مشاهدة النسخة كاملة : السلسلة الصحيحة للالباني
ساجدة لله
2010-10-20, 05:30 AM
2750 " مم تضحكون ? قالوا : من دقة ساقيه . فقال : [ والذي نفسي بيده لـ ] هي أثقل
في الميزان من أحد " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 570 :
أخرجه أحمد ( 1 / 420 - 421 ) و كذا الطيالسي ( رقم 355 ) و ابن سعد ( 3 / 155
) من طريق حماد بن سلمة عن عاصم بن بهدلة عن زر بن حبيش عن # عبد الله # قال :
كنت أجتني لرسول الله صلى الله عليه وسلم من الأراك , قال : فضحك القوم من دقة
ساقي , فقال النبي صلى الله عليه وسلم : فذكره , و السياق لابن سعد , و الزيادة
للآخرين . قلت : و هذا إسناد حسن , و هو صحيح بطرقه الكثيرة عند الطبراني (
8453 و 8454 و 8517 ) , و ابن سعد , و بشواهده الآتية : الأول : عن معاوية بن
قرة عن أبيه قال : كان ابن مسعود على شجرة يجتني لهم منها , فهبت ريح , فكشف
لهم عن ساقيه , فضحكوا .. الحديث . أخرجه ابن جرير الطبري في " التهذيب " (
مسند علي / 163 / 262 - شاكر ) و الطبراني في " الكبير " ( 19 / 28 / 59 ) و
الحاكم ( 3 / 317 ) من طريق سهل بن حماد أبي عتاب الدلال : حدثنا شعبة قال :
حدثنا معاوية بن قرة به . و قال الحاكم : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي .
قلت : بل هو على شرط مسلم , فإن رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير الدلال فهو
من أفراد مسلم , و قد خولف كما يأتي , و قرة والد معاوية صحابي معروف , فلا يضر
عدم إخراج مسلم له . و أخرجه الطيالسي في " مسنده " ( 1078 ) قال : حدثنا شعبة
عن معاوية بن قرة أن ابن مسعود .. الحديث فأرسله . و قال يونس بن حبيب - راوي
المسند - : " هكذا رواه أبو داود , و قال غير أبي داود عن شعبة عن معاوية بن
قرة عن أبيه " . قلت : و هذا أصح إن شاء الله تعالى . الثاني : عن أم موسى قالت
: سمعت عليا رضي الله عنه يقول : أمر النبي صلى الله عليه وسلم ابن مسعود فصعد
على شجرة أمره أن يأتيه بشيء , فنظر أصحابه إلى ساق عبد الله بن مسعود ..
الحديث . أخرجه أحمد ( 1 / 114 ) و ابن سعد و ابن جرير ( 162 / 19 و 20 ) و أبو
يعلى ( 1 / 409 و 446 ) و من طريقه الضياء ( 2 / 421 ) و ابن أبي عاصم في "
الوحدان " ( ق 21 / 2 ) و الطبراني في " الكبير " ( 9 / 97 / 8516 ) و قال ابن
جرير : " إسناده صحيح " . قلت : و لعله يعني صحيح بما قبله من الشاهدين , و إلا
فقد أعله هو بعلتين اثنتين , إحداهما قادحة , فقال : " و الثانية : أن أم موسى
لا تعرف في نقلة العلم , و لا يعلم راو روى عنها غير مغيرة , و لا يثبت بمجهول
من الرجال في الدين حجة , فكيف مجهولة من النساء ?! " . قلت : و هذه فائدة خلت
منها كتب الرجال , و هي تصريح هذا الإمام بجهالة أم موسى هذه , فقد جاء في "
التهذيب " : " روى عنها مغيرة بن مقسم الضبي , قال الدارقطني : حديثها مستقيم ,
يخرج حديثها اعتبارا . و قال العجلي : كوفية تابعية ثقة " . قلت : و هذا
التوثيق غير معتمد لأنها في حكم المجهولة التي لا تعرف , فهو جار على طريقة ابن
حبان في توثيقه للمجهولين , كما هو معلوم , و العجلي هو عمدة الهيثمي في توثيقه
إياه في قوله في " المجمع " ( 9 / 288 - 289 ) : " رواه أحمد و أبو يعلى و
الطبراني , و رجالهم رجال الصحيح غير أم موسى , و هي ثقة " . و لذلك لم يزد
الحافظ على قوله فيها : " مقبولة " . قلت : يعني عند المتابعة , و هو ما أفاده
كلام الدارقطني المتقدم , و قد توبعت كما تقدم , فهو حسن لغيره , خلافا للمعلق
على " أبي يعلى " و على " الضياء " ! و الله أعلم .
2751 " نحن يوم القيامة على كوم فوق الناس , فتدعى الأمم بأوثانها و ما كانت تعبد ,
الأول فالأول , ثم يأتينا ربنا بعد ذلك فيقول : ما تنتظرون ? فيقولون : ننتظر
ربنا , فيقول : أنا ربكم , فيقولون : حتى ننظر إليك , فيتجلى لهم يضحك ,
فيتبعونه " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 573 :
أخرجه أحمد ( 3 / 345 ) و الدارمي في " الرد على الجهمية " ( ص 58 ) من طريق
ابن لهيعة عن أبي الزبير قال : سألت # جابرا # رضي الله عنه عن الورود ?
فأخبرني أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : فذكره . قلت : و هذا
إسناد صحيح , رجاله ثقات غير ابن لهيعة , فإنه قد ضعف من قبل حفظه , و لكن هذا
الحديث مما حفظه , لأنه قد تابعه عليه ابن جريج قال : أخبرني أبو الزبير أنه
سمع جابر بن عبد الله به , إلا أنه لم يصرح برفعه , لكن له حكم الرفع كما هو
ظاهر , لاسيما و قد صرح برفعه في بعض الطرق عنه , و في غيرها كما يأتي . و قد
رواه عنه ثلاثة من الثقات : الأول : أبو عاصم - و هو الضحاك بن مخلد النبيل ,
ثقة ثبت - قال : حدثنا ابن جريج به موقوفا , لكنه قال في آخره : " قال : فيتجلى
لهم - قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول - يضحك " . أخرجه أبو
عوانة في " صحيحه " ( 1 / 139 ) . و إسناده صحيح , رجاله كلهم ثقات . الثاني :
حجاج بن محمد عن ابن جريج به موقوفا . أخرجه أبو عوانة , و عبد الله بن أحمد في
" السنة " ( ص 48 ) بإسنادهما الصحيح عنه . الثالث : روح بن عبادة , و رواه عنه
جمع : أولهم : الإمام أحمد , فقال : حدثنا روح بن عبادة حدثنا ابن جريج به .
أخرجه في " المسند " ( 3 / 383 ) و في " السنة " ( ص 47 ) و من طريقه ابن منده
في " الإيمان " ( 3 / 802 - 803 ) و ابن أبي عاصم في " السنة " ( 47 - 48 ) و
اللالكائي في " الشرح " ( 3 / 482 / 835 ) . و ثانيهم : إسحاق بن منصور - و هو
ابن بهرام - من تلامذة الإمام أحمد , و هو ثقة من رجال الشيخين , فقال مسلم في
" صحيحه " ( 1 / 122 ) : حدثني عبيد الله بن سعيد و إسحاق بن منصور كلاهما عن
روح به . و ثالثهم : عبيد الله بن سعيد - و هو اليشكري - ثقة مأمون . أخرجه
مسلم في رواية مسلم المذكورة آنفا . و ثلاثتهم اتفقوا على قوله : " فيتجلى لهم
يضحك " , لكن اختلف فيه على إسحاق بن منصور , فرواه مسلم عنه هكذا و تابعه محمد
بن نعيم و محمد بن شاذان قالا : حدثنا إسحاق بن منصور به . أخرجه ابن منده ( 3
/ 804 ) من طريق محمد بن يعقوب الشيباني عنهما . و الشيباني هذا هو ابن الأخرم
, و هو ثقة حافظ مترجم في " تذكرة الحفاظ " و غيره . و خالفه علي بن محمد عن
محمد بن نعيم : حدثنا إسحاق بن منصور به , إلا أنه زاد : " و سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول : حتى تبدو لهواته و أضراسه " . أخرجه ابن منده عقب
رواية ابن الخرم , و قال : " و لم يذكر من تقدم هذا " . قلت : يشير إلى أن هذه
الزيادة منكرة أو شاذة على الأقل لتفرد علي بن محمد بها , و هو علي بن محمد بن
نصر , فإنه فيه بعض اللين كما في " تاريخ بغداد " ( 12 / 76 ) و " الميزان "
لاسيما و قد زادها على الحافظ ابن الأخرم , و قد أشار صاحبنا الدكتور علي بن
محمد بن ناصر الفقيهي في تعليقه على " الإيمان " إلى تفرد علي بن محمد بن نصر
هذا بهذه الزيادة , و إلى ما فيه من اللين , و لكنه قد فاته أنه قد توبع , فقال
أبو عوانة ( 1 / 139 ) : و حدثني عبد الله بن أحمد بن حنبل و أحمد أخي قالا :
حدثنا إسحاق بن منصور به , إلا أنه قال : " أو أضراسه " . قلت : أحمد أخو أبي
عوانة لم أعرفه , لكن عبد الله بن أحمد بن حنبل ثقة مشهور , و بذلك تبرأ ذمة
ابن نصر من مسؤولية هذه الزيادة , و يتبين أنها محفوظة عن إسحاق بن منصور ,
برواية عبد الله بن أحمد و قرينه عنه , لكن ذلك مما لا يجعل النفس تطمئن لكونها
محفوظة في الحديث , و ذلك لما يأتي : أولا : أن مسلما رواه عن إسحاق بدون
الزيادة كما تقدم . ثانيا : أنه قد خالفه الإمام أحمد و عبيد الله بن سعيد
فروياه عن روح بن عبادة دون الزيادة كما سبق , و اثنان أحفظ من واحد , لاسيما و
أحدهما أحمد , و هو جبل في الحفظ , و بخاصة أن إسحاق قد وافقهما في رواية مسلم
عنه . ثالثا : أننا لو سلمنا أن إسحاق قد حفظها عن روح بن عبادة , و لم تكن
وهما منه عليه , فإن مما لا شك فيه , أن رواية من رواه عن روح بدونها أرجح ,
لموافقتها لرواية الثقتين الأولين أبي عاصم و حجاج بن محمد الخالية من الزيادة
. رابعا : أنني وجدت للحديث طريقا أخرى عن جابر فيها بيان أن هذه الزيادة
موقوفة منسوبة للنبي صلى الله عليه وسلم من فعله , فقد أخرج الآجري في "
الشريعة " ( ص 282 ) من طريق وهب بن منبه عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى
الله عليه وسلم في قصة الورود قال : " فيتجلى لهم ربهم عز وجل يضحك " . قال
جابر : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك حتى تبدو لهواته . قلت : و
إسناده حسن , و فيه بيان خطأ رواية من روى عن إسحاق رفع بدو اللهوات , و أن
الصواب فيه الوقف يقينا . و الله سبحانه و تعالى أعلم . هذا و للحديث شاهد من
حديث أبي هريرة نحوه مضى تخريجه برقم ( 756 ) و لجملة تجليه تعالى ضاحكا شواهد
, منها عن أبي موسى الأشعري تقدم أيضا برقم ( 755 ) . و قد أخرجها الدارقطني في
" النزول " ( 48 / 33 ) من طريق يحيى بن إسحاق أبي زكريا السيلحيني : حدثنا ابن
لهيعة عن أبي الزبير بسنده المتقدم . و يحيى هذا قال الحافظ : ( 2 / 420 ) : "
هو من قدماء أصحاب ابن لهيعة " .
2752 " إن هذا الحي من مضر , لا تدع لله في الأرض عبدا صالحا إلا فتنته و أهلكته حتى
يدركها الله بجنود من عباده , فيذلها حتى لا تمنع ذنب تلعة " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 576 :
أخرجه أحمد ( 5 / 390 ) و البزار ( 4 / 127 / 3360 ) و الحاكم ( 4 / 469 - 470
) و ابن عساكر ( 8 / 809 ) من طريق قتادة عن أبي الطفيل قال : انطلقت أنا و
عمرو بن صليع حتى أتينا #حذيفة #, قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول : فذكره . و قال الحاكم : " هذا حديث صحيح على شرط الشيخين " . و وافقه
الذهبي . و له طريقان آخران , بل ثلاثة طرق : الأول : عن عبد الرحمن بن ثروان
<1> عن عمرو بن حنظلة قال : قال حذيفة : " والله لا تدع مضر عبدا لله مؤمنا إلا
فتنوه أو قتلوه , أو يضربهم الله و الملائكة و المؤمنون , حتى لا يمنعوا ذنب
تلعة " . فقال له رجل : أتقول هذا يا عبد الله ! و أنت رجل من مضر ? قال : لا
أقول إلا ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم . أخرجه أحمد ( 5 / 395 ) و ابن
أبي شيبة في " المصنف " ( 15 / 111 / 19249 ) و من طريقه الطبراني في " الأوسط
" ( 2 / 110 / 2 / 6727 ) من طريق عبد الله بن نمير : حدثنا الأعمش عن عبد
الرحمن بن ثروان به . و قال الطبراني : " لم يروه عن الأعمش إلا عبد الله بن
نمير " . قلت : هو ثقة من رجال الشيخين , و كذلك من فوقه إلا عمرو بن حنظلة ,
قال الحافظ في " التعجيل " : " وثقه ابن حبان , و ذكره ابن أبي حاتم , و لم
يذكر فيه جرحا " . قلت : و لم أره في التابعين من " ثقات ابن حبان " - طبعة
الهند بتحقيق الأفغاني , فقلت : لعله أورده في أتباع التابعين , لأنه لم يصرح
بسماعه من حذيفة , فرجعت إلى النسخة المصورة عندي فلم أجده فيهم أيضا <2> . ثم
إن قول الطبراني المذكور آنفا غير مسلم , لأن الحاكم قد أخرجه في " المستدرك "
( 4 / 470 ) من طريق أبي عوانة عن الأعمش به . فقد تابع ابن نمير أبو عوانة , و
قال الحاكم : " حديث صحيح على شرط الشيخين " ! و وافقه الذهبي ! و هو وهم ظاهر
, لأن عمرو بن حنظلة ليس من رجالهما على ما فيه من الجهالة التي أشار إليها
الحافظ في " التعجيل " . الطريق الثاني : عن عبد الجبار بن العباس الشبامي (
الأصل : الشامي ) عن أبي قيس - قال عبد الجبار : أراه - عن هزيل قال : قام
حذيفة خطيبا في دار عامر بن حنظلة , فيها التميمي و المضري , فقال : ليأتين على
مضر يوم لا يدعون لله عبدا يعبده إلا قتلوه , أو ليضربن ضربا لا يمنعون ذنب
تلعة , أو أسفل تلعة . فقيل : يا أبا عبد الله تقول هذا لقومك , أو لقوم أنت -
يعني - منهم ? قال : لا أقول - يعني - إلا ما سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول . أخرجه أحمد ( 5 / 404 ) قلت : و هذا إسناد جيد , إن كان الشبامي -
نسبة إلى " شبام " جبل باليمن - قد حفظه , فإنه ثقة , و كذا من فوقه و تحته , و
أبو قيس هو عبد الرحمن بن ثروان المتقدم في الطريق الأولى من رواية الأعمش عنه
. و لا شك أن الأعمش أحفظ من الشبامي , و لاسيما و قد شك هذا في إسناده بقوله :
" أراه عن هزيل " , فأخشى أن يكون لم يحفظه . و الله أعلم . الثالث : عن منصور
بن المعتمر عن ربعي عن حذيفة قال : ادنوا يا معشر مضر ! فوالله لا تزالون بكل
مؤمن تفتنونه و تقتلونه حتى يضربكم الله و ملائكته و المؤمنون حتى لا تمنعوا
بطن تلعة . قالوا : فلم تدنينا و نحن كذلك ? قال : إن منكم سيد ولد آدم , و إن
منكم سوابق كسوابق الخيل . أخرجه ابن أبي شيبة ( 15 / 111 / 19248 ) و البزار (
3362 ) . قلت : و إسناده صحيح على شرط الشيخين , و ربعي هو ابن حراش . ثم وجدت
لربعي شيخا آخر فقال : حدثنا سيف بن وهب قال : قال لي أبو الطفيل : كم أتى عليك
? ... الحديث , و فيه أن عمرو بن ضليع كانت له صحبة , و أنه دخل على حذيفة فقال
له : كيف أصبحت ? ... و فيه أن حذيفة حدثه بهذا الحديث نحوه . أخرجه البخاري في
" الأدب المفرد " ( رقم 1135 ) , و حسن الحافظ إسناده في " الإصابة " , و لعله
يعني أنه حسن لغيره , لهذه الطرق , و إلا فسيف لين الحديث عنده في " التقريب "
, و من هذا الوجه أخرجه ابن عساكر أيضا . و للحديث شاهد بنحوه , و لفظه : "
لتضربن مضر عباد الله حتى لا يعبد لله اسم , و ليضربنهم المؤمنون حتى لا يمنعوا
ذنب تلعة " . أخرجه أحمد ( 3 / 86 - 87 ) : حدثنا خلف بن الوليد حدثنا عباد بن
عباد عن مجالد ابن سعيد عن أبي الوداك عن أبي سعيد الخدري مرفوعا . قلت : و هذا
إسناد ضعيف , رجاله ثقات غير مجالد بن سعيد , و ليس بالقوي كما في " التقريب "
. و قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 7 / 313 ) : " رواه أحمد , و فيه مجالد
بن سعيد , وثقه النسائي , و ضعفه جماعة , و بقية رجاله ثقات " . قلت : إنما
وثقه النسائي مرة , و قال مرة أخرى : ليس بالقوي , كما في " التهذيب " , و قد
أورده في كتابه " الضعفاء و المتروكون " , و قال ( رقم 552 ) : " كوفي ضعيف " .
و خلف بن الوليد ثقة من رجال " التعجيل " , و قد تابعه إبراهيم بن زياد , سبلان
قال : حدثنا عباد بن عباد به دون قوله : " و ليضربنهم المؤمنون .. " . أخرجه
اللالكائي في " أصول السنة " ( 1 / 210 / 342 ) . و عزاه السيوطي في " الجامع
الكبير " لأحمد وحده , و وقع فيه : " .. حتى لا يعبد الله " , فكأنه تحرف على
الناسخ قوله : " حتى لا يعبد لله اسم " . و استدل به اللالكائي على أن الاسم و
المسمى واحد , و نعم الدليل لو صح بهذا اللفظ . و الله أعلم .
-----------------------------------------------------------
[1] بسكون الراء كما قيده الحافظ ابن حجر .
[2] ثم وجدته في طبعة المعارف الهندية ( 5 / 173 ) برواية أبي قيس الأودي , و
هو عبد الرحمن بن ثروان كما يأتي في الكلام على الطريق الثاني . اهـ .
2753 " قل : " اللهم عالم الغيب و الشهادة فاطر السماوات و الأرض , رب كل شيء و
مليكه أشهد أن لا إله إلا أنت أعوذ بك من شر نفسي و شر الشيطان و شركه " . قله
إذا أصبحت و إذا أمسيت و إذا أخذت مضجعك " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 580 :
حديث صحيح , يرويه يعلى بن عطاء قال : سمعت عمرو بن عاصم الثقفي يقول : سمعت #
أبا هريرة # يقول : قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه : يا رسول الله ! مرني
بشيء أقوله إذا أصبحت و إذا أمسيت . قال : فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح ,
الثقفي هذا وثقه أحمد و ابن حبان . و يعلى بن عطاء ثقة من رجال مسلم , و قد
رواه عنه شعبة و هشيم . أما الأول , فرواه عنه جمع من الثقات : 1 - أبو داود
الطيالسي , قال في " مسنده " ( 2582 ) : حدثنا شعبة به . و من طريق الطيالسي
أخرجه الترمذي ( 3389 ) و قال : " حديث حسن صحيح " . 2 - محمد بن جعفر , غندر ,
قال ابن أبي شيبة ( 10 / 237 / 9323 ) و أحمد ( 2 / 297 ) قالا : حدثنا محمد
جعفر حدثنا شعبة به . و أخرجه البخاري في " خلق أفعال العباد " ( ص 74 و 94 -
هندية ) و النسائي في " الكبرى " ( 4 / 408 / 7714 ) قالا : حدثنا محمد بن بشار
: حدثنا غندر به , إلا أنه وقع في الموضع الثاني من " الأفعال " زيادة يأتي
الكلام عليها إن شاء الله . 3 - سعيد بن الربيع : حدثنا شعبة به . أخرجه
البخاري في " الأفعال " , و في " الأدب المفرد " ( رقم 1202 ) . 4 - سعيد بن
عامر عن شعبة به . أخرجه الدارمي ( 2 / 292 ) : أخبرنا سعيد بن عامر به . 5 -
النضر بن شميل : حدثنا شعبة به . أخرجه ابن حبان في " صحيحه " ( 2349 - موارد )
. 6 و 7 - بهز و عفان قالا : حدثنا شعبة به . أخرجه أحمد ( 1 / 9 و 10 ) . و
أخرجه النسائي في " اليوم و الليلة " ( 795 ) و الطبراني في " الدعاء " ( 2 /
923 / 288 ) من طرق أخرى عن شعبة به . و أما الآخر : هشيم , فرواه عنه جمع آخر
من الثقات عن يعلى به . أخرجه البخاري في " الأفعال " و " الأدب " , و أبو داود
( 5067 ) و النسائي ( 4 / 401 / 7691 و 403 / 7699 ) و الحاكم ( 1 / 513 ) و
أبو يعلى في " مسنده " ( 1 / 26 ) و ابن السني في " عمل اليوم و الليلة " ( رقم
43 ) من طرق عنه , و قال الحاكم : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي , و صرح
عنده هشيم بالسماع . ( تنبيه ) : حديث أبي هريرة هذا أورده ابن تيمية في "
الكلم الطيب " ( رقم 42 ) برواية الترمذي فقط إلى قوله : " و شركه " . و قال
ابن تيمية عقبه : " و في رواية : " و أن أقترف على نفسي سوءا , أو أجره إلى
مسلم , قله إذا أصبحت .. " . قال الترمذي : حديث حسن صحيح " . فعلقت عليه بأن
هذه الرواية ليست عند الترمذي من حديث أبي هريرة , و إنما من حديث ابن عمرو .
ثم رأيت ابن القيم قد زاد على شيخه وهما على وهم في " الوابل الصيب " فحذف قوله
: " و في رواية " ! فصارت الزيادة صراحة في حديث الترمذي عن أبي هريرة ! و هو
خطأ ظاهر . و لم يتعرض الشيخ إسماعيل الأنصاري في تعليقه على " الوابل " ( ص
202 ) كعادته لبيان هذا الوهم , و إنما قال : إنه قد جاء قوله : " أن أقترف ..
" في حديث أبي هريرة عند البخاري في " خلق أفعال العباد " , ثم ساق إسناده من
طريق محمد بن بشار عن غندر . و قد علمت أن هذه الزيادة لم تقع عند البخاري في
الموضع الأول . و هي بلا شك ليست في حديث غندر , لأن أحمد رواه عنه كذلك , فهي
زيادة شاذة عن شعبة لمخالفتها لرواية جمع الثقات عنه , و متابعة هشيم له كما
تقدم . فلعلها مدرجة من بعض النساخ . نعم هي ثابتة في حديث ابن عمرو و أبي مالك
كما ذكرت هناك في التعليق على " الكلم الطيب " ( ص 33 ) و يأتي تخريجها ( 2763
) . و وجدت لها طريقا أخرى من رواية ليث عن مجاهد قال : قال أبو بكر الصديق :
.. فذكر نحوه بالزيادة . أخرجه أحمد ( 1 / 14 ) . قلت : و هو مرسل , و ليث - و
هو ابن أبي سليم - ضعيف . ( تنبيه آخر ) لقد تحرفت جملة : " و رب كل شيء و
مليكه " إلى جملة شاذة بمرة " كل شيء بكفيك " , هكذا وقعت في " الأدب المفرد "
في كل الطبعات التي وقفت عليها , و منها الهندية , و هي أصحها . و كذلك وقعت في
متن شرح الشيخ فضل الله الجيلاني ! و هي خطأ بلا شك من بعض نساخ " الأدب " ,
لمخالفتها لكل مصادر الحديث المتقدمة , و منها " أفعال العباد " للبخاري مؤلف "
الأدب " مما لا يبقى أدنى ريب في خطئها . و الحديث مما ضعفه ( حسان الهدام )
بدون حجة أو برهان , و لم يرض بتصحيح من تقدم ذكره و غيرهم مما لم نذكره هنا ,
و إنما اقتصر على تحسينه إياه على استحياء ! مشككا فيه بقوله فيه : " حديث حسن
إن شاء الله تعالى " , و قد أكثر من مثل هذا التشكيك في كثير من الأحاديث
الصحيحة في تخريجه لكتاب ابن القيم " إغاثة اللهفان " , و كتم صحة حديث ابن
عمرو , و قد بينت ذلك كله في ردي عليه رقم ( 29 ) .
2754 " كان إذا أراد أن ينام وضع يده تحت خده الأيمن , و يقول : اللهم قني عذابك يوم
تبعث عبادك " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 584 :
ورد من حديث # البراء بن عازب و حذيفة بن اليمان و حفصة بنت عمر # . 1 - أما
حديث البراء فيرويه أبو إسحاق السبيعي , و قد اختلف عليه في إسناده على وجوه :
الأول : عنه عن البراء به . رواه سفيان الثوري عنه به . أخرجه البخاري في "
الأدب المفرد " ( 1215 ) و النسائي في " عمل اليوم و الليلة " ( 449 / 753 -
تحقيق الدكتور فاروق ) و أحمد ( 4 / 290 و 298 و 303 ) و كذلك رواه زكريا - و
هو ابن أبي زائدة - عنه به . أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 9 / 76 / 6588
و 10 / 251 / 9360 ) . و كذلك رواه يونس بن عمرو - و هو ابن أبي إسحاق - قال :
قال أبي : حدثني البراء ابن عازب به . أخرجه أبو يعلى في " مسنده " ( 2 / 472 )
و عنه ابن حبان في " صحيحه " ( 2350 - الموارد ) من طريق يونس بن بكير عنه و في
( اليونسين ) كلام من جهة حفظهما , فيخشى أن يكون أحدهما أخطأ في ذكر التحديث
بين أبي إسحاق و البراء , و لاسيما و قد رواه أبو يعلى بالسند نفسه عن أبي
إسحاق عن أبي عبيدة عن أبيه , يعني ابن مسعود , و قد توبع كما يأتي . و كذلك
رواه شعبة عن أبي إسحاق به . أخرجه الطيالسي في " مسنده " ( 709 ) و النسائي (
751 ) لكنه قد خولف كما يأتي . و كذلك رواه أبو الأحوص عن أبي إسحاق به . أخرجه
ابن حبان ( 2351 ) . و كذلك رواه جمع آخر عنه عند النسائي فلا نطيل الكلام
بذكرهم , فإن فيمن ذكرنا كفاية . الوجه الثاني : رواه إسرائيل عن أبي إسحاق عن
عبد الله بن يزيد الأنصاري عن البراء بن عازب به . أخرجه أحمد ( 4 / 300 و 301
) و النسائي ( 450 / 755 ) . و عبد الله بن يزيد الأنصاري - و هو الخطمي -
صحابي صغير . الوجه الثالث : يرويه شعبة عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة و رجل آخر
عن البراء به . أخرجه أحمد ( 4 / 281 ) و أبو يعلى ( 2 / 477 ) و النسائي ( 754
) . الوجه الرابع : رواه إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة عن أبيه عبد الله
مرفوعا به . أخرجه النسائي ( 756 ) و ابن ماجه ( 3923 - الأعظمي ) و ابن أبي
شيبة ( 9 / 76 / 6589 و 10 / 251 / 9361 ) . و تابعه يونس بن عمرو عن أبيه أبي
إسحاق عند أبي يعلى في رواية كما تقدم في الوجه الأول . الوجه الخامس : رواه
إبراهيم بن يوسف بن أبي إسحاق عن أبيه عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن البراء به .
أخرجه النسائي ( 758 ) و الترمذي ( 3396 ) و قال : " هذا حديث حسن غريب من هذا
الوجه " . قلت : و إبراهيم هذا صدوق من رجال الشيخين , و لكنه يهم كما في "
التقريب " . ثم أشار الترمذي إلى هذه الوجوه الخمسة من الاختلاف , و لم يذكر
الراجح منها . و الذي يتبين لي أن أصحها الوجه الثالث , لأن الثوري و شعبة أحفظ
من أصحاب الوجوه الأخرى من جهة , و لأنهما سمعا من أبي إسحاق قبل اختلاطه من
جهة أخرى . ثم إن رواية شعبة أرجح من رواية الثوري لأمرين : أحدهما : أن فيها
زيادة الواسطة بين أبي إسحاق و البراء , و زيادة الثقة مقبولة , و الآخر : أن
أبا إسحاق كان مدلسا , و قد ذكروا أن شعبة كان لا يروي عنه ما دلسه <1> و عليه
فالإسناد من هذا الوجه صحيح , لأن أبا عبيدة بن عبد الله بن مسعود ثقة و معه
الرجل الآخر الذي قرن به , فهو و إن لم يسم , فإنه ينفعه و لا يضره . و الله
أعلم . 2 - و أما حديث حذيفة , فرواه عنه عن ربعي بن حراش عنه مرفوعا . أخرجه
الترمذي ( 3395 ) و الحميدي ( 444 ) و أحمد ( 5 / 382 ) عن سفيان بن عيينة عن
عبد الملك بن عمير عنه . و قال الترمذي : " حديث حسن صحيح " . قلت : و هو على
شرط الشيخين , و هو عند البخاري ( 6312 ) و في " الأدب المفرد " ( 1205 ) و ابن
حبان ( 5507 ) و أحمد ( 5 / 385 و 397 و 399 و 407 ) و النسائي ( 747 ) من طريق
الثوري عن عبد الملك به , لكن بلفظ : " باسمك أموت و أحيا " , و زاد : " و إذا
قام قال : الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا و إليه النشور " . ثم رواه هو (
6314 ) و ( 6324 ) و أحمد ( 5 / 387 ) و البغوي في " شرح السنة " <2> , و
الترمذي ( 3413 ) و صححه , و النسائي ( 857 - 860 ) من طرق أخرى عن عبد الملك و
غيره به . 3 - و أما حديث حفصة , فيرويه عاصم بن بهدلة [ عن معبد بن خالد ] عن
سواء الخزاعي عنها به , و زاد : " ثلاث مرار " . أخرجه أبو داود ( 5045 ) و ابن
أبي شيبة ( 10 / 250 / 9358 ) و أحمد ( 6 / 287 و 288 ) و أبو يعلى ( 4 / 1675
و 1681 ) و ابن السني في " عمل اليوم و الليلة " ( 231 - 232 ) و كذا النسائي
فيه ( 452 / 761 ) من طرق عن عاصم به . و ما بين القوسين لأبي داود و رواية
للنسائي و ابن السني . و ليس عند ابن أبي شيبة زيادة " ثلاث مرار " , و هو
رواية لأبي يعلى . قلت : و في النفس من ثبوت هذه الزيادة شيء , و ذلك لأمور :
أولا : لأن مدارها على سواء الخزاعي , و لم يوثقه غير ابن حبان , و أشار الذهبي
إلى تليين توثيقه , فقال في " الكاشف " : " وثق " . و كذا الحافظ بقوله في "
التقريب " : " مقبول " . قلت : و عليه فهو مجهول , و لا يعكر عليه أنه روى عنه
ثقات ثلاثة : المسيب بن رافع و معبد بن خالد و عاصم بن بهدلة كما في " التهذيب
" , لأني أقول : إن عاصما هو الراوي عن الأولين , و هو معروف بشيء من الضعف ,
فأخشى أنه لم يحفظ إسناده , و اضطرب فيه , فمرة قال : " عن سواء " , مباشرة , و
أحيانا رواه بواسطة أحدهما , و هذا أصح , لأنه من رواية الثقات عن عاصم , و
الأولى من رواية حماد بن سلمة عنه , و في روايته عن غير ثابت البناني كلام
معروف . و ثانيا : لعدم اتفاق الرواة لحديثه عليها كما سبق . و ثالثا : عدم
ورودها في حديث البراء و حذيفة . و الله أعلم . و أما الحافظ فقد تناقض , فإنه
قال في " الفتح " ( 11 / 115 ) و قد ذكر الحديث من رواية أبي إسحاق عن البراء :
" و سنده صحيح . و أخرجه النسائي أيضا بسند صحيح عن حفصة و زاد : ( و يقول ذلك
ثلاثا ) " ! قلت : و وجه التناقض أنه يعلم أن أبا إسحاق هذا مدلس مشهور بذلك
كما قال هو نفسه في " طبقات المدلسين " , أورده في الطبقة الثالثة , و هي طبقة
من أكثر من التدليس فلم يحتج الأئمة من أحاديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع , و
منهم من رد حديثهم مطلقا , و منهم من قبلهم , كأبي الزبير المكي . و إذا كان
الأمر كذلك فكيف يصحح إسناده و هو قد عنعنه , أضف إلى ذلك أن غيره من الثقات -
و فيهم شعبة - قد أدخل بين أبي إسحاق و البراء واسطة , فلو أنه صحح إسناده من
رواية شعبة عنه , لكان أصاب , لما سبق بيانه . و كذلك تصحيحه لسند حديث حفصة ,
و بالزيادة , و هو يعلم أن فيه سواء الخزاعي , و قد قال فيه في " التقريب " : "
مقبول " , كما تقدم . يعني عند المتابعة , كما نص عليه في المقدمة , و إن لم
يتابع فلين الحديث . و هو لم يتابع كما عرفت , فتصحيح الحديث و الحالة هذه خطأ
أيضا . و الله أعلم , أضف إلى ذلك أن الزيادة ( ثلاث مرار ) لم ترد في الحديثين
الصحيحين : حديث البراء و حديث حذيفة , و بذلك يتبين أن قول الشيخ عبد القادر
أرناؤوط في تعليقه على " الوابل الصيب " ( ص 127 ) : " و هو حديث صحيح " . فهو
غير صحيح , و هو كثيرا ما يقول هذا في بعض الأحاديث توهما أو تقليدا . و الله
أعلم . ( تنبيه ) : هذا الدعاء " اللهم قني .. " قد جاء في " صحيح مسلم " و
غيره من طريق ثابت بن عبيد عن عبيد بن البراء عن البراء بلفظ : " كنا إذا صلينا
خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم أحببنا أن نكون عن يمينه يقبل علينا بوجهه .
قال : فسمعته يقول : رب قني عذابك يوم تبعث ( أو تجمع ) عبادك " . و عبيد هذا
ليس بالمشهور , حتى أن البخاري لما ذكره في " التاريخ الكبير " ( 3 / 1 / 443 )
لم يزد فيه على قوله : " عن أبيه " ! و نحوه في " الجرح و التعديل " ( 2 / 2 /
402 ) إلا أنه قال : " روى عنه محارب بن دثار " . و لم يزد في " التهذيب " عليه
سوى ثابت بن عبيد هذا , و لم ينقل توثيقه عن أحد سوى العجلي . و فاته أن ابن
حبان وثقه أيضا , فذكره في " الثقات " ( 5 / 135 ) لكنه غمز من حفظه , فقال و
لم يزد : " عن أبيه , لم يضبطه " . قلت : و كأنه يشير إلى هذا الحديث , فإن
قوله : " فسمعته يقول .. " ظاهره أنه سمعه يقول ذلك بعد الصلاة إذا أقبل عليهم
بوجهه , و هو مخالف لكل الطرق المتقدمة عن البراء - و بعضها صحيح - أنه صلى
الله عليه وسلم كان يقوله عند النوم , فتكون رواية عبيد هذه شاذة في أحسن
الأحوال . و لعله لذلك لم يذكر أبو داود و ابن ماجه ( 1006 ) هذا الدعاء مع
الحديث . و هو مخرج في " صحيح أبي داود " ( 628 ) . و الله أعلم . ( تنبيه آخر
) : عزاه ابن تيمية في " الكلم الطيب " ( 36 / 29 ) للشيخين , و تبعه ابن القيم
في " الوابل " و لم يروه مسلم كما تقدم , و كما في " التحفة " ( 3 / 23 - 24 )
.
-----------------------------------------------------------
[1] قال : ثلاثة كفيتكم تدليسهم : فذكر أبا إسحاق .
[2] و عزاه المعلق عليه لمسلم أيضا , و هو من أوهامه , و إنما هو عنده من حديث
البراء بن عازب . اهـ .
2755 " إذا أصاب أحدكم غم أو كرب فليقل : الله , الله ربي لا أشرك به شيئا " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 590 :
أخرجه ابن حبان في " صحيحه " ( 2369 - موارد ) و الطبراني في " المعجم الأوسط "
( 2 / 22 / 2 / 5423 ) من طريق إبراهيم بن محمد بن عرعرة بن البرند : حدثنا
عتاب بن حرب أبو بشر حدثنا أبو عامر الخزاز عن ابن أبي مليكة عن # عائشة # :
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجمع أهل بيته فيقول : فذكره . و قال الطبراني
:
" لم يروه عن أبي عامر الخزار إلا عتاب , تفرد به إبراهيم بن محمد بن عرعرة " .
قلت : و هو ثقة حافظ من شيوخ مسلم . لكن شيخه عتاب بن حرب أبو بشر ضعفوه , و
تناقض فيه ابن حبان , انظر " اللسان " . و من فوقه من رجال مسلم , على ضعف في
أبي عامر الخزار , و اسمه صالح بن رستم . و الحديث عزاه الهيثمي في " المجمع "
( 10 / 137 ) لأوسط الطبراني , و لم يتكلم عليه بشيء , و لعله سقط من الناسخ أو
الطابع , و تبعه على ذلك الشوكاني في " تحفة الذاكرين " ( ص 195 ) . و للحديث
شاهدان من حديث ابن عباس و أسماء بنت عميس . 1 - و أما حديث ابن عباس فيرويه
عبيد الله بن محمد التيمي : حدثنا صالح بن عبد الله أبو يحيى عن عمرو بن مالك
النكري عن أبي الجوزاء عن ابن عباس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ
بعضادتي الباب و نحن في البيت , فقال : يا بني عبد المطلب هل فيكم أحد من غيركم
? قالوا : ابن أخت لنا . فقال : " ابن أخت القوم منهم " . ثم قال : " يا بني
عبد المطلب إذا نزل بكم كرب أو جهد أو لأواء فقولوا : الله , الله ربنا لا شريك
له " . أخرجه الطبراني في " الكبير " ( 12 / 170 / 12788 ) و " الأوسط " ( 2 /
235 / 1 / 8639 ) و " الدعاء " ( 117 / 2 ) و قال : " لم يروه عن أبي الجوزاء
إلا عمرو بن مالك , و لا عن عمرو إلا صالح بن عبد الله , تفرد به ابن أبي عائشة
" . قلت : و هو ثقة , و كذلك من فوقه غير صالح بن عبد الله , كذا وقع في
المصدرين المذكورين , و في " الميزان " : " صالح بن عبيد الله الأزدي عن أبي
الجوزاء . قال أبو الفتح الأزدي : في القلب منه شيء " . كذا فيه : " عبيد "
مصغرا , و كذا في " اللسان " , و زاد : " و قال العقيلي : بصري , يكنى أبا يحيى
, عن عمرو بن مالك إسناده غير محفوظ , و المتن معروف بغير هذا الإسناد , و قال
البخاري : فيه نظر " . قلت : و لم أره في " الجرح و التعديل " , و لا في "
التاريخ الكبير " و " التاريخ الصغير " للبخاري . هذا و لعل العقيلي يشير بقوله
: " و المتن معروف بغير هذا الإسناد " إلى حديث أسماء الآتي , و هو : 2 - و أما
حديث أسماء بنت عميس , فله عنها طريقان : الأول : يرويه مجمع بن يحيى : حدثني
أبو العيوف صعب أو صعيب العنزي قال : سمعت أسماء بنت عميس تقول : سمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم بأذني هاتين يقول : فذكره نحوه , و لفظه : " من أصابه
هم أو غم أو سقم أو شدة فقال : " الله ربي لا شريك له " كشف ذلك عنه " . أخرجه
البخاري في " التاريخ الكبير " ( 2 / 2 / 328 / 3006 ) و الطبراني في " المعجم
الكبير " ( 24 / 154 / 396 ) و " الدعاء " أيضا . قلت : و رجاله ثقات غير أن
أبا العيوف لم يوثقه غير ابن حبان , لكن قد ذكر له في " الثقات " ( 3 / 119 )
راويا آخر غير مجمع بن يحيى و هو أبو الغريف الهمداني , و هو تابعي ثقة أيضا و
اسمه عبد الله بن خليفة , و له عنده ترجمة ( 3 / 147 ) , فهو - أعني أبا العيوف
- ممن يستشهد به , إن لم يكن حسن الحديث لذاته . و الله أعلم . و الطريق الآخر
: يرويه عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز عن هلال مولى عمر بن عبد العزيز , عن
عمر بن عبد العزيز عن عبد الله بن جعفر عن أمه أسماء بنت عميس قالت : علمني
رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن عند الكرب : " الله , الله ربي , لا
أشرك به شيئا " . أخرجه البخاري في " التاريخ الكبير " ( 2 / 2 / 329 ) و أبو
داود ( 1525 ) و ابن ماجه ( 3928 ) و كذا النسائي في " عمل اليوم و الليلة " (
رقم 649 ) و ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 10 / 196 / 9205 ) و أحمد ( 6 / 369
) و الطبراني في " المعجم الكبير " ( 24 / 135 / 363 ) و " الدعاء " أيضا , و
أبو نعيم في " الحلية " ( 5 / 360 ) من طرق عنه , و قال أبو نعيم : " غريب من
حديث عمر , تفرد به ابنه عن هلال مولاه عنه " . قلت : و ابنه عبد العزيز بن عمر
ثقة من رجال الشيخين , و قد اختلف عليه في إسناده على وجوه ذكرها الحافظ المزي
و أفاد أن المحفوظ ما ذكرنا . و على ذلك نستطيع أن نقول : إنه إسناد حسن أو
صحيح , فإن سائر رجاله ثقات أيضا رجال الشيخين غير هلال هذا , " يكنى بـ " أبي
طعمة " و هو بها أشهر , وثقه ابن عمار الموصلي , و روى عنه جمع , و أما الحافظ
فقال : مقبول , و لم يثبت أن مكحولا رماه بالكذب " . هذا ما كنت قلته في تخريج
الحديث في " صحيح أبي داود " ( 1364 ) اعتمادا مني على ما في " كنى التهذيب " و
" التقريب " , ثم ذهلت عن هذه الترجمة حين علقت على الحديث في حاشية " الكلم
الطيب " ( ص 73 ) , و كان ذلك و أنا بعيد عن بلدي و كتبي , فزعمت ثمة أن هلالا
لم يترجم له في " التهذيب " و غيره ! فكانت هفوة مني , ليبتلي بها الله تعالى
من شاء من عباده , فاستغلها بعض الحاقدين الحاسدين الذين يتتبعون عثرات
المؤمنين , فطبلوا و زمروا حولها ما شاء لهم التطبيل و التزمير , و بخاصة منهم
الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي , و الشيخ إسماعيل الأنصاري , فقد كتب هذا تعليقا
حولها على " الوابل الصيب " نحو صفحتين ( 236 - 237 ) بالحرف الصغير , لا
يستفيد منها القارىء شيئا يتعلق بالحديث تصحيحا أو تضعيفا , اللهم إلا النقل من
بعض كتب التراجم مما يحسنه المبتدىء في هذا العلم ! مع بعض الأوهام التي لا
مجال الآن لبيانها لأن القصد أن تلك الهفوة دفعتني مجددا لدراسة هلال هذا , و
هل هو أبو طعمة أم غيره ? فرجعت إلى المصادر القديمة التي هي عمدة المتأخرين في
التراجم كالبخاري و ابن أبي حاتم و غيرهما , فوجدت هذا قد أورد ( أبو طعمة ) في
" الكنى " من " الجرح و التعديل " و قال ( 4 / 2 / 398 ) : " .. قارىء أهل مصر
, سمع ابن عمر , روى عنه ابنا يزيد بن جابر و عبد الله بن عيسى و ابن لهيعة " .
فهذا النص منه يشعر أنه يفرق بين أبي طعمة , و بين هلال , و ذلك من وجوه : أولا
: أنه ترجم لهلال ترجمة مختصرة في " الأسماء " في نفس الجزء ( ص 77 ) فقال : "
روى عن عمر بن عبد العزيز , روى عنه عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز " . و هو
في ذلك تابع للبخاري في " التاريخ " (4 / 2 / 209 ) . فلم يكنياه بأبي طعمة ,
و لا أشار إلى ذلك أدنى إشارة . و تابعهما في ذلك ابن حبان فذكره في " ثقات
أتباع التابعين " ( 7 / 575 ) . ثانيا : أنهما لما ترجما له في " الكنى " بما
تقدم لم يشيرا أيضا إلى أنه هلال المتقدمة ترجمته في ( الأسماء ) . ثالثا : أن
الناظر المتأمل في ترجمتيهما يجد أنهما ليسا في طبقة واحدة , فمن سمع ابن عمر
يكون " تابعيا " , و من روى عن عمر بن عبد العزيز - و هو تابعي - يكون عادة من
أتباع التابعين , و إن كان هذا لا يمنع أن يكون مثله في الطبقة فيكون من رواية
الأقران بعضهم من بعض , أو على الأقل من رواية الأكابر عن الأصاغر سنا , كل هذا
محتمل عندي , و لكن الأمر يحتاج إلى دليل , لذلك تابعت التحقيق و البحث في ذلك
, و لاسيما و قد رأيت المتأخرين من العلماء قد جعلوهما واحدا , فوجدت ما يأتي :
أولا : قال الإمام أحمد في " العلل و معرفة الرجال " ( 1 / 295 ) : " أبو طعمة
, هذا شامي , روى عنه عبد العزيز بن عمر , و روى عنه ابن جابر و ابن لهيعة " .
فذكر عبد العزيز بن عمر في جملة من روى عن أبي طعمة , فأفاد أنه هلال نفسه و
يؤيده قولي : ثانيا : أنني رأيت الإمام أحمد قال في " المسند " ( 2 / 25 ) :
حدثنا وكيع : حدثنا عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز عن أبي طعمة مولاهم , و عن
عبد الرحمن ابن عبد الله الغافقي أنهما سمعا ابن عمر يقول : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم : " لعنت الخمرة على عشرة وجوه .. " الحديث . و قد رواه ابن
لهيعة و غيره عن أبي طعمة به . و هو مخرج في " الإرواء " ( 5 / 365 / 1529 ) و
قال ابن لهيعة في رواية : " لا أعرف أيش اسمه " . أخرجه أحمد ( 2 / 71 ) . قلت
: فقول ابن لهيعة هذا يدل على أن أبا طعمة غير مشهور باسمه , و لذلك كنت قلت في
" صحيح أبي داود : " و هو بكنيته أشهر " . فتبين لي مما تقدم أن هلالا هو أبو
طعمة كما جزم بذلك الذهبي و غيره . و إذا كان الأمر كذلك , فهو ثقة كما قال
الذهبي في كنى " الكاشف " , خلافا لقول الحافظ : " مقبول " لرواية جمع من
الثقات عنه و توثيق ابن عمار الموصلي إياه , و بناء عليه يختلف حكمنا على
الحديث عما قلناه سابقا في التعليق على " الكلم الطيب " أنه حسن , و يصير صحيحا
لذاته , و يزداد قوة بالطريق الأولى عن أسماء , و بشاهديه عن عائشة و ابن عباس
, و الحمد لله الذي هدانا لهذا و ما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله تعالى . (
تنبيه ) : لفظ الحديث عند ابن حبان في " الموارد " : " الله الله ربي , لا أشرك
به شيئا , الله الله ربي , لا أشرك به شيئا " . هكذا مرتين , فلا أدري إذا كانت
الرواية عنده هكذا , أو أنه خطأ مطبعي , و يرجح الأول أن الجزري ذكره كذلك
برواية ابن حبان في " عدة الحصن الحصين " ( ص 194 ) خلافا لشرحه " التحفة "
للشوكاني " و خلافا لـ " الإحسان " ( 2 / 112 / 861 ) . ( تنبيه ثان ) : ذكر
المنذري في " الترغيب " ( 3 / 43 ) عقب عزوه حديث أسماء لأبي داود و النسائي و
ابن ماجه قال : " و رواه الطبراني في " الدعاء " و عنده : " فليقل : الله ربي
لا أشرك به شيئا ثلاث مرات " , و زاد : و كان ذلك آخر كلام عمر بن عبد العزيز
عند الموت " . فنقل الشوكاني هذا العزو في شرحه المذكور , لكنه قدم و أخر فقال
: " و زاد الطبراني في " الدعاء " : ثلاث مرات . و أخرجه أيضا ابن ماجه " .
فأوهم أن الحديث عند ابن ماجه بالزيادة , و ليس كذلك , ثم إنني لم أقف على
إسنادها , لأن كتاب " الدعاء " للطبراني لم أقف عليه , و ما أظنه يصح , و الله
أعلم . ثم حظيت بنسخة جيدة مصورة من كتاب " الدعاء " , وهبها لي مع مصورات أخرى
قيمة أحد إخواننا الطيبين من طلاب الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة جزاه
الله خيرا , فإذا إسناد تلك الزيادة لا تصح كما ظننت , قال الطبراني ( ق 117 /
1 - 2 ) : حدثنا محمد بن زكريا الغلابي أخبرنا إبراهيم بن بشار الرمادي حدثنا
سفيان بن عيينة عن مسعر عن عبد العزيز بن عمر عن أبيه عمر بن عبد العزيز بن
مروان عن أسماء بالرواية و الزيادة التي ذكرها المنذري ! و ذلك من تساهله الذي
كنت شرحته في مقدمة كتابي " صحيح الترغيب " , فإن الغلابي هذا كان يضع الحديث .
و قد خولف في إسناده و متنه , فرواه الطبراني أيضا و النسائي في " عمل اليوم و
الليلة " ( 650 ) بسند صحيح عن جرير عن مسعر قال : عن عبد العزيز بن عمر عن
أبيه قال : فذكره هكذا مرسلا و بلفظ : " سبع مرات " . و هذه أصح من الأولى , و
لكنها لا تصح أيضا لإرسالها , و قد عزاها ابن تيمية في " الكلم الطيب " ( رقم
121 ) لأبي داود , و هو وهم تبعه عليه ابن القيم في " الوابل الصيب " , و لم
يتنبه لذلك محققه الشيخ عبد القادر ( ص 148 - 149 ) على الرغم من أنني كنت نبهت
عليها في تعليقي على " الكلم الطيب " , فذكرت يومئذ أنني لم أرها , و أنه لعلها
محرفة أو سهو من رواية ( ثلاث ) , فقد خرجها الطبراني في " الدعاء " له . و
الآن و قد من الله علي بالحصول على الكتاب , فقد ظهر أن كلا من الروايتين
ضعيفتان , و رواية الثلاث أشد ضعفا من الأخرى . و الله ولي التوفيق .
2756 " لا تسبوا الريح , فإذا رأيتم ما تكرهون فقولوا : اللهم إنا نسألك من خير هذه
الريح و خير ما فيها و خير ما أمرت به , و نعوذ بك من شر هذه الريح و شر ما
أمرت به " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 598 :
حديث صحيح , يرويه حبيب بن أبي ثابت عن ذر عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن
أبيه عن # أبي بن كعب # مرفوعا . و قد اختلف عليه في رفعه , و في ذكر ( ذر ) في
إسناده . أما الرفع , فرواه الأعمش عنه به . أخرجه الترمذي ( 2253 ) و النسائي
في " عمل اليوم " ( 521 / 934 ) قالا - و السياق للترمذي - : حدثنا إسحاق بن
إبراهيم بن حبيب بن الشهيد البصري حدثنا محمد بن فضيل حدثنا الأعمش عن حبيب بن
أبي ثابت به . و قال : " حديث حسن صحيح " . قلت : و إسناده صحيح رجاله ثقات
رجال الشيخين غير إسحاق هذا , و هو ثقة , و ابن أبي ثابت و إن كان مدلسا , فقد
صرح بالتحديث في رواية شعبة الآتية عنه , و ذر هو ابن عبد الله المرهبي . و
بهذا الإسناد رواه ابن السني ( 293 ) من وجه آخر عن إسحاق به إلا أنه لم يذكر (
ذرا ) في إسناده , فلا أدري إذا كان ذلك من الناسخ أو الطابع , أو هكذا الرواية
عنده , فإنه رواها عن شيخه محمد بن علي بن بحر عن إسحاق , و قد ترجم الخطيب
لابن بحر هذا و قال : توفي سنة تسع و تسعين و مائتين , و لم يذكر فيه جرحا و لا
تعديلا , فإن كان هو الذي أسقطه , فهو دليل على أنه لم يحفظه , فتكون روايته
على كل حال شاذة , بل منكرة .
و يؤكد ذلك أن إسحاق قد توبع على ذكره لذر في الإسناد من غير واحد .
1 - عياش بن الوليد الرقام - و هو ثقة من شيوخ البخاري - عن ابن فضيل به .
أخرجه النسائي ( 251 / 934 ) . 2 - محمد بن يزيد الكوفي : حدثنا ابن فضيل به ,
و زاد : " فإنها من روح الله تبارك و تعالى " . أخرجه عبد الله بن أحمد في "
المسند " ( 5 / 123 ) قال : حدثنا أبي حدثنا محمد ابن يزيد الكوفي .. قلت :
هكذا وقع فيه : " حدثنا أبي , و أظنه مقحما من بعض النساخ أو الطابع , و أن
الحديث من رواية عبد الله عن محمد بن يزيد , فهو من زياداته على " مسند أبيه "
. ثم رأيت ابن كثير عزاه إليه في " جامع المسانيد " ( 1 / 115 / 86 ) و الحافظ
في " أطراف المسند " ( 1 / 215 / 53 ) و كذلك صنع السيوطي في " الجامع الكبير "
. و محمد بن يزيد هذا هو أبو هشام الرفاعي , و هو ضعيف عند البخاري و غيره . و
أما الإسناد , فقد خالفهم علي بن المديني فقال : حدثنا محمد بن فضيل : حدثنا
الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن عبد الرحمن به مرفوعا . فلم يذكر في
إسناده ( ذرا ) . أخرجه الطحاوي في " مشكل الآثار " ( 1 / 398 ) . و ابن
المديني ثقة ثبت من شيوخ البخاري , فالظاهر أن ابن أبي ثابت هو الذي أسقط ( ذرا
) و دلسه , بدليل رواية شعبة الآتية , و قد رواه غير ابن فضيل مدلسا , فقال ابن
أبي شيبة في " المصنف " ( 10 / 217 ) : حدثنا أسباط عن الأعمش عن حبيب ابن أبي
ثابت عن سعيد به إلا أنه أوقفه على أبي و لم يرفعه . و كذلك رواه البخاري في "
الأدب المفرد " ( رقم 719 ) عن ابن أبي شيبة . و قد خولف في وقفه , فقال عبد
الله بن أحمد في " زوائده " ( 5 / 123 ) : حدثني أبو موسى محمد بن المثنى :
حدثنا أسباط بن محمد القرشي به إلا أنه رفعه فقال : عن النبي صلى الله عليه
وسلم قال : فذكره . و بهذا الإسناد رواه النسائي أيضا ( 520 / 933 ) . و أسباط
ثقة من رجال الشيخين , فالسند صحيح مرفوعا و موقوفا لولا تدليس ابن أبي ثابت و
إسقاطه لذر . لكن قد أثبته جرير فقال : عن الأعمش عن حبيب عن ذر عن سعيد به ,
إلا أنه لم يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم , و وقفه على أبي . أخرجه
النسائي ( 521 / 936 ) و من طريقه الطحاوي . و جملة القول أنه قد اختلف الرواة
في حديث الأعمش هذا عن حبيب , فمنهم من رفعه , و منهم من أوقفه , و منهم من ذكر
فيه ( ذرا ) , و منهم من لم يذكره . و لكن من تأمل في تخريجنا هذا تبين له أن
أكثرهم رفعه و ذكر ( ذرا ) , فيكون هذا أرجح , و لاسيما و معهم زيادة , و زيادة
الثقة مقبولة كما هو مشروح في " علم المصطلح " . و مما يرجح زيادة ( ذر ) في
الإسناد أن شعبة قد تابع الأعمش عليها , فرواه النسائي رقم ( 938 و 939 ) من
طريق ابن أبي عدي , و النضر بن شميل , و أحمد في " مسائل ابنه صالح " ( ص 58 )
عن يحيى بن سعيد , ثلاثتهم عن شعبة عن حبيب عن ذر عن سعيد عن أبيه عن أبي , و
لم يرفعاه . و من طريق النسائي أخرجه الطحاوي , و قال : " قال النسائي : و هو
الصواب " . يعني الوقف . قلت : لكن قد رواه الثقة عن شعبة به مرفوعا , فقال عبد
بن حميد في " المنتخب من المسند " ( ق 27 / 1 ) : حدثنا مسلم بن إبراهيم - و
تابعه سهل بن حماد عند النسائي ( 937 ) قالا - : حدثنا شعبة به عن أبي بن كعب :
أن الريح هاجت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم , فسبها رجل , فقال : " لا
تسبها فإنها مأمورة , و لكن قل .. " فذكر الدعاء . قلت : و هذا إسناد صحيح على
شرط الشيخين , و مسلم بن إبراهيم - و هو الأزدي الفراهيدي - ثقة مأمون كما قال
الحافظ في " التقريب " . و لا يضره وقف النضر و ابن أبي عدي إياه لأنه لا يقال
من قبل الرأي , فهو في حكم المرفوع , هذا من جهة . و من جهة أخرى فقد رفعه
الأعمش في رواية الأكثرين عنه كما تقدم . أضف إلى ذلك أن له شاهدا من حديث أبي
هريرة مرفوعا , من طريقين عنه صحح أحدهما ابن حبان و الحاكم و الذهبي و غيرهم ,
و هو مخرج في " الروض النضير " برقم ( 1107 ) و رواه أحمد أيضا في " المسائل "
( ص 59 ) . و في الحديث دلالة واضحة على أن الريح قد تأتي بالرحمة , و قد تأتي
بالعذاب , و أنه لا فرق بينهما إلا بالرحمة و العذاب , و أنها ريح واحدة لا
رياح , فما جاء في حديث الطبراني عن ابن عباس مرفوعا بلفظ : " اللهم اجعلها
رياحا و لا تجعلها ريحا " . فهو باطل , و قال الطحاوي : " لا أصل له " . و قد
صح عن ابن عباس خلافه , كما بينته تحت حديث الطبراني المخرج في الكتاب الآخر :
" الضعيفة " ( 5600 ) .
2757 " كان إذا هاجت ريح شديدة قال : اللهم إني أسألك من خير ما أرسلت به , و أعوذ
بك من شر ما أرسلت به " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 602 :
أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " ( 717 ) و الطحاوي في " مشكل الآثار " ( 1 /
400 ) و أبو يعلى في " مسنده " ( 2 / 763 ) من طرق عن عبد الرحمن بن مهدي عن
المثنى بن سعيد عن قتادة عن # أنس # قال : فذكره مرفوعا . قلت : و هذا إسناد
صحيح على شرط الشيخين . و له شاهد من حديث عائشة رضي الله عنها مرفوعا : " كان
إذا رأى سحابا مقبلا من أفق من الآفاق ترك ما هو فيه و إن كان في صلاته حتى
يستقبله فيقول : " اللهم إنا نعوذ بك من شر ما أرسل به " , فإن أمطر قال : "
اللهم سيبا نافعا " ( مرتين و ثلاثا ) , فإن كشفه الله و لم يمطر حمد الله على
ذلك " . أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 10 / 218 ) و عنه ابن ماجه ( 3889
) و البخاري في " الأدب المفرد " ( 177 / 686 ) و أبو داود ( 5099 ) باختصار ,
و أحمد ( 6 / 222 - 223 ) من طريق المقدام بن شريح عن أبيه عنها . قلت : و
إسناده صحيح , و أخرجه ابن حبان ( 1002 - الإحسان ) من طريق شريك عن المقدام به
مختصرا , إلا أنه قال : " غبارا " , مكان " سحابا " , فهو منكر لضعف شريك , و
مخالفته لرواية الجماعة , و العلة ليست منه , و إنما من الراوي عنه : يحيى بن
طلحة اليربوعي , فإنه لين الحديث كما في " التقريب " , و قد خالفه حجاج - و هو
ابن محمد المصيصي الثقة - فرواه عنه أحمد في الموضع الثاني المشار إليه بلفظ
الجماعة , و خفي هذا التحقيق على المعلق على " الإحسان - 3 / 287 - المؤسسة " ,
فقال : " حديث صحيح " ! و لو انتبه لقال : إلا لفظ " غبار " , فإنه منكر . و
تابعه عطاء بن أبي رباح عنها قالت : كان إذا عصفت الريح قال : " اللهم إني
أسألك خيرها و خير ما فيها و خير ما أرسلت به , و أعوذ بك من شرها و شر ما فيها
و شر ما أرسلت به " . قالت : و إذا تخيلت السماء تغير لونه , و خرج و دخل , و
أقبل و أدبر , فإذا مطرت سري عنه , فعرفت ذلك في وجهه . قالت عائشة : فسألته ?
