثر فليس لهم الخروج رعاية للمصالح العامة والقاعدة الشرعية المجمع عليها أنه لا يجوز إزالة الشر بما هو أشر منه ، بل ويجب درء الشر بما يزيله أو يخففه ).
(11)قال ابن عثيمين رحمه الله تعالى : ( إذا كان الحاكم كافراً وكان المسلمون جماعة ولا يستطيعون إزالته فلا يجوز والحال هذه أن يتحرشوا به لأنه يعود عليهم بالضرر والإبادة وهو منهج النبي صلى الله عليه وسلم في مكة )
(12)قال الإمام محمد بن عبد الوهاب: إن من تمام الاجتماع والسمع والطاعة لمن تأمر علينا ولو كان عبداً حبشياً. من كتاب الجامع الفريد من كتب ورسائل لأئمة الدعوة الأسلامية281
(13)قال الأمام البر بهاري : وإذا رأيت الرجل يدعو على السلطان فاعلم أنه صاحب بدعة وهوى وإذا سمعت الرجل يدعوا للسلطان بالصلاح فاعلم أنه صاحب سنة. شرح السنة للبر بهاري(107)
(14)وقال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: فالله الله في فهم منهاج السلف الصالح في التعامل مع السلطان وان لا يتخذوا من أخطاء السلطان سبيلاً لإثارة الناس والى تنفير القلوب عن ولاة الأمر فهذا عين المفسدة وأحدا لأسس التي تحصل به الفتنة بين الناس
.انظر رسالة حقوق الراعي والرعية …. مجموع خطب ابن عثيمين
قاصِف
2011-01-21, 11:16 PM
هذا هو القول الفصل بارك الله فيك لكن للأسف هناك الكثير اليوم يخرجون علينا بكلمه إطاحه الحاكم و منهم بعض الشيوخ و يقولون عن أراء العلماء عن عدم الخروج على الحاكم لا تنفع اليوم لأنه ليس هناك خلافه و لا بيعه إلخ من ما يستندون عليه في رأيهم و الله أعلى و أعلم!
عماد المهدي
2011-01-21, 11:25 PM
حكم الخروج على الحاكم ومتى يكون
http://www.youtube.com/watch?v=1d6XhEjy4HM
ما حكم الخروج على الحاكم والطعن فيه، وما حكم نقده في مجامع الناس ؟ وجزاكم الله خيرا
اجاب فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الراجحي
الخروج على ولاة الأمور لا يجوز، بل هو من الكبائر؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح، الذي رواه مسلم: , من رأى من أميره شيء يكرهه فليصبر، فإنه من فارق الجماعة شبرا فمات، فميتته جاهلية - .
لا يجوز الخروج على ولاة الأمور حتى لو صدر شيء من المعاصي، من الكبائر؛ ولهذا قال : , من رأى من أميره شيئا فليصبر - ولقوله صلى الله عليه وسلم , من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصا الله، ومن يطع الأمير فقد أطاعني، ومن يعصي الأمير فقد عصاني - .
ولقول لأبي ذر: أمرني خليلي أن أسمع وأطيع، وإن كان عبدا حبشيا مجدع الأطراف، وفي لفظ، , لو لحبشي كأن رأسه زبيبة - .
ولقوله صلى الله عليه وسلم في حديث حذيفة في صحيح البخاري: , فالزموا جماعة المسلمين وإمامهم - ولما ثبت في حديث الإمام مسلم، من حديث عوف بن مالك الأشجعي، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : , خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم - والمراد بالأئمة ولاة الأمور.
, خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، وتصلون عليهم، ويصلون عليكم - يعني: تدعون لهم، ويدعون لكم، , وشرار أئمتكم، الذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنوهم ويلعنوكم، قلنا: يا رسول الله، أفلا ننابذهم بالسيف، إذا كانوا أشرارا ويتلاعنون؟ قال: لا، ما أقاموا فيكم الصلاة، لا ما أقاموا فيكم الصلاة - .
ثم قال -عليه الصلاة والسلام-: , ألا من ولي عليه وال، فرآه يأتي شيئا من معصية الله، فليكره ما يأتي من معصية الله، ولا ينزعن يدا من طاعة - رواه الإمام مسلم في صحيحه، , ألا من ولي عليه وال، فرآه يأتي شيئا من معصية الله، فليكره ما يأتي من معصية الله، ولا ينزعن يدا من طاعة - .
قال العلماء: إن هذا الحديث يتمشى مع قواعد الشريعة، التي فيها درء المفاسد، وإذا اجتمع مفسدتان، صغرى وكبرى، ولا يستطيع درءهما، فإننا نرتكب المفسدة الصغرى، لدرء الكبرى، هذه قاعدة وإذا اجتمع مصلحتان تفعلهما، فإن لم نستطع فعلنا المصلحة الكبرى، لدفع الصغرى.
ومن أدلة ذلك: كونه صلى الله عليه وسلم ترك الكعبة، ولم يبنها على قواعد إبراهيم، والحجر خارج عن الكعبة، وقال صلى الله عليه وسلم لعائشة : , لولا أن قومك حديثو عهد بكفر، لنقضت الكعبة، وأدخلت الحجر وجعلت لها بابين - .
فالذي منع النبي ما هو ؟
درء المفسدة، وهي أن قلوبهم تنكر هذا، ولاة الأمور الآن، يفعل أحدهم المعاصي، هذه مفسدة، لكن أنت إذا خرجت عليهم هذه مفسدة أكبر، أنت تريد تزيل مفسدة بمفسدة أكبر، تريد تزيل المعاصي، لكن ماذا يحصل بخروجك تراق الدماء.
عنده قوة وعنده جيش يقابلك، فيحصل من هذا مصادمة، وإراقة الدماء، واختلال الأمن، واختلال المعيشة، واختلال الاقتصاد، واختلال الزراعة، واختلال التجارة، واختلال الصناعة، وتربص الأعداء الدوائر، وإراقة الدماء، وفتن، تأتي على الأخضر واليابس.
أي مفسدة أعظم، معصية نصبر عليها، هذه أسهل من مفسدة الخروج وإراقة الدماء؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم , من رأى من أميره شيئا يكرهه، فليصبر - ولا يجوز الخروج على ولي الأمر إلا بشروط .
الشرط الأول : أن يفعل كفرا صريحا واضحا، لا لبس فيه، كما جاء في الحديث الآخر، , إلا أن تروا كفرا بواحا، عندكم من الله فيه برهان - كم شرط ؟
كفر، وبواح، وعندكم من الله فيه برهان، إذا كان فيه شك، أو لبس أو شبهه لا، كفر، بواح، واضح .
