كوبرلّي
2011-02-03, 05:17 PM
http://38.121.76.242/memoadmin/media//version4_iranegyfir_340_309_.jpg
بقلم / د. سامح عباس
انطلقت شرار انتفاضة الشباب في كافة ربوع الدولة المصرية وسط ذهول الأجهزة المخابراتية العالمية والمراكز البحثية الدولية التي عجزت تقديراتها وسنياريوهاتها التنبؤ حتى ولو بالقدر القليل من تطورات تلك الانتفاضة، التي تحولت وبفعل فاعل إلى حمام من الدماء غير مسبوق لم تشهده أرض الكنانة من قبل.
حقاً نجحت انتفاضة الشباب المصري التي انطلقت شعلتها الأولى يوم 25 يناير 2011 في إعادة ضخ الدماء للعروق التي كادت أن يصيبها الضمور من شدة السكون والصمت، وبثت روح الوجود والأمل، ليس فقط في أجساد المصريين، بل في كامل الجسد العربي والإسلامي بأن التغيير حلم قابل للتحقيق، وأنه لم يعد بعيد المنال، تفصله عنا حواجز فولاذية، وأسوار أسمنتية، تم بنائها على مدار سنوات طويلة متعاقبة من الخوف والترهيب، صوّرت لنا بأنه لا يمكن هدمها وإسقاطها، لكن ثورة الشباب المصري، كسرت كل التوقعات، وتجاوزت كافة التقديرات، لتكون مناراً يُشع نور الأمل في التخلص من أغلال الظلم والاستبداد.
لكن ما لبث أن تحولت الانتفاضة الشبابية المصرية المباركة إلى فريسة سمينة انقض عليها المتسلطون والمنتفعون وأصحاب الأجندات والمصالح الخارجية، لينقضوا عليها ويختلسوا مكاسبها، ويحولوها من ثورة سلمية لتغيير صورة الحياة في مصر بعد سنوات طويلة من الاستبداد والاستعباد، إلى فوضى غوغائية يختلط بها الحابل بالنابل، كما هو سائد حالياً على ألسنة مصريون كثيرون.
تدريجياً وكما هو غير متوقع تحولت تلك الانتفاضة المباركة إلى نموذج آخر، وصورة كاربونية مصغرة من صور الفوضى الخلاَّقة التي ابتدعها الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش لتحقيق أقصى حد من المكاسب، السياسية، الاقتصادية والعسكرية. وتثير الفوضى الخلاَّقة الحالية التي تشهدها أماكن متفرقة من مصر كثير من التساؤلات وعلامات التعجب المريبة حول التطور السريع غير المسبوق لثورة الشباب المصرية، التي باتت قنبلة متفجرة في كل وقت لا يدفع ثمنها سوى المصريون البسطاء.
أجندات خاصة:
بالفعل تعددت التحليلات والتعليقات السياسية التي رصدت التطور السريع للأحداث في مصر منذ 25 يناير، وتباينت المواقف حول الجهات والعناصر المحركة لتلك الثورة الشبابية التي لم تفرز حتى كتابة تلك السطور قيادة واحدة تتحدث باسمها وتعلن قائمة مطالبها، وهو ما يؤكد على شعبيتها وعدم ارتباطها بحزب أو حركة سياسية بعينها، لكن من الثابت والمؤكد وجود أجندات ومخططات سابقة التجهيز تُنسب لعناصر داخلية وخارجية على حد سواء، اجتمعت كلها في وقت واحد، وشرع كل عنصر من العناصر لتطبيقها في التوقيت الحالي، الذي بات نموذجياً، مستغلين حالة الصحوة الشبابية، وما أعقبها من حالة فوضى مستحكمة، ليشرع في تطبيقها بما يحقق له من مكاسب على المستويين الداخلي والإقليمي. على ضوء ذلك يمكننا تحديد تلك العناصر المستفيدة من سقوط مصر في بئر الفوضى، والذي لا قدر الله قد ينزلق على غير المتوقع لحرب أهلية لا يحمد عقباها، ولعل أحداث تصادم معسكري المولاة والمعارضة بميدان التحرير في يوم 2 فبراير 2011 لخير دليل على ذلك؛ بناءً عليه لا يمكننا استبعاد تورط عناصر من الحرس الثوري الإيراني، والموساد والـسي آي إيه، إلى جانب عناصر من جماعة الإخوان المسلمين وعناصر أخرى تابعة للنظام المصري الحاكم في خلق هذه الفوضى التي تشهدها مصر حالياً، بدلاً من أن تسير على مسارها الصحيح كثورة قومية.