فقال : " لعله - يا عائشة - كما قال قوم عاد : *( فلما رأوه عارضا مستقبل
أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به )* " . أخرجه مسلم ( 3 /
26 ) و الطحاوي في " مشكل الآثار " ( 1 / 400 ) و النسائي ( 940 و 941 ) الدعاء
منه , و البخاري مختصرا ( 1032 و 3206 و 4828 و 4829 ) و في الموضع الأول منها
هو مختصر جدا بلفظ : " كان إذا رأى المطر قال : صيبا نافعا " .
2758 " إذا قبضت نفس العبد تلقاه أهل الرحمة من عباد الله كما يلقون البشير في
الدنيا , فيقبلون عليه ليسألوه , فيقول بعضهم لبعض : أنظروا أخاكم حتى يستريح ,
فإنه كان في كرب , فيقبلون عليه , فيسألونه : ما فعل فلان ? ما فعلت فلانة ? هل
تزوجت ? فإذا سألوا عن الرجل قد مات قبله قال لهم : إنه قد هلك , فيقولون : إنا
لله و إنا إليه راجعون , ذهب به إلى أمه الهاوية , فبئست الأم و بئست المربية .
قال : فيعرض عليهم أعمالهم , فإذا رأوا حسنا فرحوا و استبشروا و قالوا : هذه
نعمتك على عبدك فأتمها , و إن رأوا سوءا قالوا : اللهم راجع بعبدك " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 604 :
أخرجه ابن المبارك في " الزهد " ( 149 / 443 ) : أخبرنا ثور بن يزيد عن أبي رهم
السمعي عن # أبي أيوب الأنصاري # قال : فذكروه موقوفا عليه . قال ابن صاعد -
راوي الزهد - عقبه : " رواه سلام الطويل عن ثور فرفعه " . قلت : إسناد الموقوف
صحيح , أبو رهم السمعي اسمه أحزاب بن أسيد , قال الحافظ في " التقريب " : "
مختلف في صحبته , و الصحيح أنه مخضرم ثقة " . و ثور بن يزيد ثقة ثبت من رجال
البخاري , و كونه موقوفا لا يضر , فإنه يتحدث عن أمور غيبية لا يمكن أن تقال
بالرأي , فهو في حكم المرفوع يقينا <1> , و لاسيما و قد روي مرفوعا من طريق عبد
الرحمن بن سلامة : أن أبا رهم حدثهم أن أبا أيوب حدثهم أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال : فذكره بنحوه . أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 4 / 154
/ 3889 ) و من طريقه عبد الغني المقدسي في " السنن " ( ق 93 / 2 ) من طريق محمد
بن إسماعيل بن عياش : أخبرنا أبي عن ضمضم بن زرعة عن شريح بن عبيد قال : كان
عبد الرحمن بن سلامة يحدث به . قلت : و هذا إسناد ضعيف , ابن سلامة هذا لم أر
له ترجمة , و محمد بن إسماعيل بن عياش ضعيف , و قد توبعا . فقد رواه مسلمة بن
علي عن زيد بن واقد و هشام بن الغاز عن مكحول عن عبد الرحمن بن سلامة به .
أخرجه الطبراني في " الكبير " ( 4 / 153 - 154 / 3887 و 3888 ) و في " مسند
الشاميين " ( ص 307 و 676 ) و " المعجم الأوسط " ( 1 / 72 / 1 - مجمع البحرين )
و من طريقه المقدسي في " السنن " ( ق 198 / 1 ) و قال الطبراني : " لم يروه عن
مكحول إلا زيد و هشام , تفرد به مسلمة " . قلت : و هو الخشني متروك كما في "
التقريب " , و قال الهيثمي في " المجمع " ( 2 / 327 ) بعدما عزاه للمعجمين : "
.. و هو ضعيف " . قلت : و الطريق التي قبله خير من هذه , و لم يتعرض لذكرها
الهيثمي ! و كنت خرجتهما في " الضعيفة " ( 864 ) و لم أكن قد وقفت على الطريق
الأولى الموقوفة الصحيحة , و لذا وجب نقلهما منها إلى هنا , و كذا الحديث الذي
هناك ( 863 ) من حديث أنس رضي الله عنه ينقل إلى هنا , لأن معناه في عرض
الأعمال على الأموات في آخر حديث الترجمة . و الله أعلم . ثم وجدت للحديث شاهدا
آخر مرسلا بلفظ : " إذا مات العبد المؤمن تلقى روحه أرواح المؤمنين فيقولون له
: ما فعل فلان ? فإذا قال : مات , قالوا : ذهب به إلى أمه الهاوية , فبئست الأم
, و بئست المربية " . أخرجه الحاكم ( 2 / 533 ) من طريق المبارك بن فضالة عن
الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . و قال : " هذا حديث
مرسل صحيح الإسناد " . كذا قال , و ابن فضالة كان يدلس و يسوي كما في " التقريب
" , فهو على إرساله ليس صحيح الإسناد , و قد أعضله و أوقفه الأشعث بن عبد الله
الأعمى - و هو من الرواة عن الحسن البصري - فقال : إذا مات المؤمن .. الحديث
نحوه . أخرجه ابن جرير ( 30 / 182 ) : حدثنا ابن عبد الأعلى حدثنا ابن ثور عن
معمر عنه . قلت : و هذا إسناد رجاله ثقات , و لكنه مقطوع موقوف على الأشعث هذا
. ( تنبيه ) : من تشبع الشيخ الصابوني في كتابه " مختصر تفسير ابن كثير " الذي
كنت بينت شيئا منه في مقدمة المجلد الرابع من " الصحيحة " أنه ذكر هذا الحديث
في " مختصره " ( 3 / 670 ) فقال : " روى ابن جرير .. " تبعا لأصله . ثم كرر ذلك
في الحاشية فقال : " أخرجه ابن جرير " ! فهل هذا التكرار في المتن و الحاشية من
الاختصار أم التطويل و بما لا فائدة منه , و صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم
حين قال : " من تشبع بما لم يعط فهو كلابس ثوبي زور " . أخرجه أبو داود و
الترمذي , و كذا البخاري في " الأدب المفرد " من حديث جابر , و أحمد من حديث
عائشة , و أحدهما يقوي الآخر , و قد تكلمت على إسنادهما في " التعليق الرغيب "
( 2 / 55 - 56 ). ثم وجدت لبعضه شاهدا آخر من طريق عبد الله بن جبير بن نفير أن
أبا الدرداء كان يقول : " إن أعمالكم تعرض على موتاكم فيسرون , و يساؤون " .
أخرجه نعيم بن حماد في " زوائد الزهد " ( 42 / 165 ) : أنبأنا صفوان بن عمرو
قال : حدثني عبد الله بن جبير بن نفير أن أبا الدرداء كان يقول : فذكره . قلت :
و هذا إسناد رجاله ثقات , لكن قول صفوان : حدثني عبد الله بن جبير بن نفير مشكل
, لأنني لم أجد في الرواة " عبد الله بن جبير بن نفير " لكني وجدت في شيوخ
صفوان : " جبير بن نفير " , و وجدت في ترجمة هذا أنه يكنى بأبي عبد الرحمن , و
قيل : أبو عبد الله , فغلب على ظني أن في الإسناد خطأ , و أن الصواب : " أبو
عبد الله : جبير بن نفير " . على أنه يحتمل أن يكون الصواب عبد الرحمن بن جبير
بن نفير , لأنهم ذكروا لصفوان رواية عن عبد الرحمن هذا أيضا , فقد روى صفوان عن
الوالد و الولد , فعلى الأول الإسناد متصل , لأن جبيرا تابعي مخضرم , و أما
ابنه عبد الرحمن فتابعي صغير , فلم يذكروا له رواية إلا عن أبيه و فراس بن مالك
, و جمع من التابعين . و الله أعلم .
-----------------------------------------------------------
[1] و لعله من أجل ذلك أورده السيوطي في " الجامع الكبير " بهذه الرواية و تقدم
الحديث برقم ( 2628 ) . اهـ .
2759 " كان إذا أراد دخول قرية لم يدخلها حتى يقول : اللهم رب السماوات السبع و ما
أظلت , و رب الأرضين السبع و ما أقلت , و رب الرياح و ما أذرت , و رب الشياطين
و ما أضلت , إني أسألك خيرها و خير ما فيها و أعوذ بك من شرها و شر ما فيها " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 607 :
أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " ( 2 / 14 / 2 / 7667 ) : حدثنا محمد بن
عبد الله ابن رستة أخبرنا إبراهيم بن المستمر العروقي حدثنا يعقوب بن محمد
الزهري حدثني إسحاق بن جعفر حدثني محمد بن عبد الله الكناني عن عامر بن عبد
الله بن الزبير عن # أبي لبابة بن عبد المنذر # : أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم كان .. إلخ . و قال : " لا يروى عن أبي لبابة إلا بهذا الإسناد , تفرد به
إبراهيم بن المستمر العروقي " . قلت : و هو صدوق , و كذا من فوقه مثله أو أوثق
منه , غير يعقوب بن محمد الزهري , فهو كثير الوهم كما في " التقريب " , و
الكناني لم يوثقه غير ابن حبان , أورده في " ثقات أتباع التابعين " و لم يذكر
له راويا غير إسحاق بن جعفر هذا , و كذلك لم يذكر له غيره البخاري في " التاريخ
الكبير " ( 1 / 2 / 127 ) و ابن أبي حاتم ( 3 / 2 / 309 ) و قال عن أبيه : " لا
أعرفه " . و مع هذا كله قال الهيثمي ( 10 / 134 ) بعدما عزاه للطبراني في "
الأوسط " : " و إسناده حسن " ! نعم , إن كان يريد أنه حسن لغيره فهو مقبول ,
لأن له شاهدا من حديث صهيب رضي الله عنه , صححه ابن خزيمة ( 2565 ) و ابن حبان
و الحاكم و الذهبي , و فيه نظر بينته في التعليق على " الكلم الطيب " ( رقم
التعليق 131 ) و لذلك كنت حسنته في تعليقي على " صحيح ابن خزيمة " ( 4 / 150 )
. ثم وجدت له شاهدا من حديث قتادة قال : " كان ابن مسعود إذا أراد أن يدخل قرية
قال : .. " فذكره موقوفا . أخرجه عبد الرزاق ( 11 / 456 / 20995 ) و من طريقه
الطبراني في " المعجم الكبير " ( 9 / 195 / 8867 ) بسند رجاله ثقات لكنه منقطع
. ثم وجدت لحديث صهيب طريقا أخرى , فقال الطحاوي في " مشكل الآثار " ( 3 / 215
) : حدثنا أحمد بن شعيب قال : أخبرنا محمد بن نصر قال : حدثنا أيوب بن سليمان
بن بلال عن أبي سهيل بن مالك عن أبيه أنه كان يسمع عمر بن الخطاب و هو يؤم
الناس في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم من دار أبي جهم . قال : و قال كعب
الأحبار : والذي فلق البحر لموسى إن صهيبا حدثني : إن محمدا رسول الله صلى الله
عليه وسلم لم ير قرية يريد دخولها إلا قال حين رآها : " اللهم رب السماوات
السبع و ما أظللن .. " إلخ الدعاء , و زاد : " و حلف كعب بالذي فلق البحر لموسى
أنها كانت دعوات داود حين يرى العدو " . قلت : و هذا إسناد صحيح رجاله ثقات
رجال البخاري غير محمد بن نصر و هو الفراء النيسابوري و هو ثقة . و أحمد بن
شعيب هو الإمام النسائي صاحب " السنن " الصغرى المعروفة بـ " المجتبى " , و هي
المطبوعة , و " السنن الكبرى " , و لما تطبع بعد , و إنما طبع منها كتاب
الطهارة بهمة الشيخ عبد الصمد شرف الدين جزاه الله خيرا <1> . و قد رواه
النسائي في " كتاب السير " منها بهذا الإسناد , كما في تحفة الأشراف " للحافظ
المزي ( 4 / 201 ) و كذلك رواه النسائي في " عمل اليوم و الليلة " ( رقم 343 )
. و أبو سهيل اسمه نافع بن مالك بن أبي عامر الأصبحي , و هو و أبوه من رجال
الشيخين . و أبو بكر بن أبي أوس اسمه عبد الحميد بن عبد الله الأصبحي , و هو
أيضا من رجال الشيخين . هذا , و لما كنت حققت كتاب " الكلم الطيب " لشيخ
الإسلام ابن تيمية رحمه الله و أنا في المدينة المنورة , وجدته عزا حديث صهيب
هذا للنسائي و غيره , و لما لم يكن عنده في " السنن الصغرى " المطبوعة , استعنت
لمعرفة حال إسناده بـ " تخريج الأذكار " لابن علان , و من المعلوم أن جل
تخريجاته إنما هي نقل منه عن " نتائج الأفكار في تخريج الأذكار " للحافظ ابن
حجر العسقلاني , فرأيته نقل عنه بحثا طويلا في تخريج الحديث عزاه للنسائي و
غيره , فعلقت خلاصته على " الكلم الطيب " , و هي أن مدار الحديث عندهم على أبي
مروان و هو غير معروف , و أشرت إلى استغرابي لقول الحافظ فيه : " حديث حسن "
لأنه لا يلتقي مع جهالة أبي مروان . و من طريقه رواه ابن قانع في ترجمة صهيب من
" المعجم " . أما الآن , فقد تبين أنه كان مقصرا في تحسينه فقط إياه و ادعائه
أن مداره على أبي مروان , فقد تابعه - كما رأيت - مالك بن أبي عامر الأصبحي
الثقة , و بالإسناد الصحيح عنه , كما فاته أن يذكر حديث الترجمة كشاهد له .
فالحمد لله الذي هدانا لهذا و ما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله , و الحمد لله
الذي بنعمته تتم الصالحات . ثم وجدت له شاهدا من أمره صلى الله عليه وسلم ,
يرويه أيوب بن محمد بن زياد : حدثنا سعيد حدثنا محمد بن عجلان عن نافع عن ابن
عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول : " إذا خرجتم من بلادكم إلى
بلاد تريدونها فقولوا إذا أشرفتم على المدينة أو القرية : اللهم رب السماوات
السبع و ما أظلت , و رب الأرضين السبع و ما أقلت " . الحديث . أخرجه أبو نعيم
في " أخبار أصبهان " ( 2 / 277 ) . قلت : و هذا إسناد حسن إن كان سعيد هذا هو
ابن أبي أيوب المصري , و هو ثقة ثبت من رجال الشيخين , و أما إن كان ابن مسلمة
الجزري فهو ضعيف كما في " التقريب " , و كلاهما ذكرهما المزي في " تهذيبه " في
الرواة عن ابن عجلان , و كونه الجزري أقرب . و الله أعلم . ثم تأكد ذلك عندي
بأمرين : الأول : أن المزي ذكره في شيوخ أيوب بن محمد بن زياد دون سعيد بن أبي
أيوب المصري . و الآخر : أن الحافظ ابن حجر لما ذكره في " تخريج الأذكار "
شاهدا لحديث آخر بسنده إلى ابن عمر - كما في ابن علان ( 5 / 158 - 159 ) - قال
: " و في سنده ضعف " . فلو كان سعيد هذا هو المصري لم يضعف إسناده . و الله
أعلم . ثم تأكدت مما استقربته بعد أن طبع كتاب " الدعاء " للطبراني , فرأيته قد
أخرجه فيه ( 2 / 1288 / 885 ) من طريق أخرى فقال : " حدثنا سعيد بن مسلمة .. "
.
-----------------------------------------------------------
[1] ثم طبع بكامله , و الحمد لله . اهـ .
ساجدة لله
2010-10-20, 05:32 AM
2760 " النشرة من عمل الشيطان " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 611 :
أخرجه أحمد في " المسند " ( 3 / 294 ) و عنه أبو داود في " السنن " ( 3868 ) و
من طريقه البيهقي ( 9 / 351 ) : حدثنا عبد الرزاق حدثنا عقيل بن معقل قال :
سمعت وهب بن منبه يحدث عن # جابر بن عبد الله # قال : سئل رسول الله صلى الله
عليه وسلم عن النشرة ? فقال : " هو من عمل الشيطان " . قلت : و هذا إسناد صحيح
رجاله ثقات رجال الشيخين غير عقيل بن معقل و هو ابن منبه اليماني , و هو ثقة
اتفاقا , فقول الحافظ فيه : " صدوق " , و بناء عليه اقتصر في " الفتح " ( 10 /
233 ) على تحسين إسناده في هذا الحديث , فهو تقصير لا وجه له عندي , و من
المحتمل أن يكون تأثر الحافظ بأمرين : الأول : أن الحديث في " مصنف عبد الرزاق
" ( 11 / 13 / 19762 ) موقوف هكذا : أخبرنا عقيل بن معقل عن همام ( كذا ) بن
منبه قال : سئل جابر بن عبد الله عن النشر ? فقال : من عمل الشيطان . قلت : كذا
وقع فيه موقوفا , و قال ( همام بن منبه ) مكان ( وهب بن منبه ) و هما أخوان روى
عنهما عقيل , و أنا أظن أن هذا خطأ كالوقف , و أظن أنه من الراوي عن عبد الرزاق
, و هو أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن عباد الدبري الراوي لقسم كبير من ( كتاب
الجامع ) من " المصنف " ( انظر ( 10 / 379 ) من " المصنف " ) و هو متكلم فيه ,
فلا يؤثر مثله أبدا في رواية أحمد عن عبد الرزاق مرفوعا . و الآخر : أن البيهقي
غمز من صحته فقال عقبه : " و روي عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا , و هو أصح
" . يشير إلى ما أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 8 / 29 / 3567 ) و البزار
( 3 / 393 - 394 ) من طريق شعبة عن أبي رجاء قال : سألت الحسن عن النشر ? فذكر
لي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " هي من عمل الشيطان " . قلت : و هذا
مرسل صحيح الإسناد , و قد رواه أبو داود في " المراسيل " , و إليه عزاه الحافظ
, و لعله رواه من طريق ابن أبي شيبة , فإن " المراسيل " المطبوعة محذوفة
الأسانيد , و قد جاء فيها قول أبي داود عقب الحديث ( ص 48 ) : " أسند و لا يصح
" . و لست أدري والله وجه هذا النفي , و قد قدمناه برواية شيخه الإمام أحمد
بإسناده الصحيح , و هو عنه <1> ? ثم روى ابن أبي شيبة , و الخطابي في " معالم
السنن " ( 5 / 353 ) من طريق أخرى عن الحسن قال : " النشرة من السحر " . و
إسناده حسن . و " النشرة " : الرقية . قال الخطابي : " النشرة : ضرب من الرقية
و العلاج , يعالج به من كان يظن به مس الجن " . قلت : يعني الرقى غير المشروعة
, و هي ما ليس من القرآن و السنة الصحيحة و هي التي جاء إطلاق لفظ الشرك عليها
في غير ما حديث , و قد تقدم بعضها , فانظر مثلا : ( 331 و 1066 ) , و قد يكون
الشرك مضمرا في بعض الكلمات المجهولة المعنى , أو مرموزا له بأحرف مقطعة , كما
يرى في بعض الحجب الصادرة من بعض الدجاجلة , و على الرقى المشروعة يحمل ما علقه
البخاري عن قتادة قال : قلت لسعيد بن المسيب : رجل به طب ( أي سحر ) أو يؤخذ عن
امرأته , أيحل عنه أو ينشر ? قال : لا بأس به , إنما يريدون به الإصلاح , فأما
ما ينفع فلم ينه عنه . و وصله الحافظ في " الفتح " ( 10 / 233 ) من رواية
الأثرم و غيره من طرق عن قتادة عنه . و رواية قتادة أخرجها ابن أبي شيبة ( 8 /
28 ) بسند صحيح عنه مختصرا . هذا و لا خلاف عندي بين الأثرين , فأثر الحسن يحمل
على الاستعانة بالجن و الشياطين و الوسائل المرضية لهم كالذبح لهم و نحوه , و
هو المراد بالحديث , و أثر سعيد على الاستعانة بالرقى و التعاويذ المشروعة
بالكتاب و السنة . و إلى هذا مال البيهقي في " السنن " , و هو المراد بما ذكره
الحافظ عن الإمام أحمد أنه سئل عمن يطلق السحر عن المسحور ? فقال : " لا بأس به
" . و أما قول الحافظ : " و يختلف الحكم بالقصد , فمن قصد بها خيرا , و إلا فهو
شر " . قلت : هذا لا يكفي في التفريق , لأنه قد يجتمع قصد الخير مع كون الوسيلة
إليه شر , كما قيل في المرأة الفاجرة : ... ... ... ... ... ليتها لم تزن و لم
تتصدق . و من هذا القبيل معالجة بعض المتظاهرين بالصلاح للناس بما يسمونه بـ (
الطب الروحاني ) سواء كان ذلك على الطريقة القديمة من اتصاله بقرينة من الجن
كما كانوا عليه في الجاهلية , أو بطريقة ما يسمى اليوم باستحضار الأرواح , و
نحوه عندي التنويم المغناطيسي , فإن ذلك كله من الوسائل التي لا تشرع لأن
مرجعها إلى الاستعانة بالجن التي كانت من أسباب ضلال المشركين كما جاء في
القرآن الكريم : *( و أنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا
)* أي خوفا و إثما . و ادعاء بعض المبتلين بالاستعانة بهم أنهم إنما يستعينون
بالصالحين منهم , دعوى كاذبة لأنهم مما لا يمكن - عادة - مخالطتهم و معاشرتهم ,
التي تكشف عن صلاحهم أو طلاحهم , و نحن نعلم بالتجربة أن كثيرا ممن تصاحبهم أشد
المصاحبة من الإنس , يتبين لك أنهم لا يصلحون , قال تعالى : *( يا أيها الذين
آمنوا إن من أزواجكم و أولادكم عدوا لكم فاحذروهم )* هذا في الإنس الظاهر , فما
بالك بالجن الذين قال الله تعالى فيهم : *( إنه يراكم هو و قبيله من حيث لا
ترونهم )* .
-----------------------------------------------------------
[1] ثم طبعت " المراسيل " بأسانيدها , فإذا هو فيه ( 319 / 453 ) من طريق أخرى
عن شعبة به , و ليس فيه ما استشكلته من قوله : " أسند و لا يصح " , فالظاهر أنه
كان حاشية من بعضهم , طبع خطأ في الصلب , كما هو خطأ في العلم . اهـ .
2761 " كان رجل [ من اليهود ] يدخل على النبي صلى الله عليه وسلم , [ و كان يأمنه ]
, فعقد له عقدا , فوضعه في بئر رجل من الأنصار , [ فاشتكى لذلك أياما , ( و في
حديث عائشة : ستة أشهر ) ] , فأتاه ملكان يعودانه , فقعد أحدهما عند رأسه , و
الآخر عند رجليه , فقال أحدهما : أتدري ما وجعه ? قال : فلان الذي [ كان ] يدخل
عليه عقد له عقدا , فألقاه في بئر فلان الأنصاري , فلو أرسل [ إليه ] رجلا , و
أخذ [ منه ] العقد لوجد الماء قد اصفر . [ فأتاه جبريل فنزل عليه بـ (
المعوذتين ) , و قال : إن رجلا من اليهود سحرك , و السحر في بئر فلان , قال : ]
فبعث رجلا ( و في طريق أخرى : فبعث عليا رضي الله عنه ) [ فوجد الماء قد اصفر ]
فأخذ العقد [ فجاء بها ] , [ فأمره أن يحل العقد و يقرأ آية ] , فحلها , [ فجعل
يقرأ و يحل ] , [ فجعل كلما حل عقدة وجد لذلك خفة ] فبرأ , ( و في الطريق
الأخرى : فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنما نشط من عقال ) , و كان الرجل
بعد ذلك يدخل على النبي صلى الله عليه وسلم فلم يذكر له شيئا منه , و لم يعاتبه
[ قط حتى مات ] " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 616 :
قلت : هذا من حديث # زيد بن أرقم # رضي الله عنه , و له عنه طريقان مدارهما على
الأعمش رحمه الله تعالى . الأول : عنه عن ثمامة بن عقبة عن زيد رضي الله عنه .
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 5 / 201 / 5011 ) و السياق له , و
الحاكم ( 4 / 360 - 361 ) و الزيادة الرابعة و الخامسة و السادسة له , كلاهما
من طريق جرير عن الأعمش به . و قال الحاكم : " صحيح على شرط الشيخين " . و رده
الذهبي بقوله : " قلت : لم يخرجا لثمامة شيئا , و هو صدوق " . قلت : بل هو ثقة
كما قال الذهبي نفسه في " الكاشف " , تبعا لابن معين و النسائي , و كذا قال
الحافظ في " التقريب " , فالسند صحيح . و قد تابعه شيبان عن الأعمش به . أخرجه
الطبراني ( 5012 ) و قال : " خالفهما أبو معاوية في إسناده " . قلت : يشير إلى
الطريق الآتي . و قد تابعهما سفيان الثوري عن الأعمش به . أخرجه ابن سعد في "
الطبقات " ( 2 / 199 ) و الزيادة الثانية له . الطريق الثاني : يرويه أبو
معاوية عن الأعمش عن يزيد بن حبان عن زيد بن أرقم به أخرجه النسائي في " السنن
" ( 2 / 172 ) و ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 8 / 29 - 30 / 3569 ) و أحمد ( 4
/ 367 ) و عبد بن حميد في " المنتخب من المسند " ( ق 40 / 1 - 2 ) و الطبراني
أيضا ( 5 / 202 / 5013 و 5016 ) . قلت : و هذا إسناد صحيح كما قال الحافظ
العراقي في " تخريج الإحياء " ( 2 / 336 ) و هو على شرط مسلم , فإن رجاله رجال
الشيخين غير يزيد بن حبان فهو من رجال مسلم . و أبو معاوية هو محمد بن خازم
الضرير , قال الحافظ في " التقريب " : " ثقة , أحفظ الناس لحديث الأعمش " . قلت
: و هذا مما يمنعنا من الحكم على إسناده بالشذوذ لمخالفته للثقات الثلاثة
المتقدمين , فالظاهر أن للأعمش فيه شيخين عن زيد بن أرقم . و الله أعلم . ثم إن
سائر الزيادات لابن أبي شيبة و أحمد , إلا زيادة قراءة آية فهي لعبد بن حميد ,
و كذا زيادة نزول جبريل بـ ( المعوذتين ) , و سندها صحيح أيضا . و لها شاهد من
حديث عمرة عن عائشة قالت : كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم غلام يهودي يخدمه
يقال له : لبيد بن أعصم , و كانت تعجبه خدمته , فلم تزل به يهود حتى سحر النبي
صلى الله عليه وسلم , فكان صلى الله عليه وسلم يذوب و لا يدري ما وجعه , فبينما
رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة نائم إذ أتاه ملكان , فجلس أحدهما عند
رأسه , و الآخر عند رجليه , فقال الذي عند رأسه للذي عند رجليه : ما وجعه ? قال
: مطبوب . فقال : من طبه ? قال : لبيد بن أعصم . قال : بم طبه ? قال : بمشط و
مشاطة و جف طلعة ذكر بـ ( ذي أروى ) , و هي تحت راعوفة البئر . فاستيقظ رسول
الله صلى الله عليه وسلم , فدعا عائشة فقال : يا عائشة ! أشعرت أن الله قد
أفتاني بوجعي , فلما أصبح غدا رسول الله صلى الله عليه وسلم , و غدا أصحابه معه
إلى البئر , و إذا ماؤها كأنه نقيع الحناء , و إذا نخلها الذي يشرب من مائها قد
التوى سيفه كأنه رؤوس الشياطين , قال : فنزل رجل فاستخرج جف طلعة من تحت
الراعوفة , فإذا فيها مشط رسول الله صلى الله عليه وسلم و من مشاطة رأسه , و
إذا تمثال من شمع تمثال رسول الله صلى الله عليه وسلم : و إذا فيها إبر مغروزة
, و إذا وتر فيه إحدى عشرة عقدة , فأتاه جبريل بـ ( المعوذتين ) فقال : يا محمد
*( قل أعوذ برب الفلق )* و حل عقدة , *( من شر ما خلق )* و حل عقدة حتى فرغ
منها , و حل العقد كلها , و جعل لا ينزع إبرة إلا وجد لها ألما ثم يجد بعد ذلك
راحة . فقيل : يا رسول الله ! لو قتلت اليهودي ? فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : قد عافاني الله عز وجل , و ما وراءه من عذاب الله أشد , قال : فأخرجه .
رواه البيهقي في " دلائل النبوة " ( 2 / 2 / 226 / 1 - 2 و 7 / 92 - 94 ط ) من
طريق سلمة ابن حبان : حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا محمد بن عبيد الله عن أبي بكر
بن محمد عن عمرة به . قلت : و هذا إسناد ضعيف جدا , محمد بن عبيد الله هو
العرزمي , و هو متروك . و سلمة بن حبان - و هو بفتح الحاء <1> - روى عنه جمع من
الثقات , و ذكره ابن حبان في " ثقاته " ( 8 / 287 ) فالعلة من العرزمي . و إن
مما يوهن حديثه هذا أنه قد جاء مختصرا من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة
مرفوعا نحوه دون ذكر التمثال و ما بعده . أخرجه البخاري ( 3268 و 5763 و 5765 و
5766 و 6391 ) و مسلم ( 7 / 14 ) و ابن أبي شيبة ( 8 / 30 / 3570 ) و من طريقه
ابن ماجه ( 3590 - الأعظمي ) و أحمد ( 6 / 50 و 57 و 63 و 96 ) و الحميدي ( 259
) و ابن سعد ( 2 / 196 ) و أبو يعلى ( 3 / 194 ) و البيهقي ( 2 / 2 / 157 / 2 )
من طرق عن هشام به . و زيادة ستة أشهر المذكورة في حديث الترجمة , هي عند أحمد
في رواية , و سندها صحيح , و صححها الحافظ في " الفتح " ( 10 / 226 ) . و
بالجملة , فحديث العرزمي و ما فيه من الزيادات منكر جدا , إلا ما وافق حديث
هشام عن عروة , و حديث الترجمة , و من ذلك نزول ( المعوذتين ) , فقد ذكره
الرافعي في كتابه , فقال الحافظ في " تلخيصه " ( 4 / 40 ) : " و هذا ذكره
الثعلبي في " تفسيره " من حديث ابن عباس تعليقا , و من حديث عائشة أيضا تعليقا
, طريق عائشة صحيح , أخرجه سفيان بن عيينة في " تفسيره " رواية أبي عبيد الله
عنه عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة - فذكر الحديث - و فيه : و نزلت *( قل
أعوذ برب الفلق )* " . و هذه فائدة هامة من الحافظ رحمه الله تعالى , لم ترد في
كتابه " فتح الباري " , و هي شاهد قوي لحديث الترجمة . و الله أعلم . و من
المفيد أن نذكر أن بعض المبتدعة قديما و حديثا قد أنكروا هذا الحديث الصحيح ,
بشبهات هي أوهى من بيت العنكبوت , و قد رد عليهم العلماء في شروحهم , فليرجع
إليها من شاء . و قد أخطأ المعلق على " الدلائل " خطأ فاحشا في عزوه رواية
البيهقي إلى الشيخين و غيرهما , دون أن ينبه إلى ما فيه من المنكرات المخالفة
لروايتيهما !
-----------------------------------------------------------
[1] كما في " التبصير " , و ذكر أنه من شيوخ أبي يعلى و عبد الله بن أحمد و
يوسف القاضي . اهـ .
2762 " من قال في يوم مائتي مرة [ مائة إذا أصبح , و مائة إذا أمسى ] : " لا إله إلا
الله وحده لا شريك له , له الملك و له الحمد و هو على كل شيء قدير " , لم يسبقه
أحد كان قبله و لا يدركه أحد كان بعده إلا من عمل أفضل من عمله " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 620 :
أخرجه النسائي في " اليوم و الليلة " ( 576 و 577 ) و كذا ابن السني ( 73 ) و
ابن الأعرابي في " المعجم " ( ق 216 / 1 ) و الحاكم ( 1 / 500 ) و قال : " مائة
" ! , و أحمد ( 2 / 185 و 214 ) و الخطيب في " التاريخ " ( 3 / 25 ) من طرق عن
#عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده #أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره
. قلت : و هذا إسناد حسن للخلاف المعروف في عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده , و
لذا قال في " الفتح " ( 11 / 202 ) : " إسناده صحيح إلى عمرو " . و قال الهيثمي
في " المجمع " ( 10 / 86 ) : " رواه أحمد و الطبراني إلا أنه قال : " كل يوم "
و رجال أحمد ثقات , و في رجال الطبراني من لم أعرفه " . قلت : و ليس المراد من
الحديث أن يقول المائتي مرة في وقت واحد كما تبادر لبعض المعاصرين ممن ألف في "
سنية السبحة " ! و إنما تقسيمهما على الصباح و المساء , فقد جاء ذلك صريحا في
رواية شعبة عن عمرو بن شعيب به , و لفظه : " من قال .. مائة مرة إذا أصبح , و
مائة مرة إذا أمسى .. " . أخرجه النسائي ( 575 ) و ابن دوست العلاف في "
الأمالي " ( ق 124 / 2 ) . و الحكم هو ابن عتيبة الكندي مولاهم , ثقة محتج به
في " الصحيحين " , و مثله شعبة , و هو ابن الحجاج الإمام . و أما اللفظ الذي
أورده السيوطي في " الجامع الكبير " من رواية إسماعيل بن عبد الغفار الفارسي في
" الأربعين " عن عمرو بن شعيب به بلفظ : " من قال : " لا إله إلا الله .. " ألف
مرة جاء يوم القيامة فوق كل عمل , إلا عمل نبي , أو رجل زاد في التهليل " . قلت
: فهو منكر , بل باطل لمخالفته لهذه الطرق الصحيحة عن عمرو بن شعيب , و لعله
لذلك لم يورده المناوي في كتابه " الجامع الأزهر " ! ( تنبيه ) : إسماعيل بن
عبد الغفار , كذا وقع في " الجامع " ( 2 / 808 ) و فيه ( 2 / 811 ) في حديث آخر
: إسماعيل بن عبد الغافر و هو الصواب , فقد جاء هكذا في " شذرات الذهب " ,
أورده في وفيات سنة ( 504 ) عن إحدى و ثمانين سنة , و لم يذكر فيه جرحا و لا
تعديلا . و اعلم أن هذا العدد ( المائة ) هو أكثر ما وقفت عليه فيما صح من
الذكر . و أما عدد ( الألف ) فلم أره إلا في هذه الرواية المنكرة , و في حديث
آخر في " التسبيح " بسند ضعيف خرجته في الكتاب الآخر برقم ( 5296 ) .
2763 " أمرنا صلى الله عليه وسلم أن نقول إذا أصبحنا و إذا أمسينا و إذا اضطجعنا على
فرشنا : " اللهم فاطر السماوات و الأرض عالم الغيب و الشهادة , أنت رب كل شيء ,
و الملائكة يشهدون أنك لا إله إلا أنت , فإنا نعوذ بك من شر أنفسنا و من شر
الشيطان الرجيم و شركه , و أن نقترف على أنفسنا سوءا أو نجره إلى مسلم " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 622 :
أخرجه أبو داود ( 5083 ) و الطبراني في " الكبير " ( 3 / 295 / 3450 ) و في "
مسند الشاميين " ( ص 332 ) من طريق محمد بن عوف : حدثنا محمد بن إسماعيل بن
عياش حدثني أبي - زاد أبو داود : قال ابن عوف : و رأيته في أصل إسماعيل - :
حدثني ضمضم بن زرعة عن شريح بن عبيد عن # أبي مالك الأشعري # أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم أمرنا .. إلخ . قلت : و هذا إسناد جيد عندي بزيادة أبي داود
لولا أنه منقطع بين شريح و أبي مالك كما أفاده أبو حاتم , لكنه يتقوى بشاهدين
له : أحدهما : من حديث أبي هريرة إلى قوله : " و شركه " . أخرجه أبو داود (
5067 ) و الترمذي ( 3389 ) و كذا البخاري في " الأدب المفرد " ( 1202 ) و "
أفعال العباد " ( ص 74 ) و النسائي في " عمل اليوم و الليلة " ( رقم 11 ) و
الدارمي ( 2 / 292 ) و ابن حبان ( 2349 ) و الحاكم ( 1 / 513 ) و ابن السني (
43 ) و ابن أبي شيبة ( 10 / 237 / 9323 ) و الطيالسي ( 2582 ) و أحمد ( 2 / 297
) كلهم عن شعبة عن يعلى بن عطاء قال : سمعت عمرو بن عاصم الثقفي يحدث عن أبي
هريرة قال : قال أبو بكر : يا رسول الله مرني بشيء أقوله إذا أصبحت و إذا أمسيت
, قال : قل : .. فذكر الدعاء , و قال في آخره : " قال : قله إذا أصبحت , و إذا
أمسيت , و إذا أخذت مضجعك " . و قال الترمذي : " حديث حسن صحيح " . و قال
الحاكم : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي . قلت : و هو كما قالوا . و الآخر
: من حديث ابن عمرو مثل حديث أبي هريرة , إلا أنه زاد في آخره : " و أن أقترف
على نفسي سوءا أو أجره إلى مسلم " . أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " ( 1204
) و الترمذي ( 3526 ) و الطبراني في " الدعوات " ( 2 / 924 / 289 ) و قال
الترمذي : " حديث حسن غريب " . و قواه الحافظ في " نتائج الأفكار " ( 2 / 345 -
346 ) . قلت : و إسناده صحيح . و قد وقعت هذه الزيادة في " أفعال العباد " في
رواية عند البخاري من حديث أبي هريرة , و هي خطأ كما سبق بيانه قريبا تحت حديثه
المتقدم برقم ( 2753 ) , فراجعه إن شئت . تنبيه على أوهام : أولا : حديث أبي
هريرة هذا جعله الشوكاني في " تحفة الذاكرين " ( ص 63 ) من مسند أبي بكر , و
إنما هو من مسند أبي هريرة . ثانيا : أنه جعل الزيادة من حديث أبي بكر , و إنما
هي من حديث ابن عمرو . ثالثا : قال الشيخ فضل الله الجيلاني في " شرح الأدب
المفرد " ( 2 / 613 ) تحت حديث ابن عمرو : " أخرجه الثلاثة , و صححه الحاكم و
ابن حبان " . قلت : و هذا وهم محض , فلم يروه أحد من هؤلاء غير الترمذي .
2764 " إن الله يقول : أنا خير شريك , فمن أشرك بي أحدا فهو لشريكي ! يا أيها الناس
! أخلصوا الأعمال لله , فإن الله عز وجل لا يقبل من العمل إلا ما خلص له , و لا
تقولوا : هذا لله و للرحم و ليس لله منه شيء ! و لا تقولوا : هذا لله و لوجوهكم
, فإنه لوجوهكم , و ليس لله منه شيء " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 624 :
أخرجه عبد الباقي بن قانع في ترجمة الضحاك بن قيس الفهري من " معجم الصحابة " ,
قال : حدثنا أحمد بن محمد بن إسحاق : أخبرنا سعيد بن سليمان عن عبيدة بن حميد
عن عبد العزيز بن رفيع عن تميم بن سلمة عن # الضحاك بن قيس # قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح , رجاله ثقات رجال "
الصحيح " غير أحمد بن محمد بن إسحاق و هو أبو جعفر البجلي الحلواني , ترجمه
الخطيب ( 5 / 212 ) و روى توثيقه عن جمع من الحفاظ , توفي سنة ( 296 ) . و سعيد
بن سليمان هو أبو عثمان الواسطي الحافظ الثقة . و قد تابعه إبراهيم بن محشر :
حدثنا عبيدة بن حميد به , إلا أنه قال : " تميم ابن طرفة " مكان " تميم بن سلمة
" , لكن إبراهيم هذا فيه ضعف , قال ابن عدي في " الكامل " ( 1 / 272 - الفكر )
. " له منكرات من جهة الأسانيد غير محفوظة " . أخرجه البزار ( 4 / 217 - 218 /
3567 ) و البيهقي في " الشعب " ( 2 / 320 / 2 ) و قال الهيثمي في " مجمع
الزوائد " ( 10 / 221 ) : " رواه البزار عن شيخه إبراهيم بن مجشر - بالجيم -
وثقه ابن حبان و غيره , و فيه ضعف . و بقية رجاله رجال الصحيح " . قلت : ما
رأيت أحدا ذكر توثيقه عن غير ابن حبان , و مع ذلك فقد قال فيه : " يخطىء " .
فمثله لا يحتج به إذا تفرد , فكيف إذا خالف ? فالعمدة على سعيد بن سليمان
الواسطي في صحة الحديث , و هي فائدة عزيزة استفدتها من " معجم ابن قانع " , و
كنت لما ألفت " صحيح الترغيب و الترهيب " لم أورده فيه , على الرغم من قول
المنذري فيه ( 1 / 24 ) : " رواه البزار بإسناد لا بأس به , لكن الضحاك بن قيس
مختلف في صحبته " . لأنني عرفت بواسطة " المجمع " أن في سند البزار ذاك الشيخ
الضعيف , و لم أكن وقفت على متابعة سعيد هذه القوية , و الحمد لله على توفيقه ,
و أسأله المزيد من فضله . و أما قوله : إن الضحاك بن قيس مختلف في صحبته ,
فلعله سبق قلم من المنذري , فإني لم أر أحدا ذكر الخلاف في صحبته , بل قال
الحافظ في " الإصابة " بعد أن نقل قول البخاري في " التاريخ " ( 2 / 2 / 332 )
" له صحبة " : " و استبعد بعضهم صحة سماعه من النبي صلى الله عليه وسلم , و لا
بعد فيه , فإن أقل ما قيل في سنه عند موت النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان ابن
ثمان سنين " . ثم وجدت لسعيد بن سليمان الواسطي متابعا ثقة , و هو ( سريج بن
يونس ) : أخبرنا عبيدة بن حميد به . أخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " ( 8 /
410 ) . و لهذا نقل إلى " الصحيح " في آخر طبعته الثانية ( ص 530 ) .
2765 " ألق [ عنك ] ثيابك و اغتسل , و استنق ما استطعت , و ما كنت صانعا في حجتك ,
فاصنعه في عمرتك " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 626 :
أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " ( 1 / 98 / 2003 ) و ابن أبي حاتم في "
تفسيره " , و ابن عبد البر في " التمهيد " ( 2 / 251 ) من طرق ثلاث عن محمد بن
سابق قال : أخبرنا إبراهيم بن طهمان عن أبي الزبير عن عطاء بن أبي رباح عن #
صفوان ابن أمية # قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم متضمخ
بالخلوق , عليه مقطعات قد أحرم بعمرة , فقال : كيف تأمرني يا رسول الله في
عمرتي ? فأنزل الله عز وجل : *( و أتموا الحج و العمرة لله )* . فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : " أين السائل عن العمرة ?! " . فقال : [ ها ] أنا [ ذا ]
. فقال : فذكره . و قال ابن عبد البر : " هكذا جاء في هذا الحديث : " صفوان بن
أمية " نسبة إلى جده , و هو صفوان بن يعلى بن أمية , رجل تميمي " . قلت : و
هكذا على الجادة وقع عند الطبراني , و زاد : " عن أبيه " , و أظنها زيادة من
بعض النساخ لمخالفتها لرواية الآخرين , و لقول الطبراني عقب الحديث : " و رواه
مجاهد عن عطاء عن صفوان بن يعلى عن أبيه " . قلت : و هذه الزيادة : " عن أبيه "
ثابتة في " الصحيحين " و غيرهما من طرق عن عطاء عن صفوان عن أبيه . و بذلك اتصل
الإسناد و صح الحديث , و هو مخرج في " صحيح أبي داود " ( 1596 - 1599 ) , لكن
ليس فيها نزول الآية *( و أتموا الحج و العمرة لله )* صراحة و كأن حديث الترجمة
مبين لما أجمل في تلك الطرق و لهذا قال الحافظ في " الفتح " ( 3 / 614 ) : " لم
أقف في شيء من الروايات على بيان المنزل حينئذ من القرآن و قد استدل به جماعة
من العلماء على أن من الوحي ما لا يتلى , لكن وقع عند الطبراني في "الأوسط "
من طريق أخرى أن المنزل حينئذ قوله تعالى : *( و أتموا الحج و العمرة لله )* و
وجه الدلالة على المطلوب عموم الأمر بالإتمام , فإنه يتناول الهيئات و الصفات "
. و كأنه سكت عن الإرسال الذي في الإسناد لاتصاله في الطرق الأخرى , و لما فيه
من البيان الذي أشرت إليه , و الله أعلم . ( فائدة ) : قال في " الفتح " ( 3 /
394 ) : " قال ابن المنير في " الحاشية " : قوله : " و اصنع " معناه : اترك ,
لأن المراد بيان ما يجتنبه المحرم , فيؤخذ منه فائدة , و هي أن الترك فعل " . (
تنبيه ) : عزاه السيوطي في " الدر المنثور " ( 1 / 208 ) لابن أبي حاتم و أبي
نعيم في " الدلائل " و ابن عبد البر في " التمهيد " عن يعلى بن أمية . فاعلم
أنه عند ابن عبد البر عن صفوان بن يعلى مرسلا لم يذكر عن أبيه . و كذا هو عند
ابن أبي حاتم كما في " تفسير ابن كثير " و استغربه . و أما " الدلائل " لأبي
نعيم , فهو عنده ( ص 179 ) مسندا عن أبيه لكن من طريق أخرى كما هو عند الشيخين
ليس فيه نزول الآية , فاقتضى التنبيه .
2766 " تصدقوا على أهل الأديان " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 628 :
أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 3 / 177 ) : حدثنا جرير بن عبد الحميد عن
أشعث عن جعفر عن # سعيد بن جبير # قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
لا تصدقوا إلا على أهل دينكم " , فأنزل الله تعالى *( ليس عليك هداهم )* إلى
قوله : *( و ما تنفقوا من خير يوف إليكم )* : قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : فذكره . قلت : و هذا إسناد مرسل كما في " نصب الراية " ( 4 / 398 )
و رجاله ثقات رجال الستة غير أشعث , و هو ابن إسحاق بن سعد بن مالك الأشعري
القمي , و جعفر , و هو ابن أبي المغيرة الخزاعي القمي , و هو صدوق له أوهام كما
في " الخلاصة " , و نحوه في " التقريب " , و الذي قبله ثقة , و الراوي عنه جرير
بن عبد الحميد , مع كونه من رجال الستة كما ذكرنا فقد قال الحافظ في " التقريب
" : " ثقة صحيح الكتاب , قيل : كان في آخر عمره يهم من حفظه " . و قد تابعه عبد
الله بن سعد الدشتكي لكنه قال : حدثنا أشعث بن إسحاق عن جعفر بن أبي المغيرة عن
سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه كان يأمر بأن لا
يتصدق إلا على أهل الإسلام حتى نزلت هذه الآية : *( ليس عليك هداهم )* إلى
آخرها , فأمر بالصدقة بعدها على كل من سألك <1> من كل دين . فأسنده بذكر ابن
عباس . أخرجه ابن أبي حاتم في " التفسير " ( 1 / 211 / 2 ) قال : حدثنا أحمد بن
القاسم بن عطية : حدثني أحمد بن عبد الرحمن - يعني : الدشتكي - : حدثني أبي عن
أبيه به . قلت : و نقله ابن كثير في " تفسيره " , و سكت عنه , و إسناده حسن ,
رجاله كلهم من رجال " التهذيب " غير أحمد بن القاسم بن عطية , قال ابن أبي حاتم
( 1 / 67 ) : " هو المعروف بأبي بكر بن القاسم الحافظ . روى عن أبي الربيع
الزهراني , و كتبنا عنه , و هو صدوق ثقة " . و تابع جعفر بن أبي المغيرة جعفر
بن إياس عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : " كان ناس لهم أنسباء و قرابة من
بني قريظة و النضير , و كانوا يتقون أن يتصدقوا عليهم و يريدونهم على الإسلام ,
فنزلت *( ليس عليك هداهم و لكن الله يهدي من يشاء , و ما تنفقوا من خير
فلأنفسكم , و ما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله و ما تنفقوا من خير يوف إليكم و
أنتم لا تظلمون )* [ البقرة : 272 ] " . أخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام في
كتابه " الأموال " ( ص 616 / 1991 ) و ابن جرير في " التفسير " ( 3 / 63 ) من
طريق سفيان عن الأعمش عنه . و كذلك رواه الحاكم ( 2 / 285 ) و عنه البيهقي ( 4
/ 191 ) لكن سقط من روايته ( الأعمش ) , و زاد في آخره : " قال : فرخص لهم " .
و قال الحاكم : " صحيح الإسناد " . و قال الذهبي : " ( خ م ) " . يعني أنه على
شرط الشيخين , و هو كما قال بالنظر إلى رواية أبي عبيد و ابن جرير , و إلا ففي
إسناد الحاكم محمد بن غالب , فإن فيه كلاما مع كونه ليس من رجال الشيخين , و
لعل السقط المشار إليه منه . و يشهد للحديث ما أخرجه الشيخان و غيرهما من حديث
أسماء بنت أبي بكر قالت : قدمت علي أمي و هي مشركة في عهد قريش إذ عاهدهم ,
فاستفتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقلت : يا رسول الله ! قدمت علي أمي و
هي راغبة , أفأصل أمي ? ( و في لفظ : أفأعطيتها ) . قال : " نعم , صلي أمك " .
و هو مخرج في " صحيح أبي داود " ( 1468 ) و اللفظ الآخر للبيهقي ( 4 / 191 ) و
ترجم له و لحديث الترجمة بقوله : " باب صدقة النافلة على المشرك و على من لا
يحمد فعله " . هذا في صدقة النافلة , و أما الفريضة فلا تجوز لغير المسلم لحديث
معاذ المعروف : " تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم " . متفق عليه , و هو مخرج
في المصدر السابق برقم ( 1412 ) , و بأوسع منه في " إرواء الغليل " ( 782 ) .
-----------------------------------------------------------
[1] هكذا الرواية بكاف الخطاب في " ابن أبي حاتم " , و " ابن كثير " , و
السيوطي . اهـ .
2767 " إن من أشراط الساعة أن يفيض المال و يكثر الجهل و تظهر الفتن و تفشو التجارة
[ و يظهر العلم ] " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 631 :
أخرجه النسائي في " سننه " ( 2 / 212 ) و الحاكم في " مستدركه " ( 2 / 7 ) و
اللفظ له , و الطيالسي ( 1171 ) و عنه ابن منده في " المعرفة " ( 2 / 59 / 2 )
و الخطابي في " غريب الحديث " ( 81 / 2 ) من طريق وهب بن جرير : حدثنا أبي قال
: سمعت يونس بن عبيد يحدث عن # الحسن عن عمرو بن تغلب # قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : فذكره . و الزيادة للنسائي , و لها عنده تتمة و هي : " و
يبيع الرجل البيع فيقول : لا حتى أستأمر تاجر بني فلان , و يلتمس في الحي
العظيم الكاتب فلا يوجد " . و قال الحاكم : " صحيح على شرط الشيخين , إلا أن
عمرو بن تغلب ليس به راو غير الحسن " . كذا قال ! و كأنه لم يقف على قول ابن
أبي حاتم في كتابه ( 3 / 1 / 222 / 1235 ) و تبعه ابن عبد البر في " الاستيعاب
" : " ... روى عنه الحسن البصري و الحكم بن الأعرج " . قلت : و قد روى البخاري
في " صحيحه " ( 2927 و 3592 ) و ابن ماجه ( 4098 ) و أحمد ( 4 / 69 - 70 )
حديثا في أشراط الساعة في مقاتلة الترك , من طريق الحسن عن عمرو بن تغلب , لكن
صرح فيه بالتحديث , و هذا شرط مهم بالنسبة لصحة الحديث بصورة عامة , و على شرط
البخاري بصورة خاصة , لما هو معلوم عند المتمكنين في هذا العلم أن الحسن البصري
مدلس , ففي ثبوت هذا الحديث توقف عن عمرو بن تغلب لعدم تصريحه بالسماع منه ,
لكن الحديث صحيح لما يأتي مما يقويه . و بالجملة , فعلة هذا الإسناد هي العنعنة
, و ليس الإرسال كما توهم الدكتور فؤاد في تعليقه على " الحكم و الأمثال "
للماوردي ( ص 100 ) , فقال بعد أن صرح بضعف الحديث و ذكر قول الحاكم : " ليس
لعمرو بن تغلب راو غير الحسن " , و زاد عليه : " و هو البصري تابعي , و قد رفعه
إلى الرسول مباشرة , فالحديث مرسل " ! قلت : و هذه الزيادة موصولة عنده بكلام
الحاكم , بحيث أنه لا يمكن لأحد لم يكن قد اطلع على كلام الحاكم المتقدم أولا ,
أن يميزه عن ما بعده الذي هو من كلام الدكتور ثانيا ! إلا إذا تنبه لما فيه من
الجهل بهذا العلم الذي يترفع عما دونه من كان دون الحاكم في العلم بمراحل !! و
الله المستعان . و الحديث وقع في " الأمثال " : ( الهرج ) مكان ( الجهل ) , و (
الظلم ) مكان ( العلم ) , و أظنه تصحيفا . و لم ينبه على شيء من ذلك الدكتور
فؤاد , بل عزا الحديث إلى الحاكم كما تقدم - على ما بين روايته و رواية "
الأمثال " من الاختلاف !! - و لم أجد للفظ ( الظلم ) شاهدا بخلاف ( العلم ) ,
فقد رأيت الحديث في " الفتن " لأبي عمرو الداني ( ق 15 / 2 ) من طريق علي بن
معبد قال : حدثنا عبد الله بن عصمة عن أبي حمزة عن الحسن قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : فذكر الحديث دون فقرتي الجهل و الفتن , و زاد : " قال ابن
معبد : يعني الكتاب " . قلت : و عبد الله بن عصمة لم أعرفه . و أبو حمزة الظاهر
أنه الذي في " كنى الدولابي " ( 1 / 156 ) : " و أبو حمزة إسحاق بن الربيع ,
يروي عن الحسن , بصري " . و في " المقتنى " للذهبي ( 26 / 1 ) : " أبو حمزة
العطار : إسحاق بن الربيع " . و هو من رجال " التهذيب " , و في " التقريب " : "
إسحاق بن الربيع البصري الأبلي - بضم الهمزة الموحدة و تشديد اللام - أبو حمزة
العطار , صدوق تكلم فيه للقدر , من السابعة " . و بالجملة , ففي هذه الرواية مع
الإرسال ضعف لا يعلل به الرواية المسندة التي قبلها , و إنما علتها العنعنة كما
ذكرنا , و إنما ذكرت هذه المرسلة لنرجح لفظة ( العلم ) على لفظة ( الظلم ) . و
قد وجدت لها شاهدا من حديث سيار عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه
وسلم : " إن بين يدي الساعة تسليم الخاصة و فشو التجارة حتى تعين المرأة زوجها
على التجارة و قطع الأرحام و شهادة الزور و كتمان شهادة الحق و ظهور القلم " .
رواه البخاري في " الأدب المفرد " ( 1049 ) و أحمد ( 1 / 407 ) بإسناد صحيح ,
رجاله ثقات رجال مسلم غير سيار , و هو سيار أبو الحكم كما وقع في رواية البخاري
, و كذا الطحاوي في " مشكل الآثار " ( 4 / 385 ) و أحمد في رواية ( 1 / 419 ) و
كذا في رواية الحاكم لهذا الحديث ببعض اختصار في " المستدرك " ( 4 / 445 ) و في
حديث آخر عند أحمد ( 1 / 389 ) و هو ثقة من رجال الشيخين , لكن قيل : إنه سيار
أبو حمزة , و رجحه الحافظ في " التهذيب " , و رده الشيخ أحمد شاكر في تعليقه
على " المسند " ( 5 / 257 - 258 ) و ادعى أن أبا حمزة هذا لم توجد له ترجمة ,
مع أنه من رجال " التهذيب " , ذكره عقب ترجمة سيار أبي الحكم , و ذكر الحافظ
المزي أنه ذكره ابن حبان في " الثقات " , فقال الحافظ ابن حجر : " و لم أجد
لأبي حمزة ذكرا في " ثقات ابن حبان " , فينظر " . قلت : هو عنده في " أتباع
التابعين " قبيل ترجمة سيار أبي الحكم ( 6 / 421 - هندية ) . و كذلك ترجمه
البخاري في " التاريخ الكبير " ( 2 / 2 / 160 ) و ابن أبي حاتم ( 2 / 1 / 255 )
. و الأول ثقة من رجال الشيخين , و هذا لم يوثقه غير ابن حبان , و روى عنه جمع
, و لكن لم نجد حجة لمن ادعى أنه هو راوي هذا الحديث مع تصريح الراوي عنه - و
هو بشير بن سلمان - أنه سيار أبو الحكم , إلا مجرد ادعاء أنه أخطأ في ذلك و أن
الصواب أنه سيار أبو حمزة . و لو سلمنا بذلك فالإسناد لا ينزل عن مرتبة الحسن
لما سبق من توثيق ابن حبان إياه مع رواية جمع عنه . و الحديث أورده الهيثمي في
" مجمع الزوائد " ( 7 / 329 ) برواية أحمد بتمامه , و البزار ببعضه ثم قال : "
و رجالهما رجال الصحيح " . ( فائدة ) : وقع في " المجمع " ( العلم ) مكان (
القلم ) , و الظاهر أنه تحريف , و الصواب ما في " المسند " : ( القلم )
لمطابقته لما في " جامع المسانيد " ( 27 / 166 - 167 ) عنه , و لرواية " الأدب
المفرد " من الطبعة السلفية , و الطبعة التازية و الطبعة الهندية , خلافا
للطبعة الجيلانية , و لا ينافي ذلك زيادة النسائي و رواية الداني , لأنها بمعنى
( القلم ) أو قريبة منه , و لاسيما و قد فسرها علي بن معبد بقوله : " يعني
الكتاب " أي الكتابة . قال العلامة أحمد شاكر : " يريد الكتابة " . قلت : ففي
الحديث إشارة قوية إلى اهتمام الحكومات اليوم في أغلب البلاد بتعليم الناس
القراءة و الكتابة , و القضاء على الأمية حتى صارت الحكومات تتباهى بذلك ,
فتعلن أن نسبة الأمية قد قلت عندها حتى كادت أن تمحى ! فالحديث علم من أعلام
نبوته صلى الله عليه وسلم , بأبي هو و أمي . و لا يخالف ذلك - كما قد يتوهم
البعض - ما صح عنه صلى الله عليه وسلم في غير ما حديث أن من أشراط الساعة أن
يرفع العلم و يظهر الجهل لأن المقصود به العلم الشرعي الذي به يعرف الناس ربهم
و يعبدونه حق عبادته , و ليس بالكتابة و محو الأمية كما يدل على ذلك المشاهدة
اليوم , فإن كثيرا من الشعوب الإسلامية فضلا عن غيرها , لم تستفد من تعلمها
القراءة و الكتابة على المناهج العصرية إلا الجهل و البعد عن الشريعة الإسلامية
, إلا ما قل و ندر , و ذلك مما لا حكم له . و إن مما يدل على ما ذكرنا قوله صلى
الله عليه وسلم : " إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد , و لكن
يقبض العلم بقبض العلماء , حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسئلوا
, فأفتوا بغير علم فضلوا و أضلوا " . رواه الشيخان و غيرهما من حديث ابن عمرو و
صدقته عائشة , و هو مخرج في " الروض النضير " ( رقم 579 ) . ثم بدا لي أن
الحديث صحيح من جهة أخرى , و هي أنه وقع عند الطيالسي تماما لحديث البخاري الذي
صرح فيه الحسن بالسماع . و الله تعالى أعلم . ( تنبيه ) : في حديث ابن مسعود من
رواية " الأدب المفرد " زيادة هامة , يستفاد منها حكمان شرعيان هامان جدا , و
قد بينتهما في كثير من مؤلفاتي من آخرها في التعليق على كتابي الجديد " صحيح
الأدب المفرد " ( رقم 801 / 1049 ) و هو وشيك الانتهاء إن شاء الله تعالى . ثم
طبع و صدر هو و قسيمه " ضعيف الأدب المفرد " , و الحمد لله على توفيقه .
2768 " ستخرج نار قبل يوم القيامة من بحر حضرموت تحشر الناس , قالوا : يا رسول لله
! فما تأمرنا ? قال : عليكم بالشام " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 636 :
أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 15 / 78 ) : حدثنا أبو عامر العقدي عن علي
بن المبارك عن يحيى قال : حدثني أبو قلابة قال : حدثني سالم بن عبد الله قال :
حدثني # عبد الله بن عمر # قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره .
قلت : و هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين , و قد أخرجه أحمد ( 2 / 99 ) : حدثنا
يحيى بن إسحاق حدثنا أبان بن يزيد عن يحيى بن أبي كثير به , ببعض اختصار . و
هذا إسناد صحيح أيضا على شرط مسلم .
2769 " كان أخوان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم , فكان أحدهما يأتي النبي صلى
الله عليه وسلم ( و في رواية : يحضر حديث النبي صلى الله عليه وسلم و مجلسه ) و
الآخر يحترف , فشكا المحترف أخاه إلى النبي صلى الله عليه وسلم , [ فقال : يا
رسول الله ! [ إن هذا ] أخي لا يعينني بشيء ] , فقال صلى الله عليه وسلم : "
لعلك ترزق له " " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 636 :
أخرجه الترمذي ( 2346 ) و الحاكم ( 1 / 93 - 94 ) و الروياني في " مسنده " ( ق
241 / 1 ) و ابن عدي في " الكامل " ( 2 / 682 ) و ابن عبد البر في " جامع بيان
العلم " ( 1 / 59 ) و الرواية الأخرى له و كذا الزيادة , و الضياء المقدسي في "
المختارة " ( 1 / 512 - 513 ) كلهم من طريق أبي داود الطيالسي : حدثنا حماد ابن
سلمة عن ثابت عن # أنس # قال : فذكره . و قال الترمذي : " حديث حسن صحيح غريب "
. و قال الحاكم : " صحيح على شرط مسلم " . و وافقه الذهبي , و هو كما قالا . و
أبو داود الطيالسي هو سليمان بن داود صاحب المسند المعروف به , و ليس الحديث
فيه , و قد قرن به بشر بن السري في رواية الضياء , و أخرجه عنه وحده السهمي في
" تاريخ جرجان " ( 497 ) و أبو نعيم في " الحلية " ( 8 / 302 ) و له الزيادة و
ما فيها من الزيادة . و بشر هذا ثقة من رجال الشيخين , فهي متابعة قوية لأبي
داود الطيالسي .
ساجدة لله
2010-10-20, 05:37 AM
2770 " إن الله عز وجل لا يظلم المؤمن حسنة , يثاب عليها الرزق في الدنيا و يجزى بها
في الآخرة , و أما الكافر فيعطى بحسناته [ ما عمل بها لله ] في الدنيا , فإذا
لقي الله عز وجل يوم القيامة لم تكن له حسنة يعطى بها خيرا " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 637 :
أخرجه أحمد ( 3 / 125 ) و السياق له , و مسلم ( 8 / 135 ) و الزيادة له , و كذا
عبد ابن حميد في " المنتخب " ( ق 155 / 1 ) من طريق همام بن يحيى عن قتادة عن #
أنس # أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره . و في رواية لمسلم من طريق
معتمر قال : سمعت أبي : حدثنا قتادة عن أنس بلفظ : " إن الكافر إذا عمل حسنة
أطعم بها طعمة من الدنيا , و أما المؤمن فإن الله يدخر له حسناته في الآخرة , و
يعقبه رزقا في الدنيا على طاعته " . و لقد تقدم حديث الترجمة في المجلد الأول
برقم ( 53 ) مختصرا عما هنا تخريجا , و هناك قاعدة ينبغي الرجوع إليها .
2771 " *( علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو )* و لكن أخبركم بمشاريطها , و ما
يكون بين يديها : إن بين يديها فتنة و هرجا . قالوا : يا رسول الله ! الفتنة قد
عرفناها فالهرج ما هو ? قال : بلسان الحبشة : القتل , و يلقى بين الناس التناكر
فلا يكاد أحد أن يعرف أحدا " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 638 :
أخرجه أحمد ( 5 / 389 ) عن # حذيفة # قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم
عن الساعة ? فقال : فذكره . قلت : و إسناده صحيح على شرط مسلم , و قال الهيثمي
في " مجمع الزوائد " ( 7 / 309 ) : " رواه أحمد , و رجاله رجال الصحيح " . ثم
ذكر له شاهدا ( 7 / 324 ) من رواية الطبراني , أي في " الكبير " , و قال : " و
فيه راو لم يسم " .
2772 " لا تقوم الساعة حتى تظهر الفتن و يكثر الكذب و تتقارب الأسواق و يتقارب
الزمان و يكثر الهرج . قيل : و ما الهرج ? قال : القتل " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 639 :
أخرجه أحمد ( 2 / 519 ) عن سعيد بن سمعان عن # أبي هريرة # أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم قال : فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح , رجاله ثقات رجال
الشيخين غير سعيد بن سمعان هذا , و هو ثقة كما قال الهيثمي في " المجمع " ( 7 /
327 ) و الحافظ في " التقريب " .
2773 " لا تقوم الساعة حتى يمطر الناس مطرا عاما , و لا تنبت الأرض شيئا " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 639 :
أخرجه أحمد ( 3 / 140 ) و أبو يعلى ( 3 / 1072 ) و البخاري في " التاريخ " ( 4
/ 1 / 362 ) تعليقا من طريق حسين بن واقد : حدثني معاذ بن حرملة الأزدي قال :
سمعت # أنسا # يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . قلت : و
إسناده حسن في المتابعات و الشواهد , رجاله ثقات رجال مسلم غير معاذ هذا , و قد
ذكره ابن حبان في " الثقات " ( 5 / 423 ) و لم يذكر هو و غيره راويا عنه غير
حسين بن واقد . لكنه قد توبع , فرواه حماد عن ثابت عن أنس قال : كنا نتحدث أنه
لا تقوم الساعة حتى تمطر السماء و لا تنبت الأرض .. الحديث ذكره حماد هكذا , و
قد ذكر حماد أيضا عن ثابت عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يشك , و قد
قال أيضا عن ثابت عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما أحسب . أخرجه أحمد (
3 / 286 ) و أبو يعلى ( 3 / 893 ) . و إسناده صحيح على شرط مسلم , و لا يضره
شكه في رفعه , لأنه في حكم المرفوع كما هو ظاهر , و لاسيما و قد رفعه في الطريق
الأولى . و الله تعالى أعلم .
2774 " أمر بعبد من عباد الله أن يضرب في قبره مائة جلدة , فلم يزل يسأل و يدعو حتى
صارت جلدة واحدة , فجلد جلدة واحدة , فامتلأ قبره عليه نارا , فلما ارتفع عنه و
أفاق قال : على ما جلدتموني ? قالوا : إنك صليت صلاة واحدة بغير طهور , و مررت
على مظلوم فلم تنصره " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 640 :
أخرجه الطحاوي في " مشكل الآثار " ( 4 / 231 ) : حدثنا فهد بن سليمان قال :
حدثنا عمرو بن عون الواسطي قال : حدثنا جعفر بن سليمان عن عاصم عن شقيق عن #
ابن مسعود # عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : فذكره . قلت : و هذا إسناد
جيد رجاله كلهم ثقات من رجال " التهذيب " غير فهد هذا , و هو ثقة ثبت كما قال
ابن يونس في " الغرباء " كما في " رجال معاني الآثار " ( 85 / 1 ) , و عاصم هو
ابن أبي النجود و هو ابن بهدلة , قال الحافظ : " صدوق له أوهام , حجة في
القراءة , و حديثه في الصحيحين " . و الحديث أورده المنذري في " الترغيب " ( 3
/ 148 ) برواية أبي الشيخ ابن حيان في " كتاب التوبيخ " , و أشار إلى تضعيفه !
ففاته هذا المصدر العزيز بالسند الجيد . و ليس الحديث في الجزء المطبوع من "
كتاب التوبيخ " . و للحديث شاهد من حديث ابن عمر نحوه مختصرا ليس فيه دعاء
المضروب , و إسناده ضعيف كما هو مبين في الكتاب الآخر ( 2188 ) . من فقه الحديث
: قال الطحاوي عقبه : " فيه ما قد دل أن تارك الصلاة لم يكن بذلك كافرا , لأنه
لو كان كافرا لكان دعاؤه باطلا لقول الله تعالى : *( و ما دعاء الكافرين إلا في
ضلال )* " . و نقله عنه ابن عبد البر في " التمهيد " ( 4 / 239 ) و أقره , بل و
أيده بتأويل الأحاديث الواردة في تكفير تارك الصلاة على أن معناها : " من ترك
الصلاة جاحدا لها معاندا مستكبرا غير مقر بفرضها . و ألزم من قال بكفره بها و
قبلها على ظاهرها فيهم أن يكفر القاتل و الشاتم للمسلم , و أن يكفر الزاني و ..
و .. إلى غير ذلك مما جاء في الأحاديث لا يخرج بها العلماء المؤمن من الإسلام ,
و إن كان بفعل ذلك فاسقا عندهم , فغير نكير أن تكون الآثار في تارك الصلاة كذلك
" . قلت : و هذا هو الحق , و انظر الحديث الآتي ( 3054 ) فإنه نص قاطع .
2775 " كان يعوذ بهذه الكلمات : " [ اللهم رب الناس ] أذهب الباس , و اشف و أنت
الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما " . فلما ثقل في مرضه الذي مات
فيه أخذت بيده فجعلت أمسحه [ بها ] و أقولها , فنزع يده من يدي , و قال : "
اللهم اغفر لي و ألحقني بالرفيق الأعلى " . قالت : فكان هذا آخر ما سمعت من
كلامه صلى الله عليه وسلم " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 642 :
أخرجه أبو بكر بن أبي شيبة في " مصنفه " ( 8 / 1 / 45 - 46 ) قال : حدثنا أبو
معاوية عن الأعمش عن مسلم عن مسروق عن # عائشة # قالت : ... قلت : و هذا إسناد
صحيح على شرط الشيخين , و قد أخرجاه كما يأتي . و أخرجه مسلم ( 7 / 15 ) و ابن
ماجه ( 1619 ) من طريق ابن أبي شيبة . و تابعه عند مسلم أبو كريب . و تابعهما
الإمام أحمد ( 6 / 45 ) : حدثنا أبو معاوية به , و الزيادة الثانية له , و مسلم
هو ابن صبيح أبو الضحى . و تابعه سفيان عن الأعمش دون قوله : فلما ثقل بلفظ : "
كان يعوذ بعض أهله , يمسح بيده اليمنى و يقول " فذكره , و فيه الزيادة الأولى
أخرجه البخاري ( 5743 و 5750 ) و مسلم , و النسائي في " عمل اليوم و الليلة " (
1010 ) و أحمد ( 6 / 44 و 127 ) و قال في رواية : " .. ثم قال : أذهب البأس ..
الحديث " . و شعبة عن الأعمش به . أخرجه مسلم و الطيالسي ( 1404 ) و أحمد ( 6 /
45 و 126 ) . و تابعه جرير عنه مثل رواية سفيان الثانية عند أحمد . أخرجه مسلم
. و تابعه هشيم أيضا عنه . أخرجه مسلم , و أبو يعلى في " مسنده " ( 3 / 1100 )
و عنه ابن السني في " عمل اليوم " ( 545 ) به نحوه . و تابع الأعمش منصور عن
أبي الضحى بلفظ : " كان إذا أتى المريض يدعو له قال : .. " فذكره . أخرجه مسلم
و النسائي ( 1011 ) و ابن ماجه ( 3520 ) . و تابع أبا الضحى إبراهيم عن مسروق
بلفظ : " كان إذا أتى مريضا أو أتي به إليه قال : .. " فذكره . أخرجه البخاري (
5675 ) و مسلم و النسائي ( 1012 - 1014 ) و أحمد ( 6 / 109 و 278 ) و أبو يعلى
( 1178 ) . و له طريق أخرى من رواية هشام بن عروة قال : أخبرني أبي عن عائشة :
" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرقي .. " فذكر الدعاء . أخرجه البخاري
( 5744 ) و مسلم أيضا , و النسائي ( 1019 و 1020 ) و أحمد ( 6 / 50 ) و عبد بن
حميد في " مسنده " ( ق 193 / 1 ) . قلت : و في الحديث مشروعية ترقية المريض
بهذا الدعاء الشريف , و ذلك من العمل بقوله صلى الله عليه وسلم : " من استطاع
منكم أن ينفع أخاه فليفعل " . رواه مسلم , و قد مضى تخريجه برقم ( 473 ) و قد
ترجم له البخاري بقوله : " باب رقية النبي صلى الله عليه وسلم " , و قال الحافظ
في " الفتح " ( 10 / 207 ) : " و يؤخذ من هذا الحديث أن الإضافة في الترجمة
للفاعل , و قد ورد ما يدل على أنها للمفعول , و ذلك فيما أخرجه مسلم [ 7 / 13 ]
عن أبي سعيد الخدري أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد !
اشتكيت ? قال : نعم . قال : بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك , من كل نفس أو عين
حاسد , الله يشفيك " . ( تنبيه ) : قوله في الحديث : " يعوذ " أي : غيره , و
إليه أشار البخاري في ترجمته , و شرحه الحافظ . و هكذا وقع في كل المصادر التي
سبق ذكرها و منها " مصنف ابن أبي شيبة " الذي من طريقه تلقاه ابن ماجه كما تقدم
, لكن وقع فيه بلفظ : " يتعوذ " , أي هو صلى الله عليه وسلم , فاختلف المعنى ,
و الصواب المحفوظ الأول , و يبدو أنه خطأ قديم , فإنه كذلك وقع في كل نسخ ابن
ماجه التي وقفت عليها , مثل طبعة إحياء السنة - الهندية , و الطبعة التازية , و
عبد الباقي , و الأعظمي , و لعل ذلك من بعض رواة كتاب ابن ماجه , أو من بعض
النساخ . و الله أعلم . و وقعت هذه اللفظة في " رياض الصالحين " في النسخ
المطبوعة التي وقفت عليها , منها طبعة المكتب الإسلامي التي حققت و بينت مراتب
أحاديثها ( رقم 906 ) بلفظ " يعود " من عيادة المريض , و كذلك وقع في متن و شرح
ابن علان ( 3 / 381 ) المسمى بـ " دليل الفالحين " , فتنبه و لا تكن من
الغافلين .
2776 " ما من مسلم تدرك له ابنتان فيحسن إليهما ما صحبتاه أو صحبهما إلا أدخلتاه
الجنة " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 644 :
أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " ( ص 14 ) و ابن ماجه ( 2 / 391 ) و الحاكم (
4 / 178 ) و أحمد ( رقم 2104 و 3424 ) و ابن حبان ( 2043 ) و الضياء في "
المختارة " ( 61 / 266 / 2 - 267 / 1 ) من طريق شرحبيل بن سعد عن # ابن عباس #
مرفوعا به . و قال الحاكم : " صحيح الإسناد " . و تعقبه الذهبي بقوله : " قلت :
شرحبيل واه " . و هو كما قال الذهبي رحمه الله , فإن شرحبيل هذا تكلم فيه من
وجهين : الاتهام , و الاختلاط . ففي " الميزان " : " عن ابن أبي ذئب قال : كان
شرحبيل بن سعد متهما , و قال ابن معين : ضعيف , و عن مالك : ليس بثقة , و عن
سفيان قال : لم يكن أحد أعلم بالبدريين منه , أصابته حاجة و كانوا يخافون إذا
جاء إلى الرجل يطلب منه الشيء فلم يعطه أن يقول : " لم يشهد أبوك بدرا " ! و
قال أبو زرعة : فيه لين , و قال ابن سعد : بقي حتى اختلط و احتاج , ليس يحتج به
, و قال النسائي و الدارقطني : ضعيف . زاد الثاني : يعتبر به , و ذكره ابن حبان
في " ثقاته " , و قال ابن عدي : عامة ما يرويه أنكار , و هو إلى الضعف أقرب " .
و أورده ابن البرقي في " باب من كان الأغلب عليه الضعف " كما في " تهذيب
التهذيب " . فاعجب بعد هذا لقول الشيخ أحمد محمد شاكر في تعليقه على المسند بعد
أن ساق قول سفيان المتقدم : " فهذا هو السبب عندي في تضعيف من ضعفه فالإنصاف أن
تعتبر رواياته فيما يتعلق بمثل هذا الذي اتهم به , و أما أن ترد رواياته كلها
فلا , إذا كان صدوقا " ! و بناء على ذلك صرح بأن إسناد حديثه هذا صحيح ! و لا
يخفى على اللبيب أن ما ذهب إليه من السبب إنما هي دعوى لا دليل عليها , ثم لو
صحت , لكان هناك السبب الآخر لا يزال قائما و مانعا من الاحتجاج بحديثه ألا و
هو الاختلاط , و كأنه لذلك وقعت في أحاديثه النكارة كما أشار إلى ذلك ابن عدي ,
و تصحيح حديثه و رواياته لازمه رد أقوال أولئك الأئمة الجارحين بسبب بين , و
ذاك لا يجوز كما تقرر في مصطلح الحديث . إذا علمت هذا فلا تغتر بقول المنذري في
" الترغيب " ( 3 / 83 ) : " رواه ابن ماجه بإسناد صحيح , و ابن حبان في صحيحه
من رواية شرحبيل عنه " . و لهذا قال الحافظ الناجي في " عجالة الإملاء " ( ق
169 / 2 ) في رده عليه : " اغتر بابن حبان و الحاكم في تصحيح سنده , و فيه
شرحبيل بن سعد المدني أبي سعد المدني , و هو صدوق اختلط بأخرة , و فيه كلام
معروف , و قد ذكره المصنف في الرواة المختلف فيهم آخر هذا الكتاب و جرحه , و
ذكر أن ابن حبان ذكره في " الثقات " , و أخرج له في صحيحه " غير ما حديث , و
لعل هذا هو الذي غره " . فالحق أن الرجل ضعيف لا يحتج به , و لعله ممن يستشهد
به . و أنا أرى أن حديثه هذا ليس بالمنكر , بل هو جيد لأن له شواهد كثيرة تقدم
ذكر بعضها في المجلد الأول ( 294 - 297 ) , أقربها حديث مسلم " من عال جاريتين
حتى تبلغا , جاء يوم القيامة أنا و هو , و ضم أصابعه " , و مضى برقم ( 297 ) و
لفظه عند البخاري في " الأدب المفرد " ( 894 ) : " .. أنا و هو في الجنة كهاتين
" .
2777 " إذا وقعت الملاحم بعث الله بعثا من الموالي [ من دمشق ] هم أكرم العرب فرسا و
أجوده سلاحا , يؤيد الله بهم الدين " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 646 :
أخرجه ابن ماجه ( 4090 ) و الحاكم ( 4 / 548 ) و ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (
1 / 258 - 260 ) من طريق عثمان بن أبي عاتكة : حدثنا سليمان بن حبيب المحاربي
عن # أبي هريرة # رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
فذكره . و قال الحاكم : " صحيح على شرط البخاري " . قلت : و وافقه الذهبي , لكن
وقع في " تلخيصه " ( م ) يعني على شرط مسلم ! و الأول أقرب إلى الصواب , لأن
مسلما لم يخرج لعثمان هذا , و البخاري إنما أخرج له في " الأدب المفرد " . ثم
إن إسناده غير قابل للصحة , و أما الحسن فمحتمل لأنه - أعني عثمان - مختلف فيه
كما قال البوصيري في " الزوائد " ( 274 / 2 - مصورة المكتب ) و حسن إسناده ! و
قال الذهبي في " الضعفاء " : " صويلح , ضعفه النسائي و غيره " . و في " الكاشف
" : " ضعفه النسائي , و وثقه غيره " . و قال الحافظ في " التقريب " : " ضعفوه
في روايته عن علي بن يزيد الألهاني " . قلت : فهو حسن الحديث في غير روايته عن
الألهاني . و الله أعلم .
2778 " هلاك أمتي في الكتاب و اللبن . قالوا : يا رسول الله ما الكتاب و اللبن ? قال
: يتعلمون القرآن فيتأولونه على غير ما أنزل الله عز وجل , و يحبون اللبن
فيدعون الجماعات و الجمع , و يبدون " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 647 :
أخرجه الإمام أحمد ( 4 / 155 ) : حدثنا أبو عبد الرحمن حدثنا ابن لهيعة عن أبي
قبيل قال : لم أسمع من عقبة بن عامر إلا هذا الحديث , قال ابن لهيعة : و حدثنيه
يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن # عقبة بن عامر الجهني # قال : سمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول : فذكره . و أخرجه ابن عبد الحكم في " فتوح مصر "
( 293 ) : حدثناه المقرىء و أبو الأسود النضر بن عبد الجبار عن ابن لهيعة عن
أبي قبيل وحده . قلت : و هذا الحديث من أحاديث ابن لهيعة الصحيحة , لأنه من
رواية أبي عبد الرحمن عنه , و اسمه عبد الله بن يزيد المقرىء المكي , و هو ثقة
من رجال الشيخين و من كبار شيوخ البخاري , و قد ذكروا أنه من العبادلة الذين
رووا عن ابن لهيعة قبل احتراق كتبه و أنه صحيح الحديث فيما رووه عنه . و قد روى
هذا بإسنادين : الأول : عن أبي قبيل عن عقبة . و الآخر : عن يزيد بن أبي حبيب
عن أبي الخير عن عقبة . و هذا إسناد صحيح , لأن من فوق ابن لهيعة ثقتان من رجال
الشيخين أيضا , و أبو الخير اسمه مرثد بن عبد الله اليزني . و أما إسناده الأول
فحسن لأن أبا قبيل و اسمه حيي بن هاني المعافري وثقه جماعة منهم أحمد , و ضعفه
بعضهم , و قال الحافظ في " التقريب " : " صدوق يهم " . فهو حسن الحديث على
الأقل , و الله أعلم . و الحديث أخرجه الفسوي في " التاريخ " ( 2 / 507 ) و أبو
يعلى في " مسنده " ( 2 / 284 رقم 1746 ط ) و الهروي في " ذم الكلام " ( 2 / 28
/ 1 ) و ابن عبد البر في " جامع بيان العلم " ( 2 / 193 ) كلهم عن عبد الله بن
يزيد به , إلا أن الهروي زاد في الإسناد بين ابن لهيعة و أبي قبيل : عقبة
الحضرمي , و هي زيادة شاذة لتصريح الجماعة في روايتهم بسماع ابن لهيعة لهذا
الحديث من أبي قبيل , و لو صحت لم تضر لأن عقبة هذا - و هو ابن مسلم التجيبي -
ثقة بلا خلاف . ثم أخرجه أحمد ( 4 / 146 ) و الطبراني في " المعجم الكبير " (
17 / 296 / 816 ) من طريقين آخرين عن ابن لهيعة به دون ذكر عقبة الحضرمي . و
تابعه أبو السمح عند أحمد ( 4 / 156 ) و من طريق ابن عبد البر , و الطبراني (
818 ) , و لفظه مخالف لحديث الترجمة , و لذلك خرجته في " الضعيفة " ( 1779 ) .
و الليث - و هو ابن سعد - عند الطبراني ( 815 ) و ابن عبد البر . و مالك بن
الخير الزيادي عند الطبراني ( 817 ) . فهذه المتابعات من هؤلاء لابن لهيعة تؤكد
أنه قد حفظ هذا الحديث , فالحمد لله . ( فائدة ) : ترجم ابن عبد البر لهذا
الحديث بقوله : " باب فيمن تأول القرآن أو تدبره و هو جاهل بالسنة " . ثم قال
تحته : " أهل البدع أجمع أضربوا عن السنن , و تأولوا الكتاب على غير ما بينت
السنة , فضلوا و أضلوا . نعوذ بالله من الخذلان , و نسأله التوفيق و العصمة " .
قلت : و من ضلالهم تغافلهم عن قوله تعالى في كتابه موجها إلى نبيه صلى الله
عليه وسلم : *( و أنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم )* . ثم إن
الحديث عزاه السيوطي في " الجامع الكبير " لـ ( حم , هب , و أبو نصر السجزي في
" الإبانة " عن عقبة بن عامر ) . و لم يورده في " الجامع الصغير " . ( تنبيه )
: وقع من بعضهم حول هذا الحديث أوهام لابد من بيانها : لقد ضعفه الهيثمي في "
مجمع الزوائد " بقوله ( 8 / 104 - 105 ) : " رواه أحمد , و فيه ابن لهيعة و هو
لين , و بقية رجاله ثقات " . قلت : فخفي عليه أمران : الأول : أن ابن لهيعة
صحيح الحديث في رواية العبادلة عنه , و هذا من رواية أحدهم , و هو أبو عبد
الرحمن المقرىء كما تقدم . و الآخر : أن ابن لهيعة لم يتفرد به بل تابعه الليث
بن سعد و غيره كما سبق بيانه . و قلده في هذا كله المعلق على "مسند أبي يعلى "
السيد حسين سليم أسد , فقال ( 3 / 285 ) : " إسناده ضعيف لضعف ابن لهيعة , و
أبو عبد الرحمن هو عبد الله بن يزيد المقرىء " !! و قوله : ( يبدون ) أي يخرجون
إلى البادية لطلب مواضع اللبن في المراعي , كما في " النهاية " .
2779 " احبس عليك مالك . قاله لمن أراد أن يتصدق بحلي أمه و لم توصه " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 650 :
أخرجه الطبراني ( 17 / 281 / 773 ) من طريقين عن وهب بن جرير : حدثني أبي قال :
سمعت يحيى بن أيوب يحدث عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير مرثد بن عبد الله
اليزني عن # عقبة بن عامر # قال : أتى رجل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إن
أمي توفيت و تركت حليا و لم توص , فهل ينفعها إن تصدقت عنها ? فقال : فذكره .
قلت : و هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين , و يحيى بن أيوب هو الغافقي , قال
الحافظ : " صدوق ربما أخطأ " . و قد تابعه ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب به
نحوه , و لفظه : " .. أفأتصدق به عنها ? قال : أمك أمرتك بذلك ? قال : لا . قال
: فأمسك عليك حلي أمك " . أخرجه أحمد ( 4 / 157 ) . ثم أخرجه من طريق رشدين :
حدثني عمرو بن الحارث و الحسن بن ثوبان عن يزيد بن أبي حبيب به مختصرا . قلت :
و هذا الحديث من صحيح حديث ابن لهيعة أيضا للمتابعات المذكورة . من فقه الحديث
: و اعلم أن ظاهر الحديث يدل أنه ليس للولد أن يتصدق عن أمه إذا لم توص . و قد
جاءت أحاديث صريحة بخلافه , منها حديث ابن عباس : أن سعد بن عبادة قال : يا
رسول الله ! إن أمي توفيت - و أنا غائب عنها - فهل ينفعها إن تصدقت بشيء عنها ?
قال : نعم . و هو مخرج في " أحكام الجنائز " ( ص 172 ) و " صحيح أبي داود " (
2566 ) و في معناه أحاديث أخرى مذكورة هناك . أقول : فلعل الجمع بينه و بينها
أن يحمل على أن الرجل السائل كان فقيرا محتاجا , و لذلك أمره بأن يمسك ماله . و
يؤيده أنه صلى الله عليه وسلم لم يجبه على سؤاله : فهل ينفعها إن تصدقت عنها ?
بقوله مثلا : " لا " , و إنما قال له : " احبس عليك مالك " , أي لحاجته إليه .
هذا ما بدا لي . و الله أعلم .
ساجدة لله
2010-10-20, 05:39 AM
2780 " كنا إذا كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر , فقلنا : زالت الشمس , أو
لم تزل صلى الظهر ثم ارتحل " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 652 :
أخرجه الإمام أحمد ( 3 / 113 ) : حدثنا أبو معاوية حدثنا مسحاج الضبي قال :
سمعت # أنس بن مالك # يقول : فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح ثلاثي من ثلاثيات
أحمد رحمه الله تعالى , و أخرجه أبو داود عن طريق مسدد : حدثنا أبو معاوية به .
و قد أوردته في " صحيح أبي داود " برقم ( 1087 ) منذ سنين , ثم وقفت على كلام
لابن حبان يصرح فيه بإنكار الحديث , فرأيت أنه لابد من تحقيق الكلام عليه ,
فأقول : قال ابن حبان في ترجمة مسحاج بن موسى الضبي من كتابه " الضعفاء " ( 3 /
32 ) : " روى حديثا واحدا منكرا في تقديم صلاة الظهر قبل الوقت للمسافر - لا
يجوز الاحتجاج به " ! ثم قال : " سمعت أحمد بن محمد بن الحسين : سمعت الحسن بن
عيسى : قلت لابن المبارك : حدثنا أبو نعيم بحديث حسن . قال : ما هو ? قلت :
حدثنا أبو نعيم عن مسحاج .. ( فذكر الحديث ) , فقال ابن المبارك : و ما حسن هذا
الحديث ?! أنا أقول : كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي قبل الزوال و قبل
الوقت ?! " . قلت : و هذا إن صح عن ابن المبارك , فهو عجيب من مثل هذا الإمام ,
فإن الحديث ليس فيه الإخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي قبل
الزوال .. و إنما فيه أن الصحابة أو بعضهم كانوا إذا صلى النبي صلى الله عليه
وسلم الظهر , يشكون هل زالت الشمس أم لا , و ما ذلك إلا إشارة من أنس إلى أنه
إلى أنه صلى الله عليه وسلم كان يصليها في أول وقتها بعد تحقق دخوله كما أفاده
الشيخ السفاريني في " شرح ثلاثيات مسند أحمد " ( 2 / 196 ) و نحوه ما في " عون
المعبود " ( 1 / 467 ) : " أي : لم يتيقن أنس و غيره بزوال الشمس و لا بعدمه ,
و أما النبي صلى الله عليه وسلم فكان أعرف الناس للأوقات , فلا يصلي الظهر إلا
بعد الزوال , و فيه الدليل إلى مبادرة صلاة الظهر بعد الزوال معا من غير تأخير
" . و قد بوب أبو داود للحديث بقوله : " باب المسافر يصلي و هو يشك في الوقت "
, و علق عليه صاحب " العون " فقال : " هل جاء وقت الصلاة أم لا ? فلا اعتبار
لشكه , و إنما الاعتماد في معرفة الأوقات على الإمام , فإن تيقن الإمام بمجيء
الوقت , فلا يعتبر بشك بعض الأتباع " . و قوله : " على الإمام " , و أقول : أو
على من أنابه الإمام من المؤذنين المؤتمنين الذين دعا لهم رسول الله صلى الله
عليه وسلم بالمغفرة , و هو الذين يؤذنون لكل صلاة في وقتها , و قد أصبح هؤلاء
في هذا الزمن أندر من الكبريت الأحمر , فقل منهم من يؤذن على التوقيت الشرعي ,
بل جمهورهم يؤذنون على التوقيت الفلكي المسطر على التقاويم و ( الروزنامات ) ,
و هو غير صحيح لمخالفته للواقع , و في هذا اليوم مثلا ( السبت 20 محرم سنة 1406
) طلعت الشمس من على قمة الجبل في الساعة الخامسة و خمس و أربعين دقيقة , و في
تقويم وزارة الأوقاف أنها تطلع في الساعة الخامسة و الدقيقة الثالثة و الثلاثين
! هذا و أنا على ( جبل هملان ) , فما بالك بالنسبة للذين هم في ( وسط عمان ) ?
لا شك أنه يتأخر طلوعها عنهم أكثر من طلوعها على ( هملان ) . و مع الأسف فإنهم
يؤذنون للفجر هنا قبل الوقت بفرق يتراوح ما بين عشرين دقيقة إلى ثلاثين , و
بناء عليه ففي بعض المساجد يصلون الفجر ثم يخرجون من المسجد و لما يطلع الفجر
بعد , و لقد عمت هذه المصيبة كثيرا من البلاد الإسلامية كالكويت و المغرب و
الطائف و غيرها , و يؤذنون هنا للمغرب بعد غروب الشمس بفرق 5 - 10 دقائق . و
لما اعتمرت في رمضان السنة الماضية صعدت في المدينة إلى الطابق الأعلى من
البناية التي كنت زرت فيها أحد إخواننا لمراقبة غروب الشمس و أنا صائم , فما
أذن إلا بعد غروبها بـ ( 13 دقيقة ) ! و أما في جدة فقد صعدت بناية هناك يسكن
في شقة منها صهر لي , فما كادت الشمس أن تغرب إلا و سمعت الأذان . فحمدت الله
على ذلك . هذا , و إذا عرفت معنى الحديث و أنه ليس فيه ما زعمه ابن حبان من
تقديم صلاة الظهر قبل الوقت للمسافر , سقط قوله : أن الحديث منكر , و أن راويه
مسحاج لا يحتج به , و لاسيما و قد وثقه من هو أعلى كعبا منه في هذا الفن , فقد
ذكر ابن أبي حاتم في كتابه ( 4 / 1 / 430 ) أن يحيى بن معين قال فيه : ثقة . و
قال أبو زرعة : لا بأس به , و في " الميزان " و " التهذيب " عن أبي داود أنه
قال أيضا : ثقة . و إن مما يقرب لك معنى الحديث , و أنه لا نكارة فيه , علاوة
على ما سبق من البيان ما رواه البخاري ( 1683 ) من طريق إسرائيل عن أبي إسحاق
عن عبد الرحمن ابن يزيد عن ابن مسعود أنه قدم ( جمعا ) .. فصلى الفجر حين طلع
الفجر , قائل يقول : طلع الفجر , و قائل يقول : لم يطلع الفجر .. الحديث . و
أبو إسحاق و إن كان اختلط , فهو شاهد جيد لما نحن فيه . و بعد , فإنما قلت في
إسناد ابن حبان : " إن صح .. " , لأنني لم أعرف شيخه أحمد ابن محمد بن الحسين ,
و قد روى له في " صحيحه " , و رأيت له في " موارد الظمآن في زوائد ابن حبان "
ثلاثة أحاديث ( 823 و 2327 و 2360 ) , و وصفه في الثاني منهما بـ " نافلة
الحسين بن عيسى " , أي ولد ولده . فالله سبحانه و تعالى أعلم . ثم رأيت الذهبي
قد ترجمه في " السير " ( 14 / 405 - 406 ) و وصفه بأنه " الماسرجسي , الإمام
المحدث العالم الثقة .. سبط الحسن بن عيسى .. " . ( تنبيه ) : وقع الحديث في "
الضعفاء " بلفظ : " صلاة الظهر " , مكان " صلى الظهر " , فقال محققه محمود
إبراهيم زايد : " هكذا في المخطوطة , و لم أعثر عليه فيما لدي من المراجع , و
يشبه أن يكون الأصل : فصلى صلاة الظهر " ! قلت : هكذا فليكن التحقيق ! أليس
عندك " سنن أبي داود " على الأقل لتصحح عليه ?! و الصواب : " صلى الظهر " , و
أنا أظن أن لفظة " صلى " تحرف على الناسخ إلى " صلاة " !
2781 " كان يسمر مع أبي بكر في الأمر من أمر المسلمين , و أنا معهما . أي عمر " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 655 :
أخرجه الترمذي ( رقم 169 ) و ابن حبان ( 276 ) و البيهقي ( 1 / 452 ) و أحمد (
1 / 25 ) من طريق أبي معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن # عمر بن الخطاب
# قال : فذكره . و قال الترمذي : " حديث حسن , و قد روى هذا الحديث الحسن بن
عبيد الله عن إبراهيم عن علقمة عن رجل من جعفي يقال له : " قيس " أو " ابن قيس
" عن عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحديث في قصة طويلة " .
قلت : وصله البيهقي من طريق عبد الواحد بن زياد : حدثنا الحسن بن عبيد الله به
, قال : " فذكر القصة بمعناه , إلا أنه لم يذكر قصة السمر " . و كذلك وصله أحمد
( 1 / 38 ) من هذا الوجه . لكنه رواه من طريق أبي معاوية أيضا قال - عطفا على
الرواية الأولى - : و حدثنا الأعمش عن خيثمة عن قيس بن مروان أنه - أي عمر رضي
الله عنه - قال : .. فذكر القصة , و فيها حديث الترجمة . قلت : و هذا إسناد
صحيح , رجاله كلهم ثقات من رجال " التهذيب " . و روى الحاكم ( 3 / 318 ) طرفا
من القصة من طريق سفيان عن الأعمش مثل رواية أبي معاوية الأولى , و قال : "
صحيح على شرط الشيخين " ! و وافقه الذهبي ! و لم يتنبها للانقطاع الذي بينته
رواية الحسن بن عبيد الله . و للحديث شاهد من رواية كميل بن زياد عن علي رضي
الله عنه بمعناه . أخرجه الحاكم ( 3 / 317 ) و صححه . و وافقه الذهبي .
2782 " يخرج من ( عدن أبين ) اثنا عشر ألفا ينصرون الله و رسوله , هم خير من بيني و
بينهم " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 656 :
أخرجه أحمد في " مسنده " ( 1 / 333 ) : حدثنا عبد الرزاق عن المنذر بن النعمان
الأفطس قال : سمعت وهبا يحدث عن # ابن عباس # قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : فذكره . قال لي معمر : " اذهب فاسأله عن هذا الحديث " . و من طريق
أحمد أخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " ( 17 / 474 / 1 ) و الطبراني في "
المعجم الكبير " ( 11 / 56 / 11029 ) من طريق عبد الرزاق , و كذا ابن أبي حاتم
في ترجمة منذر بن النعمان ( 4 / 1 / 242 - 243 ) و روى عن ابن معين أنه قال : "
ثقة " , لكن وقع الحديث عنده موقوفا ليس فيه " قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم " , فلا أدري أسقط ذلك من بعض النساخ , أو الرواية هكذا وقعت له , و على
كل فالحديث مرفوع يقينا للمصادر التي رفعته , و لأنه في حكم المرفوع , فإنه من
الأمور الغيبية التي لا مدخل للرأي فيها . و السند صحيح لأن رجاله ثقات رجال
الشيخين غير المنذر هذا , و قد وثقه ابن معين كما رأيت , و ذكره ابن حبان في
أتباع التابعين من " ثقاته " ( 7 / 481 ) , و قد وثقه الإمام أحمد أيضا , و هذا
من النفائس التي وقفت عليها - بفضله تعالى - في بعض المخطوطات المحفوظة في
المكتبة الظاهرية بدمشق الشام حرسها الله تعالى , فقد ذكر الحديث ابن قدامة في
" المنتخب " ( 10 / 194 / 2 ) من طريق حنبل : حدثنا أبو عبد الله حدثنا عبد
الرزاق .. إلخ . قال أبو عبد الله : " المنذر بن النعمان ثقة صنعاني , ليس في
حديثه مسند غير هذا " . و هذه فائدة عزيزة , فشد يديك عليها . هذا , و لم يتفرد
عبد الرزاق به , فقد تابعه معتمر بن سليمان عن المنذر به . أخرجه أبو يعلى في "
المسند " ( 2 / 636 ) و الحسن بن علي الجوهري في " فوائد منتقاة " ( ق 28 / 2 )
, و زاد أبو يعلى : " قال المعتمر : أظنه قال : في الأعماق " . و تابعه أيضا
محمد بن الحسن بن أتش الصنعاني : حدثنا منذر بن الأفطس . أخرجه ابن عدي في "
الكامل " ( 6 / 2184 ) قال : حدثنا محمد بن الحسن بن محمد بن زياد حدثنا علي بن
بحر البري حدثنا محمد بن الحسن بن أتش الصنعاني به . و من طريق ابن عدي أورده
ابن الجوزي في " الأحاديث الواهية " , و تعلق بما لا يصلح له , فقال ( 1 / 306
- 307 ) : " هذا حديث لا يصح , فإن محمد بن الحسن بن أتش مجروح , قال : ابن
حماد : هو متروك الحديث . و محمد بن الحسن بن محمد بن زياد قال فيه طلحة بن
محمد بن جعفر : كان يكذب " . فأقول : هذا التجريح لا قيمة له البتة , و ذلك من
وجهين : الأول : أنهما لم يتفردا بالحديث كما قدمنا , و من العجيب الغريب أن
يخفى ذلك على ابن الجوزي أو على الأقل بعضه .. و هو في " مسند أحمد " بسند صحيح
كما تقدم . و الآخر : أن ابن أتش لا يبلغ أمره أن يترك , فإنه قد وثقه جمع منهم
أبو حاتم , و مخالفة ابن حماد - و هو الدولابي مؤلف الكنى - متكلم فيه , كما في
" الميزان " و " اللسان " , فتجريحه لا ينهض لمعارضته توثيق أبي حاتم , و
لاسيما و هذا معدود من المتشددين ! و كذلك يقال عن قول الأزدي فيه مثل قول
الدولابي فإنه مطعون فيه . نعم قد وافقهما النسائي كما في " التهذيب " , لكن رد
ذلك الحافظ أحمد بن صالح فقال : " هو ثقة , و كلام النسائي فيه غير مقبول " .
قال الحافظ عقبه : " لأن أحمد و علي بن المديني لا يرويان إلا عن مقبول , مع
قول أحمد بن صالح فيه " . و لذلك قال الحافظ في " التقريب " : " صدوق فيه لين "
. و مثله محمد بن الحسن بن زياد , فقد قال فيه الذهبي و العسقلاني : " هو صدوق
, أخطأ في حقه من كذبه , و لكن ما هو بعمدة " . قلت : و بالجملة لو أن الحديث
لم يأت إلا من طريقهما لكان ضعيفا , أما و قد جاء من طريق بعض الثقات فحديثهما
يصلح في الشواهد و المتابعات . و الله ولي التوفيق .
2783 " استتروا في صلاتكم ( و في رواية : ليستتر أحدكم في صلاته ) و لو بسهم " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 659 :
أخرجه ابن خزيمة في " صحيحه " رقم ( 810 ) و أبو يعلى ( 2 / 239 / 941 ) و
الحاكم ( 1 / 552 ) و البيهقي ( 2 / 270 ) و ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 1 /
278 ) و أحمد ( 3 / 404 ) و الطبراني في " المعجم الكبير " ( 7 / 133 - 134 ) و
البغوي في " شرح السنة " ( 2 / 403 ) و حسنه عن جمع من الثقات : إبراهيم بن سعد
و حرملة بن عبد العزيز و زيد بن الحباب و سبرة أخي حرملة و يعقوب بن إبراهيم ,
خمستهم عن عبد الملك بن الربيع بن # سبرة # عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : فذكره . و قال الحاكم : " صحيح على شرط مسلم " . و وافقه
الذهبي . قلت : و فيه نظر من ناحيتين : الأولى : أن عبد الملك هذا قال أبو
الحسن بن القطان : " لم تثبت عدالته ,و إن كان مسلم أخرج له , فغير محتج به "
. قال الحافظ في " التهذيب " عقبه : " و مسلم إنما أخرج له حديثا واحدا في
المتعة متابعة " . قلت : فليس هو على شرط مسلم إلا إن توبع . قال الحافظ أيضا :
" قلت : وثقه العجلي , قال أبو خيثمة : سئل ابن معين عن أحاديث عبد الملك عن
أبيه عن جده ? فقال : ضعاف " . قلت : و هذا الإطلاق غير مسلم له على إطلاقه على
الأقل , فإن الإمام أحمد و الطبراني ساقا له مع هذا الحديث حديثين آخرين أحدهما
في أمر الصبي بالصلاة و هو ابن سبع , و الآخر في النهي عن الصلاة في أعطان
الإبل , و زاد الطبراني ثالثا في النهي عن متعة النساء , و هذا في صحيح مسلم من
طريق آخر عن الربيع بن سبرة , و هو الذي أشار إليه الحافظ آنفا , و حديث
الأعطان له شواهد مخرج بعضها في " صحيح أبي داود " ( 177 ), و حديث الصبي كذلك
و هو مخرج في " الإرواء " ( 247 ) و " صحيح أبي داود " ( 508 ) و قد صححه جمع
كالترمذي و الحاكم و ابن خزيمة و النووي و الذهبي , فكيف يصح أن يقال : "
أحاديثه ضعاف " ?! فلم يبق النظر إلا في حديث الترجمة , - و هي الناحية الأخرى
- و قد يبدو - بادي الرأي - أنه ضعيف من أجل ما قيل في عبد الملك هذا , و هو
الذي كنت ذهبت إليه قديما , فأوردته في الكتاب الآخر برقم ( 2760 ) , ثم تنبهت
لحقيقتين هامتين : الأولى : توثيق العجلي إياه , و هو و إن كان متساهلا في
التوثيق في نقدي , فهو في ذلك كابن حبان عندي , إلا أنه قد اقترن معه تصحيح ابن
خزيمة و الحاكم و الذهبي لهذا الحديث , و أقره على تصحيحه الإمام النووي في "
المجموع " ( 3 / 248 - 249 ) و تصحيحهم جميعا و معهم الترمذي لحديث الصبي كما
تقدم , و ذلك يعني أن عبد الملك ثقة عندهم كما هو ظاهر . و الأخرى : تصريح
الإمام الذهبي بذلك , فقال في " الميزان " : " صدوق إن شاء الله , ضعفه يحيى بن
معين فقط " . و قال في " الكاشف " : " ثقة " . فلم يعتد بتضعيف ابن معين , و لا
بتجهيل ابن القطان . و وجهه عندي اعتداده برواية هؤلاء الثقات عنه , مع عدم
وجود أي منكر في مروياته , فالنفس تطمئن - و الحالة هذه - لقبول ما تفرد به إلا
إذا خالف الثقات , و هو في هذا الحديث لم يخالف , بل وافق ما هو مشهور من صلاته
صلى الله عليه وسلم إلى الحربة , و هو مخرج في كتابي " إرواء الغليل " ( 504 )
. ثم إن للحديث شاهدا , و لكنه مما لا يفرح به لشدة ضعفه , لأنه يرويه محمد بن
القاسم الأسدي : حدثنا ثور بن يزيد عن يزيد بن يزيد بن جابر عن مكحول عن يزيد
ابن جابر عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ : " يجزىء من السترة مثل مؤخرة الرحل و لو
بدق شعرة " . أخرجه ابن خزيمة ( 808 ) و الحاكم و قال : " صحيح على شرط الشيخين
" ! و وافقه الذهبي ! و قال ابن خزيمة : " أخاف أن يكون محمد بن القاسم وهم في
رفع هذا الخبر " . قلت : يشير إلى ما رواه عبد الرزاق في " المصنف " ( 2290 )
عن الثوري عن يزيد ابن يزيد بن جابر عن أبيه عن أبي هريرة قال : فذكره . ثم
رواه عن معمر عن إسماعيل بن أمية رفع الحديث إلى أبي هريرة قال : فذكره موقوفا
أيضا . قلت : و هذا متصل , و ما قبله معضل , لكن يزيد بن جابر , كأنه مجهول ,
فإن البخاري و ابن أبي حاتم لم يذكرا عنه راويا سوى مكحول , و مع ذلك ذكره ابن
حبان في " الثقات " ( 5 / 535 ) ! و لذا قال ابن القطان : " لا يعرف " . و أما
قول الحافظ العراقي كما نقله العسقلاني في " اللسان " : " هو معروف الحال " !
فهو غير واضح , ما دام أنه لا يعرف إلا بهذه الرواية المرفوعة و الموقوفة و قد
أخرج الأولى منها ابن عدي أيضا في " الكامل " ( 6 / 2253 - 2254 ) و الطبراني
في " مسند الشاميين " ( ص 123 - مصورة الجامعة الإسلامية ) , و وقع في مطبوعة "
الكامل " : " و لو بدق شعره " ! و هذا من التحريفات الكثيرة التي وقعت في هذه
المطبوعة بتحقيق لجنة من المختصين بإشراف الناشر ! و صلى الله على محمد القائل
: " يسمونها بغير اسمها " ! ( تنبيه ) : سبق أن ذكرت أن الحاكم قال : " صحيح
على شرط مسلم " , و قد سقطت هذه العبارة من مطبوعة " المستدرك " , فاستدركتها
من " المجموع " للنووي , و قد بقي في " تلخيص المستدرك " ما يدل على أنها ثابتة
في أصله : " المستدرك " و هو قوله : " على شرط " ! فسقط منه لفظة " مسلم " , و
منه أخذت موافقة الذهبي على التصحيح . و الله سبحانه و تعالى أعلم .
2784 " كلوه - يعني الثوم - , فإني لست كأحدكم , إني أخاف أن أوذي صاحبي . [ يعني
الملك ] " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 663 :
أخرجه أحمد ( 6 / 433 و 462 ) و الحميدي ( 339 ) و ابن أبي شيبة ( 8 / 301 /
4530 ) و من طريقه ابن ماجه ( 3364 ) قالوا ثلاثتهم : حدثنا سفيان ابن عيينة :
حدثنا عبيد الله بن أبي يزيد أخبره أبوه قال : نزلت على # أم أيوب # الذين نزل
عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم , نزلت عليها فحدثتني بهذا عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم : أنهم تكلفوا طعاما فيه بعض البقول , فقربوه , فكرهه , و
قال لأصحابه : فذكره . و الزيادة لأحمد . و أخرجه الترمذي ( 6 / 107 / 1811 ) و
الدارمي ( 2 / 102 ) و ابن خزيمة في " صحيحه " ( 1671 ) و من طريقه ابن حبان (
3 / 264 / 2090 ) من طرق أخرى عن سفيان به . و قال الترمذي : " حديث حسن صحيح
غريب , و أم أيوب هي امرأة أبي أيوب الأنصاري " . قلت : و رجاله ثقات رجال
الشيخين غير أبي يزيد والد عبيد الله و هو المكي , لم يوثقه غير ابن حبان ,
لكنه لم يتفرد به , فقد صح عن أبي أيوب نحوه . رواه مسلم و غيره , و هو مخرج في
" الإرواء " ( رقم 2511 ) . و يشهد له حديث جابر مرفوعا بلفظ : " من أكل من هذه
الشجرة النتنة ( و في رواية : البصل و الثوم و الكراث ) فلا يقربن مسجدنا , فإن
الملائكة تأذى مما يتأذى منه الإنس , و في رواية : بنو آدم " . أخرجه مسلم و
غيره , و هو مخرج أيضا في المصدر السابق ( 547 ) . ثم روى مسلم نحوه من حديث
أبي سعيد , و زاد فيه ابن خزيمة ( 1667 ) : " و إنه يأتيني [ من أناجي ] من
الملائكة , فأكره أن يشموا ريحها " . و إسناده صحيح على شرط مسلم , و ما بين
المعقوفتين في الأصل نقط .. و علق عليها محققه بقوله : " كلمة غير واضحة في
المصورة لعلها مناجي " . و أقول : و لعل الأقرب ما أثبته . و الله أعلم . (
تنبيه ) الحديث عزاه الحافظ في " الفتح " ( 13 / 332 ) لمسلم و هو سبق ذهن أو
قلم , فقد أحال بذلك إلى مكان تقدم , و هو هناك عزاه ( 2 / 342 ) لابن خزيمة و
ابن حبان فأصاب , و لكنه قصر لعدم عزوه للسنن !
2785 " من فارق الروح الجسد و هو بريء من ثلاث دخل الجنة : الكبر و الدين و الغلول "
.
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 664 :
هو من حديث قتادة عن سالم بن أبي الجعد عن معدان بن أبي طلحة عن # ثوبان # قال
: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . و قد رواه عنه جمع من الثقات
هكذا , فلنذكر أسانيدهم : 1 و 2 - قال أحمد ( 5 / 276 و 282 ) : حدثنا عفان
حدثنا همام و أبان قالا : حدثنا قتادة به . ثم رواه ( 5 / 277 ) : حدثنا يزيد
عن همام به . 3 - سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به . أخرجه أحمد ( 5 / 281 ) :
حدثنا محمد بن بكر و عبد الوهاب قالا : حدثنا سعيد به . و أخرجه البيهقي ( 5 /
355 ) من طريق أخرى عن عبد الوهاب بن عطاء : أنبأنا سعيد به . و أخرجه الترمذي
( 1573 ) و الدارمي ( 2 / 262 ) و النسائي في " الكبرى " ( 5 / 232 / 8764 ) و
ابن ماجه ( 2412 ) من طرق أخرى عن سعيد به . 4 - شعبة عن قتادة به . أخرجه ابن
حبان ( 1676 ) , - ( 5 / 281 - 282 ) و ابن المظفر في " غرائب شعبة " ( ق 12 /
1 ) و ابن عساكر في " تاريخ دمشق " ( 2 / 18 / 1 ) من طرق عنه . 5 - أبو عوانة
عن قتادة به . أخرجه الحاكم ( 2 / 26 ) من طريق أبي الوليد الطيالسي و عفان بن
مسلم عنه . و البيهقي ( 9 / 101 - 102 ) من طريق أخرى عن أبي الوليد وحده , و
قال الحاكم : " صحيح على شرط الشيخين " . و وافقه الذهبي . و خالفهما في
الإسناد قتيبة بن سعيد فقال : حدثنا أبو عوانة .. فذكره , دون أن يذكر فيه
معدان بن أبي طلحة . أخرجه الترمذي ( 1572 ) و قال : " و رواية سعيد أصح , يعني
في الإسناد , لأنه زاد فيه رجلا و أسنده , و لم يسمع سالم من ثوبان " . قلت : و
مما لا شك فيه أن رواية سعيد أصح من رواية أبي عوانة هذه لما ذكرنا لها من
المتابعات , و لموافقة رواية الطيالسي و عفان عن أبي عوانة لها , و عليه فرواية
قتيبة عنه شاذة . و اعلم أن كل هذه الروايات و الطرق في كل المصادر التي
عزوناها إليها وقعت الخصلة الأولى من الثلاث فيه بلفظ : " الكبر " . إلا في
رواية الترمذي وحده عن سعيد , فهي عنده بلفظ " الكنز " , و قال الترمذي عقبها :
" قال أحمد : ( الكبر ) تصحيف , صحفه غندر محمد بن جعفر , حديث سعيد : " من
فارق الروح منه الجسد .. " , و إنما هو الكنز " . فأقول : رواية محمد بن جعفر ,
إنما هي عن شعبة , و هي الطريق ( 4 ) عن قتادة , فأخشى أن يكون ما في " الترمذي
" ( حديث سعيد ) محرفا من ( حديث شعبة ) . و حديث محمد بن جعفر عن شعبة هو في "
المسند " في المكان المشار إليه هناك , و هو فيه مقرون برواية أحمد عن بهز عن
شعبة , و قال في آخرها : " قال بهز : ( و الكبر ) " . و هذا القول إنما يقوله
المحدثون حينما يكون هناك خلاف بين بعض الرواة في لفظ ما , و هذا من دقتهم في
الرواية جزاهم الله خير الجزاء , و إذا كان ما ذكره الترمذي عن الإمام أحمد أن
ابن جعفر تصحف عليه هذا اللفظ فقال : ( الكبر ) و إنما هو ( الكنز ) محفوظا ,
فأنا أتصور أن قول أحمد في آخر الحديث : " قال بهز : ( و الكبر ) " , أتصور أن
هذا اللفظ فيه خطأ , و أن الصواب فيه ( و الكنز ) , لأن ابن جعفر هو الذي قال :
( و الكبر ) , و إن لم نقل هذا تناقض ما في " المسند " مع نقل الترمذي عن أحمد
. و الله أعلم . و بالجملة فسواء كان هذا أو ذاك , فادعاء أن لفظة ( الكبر )
محرفة عن ( الكنز ) من محمد بن جعفر يدفعها الطرق الأخرى عن شعبة من جهة , و
موافقتها للطرق الأخرى من جهة أخرى , فإنها كلها متفقة على اللفظ الأول ( الكبر
) , إلا إن قال قائل : إنها جميعها محرفة ! و هذا مما لا يتصور أن يصدر من عاقل
. و لعله لما ذكرنا من التحقيق تتابع العلماء على إيراد الحديث بهذا اللفظ
المحفوظ ( الكبر ) , فذكره البغوي في " شرح السنة " تعليقا ( 11 / 118 ) و
المنذري في " الترغيب " ( 2 / 188 و 3 / 32 و 4 / 15 ) و قال : " و قد ضبطه بعض
الحفاظ ( الكنز ) بالنون و الزاي , و ليس بمشهور " . و كذلك هو في " المشكاة "
( 2921 ) و " الزيادة على الجامع الصغير " ( صحيح الجامع 6287 ) و " الجامع
الكبير " و غيرهم .