الشرط الثاني : وجود البديل المسلم، أما أن يزال ملك كافر، ويؤتى بدله بكافر، حكومة كافرة بحكومة كافرة، حكومة عسكرية بحكومة عسكرية، ما حصل المقصود كافر أزيل، وحصل بدله كافر، لا بد من هذا .
ولا تراق الدماء، إذا كان هناك قدرة يزال هذا الحاكم الكافر، ويؤتى بدله بحاكم مؤمن، لا تراق الدماء، يكون كفر واضح، ويكون هناك قدرة، فإن لم تكن قدرة، ﴿لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا﴾ .
كم شرط ؟
الأول : أن يكون الأمير يفعل كفرا، واضح بواح، عندكم من الله فيه برهان .
الثاني : وجود البديل المسلم .
الثالث : القدرة على ذلك، فإذا وجدت الشروط الثلاثة، جاز وإذا لم توجد فلا، نعم .
د/احمد
2011-01-21, 11:49 PM
بارك الله فيكم شيخنا الفاضل
استاذنك في نقل الموضوع لمنتديات اخري
عماد المهدي
2011-01-21, 11:52 PM
http://www7.0zz0.com/2011/01/21/21/765565641.jpgالشيخ الألباني يرد على أهل الجهاد المزيف : أهل الاغتيالات والتفجيرات
على خلفية الأحداث الأخيرة من التفجيرات في الدول الإسلامية، نورد رأي الشيخ الألباني فيها، توضيحاً للحكم الشرعي الصحيح المستند إلى علم راسخ، لينير الطريق أمام من اشتبهت أو التبست عليهم المسائل في أحكام الجهاد.. وردا على من نسب أفعاله الخاطئة إلى منهج السلف الصالح رضوان الله عليهم..
سُئل فضيلة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني محدِّث الديار الإسلامية وعلاَّمة عصره يوم 29 ـ جمادى الأولى ـ 1416 هـ الموافق لـ 23ـ 10 ـ 1995 ( المصدر : شريط من منهج الخوارج ):
السؤال :
في هذه الفترة الأخيرة يا شيخ! خاصة ممَّا يحدث من كوارث وفتن، وحيث صار الأمر إلى استخدام المتفجرات التي تودي بحياة العشرات من الناس، أكثرهم من الأبرياء، وفيهم النساء والأطفال ومَن تعلمون، وحيث سمعنا بعض الناس الكبار أنَّهم يندِّدون عن سكوت أهل العلم والمفتين من المشايخ الكبار عن سكوتهم وعدم التكلُّم بالإنكار لمثل هذه التصرفات الغير إسلامية قطعاً، ونحن أخبرناهم برأي أهل العلم ورأيكم في المسألة، لكنَّهم ردُّوا بالجهل مما يقولونه أو مما تقولونه، وعدم وجود الأشرطة المنتشرة لبيان الحق في المسألة، ولهذا نحن طرحنا السؤال بهذا الأسلوب الصريح حتى يكون الناس على بيِّنة برأيكم ورأي من تنقلون عنهم، فبيِّنوا الحق في القضية، وكيف يعرف الحق فيها عند كلِّ مسلم؟ لعل الشيخ يسمع ما يحدث الآن أو نشرح له شيئاً ممَّا يحدث؟
جواب الشيخ الألباني :
أولاً : المقدمة : توضيح الشيخ أن هذه الأفعال اعتداءات غير مشروعة وقائمة على الجهل والهوى والأصول الفاسدة :
" إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيّئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمدا عبده ورسوله.
{يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إلاَّ وأَنتُم مُسْلِمُونَ} [آل عمران 102].
{يأيّها الناسُ اتّقُوا ربَّكمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفْسٍ واحِدَةٍ وخَلَقَ مِنْها زَوْجَها وبَثَّ مِنْهُما رِجالاً كَثِيراً وَنِساءً واتَّقُوا اللهََ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ والأَرْحامَ إِنَّ اللهَ كان عَلَيْكُمْ رَقِيباً} [النساء 1].
{يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللهَ وقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكمْ ويَغْفِرْ لَكمْ ذُنوبَكُمْ ومَن يُطِعِ اللهَ ورَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} [الأحزاب 70].
أمَّا بعد: فإنَّ خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد وشرّ الأمور محدثاتها وكلّ محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
أنت ـ جزاك الله خيراً ـ أشرتَ بأننا تكلَّمنا في هذه المسألة، وذكرت أنَّهم (يهدون) بجهل أو بغير علم، إذا كان الكلام ممَّن يُظنُّ فيه العلم، ثم يقابَل ممن لا علم عندهم بالرفض والردِّ فما الفائدة من الكلام حينئذ؟ لكن نحن نجيب لمن قد يكون عنده شبهة (بأنَّ هذا الذي يفعلونه هو أمر جائزٌ شرعاً) ، وليس لإقناع ذوي الأهواء وأهل الجهل، وإنَّما لإقناع الذين قد يتردَّدون في قبول أنَّ هذا الذي يفعله هؤلاء المعتدون هو أمر غير مشروع.
لا بدَّ لي قبل الدخول في شيء من التفصيل بأن أُذكِّر ـ والذكرى تنفع المؤمنين ـ بقول أهل العلم: (( ما بُني على فاسد فهو فاسد ))، فالصلاة التي تُبنى على غير طهارة مثلاً فهي ليست بصلاة، لماذا؟ لأنَّها لم تقم على أساس الشرط الذي نصَّ عليه الشارع الحكيم في مثل قوله صلى الله عليه وسلَّم: (( لا صلاة لمن لا وضوء له )) ، فمهما صلى المصلي بدون وضوء فما بُني على فاسد فهو فاسد، والأمثلة في الشريعة من هذا القبيل شيء كثير وكثير جداًّ. "
ثانياً : توضيح الشيخ لحرمة الخروج على الحكام المسلمين بزعم تكفيرهم :
" فنحن ذكرنا دائماً وأبداً بأنّ الخروج على الحكام لو كانوا من المقطوع بكفرهم، لو كانوا من المقطوع بكفرهم، أنَّ الخروج عليهم ليس مشروعاً إطلاقاً؛ ذلك لأنَّ هذا الخروج إذا كان ولا بدَّ ينبغي أن يكون خروجاً قائماً على الشرع، كالصلاة التي قلنا آنفاً إنَّها ينبغي أن تكون قائمة على الطهارة، وهي الوضوء، ونحن نحتجُّ في مثل هذه المسألة بِمثل قوله تبارك وتعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب 21]. "
ثالثاً : الشيخ يتنزل مع المخالفين في فرضيتهم ويرد عليهم :
" إنَّ الدورَ الذي يَمرُّ به المسلمون اليوم من تحكّم بعض الحكام ـ وعلى افتراض أنَّهم أو أنَّ كفرهم كفر جلي واضح ككفر المشركين تماماً ـ إذا افترضنا هذه الفرضية فنقول: إنَّ الوضع الذي يعيشه المسلمون بأن يكونوا محكومين من هؤلاء الحكام ـ ولْنَقُل الكفار مجاراةً لجماعة التكفير لفظاً لا معنى؛ لأنَّ لنا في ذلك التفصيل المعروف ـ فنقول: إنَّ الحياة التي يحياها المسلمون اليوم تحت حكم هؤلاء الحكام لا يخرج عن الحياة التي حييها رسول الله عليه الصلاة وعلى آله وسلَّم، وأصحابُه الكرام فيما يُسمى في عرف أهل العلم: بالعصر المكي.