الغريب أن كل هذه الأطراف قد التقت أهدافهم البغيضة، وغاياتهم المغرضة الدنيئة لتطبق في وقت واحد على الساحة المصرية، وهو ما تسبب في الفوضى الدامية التي تغرق فيها مصر حالياً. وعلى ضوء ما سبق يمكننا تحديد هوية أكبر الرابحون من السقوط المصري في هاوية الفوضى، لنضع أيدينا على أبعاد المخطط الحقيقي الذي تتعرض له مصر وشعبها الأبي الذي أصبح يخاف اليوم على أمنه وأمانه أكثر مما يخاف على قوت يومه ورغيف خبزه.
الرابح الأكبر:
على الرغم من أن الرابحين من حالة الفوضى الحالية التي تعيشها مصر هم كُثر، لكن تبدو إيران من خلال استقراء الأوضاع الحالية في مصر هي أكبر الرابحون من تدهورها وتراجعها. ولا يخفى على أحد الاستفزازات التي مارستها إيران ضد مصر في الآونة الأخيرة، وسعيها تحتها للتضييق عليها في عدد من الدول سواء على المستوى العربي أو الأفريقي. فالأجندة الإيرانية المستهدفة لمصر ممتدة من لبنان وغزة شرقاً، حتى السودان وإريتريا جنوباً، فإيران تواصل مطاردة مصر والتضييق عليها في كثير من الملفات الإقليمية والعربية، سواء بنفسها، أو من خلال العناصر التابعة لها التي تقوم على تنفيذ مخططاتها، ففي لبنان نجد إيران تستخدم حزب الله للعمل ضد مصر – ومعها المملكة العربية السعودية- في مساندة المعسكر السني. وفى القضية الفلسطينية تعمل إيران على تخريب الجهود المصرية لتحقيق المصالحة بين المتناحرين الفلسطينيين من خلال تحريض عناصر خارجية تابعة لحركة حماس، أو من خلال دفع التدخل القطري في الملف الفلسطيني، وفى الجنوب تلاعب إيران القاهرة بعدة أوراق في القارة الأفريقية.
على ضوء ذلك فإن زعزعة الاستقرار المصري يحقق لإيران أجندتها لفرض هيمنتها الإقليمية، فالأرباح الإيرانية كما يتصور البعض بأنها تكمن فقط في سقوط نظام الرئيس حسني مبارك، الذي كان بمثابة الشوكة في حلق قيادات الملالي، بعيداً عن استخدام مفاهيم الاستبداد والطغيان، لأنه لا يوجد أدنى فرق بين كلا النظامين في تلك النقطة، بل يمكن اعتبارها عامل مشترك وعنصر تقارب بينهما.
تطلعات إيرانية:
لكن وفي حقيقة الأمر شكَّل بالفعل نظام مبارك مع سابقه صدام حسين في العراق، متراس قوي ظل قائماً لسنوات طويلة أمام نشر التشيع الإيراني للعديد من الدول السنية والعربية، وتصدير الثورة الإيرانية ومبادئها لها. ومن المؤكد أن زعزعة الأوضاع بمصر في كافة المجالات يجعل وبدون شك إيران أكبر وأقوى دولة إسلامية في المنطقة العربية، الأمر الذي سيفسح لها المجال من جهة لممارسة عدوانيتها وبلطجتها على عدد من الدول العربية، كدولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين، واستكمال بسط سيطرتها على دول أخرى مثل لبنان والسودان، وذلك دون أن يكون أمامها رادع وقوة كبرى مثلما كانت تمثله مصر حتى وقت قريب. ولعل تصريحات وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي، بأن الانتفاضة في مصر ستساعد في إقامة شرق أوسط إسلامي، تؤكد على تطلع إيران لقيادة هذا النظام الشرق أوسطي الجديد بمفردها طبقاً لعقيدتها وتوجهاتها. ومما يكشف ضلوع إيران في إثارة الفوضى التي تشهدها مصر حالياً ومساهمتها في تحويل مسار الثورة الشبابية المصرية، تأكيدات صالحي بأن إيران ستعرض على المتظاهرين المساعدة، وأن طهران ستظل إلى جانبهم حتى تحقيق الحرية.
ولعل تلك التصريحات قد تحل بعض الألغاز والتساؤلات التي شابت حول اندساس عناصر مخربة ومثيرة للشغب وسط حركة الشباب من 25 يناير الذين أكدوا على مظاهراتهم السلمية، وتأكيد عدد من وسائل الإعلام على حصول البعض من معسكر المعارضين لنظام مبارك، على أموال طائلة شريطة مواصلة الاحتجاجات العنيفة لإثارة مزيد من القلاقل وأعمال الشغب.