2786 " لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 667 :
أخرجه الإسماعيلي في " المعجم " ( 112 / 2 ) عن شيخه العباس بن أحمد الوشا :
حدثنا محمد بن الفرج , و البيهقي في " السنن " ( 4 / 316 ) من طريق محمد بن آدم
المروزي , كلاهما عن سفيان بن عيينة عن جامع بن أبي شداد عن أبي وائل قال : قال
# حذيفة # لعبد الله [ يعني ابن مسعود رضي الله عنه ] : [ قوم ] عكوف بين دارك
و دار أبي موسى لا تغير ( و في رواية : لا تنهاهم ) ?! و قد علمت أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال : فذكره ?! فقال عبد الله : لعلك نسيت و حفظوا , أو
أخطأت و أصابوا . قلت : و هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين , و قول ابن مسعود
ليس نصا في تخطئته لحذيفة في روايته للفظ الحديث , بل لعله خطأه في استدلاله به
على العكوف الذي أنكره حذيفة , لاحتمال أن يكون معنى الحديث عند ابن مسعود : لا
اعتكاف كاملا , كقوله صلى الله عليه وسلم : " لا إيمان لمن لا أمانة له , و لا
دين لمن لا عهد له " و الله أعلم . ثم رأيت الطحاوي قد أخرج الحديث في " المشكل
" ( 4 / 20 ) من الوجه المذكور , و ادعى نسخه ! و كذلك رواه عبد الرزاق في "
المصنف " ( 4 / 348 / 8016 ) و عنه الطبراني ( 9 / 350 / 9511 ) عن ابن عيينة
به إلا أنه لم يصرح برفعه . و رواه سعيد ابن منصور : أخبرنا سفيان بن عيينة به
, إلا أنه شك في رفعه و اختصره فقال : .. عن شقيق بن سلمة قال : قال حذيفة لعبد
الله بن مسعود : قد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا اعتكاف
إلا في المساجد الثلاثة , أو قال : مسجد جماعة " . ذكره عنه ابن حزم في "
المحلى " ( 5 / 195 ) , ثم رد الحديث بهذا الشك . و هو معذور لأنه لم يقف على
رواية الجماعة عن ابن عيينة مرفوعا دون أي شك , و هم : 1 - محمد بن الفرج , عند
الإسماعيلي . 2 - محمود بن آدم المروزي , عند البيهقي . 3 - هشام بن عمار , عند
الطحاوي . و كلهم ثقات , و هذه تراجمهم نقلا من " التقريب " : 1 - و هو القرشي
مولاهم البغدادي , صدوق من شيوخ مسلم . 2 - صدوق من شيوخ البخاري فيما ذكر ابن
عدي . 3 - صدوق مقرىء كبر فصار يتلقن , فحديثه القديم أصح , من شيوخ البخاري
أيضا . قلت : فموافقته للثقتين اللذين قبله دليل على أنه قد حفظه , فلا يضرهم
من تردد في رفعه أو أوقفه , لأن الرفع زيادة من ثقات يجب قبولها . ثم رأيت
الفاكهي قد أخرجه في " أخبار مكة " ( 2 / 149 / 1334 ) : حدثنا سعيد بن عبد
الرحمن و محمد بن أبي عمر قالا : حدثنا سفيان به . إلا أنهما لم يشكا , و هذه
فائدة هامة . و هما ثقتان أيضا . و بالجملة , فاتفاق هؤلاء الثقات الخمسة على
رفع الحديث دون أي تردد فيه لبرهان قاطع على أن الحديث من قوله صلى الله عليه
وسلم , و أن تردد سعيد بن منصور في رفعه لا يؤثر في صحته , و لاسيما أن سياق
القصة يؤكد ذلك عند إمعان النظر فيها , ذلك لأن حذيفة رضي الله عنه ما كان
لينكر بمجرد رأيه على ابن مسعود رضي الله عنه سكوته عن أولئك المعتكفين في
المساجد بين الدور , و هو يعلم فضله و فقهه رضي الله عنهما , فلولا أن الحديث
عنده مرفوع لما تجرأ على الإنكار عليه بما لا تقوم الحجة به عليه , حتى رواية
عبد الرزاق الموقوفة تؤيد ما ذكرته , فإنها بلفظ : " قوم عكوف بين دارك و دار
أبي موسى لا تنهاهم ! فقال به عبد الله : فلعلهم أصابوا و أخطأت , و حفظوا و
نسيت ! فقال : حذيفة : لا اعتكاف إلا في هذه المساجد الثلاثة .. " فذكرها . و
مثلها رواية إبراهيم قال : " جاء حذيفة إلى عبد الله فقال : ألا أعجبك من قومك
عكوف بين دارك و دار الأشعري , يعني المسجد ! قال عبد الله : و لعلهم أصابوا و
أخطأت , فقال حذيفة : أما علمت أنه : لا اعتكاف إلا في ثلاثة مساجد . ( فذكرها
) , و ما أبالي أعتكف فيه أو في سوقكم هذه [ و كان الذين اعتكفوا - و عاب عليهم
حذيفة - في مسجد الكوفة الأكبر ] " . أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 3 /
91 ) و السياق له , و كذا عبد الرزاق ( 4 / 347 - 348 ) و الزيادة له , و عنه
الطبراني ( 9510 ) و رجاله ثقات رجال الشيخين غير أن إبراهيم - و هو النخعي -
لم يدرك حذيفة . فاحتجاج حذيفة على ابن مسعود بهذه الجملة " لا اعتكاف " يشعر
بأنها في موضع الحجة عنده , و إلا لم يقل له : " أما علمت.. " إلخ . و الله
أعلم . و اعلم أن العلماء اختلفوا في شرطية المسجد للاعتكاف و صفته كما تراه
مبسوطا في " المصنفين " المذكورين و " المحلى " و غيرهما , و ليس في ذلك ما يصح
الاحتجاج به سوى قوله تعالى : *( و أنتم عاكفون في المساجد )* , و هذا الحديث
الصحيح , و الآية عامة , و الحديث خاص , و مقتضى الأصول أن يحمل العام على
الخاص , و عليه فالحديث مخصص للآية و مبين لها , و عليه يدل كلام حذيفة و حديثه
, و الآثار في ذلك مختلفة أيضا , فالأولى الأخذ بما وافق الحديث منها كقول سعيد
بن المسيب : لا اعتكاف إلا في مسجد نبي . أخرجه ابن أبي شيبة و ابن حزم بسند
صحيح عنه . ثم رأيت الذهبي قد روى الحديث في " سير أعلام النبلاء " ( 15 / 80 )
من طريق محمود بن آدم المروزي : حدثنا سفيان به مرفوعا , و قال : " صحيح غريب
عال " . و علق عليه الشيخ شعيب بعد ما عزاه للبيهقي و سعيد بن منصور بقوله : "
و قد انفرد حذيفة بتخصيص الاعتكاف في المساجد الثلاثة " ! و هذا يبطله قول ابن
المسيب المذكور , فتنبه . على أن قوله هذا يوهم أن الحديث موقوف على حذيفة , و
ليس كذلك كما سبق تحقيقه , فلا تغتر بمن لا غيرة له على حديث رسول الله صلى
الله عليه وسلم أن يخالف , و الله عز وجل يقول : *( فليحذر الذين يخالفون عن
أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم )* . هذا , و قد كنت أوردت هذا الحديث
في رسالتي " قيام رمضان " ( 36 ) و خرجته باختصار , مصرحا بصحة إسناده عن حذيفة
رضي الله عنه , و أحلت في تفصيل ذلك إلى هذا الموضع من هذه السلسلة . ثم جاءني
بعد سنين تحرير بتاريخ ( 13 / 7 / 1413 هـ ) - و هذا المجلد تحت الطبع - من أحد
إخواننا المحبين في الله و في الغيب المشتغلين بهذا العلم الشريف كما بدا لي من
خطابه , و فيه نقد منه لثلاثة أحاديث كنت صححتها في بعض مؤلفاتي منها هذا
الحديث , فاهتبلتها فرصة لبيان أنه لم يصب كبد الحقيقة في إعلاله إياه من جميع
طرقه , معترفا بأنه كان أديبا في كتابته , لطيفا في نقده , زد على ذلك أنه صرح
في آخر رسالته أنه فعل ذلك للاستفادة مني و من بعض إخواني فجزاه الله خيرا على
تواضعه , و إحسانه الظن بإخوانه . لقد تتبع الأخ - جزاه الله خيرا - طرق الحديث
من مصادر كثيرة طالتها يده , و بين عللها , و سبق أن أشرت إلى بعضها , و لذلك
فلن أطيل الكلام إلا في بعض النقاط الأساسية , لم يوفق هو للصواب في معالجتها ,
فكانت النتيجة - مع الأسف - تضعيف الحديث الصحيح , فأقول : النقطة الأولى : ضعف
طريق البيهقي بمحمود بن آدم المروزي بقوله : " لم يوثقه غير ابن حبان , و ما
ذكر أن البخاري أخرج له , فقد رده الحافظ في " هدي الساري " ( ص 239 ) " . و
الرد على هذا من وجهين : الأول : أن رد تفرد ابن حبان بتوثيق راو ما , لا يعني
أنه رد مقبول , خلافا لما يظنه أخونا هذا و غيره من الناشئين , و إنما ذلك إذا
وثق مجهولا عند غيره , أو أنه لم يرو عنه إلا واحد أو اثنان , ففي هذه الحالة
يتوقف عن قبول توثيقه , و إلا فهو في كثير من الأحيان يوثق شيوخا له يعرفهم
مباشرة , أو شيخا من شيوخهم , فهو في هذه الحالة أو التي قبلها إنما يوثق على
معرفة منه به , أو بواسطة شيوخه كما هو ظاهر , و محمود المروزي من هذا القبيل ,
فإن ابن حبان لما أورده في " الثقات " ( 9 / 202 - 203 ) قال : " حدثنا عنه
المراوزة " . فقد روى عنه جمع , فإذا رجع الباحث إلى " التهذيب " وجد فيه أسماء
عشرة من الذين رووا عن محمود هذا , أكثرهم من كبار الحفاظ الثقات طبعا ,
كالإمام البخاري كما تقدم و أحمد بن حمدون الأعمشي , و محمد بن حمدويه , و محمد
بن عبد الرحمن الدغولي , و لما ترجمه أبو يعلى الخليلي القزويني في كتابه "
الإرشاد في معرفة علماء الحديث " قال ( 3 / 900 ) : سمع منه أبو داود السجستاني
و ابنه عبد الله , و آخر من روى عنه محمد بن حمدويه المروزي .. " . قلت : فهو
إذن من علماء الحديث , و من شيوخ كبار الحفاظ , أفيقال في مثله : " لم يوثقه
غير ابن حبان " ?! زاد على ذلك أن ابن أبي حاتم قال ( 4 / 1 / 291 ) : " كان
ثقة صدوقا " . و إن مما يؤكد ما تقدم , و أنه ثقة يحتج به أمران اثنان : أحدهما
: أن الحافظ الخليلي نفسه احتج لإثبات أن حديث " قبض العلم " المروي في "
الصحيحين " , و المخرج عندي في " الروض " ( 579 ) من طرق عن هشام بن عروة عن
أبيه عن عبد الله بن عمرو مرفوعا , احتج الحافظ على أن له أصلا محفوظا صحيحا من
رواية هشام أيضا عن أبيه عن عائشة , ساقه من طريق المروزي هذا عن ابن عيينة عن
هشام به . ثم قال الحافظ عقبه : " كلاهما محفوظان " . ذكره للحاكم أبي عبد الله
بطلب منه , قال الخليلي : " فاستجاد الحاكم و استحسن " . و في ذلك دليل قوي على
أن المروزي عندهما ثقة يحتج به , و لولا ذلك لنسباه إلى الوهم لأنه خالف الطرق
بروايته هو عن ابن عيينة بسنده عن عروة عن عائشة رضي الله عنها . و إن مما يؤكد
ذلك أنه قد جاء من طرق أخرى عن عروة عنها عند مسلم ( 8 / 60 - 61 ) و الطحاوي
في " المشكل " ( 1 / 127 ) و البزار ( 1 / 123 / 233 ) و الخطيب في " التاريخ "
( 5 / 313 ) . هذا هو الأمر الأول الدال على أن المروزي هذا ثقة حجة . و أما
الأمر الآخر : فهو أنني كنت ذكرت في خاتمة هذا التخريج أن الذهبي رحمه الله صحح
إسناد الحديث من طريق المروزي هذا , و أخونا الذي أنا في صدد الرد عليه على علم
بذلك , لأنه عزا الحديث إلى الذهبي في " السير " في نفس المجلد و الصفحة التي
سبقت الإشارة إليها . فليت شعري ما الذي يحمل هؤلاء الشباب الناشئين و الباحثين
على عدم الاعتداد بأحكام الحفاظ المخالفة لهم , طبعا لا أريد من هذا أن يقلدوهم
, و إنما أن يقدروا جهودهم و علمهم و تمكنهم فيه , بحيث أنهم على الأقل لا
يتسرعون في إصدار الأحكام المخالفة لهم . و هذه ذكرى و *( الذكرى تنفع المؤمنين
)* . و هنا سؤال يطرح نفسه - كما يقولون اليوم - : لماذا كتم الأخ الفاضل تصحيح
الذهبي المذكور ?! و هو يعلم من هو الذهبي حفظا و معرفة بالرجال , و الجرح و
التعديل ? الوجه الآخر : قوله المتقدم : " و ما ذكر أن البخاري أخرج له فقد رده
الحافظ .. " إلخ , ففيه نظر لأن الحافظ لم يتعرض في " هدي الساري " لذكر قول
ابن عدي إطلاقا , فلا يجوز القول بأنه رده . و إنما قال الأخ ما قال لظنه
التعارض بينهما و لا تعارض , لأن المثبت غير المنفي , فالذي أثبته ابن عدي يصدق
على شيوخ البخاري خارج " الصحيح " , و ما نفاه الحافظ إنما هو فيما يتعلق بـ "
الصحيح " , فلا تعارض و لا رد . هذا آخر ما يتعلق بالنقطة الأولى , و خلاصتها
أن توثيق ابن حبان راوي حديث الترجمة توثيق صحيح لا وجه لرده , و أن حديثه صحيح
كما قال الحافظ النقاد : الإمام الذهبي . النقطة الثانية : أن الأخ لم يكن
دقيقا في نقده للحديث و بعض رواته , فقد عرفت من النقطة الأولى أنه لم يذكر
تصحيح الذهبي للحديث , و أقول الآن : و كذلك لم يذكر قول الحافظ في راويه (
المروزي ) " صدوق " ! و على خلاف ذلك تبنى قول الحافظ هذا في متابعه محمد بن
الفرج و هو القرشي الهاشمي مولاهم , و هو أقل ما قيل فيه , و إلا فقد وثقه
الحضرمي و ابن أبي حاتم , و السراج و ابن حبان , و احتج به مسلم , و لذلك قال
الذهبي في " الكاشف " : " ثقة " . و من الواضح جدا أن تجاهله لأقوال هؤلاء
الأئمة , و تصحيح الذهبي لحديث المروزي , و عدم معرفته بكونه حجة عند الحافظ
الخليلي و غيره , إنما هو توطئة منه لتوهين طريق المروزي بالجهالة , و طريق
محمد بن الفرج بأنها حسنة فقط , و لم يقف عند هذا فقط , بل شكك في حسنه أيضا
فقال : " لكن بقي النظر في السند من الإسماعيلي إليه , فإن كان منهم من تكلم
فيه , و إلا فهو صدوق , و سنده حسن في الظاهر " ! فهذا منه صريح بأنه لم يقف
على إسناد الإسماعيلي و إلا لنظر فيه , و لما تصور خلاف الواقع فيه , فظن أن
بينه و بين محمد بن فرج جمع من الرواة , و الحقيقة أنه ليس بينهما إلا شيخه
العباس بن أحمد الوشاء , و هو من الشيوخ الصالحين الدارسين للقرآن , روى عنه
ثلاثة من الثقات الحفاظ الإسماعيلي هذا , و الخطبي , و أبو علي الصواف , كما في
" تاريخ بغداد " ( 12 / 151 ) <1> . فالسند إذن صحيح , لأن رجاله كلهم ثقات كما
هو مصرح في كتب القوم إلا الوشاء , و قد عرفت صلاحه و رواية الحفاظ عنه , ثم هو
متابع فلا يتعلق به إلا من يجهل هذه الصناعة . النقطة الثالثة : و هي أغربها و
أبعدها عن العلم , و ذلك لأنه رجح رواية سعيد ابن منصور مع شكه و تردده بين "
المساجد الثلاثة " و " مسجد جماعة " , بحجة أن سعيدا أقوى من الثلاثة الذين
جزموا بـ " المساجد الثلاثة " و لم يشكوا , يعني المروزي و ابن الفرج و هشام بن
عمار <2> . و لم ينتبه أخونا المشار إليه أن الشك ليس علما , و أنه يجب أن يؤخذ
من كلام الشاك ما وافق الثقات , لا أن يرد جزم الثقات بشك الأوثق , فيقال :
وافق سعيد الثقات في طرف من طرفي الشك : " المساجد الثلاثة " فيؤخذ بموافقته ,
و يعرض عن شكه و هو قوله : " أو مسجد جماعة " , لأنه ليس علما , و لأنه خالف
الثقات الذين جزموا و لم يشكوا . و هذا أمر واضح جدا , لا يشك فيه من أوتي علما
و فقها . أرأيت أيها الأخ لو أن جماعة اتفقوا على إثبات حق على أحد من الناس
لآخر , ثم اتفقوا على أن هذا الحق عدده مثلا خمسة , إلا أن أحدهم شك فقال :
خمسة أو ستة . أفيقول عاقل بأن الحق غير ثابت بحجة أن الشاك أوثق من الذين لم
يشكوا ?! لذلك فإني - ختاما - أقول لهذا الأخ المحب و لأمثاله من الأحبة : أرجو
مخلصا أن لا تشغلوا أنفسكم بالكتابة في علم لم تنضجوا فيه بعد , و لا تشغلونا
بالرد عليكم حين تكتبون ردا علي , و لو بطريق السؤال و الاستفادة , فإن ما أنا
فيه من الاشتغال بالمشروع العظيم " تقريب السنة بين يدي الأمة " الذي يشغلني
عنه في كثير من الأحيان ردود تنشر في رسائل و كتب و مجلات من بعض أعداء السنة
من المتمذهبة و الأشاعرة و المتصوفة و غيرهم , ففي هذا الانشغال ما يغنيني عن
الرد على المحبين الناشئين , فضلا عن غيرهم . و الله المستعان , و عليه التكلان
.
-----------------------------------------------------------
[1] و لم يقف عليه الدكتور زياد محمد منصور المعلق على " المعجم " ( 2 / 721 )
.
[2] و خفي عليه الثقتان الآخران ( سعيد بن عبد الرحمن ) و هو المخزومي , و (
محمد بن أبي عمر ) و هو الحافظ العدني . اهـ .
2787 " من أصابته فاقة فأنزلها بالناس لم تسد فاقته , و من أنزلها بالله , أوشك الله
له بالغنى , إما بموت عاجل أو غنى عاجل " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 676 :
أخرجه الترمذي ( 2327 ) و الحاكم ( 1 / 408 ) و عنه البيهقي ( 4 / 196 ) و
الطبري في " تهذيب الآثار " ( 1 / 13 / 12 و 13 ) و الدولابي في " الكنى " ( 1
/ 96 ) و أبو يعلى في " مسنده " ( 3 / 1286 ) و البغوي في " شرح السنة " ( 14 /
301 / 4109 ) من طرق عن بشير بن سلمان عن سيار ( زاد البغوي : أبي الحكم ) عن
طارق بن شهاب عن # عبد الله بن مسعود # مرفوعا به . و قال الترمذي : " حديث حسن
صحيح غريب " . و قال الحاكم : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي . و قال
البغوي : " حديث حسن غريب " . قلت : و رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين إن كان
سيار هو أبا الحكم كما عند البغوي , و قد قيل : إنه سيار أبو حمزة , و هو ثقة
عند ابن حبان , و قد روى عنه جمع من الثقات فهو صحيح على كل حال , و قد اختلفوا
في تقييد اسمه على وجوه ثلاثة : الأول : ( سيار ) دون كنية كما في التخريج
المذكور . الثاني : ( سيار أبي الحكم ) , أخرجه الطبري أيضا ( 1 / 11 / 11 ) و
أبو يعلى ( 3 / 1308 ) عن محمد بن بشر العبدي , و أحمد ( 1 / 389 و 442 ) عن
وكيع , و ( 1 / 407 ) عن أبي أحمد الزبيري , و الطبراني في " المعجم الكبير " (
10 / 15 / 9785 ) و عنه أبو نعيم في " الحلية " ( 8 / 314 ) عن أبي نعيم , كلهم
عن بشير بن سلمان عن سيار أبي الحكم عن طارق به . الثالث : ( سيار أبي حمزة ) ,
أخرجه أبو داود ( 1645 ) من طريق ابن المبارك عن بشير بن سلمان عن سيار أبي
حمزة به . و تابعه سفيان الثوري عن بشير به . أخرجه أحمد ( 1 / 442 ) و من
طريقه الدولابي ( 1 / 98 ) : حدثنا عبد الرزاق أخبرنا سفيان به . و قال أحمد
عقبه : " و هو الصواب : ( سيار أبو حمزة ) , [ و ليس هو سيار أبو الحكم ] , و
سيار أبو الحكم لم يحدث عن طارق بن شهاب بشيء " . و مثله في كتابه : " العلل "
( 1 / 97 ) و الزيادة منه . و تعقبه الشيخ أحمد شاكر رحمه الله في تعليقه على "
المسند " ( 6 / 117 ) فقال : " نرى أن عبد الرزاق أخطأ في قوله : " عن سيار أبي
حمزة , و أن صوابه عن سيار أبي الحكم خلافا لما رجحه الإمام أحمد هنا " . و
ردنا لهذا التعقب من وجهين : أولا : أن عبد الرزاق لم يتفرد به , فقد قال
الحافظ في " التهذيب " : " رواه عبد الرزاق و غيره " . و كأنه يشير إلى المعافى
بن عمران , فقد أخرجه الدولابي ( 1 / 159 ) من طريق يحيى ابن مخلد : حدثنا
معافى عن سفيان به , و لفظه : " بأجل عاجل , أو رزق حاضر " . و يحيى بن مخلد
وثقه النسائي كما رواه الخطيب في " التاريخ " ( 14 / 207 - 208 ) لكن قد ساق
الحافظ رواية المعافى هذه دون عزو بلفظ : " سيار أبي الحكم " , فلا أدري أهي
المحرفة , أم رواية الدولابي المتقدمة ? و لعل الأرجح الأول , لأن الحافظ عقب
بها رواية عبد الرزاق . و الله أعلم . ثانيا : أن الإمام أحمد ليس وحده في
ترجيح أنه سيار أبو حمزة , بل وافقه على ذلك جماعة من أقرانه و غيرهم , ففي "
التهذيب " عن أبي داود أنه قال عقب الحديث : " هو سيار أبو حمزة , و لكن بشير
كان يقول : ( سيار أبو الحكم ) و هو خطأ " . و قال الدارقطني : " قول البخاري :
" ( سيار أبو الحكم ) سمع طارق بن شهاب " وهم , منه و ممن تابعه , و الذي يروي
عن طارق هو سيار أبو حمزة , قال ذلك أحمد و يحيى و غيرهما " . إلا أنه قد تبع
البخاري في أنه يروي عن طارق - مسلم في " الكنى " و النسائي و الدولابي و غير
واحد كما في " التهذيب " أيضا , و عقب عليه بقوله : " و هو وهم كما قال
الدارقطني " . قلت : و هذا اختلاف شديد من هؤلاء الأئمة الفحول , لعل سببه
اختلاف الرواة على الوجهين الأخيرين من الوجوه الثلاثة المتقدمة , فإن الأول
منها لا يخالفهما , فإنه يحمل على أحدهما من باب حمل المطلق على المقيد ,
فالقولان يدوران عليهما , و من الصعب لأمثالنا أن يرجح أحدهما , لعدم وجود دليل
ظاهر يساعد على ذلك , و مع هذا فإن النفس تميل إلى ترجيح قول الإمام البخاري و
من معه , لأن رواة الوجه المؤيد له أكثر من رواة الوجه الآخر , كما هو ظاهر من
تخريجهما . أقول هذا إذا كان الاختلاف من الرواة عن بشير بن سلمان , أما إذا
كان الاختلاف منه نفسه كما يشير إلى ذلك أبو داود بقوله المتقدم : " .. و لكن
بشير كان يقول : سيار أبو الحكم , و هو خطأ " . قلت : فإذا كان الخطأ من بشير
نفسه فالأمر أشكل , لأن لقائل أن يقول : ما الدليل على أنه منه , و ليس هناك
راو آخر سواه رواه عن سيار , فقال فيه : ( سيار أبو حمزة ) ? و بالجملة ,
فالأمر بعد يحتاج إلى مزيد من البحث و التحقيق لتحديد هوية الراوي , أهو أبو
حمزة هذا أم أبو الحكم ? و لكننا نستطيع أن نقول جازمين أن ذلك لا يضر في صحة
الإسناد لأنه تردد بين ثقتين كما تقدم , فلا ضير فيه سواء كان هذا أو ذاك . و
الله أعلم . و أما قول المعلق على " شرح السنة " : " و إسناده صحيح قوي على
مذهب البخاري و من تبعه كالترمذي و ابن حبان و الحاكم , و ضعيف على مذهب أحمد و
الدارقطني و غيرهما " . فأقول : هذا كلام عار عن التحقيق لوجوه : الأول : أنه
لم يبد فيه رأيه الخاص في إسناد الحديث و متنه , تصحيحا أو تضعيفا . الثاني :
أنه لا يصح الجزم بصحة إسناده على مذهب البخاري , لأنه يستلزم أن يكون رواته
جميعا ثقاتا عند البخاري و منهم بشير بن سلمان , فإنه و إن كان قد وثقه جماعة ,
فإنهم لم يذكروا البخاري معهم , و لا يلزم من سكوته عنه في " التاريخ " ( 1 / 2
/ 99 ) و إخراجه له في " الأدب المفرد " أنه ثقة عنده كما لا يخفى على أهل
العلم , خلافا لبعض ذوي الأهواء من الإباضية و غيرهم . الثالث : و على العكس من
ذلك يقال فيما نسبه من الضعف على مذهب أحمد و .. فإن ذلك إنما يستقيم لو أنهما
كانا يريان ضعف أو جهالة سيار أبي حمزة , و هيهات , فإنه لم ينقل شيء من ذلك
عنهما . فتأمل . و هذا و ثمة اختلاف آخر بين الرواة يدور حول قوله في آخر
الحديث : " إما بموت عاجل , أو غنى عاجل " . و ذلك على وجوه : الأول : ما في
حديث الترجمة : " موت عاجل " , و هو رواية الحاكم و من بعده , و كذا أبي داود ,
و أحمد في رواية . الثاني : بلفظ : " موت آجل " , و هو لأحمد في رواية أخرى .
الثالث : بلفظ : " أجل آجل " , و هو للطبراني و أبي نعيم . الرابع : بلفظ : "
برزق عاجل أو آجل " و هو للترمذي . و هذا اللفظ الأخير مع تفرد الترمذي به ,
فهو مخالف لما قبله من الألفاظ , مع احتمال أن يكون حرف ( أو ) فيه شكا من
الراوي , فلا يحتج به للشك أو المخالفة . و أما اللفظ الثاني و الثالث فهما و
إن كانا في المعنى واحدا , إلا أن النفس لم تطمئن لهما لمخالفتهما اللفظ الأول
, لأنه هو المحفوظ في رواية الأكثرين من الرواة و المخرجين , فهو الراجح إن شاء
الله تعالى , و به التوفيق . و إذا كان الأمر كذلك فما معنى قوله : " إما بموت
عاجل , أو غنى عاجل " ? فأقول : لم أقف على كلام شاف في ذلك لأحد من العلماء ,
و أجمع ما قيل فيه ما ذكره الشيخ محمود السبكي في " المنهل العذب " ( 9 / 283 )
قال : " إما بموت قريب له غني , فيرثه , أو بموت الشخص نفسه , فيستغني عن المال
, أو بغنى و يسار يسوقه الله إليه من أي باب شاء , فهو أعم مما قبله , و مصداقه
قوله تعالى : *( و من يتق الله يجعل له مخرجا و يرزقه من حيث لا يحتسب )* " .
2788 " *( و ما كان لنبي أن يغل )* قال : ما كان لنبي أن يتهمه أصحابه " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 682 :
أخرجه البزار في " مسنده " ( 2197 - كشف الأستار ) : حدثنا محمد بن عبد الرحيم
حدثنا عبد الوهاب بن عطاء حدثنا هارون القارىء عن الزبير بن الخريت عن عكرمة عن
# ابن عباس # .. فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال البخاري
غير عبد الوهاب بن عطاء , فهو من رجال مسلم . و قال الهيثمي في " مجمع الزوائد
" ( 6 / 328 ) : " رواه البزار و رجاله رجال الصحيح " . قلت : و تابعه خصيف بن
عبد الرحمن الحراني عن عكرمة به , و لفظه : " نزلت هذه الآية يوم بدر : *( و ما
كان لنبي أن يغل )* , في قطيفة حمراء فقدت يوم بدر , فقال بعض الناس : لعل رسول
الله صلى الله عليه وسلم أخذها ! فأنزل الله عز وجل : *( و ما كان لنبي أن يغل
)* " أخرجه الطبري في " التفسير " ( 4 / 102 ) و البزار ( 2198 ) و الطبراني في
" المعجم الكبير " ( 11 / 364 / 12028 و 12029 ) من طرق عن خصيف به . و أخرجه
أبو داود ( 3971 ) و الترمذي ( 3012 ) و الطبري من طريق عبد الواحد ابن زياد :
حدثنا خصيف قال : حدثنا مقسم قال : حدثني ابن عباس به . و قال الترمذي : " حديث
حسن غريب " . كذا قال ! و خصيف فيه ضعف من قبل حفظه , قال الحافظ في " التقريب
" : " صدوق , سيىء الحفظ , خلط بآخره " . قلت : و روايته لهذا الحديث مما يؤكد
ذلك , فإنه اضطرب في روايته , فمرة قال : " عن مقسم " , و أخرى : " عن عكرمة "
كما تقدم . و قال زهير : حدثنا خصيف عن سعيد بن جبير و عكرمة في قوله تعالى :
*( و ما كان لنبي أن يغل )* قالا : ( يغل ) قال : قال عكرمة أو غيره عن ابن
عباس : فذكر نحوه . أخرجه الطبري . و تابعه حميد الأعرج عن سعيد بن جبير قال :
فذكره مختصرا . أخرجه الطبري أيضا من طريق قزعة بن سويد الباهلي عنه . و حميد و
قزعة كلاهما ضعيف . و للحديث طريق أخرى عن ابن عباس يتقوى الحديث بها , أخرجه
الطبراني في " الكبير " ( 11174 ) و " الأوسط " ( 5446 - بترقيمي ) و " الصغير
" ( رقم 441 - الروض النضير ) و من طريقه الخطيب في " تاريخ بغداد " ( 1 / 372
) قال : نبأنا محمد بن أحمد بن يزيد النرسي البغدادي قال : نبأنا أبو عمر حفص
بن عمر الدوري المقرىء عن أبي محمد اليزيدي عن أبي عمرو بن العلاء عن مجاهد عن
ابن عباس : أنه كان ينكر على من يقرأ : *( و ما كان لنبي أن يغل )* , و يقول :
كيف لا يكون له أن يغل و قد كان له أن يقتل ?! قال الله تعالى : *( و يقتلون
الأنبياء بغير حق )* , و لكن المنافقين اتهموا النبي صلى الله عليه وسلم في شيء
من الغنيمة , فأنزل الله : *( و ما كان لنبي أن يغل )* . و قال الطبراني : " لم
يروه عن أبي عمرو إلا اليزيدي , تفرد به أبو عمر الدوري " . قلت : و هو ثقة من
شيوخ أبي زرعة و غيره . و قال الحافظ في " التقريب " : " لا بأس به " . و شيخه
أبو محمد اليزيدي اسمه يحيى بن المبارك له ترجمة في " تاريخ بغداد " ( 14 / 147
) و وثقه , و بقية رجاله ثقات معروفون تكلمت عليهم في " الروض النضير " ( 441 )
غير النرسي هذا , فإني لم أجد له ترجمة تدل على حاله , و قد أورده الخطيب في "
التاريخ " لهذا الحديث و لم يزد , الأمر الذي يشعر أنه من شيوخ الطبراني
المجهولين , و هو قليل الحديث , فإن الطبراني لم يورد له في " المعجم الأوسط "
إلا ثلاثة أحاديث , هذا أحدها , لكن يبدو من كلام الطبراني المتقدم أنه لم
يتفرد به , و هو قوله : " تفرد به أبو عمر الدوري " . و على هذا فالإسناد جيد ,
و يزداد قوة بما قبله من الطرق , و بخاصة الطريق الأولى , فإنها صحيحة لذاتها
كما تقدم . و إن كان متنها مختصرا , فهو في الطرق الأخرى أتم و أبين . ( تنبيه
) : قوله في الآية : *( يغل )* بفتح أوله و ضم ثانيه , و قيده الشيخ الأعظمي في
" الكشف " بضم أوله و فتح ثانيه , و به قرأ بعضهم , لكن الصواب الأول كما بينه
الإمام ابن جرير الطبري في " تفسيره " , فليراجعه من شاء .
2789 " اللهم إني أحبه , فأحبه . يعني الحسن بن علي " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 685 :
أخرجه البخاري ( 3749 ) و مسلم ( 7 / 130 ) و أحمد ( 4 / 283 - 284 ) و كذا
الطيالسي ( 732 ) و الطبراني في " المعجم الكبير " ( 2582 ) عن شعبة قال :
أخبرني عدي قال : سمعت # البراء # رضي الله عنه قال : " رأيت النبي صلى الله
عليه وسلم و الحسن بن علي على عاتقه يقول : ... " فذكره . و تابعه فضيل بن
مرزوق عن عدي بن ثابت به . أخرجه الطبراني أيضا ( 258 ) من طريق أبي نعيم عنه .
و خالفه أبو أسامة فقال : عن فضيل بن مرزوق به , إلا أنه قال : " أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم أبصر حسنا و حسينا فقال : اللهم إني أحبهما فأحبهما " .
فذكر حسينا فيه , و هو شاذ لمخالفته لرواية أبي نعيم عنه , و لرواية شعبة عن
عدي . و تابعه أشعث بن سوار عن عدي .. به . أخرجه الطبراني ( 2584 ) . لكن يبدو
أن هذا اللفظ الشاذ في حديث البراء محفوظ من حديث غيره من الأصحاب : 1 - عن
عطاء أن رجلا أخبره أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يضم إليه حسنا و حسينا
يقول : " اللهم إني أحبهما , فأحبهما " . أخرجه أحمد ( 5 / 369 ) . قلت : و
إسناده صحيح , و قال الهيثمي ( 9 / 179 ) : " و رجاله رجال الصحيح " . 2 - عن
أبي حازم عن أبي هريرة مرفوعا به . أخرجه البزار ( 2626 ) . قلت : و إسناده حسن
كما قال الهيثمي . و أخرجه الحاكم ( 3 / 177 ) من طريق أخرى عن أبي حازم به ,
لكنه لم يذكر حسنا فيه , و لفظه : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم و هو حامل
الحسين بن علي و هو يقول : " اللهم إني أحبه فأحبه " . و قال : " صحيح الإسناد
, و لم يخرجاه , و قد روي بإسناد في الحسن مثله , و كلاهما محفوظان " . فانظر
الحديث الآتي ( 2807 ) . و في الباب عن جمع آخر من الأصحاب , فليرجع من شاء إلى
" كشف الأستار " و " مجمع الزوائد " . ( تنبيه ) : من أوهام المعلق على " سنن
الترمذي " أنه قال في حديث الترجمة ( 9 / 340 ) : " تفرد به الترمذي " ! و قد
أخرجه الشيخان كما رأيت . و عكس ذلك , فقال في حديث الترمذي الشاذ من رواية
فضيل بن مرزوق المتقدمة : " رواه البخاري في فضل الحسن , و مسلم في الفضائل " !
و الصواب العكس تماما . و الهادي هو الله .
ساجدة لله
2010-10-20, 05:41 AM
2790 " عرض علي ما هو مفتوح لأمتي بعدي , فسرني , فأنزل الله تعالى : *( و للآخرة
خير لك من الأولى )* إلى قوله *( فترضى )* . أعطاه الله في الجنة ألف قصر من
لؤلؤ , ترابها المسك , في كل قصر ما ينبغي له " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 687 :
أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " ( 1 / 34 / 1 ) : حدثنا أحمد بن القاسم
قال : حدثنا عمي عيسى بن المساور قال : حدثنا مروان بن معاوية الفزاري قال :
حدثنا معاوية بن أبي العباس عن إسماعيل بن عبيد الله المخزومي عن علي بن # عبد
الله ابن عباس # عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . قلت
: و هذا إسناد رجاله ثقات غير معاوية بن أبي العباس , قال الهيثمي في " مجمع
الزوائد " ( 3 / 139 ) : " و لم أعرفه " . و تبعه المناوي في " الجامع الأزهر "
( 2 / 14 / 2 ) . قلت : و يحتمل عندي أنه معاوية بن أبي عياش الزرقي الأنصاري
المدني المترجم في " التاريخ " ( 4 / 1 / 332 ) و " الجرح " ( 4 / 1 / 380 ) و
ابن حبان في أتباع التابعين من " الثقات " ( 7 / 467 ) برواية ثقتين عنه , فإنه
من هذه الطبقة , فتصحف على بعض الرواة ( عياش ) إلى ( العباس ) , و يحتمل أن
ذلك من تدليس مروان الفزاري , فإنه مع كونه ثقة حافظا , فقد كان يدلس أسماء
الشيوخ كما في " التقريب " و غيره , فإن كان هو ابن أبي عياش , فالإسناد حسن
عندي , بل هو صحيح , فقد وجدت له متابعا ثقة حجة , ألا و هو الإمام الأوزاعي ,
وجدت له عنه طرقا ثلاثا : الأولى : عن سفيان عن الأوزاعي عن إسماعيل بن عبيد
الله به . إلا أنه قال : " رأيت ما هو مفتوح على أمتي .. " إلخ . أخرجه البيهقي
في " دلائل النبوة " ( 7 / 61 ) . قلت : و إسناده صحيح رجاله كلهم ثقات .
الثانية : عمرو بن هاشم قال : سمعت الأوزاعي به نحوه , و زاد في آخره : " من
الأزواج و الخدم " . أخرجه ابن جرير الطبري في " التفسير " ( 30 / 149 ) و
الطبراني في " المعجم الكبير " ( 10 / 337 / 10650 ) و السكن بن جميع في "
حديثه " , و كذا ابن أبي حاتم من طريق ابن جرير كما في " تفسير ابن كثير " ( 4
/ 523 ) و قال : " و هذا إسناد صحيح " . و قال الهيثمي : " و إسناده حسن " .
قلت : و هذا أقرب لأن عمرو بن هاشم - و هو البيروتي - فيه كلام , و لذا قال
الحافظ في " التقريب " : " صدوق يخطىء " . نعم هو صحيح بما قبله و ما بعده .
الثالثة : رواد بن الجراح عن الأوزاعي به . أخرجه ابن جرير , و الحاكم ( 2 /
526 ) , و قال : " صحيح الإسناد " . و رده الذهبي بقوله : " قلت : تفرد به عصام
بن رواد عن أبيه و قد ضعف " . قلت : لم يتفرد به عصام , فقد تابعه محمد بن خلف
العسقلاني , و هو صدوق كما قال العسقلاني . نعم رواد ضعيف لاختلاطه , لكن
المتابعات المتقدمة تدل على أنه قد حفظه , فالحديث صحيح بلا ريب .
2791 " كانت لحفنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم نلبسها و نصلي فيها " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 689 :
أخرجه الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 335 / 563 ) : حدثنا أحمد بن القاسم قال :
حدثنا عبيد الله بن عمر القواريري قال : حدثنا الحسن بن حبيب بن ندبة قال :
حدثنا راشد أبو محمد الحماني قال : رأيت #أنس بن مالك # عليه فرو أحمر فقال :
فذكره , و قال الطبراني : " لم يروه عن راشد إلا الحسن بن حبيب " . قلت : و هو
ثقة كما قال الذهبي في " الكاشف " . و راشد هو ابن نجيح , قال الذهبي : " قال
أبو حاتم : صالح الحديث " . و قال الحافظ : " صدوق ربما أخطأ " . قلت : و بقية
رجاله ثقات , فالإسناد جيد . و أما قول الهيثمي في " الأوسط " عن أحمد بن
القاسم , فإن كان هو الريان فهو ضعيف , و إن كان غيره فلم أعرفه , و بقية رجاله
ثقات " . قلت : فهذه غفلة منه , تابعه عليها مقلده الدكتور محمود الطحان فلم
يعلق عليه بشيء كعادته , فكل تعليقاته و تخريجاته نقول عنه لا تحقيق فيها , و
إنما هو التقليد المحض . أقول هذا لأن أحمد بن القاسم هذا ليس هو الريان , و
إنما هو أحمد بن القاسم بن مساور الجوهري , فإنه ساقه في جملة أحاديث ذكرها تحت
ترجمته من الحديث ( 505 ) إلى ( 611 ) صرح في الأول و الأخير منها بقوله : "
حدثنا أحمد بن القاسم بن مساور الجوهري .. " , و صرح في حديث آخر ( 513 ) بأنه
ابن مساور . و هو ثقة له ترجمة في " تاريخ بغداد " ( 3 / 349 ) . و في الحديث
جواز الصلاة في اللحاف الذي يتغطى به النائم . و يشهد له الأحاديث التي فيها أن
النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي و عليه مرط , و على بعض أزواجه منه و هي
حائض , و بعضها مخرج في " صحيح أبي داود " ( 393 - 394 ) , و لا يخالفها حديث
عائشة فيه ( 392 ) : " كان لا يصلي في ملاحفنا " لأنه محمول على الورع أو
الاحتياط , خشية أن يكون فيها أذى لحديث معاوية رضي الله عنه أنه سأل أخته أم
حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم : هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
يصلي في الثوب الذي يجامعها فيه ? فقالت : " نعم , إذا لم ير فيه أذى " . أخرجه
أصحاب السنن إلا الترمذي , و إسناده صحيح , و هو مخرج في " صحيح أبي داود " (
390 ) .
2792 " لعن الله الواشمات و المستوشمات [ و الواصلات ] و النامصات و المتنمصات و
المتفلجات للحسن , المغيرات خلق الله " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 691 :
أخرجه الشيخان و أصحاب السنن و غيرهم من حديث # ابن مسعود # رضي الله عنه . و
هو مخرج في " آداب الزفاف " ( ص 203 - الطبعة الجديدة ) من مصادر مطبوعة و
مخطوطة , فلا داعي لإعادة تخريجه هنا , و إنما أوردته لزيادة ( الواصلات ) ,
فقد خفيت على بعض المعاصرين , فرتب على ذلك حكما يخالف حكم الوشم و غيره من
المقرونات معه كما يأتي بيانه . و الحديث عندهم جميعا من رواية علقمة عن ابن
مسعود , و الزيادة المذكورة لأبي داود ( 4169 ) بسنده الصحيح عن جرير عن منصور
عن إبراهيم عنه . و له متابع قوي , أخرجه البخاري ( 4887 ) من طريق سفيان ( هو
الثوري ) قال : ذكرت لعبد الرحمن بن عابس حديث منصور عن إبراهيم عن علقمة عن
عبد الله رضي الله عنه قال : " لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الواصلة " ,
فقال : " سمعته من امرأة يقال لها أم يعقوب عن عبد الله مثل حديث منصور " . قلت
: حديث منصور هو حديث الترجمة , فهذه طريق أخرى صحيحة إلى علقمة - غير طريق أبي
داود - تقويها , و ترفع عنها احتمال قول بعض ذوي الأهواء بشذوذها . و يزيدها
قوة رواية عبد الرحمن بن عابس عن أم يعقوب , قال الحافظ في " فتح الباري " ( 10
/ 373 ) : " ( تنبيه ) : أم يعقوب هذه لا يعرف اسمها , و هي من بني أسد بن
خزيمة , و لم أقف لها على ترجمة , و مراجعتها ابن مسعود تدل على أن لها إدراكا
. و الله سبحانه و تعالى أعلم " . قلت : و قصة المراجعة كما في " الصحيحين "
عقب الحديث : " قال : فبلغ ذلك امرأة من بني أسد يقال لها أم يعقوب , و كانت
تقرأ القرآن , فأتته , فقالت : ما حديث بلغني عنك أنك لعنت الواشمات .. (
الحديث ) ? فقال عبد الله : و مالي لا ألعن من لعن رسول الله صلى الله عليه
وسلم و هو في كتاب الله ?! فقالت المرأة : لقد قرأت ما بين لوحي المصحف فما
وجدته ! فقال : لئن كنت قرأتيه لقد وجدتيه , قال الله عز وجل : *( و ما آتاكم
الرسول فخذوه و ما نهاكم عنه فانتهوا )* . فقالت المرأة : فإني أرى شيئا من هذا
على امرأتك الآن , قال : اذهبي فانظري . قال : فدخلت على امراة عبد الله فلم تر
شيئا , فجاءت إليه فقالت : ما رأيت شيئا , فقال : أما لو كان ذلك لم نجامعها "
. ثم وجدت للزيادة طريقا ثالثا من طريق مسروق : أن امرأة أتت عبد الله بن مسعود
, فقالت : إني امراة زعراء أيصلح أن أصل في شعري ? فقال : لا . قالت : أشيء
سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم أو تجده في كتاب الله ? قال : لا , بل
سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم , و أجده في كتاب الله , و ساق الحديث .
أخرجه النسائي ( 2 / 281 ) هكذا , و أحمد ( 1 / 415 ) و الطبراني في " المعجم
الكبير " ( 9 / 337 / 9468 ) بتمامه نحو حديث علقمة , و من الظاهر أن هذه
المرأة هي أم يعقوب المذكورة في رواية علقمة , و كذلك هي هي في رواية قبيصة بن
جابر ( و هو ثقة مخضرم ) قال : " كنا نشارك المرأة في السورة من القرآن نتعلمها
, فانطلقت مع عجوز من بني أسد إلى ابن مسعود في بيته في ثلاث نفر , فرأى جبينها
يبرق ! فقال : أتحلقينه ? فغضبت , و قالت : التي تحلق جبينها امرأتك . قال :
فادخلي عليها , فإن كانت تفعله فهي مني بريئة , فانطلقت , ثم جاءت فقالت : لا
والله ما رأيتها تفعله , فقال عبد الله بن مسعود : سمعت رسول الله صلى الله
عليه وسلم : فذكره . رواه الهيثم بن كليب في " مسنده " بسند حسن كما في " آداب
الزفاف " ( ص 203 و 204 - الطبعة الجديدة ) . ( فائدة ) : قال الحافظ في "
الفتح " ( 10 / 372 - 373 ) : " قوله : " و المتفلجات للحسن " يفهم منه أن
المذمومة من فعلت ذلك لأجل الحسن , فلو احتاجت إلى ذلك لمداواة مثلا جاز . قوله
: " المغيرات خلق الله " هي صفة لازمة لمن يصنع الوشم و النمص و الفلج , و كذا
الوصل على إحدى الروايات " . و قال العيني في " عمدة القارىء " ( 22 / 63 ) : "
قوله : " المغيرات خلق الله تعالى " كالتعليل لوجوب اللعن " . فإذا عرفت ما سبق
يتبين لك سقوط قول الشيخ الغماري في رسالته " تنوير البصيرة ببيان علامات
الكبيرة " ( ص 30 ) : " قلت : تغيير خلق الله يكون فيما يبقى أثره كالوشم و
الفلج , أو يزول ببطء كالتنميص , أما حلق اللحية فلا يكون تغييرا لخلق الله لأن
الشعر يبدو ثاني يوم من حلقه .. " . أقول : فهذا كلام باطل من وجوه : الأول :
أنه مجرد دعوى لا دليل عليها من كتاب أو سنة أو أثر , و قديما قالوا : و
الدعاوي ما لم تقيموا عليها بينات أبناؤها أدعياء . الثاني : أنه خلاف ما يدل
عليه زيادة " الواصلات " , فإن الوصل , ليس كالوشم و غيره مما لا يزول , أو
يزول ببطء و لاسيما إذا كان من النوع الذي يعرف اليوم بـ ( الباروكة ) فإنه
يمكن إزالتها بسرعة كالقلنسوة . الثالث : أن ابن مسعود رضي الله عنه أنكر حلق
الجبين و احتج بالحديث كما تقدم في رواية الهيثم , فدل على أنه لا فرق بين
الحلق و النتف من حيث أن كلا منهما تغيير لخلق الله . و فيه دليل أيضا على أن
النتف ليس خاصا بالحاجب كما زعم بعضهم . فتأمل . الرابع : أنه مخالف لما فهمه
العلماء المتقدمون , و قد مر بك قول الحافظ الصريح في إلحاق الوصل بالوشم و
غيره . و أصرح من ذلك و أفيد , ما نقله ( 10 / 377 ) عن الإمام الطبري قال : "
لا يجوز للمرأة تغيير شيء من خلقتها التي خلقها الله عليها بزيادة أو نقص
التماس الحسن , لا للزوج و لا لغيره , لمن تكون مقرونة الحاجبين فتزيل ما
بينهما توهم البلج , أو عكسه , و من تكون لها سن زائدة فتقلعها , أو طويلة
فتقطع منها , أو لحية أو شارب أو عنفقة فتزيلها بالنتف , و من يكون شعرها قصيرا
أو حقيرا فتطوله , أو تغزره بشعر غيرها , فكل ذلك داخل في النهي , و هو من
تغيير خلق الله تعالى . قال : و يستثنى من ذلك ما يحصل به الضرر و الأذية كمن
يكون لها سن زائدة , أو طويلة تعيقها في الأكل .. " إلخ . قلت : فتأمل قول
الإمام : " أو عكسه " , و " أو لحية .. " , و قوله : " فكل ذلك داخل في النهي ,
و هو من تغيير خلق الله " . فإنك ستتأكد من بطلان قول الغماري المذكور , و الله
تعالى هو الهادي . هذا و في رؤية ابن مسعود جبين العجوز يبرق دليل على أن " وجه
المرأة ليس بعورة " , و الآثار في ذلك كثيرة قولا و فعلا , و قد سقت بعضها في "
جلباب المرأة المسلمة " . و أما ما زعمه البعض بأنه لا دليل في هذه الرواية على
ذلك , لأن العجوز من القواعد ! فهو مما لا دليل عليه , فلا يلزم من كونها عجوزا
أن تكون قاعدة كما لا يخفى , و إنما ذكرنا ذلك استشهادا , و فيما ذكر هناك من
الأدلة كفاية .
2793 " يا صفية إن أباك ألب علي العرب , و فعل و فعل , يعتذر لها " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 695 :
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 24 / 67 / 177 ) : حدثنا أبو زرعة عبد
الرحمن بن عمرو الدمشقي حدثنا عفان حدثنا حماد بن سلمة عن عبيد الله بن عمر عن
نافع عن # ابن عمر # قال : كان بعيني صفية خضرة , فقال لها النبي صلى الله عليه
وسلم " ما هذه الخضرة بعينيك ? " . فقالت : قلت لزوجي , إني رأيت فيما يرى
النائم قمرا وقع في حجري , فلطمني و قال : أتريدين ملك يثرب ?! قالت : و ما كان
أبغض إلي من رسول الله , قتل أبي و زوجي , فما زال يعتذر إلي , فقال : فذكره ,
[ قالت : ] حتى ذهب ذاك من نفسي . قلت : و هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال
مسلم غير أبي زرعة الدمشقي , و هو ثقة حافظ . و قال الهيثمي في " المجمع " ( 9
/ 251 ) : " رواه الطبراني , و رجاله رجال الصحيح " . و أخرجه أبو يعلى في "
مسنده " ( 4 / 1695 - 1697 ) من طريقين آخرين عن صفية مختصرا دون قصتها مع
زوجها و الرؤيا . و ذكره ابن إسحاق في " السيرة " ( 3 / 388 ) بلاغا بتمامه , و
ذكره ابن حجر في " الإصابة " من رواية يونس بن بكير عنه : حدثني والدي إسحاق بن
يسار قال : فذكر القصة , لكن فيه : " فذكرت ذلك لأمها , فلطمت وجهها و قالت :
.. " الحديث . قلت : و ما في " السيرة " هو المحفوظ لمطابقته لحديث الترجمة , و
هو من الفوائد التي فاتت الحافظ في " الإصابة " , و من قبله الحافظ ابن كثير في
" السيرة " ( 3 / 373 - 374 ) .
2794 " افترض الله على عباده صلوات خمسا , [ قالها ثلاثا ] , فحلف الرجل [ بالله ]
لا يزيد عليه شيئا و لا ينقص منه شيئا , قال صلى الله عليه وسلم : إن صدق
ليدخلن الجنة " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 696 :
أخرجه النسائي ( 1 / 228 - 229 - القلم ) و ابن حبان ( 251 ) و الزيادة الثانية
له , و أحمد ( 3 / 267 ) و له الزيادة الأولى , كلهم من طريق نوح بن قيس عن
خالد ابن قيس عن قتادة عن # أنس # قال : سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال : يا رسول الله ! كم افترض الله عز وجل على عباده من الصلوات ? قال :
فذكره .. قال : يا رسول الله هل قبلهن أو بعدهن شيء ? قال : فذكره بالزيادة
الأولى , فحلف الرجل .. قلت : و هذا إسناد صحيح على شرط مسلم . و للحديث شاهد
من حديث طلحة بن عبيد الله أتم منه . رواه الشيخان و غيرهما , و هو مخرج في "
صحيح أبي داود " ( 414 ) . ( تنبيه ) : في رواية لمسلم و النسائي أن النبي صلى
الله عليه وسلم قال : " أفلح و أبيه إن صدق .. " . فزاد : و أبيه " , و هي شاذة
كما حققته في " الضعيفة " ( 4992 ) .
2795 " صلى بنا بالمدينة ثمانيا و سبعا <1> : الظهر و العصر , و المغرب و العشاء " .
-----------------------------------------------------------
[1] أي ثماني ركعات الظهر و العصر , و ( سبعا ) أي المغرب و العشاء . اهـ .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 697 :
أخرجه الشيخان , و أبو عوانة في " صحاحهم " و غيرهم من طرق عديدة عن حماد ابن
زيد عن عمرو بن دينار عن جابر بن زيد عن # ابن عباس # قال : فذكره مرفوعا . و
هو مخرج في " إرواء الغليل " ( 3 / 36 ) و " صحيح أبي داود " ( 1099 ) , فليرجع
إليهما من شاء . و الغرض هنا التنبيه على أمرين هامين من الأوهام : الأول : أن
أبا النعمان خالف الطرق كلها فزاد في آخر الحديث : " فقال أيوب : لعله في ليلة
مطيرة ? قال : عسى " . و هذه الزيادة شاذة عندي لتفرد أبي النعمان بها , و اسمه
محمد بن الفضل السدوسي شيخ البخاري فيه , و كان تغير , لكن ذكر الحافظ في "
مقدمة الفتح " أن البخاري سمع منه قبل اختلاطه بمدة , و لولا ذاك لقلت : إنها
زيادة منكرة . و قد أعلها الحافظ بعلة أخرى , فقال في " الفتح " ( 2 / 23 - 24
) : " و احتمال المطر قال به أيضا مالك عقب إخراجه لهذا الحديث عن أبي الزبير
عن سعيد بن جبير عن ابن عباس نحوه . و قال بعد قوله : " بالمدينة , من غير خوف
و لا سفر " , قال مالك : لعله كان في مطر . لكن رواه مسلم و أصحاب السنن من
طريق حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير بلفظ : " من غير خوف و لا مطر " ,
فانتفى أن يكون الجمع المذكور للخوف أو السفر أو المطر " . قلت : و يؤكد ذلك
رواية أبي الزبير عن سعيد , قال : فسألت سعيدا : لم فعل ذلك ? فقال : سألت ابن
عباس كما سألتني , فقال : أراد أن لا يحرج أحدا من أمته " . رواه مسلم , و
البيهقي . و يزيده قوة رواية عمرو بن هرم عن سعيد بلفظ : " أن ابن عباس جمع بين
الظهر و العصر من شغل , و زعم ابن عباس .. " فذكر الحديث نحوه . رواه النسائي
بسند صحيح . فقوله : " من شغل " دليل واضح على أن جمعه صلى الله عليه وسلم لم
يكن للمطر , و إلا لم يحتج به ابن عباس كما هو ظاهر . و الله أعلم . و يمكن
إعلال زيادة أبي النعمان بمخالفته أيضا لرواية سفيان بن عيينة , و هي الآتية :
و الأمر الآخر : زاد سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن جابر بن زيد عن ابن
عباس .. : " قلت : يا أبا الشعثاء ( كنية جابر ) ! أظنه أخر الظهر و عجل العصر
, و أخر المغرب و عجل العشاء ? قال : و أنا أظن ذاك " . أخرجه ابن أبي شيبة في
" المصنف " ( 2 / 456 ) و عنه مسلم : حدثنا ابن عيينة به . و تابعه علي بن عبد
الله قال : حدثنا سفيان به . أخرجه البخاري ( 1174 ) . و خالفهما قتيبة قال :
حدثنا سفيان به , إلا أنه قال : " .. أخر الظهر .. " إلخ , أدرجه في الحديث و
جعله من كلام ابن عباس , و إنما هو من كلام أبي الشعثاء ظنا منه . أخرجه
النسائي ( 1 / 98 ) . ( تنبيه ) : من التخريج السابق يتبين خطأ ما جاء في كتاب
" منهاج المسلم " للشيخ أبي بكر الجزائري ( ص 248 - دار الفكر الثانية ) : "
جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المغرب و العشاء في ليلة مطيرة . البخاري
" , فهذا وهم جديد , فإنه أدرج في الحديث قول أيوب : لعله في ليلة مطيرة ? و
جواب جابر ابن يزيد : عسى !! و الحقيقة أنني لا أعلم حديثا صريحا في الجمع في
المطر إلا ما يستفاد من حديث مسلم المتقدم : " من غير خوف و لا مطر " , فإنه
يفيد بأنه كان من المعهود في زمنه صلى الله عليه وسلم الجمع للمطر , و لذلك جرى
عمل السلف بذلك , كما ورد في آثار كثيرة في " مصنف عبد الرزاق " و " ابن أبي
شيبة " , منها عن نافع قال : " كانت أمراؤنا إذا كانت ليلة مطيرة أبطأوا
بالمغرب , و عجلوا بالعشاء قبل أن يغيب الشفق , فكان ابن عمر يصلي معهم لا يرى
بذلك بأسا . قال عبيد الله : و رأيت القاسم و سالما يصليان معهم في مثل تلك
الليلة " . رواه ابن أبي شيبة بإسناد صحيح على شرط الشيخين .
2796 " لو قلت : " بسم الله " لطارت بك الملائكة و الناس ينظرون إليك . قاله لطلحة
حين قطعت أصابعه فقال : حس " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 699 :
أورده السيوطي في " الجامع الكبير " من رواية النسائي و الطبراني و البيهقي في
" الدلائل " , و ابن عساكر عن جابر . و أبو نعيم , و [ ابن ] عساكر و الضياء عن
طلحة , و الطبراني و ابن عساكر عن أنس , و ابن عساكر عن ابن شهاب مرسلا . و ها
أنا أسوق ما وقفت عليه من هذه الروايات : أولا : حديث جابر , يرويه - أبو
الزبير عنه قال : " لما كان يوم أحد و ولى الناس كان رسول الله صلى الله عليه
وسلم في ناحية في اثني عشر رجلا من الأنصار , و فيهم طلحة بن عبيد الله ,
فأدركهم المشركون , فالتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم و قال : " من للقوم ?
" . فقال طلحة : أنا . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كما أنت " . فقال
رجل من الأنصار : أنا يا رسول الله ! فقال : " أنت " . فقاتل حتى قتل . ثم
التفت فإذا المشركون , فقال : " من للقوم ? " . فقال طلحة : أنا . قال : " كما
أنت " . فقال رجل من الأنصار : أنا . فقال : " أنت . فقاتل حتى قتل . ثم لم يزل
يقول ذلك و يخرج إليهم رجل من الأنصار , فيقاتل قتال من قبله حتى يقتل , حتى
بقي رسول الله صلى الله عليه وسلم و طلحة بن عبيد الله , فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم : " من للقوم ? " . فقال طلحة : أنا . فقاتل طلحة قتال الأحد
عشر حتى ضربت يده فقطعت أصابعه فقال : " حس " , فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : ( فذكر الحديث ) , ثم رد الله المشركين " . أخرجه النسائي ( رقم 3149 )
و البيهقي في " دلائل النبوة " ( 3 / 236 - 237 ) و أبو نعيم في " المعرفة " (
24 / 2 ) و ابن عساكر في " التاريخ " ( 8 / 548 و 549 ) عن عمارة بن غزية عنه .
قلت : و هذا إسناد على شرط مسلم , إلا أن فيه عنعنة أبي الزبير , و قد سكت عنه
الحافظ ابن كثير في " البداية " ( 4 / 26 ) , لكن يقويه ما بعده . ثانيا - عن
طلحة , يرويه سليمان بن أيوب : حدثنا أبي عن جدي عن موسى بن طلحة عن أبيه
مختصرا بلفظ : لما كان يوم أحد أصابني السهم , فقلت : حس .. إلخ دون قوله : "
ثم رد الله المشركين " . قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 9 / 149 ) : " رواه
الطبراني , و فيه سليمان بن أيوب الطلحي , و قد وثق , و ضعفه جماعة , و فيه
جماعة لم أعرفهم " . كذا قال : و ليس فيه من لا يعرف سوى جد سليمان بن أيوب , و
اسمه سليمان بن عيسى ابن موسى بن طلحة , كما وقع في إسناد الحديث الأول فيما
أسند طلحة من " المعجم الكبير " ( 1 / 75 / 214 ) , فإني لم أعرفه أيضا . و أما
ابنه أيوب بن سليمان , فأورده ابن أبي حاتم ( 1 / 1 / 248 ) برواية ابنه سليمان
عنه , و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا , و أظنه الذي أورده ابن حبان في " تبع
أتباع التابعين " من " ثقاته " ( 8 / 127 ) : " أيوب بن سليمان القرشي , إمام
مسجد سلمية , قرية بحمص , يروي عن حماد بن سلمة , روى عنه الحسن بن إسحاق
التستري " . قلت : و طلحة بن عبيد الله جد هذا قرشي تيمي , فهو الذي في هذا
الحديث و من طبقته , و لم يعرفه الهيثمي . و الله أعلم . و بقية الروايات التي
ذكرها السيوطي لم يتيسر لي الوقوف عليها حتى الآن , لكن عزوه رواية أنس
للطبراني في " الكبير " أخشى أن يكون خطأ منه أو من الناسخ , فإني لم أره فيه و
لا في " المجمع " , و على العكس من ذلك لم يعز حديث طلحة إليه , أعني الطبراني
, و هو فيه كما رأيت , و عزاه لأبي نعيم , يعني في كتاب " الحلية " و ليس فيه ,
فلعل الأصل عكس هذا كله , أي : " .. و الطبراني و ابن عساكر و الضياء عن طلحة .
و أبو نعيم و ابن عساكر عن أنس " . و الله أعلم . و بالجملة , فحديث الترجمة
حسن في أقل أحواله , و قد يرتقي إلى مرتبة الصحيح لو وقفنا على حديث أنس . انظر
الاستدراك رقم ( 1 ) , و الحديث ( 2171 ) . ( تنبيه ) : ثم بدا لي أن عدم عزوه
حديث طلحة للطبراني من السيوطي نفسه , و ذلك لأنني رأيت المناوي قد أورده في "
الجامع الأزهر " , فإن من المفروض فيه أن لا يكرر ما في " الجامع الكبير " إلا
لفائدة , فيظهر أنه لما رأى الحديث في " جامع السيوطي " غير معزو للطبراني ,
أورده هو معزوا إليه فقط . و الله أعلم . ثم إن المناوي ذكر عقب الحديث كلام
الهيثمي الذي نقلته آنفا و تعقبته , ذكره هو مسلما به دون أن يعزوه إليه !
2797 " الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله و ما والاه , أو عالما أو متعلما "
.
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 703 :
أخرجه الترمذي ( 2323 ) و ابن ماجه ( 4112 ) و الأصبهاني في " الترغيب " ( ق
223 / 2 ) من طريق ابن ثوبان عن عطاء بن قرة عن عبد الله بن ضمرة السلولي قال :
حدثنا # أبو هريرة # قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : فذكره , و
قال الترمذي : " حديث حسن غريب " . قلت : و هو كما قال أو قريب منه , و قد أقره
المنذري في " الترغيب " ( 1 / 56 ) , فإن رجاله كلهم ثقات معروفون غير عطاء بن
قرة , وثقه ابن حبان في " أتباع التابعين " ( 7 / 252 ) لكن قد ذكر في "
التهذيب " أنه روى عنه جمع من الثقات , منهم الأوزاعي و الثوري , فكأنه لذلك
قال في " التقريب " : " صدوق يخطىء " . فهو حسن الحديث إن شاء الله تعالى , و
يؤيده قول الذهبي في " المغني " : " صدوق " . أخرجه الترمذي من طريق علي بن
ثابت - و هو الجزري - و الآخران من طريق أبي خليد عتبة بن حماد , كلاهما عن ابن
ثوبان - و هو عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان - به . و خالفهما أبو المطرف المغيرة
بن المطرف قال : حدثنا ابن ثوبان عن عبدة بن أبي لبابة عن أبي وائل عن ابن
مسعود مرفوعا به . أخرجه البزار ( 4 / 108 / 3310 ) و الطبراني في " الأوسط " (
رقم 4248 - نسختي ) و قال : " لم يروه عن ابن ثوبان عن عبدة إلا أبو المطرف ..