لقد عاش عليه السلام تحت حكم الطواغيت الكافرة المشركة، والتي كانت تأبى صراحةً أن تستجيب لدعوة الرسول عليه السلام، وأن يقولوا كلمة الحق (( لا إله إلاَّ الله )) حتى إنّ عمَّه أبا طالب ـ وفي آخر رمق من حياته ـ قال له: لولا أن يُعيِّرني بها قومي لأقررتُ بها عينَك.
أولئك الكفار المصرِّحين بكفرهم المعاندين لدعوة نبيِّهم، كان الرسول عليه السلام يعيش تحت حكمهم ونظامهم، ولا يتكلَّم معهم إلاَّ: أن اعبدوا الله وحده لا شريك له.
ثم جاء العهد المدني، ثم تتابعت الأحكام الشرعية، وبدأ القتال بين المسلمين وبين المشركين، كما هو معروف في السيرة النبوية.
أما في العهد الأول ـ العهد المكي ـ لم يكن هنالك خروج كما يفعل اليوم كثيرٌ من المسلمين في غير ما بلد إسلامي.
فهذا الخروج ليس على هدي الرسول عليه السلام الذي أُمرنا بالاقتداء به، وبخاصة في الآية السابقة: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب 21]. "
رابعاً : الشيخ يستشهد بالوقائع المعاصرة ويقرر الحكم الشرعي الصحيح :
" الآن كما نسمع في الجزائر، هناك طائفتان، وأنا أهتبلها فرصة إذا كنت أنت أو أحد الحاضرين على بيِّنة من الإجابة عن السؤال التالي: أقول أنا أسمع وأقرأ بأنَّ هناك طائفتين أو أكثر من المسلمين الذين يُعادون الحكام هنالك، جماعة مثلاً جبهة الإنقاذ، وأظن فيه جماعة التكفير.
فقيل له: جيش الإنقاذ هذا هو المسلَّح غير الجبهة.
قال الشيخ: لكن أليس له علاقة بالجبهة؟
قيل له: انفصلَ عنها، يعني: قسم متشدِّد.
قال الشيخ: إذاً هذه مصيبة أكبر! أنا أردتُ أن أستوثق من وجود أكثر من جماعة مسلمة، ولكلٍّ منها سبيلها ومنهجها في الخروج على الحاكم، تُرى! لو قضي على هذا الحاكم وانتصرت طائفة من هذه الطوائف التي تُعلن إسلامها ومحاربتها للحاكم الكافر بزَعمهم، تُرى! هل ستَتَّفقُ هاتان الطائفتان ـ فضلاً عمَّا إذا كان هناك طائفة أخرى ـ ويقيمون حكم الإسلام الذي يقاتلون من أجله؟
سيقع الخلاف بينهم! الشاهد الآن موجود مع الأسف الشديد في أفغانستان، يوم قامت الحرب في أفغانستان كانت تُعلن في سبيل الإسلام والقضاء على الشيوعية!! فما كادوا يقضون على الشيوعية ـ وهذه الأحزاب كانت قائمة وموجودة في أثناء القتال ـ وإذا بهم ينقلب بعضُهم عدوًّا لبعض.
فإذاً كلُّ مَن خالف هدي الرسول عليه السلام فهو سوف لا يكون عاقبة أمره إلاَّ خُسراً، وهدي الرسول صلى الله عليه وسلَّم إذاً في إقامة الحكم الإسلامي وتأسيس الأرض الإسلامية الصالحة لإقامة حكم الإسلام عليها، إنَّما يكون بالدعوة. "
خامساً : الشيخ يوضح الطريق الصحيح للإصلاح في الدول الإسلامية :
" فإذاً كلُّ مَن خالف هدي الرسول عليه السلام فهو سوف لا يكون عاقبة أمره إلاَّ خُسراً، وهدي الرسول صلى الله عليه وسلَّم إذاً في إقامة الحكم الإسلامي وتأسيس الأرض الإسلامية الصالحة لإقامة حكم الإسلام عليها، إنَّما يكون بالدعوة.
أولاً: دعوة التوحيد، ثم تربية المسلمين على أساس الكتاب والسنة.
وحينما نقول نحن إشارة إلى هذا الأصل الهام بكلمتين مختصرَتين، إنَّه لا بدَّ من التصفية والتربية، بطبيعة الحال لا نعني بهما أنَّ هذه الملايين المملينة من هؤلاء المسلمين أن يصيروا أمة واحدة، وإنَّما نريد أن نقول: إنَّ مَن يريد أن يعمل بالإسلام حقًّا وأن يتَّخذ الوسائل التي تمهد له إقامة حكم الله في الأرض، لا بدَّ أن يقتدي بالرسول -صلى الله عليه وسلم- حكماً وأسلوباً.
بهذا نحن نقول إنَّ ما يقع سواءً في الجزائر أو في مصر، هذا خلاف الإسلام؛ لأنَّ الإسلام يأمر بالتصفية والتربية، أقول التصفية والتربية؛ لسبب يعرفه أهل العلم.
نحن اليوم في القرن الخامس عشر، ورثنا هذا الإسلام كما جاءنا طيلة هذه القرون الطويلة، لم نرث الإسلام كما أنزله الله على قلب محمد عليه الصلاة والسلام، لذلك الإسلام الذي أتى أُكلَه وثمارَه في أول أمره هو الذي سيؤتي أيضاً أُكُلَه وثمارَه في آخر أمره، كما قال عليه الصلاة والسلام: (( أمَّتي كالمطر لا يُدرى الخير في أوله أم في آخره )).