هروب حمساوي:
ومن أكثر الأمور التي تثير التساؤلات والريبة في آن واحد حول إمكانية ضلوع الحرس الثوري الإيراني في إثارة أعمال الشغب والعنف في مصر، إلى جانب أجندات مصالح العناصر الإقليمية الأخرى، هو هروب عناصر تابعة لحركة حماس الفلسطينية - التي قادتها في خارج غزة على علاقات قوية بقيادات الملالي في طهران - من السجون المعتقلات المصرية، إلى جانب هروب عناصر موالية لإيران فيما يُعرفون باسم أعضاء خلية حزب الله في مصر ووصلوهم في وقت وجيز إلى قطاع غزة. على ضوء ذلك فمن غير المستبعد وجود مخطط إيراني محدد الملامح والأهداف لتنفيذ عمليات الهروب تلك بشكل منظم من المعتقلات والسجون المصرية. وعلى خلفية تدهور الأوضاع الداخلية في مصر، فمن المرشح أن تشهد الساحة اللبنانية أيضاً خلال الأيام القادمة حالة تصعيد غير مسبوقة من جانب حزب الله، الذي سيمارس المزيد من استعراض القوة على المعسكر السني في البلاد بدعم إيراني بعد أن أصبح موقفه على المحك بعد انهيار الأوضاع في مصر التي كانت أكبر داعم عربي سياسي له.
على أية حال فسقوط مصر في هاوية الفوضى بالشكل الذي نشاهده الآن سيمهد الطريق بلا شك أمام فرض السيطرة الإيرانية في لبنان والعراق والأراضي الفلسطينية والسودان، وسيزيد من سطوتها على منطقة الخليج العربي، لتصبح الحاكم الآمر بدون قوة رادعة.
ختاماً نؤكد أن هناك أطراف كثيرة قد حققت بالفعل مكاسب غير مسبوقة من التطورات الحالية التي تشهدها مصر، في إلى جانب إيران، هناك بالطبع الكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية، اللذان يحملان أجندات خاصة لا تختلف عن الأجندة الإيرانية، وفى النهاية مصر هي الفريسة.
بقلم / د. سامح عباس
انطلقت شرار انتفاضة الشباب في كافة ربوع الدولة المصرية وسط ذهول الأجهزة المخابراتية العالمية والمراكز البحثية الدولية التي عجزت تقديراتها وسنياريوهاتها التنبؤ حتى ولو بالقدر القليل من تطورات تلك الانتفاضة، التي تحولت وبفعل فاعل إلى حمام من الدماء غير مسبوق لم تشهده أرض الكنانة من قبل.
حقاً نجحت انتفاضة الشباب المصري التي انطلقت شعلتها الأولى يوم 25 يناير 2011 في إعادة ضخ الدماء للعروق التي كادت أن يصيبها الضمور من شدة السكون والصمت، وبثت روح الوجود والأمل، ليس فقط في أجساد المصريين، بل في كامل الجسد العربي والإسلامي بأن التغيير حلم قابل للتحقيق، وأنه لم يعد بعيد المنال، تفصله عنا حواجز فولاذية، وأسوار أسمنتية، تم بنائها على مدار سنوات طويلة متعاقبة من الخوف والترهيب، صوّرت لنا بأنه لا يمكن هدمها وإسقاطها، لكن ثورة الشباب المصري، كسرت كل التوقعات، وتجاوزت كافة التقديرات، لتكون مناراً يُشع نور الأمل في التخلص من أغلال الظلم والاستبداد.
لكن ما لبث أن تحولت الانتفاضة الشبابية المصرية المباركة إلى فريسة سمينة انقض عليها المتسلطون والمنتفعون وأصحاب الأجندات والمصالح الخارجية، لينقضوا عليها ويختلسوا مكاسبها، ويحولوها من ثورة سلمية لتغيير صورة الحياة في مصر بعد سنوات طويلة من الاستبداد والاستعباد، إلى فوضى غوغائية يختلط بها الحابل بالنابل، كما هو سائد حالياً على ألسنة مصريون كثيرون.
تدريجياً وكما هو غير متوقع تحولت تلك الانتفاضة المباركة إلى نموذج آخر، وصورة كاربونية مصغرة من صور الفوضى الخلاَّقة التي ابتدعها الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش لتحقيق أقصى حد من المكاسب، السياسية، الاقتصادية والعسكرية. وتثير الفوضى الخلاَّقة الحالية التي تشهدها أماكن متفرقة من مصر كثير من التساؤلات وعلامات التعجب المريبة حول التطور السريع غير المسبوق لثورة الشباب المصرية، التي باتت قنبلة متفجرة في كل وقت لا يدفع ثمنها سوى المصريون البسطاء.
أجندات خاصة:
بالفعل تعددت التحليلات والتعليقات السياسية التي رصدت التطور السريع للأحداث في مصر منذ 25 يناير، وتباينت المواقف حول الجهات والعناصر المحركة لتلك الثورة الشبابية التي لم تفرز حتى كتابة تلك السطور قيادة واحدة تتحدث باسمها وتعلن قائمة مطالبها، وهو ما يؤكد على شعبيتها وعدم ارتباطها بحزب أو حركة سياسية بعينها، لكن من الثابت والمؤكد وجود أجندات ومخططات سابقة التجهيز تُنسب لعناصر داخلية وخارجية على حد سواء، اجتمعت كلها في وقت واحد، وشرع كل عنصر من العناصر لتطبيقها في التوقيت الحالي، الذي بات نموذجياً، مستغلين حالة الصحوة الشبابية، وما أعقبها من حالة فوضى مستحكمة، ليشرع في تطبيقها بما يحقق له من مكاسب على المستويين الداخلي والإقليمي. على ضوء ذلك يمكننا تحديد تلك العناصر المستفيدة من سقوط مصر في بئر الفوضى، والذي لا قدر الله قد ينزلق على غير المتوقع لحرب أهلية لا يحمد عقباها، ولعل أحداث تصادم معسكري المولاة والمعارضة بميدان التحرير في يوم 2 فبراير 2011 لخير دليل على ذلك؛ بناءً عليه لا يمكننا استبعاد تورط عناصر من الحرس الثوري الإيراني، والموساد والـسي آي إيه، إلى جانب عناصر من جماعة الإخوان المسلمين وعناصر أخرى تابعة للنظام المصري الحاكم في خلق هذه الفوضى التي تشهدها مصر حالياً، بدلاً من أن تسير على مسارها الصحيح كثورة قومية.
الغريب أن كل هذه الأطراف قد التقت أهدافهم البغيضة، وغاياتهم المغرضة الدنيئة لتطبق في وقت واحد على الساحة المصرية، وهو ما تسبب في الفوضى الدامية التي تغرق فيها مصر حالياً. وعلى ضوء ما سبق يمكننا تحديد هوية أكبر الرابحون من السقوط المصري في هاوية الفوضى، لنضع أيدينا على أبعاد المخطط الحقيقي الذي تتعرض له مصر وشعبها الأبي الذي أصبح يخاف اليوم على أمنه وأمانه أكثر مما يخاف على قوت يومه ورغيف خبزه.
الرابح الأكبر:
على الرغم من أن الرابحين من حالة الفوضى الحالية التي تعيشها مصر هم كُثر، لكن تبدو إيران من خلال استقراء الأوضاع الحالية في مصر هي أكبر الرابحون من تدهورها وتراجعها. ولا يخفى على أحد الاستفزازات التي مارستها إيران ضد مصر في الآونة الأخيرة، وسعيها تحتها للتضييق عليها في عدد من الدول سواء على المستوى العربي أو الأفريقي. فالأجندة الإيرانية المستهدفة لمصر ممتدة من لبنان وغزة شرقاً، حتى السودان وإريتريا جنوباً، فإيران تواصل مطاردة مصر والتضييق عليها في كثير من الملفات الإقليمية والعربية، سواء بنفسها، أو من خلال العناصر التابعة لها التي تقوم على تنفيذ مخططاتها، ففي لبنان نجد إيران تستخدم حزب الله للعمل ضد مصر – ومعها المملكة العربية السعودية- في مساندة المعسكر السني. وفى القضية الفلسطينية تعمل إيران على تخريب الجهود المصرية لتحقيق المصالحة بين المتناحرين الفلسطينيين من خلال تحريض عناصر خارجية تابعة لحركة حماس، أو من خلال دفع التدخل القطري في الملف الفلسطيني، وفى الجنوب تلاعب إيران القاهرة بعدة أوراق في القارة الأفريقية.
على ضوء ذلك فإن زعزعة الاستقرار المصري يحقق لإيران أجندتها لفرض هيمنتها الإقليمية، فالأرباح الإيرانية كما يتصور البعض بأنها تكمن فقط في سقوط نظام الرئيس حسني مبارك، الذي كان بمثابة الشوكة في حلق قيادات الملالي، بعيداً عن استخدام مفاهيم الاستبداد والطغيان، لأنه لا يوجد أدنى فرق بين كلا النظامين في تلك النقطة، بل يمكن اعتبارها عامل مشترك وعنصر تقارب بينهما.
تطلعات إيرانية:
لكن وفي حقيقة الأمر شكَّل بالفعل نظام مبارك مع سابقه صدام حسين في العراق، متراس قوي ظل قائماً لسنوات طويلة أمام نشر التشيع الإيراني للعديد من الدول السنية والعربية، وتصدير الثورة الإيرانية ومبادئها لها. ومن المؤكد أن زعزعة الأوضاع بمصر في كافة المجالات يجعل وبدون شك إيران أكبر وأقوى دولة إسلامية في المنطقة العربية، الأمر الذي سيفسح لها المجال من جهة لممارسة عدوانيتها وبلطجتها على عدد من الدول العربية، كدولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين، واستكمال بسط سيطرتها على دول أخرى مثل لبنان والسودان، وذلك دون أن يكون أمامها رادع وقوة كبرى مثلما كانت تمثله مصر حتى وقت قريب. ولعل تصريحات وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي، بأن الانتفاضة في مصر ستساعد في إقامة شرق أوسط إسلامي، تؤكد على تطلع إيران لقيادة هذا النظام الشرق أوسطي الجديد بمفردها طبقاً لعقيدتها وتوجهاتها. ومما يكشف ضلوع إيران في إثارة الفوضى التي تشهدها مصر حالياً ومساهمتها في تحويل مسار الثورة الشبابية المصرية، تأكيدات صالحي بأن إيران ستعرض على المتظاهرين المساعدة، وأن طهران ستظل إلى جانبهم حتى تحقيق الحرية.
ولعل تلك التصريحات قد تحل بعض الألغاز والتساؤلات التي شابت حول اندساس عناصر مخربة ومثيرة للشغب وسط حركة الشباب من 25 يناير الذين أكدوا على مظاهراتهم السلمية، وتأكيد عدد من وسائل الإعلام على حصول البعض من معسكر المعارضين لنظام مبارك، على أموال طائلة شريطة مواصلة الاحتجاجات العنيفة لإثارة مزيد من القلاقل وأعمال الشغب.
هروب حمساوي:
ومن أكثر الأمور التي تثير التساؤلات والريبة في آن واحد حول إمكانية ضلوع الحرس الثوري الإيراني في إثارة أعمال الشغب والعنف في مصر، إلى جانب أجندات مصالح العناصر الإقليمية الأخرى، هو هروب عناصر تابعة لحركة حماس الفلسطينية - التي قادتها في خارج غزة على علاقات قوية بقيادات الملالي في طهران - من السجون المعتقلات المصرية، إلى جانب هروب عناصر موالية لإيران فيما يُعرفون باسم أعضاء خلية حزب الله في مصر ووصلوهم في وقت وجيز إلى قطاع غزة. على ضوء ذلك فمن غير المستبعد وجود مخطط إيراني محدد الملامح والأهداف لتنفيذ عمليات الهروب تلك بشكل منظم من المعتقلات والسجون المصرية. وعلى خلفية تدهور الأوضاع الداخلية في مصر، فمن المرشح أن تشهد الساحة اللبنانية أيضاً خلال الأيام القادمة حالة تصعيد غير مسبوقة من جانب حزب الله، الذي سيمارس المزيد من استعراض القوة على المعسكر السني في البلاد بدعم إيراني بعد أن أصبح موقفه على المحك بعد انهيار الأوضاع في مصر التي كانت أكبر داعم عربي سياسي له.
على أية حال فسقوط مصر في هاوية الفوضى بالشكل الذي نشاهده الآن سيمهد الطريق بلا شك أمام فرض السيطرة الإيرانية في لبنان والعراق والأراضي الفلسطينية والسودان، وسيزيد من سطوتها على منطقة الخليج العربي، لتصبح الحاكم الآمر بدون قوة رادعة.
ختاماً نؤكد أن هناك أطراف كثيرة قد حققت بالفعل مكاسب غير مسبوقة من التطورات الحالية التي تشهدها مصر، في إلى جانب إيران، هناك بالطبع الكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية، اللذان يحملان أجندات خاصة لا تختلف عن الأجندة الإيرانية، وفى النهاية مصر هي الفريسة.