و روى غيره عن ابن ثوبان عن عطاء بن قرة عن عبد الله بن ضمرة عن أبي هريرة " .
قلت : و هذا أصح لاتفاق الصدوقين عليه , و لأن أبا المطرف هذا غير معروف في كتب
الرجال , ثم رأيت الدارقطني قد سبقني إلى هذا , فقال في " العلل " ( 5 / 89 ) :
" و هو الصحيح " . و قال الهيثمي ( 1 / 122 ) : " لم أر من ذكره " . قلت :
أورده بحشل في " تاريخ واسط " ( 181 ) و ذكر له أثرا من رواية وهب بن بقية . و
قال الذهبي في " المقتنى " : " واه " . و لفظ البزار : " إلا أمرا بمعروف أو
نهيا عن المنكر " . و للحديث شاهد من حديث جابر مرفوعا به , إلا أنه قال : " ..
إلا ما كان منها لله عز وجل " . أخرجه أبو نعيم في " الحلية " ( 3 / 157 و 7 /
91 ) و الأصبهاني ( ق 143 / 2 ) و البيهقي في " الشعب " ( 7 / 341 / 10512 ) من
طريقين عن عبد الله بن الجراح : حدثنا عبد الملك بن عمرو العقدي حدثنا سفيان بن
سعيد عن محمد [ بن المنكدر ] عنه , و قال أبو نعيم : " غريب من حديث محمد و
الثوري تفرد به عبد الله بن الجراح " . قلت :: قال الذهبي في " الكاشف " : "
ثقة " . و قال الحافظ في " التقريب " : " صدوق يخطىء " . و هذا أقرب إلى مجموع
أقوال المتقدمين فيه , فهو حسن الحديث إن شاء الله تعالى , و ذكره ابن أبي حاتم
في " العلل " ( 2 / 124 ) من طريقه , و قال عن أبيه : " هذا خطأ , إنما هو محمد
بن المنكدر أن النبي صلى الله عليه وسلم " . يعني أنه مرسل . و لم يبين السبب ,
و على التسليم به هو شاهد حسن مسندا و مرسلا . و شاهد آخر , يرويه محمد بن وضاح
: أخبرنا عبد الملك بن حبيب المصيصي أخبرنا ابن المبارك عن ثور بن يزيد عن خالد
بن معدان عن أبي سعيد الخدري مرفوعا بلفظ : " .. إلا ما كان فيها من ذكر الله ,
أو آوى إلى ذكر الله , و العالم و المتعلم شريكان في الأجر , و سائر الناس همج
لا خير فيه " . أخرجه ابن عبد البر في " جامع بيان العلم و فضله " ( 1 / 27 ) و
أعله بالوقف فقال : " هكذا رواه عبد الملك بن حبيب المصيصي عن ابن المبارك
مسندا , و رواه عبد الله ابن عثمان عن ابن المبارك عن ثور عن خالد بن معدان من
قول أبي الدرداء " . ثم ساقه بإسناده إلى عبد الله بن عثمان به موقوفا . و
تابعه عبد الرزاق عند البيهقي في " الشعب " ( 7 / 342 ) . قلت : و عبد الله بن
عثمان هو الحافظ الثقة الملقب بـ ( عبدان ) , و قد تابعه الحسين المروزي فرواه
في " الزهد " ( 191 / 543 ) : أخبرنا ابن المبارك به . و هذا أصح مما قبله ,
لأن المصيصي مع مخالفته لعبدان و الحسين المروزي فهو مجهول الحال لم يوثقه أحد
, على أنه مع وقفه فهو منقطع بين خالد و أبي الدرداء . و قد جاءت هذه الزيادة "
و العالم و المتعلم شريكان في الأجر .. " مرفوعة من طرق أخرى عن أبي الدرداء و
غيره .. و لكنها واهية كما بينته في " إرواء الغليل " ( 414 ) . ( تنبيه ) :
عزا السيوطي الحديث في " الجامعين " لابن ماجه فقط عن أبي هريرة , و " أوسط "
الطبراني عن ابن مسعود . و لم يتكلم المناوي على إسناد أبي هريرة , و إنما على
إسناد ابن مسعود , و لم يزد فيه على أن نقل عن الهيثمي قوله المتقدم في راويه
أبي المطرف : " لم أر من ذكره " . هذا في " الفيض " , و أما في " التيسير " فقد
زاد في توضيح الإيهام , فقال : " رمز المؤلف لصحته , و ليس كما قال , إذ فيه
مجهول " ! قلت : و فيه ما يلي و إن أقرته لجنة " الجامع الكبير " ( 55 - 10703
) ! أولا : أوهم أن المجهول في إسناد حديث أبي هريرة أيضا , و ليس كذلك كما سبق
. ثانيا : أن رموز السيوطي في " الجامع الصغير " لا قيمة لها , كما نبهنا عليه
مرارا , و شرحته في مقدمة " ضعيف الجامع " و " صحيح الجامع " , و قد نبه
المناوي نفسه على شيء منه في مقدمة " الفيض " . ثالثا : أوهم أن الحديث ضعيف ,
و ليس كذلك بالنظر إلى طريق أبي هريرة , فهو حسن كما تقدم , و يزداد قوة بحديث
جابر ! و الله أعلم . قلت : و من جناية ( الهدام ) على السنة تضعيفه لهذا
الحديث , في تعليقه على " إغاثة اللهفان " , و تصدير تخريجه إياه بقوله ( 1 /
56 ) : " ضعيف : و لعله قول لبعض السلف " !! فيقال له : اجعل ( لعل ) عند ذاك
الكوكب , فإن جل طرقه مرفوعة , و أولها حسن لذاته , و نحوه حديث جابر , و لكن
الرجل مبتلى بالشذوذ العلمي !
2798 " اجتنبوا الخمر , فإنها مفتاح كل شر " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 707 :
أخرجه الحاكم ( 4 / 145 ) و عنه البيهقي في " شعب الإيمان " ( 2 / 150 / 2 ) من
طريق نعيم بن حماد : حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن عمرو بن أبي عمرو
عن عكرمة عن # ابن عباس # رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : فذكره , و قال : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي . قلت : نعيم بن
حماد , أورده الذهبي نفسه في " الضعفاء و المتروكين " , و قال : " وثقه أحمد و
جماعة , و قال النسائي و غيره : ليس بثقة . و قال الأزدي : قالوا : كان يضع
الحديث , و قال ( د ) : عنده نحو عشرين حديثا ليس لها أصل , و قال الدارقطني :
كثير الوهم " . و أما قول المناوي أنه من رجال الصحيح , فخطأ , لأن البخاري
إنما روى عنه مقرونا , و مسلما روى له في " المقدمة " . و أعله أيضا بأن فيه
محمد بن إسحاق , و هذا وهم أيضا , لأن ابن إسحاق لا وجود له في هذا الإسناد كما
ترى . و للحديث شاهد من حديث أبي الدرداء مرفوعا بلفظ : " لا تشرك بالله شيئا
.. و لا تشرب الخمر فإنها مفتاح كل شر " . و هو حديث صحيح خرجته في " الإرواء "
( 2086 ) . و وجدت للشطر الأول منه الشواهد التالية : الأول : عن عثمان رضي
الله عنه مرفوعا بلفظ : " اجتنبوا أم الخبائث .. " الحديث . أخرجه ابن حبان في
" صحيحه " ( 5324 - ترتيبه ) بإسناد فيه متكلم فيه , و قد خالفه الثقة , فأوقفه
كما بينته في التعليق على " الأحاديث المختارة " ( رقم 320 ) . الثاني : عن عبد
الله بن عمرو مرفوعا : " اجتنبوا كل ما أسكر " . أخرجه أبو داود ( 3701 ) و عنه
البيهقي ( 8 / 310 ) و الدارقطني ( 4 / 258 ) و غيرهم , و قد سبق تخريجه مع
شواهد أخرى في المجلد الثاني ( 886 ) , فلا داعي للتكرار .
2799 " لما نزلت هذه الآية التي في *( الفرقان )* : *( و الذين لا يدعون مع الله
إلها آخر و لا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق )* عجبنا للينها , فلبثنا
ستة أشهر , ثم نزلت التي في *( النساء )* : *( و من يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه
جهنم خالدا فيها و غضب الله عليه و لعنه )* حتى فرغ " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 708 :
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 5 / 150 / 4869 ) من طريق سعيد بن أبي
هلال عن جهم بن أبي الجهم أن أبا الزناد أخبرهم أن خارجة بن زيد بن ثابت أخبره
عن # زيد بن ثابت #قال : فذكره . قلت : و هذا إسناد حسن في المتابعات و
الشواهد , رجاله ثقات رجال الشيخين غير جهم بن أبي الجهم , و يقال له : ابن
الجهم , مولى الحارث بن حاطب القرشي الجمحي , ذكره ابن أبي حاتم ( 1 / 1 / 521
) برواية اثنين عنه , و ابن حبان في " الثقات " ( 4 / 113 ) برواية أحدهما , و
يستدرك سعيد بن أبي هلال , فهو ثالث . و تابعه موسى بن عقبة عن أبي الزناد به .
أخرجه النسائي ( رقم 4007 ) و ابن جرير الطبري في " التفسير " ( 4 / 139 ) و
الطبراني أيضا ( 4870 ) من طريق محمد بن عمرو عنه به . قلت : و هذا إسناد حسن .
و في رواية للنسائي : عن محمد بن عمرو عن أبي الزناد .. به . لم يذكر بينهما
موسى بن عقبة , و قال النسائي : " أدخل أبو الزناد بينه و بين خارجة مجالد بن
عوف " ثم ساقه من طريق عبد الرحمن بن إسحاق عن أبي الزناد عن مجالد بن عوف قال
: سمعت خارجة بن زيد به نحوه . و من هذا الوجه أخرجه أبو داود ( 4272 ) . قلت :
و هذا إسناد حسن أيضا لولا أن مجالدا هذا لم يوثقه غير ابن حبان ( 7 / 296 ) و
سماه " عوف بن مجالد " على القلب , لكن قال الحافظ في " التقريب " : " صدوق " .
( انظر تعليقي على هذه الترجمة من كتابي الجديد " تيسير انتفاع الخلان بكتاب
ثقات ابن حبان " ) . و الظاهر أن مجالدا هذا هو الرجل الذي جاء ذكره في رواية
ابن عيينة عن أبي الزناد قال : سمعت رجلا يحدث خارجة بن زيد بن ثابت قال : سمعت
أباك في هذا المكان بمنى يقول : فذكره نحوه . و من الظاهر أيضا أن أبا الزناد
بعد أن سمع الحديث من الرجل سمعه من خارجة مباشرة كما تدل عليه رواية الطبراني
الأولى . و للحديث شاهد من حديث ابن عباس . أخرجه ابن جرير ( 5 / 138 - 139 )
من طريقين عنه يقوي أحدهما الآخر , فيرتقي الحديث بهما إلى مرتبة الصحيح . و
يشهد له حديث القاسم بن أبي بزة عن سعيد بن جبير قال : قلت لابن عباس : هل لمن
قتل مؤمنا متعمدا من توبة ? قال : لا , و قرأت عليه الآية التي في ( الفرقان )
.. و قال : " هذه آية مكية نسختها آية مدنية : *( و من يقتل مؤمنا متعمدا
فجزاؤه جهنم )* " أخرجه البخاري ( 4764 ) و النسائي ( 4001 ) و السياق له . (
تنبيهان ) : الأول : كل هذه الروايات المتقدمة صريحة في تأخر نزول آية ( النساء
) عن آية ( الفرقان ) , إلا رواية مجالد بن عوف عند النسائي فإنها بلفظ : "
نزلت *( و من يقتل مؤمنا متعمدا .. )* أشفقنا منها , فنزلت الآية التي في (
الفرقان ) : *( و الذين لا يدعون .. )* " الآية . فهي رواية منكرة , لا أدري
الخطأ ممن , فإنها عند النسائي كما عند أبي داود من طريق واحد : عن مسلم بن
إبراهيم قال : حدثنا حماد بن سلمة عن عبد الرحمن بن إسحاق به , و لولا ذلك لكان
من الواضح القول بأن الخطأ من مجالد بن عوف لما عرفت من جهالته . و الله أعلم .
الثاني : في رواية البخاري المتقدمة عن ابن عباس أنه قال : لا توبة للقاتل عمدا
, و هذا مشهور عنه , له طرق كثيرة كما قال ابن كثير و ابن حجر , و الجمهور على
خلافه , و هو الصواب الذي لا ريب فيه , و آية ( الفرقان ) صريحة في ذلك , و لا
تخالفها آية ( النساء ) لأن هذه في عقوبة القاتل و ليست في توبته , و هذا ظاهر
جدا , و كأنه لذلك رجع إليه كما وقفت عليه في بعض الروايات عنه , رأيت أنه لابد
من ذكرها لعزتها , و إغفال الحافظين لها : الأولى : ما رواه عطاء بن يسار عنه :
أنه أتاه رجل , فقال : إني خطبت امرأة فأبت أن تنكحني , و خطبها غيري فأحبت أن
تنكحه , فغرت عليها فقتلتها , فهل لي من توبة ? قال : أمك حية ? قال : لا . قال
: " تب إلى الله عز وجل , و تقرب إليه ما استطعت " . فذهبت فسألت ابن عباس : لم
سألته عن حياة أمه ? فقال : " إني لا أعلم عملا أقرب إلى الله عز وجل من بر
الوالدة " . أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " ( رقم 4 ) بسند صحيح على شرط "
الصحيحين " . الثانية : ما رواه سعيد عن ابن عباس في قوله : *( و من يقتل مؤمنا
متعمدا )* , قال : ليس لقاتل توبة , إلا أن يستغفر الله . أخرجه ابن جرير ( 5 /
138 ) بسند جيد , و لعله يعني أنه لا يغفر له , على قوله الأول , ثم استدرك على
نفسه فقال : " إلا أن يستغفر الله " . و الله أعلم .
2800 " ما حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم و لا تكذبوهم , و قولوا : آمنا بالله و كتبه
و رسله , فإن كان حقا لم تكذبوهم و إن كان باطلا لم تصدقوهم " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 712 :
أخرجه أبو داود ( 2 / 124 ) و عبد الرزاق في " المصنف " ( 20059 ) و ابن حبان (
110 ) و الدولابي في " الكنى " ( 1 / 58 ) و البيهقي ( 2 / 10 ) و في " الشعب "
( 2 / 99 / 1 ) و أحمد ( 4 / 136 ) و ابن منده في " المعرفة " ( 2 / 266 / 2 )
من طريق الزهري : أخبرني #ابن أبي نملة عن أبيه #قال : كنت عند النبي صلى
الله عليه وسلم إذ دخل عليه رجل من اليهود فقال : يا محمد أتكلم هذه الجنازة ?
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : الله أعلم , فقال اليهودي : أنا أشهد أنها
تكلم , فقال النبي صلى الله عليه وسلم : فذكره . و إسناده ثقات رجال الشيخين
غير ابن أبي نملة , قال البيهقي : هو نملة ابن أبي نملة الأنصاري . قلت : في "
التقريب " : " إنه مقبول " . فهو في عداد المجهولين , فالإسناد على هذا ضعيف .
و لفظ أحمد : " إذا حدثكم " . ثم ظهر لي أنني كنت مخطئا في اعتمادي على قول
الحافظ : " مقبول " , الذي يعني أنه غير مقبول عند التفرد , و ذلك أنه هو نفسه
قد ذكر في ترجمة ( نملة بن أبي نملة ) من " التهذيب " أنه : " روى عنه - غير
الزهري - عاصم و يعقوب ابنا عمر بن قتادة , و ضمرة بن سعيد و مروان بن أبي سعيد
, و ذكره ابن حبان في ( الثقات ) و أخرج حديثه في ( صحيحه ) " . قلت : فهؤلاء
جمع - أكثرهم ثقات - مع كونه تابعيا يروي عن أبيه , و عهدي بالحافظ و من قبله
الذهبي أنهم يقولون في مثله : " صدوق " . و أنهم يحسنون أو يجودون حديثه لغلبة
الظن في صدقه , و سلامة حديثه من الخطأ . و الله سبحانه و تعالى أعلم . و إن
مما يقوي الحديث أن له شاهدا يرويه الحارث بن عبيدة : حدثنا الزهري عن سالم عن
أبيه عن عامر بن ربيعة قال : " كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمر بجنازة
, فقال رجل من اليهود : " يا محمد ! تكلم هذه الجنازة ? " , فسكت رسول الله صلى
الله عليه وسلم , فقال : اليهودي : " أنا أشهد أنها تكلم " , فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : .. " فذكره نحوه مختصرا إلى قوله : " و رسله " , و دون
قوله : " فلا تصدقوهم و لا تكذبوهم " . أخرجه الحاكم ( 3 / 358 ) و قال : " هذا
حديث يعرف بالحارث بن عبيدة الرهاوي " . قلت : و هو ضعيف كما قال الذهبي نفسه
في " الضعفاء " تبعا للدارقطني , لكن يمكن أن يستشهد به لأنه ليس شديد الضعف ,
فقد قال أبو حاتم : " ليس بالقوي " . و ذكره ابن حبان في " الثقات " ( 6 / 176
) و لكنه سرعان ما تناقض فذكره في " الضعفاء " أيضا ( 1 / 224 ) و قال : " لا
يعجبني الاحتجاج بخبره إذا انفرد " . قلت : و هذا يعني أنه ليس شديد الضعف ,
فيجوز الاستشهاد به و الله تعالى أعلم . هذا , و قد زاد ابن حبان في آخر الحديث
: " و قد زاد ابن حبان في آخر الحديث : " و قال : قاتل الله اليهود لقد أوتوا
علما " . قلت : و تكلم الجنازة مما ينبغي أن يصدق به لثبوت ذلك في بعض الأحاديث
الصحيحة , كقوله صلى الله عليه وسلم : " إذا وضعت الجنازة , و احتملها الرجال
على أعناقهم , فإن كانت صالحة قالت : قدموني قدموني , و إن كانت غير صالحة قالت
: يا ويلها أين يذهبون بها ?! يسمع صوتها كل شيء إلا الإنسان , و لو سمعه لصعق
" . أخرجه البخاري و غيره , و هو مخرج في " أحكام الجنائز " ( ص 72 ) . فقوله
صلى الله عليه وسلم جوابا عن سؤال اليهودي : " الله أعلم " , الظاهر أنه كان
قبل أن يوحى إليه بهذا الحديث الصحيح الصريح في تكلم الجنازة و بصوت . و الله
أعلم . ثم إن الحديث في " صحيح البخاري " من حديث أبي هريرة مرفوعا دون قوله :
" فإن كان حقا .. " إلخ , و قد مضى برقم ( 422 ) . و قد التبس هذا بحديث
الترجمة على شيخ الإسلام ابن تيمية , فانظر التعليق على " فضائل الشام " ( ص 55
- عمان ) .
ساجدة لله
2010-10-20, 05:42 AM
2801 " لا يقولن أحدكم : زرعت , و لكن ليقل : حرثت " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 715 :
أخرجه ابن جرير الطبري في " التفسير " ( 27 / 114 ) و البزار ( 1289 ) و ابن
حبان ( 5693 - الإحسان ) و الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 149 / 1 - الظاهرية )
و أبو نعيم في " الحلية " ( 8 / 267 ) و السهمي في " تاريخ جرجان " ( 369 ) و
البيهقي في " السنن " ( 6 / 138 ) و في " شعب الإيمان " أيضا ( 4 / 2801 ) كلهم
من طريق مسلم بن أبي مسلم الجرمي : حدثنا مخلد بن الحسين عن هشام بن حسان عن
محمد ابن سيرين عن # أبي هريرة # قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ...
( فذكره ) , قال محمد : قال أبو هريرة : " ألم تسمعوا إلى قول الله عز وجل : *(
أفرأيتم ما تحرثون , أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون )* " . قلت : و هذا إسناد
جيد رجاله ثقات رجال مسلم غير مسلم بن أبي مسلم الجرمي , أورده ابن حبان في "
الثقات " ( 9 / 158 ) و قال : " حدثنا عنه الحسن بن سفيان و أبو يعلى , ربما
أخطأ , مات سنة ( 240 ) " . قلت : و وثقه الخطيب أيضا في " تاريخ بغداد " ( 13
/ 100 ) و ذكر أنه بغدادي نزل ( طرسوس ) و بها كانت وفاته . قلت : و حسن له
الحافظ في " الفتح " ( 4 / 351 ) حديثا في النهي عن بيع الطعام حتى يجري فيه
الصاعان , و هو مخرج في " أحاديث بيوع الموسوعة " و لم يعرفه الهيثمي , فقال في
كل من الحديثين ( 4 / 98 - 99 و 120 ) : " لم أجد من ترجمه " !! و قلده في ذلك
الشيخ الأعظمي في تعليقه على " كشف الأستار " ( 2 / 86 و 96 ) كما قلده في
الثاني منهما المناوي في " فيض القدير " ! و أما البيهقي فقد ضعف الحديث بقوله
بعد أن روى من طريق ليث عن مجاهد قال : فذكره نحوه : " هذا من قول مجاهد , و قد
روي فيه حديث مرفوع غير قوي " . ثم ساقه . و نقله الحافظ في ترجمة مسلم هذا في
" اللسان " , و قال عقبه : " قلت : ليس في إسناده من ينظر فيه غير مسلم هذا " .
قلت : قد عرفت أنه وثقه الخطيب أيضا , و هذا مما فات الحافظ و غيره , فلا داعي
للتردد في تقويته , و الله الموفق . و قد يخطر في البال أن الحديث مخالف
لأحاديث صحيحة منها قوله صلى الله عليه وسلم : " ما من مسلم يغرس غرسا أو يزرع
زرعا , فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له به صدقة " . أخرجه الشيخان
و غيرهما كما في " الصحيحة " ( رقم 7 ) . قال الحافظ في " الفتح " ( 5 / 4 ) :
" فيه جواز نسبة الزرع إلى الآدمي , و قد ورد في المنع منه حديث غير قوي أخرجه
ابن أبي حاتم .. " فذكره . و أقول : قد عرفت أن الحديث قوي فلابد حينئذ من
التوفيق بينه و بين حديث الصحيحين بوجه من وجوه التوفيق المعروفة , كأن يحمل
حديث الترجمة على أن النهي فيه للكراهة كما قالوا في التوفيق بين أحاديث النهي
عن تسمية العنب كرما و بين أحاديث أخرى جاء فيها كقوله صلى الله عليه وسلم : "
الخمر من هاتين الشجرتين : الكرمة و النخلة " . رواه مسلم ( 6 / 89 ) و كحديث
النهي عن بيع الكرم بالزبيب ( " انظر " فتح الباري " 4 / 385 - 386 ) . أو يقدم
حديث الترجمة أنه حاظر , و الحاظر مقدم على المبيح . و الله سبحانه و تعالى
أعلم .
2802 " إن كان قضاء من رمضان فاقضي يوما مكانه , و إن كان تطوعا فإن شئت فاقضي , و
إن شئت فلا تقضي " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 717 :
أخرجه بهذا اللفظ أحمد ( 6 / 343 - 344 ) و الدارمي ( 2 / 16 ) و الطحاوي في "
شرح المعاني " ( 1 / 353 - هندية ) و الطيالسي أيضا ( رقم 1616 ) و الطبراني
في " المعجم الكبير " ( 24 / 407 / 990 ) من طريق حماد بن سلمة : حدثنا سماك بن
حرب عن هارون ابن بنت أم هانىء أو ابن ابن أم هانىء عن # أم هانىء # : أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم شرب شرابا فناولها لتشرب , فقالت : إني صائمة و لكن
كرهت أن أرد سؤرك . فقال : فذكره . قلت : و هذا إسناد ضعيف , هارون هذا مجهول
كما قال الحافظ في " التقريب " , و قال الذهبي في " الميزان " : " لا يعرف و لا
هو في ( ثقات ابن حبان ) " . و قد اضطربوا في إسناده على سماك على وجوه ذكرتها
و خرجتها في صحيح أبي داود " ( 2120 ) و قد انتهيت فيه إلى تحسين الحديث أو
تصحيحه لطرقه , و قد حسن العراقي أحد أسانيده . إنما خرجت هذا اللفظ هنا للنظر
فيما ذكره الشوكاني حوله من الفقه , فقد ذكر في " السيل الجرار " ( 2 / 151 )
عن صاحب " حدائق الأزهار " أنه قال فيمن يقضي ما عليه من الصيام فأفطر : أنه
يأثم , فرد عليه الشوكاني بهذا الحديث , فقال : " و فيه دليل على جواز إفطار
القاضي و يقضي يوما مكانه و إن كان فيه المقال المتقدم و لكن الدليل على من قال
: إنه لا يجوز إفطار القاضي " . و أقول : أولا : ليس في الحديث ما ادعاه من
الجواز و الأمر بالقضاء لا يستلزم جواز الإفطار فيه , كما لا يخفى إن شاء الله
تعالى , ألا ترى أنه لا يجوز الإفطار في رمضان بالجماع اتفاقا و مع ذلك أمر صلى
الله عليه وسلم الذي أفطر به أن يقضي يوما مكانه مع الكفارة و هو ثابت بمجموع
طرقه كما بينته في " صحيح أبي داود " ( 2073 ) و لذلك قواه الحافظ و تبعه
الشوكاني نفسه في " النيل " ( 4 / 184 - 185 ) و في " السيل " ( 2 / 120 - 121
) , فأمره صلى الله عليه وسلم بالقضاء لأم هانىء لو كانت أفطرت منه لا يعني
جواز ما فعلت , فكيف و إفطارها كان من تطوع ? ثانيا : أنها قالت في رواية
للترمذي و غيره : " إني أذنبت فاستغفر لي " , فقال : " و ما ذاك ? " , قالت :
كنت صائمة فأفطرت . فقال : " أمن قضاء كنت تقضينه ? " , قالت : لا . فإذا
اعترفت بخطئها في ظنها لم يبق مجال لينكر عليها إفطارها - و لو كان من القضاء -
و لم يبق إلا أن يبين لها وجوب إعادته , و هذا هو ما دل عليه الحديث . و زاد
أبو داود في رواية عقب ما تقدم : " قال : فلا يضرك إن كان تطوعا " . و مفهومه
أنه يضرها لو كان قضاء . و هذا واضح إن شاء الله . ثالثا : الدليل هو اعتبار
الأصل , فكما لا يجوز إبطال الصيام في رمضان بدون عذر , فكذلك لا يجوز إفطار
قضائه و من فرق فعليه الدليل . رابعا : لقد سلم الشوكاني في " النيل " ( 4 /
220 ) بصواب قول ابن المنير : " ليس في تحريم الأكل في صوم النفل من غير عذر
إلا الأدلة العامة كقوله تعالى : *( و لا تبطلوا أعمالكم )* , إلا أن الخاص
يقدم على العام كحديث سلمان .. " . إذا كان الأمر كذلك فتكون الآية بعمومها
دليلا واضحا لنا عليه , لعدم وجود الدليل المخصص لها فيما نحن فيه . و الله
سبحانه و تعالى أعلم .
2803 " أما بعد أيها الناس , فإن الله قد أذهب عنكم عبية الجاهلية , الناس رجلان :
بر تقي كريم على ربه , و فاجر شقي هين على ربه , ثم تلا : *( يا أيها الناس إنا
خلقناكم من ذكر و أنثى و جعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا )* حتى قرأ الآية , ثم
قال : أقول هذا و أستغفر الله لي و لكم " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 719 :
أخرجه ابن حبان في " صحيحه " ( 3817 ) : أخبرنا مكحول بـ ( بيروت ) قال : حدثنا
محمد بن عبد الله بن يزيد قال : حدثنا عبد الله بن رجاء قال : حدثنا موسى بن
عقبة عن عبد الله بن دينار عن # ابن عمر # قال : طاف رسول الله صلى الله عليه
وسلم على راحلته القصواء يوم الفتح و استلم الركن بمحجنه و ما وجد لها مناخا في
المسجد حتى أخرجت إلى بطن الوادي فأنيخت , ثم حمد الله و أثنى عليه , ثم قال :
فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح , رجاله ثقات رجال مسلم غير مكحول و شيخه محمد
بن عبد الله بن يزيد و هما ثقتان معروفان . و للحديث طريق أخرى عن ابن دينار ,
فقال عبد بن حميد في " المنتخب من المسند " ( ق 105 / 2 ) : أنبأنا أبو عاصم عن
موسى بن عبيدة الربذي عن عبد الله بن دينار به , و رواه البغوي في " تفسيره " (
7 / 349 ) . و موسى بن عبيدة ضعيف , فالعمدة على موسى بن عقبة . و قد تابعهما
عبد الله بن جعفر : حدثنا عبد الله بن دينار به مختصرا و ليس فيه جملة
الاستغفار . و قد مضى لفظ ابن جعفر تحت الحديث ( 2700 ) . ( عبية ) يعني الكبر
, و تضم عينها و تكسر كما في " النهاية " .
2804 " كل ابن آدم أصاب من الزنا لا محالة , فالعين زناها النظر , و اليد زناها
اللمس , و النفس تهوى و تحدث , و يصدق ذلك أو يكذبه الفرج " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 720 :
أخرجه الإمام أحمد ( 2 / 349 - 350 ) : حدثنا حسن : حدثنا ابن لهيعة حدثنا عبد
الرحمن الأعرج عن # أبي هريرة # أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره .
قلت : و هذا إسناد رجاله ثقات إلا أن ابن لهيعة في حفظه ضعف لكنه قد توبع فدل
على أنه قد حفظه , فهو من صحيح حديثه , فقال ابن حبان في " صحيحه " ( 4405 -
الإحسان ) : أخبرنا محمد بن أحمد بن ثوبان الطرسوسي : حدثنا الربيع بن سليمان
المرادي : حدثنا شعيب بن الليث بن سعد عن الليث بن سعد عن جعفر بن ربيعة عن
عبد الرحمن الأعرج به . قلت : فهذه متابعة قوية لابن لهيعة من جعفر بن ربيعة ,
فإنه ثقة من رجال الشيخين و من دونه ثقات أيضا مترجمون في " التهذيب " غير
الطرسوسي هذا , فإني لم أقف له على ترجمة و لعله في " تاريخ دمشق " لابن عساكر
, فليراجع <1> , و على كل حال , فهو من شيوخ ابن حبان و هم في الغالب من الثقات
الذين عرفهم شخصيا و ليس على قاعدته المعروفة في توثيقه للمجهولين حتى عنده هو
نفسه , فإن لم يكن من أولئك الثقات , فلا أقل من أن يصلح في الشواهد و
المتابعات , و الله أعلم . و قد جاء الحديث عن أبي هريرة بألفاظ مختلفة من طرق
عدة بعضها في " الصحيحين " و قد خرجتها في " الإرواء " ( 1787 ) و " صحيح أبي
داود " ( 1868 ) . و في الحديث دليل واضح على تحريم مصافحة النساء الأجنبيات و
أنها كالنظر إليهن و أن ذلك نوع من الزنا , ففيه رد على بعض الأحزاب الإسلامية
الذين وزعوا على الناس نشرة يبيحون لهم فيها مصافحة النساء غير عابئين بهذا
الحديث فضلا عن غيره من الأحاديث الواردة في هذا الباب . و قد سبق بعضها برقم (
226 ) , و لا بقاعدة " سد الذرائع " التي دل عليها الكتاب و السنة , و منها هذا
الحديث الصحيح . و الله المستعان .
-----------------------------------------------------------
[1] ثم راجعته , فلم يذكره . اهـ .
2805 " لا تسأل المرأة طلاق أختها لتكتفئ ما في صحفتها , فإنما رزقها على الله عز
وجل " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 721 :
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 23 / 253 / 517 ) : حدثنا أبو يحيى
الرازي حدثنا محمود بن غيلان حدثنا مؤمل عن سفيان عن أبي إسحاق عن أبي سلمة عن
# أم سلمة # قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ... فذكره . قال
الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 4 / 333 ) : " رواه الطبراني عن شيخه أبي يحيى
الرازي و لم أعرفه و بقية رجاله ثقات " . و أقره المناوي في " الجامع الأزهر "
! كذا قال , و فيه أمور : أولا : أبو يحيى الرازي هو عبد الرحمن بن محمد بن سلم
الرازي كما في " المقتنى في الكنى " للذهبي , و قد روى له الطبراني حديثا واحدا
في " المعجم الصغير " ( 1197 ) باسمه و كنيته , لكنه نسبه إلى جده لم يذكر أباه
و كذلك ذكره دون الكنية في " المعجم الأوسط " , و ساق له ستة و عشرين حديثا (
4864 - 4890 - بترقيمي ) أحدها ( 4874 ) من روايته عن محمود بن غيلان شيخه في
حديث الترجمة , و قد ترجمه أبو الشيخ في " طبقات الأصبهانيين " ( 339 / 459 )
منسوبا إلى أبيه و جده و بكنيته , و كذلك أبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 2 /
112 ) و الذهبي في " تذكرة الحفاظ " و قال : " و كان من الثقات , توفي سنة إحدى
و تسعين و مائتين " . ثانيا : مؤمل هو ابن إسماعيل البصري نزيل مكة , مختلف فيه
و قد وصفه غير واحد من المتقدمين بأنه كثير الخطأ مع الصدق , و إليه جنح الذهبي
في " الكاشف " , و قال الحافظ في " التقريب " : " صدوق , سيىء الحفظ " . فحشر
مثله في زمرة الثقات لا يخفى ما فيه من التساهل . ثالثا : أبو إسحاق - و هو
السبيعي - كان يدلس , و قد عنعنه . لكن الحديث صحيح فإن له شاهدا قويا من حديث
أبي هريرة مرفوعا به إلا أنه قال : " فإن الله عز وجل رازقها " . أخرجه مسلم (
4 / 136 ) و هو في " الصحيحين " بنحوه , و هو مخرج في " صحيح أبي داود " ( 1891
) و أخرجه ابن حبان أيضا في " صحيحه " ( 4057 - الإحسان ) بلفظ " الصحيحين " .
ثم ساقه ( 4058 ) من وجه آخر بلفظ : " فإن المسلمة أخت المسلمة " . و إسناده
صحيح , رجاله ثقات رجال مسلم غير شيخه ابن سلم , و هو ( عبد الله بن محمد بن
سلم المقدسي ) وثقه ابن حبان و الذهبي في " السير " ( 14 / 306 ) . و هنا لابد
من التنبيه على أشياء وقفت عليها : 1 - وقع في " المجمع " : " إنائها " مكان "
صحفتها " و لعله خطأ مطبعي , و على الصواب وقع في " الجامع الكبير " . 2 - و
وقع في " الجامع الأزهر " : " صحيفتها " و في " المعجم الكبير " " صفحتها " , و
كل ذلك خطأ , فإن " الصحيفة " ما يكتب فيه من ورق و نحوه . و " الصفحة " جانب
الشيء , و صفحة الورقة أحد جانبيها . و أما " الصحفة " فهي إناء كالقصعة
المبسوطة و نحوها , قال ابن الأثير : " و هذا مثل يريد الاستكثار عليها بحظها
فتكون كمن استفرغ صحفة غيره و قلب ما في إنائه إلى إناء نفسه " . 3 - وقع في "
المعجم " : " .. أبو يحيى الداري [ الرازي ] " ! كأنه يشير إلى اختلاف النسخ أو
القراءة , و الصواب " الرازي " و حذف " الداري " كما يتبين من ترجمته المتقدمة
.
2806 " صيام ثلاثة أيام من كل شهر صيام الدهر و إفطاره " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 723 :
أخرجه أحمد ( 4 / 19 و 5 / 34 و 35 ) عن عفان و وكيع و وهب بن جرير و البزار (
1059 - الكشف ) عن محمد بن جعفر و يحيى بن سعيد القطان , و الطبراني في "
المعجم الكبير " ( 19 / 26 / 53 ) و الدارمي أيضا ( 2 / 19 ) عن أبي الوليد
الطيالسي , ستتهم عن شعبة عن #معاوية بن قرة عن أبيه #عن النبي صلى الله عليه
وسلم قال : فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح كما قال المنذري ( 2 / 82 ) و رجاله
رجال الصحيح كما قال الهيثمي ( 3 / 196 ) , و صححه ابن حبان و قد أخرجه ( 3645
- الإحسان ) من طريق وكيع به . ثم قال ( 3644 ) : أخبرنا أبو يعلى : حدثنا عبيد
الله بن عمر القواريري حدثنا يحيى بن سعيد به إلا أنه قال : " و قيامه " مكان :
" و إفطاره " . و قال ابن حبان : " قال وكيع عن شعبة في هذا الخبر : " و إفطاره
" , و قال يحيى القطان عن شعبة : " و قيامه " , و هما جميعا حافظان متقنان " .
كذا قال : و هو يشير بذلك إلى أن اللفظين محفوظان صحيحان ! و أرى أن لفظ " و
قيامه " شاذ غير محفوظ , لمخالفته للفظ الذي اتفق عليه الستة و فيهم القطان : "
و إفطاره " , فاتفاقهم حجة و من شذ عنهم فليس بحجة , و ليس هو القطان كما يشعر
به كلام ابن حبان , بل هو راو ممن دونه كائنا من كان , فالاختلاف ليس بين
القطان و وكيع و إنما بين أحد المشار إليهم في رواية ابن حبان , و من رواه عند
البزار عن القطان وفق رواية الجماعة . حتى لو فرضنا أن رواية البزار هذه خطأ
على القطان , و أن المحفوظ عنه رواية ابن حبان , فهي شاذة أيضا لمخالفته لرواية
الثقات الخمسة . و ما الحديث الشاذ إلا مخالفة الثقة للثقات , بل هذه الرواية
من أحسن الأمثلة عندي للحديث الشاذ . و الله سبحانه و تعالى أعلم . و يشهد
للحديث ما رواه الطبراني عن عبد الله بن عمرو مرفوعا في حديث : " .. و صام
إبراهيم عليه السلام ثلاثة أيام من كل شهر , صام الدهر و أفطر الدهر " . و فيه
ابن لهيعة و هو حسن الحديث في الشواهد , و قد أعله المنذري و الهيثمي بأبي فراس
و هو من رجال مسلم , و لكنهما لم يعرفاه كما كنت بينته قديما في السلسلة الأخرى
( 459 ) . و يؤيد الحديث قوله صلى الله عليه وسلم : " من صام الأبد , فلا صام و
لا أفطر " . أخرجه ابن حبان و غيره بسند صحيح كما في " التعليق الرغيب " ( 2 /
88 ) . و ذلك لأن الشارع الحكيم إذا جعل صيام ثلاثة أيام من كل شهر كما لو صام
الدهر , فمن صامهن فقد صام و أفطر . و الله أعلم .
2807 " اللهم إني أحبه , فأحببه و أحب من يحبه . يعني الحسن بن علي رضي الله عنهما "
.
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 725 :
أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " ( 1183 ) و أحمد ( 1 / 532 ) و ابنه عبد
الله في " فضائل الصحابة " ( 2 / 788 / 1407 ) و الحاكم ( 3 / 178 ) من طرق عن
هشام بن سعد عن نعيم بن المجمر عن # أبي هريرة # قال : ما رأيت حسنا قط إلا
فاضت عيناي دموعا و ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوما فوجدني في المسجد
فأخذ بيدي , فانطلقت معه فما كلمني حتى جئنا سوق بني قينقاع , فطاف به و نظر ,
ثم انصرف و أنا معه حتى جئنا المسجد فجلس فاحتبى ثم قال : " أين لكاع ? ادع لي
لكاع " . فجاء حسن يشتد فوقع في حجره , ثم أدخل يده في لحيته , ثم جعل النبي
صلى الله عليه وسلم يفتح فاه , فيدخل فاه في فيه , ثم قال : فذكره . و قال
الحاكم : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي . و أقول : إنما هو حسن فقط للكلام
اليسير الذي في هشام بن سعد . ( تنبيه ) : وقع عند الحاكم ( الحسين بن علي )
مكان ( حسن ) و لعله وهم من الراوي عنده ( أبو عبيدة بن الفضيل بن عياض ) , فقد
قال الذهبي : " فيه لين , قال ابن الجوزي : ضعيف " . فتعقبه الحافظ بقوله : "
وثقه الدارقطني , فلا يلتفت إلى تضعيف ابن الجوزي بلا سبب . و ذكره ابن حبان في
" الثقات " و أخرج حديثه في " صحيحه " , و كذلك الحاكم .. " . قلت : لم أره في
نسخة " الثقات " المطبوعة و لا في فهرس " صحيحه " و ليس خطأ مطبعيا , فإنه ذكره
في ترجمة ( الحسين ) رضي الله عنه . و مما يؤكد الخطأ أن الحديث أخرجه البخاري
( 5884 ) مختصرا , و كذا مسلم ( 7 / 130 ) و ابن حبان ( 6924 ) و أحمد ( 2 /
331 ) من طريق أخرى عن أبي هريرة به , و فيه ( الحسن ) . و من أوهام الأخ ( وصي
الله ) في تعليقه على " الفضائل " أنه ضعف إسناده بـ ( هشام بن سعد ) . ثم
استدرك فقال : " و لكن الحديث صحيح , فقد أخرجه البخاري .. و مسلم .. " ! و لا
يخفى أن هذا إنما يشهد لبعضه , فلا يتقوى الحديث كله به , لو كان إسناده ضعيفا
كما قال , و إنما هو حسن كما قلنا , و يشهد هذا لبعضه , و كأنه اغتر بعزو فؤاد
عبد الباقي إياه للشيخين , في تخريجه لـ " الأدب المفرد " ( ص 304 ) ! و هذا
عكس شارحه ( الجيلاني ) , فإنه لم يعزه إلا للحاكم !
2808 " إن من بعدكم الكذاب المضل , و إن رأسه من بعده حبك حبك - ثلاث مرات - و إنه
سيقول : أنا ربكم , فمن قال : لست ربنا , لكن ربنا الله عليه توكلنا و إليه
أنبنا , نعوذ بالله من شرك , لم يكن له عليه سلطان " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 727 :
أخرجه الإمام أحمد ( 5 / 372 ) : حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد بن زيد عن
أيوب عن أبي قلابة قال : رأيت رجلا بالمدينة و قد طاف الناس به , و هو يقول : "
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " , فإذا
# رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم # , قال : فسمعته و هو يقول : فذكره .
قلت : و هذا إسناد صحيح غاية رجاله ثقات رجال الشيخين و جهالة الصحابي لا تضر
كما هو مقرر في علم المصطلح . قوله : " من بعده " : أي : من ورائه . " حبك " :
أي : شعر رأسه متكسر من الجعودة مثل الماء الساكن أو الرمل إذا هبت عليهما
الريح فيتجعدان و يصيران طرائق . كما في " النهاية " . و الحديث دليل صريح على
أن الدجال الأكبر هو شخص له رأس و شعر , و ليس معنى و كناية عن الفساد كما يحلو
لبعض ضعفاء الإيمان أن يتناولوا أحاديثه الكثيرة الثابتة عن النبي صلى الله
عليه وسلم بالتواتر كما صرح به أئمة الحديث , فلا تغتر بعد ذلك أيها القارىء
بمن لا علم عنده بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم مهما كان شأنه و مقامه في
غير هذا العلم الشريف . و الحديث أورده السيوطي في " الجامع الكبير " ( 2736 و
7222 ) من رواية أحمد و الخطيب عن رجل من الصحابة , و بيض له فلم يبين مرتبته
من الثبوت كما هي عادته على الغالب , و كذلك فعلت اللجنة القائمة على نشره و
التعليق عليه ! و كان عليها على الأقل أن تعلق عليه بقول الهيثمي في " مجمع
الزوائد " ( 7 / 343 ) : " رواه أحمد , و رجاله رجال الصحيح " ! و إن كان هذا
لا يدل القارىء على أن السند صحيح كما نبهنا عليه مرارا . و بأن الهيثمي ذكر له
شاهدا من رواية أحمد أيضا و الطبراني عن هشام بن عامر مرفوعا نحوه , و قال في
رجال أحمد : " رجال الصحيح " . و هو عنده ( 4 / 20 ) من طريق عبد الرزاق , و
هذا في " المصنف " ( 11 / 395 / 20828 ) قال : أخبرنا معمر عن أيوب عن أبي
قلابة عن هشام بن عامر به نحوه . و هذا إسناد صحيح أيضا , استنفدنا منه تسمية
الصحابي الذي لم يسم في الإسناد الأول , و إذا كانت التسمية هذه محفوظة فيه ,
فهي تعطينا فائدة أخرى و هي أن أبا قلابة سمع من هشام بن عامر , خلافا لقيل من
قال : إنه لم يسمع منه , و الله أعلم . ( تنبيه ) : من أخطاء بعض المتهافتين
على وضع الفهارس الحديثية ممن لا معرفة عندهم بهذا العلم الشريف جعله صحابي
حديث الترجمة : " أبو قلاب " !! فهذا خطأ علمي مع خطأ مطبعي !! انظر " فهرس
مجمع الزوائد " ( 1 / 272 ) . ثم رأيت الحديث في " تاريخ بغداد " ( 11 / 161 )
من طريق عبيد الله بن عمرو عن أيوب به . قلت : و هذا سند صحيح أيضا .
2809 " كان يقرأ : *( إنه عمل غير صالح )* " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 729 :
أخرجه البخاري في " التاريخ " ( 1 / 1 / 286 - 287 و 1 / 2 / 252 ) : قال لنا
مالك بن إسماعيل عن إبراهيم بن الزبرقان عن أبي روق عن محمد بن جحادة عن أبيه
عن # عائشة # مرفوعا . و أخرجه الحاكم ( 2 / 241 ) من طريق أخرى عن إبراهيم بن
الزبرقان به . و سكت عنه , و قال الذهبي : " قلت : إسناده مظلم " . قلت : علته
جحادة والد محمد , فإنه في عداد المجهولين , أورده البخاري في ترجمته و لم يذكر
فيه جرحا و لا تعديلا , و كذلك بيض له ابن أبي حاتم , فلم يذكر فيه شيئا , و لا
راويا عنه غير ابنه محمد . و أما ابن حبان فذكره في " ثقاته " ( 4 / 119 ) ! و
أبو روق اسمه عطية بن الحارث صدوق , و وقع في " المستدرك " ( أبو زوقة ) فقال
مصححه : " هكذا في الأصول و لعله تصحيف , فإنه لم يوجد : أبو زوقة عن محمد بن
جحادة " و إبراهيم بن الزبرقان وثقه ابن معين و جمع , و قال أبو حاتم : " محله
الصدق يكتب حديثه و لا يحتج به " . قلت : و قد خولف في إسناده , فقال الطبراني
في " المعجم الأوسط " ( 1 / 259 / 2 / 4460 ) : حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل
قال : أخبرنا إبراهيم بن دينار قال : حدثنا حماد بن خالد الخياط عن بشر بن خالد
عن عطية بن الحارث عن حميد الأزرق عن مسروق عن عائشة به . و قال : " لا يروى عن
مسروق إلا بهذا الإسناد , تفرد به إبراهيم بن دينار " . قلت : و هو ثقة من رجال
مسلم و مثله شيخه الخياط . و أما بشر بن خالد , فلا يعرف إلا برواية الخياط هذه
. و مع ذلك ذكره ابن حبان في " الثقات " ( 8 / 199 ) و وقع فيه : " بشر بن خالد
بن عطية بن الحارث " تبعا لـ " تاريخ البخاري " ! خلافا لما في " الجرح " , فهو
موافق لهذه الرواية , فهو أرجح . و حميد الأزرق لم أعرفه , و قال الهيثمي في "
مجمع الزوائد " ( 7 / 155 ) : " رواه الطبراني في " الأوسط " و فيه حميد بن
الأزرق و لم أعرفه و بقية رجاله ثقات " ! كذا وقع فيه : " ابن الأزرق " , و هو
خلاف ما في " الأوسط " كما تقدم , و خلاف كتابه الآخر " مجمع البحرين " فالظاهر
أن أداة النسبة " ابن " مقحمة من الناسخ أو الطابع . و الله سبحانه و تعالى
أعلم . و للحديث شاهد من رواية شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد مرفوعا . أخرجه
أبو داود ( 3982 - 3983 ) و الترمذي ( 3112 - 3113 ) و غيره , و بسط القول في
تخريجه محله في " صحيح أبي داود " بإذن الله تبارك و تعالى . و شاهد آخر من
طريق سليمان بن قتة عن ابن عباس أنه قرأ : *( عمل غير صالح )* . أخرجه ابن جرير
الطبري في " تفسيره " ( 12 / 33 ) : حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا ابن عيينة عن
موسى بن أبي عائشة عن سليمان بن قتة به . قلت : و هذا إسناد رجاله ثقات غير ابن
وكيع و اسمه سفيان و هو ضعيف كما قال الذهبي في " الكاشف " , و قال الحافظ في "
التقريب " مبينا سبب ضعفه : " كان صدوقا إلا أنه ابتلى بوراقه , فأدخل عليه ما
ليس من حديثه فنصح فلم يقبل فسقط حديثه " . و لعله يصلح للشهادة أيضا ما رواه
قتادة و غيره عن عكرمة قال : " في بعض الحروف أنه عمل عملا غير صالح " . و
إسناده إلى عكرمة صحيح . و جملة القول أن الحديث بمجموع هذه الطرق صحيح عندي ,
و لاسيما و قد قرأ بهذه القراءة التي جاءت فيه جماعة من السلف كما ذكر ابن جرير
, و إن كان رجح هو قراءة جماهير القراء : *( إنه عمل غير صالح )* , فراجعه إن
شئت . ( تنبيه ) : حديث الترجمة عزاه السيوطي في " الدر المنثور " ( 3 / 336 )
للبخاري في " تاريخه " و ابن مردويه و الخطيب من طرق عن عائشة . كذا قال : " من
طرق " , فإذا صح ذلك فالحديث يزداد قوة بها . و الله أعلم . ثم وجدت ترجمة حميد
الأزرق - بدلالة أحد الإخوة جزاه الله خيرا - في " ثقات ابن حبان " ( 4 / 148 -
149 ) أورده في ( التابعين ) و سمى أباه " زاذويه الأزرق " , و قال : " يروي عن
أنس بن مالك . روى عنه ابن عون . و ليس بحميد الطويل " . و كذا في " تاريخ
البخاري " و " الجرح و التعديل " . و قال ابن ماكولا و تبعه الحافظ في "
التقريب " : " مجهول " . قلت : و فاتهم رواية عطية بن الحارث عنه هذا الحديث ,
إن كانت محفوظة فإن عطية و إن كان صدوقا فالراوي عنه بشر بن خالد فيه جهالة كما
تقدم . و الله أعلم .
ساجدة لله
2010-10-20, 05:45 AM
2810 " ضحك ربنا عز وجل من قنوط عباده , و قرب غيره , فقال أبو رزين : أويضحك الرب
عز وجل ? قال : نعم . فقال : لن نعدم من رب يضحك خيرا " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 732 :
أخرجه الطيالسي في " مسنده " ( 1092 ) : حدثنا حماد بن سلمة عن يعلى بن عطاء عن
وكيع بن عدس عن # أبي رزين # قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : فذكره . و
من هذا الوجه أخرجه أحمد في " المسند " ( 4 / 12 ) و في " السنة " ( 452 - دار
ابن القيم ) و ابن أبي عاصم في " السنة " ( رقم 554 - بتحقيقي ) و ابن ماجه في
" سننه " ( رقم 281 ) و عبد الله بن أحمد في " زوائد السنة " ( 453 ) و
الدارقطني في " الصفات " ( 46 / 30 - تحقيق الدكتور الفقيهي ) و الآجري في "
الشريعة " ( ص 279 و 279 - 280 ) و البيهقي في " الأسماء و الصفات " ( ص 473 )
من طريق الطيالسي - كلهم عن حماد بن سلمة به . قلت : و هذا إسناد ضعيف , رجاله
ثقات رجال مسلم غير وكيع بن عدس , و يقال : " حدس " بالحاء بدل العين , قال
الذهبي في " الميزان " : " لا يعرف , تفرد عنه يعلى بن عطاء " . و قال الحافظ
في " التقريب " : " مقبول " . قلت : يعني عند المتابعة كما نص عليه في المقدمة
, و قد توبع كما يأتي . و قال الذهبي عنه في " الكاشف " : " وثق " ! قلت : يشير
إلى أن ابن حبان وثقه , و أن توثيقه هنا غير معتمد لأنه يوثق من لا يعرف , و
هذا اصطلاح منه لطيف عرفته منه في هذا الكتاب , فلا ينبغي أن يفهم على أنه ثقة
عنده كما يتوهم بعض الناشئين في هذا العلم . و ابن حبان أورده في التابعين من "
ثقاته " ( 5 / 496 ) من رواية يعلى عنه فقط , و حكى الخلاف المتقدم في " عدس "
, و قال : " أرجو أن يكون الصواب بالحاء " . و قد أخرج له حديثا آخر عن أبي
رزين في الرؤية , و هو مخرج في " الظلال " ( 459 ) , و لم يخرج له هذا الحديث ,
و هو عجيب منه خالف فيه الجماعة مع أنه على شرطه , و أخشى ما أخشاه أن يكون
الصارف له عنه هو أنه صريح في إثبات صفة الضحك لله تعالى بحيث لا يمكن تأويله
كما فعل بحديث " ضحك الله من رجلين قتل أحدهما صاحبه و كلاهما في الجنة " , فقد
رأيته تأوله تأويلا متكلفا قبيحا <1> , خالف فيه طريقة السلف في الإثبات مع
التنزيه , فانظر كلامه إن شئت في " صحيحه " ( 4647 - الإحسان ) , و الحديث مخرج
في " الصحيحة " ( 1074 و 2525 ) , و لقد كان الأحرى به أن يخرج هذا الحديث - و
هو على شرطه - من أن يخرج حديث الرؤية المشار إليه آنفا , لأن هذا قد توبع عليه
وكيع بن عدس كما سبقت الإشارة إليه , و الآن جاء وقت تخريج المتابع فأقول :
رواه عبد الرحمن بن عياش السمعي الأنصاري القبائي - من بني عمرو بن عوف - عن
دلهم بن الأسود بن عبد الله بن حاجب بن عامر بن المنتفق العقيلي عن أبيه عن عمه
لقيط بن عامر - قال دلهم : و حدثنيه أبي : الأسود عن عاصم بن لقيط أن لقيطا خرج
وافدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .. الحديث بطوله في صفحتين كبيرتين , و
فيه مرفوعا : " و علم [ الله ] يوم الغيث يشرف عليكم , آزلين مشفقين , فيظل
يضحك قد علم أن غيركم إلى قرب " . قال لقيط : لن نعدم من رب يضحك خيرا . أخرجه
عبد الله بن أحمد في " زوائد المسند " ( 4 / 13 ) و " السنة " ( 1120 ) هكذا ,
و ابن خزيمة في " التوحيد " ( 122 - 125 ) و الطبراني في " المعجم الكبير " (
19 / 211 - 214 ) و ليس لابن خزيمة إسناد دلهم الثاني عن عاصم بن لقيط , و هو
للطبراني دون الأول , و لذلك قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 10 / 340 ) :
" رواه عبد الله و الطبراني بنحوه , و أحد طريقي عبد الله إسنادها متصل , و
رجالها ثقات , و الإسناد الآخر و إسناد الطبراني مرسل عن عاصم بن لقيط أن لقيطا
... " . قلت : و قوله : " .. ثقات " . فهو من تساهله الذي عرف به , فإن كلا من
عبد الرحمن السمعي و دلهم بن الأسود و أبيه ثلاثتهم لا يعرفون إلا بهذا الإسناد
, و قد صرح الذهبي في " الميزان " في ترجمة دلهم بأنه لا يعرف . و أشار فيه إلى
أن الآخرين كذلك , لأنه ليس لهما إلا راو واحد . نعم نقل الحافظ في ترجمة
الأسود عن الذهبي أنه قال فيه : " محله الصدق " . و لا أدري وجهه , و قد قال
الحافظ فيه و في كل من الآخرين : " مقبول " . و ثلاثتهم تفرد بتوثيقهم ابن حبان
( 4 / 32 و 6 / 291 و 7 / 71 ) و هو عمدة الهيثمي في قوله السابق ! من أجل ذلك
كنت ضعفت هذا الإسناد في حديث الرؤية المشار إليه في الطريق الأولى , و لكنني
حسنت متنه لمجموع الطريقين كما تراه مخرجا في " ظلال الجنة " ( 459 ) , كما كنت
ضعفت الإسناد نفسه في هذا الحديث في " الظلال " أيضا ( 554 ) لكنني لم أكن قد
وقفت على هذا الطريق الثاني , فتركت الحديث على الضعف الذي يقتضيه إسناده لأنه
لا سبيل لنا لمعرفة الصحيح و الضعيف من الحديث إلا بالإسناد , و لذلك قال من
قال من السلف : " الإسناد من الدين , لولا الإسناد قال من شاء ما شاء " . فلما
يسر الله تعالى لي الوقوف على هذا الطريق بادرت إلى تقوية الحديث كسابقه
فأخرجته هنا . و الحمد لله على توفيقه . و وجدت له طريقا ثالثا , بل شاهدا و
لكنه مما لا يفرح به يرويه سلم بن سالم البلخي : حدثنا خارجة بن مصعب عن زيد بن
أسلم عن عطاء بن يسار عن عائشة أم المؤمنين مرفوعا بلفظ : " إن الله ليضحك من
إياس العباد و قنوطهم و قرب الرحمة منهم " . قالت عائشة : قلت : يا رسول الله
بأبي أنت و أمي أويضحك ربنا تعالى ? قال : " والذي نفس محمد بيده إنه ليضحك " .
فقلت : لن يعدمنا منه خيرا إن ضحك . أخرجه ابن خزيمة أيضا ( ص 153 ) و ابن عدي
( 3 / 924 ) و الخطيب في " التاريخ " ( 13 / 44 ) من طريق موسى بن خاقان أبي
عمران النحوي قال : حدثنا سلم بن سالم البلخي .. قلت : و هذا إسناد واه , خارجة
بن مصعب متروك كما في " التقريب " . و سلم بن سالم البلخي ضعيف . له ترجمة في "
اللسان " . و الخلاصة أن الحديث بمجموع الطريقين حسن عندي , و لعله الذي يعنيه
ابن تيمية بقوله : " حديث حسن " في " العقيدة الواسطية " بخلاف ابن القيم فقد
صحح الحديث بطوله في " زاد المعاد " في ( الوفود ) و قال : " هذا حديث كبير
جليل , تنادي جلالته و فخامته و عظمته على أنه قد خرج من مشكاة النبوة .. " !