فإذا أرادت الأمة المسلمة أن تكون حياتها على هذا الخير الذي أشار إليه الرسول -صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث، والحديث الآخر الذي هو منه أشهر: (( لا تزال طائفةٌ مِن أمَّتِي ظاهرين على الحقِّ لا يضرُّهم مَن خالَفَهم حتى يأتي أمرُ الله )).
أقول: لا نريد بهاتين الكلمتين أن يصبح الملايين المملينة من المسلمين قد تبنَّوا الإسلامَ مصفًّى وربَّوْا أنفسهم على هذا الإسلام المصفَّى، لكنَّنا نريد لهؤلاء الذين يهتمُّون حقًّا أولاً بتربية نفوسهم ثم بتربية من يلوذ بهم، ثم، ثم، حتى يصل الأمر إلى هذا الحاكم الذي لا يمكن تعديله أو إصلاحه أو القضاء عليه إلاَّ بهذا التسلسل الشرعي المنطقي. " سادساً : كلمة الشيخ في ذم الفرقة والتنازع والخلاف وبيان فساد أعمال الخروج والتفجير ومخالفتها لغايات وأساليب الشريعة :
" بهذا نحن كنَّا نجيب بأنَّ هذه الثورات وهذه الانقلابات التي تُقام، حتى الجهاد الأفغاني، كنَّا نحن غير مؤيِّدين له أو غير مستبشرين بعواقب أمره حينما وجدناهم خمسة أحزاب، والآن الذي يحكم والذي قاموا ضدَّه معروف بأنَّه من رجال الصوفية مثلاً.
القصد أنَّ مِن أدلَّة القرآن أن الاختلاف ضعف حيث أنَّ الله عزَّ وجلَّ ذكر من أسباب القتل هو التنازع والاختلاف {وَلاَ تَكُونُوا مِنَ المُشْرِكِينَ مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدِيْهِمْ فَرِحُونَ} [الروم 31 ـ 32]، إِذَن إذا كان المسلمون أنفسهم شيعاً لا يمكن أن ينتصروا؛ لأنَّ هذا التشيع وهذا التفرُّق إنَّما هو دليل الضعف.
إذاً على الطائفة المنصورة التي تريد أن تقيم دولة الإسلام بحق أن تمثَّل بكلمة أعتبرها من حِكم العصر الحاضر، قالها أحد الدعاة، لكن أتباعه لا يُتابعونه ألا وهي قوله: (( أقيموا دولة الإسلام في قلوبكم تُقم لكم على أرضكم )).
فنحن نشاهد أنَّ ... لا أقول الجماعات التي تقوم بهذه الثورات، بل أستطيع أن أقول بأنَّ كثيراً من رؤوس هذه الجماعات لم يُطبِّقوا هذه الحكمة التي هي تعني ما نقوله نحن بتلك اللفظتين (( التصفية والتربية ))، لم يقوموا بعد بتصفية الإسلام ممَّا دخل فيه ممَّا لا يجوز أن يُنسب إلى الإسلام في العقيدة أو في العبادة أو في السلوك، لم يُحققوا هذه ـ أي تصفية في نفوسهم ـ فضلاً عن أن يُحقِّقوا التربية في ذويهم، فمِن أين لهم أن يُحقِّقوا التصفية والتربية في الجماعة التي هم يقودونها ويثورون معها على هؤلاء الحكام؟!.
أقول: إذا عرفنا ـ بشيء من التفصيل ـ تلك الكلمة (( ما بُني على فاسد فهو فاسد ))، فجوابنا واضح جدًّا أنَّ ما يقع في الجزائر وفي مصر وغيرها هو سابقٌ لأوانه أوَّلاً، ومخالفٌ لأحكام الشريعة غايةً وأسلوباً ثانياً، لكن لا بدَّ من شيء من التفصيل فيما جاء في السؤال. " سابعاً : كلمة أخيرة للشيخ في توضيح أحكام الجهاد الشرعي الصحيح :
" نحن نعلم أنَّ الشارعَ الحكيم ـ بٍما فيه من عدالة وحكمة ـ نهى الغزاة المسلمين الأولين أن يتعرَّضوا في غزوهم للنساء، فنهى عن قتل النساء وعن قتل الصبيان والأطفال، بل ونهى عن قتل الرهبان المنطوين على أنفسهم لعبادة ربِّهم ـ زعموا ـ فهم على شرك وعلى ضلال، نهى الشارع الحكيم قُوَّاد المسلمين أن يتعرَّضوا لهؤلاء؛ لتطبيق أصل من أصول الإسلام، ألا وهو قوله تبارك وتعالى في القرآن: {أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى أَن لاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَأَن لَيْسَ لِلإِنسَانِ إَلاَّ مَا سَعَى} [النجم 36 ـ 39]، فهؤلاء الأطفال وهذه النسوة والرجال الذين ليسوا لا مع هؤلاء ولا مع هؤلاء، فقتلهم لا يجوز إسلاميًّا، قد جاء في بعض الأحاديث: (( أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وآله سلَّم رأى ناساً مجتمعين على شيء فسأل؟ فقالوا: هذه امرأة قتيلة، قال عليه السلام: ما كانت هذه لتقاتِل )).
وهنا نأخذ حكمين متقابلين، أحدها: سبق الإشارة إليه، ألا وهو أنَّه لا يجوز قتل النساء؛ لأنَّها لا تُقاتل، ولكن الحكم الآخر أنَّنا إذا وجدنا بعض النسوة يُقاتلن في جيش المحاربين أو الخارجين، فحينئذ يجوز للمسلمين أن يُقاتلوا أو أن يقتلوا هذه المرأة التي شاركت الرجال في تعاطي القتال.
فإذا كان السؤال إذاً بأنَّ هؤلاء حينما يفخِّخون ـ كما يقولون ـ بعض السيارات ويفجِّرونها تصيب بشظاياها مَن ليس عليه مسؤولية إطلاقاً في أحكام الشرع، فما يكون هذا من الإسلام إطلاقاً، لكن أقول: إنَّ هذه جزئية من الكُليَّة، أخطرها هو هذا الخروج الذي مضى عليه بضع سنين، ولا يزداد الأمر إلاَّ سوءاً، لهذا نحن نقول إنَّما الأعمال بالخواتيم، والخاتمة لا تكون حسنةً إلاَّ إذا قامت على الإسلام، وما بُني على خلاف الإسلام فسوف لا يُثمر إلاَّ الخراب والدمَّار )). "
عماد المهدي
2011-01-22, 12:14 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
آراء أهل العلم في الخروج على الحاكم
الحاكم بغير ما أنزل الله وحكم الخروج عليه: هذا.. وقد قال النبي في الخروج على الحكام "أن لا ننازع الأمر أهله قال: إلاّ أن ترو كفرا بواحا عندكم فيه من الله برهان" قال العلماء: قوله (كفرا) أنّه لا يكفي الفسوق ولو كَبُركالضرب وشرب الخمر ولعب القمار، وأفاد قوله (بواحا) أنّه لا يكفي الكفر الذي ليس ببواح أي صريح ظاهر.
