ronya
2008-03-24, 03:36 PM
الصمت ومتاعب الزواج
مازال حديثنا متواصل عن آثار الصمت على الحياة الزوجية فنجد أن
الدكتور عادل صادق أستاذ الطب النفسي بجامعة القاهرة يشرح أبعاد المشكلة بشكل مختلف ويرصد الظاهرة في كتابه (متاعب الزواج) بقوله:
يشكو الرجل من أن زوجته نكدية، وأن بيته قطعة من الجحيم، وحين يعود إلى بيته تداهمه الكآبة، إذ يطالعه وجه زوجته الغاضب الحاد النافر المتجاهل الصامت.. بيت خال من الضحك والسرور ويغيب عنه التفاؤل مثلما تغيب الشمس عن بيت فتلتهمه الأمراض.
يقول: في بيتي مرض اسمه النكد، ويرجع السبب كله إلى زوجته ويدعي أنه لا يفهم لماذا هي نكدية..
لماذا تختفي الابتسامة من وجهها معظم الوقت ويحل محلها الغضب والوعيد؟
ولماذا هي لا تتكلم؟ لماذا لا ترد؟
والحقيقة أن هذا الزوج لا يعرف أن زوجته بصمتها الغاضب إنما هي تدعوه للكلام.
إنها تصدر إليه رسالة حقيقية.. إنها رسالة سلبية ولكن هذه طريقتها لأنهما لم يتعودا معاً- الزوج والزوجة- على طريقة أكثر إيجابية في التفاهم.. ويقلق الزوج.. يكتئب هو أيضاً.. ثم يغلي في داخله.. يم ينفجر.. وتشتعل النيران وبذلك تكون الزوجة قد نجحت، فقد استفزته إلى حد الخروج عن توازنه، لأنها ضغطت على أهم شيء يوجع رجولته وهو التجاهل، أي عدم الاعتراف بوجوده.. أي اللامبالاة، ولكن هذه ليست حقيقة مشاعرها فهي تغلي أيضاً لأنها غاضبة.. غاضبة من شيء ما.. ولكنها لا تستطيع أن تتكلم فهذا هو طبعها وربما يمنعها كبرياؤها.. فهذا الزوج يخطئ في حقها وهو لا يدري أنه يخطئ وأن أخطاءه ربما تكون غير إنسانية.. ربما يتجاهلها عاطفياً.. ربما بخله يزداد من دون داع حقيقي.. ربما أصبح سلوكاً مريباً.. ربما وربما وربما وهناك عشرات الاحتمالات، ولكنه لا يدري أو هو غافل، أو يعرف ويتجاهل، وهو لا يدري أنها تتألم، أي أنه فقد حساسيته، ولكنها لا تتكلم، لا تفصح عن مشاعرها الغاضبة، وربما لأنها أمور حساسة ودقيقة، ربما لأن ذلك يوجع كرامتها، ربما لأنهما لم يعتادا أن يتكلما، ولهذا فهي لا تملك إلا هذه الوسيلة السلبية للتعبير، وهي في الوقت نفسه وسيلة لعقاب التجاهل.
وإذا بادل الزوج زوجته صمتاً بصمت وتجاهلاً بتجاهل فإن ذلك يزيد من حدة غضبها وربما تصل لمرحلة الثورة والانفجار فتنتهز فرصة أي موقف وإن كان بعيداً عن القضية الأساسية لتثير زوبعة.
لقد استمر في الضغط عليها حتى دفعها للانفجار، ضغط عليها بصمته وتجاهله رداً على صمتها وتجاهلها وتلك أسوأ النهايات أو أسوأ السيناريوهات فهي – أي الزوجة – تصمت وتتجاهل لتثير وتحرق أعصابه وتهز كيانه وتزلزل إحساسه بذاته ليسقط ثائراً هائجاً وربما محطماً. وهنا تهدأ الزوجة داخلياً ويسعدها سقوطه الثائر، حتى وإن زادت الأمور اشتعالاً وشجاراً تتطاير فيه الأطباق وترتفع فيه الأصوات وهذا هو شأن التخزين الانفعالي للغضب.