قلت : ثم ذكر من رواه من الأئمة , و لم يعرج على الكلام على أحد من رواته
المجهولين , و بمثل ذاك الكلام الخطابي لا تصحح الأحاديث ! غريب الحديث :1 - (
غيره ) , في " شرح القاموس " : " الغير من تغير الحال , و هو اسم بمعنى القطع و
العتب , و يجوز أن يكون جمعا واحدته غيرة " . قال أبو الحسن السندي في " حاشية
ابن ماجه " : " و الضمير لله , و المعنى أنه تعالى يضحك من أن العبد يصير
مأيوسا من الخير بأدنى شر وقع عليه مع قرب تغييره تعالى الحال من شر إلى خير و
من مرض إلى عافية و من بلاء و محنة إلى سرور و فرحة . لكن الضحك على هذا لا
يمكن تفسيره بالرضا " . 2 - ( قلت : لن نعدم ) من عدم كعلم إذا فقده . قال
السندي : " يريد أن الرب الذي من صفاته الضحك لا نفقد خيره بل كلما احتجنا إلى
خير وجدناه , فإنا إذا أظهرنا الفاقة لديه يضحك فيعطي " . 3 - ( أزلين ) : "
الأزل بسكون الزاي : الشدة , و ( الأزل ) على وزن ( كتف ) هو الذي قد أصابه
الأزل و اشتد به حتى كاد يقنط " . " زاد المعاد " . ( تنبيهات ) : الأول : قوله
في طريق دلهم : ( غيركم ) هكذا وقع في " المسند " و " السنة " و " مجمع الزوائد
" و قد سبق معناه , و يبدو أنه أشكل أمره على بعضهم فتصرفوا فيه , فوقع في "
زاد المعاد " و " التوحيد " ( غوثكم ) و في " معجم الطبراني " المطبوع : (
عودتكم ) ! و قال المعلق عليه : " و في الأصل ( عوتكم ) , و في " المجمع " (
غيركم ) , و اخترت ( عودتكم ) لأن السياق يدل عليه " ! كذا قال , و قد عرفت
الصواب . الثاني : قال ابن كثير في تفسير سورة البقرة : " و في حديث أبي رزين :
" عجب ربك من قنوط عباده و قرب غيثه , فينظر إليهم قنطين , فيظل يضحك يعلم أن
فرجهم قريب " الحديث . و لم أره بهذا اللفظ , فالظاهر أنه رواه بالمعنى . و
الله أعلم . تنبيه ثالث : قد عزا الحديث من الطريق الثاني لأحمد في " مسنده "
غير ما واحد من المتقدمين و المتأخرين , و هو خطأ , و الصواب أنه من زيادات
ابنه عبد الله في " المسند " كما تقدم ذكره في التخريج , و كما في " جامع
المسانيد " ( 10 / 649 / 8160 ) . عظة و عبرة : لقد لفت نظري تناقض موقف
الشيخين الحلبيين الصابوني و الرفاعي حول حديث ابن كثير الذي ذكره بلفظ : " عجب
.. " فالأول لم يورده في " مختصره " , بخلاف الآخر فإنه أورده في " مختصره ( 1
/ 173 ) و قد ذكر في مقدمته أنه لا يورد فيه إلا الأحاديث الصحيحة ! و كذلك ذكر
الأول , و قد أخلا بشرطهما هذا في عشرات الأحاديث كما بينت ذلك في " الضعيفة "
, فليراجع من شاء الوقوف عليها فهرس المواضيع و الفوائد من المجلد الثالث و
الرابع منها . و هذا مثال جديد نذكره هنا يؤكد أن الشيخ نسيب - رحمه الله -
حينما يصحح أو يضعف , فإنما هو " خباط عشوات " كما يروى عن علي , و إلا فكيف
يصحح حديثا لا أصل له في شيء من كتب السنة باللفظ المذكور ?! و بهذه المناسبة
أقول : إن قول صاحبنا الشيخ مقبل بن هادي في تخريجه لحديث ابن كثير هذا ( 1 /
445 - الكويت ) : " رواه أحمد ( ! ) ج 4 ص 13 بمعناه , و هو حديث ضعيف لأنه من
طريق عبد الرحمن بن عياش السمعي عن دلهم بن الأسود و هما مجهولان " . أقول :
فقوله : " بمعناه " ليس بصحيح , لأن " العجب " غير " الضحك " , فهما صفتان لله
عز وجل عند أهل السنة - و هو منهم و الحمد لله - خلافا للأشاعرة , فإنهم لا
يعتقدونهما , بل يتأولونهما بمعنى الرضا ! فلعله لم يتنبه للازم هذا القول , و
لهذا قيل : لازم المذهب ليس بمذهب ! و أما قوله : و هو حديث ضعيف , فهو مسلم
بالنظر لطريق السمعي المذكورة , و قد فاته الطريق الأخرى التي ابتدأنا التخريج
بها , و حسنا الحديث بمجموعهما . فلعله لو وقف عليها يرجع عن جزمه بضعف الحديث
. و الله أعلم . و أما الشيخ الصابوني , فغالب الظن أنه لم يورد الحديث لأنه لم
يرق له لفظه , فإنه من الأشاعرة أو الماتريديين المؤولين , و ليس لأنه عرف أنه
لا أصل له بلفظ أصله !
-----------------------------------------------------------
[1] و قد حكى الإمام الدارمي نحوه في رده على المريسي ثم أبطله , فراجعه فإنه
مهم ( ص 177 - 178 ) . اهـ .
2811 " ألا أنبئكم بليلة أفضل من ليلة القدر ? حارس الحرس في أرض خوف لعله أن لا
يرجع إلى أهله " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 739 :
أخرجه الروياني في " مسنده " ( ق 247 / 2 ) : أخبرنا محمد بن بشار أخبرنا يحيى
بن سعيد القطان أخبرنا ثور بن يزيد عن عبد الرحمن بن عائذ عن مجاهد عن # ابن
عمر # عن النبي صلى الله عليه وسلم - و ربما لم يرفعه - قال : فذكره . قلت : و
هذا إسناد صحيح , رجاله ثقات رجال البخاري غير عبد الرحمن بن عائذ , و هو ثقة
كما في " التقريب " . و الحديث أخرجه الحاكم ( 2 / 80 - 81 ) و عنه البيهقي ( 9
/ 149 ) من طريق مسدد : حدثنا يحيى بن سعيد به إلا أنه لم يقل : " و ربما لم
يرفعه " . و قال الحاكم : " صحيح على شرط البخاري " ! و وافقه الذهبي ! و ذلك
من أوهامهما لما تقدم من الاستثناء , و قد أقره المنذري أيضا ( 2 / 154 ) ! ثم
قال الحاكم : " و قد أوقفه وكيع بن الجراح عن ثور , و في يحيى بن سعيد قدوة " .
قلت : و هو كما قال , لكن يحيى قد ذكر أن الراوي - و لعله ابن عمر أو من دونه -
كان ربما لم يرفعه , و ذلك مما لا يضر لأن الراوي قد لا ينشط أحيانا فيوقفه , و
لأنه لا يقال من قبل الرأي كما هو ظاهر . ( تنبيه ) : " حارس الحرس " كذا وقع
في " المسند " و في المصدرين الآخرين : " حارس حرس " و لعله الصواب , فإنه كذلك
في " مصنف ابن أبي شيبة " ( 5 / 296 ) : حدثنا وكيع أخبرنا ثور به موقوفا . و
كذا هو في " الترغيب " . و الله أعلم .
2812 " لا تستمتعوا من الميتة بإهاب و لا عصب " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 740 :
أخرجه الطبراني في " الأوسط " ( 2 / 302 / 1 ) : حدثنا هيثم بن خالد حدثنا عبد
الكبير بن المعافى : حدثنا هشيم عن عبيدة عن إبراهيم عن عبد الله بن عبيد الله
الهاشمي عن # عبد الله بن عكيم # قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
فذكره . و قال : " لم يروه عن عبيدة إلا هشيم , تفرد به عبد الكبير به المعافى
" . قلت : قال ابن أبي حاتم ( 3 / 1 / 63 ) : " سمع منه أبي و روى عنه و قال :
و كان ثقة رضا , كان يعد من الأبدال " . قلت : و إنما العلة ممن فوقه , فهشيم -
و هو ابن بشير الواسطي - مع كونه ثقة ثبتا , فهو كثير التدليس كما في " التقريب
" . و شيخه عبيدة - و هو ابن معتب الضبي - , قال الذهبي في " الضعفاء " : " قال
أحمد : تركوا حديثه " . و قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 1 / 218 ) : " و
فيه عبيدة بن معتب و قد أجمعوا على ضعفه " . و عبد الله بن عبيد الله الهاشمي
هو من طبقة عبد الله بن عبيد الله بن عباس بن عبد المطلب الهاشمي و هو ثقة من
رجال الشيخين , لكنهم لم يذكروا له رواية عن عبد الله بن عكيم و لا ذكروا
إبراهيم - و هو النخعي - في الرواة عنه . و هيثم بن خالد و هو المصيصي أورده
الذهبي في " الضعفاء " و قال : " قال الدارقطني : ضعيف " . و أقره الحافظ في "
التهذيب " و جزم بضعفه في " التقريب " . لكن قد رواه شبيب بن سعيد عن شعبة عن
الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عبد الله بن عكيم قال : جاءنا كتاب رسول
الله صلى الله عليه وسلم و نحن في أرض جهينة : " إني كنت رخصت لكم في إهاب
الميتة و عصبها , فلا تنتفعوا بعصب و لا إهاب " . أخرجه ابن عدي في ترجمة شبيب
هذا من " الكامل " ( 4 / 1347 ) و الطبراني أيضا كما في " التلخيص الحبير " ( 1
/ 47 ) و قال : " إسناده ثقات , و تابعه فضالة بن المفضل عند الطبراني في (
الأوسط ) " . قلت : فضالة لفظ حديثه يختلف عن هذا فإنه بلفظ : " إني كنت رخصت
لكم في جلود الميتة , فلا تنتفعوا من الميتة بجلد و لا عصب " . فذكر الجلد في
الموضعين مكان الإهاب و المحفوظ ( الإهاب ) و هو الجلد قبل الدبغ , هكذا رواه
جماعة عن شعبة به , و هو مخرج في " الإرواء " ( رقم 38 ) . و فضالة بن مفضل قال
ابن أبي حاتم ( 3 / 2 / 79 ) عن أبيه : " لم يكن بأهل أن يكتب عنه العلم , سألت
عنه سعيد بن عيسى بن تليد ? فثبطني عنه , و قال : الحديث الذي يحدث به موضوع أو
نحو هذا " . و اعلم أن حديث ابن عكيم هذا قد اختلف العلماء فيه رواية و دراية :
و أما رواية , فقد أعله بعضهم بالإرسال و الاضطراب , و هو مردود لأنه إن سلم به
بالنظر لبعض الطرق , فهو غير مسلم بالنسبة للطرق الأخرى كما كنت بينته في
المصدر المذكور آنفا و لذلك قواه بعض المتقدمين و منهم الإمام أحمد رحمه الله
تعالى , فقال ابنه صالح في " مسائله " ( ص 160 ) : " قال أبي : الله قد حرم
الميتة , فالجلد هو من الميتة , و أذهب إلى حديث ابن عكيم , أرجو أن يكون صحيحا
: لا تنتفعوا من الميتة بإهاب و لا عصب " . قال أحمد : " و ليس عندي في دباغ
الميتة حديث صحيح , و حديث ابن عكيم هو أصحها " ! كذا قال رحمه الله , مع أنه
قد ورد في الدباغ خمسة عشر حديثا ساقها الشوكاني في " نيل الأوطار " ( 1 / 54 )
بعضها في " الصحيحين " و هي مخرجة في " غاية المرام " ( 25 - 29 ) . و أما
الدراية فقد اختلف العلماء في كون الدباغ مطهرا أم لا ? و الجمهور على الأول ,
و اختلفوا في الجواب عن حديث الترجمة , و أصح ما قيل إن الإهاب هو الجلد الذي
لم يدبغ , فهو المنهي عنه , فإذا دبغ فقد طهر . و من شاء التفصيل فليراجع " نيل
الأوطار " و غيره .
2813 " أوتي موسى عليه السلام الألواح , و أوتيت المثاني " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 743 :
أخرجه الإسماعيلي في " معجم شيوخه " ( ق 82 / 1 ) : حدثنا أبو عبد الله الحسين
بن أحمد بن منصور - سجادة - ببغداد : حدثنا أبو معمر حدثنا جرير عن الأعمش عن
مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن # ابن عباس # عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
: فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير سجادة هذا
, ترجمه الخطيب في " التاريخ " ( 8 / 4 ) برواية جمع من الحفاظ عنه و قال : " و
كان لا بأس به " . و أبو معمر اسمه إسماعيل بن إبراهيم الهذلي , و قد تابعه
عثمان بن أبي شيبة : حدثنا جرير به أتم منه . أخرجه أبو داود عنه , و النسائي و
غيره من طريق أخرى عن جرير به مختصرا , و هو مخرج في " صحيح أبي داود " ( 1312
) . و قد زعم بعض المعاصرين ممن كتب في فضل بعض السور أن حديث أبي داود هذا
موقوف , و هو من أوهامه الظاهرة . و المعصوم من عصمه الله . ( تنبيه ) : حديث
الترجمة كنت أوردته في " ضعيف الجامع الصغير و زيادته " لأنني لم أكن قد وقفت
على إسناده و لذلك كنت بيضت له فيه , فلما وقفت على إسناده و تبين لي صحته
بادرت إلى تخريجه هنا و قررت نقله إلى " صحيح الجامع " , و الله سبحانه و تعالى
هو الموفق , لا إله إلا هو .
2814 " أول ما فرضت الصلاة ركعتين ركعتين , فلما قدم صلى الله عليه وسلم المدينة صلى
إلى كل صلاة مثلها غير المغرب , فإنها وتر النهار , و صلاة الصبح لطول قراءتها
, و كان إذا سافر عاد إلى صلاته الأولى " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 744 :
أخرجه الطحاوي في " معاني الآثار " ( 1 / 241 ) من طريق مرجى بن رجاء قال :
حدثنا داود عن الشعبي عن مسروق عن # عائشة # قالت : فذكره . قلت : و هذا إسناد
حسن رجاله ثقات غير مرجى بن رجاء فإنه مختلف فيه و أورده الذهبي في " المتكلم
فيهم بما لا يوجب الرد " , و قال ( 173 / 319 ) : " علق له البخاري , جائز
الحديث " . و قد لخص كلام الأئمة فيه الحافظ , فقال في " التقريب " : " صدوق
ربما وهم " . قلت : قد قام الدليل على أنه قد حفظ و لم يهم , بمتابع له معتبر و
شاهد . أما المتابع فهو محبوب بن الحسن : حدثنا داود به . أخرجه السراج في "
مسنده " ( ق 120 / 2 ) من طريقين عنه , و صححه ابن خزيمة و ابن حبان كما في "
تمام المنة " ( 304 ) , و احتج به الحافظ كما يأتي , و محبوب هذا اسمه محمد و
محبوب لقبه , قال ابن معين : " ليس به بأس " . و ذكره ابن حبان في " الثقات " .
و قال النسائي : " ضعيف " . و قال أبو حاتم : " ليس بالقوي " . قلت : فمثله
يستشهد به على الأقل , و إلى ذلك أشار الحافظ بقوله : " صدوق فيه لين " . و
تابعهما أبو معاوية الضرير - و هو ثقة - في " مسند ابن راهويه " ( 3 / 933 -
934 ) لكنه لم يذكر فيه ( مسروقا ) . و بعضه في " صحيح البخاري " ( 3935 ) و "
أبي عوانة " ( 2 / 28 ) و ابن راهويه ( 2 / 107 / 31 ) من طريق معمر عن الزهري
عن عروة عن عائشة مختصرا بلفظ : " فرضت الصلاة ركعتين ثم هاجر النبي صلى الله
عليه وسلم ففرضت أربعا و تركت صلاة السفر على الأولى " . و هو متفق عليه دون
ذكر الهجرة , و هو مخرج في " صحيح أبي داود " ( 1082 ) . و أما الشاهد , ففي "
المطالب العالية المسندة " للحافظ ابن حجر ( ق 25 / 2 ) : " إسحاق <1> : قلت
لأبي أسامة : أحدثكم سعد بن سعيد الأنصاري قال : سمعت السائب ابن يزيد يقول :
كانت الصلاة فرضت سجدتين سجدتين : الظهر و العصر , فكانوا يصلون بعد الظهر
ركعتين و بعد العصر ركعتين , فكتب عليهم الظهر أربعا و العصر أربعا , فتركوا
ذاك حين كتب عليهم , و أقرت صلاة السفر [ ركعتين ] , و كانت الحضر أربعا ? فأقر
به , و قال : نعم " . و قال الحافظ : " هذا حديث حسن " . قلت : و إنما لم يصححه
مع أن رجاله كلهم ثقات رجال مسلم , لأن سعدا الأنصاري مختلف فيه , قال أحمد : "
ضعيف " . و كذا قال ابن معين في رواية . و قال في أخرى : " صالح " . و قال
النسائي : " ليس بالقوي " . و قال ابن سعد : " كان ثقة قليل الحديث " . و قال
الترمذي : " تكلموا فيه من قبل حفظه " . و ذكره ابن حبان في " الثقات " ( 4 /
298 ) و قال : " كان يخطىء " . قلت : و لهذا أورده الذهبي في رسالته المتقدمة "
المتكلم فيهم " ( 111 / 141 ) فمثله حسن الحديث إن شاء الله تعالى , فهو شاهد
جيد . و قد أخرجه السراج في " مسنده " ( ق 120 / 1 ) و الطبراني في " المعجم
الكبير " ( 7 / 184 - 185 ) من طرق أخرى عن سعيد به مختصرا . و قال الهيثمي ( 2
/ 155 ) : " رواه الطبراني في " الكبير " , و رجاله رجال ( الصحيح ) " . و له
شاهد آخر , و لكنه مما لا يفرح به لشدة ضعف راويه و هو عمرو بن عبد الغفار ,
رواه عن عاصم الأحول عن أبي عثمان عن سلمان قال : " فرضت الصلاة ركعتين [
ركعتين ] , فصلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة حتى قدم المدينة , و
صلاها في المدينة ما شاء الله , و زيد في صلاة الحضر ركعتين و تركت صلاة السفر
على حالها " . أخرجه الطبراني في " الأوسط " ( 2 / 31 / 2 / 5541 - بترقيمي ) و
قال : " لم يروه عن عاصم إلا عمرو , و لا يروى عن سلمان إلا بهذا الإسناد " .
قلت : قال الهيثمي ( 2 / 156 ) : " و فيه عمرو بن عبد الغفار , و هو متروك " .
( تنبيه ) : زيادة ( ركعتين ) في حديث سلمان هذا استدركتها من " مجمع الزوائد "
, كما استدركتها في حديث السائب المتقدم من " المطالب العالية " المطبوعة ( 1 /
180 ) , و قد سقط منها عزو الحديث لإسحاق ! و الظاهر أن محقق الكتاب الشيخ
الأعظمي لم يرجع إلى النسخة المسندة من " المطالب العالية " , و إلا لتدارك هذا
السقط , و لما وقع في خطأ تفسيره لقوله المتقدم في الحديث : " فأقر به " , فإنه
قال : " أي فأقر به سعد بن سعيد " ! و هذا خطأ محض , و الصواب أن يقال : " أي
فأقر به أبو أسامة " كما هو ظاهر من سياق إسناده المتقدم ( ص 745 ) . و هو أبو
أسامة حماد بن أسامة من ثقات شيوخ الأئمة الشافعي و أحمد , و إسحاق بن راهويه .
( فائدة ) : دلت الأحاديث المتقدمة على أن صلاة السفر أصل بنفسها , و أنها ليست
مقصورة من الرباعية كما يقول بعضهم , فهي في ذلك كصلاة العيدين و نحوها , كما
قال عمر رضي الله عنه : " صلاة السفر و صلاة الفطر و صلاة الأضحى و صلاة الجمعة
, ركعتان تمام غير قصر على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم " . رواه ابن خزيمة و
ابن حبان في " صحيحيهما " , و هو مخرج في " إرواء الغليل " ( 638 ) . و ذلك هو
الذي رجحه الحافظ في " فتح الباري " بعد أن حكى الاختلاف في حكم القصر في السفر
, و دليل كل , فقال ( 1 / 464 ) : " و الذي يظهر لي - و به تجتمع الأدلة
السابقة - أن الصلوات فرضت ليلة الإسراء ركعتين ركعتين إلا المغرب , ثم زيدت
بعد الهجرة عقب الهجرة إلا الصبح , ( ثم ذكر حديث محبوب , و فاته متابعة المرجى
, و قال : ) ثم بعد أن استقر فرض الرباعية خفف منها في السفر عند نزول الآية
السابقة و هي قوله تعالى : *( فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة )* , و يؤيد
ذلك ما ذكره ابن الأثير في " شرح المسند " : أن قصر الصلاة كان في السنة
الرابعة من الهجرة .. " . و خالف ما تقدم من التحقيق حديثيا و فقهيا بعض ذوي
الأهواء من المعاصرين , و هو الشيخ عبد الله الغماري المعروف بحبه للمخالفة و
حب الظهور , و قديما قيل : حب الظهور يقصم الظهور ! و الأمثلة على ذلك كثيرة
كنت ذكرت بعضها في مقدمة المجلد الثالث من السلسلة الأخرى : " الضعيفة " , و في
تضاعيف أحاديثها . و أمامنا الآن هذا المثال الجديد : لقد زعم في رسالته "
الصبح السافر " ( ص 12 ) في عنوان له : " فرضت الصلاة أربعا لا اثنتين " , و
استدل لذلك - مموها على القراء - بأمور ثلاثة : الأول : الآية السابقة *( فليس
عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة .. )* , و ذكر أنها نزلت في صلاة الخوف في
العهد المدني . الثاني : أحاديث منها قوله صلى الله عليه وسلم : " إن الله وضع
عن المسافر الصيام و شطر الصلاة " . رواه أصحاب السنن و غيرهم , و هو مخرج عندي
في " صحيح أبي داود " ( 2083 ) و غيره . الثالث : أنه ساق خمسة أحاديث صريحة في
أن قصر الصلاة كان في مكة حين نزل جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه
وسلم , و صلى به الصلوات الخمس . و الجواب على الترتيب السابق :
1 - أما الآية فقد اعترف هو ( ص 20 ) أنها نزلت بعد الهجرة في السنة الرابعة أو
الخامسة , و زاد ذلك بيانا فقال ( ص 21 ) : " بل الذي وقع أنه كان بين زيادة
صلاة الحضر و قصر صلاة السفر فترة زادت على ثلاث سنوات كما مر " ! قلت : فهو قد
هدم بهذا القول الصريح ذلك العنوان , و ما ساقه تحته من الأدلة , و هذا أولها ,
فإن معنى ذلك أن صلاة الحضر فرضت اثنتين اثنتين , ثم زيدت في المدينة , و هذا
يوافق تماما حديث عائشة و بخاصة حديث الترجمة , و ما استظهره الحافظ كما تقدم ,
و يخالف زعمه أنها فرضت أربعا أربعا في مكة ! 2 - الأحاديث التي ذكرها و أشرت
إليها , و نقلت إلى القراء واحدا منها , لأن الجواب عنه جواب عنها , و هو في
الحقيقة نفس الجواب عن الآية السابقة , لأن الوضع المذكور في الحديث يصح حمله
في كل من الاحتمالين أي سواء كانت الزيادة مكية كما يزعم الغماري , أو مدنية
كما يدل عليه ما تقدم من الأحاديث , فقوله ( ص 12 ) : " فهذه ثلاثة أحاديث تصرح
بأن صلاة المسافر مقصورة من أربع ركعات , لأن معنى وضع شطر الصلاة حط نصفها بعد
أن كان إتمامها واجبا عليه " . قلت : فهذا الكلام لا ينافي ما ذكرته , و لا
دليل فيه يؤيد به انحرافه ! 3 - أما الأحاديث الخمسة الصريحة , فهي في الحقيقة
أربعة لأن الثالث و الخامس منها مدارهما على الحسن البصري مرسلا , و هي كلها
ضعيفة منكرة , و قد دلس فيها على القراء ما شاء له التدليس , و أوهمهم صحة بعض
أسانيدها و صراحة متونها و هو في ذلك غير صادق , و إليك البيان بإيجاز و تفصيل
: أما الإيجاز : فهو أن الأحاديث الخمسة منكرة كلها , لضعف أسانيدها و مخالفتها
للأحاديث الصحيحة التي لم تذكر تربيع الركعات في الظهر و العصر و العشاء , و
بعضها يصرح أن الصلاة فرضت ركعتين ركعتين , فأقرت في السفر و زيدت في الحضر . و
أما التفصيل , فأقول مستعينا بالله عز وجل : 1 - أما الحديث الأول : فذكره ( ص
13 ) من طريق أبي بكر بن عمرو بن حزم عن أبي مسعود الأنصاري قال : " جاء جبريل
إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : قم فصل , و ذلك لدلوك الشمس حين مالت ,
فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى الظهر أربعا .. " . ثم ذكر مثله في
صلاة العصر و العشاء . و قال : " رواه إسحاق بن راهويه في " مسنده " على شرط
الشيخين " . قلت : هذا من تدليسه فإنه يعلم أن أبا بكر بن عمرو لم يسمعه من أبي
مسعود لأنه نقله من كتاب " نصب الراية " للزيلعي ( 1 / 223 ) و قد نقل عن
البيهقي أنه منقطع , و هذا قد أخرجه في " سننه " ( 1 / 361 ) و كذا الباغندي في
" مسند عمر ابن عبد العزيز " ( رقم 62 ) من طريق أخرى عن أبي بكر به . و قال
البيهقي : " أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم لم يسمعه من أبي مسعود الأنصاري و
إنما هو بلاغ بلغه " . هذا أولا . و ثانيا : هو يعلم أن الحديث في " الصحيحين "
و غيرهما من طريق أخرى عن أبي مسعود مختصرا ليس فيه بيان الصلوات بله الركعات ,
و أخرجه أبو داود ببيان الصلوات دون الركعات , و هذا كله يعني أن ذكر الركعات
منكر لأنها زيادة بسند ضعيف على الرواية الصحيحة , و قد أشار إلى هذه الحقيقة
الحافظ ابن حجر بقوله عقب حديث أبي بكر : " قلت : و أصله في " الصحيحين " من
غير بيان " الأوقات " . و كذا في " نصب الراية " . و هو مخرج في " صحيح أبي
داود " ( 418 ) و " الإرواء " ( 1 / 269 ) . و ثالثا : هو يعلم أيضا أن الحديث
قد جاء عن جماعة من الصحابة بلغوا سبعة نفر ليس في حديثهم عدد الركعات , منهم
عبد الله بن عباس و جابر بن عبد الله و أبو هريرة , و هي مخرجة في " الإرواء "
( 249 ) , و " صحيح أبي داود " ( 417 و 419 و 420 ) و هي كلها مخرجة في " نصب
الراية " , فماذا يقول الإنسان عن رجل يتجاهل كل هذه الروايات , و بعضها صحيح و
حسن لذاته , و بعضها حسن لغيره , و يتشبث برواية ضعيفة منكرة هي رواية أبي بكر
هذه عند إسحاق . على أن هذا قد روى عنه رواية أخرى موافقة لرواية الجماعة , هي
أصح من روايته الأولى المنقطعة , فقد روى معمر عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد
بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده عمرو بن حزم قال : " جاء جبريل فصلى بالنبي صلى
الله عليه وسلم .. " الحديث ليس فيه ذكر الركعات . رواه إسحاق بن راهويه في "
مسنده " كما في " نصب الراية " ( 1 / 225 ) و " المطالب العالية " ( ق 9 / 2 )
من طريق عبد الرزاق , و هذا في " المصنف " ( 1 / 534 ) لكن وقع سقط في إسناده .
و قال الحافظ عقبه في " المطالب " أيضا : " هذا إسناد حسن , إلا أن محمد بن
عمرو بن حزم لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم لصغره , فإن كان الضمير في "
جده " يعود إلى " أبي بكر " توقف على سماع أبي بكر من عمرو " . قلت : هو عن جده
مصرح به - كما ترى - فهو منقطع لأن ( محمد بن عمرو ) لم يدركه , و لكنه صحيح
لشواهده المتقدمة , فإنه ليس فيه شيء من النكارة بخلاف رواية أبي بكر الأولى .
تدليس آخر للغماري هداه الله , قال عقب حديثه المتقدم عن أبي مسعود و فيه عدد
الركعات المنكر : " و رواه البيهقي في " المعرفة " من طريق أيوب بن عتبة :
حدثنا أبو بكر بن عمرو ابن حزم عن عروة بن الزبير عن ابن أبي مسعود الأنصاري عن
أبيه " . قلت : وجه تدليسه على القراء من ناحيتين : الأولى : سكت عن إسناده
فأوهم أن لا شيء فيه و أن البيهقي لم يتكلم عليه , و هو خلاف الواقع , فإن
الزيلعي لما عزاه للبيهقي لم يدلس كما صنع الغماري ! و منه نقله , بل أتبعه
بقوله ( 1 / 223 ) : " قال البيهقي : فأيوب بن عتبة ليس بالقوي " . و الأخرى -
و هي أخطر - : أنه ليس في هذه الطريق تربيع الركعات , و قد أشار لذلك البيهقي
في " المعرفة " بقوله ( 1 / 173 ) عقب الحديث : " و لم أر ذكر العدد إلا في
حديث سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد ( يعني : حديثه عن أبي بكر المتقدم و الذي
أعله بالانقطاع ) و قد اختلفوا فيه , و حديث معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة
يدل على أنها فرضت بمكة ركعتين ركعتين , فلما خرج إلى المدينة فرضت أربعا , و
هو أصح " . قلت : و هذا مما لا شك فيه لحديث الترجمة و غيره مما تقدم , و لكن
الغماري لا يقيم وزنا لما صح من الحديث , بل و يضعفه بالرأي لمجرد مخالفته
لهواه كحديث معمر هذا , فإنه قد ضعفه مع كونه في " صحيح البخاري " كما سيأتي
بيانه , و الله المستعان . و يؤيد ما أشار إليه البيهقي , أن الحديث أخرجه
الطبراني في " المعجم الكبير " ( 17 / 260 / 718 ) فقد ساقه فيه بتمامه من طريق
أيوب بن عتبة , و ليس فيه التربيع . و ثمة تدليس ثالث للغماري في قوله عقب
فقرته السابقة : " و رواه الباغندي في " مسند عمر بن عبد العزيز " , و صرح في
روايته باسم بشير ابن أبي مسعود . و بشير قال عنه الحافظ : تابعي جليل ..
فالحديث بمجموع الطريقين صحيح " . قلت : ليتأمل القارىء هذا التدليس الخبيث ,
كيف أنه تكلم عن بشير و أنه ثقة - و هذا حق - و انصرف عن الكلام عن علة الحديث
و هي أيوب بن عتبة الذي في رواية البيهقي موهما القراء أن لا علة فيه ! كما أنه
ليس عند الباغندي ( رقم 64 ) التربيع أيضا ! و قوله : فالحديث صحيح بمجموع
الطريقين إن كان يعني بهما رواية البيهقي و الباغندي فهو واضح البطلان لأنه من
باب تقوية رواية الضعيف بروايته الأخرى , و هذا لا يصدر إلا من مأفون ! و إن
كان يعني طريق أيوب هذه و طريق ابن راهويه , فهو قريب من الأول لأن مدارهما على
أبي بكر , غاية ما في الأمر أن الطريق الأولى منقطعة كما تقدم , و الأخرى متصلة
, لكن الذي وصلها - و هو أيوب - ضعيف , و الأولى رجالها ثقات , و قد قال
الغماري نفسه كما سبق أن إسنادها على شرط الشيخين فكيف يصح تقوية المنقطع
بالمتصل و روايته مرجوحة ! هذا لو كان في متن كل منهما التربيع , و ليس كذلك
كما سبق , و لم يكن ذكر التربيع في رواية أبي بكر منكرا , و هيهات هيهات , فقد
أثبتنا نكارته بما لا قبل لأحد برده مهما كان مكابرا كالغماري . و بهذا ينتهي
الكلام على حديثه الأول . 2 - و أما حديثه الثاني و هو عن أنس , فقد كفانا مؤنة
رده اعتراف الغماري بأن في إسناده مجهولين , لكن هذا ليس بعلة قادحة عندي
لأنهما قد توبعا و إنما هي المخالفة , بل النكارة في المتن , و المخالفة في
السند و المتن ! أما الأولى : فهي قولهما في حديثهما : أن جبريل أمر النبي صلى
الله عليه وسلم أن يؤذن للناس بالصلاة . و معلوم أن الأذان إنما شرع في المدينة
! و الأخرى : أن البيهقي أخرج الحديث بسند صحيح عن شيبان بن عبد الرحمن النحوي
عن قتادة : حدثنا أنس بن مالك أن مالك بن صعصعة حدثهم فذكر حديث المعراج بطوله
و فيه فرض الصلوات الخمس . قال قتادة : و حدثنا الحسن يعني البصري أن النبي صلى
الله عليه وسلم .. قلت : فذكر الحديث نحو رواية المجهولين , لكن دون الأمر
بالأذان , و فيه تربيع الصلوات الثلاث , و قال البيهقي عقبه : " ففي هذا الحديث
, و ما روي في معناه دليل على أن ذلك كان بمكة بعد المعراج , و أن الصلوات
الخمس فرضت حينئذ بأعدادهن , و قد ثبت عن عائشة رضي الله عنها خلاف ذلك " . ثم
ساق البيهقي حديث معمر المتقدم برواية البخاري , و حديث داود بن أبي هند من
طريق ثالث عنه , استغنيت عن ذكره هناك بالطريقين السابقين . قلت : و وجه
المخالفة أن شيبان النحوي بين في روايته عن قتادة عن أنس أنه ليس فيها ذكر
التربيع الذي رواه قتادة عن الحسن مرسلا . و معنى ذلك أن الحسن زادها على أنس ,
فكانت منكرة بهذا الاعتبار , فكيف إذا ضم إلى ذلك مخالفته أيضا للأحاديث
الصحيحة التي سبقت الإشارة إليها ? 3 - و أما حديثه الثالث , و قد ساقه من طريق
سعيد عن قتادة عن الحسن . فقد عرفت الجواب عنه آنفا , و لذلك فمن التدليس
الخبيث قوله : " مرسل صحيح الإسناد , و هو مع حديث أنس حجة , كما تقرر في علم
الحديث و الأصول " ! قلت : يشير إلى قولهم - و اللفظ للنووي في " تقريبه " ( 1
/ 198 - بشرح " التدريب " ) : " فإن صح مخرج المرسل بمجيئه من وجه آخر مسندا أو
مرسلا أرسله من أخذ عن غير رجال الأول كان صحيحا " . و راجع " فتح المغيث " ( 1
/ 138 ) . و جوابنا عن قوله المذكور من وجهين : الأول : أن هذا في غير المرسل
الذي ثبتت نكارته و مخالفته للأحاديث الصحيحة , و مثله أقول في المسند الشاهد
له أنه لا يصلح للشهادة لأنه منكر أيضا كما سبق تحقيقه , فكيف يقوي منكر منكرا
?! و الآخر : أن مراسيل الحسن عند العلماء شبه الريح كما قال الحافظ العراقي
فيما نقله السيوطي في " شرحه " ( 1 / 204 ) , و ذلك لأنه كان ممن يصدق كل من
يحدثه , و لذلك قال ابن سيرين : حدثوا عمن شئتم من المراسيل إلا عن الحسن و أبي
العالية , فإنهما لا يباليان عمن أخذا الحديث . و قال أحمد : ليس في المرسلات
شيء أضعف من مرسلات الحسن و عطاء بن أبي رباح , فإنهما يأخذان عن كل أحد .
نقلتهما من " جامع التحصيل " للعلائي ( ص 44 و 86 و 87 و 97 ) . و إن مما يؤكد
ما ذكر العلماء أن الحسن نفسه قد يروي حديثا عن صحابي دون أن يسمي من حدثه عنه
, ثم هو يفتي بخلافه ! الأمر الذي يشعرنا بأنه هو نفسه كان لا يثق بما يرسله ,
فانظر " الضعيفة " الحديث ( 342 ) . 4 - و أما حديثه الرابع , فقد ذكره من
رواية عبد الرزاق في " المصنف " عن ابن جريج قال : قال نافع بن جبير و غيره :
... فذكر الحديث . و قال عقبه : " إسناده صحيح " ! قلت : و هذا كذب صريح , و
تدليس على القراء خبيث , فإن نافع بن جبير تابعي معروف ثقة , فلو أنه قال :
إسناده مرسل صحيح , لكان كذابا أيضا , فإن في الطريق إليه علتين تحولان دون
التصحيح : الأولى : و هي ظاهرة لكل ذي معرفة بهذا العلم , و ما أظن ذلك مما
يخفى على الغماري , و لكنه الهوى ! و هي قول ابن جريج : قال : قال نافع . فإن
ابن جريج كان من المدلسين المعروفين بذلك و المكثرين منه كما في " التحصيل " (
ص 123 ) للعلائي , فمثله لا يقبل حديثه إلا إذا صرح بالتحديث , و بخاصة أنه كما
قال الدارقطني : " تدليسه قبيح , لا يدلس إلا فيما سمعه من مجروح , مثل إبراهيم
بن أبي يحيى و موسى بن عبيدة " ! و العلة الأخرى : أن عبد الرزاق أخرجه في "
كتاب الصلاة " من " مصنفه " ( 1 / 532 / 2030 ) , و هذا الكتاب يرويه عنه إسحاق
بن إبراهيم الدبري ( انظر ص 349 منه ) و في سماعه منه كلام معروف , قال النسائي
في " الضعفاء " ( ص 297 / 379 ) في ترجمة عبد الرزاق : " فيه نظر لمن كتب عنه
بأخرة " . زاد في " التهذيب " عنه : " كتب عنه أحاديث مناكير " . و قال الذهبي
في " الميزان " في ترجمة إسحاق بن إبراهيم الدبري : " سمع من عبد الرزاق
تصانيفه , و هو ابن سبع سنين أو نحوها , لكن روى عن عبد الرزاق أحاديث منكرة ,
فوقع التردد فيها هل هي منه فانفرد بها , أو هي معروفة مما تفرد به عبد الرزاق
" . و في " اللسان " : " ذكر أحمد أن عبد الرزاق عمي فكان يلقن فيتلقن , فسماع
من سمع منه بعدما عمي لا شيء . قال ابن الصلاح : و قد وجدت فيما روى الدبري عن
عبد الرزاق أحاديث استنكرتها جدا , فأحلت أمرها على الدبري , لأن سماعه منه
متأخر جدا " . قلت : و بالجملة فالحديث ضعيف لإرساله , و انقطاعه بين مرسله و
الراوي عنه , و ضعف السند إليه , ظلمات بعضها فوق بعض , و مع هذا كله يقول فيه
هذا الهالك في عجبه و غروره : إسناده صحيح !! أضف إلى ذلك العلة العامة الشاملة
لأحاديثه الخمسة , و هي مخالفة الأحاديث الصحيحة ! 5 - و أما حديثه الخامس ,
فهو عن الحسن البصري أيضا كما تقدمت الإشارة إليه و تقدم الجواب عنه في حديثه
الثالث بما فيه كفاية و أنه منكر مثل كل أحاديثه ! هذا , و من ضلال هذا المأفون
أنه بعد أن ساق هذه الأحاديث الضعيفة و بنى عليها أن الصلوات الثلاث فرضت أربعا
أربعا , انبرى ليضعف ما صح من الأحاديث المخالفة لها , و هي ثلاثة : الأول :
حديث عائشة المتقدم : فرضت الصلاة ركعتين ... الحديث . و هو مما أخرجه الشيخان
و غيرهما من أصحاب الصحاح , حتى قال ابن رشد في " البداية " ( 3 / 395 - بتخريج
الهداية ) : " إنه حديث ثابت باتفاق " . و أقره مخرجه الشيخ أحمد الغماري أخو
عبد الله هذا , و خرجه و لم يعلق عليه بشيء , و أما هذا المأفون , فزعم ( ص 16
و 18 ) : أنه شاذ , و الشاذ من قبيل الضعيف . بعد أن ادعى أنه موقوف عليها . و
هذه الدعوى و إن كان مسبوقا إليها من بعض فقهاء الشافعية , فقد ردها الحافظ - و
هو شافعي أيضا - بقوله في " الفتح " ( 1 / 464 ) ردا على المخالفين : " فهو مما
لا مجال للرأي فيه , فله حكم الرفع " . قلت : و إني - والله - لأتعجب كل العجب
من أولئك الفقهاء و كيف يجيزون على السيدة عائشة أن تقول من نفسها : " فرض الله
الصلاة حين فرضها ركعتين ركعتين في الحضر و السفر .. " الحديث , و هو متفق عليه
- كما تقدم - و لو أنها قالت من نفسها : " فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم
... " كما قال ذلك ابن عمر في صدقة الفطر , لو أن ذلك قاله قائل دون توقيف من
رسول الله صلى الله عليه وسلم لاعتبر القائل من الكاذبين على رسول الله صلى
الله عليه وسلم , فكيف يكون حاله لو قال : " فرض الله .. " ?! تالله إنها لإحدى
الكبر أن يقال في عائشة الصديقة رضي الله عنها أنها قالت ذلك من نفسها دون
توقيف من رسول الله صلى الله عليه وسلم ! و لا يقال : لعلهم لم يقفوا على هذا
اللفظ الصريح في الرفع , و إنما على اللفظ الآخر : " فرضت الصلاة ركعتين ركعتين
.. " . لأننا نقول : هب أن الأمر كذلك بالنسبة لغير الغماري , فإنه في معنى
الأول , ألا ترى أن العلماء ذكروا في " مصطلح الحديث " : " و قول الصحابي : "
أمرنا بكذا " أو " نهينا عن كذا " مرفوع مسند عند أصحاب الحديث " . كذا في "
اختصار علوم الحديث " ( ص 50 ) و غيره . و ليس بخاف على أحد أنه لا فرق بين قول
الصحابي : " أمر " و قوله " فرض " , و بخاصة إذا صرح بالفاعل كما في هذه
الرواية الصحيحة عن عائشة رضي الله عنها , فالحكم على الحديث و الحالة هذه
بالوقف مخالف لقواعد علم الحديث , هذه القواعد التي يتبجح الغماري بالإحالة
إليها كثيرا دون ما فائدة كما فعل في الحديث الثالث المتقدم . و إنما قلت آنفا
: " لغير العماري " , لأن أولئك الفقهاء قد يمكن أن يلتمس لهم العذر من باب
إحسان الظن بهم , و أما هذا الغماري فقد أغلق هذا الباب بينه و بين مخالفيه ,
لكثرة طعنه فيهم بغير حق , كما كنت شرحت ذلك في مقدمة المجلد الثالث المشار
إليه فيما سبق , و لمكابرته في رد النصوص إما بردها و تضعيفها , أو بتأويلها و
إخراجها عن معانيها الظاهرة . و هذا هو المثال بين يديك حديث عائشة يرده بعلة
الوقف , و قد عرفت بطلانها مما بينت آنفا . و هناك شيء ثان و ثالث يدل على
مكابرته و جحوده . أما الأمر الثاني , فهو مخالفته لأئمة الحديث الذين أوردوا
الحديث في " مسانيدهم " كالطيالسي ( 1535 ) و حديثه صريح في الرفع كما يأتي في
الذي بعده , و أحمد ( 6 / 234 و 241 و 265 و 272 ) و أبي يعلى ( 5 / 48 و 8 /
107 ) و غيرهم , و معلوم أن " المسانيد " وضعها مؤلفوها للأحاديث المرفوعة , و
لا يذكرون فيها شيئا من الموقوفات إلا نادرا . أما الأمر الثالث , فهو تقصده
الإعراض عن ذكر الأحاديث المرفوعة صراحة كحديث الترجمة و ما في معناه مما تقدم
تخريجه , لمخالفتها ما ذهب إليه من أن أصل الصلاة التربيع , و هذا مما يؤكد أنه
من أهل الأهواء , لأنهم يذكرون ما لهم , و لا يذكرون ما عليهم بخلاف أهل السنة
فإنهم يذكرون ما لهم و ما عليهم و لا يصح أن يقال : أنه لعله لم يطلع على تلك
الأحاديث , ذلك لأن بعضها في " فتح الباري " , و هو من مراجعه يقينا , و قد رآه
فيه معزوا لصحيح ابن خزيمة و ابن حبان , فلماذا أعرض عنه ?! و لقد زاد في
المكابرة فقال في الوجه العاشر ( ص 18 ) : " و لم يأت في شيء من الطرق التي
استندوا إليها صحيحها و ضعيفها أن الصلاة كانت اثنتين ثم فرضت بعد الهجرة أربعا
" . قلت : يأبى الله بحكمته إلا أن يكشف مكابرة هذا المدبر و ضلاله - بقلمه -
فإنه ينفي ذلك في كل الطرق حتى الضعيفة منها , فكيف يقول هذا و هو في صدد تضعيف
حديث عائشة , و من ألفاظه في رواية معمر المتقدمة بلفظ : " فرضت الصلاة ركعتين
ثم هاجر النبي ففرضت أربعا .. " . و هذا اللفظ قد ذكره هذا المدبر نفسه في
رسالته ( ص 20 ) , فهذا نص صريح ينافي ما نفاه , فهل كان ذلك عن غفلة منه أو
تغافل ? أحلاهما مر , فهذا الحديث صريح في الرفع , فهو يبطل ادعاءه بأنه موقوف
, و حسبك أنه في صحيح البخاري مع وروده من طرق أخرى كما تقدم . و أما زعمه بأنه
شاذ ضعيف , فهو أبطل من سابقه , لأنه لم يقله مسلم من قبله , و قد ذكرت آنفا عن
ابن رشد أنه ثابت باتفاق . بل إنني أقول : إنه صحيح يقينا لأنه من أحاديث
الصحيحين التي تلقتها الأمة بالقبول , لا فرق بين من حمله على الوجوب , و من
حمله على الاستحباب , و ما كان كذلك من أحاديثهما فهو يفيد العلم كما هو مقرر
في " المصطلح " , و راجع لذلك " شرح اختصار علوم الحديث " لابن كثير . و لهذا
فإني أخشى أن يشمله وعيد قوله تعالى *( و من يشاقق الرسول من بعد ما تبين له
الهدى و يتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى و نصله جهنم و ساءت مصيرا )* (
115 : النساء ) . و لو علم القارىء الأسباب التي حملته على مخالفته للمسلمين
لازداد تعجبا معي من جرأته في المخالفة , و يمكن تلخيصها بما يأتي : أولا :
مخالفته بزعمه للقرآن و حديث وضع شطر الصلاة , و قد سبق بيان بطلان هذه
المخالفة , و أنه موافق لهما , فلا داعي للإعادة . ثانيا : أنه مخالف بزعمه
أيضا لأحاديثه الخمسة , و قد عرفت أنها ضعيفة الأسانيد منكرة مخالفة للأحاديث
الصحيحة , و منها حديث الترجمة . و لذلك لم يصححها أحد ! ثالثا : أنه يجوز أن
يكون شرعت الركعتان حين فرض عليه صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء خمسون صلاة ,
ثم خففت إلى خمس و كملها أربعا أربعا ! و هذا تجويز عقلي - و من عقله هو ! -
يغني حكايته عن رده لمعارضته للنصوص الصحيحة . رابعا : لما تواتر من بيان
ركعاتها من جبريل صبيحة ليلة الإسراء ! و هذا كذب و زور لم يقله أيضا مسلم قبله
, و هو تكرار للمخالفة الثانية . و المتواتر إنما هو صلاة جبريل عليه السلام
بالنبي صلى الله عليه وسلم دون بيان الركعات . بل لو قيل بأن المتواتر أنها
فرضت ركعتين ركعتين لما كان بعيدا عن الصواب , لتلقي الأمة لحديثها بالقبول كما
تقدم آنفا . و بالجملة فالرجل مغرم بالمخالفة للعلماء بسوء فهمه الذي يصور له
الصحيح ضعيفا و الضعيف صحيحا , و مما ضعفه أيضا من الحديث الصحيح حديث عمر
المتقدم ( ص 748 ) : " صلاة السفر .. ركعتان تمام غير قصر .. على لسان نبيكم "
( ص 23 ) و حديث ابن عباس : " إن الله فرض الصلاة على لسان نبيكم على المسافر
ركعتين .. " حكم عليه أيضا بالشذوذ ! ( ص 22 - 23 ) . و إن من خبثه و مكره
بقرائه , أن هذه الأحاديث الصحيحة و التي هو يضعفها , لا يخرجها حتى لا يتنبه
القراء أنها صحيحة فيشكون على الأقل بتضعيفه إياها ! فحديث ابن عباس رواه مسلم
و أبو عوانة و ابن خزيمة و ابن حبان في " صحاحهم " , و حديث عائشة أخرجه
الشيخان كما تقدم , و كذا المذكورون مع مسلم آنفا , و حديث ابن عباس مخرج عندي
في " صحيح أبي داود " ( 1134 ) و " الروض النضير " ( 393 ) و حديث عمر سبق
تخريجه . و من الأحاديث الضعيفة التي صححها هذا الغماري المأفون حديث عائشة : "
كان يسافر فيتم الصلاة و يقصر " ( ص 26 - 28 ) و لا أريد إطالة الكلام في الرد
عليه فإنني قد بينت ضعفه و كشفت عن علته في " إرواء الغليل " ( 3 / 6 - 9 ) و
إنما أريد أن ألفت نظر القراء إلى أمرين هامين : الأول : أن الغماري لم يبين
صحة الحديث على طريقة المحدثين , و بخاصة و هو بصدد الرد على المضعفين له كابن
تيمية و ابن القيم و ابن حجر و إنما اقتصر على تقليد الدارقطني في قوله : "
إسناده صحيح " و قد بينت هناك أن فيه مجهول الحال , و أما الغماري فقال ( ص 30
) : " رجال إسناده ثقات " ! دون أي بيان أو تحقيق ! و الآخر : أن من المضعفين
لهذا الحديث الذي صححه هذا الغماري الصغير أخاه الكبير أحمد الغماري رحمه الله
, فإنه قال معلقا على قول ابن رشد : " لم يصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه أتم
الصلاة قط " . فقال الشيخ أحمد : " قلت : هذا معلوم من سيرته لمن تتبع الأحاديث
و الأخبار في أسفاره صلى الله عليه وسلم , و قد نص الحفاظ على ذلك , قال ابن
القيم في " الهدي النبوي " ... " ثم ساق كلام ابن القيم , و ارتضاه . و أما
الغماري الصغير , فإنه حكاه و رده بتصحيح الدارقطني لإسناده و تقليده إياه كما
تقدم , فتأمل كم هو مغرور بنفسه , هالك في مخالفاته ! نسأل الله العافية و
السلامة . و خلاصة ما تقدم أن حديث الترجمة صحيح بمتابعه و شاهده , و بعضه في "
صحيح البخاري " , و بشاهده الذي حسنه الحافظ . و قد جاء الحديث من طريق أخرى عن
عائشة , و هو الآتي بعده . و الحمد لله تعالى وحده . ثم رأيت المسمى حسن السقاف
الهالك في تقليد شيخه عبد الله الغماري , قد نقل عن كتابه " الصبح " بعض أقواله
في أحكام السفر , نقلها في كتاب له أسماه " صحيح صلاة النبي صلى الله عليه وسلم
من التكبير إلى التسليم كأنك تنظر إليها " , و هو كتاب مزور مسروق من كتابي
المعروف كما يشعرك به عنوانه , و يؤكد ذلك لكل باحث بصير مضمونه , فإنه جرى فيه
على نهج شيخه في التدليس على القراء و تضعيف الأحاديث الصحيحة و تصحيح الأحاديث
الضعيفة مؤكدا بذلك أنه - على الأقل - من أهل الأهواء بما لا مجال لبيان ذلك
الآن , فحسبي من ذلك هنا الإشارة إلى أنه في كتابه المذكور عقد فصلا في آخره في
قصر الصلاة في السفر , جرى فيه على الإعراض عن دلالة حديث عائشة و غيره في وجوب
قصر الصلاة في السفر , مصرحا بأنه رخصة فقط ! و أتى برواية باطلة عن عائشة , أن
قصره صلى الله عليه وسلم إنما كان في حرب , و أنه كان يخاف !! و من المتواتر عن
النبي صلى الله عليه وسلم و الخلفاء الراشدين أنهم داوموا على القصر في السفر
في حجة الوداع و غيرها , فهل خفي هذا على هذا المقلد , أم هي المكابرة و الجحد
للحقائق ?! ثم لم يكتف بذلك بل زاد في الطين بلة أنه زعم ( ص 276 ) أن سنده حسن
, و هو في ذلك غير صادق , و قد بينت ذلك في " الضعيفة " رقم ( 4141 ) . و الله
المستعان . و إليك الآن بالطريق الآخر الموعود لحديث عائشة الصحيح رضي الله
تبارك و تعالى عنها : " كان يصلي بمكة ركعتين - يعني - الفرائض , فلما قدم
المدينة , و فرضت عليه الصلاة أربعا , و ثلاثا , صلى و ترك الركعتين كان
يصليهما بمكة تماما للمسافر " .
-----------------------------------------------------------
[1] هو ابن راهويه الإمام الحافظ صاحب " المسند " المعروف به . و انظر الصفحة
الآتية ( 747 ) . اهـ .
2815 " كان يصلي بمكة ركعتين - يعني - الفرائض , فلما قدم المدينة , و فرضت عليه
الصلاة أربعا , و ثلاثا , صلى و ترك الركعتين كان يصليهما بمكة تماما للمسافر "
.
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 765 :
أخرجه الطيالسي في " مسنده " ( 1535 ) : حدثنا حبيب بن يزيد الأنماطي قال :
حدثنا عمرو بن هرم عن جابر بن زيد قال : قالت # عائشة # : .. فذكره . قلت : و
هذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم غير الأنماطي هذا فقد اختلفوا فيه , فقال
الذهبي في " الكاشف " : " فيه لين " . و قال الحافظ : " صدوق يخطىء " . قلت :
فمثله يحسن حديثه و بخاصة إذا توبع , و قد جاء الحديث من طريق أخرى عن عائشة
بنحوه , و هو المذكور قبله . و له طريق ثالث عنها قالت : " كان أول ما افترض
على رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة ركعتان ركعتان .. " الحديث مثله , و
فيه : " ثم أتم الله الظهر و العصر .. " الحديث . أخرجه أحمد ( 6 / 272 ) بسند
جيد . و هو من جملة الأدلة على بطلان قول من أعل حديث عائشة في " الصحيحين "
بالوقف و منهم الشيخ عبد الله الغماري كما تقدم الرد عليه في الحديث الذي قبله
مفصلا بما تقر أعين القراء المحبين لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
2816 " كان لا يسبح في السفر قبلها و لا بعدها . يعني الفريضة " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 766 :
أخرجه السراج في " مسنده " ( ق 120 / 2 ) من طريق وكيع : أخبرنا ابن أبي ذئب عن
عثمان ابن عبد الله بن سراقة عن # ابن عمر # قال : فذكره مرفوعا . قلت : و هذا
إسناد صحيح على شرط البخاري . ثم رواه من طريق ابن أبي فديك : حدثنا ابن أبي
ذئب عن عثمان .. قال : كنا مع ابن عمر في سفر , فرأى حفص بن عاصم يسبح , فقلت :
إن خالك - يعني - عمر يكره هذا , فأتيت ابن عمر فسألته , فقال : رأيت رسول الله
صلى الله عليه وسلم لا يسبح .. إلخ . قلت : و إسناده جيد , رجاله رجال الصحيح ,
و قد أخرجه هو و الشيخان و غيرهم من طريق أخرى عن حفص بن عاصم عن ابن عمر نحوه
أتم منه , و هو مخرج في " صحيح أبي داود " ( 1108 ) . هذا و في الأحاديث الأخرى
الصحيحة ما يدل أن هذا ليس على إطلاقه و شموله , فإنه قد ثبت أنه صلى الله عليه
وسلم كان لا يدع سنة الفجر حضرا و لا سفرا , و كذلك الوتر . انظر " فتح الباري
" ( 2 / 578 - 579 ) .
2817 " كيف بكم إذا جمعكم الله كما يجمع النبل في الكنانة خمسين ألف سنة , ثم لا
ينظر الله إليكم ?! " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 766 :
أخرجه الحاكم في " المستدرك " ( 4 / 572 ) عن ابن وهب , أخبرني عبد الرحمن بن
ميسرة , عن أبي هانىء الخولاني عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن #عبد الله بن عمرو
ابن العاص #رضي الله عنهما قال : تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم الآية : *(
يوم يقوم الناس لرب العالمين )* , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره ,
و قال : " هذا حديث صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي . قلت : و رجاله ثقات
معروفون غير عبد الرحمن بن ميسرة , و هو الحضرمي المصري , و لم يوثقه غير
الحاكم , و هو متساهل في التوثيق كابن حبان و العجلي , و قد وثقه أيضا ( 835 )
, فلا تطمئن النفس لما تفردوا به من التوثيق , لاسيما و الحافظ قال في عبد
الرحمن هذا : " مقبول " . يعني عند المتابعة . و إلا فلين الحديث كما نبه عليه
في المقدمة . و قد أورده ابن أبي حاتم في " الجرح و التعديل " ( 2 / 2 / 285 )
و لم يزد فيه على قوله : " روى عن عقيل بن خالد . روى عنه عبد الله بن وهب " .
قلت : فأحسن أحواله أنه مجهول الحال . ثم بدا لي أنه ينبغي أن يسلك به مسلك
الثقات , لأنه قد روى عنه جمع آخر من الثقات غير ابن وهب , منهم سعيد بن عفير و
يحيى بن بكير , و غيرهم كما في " التهذيب " , و لعله من أجل ذلك أشار إلى
توثيقه الهيثمي , فقال في " المجمع " ( 7 / 135 ) : " رواه الطبراني , و رجاله
ثقات " . و هو غير ( عبد الرحمن بن ميسرة الحضرمي أبي سلمة الحمصي ) الذي وثقه
الذهبي في " الكاشف " . فاقتضى التنبيه . و الحديث عزاه في " الدر المنثور " (
6 / 324 ) لأبي الشيخ أيضا و ابن مردويه و البيهقي في " البعث " , و لم أره في
الجزء المصور عندي , و الذي قام على تكبيره الشيخ حماد الأنصاري , و لا في
المطبوع منه , فالظاهر أنه في الجزء الأخير منه و الله أعلم . ثم إن السيوطي
ساق له شاهدا من حديث أبي هريرة مرفوعا نحوه من رواية ابن مردويه , و في سنده
ضعف , و في متنه نكارة بلفظ : " *( يوم يقوم الناس لرب العالمين )* مقدار
ثلاثمائة سنة " . و لذلك خرجته في " الضعيفة " ( 4149 ) . و لهذا الجزء منه
شاهد صحيح عن أبي هريرة في حديث : " ما من صاحب كنز لا يؤدي زكاته إلا أحمي
عليه في نار جهنم . " الحديث , و فيه : " في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة , ثم
يرى سبيله إما إلى الجنة و إما إلى النار .. " الحديث . رواه مسلم و غيره , و
هو مخرج في " صحيح أبي داود " ( 1462 ) . و شاهد آخر من حديث أبي سعيد الخدري
نحوه بسند ضعيف كما في " تخريج المشكاة " ( 5563 ) . و حديث أبي هريرة <1> روي
بلفظ : " ينصب للكافر يوم القيامة مقدار خمسين ألف سنة , و إن الكافر ليرى جهنم
و يظن أنها مواقعته من مسيرة أربعين سنة " . أخرجه ابن حبان ( 2581 - موارد ) و
أحمد ( 3 / 75 ) و الحاكم ( 4 / 597 ) و أبو يعلى ( 1385 ) و فيه أبو السمح , و
هو ذو مناكير . ثم أخرجه ابن حبان ( 2578 ) بسند صحيح عنه بسياق آخر مختصرا
بلفظ : " *( يقوم الناس لرب العالمين )* مقدار نصف يوم من خمسين ألف سنة يهون
ذلك على المؤمن , كتدلي الشمس للغروب إلى أن تغرب " . لكن قوله : " نصف يوم " ,
غريب مخالف لما تقدم . و الله أعلم .
-----------------------------------------------------------
[1] قلت : كذا وقع في " الموارد " من حديث أبي هريرة , و الصواب أنه من حديث
أبي سعيد الخدري كما حققته في " الضعيفة " ( 6490 ) . اهـ .
2818 " كان إذا أتي بالشيء يقول : اذهبوا به إلى فلانة فإنها كانت صديقة خديجة ,
اذهبوا إلى بيت فلانة فإنها كانت تحب خديجة " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 769 :
أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " ( 232 ) و البزار في " مسنده " ( 1904 -
الكشف ) و الدولابي في " الذرية الطاهرة " ( ق 9 / 1 ) و الحاكم ( 4 / 175 ) من
طريق مبارك بن فضالة عن ثابت عن # أنس # رضي الله عنه قال : فذكره . و قال
الحاكم : " صحيح الإسناد " ! و وافقه الذهبي ! كذا قالا ! و ابن فضالة هذا
أورده الذهبي في " الضعفاء " , و قال : " ضعفه أحمد و النسائي , و قال أبو زرعة
: يدلس . و قال أبو داود و أبو حاتم : إذا قال : " حدثنا " فهو ثقة " . و قال
الحافظ في " التقريب " : " صدوق , يدلس و يسوي " <1> . قلت : و لم يصرح
بالتحديث كما ترى , فالسند ضعيف , و مع ذلك سكت عنه الحافظ في " الفتح " ( 10 /
435 ) و قد عزاه لـ " الأدب المفرد " ! فلعل ذلك لأن له شاهدا من حديث عائشة
رضي الله عنها قالت : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذبح الشاة فيقول
: أرسلوا إلى أصدقاء خديجة " . أخرجه البخاري ( 3816 و 3818 و 6004 ) و مسلم (
7 / 134 ) و اللفظ له , و الترمذي ( 2018 و 3885 ) و أحمد ( 6 / 58 و 202 و 279
) و الطبراني في " الكبير " ( 23 / 11 / 15 ) من طرق عن هشام بن عروة عن أبيه
عنها . و استدركه الحاكم على مسلم فوهم , و صححه الترمذي . ( تنبيه ) : حديث
عائشة عزاه الحافظ في ترجمة خديجة من " الإصابة " لـ ( الصحيح ) بهذا اللفظ , و
زاد : " قال : فذكرت له يوما , فقال : إني لأحب حبيبها " . و لم أجد هذه
الزيادة في ( الصحيح ) و لا في المصادر الأخرى , اللهم إلا رواية لمسلم من طريق
حفص بن غياث عن هشام بن عروة بهذا الحديث , و زاد : قالت : فأغضبته يوما , فقلت
: خديجة ?! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إني قد رزقت حبها " .
-----------------------------------------------------------
[1] قلت : و قوله : " و يسوي " فيه نظر بينته في مكان آخر . اهـ .