الحاكم بغير ما أنزل الله وحكم الخروج عليه:
هذا.. وقد قال النبي في الخروج على الحكام "أن لا ننازع الأمر أهله قال: إلاّ أن ترو كفرا بواحا عندكم فيه من الله برهان" قال العلماء: قوله (كفرا) أنّه لا يكفي الفسوق ولو كَبُركالضرب وشرب الخمر ولعب القمار، وأفاد قوله (بواحا) أنّه لا يكفي الكفر الذي ليس ببواح أي صريح ظاهر.
وأفاد قوله (عندكم فيه من الله) أنّه لابدّ من دليل صريح بحيث يكون صحيح الثبوت صريح الدلالة فلا يكفي الدليل الضعيف السند ولا غامض الدلالة، وأفاد قوله (من الله) أنّه لا عبرة بقول أحد من العلماء مهما بلغت منزلته في العلم والأمانة إذا لم يكن لقوله دليل صريح صحيح من كتاب الله وسنّة رسوله وهذه القيود تدلّ على خطورة الأمر".
نعم ذهب البعض إلى الأخذ ببعض أقوال العلماء التي فيها أن القوانين الوضعية كفر أكبر مخرج من الملة بإطلاق كما ذهب إلى ذلك الشيخ أحمد شاكر رحمه الله حيث قال "إن الأمر في هذه القوانين الوضعية واضح وضوح الشمس هي كفر بواح لا خفاء فيه ولا مداورة، ولا عذر لأحد ممن ينتسب للإسلام ـ كائنا من كان ـ في العمل بها أو الخضوع لها أو إقرارها، فليحذر امرؤ لنفسه، وكل امرئ حسيب نفسه" ولا يخفى عليكم أنّ هذه المسألة من العلماء من قال هي كفر أكبر بإطلاق كما ذهب إليه أحمد شاكر رحمه الله، ومنهم من قال هي كفر دون الكفر الأكبر مع التفصيل كما ذهب إليه جماعة العلماء كالشيخ الألباني والشيخ ابن باز والشيخ ابن عثيمين رحمة الله على الجميع وهذا هو المعروف عن السلف، وقد وُجِّه سؤال للشيخ العلامة عبد المحسن العباد حفظه الله في المسجد النبوي عن مسألة التحكيم وهو: هل استبدال الشريعة الإسلامية بالقوانين الوضعية كفر في ذاته؟ أم يحتاج إلى الاستحلال القلبي والاعتقاد بجواز ذلك؟ وهل هناك فرق في الحكم مرة بغير ما أنزل الله، وجعل القوانين تشريعاً عاماً مع اعتقاد عدم جواز ذلك؟
فأجاب حفظه الله: "يبدو أنه لا فرق بين الحكم في مسألة، أو عشرة، أو مئة، أو ألف ـ أو أقل أو أكثر ـ لا فرق، ما دام الإنسان يعتبر نفسه أنه مخطئ، وأنه فعل أمراً منكراً، وأنه فعل معصية، وأنه خائف من الذنب، فهذا كفر دون كفر، وأما مع الاستحلال ـ ولو كان في مسألة واحدة، يستحل فيها الحكم بغير ما أنزل الله، يعتبر نفسه حلالاً، فإنه يكون كافراً".
وقال الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله عند ذكره للقوانين الوضعية المخالفة للشرع "من حكم بها أو حاكم إليها معتقدا صحّة ذلك وجوازه فهو كافر الكفر الناقل عن الملّة، وإن فعل ذلك بدون اعتقاد ذلك وجوازه، فهو كافر الكفر العملي الذي لا ينقل عن الملّة".
وقال الإمام الشنقيطي رحمه الله "اعلم أنّ تحرير المقام في هذا البحث أنّ... من لم يحكم بما أنزل الله معارضة للرسل، وإبطالا لأحكام الله: فظلمه وفسقه وكفره كلّها كفر مخرج من الملّة، ومن لم يحكم بما أنزل الله معتقدا أنّه مرتكب حراماً، فاعل قبيحا، فكفره وظلمه وفسقه غير مخرج من الملّة".
وقال قبل هذا "إن حَكَمَ بما عنده على أنّه من عند الله فهو تبديل له يوجب الكفر، وإن حكم به هوى ومعصية فهو مذنب تدركه المغفرة على أصل أهل السنة في الغفران للمذنبين... وعليه فالكفر إمّا كفر دون كفر، وإمّا أن يكون فعل ذلك مستحلاّ له، أو قاصدا به جحد أحكام الله وردّها مع العلم بها، أمّا من حكم بغير حكم الله، وهو عالم أنّه مرتكب ذنبا، فاعل قبيحا، وإنما حمله على ذلك الهوى فهو من سائر عصاة المسلمين".
وقال الإمام جمال الدين القاسمي رحمه الله "كفر الحاكم بغير ما أنزل الله بقيد الاستهانة به والجحود له هو الذي نحاه كثيرون، وآثروه عن عكرمة وابن عباس".
وقال العلامة الأصولي بن عثيمين رحمه الله تعالى "وهناك شبهة عند كثير من الشباب، استحكمت في عقولهم، وأثارت عندهم مسألة الخروج على الحكام وهي: أنّ هؤلاء الحكام مبدّلون وضعوا قوانين وضعية من عندهم، ولم يحكموا بما أنزل الله والحكم الموجود، لكن وضعوا قوانين من عندهم، فحكموا بردّة هؤلاء وكُفْرهم، وبنوا على ذلك أنّ هؤلاء ما داموا كفارا فيجب قتالهم، ولا ينظر إلى حالة الضعف، لأنّ حالة الضَّعف قد نسخت بآية السيف، فما بقي هناك مجال للعمل بحالة الاستضعاف ـ كما يقولون ـ التي كان المسلمون عليها في مكّة".