وتتراكم تدريجياً مشاعر الغضب حتى يفيض الكيل وتتشقق الأرض قاذفة بالحمم واللهب فتعم الحرائق. قد يستمر هذا الأسلوب في التعامل والتفاعل سنوات وسنوات وهذا يؤدي إلى تآكل الأحاسيس الطيبة ويقلل من رصيد الذكريات الزوجية الحلوة ويزيد من الرصيد السلبي المر.
ويعتادان على حياة خالية من التفاهم وخالية من السرور ويصبح البيت فعلاً قطعة من جحيم فتنطوي الزوجة على نفسها ويهرب الزوج من البيت، وتتسع الهوة.
المودة والرحمة
وهذا معناه أننا أمام مشكلة زوجية تحتاج إلى رعاية.. فكلاهما يعاني، وكلاهما غاضب، وكلاهما خائف، وكل منهما يتهم الآخر ويحمله النصيب الأكبر من المسؤولية ويرى نفسه ضحية، أي لا يوجد استبصار ولا توجد بصيرة.
الخطأ الأكبر الذي يقع فيه الزوجان أن يجعلا المشاكل تتراكم دون مواجهة، دون توضيح، دون حوار، دون أن يواجه كل منهما الآخر بأخطائه أولاً بأول، دون أن يعبر كل منهما عن قلقه ومخاوفه وتوقعاته وآلامه وهمومه.. يجب أن يرفع كل منهما شكواه إلى الآخر بكلمات واضحة وصوت مسموع ونبرة ودودة ويجب الاستمرار والمثابرة والإلحاح في عرض الشكوى حتى تصل إلى ضمير الطرف الآخر.
قد يكون تجاهل الزوج لمتاعب الزوجة ليس عن قصد أو سوء نية أو خبث، ولكن لأنه لا يعلم، لأنها لم تتحدث إليه، لأنها لم تعبر بشكل مباشر.. ربما لأنها تعتقد بأنه يجب أن يراعي مشاعرها دون أن تحتاج هي أن تشير له إلى ذلك، ربما تود أن يكون حساساً بالدرجة الكافية، ربما تتمنى هي أن يترفع هو عن أفعال وسلوكيات تضايقها وتحرجها.
وهذا جميل وحقيقي، جميل أن يكون لديها هذه التصورات وهذه الأمنيات المثالية، ولكن الأمر يحتاج أيضاً إلى تنبيه رقيق كإشارة مهذبة أو تلميح راق أو كلمات تمتلئ ذوقاً وحياء دون مباشرة.
ولا مانع خصوصاً في الأمور المهمة والحساسة والدقيقة من المواجهة المباشرة والحوار الموضوعي، فهذا حق كل منهما على الآخر وهذا هو واجب كل منهما تجاه الآخر وهذا هو أصل المعنى في المودة والرحمة، لأن الزوجين اللذين وصلا إلى هذه المرحلة من الاستفزاز المتبادل يكون قد غاب عنهما تماماً المعنى الحقيقي للمودة والرحمة.
والحقيقة أن أي إنسان مقدم على الزواج- رجلاً أو امرأة- يجب أن يكون متفهماً بقلبه وعقله وروحه المعاني الحقيقية لأعظم كلمتين: المودة والرحمة.
حتى لا يضيق بها
وينصح د.محمد شعلان أستاذ الأمراض النفسية المرأة بألا تلجأ إلى الحديث مع زوجها في أمور لا تتناسب مع طبيعته كشراء متعلقاتها وزينتها لأن الرجل بطبيعته لا يستوعب الإحساس الغامر بالبهجة الذي تشعر به المرأة تجاه هذه الأشياء التي ينظر إليها بسطحية.
ويجب على المرأة أيضاً ألا تناقش الأمور المالية مع زوجها بصفة مستمرة حتى لا يضيق بها فهو يفهم الأمر وفق منظومته الخاصة، ولن يتوصلا إلى شيء!
فالحديث معه عن مسائل المكياج والتجميل يشعره بعدم الشغف بمناقشة الأمور معك.
ويمكن أن تشارك المرأة زوجها الحديث عن مشاريعه وتخطط له من خلال رؤيتها طريق النجاح السريع وتشيد بمجهوده في العمل وما يكابده في سبيل النجاح حتى يكون الزوج مبتهجاً.
وإذا حدث عكس ذلك فمهما حاولت شد انتباهه إلى الإثارة والتعقيد في عملية تصفيف الشعر مثلا فسيهز رأسه ويحول بصره نحو التليفزيون أو نحو الجريدة التي يقرأها وكأنه لم يسمع شيئاً.
جذب انتباه الزوجة
وتحدد د.زينب أبو العلا أستاذ الاجتماع بجامعة حلوان أسباب الصمت المطبق بين الزوجين، وتقول: تبحث المرأة عن وسيلة لاستجلاب عطف زوجها حتى يستمع إليها باهتمام لكي تفرغ أمامه الشحنة المخزونة، وعندما تتزوج المرأة تتصور أن الرجل يعاملها بالمنطلق نفسه الذي كان يتعامل معها به في أثناء الخطبة وكثيراً ما تحاول المرأة لفت انتباه الزوج بصور مختلفة
مثل إصابتها بحالة من الإعياء أو بنزلة برد
وفي بعض الأحيان تكون استجابة الزوج جافة فينعكس على الزوج بالإحباط وأحياناً يلجأ الزوج للأسلوب نفسه فيدعي أيضاً إصابته بأي مرض لاستدرار عطف الزوجة.
ظاهرة عالمية
ويبدو أن ظاهرة الصمت الزواجي أصبحت شبه عالمية: ففي تقرير لمجلة "بونته" الألمانية توضح الإحصائيات أن تسعا من كل عشر سيدات يعانين من صمت الأزواج، وانعدام المشاعر بين الأزواج المرتبطين منذ أكثر من خمس سنوات، وتشير الأرقام إلى أن 79% من حالات الانفصال تكون بسبب معاناة المرأة من انعدام المشاعر، وعدم تعبير الزوج عن عواطفه لها، وعدم وجود حوار يربط بينهما.
أما د.كارل جيك المتخصص في علاج المشكلات الزوجية فيحلل أسباب عزوف الرجال عن التحدث عن مشاعرهم لزوجاتهم بقوله: " إن ذلك ميراث طويل؛ فقد كان الرجل في القديم مسؤولاً عن العالم الخارجي من تأمين الأسرة، وتوفير الغذاء لها، وكان يحقق ذاته من خلال الفعل والعمل؛ أي عن طريق أشياء مادية يمكن للجميع رؤيتها. واليوم يتحدث الرجال ويتناقشون عن كيفية زيادة العائدات في العمل والتغلب على المنافسة".
أما بالنسبة للمرأة فإنها على مرّ تاريخها كانت المسؤولة عن رعاية المكان والأسرة والمشاعر، أي أن مسؤوليتها تتركز في العالم الداخلي، وكانت تستخلص شعورها بذاتها فقط من خلال مدى انسجام الحياة الأسرية وتوافقها، وظل الرجل لعهد طويل يحتل داخل الأسرة المكانة الرئيسية كمسؤول، وبالتالي فإنه ليس لديه شريك يتحاور معه في ندية.
وكانت المرأة تجري مثل هذه الحوارات مع الصديقات، واكتسبت المرأة طوال آلاف السنين الخبرة والتدريب على الأحاديث الخاصة بالمشاعر والتعبير عنها، ويعتبر ذلك مجالا جديداً على الرجل.
ويمضي د.جيك موضحاً أن شكوى المرأة من صمت الرجل وانعدام الحوار هي نتيجة مترتبة على تغير التوقعات في العلاقة الزوجية؛ فقبل جيل أو جيلين كانت المرأة تشعر بالرضا في زواجها إذا وفر الزوج دخلا معقولاً ولم يُسئ معاملتها أو يضربها أو لم يدخل في حياتها امرأة أخرى
اتمنى الفائدة لجميع المتزوجين نصيحتي لكما لو صادفتكم مشكلة انصحكم بالحوار ثم الحوار ثم الحوار للوصول الى حلول
مازال حديثنا متواصل عن آثار الصمت على الحياة الزوجية فنجد أن
الدكتور عادل صادق أستاذ الطب النفسي بجامعة القاهرة يشرح أبعاد المشكلة بشكل مختلف ويرصد الظاهرة في كتابه (متاعب الزواج) بقوله:
يشكو الرجل من أن زوجته نكدية، وأن بيته قطعة من الجحيم، وحين يعود إلى بيته تداهمه الكآبة، إذ يطالعه وجه زوجته الغاضب الحاد النافر المتجاهل الصامت.. بيت خال من الضحك والسرور ويغيب عنه التفاؤل مثلما تغيب الشمس عن بيت فتلتهمه الأمراض.
يقول: في بيتي مرض اسمه النكد، ويرجع السبب كله إلى زوجته ويدعي أنه لا يفهم لماذا هي نكدية..
لماذا تختفي الابتسامة من وجهها معظم الوقت ويحل محلها الغضب والوعيد؟
ولماذا هي لا تتكلم؟ لماذا لا ترد؟
والحقيقة أن هذا الزوج لا يعرف أن زوجته بصمتها الغاضب إنما هي تدعوه للكلام.
إنها تصدر إليه رسالة حقيقية.. إنها رسالة سلبية ولكن هذه طريقتها لأنهما لم يتعودا معاً- الزوج والزوجة- على طريقة أكثر إيجابية في التفاهم.. ويقلق الزوج.. يكتئب هو أيضاً.. ثم يغلي في داخله.. يم ينفجر.. وتشتعل النيران وبذلك تكون الزوجة قد نجحت، فقد استفزته إلى حد الخروج عن توازنه، لأنها ضغطت على أهم شيء يوجع رجولته وهو التجاهل، أي عدم الاعتراف بوجوده.. أي اللامبالاة، ولكن هذه ليست حقيقة مشاعرها فهي تغلي أيضاً لأنها غاضبة.. غاضبة من شيء ما.. ولكنها لا تستطيع أن تتكلم فهذا هو طبعها وربما يمنعها كبرياؤها.. فهذا الزوج يخطئ في حقها وهو لا يدري أنه يخطئ وأن أخطاءه ربما تكون غير إنسانية.. ربما يتجاهلها عاطفياً.. ربما بخله يزداد من دون داع حقيقي.. ربما أصبح سلوكاً مريباً.. ربما وربما وربما وهناك عشرات الاحتمالات، ولكنه لا يدري أو هو غافل، أو يعرف ويتجاهل، وهو لا يدري أنها تتألم، أي أنه فقد حساسيته، ولكنها لا تتكلم، لا تفصح عن مشاعرها الغاضبة، وربما لأنها أمور حساسة ودقيقة، ربما لأن ذلك يوجع كرامتها، ربما لأنهما لم يعتادا أن يتكلما، ولهذا فهي لا تملك إلا هذه الوسيلة السلبية للتعبير، وهي في الوقت نفسه وسيلة لعقاب التجاهل.
وإذا بادل الزوج زوجته صمتاً بصمت وتجاهلاً بتجاهل فإن ذلك يزيد من حدة غضبها وربما تصل لمرحلة الثورة والانفجار فتنتهز فرصة أي موقف وإن كان بعيداً عن القضية الأساسية لتثير زوبعة.
لقد استمر في الضغط عليها حتى دفعها للانفجار، ضغط عليها بصمته وتجاهله رداً على صمتها وتجاهلها وتلك أسوأ النهايات أو أسوأ السيناريوهات فهي – أي الزوجة – تصمت وتتجاهل لتثير وتحرق أعصابه وتهز كيانه وتزلزل إحساسه بذاته ليسقط ثائراً هائجاً وربما محطماً. وهنا تهدأ الزوجة داخلياً ويسعدها سقوطه الثائر، حتى وإن زادت الأمور اشتعالاً وشجاراً تتطاير فيه الأطباق وترتفع فيه الأصوات وهذا هو شأن التخزين الانفعالي للغضب.
وتتراكم تدريجياً مشاعر الغضب حتى يفيض الكيل وتتشقق الأرض قاذفة بالحمم واللهب فتعم الحرائق. قد يستمر هذا الأسلوب في التعامل والتفاعل سنوات وسنوات وهذا يؤدي إلى تآكل الأحاسيس الطيبة ويقلل من رصيد الذكريات الزوجية الحلوة ويزيد من الرصيد السلبي المر.
ويعتادان على حياة خالية من التفاهم وخالية من السرور ويصبح البيت فعلاً قطعة من جحيم فتنطوي الزوجة على نفسها ويهرب الزوج من البيت، وتتسع الهوة.
المودة والرحمة
وهذا معناه أننا أمام مشكلة زوجية تحتاج إلى رعاية.. فكلاهما يعاني، وكلاهما غاضب، وكلاهما خائف، وكل منهما يتهم الآخر ويحمله النصيب الأكبر من المسؤولية ويرى نفسه ضحية، أي لا يوجد استبصار ولا توجد بصيرة.
الخطأ الأكبر الذي يقع فيه الزوجان أن يجعلا المشاكل تتراكم دون مواجهة، دون توضيح، دون حوار، دون أن يواجه كل منهما الآخر بأخطائه أولاً بأول، دون أن يعبر كل منهما عن قلقه ومخاوفه وتوقعاته وآلامه وهمومه.. يجب أن يرفع كل منهما شكواه إلى الآخر بكلمات واضحة وصوت مسموع ونبرة ودودة ويجب الاستمرار والمثابرة والإلحاح في عرض الشكوى حتى تصل إلى ضمير الطرف الآخر.
قد يكون تجاهل الزوج لمتاعب الزوجة ليس عن قصد أو سوء نية أو خبث، ولكن لأنه لا يعلم، لأنها لم تتحدث إليه، لأنها لم تعبر بشكل مباشر.. ربما لأنها تعتقد بأنه يجب أن يراعي مشاعرها دون أن تحتاج هي أن تشير له إلى ذلك، ربما تود أن يكون حساساً بالدرجة الكافية، ربما تتمنى هي أن يترفع هو عن أفعال وسلوكيات تضايقها وتحرجها.
وهذا جميل وحقيقي، جميل أن يكون لديها هذه التصورات وهذه الأمنيات المثالية، ولكن الأمر يحتاج أيضاً إلى تنبيه رقيق كإشارة مهذبة أو تلميح راق أو كلمات تمتلئ ذوقاً وحياء دون مباشرة.
ولا مانع خصوصاً في الأمور المهمة والحساسة والدقيقة من المواجهة المباشرة والحوار الموضوعي، فهذا حق كل منهما على الآخر وهذا هو واجب كل منهما تجاه الآخر وهذا هو أصل المعنى في المودة والرحمة، لأن الزوجين اللذين وصلا إلى هذه المرحلة من الاستفزاز المتبادل يكون قد غاب عنهما تماماً المعنى الحقيقي للمودة والرحمة.
والحقيقة أن أي إنسان مقدم على الزواج- رجلاً أو امرأة- يجب أن يكون متفهماً بقلبه وعقله وروحه المعاني الحقيقية لأعظم كلمتين: المودة والرحمة.
حتى لا يضيق بها
وينصح د.محمد شعلان أستاذ الأمراض النفسية المرأة بألا تلجأ إلى الحديث مع زوجها في أمور لا تتناسب مع طبيعته كشراء متعلقاتها وزينتها لأن الرجل بطبيعته لا يستوعب الإحساس الغامر بالبهجة الذي تشعر به المرأة تجاه هذه الأشياء التي ينظر إليها بسطحية.
ويجب على المرأة أيضاً ألا تناقش الأمور المالية مع زوجها بصفة مستمرة حتى لا يضيق بها فهو يفهم الأمر وفق منظومته الخاصة، ولن يتوصلا إلى شيء!
فالحديث معه عن مسائل المكياج والتجميل يشعره بعدم الشغف بمناقشة الأمور معك.
ويمكن أن تشارك المرأة زوجها الحديث عن مشاريعه وتخطط له من خلال رؤيتها طريق النجاح السريع وتشيد بمجهوده في العمل وما يكابده في سبيل النجاح حتى يكون الزوج مبتهجاً.
وإذا حدث عكس ذلك فمهما حاولت شد انتباهه إلى الإثارة والتعقيد في عملية تصفيف الشعر مثلا فسيهز رأسه ويحول بصره نحو التليفزيون أو نحو الجريدة التي يقرأها وكأنه لم يسمع شيئاً.
جذب انتباه الزوجة
وتحدد د.زينب أبو العلا أستاذ الاجتماع بجامعة حلوان أسباب الصمت المطبق بين الزوجين، وتقول: تبحث المرأة عن وسيلة لاستجلاب عطف زوجها حتى يستمع إليها باهتمام لكي تفرغ أمامه الشحنة المخزونة، وعندما تتزوج المرأة تتصور أن الرجل يعاملها بالمنطلق نفسه الذي كان يتعامل معها به في أثناء الخطبة وكثيراً ما تحاول المرأة لفت انتباه الزوج بصور مختلفة
مثل إصابتها بحالة من الإعياء أو بنزلة برد
وفي بعض الأحيان تكون استجابة الزوج جافة فينعكس على الزوج بالإحباط وأحياناً يلجأ الزوج للأسلوب نفسه فيدعي أيضاً إصابته بأي مرض لاستدرار عطف الزوجة.
ظاهرة عالمية
ويبدو أن ظاهرة الصمت الزواجي أصبحت شبه عالمية: ففي تقرير لمجلة "بونته" الألمانية توضح الإحصائيات أن تسعا من كل عشر سيدات يعانين من صمت الأزواج، وانعدام المشاعر بين الأزواج المرتبطين منذ أكثر من خمس سنوات، وتشير الأرقام إلى أن 79% من حالات الانفصال تكون بسبب معاناة المرأة من انعدام المشاعر، وعدم تعبير الزوج عن عواطفه لها، وعدم وجود حوار يربط بينهما.
أما د.كارل جيك المتخصص في علاج المشكلات الزوجية فيحلل أسباب عزوف الرجال عن التحدث عن مشاعرهم لزوجاتهم بقوله: " إن ذلك ميراث طويل؛ فقد كان الرجل في القديم مسؤولاً عن العالم الخارجي من تأمين الأسرة، وتوفير الغذاء لها، وكان يحقق ذاته من خلال الفعل والعمل؛ أي عن طريق أشياء مادية يمكن للجميع رؤيتها. واليوم يتحدث الرجال ويتناقشون عن كيفية زيادة العائدات في العمل والتغلب على المنافسة".
أما بالنسبة للمرأة فإنها على مرّ تاريخها كانت المسؤولة عن رعاية المكان والأسرة والمشاعر، أي أن مسؤوليتها تتركز في العالم الداخلي، وكانت تستخلص شعورها بذاتها فقط من خلال مدى انسجام الحياة الأسرية وتوافقها، وظل الرجل لعهد طويل يحتل داخل الأسرة المكانة الرئيسية كمسؤول، وبالتالي فإنه ليس لديه شريك يتحاور معه في ندية.
وكانت المرأة تجري مثل هذه الحوارات مع الصديقات، واكتسبت المرأة طوال آلاف السنين الخبرة والتدريب على الأحاديث الخاصة بالمشاعر والتعبير عنها، ويعتبر ذلك مجالا جديداً على الرجل.
ويمضي د.جيك موضحاً أن شكوى المرأة من صمت الرجل وانعدام الحوار هي نتيجة مترتبة على تغير التوقعات في العلاقة الزوجية؛ فقبل جيل أو جيلين كانت المرأة تشعر بالرضا في زواجها إذا وفر الزوج دخلا معقولاً ولم يُسئ معاملتها أو يضربها أو لم يدخل في حياتها امرأة أخرى
اتمنى الفائدة لجميع المتزوجين نصيحتي لكما لو صادفتكم مشكلة انصحكم بالحوار ثم الحوار ثم الحوار للوصول الى حلول