2819 " يا أيها الناس إني لم أعلم بهذا حتى سمعتموه , ألا و إنه يجير على المسلمين
أدناهم " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 770 :
أخرجه الطبراني في " الأوسط " ( 2 / 296 / 2 / 4958 ) قال : حدثنا عبد الله بن
يحيى ابن بكير قال : حدثني أبي قال : أخبرنا ابن لهيعة قال : أخبرنا موسى بن
جبير عن عراك بن مالك عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن # أم سلمة
# : أن زينت بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خرج رسول الله صلى الله عليه
وسلم مهاجرا استأذنت أبا العاص بن الربيع زوجها أن تذهب إلى رسول الله صلى الله
عليه وسلم فأذن لها , فقدمت عليه , ثم إن أبا العاص لحق بالمدينة , فأرسل إليها
: أن خذي لي أمانا من أبيك , فخرجت فأطلت برأسها من باب حجرتها و رسول الله صلى
الله عليه وسلم في الصبح يصلي بالناس , فقالت : يا أيها الناس أنا زينب بنت
رسول الله صلى الله عليه وسلم , و إني قد أجرت أبا العاص . فلما فرغ رسول الله
صلى الله عليه وسلم من الصلاة قال : فذكره . و قال : " لا يروى عن أم سلمة إلا
بهذا الإسناد , تفرد به ابن لهيعة " . و أخرجه في " المعجم الكبير " ( 23 / 425
/ 1047 ) من طريق أخرى عن ابن لهيعة به . قلت : قال الهيثمي بعد أن عزاه بهذا
السياق لـ " الأوسط " و " الكبير " باختصار ( 5 / 330 ) : " و فيه ابن لهيعة ,
و حديثه حسن و بقية رجاله ثقات " . قلت : المتقرر فيه عند أكثر العلماء أنه حسن
الحديث في الشواهد و المتابعات , إلا في رواية أحد العبادلة عنه , فهو صحيح
الحديث , و قد رواه عنه عبد الله بن وهب , فقال الدولابي في " الذرية الطاهرة "
( ق 12 / 1 ) : حدثني يونس بن عبد الأعلى : أنبأ عبد الله بن وهب أخبرني ابن
لهيعة به . و أخرجه الحاكم ( 4 / 45 ) من طريق آخر عن ابن وهب به . قلت : فصح
الحديث و الحمد لله , و موسى بن جبير الأنصاري روى عنه جمع من الثقات منهم
الليث بن سعد و بكر بن مضر و عمرو بن الحارث و يحيى بن أيوب , و لذلك قال
الذهبي في " الكاشف " : " ثقة " . و ذكره ابن حبان في " الثقات " ( 7 / 451 ) و
قال : " يخطىء و يخالف " . و قال الحافظ : " مستور " . قلت : و الصواب قول
الذهبي المتقدم : " ثقة " لرواية الجماعة عنه , و قد يكون له أخطاء كما يشير
إليه قول ابن حبان المتقدم . و للحديث شاهد عن يزيد بن رومان مرسلا . أخرجه ابن
هشام في " السيرة " ( 2 / 202 - 203 ) . و آخر من حديث أنس بن مالك نحوه مختصرا
. أخرجه الدولابي ( ق 12 / 2 ) : حدثنا النضر بن سلمة بسند صحيح له عنه . لكن
النضر هذا - و هو شاذان المروزي - متهم بالوضع , و هو مترجم في " اللسان " .
لكن رواه الطبراني في " الكبير " و " الأوسط " أخصر منه , قال الهيثمي : " و
فيه عباد بن كثير الثقفي , و هو متروك " . و للشطر الثاني من حديث الترجمة شاهد
من حديث ابن عمرو عند أبي داود و غيره بسند حسن , و هو مخرج في " الإرواء " (
2208 ) و شواهد أخرى في " مجمع الزوائد " و " المستدرك " ( 4 / 45 ) .
ساجدة لله
2010-10-20, 05:46 AM
2820 " توضأ يا أبا جبير ! لا تبدأ بفيك , فإن الكافر يبدأ بفيه " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 772 :
أخرجه ابن حبان في " صحيحه " ( 148 ) و الدولابي في " الأسماء و الكنى " ( 1 /
23 ) و أبو أحمد الحاكم في " الكنى " ( ق 61 / 2 ) و البيهقي في " السنن الكبرى
" ( 1 / 46 ) و ابن عساكر في " تاريخ دمشق " ( 17 / 315 / 1 ) من طرق عن معاوية
بن صالح عن عبد الرحمن بن # جبير بن نفير # عن أبيه : أن أبا جبير قدم على رسول
الله صلى الله عليه وسلم بابنته التي كان تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم
, فأمر له النبي صلى الله عليه وسلم بوضوء , فقال : " توضأ يا أبا جبير " ,
فبدأ أبو جبير بفيه , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تبدأ بفيك .. "
( الحديث ) , ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالوضوء فغسل كفيه حتى
أنقاهما , ثم تمضمض و استنشق ثلاثا , و غسل وجهه ثلاثا , و غسل يده اليمنى إلى
المرفق <1> [ ثلاثا ] و اليسرى ثلاثا و مسح برأسه و غسل رجليه , و السياق
للدولابي . قلت : و هذا إسناد صحيح , رجاله ثقات رجال مسلم , و فيه شبهة
الإرسال , لأن جبير بن نفير ليست له صحبة , و إن كان أدرك الجاهلية لكن الظاهر
أنه تلقاه عن أبيه نفير , و له صحبة معروفة , و قد أخرج النسائي في " الكنى "
من طريق صفوان ابن عمرو : حدثني عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عن جده . و
كذلك قال غيره عن عبد الرحمن به . فانظر " الإصابة " , و الحديث الآتي ( 2823 )
. ( تنبيه ) : وقع في ( السنن ) " .. عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه
جبير أنه قدم .. " . فجعله من مسند جبير , و أنه الذي قدم على النبي صلى الله
عليه وسلم , و هو خطأ مطبعي بلا ريب لمخالفته للمصادر الأخرى , و الطريق واحدة
.
-----------------------------------------------------------
[1] الأصل " المرفقين " . اهـ .
2821 " من اقتراب ( و في رواية : أشراط ) الساعة أن ترفع الأشرار و توضع الأخيار و
يفتح القول و يخزن العمل و يقرأ بالقوم المثناة , ليس فيهم أحد ينكرها . قيل :
و ما المثناة ? قال : ما استكتب <1> سوى كتاب الله عز وجل " .
-----------------------------------------------------------
[1] الأصل : " اكتتب " , و التصويب من " النهاية " لابن الأثير و غيره . اهـ .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 774 :
و هو من حديث # عبد الله بن عمرو بن العاص # رضي الله عنهما , يرويه عنه عمرو
ابن قيس الكندي , رواه عنه جمع رفعه بعضهم و أوقفه بعضهم , و هو في حكم المرفوع
لأنه لا يقال بمجرد الرأي , و هم : أولا : يحيى بن حمزة : حدثني عمرو بن قيس
الكندي قال : كنت مع أبي الفوارس و أنا غلام شاب , فرأيت الناس مجتمعين على رجل
, قلت : من هذا ? قالوا : عبد الله بن عمرو بن العاص , فسمعته يحدث عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : فذكره . أخرجه الحاكم ( 4 / 554 ) و أورده
الهيثمي في " المجمع " ( 7 / 326 ) مرفوعا عن عبد الله بن عمرو , و قال : "
رواه الطبراني و رجاله رجال الصحيح " . قلت : لعله عند الطبراني من طريق أخرى
غير طريق الكندي هذا , و إلا فالهيثمي واهم في حشره إياه في جملة ( رجال الصحيح
) ! ثانيا : الأوزاعي عن عمرو بن قيس السكوني قال : خرجت مع أبي في الوفد إلى
معاوية , فسمعت رجلا يحدث الناس يقول : " إن من أشراط الساعة .. " الحديث . قال
: فحدثت بهذا الحديث قوما و فيهم إسماعيل بن عبيد الله , فقال : أنا معك في ذلك
المجلس , تدري من الرجل ? قلت : لا , قال : عبد الله بن عمرو . أخرجه الحاكم
أيضا , و ابن عساكر في " تاريخ دمشق " ( 13 / 593 - المدينة ) و قال الحاكم : "
صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي . ثالثا : معاوية بن صالح قال : أخبرني عمرو
بن قيس الكندي قال : سمعت عبد الله ابن عمرو بن العاص قال : فذكره موقوفا بلفظ
: " .. كل كتاب سوى كتاب الله " . أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 15 / 165
/ 19395 ) : زيد بن الحباب قال : أخبرنا معاوية بن صالح ... رابعا : إسماعيل بن
عياش عن عمرو بن قيس به إلى قوله : " و يخزن العمل " . أخرجه أبو عمرو الداني
في " الفتن " ( ق 53 / 1 - 2 ) و البيهقي في " الشعب " ( 4 / 306 / 5199 )
بتمامه . خامسا : بشر : حدثني عمرو بن قيس به . أخرجه ابن عساكر . ( فائدة ) :
هذا الحديث من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم , فقد تحقق كل ما فيه من الأنباء
, و بخاصة منها ما يتعلق بـ ( المثناة ) و هي كل ما كتب سوى كتاب الله كما فسره
الراوي , و ما يتعلق به من الأحاديث النبوية و الآثار السلفية , فكأن المقصود
بـ ( المثناة ) الكتب المذهبية المفروضة على المقلدين . التي صرفتهم مع تطاول
الزمن عن كتاب الله , و سنة رسوله صلى الله عليه وسلم كما هو مشاهد اليوم مع
الأسف من جماهير المتمذهبين , و فيهم كثير من الدكاترة و المتخرجين من كليات
الشريعة , فإنهم جميعا يتدينون بالتمذهب , و يوجبونه على الناس حتى العلماء
منهم , فهذا كبيرهم أبو الحسن الكرخي الحنفي يقول كلمته المشهورة : " كل آية
تخالف ما عليه أصحابنا فهي مؤولة أو منسوخة , و كل حديث كذلك فهو مؤول أو منسوخ
" <1> . فقد جعلوا المذهب أصلا , و القرآن الكريم تبعا , فذلك هو ( المثناة )
دون ما شك أو ريب . و أما ما جاء في " النهاية " عقب الحديث و فيه تفسير (
المثناة ) : " و قيل : إن المثناة هي أخبار بني إسرائيل بعد موسى عليه السلام
وضعوا كتابا فيما بينهم على ما أرادوا من غير كتاب الله , فهو ( المثناة ) ,
فكأن ابن عمرو كره الأخذ عن أهل الكتاب , و قد كان عنده كتب وقعت إليه يوم
اليرموك منهم . فقال هذا لمعرفته بما فيها " . قلت : و هذا التفسير بعيد كل
البعد عن ظاهر الحديث , و أن ( المثناة ) من علامات اقتراب الساعة , فلا علاقة
لها بما فعل اليهود قبل بعثته صلى الله عليه وسلم , فلا جرم أن ابن الأثير أشار
إلى تضعيف هذا التفسير بتصديره إياه بصيغة " قيل " و أشد ضعفا منه ما ذكره عقبه
: " قال الجوهري : ( المثناة ) هي التي تسمى بالفارسية ( دوبيتي ) . و هو
الغناء " !
-----------------------------------------------------------
[1] " تاريخ التشريع الإسلامي " للشيخ محمد الخضري . اهـ .
2822 " من كان عليه دين ينوي أداءه كان معه من الله عون و سبب الله له رزقا " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 777 :
أخرجه الطبراني في " الأوسط " ( 2 / 181 / 1 / 7758 ) : حدثنا محمد بن إسحاق بن
إبراهيم حدثنا أبي : حدثنا سعد بن الصلت عن هشام بن عروة عن أبيه عن # عائشة #
أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : فذكره . و قال : " لم يروه عن
هشام إلا سعد بن الصلت , و لا رواه عن سعد إلا شاذان " . قلت : يعني به إسحاق
بن إبراهيم , فإنه يعرف بـ " شاذان الفارسي قاضي فارس " كما في " الجرح و
التعديل " في ترجمة سعد بن الصلت , و مثله في ترجمة إسحاق نفسه , و قال ( 1 / 1
/ 211 ) : " كتب إلى أبي و إلي , و هو صدوق " . و ترجم لشيخه سعد بن الصلت
بروايته عن جمع آخر من الثقات غير هشام بن عروة , و عنه محمد بن عبد الله
الأنصاري و يحيى الحماني و ابن ابنته إسحاق بن إبراهيم المعروف بشاذان الفارسي
قاضي فارس . و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا . و أورده ابن حبان في " الثقات "
( 6 / 378 ) برواية شاذان عنه , و قال : " ربما أغرب " . و قال الهيثمي في "
المجمع " ( 4 / 132 - 133 ) بعد أن عزاه لأحمد : " و إسناد الطبراني متصل , إلا
أن فيه سعيد بن الصلت عن هشام بن عروة , و لم أجد إلا واحدا يروي عن الصحابة ,
فليس به . و الله أعلم " . قلت : إنما هو سعد , و كأنه وقع في نسخة الهيثمي من
الطبراني " سعيد " , و هو كذلك في بعض المواضع من هذا الحديث و غيره من نسختنا
, و الصواب قد عرف من ترجمته . و إسناد أحمد الذي أشار إليه الهيثمي , إنما
يرويه القاسم بن الفضل عن محمد بن علي أبي جعفر عن عائشة أنها كانت تدان , فقيل
لها : ما لك و للدين ? فقالت : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ما من
عبد كانت له نية في أداء دينه إلا كان له من الله عز وجل عون " , فأنا ألتمس
ذلك العون . أخرجه أحمد ( 6 / 72 و 99 و 131 و 234 - 235 و 250 ) و كذا
الطيالسي ( 1524 ) و الحاكم ( 2 / 22 ) و من طريقهما البيهقي ( 5 / 354 ) . و
رجاله ثقات رجال مسلم , إلا أنه منقطع بين أبي جعفر و عائشة , لكن قد روي
موصولا و سبق تخريجه برقم ( 1000 ) . و وصله الحاكم من طريق محمد بن عبد الرحمن
بن مجبر : حدثنا عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عنها . لكن ابن مجبر ضعيف . و
شذت ورقاء عن الجماعة فروت أن عائشة قالت : سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم
يقول : " من كان عليه دين همه قضاؤه - أو هم بقضائه - لم يزل معه من الله حارس
" . أخرجه أحمد ( 6 / 255 ) و الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 219 / 2 / 3913 ) .
و ورقاء هذه - هي بنت هداب كما في " الأوسط " - لم أعرفها . ( تنبيه ) : ذكر
المنذري في " الترغيب " ( 3 / 43 ) هذه الرواية عقب رواية عائشة المنقطعة , و
قال عقبهما : " رواه أحمد , و رواته محتج بهم في الصحيح إلا أن فيه انقطاعا " .
و ليس الأمر كذلك كما يتبين لك من هذا التخريج , و خلاصته أن حديث الترجمة حسن
, و حديث عائشة بطرقه صحيح , إلا رواية ورقاء فضعيفة .
2823 " والله لقد بعث الله النبي صلى الله عليه وسلم على أشد حال بعث عليها فيه نبي
من الأنبياء في فترة و جاهلية , ما يرون أن دينا أفضل من عبادة الأوثان , فجاء
بفرقان فرق به بين الحق و الباطل و فرق بين الوالد و ولده حتى إن كان الرجل
ليرى والده و ولده أو أخاه كافرا , و قد فتح الله قفل قلبه للإيمان , يعلم أنه
إن هلك دخل النار , فلا تقر عينه و هو يعلم أن حبيبه في النار , و إنها للتي
قال الله عز وجل : *( الذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا و ذرياتنا قرة أعين
)* " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 779 :
أخرجه أحمد ( 6 / 2 - 3 ) : حدثنا يعمر بن بشر حدثنا عبد الله - يعني ابن
المبارك - : أنبأنا صفوان بن عمرو : حدثني عبد الرحمن بن # جبير بن نفير # عن
أبيه قال : جلسنا إلى # المقداد بن الأسود # يوما , فمر به رجل فقال : طوبى
لهاتين العينين اللتين رأتا رسول الله صلى الله عليه وسلم , والله إنا لوددنا
أن رأينا ما رأيت , و شهدنا ما شهدت , فاستغضب , فجعلت أعجب ما قال إلا خيرا ,
ثم أقبل إليه فقال : ما يحمل الرجل أن يتمنى محضرا غيبه الله عنه , لا يدري لو
شهده كيف كان يكون فيه ?! والله لقد حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم أقوام
أكبهم الله على مناخرهم في جهنم , لم يجيبوه و لم يصدقوه , أولا تحمدون الله إذ
أخرجكم لا تعرفون إلا ربكم , مصدقين لما جاء به نبيكم , قد كفيتم البلاء بغيركم
? والله لقد بعث الله النبي صلى الله عليه وسلم .. إلخ . قلت : و هذا إسناد
صحيح رجاله ثقات رجال مسلم غير يعمر بن بشر , و هو المروزي , قال الخطيب في "
تاريخ بغداد " ( 14 / 357 ) : " من كبار أصحاب عبد الله بن المبارك , قال أحمد
: ما أرى كان به بأس . و قال علي بن المديني : ثقة . و قال أبو رجاء محمد بن
حمدويه : " من ثقات أهل مرو و متقيهم " . و قال الدارقطني : ثقة ثقة " . و ذكره
ابن حبان في " الثقات " ( 9 / 291 ) . قلت : كأن الهيثمي فاته ما ذكرناه من
النقول الموثقة ليعمر هذا , فقال في حديث آخر له ( 5 / 122 ) : " رواه أحمد عن
شيخه يعمر بن بشر , و يقال : مشايخ أحمد كلهم ثقات " ! و قد تابعه بشر بن محمد
عند البخاري في " الأدب المفرد " ( 87 ) , و حبان بن موسى عند ابن حبان ( 1684
- موارد ) قالا : أنبأنا عبد الله به . و قال الحافظ ابن كثير في " تفسير سورة
الفرقان " بعد أن عزاه لأحمد بسنده : " و هذا إسناد صحيح , و لم يخرجوه " . (
تنبيه ) : التفريق المذكور في هذا الحديث له أصل في " صحيح البخاري " ( رقم
7281 ) من حديث جابر بن عبد الله قال : " جاءت الملائكة إلى النبي صلى الله
عليه وسلم و هو نائم , فقال بعضهم : إنه نائم , و قال بعضهم : إن العين نائمة و
القلب يقظان .. " الحديث , و فيه : " فمن أطاع محمدا صلى الله عليه وسلم فقد
أطاع الله , و من عصى محمدا فقد عصى الله , و محمد فرق بين الناس " . قلت : ففي
الحديث دليل صريح أن التفريق ليس مذموما لذاته , فتنفير بعض الناس من الدعوة
إلى الكتاب و السنة , و التحذير مما يخالفهما من محدثات الأمور , أو الزعم بأنه
ما جاء وقتها بعد ! بدعوى أنها تنفر الناس و تفرقهم - جهل عظيم بدعوة الحق و ما
يقترن بها من الخلاف و التعادي حولها كما هو مشاهد في كل زمان و مكان , سنة
الله في خلقه , و لن تجد لسنة الله تبديلا و لا تحويلا , *( و لو شاء ربك لجعل
الناس أمة واحدة و لا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك )* .
2824 " شاهت الوجوه [ شاهت الوجوه ] " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 781 :
أخرجه أحمد ( 1 / 303 ) حدثنا إسحاق بن عيسى : حدثنا يحيى بن سليم عن عبد الله
ابن عثمان عن سعيد بن جبير عن # ابن عباس # قال : " إن الملأ من قريش اجتمعوا
في الحجر , فتعاقدوا باللات و العزى و مناة الثالثة الأخرى و نائلة و إساف , لو
قد رأينا محمدا لقد قمنا إليه قيام رجل واحد فلم نفارقه حتى نقتله , فأقبلت
ابنته فاطمة رضي الله عنها تبكي حتى دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقالت : هؤلاء الملأ من قريش قد تعاقدوا عليك لو قد رأوك , لقد قاموا إليك
فقتلوك فليس منهم رجل إلا قد عرف نصيبه من دمك . فقال يا بنية : أريني وضوءا ,
فتوضأ ثم دخل عليهم المسجد , فلما رأوه قالوا : ها هو ذا , و خفضوا أبصارهم و
سقطت أذقانهم في صدورهم , و عقروا في مجالسهم , فلم يرفعوا إليه بصرا , و لم
يقم إليه منهم رجل ! فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قام على رؤوسهم ,
فأخذ قبضة من التراب فقال : " شاهت الوجوه " , ثم حصبهم بها , فما أصاب رجلا
منهم من ذلك الحصى حصاة إلا قتل يوم بدر كافرا " . قلت : و هذا إسناد جيد رجاله
ثقات رجال الصحيح إلا أن يحيى بن سليم , و هو الطائفي , فيه كلام من جهة حفظه ,
لكنه قد توبع من جمع فأمنا بذلك سوء حفظه , و صح الحديث و الحمد لله . أولا :
قال سعيد بن منصور في " سننه " ( 3 / 2 / 354 ) : إسماعيل بن عياش عن عبد الله
بن عثمان بن خثيم . ثانيا : تابعه معمر عن ابن خثيم به . أخرجه أحمد ( 1 / 368
) : حدثنا عبد الرزاق : حدثنا معمر ... قلت : و هذا إسناد جيد على شرط مسلم .
ثالثا : أبو بكر بن عياش عن عبد الله بن عثمان بن خثيم به . أخرجه الحاكم ( 3 /
157 ) مختصرا , و البيهقي في " الدلائل " ( 2 / 277 - 278 ) و قال الحاكم : "
صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي . و الحديث قال الهيثمي ( 8 / 228 ) : " رواه
أحمد بإسنادين , و رجال أحدهما رجال الصحيح " . قلت : بل كلاهما من رجال الصحيح
. رابعا : مسلم بن خالد الزنجي : حدثني ابن خثيم به . أخرجه ابن حبان في "
صحيحه " ( 8 / 148 / 6468 - الإحسان ) . و لحديث الترجمة شاهد من حديث سلمة بن
الأكوع في قصة غزوة حنين , و فيه : " فلما غشوا رسول الله صلى الله عليه وسلم
نزل عن البغلة , ثم قبض قبضة من تراب من الأرض ثم استقبل به وجوههم , فقال : "
شاهت الوجوه " , فما خلق الله منهم إنسانا إلا ملأ عينيه ترابا بتلك القبضة ,
فولوا مدبرين .. " . أخرجه مسلم ( 5 / 169 ) و ابن حبان ( 6486 ) بسند حسن . و
شاهد آخر من حديث أبي عبد الرحمن الفهري في القصة ذاتها . أخرجه أحمد ( 5 / 286
) و البزار ( 2 / 350 / 1833 ) و كذا الطيالسي ( 195 / 1371 ) و الدارمي ( 2 /
219 - 220 ) و الدولابي ( 1 / 42 ) من طريق حماد بن سلمة : أخبرني يعلى بن عطاء
عن أبي همام عبد الله بن يسار عنه . و أبو همام هذا مجهول كما في " التقريب " ,
و شذ ابن حبان فذكره في " الثقات " ( 5 / 51 ) . و من طريق الطيالسي البيهقي في
" الدلائل " ( 5 / 141 ) و الطبراني في " الكبير " ( 22 / 288 - 289 ) . و هو
حديث حسن لغيره كما حققته في " صحيح زوائد البزار " , و رواه أبو داود أيضا (
5233 ) و لكنه لم يسقه بتمامه , فليس فيه موضع الشاهد منه , و قال : " و هو
حديث نبيل , جاء به حماد بن سلمة " .
2825 " مثلت لي الحيرة كأنياب الكلاب و إنكم ستفتحونها " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 784 :
أخرجه ابن حبان في " صحيحه " ( 1709 ) و ابن أبي عاصم في " الوحدان " ( ق 269 /
1 ) من طريق محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني : حدثنا سفيان عن إسماعيل بن أبي
خالد عن قيس بن أبي حازم عن # عدي بن حاتم # قال : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : ( فذكره ) . فقام رجل فقال : هب لي يا رسول الله ابنة بقيلة , فقال : "
هي لك " , فأعطوها إياه , فجاء أبوها فقال : أتبعنيها ? فقال : نعم : قال :
بكم ? قال : احتكم ما شئت . قال : بألف درهم . قال : قد أخذتها . فقيل : لو قلت
ثلاثين ألفا . قال : و هل عدد أكثر من ألف ? قلت : و هذا إسناد صحيح رجاله ثقات
على شرط مسلم . و أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 17 / 81 / 183 ) و
البيهقي في " السنن " ( 9 / 136 ) و " الدلائل " ( 6 / 326 ) من طرق أخرى عن
العدني به , إلا أن الطبراني قال : " أخوها " مكان " أبوها " . و قال الهيثمي (
6 / 212 ) : " رواه الطبراني , و رجاله رجال الصحيح " . و قال عقب رواية ابن
حبان من " موارد الظمآن " : " قلت : هكذا وقع في هذه الرواية : أن الذي اشتراها
أبوها , و المشهور أن الذي اشتراها : عبد المسيح أخوها . و الله أعلم " .
2826 " كان إذا غزا فلم يقاتل أول النهار لم يعجل حتى تحضر الصلوات و تهب الأرواح و
يطيب القتال " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 785 :
أخرجه ابن جرير الطبري في " التاريخ " ( 2 / 233 - 235 ) و ابن حبان ( 1712 -
الموارد ) و السياق له من طريق : مبارك بن فضالة : حدثنا زياد بن جبير بن حية
قال : ( أخبرني أبي أن عمر بن الخطاب رضوان الله عليه قال للهرمزان : أما إذ
فتني <1> بنفسك فانصح لي . و ذلك أنه قال له : " تكلم لا بأس " , فأمنه , فقال
الهرمزان : نعم , إن فارس اليوم رأس و جناحان . قال : فأين الرأس ? قال :
نهاوند مع بندار <2> , قال : فإنه معه أساورة كسرى و أهل أصفهان . قال : فأين
الجناحان ? فذكر الهرمزان مكانا نسيته , فقال الهرمزان : اقطع الجناحين توهن
الرأس . فقال له عمر رضوان الله عليه : كذبت يا عدو الله , بل أعمد إلى الرأس
فيقطعه الله , فإذا قطعه الله عني انقطع عني الجناحان . فأراد عمر أن يسير إليه
بنفسه , فقالوا : نذكرك الله يا أمير المؤمنين أن تسير بنفسك إلى العجم , فإن
أصبت بها لم يكن للمسلمين نظام , و لكن ابعث الجنود . قال : فبعث أهل المدينة
و بعث فيهم عبد الله بن عمر بن الخطاب , و بعث المهاجرين و الأنصار , و كتب إلى
أبي موسى الأشعري أن سر بأهل البصرة , و كتب إلى حذيفة بن اليمان أن سر بأهل
الكوفة حتى تجتمعوا بنهاوند جميعا , فإذا اجتمعتم فأميركم النعمان بن مقرن
المزني . فلما اجتمعوا بنهاوند أرسل إليهم بندار [ العلج ] أن أرسلوا إلينا يا
معشر العرب رجلا منكم نكلمه , فاختار الناس المغيرة بن شعبة , قال أبي : فكأني
أنظر إليه : رجل طويل أشعر أعور , فأتاه , فلما رجع إلينا سألناه ? فقال لنا :
وجدت العلج قد استشار أصحابه في أي شيء تأذنون لهذا العربي ? أبشارتنا و بهجتنا
و ملكنا ? أو نتقشف له فنزهده عما في أيدينا ? فقالوا : بل نأذن له بأفضل ما
يكون من الشارة و العدة . فلما رأيتهم رأيت تلك الحراب و الدرق يلمع منها البصر
, و رأيتهم قياما على رأسه , فإذا هو على سرير من ذهب , و على رأسه التاج ,
فمضيت كما أنا , و نكست رأسي لأقعد معه على السرير , فقال : فدفعت و نهرت ,
فقلت : إن الرسل لا يفعل بهم هذا . فقالوا لي : إنما أنت كلب , أتقعد مع الملك
?! فقلت : لأنا أشرف في قومي من هذا فيكم , قال : فانتهرني و قال : اجلس .
فجلست . فترجم لي قوله , فقال : يا معشر العرب , إنكم كنتم أطول الناس جوعا ,
و أعظم الناس شقاء , و أقذر الناس قذرا , و أبعد الناس دارا , و أبعده من كل
خير , و ما كان منعني أن آمر هذه الأساورة حولي أن ينتظموكم بالنشاب إلا تنجسا
لجيفكم لأنكم أرجاس , فإن تذهبوا يخلى عنكم , و إن تأبوا نبوئكم مصارعكم . قال
المغيرة : فحمدت الله و أثنيت عليه و قلت : والله ما أخطأت من صفتنا و نعتنا
شيئا , إن كنا لأبعد الناس دارا , و أشد الناس جوعا , و أعظم الناس شقاء , و
أبعد الناس من كل خير , حتى بعث الله إلينا رسولا فوعدنا بالنصر في الدنيا , و
الجنة في الآخرة , فلم نزل نتعرف من ربنا - مذ جاءنا رسوله صلى الله عليه وسلم
- الفلاح و النصر , حتى أتيناكم , و إنا والله نرى لكم ملكا و عيشا لا نرجع إلى
ذلك الشقاء أبدا حتى نغلبكم على ما في أيديكم أو نقتل في أرضكم . فقال : أما
الأعور فقد صدقكم الذي في نفسه . فقمت من عنده و قد والله أرعبت العلج جهدي ,
فأرسل إلينا العلج : إما أن تعبروا إلينا بنهاوند و إما أن نعبر إليكم . فقال
النعمان : اعبروا فعبرنا . فقال أبي : فلم أر كاليوم قط , إن العلوج يجيئون
كأنهم جبال الحديد , و قد تواثقوا أن لا يفروا من العرب , و قد قرن بعضهم إلى
بعض حتى كان سبعة في قران , و ألقوا حسك الحديد خلفهم و قالوا : من فر منا عقره
حسك الحديد . فقال : المغيرة بن شعبة حين رأى كثرتهم : لم أر كاليوم قتيلا <3>
, إن عدونا يتركون أن يتناموا , فلا يعجلوا . أما والله لو أن الأمر إلي لقد
أعجلتهم به . قال : و كان النعمان رجلا بكاء , فقال : قد كان الله جل و عز
يشهدك أمثالها فلا يحزنك و لا يعيبك موقفك . و إني والله ما يمنعني أن أناجزهم
إلا لشيء شهدته من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم .. ( فذكر الحديث ) . ثم قال النعمان : اللهم إني أسألك أن تقر عيني بفتح
يكون فيه عز الإسلام و أهله , و ذل الكفر و أهله . ثم اختم لي على أثر ذلك
بالشهادة . ثم قال : أمنوا رحمكم الله . فأمنا و بكى فبكينا . فقال النعمان :
إني هاز لوائي فتيسروا للسلاح , ثم هازها الثانية , فكونوا متيسرين لقتال عدوكم
بإزائكم , فإذا هززتها الثالثة فليحمل كل قوم على من يليهم من عدوهم على بركة
الله , قال : فلما حضرت الصلاة وهبت الأرواح كبر و كبرنا . و قال : ريح الفتح
والله إن شاء الله , و إني لأرجو أن يستجيب الله لي , و أن يفتح علينا . فهز
اللواء فتيسروا , ثم هزها الثانية , ثم هزها الثالثة , فحملنا جميعا كل قوم على
من يليهم . و قال النعمان : إن أنا أصبت فعلى الناس حذيفة بن اليمان , فإن أصيب
حذيفة ففلان , فإن أصيب فلان [ ففلان ] حتى عد سبعة آخرهم المغيرة بن شعبة .
قال أبي : فوالله ما علمت من المسلمين أحدا يحب أن يرجع إلى أهله حتى يقتل أو
يظفر . فثبتوا لنا , فلم نسمع إلا وقع الحديد على الحديد , حتى أصيب في
المسلمين عصابة عظيمة . فلما رأوا صبرنا و رأونا لا نريد أن نرجع انهزموا ,
فجعل يقع الرجل فيقع عليه سبعة في قران فيقتلون جميعا , و جعل يعقرهم حسك
الحديد خلفهم . فقال النعمان : قدموا اللواء , فجعلنا نقدم اللواء فنقتلهم و
نهزمهم , فلما رأى النعمان قد استجاب الله له و رأى الفتح , جاءته نشابة فأصابت
خاصرته , فقتلته . فجاء أخوه معقل بن مقرن فسجى عليه ثوبا , و أخذ اللواء ,
فتقدم ثم قال : تقدموا رحمكم الله , فجعلنا نتقدم فنهزمهم و نقتلهم , فلما
فرغنا و اجتمع الناس قالوا : أين الأمير ? فقال معقل : هذا أميركم قد أقر الله
عينه بالفتح , و ختم له بالشهادة . فبايع الناس حذيفة بن اليمان . قال : و كان
عمر بن الخطاب رضوان الله عليه بالمدينة يدعو الله , و ينتظر مثل صيحة الحبلى ,
فكتب حذيفة إلى عمر بالفتح مع رجل من المسلمين , فلما قدم عليه قال : أبشر يا
أمير المؤمنين بفتح أعز الله فيه الإسلام و أهله , و أذل فيه الشرك و أهله . و
قال : النعمان بعثك ? قال : احتسب النعمان يا أمير المؤمنين , فبكى عمر و
استرجع , فقال : و من ويحك ? قال : فلان و فلان - حتى عد ناسا - ثم قال : و
آخرين يا أمير المؤمنين لا تعرفهم . فقال عمر رضوان الله عليه - و هو يبكي - :
لا يضرهم أن لا يعرفهم عمر , لكن الله يعرفهم ) . قلت : و هذا إسناد صحيح رجاله
ثقات , قد صرح مبارك بن فضالة بالتحديث , و قد تابعه سعيد بن عبيد الله الثقفي
: حدثنا بكر بن عبد الله المزني و زياد بن جبير عن جبير بن حية به إلى قوله : "
و تحضر الصلوات " . أخرجه البخاري ( 3159 و 3160 ) , و فيه زيادة : " و الجناح
قيصر " , و أشار الحافظ ( 6 / 264 ) إلى شذوذها , لمخالفتها لطريق مبارك بن
فضالة هذه , و طريق معقل بن يسار الآتية , و فيها : " أصبهان الرأس , و فارس و
أذربيجان الجناحان " . و هذا أولى كما قال الحافظ فراجعه . قلت : و لعل الوهم
في هذه الزيادة الشاذة من سعيد بن عبيد الله الثقفي , فقد تكلم فيه بعضهم من
قبل حفظه , و قال الحافظ نفسه في " التقريب " : " صدوق ربما وهم " . و للحديث
طريق أخرى من رواية حماد بن سلمة قال : أخبرني أبو عمران الجوني عن علقمة بن
عبد الله المزني عن معقل بن يسار أن عمر بن الخطاب شاور الهرمزان في فارس و
أصبهان و أذربيجان الحديث بطوله مع اختصار بعض الجمل . أخرجه ابن أبي شيبة ( 13
/ 8 - 13 ) . قلت : و إسناده جيد , رجاله رجال الصحيح غير علقمة بن عبد الله
المزني , و هو ثقة " . و قال الحافظ في " مقدمة الفتح " ( ص 405 ) : " سنده قوي
" . و عزاه الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 6 / 215 - 217 ) للطبراني , و قال :
" و رجاله رجال الصحيح غير علقمة بن عبد الله المزني , و هو ثقة " . و روى منه
أحمد و غيره حديث الترجمة , و هو مخرج في " صحيح أبي داود " ( 2385 ) .
-----------------------------------------------------------
[1] الأصل ( أمتني ) , و التصحيح من " الإحسان " ( 4736 ) .
[2] الأصل ( بيداد ) , و التصحيح من " الإحسان " و " تاريخ الطبري " , و منهما
صححت بعض الأخطاء الأخرى .
[3] و كذا في " الإحسان " , و في " التاريخ " ( فشلا ) . اهـ .
2827 " استعد للفاقة . قاله لرجل قال له : إني أحبك " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 789 :
أخرجه البزار في " مسنده " ( 4 / 229 / 3595 ) و الشجري في " الأمالي " ( 2 /
202 ) من طريق إبراهيم بن المنذر : حدثنا بكر بن سليم عن أبي طوالة عن # أنس #
قال : أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل , فقال : إني أحبك , قال : فذكره . قلت
: و هذا إسناد جيد رجاله ثقات معروفون غير بكر بن سليم , ذكره ابن حبان في "
الثقات " ( 8 / 149 ) , و قد روى عنه خمسة من الثقات , فهو صدوق كما قال في "
الكاشف " , و وثقه الهيثمي بقوله عقب الحديث ( 10 / 274 ) : " رواه البزار , و
رجاله رجال الصحيح غير بكر بن سليم , و هو ثقة " . قلت : و أبو طوالة اسمه عبد
الله بن عبد الرحمن بن معمر بن حزم الأنصاري . و له شاهد من حديث أبي ذر رضي
الله عنه : أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إني أحبكم أهل البيت ,
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : الله ? قال : الله . قال : " فأعد للفقر
تجفافا , فإن الفقر أسرع إلى من يحبنا من السيل من أعلى الأكمة إلى أسفلها " .
أخرجه الحاكم ( 4 / 331 ) و قال : " صحيح على شرط الشيخين " . و وافقه الذهبي .
و أقول إنما هو صحيح فقط , فإنه من طريق محمد بن غالب : حدثنا عفان .. إلخ ,
فإن غالبا ليس من رجال الشيخين , و إنما عفان , لكن هذا ليس من شيوخهما , و
إنما يرويان عنه بالواسطة . و للحديث شاهد من حديث عبد الله بن مغفل كنت خرجته
في " الضعيفة " ( 1681 ) قبل الوقوف على هذين الحديثين , و يعود الفضل في ذلك
إلى أحد طلاب العلم السعوديين جزاه الله خيرا في كتيب له كان أرسله إلي . ثم
بلغني أنه توفى فجأة رحمه الله تعالى . و للشطر الثاني من حديث أبي ذر شاهد من
حديث أبي سعيد الخدري , و هو الآتي : " اصبر أبا سعيد ! فإن الفقر إلى من يحبني
منكم أسرع من السيل على أعلى الوادي و من أعلى الجبل إلى أسفله " .
2828 " اصبر أبا سعيد ! فإن الفقر إلى من يحبني منكم أسرع من السيل على أعلى الوادي
و من أعلى الجبل إلى أسفله " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 791 :
أخرجه أحمد ( 3 / 42 ) من طريق عمرو عن سعيد بن # أبي سعيد الخدري # عن أبيه .
أنه شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجته , فقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : ... فذكره . قلت : و رجاله ثقات رجال مسلم غير سعيد بن أبي سعيد
الخدري , فلم يوثقه غير ابن حبان ( 4 / 278 ) و ذكر أنه روى عنه عمران بن أبي
أنس و أهل المدينة . لكن حقق الحافظ أن عمران هذا إنما روى عن عبد الرحمن بن
أبي سعيد الخدري , و أن من قال عن عمران عن سعيد بن أبي سعيد الخدري فهو غير
محفوظ , كما بينته في ترجمة سعيد هذا من " تيسير الانتفاع " , و عليه فليس له
راو غير عمرو هذا , و هو ابن الحارث المصري , و على ذلك فسعيد هذا في عداد
المجهولين , حتى أن البخاري و ابن أبي حاتم لم يذكرا له في ترجمته راويا مطلقا
! فهو علة هذا الإسناد . و قد اختلط هذا الراوي على الهيثمي بغيره , فظنه سعيد
بن أبي سعيد المقبري الثقة ! فأورد الحديث في " المجمع " ( 10 / 374 ) هكذا : "
عن سعيد بن أبي سعيد الخدري شكا .." الحديث , و قال : " رواه أحمد , و رجاله
رجال الصحيح , إلا أنه شبه المرسل " . قلت : و هذا خطأ بناء على نقله خطأ طرف
الحديث , و هو قوله : " أن أبا سعيد " و لذلك قال : " إنه شبه المرسل " , و
بناء عليه توهم أن سعيد بن أبي سعيد هو المقبري فقال : رجاله رجال الصحيح ! و
أساس الخطأ أنه سقط من قلمه قوله : " عن أبيه " . و أبو سعيد الخدري ليس أبا
المقبري الثقة , و قلده في ذلك بعض الناشئين ممن لا تحقيق عندهم . لكن للحديث
شاهد من حديث عبد الله بن مغفل أوله : " إن كنت تحبني فأعد للفقر تجفافا " .
كنت خرجته في " الضعيفة " برقم ( 1681 ) , فيمكن تقوية هذا به , و بحديث أبي ذر
المخرج تحت الحديث الذي قبله . و الله أعلم .
2829 " يجيء القرآن يوم القيامة كالرجل الشاحب يقول لصاحبه : هل تعرفني ? أنا الذي
كنت أسهر ليلك و أظمئ هواجرك , و إن كل تاجر من وراء تجارته , و أنا لك اليوم
من وراء كل تاجر , فيعطى الملك بيمينه و الخلد بشماله و يوضع على رأسه تاج
الوقار و يكسى والداه حلتين لا تقوم لهم الدنيا و ما فيها , فيقولان : يا رب !
أنى لنا هذا ? فيقال : بتعليم ولدكما القرآن . و إن صاحب القرآن يقال له يوم
القيامة : اقرأ و ارق في الدرجات و رتل كما كنت ترتل في الدنيا , فإن منزلك عند
آخر آية معك " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 793 :
أخرجه الطبراني في " الأوسط " ( 2 / 53 / 1 - 2 / 5894 - بترقيمي ) : حدثنا
محمد بن عبد الله الحضرمي قال : أخبرنا يحيى بن عبد الحميد الحماني قال :
أخبرنا شريك بن عبد الله بن عيسى عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن # أبي
هريرة # مرفوعا به . و قال : " لم يروه عن عبد الله بن عيسى إلا شريك , و لا
رواه عن شريك إلا يزيد بن هارون , و يحيى الحماني " . قلت : و بالحماني أعله
الهيثمي , فقال في " المجمع " ( 7 / 160 ) : " رواه الطبراني في " الأوسط " , و
فيه يحيى بن عبد العزيز الحماني , و هو ضعيف " . قلت : و فيه نظر من وجهين :
الأول : قوله : ابن عبد العزيز , و إنما هو ابن عبد الحميد كما في كتب الرجال ,
و لعله سبق قلم من المؤلف , أو خطأ من الناسخ . و الآخر : أن الطبراني قد صرح
بأن الحماني قد تابعه يزيد بن هارون , و هو ثقة من رجال الشيخين , فإعلال
الحديث بالحماني خطأ واضح , و الصواب تضعيفه بشريك , و هو ابن عبد الله القاضي
, و هو ضعيف لسوء حفظه . لكن الحديث حسن أو صحيح , لأن له شاهدا من حديث بريدة
بن الحصيب مرفوعا بتمامه . أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 10 / 492 - 493
) و أبو القاسم الأصبهاني في " الترغيب " , و غيره ممن كنت ذكرتهم في تخريجي
إياه قديما في " تخريج الطحاوية " ( ص 126 - الطبعة الرابعة ) و بينت أن فيه
بشير بن المهاجر , و هو صدوق لين الحديث كما في " التقريب " , و قلت : " فمثله
يحتمل حديثه التحسين , أما التصحيح - كما فعل الحاكم - فهو بعيد " . و قلدني في
ذلك الشيخ شعيب في تعليقه على " شرح العقيدة الطحاوية " ( 1 / 94 ) ! و أما في
تعليقه على " شرح السنة " ( 4 / 454 ) , فأقر المؤلف البغوي على قوله : " حديث
حسن غريب " ! و كذلك حسن إسناده الحافظ ابن كثير في " تفسير سورة البقرة " ( 1
/ 33 ) , و تكلم على راويه ( بشير ) بكلام حسن , ثم قال : " لكن لبعضه شواهد ..
" . قلت : و كلها تدور حول فضيلة سورة البقرة و آل عمران التي جاءت في أول حديث
بريدة , و أما سائر الحديث الذي هو في حديث الترجمة , فلم يذكر له أي شاهد و
كذلك فعل مخرج أحاديثه صاحبنا الفاضل الشيخ مقبل بن هادي فلم يزد عليه شيئا مع
أن الشطر الأخير من الحديث معروف من حديث ابن عمرو عند الترمذي و حسنه , و ابن
خزيمة و ابن حبان و الحاكم , و قد سبق تخريجه برقم ( 2240 ) . و الحديث بتمامه
له شاهد آخر من رواية يحيى بن أبي كثير بلاغا . أخرجه عبد الرزاق ( 3 / 374 /
6014 ) عن معمر عنه . فهو بلاغ صحيح .
ساجدة لله
2010-10-20, 05:48 AM
2830 " أما إن كل بناء وبال على صاحبه إلا ما لا , إلا ما لا , يعني : ما لابد منه "
.
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 794 :
هو من حديث # أنس # , و له عنه طرق : الأولى : عن أبي طلحة الأسدي عنه قال : أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج , فرأى قبة مشرفة , فقال : " ما هذه ?! " ,
قال له أصحابه : هذه لفلان , رجل من الأنصار , قال : فسكت و حملها في نفسه ,
حتى إذا جاء صاحبها رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلم عليه في الناس , أعرض
عنه , صنع ذلك مرارا , حتى عرف الرجل الغضب فيه و الإعراض عنه , فشكا ذلك إلى
أصحابه , فقال : والله إني لأنكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ? قالوا : خرج
فرأى قبتك . قال : فرجع الرجل إلى قبته فهدمها حتى سواها بالأرض , فخرج رسول
الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم , فلم يرها , قال : " ما فعلت القبة ? " ,
قالوا : شكا إلينا صاحبها إعراضك عنه , فأخبرناه فهدمها , فقال : فذكره . أخرجه
أبو داود ( 2 / 347 - 348 - تازية ) و الطحاوي في " مشكل الآثار " ( 1 / 416 )
و أبو يعلى في " مسنده " ( 7 / 308 / 1592 ) و البيهقي في " شعب الإيمان " ( 7
/ 390 / 10704 ) من طريق إبراهيم بن محمد بن حاطب القرشي عن أبي طلحة .. قلت :
و هذا إسناد جيد كما قال الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " ( 4 / 236 -
المعرفة - لبنان ) و كنت خالفته في ذلك في " الضعيفة " ( رقم 176 ) اعتمادا مني
على أن الحافظ قال في ترجمة أبي طلحة الأسدي من " التقريب " : " مقبول " . يعني
عند المتابعة , و إلا فلين الحديث , يضاف إلى ذلك أنه لم يحك في " التهذيب "
توثيقه عن أحد . ثم إن أحد إخواننا المشتغلين بهذا العلم جزاه الله خيرا لفت
نظري - و " الضعيفة " تحت الطبع مجددا - إلى أن ابن حبان وثقه ( 3 / 166 / ب )
من " ترتيب الهيثمي " , فرجعت إلى " ثقات ابن حبان " , فوجدته قد أورده في "
ثقات التابعين " منه ( 5 / 574 ) برواية أبي العميس عنه . و قد روى عنه ثقتان
آخران كما ذكرت في كتابي الجديد " تيسير انتفاع الخلان بكتاب ثقات ابن حبان "
يسر الله إتمامه , أحدهما إبراهيم القرشي هذا , و كأنه لذلك قال الذهبي في
ترجمته من " الكاشف " : " صدوق " . من أجل ذلك رجعت إلى قول العراقي المذكور ,
و اعتمدته , و بخاصة أنه روي من طرق أخرى كما يأتي بيانه . و أخرجه أحمد ( 3 /
220 ) و كذا البخاري في " الكنى " ( 45 / 385 ) و البيهقي أيضا ( 10705 ) من
طريق شريك عن عبد الملك بن عمير عن أبي طلحة عن أنس به مختصرا بلفظ : " .. هد
على صاحبه يوم القيامة , إلا ما كان في مسجد - أو في بناء مسجد , شك أسود (
يعني ابن عامر ) - أو , أو " . ثم مر فلم يلقها , فقال : ما فعلت القبة ? قلت :
بلغ صاحبها ما قلت , فهدمها , فقال : " رحمه الله " . قلت : و شريك هو ابن عبد
الله القاضي , و هو سيىء الحفظ . و قد خالف في سياق لفظ النبي صلى الله عليه
وسلم كما ترى , و زاد : " رحمه الله " . لكن هذه الزيادة رويت في بعض الطرق
الآتية . ثم رأيت الحافظ في " الفتح " ( 11 / 93 ) ساق حديث الترجمة برواية أبي
داود , و قال عقبه : " و رواته موثقون إلا الراوي عن أنس , و هو أبو طلحة
الأسدي , فليس بمعروف " . فهذا يتلقي مع قوله المتقدم فيه : " مقبول " , و قد
عرفت السبب , و هو - و الله أعلم - أنه لم يقف على توثيق ابن حبان و قول الذهبي
المتقدم فيه : " صدوق " . الطريق الثانية : عن ابن أبي خالد عمن حدثه عن الربيع
بن أنس مرفوعا بلفظ : " كل بناء وبال على أهله يوم القيامة إلا مسجدا يذكر فيه
, أو بيت , و قال بيديه " . و فيه القصة باختصار مع زيادة " رحمه الله " .
أخرجه ابن أبي الدنيا في " قصر الأمل " ( 3 / 25 / 2 ) : حدثنا عبد الرحمن بن
صالح العتكي قال : حدثنا المحاربي عن ابن أبي خالد .. قلت : و هذا إسناد رجاله
ثقات غير الذي لم يسم , و ابن أبي خالد هو إسماعيل , و المحاربي اسمه عبد
الرحمن بن محمد , و قد رمي بالتدليس . و أخرجه البيهقي ( 10707 ) من طريق قيس
بن الربيع عن أبي حمزة عن أنس . و أبو حمزة لم أعرفه , و يحتمل أنه جار شعبة
فقد ذكره المزي في الرواة عن أنس , و هو ثقة . الثالثة : عن عطاء بن جبلة :
حدثنا الأعمش عن زيد بن وهب عن أنس قال : كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه
وسلم في بعض طرق المدينة فإذا قبة ... الحديث نحو لفظ الطريق الأولى , و فيه
زيادة : " يرحمه الله " ( مرتين ) . أخرجه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 1 /
139 ) . و عطاء هذا قال ابن أبي حاتم ( 3 / 1 / 331 ) عن أبيه : " ليس بالقوي ,
يكتب حديثه " . و نقله الذهبي في " الميزان " , و زاد عليه في " اللسان " : " و
قال البرذعي عن أبي زرعة : منكر الحديث " . و هذا في " سؤالاته " ( ص 350 )
المطبوع . و أزيد أنا فأقول : قال الخطيب في ترجمته من " التاريخ " ( 12 / 295
) : " و بلغني عن إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد أنه قال ليحيى بن معين : ما
تقول في عطاء بن جبلة الفزاري ? قال : ليس بشيء " . الرابعة : عن إسحاق بن أبي
طلحة عن أنس به مختصرا , و فيه زيادة : " يرحمه الله " ( مرتين ) . أخرجه ابن
ماجه ( 4161 ) : حدثنا العباس بن عثمان الدمشقي حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا
عيسى بن عبد الأعلى بن أبي فروة : حدثني إسحاق بن أبي طلحة .. كذا قال : " عيسى
بن عبد الأعلى بن أبي فروة " . و قد ذكر الذهبي و غيره أنه لا يعرف , و قد جاء
هكذا مسمى في حديث آخر في صلاة العيد في المسجد يوم المطر , و هو من رواية
الوليد أيضا عنه , و هو مخرج في " ضعيف أبي داود " ( 212 ) , فلا أدري ممن
الخطأ ? أهو من الوليد نفسه , أم من العباس بن عثمان الراوي عنه . فقد قال ابن
حبان في " ثقاته " ( 8 / 511 ) : " ربما خالف " , و قد خالفه محمد بن جعفر
الرملي فقال : حدثنا الوليد بن مسلم قال : حدثنا عبد الأعلى بن عبد الله ابن
أبي فروة عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة به مختصرا . أخرجه الطبراني في "
الأوسط " ( 1 / 174 / 2 / 3233 ) و من طريقه الضياء المقدسي في " المختارة " (
1 / 484 ) : حدثنا بكر بن سهل قال : حدثنا مهدي بن جعفر الرملي ... , و قال
الطبراني : " لم يروه عن إسحاق بن عبد الله إلا عبد الأعلى بن عبد الله بن أبي
فروة , تفرد به الوليد " . قلت : و هو ثقة من رجال الشيخين , و لكن يخشى منه
تدليس التسوية , و قد صرح بالتحديث في كل السند في رواية العباس الدمشقي
المتقدمة , فلا أدري إذا كان ذلك محفوظا . و تسمية الرملي لشيخ الوليد ( عبد
الأعلى بن عبد الله بن أبي فروة ) أرجح عندي من تسمية العباس إياه بـ ( عيسى بن
عبد الأعلى بن أبي فروة ) , لأنه هو المعروف بروايته عن إسحاق بن عبد الله , و
عنه الوليد بن مسلم , و لعله لذلك أخرجه الضياء في " المختارة " , لكن بكر بن
سهل أورده الذهبي في " الضعفاء " , و قال : " متوسط , ضعفه النسائي " . و هذا
ملخص من قوله في " الميزان " : " حمل الناس عنه , و هو مقارب الحال , قال
النسائي : ضعيف " . قلت : فإن كان هو عيسى , فهو مجهول . و إن كان عبد الأعلى ,
فهو ثقة , و على الأول , فهو إن لم يزد الحديث قوة فلا يضره , و على الآخر ,
يكون الإسناد صحيحا إن سلم من تدليس الوليد بن مسلم . و الله أعلم .
2831 " إن الرجل يؤجر في نفقته كلها إلا في هذا التراب " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 799 :
أخرجه هناد بن السري في " الزهد " ( 2 / 374 / 722 ) : حدثنا أبو معاوية عن
إسماعيل ابن أبي خالد عن قيس عن # خباب # قال : اكتوى سبع كيات , فأتيناه نعوده
, فقال : لولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لا تتمنوا الموت
" لتمنيته , و إذا هو يصلح حائطا له فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول : فذكره . و من هذا الوجه أخرجه ابن حبان ( 5 / 99 - 100 ) دون التمني .
قلت : و هذا إسناد صحيح عزيز , و هو على شرط الشيخين , و قد أخرجه البخاري في "
صحيحه " ( 5672 ) و " الأدب المفرد " ( 455 ) و أحمد ( 5 / 110 ) و الحميدي (
154 ) و عنه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 4 / 70 / 3633 ) و كذا أبو نعيم
في " الحلية " ( 1 / 146 ) و الطبراني أيضا ( 3635 ) من طرق عن إسماعيل به
موقوفا على خباب . قلت : و هو أصح , و لكني أرى أنه في حكم المرفوع , و بخاصة
أنه قد جاء مرفوعا صراحة في بعض الطرق و المتابعات و الشواهد , فأذكر ما تيسر
لي منها : أولا : عن إسماعيل بن عياش عن إسماعيل بن أبي خالد به عن خباب قال :
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " كل نفقة ينفقها العبد يؤجر فيها
إلا البنيان " . أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 4 / 73 / 3641 ) بسند
صحيح عن ابن عياش , و سائره ثقات إلا ابن عياش , فقد ضعفوه في روايته عن غير
الشاميين و هذه منها , فإن ابن أبي خالد كوفي , فمثله تقبل روايته في المتابعات
و الشواهد . ثانيا : عن عمر بن إسماعيل بن مجالد : حدثنا أبي عن بيان بن بشر و
ابن أبي مجلد به , و لفظه : " إن المسلم يؤجر في نفقته كلها إلا ما يجعله في
التراب " . أخرجه الطبراني أيضا ( 3645 ) . و رجاله كلهم ثقات غير عمر بن
إسماعيل , فهو متروك لا يستشهد به و لا كرامة , و به أعله الحافظ في " الفتح "
( 10 / 129 ) فقال : " و عمر كذبه يحيى بن معين " . و من الغريب أن الحافظ ذكر
هذه الطريق تقوية لكون الموقوف المتقدم في رواية البخاري قد روي مرفوعا , ففاته
الطريق الأولى و هي خير من هذه بكثير , كما فاته إسناد هناد الصحيح , و غيره
مما يأتي , مصداقا للمثل السائر : " كم ترك الأول للآخر ?! " . ثالثا : عن شريك
عن أبي إسحاق عن حارثة بن مضرب قال : دخلنا على خباب , و في داره حائط يبنى ,
فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : فذكره بلفظ عمر بن إسماعيل ,
ففيه إشارة إلى أن الكذوب قد يصدق , بله المتهم بالكذب , كما أشار إلى ذلك
النبي صلى الله عليه وسلم في قصة الشيطان مع أبي هريرة رضي الله عنه : " صدقك و
هو كذوب " . و هذه الطريق شاهد قوي لحديث الترجمة , ذلك لأن رجاله ثقات غير
شريك , و هو ابن عبد الله القاضي , فإنه ضعيف لسوء حفظه , فيصلح للاحتجاج في
المتابعات و الشواهد , بل إن بعضهم صحح حديثه , كالترمذي و الحاكم و غيرهما,
بل الأول منهما قد قوى هذا الحديث بالذات , فقد أخرجه هو ( 2485 ) و ابن ماجه (
4163 ) و الطبراني ( 3675 ) , فقال الترمذي عقبه : " حديث حسن صحيح " . و أقره
الحافظ ( 11 / 92 ) . رابعا : عن عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم عن
أبي أمامة عن خباب قال : سمعت رسول الله يقول : " ما أنفق المؤمن من نفقة إلا
أجر فيها , إلا النفقة في هذا التراب " . أخرجه الطبراني ( 4 / 64 / 3620 ) .
قلت : و إسناده ضعيف , عبيد الله بن زحر صدوق يخطىء , و شيخه علي بن يزيد - و
هو الألهاني - ضعيف . و في الباب عن أنس مرفوعا بلفظ : " النفقة كلها في سبيل
الله , إلا البناء فلا خير فيه " . أخرجه الترمذي ( 2484 ) و استغربه , و ذكره
الحافظ ( 11 / 92 ) شاهدا لحديث خباب المتقدم من رواية الترمذي , و لكني لاحظت
أن الشطر الأول منه يختلف عن الطرق المتقدمة , و لا يلتقي معها إلا في الشطر
الثاني منه , هذا مع ضعف إسناده الذي أشار إليه الترمذي , و قد خرجته و بينت
علته في " الضعيفة " ( 1061 ) . و اعلم أن المراد من هذا الحديث و الذي قبله -
و الله أعلم - إنما هو صرف المسلم عن الاهتمام بالبناء و تشييده فوق حاجته , و
إن مما لا شك فيه أن الحاجة تختلف باختلاف عائلة الباني قلة و كثرة , و من يكون
مضيافا , و من ليس كذلك , فهو من هذه الحيثية يلتقي تماما مع الحديث الصحيح : "
فراش للرجل , و فراش لامرأته , و الثالث للضيف , و الرابع للشيطان " . رواه
مسلم ( 6 / 146 ) و غيره , و هو مخرج في " صحيح أبي داود " . و لذلك قال الحافظ
بعد أن ساق حديث الترجمة و غيره : " و هذا كله محمول على ما لا تمس الحاجة إليه
, مما لابد منه للتوطن و ما يقي البرد و الحر " . ثم حكى عن بعضهم ما يوهم أن
في البناء كله الإثم ! فعقب عليه الحافظ بقوله : " و ليس كذلك , بل فيه التفصيل
, و ليس كل ما زاد منه على الحاجة يستلزم الإثم .. فإن في بعض البناء ما يحصل
به الأجر , مثل الذي يحصل به النفع لغير الباني , فإنه يحصل للباني به الثواب ,
و الله سبحانه و تعالى أعلم " .
2832 " إن بني إسرائيل كتبوا كتابا فاتبعوه و تركوا التوراة " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 803 :
أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " ( 2 / 39 / 1 / 5876 ) : حدثنا محمد بن
عثمان بن أبي شيبة قال : حدثنا جندل بن والق قال : حدثنا عبيد الله بن عمرو عن
عبد الملك ابن عمير عن # أبي بردة عن أبيه #مرفوعا . و قال : " تفرد به جندل
بن والق " . قلت : و هو مختلف فيه , فوثقه ابن حبان ( 8 / 167 ) و أبو زرعة
بروايته عنه , و قال أبو حاتم : " صدوق " , و ضعفه آخرون , فراجع " التهذيب "
إن شئت , فهو إذن وسط حسن الحديث . و الله أعلم . و الحديث عزاه الهيثمي ( 1 /
192 ) للطبراني في " الكبير " , و تبعه السيوطي - رمزا - كما هي عادته في "
الجامع الصغير " و " الجامع الكبير " ( رقم 6405 ) , فلا أدري إذا كان هذا
العزو صحيحا , أو هو سبق قلم , أو خطأ من الناسخ , فإن الجزء الذي فيه مسند أبي
موسى الأشعري , و اسمه عبد الله بن قيس والد أبي بردة , لم يطبع بعد لنرجع إليه
و نتحقق من وجوده فيه أو لا . و يشهد للحديث قوله تعالى في اليهود و غيرهم : *(
و منهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني و إن هم إلا يظنون , فويل للذين
يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل
لهم مما كتبت أيديهم و ويل لهم مما يكسبون )* ( البقرة : 78 و 79 ) . و قد صح
عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : " يا معشر المسلمين ! كيف تسألون أهل
الكتاب عن شيء و كتابكم الذي أنزل الله على نبيكم صلى الله عليه وسلم أحدث
الأخبار بالله محضا لم يشب . و قد حدثكم الله أن أهل الكتاب قد بدلوا من كتب
الله و غيروا , فكتبوا بأيديهم [ فـ ] قالوا : *( هذا من عند الله ليشتروا به
ثمنا قليلا )* ?! أولا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مسألتهم ?! فلا والله ما
رأينا رجلا منهم يسألكم عن الذي أنزل عليكم ! " . أخرجه البخاري ( 2685 و 7363
و 7522 و 7523 ) و عبد الرزاق في " المصنف " ( 11 / 110 / 20060 ) و من طريقه
الحاكم ( 2 / 262 - 263 ) و عنه البيهقي في " الشعب " ( 4 / 308 / 5204 ) و عن
غيره فيه , و في السنن ( 10 / 162 ) و قال الحاكم : " صحيح على شرط الشيخين , و
لم يخرجاه " . و وافقه الذهبي , و استدراكه على البخاري وهم , فقد أخرجه كما
ترى .
2833 " إن بني إسرائيل استخلفوا خليفة عليهم بعد موسى صلى الله عليه وسلم , فقام
يصلي ليلة فوق بيت المقدس في القمر فذكر أمورا كان صنعها فخرج , فتدلى بسبب ,
فأصبح السبب معلقا في المسجد و قد ذهب . قال : فانطلق حتى أتى قوما على شط
البحر فوجدهم يضربون لبنا أو يصنعون لبنا , فسألهم : كيف تأخذون على هذا اللبن
? قال : فأخبروه , فلبن معهم , فكان يأكل من عمل يده , فإذا كان حين الصلاة قام
يصلي , فرفع ذلك العمال إلى دهقانهم , أن فينا رجلا يفعل كذا و كذا , فأرسل
إليه فأبى أن يأتيه , ثلاث مرات , ثم إنه جاء يسير على دابته فلما رآه فر
فاتبعه فسبقه , فقال : أنظرني أكلمك , قال : فقام حتى كلمه , فأخبره خبره فلما
أخبره أنه كان ملكا و أنه فر من رهبة ربه , قال : إني لأظنني لاحق بك , قال :
فاتبعه , فعبدا الله حتى ماتا برميلة مصر , قال عبد الله : لو أني كنت ثم
لاهتديت إلى قبرهما بصفة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي وصف لنا " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 805 :
أخرجه البزار في " مسنده " ( 4 / 267 / 3689 ) من طريق عمرو بن أبي قيس عن سماك
- يعني ابن حرب - عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن # عبد الله بن مسعود # عن
النبي صلى الله عليه وسلم ... و قال : " لا نعلم رواه عن سماك عن القاسم إلا
عمرو , و رواه المسعودي عن سماك عن عبد الرحمن عن أبيه , و لم يذكر القاسم " .
قلت : رواية المسعودي أخرجها أحمد ( 1 / 451 ) و أبو يعلى ( 9 / 261 / 5383 )
من طريق يزيد بن هارون : أنبأنا المسعودي عن سماك بن حرب عن عبد الرحمن بن عبد
الله عن ابن مسعود قال : فذكره . و تابعهما قيس بن الربيع عن سماك بن حرب به ,
لم يذكر القاسم أيضا في إسناده . أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 10 /
216 / 10370 ) و " الأوسط " أيضا ( 2 / 112 / 1 / 6743 ) و قال : " لم يروه عن
سماك إلا قيس بن الربيع " ! كذا قال ! و قد تابعه المسعودي , و كذا عمرو بن أبي
قيس - كما تقدم - و إن كان خالفهما بذكر القاسم بن عبد الرحمن في السند , و
روايتهما أرجح , و إن كان في حفظهما شيء فأحدهما يقوي الآخر , و عمرو بن أبي
قيس - و هو الرازي - صدوق له أوهام كما في " التقريب " , فإن كان حفظه , فيمكن
القول بأن سماكا سمعه عن القاسم عن أبيه , ثم سمعه من أبيه مباشرة . و لعل صنيع
الهيثمي يشير إلى ذلك بقوله ( 10 / 219 ) : " رواه البزار و الطبراني في "
الأوسط " و " الكبير " , و إسناده حسن " . قلت : فجمع بين رواية البزار و
الطبراني مع اختلاف روايتهما عن سماك , كأنه يشير أنه لا اختلاف بينهما يضر . و
أورد قبل ذلك رواية أحمد و أبي يعلى , و قال عقبها : " و في إسنادهما المسعودي
, و قد اختلط " . و قصر السيوطي في " الجامع الكبير " ( 6404 ) فعزاه لـ "
الطبراني " فقط في " المعجم الكبير " !!
2834 " إنهم يوفرون سبالهم و يحلقون لحاهم فخالفوهم . يعني المجوس " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 806 :
أخرجه ابن حبان في " صحيحه " ( 5452 - الإحسان ) و البيهقي في " سننه " ( 1 /
151 ) و أبو حامد الحضرمي في " حديثه " ( ق 2 / 2 ) و أبو عروبة الحراني في "
حديث الجزريين " ( ق 146 / 1 ) من طرق عن معقل بن عبيد الله عن ميمون بن مهران
عن # ابن عمر # قال : ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم المجوس فقال : فذكره ,
و زاد : " فكان ابن عمر يجز سباله كما تجز الشاة أو البعير " . قلت : و هذا
إسناد جيد , رجاله ثقات , و في معقل بن عبيد الله كلام يسير لا يضر , و قد أخرج
له مسلم , و لذلك سكت عنه الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " ( 1 / 141 -
بيروت ) و الحافظ ابن حجر في " فتح الباري " ( 10 / 347 - 348 ) و عزاه
للطبراني و البيهقي . و للحديث شواهد خرجت بعضها في " جلباب المرأة المسلمة " (
ص 185 - 187 / طبعة المكتبة الإسلامية ) و " آداب الزفاف " ( ص 209 و 210 /
طبعة المكتبة الإسلامية ) . ( السبال ) جمع ( السبلة ) بالتحريك : ( الشارب )
كما في " النهاية " . هذا , و لقد كان الباعث على تخريج الحديث أنني لم أجده في
" موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان " للهيثمي , فظننت أنه تعمد ذلك لورود أصله
في " الصحيحين " كما تراه في " جلباب المرأة " , أو أنه سها عنه , كما سها عن
كثير غيره , و كما سها عنه الحافظ في اقتصاره على عزوه إياه للطبري و البيهقي !
و اعلم أن في هذا الحديث توجيها نبويا كريما طالما غفل عنه كثير من خاصة
المسلمين فضلا عن عامتهم , ألا و هو مخالفة الكفار المجوس و غيرهم كما في
الحديث المتفق عليه : " إن اليهود و النصارى لا يصبغون فخالفوهم " . و الأحاديث
بهذا المعنى كثيرة جدا معروفة . فالذي أريد بيانه إنما هو التنبيه على أن
المخالفة المأمور بها هي أعم من التشبه المنهي عنه , ذلك أن التشبه أن يفعل
المسلم فعل الكافر , و لو لم يقصد التشبه , و بإمكانه أن لا يفعله . فهو مأمور
بأن يتركه . و حكمه يختلف باختلاف ظاهرة التشبه قوة و ضعفا . و أما المخالفة
فهي على العكس من ذلك تماما فإنها تعني أن يفعل المسلم فعلا لا يفعله الكافر ,
إذا لم يكن في فعله مخالفة للشرع , كمثل الصلاة في النعال , فقد أمر النبي صلى
الله عليه وسلم بها مخالفة لليهود , و قد تكون المخالفة لهم فيما هو من خلق
الله في كل البشر لا فرق في ذلك بين مسلم و كافر , و رجل و امرأة , كالشيب مثلا
, و مع ذلك أمر بصبغه مخالفة لهم كما تقدم , و هذا أبلغ ما يكون من الأمر
بالمخالفة , فعلى المسلم الحريص على دينه أن يراعي ذلك في كل شؤون حياته , فإنه
بذلك ينجو من أن يقع في مخالفة الأمر بالمخالفة , فضلا عن نجاته من التشبه
بالكفار , الذي هو الداء العضال في عصرنا هذا . و الله المستعان .
2835 " استو يا سواد ! " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 808 :
أخرجه ابن إسحاق في " السيرة " ( 2 / 266 - سيرة ابن هشام ) و من طريقه أبو
نعيم في " معرفة الصحابة " ( ق 303 / 1 ) و ابن الأثير في " أسد الغابة " ( 2 /
332 ) قال ابن إسحاق : و حدثني حبان بن واسع بن حبان عن أشياخ من قومه : أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم عدل صفوف أصحابه يوم بدر , و في يده قدح يعدل به
القوم , فمر بسواد بن غزية - حليف بني عدي بن النجار - و هو مستنتل من الصف ,
فطعن في بطنه بالقدح , و قال : " استو يا سواد " , فقال : يا رسول الله !
أوجعتني و قد بعثك الله بالحق و العدل , فأقدني . قال : فكشف رسول الله صلى
الله عليه وسلم عن بطنه , و قال : " استقد " , قال : فاعتنقه فقبل بطنه , فقال
: " ما حملك على هذا يا سواد ? " قال : يا رسول الله ! حضر ما ترى , فأردت أن
يكون آخر العهد بك : أن يمس جلدي جلدك ! فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم
بخير و قال له : فذكره . قلت : و هذا إسناد حسن إن شاء الله تعالى لأن الأشياخ
من قوم حبان من الأنصار , فإن كانوا من الصحابة فلا إشكال , و إن كانوا من
التابعين فهم من كبارهم , لأن حبان تابعي من الخامسة عند الحافظ , و هم جمع لا
يضر جهالتهم كما هو معروف عند أهل العلم . و روايتهم لهذه القصة تدل على أنها
كانت مشهورة عندهم , متداولة بينهم . و قد ذكر لها الحافظ في " الإصابة " شاهدا
من مرسل جعفر بن محمد عن أبيه : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتخطى بعرجون
, فأصاب به سواد بن غزية الأنصاري .. فذكر القصة . قلت : و أخرجها ابن سعد في
ترجمة سواد بن غزية ( 3 / 516 - 517 ) بسند صحيح عن الحسن مرسلا بلفظ : " رأى
سواد بن عمرو .. " قال ابن سعد : هكذا قال إسماعيل . يعني ابن علية . و مال
الحافظ إلى تعدد القصة . و الله أعلم .
2836 " ما من أمتي من أحد إلا و أنا أعرفه يوم القيامة . قالوا : و كيف تعرفهم يا
رسول الله في كثرة الخلائق ? قال : أرأيت لو دخلت صيرة فيها خيل دهم بهم و فيها
فرس أغر محجل , أما كنت تعرفه منها ? قال : بلى . قال : فإن أمتي يومئذ غر من
السجود , محجلون من الوضوء " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 809 :
أخرجه أحمد ( 4 / 189 ) و الضياء المقدسي في " المختارة " ( 55 / 114 / 1 - 2 )
من طرق عن صفوان بن عمرو : حدثنا يزيد بن خمير الرحبي عن #عبد الله بن بسر
المازني #عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : فذكره . قلت : و هذا
إسناد صحيح , و هو على شرط مسلم كما قال الضياء , و أخرج الترمذي ( 607 )
الجملة الأخيرة منه , و قال : " حسن صحيح غريب من هذا الوجه " . و الحديث عزاه
السيوطي في " الجامع الكبير " للطبراني في " الكبير " و البيهقي في " الشعب " .
و للجملة المشار إليها شاهد من حديث أبي هريرة مرفوعا . رواه البخاري و غيره .
و في آخره زيادة : " فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل " , و لكنها مدرجة في
الحديث لا تصح , كما تراه مفصلا في " الضعيفة " ( 1030 ) . غريب الحديث : (
الصيرة ) : حظيرة تتخذ للدواب من الحجارة و أغصان الشجر , جمعها ( صير ) . (
دهم ) : جمع أدهم , و هو الأسود . ( بهم ) : جمع بهيم , و هو في الأصل : الذي
لا يخالط لونه لون سواه كما في " النهاية " , أي أن لون هذه الخيل أسود خالص لا
يخالطه لون آخر . ( محجل ) : هو الذي يرتفع البياض في قوائمه إلى موضع القيد ,
و يجاوز الأرساغ , و لا يجاوز الركبتين لأنهما موضع الأحجال , و هي الخلاخيل و
القيود , و لا يكون التحجيل باليد أو اليدين ما لم يكن معها رجل أو رجلان . (
تنبيه ) : وقعت لفظة ( صيرة ) في " المسند " ( صبرة ) , و هو خطأ مطبعي كنت
نقلته هكذا مع الحديث في كتابي " صفة الصلاة / فضل السجود " , و قيدته في
الحاشية بالضم , و فسرت بـ ( الكومة ) , و هذا - والله - منتهى الغفلة , لأن
هذا المعنى لا صلة له بسياق الحديث كما هو ظاهر , و لا غرابة في ذلك , لأنه
يؤكد أنني ألباني حقا ! و قد استمر هذا الخطأ في كل طبعات الكتاب حتى العاشرة
منها , فالمرجو تصحيح هذا الخطأ ممن كان عنده نسخة من الكتاب , كما أرجو أن
يتاح لي إعادة طبع الكتاب هنا في عمان مصححا و مزيدا بإذنه تعالى . و يعود
الفضل في تنبيهي لهذا الخطأ إلى فضيلة الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد في خطاب
تفضل بإرساله إلي بتاريخ 20 / 2 / 1409 هـ . جزاه الله تبارك و تعالى خيرا . ثم
طبع الكتاب طبعة جديدة في عمان - 1411 هـ , منقحة مزيدة , و قد صحح فيها اللفظ
المذكور , و الحمد لله , مع الإشادة بصاحب الفضل فيه .
2837 " صنعت هذا لكي لا تحرج أمتي . يعني الجمع بين الصلاتين " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 811 :
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 10 / 269 / 10525 ) : حدثنا إدريس بن
عبد الكريم الحداد حدثنا أحمد بن حاتم الطويل حدثنا عبد الله بن عبد القدوس عن
الأعمش عن عبد الرحمن بن ثروان عن زاذان قال : قال # عبد الله بن مسعود # :
قال : جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الأولى و العصر , و بين المغرب و
العشاء , فقيل له , فقال : فذكره . و رواه في " الأوسط " ( 1 / 46 / 1 ) من
طريق أخرى عن ابن القدوس به . ثم أشار إلى رواية ( أحمد الطويل ) المذكورة .
قلت : و هذا إسناد حسن رجاله كلهم ثقات غير عبد الله بن عبد القدوس ذكره ابن
حبان في " الثقات " ( 7 / 48 ) , و حكى الحافظ عنه أنه قال : " ربما أغرب " . و
ليس هذا في النسخة المطبوعة منه , فلعلها في بعض النسخ , فإنه قد تكون في نفسي
أثناء عملي لفهرسته التي أنا في صدد إتمامها أن نسخه مختلفة , فيراجع لهذا "
ترتيب الثقات " للهيثمي , فإن فيه زيادات أحيانا على المطبوعة , و أحيانا فيه
نقص عنها . ثم حكى الحافظ عن البخاري أنه قال فيه : " هو في الأصل صدوق , إلا
أنه يروي عن أقوام ضعاف " . لكنه ذكر عن أبي داود تضعيفه , و كذا عن ابن معين و
غيره , فلا تطمئن النفس للاحتجاج بحديثه , إلا إذا وافق الثقات , و هذا الحديث
من هذا القبيل , فإن له شاهدا من حديث ابن عباس في صحيح مسلم و غيره <1> , و هو
مخرج في " الإرواء " ( 3 / 34 / 579 / 2 ) , فالحديث صحيح بلا ريب , و لكن هل
رواه ابن مسعود ? فهو موضع نظر لما عرفت من حال ابن عبد القدوس . و قال الهيثمي
( 2 / 161 ) بعد أن عزاه لـ ( المعجمين ) : " و فيه عبد الله بن عبد القدوس ,
ضعفه ابن معين و النسائي , و وثقه ابن حبان , و قال البخاري : " صدوق إلا أنه
يروي عن أقوام ضعفاء " . قلت : و قد روى هذا عن الأعمش و هو ثقة " . و قد مال
الشوكاني إلى تقوية الحديث , و من قبله الحافظ في " الفتح " ( 2 / 24 ) , فإنه
جزم به , و أجاب الشوكاني ( 3 / 183 ) عن التضعيف المتقدم بقوله : " لم يتكلم
فيه إلا بسبب روايته عن الضعفاء " . ثم ذكر كلام البخاري في ذلك , و زاد : " و
قال أبو حاتم : لا بأس به " . و هذه الزيادة وهم منه , فإنما قال أبو حاتم ذلك
في الراوي الذي عقب المترجم ( 2 / 2 / 105 ) و أما هذا فلم يحك ابنه فيه إلا
تضعيفه . و أما قوله : " لم يتكلم فيه إلا .. " . فهو تعليل مردود بالنسبة
للمضعفين لأنه ليس في كلام أحدهم ما يشعر بذلك , بل فيه بخلافه , فراجعه إن شئت
في " التهذيب " , و لذلك قال الحافظ في " التقريب " : " صدوق رمي بالرفض , و
كان أيضا يخطىء " . قلت : فالتعليل بروايته عن الضعفاء , هو بالنسبة للبخاري ,
و أما الآخرون , فالتعليل عندهم سوء الحفظ . و الله أعلم . و قد خولف ابن عبد
القدوس , فأخرجه الطبراني أيضا ( 10 / 47 / 9880 ) من طريق أبي مالك النخعي - و
اسمه عبد الملك بن الحسين - عن حجاج عن عبد الرحمن بن ثروان عن هزيل بن شرحبيل
عن عبد الله قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع بين المغرب و
العشاء , يؤخر هذه في آخر وقتها , و يعجل هذه في أول وقتها " . و أبو مالك هذا
ضعفه الهيثمي ( 2 / 159 ) و قال الحافظ في " التقريب " : " متروك " . و حجاج ,
الظاهر أنه ابن أرطاة , و هو مدلس . ثم أخرجه الطبراني ( 9881 ) من طريق ابن
أبي ليلى عن أبي قيس عن هزيل به مختصرا بلفظ : " كان رسول الله صلى الله عليه
وسلم يجمع بين الصلاتين في السفر " . قال الهيثمي : " رواه أبو يعلى و البزار و
الطبراني في " الكبير " , و رجال أبي يعلى رجال الصحيح " . و أقول : هذا وهم
مرتين لأن أبا يعلى أخرجه أيضا ( 9 / 284 / 5413 ) من طريق ابن أبي شيبة , و
هذا في " المصنف " ( 2 / 458 ) من طريق ابن أبي ليلى , و كذا البزار ( 1 / 330
/ 685 ) و قال : " لا يروى عن عبد الله إلا بهذا الإسناد " . قلت : هذا هو
الوهم الأول : أنه غاير بين إسناد أبي يعلى و غيره , و إسنادهم واحد . و الآخر
: أنه قال : " رجاله رجال الصحيح " ! و ابن أبي ليلى - و هو محمد بن عبد الرحمن
بن أبي ليلى - ليس من رجال الصحيح , ثم هو إلى ذلك سيىء الحفظ جدا كما في "
التقريب " . و بالجملة , فحديث الترجمة صحيح , من حديث ابن عباس بلا شك رواية و
لكنه صحيح دراية , دون رواية أبي مالك النخعي التي فيها بيان أن الجمع كان جمعا
صوريا . فإنه شديد الضعف كما تقدم . و اعلم أن الشوكاني رحمه الله ذهب إلى أن
المقصود بالحديث إنما هو الجمع الصوري , و أطال البحث في ذلك جدا , و تكلف في
تأويل الحديث و صرف معناه عن الجمع الحقيقي الثابت صراحة في بعض أحاديث الجمع
في السفر . و احتج لذلك بأمور يطول الكلام عليها جدا , و الذي أريد أن ألفت
النظر إليه إنما هو أنه لم يتنبه إلى أن قوله : " كي لا يحرج أمته " نص في
الجمع الحقيقي , لأن رفع الحرج إنما يعني في الاصطلاح الشرعي رفع الإثم و
الحرام ( راجع النهاية ) كما في أحاديث أخرى , الأصل فيها المؤاخذة لولا الحرج
, كمثل ترك صلاة الجمعة و الجماعة من أجل المطر و البرد , كما في حديث ابن عباس
لما أمر المؤذن يوم الجمعة أن يقول : " الصلاة في الرحال " , فأنكر ذلك بعضهم ,
فقال : " كأنكم أنكرتم هذا , إن هذا فعله من هو خير مني . يعني النبي صلى الله
عليه وسلم , إنها عزمة , إني كرهت أن أحرجكم " . رواه البخاري ( 616 و 668 و
901 ) و ابن أبي شيبة ( 2 / 153 ) نحوه , ثم روى ( 2 / 234 ) الموقوف منه . و
حديث نعيم بن النحام قال : " نودي بالصبح في يوم بارد و هو في مرط امرأته ,
فقال : ليت المنادي نادى : " و من قعد فلا حرج " , فنادى منادي النبي صلى الله
عليه وسلم في آخر أذانه : " و من قعد فلا حرج " . رواه عبد الرزاق في " المصنف
" ( 1 / 501 / 1926 ) و أحمد ( 4 / 320 ) و البيهقي ( 1 / 398 و 323 ) و أحد
إسناديه صحيح , و صحح الحافظ ( 2 / 98 - 99 ) إسناد عبد الرزاق ! و قد مضى
تخريجه و ما يستفاد منه في هذا المجلد برقم ( 2605 ) . و من المعلوم وجوب
الحضور لصلاة الجمعة و الجماعة , فإذا ثبت في الشرع أنه لا حرج على على من لم
يحضر في المطر . كان ذلك حكما جديدا لولاه بقي الحكم السابق على ما كان عليه من
العموم و الشمول . فكذلك نقول : لما كان من المعلوم أيضا وجوب أداء كل صلاة في
وقتها المحدد شرعا بفعله صلى الله عليه وسلم , و إمامة جبريل عليه السلام إياه
, و قوله : " الوقت بين هذين ", ثم ثبت أنه صلى الله عليه وسلم جمع بين
الصلاتين , لرفع الحرج عن أمته صلى الله عليه وسلم , كان ذلك دليلا واضحا على
أن جمعه صلى الله عليه وسلم في ذلك الوقت , كان جمعا حقيقيا , فحمله على الجمع
الصوري و الحالة هذه تعطيل للحديث كما هو ظاهر للمنصف المتأمل , إذ إنه لا حرج
في الجمع الصوري أصلا , و لذلك فلم يبالغ الإمام النووي رحمه الله حين قال في
حمل الحديث على الجمع الصوري : "إنه باطل , لأنه مخالف للظاهر مخالفة لا تحتمل
". و إن مما يؤكد ذلك أمران : الأول :إن في حديث ابن عباس أن الجمع كان في
غير خوف و لا مطر , ففيه إشارة قوية إلى أن جمعه صلى الله عليه وسلم في المطر
كان معروفا لدى الحاضرين ,فهل كان الجمع في المطر صوريا أيضا ?! اللهم لا .
يخبرنا بذلك نافع مولى ابن عمر قال : كانت أمراؤنا إذا كانت ليلة مطيرة أبطأوا
بالمغرب ,و عجلوا بالعشاء قبل أن يغيب الشفق , فكان ابن عمر يصلي معهم لا يرى
بذلك بأسا , قال عبيد الله ( هو الراوي عن نافع ) : و رأيت القاسم و سالما
يصليان معهم في مثل تلك الليلة . أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه " ( 2 / 234 )
بسند صحيح غاية . قلت : فقوله : " قبل أن يغيب الشفق "صريح في أن جمعهم كان
جمعا حقيقيا , لأن مغيب الشفق آخر وقت المغرب كما في حديث ابن عمرو عند مسلم (
2 / 104 - 105 ) و غيره , و هو مخرج في "صحيح أبي داود " ( 425 ) . و الأمر
الآخر : أن التعليل المتقدم برفع الحرج قد ثبت أيضا في الجمع في السفر من حديث
معاذ : جمع رسول صلى الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك بين الظهر و العصر
,و بين المغرب و العشاء .قال أبو الطفيل :فقلت :ما حمله على ذلك ? قال :
فقال :أراد أن لا يحرج أمته . أخرجه مسلم , و ابن خزيمة ( 2 / 81 / 966 ) و
غيرهما ,و هو مخرج في "الإرواء " ( 3 / 31 ) و في رواية لأبي داود و غيره
:أن الجمع كان تقديما تارة , و تأخيرا تارة .و هو مخرج في المصدر المذكور
برقم ( 578 ) و ثبت نحوه من حديث أنس و غيره , و هو مخرج هناك ( 579 ) .قلت
:و إذا عرفت ما تقدم تأكدت إن شاء الله أن الصحيح في الجمع المعلل برفع الحرج
إنما هو الجمع الحقيقي , لأن الجمع الصوري في أصله لا حرج فيه مطلقا لا في
السفر و لا في الحضر و لذلك كان من أدلة الجمهور على الحنفية الذين لا يجيزون
الجمع الحقيقي في السفر أيضا أنه ثبت فيه جمع التقديم أيضا , و هو يبطل تأويلهم
الجمع بالجمع الصوري كما ثبت في بعض الأحاديث المشار إليها آنفا جمع التأخير
بلفظ صريح يبطل أيضا تأويلهم , كحديث أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم :إذا
عجل عليه السفر يؤخر الظهر إلى أول وقت العصر ,فيجمع بينهما , و يؤخر المغرب
حتى يجمع بينها و بين العشاء حين يغيب الشفق .متفق عليه .و بهذه المناسبة
أقول :يبدو لي من تعليل الجمع في حديث ابن عباس برفع الحرج - أنه إنما يجوز
الجمع حيث كان الحرج ,و إلا فلا , و هذا يختلف باختلاف الأفراد و ظروفهم , و
لعل القائلين بجوازه مطلقا من السلف أشاروا إلى ما ذكرته حين اشترطوا أن لا
يتخذ ذلك عادة كما تفعل الشيعة . و لا أتصور ذلك إلا لمن كان حريصا على أداء
الصلوات في أوقاتها الخمسة , و في المساجد مع الجماعة . و الله سبحانه و تعالى
أعلم .
-----------------------------------------------------------
[1] و لفظه " جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر و العصر , و المغرب
و العشاء بالمدينة في غير خوف و لا مطر . قيل لابن عباس : لم فعل ذلك ? قال :
كي لا يحرج أمته " . و هو مخرج في " الإرواء " , و التعليق على " صحيح ابن
خزيمة " ( 2 / 86 ) . اهـ .
2838 " أصبت و أحسنت اللهم وفقه . قاله لعبد الله بن الأرقم " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 818 :
أخرجه الحاكم في " المستدرك " ( 3 / 335 ) قال : حدثنا محمد بن صالح بن هانىء
حدثنا الفضل بن محمد البيهقي حدثنا عبد الله بن صالح حدثنا عبد العزيز بن أبي
سلمة الماجشون عن عبد الواحد بن أبي عون عن القاسم بن محمد عن # عبد الله بن
عمر # رضي الله عنهما قال : أتى النبي صلى الله عليه وسلم كتاب رجل , فقال لعبد
الله بن الأرقم : " أجب عني " , فكتب جوابه , ثم قرأه عليه , فقال : ( فذكر
الحديث ) . فلما ولي عمر كان يشاوره . و قال الحاكم : " صحيح الإسناد " . و
وافقه الذهبي . قلت : فيه نظر , فإن الفضل بن محمد البيهقي , و هو الشعراني ,
أورده المؤلف الذهبي في " المغني " و قال : " قال [ ابن ] <1> أبي حاتم :
تكلموا فيه " . و قد ترجم له الذهبي في " سيره " ( 13 / 317 / - 319 ) ترجمة
جيدة نقل فيها قول ابن أبي حاتم المذكور , ثم أتبعه بقول ابن الأخرم فيه : "
صدوق غال في التشيع " . و قول الحاكم : " لم أر خلافا بين الأئمة الذين سمعوا
منه في ثقته و صدقه رضوان الله عليه , و كان أديبا فقيها عالما عابدا .." . و
ختم ترجمته بقوله : " و أما الحسين القباني فرماه بالكذب , فبالغ " . ثم إن
محمد بن صالح بن هانىء لم أجد له ترجمة <2> . لكني وجدت للحديث طريقا أخرى لا
بأس بإسنادها , فقال البزار في مسنده " البحر الزخار - 267 " , و ( 1 / 104 /
185 - كشف الأستار ) : حدثنا عمر بن الخطاب السجستاني حدثنا إبراهيم بن المنذر
حدثنا محمد بن صدقة الفدكي حدثنا مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر قال : "
كتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كتاب , فقال لعبد الله بن أرقم : " أجب
هؤلاء " , فأخذه عبد الله بن أرقم فكتبه , ثم جاء بالكتاب فعرضه على رسول الله
صلى الله عليه وسلم فقال : " أحسنت " , فما زال ذلك في نفسي حتى وليت , فجعلته
على بيت المال " . و قال البزار : " لا نعلم رواه هكذا إلا مالك " . قلت : لكن
أعله الدارقطني في كتابه " العلل " ( 2 / 143 - 144 ) بقوله : " هو حديث تفرد
به محمد بن صدقة الفدكي - و ليس بالمشهور , و لكن ليس به بأس - عن مالك عن زيد
بن أسلم عن أبيه عن عمر , و غيره يرويه عن مالك مرسلا , و هو الصحيح " . قلت :
و الفدكي هذا ذكره ابن حبان في " الثقات " ( 9 / 67 ) و قال : " يعتبر حديثه
إذا بين السماع , فإنه كان يدلس " . قلت : قد صرح بالتحديث هنا و السند إليه
صحيح , فالإسناد جيد إن كان الفدكي قد حفظ وصله عن عمر , فإن الدارقطني و إن
أعله بالإرسال بقوله المتقدم , فإنا لم ندر من هو المخالف , فإذا كان أوثق من
الفدكي كما يظهر من إعلال الدارقطني فهو مرسل , فيصلح شاهدا بل هو - أعني
المرسل - حجة عند بعض العلماء فلا أقل من أن يصلح شاهدا لحديث الترجمة , و أما
قول الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 1 / 153 ) : " رواه البزار , و فيه محمد بن
صدقة الفدكي , قال في " الميزان " : حديثه منكر " . قلت : يعني حديثا آخر ذكره
في " الميزان " , و أما هذا فليس منكرا لما عرفت أنه رواه الحاكم من غير طريق
الفدكي بسنده المتقدم عن عبد الواحد بن أبي عون عن القاسم بن محمد عن ابن عمر ,
لكن أورده في " مجمع الزوائد " ( 9 / 370 ) برواية الطبراني ( يعني في " الكبير
" 13 / 192 ) عن عبد الله بن أبي عون معضلا , و قال : " و إسناده حسن " . و
ذكره الحافظ في ترجمة ابن الأرقم من " الإصابة " من رواية البغوي من طريق
الفدكي به موصولا نحوه , و سكت عنه . و بالجملة فالحديث جيد بمجموع طريقيه . و
الله أعلم .
-----------------------------------------------------------
[1] سقطت من " المغني " و غيره , و استدركتها من " الجرح " .
[2] ثم وجدت في بعض كتاباتي على " المستدرك " أنه مترجم في " الطبقات الكبرى "
للسبكي ( 2 / 164 ) , و أن ابن كثير وثقه في " تاريخه " ( 11 / 225 ) . اهـ .
2839 " اذكر الموت في صلاتك , فإن الرجل إذا ذكر الموت في صلاته لحري أن يحسن صلاته
, و صل صلاة رجل لا يظن أن يصلي صلاة غيرها , و إياك و كل أمر يعتذر منه " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 820 :
أخرجه الديلمي في " مسند الفردوس " ( 1 / 26 / 2 ) من طريق أبي الشيخ ابن حيان
: حدثنا ابن أبي عاصم : حدثنا أبي : حدثنا شبيب بن بشر عن # أنس # قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . قلت : و هذا إسناد حسن كما قال الحافظ
عقبه في " الغرائب الملتقطة " , و أقره الحافظ السخاوي في " المقاصد الحسنة " (
ص 138 ) , و للجملة الأخيرة منه شواهد كثيرة مذكورة في " المقاصد " , و سبق
تخريج بعضها مع الجملة التي قبلها بنحوها برقم ( 401 ) . ( تنبيه ) : لقد اعتاد
بعض الأئمة أن يأمروا المصلين عند اصطفافهم للصلاة ببعض ما جاء في هذا الحديث
كقوله : " صلوا صلاة مودع " , فأرى أنه لا بأس في ذلك أحيانا , و أما اتخاذه
عادة فمحدثة و بدعة .
ساجدة لله
2010-10-20, 05:54 AM
2840 " كان يفطر على رطبات قبل أن يصلي فإن لم يكن رطبات فعلى تمرات فإن لم يكن حسا
حسوات من ماء " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 821 :
أخرجه الإمام أحمد , و غيره من أصحاب السنن بإسناد حسن عن # أنس بن مالك # رضي
الله عنه . و حسنه الترمذي , و صححه الحاكم و الذهبي و الضياء في " المختارة "
. و قد خرجته مفصلا في " الإرواء " ( 4 / 45 - 51 ) و " صحيح أبي داود " ( 2040
) . و الغرض من ذكري للحديث مع الإيجاز في التخريج إنما هو التذكير بهذه السنة
التي أهملها أكثر الصائمين , و بخاصة في الدعوات العامة التي يهيأ فيها ما لذ و
طاب من الطعام و الشراب , أما الرطب أو التمر على الأقل فليس له ذكر . و أنكر
من ذلك , إهمالهم الإفطار على حسوات من ماء ! فطوبى لمن كان من *( الذين
يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله و أولئك هم أولوا الألباب
)* ( الزمر : 18 ) .
2841 " لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه و لا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه و لا
يدخل رجل الجنة لا يأمن جاره بوائقه " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 822 :
أخرجه أحمد ( 3 / 198 ) و ابن أبي الدنيا في " الصمت " ( رقم 9 ) و الخرائطي في
" المكارم " ( رقم 442 ) و القضاعي في " مسند الشهاب " ( ق 75 / 1 ) من طريق
علي بن مسعدة الباهلي : قال : حدثنا قتادة عن # أنس بن مالك # قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . قلت : و رجاله ثقات رجال مسلم غير الباهلي
هذا , و هو مختلف فيه , و قال الحافظ في " التقريب " : " صدوق له أوهام " . قلت
: فهو حسن الحديث إن شاء الله تعالى , إذ لا يخلو أحد من أوهام , فما لم يثبت
أنه وهم فهو حجة . و قال العراقي في " تخريج الإحياء " ( 3 / 94 ) : " رواه ابن
أبي الدنيا في " الصمت " , و الخرائطي في " مكارم الأخلاق " بسند فيه ضعف " .
و قال السيوطي في " الجامع الكبير " : " رواه أحمد و عبد الرزاق , و حسن " . و
له طريقان آخران ضعيفان عن أنس مرفوعا بلفظ : " لا يستكمل أحدكم حقيقة الإيمان
حتى يخزن من لسانه " . أخرجه البيهقي في " شعب الإيمان " ( 2 / 73 / 2 - خط ) .
و له عنده ( 1 / 41 / 8 - ط ) شاهد برجال ثقات عن الحسن البصري عن بعض أصحابه
رفعه دون جملة الجار . و مضى تخريجها برقم ( 549 ) . ( تنبيه ) : هذا الحديث
وقع في " أمثال الماوردي " ( 103 ) تماما لحديث أوله : " لا إيمان لمن لا أمانة
له , و لا دين لمن لا عهد له , والذي نفسي بيده , لا يستقيم دين رجل حتى ... "
إلخ . أورده من طريق حصين بن مذعور عن يونس عن ابن مسعود رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . و هذا إسناد مظلم , من دون ابن
مسعود لم أعرفهما , و لم يتكلم عليه الدكتور فؤاد بشيء كعادته , و قال في
تعليقه عليه : " صحيح , أخرجه أحمد ( 3 / 135 .. ) و البيهقي في " سننه " ( 6 /
288 ) و ابن حبان عن أنس . صحيح الجامع 6 : ( الأصل : 3 / 123 الحديث 7056 ) "
. قلت : و هذا يوهم أنهم أخرجوه بهذا التمام , و أنه كذلك هو في " صحيح الجامع
" و ليس كذلك , و إنما هو عندهم جميعا بالطرف الأول منه , دون حديث الترجمة !!
2842 " إن إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما
يأكل و ليلبسه مما يلبس و لا تكلفوهم ما يغلبهم , فإن كلفتموهم ما يغلبهم
فأعينوهم " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 823 :
أخرجه البخاري في " صحيحه " ( 3 / 123 ) و في " الأدب المفرد " ( 29 ) من حديث
# أبي ذر # . و قد ورد بلفظ : " هو إخوانكم .. " . و هو مخرج في " الإرواء " (
2176 ) . و المراد بـ ( الإخوان ) هنا المماليك , قال ابن الأثير في " النهاية
" : " الخول : حشم الرجل و أتباعه , و أحدهم ( خائل ) , و قد يكون واحدا , و
يقع على العبد و الأمة , و هو مأخوذ من التخويل : التمليك , و قيل : من الرعاية
" .
2843 " إن ربك ليعجب للشاب لا صبوة له " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 824 :
رواه الروياني في " مسنده " ( 9 / 50 / 2 ) عن عبد الله بن وهب , أخبرنا ابن
لهيعة عن مشرح بن هاعان عن # عقبة # مرفوعا . ثم رواه ( 51 / 1 ) بهذا السند
إلا أنه جعل أبا عشانة مكان مشرح . و هكذا رواه أبو سعيد ابن الأعرابي في "
معجمه " ( 86 / 2 ) عن سعيد بن شرحبيل عن ابن لهيعة . قلت : و هذا إسناد جيد ,
لأن رواية ابن وهب عن ابن لهيعة صحيحة كما هو معلوم . ثم إن كلا من مشرح بن
هاعان أو أبي عشانة - و اسمه حي بن يومن - صالح الحديث , فلا يضره أنه مرة جاء
عن هذا , و مرة عن هذا , لأنه انتقال من ثقة إلى ثقة , و الثاني أوثق من الأول
, و لعل كونه الثاني أرجح لرواية سعيد بن شرحبيل عن ابن لهيعة عنه , فإن ابن
شرحبيل هذا صدوق من رجال البخاري . و يؤيده رواية قتيبة بن سعيد : حدثنا ابن
لهيعة عن أبي عشانة به . أخرجه أحمد ( 4 / 151 ) بلفظ : " إن الله ليعجب .. " .
و كذلك رواه الطبراني في " الكبير " ( 17 / 309 / 853 ) من طريقين عن ابن لهيعة
, أحدهما عن قتيبة . و كذلك رواه كامل : حدثنا ابن لهيعة حدثنا أبو عشانة به .
أخرجه أبو يعلى في " مسنده " ( 1749 ) . و قال ابن أبي عاصم في " السنة " ( 1 /
250 / 571 - الظلال ) : حدثنا هشام بن عمار قال : كتب إلينا ابن لهيعة به . و
كذلك رواه رشدين بن سعد قال : حدثني عمرو بن الحارث عن أبي عشانة به . أخرجه
ابن المبارك في " الزهد " ( 349 ) . و الحديث قال الهيثمي في " المجمع " ( 10 /
270 ) : " رواه أحمد و أبو يعلى و الطبراني , و إسناده حسن " . و رده أخونا
حمدي السلفي في تعليقه على " المعجم " بقوله : " قلت : كلا , ليس أحد من الرواة
عن ابن لهيعة من العبادلة , فهو ضعيف " . و لذلك ضعفه أيضا المعلق على " أبي
يعلى " . قلت : و التضعيف هو الجادة في حديث ابن لهيعة , لكن فاتهما رواية
الروياني إياه من طريق ابن وهب , و هو أحد العبادلة الذين أشار إليهم الأخ
السلفي , فصح الحديث و الحمد لله . و يمكن أن يلحق بالعبادلة قتيبة بن سعيد ,
فقد رواه عن ابن لهيعة كما رأيت , و ذلك لما ذكره الذهبي في ترجمة قتيبة من "
سير أعلام النبلاء " ( 8 / 15 ) من رواية جعفر الفريابي : سمعت بعض أصحابنا
يذكر أنه سمع قتيبة يقول : قال لي أحمد ابن حنبل : أحاديثك عن ابن لهيعة صحاح .
فقلت : لأننا كنا نكتب من كتاب ابن وهب , ثم نسمعه من ابن لهيعة " . قلت : و لا
يناقض هذا ما رواه الأثرم عن أحمد - كما في " التهذيب " - أنه ذكر قتيبة فأثنى
عليه , و قال : هو آخر من سمع من ابن لهيعة " . قلت : و ذلك لأنه كان يعتمد على
كتاب ابن وهب , و ليس على ما يسمعه من ابن لهيعة . و الله أعلم . و يؤيد هذه
الرواية ما ذكره الذهبي أيضا من طريق الآجري عن أبي داود قال : " سمعت قتيبة
يقول : كنا لا نكتب حديث ابن لهيعة إلا من كتب ابن أخيه , أو كتب ابن وهب إلا
ما كان من حديث الأعرج " . ( صبوة ) أي ميل إلى الهوى , و هي المرة منه . "
نهاية " .
2844 " إن رجلا كان يبيع الخمر في سفينة و كان يشوب الخمر بالماء و معه قرد , فأخذ
الكيس فصعد الدقل فجعل يلقي دينارا في البحر و دينارا في السفينة حتى جعله
نصفين " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 826 :
رواه الحربي في " الغريب " ( 5 / 155 / 2 ) : حدثنا موسى حدثنا حماد عن إسحاق
بن أبي طلحة عن أبي صالح عن # أبي هريرة # مرفوعا . قلت : و هذا سند صحيح , و
رواه أحمد ( 2 / 306 و 335 و 407 ) و الحارث في " مسنده " ( 50 / 2 - زوائده )
و البيهقي في " شعب الإيمان " ( 4 / 332 / 5307 ) من طرق عن حماد بن سلمة به .
و للحديث طريقان آخران عن أبي هريرة : أحدهما يرويه عامر بن سيار : حدثنا
سليمان بن أرقم عن الحسن عن أبي هريرة مرفوعا : " لا تشوبوا اللبن للبيع .. " .
ثم ذكر حديث ( المحفلة ) , ثم ذكر حديث الترجمة . أخرجه ابن عدي في " الكامل "
( 3 / 253 ) و من طريقه البيهقي ( 5308 ) و قال : " سليمان بن أرقم ضعيف " . و
الآخر يرويه أحمد بن ملاعب بن حيان : حدثنا صالح بن إسحاق حدثنا يحيى بن كثير
الكاهلي - قال صالح : و كان ثقة , و كان لا بأس به - حدثنا هشام عن ابن سيرين
عنه به . إلا أنه قال : " ثعلب " مكان " قرد " . أخرجه البيهقي أيضا ( 5309 ) .
قلت : و هذا إسناد حسن , أو حسن في الشواهد و المتابعات , فإن رجاله ثقات غير
يحيى بن كثير الكاهلي , فهو مختلف فيه , فقال أبو حاتم : " شيخ " . و قال
النسائي : " ضعيف " . و ذكره ابن حبان في " الثقات " ( 5 / 527 ) و كذا ابن
شاهين ( 354 / 1525 ) و ذكر قول صالح بن إسحاق المذكور في إسناد هذا الحديث . و
تعقبه الحافظ في " التهذيب " بقوله : " كذا قال ! و إنما روى صالح المذكور عن
يحيى بن كثير صاحب البصري , فإن كان ما قاله محفوظا , فيشبه أن يكون روى عنهما
جميعا . لكن لم يذكر ابن أبي حاتم و ابن حبان و غيرهم للكاهلي راويا إلا مروان
" . فأقول : لا أدري ما هو مستند الحافظ فيما ادعاه من حصر رواية صالح المذكور
عن يحيى صاحب البصري - و هو ضعيف اتفاقا , بل تركه بعضهم - إلا أن يكون المستند
أن أصله " تهذيب المزي " ذكر روايته عنه . و جوابي عليه من وجهين . الأول : أن
ذلك لا ينفي أن يكون روى عن الكاهلي أيضا كما أشار هو في آخر كلامه . و الآخر :
أن القاعدة العلمية تقول : المثبت مقدم على النافي , فإذا أثبت شيئا حافظ كابن
شاهين , فلا يصح التعقيب عليه بمثل النفي الذي في كلام الحافظ , و ما أثبته ابن
شاهين هو في رواية البيهقي هذه , و هي صحيحة الإسناد , رجاله كلهم ثقات من شيخه
فمن فوقه إلى يحيى , فإنه قال : أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن الحسن بن محمد
الغضائري حدثنا أبو جعفر محمد بن عمرو الرزاز حدثنا أحمد بن ملاعب بن حيان ,
فهؤلاء الثلاثة كلهم ثقات : 1 - الغضائري , قال الخطيب ( 8 / 34 ) : " كتبنا
عنه , و كان ثقة فاضلا " . و ترجمه الحافظ الذهبي في " السير " ( 17 / 327 ) و
وصفه بـ " الإمام الصالح الثقة " . 2 - أبو جعفر محمد بن عمرو الرزاز , له
ترجمة جيدة في " تاريخ الخطيب " ( 3 / 132 ) برواية جمع من الحفاظ عنه , و قال
: " كان ثقة ثبتا , كتب الناس عنه بانتخاب عمر البصري " . و وصفه الذهبي في
ترجمة ( الأردبيلي ) بـ " مسند بغداد " . 3 - و أما أحمد بن ملاعب بن حيان ,
فهو من الحفاظ المعروفين , ترجمه الخطيب ( 5 / 168 - 170 ) ترجمة ضافية , روى
فيها توثيقه عن جمع من الحفاظ منهم عبد الله ابن أحمد و الدارقطني , و وصفه
الذهبي في " تذكرة الحفاظ " و غيره بـ " الحافظ الثقة " . و جملة القول : أن
هذا الإسناد يستشهد به على الأقل , فإنه مؤيد لما قبله , فيؤخذ منه ما وافقه ,
و يترك ما خالفه و تفرد به كقوله : " الثعلب " مكان " القرد " و الله أعلم . و
الحديث أورده المنذري في " الترغيب " ( 3 / 23 ) و قال : " رواه الطبراني في "
معجمه الكبير " , و رواه البيهقي أيضا , و لا أعلم في رواته مجروحا , و روي عن
الحسن مرسلا " . ثم ذكر الروايتين بالإسنادين الآخرين , و لم يتكلم عليهما ! (
الدقل ) : خشبة يمد عليها شراع السفينة , و تسميها البحرية : " الصاري " . (
المحفلة ) : الشاة , أو البقرة , أو الناقة , لا يحلبها صاحبها أياما حتى يجتمع
لبنها في ضرعها , فإذا احتلبها المشتري حسبها غزيرة فيزيد في ثمنها !
2845 " إن رجلا من بني إسرائيل سأل رجلا أن يسلفه ألف دينار , فقال له : ائتني
بشهداء أشهدهم عليك , فقال : كفى بالله شهيدا . قال : فائتني بكفيل . قال : كفى
بالله كفيلا . قال : صدقت . قال : فدفع إليه ألف دينار إلى أجل مسمى فخرج في
البحر و قضى حاجته و جاء الأجل الذي أجل له , فطلب مركبا فلم يجده فأخذ خشبة
فنقرها فأدخل فيها ألف دينار , و كتب صحيفة إلى صاحبها ثم زجج موضعها , ثم أتى
بها البحر فقال : اللهم إنك قد علمت أني استسلفت من فلان ألف دينار فسألني
شهودا و سألني كفيلا , فقلت : كفى بالله كفيلا فرضي بك و قد جهدت أن أجد مركبا
أبعث إليه بحقه فلم أجد و إني استودعتكها , فرمى بها في البحر ! فخرج الرجل
الذي كان أسلفه ينظر لعل مركبا يقدم بماله فإذا هو بالخشبة التي فيها المال ,
فأخذها حطبا فلما كسرها وجد المال و الصحيفة فأخذها , فلما قدم الرجل قال له :
إني لم أجد مركبا يخرج , فقال : إن الله قد أدى عنك الذي بعثت به في الخشبة ,
فانصرف بالألف راشدا " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 829 :
أخرجه أحمد ( 2 / 348 ) و من طريقه الأصفهاني في " الترغيب " ( ص 610 - مصورة
الجامعة الإسلامية ) عن يونس بن محمد عن الليث : حدثنا جعفر بن ربيعة عن عبد
الرحمن بن هرمز عن # أبي هريرة # رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين , و
قد علقه البخاري في أماكن من " صحيحه " ( 1498 و 2063 و 2291 و 2404 و 2430 و
2734 و 6261 ) بصيغة الجزم : " و قال الليث .. " , و قد وصله في رواية أبي ذر و
أبي الوقت فقال : حدثنا عبد الله بن صالح : حدثني الليث .. كما في " الفتح " (
4 / 470 ) و علق طرفا منه في المكان الأخير المشار إليه , فقال : و قال عمر بن
أبي سلمة عن أبيه عن أبي هريرة . و وصله في " الأدب المفرد " ( 1128 ) و ابن
حبان ( 6453 - الإحسان ) و هذا ضعيف , عمر بن أبي سلمة هو الزهري القاضي , قال
الحافظ في " التقريب " : " صدوق يخطىء " . و قال الذهبي في " المغني " : " ضعفه
ابن معين , و قال النسائي و غيره : ليس بالقوي " . قلت : فمثله لا يحتج به , و
إنما في المتابعات و الشواهد , و قد خالف هنا الرواية الأولى الصحيحة في مواضع
منها قوله : " ستمائة دينار " مكان الألف . و زاد في آخره , فقال : " قال أبو
هريرة : فلقد رأيتنا يكثر مراؤنا و لغطنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم
بيننا أيهما آمن " . و غفل عن هذا كله المعلق على " الإحسان / المؤسسة " ( 14 /
409 ) , فزعم أن إسناده حسن ! و هو إلى ذلك لم يتنبه إلى النكارات التي وقعت
فيه ! و لعله لذلك لم يورده الهيثمي في " الموارد " , و قد استدركته عليه في "
ضعيف الموارد " . و على عكس هذا فقد ضعف بعضهم رواية البخاري الموصولة بعبد
الله بن صالح , و يعرف الجواب من تخريج أحمد من طريق غيره . و انظر تعليقي على
" مختصر البخاري " ( 2 / 20 ) .
2846 " إن " عليك السلام " تحية الميت , إن " عليك السلام " تحية الميت ( ثلاثا )
إذا لقي الرجل أخاه المسلم فليقل : السلام عليكم و رحمة الله " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 831 :
أخرجه الترمذي ( 2 / 120 ) من طريق خالد الحذاء عن أبي تميمة الهجيمي عن رجل من
قومه قال : طلبت النبي صلى الله عليه وسلم فلم أقدر عليه , فجلست , فإذا نفر هو
فيهم و لا أعرفه , و هو يصلح بينهم , فلما فرغ قام معه بعضهم فقالوا : يا رسول
الله ! فلما رأيت ذلك قلت : عليك السلام يا رسول الله , عليك السلام يا رسول
الله , عليك السلام يا رسول الله , قال : فذكر الحديث , ثم رد علي النبي صلى
الله عليه وسلم قال : " و عليك و رحمة الله , و عليك و رحمة الله , و عليك و
رحمة الله " . و قال : " حديث حسن صحيح " . و رواه الحاكم ( 4 / 186 ) من طريق
أبي السليل عن أبي تميمة عن جابر بن سليم الهجيمي قال : لقيت رسول الله صلى
الله عليه وسلم في بعض طرق المدينة و عليه إزار من قطن منتشر الحاشية , فقلت :
عليك السلام يا محمد , أو يا رسول الله ! فقال : " عليك السلام تحية الميت ,
عليك السلام تحية الميت , عليك السلام تحية الميت , سلام عليكم , سلام عليكم ,
سلام عليكم " , أي هكذا فقل , قال : فسألته عن الإزار فأقنع ظهره و أخذ بمعظم
ساقه فقال : ههنا , فإن أبيت فههنا فوق الكعبين , فإن أبيت فإن الله لا يحب كل
مختال فخور " . و قال : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي , و هو كما قالا . و
للحديث شاهد مرسل من رواية قتادة : أن رجلا سلم على النبي صلى الله عليه وسلم
فقال : عليك السلام يا رسول الله ! فكره ذلك النبي صلى الله عليه وسلم , و قال
: " تيك تحية الموتى " . أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 8 / 617 ) بإسناد
صحيح عنه .
2847 " إن عليك من الحق أن تعدل بين ولدك كما عليهم من الحق أن يبروك " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 832 :
أخرجه الطيالسي ( ص 107 رقم 789 ) : حدثنا شعبة عن مجالد عن الشعبي عن #
النعمان بن بشير # : أن أباه نحله نحلا , فأراد أن يشهد النبي صلى الله عليه
وسلم فقال : " كل ولدك نحلت كما نحلته ? " , فقال : لا , قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم : فذكره . و رجاله ثقات رجال الشيخين غير مجالد , و هو ابن سعيد
و ليس بالقوي , و قد تغير في آخر عمره , و روى له مسلم مقرونا , إلا أنه قد
توبع على هذا الحديث في المعنى , فرواه مسلم ( 5 / 66 ) و البخاري في " الأدب
المفرد " ( 16 ) و ابن ماجه ( 2 / 67 ) و أحمد ( 4 / 269 و 270 ) عن داود بن
أبي هند عن الشعبي به بلفظ : انطلق بي أبي يحملني إلى رسول الله صلى الله عليه
وسلم فقال : يا رسول الله ! أشهد أني قد نحلت النعمان كذا و كذا من مالي , فقال
: " أكل بنيك قد نحلت ما نحلت النعمان ? " . قال : لا , قال : " فأشهد على هذا
غيري ! " . ثم قال : " أيسرك أن يكونوا إليك في البر سواء ? " . قال : بلى ,
قال : " فلا إذن " . و قد ورد في هذه القصة ألفاظ أخرى منها : " اتقوا الله , و
اعدلوا في أولادكم " . أخرجه البخاري ( 3 / 134 ) و مسلم , و غيرهما بزيادة : "
فرجع أبي فرد تلك الصدقة " . و قد خرجت بعض ألفاظه في " غاية المرام " ( 272 -
273 ) و " الإرواء " ( 1547 ) .
2848 " إن خير عباد الله من هذه الأمة الموفون المطيبون " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 833 :
رواه أبو محمد المخلدي في " الفوائد " ( 4 / 241 / 2 ) عن أحمد بن محمد بن
الحجاج بن رشدين المصري : حدثني خالد بن عبد السلام أخبرنا ابن وهب قال : حدثني
قرة بن عبد الرحمن و عبد الله بن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن ابن شهاب عن
عروة بن الزبير عن # أبي حميد الساعدي # مرفوعا . و فيه قصة . قلت : و هذا
إسناد لا بأس به لولا أن ابن رشدين فيه كلام , و شيخه خالد بن عبد السلام لم
أجده <1> , و قد تابعه غير واحد لكنهم لم يذكروا ابن لهيعة في إسناده . أخرجه
البزار ( 1308 ) و الطبراني في " المعجم الصغير " و قد تكلمت عليه في " الروض
النضير " ( رقم 937 ) . و له شاهد من حديث عائشة أخرجه أحمد ( 6 / 268 ) و
العقيلي في " الضعفاء " ( 432 ) عن مرجى بن رجاء عن هشام بن عروة عن أبيه عنها
, و قال : " مرجى بن يحيى قال ابن معين : " ضعيف " , و هذا يروى بغير هذا
الإسناد من طريق صالح " . قلت : يشير إلى رواية أحمد في " المسند " ( 6 / 268 -
269 ) قال : حدثنا يعقوب قال : حدثنا أبي عن ابن إسحاق قال : حدثني هشام بن
عروة به عنها قالت : ابتاع رسول الله صلى الله عليه وسلم من رجل من الأعراب
جزورا أو جزائر بوسق من تمر الذخرة و تمر الذخرة العجوة فرجع به رسول الله صلى
الله عليه وسلم إلى بيته , و التمس له التمر , فلم يجده , فخرج إليه رسول الله
صلى الله عليه وسلم فقال له : " يا عبد الله ! إنا قد ابتعنا منك جزورا - أو
جزائر - بوسق من تمر الذخرة , فالتمسناه , فلم نجده " , قال فقال الأعرابي :
واغدراه ! قالت : فنهمه الناس , و قالوا : قاتلك الله أيغدر رسول الله صلى الله
عليه وسلم ? فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " دعوه , فإن لصاحب الحق
مقالا " . فردد ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتين أو ثلاثا , فلما رآه لا
يفقه عنه قال لرجل من أصحابه : " اذهب إلى خولة بنت حكيم بن أمية , فقل لها :
إن رسول الله يقول لك : إن كان عندك وسق من تمر الذخرة فأسلفيناه حتى نؤديه
إليك إن شاء الله .. الحديث , و في آخره حديث الترجمة , و قد مضى برقم ( 2677 )
برواية أحمد هذه فقط , مع الإشارة إلى أن بعضه في " الصحيحين " , و هنا فوائد
لم تذكر هناك . و هذا إسناد حسن كما بينت هناك , و قواه المنذري ( 3 / 40 ) . و
له شاهد من حديث أبي سعيد بنحوه . أخرجه ابن ماجه ( 2426 ) بسند جيد , و صححه
البوصيري , و آخر من حديث عبد الله ابن أبي سفيان عند الطبراني , و وقع في "
الترغيب " : " عبد الله ابن مسعود " , و هو خطأ من الطابع أو الناسخ . ( فنهمه
الناس ) : أي زجروه , يقال : نهم الإبل إذا زجرها و صاح بها لتمضي .
-----------------------------------------------------------
[1] هذا قبل وقوفي على كتاب ابن أبي حاتم منذ نحو أربعين سنة , فقد ذكره فيه (
3 / 342 ) و قال : " روى عنه الربيع بن سليمان الجيزي و أبي و قال : صالح
الحديث " . اهـ .
2849 " إن خيار عباد الله من هذه الأمة الذين إذا رؤوا ذكر الله تعالى , و إن شرار
عباد الله من هذه الأمة المشاؤون بالنميمة المفرقون بين الأحبة الباغون للبراء
العنت " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 835 :
رواه الخرائطي في " مساوىء الأخلاق " ( ج 2 / 6 / 1 ) : حدثنا أحمد بن موسى
المعدل البزار حدثنا داود بن مهران حدثنا مروان بن معاوية عن محمد بن أبي موسى
: أخبرني هبيرة بن عبد الرحمن : أخبرني عبد الرحمن بن غنم : حدثنا # أبو مالك
الأشعري # مرفوعا . قلت : و هذا إسناد ضعيف , هبيرة بن عبد الرحمن لم يوثقه غير
ابن حبان ( 5 / 511 ) . و محمد بن أبي موسى لم أعرفه . و انظر " الجرح " ( 4 /
1 / 84 ) . و له شاهد من حديث شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد مرفوعا نحوه .
رواه , البخاري في " الأدب المفرد " ( 323 ) و أبو الشيخ في " التوبيخ " ( 217
) و الخرائطي أيضا , و أحمد ( 6 / 459 ) و الأصبهاني في " الترغيب " ( 1 / 107
/ 189 ) . و في رواية أخرى لأحمد ( 4 / 227 ) عن شهر عن عبد الرحمن بن غنم
مرفوعا . رواه البيهقي في " الشعب " ( 300 / 2 ) من حديث ابن عمر مرفوعا . و
فيه ابن لهيعة , و هو ضعيف . شاهد ثان , أخرجه الهيثم بن كليب في مسنده ( 159 /
2 ) عن يزيد بن ربيعة عن يزيد ابن أبي مالك عن الأزهر عن عبادة بن الصامت به .
قلت : و هذا إسناد ضعيف . يزيد بن ربيعة متروك , و من طريقه رواه الطبراني كما
في " المجمع " , فهو مما لا يفرح و لا يستشهد بروايته . لكن للشطر الأول شاهد
من حديث ابن عباس و غيره , تقدم تخريجه برقم ( 1646 ) . و للشطر الآخر شاهد من
حديث أبي هريرة مرفوعا . أخرجه الطبراني في " المعجم الصغير " و " الأوسط " , و
هو مخرج في " الروض النضير " ( 1084 ) . ثم وجدت للشطر الأول شاهدا آخر , أخرجه
ابن المبارك في " الزهد " ( ق 201 / 2 ) : أبنا المبارك بن فضالة قال : سمعت
الحسن يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن لله عبادا إذا رؤوا ذكر
الله " . و هذا إسناد مرسل حسن . و انظر " الصحيحة " ( 1646 و 1733 ) .
Powered by vBulletin® Version 4.2.0 Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir