ذو الفقار
2008-03-25, 10:14 PM
قال تعالى:﴿ إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى * أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ ﴾( طه: 38- 39 ).
لماذا إستخدم الله اللفظ اقذفيه ولم يقل ألقيه ؟
قام بالرد على السؤال: فضيلة الأستاذ محمد إسماعيل عتوك الباحث في الإعجاز البلاغي في القرآن الكريم:
قيل: المراد بالقذف في التابوت: الوضع فيه. والمراد بالقذف في اليم: الإلقاء فيه ؛ كما قال تعالى في آية أخرى:﴿ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ ﴾( القصص: 7 ). وقيل: يجوز أن يكون المراد بالقذف في الموضعين: الوضع. وعليه يكون معنى الآية: واذكر يا موسى إذ أوحينا إلى أمك أن ضعيه في التابوت، فضعيه في اليم، فليلقه اليم في الساحل.. هذا هو المشهور في كتب التفسير.
وحقيقة القول في ذلك:
أولاً- أن الوضع في اللغة هو الإلقاء. يقال: وضع الشيء: ألقاه، ووضعت المرأة ما في بطنها: ألقته، والفعل: وضع يضع وضعاً. والموضع: محل إلقاء الشيء.. أما الإلقاء فهو رميك الشيء برفق ولين، من أعلى إلى أسفل، حيث تلقاه. أي: تراه. يقال: ألقى الشيء يلقيه إلقاء.. وأما القذف فهو رميك الشيء بقوة وعنف، من غير مهلة، حيث لا تلقاه. أي: لا تراه. يقال: قذف الشيء يقذفه قذفًا. فهو أعم من الإلقاء، ومن الوضع. والإلقاء أعم من الوضع. فكل قذف هو إلقاء ووضع، وليس كل وضع وإلقاء بقذف.
ثانيًا- ولكون القذف أعم من الإلقاء والوضع، أطلق على الوضع في التابوت، وعلى الإلقاء في اليم ؛ لأن السياق يتطلب السرعة والقوة والشدة:﴿ إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى * أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ ﴾. فهنا إيحاء بالقذف في التابوت، وبالقذف في اليم، وهو أمر يتطلب السرعة والقوة والشدة ؛ وذلك لإخفاء الرضيع وأمره على فرعون وجنوده.
قال ابن عاشور:« القذف هنا مجاز عن المسارعة إلى الوضع، من غير تمهل لشيء أصلاً، إشارة إلى أنه فعل مضمون السلامة، كيفما كان ».
وهذا المعنى لا يصلح له فعل الوضع، ولا فعل الإلقاء، بخلاف الإيحاء بالإلقاء بالساحل:﴿ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ ﴾، فهذا لا يتطلب قوة ولا شدة ولا سرعة ؛ لأن الطفل الرضيع قد أصبح في مكان آمن بعد أن أصبح في اليم.. وكذلك هو خلاف الإلقاء في اليم في قوله تعالى:﴿ وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ ﴾( القصص: 7 ) ؛ لأن خوف الأم على ابنها هنا لم يقع بعدُ، وقد سبقه الإيحاء إليها بإرضاعه ؛ ولهذا قال تعالى هنا: فإذا خفت عليه فألقيه، وقال هناك: فاقذفيه، عقب الإيحاء مباشرة، دون أن يسبق القذف شيء.
ثالثًا- ومثل ذلك قوله تعالى:﴿ وَقَذَفَ فِى قُلُوبِهِمُ الرعب ﴾ (الأحزاب: 26 ).
وقوله تعالى:﴿ سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ ﴾ (آل عمران: 151 ).
استعير فعل القذف في الآية الأولى لحصول الرعب بسرعة في قلوبهم دفعة واحدة، دون سابق تأمل، وبلا سبب. واستعير فعل الإلقاء في الآية الثانية لجعل الرعب في قلوب الذين كفروا مستقبلاً ؛ ولهذا قال تعالى: سنلقي، بالسين الدالة على المسقبل القريب، والتأكيد بحصول الرعب في قلوب الذين كفروا. ولو قيل: سنقذف أو سنضع، لكان خلفًا من الكلام، لا يتناسب مع بلاغة القرآن وبيانه.
لماذا إستخدم الله اللفظ اقذفيه ولم يقل ألقيه ؟
قام بالرد على السؤال: فضيلة الأستاذ محمد إسماعيل عتوك الباحث في الإعجاز البلاغي في القرآن الكريم:
قيل: المراد بالقذف في التابوت: الوضع فيه. والمراد بالقذف في اليم: الإلقاء فيه ؛ كما قال تعالى في آية أخرى:﴿ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ ﴾( القصص: 7 ). وقيل: يجوز أن يكون المراد بالقذف في الموضعين: الوضع. وعليه يكون معنى الآية: واذكر يا موسى إذ أوحينا إلى أمك أن ضعيه في التابوت، فضعيه في اليم، فليلقه اليم في الساحل.. هذا هو المشهور في كتب التفسير.
وحقيقة القول في ذلك:
أولاً- أن الوضع في اللغة هو الإلقاء. يقال: وضع الشيء: ألقاه، ووضعت المرأة ما في بطنها: ألقته، والفعل: وضع يضع وضعاً. والموضع: محل إلقاء الشيء.. أما الإلقاء فهو رميك الشيء برفق ولين، من أعلى إلى أسفل، حيث تلقاه. أي: تراه. يقال: ألقى الشيء يلقيه إلقاء.. وأما القذف فهو رميك الشيء بقوة وعنف، من غير مهلة، حيث لا تلقاه. أي: لا تراه. يقال: قذف الشيء يقذفه قذفًا. فهو أعم من الإلقاء، ومن الوضع. والإلقاء أعم من الوضع. فكل قذف هو إلقاء ووضع، وليس كل وضع وإلقاء بقذف.
ثانيًا- ولكون القذف أعم من الإلقاء والوضع، أطلق على الوضع في التابوت، وعلى الإلقاء في اليم ؛ لأن السياق يتطلب السرعة والقوة والشدة:﴿ إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى * أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ ﴾. فهنا إيحاء بالقذف في التابوت، وبالقذف في اليم، وهو أمر يتطلب السرعة والقوة والشدة ؛ وذلك لإخفاء الرضيع وأمره على فرعون وجنوده.
قال ابن عاشور:« القذف هنا مجاز عن المسارعة إلى الوضع، من غير تمهل لشيء أصلاً، إشارة إلى أنه فعل مضمون السلامة، كيفما كان ».
وهذا المعنى لا يصلح له فعل الوضع، ولا فعل الإلقاء، بخلاف الإيحاء بالإلقاء بالساحل:﴿ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ ﴾، فهذا لا يتطلب قوة ولا شدة ولا سرعة ؛ لأن الطفل الرضيع قد أصبح في مكان آمن بعد أن أصبح في اليم.. وكذلك هو خلاف الإلقاء في اليم في قوله تعالى:﴿ وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ ﴾( القصص: 7 ) ؛ لأن خوف الأم على ابنها هنا لم يقع بعدُ، وقد سبقه الإيحاء إليها بإرضاعه ؛ ولهذا قال تعالى هنا: فإذا خفت عليه فألقيه، وقال هناك: فاقذفيه، عقب الإيحاء مباشرة، دون أن يسبق القذف شيء.
ثالثًا- ومثل ذلك قوله تعالى:﴿ وَقَذَفَ فِى قُلُوبِهِمُ الرعب ﴾ (الأحزاب: 26 ).
وقوله تعالى:﴿ سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ ﴾ (آل عمران: 151 ).
استعير فعل القذف في الآية الأولى لحصول الرعب بسرعة في قلوبهم دفعة واحدة، دون سابق تأمل، وبلا سبب. واستعير فعل الإلقاء في الآية الثانية لجعل الرعب في قلوب الذين كفروا مستقبلاً ؛ ولهذا قال تعالى: سنلقي، بالسين الدالة على المسقبل القريب، والتأكيد بحصول الرعب في قلوب الذين كفروا. ولو قيل: سنقذف أو سنضع، لكان خلفًا من الكلام، لا يتناسب مع بلاغة القرآن وبيانه.