فالجواب على هذه الشبه أن نقول: لا بدّ أن نعلم أوّلا: هل انطبـق عليهم وصف الردّة أم لا، وهذا يحتاج إلى معرفة الأدلة الدالة على أنّ هذا القول أو الفعل ردّة، ثمّ تطبيقها على شخص بعينه، وهل له شبهة أم لا؟
يعني: قد يكون النص قد دلّ على أن هذا الفعل كفر، وهذا القول كفر، لكن هناك مانع يمنع من تطبيق حكم الكفر على هذا الشخص المعيّن.
والموانع كثيرة منها الظنّ وهو ـ جهل ـ ومنها الغلبة... إلى أن قال: وهؤلاء الحكام نحن نعرف أنّهم في المسائل الشخصية كالنكاح والفرائض وما أشبهها يحكمون بما دلّ عليه القرآن على اختلاف المذاهب، وأمّا في الحكم بين الناس فيختلفون... ولهم شبهة يوردها لهم بعض علماء السوء، يقولون: إنّ النبي يقول "أنتم أعلم بأمور دنياكم" وهذا عام فكلّ ما تصلح به الدنيا فلنا الحرية فيه، لأنّ الرسول قال: "أنتم أعلم بأمور دنياكم" وهذا لا شكّ شبهة".
وقال أيضا رحمه الله "الحاكم قد يكون عنده حاشية خبيثة، تُرقِّقُ له الأمور العظيمة وتسهِّلها عليه، وتُزيِّنها في نفسه، فيمضي فيما يعتقد أنَّه حلال، (ولكنه) ليس بكفر، ولا أظنُّ أحداً من الجزائريِّين يقول: نعم! أنا أعلم أنَّ هذا حكم الله ولكنِّي أخالفه، ما أظنُّ أحداً يقول ذلك عن عقيدة، فإن كان قد يقوله في باب المناظرة، لكن عن عقيدة لا يمكن فيما أظن، لأنَّ شعبَ الجزائر شعبٌ مسلم، وهو الذي أخرج الفرنسيِّين عن إكراه من أرضه".
واعلم أنّه من الخطأ الفادح أن نقول: إنّ الحاكم نحّى الشريعة، وأقام القانون الوضعي مقامها "والذي يسمعه يظنّ أنّه وجد كتاب الله يحكم النّاس فعمد إلى إقصائه، وليس الأمر كذلك، لأنّه من يوم الاستقلال لم يُحَكّم كتاب الله" فالحقّ أنّه وصل إلى الحكم فوجد قوانين وضعية لكنّه لم يغّيرها، وعدم تغييره لها لا يكون دائما سببه استحلال الحكم بغير ما أنزل الله، أو أنّه يفضله على حكم الله أو أنّه أعرض عن حكم الله بالكليّة، فقد يكون عاجزا عن تحكيم شرع الله لوجود من يمنعه في الشعب من ذلك لو نادى به، فهو معذور في ذلك كما عذر (النجاشي حين لم يغيّر شريعة النّصارى لعجزه).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله "والنّجاشي ما كان يمكنه أن يحكّم القرآن، فإنّ قومه لا يقرّونه على ذلك، وكثيرا ما يتولّى الرّجل بين المسلمين والتتار قاضيا بل وإماما وفي نفسه أمور من العدل يريد أن يعمل بها فلا يمكنه ذلك، ولا يكلّف الله نفسا إلاّ وسعها، وعمر بن عبد العزيز عودي وأذوي على بعض ما أقامه من العدل، وقيل أنّه سمّ على ذلك، فالنجاشي وأمثاله سعداء في الجنّة وإن كانوا لم يلتزموا من شرائع الإسلام مالا يقدرون على التزامه بل كانوا يحكمون بالأحكام التي يمكنهم الحكم بها".
هذا وما دام هذا الفعل "الحكم بغير ما أنزل الله" يحتمل الكفرين، فلا يمكن إزالة إسلام الحاكم الذي ثبت بيقين بمحتمل الدلالة، فإن كان ذلك الفعل المكفَّرُ به وهو "الحكم بغير ما أنزل الله" يحتمل الكفر الأكبر وكذلك الأصغر دخله الاحتمال، وما دخله الاحتمال لا يجوز التكفير به، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله "التكفير لا يكون بأمر محتمل" وما دام أنّ التكفير لا يكون بالأمر المحتمل فمن باب أولى لا يجوز الخروج على الحاكم الذي وقع في الكفر الذي يَحْتَمل الأكبر وغيره، وهذا ما أشار إليه العلامة الحافظ ابن حجر رحمه الله عند قول النبي: "عندكم فيه من الله برهان" قال: "أيّ نص آية أو خبر صحيح لا يحتمل التأويل، ومقتضاه أنّه لا يجوز الخروج عليهم مادام فعلهم يحتمل التأويل".
وقال الشيخ العلامة ابن عثيمين رحمه الله "يعني لو قَدّرنا أنّهم فعلوا شيئا نرى أنّه كفر، لكن فيه احتمال أنّه ليس بكفر، فإنّه لا يجوز أن ننازعهم، أن نخرج عليهم ونولّهم ما تولّوا".
فالنص الصريح الواضح هو أن لا يكون محتَمِلًا إلاّ للكفر الأكبر، وأن لا يكون العلماء اختلفوا في فهم معناه، لأنّه إذا كان النصّ المكفّر به مُختَلَفٌ في فهمه بين العلماء فإنّه لا يجوز التكفير به ابتداء، لأنّه خرج من اليقين ودخل في حيز الظنيات، ومن ثبت إسلامه بيقين فلا يُزال عنه بالشك والتخمين.
قال ابن عبد البر رحمه الله موضحاً "ومن جهة النظر الصحيح الذي لا مدفع له، أن كل من ثبت له عقد الإسلام في وقت بإجماع من المسلمين، ثم أذنب ذنباً أو تأول تأويلاً، فاختلفوا بَعْدُ في خروجه من الإسلام لم يكن لاختلافهم بعد إجماعهم معنىً يوجب حجة، ولا يخرج من الإسلام المتفق عليه إلا باتفاق آخر أو سنّة ثابتة لا معارض لها، وقد اتفق أهل السنة والجماعة، وهم أهل الفقه والأثر على أن أحداً لا يخرجه ذنبه ـ وإن عظم ـ من الإسلام، وخالفهم أهل البدع، فالواجب في النظر أن لا يُكفَّر إلا من اتفق الجميع على تكفيره، أو قام على تكفيره دليل لا مدفع له من كتاب أو سنة واشترط الخير الرّملي رحمه الله" كون ما يوجب الكفر مجمعا عليه.
وقال عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب رحمه الله" فما تنازع العلماء في كونه كفرا، فالاحتياط للدّين التوقّف وعدم الإقدام ما لم يكن في المسـألة نصّ صريح عن المعصوم".
وهذا الكلام يشمل كلّ الدوّل الإسلامية إلاّ من كفر كفرا مجرّدا عن ذلك فله حكمه على ما تقتضيه النصوص الشرعية "لأنّ جلّ هذه البلاد كان قد استعمره الكافر، وبثّ فيه ما بثّ من أحكام كفره، وغيّر ما كان أمكنه من دين الله عزّ وجل، هذا هو الوصف الصحيح لِوَضعِ أكثرِ بلاد المسلمين، بصرف النّظر عمّا كان من كمال أتاتورك، وعلى هذا فالسؤال المطابق للواقع هو أن يقال: ما حكم من أُسند إليه إمارة بلد لا يُحكَمُ فيه بشريعة الله في أكثر مناحي الحياة، ثمّ هو لم يغيّر ذلك بعد خروج المستعمر المستبدل؟
فمن عَرَضَ المسألة من أهل العدل على غير هذا التفصيل كان جاهلا، لأنّه أخبر بخلاف الواقع، ومن كفّر هذا الحاكم بلا تفصيل كان ظالما ويوشك أن يكفّر النجاشي رحمه الله... قال ابن تيمية رحمه الله " أهل السنّة يخبرون بالواقع ويأمرون بالواجب، فيشهدون بما وقع، ويأمرون بما أمر الله به ورسوله".
"ثم إنّ وجود قوانين وضعية في بلد ما لا يحملنا على أن نَنْسبَ إلى أميره وَضْعَهَا، بل ينبغي النّظر في تاريخها لمعرفة واضعيها، ثمّ بعد تصوّر المسألة على حقيقتها يحكم المجتهدون من أهل العلم على أصحابها بما يدلّ عليه الدّليل، إذ الحكم على الشيء فرع عن تصوّره، وإنّما يغلط من يغلط في هذا الباب من ذوي المقاصد الحسنة من لا يلاحظ هذا، ويُغَلِّط من يُغَلِّط فيه من ذوي المقاصد السيّئة من لا يحبّ أن يلاحظ هذا ويجتهد للعب بالمصطلحات".
وإذا فهمنا هذه المسألة جيدا علمنا أنّ الحكم كله "وهو الخروج" مبنيّ على أصل باطل، وما بني على باطل فهو باطل، كيف لا وأهل السنة لا يجيزون الخروج على الحاكم الذي لم يكن كفره ظاهرا باديا لا لبس فيه ولا اختلاف، وحكام بلاد المسلمين اليوم لا يرى أحد من علماء السنة والجماعة كُفرَهم ولا الخروج عليهم.
فائدة:
وهنا نقطة مهمة أحببت أن أذكرها لفائدتها وهي أنّه حتى لو ظهر من الحاكم الكفر البواح الصريح ومن غير خلاف بين أهل العلم فإنّ الخروج عليه لا يجوز إلاّ بشروط بيّنها العلماء، منها:
ـ القدرة الحقيقية يقينا وليس ظنّا.
قال الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله "إذا رأى المسلمون كفرا بواحا عندهم من الله فيه برهان، فلا بأس أن يخرجوا على هذا السلطان لإزالته إذا كان عندهم قدرة، أمّا إذا لم تكن عندهم قدرة فلا يخرجون".
وقال الشيخ ابن عثيمين أيضا رحمه الله "فلو فرضنا أنّ الخروج المشار إليه على هذا الحاكم واجب، فإنّه لا يجب علينا ونحن لا نستطيع إزاحته فالأمر واضح... لكنّه الهوى يهوي بصاحبه".
وقال العلاّمة الشيخ صالح الفوزان حفظه الله "فإن كان في المسلمين قوّة وفيهم استطاعة لمقاتلته وتنحيته عن الحكم وإيجاد حاكم مسلم فإنّه يجب عليهم ذلك، وهذا من الجهاد في سبيل الله، وأمّا إذا كانوا لا يستطيعون إزالته فلا يجوز لهم أن يتحرّشوا بالظلمة والكفرة، لأنّ هذا يعود على المسلمين بالضرر والإبادة".
ـ أن لا ينجر عن الخروج مفسدة أعظم:
ومن الشروط أيضا: أن لا ينجرّ عن هذا الخروج مفسدة أكبر من المصلحة المنتظرة لأنّه إذا كان سينجر عن هذا الخروج شرّ أعظم من بقاء ذلك الحاكم في الحكم فالخروج عندئذ لا يجوز ابتداء.
ولهذا ترى العلماء رحمهم الله لم يجعلوا الخروج على الحاكم في باب الجهاد في سبيل الله، بل جعلوه في باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والذي يستلزم النظر في المصالح والمفاسد التي ستنجرّ من وراء هذا الخروج.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله "وقد تكلمت على قتال الأئمّة في غير هذا الموضع، وجماع ذلك داخل في القاعدة العامّة، فيما إذا تعارضت المصالح والمفاسد، والحسنات والسيئات أو تزاحمت، فإنّه يجب ترجيح الرّاجح منها فيما إذا ازدحمت المصالح والمفاسد، فإنّ الأمر والنّهي وإن كان متضمّنا لتحصيل مصلحة ودفع مفسدة فيُنظَر في المعارض له، فإن كان الذي يفوت من المصالح أو يحدث من المفاسد أكثر، لم يكن مأمورا به، بل يكون محرّما إذا كانت مفسدته أكثر من مصلحته".
وقال العلامة عبد العزيز بن باز رحمه الله "فإذا كانت هذه الطائفة التي تريد إزالة هذا السلطان الذي فعل كفرا بواحا ويكون عندها قدرة على أن تزيله وتضع إماما طيّبا دون أن يترتب على ذلك فساد كبير على المسلمين وشرّ أعظم من شر هذا السلطان فلا بأس، أمّا إذا كان الخروج يترتب عليه فساد كبير واختلال الأمن وظلم النّاس واغتيال من لا يستحق الاغتيال إلى غير هذا من الفساد العظيم هذا لا يجوز، بل يجب الصبر والسمع والطاعة في المعروف ومناصحة ولاة الأمور والدعوة لهم بالخير والاجتهاد في تخفيف الشّر وتقليله وتكثير الخير وهذا هو الطريق السويّ الذي يجب أن يُسلك لأن في ذلك مصالح المسلمين عامّة ولأنّ في ذلك حفظ الأمن وسلامة المسلمين من شرّ أكثر".
وقال الشيخ محمد الصالح العثيمين رحمه الله "مهما كان الأمر، الخروج على الحاكم ـ ولو كان كفرُه صريحاً مثل الشمس ـ له شروط، فمِن الشروط: أن لاَّ يترتَّب على ذلك ضررٌ أكبر، بأن يكون مع الذين خرجوا عليه قدرة على إزالته بدون سفك دماء، أما إذا كان لا يمكن بدون سفك دماء، فلا يجوز، لأنَّ هذا الحاكمَ ـ الذي يحكم بما يقتضي كفره ـ له أنصار وأعوان لن يَدَعوه" وقال أيضا "لو فُرض أنَّه كافر مثل الشمس في رابعة النهار، فلا يجوز الخروجُ عليه إذا كان يستلزم إراقة الدِّماء، واستحلال الأموال".
ولهذا، قال شيخ الإسلام بن تيمية "وقلّ من خرج على ذي سلطان إلاّ كان ما تولد على فعله من الشر، أعظم مما تولد من الخير" ولذلك "فلا يهدم أصل المصلحة شغفا بمزاياها، كالذي يبني قصرا ويهدم مصرا"
دعواتكم
ismael-y
2011-01-22, 12:27 AM
قال الله عز و جل
وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيل
صدق الله العظيم
الهزبر
2011-01-22, 01:42 AM
السلام عليكم
هذه الشروط الثلاثة
الأول : أن يكون الأمير يفعل كفرا، واضح بواح، عندكم من الله فيه برهان .
الثاني : وجود البديل المسلم .
الثالث : القدرة على ذلك، فإذا وجدت الشروط الثلاثة، جاز وإذا لم توجد فلا، نعم .
لم تنطبق على ماحدث في تونس.
عماد المهدي
2011-01-23, 12:05 PM
بعض الفتاوي حول الموضوع
اسلام اون لاين
حكم الخروج على الحكام أثناء الفتنةظهرت في الفترة الأخيرة فتاوى لبعض العلماء يفتون فيها بالخروج على الحكام الذين يتعاونون مع أمريكا في ضرب المسلمين، لأن المتعين في مثل هؤلاء الحكام المسلمين أن ينصروا دينهم لا أن ينصروا أمريكا ...فما رأي فضيلتكم في هذه الفتوى ،وما مدى صحتها؟ وجزاكم الله خيرا
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
فالخروج على الحاكم يراد به حمل السلاح و مقاتلة الحاكم لإبعاده عن السلطة ، و قديما حذر الفقهاء من الخروج على الحاكم ، والفقهاء مجمعون على أنه لا يجوز إزالة الضرر بضرر أكبر منه ، ومن شروط تغيير المنكر ألا يؤدي إلى منكر أكبر منه.
يقول فضيلة الشيخ القرضاوي :
يقصد بالخروج على الحاكم: حمل السلاح، والقيام بالثورة المسلحة ضده، وهو الذي يسميه الفقهاء (البغي) ويسمون أصحابه (البغاة). ويعرف الفقهاء (البغاة) بأنهم: الخارجون على الإمام (ولي الأمر الشرعي) بتأويل سائغ، ولهم شوكة، ولو لم يكن فيهم أمير مطاع …قال شيخ الإسلام ابن تيمية: قد أوجب النبي صلى الله عليه وسلم تأمير الواحد في الاجتماع على القليل العارض في السفر، وهو تنبيه على أنواع الاجتماع الأخرى.
ويدخل في ذلك مبايعة أتباع الطرق الصوفية لشيوخهم، ومبايعة أعضاء الجمعيات الدينية لرؤسائهم.
إنما المحظور هنا: أن يبايع شخص ما إماما وحاكما مناهضا لولي الأمر الشرعي، ومحاربا له، لما وراء ذلك من فتنة تراق فيها الدماء، وتذهب الأموال.
لهذا أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بالصبر على جَوْر الأمراء وانحرافهم، حفاظا على وحدة الجماعة، وأمرنا بطاعة الأمراء إلا في المعصية.
روى الشيخان عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من رأى من أميره شيئا يكرهه، فليصبر عليه، فإنه من فارق الجماعة شبرا فمات، فميتته جاهلية " متفق عليه.
وفي حديث ابن عمر مرفوعا: " السمع والطاعة حق على المرء المسلم فيما أحب وكره، ما لم يؤمر بمعصية، فإذا أمر بمعصية، فلا سمع ولا طاعة ".
أما الخروج عن الحكام الذين تعاونوا مع أمريكا فإنه سيؤدي إلى تشتيت كلمة المسلمين و توهين رأيهم يقول فضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة أستاذ الفقه والأصول بالأزهر :
قد وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلم بأنه كيس فطن، ووصفه فيما أخرجه ابن حبان في صحيحه في الحديث الطويل "أن يكون المؤمن مدركًا لشأنه، عالمًا بزمانه، وعلى ذلك فلا ينبغي ونحن نواجه من يريد القضاء على الأمة الإسلامية، أن نتفرق شيعًا وأن يذهب بعضنا بعضًا، وأن يكون بأسنا بيننا شديد، بل يجب علينا أن نتحد صفًا واحدًا، وأن نقف جميعًا حكامًا ومحكومين، في وجه هذه الهجمة الشرسة، وعلينا أن نستوعب تلك المواقف وأن نتجاوزها من غير إخلال بهذا المقصود الأعظم وهو وحدة الكلمة على حد ما فعل سيدنا هارون مع بني إسرائيل (خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي).
ويقول النبي صلى الله علي وسلم: "الدين النصيحة قالوا: لمن يا رسول الله، قال: لله ولرسوله وأئمة المسلمين وعامتهم"، فينبغي علينا أن نجمع الأمة حكامًا ومحكومين على كلمة سواء، وأن نصبر على المخالف حتى يعود إلى حظيرة الإسلام من غير شقاق، ولا فتنة، وكذلك الحال في كل من يعلو صوته ليظهر الاعتراض والغضب في نحو تجمع أو مظاهرة، فإنه عليه أن يحافظ على وحدة الأمة، وعلى ممتلكاتها، فنحن نريد مواجهة عدو خارجي، ونريد المطالبة بحقوقنا المسلوبة، ولا نريد أن يقتل بعضنا بعضًا، ولا أن يهلك بعضنا أموال بعض، ولا أن يعتدي بعضنا على بعض، قال تعالى: "ومن يؤتى الحكمة فقد أوتي خيرًا كثيرًا".
والله أعلم .
Powered by vBulletin® Version 4.2.0 Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir