مشاهدة النسخة كاملة : السلسلة الصحيحة للالباني
ساجدة لله
2010-10-20, 05:55 AM
.
2850 " إن للإسلام شرة و إن لكل شرة فترة , فإن [ كان ] صاحبهما سدد و قارب فارجوه ,
و إن أشير إليه بالأصابع فلا ترجوه " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 837 :
رواه الطحاوي في " مشكل الآثار " ( 2 / 89 ) و تمام ( 163 / 1 ) عن بكار بن
قتيبة : حدثنا صفوان بن عيسى حدثنا محمد بن عجلان عن القعقاع بن حكيم عن أبي
صالح عن # أبي هريرة # مرفوعا . قلت : و هذا إسناد جيد , رجاله كلهم ثقات على
الخلاف المعروف في ابن عجلان . و بكار بن قتيبة من شيوخ ابن خزيمة , وثقه ابن
حبان ( 8 / 152 ) و له ترجمة جيدة في " تاريخ ابن عساكر " ( 3 / 411 - 415 ) و
كان قاضيا حنفي المذهب . و صفوان بن عيسى , ثقة من رجال مسلم . و تابعه حاتم بن
إسماعيل عن محمد بن عجلان به . أخرجه الترمذي ( 2455 ) و ابن حبان ( 652 ) . و
قال الترمذي : " حسن صحيح غريب " . و للحديث شاهد من رواية ابن إسحاق : حدثني
أبو الزبير المكي عن أبي العباس مولى بني الديل عن عبد الله بن عمرو قال : ذكر
لرسول الله صلى الله عليه وسلم رجال ينصبون في العبادة من أصحابه نصبا شديدا ,
قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تلك ضراوة الإسلام و شرته , و لكل
ضراوة شرة , و لكل شرة فترة , فمن كانت فترته إلى الكتاب و السنة فلأم <1> ما
هو , و من كانت فترته إلى معاصي الله , فذلك الهالك " . أخرجه أحمد ( 2 / 165 )
. قلت : و هذا إسناد حسن , صرح فيه ابن إسحاق بالتحديث . و للحديث طريق أخرى من
رواية مجاهد عن مجاهد نحوه . أخرجه أحمد و صححه ابن حبان , و هو مخرج في " ظلال
الجنة " ( 51 ) . و أخرجه البزار ( 1 / 347 / 724 ) من طريق جرير عن مسلم عن
مجاهد عن ابن عباس قال : كانت مولاة للنبي صلى الله عليه وسلم تصوم النهار و
تقوم الليل فقيل له : إنها تصوم النهار و تقوم الليل , فقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : " إن لكل عمل شرة .. " الحديث , و قال البزار : " تفرد به مسلم " .
قلت : و هو في نقدي : مسلم بن كيسان الملائي الأعور : و هو ضعيف . و قد خالف
فجعل ابن عباس مكان ابن عمرو , لكنه في الشواهد لا بأس به .
-----------------------------------------------------------
[1] أي قصد الطريق المستقيم . انظر " النهاية " . اهـ .
2851 " إن من الشعر حكمة " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 838 :
أخرجه البخاري في " صحيحه " ( 7 / 107 ) و في " الأدب المفرد " ( 124 و 125 ) و
أبو داود ( 2 / 315 ) و الدارمي ( 2 / 296 - 297 ) و ابن ماجه ( 2 / 410 ) و
الطيالسي ( ص 76 رقم 556 ) و أحمد ( 3 / 456 و 5 / 125 ) عن عبد الله بن الأسود
ابن عبد يغوث عن # أبي بن كعب # مرفوعا . و له طريق أخرى عند الطيالسي رقم (
557 ) : حدثنا شعبة عن الحكم عن مجاهد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبي مرفوعا
. و هذا إسناد صحيح على شرط الستة . و له شاهد عن ابن مسعود بهذا اللفظ . رواه
الترمذي ( 2 / 138 ) و قال : " غريب " . قلت : و سنده حسن . ثم قال : " و روي
من غير هذا الوجه عن ابن مسعود مرفوعا " . و له شاهد ثان أقوى منه , يرويه
سفيان بن عيينة عن الزهري عن عروة عن عائشة مرفوعا به . أخرجه البزار ( 3 / 3 /
2301 - كشف الأستار ) : حدثنا نهشل بن كثير الباهلي حدثنا سفيان بن عيينة به .
قلت : و هذا إسناد صحيح , رجاله ثقات رجال الشيخين غير ( نهشل ) هذا , و قد
وثقه ابن حبان كما يأتي , و أخرجه في " الثقات " فقال : حدثنا محمد بن المسيب :
حدثنا نهشل بن كثير به , ذكره في ترجمة ( نهشل ) هذا , و قال : ( 9 / 221 ) : "
شيخ . حدثنا عنه ابن خزيمة , لم أر في حديثه شيئا ينكر إلا حديثا واحدا ... "
ثم ساق هذا الحديث . و أتبعه بقوله : " و قد وافقه عليه الهيثم بن جميل عن ابن
عيينة " . قلت : و الهيثم ثقة من رجال البخاري , فليس الحديث بمنكر إذن , و
لاسيما و قد أتبعه في " الكشف " ( 1202 ) بطريق آخر من رواية زمعة عن الزهري به
. ثم ( 1203 ) من طريق هشام بن عروة عن أبيه به . و إسناده صحيح . و له شاهد
ثالث و هو : " إن من الشعر حكما .. و إن من البيان سحرا " . أخرجه البخاري في "
الأدب المفرد " ( 125 - 126 ) و أبو داود ( 2 / 315 ) و الترمذي ( 2 / 138 ) و
ابن ماجه ( 2 / 410 ) و الطيالسي ( ص 348 رقم 2670 ) و أحمد ( 1 / 269 و 303 و
309 و 313 و 327 و 332 ) من طريق سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا . و
ليس عند ابن ماجه الجملة الثانية و كذلك الترمذي و قال : " حديث حسن صحيح " . و
سببه أن أعرابيا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فتكلم بكلام بين , فذكره . (
تنبيه ) حديث أبي وقع في " صحيح الجامع و زيادته " معزوا لمسلم أيضا . و كذا
وقع في نسخة الظاهرية المخطوطة من " الزيادة " على " الجامع الصغير " , و هو
خطأ , و على الصواب وقع في " الجامع الكبير " ( 7136 ) , و لم يعزه المزي في "
تحفته " لمسلم , و لا جاء ذكره في " فهرسته " الذي وضعه عبد الباقي في آخر
المجلد الخامس من " مسلم " .
2852 " إن للموت فزعا " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 840 :
رواه ابن خزيمة في " حديث علي بن حجر " ( ج 3 رقم 35 ) و الحاكم ( 1 / 356 ) عن
العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه أنه شهد جنازة صلى عليها مروان بن الحكم , فذهب
أبو هريرة مع مروان حتى جلسا في المقبرة , فجاء # أبو سعيد الخدري # فقال
لمروان : أرني يدك , فأعطاه يده , فقال : قم , فقام , ثم قال مروان لأبي سعيد :
لم أقمتني ? قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى جنازة قام حتى يمر
بها , و قال : ( فذكره ) , فقال مروان : أصدق يا أبا هريرة ? قال : نعم , قال :
فقال : ما منعك أن تحدثني ? و قال : كنت إماما فجلست فجلست . قلت : و سنده صحيح
على شرط مسلم . و كذا قال الحاكم . و وافقه الذهبي . و إنما آثرت تخريج الحديث
هنا مع أنه تقدم تخريجه مختصرا برقم ( 2017 ) من رواية ابن ماجه و أحمد , لما
في هذه الرواية من تصديق أبي هريرة لأبي سعيد , و تقدم هناك تخريجه من حديث
جابر برواية مسلم و غيره , و أزيد هنا فأقول : رواه عبد بن حميد أيضا في "
المنتخب من مسنده " ( ق 151 / 2 ) و ابن حبان ( 3939 - الإحسان ) و ابن عدي ( ق
188 / 2 ) . و قد روي الحديث بزيادة في متنه بلفظ : " إن للموت فزعا , فإذا أتى
أحدكم وفاة أخيه فليقل : *( إنا لله و إنا إليه راجعون )* , *( و إنا إلى ربنا
لمنقلبون )* , اللهم اكتبه في المحسنين , و اجعل كتابه في عليين , و اخلف عقبه
في الآخرين , اللهم لا تحرمنا أجره , و لا تفتنا بعده " . رواه الطبراني ( 3 /
163 / 1 ) من طريقين عن قيس بن الربيع عن أبي هاشم الرماني عن سعيد بن جبير عن
ابن عباس مرفوعا . قلت : و هذا إسناد ضعيف , قيس بن الربيع , قال في " التقريب
" : " صدوق , تغير لما كبر , أدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه , فحدث به " . لكن
حديثه هذا لا بأس به كشاهد لحديث الترجمة , و سائره غالبه له شاهد في مسلم ( 3
/ 37 - 38 و 39 ) و غيره . و هو مخرج في " أحكام الجنائز " ( ص 12 و 23 ) . و
جملة : " اللهم لا تحرمنا أجره .. " إلخ ثبتت في حديث أبي هريرة فيما كان يقول
صلى الله عليه وسلم إذا صلى على جنازة عند أبي داود , و ابن حبان ( 756 - موارد
) و هو مخرج في " الأحكام " ( ص 124 ) .
2853 " إن لله ملائكة سياحين في الأرض يبلغوني عن أمتي السلام " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 842 :
أخرجه النسائي ( 1 / 189 ) و ابن حبان ( 1392 ) و الحاكم ( 2 / 421 ) و كذا
الدارمي ( 2 / 317 ) و أحمد ( 1 / 441 و 452 ) و ابن المبارك في " الزهد " ( ق
/ 204 / 2 ) و القاضي إسماعيل في " فضل الصلاة على النبي " ( رقم 21 ) و عنه
ابن النجار في " تاريخ المدينة " صفحة ( 398 ) و ابن أبي شيبة في " المصنف " (
2 / 135 / 2 ) و ابن الديباجي في " الفوائد المنتقاة " ( 2 / 80 / 2 ) و
الطبراني في " الكبير " ( 3 / 81 / 2 ) و أبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 5 /
205 ) و ابن عساكر في " تاريخ دمشق " ( 9 / 189 / 2 ) من طرق عن سفيان الثوري و
قرن به بعضهم الأعمش , كلاهما عن عبد الله بن السائب عن زاذان عن # عبد الله بن
مسعود # مرفوعا , و قال الحاكم : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي , و صححه
أيضا ابن القيم في " جلاء الأفهام " ( صفحة 27 ) . و هو كما قالوا . و له شاهد
يرويه أبو يحيى عن مجاهد عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" إن لله ملائكة سياحين في الأرض يبلغوني من أمتي : فلان سلم عليك و يصلي عليك
, فلان يصلي عليك و سلم عليك " . أخرجه ابن عدي في " الكامل " ( 3 / 238 ) في
ترجمة أبي يحيى هذا , و هو القتات , و ختم ترجمته بقوله : " في حديثه بعض ما
فيه , إلا أنه يكتب حديثه " . يشير إلى أنه صالح للاستشهاد به . و نحوه قول
الحافظ في " التقريب " : " لين الحديث " .
2854 " إن مثل الذي يعمل السيآت ثم يعمل الحسنات كمثل رجل كانت عليه درع ضيقة قد
خنقته , ثم عمل حسنة فانفكت حلقة , ثم عمل حسنة أخرى فانفكت حلقة أخرى حتى يخرج
إلى الأرض " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 843 :
أخرجه الإمام أحمد ( 4 / 145 ) من طريق عبد الله بن المبارك قال : أنبأنا ابن
لهيعة قال : حدثني يزيد بن أبي حبيب قال : حدثنا أبو الخير أنه سمع # عقب بن
عامر # يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ... قلت : و هذا إسناد رجاله
ثقات إلا أن ابن لهيعة سيىء الحفظ , لكنه من رواية ابن المبارك عنه , و هي
صحيحة كما تقدم مرارا . و من هذا الوجه أخرجه البغوي في " شرح السنة " ( 14 /
339 / 4149 ) و قد توبع فيما يظهر , فقد قال الهيثمي ( 10 / 201 - 202 ) : "
رواه أحمد و الطبراني , و أحد إسنادي الطبراني رجاله رجال الصحيح " . و سبقه
إلى ذلك المنذري فقال ( 4 / 79 ) : " رواه أحمد و الطبراني بإسنادين , رواة
أحدهما رواة الصحيح " . ثم رأيته في " معجم الطبراني الكبير " ( 17 / 284 / 783
) من طريق سعيد ابن عفير : حدثنا ابن لهيعة به . ثم رواه ( رقم 784 ) من طريق
يحيى بن أيوب عن يزيد بن أبي حبيب به . قلت : فهذه متابعة قوية من يحيى بن أيوب
, و هو الغافقي , و هو ثقة من رجال الشيخين .
2855 " إنك إذا فعلت ذلك هجمت عيناك و نفهت نفسك . يعني صوم الدهر و قيام الليل " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 844 :
ذكره أبو عبيد في " الغريب " ( 4 - 5 ) معلقا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه
قال لعبد الله بن عمرو بن العاص و ذكر قيام الليل و صيام النهار , فقال : فذكره
قلت : و هو قطعة من حديث صحيح , يرويه أبو العباس المكي سمع # عبد الله بن عمرو
# رضي الله عنهما قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا عبد الله
بن عمرو ! إنك لتصوم الدهر , و تقوم الليل , و إنك إذا فعلت ذلك هجمت له العين
, و نهكت ( و في رواية : و نفهت له النفس ) , لا صام من صام الأبد , صوم ثلاثة
أيام من الشهر صوم الشهر كله " . قلت : فإني أطيق أكثر من ذلك . قال : " فصم
صوم داود , كان يصوم يوما و يفطر يوما , و لا يفر إذا لاقى " . أخرجه البخاري (
1979 ) و مسلم ( 3 / 164 - 165 ) و النسائي ( 1 / 326 ) و أحمد ( 2 / 188 - 189
) . ( هجمت ) أي : غارت أو ضعفت لكثرة السهر . ( نهكت ) أي : هزلت و ضعفت . (
نفهت ) أي : تعبت و كلت " فتح " .
2856 " إن هذا الأمر في قريش لا يعاديهم أحد إلا كبه الله على وجهه ما أقاموا الدين
" .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 845 :
أخرجه البخاري ( 6 / 416 و 13 / 99 ) و الدارمي ( 2 / 242 ) و ابن أبي عاصم في
" السنة " ( 1112 ) و أحمد ( 4 / 94 ) و الطبراني ( 19 / 337 و 779 - 81 / 3 )
من طريق الزهري قال : كان محمد بن جبير بن مطعم يحدث أنه بلغ معاوية - و هم
عنده في وفد من قريش - أن عبد الله بن عمرو يحدث أنه سيكون ملك من قحطان , فغضب
فقام فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال : أما بعد فإنه بلغني أن رجالا منكم
يحدثون أحاديث ليست في كتاب الله , و لا تؤثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
, و أولئك جهالكم , فإياكم و الأماني التي تضل أهلها , إني سمعت رسول الله صلى
الله عليه وسلم يقول : فذكر الحديث . قوله : ( ما أقاموا الدين ) أي : مدة
إقامتهم أمور الدين , و مفهومه أنهم إذا لم يقيموا الدين خرج الأمر عنهم , و في
ذلك أحاديث أخرى تقدم أحدها ( 1552 ) و انظر الآتي بعده . و إليها أشار الحافظ
في شرحه لهذا الحديث بقوله ( 13 / 117 ) : " و يؤخذ من بقية الأحاديث أن خروجه
عنهم إنما يقع بعد إيقاع ما هددوا به من الله أولا , و هو الموجب للخذلان و
فساد التدبير , و قد وقع ذلك في صدر الدولة العباسية , ثم التهديد بتسليط من
يؤذيهم عليهم , و وجد ذلك في غلبة مواليهم حيث صاروا معهم كالصبي المحجور عليه
, يقتنع بلذاته و يباشر الأمور غيره , ثم اشتد الخطب فغلب عليهم الديلم ,
فضايقوهم في كل شيء حتى لم يبق للخليفة إلا الخطبة , و اقتسم المتغلبون الممالك
في جميع الأقاليم , ثم طرأ عليهم طائفة بعد طائفة , حتى انتزع الأمر منهم في
جميع الأقطار , و لم يبق للخليفة إلا مجرد الاسم في بعض الأمصار " . قلت : ما
أشبه الليلة بالبارحة , بل الأمر أسوأ , فإنه لا خليفة اليوم لهم , لا اسما و
لا رسما , و قد تغلبت اليهود و الشيوعيون و المنافقون على كثير من البلاد
الإسلامية . فالله تعالى هو المسؤول أن يوفق المسلمين أن يأتمروا بأمره في كل
ما شرع لهم , و أن يلهم الحكام منهم أن يتحدوا في دولة واحدة تحكم بشريعته ,
حتى يعزهم الله في الدنيا , و يسعدهم في الآخرة , و إلا فالأمر كما قال تعالى :
*( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم )* , و تفسيرها في الحديث
الصحيح : " إذا تبايعتم بالعينة , و أخذتم أذناب البقر , و رضيتم بالزرع و
تركتم الجهاد في سبيل الله , سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى
دينكم " <1> , فإلى دينكم أيها المسلمون حكاما و محكومين .
-----------------------------------------------------------
[1] و قد سبق تخريجه في هذا الكتاب برقم ( 11 ) . اهـ .
2857 " إنكم إن شهدتم أن لا إله إلا الله و أقمتم الصلاة و آتيتم الزكاة و فارقتم
المشركين و أعطيتم من الغنائم الخمس و سهم النبي صلى الله عليه وسلم , و الصفي
- و ربما قال : و صفيه - فأنتم آمنون بأمان الله و أمان رسوله " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 847 :
أخرجه البيهقي ( 6 / 303 و 9 / 13 ) و أحمد ( 5 / 78 ) و الخطابي في " غريب
الحديث " ( 4 / 236 ) من طريق مرة بن خالد : حدثنا يزيد بن عبد الله بن الخير
قال : بينا نحن بالمربد إذ أتى علينا أعرابي شعث الرأس , معه قطعة أديم أو قطعة
جراب , فقلنا : كأن هذا ليس من أهل البلد , فقال : أجل , هذا كتاب كتبه لي رسول
الله عليه وسلم , فقال القوم : هات , فأخذته فقرأته فإذا فيه : بسم الله الرحمن
الرحيم : هذا كتاب من محمد النبي رسول الله لبني زهير بن أقيش - قال أبو العلاء
: و هم حي من عكل - : إنكم إن شهدتم ... الحديث . و اللفظ للبيهقي . و هذا
إسناد صحيح على شرط الشيخين و جهالة الصحابي لا تضر كما تقرر . و رواه أحمد ( 5
/ 77 ) من طريق عبد الرزاق ( 4 / 300 / 7877 ) عن الجريري عن أبي العلاء ابن
الشخير به نحوه . ( الصفي ) : ما كان صلى الله عليه وسلم يصطفيه و يختاره من
عرض المغنم من فرس أو غلام أو سيف , أو ما أحب من شيء , و ذلك من رأس المغنم
قبل أن يخمس , كان صلى الله عليه وسلم مخصوصا بهذه الثلاث ( يعني المذكورة في
الحديث : الخمس و السهم و الصفي ) عقبة و عوضا عن الصدقة التي حرمت عليه . قاله
الخطابي . قلت : في هذا الحديث بعض الأحكام التي تتعلق بدعوة الكفار إلى
الإسلام , من ذلك : أن لهم الأمان إذا قاموا بما فرض الله عليهم , و منها : أن
يفارقوا المشركين و يهاجروا إلى بلاد المسلمين . و في هذا أحاديث كثيرة , يلتقي
كلها على حض من أسلم على المفارقة , كقوله صلى الله عليه وسلم : " أنا بريء من
كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين , لا تتراءى نارهما " , و في بعضها أن النبي
صلى الله عليه وسلم اشترط على بعضهم في البيعة أن يفارق المشرك . و في بعضها
قوله صلى الله عليه وسلم : " لا يقبل الله عز وجل من مشرك بعد ما أسلم عملا ,
أو يفارق المشركين إلى المسلمين " . إلى غير ذلك من الأحاديث , و قد خرجت بعضها
في " الإرواء " ( 5 / 29 - 33 ) و فيما تقدم برقم ( 636 ) . و إن مما يؤسف له
أشد الأسف أن الذين يسلمون في العصر الحاضر - مع كثرتهم و الحمد لله - لا
يتجاوبون مع هذا الحكم من المفارقة , و هجرتهم إلى بلاد الإسلام , إلا القليل
منهم , و أنا أعزو ذلك إلى أمرين اثنين : الأول : تكالبهم على الدنيا , و تيسر
وسائل العيش و الرفاهية في بلادهم بحكم كونهم يعيشون حياة مادية ممتعة , لا روح
فيها , كما هو معلوم , فيصعب عليهم عادة أن ينتقلوا إلى بلد إسلامي قد لا تتوفر
لهم فيه وسائل الحياة الكريمة في وجهة نظرهم . و الآخر - و هو الأهم - : جهلهم
بهذا الحكم , و هم في ذلك معذورون , لأنهم لم يسمعوا به من أحد من الدعاة الذين
تذاع كلماتهم مترجمة ببعض اللغات الأجنبية , أو من الذين يذهبون إليهم باسم
الدعوة لأن أكثرهم ليسوا فقهاء و بخاصة منهم جماعة التبليغ , بل إنهم ليزدادون
لصوقا ببلادهم , حينما يرون كثيرا من المسلمين قد عكسوا الحكم بتركهم لبلادهم
إلى بلاد الكفار ! فمن أين لأولئك الذين هداهم الله إلى الإسلام أن يعرفوا مثل
هذا الحكم و المسلمون أنفسهم مخالفون له ?! ألا فليعلم هؤلاء و هؤلاء أن الهجرة
ماضيه كالجهاد , فقد قال صلى الله عليه وسلم : " لا تنقطع الهجرة ما دام العدو
يقاتل " , و في حديث آخر : " لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة , و لا تنقطع
التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها " و هو مخرج في " الإرواء " ( 1208 ) . و مما
ينبغي أن يعلم أن الهجرة أنواع و لأسباب عدة , و لبيانها مجال آخر , و المهم
هنا الهجرة من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام مهما كان الحكام فيها منحرفين عن
الإسلام , أو مقصرين في تطبيق أحكامه , فهي على كل حال خير بما لا يوصف من بلاد
الكفر أخلاقا و تدينا و سلوكا , و ليس الأمر - بداهة - كما زعم أحد الجهلة
الحمقى الهوج من الخطباء : " والله لو خيرت أن أعيش في القدس تحت احتلال اليهود
و بين أن أعيش في أي عاصمة عربية لاخترت أن أعيش في القدس تحت احتلال اليهود "
! و زاد على ذلك فقال ما نصه : " ما أرى إلا أن الهجرة واجبة من الجزائر إلى (
تل أبيب ) " !! كذا قال فض فوه , فإن بطلانه لا يخفى على مسلم مهما كان غبيا !
و لتقريب ما ذكرت من الخيرية إلى أذهان القراء المحبين للحق الحريصين على
معرفته و اتباعه , الذين لا يهولهم جعجعة الصائحين , و صراخ الممثلين , و
اضطراب الموتورين من الحاسدين و الحاقدين من الخطباء و الكاتبين : أقول لأولئك
المحبين : تذكروا على الأقل حديثين اثنين لرسول الله صلى الله عليه وسلم :
أحدهما : " إن الإيمان ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى حجرها " . أخرجه
البخاري و مسلم و غيرهما . و الآخر : " لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق
حتى يأتيهم أمر الله و هم ظاهرون " , و هو حديث صحيح متواتر رواه جماعة من
الصحابة , و تقدم تخريجه عن جمع منهم برقم ( 270 و 1108 و 1955 و 1956 ) , و "
صحيح أبي داود " ( 1245 ) , و في بعضها أنهم " أهل المغرب " أي الشام , و جاء
ذلك مفسرا عند البخاري و غيره عن معاذ , و عند الترمذي و غيره مرفوعا بلفظ : "
إذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم , و لا تزال طائفة من أمتي .. " الحديث . و في
هذه الأحاديث إشارة قوية إلى أن العبرة في البلاد إنما هي بالسكان و ليس
بالحيطان . و قد أفصح عن هذه الحقيقة سلمان الفارسي رضي الله عنه حين كتب أبو
الدرداء إليه : أن هلم إلى الأرض المقدسة , فكتب إليه سلمان : إن الأرض المقدسة
لا تقدس أحدا , و إنما يقدس الإنسان عمله . ( موطأ مالك 2 / 235 ) . و لذلك فمن
الجهل المميت و الحماقة المتناهية - إن لم أقل و قلة الدين - أن يختار خطيب
أخرق الإقامة تحت الاحتلال اليهودي , و يوجب على الجزائريين المضطهدين أن
يهاجروا إلى ( تل أبيب ) , دون بلده المسلم ( عمان ) مثلا , بل و دون مكة و
المدينة , متجاهلا ما نشره اليهود في فلسطين بعامة , و ( تل أبيب ) و ( حيفا )
و ( يافا ) بخاصة من الفسق و الفجور و الخلاعة حتى سرى ذلك بين كثير من
المسلمين و المسلمات بحكم المجاورة و العدوى , مما لا يخفى على من ساكنهم ثم
نجاه الله منهم , أو يتردد على أهله هناك لزيارتهم في بعض الأحيان . و ليس بخاف
على أحد أوتي شيئا من العلم ما في ذاك الاختيار من المخالفة لصريح قوله تعالى
*( إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا : فيم كنتم ? قالوا : كنا
مستضعفين في الأرض , قالوا : ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها ?! فأولئك
مأواهم جهنم و ساءت مصيرا . إلا المستضعفين من الرجال و النساء و الولدان لا
يستطيعون حيلة و لا يهتدون سبيلا . فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم و كان الله
عفوا غفورا , و من يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما ( أي تحولا ) كثيرا
و سعة , و من يخرج من بيته مهاجرا إلى الله و رسوله ثم يدركه الموت فقد وقع
أجره على الله و كان الله غفورا رحيما )* ( النساء 97 - 100 ) . قال الحافظ ابن
كثير في " تفسيره " ( 1 / 542 ) : " نزلت هذه الآية الكريمة عامة في كل من أقام
بين ظهراني المشركين , و هو قادر على الهجرة , و ليس متمكنا من إقامة الدين ,
فهو ظالم لنفسه , مرتكب حراما بالإجماع , و بنص هذه الآية " . و إن مما لا يشك
فيه العالم الفقيه أن الآية بعمومها تدل على أكثر من الهجرة من بلاد الكفر , و
قد صرح بذلك الإمام القرطبي , فقال في " تفسيره " ( 5 / 346 ) : " و في هذه
الآية دليل على هجران الأرض التي يعمل فيها بالمعاصي , و قال سعيد ابن جبير :
إذا عمل بالمعاصي في أرض فاخرج منها , و تلا : *( ألم تكن أرض الله واسعة
فتهاجروا فيها ? )* " . و هذا الأثر رواه ابن أبي حاتم في " تفسيره " ( 2 / 174
/ 1 ) بسند صحيح عن سعيد . و أشار إليه الحافظ في " الفتح " فقال ( 8 / 263 ) :
" و استنبط سعيد بن جبير من هذه الآية وجوب الهجرة من الأرض التي يعمل فيها
بالمعصية " . و قد يظن بعض الجهلة من الخطباء و الدكاترة و الأساتذة , أن قوله
صلى الله عليه وسلم : " لا هجرة بعد الفتح " <1> ناسخ للهجرة مطلقا , و هو جهل
فاضح بالكتاب و السنة و أقوال الأئمة , و قد سمعت ذلك من بعض مدعي العلم من
الأساتذة في مناقشة جرت بيني و بينه بمناسبة الفتنة التي أثارها علي ذلك الخطيب
المشار إليه آنفا , فلما ذكرته بالحديث الصريح في عدم انقطاع التوبة المتقدم
بلفظ : " لا تنقطع الهجرة .. " إلخ .. لم يحر جوابا ! و بهذه المناسبة أنقل إلى
القراء الكرام ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية في الحديثين المذكورين , و أنه لا
تعارض بينهما , فقال في " مجموع الفتاوى " ( 18 / 281 ) : " و كلاهما حق ,
فالأول أراد به الهجرة المعهودة في زمانه , و هي الهجرة إلى المدينة من مكة و
غيرها من أرض العرب , فإن هذه الهجرة كانت مشروعة لما كانت مكة و غيرها دار كفر
و حرب , و كان الإيمان بالمدينة , فكانت الهجرة من دار الكفر إلى دار الإسلام
واجبة لمن قدر عليها , فلما فتحت مكة و صارت دار الإسلام و دخلت العرب في
الإسلام صارت هذه الأرض كلها دار الإسلام , فقال : " لا هجرة بعد الفتح " , و
كون الأرض دار كفر و دار إيمان , أو دار فاسقين ليست صفة لازمة لها : بل هي صفة
عارضة بحسب سكانها , فكل أرض سكانها المؤمنون المتقون هي دار أولياء الله في
ذلك الوقت , و كل أرض سكانها الكفار فهي دار كفر في ذلك الوقت , و كل أرض
سكانها الفساق فهي دار فسوق في ذلك الوقت , فإن سكنها غير ما ذكرنا و تبدلت
بغيرهم فهي دارهم و كذلك المسجد إذا تبدل بخمارة أو صار دار فسق أو دار ظلم أو
كنيسة يشرك فيها بالله كان بحسب سكانه , و كذلك دار الخمر و الفسوق و نحوها إذا
جعلت مسجدا يعبد الله فيه جل وعز كان بحسب ذلك , و كذلك الرجل الصالح يصير
فاسقا و الكافر يصير مؤمنا أو المؤمن يصير كافرا أو نحو ذلك , كل بحسب انتقال
الأحوال من حال إلى حال و قد قال تعالى : *( و ضرب الله مثلا قرية كانت آمنة
مطمئنة )* الآية نزلت في مكة لما كانت دار كفر و هي ما زالت في نفسها خير أرض
الله , و أحب أرض الله إليه , و إنما أراد سكانها . فقد روى الترمذي مرفوعا أنه
قال لمكة و هو واقف بالحزورة : " والله إنك لخير أرض الله , و أحب أرض الله إلى
الله , و لولا قومي أخرجوني منك لما خرجت " <2> , و في رواية : " خير أرض الله
و أحب أرض الله إلي " , فبين أنها أحب أرض الله إلى الله و رسوله , و كان مقامه
بالمدينة و مقام من معه من المؤمنين أفضل من مقامهم بمكة لأجل أنها دار هجرتهم
, و لهذا كان الرباط بالثغور أفضل من مجاورة مكة و المدينة , كما ثبت في الصحيح
: " رباط يوم و ليلة في سبيل الله خير من صيام شهر و قيامه , و من مات مرابطا
مات مجاهدا , و جرى عليه عمله , و أجرى رزقه من الجنة , و أمن الفتان " <3> . و
في السنن عن عثمان عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه قال : " رباط يوم في سبيل
الله خير من ألف يوما فيما سواه من المنازل " <4> . و قال أبو هريرة <5> : لأن
أرابط ليلة في سبيل الله أحب إلي من أن أقوم ليلة القدر عند الحجر الأسود . و
لهذا كان أفضل الأرض في حق كل إنسان أرض يكون فيها أطوع لله و رسوله , و هذا
يختلف باختلاف الأحوال , و لا تتعين أرض يكون مقام الإنسان فيها أفضل , و إنما
يكون الأفضل في حق كل إنسان بحسب التقوى و الطاعة و الخشوع و الخضوع و الحضور ,
و قد كتب أبو الدرداء إلى سلمان : هلم إلى الأرض المقدسة ! فكتب إليه سلمان :
إن الأرض لا تقدس أحدا و إنما يقدس العبد عمله . و كان النبي صلى الله عليه
وسلم قد آخى بين سلمان و أبي الدرداء . و كان سلمان أفقه من أبي الدرداء في
أشياء من جملتها هذا . و قد قال الله تعالى لموسى عليه السلام : *( سأريكم دار
الفاسقين )* و هي الدار التي كان بها أولئك العمالقة , ثم صارت بعد هذا دار
المؤمنين , و هي الدار التي دل عليها القرآن من الأرض المقدسة , و أرض مصر التي
أورثها الله بني إسرائيل , فأحوال البلاد كأحوال العباد فيكون الرجل تارة مسلما
و تارة كافرا , و تارة مؤمنا و تارة منافقا , و تارة برا تقيا و تارة فاسقا , و
تارة فاجرا شقيا . و هكذا المساكن بحسب سكانها , فهجرة الإنسان من مكان الكفر و
المعاصي إلى مكان الإيمان و الطاعة كتوبته و انتقاله من الكفر و المعصية إلى
الإيمان و الطاعة , و هذا أمر باق إلى يوم القيامة , و الله تعالى قال : *( و
الذين آمنوا [ من بعد ] و هاجروا و جاهدوا معكم فأولئك منكم )* [ الأنفال : 75
] . قالت طائفة من السلف : هذا يدخل فيه من آمن و هاجر و جاهد إلى يوم القيامة
, و هكذا قوله تعالى : *( ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا و
صبروا إن ربك من بعدها لغفور رحيم )* [ النحل : 110 ] <6> يدخل في معناها كل من
فتنه الشيطان عن دينه أو أوقعه في معصية ثم هجر السيئات و جاهد نفسه و غيرها من
العدو , و جاهد المنافقين بالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر , و غير ذلك , و
صبر على ما أصابه من قول أو فعل . و الله سبحانه و تعالى أعلم " . فأقول : هذه
الحقائق و الدرر الفرائد من علم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله , يجهلها جهلا
تاما أولئك الخطباء و الكتاب و الدكاترة المنكرون لشرع الله *( و هم يحسبون
أنهم يحسنون صنعا )* , فأمروا الفلسطينيين بالبقاء في أرضهم و حرموا عليهم
الهجرة منها , و هم يعلمون أن في ذلك فساد دينهم و دنياهم , و هلاك رجالهم و
فضيحة نسائهم , و انحراف فتيانهم و فتياتهم , كما تواترت الأخبار بذلك عنهم
بسبب تجبر اليهود عليهم , و كبسهم لدورهم و النساء في فروشهن , إلى غير ذلك من
المآسي و المخازي التي يعرفونها , ثم يتجاهلونها تجاهل النعامة الحمقاء للصياد
! فيا أسفي عليهم إنهم يجهلون , و يجهلون أنهم يجهلون , كيف لا و هم في القرآن
يقرؤون : *( و لو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما
فعلوه إلا قليل منهم )* ! و ليت شعري ماذا يقولون في الفلسطينيين الذين كانوا
خرجوا من بلادهم تارة باسم لاجئين , و تارة باسم نازحين , أيقولون فيهم : إنهم
كانوا من الآثمين , بزعم أنهم فرغوا أرضهم لليهود ?! بلى . و ماذا يقولون في
ملايين الأفغانيين الذين هاجروا من بلدهم إلى ( بشاور ) مع أن أرضهم لم تكن
محتلة من الروس احتلال اليهود لفلسطين ?! و أخيرا .. ماذا يقولون في البوسنيين
الذين لجأوا في هذه الأيام إلى بعض البلاد الإسلامية و منها الأردن , هل يحرمون
عليهم أيضا خروجهم , و يقول فيهم أيضا رأس الفتنة : " يأتون إلينا ? شو بساووا
هون ?! " . إنه يجهل أيضا قوله تعالى : *( و الذين تبوءوا الدار و الإيمان من
قبلهم يحبون من هاجر إليهم , و لا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا و يؤثرون على
أنفسهم و لو كان بهم خصاصة )* , أم هم كما قال تعالى في بعضهم : *( يحلونه عاما
و يحرمونه عاما )* ?!
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا و يأتيك بالأنباء من لم تزود .
-----------------------------------------------------------
[1] متفق عليه , و هو مخرج في" الإرواء " ( 1057 )
[2] إسناده صحيح , و هو مخرج في " المشكاة " ( 2725 ) .
[3] رواه مسلم و غيره , و هو مخرج في " الإرواء " ( 1200 ) .
[4] قلت : و حسنه الترمذي , و صححه الحاكم و الذهبي , و هو مخرج في تعليقي على
" المختارة " ( رقم 307 ) .
[5] بل هو مرفوع , كذلك رواه ابن حبان و غيره بسند صحيح , و هو مخرج في "
الصحيحة " ( 1068 ) .
[6] وقع في هذه الآية خطأ مطبعي في الأصل , كما سقط منه ما بين المعقوفتين في
الآية الأولى . اهـ .
2858 " إن هذا الأمر في قريش ما داموا إذا استرحموا رحموا و إذا حكموا عدلوا و إذا
قسموا أقسطوا , فمن لم يفعل ذلك منهم فعليه لعنة الله و الملائكة و الناس
أجمعين لا يقبل منهم صرف و لا عدل " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 856 :
أخرجه الإمام أحمد ( 4 / 396 ) و البزار ( 2 / 229 / 1582 ) من طريق عوف عن
زياد بن مخراق عن أبي كنانة عن # أبي موسى # قال : قام رسول الله صلى الله عليه
وسلم على باب بيت فيه نفر من قريش , فقام و أخذ بعضاة الباب ثم قال : " هل في
البيت إلا قرشي ? " , قال : فقيل : يا رسول الله غير فلان ابن أختنا , فقال : "
ابن أخت القوم منهم " , ثم قال : فذكره . و أبو كنانة هذا مجهول , و يقال هو
معاوية بن قرة , و لم يثبت كما قال الحافظ في " التقريب " . و الحديث أورده
الهيثمي في " المجمع " ( 5 / 193 ) و قال : " رواه أحمد و البزار و الطبراني ,
و رجال أحمد ثقات " . كذا قال , و قد علمت ما فيه من الجهالة , و إسناد البزار
كإسناد أحمد . و لأبي داود منه : " ابن أخت القوم منهم " و قد سبق ( 776 ) . و
للحديث شواهد يصح بها و يقوى , منها عن أبي سعيد الخدري مثله . أخرجه الطبراني
في " الصغير " ( ص 43 ) , و كذا في " الأوسط " ( 1 / 142 / 2 / 2736 ) , قال في
" المجمع " ( 5 / 194 ) : " و رجاله ثقات " . قلت : هو من رواية معاذ بن عوذ
الله القرشي : حدثنا عوف عن أبي الصديق الناجي عنه . و قال الطبراني : " تفرد
به معاذ بن عوذ الله " . قلت : و لم أجد له ترجمة فيما عندي من الكتب , و لعله
في " ثقات ابن حبان " . ثم رأيته فيه ( 9 / 178 ) و قال : " مستقيم الحديث " .
و بقية رجاله ثقات رجال الستة غير شيخ الطبراني إبراهيم بن عبد الله بن مسلم
الكجي , و هو ثقة إمام . و له شاهد من حديث ابن مسعود و غيره . و قد مضى الكلام
عليه برقم ( 1552 ) .
2859 " إنما النذر ما ابتغي به وجه الله " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 857 :
أخرجه البيهقي ( 10 / 67 ) من طريق عبد الرحمن بن الحارث المخزومي عن #عمرو بن
شعيب عن أبيه عن جده #أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : فذكره . قلت : و هذا
سند حسن إن شاء الله تعالى , فإن عبد الرحمن بن الحارث هذا صدوق له أوهام كما
في " التقريب " . و عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده محتج به كما تقرر عند المحققين
, و قد أوضحت ذلك في " صحيح سنن أبي داود " / الأم ( رقم 124 ) . و الحديث رواه
البيهقي أيضا ( 10 / 75 ) و أحمد ( 2 / 183 ) من طريق أخرى عن عبد الرحمن بن
الحارث به , و فيه سبب ورود الحديث . و تابعه أبو الزناد عن عمرو بن شعيب به
عند الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 77 / 1 / 1412 - بترقيمي ) بنحوه , و فيه عبد
الله بن نافع المدني , و هو ضعيف كما في " المجمع " ( 4 / 187 ) .
ساجدة لله
2010-10-20, 05:56 AM
2860 " إنما النذر يمين كفارتها كفارة يمين " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 858 :
أخرجه أحمد ( 4 / 149 و 156 ) من طريق ابن لهيعة قال : حدثنا كعب بن علقمة قال
: سمعت عبد الرحمن بن شماسة يقول : أتينا أبا الخير فقال : سمعت # عقبة بن عامر
# يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : فذكره . قلت : و رجاله ثقات
غير ابن لهيعة , و هو سيىء الحفظ , و لكني وجدت شيخ الإسلام ابن تيمية ( رحمه
الله ) جزم بنسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم مستدلا به على أن كل نذر يمين
, فقال في " الفتاوى " ( 3 / 358 ) : " و الدليل على هذا قول النبي صلى الله
عليه وسلم : النذر حلف " . فإن كان شيخ الإسلام وقف للحديث على طريق أخرى غير
هذه فهو قوي , و إلا فلا , و الاحتمال الأول أقرب لأن اللفظ الذي رواه هو غير
هذا , و الله أعلم . نعم جاء الحديث في صحيح مسلم و غيره عن عقبة مختصرا بلفظ :
" كفارة النذر كفارة يمين " , فهو شاهد قوي للحديث , و هو مخرج في " إرواء
الغليل " ( 2586 ) . ثم رأيت الحديث في " معجم الطبراني الكبير " ( 17 / 313 /
866 ) و " مسند الروياني " ( ق 54 / 1 ) من طريق ابن لهيعة أيضا بلفظ قريب من
لفظ ابن تيمية : " النذر يمين , و كفارته كفارة يمين " . لكنه قال : ( ابن
شماسة عن عقبة ) , لم يذكر بينهما ( أبا الخير ) , و لعله من ابن لهيعة , فإنه
متكلم فيه من قبل حفظه , و الأرجح عنه إثباته , كما تقدم في رواية أحمد , فقد
وجدت له متابعا قويا , فقال الطحاوي في " شرح المعاني " ( 2 / 74 - 75 ) :
حدثنا يونس قال : حدثنا ابن وهب قال : أخبرني عمرو بن الحارث عن كعب بن علقمة
عن عبد الرحمن بن شماسة المهري عن أبي الخير عن عقبة باللفظ المختصر الذي عند
مسلم : " كفارة النذر كفارة يمين " .
2861 " يا عقبة بن عامر ألا أعلمك سورا ما أنزلت في التوارة و لا في الزبور و لا في
الإنجيل و لا في الفرقان مثلهن , لا يأتين عليك ليلة إلا قرأتهن فيها , *( قل
هو الله أحد )* و *( قل أعوذ برب الفلق )* و *( قل أعوذ برب الناس )* " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 859 :
أخرجه أحمد ( 4 / 158 ) من طريق ابن عياش عن أسيد بن عبد الرحمن الخثعمي عن
فروة ابن مجاهد اللخمي عن # عقبة بن عامر # قال : لقيت رسول الله صلى الله عليه
وسلم فقال لي : " يا عقبة بن عامر ! صل من قطعك , و أعط من حرمك , و اعف عمن
ظلمك " . قال : ثم أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي : " يا عقبة بن
عامر ! املك لسانك , و ابك على خطيئتك , و ليسعك بيتك " . قال : ثم لقيت رسول
الله صلى الله عليه وسلم فقال لي : فذكر الحديث . قلت : و هذا إسناد صحيح لأن
ابن عياش ثقة في الشاميين , و روايته هذه عن الشاميين فإن أسيد بن عبد الرحمن
رملي , و هو ثقة و كذا شيخه فروة بن مجاهد كما تقدم بيانه تحت الحديث ( 891 ) .
2862 " تعلموا أنه لن يرى أحد منكم ربه حتى يموت و إنه مكتوب بين عينيه [ ك ف ر ] ,
يقرؤه من كره عمله " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 860 :
أخرجه مسلم ( 8 / 193 ) و الترمذي ( 2236 ) و ابن منده في " المعرفة " ( 2 /
287 / 2 ) من طريق الزهري قال : و أخبرني عمر بن ثابت الأنصاري أنه أخبره بعض
أصحاب النبي أن النبي قال يومئذ و هو يحذرهم فتنته ( يعني الدجال ) : فذكره . و
قال الترمذي و السياق له : " حسن صحيح " . و عزاه المعلق على " سنن الترمذي "
لأبي داود عن أنس برقم ( 4318 ) . و هو خطأ منه لأنه حديث آخر ليس فيه من حديث
الترجمة إلا جملة الكتابة بين عينيه . ( تنبيه ) : جاء الحديث في " الفتح
الكبير بضم الزيادة إلى الجامع الصغير " بلفظ الترمذي إلى قوله : حتى يموت ,
معزوا لـ ( م , ن ) و النون إشارة إلى " سنن النسائي " , و هو خطأ , و الصواب (
ت ) أي الترمذي , و على الصواب جاء في " الزيادة على الجامع الصغير " نسخة
الظاهرية .
2863 " إنما النساء شقائق الرجال " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 860 :
قال في " الكشف " ( 1 / 214 ) تبعا لأصله : " رواه أحمد و أبو داود و الترمذي
عن # عائشة # , و رواه البزار عن #أنس #, قال ابن القطان : هو من طريق عائشة
ضعيف , و من طريق أنس صحيح " . قلت : أما حديث عائشة فهو من طريق حماد بن خالد
الخياط : حدثنا عبد الله العمري عن عبيد الله عن القاسم عنها . قالت : سئل رسول
الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يجد البلل و لا يذكر احتلاما ? قال : " يغتسل
" , و عن الرجل يرى أنه قد احتلم و لا يرى بللا ? قال : " لا غسل عليه " ,
فقالت أم سليم : هل على المرأة ترى ذلك شيء ? قال : " نعم , إنما النساء .. "
الحديث . أخرجه أبو داود ( 1 / 37 ) و الترمذي ( 1 / 189 - 190 ) و أحمد ( 6 /
256 ) و قال الترمذي : " و عبد الله بن عمر ضعفه يحيى بن سعيد من قبل حفظه في
الحديث " . قلت : فإنما يخشى من سوء حفظه , فإذا توبع في روايته فذلك يدل على
أنه قد حفظ , و الأمر كذلك هنا , فقد روى هذه القصة غيره من حديث أنس , و
إسناده صحيح كما سبق عن ابن القطان , و قد أخرجه الدارمي ( 1 / 195 ) : أخبرنا
محمد بن كثير عن الأوزاعي عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس قال : دخلت
على رسول الله صلى الله عليه وسلم أم سليم , و عنده أم سلمة , فقالت : المرأة
ترى في منامها ما يرى الرجل ? فقالت أم سلمة : تربت يداك يا أم سليم فضحت
النساء ? فقال النبي صلى الله عليه وسلم منتصرا لأم سليم : " بل أنت تربت يداك
, إن خيركن التي تسأل عما يعنيها , إذا رأت الماء فلتغتسل " , قالت أم سلمة : و
للنساء ماء يا رسول الله ? قال : " نعم , فأين يشبههن الولد ? إنما هن شقائق
الرجال " . و هذا إسناد رجاله ثقات رجال الستة غير محمد بن كثير , و هو أبو
يوسف الصنعاني المصيصي , و هو صدوق كثير الغلط كما في " التقريب " , و لعل
البزار رواه من غير طريقه , و إلا فكيف يصححه ابن القطان إذا كان من طريقه ?
<1> . على أنه لم يتفرد به و إن كان خولف في سنده , فقال الإمام أحمد ( 6 / 377
) : حدثنا [ أبو ] المغيرة ( ما بين المربعين ساقط من المسند ) قال : حدثنا
الأوزاعي قال : حدثني إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة الأنصاري عن جدته أم سليم
قالت : كانت مجاورة أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم , فكانت تدخل عليها ,
فدخل النبي صلى الله عليه وسلم فقالت أم سليم : يا رسول الله ! أرأيت إذا رأت
المرأة أن زوجها يجامعها في المنام , أتغتسل ? فقالت أم سلمة : تربت يداك يا أم
سليم , فضحت النساء عند رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقالت أم سليم : إن
الله لا يستحي من الحق , و إنا أن نسأل النبي صلى الله عليه وسلم عما أشكل
علينا خير من أن نكون منه على عمياء . فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأم سلمة
: " بل أنت تربت يداك , نعم يا أم سليم عليها الغسل إذا وجدت الماء " , فقالت
أم سلمة : يا رسول الله ! و هل للمرأة ماء ? فقال النبي صلى الله عليه وسلم :
" فأني يشبهها ولدها ? هن شقائق الرجال " . و هذا سند رجاله كلهم ثقات رجال
الستة , لكن أعله الهيثمي بالانقطاع , فقال ( 1 / 268 ) : " و إسحاق لم يسمع من
أم سليم " . لكن دلت الرواية الأولى على أن إسحاق أخذها عن أنس , و هو عن أمه
أم سليم , و كذلك رواه مسلم ( 1 / 171 ) و غيره عن عكرمة بن عمار قال : قال
إسحاق بن طلحة : حدثني أنس بن مالك قال : جاءت أم سليم ... الحديث دون قوله :
إنما النساء .. إلخ . فزالت بذلك شبهة الانقطاع , و ثبتت بذلك صحة الحديث . (
تنبيه ) : عزا المناوي حديث عائشة إلى الدارقطني أيضا في الطهارة و لم أجده في
" سننه " , فلينظر .
-----------------------------------------------------------
[1] و لم يذكره الهيثمي في " كشف الأستار " , و لا في " المجمع " , و إنما فيه
( 1 / 268 ) بلفظ آخر و أعله بالانقطاع كما سيأتي . اهـ .
2864 " إنه سيلي أموركم من بعدي رجال يطفئون السنة و يحدثون بدعة و يؤخرون الصلاة عن
مواقيتها . قال ابن مسعود : كيف بي إذا أدركتهم ? قال : ليس - يا ابن أم عبد -
طاعة لمن عصى الله . قالها ثلاثا " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 863 :
رواه ابن ماجه ( 2865 ) و البيهقي ( 3 / 127 ) و في " الدلائل " ( 6 / 396 -
397 ) و أحمد , و ابنه في " الزوائد " ( رقم 3790 ) و السياق له , و عنه ابن
عساكر ( 14 / 165 / 2 ) و الطبراني في " معجمه " ( 10 / 213 / 10361 ) عن
القاسم ابن عبد الرحمن عن أبيه عن # عبد الله #مرفوعا . قلت : و هذا سند صحيح
, رجاله رجال الصحيح , و قد مضى تحت الحديث ( 590 ) .
2865 " إني ممسك بحجزكم عن النار و تقاحمون فيها تقاحم الفراش و الجنادب و يوشك أن
أرسل حجزكم , و أنا فرط لكم على الحوض , فتردون علي معا و أشتاتا , يقول جميعا
, فأعرفكم بأسمائكم و بسيماكم كما يعرف الرجل الغريبة من الإبل في إبله , فيذهب
بكم ذات الشمال , و أناشد فيكم رب العالمين , فأقول : يا رب أمتي , فيقال : إنك
لا تدري ما أحدثوا بعدك , إنهم كانوا يمشون القهقرى بعدك . فلا أعرفن أحدكم
يأتي يوم القيامة يحمل شاة لها ثغاء ينادي : يا محمد , يا محمد ! فأقول : لا
أملك لك من الله شيئا قد بلغت , و لا أعرفن أحدكم يأتي يوم القيامة يحمل بعيرا
له رغاء ينادي : يا محمد , يا محمد ! فأقول : لا أملك لك من الله شيئا قد بلغت
, و لا أعرفن أحدكم يأتي يوم القيامة يحمل فرسا له حمحمة ينادي : يا محمد , يا
محمد ! فأقول : لا أملك لك من الله شيئا قد بلغت , و لا أعرفن أحدكم يأتي يوم
القيامة يحمل قشعا من أدم ينادي : يا محمد , يا محمد ! فأقول : لا أملك لك من
الله شيئا قد بلغت " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 864 :
أخرجه البزار ( 1 / 426 / 900 ) و الرامهرمزي في " الأمثال " ( 21 - 22 ) من
طريقين عن مالك بن إسماعيل : حدثنا يعقوب بن عبد الله القمي عن حفص بن حميد عن
عكرمة عن ابن عباس عن # عمر بن الخطاب # رضوان الله عليهم قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : فذكره . قلت : و هذا إسناد حسن , قال البزار عقبه : " لا
نعلمه عن عمر إلا بهذا الإسناد , و حفص لا نعلم روى عنه إلا القمي " . قلت : قد
روى عنه أيضا أشعث بن إسحاق , كما في " الجرح و التعديل " ( 1 / 2 / 171 ) و
روى عن ابن معين أنه قال فيه : " صالح " . و وثقه النسائي أيضا , و ابن حبان (
6 / 196 ) و قال المنذري في " الترغيب " ( 2 / 277 - 278 ) : " رواه أبو يعلى و
البزار , و إسنادهما جيد " . و قال الهيثمي في " المجمع " ( 3 / 85 ) : " رواه
أبو يعلى في " الكبير " , و البزار , و رجال الجميع ثقات " . قلت : و أشار
بقوله : " الكبير " إلى أن لأبي يعلى مسندين : كبيرا , و صغيرا , و " الصغير "
هو المعروف اليوم , و هو الذي يطبع الآن في دمشق , و صدر منه أكثر من عشرة
أجزاء <1> , و مسند عمر في الأول منها , و ليس الحديث فيه . و كأن الشيخ
الأعظمي في تعليقه على " البزار " لا علم عنده بـ " المسند الكبير " كما يشير
إلى ذلك قوله عقب قول الهيثمي المتقدم : " .. في الكبير " , قال الأعظمي : " (
كذا ) " !
-----------------------------------------------------------
[1] ثم طبع فيما بعد كاملا , بتحقيق الأخ ( حسين سليم الديراني ) , و لي عليه
انتقادات كثيرة سبق ذكر بعضها . اهـ .
2866 " إنه ليس شيء يقربكم إلى الجنة إلا قد أمرتكم به و ليس شيء يقربكم إلى النار
إلا قد نهيتكم عنه , إن روح القدس نفث في روعي : إن نفسا لا تموت حتى تستكمل
رزقها فاتقوا الله و أجملوا في الطلب , و لا يحملنكم استبطاء الرزق أن تطلبوه
بمعاصي الله , فإن الله لا يدرك ما عنده إلا بطاعته " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 865 :
رواه أبو بكر الحداد في " المنتخب من فوائد ابن علويه القطان " ( 168 / 1 ) و
ابن مردويه في " ثلاثة مجالس " ( 188 / 1 - 2 ) من طرق عن يعلى بن عبيد :
أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد عن [ عبد الملك بن عمير ] و زبيد الأيامي عن # عبد
الله بن مسعود # مرفوعا , و الزيادة لابن مردويه . قلت : و هذا إسناد رجاله
ثقات رجال الشيخين , لكنه منقطع من الوجهين , أما زبيد فإنه لم يدرك ابن مسعود
يقينا , فإنه مات سنة ( 122 ) و مات ابن مسعود سنة ( 32 ) , و أما عبد الملك
فإنه ولد في السنة التي مات ابن مسعود فيها , أو بعدها بسنة . و رواه الحاكم (
2 / 4 ) من طريق سعيد بن أبي هلال عن سعيد بن أبي أمية الثقفي عن يونس بن بكير
عن ابن مسعود مرفوعا به . و هذا إسناد مظلم , سعيد بن أبي أمية , أورده ابن أبي
حاتم ( 2 / 1 / 5 ) فقال : " سعيد بن أبي أمية بن عمرو بن سعيد بن العاص , روى
عن أبي أمامة الباهلي , روى عنه عنبسة بن أبان القرشي " . و لم يذكر فيه جرحا و
لا تعديلا . و علق عليه محققه بقوله : " لم أجد سعيد بن أبي أمية هذا , و ستأتي
ترجمة سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص , و كنيته عمرو بن سعيد أبو أمية , و له
ابن اسمه أمية . فالله أعلم " . و شيخه يونس بن بكير , أظن أنه مقحم هنا من بعض
النساخ , فإنه متأخر عن طبقة التابعين , مات سنة ( 199 ) . و للحديث شاهد ,
فقال الشافعي ( 1 / 13 - " ترتيب المسند و السنن " ) : أخبرنا عبد العزيز بن
محمد عن عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب , عن المطلب بن حنطب أن النبي صلى الله
عليه وسلم قال : فذكره دون قوله : " و لا يحملنكم .. " . سكت عنه مرتبه البنا
كعادته , و هو مرسل جيد الإسناد , و المطلب بن حنطب , نسب إلى جده الأعلى ,
فإنه المطلب بن عبد الله بن المطلب بن حنطب .. المخزومي , و قيل بإسقاط (
المطلب ) في نسبه , و قيل : هما اثنان كما في " التهذيب " , و هو تابعي ثقة ,
يرسل كثيرا . و للقول المذكور آنفا شاهد من حديث جابر بنحوه . أخرجه ابن حبان و
غيره , و هو مخرج في " الظلال " ( 420 ) و " التعليق الرغيب " ( 3 / 7 ) . و
بالجملة فالحديث حسن على أقل الأحوال .
2867 " إنه ليهون علي الموت أن أريتك زوجتي في الجنة . يعني عائشة " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 867 :
رواه الحسين المروزي في " زوائد الزهد " ( 207 / 2 ) : حدثنا أبو معاوية حدثنا
أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم عن الأسود عن # عائشة # قالت : قال لي رسول الله
صلى الله عليه وسلم : فذكره . و من هذا الوجه رواه الخلعي في " الفوائد " ( 2 /
59 / 1 ) , ثم من طريق سعيد بن عنبسة قال : حدثنا أبو معاوية عن مسعر عن حماد
به . قلت : و هذا إسناد ضعيف رجاله ثقات رجال مسلم غير سعيد بن عنبسة , و أظنه
أبا عثمان الخراز الرازي , فقد ذكر ابن أبي حاتم ( 2 / 1 / 52 ) أنه روى عن جمع
سماهم من هذه الطبقة , منهم أبو معاوية الضرير , و قال : " سمع منه أبي , و لم
يحدث عنه , و قال : فيه نظر , و قال مرة : كان لا يصدق " و من هذه الطبقة ما
أورده ابن حبان في الطبقة الرابعة من " الثقات " ( 8 / 268 ) : " سعيد بن عنبسة
, يروي عن ابن إدريس و الكوفيين , روى عنه محمد بن إبراهيم البوشنجي , ربما
خالف " . قلت : فيحتمل أن يكون هو الرازي , و يحتمل أن يكون غيره , و هو ظاهر
صنيع الحافظ في " اللسان " , فإذا كان غيره فالسند حسن . و الله أعلم . و يقويه
أن له طريقا أخرى , فقال أحمد ( 6 / 138 ) : حدثنا وكيع عن إسماعيل عن مصعب بن
إسحاق بن طلحة عن عائشة به مختصرا بلفظ : " إنه ليهون علي أني رأيت بياض كف
عائشة في الجنة " . و هذا إسناد جيد لولا جهالة في مصعب هذا , فقد ذكره ابن أبي
حاتم , و ابن حبان في " الثقات " في ( التابعين ) ( 5 / 412 ) و ( أتباع
التابعين ) ( 7 / 478 ) من رواية إسماعيل هذا فقط عنه , و هو إسماعيل بن أبي
خالد , و كذلك أورده الحافظ في " التعجيل " , و زاد في الحديث بعد أن عزاه لـ "
المسند " : " يعني الموت " , تفسيرا منه لقوله : " ليهون علي " . و يحتمل أن
يكون ذلك في نسخته من " المسند " و هو بعيد , لأنه ليس في " جامع المسانيد " (
37 / 104 / 3004 ) . و الله أعلم . و الحديث أورده ابن أبي حاتم في " العلل " (
2 / 375 ) من طريق المعلى بن عبد الرحمن بإسناده عن عائشة بلفظ الترجمة , و قال
: " موضوع بهذا الإسناد , و المعلى متروك الحديث " . و قوله : " بهذا الإسناد "
كأنه يشير إلى الأسانيد المتقدمة , و أنا أرى أن الحديث حسن بمجموع إسنادي أبي
حنيفة و أحمد , و الله أعلم .
2868 " إنه ليس عليك بأس إنما هو أبوك و غلامك " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 869 :
رواه الضياء في " المختارة ( 41 / 1 ) من طريق أبي داود صاحب " السنن " , و هذا
في " اللباس " منه ( 4106 ) عن أبي جميع سالم بن دينار عن ثابت عن # أنس # : أن
النبي صلى الله عليه وسلم أتى فاطمة بعبد كان قد وهبه لها , قال : و على فاطمة
رضي الله عنها ثوب إذا قنعت به رأسها لم يبلغ رجليها , و إذا غطت به رجليها لم
يبلغ رأسها , فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم ما تلقى , قال : فذكره . قلت :
و هذا إسناد صحيح , رجاله كلهم ثقات , و في سالم بن دينار كلام لين لا يضر , و
قد وثقه ابن معين و ابن حبان ( 6 / 411 ) و غيرهما . و في الحديث دليل واضح على
جواز كشف البنت عن رأسها و رجليها أمام أبيها , بل و غلامها أيضا , ففيه رد
صريح على الأستاذ أبي الأعلى المودودي - رحمه الله - حيث صرح في كتابه " الحجاب
" ( ص 289 - 290 - مؤسسة الرسالة ) أنه لا يحل للمرأة كشف عورتها - إلا الوجه و
الكفين - حتى لأبيها أو عمها أو أخيها أو ابنها ! قال : " و حتى للمرأة مثلها "
! و أكد ذلك في مكان آخر ( ص 272 - 273 ) ! و قد كنت رددت عليه في هذه المسألة
في تعقيب نشر في آخر كتابه من الطبعة الأولى بطلب - بل و إلحاح - من القائمين
عليها , لأنني استبعدت موافقة المؤلف على ذلك دون أن يطلع على التعقيب , فقال
وسيطهم : لا عليك , نحن متفقون مع الأستاذ المودودي على موافقته على ما قد يبدو
لنا من تعليق . و لكن ما كاد الكتاب يصل إلى المؤلف حتى سارع بالكتابة إليهم
بأن لا ينشروا الكتاب حتى يأتيهم برده على " التعقيب " , فطبعوا رده في رسالة
صغيرة . و فيها أخطاء جديدة فقهية و حديثية , بينت بعضها في كتابي " جلباب
المرأة المسلمة " ( ص 42 - 50 - الطبعة الجديدة ) , و هو كثير التناقض في كتابه
المذكور في وجه المرأة تناقضا يدل على أنه كان غير مطمئن لرأي خاص فيه , و هذا
واضح جدا لمن تتبع كلامه فيه , و لا مجال الآن لبيانه .
2869 " أهل الجنة أمشاطهم الذهب و مجامرهم الألوة " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 870 :
رواه الحميدي في " مسنده " ( 180 / 1 ) : حدثنا سفيان قال : حدثنا أبو الزناد
عن الأعرج عن # أبي هريرة # مرفوعا . قلت : و هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين ,
و هو قطعة من حديث لأبي هريرة رضي الله عنه , أخرجه البخاري ( 3246 ) من طريق
أخرى عن أبي الزناد به . و تابعه همام بن منبه عن أبي هريرة به . أخرجه البخاري
( 3245 ) و مسلم ( 8 / 147 ) و الترمذي ( 2540 ) و ابن حبان ( 7393 ) و أحمد (
2 / 312 ) و قال الترمذي : " حديث صحيح " . و أنكر هذه الرواية المتعالم المعلق
على الطبعة الثانية من " رياض الصالحين " ( 643 / 1891 - المكتب الإسلامي ) و
فيها زيادة : " لكل واحد منهم زوجتان .. " , فزعم أنها لمسلم دون البخاري ! و
تابعه أبو زرعة به . أخرجه البخاري ( 3327 ) و مسلم أيضا , و ابن حبان ( 7394 )
. و كذا تابعه أبو صالح عنه . رواه مسلم , و أحمد ( 2 / 231 - 232 و 253 ) . و
عبد الرحمن بن أبي عمرة عنه . رواه البخاري ( 3254 ) . و كل هؤلاء رووه عنه
بتمامه . و رواه ابن لهيعة عن أبي يونس عن أبي هريرة قال : سمعت رسول الله صلى
الله عليه وسلم يقول : فذكره مختصرا بلفظ : " أهل الجنة رشحهم المسك , و وقودهم
الألوة " . قال ابن لهيعة : ( الألوة ) : العود الهندي الجيد . أخرجه أحمد ( 2
/ 357 ) . قلت : و ابن لهيعة ضعيف , لكن حديثه هذا صحيح , لأن جملة : " رشحهم
المسك " ثابتة في بعض الطرق المتقدمة .
ساجدة لله
2010-10-20, 05:57 AM
2870 " أوتيت الكتاب و ما يعدله ( يعني : و مثله ) , يوشك شبعان على أريكته يقول :
بيننا و بينكم هذا الكتاب , فما كان فيه من حلال أحللناه و ما كان [ فيه ] من
حرام حرمناه , ألا و إنه ليس كذلك . ألا لا يحل ذو ناب من السباع و لا الحمار
الأهلي , و لا اللقطة من مال معاهد إلا أن يستغني عنها , و أيما رجل أضاف قوما
فلم يقروه فإن له أن يعقبهم بمثل قراه " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 871 :
رواه عباس الترقفي في " حديثه " ( 46 / 1 ) : حدثنا محمد بن المبارك قال :
حدثني يحيى بن حمزة قال : حدثني محمد بن الوليد الزبيدي عن مروان بن رؤبة أنه
حدثه عن عبد الرحمن بن أبي عوف الجرشي عن # المقدام بن معدي كرب الكندي #
مرفوعا . و تابعه هشام بن عمار عند الطبراني في " المعجم الكبير " ( 20 / 283 /
669 ) و أبو مسهر عند الطحاوي في " شرح المعاني " ( 2 / 321 ) كلاهما عن يحيى
بن حمزة به , و لم يذكر الطحاوي : " و لا اللقطة .. " إلخ . و تابع يحيى بن
حمزة محمد بن حرب عن الزبيدي بشطره الثاني : " ألا لا يحل ذو ناب .. " . أخرجه
أبو داود ( 3804 ) . قلت : و هذا إسناد حسن بما بعده , رجاله ثقات , إلا أن
مروان بن رؤبة لم يوثقه غير ابن حبان ( 5 / 425 ) , فقال : " كنيته أبو الحصين
, يروي عن واثلة بن الأسقع , عداده في أهل الشام , روى عنه أهلها " . ذكره في (
الطبقة الثانية ) يعني التابعين , و أنا في شك كبير في كونه تابعيا , و الراجح
أنه من أتباعهم كما حققته في " تيسير الانتفاع " يسر الله لي إتمامه بمنه و
كرمه . و قد تابعه حريز بن عثمان عن عبد الرحمن بن أبي عوف به . أخرجه أبو داود
( 4604 ) و أحمد ( 4 / 130 ) و الطبراني ( 20 / 283 / 270 ) . قلت : و حريز ثقة
ثبت من رجال البخاري , فالسند صحيح . و للنصف الأول منه طريق آخر من رواية
الحسن بن جابر قال : سمعت المقدام بن معدي كرب يقول : حرم رسول الله صلى الله
عليه وسلم يوم خيبر أشياء ثم قال : " يوشك أحدكم أن يكذبني و هو متكئ على
أريكته .. " الحديث نحوه . أخرجه أحمد ( 4 / 132 ) . و إسناده حسن في المتابعات
. و للشطر الثاني شاهد من حديث خالد بن الوليد دون جملة الضيافة . أخرجه أبو
داود ( 3806 ) و غيره , و فيه لفظ " البغال " , و هو منكر , و لذلك خرجته في "
الضعيفة " ( 1149 ) .
2871 " إن الله يوصيكم بالنساء خيرا , إن الله يوصيكم بالنساء خيرا فإنهن أمهاتكم و
بناتكم و خالاتكم , إن الرجل من أهل الكتاب يتزوج المرأة و ما يعلق يداها الخيط
فما يرغب واحد منهما عن صاحبه [ حتى يموتا هرما ] " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 873 :
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 20 / 374 / 648 ) من طريقين عن محمد بن
حرب عن سليمان بن سليم عن يحيى بن جابر عن # المقدام بن معدي كرب # : أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قام في الناس فحمد الله و أثنى عليه , ثم قال : فذكر
الحديث . و هكذا رواه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " ( 18 / 45 / 1 - 2 ) من طريق
داود بن رشيد : أخبرنا محمد بن حرب به , و الزيادة له . و زاد أيضا عقبها : قال
أبو سلمة ( يعني : سليمان بن سليم ) : و حدثت بهذا الحديث العلاء بن سفيان
الغساني , فقال : لقد بلغني : أن من الفواحش التي حرم الله مما بطن , مما لم
يتبين ذكرها في القرآن : أن يتزوج الرجل المرأة , فإذا تقادم صحبتها , و طال
عهدها , و نفضت ما في بطنها , طلقها من غير ريبة . قلت : و هذا إسناد صحيح متصل
عندي كما كنت حققته في " إرواء الغليل " ( 7 / 42 ) , فليراجعه من شاء . و
للجملة الأولى منه طريق أخرى تقدمت برقم ( 1666 ) . قوله : ( و ما يعلق يداها
الخيط ) كناية عن صغر سنها و فقرها . في " النهاية " : " قال الحربي : يقول من
صغرها و قلة رفقها , فيصبر عليها حتى يموتا هرما . و المراد حث أصحابه على
الوصية بالنساء , و الصبر عليهن . أي أن أهل الكتاب يفعلون ذلك بنسائهم " . قلت
: كان ذلك منهم حين كانوا على خلق و تدين و لو بدين مبدل , أما اليوم فهم
يحرمون ما أحل الله من الطلاق , و يبيحون الزنى بل و اللواط علنا !!
2872 " أوف بنذرك فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله و لا في قطيعة رحم و لا فيما لا
يملك ابن آدم " <1> .
-----------------------------------------------------------
[1] من أجل الجملة الأخيرة انظر الحديث المتقدم برقم ( 2184 ) و الآتي برقم (
3309 ) , و " الضعيفة " الحديث رقم ( 6549 ) . اهـ .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 874 :
رواه أبو داود ( 3313 ) و الطبراني ( 1 / 134 / 1 ) عن يحيى بن أبي كثير قال :
حدثني أبو قلابة قال : حدثني # ثابت بن الضحاك # قال : نذر رجل على عهد النبي
صلى الله عليه وسلم أن ينحر بـ " بوانة " , فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال : إني نذرت أن أنحر بـ " بوانة " , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد ? " , قال : لا , قال : " فهل كان فيها
عيد من أعيادهم ? " , قال : لا , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره .
قلت : و إسناده صحيح رجاله رجال الشيخين , و قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "
اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم " ( ص 186 ) : " أصل هذا الحديث في
" الصحيحين " , و إسناده كلهم ثقات مشاهير , و هو متصل بلا عنعنة " . و في "
الصحيحين " الجملة الأخيرة منه , بزيادات أخرى هامة , و هو مخرج في " الإرواء "
( 2575 ) . و لقصة ( بوانة ) شاهد من حديث ميمونة بنت كردم بن سفيان عن أبيها
نحوه . أخرجه أبو داود ( 3315 ) و ابن ماجه ( 2131 ) و أحمد ( 3 / 419 ) و لم
يذكر ابن ماجه أباها . و إسناده حسن في الشواهد , و الحديث صحيح بلا ريب . و
فيه من الفقه تحريم الوفاء بنذر المعصية , و أن من ذلك الوفاء بنذر الطاعة في
مكان كان يشرك فيه بالله , أو كان عيدا للكفار , فضلا عن مكان يتعاطى الناس
الشرك فيه , أو المعاصي , و قد فصل شيخ الإسلام ابن تيمية القول فيه تفصيلا
رائعا لا تجده عند غيره , فراجعه في " الاقتضاء " , فإنه هام جدا .
2873 " ألا تدعو له طبيبا " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 875 :
رواه ابن الحمامي الصوفي في " منتخب من مسموعاته " ( 35 / 1 ) عن حسان بن
إبراهيم الكرماني عن عمرو بن دينار عن # جابر بن عبد الله # أن رسول الله عاد
مريضا فقال : " ألا تدعو له طبيبا ? " . قالوا : يا رسول الله و أنت تأمرنا
بهذا ? قال : فقال : " إن الله عز وجل لم ينزل داء إلا أنزل معه دواء " . قلت :
و هذا إسناد جيد , رجاله رجال الشيخين , على ضعف يسير في الكرماني أشار إليه
الحافظ بقوله في " التقريب " : " صدوق يخطىء " . و لذلك أورده الذهبي في "
معرفة الثقات المتكلم فيهم بما لا يوجب الرد " ( ص 88 ) . و للحديث طريق أخرى ,
فقال أحمد ( 5 / 371 ) : حدثنا إسحاق بن يوسف حدثنا سفيان عن منصور عن هلال بن
يساف عن ذكوان عن رجل من الأنصار قال : عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا
به جرح , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ادعوا له طبيب بني فلان " .
قال : فدعوه , فجاء , فقال : يا رسول الله ! و يغني الدواء شيئا ? فقال : "
سبحان الله ! و هل أنزل الله من داء في الأرض إلا جعل له شفاء ? " . قلت : و
هذا إسناد صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين غير الرجل الأنصاري , فلم يسم , لكن
الظاهر أنه صحابي , و لذلك أورد أحمد الحديث تحت عنوان " أحاديث رجال من أصحاب
النبي صلى الله عليه وسلم " , و الصحابة كلهم عدول عندنا , و لا أستبعد أن يكون
هو جابر بن عبد الله الذي في الإسناد الأول , فإنه من الأنصار . و الله أعلم .
و الحديث قال الهيثمي في " المجمع " ( 5 / 84 ) : " رواه أحمد , و رجاله رجال
الصحيح " . و رواه أبو نعيم في " الطب " ( ق 10 / 2 ) من طريق أخرى عن سفيان به
, لكنه أرسله . و روى له في الباب شاهدا من طريقين عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه
عن أبي هريرة به نحوه . و إسناده صحيح .
2874 " ألا تسألوني مما ضحكت ? قلنا : يا رسول الله مما ضحكت ? قال : رأيت ناسا من
أمتي يساقون إلى الجنة في السلاسل , ما أكرهها <1> إليهم ! قلنا : من هم ? قال
: قوم من العجم يسبيهم المهاجرون فيدخلونهم في الإسلام " .
-----------------------------------------------------------
[1] الأصل ( يكرهها ) , و لعل الصواب ما أثبته . اهـ .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 877 :
رواه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 2 / 298 ) قال : حدثنا أبو بكر محمد بن
أحمد ابن الفضل : حدثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم : حدثنا يزيد بن سنان بمصر و
عباد بن الوليد قالا : حدثنا حبان بن هلال حدثنا مبارك بن فضالة : حدثني كثير
أبو محمد : حدثني # أبو الطفيل # قال : ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى
استغرق <1> ضحكا ثم قال : ( الحديث ) . قلت : و هذا إسناد حسن إن شاء الله
تعالى , إما لذاته , و إما لغيره لما يأتي له من المتابعة و الشواهد , فإن
رجاله ثقات مترجمون في " التهذيب " على جهالة في كثير أبي محمد , فقد وثقه ابن
حبان ( 5 / 332 ) . و أما عبد الرحمن بن أبي حاتم فثقة حافظ , و هو مؤلف الكتاب
العظيم : " الجرح و التعديل " . و أما أبو بكر محمد بن أحمد بن الفضل , شيخ أبي
نعيم , و قال فيه : " توفي سنة سبع و ثمانين " يعني بعد الثلاثمائة . و لم يذكر
فيه جرحا و لا تعديلا . و لكنه لم يتفرد به كما يأتي . و الحديث أخرجه البزار
في " مسنده " ( 2 / 289 / 1730 ) : حدثنا بشر بن سهل حدثنا حبان بن هلال به . و
قال في " المجمع " ( 5 / 333 ) : " رواه البزار و الطبراني , و فيه بشر بن سهل
كتب عنه أبو حاتم , ثم ضرب على حديثه , و بقية رجاله وثقوا " . و له شاهد من
حديث أبي غالب عن أبي أمامة : استضحك النبي صلى الله عليه وسلم [ يوما فقيل له
: يا رسول الله ! ما أضحكك ? ] قال : " عجبت لأقوام يساقون إلى الجنة في
السلاسل و هم كارهون " . أخرجه أحمد ( 5 / 249 و 256 ) و الزيادة له , و ليس
عنده : " و هم كارهون " . و السياق للطبراني , و قال الهيثمي :"رواه أحمد و
الطبراني و أحد إسنادي أحمد رجاله رجال الصحيح " . كذا قال , و أبو غالب ليس من
رجال الصحيح , و هو صاحب أبي أمامة , و هو صدوق يخطىء , و قد سقط من إسناد أحمد
الآخر , كما لم يسم الراوي عنه , فإسناده الأول حسن . شاهد آخر : يرويه الفضيل
بن سليمان : حدثنا محمد بن أبي يحيى عن العباس بن سهل ابن سعد الساعدي عن أبيه
قال : كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم بالخندق , فأخذ الكرزين فحفر به , فصادف
حجرا , فضحك , قيل : ما يضحكك يا رسول الله ? قال : " ضحكت من ناس يؤتى بهم من
قبل المشرق في النكول يساقون إلى الجنة " . أخرجه أحمد ( 5 / 338 ) و السياق له
, و الطبراني في " الكبير " ( 6 / 157 / 5733 ) و زاد : " و هم كارهون " . و
قال الهيثمي : " رواه أحمد و الطبراني , إلا أنه قال : " يؤتى بهم إلى الجنة في
كبول الحديد " , و في رواية : " يساقون إلى الجنة و هم كارهون " , و رجاله رجال
( الصحيح ) غير محمد بن [ أبي ] يحيى الأسلمي , و هو ثقة " . قلت : و فيه شيئان
: الأول : أن الفضيل بن سليمان و إن كان من رجال الشيخين ,صدوقا , فله خطأ
كثير كما في " التقريب " . و الآخر : أن رواية " الكبول " عند الطبراني ليس
فيها الأسلمي الثقة , فإنها عنده ( 6 / 232 / 5955 ) من طريق أخرى عن الفضيل بن
سليمان عن أبي حازم عن سهل بن سعد به نحوه . فأسقط الفضيل من الإسناد محمد بن
أبي يحيى عن العباس بن سهل , و أحل محلهما " أبي حازم " , و لعل ذلك مما يدل
على خطئه و قلة ضبطه , و قوله : " يؤتى بهم من قبل المشرق " , زيادة منكرة لم
تأت في الأحاديث الأخرى , و لذلك خرجتها في " الضعيفة " ( 4034 ) . شاهد ثالث :
يرويه عبد الحميد بن صالح : حدثنا أبو بكر بن عياش عن الأعمش عن أبي صالح عن
أبي هريرة قال : استضحك النبي صلى الله عليه وسلم , فقال : " عجبت لأقوام
يقادون إلى الجنة في السلاسل و هم كارهون " . أخرجه أبو نعيم في " الحلية " ( 8
/ 307 ) . قلت : و إسناده جيد . و تابعه كامل أبو العلاء قال : سمعت أبا صالح
به مختصرا بلفظ : " عجب ربنا عز وجل من قوم يقادون إلى الجنة في السلاسل " .
أخرجه أحمد ( 2 / 448 ) . و تابعه محمد بن زياد عن أبي هريرة به . أخرجه
البخاري و غيره , و هو مخرج في " ظلال الجنة " ( 573 ) و " صحيح أبي داود " (
2401 ) . و أخرجه البخاري ( 4557 ) من طريق أبي حازم عن أبي هريرة رضي الله عنه
: *( كنتم خير أمة أخرجت للناس )* قال : " خير الناس للناس , تأتون بهم في
السلاسل في أعناقهم حتى يدخلوا في الإسلام " . قلت : و هذا موقوف في حكم
المرفوع , كما يشهد بذلك الطرق السابقة . ( تنبيه ) : علق الأخ حمدي السلفي على
حديث الفضيل بن سليمان الذي فيه بلفظ الطبراني : " يأتونكم من قبل المشرق " .
فقال : " و رواه أحمد بدون ذكر " كارهون " , و قد أورده شيخنا محمد ناصر الدين
الألباني في " ضعيف الجامع الصغير و زيادته " ( 3588 ) لهذه الزيادة , و قال :
هو صحيح بغير هذا اللفظ " . قلت : و إنما أوردته في " الضعيف " لزيادة جملة "
المشرق " , و ليس لزيادة " و هم كارهون " , بل هذه زيادة صحيحة كما يتبين من
الطرق المتقدمة , و قد نبهت على ذلك في " الضعيفة " ( 4034 ) , و هو المصدر
الذي أحلت عليه في بيان الضعف المذكور في تعليقي على " ضعيف الجامع " , لكن
عبارتي فيه كانت موهمة لما قال السلفي , و لذلك عدلتها تعديلا يبين الذي ذكرته
آنفا . على أن الحديث بلفظ : " و هم كارهون " مذكور في " صحيح الجامع " برقم (
3878 ) بمرتبة ( حسن ) , و بعد هذا التخريج عدلته إلى ( صحيح ) كما هو ظاهر من
مجموع طرقه .
-----------------------------------------------------------
[1] الأصل : " استغرب " . اهـ .
2875 " إذا أنت بايعت فقل : لا خلابة , ثم أنت في كل سلعة ابتعتها بالخيار ثلاث ليال
فإن رضيت فأمسك و إن سخطت فارددها على صاحبها " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 881 :
أخرجه ابن ماجه ( 2355 ) : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة : حدثنا عبد الأعلى عن
محمد بن إسحاق عن محمد بن يحيى بن حبان قال : هو جدي منقذ بن عمرو , و كان رجلا
قد أصابته آفة في رأسه فكسرت لسانه , و كان لا يدع على ذلك التجارة , و كان لا
يزال يغبن , فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له , فقال له : فذكره .
قلت : و هذا إسناد حسن رجاله ثقات على الخلاف المعروف في ابن إسحاق , و الراجح
أنه حسن الحديث إذا صرح بالتحديث , و قد ثبت تصريحه به كما يأتي في غير ما
رواية عنه . و محمد بن يحيى بن حبان تابعي ثقة من رجال الشيخين , و ظاهره أنه
أرسله , لكنه قد ثبت موصولا , بذكر ابن عمر فيه , فقد أخرجه ابن أبي شيبة في "
المصنف " ( 14 / 228 / 18177 ) : حدثنا عباد بن العوام عن محمد بن إسحاق عن
محمد بن يحيى بن حبان قال : إنما جعل ابن الزبير عهدة الرفيق ثلاثة , لقول رسول
الله صلى الله عليه وسلم لمنقذ بن عمرو : " لا خلابة , إذا بعت بيعا فأنت
بالخيار ثلاثا " . و أخرجه الدارقطني في " سننه " ( 3 / 55 / 220 ) من طريق
محمد بن عمرو بن العباس الباهلي أخبرنا عبد الأعلى عن محمد بن إسحاق أخبرنا
نافع أن عبد الله بن عمر حدثه : " أن رجلا من الأنصار كان بلسانه لوثة , و كان
لا يزال يغبن في البيع , فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له , فقال
: " إذا بعت فقل : لا خلابة ( مرتين ) " . قال محمد : و حدثني محمد بن يحيى بن
حبان قال : هو جدي .. " . قلت : فذكره مثل رواية ابن ماجه , و زاد : " و قد كان
عمر عمرا طويلا , عاش ثلاثين و مائة سنة , و كان في زمن عثمان رضي الله عنه حين
فشا الناس و كثروا , يتبايع البيع في السوق , و يرجع به إلى أهله و قد غبن غبنا
قبيحا , فيلومونه , و يقولون : لم تبتاع ?! فيقول : أنا بالخيار إن رضيت أخذت ,
و إن سخطت ترددت , قد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جعلني بالخيار ثلاثا ,
فيرد السلعة على صاحبها من الغد , و بعد الغد , فيقول <1> : والله لا أقبلها ,
قد أخذت سلعتي و أعطيتني دراهم , قال : يقول : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قد جعلني بالخيار ثلاثا , فكان يمر الرجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه
وسلم فيقول للتاجر : ويحك إنه قد صدق , إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كان
جعله بالخيار ثلاثا . قال : و أخبرنا محمد بن إسحاق أخبرنا محمد بن يحيى بن
حبان قال : ما علمت ابن الزبير ... " . قلت : فذكر الحديث كما تقدم نقلي إياه
عن " المصنف " . و أخرجه البيهقي في " سننه " ( 5 / 273 ) من طريق يونس : حدثنا
محمد بن إسحاق : حدثني نافع عن ابن عمر قال : سمعت رجلا من الأنصار كانت بلسانه
لوثة .. الحديث مثل رواية الدارقطني دون ما في آخرها من الرواية عن ابن الزبير
, لكن فيه ما في حديث الترجمة من التخيير ثلاث ليال , و فيه : " فيرجع إلى بيعه
فيقول : خذ سلعتك و رد دراهمي , فيقول : لا أفعل , قد رضيت فذهبت به , حتى يمر
به الرجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ... " . و رواه سفيان : حدثني
ابن إسحاق عن نافع عن ابن عمر به مختصرا دون الزيادة , و فيه قول ابن عمر : "
فكنت أسمعه يقول : لا خذابة لا خذابة ! و كان يشتري الشيء فيجيء به أهله
فيقولون : هذا غال , فيقول : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرني في بيعي "
أخرجه الدارقطني , و الحاكم ( 2 / 22 ) و البيهقي , و ابن الجارود ( 567 ) . و
قال أحمد ( 2 / 129 ) : حدثنا يعقوب حدثنا أبي عن ابن إسحاق حدثني نافع به دون
قوله : " و كان يشتري الشيء .. " . و بالجملة , فالحديث حسن لتصريح ابن إسحاق
بالتحديث في كثير من هذه الروايات الثابتة عنه . و إعلال البوصيري إياه بعنعنة
ابن إسحاق , إنما كان منه وقوفا عند رواية ابن ماجه , مع كونها مرسلة , و قد
أورده السيوطي في " الزيادة " من رواية ابن ماجه و البيهقي مرسلا . و قد انجبر
الإرسال بمجيئه موصولا من طريق نافع عن ابن عمر كما تقدم . و الله أعلم . و
للحديث شاهدان مختصران : أحدهما من حديث ابن عمر , عند الشيخين و غيرهما . و
الآخر : من حديث أنس . رواه أصحاب السنن و غيرهم , و صححه ابن حبان ( 5027 و
5028 - الإحسان ) و ابن الجارود ( 568 ) و هما مخرجان في " أحاديث البيوع " , و
ليس فيهما التخيير ثلاثة , فالعمدة فيه على مرسل ابن حبان , و مسند ابن عمر ,
فهو بهما صحيح , و لعل هذا هو ملحظ الحافظ في سكوته عليه , بل و احتجاجه به في
" الفتح " ( 4 / 337 ) و في تثبيت صديق حسن خان للحديث في " الروضة الندية " (
2 / 121 ) و هو الحق الذي لا ريب فيه , و من ضعفه أو أعله , فلم يتتبع طرقه و
ألفاظه . و في الحديث إثبات الخيار ثلاثة أيام لمن يخدع , و في المسألة خلاف
بين العلماء و تفصيل يراجع في " الفتح " و غيره من المطولات .
-----------------------------------------------------------
[1] أي : صاحب السلعة . اهـ .
2876 " في كل ركعتين تشهد و تسليم على المرسلين و على من تبعهم من عباد الله
الصالحين " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 884 :
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 23 / 367 / 869 ) من طريق أبي همام
الخاركي : حدثني عدي بن أبي عدي عن علي بن زيد عن الحسن عن أمه عن # أم سلمة #
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : فذكره . قلت : و هذا حديث حسن , رجاله ثقات
على ضعف في علي بن زيد , و هو ابن جدعان , و قال الهيثمي في " المجمع " ( 2 /
139 ) : " و اختلف في الاحتجاج به , و قد وثق " . قلت : فمثله يستشهد بحديثه ,
و لذلك حسنت حديثه هذا لأن له شاهدا من حديث علي رضي الله عنه , سبق تخريجه
برقم ( 237 ) . و أم الحسن - و هو البصري - اسمها ( خيرة ) , و هي ثقة كما في "
ثقات ابن حبان " ( 4 / 216 ) و قول الحافظ فيها : " مقبولة " تقصير منه غير
مقبول , فقد روى عنها جمع من الثقات , مع كونها تابعية . و عدي بن أبي عدي هو
الكندي . قال ابن حبان في " ثقات التابعين " ( 5 / 270 ) : " و اسم أبي عدي :
فروة , يروي عن أبيه , و يقال : إن له صحبة . روى عنه عيسى ابن عاصم . مات سنة
ست و عشرين و مائة " . و هو مترجم في " التهذيب " . و أبو همام الخاركي ( الأصل
: الخارجي , و هو تصحيف ) اسمه الصلت بن محمد , و هو ثقة من رجال البخاري , و
قد صرح بسماعه من عدي , فلا أدري إذا كان ذلك محفوظا أم لا , فإن صنيعهم في
ترجمته يشعر بأنه متأخر عن هذه الطبقة , فأورده ابن حبان ( 8 / 324 ) فيمن روى
عن ( أتباع التابعين ) و ليس في ( أتباعهم ) ! و الله أعلم .
2877 " كن مع صاحب البلاء تواضعا لربك و إيمانا " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 885 :
أخرجه الطحاوي في " شرح معاني الآثار " ( 2 / 379 ) : حدثنا علي بن زيد قال :
حدثنا موسى بن داود قال : حدثنا يعقوب بن إبراهيم عن يحيى بن سعيد عن أبي مسلم
الخولاني عن # أبي ذر # قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . قلت
: و هذا إسناد جيد , رجاله ثقات رجال مسلم غير علي بن زيد , و هو ابن عبد الله
أبو الحسن الفرائضي , قال الخطيب في " تاريخ بغداد " ( 11 / 427 ) : " من أهل (
طرسوس ) , قدم ( سر من رأى ) و حدث بها عن موسى بن داود الضبي و .. و .. قال
ابن يونس المصري : تكلموا فيه " . و كذا في " اللسان " , إلا أنه وقع فيه : "
قدم مصر .. " , و زاد : " و قال مسلمة بن قاسم : ثقة . توفي سنة ثلاث و ستين و
مائتين " . ( تنبيه ) : كذا وقع الحديث في " الشرح " ( كن ) , و وقع في "
الجامع الصغير " و " الكبير " أيضا ( 16760 ) : ( كل ) , فلا أدري أيهما الصواب
, و الثاني في المعنى أخص من الأول , و قد روي ذلك في حديث آخر من مسند جابر
بلفظ : " كل باسم الله , ثقة بالله , و توكلا على الله " . و إسناده ضعيف كما
كنت بينته في " الضعيفة " ( 1144 ) , فإن صح حديث الترجمة باللفظ الثاني , فهو
شاهد قوي لحديث جابر , فينقل حينئذ إلى " سلسلة الأحاديث الصحيحة " من جهة , و
إلى " صحيح الجامع " من جهة أخرى , فإنه حتى الآن في " ضعيف الجامع " ( 4200 )
, كما كنت أوردت فيه ( 4203 ) حديث أبي ذر باللفظ الثاني لعدم وقوفي يومئذ على
إسناده حسب الشرط الذي كنت ذكرته في المقدمة , فإن صح نقل أيضا إلى " الصحيح "
في الطبعة القادمة منه إن شاء الله تعالى . ( تنبيه آخر ) : لم يتكلم المناوي
على إسناد هذا الحديث بشيء , و الظاهر أنه لم يقف عليه , و يؤيده أنه فسر عزو
السيوطي إياه لـ ( الطحاوي ) بقوله : " في مسنده " , و قلدته اللجنة القائمة
على نشر " الجامع الكبير " كما هي عادتهم , و كل ذلك خطأ , لأن الطحاوي رحمه
الله ليس له كتاب يعرف بهذا الاسم " المسند " . و الله أعلم .
2878 " سموه بأحب الأسماء إلي حمزة بن عبد المطلب " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 887 :
أخرجه الحاكم ( 3 / 196 ) من طريق يعقوب بن حميد بن كاسب : حدثنا سفيان بن
عيينة عن عمرو بن دينار عن # جابر بن عبد الله # قال : ولد لرجل منا غلام ,
فقالوا : ما نسميه ? فقال النبي صلى الله عليه وسلم : فذكره . و قال : " صحيح
الإسناد " . و رده الذهبي بقوله : " قلت : يعقوب ضعيف " . كذا قال , و الرجل
مختلف فيه كما تراه في " تهذيب التهذيب " , و لخص ذلك في " التقريب " , فقال :
" صدوق ربما وهم " . و حكى الذهبي نفسه في " الكاشف " شيئا من ذلك الاختلاف , و
قال : " و قال البخاري : لم نر إلا خيرا ( و في " التهذيب " : لم يزل خيرا ) ,
هو في الأصل صدوق " . و لذلك أورده الذهبي في كتابه : " معرفة الرواة المتكلم
فيهم بما لا يوجب الرد " ( ص 191 ) و رمز له فيه بـ ( م ) , و أظنه خطأ مطبعيا
لمخالفته لجميع المصادر التي ترجمت له , و منها " الكاشف " , فإنه لم يرمز له
فيها إلا بـ ( عخ , ق ) . ثم إنه قد توبع , فأخرجه الحاكم أيضا من طريق يوسف بن
سلمان المازني : حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار , سمع رجلا بالمدينة
يقول : جاء جدي بأبي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : هذا ولدي فما
أسميه ? قال : " سمه بأحب الناس إلي حمزة بن عبد المطلب " . و أعله الحاكم
بقوله : " قد قصر هذا الراوي المجهول برواية الحديث عن ابن عيينة , و القول فيه
قول يعقوب بن حميد , و قد كان أبو أحمد الحافظ يناظرني : أن البخاري قد روى عنه
في " الجامع الصحيح " , و كنت آبى عليه " . قلت : قد ذكر الحافظ في " التهذيب "
منشأ الخلاف الذي أشار إليه الحاكم , و مال إلى موافقة أبي أحمد الحافظ ( و هو
الحاكم صاحب كتاب الكنى ) و سبقه إلى ذلك الذهبي في " الكاشف " . و سواء صح هذا
أو ذاك فالرجل وسط , يحتج بحديثه . لكن يبقى النظر في يوسف بن سلمان الذي خالفه
في إسناده و متنه . أما السند فهو أنه قال مكان ( جابر ) : " .. رجلا .. جاء
جدي بأبي " , و أما المتن فقوله : ( الناس ) مكان ( الأسماء ) . و لعل هذا هو
الأرجح , لأنه جاء في " الصحيحين " : " أحب الناس إلي عائشة , و من الرجال
أبوها " , و ما خالفه من الأحاديث فيه ضعف كما بينته في " الضعيفة " ( 1844 و
1843 ) . و يوسف هذا قد روى عنه جماعة من الحفاظ كالترمذي و النسائي و ابن
خزيمة و غيرهم , و وثقه ابن حبان و مسلمة , و قال النسائي : لا بأس به , فلا
وجه لتجهيل الحاكم إياه , و لاسيما و هو يوثق من دونه شهرة بكثير ! هذا , و
قوله : " بأحب الأسماء إلي " كان قبل أن يوحى إليه بحديث " أحب الأسماء إلى
الله عبد الله , و عبد الرحمن " . و تقدم ( 904 و 1040 ) و " الإرواء " ( 1176
) .
2879 " من أنفق زوجين في سبيل الله نودي في الجنة : يا عبد الله ! هذا خير , فمن كان
من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة و من كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد و
من كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة و من كان من أهل الصيام دعي من باب
الريان . قال أبو بكر الصديق : يا رسول الله ! ما على أحد يدعى من تلك الأبواب
من ضرورة , فهل يدعى أحد من تلك الأبواب كلها ? قال : نعم , و أرجو أن تكون
منهم " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 889 :
أخرجه البخاري ( 1897 و 2841 و 3216 و 3666 ) و مسلم ( 3 / 91 ) و الترمذي (
3675 ) و صححه , و النسائي ( 1 / 312 و 332 - 333 و 2 / 58 ) و ابن حبان ( 1 /
263 / 308 ) و مالك في " الموطأ " ( 2 / 24 - 25 ) من طريق حميد بن عبد الرحمن
عن # أبي هريرة # أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره . و أخرجه مسلم
من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن , و أحمد ( 2 / 366 ) من طريق أبي صالح ,
كلاهما عن أبي هريرة به مختصرا بلفظ : " من أنفق زوجين في سبيل الله , دعاه
خزنة الجنة كل خزنة باب : أي فل ! هلم " . فقال أبو بكر : " يا رسول الله ! ذلك
الذي لا توى عليه " . زاد أبو سلمة : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إني
لأرجو أن تكون منهم " . و له شاهد مختصر من حديث أبي ذر مرفوعا بالشطر الأول
منه دون قوله : " يا عبد الله ... " إلخ . أخرجه الدارمي ( 2 / 204 ) و أحمد (
5 / 151 و 153 و 159 و 164 ) و زاد في رواية : قلنا : ما هذان الزوجان ? قال :
إن كانت رجالا , فرجلان , و إن كانت خيلا ففرسان , و إن كانت إبلا فبعيران ,
حتى عد أصناف المال . و إسناده صحيح . و قال الدارمي عقبه : " هو درهمين , أو
أمتين , أو عبدين , أو دابتين " . قوله : ( لا توى عليه ) : أي لا ضياع و لا
خسارة , و هو من التوى : الهلاك .
ساجدة لله
2010-10-20, 05:59 AM
2880 " من قال : سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلا الله و الله أكبر غرس الله بكل
واحدة منهن شجرة في الجنة " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 890 :
أخرجه الطبراني في " الأوسط " ( 2 / 235 / 1 / 8640 ) و في " الدعاء " ( 3 /
1558 / 1676 ) من طريق علي بن عثمان اللاحقي قال : حدثنا عمران بن عبيد الله
مولى عبيد الصيد قال : سمعت الحكم بن أبان يحدث عن عكرمة عن # ابن عباس # قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . و قال : " تفرد به علي بن عثمان "
. قلت : و هو ثقة كما في " اللسان " , و العلة من شيخه عمران , ضعفه ابن معين و
البخاري كما يأتي , و وثقه ابن حبان ( 8 / 497 ) و لذا قال الهيثمي ( 10 / 91 )
: " رواه الطبراني في " الأوسط " , و رجاله وثقوا " . يشير بقوله : " وثقوا "
إلى ضعف توثيق أحد رجاله , و هو عمران هذا , و كذلك فعل المنذري , فإنه قال في
" الترغيب " ( 2 / 245 ) : " رواه الطبراني , و إسناده حسن لا بأس به في
المتابعات " . و هو كما قال أو أعلى , فإن له شواهد حسن أحدها المنذري , و صححه
الحاكم , و وافقه الذهبي , كما في تعليقي على " الترغيب " ( 2 / 244 ) و هو عن
أبي هريرة و الحديث رواه إسحاق بن أبي إسرائيل أيضا عن عمران , علقه البخاري في
" التاريخ " ( 3 / 2 / 427 ) في ترجمة عمران بن عبيد الله هذا , و قال : " فيه
نظر " . ثم إن للحديث شاهدا آخر من حديث جابر مختصرا , و قد سبق تخريجه برقم (
64 ) . و لحديث أبي هريرة طريق آخر , رواه البزار ( 3078 - كشف الأستار ) من
طريق حميد مولى علقمة : حدثنا عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة مثله . و قال : "
لا نعلمه يروى عن أبي هريرة إلا بهذا الإسناد , و حميد لا نعلم روى عنه إلا زيد
بن الحباب " ! قلت : و لذلك قال الحافظ فيه : " مجهول " . قلت : و مع ذلك فقد
حسن له الترمذي حديث : " إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا .. " . و قد مضى تخريجه
( 2562 ) . ( تنبيه ) : وقع في " دعاء الطبراني " : ( عمران بن عبيد مولى عبيد
الصيد ) فلم يعرفه المعلق عليه , فقال : " لم أقف على ترجمته , و بقية رجاله
حسن " !
2881 " من تداوى بحرام لم يجعل الله له فيه شفاء " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 892 :
أخرجه أبو نعيم في " الطب " ( ق 14 / 2 ) عن إبراهيم بن أيوب عن النعمان عن عبد
الحكم قال : سمعت ابن سيرين عن # أبي هريرة # قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : .. فذكره . قلت : و هذا إسناد ضعيف , إبراهيم بن أيوب هو الفرساني
الأصبهاني , قال ابن أبي حاتم عن أبيه : " لا أعرفه " . و ذكره أبو العرب في "
الضعفاء " كما في " الميزان " . و النعمان هو ابن عبد السلام الأصبهاني , و هو
ثقة فقيه . لكن شيخه عبد الحكم لم أعرفه . لكن ذكر له أبو نعيم شاهدا من رواية
يونس بن محمد : حدثنا الهياج أو الصباح بن عبد الله حدثنا غالب القطان عن ابن
سيرين عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من أصابه شيء من
الأدواء فلا يفزعن إلى شيء مما حرم الله , فإن الله لم يجعل في شيء مما حرم
شفاء " . و هذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين غير الهياج - هكذا ظهر لي من
النسخة المصورة و لم أعرفه , أما إن كان : الصباح بن عبد الله , فالظاهر أنه
العبدي المترجم في " التهذيب " برواية موسى بن إسماعيل التبوذكي عنه . قال ابن
معين : ثقة . و قال أبو حاتم : مجهول . و ذكره ابن حبان في " الثقات " - لكن من
دونه أحمد بن إسحاق شيخ أبي نعيم لم أعرفه , و اثنان فوقه لم أعرفهما لغموض
صورة أسمائهما . و له شاهد ثان من حديث أم سلمة مرفوعا , ثالث موقوف على ابن
مسعود سبق تخريجهما تحت الحديث ( 1633 ) , و الموقوف صحيح الإسناد , و الذي
قبله يحتمل التحسين , فإنه ليس في رجاله إلا ثقة , إلا أن حسان بن مخارق لم
يوثقه غير ابن حبان ( 4 / 163 و 6 / 223 ) و قد روى عنه ثقتان مع تابعيته , على
ما ترجح عندي في " تيسير الانتفاع " . و لما تقدم فقد ترجح لدي أن الحديث
بمجموع هذه الطرق حسن على أقل تقدير , و لاسيما و قد ثبت النهي عن التداوي
بالحرام و الدواء الخبيث كما بينته في المكان المشار إليه آنفا . و الله أعلم .
( تنبيه ) حديث ابن سيرين عن أبي هريرة المتقدم من رواية أبي نعيم , قد عزاه
إليه السيوطي في " الجامع الكبير " عن ابن سيرين مرسلا لم يذكر أبا هريرة , فلا
أدري إذا كان وصله عنه سقط من نسخة " الطب " التي نقل عنها السيوطي , أم هو
زيادة من بعض النساخ في نسختنا . و الله أعلم .
2882 " من ضم يتيما له أو لغيره حتى يغنيه الله عنه وجبت له الجنة " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 893 :
أخرجه الطبراني في " الأوسط " ( 2 / 26 / 1 / 5477 ) : حدثنا محمد بن أحمد بن
أبي خيثمة قال : حدثنا القاسم بن سعيد عن المسيب بن شريك قال : حدثنا الهيثم
أبو ( الأصل : ابن ) سعيد قال : حدثنا عبد الله بن تميم بن طرفة عن أبيه عن #
عدي بن حاتم # مرفوعا . و قال : " لم يسند عبد الله بن تميم بن طرفة حديثا غير
هذا , و لا يروى عن عدي إلا بهذا الإسناد , تفرد به القاسم بن سعيد عن المسيب
بن شريك " . قلت : و هذا متروك , و به أعله الهيثمي ( 8 / 162 ) . و الراوي عنه
القاسم بن سعيد لم أجد له ترجمة , و مثله عبد الله بن تميم , و قد ذكره المزي
في الرواة عن أبيه مصغرا : " عبيد الله " , و أشار إلى عدم صحة السند بذلك إليه
بقوله : " إن كان محفوظا " .و أما الهيثم أبو سعيد فقد ذكره البخاري و ابن أبي
حاتم في كتابيهما بروايته عن غالب القطان , و لم يذكرا عنه راويا , و أفادا أنه
بصري . فالإسناد مع ذاك المتروك مجهول . و قد روى طرفه الأول سفيان عن أبي
الحويرث عن رجل من جهينة مرفوعا به , و تمامه : " فاتقى الله فيه و أصلح كان
كالمجاهد في سبيل الله القائم ليله لا يرقد , و الصائم نهاره لا يفطر " . أخرجه
ابن منده في " المعرفة " ( 2 / 278 / 2 ) . قلت : و أبو الحويرث هذا اسمه عبد
الرحمن بن معاوية بن الحويرث الأنصاري , و هو ضعيف لسوء حفظه . و أخرج ابن
المبارك في " الزهد " ( 185 / 2 - الكواكب 575 ) : حدثنا سفيان عن علي ابن زيد
عن زرارة بن أبي أوفى عن مالك بن عمرو , أو عمرو بن مالك مرفوعا بلفظ : " من ضم
يتيما بين أبوين مسلمين حتى يستغني , فقد وجبت له الجنة البتة " . و أخرجه أحمد
( 4 / 344 ) من طريق أخرى عن سفيان , و عن هشيم عن علي بن زيد به , و كذلك
أخرجه أحمد في مكان آخر ( 5 / 29 ) و الطبراني في " المعجم الكبير " ( 19 / 667
- 670 ) من طرق أخرى عن علي بن زيد به . و علي بن زيد هو ابن جدعان , و هو ضعيف
, و يقول الهيثمي فيه هنا في هذا الحديث ( 8 / 161 ) : " و هو حسن الحديث " . و
قال في رواية الطبراني : " و هو حسن الإسناد " . و أقول : إن وجد له شاهد معتبر
بهذه الزيادة " البتة " فهو حسن , و إلا فلا . نعم هو حسن أو أعلى بالشاهد الذي
رواه محمد بن عمرو عن صفوان بن سليم عن أم سعد بنت عمرو الجمحية قالت : سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من كفل يتيما له أو لغيره من الناس كنت
أنا و هو في الجنة كهاتين " . أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 25 / 98 /
255 - 256 ) و رجاله ثقات كما قال الهيثمي ( 8 / 163 ) , فهو حسن لولا أن في
إسناده اختلافا بينه الحافظ في ترجمة مرة بن عمرو من " الإصابة " , و لكن ذلك
لا يمنع من الاستشهاد به , و قد أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " ( 133 )
مختصرا , و كذلك رواه في " صحيحه " , و قد مضى تخريجه برقم ( 800 ) . لكن
للحديث شاهد قوي رواه مسلم من حديث أبي هريرة بلفظ : " كافل اليتيم له أو لغيره
أنا و هو كهاتين في الجنة " . و أشار مالك بالسبابة و الوسطى . و قد سبق تخريجه
أيضا برقم ( 962 ) . و جملة القول أن الحديث صحيح بمجموع شواهده , و بخاصة هذا
الأخير منها . و الله تعالى أعلم . و يشهد له أيضا حديث ليث عن محمد بن المنكدر
عن أم درة عن عائشة قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " أنا و
كافل اليتيم له أو لغيره في الجنة , و الساعي على الأرملة و المسكين كالمجاهد
في سبيل الله " . أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " ( 1 / 291 / 2 / 4878 )
عن سهل بن عثمان قال : حدثنا حفص بن غياث عنه . و قال : " لم يروه عن محمد بن
المنكدر إلا ليث , و لا عن ليث إلا حفص , تفرد به سهل بن عثمان " ! كذا قال ! و
يرده قول أبي يعلى في " مسنده " ( 8 / 280 / 4866 ) : حدثنا عبد الرحمن ابن
صالح الأزدي حدثنا حفص بن غياث به , إلا أنه لم يذكر : " له أو لغيره " . فقد
تابع سهلا عبد الرحمن بن صالح . و لا يقال : لعله - أعني الطبراني - أراد
بالنفي المذكور الحديث بهذه الزيادة , لأن ذلك ليس من عادتهم , كما يعلم ذلك من
يقف على كلامهم . ثم إن أبا يعلى زاد في آخر الحديث : " .. و الصائم القائم لا
يفتر " . و يشهد لهذه الزيادة حديث أبي هريرة المذكور آنفا عند مسلم في رواية
له بلفظ : " الساعي على الأرملة و المسكين كالمجاهد في سبيل الله , و أحسبه قال
: و كالقائم لا يفتر , و كالصائم لا يفطر " . و رواه البخاري أيضا ( 5353 و
6006 و 6007 ) و لم يقل : " و أحسبه " في رواية . و رواه ابن حبان في " صحيحه "
( 2431 ) بالرواية الأولى , و ذكره الهيثمي في " زوائد ابن حبان " ( 2047 ) ,
فوهم .
2883 " ألا عدلت بينهما . يعني ابنه و بنته في تقبيلهما " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 897 :
أخرجه البزار في " مسنده " ( 2 / 378 / 1893 ) عن عبد الله بن موسى , و ابن
الأعرابي في " معجمه " ( ق 182 / 1 ) و أبو القاسم الهمداني في " الفوائد " ( 1
/ 3 / 2 ) كلاهما من طريق عبد الله بن معاذ الصنعاني عن معمر عن الزهري عن #
أنس # قال : كان رجل جالس مع النبي صلى الله عليه وسلم , فجاءه ابن له فأخذه
فقبله ثم أجلسه في حجره , و جاءت ابنة له , فأخذها إلى جنبه , فقال النبي صلى
الله عليه وسلم : فذكره . و قال البزار : " لا نعلم رواه عن معمر إلا عبد الله
, و كان صنعانيا تحول إلى مكة " . قلت : وقع في " كشف الأستار " ( عبد الله بن
موسى ) , و أنا أظن أن ( موسى ) محرف ( معاذ ) , و هذا هو الصواب , كما وقع في
المصدرين الآخرين , و هو ثقة , و من فوقه ثقات كذلك , فالسند صحيح . و قال
الهيثمي في " المجمع " ( 8 / 156 ) : " رواه البزار فقال : حدثنا بعض أصحابنا -
و لم يسمه - و بقية رجاله ثقات " . قلت : هو متابع في المصدرين الآخرين من
راويين اثنين : أحدهما : محمد بن عباد المكي , و هو صدوق يهم من رجال الشيخين ,
بل من شيوخهما و الآخر : سويد بن سكين , و لم أعرفه .
2884 " أي ذلك عليك أيسر فافعل . يعني إفطار رمضان أو صيامه في السفر " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 898 :
أخرجه تمام في " الفوائد " ( ق 161 / 1 ) : أخبرنا أبو علي أحمد بن محمد بن
فضالة ابن غيلان بن الحسين السوسي الحمصي الصفار : حدثنا أبو عبد الله بحر بن
نصر حدثنا ابن وهب حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أن عمران ابن أبي أنس
حدثه عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن # حمزة بن عمرو # : أنه سأل رسول الله صلى
الله عليه وسلم عن الصيام في السفر ? فقال : فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح
رجاله ثقات من رجال " التهذيب " غير السوسي هذا , ترجمه ابن عساكر في " تاريخ
دمشق " ( 2 / 213 ) برواية جمع عنه , و روى عن أبي سعيد بن يونس أنه قال فيه :
" توفي سنة ( 339 ) و كان ثقة , و كانت كتبه جيادا " . و ابن لهيعة في حفظه ضعف
إلا في رواية العبادلة عنه , فإنها صحيحة , و هذه منها كما ترى . و للحديث طرق
أخرى عن حمزة بن عمرو رضي الله عنه بألفاظ أخرى . أحدها في " صحيح مسلم " و هي
مخرجة في " الإرواء " ( 926 ) . و إنما آثرت تخريج هذا اللفظ هنا لعزة مصدره
أولا , و لتضمنه سبب ترخيصه صلى الله عليه وسلم و تخييره للمسافر بالصوم أو
الإفطار ثانيا , و هو التيسير , و الناس يختلفون في ذلك كل الاختلاف كما هو
مشاهد و معلوم من تباين قدراتهم و طبائعهم , فبعضهم الأيسر له أن يصوم مع الناس
, و لا يقضي حين يكونون مفطرين , و بعضهم لا يهمه ذلك فيفطر ترخصا ثم يقضي ,
فصلى الله على النبي الأمي الذي أنزل عليه : *( يريد الله بكم اليسر و لا يريد
بكم العسر )* .
2885 " إن شر الرعاء الحطمة " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 899 :
أخرجه مسلم ( 6 / 9 - 10 ) و أبو عوانة ( 4 / 424 ) و ابن حبان ( 7 / 22 / 4494
) و البيهقي في " السنن الكبرى " ( 8 / 161 ) و أحمد ( 5 / 64 ) و الروياني في
" مسنده " ( ق 153 / 2 ) و الطبراني في " المعجم الكبير " ( 18 / 17 / 26 ) و
الدولابي في " الكنى " ( 1 / 93 ) من طرق عن جرير بن حازم : حدثنا الحسن أن #
عائذ بن عمرو # - و كان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على عبيد
الله بن زياد فقال : أي بني ! إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (
فذكره ) فإياك أن تكون منهم , فقال له : اجلس فإنما أنت من نخالة أصحاب محمد
صلى الله عليه وسلم ! فقال : و هل كانت لهم نخالة ? إنما كانت النخالة بعدهم ,
و في غيرهم ! و تابعه شعبة عن يونس عن الحسن : أن عائذ بن عمرو قال لزياد : كان
يقال لنا : " شر الرعاء الحطمة " .. إلخ . قلت : لكن الحسن - و هو البصري -
كثير الإرسال و التدليس , و قوله : " أن عائذ ابن عمرو .. " صورته صورة المرسل
, و ما وجدت له سماعا منه و لو في غير هذا الحديث , و لو ثبت له ذلك , فذلك مما
لا يستلزم ثبوت اتصال هذا لكون الحسن مدلسا , و مثله لا يقبل حديثه إلا إذا صرح
بالتحديث , و هذا ما لم نجده كما تقدم . بل رأيت علي بن المديني - شيخ البخاري
- ينفي في رسالته " علل الحديث و معرفة الرجال " ( ص 69 ) سماعه منه , فقال :
" ما أراه سمع منه شيئا " . و نقله عنه العلائي في " مراسيله " ( ص 197 ) و
أقره . لكني وجدت للحديث شاهدا من رواية إسحاق بن سعيد : حدثنا عبد الكريم عن
الحسن عن أنس مرفوعا بلفظ : " إن شر الولاة الحطمة " . أخرجه البزار ( 2 / 238
/ 1604 ) و قال : " لا نعلم رواه بهذا اللفظ إلا عبد الكريم , و هو بصري , و
روي عن غير أنس , رواه أبو برزة و عائذ بن عمرو " . قلت : و عبد الكريم هذا
يحتمل أنه ابن أبي أمية , و به جزم الهيثمي ( 5 / 239 - 240 ) و قال : " و هو
ضعيف " . و يحتمل أنه غيره , فإن ابن أبي حاتم في " الجرح " بعد أن ذكر في
ترجمة ابن أبي أمية الحسن البصري قال ( 3 / 1 / 61 ) : " عبد الكريم , روى عن
الحسن , سمع منه محمد بن سلام . قال أبي : مجهول " , و كذا في " الميزان " و "
اللسان " . فالله أعلم أيهما هو ? فإنه لم يذكر في ترجمتهما راوي الحديث عنه
هنا : إسحاق ابن سعيد , و هو القرشي الأموي الكوفي , يحتمل أنهما واحد . و أي
ذلك كان , فالحسن هو البصري المذكور في حديث عائذ , و قد عرفت آنفا أنه يرسل و
يدلس , لكنهم قد صرحوا بصحة سماعه من أنس بن مالك , لو أنه صرح هنا بالتحديث ,
و صح السند إليه . لكن يبدو أن الحديث كان معروفا عند السلف , فقد جزم البزار -
كما رأيت آنفا - أنه رواه أبو برزة أيضا . و يؤيده أن الإمام الأوزاعي جزم
بنسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم في قصة سلامه على أبي جعفر العباسي
بالخلافة , و وعظه إياه , في قصة طويلة رواها محمد بن مصعب القرقساني عنه .
أخرجها أبو نعيم في " الحلية " ( 6 / 136 - 140 ) . و بالجملة , فالحديث بهذه
الشواهد اطمأنت النفس لثبوته , مع تصحيح الأئمة الثلاثة إياه : مسلم , و أبو
عوانة , و ابن حبان . و اعلم أن الحديث أورده النووي في " رياض الصالحين " في
موضعين منه , ذكره في الأول منهما ( رقم 197 ) بتمامه معزوا لمسلم , و في الآخر
( 661 ) دون قول ابن زياد : " اجلس .. " إلخ , و قال : " متفق عليه " . و هو
وهم لا ندري من الناسخ هو أو من المؤلف . و قد نبه عليه صاحب المكتب الإسلامي
في طبعته الجديدة لـ " الرياض " لسنة ( 1412 ) التي زينها بتصديرها بصفحتين
مصورتين من مخطوطتين للكتاب زعم أنه رجع إليهما , يعني للتحقيق , و لا أثر لذلك
في طبعته هذه , و إلا فهذا هو المكان المناسب ليثبت للقراء زعمه المذكور بأن
يبين ما في المخطوطتين حول هذا الوهم . و تلك شنشنة نعرفها من أخزم فهو كثيرا
ما يزين مطبوعاته ببعض الصفحات المصورة من مخطوطات يدعي أنها في مكتبته 0 و قد
تكون مصورات - يوهم القراء بأنه رجع إليها في التحقيق , و ليس الأمر كذلك , و
أوضح مثال على ذلك طبعه أخيرا السنن الأربعة التي كنت ميزت صحيحها من ضعيفها
فقدمت إليه فطبعها طبعات تجارية ظاهرة , و قسم كل كتاب منها إلى قسمين : "
الصحيح " و " الضعيف " , فخلط في ذلك خلطا عجيبا لأن ذلك ليس من علمه , و لا
أقول من اختصاصه , فجعل في " الصحيح " ما ينبغي أن يكون في " الضعيف " , و على
العكس , و لبيان هذا مجال آخر , و الشاهد هنا أنه زين هذه الكتب بصور صفحات من
مخطوطات السنن , كأنه كلف أن يقوم بطباعتها من جديد محققة على المخطوطات , و
إنما كلف بطبع التصحيح و التضعيف الذي قمت به على السنن ! و لكنه التشبع بما لم
يعط ! ثم إن المحقق الجديد المدعو بـ ( حسان عبد المنان ) لكتاب " رياض
الصالحين " قد حذف الحديث من المكان الأول منه - و هو الأتم فائدة - و اقتصر
على إيراده إياه في الموضع الآخر منه , و حذف منه قوله : " متفق عليه " . دون
أي بيان منه هل كان الحذف عن رأي منه , أم عن تحقيق وقع له برجوعه إلى بعض
المخطوطات , و هذا مما لم يعن به , و لم يدعه - و الحمد لله - كما فعل غيره .
ثم إن الظاهر أنه لم ينتبه للإرسال الذي فيه أو الانقطاع , و إلا لسارع إلى
التشبث به لتضعيف الحديث كما فعل بغيره مما رواه البخاري و مسلم , فضلا عما
رواه غيرهما من أصحاب السنن , و قدمت نماذج كثيرة منها في الاستدراكات التي
ألحقتها بالمجلد الثاني من " الصحيحة " الطبعة الجديدة . و الله المستعان . (
الرعاء ) : جمع ( راع ) . ( الحطمة ) : هو العنيف برعاية الإبل في السوق و
الإيراد و الإصدار , و يلقي بعضها على بعض , و يعسفها , ضربه مثلا لوالي السوء
. كما في " النهاية " .
2886 " اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا و أنت تجعل الحزن إذا شئت سهلا " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 902 :
أخرجه ابن حبان في " صحيحه " ( 2427 ) و ابن السني ( 351 ) و الضياء في "
المختارة " ( 1683 و 1684 ) و أبو نعيم في " أخبار أصفهان " ( 2 / 305 ) و
الأصبهاني في " الترغيب " ( 131 / 1 ) من طريق حماد بن سلمة عن ثابت عن #أنس #
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح على شرط
مسلم .
2887 " اجلسي لا يتحدث الناس أن محمدا يغزو بامرأة " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 903 :
أخرجه ابن سعد ( 8 / 225 - 226 ) : أخبرنا عبد الله بن محمد بن أبي شيبة حدثنا
حميد بن عبد الرحمن الرواس عن حسن بن صالح عن الأسود بن قيس عن سعيد بن عمرو عن
# أم كبشة # امرأة من قضاعة : أنها استأذنت النبي صلى الله عليه وسلم أن تغزو
معه ? فقال : لا , فقالت : يا رسول الله إني أداوي الجريح , و أقوم على المريض
, قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : .. الحديث . قلت : و هذا إسناد
صحيح على شرط مسلم إلى أم كبشة , لكن أم كبشة هذه ذكرها ابن أبي عاصم " في
الوحدان " ( 6 / 242 ) و الطبراني من طريق ابن أبي شيبة كما تقدم برقم ( 2740 )
, متعقبا الحافظ في إعلاله إياه بالإرسال , و ذكرت له شاهدا يزداد به قوة . و
لقد قدر إعادة تخريجه باللفظ المذكور أعلاه للفائدة الآتية : قلت : و في قبول
خبر " الوحدان " من الصحابة - و هم الذين لم يرو عنهم غير واحد من التابعين -
خلاف عند المحدثين , قال الحافظ في " الإصابة " ( 1 / 15 ) : " ثم من لم يعرف
حاله إلا من جهة نفسه فمقتضى كلام الآمدي الذي سبق و من تبعه أنه لا تثبت صحبته
, و نقل أبو الحسن بن القطان فيه الخلاف , و رجح عدم الثبوت , و أما ابن عبد
البر فجزم بالقبول بناء على أن الظاهر سلامته من الجرح , و قوى ذلك بتصرف أئمة
الحديث في تخريجهم أحاديث هذا الضرب في مسانيدهم , و لا ريب في انحطاط رتبة من
هذا سبيله عن من مضى , و من صور هذا الضرب أن يقول التابعي : " أخبرني فلان
مثلا أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول " , سواء أسماه أم لا " . و قد رجح
الحافظ ثبوت الصحبة بذلك فقد قال قبيل ذلك : " الفصل الثاني : في الطريق إلى
معرفة كون الشخص صحابيا " : " و ذلك بأشياء أولها أن يثبت بطريق التواتر أنه
صحابي , ثم بالاستفاضة و الشهرة , ثم بأن يروي عن أحد من الصحابة أن فلانا له
صحبة مثلا , و كذا عن آحاد التابعين بناء على قبول التزكية من واحد و هو الراجح
" . و الله أعلم . قلت : و على هذا جرى إمام السنة أحمد بن حنبل رحمه الله في "
مسنده " , فإن فيه عشرات الأحاديث عن جماعة من الصحابة لم يسموا , يقول التابعي
فيهم : عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم , أو بعض من شهد النبي صلى الله
عليه وسلم , و تارة : " خادم النبي صلى الله عليه وسلم " , و أحيانا كثيرة : "
رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم " , و نحوه كثير و كثير جدا , يتبين ذلك
بوضوح لمن يراجع كتابي " فهرس رواة المسند " المطبوع في أول " المسند " , بحيث
لو جمع ذلك في كتاب لكان في مجلد كبير . و في كتب " التخريج " من ذلك الشيء
الكثير , و منها هذه " السلسلة " .
2888 " وددت أني لقيت إخواني , فقال أصحابه : أوليس نحن إخوانك ? قال : أنتم أصحابي
و لكن إخواني الذين آمنوا بي و لم يروني " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 904 :
أخرجه أحمد ( 3 / 155 ) : حدثنا هاشم بن القاسم حدثنا جسر ( الأصل : حسن ) عن
ثابت عن # أنس # قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . و هذا إسناد
رجاله ثقات رجال الشيخين غير جسر , و هو ابن فرقد , و هو ضعيف لسوء حفظه , و
اختلفت أقوال الأئمة في تضعيفه , و لعل أعدل ما قيل فيه قول أبي حاتم : " ليس
بالقوي , كان رجلا صالحا " . و مثله قول البخاري في " التاريخ " ( 1 / 1 / 246
) : " ليس بذاك " . و قد أشار إلى هذا الذي ذكرته الذهبي في " الميزان " , فقد
ساق له حديثا في اسم الله الأعظم , فعقب عليه بقوله : " هذا شبه موضوع , و ما
يحتمله جسر " . و أقره الحافظ . قلت : فمثله يستشهد به , و يتقوى بغيره , خلافا
لمن نفى ذلك من بعض المعاصرين الذين لم يتقنوا هذه الصناعة , فإنه قد توبع ,
فقال أبو عبيدة الحداد : حدثنا محتسب بن عبد الرحمن عن ثابت البناني به , و
لفظه : " متى ألقى إخواني ? " . قالوا : يا رسول الله ! ألسنا إخوانك ? قال :
فذكره . أخرجه أبو يعلى في " مسنده " ( 6 / 118 ) و عنه ابن عدي ( 6 / 2457 ) و
الطبراني في " المعجم الأوسط " ( 2 / 39 / 5624 ) و قال : " لم يروه عن ثابت
إلا المحتسب " . كذا قال , و رواية أحمد عن جسر ترده , و هذه متابعة لا بأس بها
, فإن المحتسب هذا ذكره ابن حبان في " الثقات " ( 7 / 528 ) برواية أبي شهاب
الحناط عنه . و زاد في " الجرح " : " و عبد الواحد بن واصل أبو عبيدة الحداد "
. يعني راوي هذا الحديث عنه . فحديثه يحتمل التحسين , و لم يضعفه أحد سوى ابن
عدي , و لم يزد في ذلك على قوله : " يروي عن ثابت أحاديث ليس محفوظة " . و هذا
معناه أنه يتقى من حديثه ما تفرد به , أو خالف الثقات فيه , و ليس الأمر كذلك
هنا , فإنه لم يتفرد به كما عرفت . ثم إن له شاهدا من حديث أبي هريرة نحوه في
حديث السلام على المقبرة بلفظ : " وددت أنا قد رأينا إخواننا " . قالوا :
أولسنا إخوانك يا رسول الله ? قال : " أنتم أصحابي , و إخواننا الذين لم يأتوا
بعد " الحديث . أخرجه مسلم ( 1 / 150 ) و غيره , و هو مخرج في " الإرواء " ( 3
/ 235 / 776 ) و " أحكام الجنائز " ( ص 190 ) و " التعليق الرغيب " ( 1 / 93 )
. و الحديث أورده الهيثمي في " المجمع " ( 10 / 66 ) و قال : " رواه أحمد و أبو
يعلى , و في رجال أبي يعلى ( محتسب أبو عائذ ) , وثقه ابن حبان , و ضعفه ابن
عدي , و بقية رجال أبي يعلى رجال الصحيح غير الفضل بن الصباح , و هو ثقة , و في
إسناد أحمد جسر , و هو ضعيف , و رواه الطبراني في " الأوسط " , و رجاله رجال
الصحيح غير ( محتسب ) , و بسند أبي يعلى إلى أنس قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : " طوبى لمن رآني و آمن بي , و طوبى لمن آمن بي و لم يراني سبع مرات
" . رواه أحمد , و إسناد أبي يعلى - كما تقدم - حسن , و إسناد أحمد فيه جسر و
هو ضعيف " . قلت : تقدم تخريجه بهذا اللفظ , مع شواهد له , بعضها صحيحة برقم (
1241 ) , فراجع إن شئت .
2889 " كان إذا أوى إلى فراشه نام على شقه الأيمن , ثم قال : اللهم أسلمت نفسي إليك
و وجهت وجهي إليك و فوضت أمري إليك و ألجأت ظهري إليك رغبة و رهبة إليك لا ملجأ
و لا منجأ منك إلا إليك , آمنت بكتابك الذي أنزلت و نبيك الذي أرسلت , و قال
صلى الله عليه وسلم : " من قالهن ثم مات تحت ليلته مات على الفطرة " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 907 :
أخرجه البخاري في " صحيحه " ( 11 / 115 / 6315 ) و في " الأدب المفرد " ( 1213
) و من طريقه البغوي في " شرح السنة " ( 5 / 102 / 1316 ) : حدثنا مسدد حدثنا
عبد الواحد بن زياد حدثنا العلاء بن المسيب قال : حدثني أبي عن # البراء بن
عازب # قال : فذكره . و قال البغوي : " متفق على صحته " . كذا قال , و فيه نظر
لأنه يعني عادة أنه أخرجه الشيخان ! و لم يخرجه مسلم من هذه الطريق , و إنما من
طريقين آخرين عن البراء من أمره صلى الله عليه وسلم , و ليس من فعله , و قد خفي
هذا على بعض الكاتبين من المعاصرين كما يأتي . و أخرجه الطبراني في " الدعاء "
( 2 / 905 / 246 ) من طريق مسدد به . ثم أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " (
1211 ) من طريق عبد الله بن سعيد بن حازم أبي بكر النخعي قال : أخبرنا العلاء
بن المسيب به . قلت : و عبد الله بن سعيد هذا , لا بأس به في المتابعات , فقد
روى عنه ثلاثة من الثقات , و لهذا قال الحافظ في " التقريب " : " مقبول " . و
للحديث طريق أخرى , يرويه خلف بن خليفة عن حصين عن سعد بن عبيدة عن البراء به
أخرجه النسائي في " عمل اليوم و الليلة " ( 461 / 785 ) . قلت : و رجاله ثقات
رجال الشيخين غير خلف بن خليفة , فمن رجال مسلم , لكن كان اختلط . و قد خولف في
متنه , فرواه منصور عن سعد بن عبيدة به مرفوعا بلفظ : " إذا أتيت مضجعك فتوضأ
وضوءك للصلاة , ثم اضطجع على شقك الأيمن ثم قل .. " فذكره , و زاد في آخره : "
و اجعلهن آخر ما تتكلم به " . قال : فرددتها على النبي صلى الله عليه وسلم ,
فلما بلغت : " اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت " . قلت : و رسولك ! قال : " لا ,
و نبيك الذي أرسلت " . أخرجه البخاري ( 1 / 357 / 247 ) و مسلم ( 8 / 77 ) و
أبو داود ( 5046 - 5047 ) و الترمذي ( 3569 ) و صححه , و النسائي ( 781 و 782 )
و ابن حبان ( 5511 ) و الطبراني في " الدعاء " ( 2 / 905 / 245 ) و كذا أحمد (
4 / 293 ) و البيهقي في " شعب الإيمان " ( 4 / 173 / 4704 ) من طرق عن منصور به
. و أخرجه مسلم , و النسائي ( 783 - 785 ) , و ابن أبي شيبة ( 9 / 73 / 6577 و
10 / 246 / 9345 ) و أحمد ( 4 / 246 ) من طرق عن سعد بن عبيدة به نحوه . طريق
ثالثة : قال الحميدي في " مسنده " ( 316 / 723 ) : حدثنا سفيان قال : حدثنا أبو
إسحاق الهمداني قال : سمعت البراء بن عازب يقول : كان رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول عند مضجعه , أو أمر أن يقال عند المضجع , أو أمرني أن أقول عند مضجعي
- شك فيه سفيان لا يدري أيتهن - قال : اللهم .. الحديث . قلت : و هذا إسناد
صحيح متصل بالسماع من سفيان - و هو ابن عيينة - لأبي إسحاق - و هو السبيعي -
قبل اختلاطه , مصرحا بسماعه من البراء , فأمنا بذلك تدليسه و اختلاطه , لكن فيه
شك سفيان في متن الحديث هل هو من فعله صلى الله عليه وسلم كان يقوله عند مضجعه
, أو أمر غيره به , و بكل من الأمرين جاءت به الروايات عن أبي إسحاق من رواية
سفيان و غيره عنه , و عن غيره , و إليك البيان : أولا : عن سفيان بن عيينة عنه
. أخرجه الترمذي ( 3391 ) و الروياني في " مسنده " ( ق 84 / 2 - 85 / 1 ) و
الطبراني في " الدعاء " ( 2 / 903 / 241 ) من طرق عنه بلفظ الأمر , الأول بلفظ
: " أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : ألا أعلمك كلمات تقولها إذا أويت إلى
فراشك .. " و قال : " حسن صحيح غريب " . و الآخر بلفظ : " سمعت رسول الله صلى
الله عليه وسلم يأمر رجلا إذا أخذ مضجعه من الليل أن يقول .. " فذكره . و رواه
النسائي ( 778 ) من طريق قتيبة بن سعيد عنه بلفظ الفعل : " كان إذا أوى .. " .
ثانيا : سفيان الثوري عنه بلفظ : " إذا أويت .. " . أخرجه النسائي ( 457 / 770
) و أحمد ( 4 / 301 ) من طريق علي بن حفص : أخبرنا الثوري به . ثالثا : شعبة
عنه أنه سمع البراء بن عازب يقول : أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا به .
أخرجه البخاري ( 11 / 113 / 6313 ) و مسلم و النسائي ( 775 ) و الطيالسي ( 97 /
708 ) و أحمد ( 4 / 300 ) و الروياني ( ق 84 / 2 ) و الطبراني ( 2 / 902 / 241
) من طرق عنه به . و خالف أبو الوليد الطيالسي فقال عن شعبة ... بلفظ الفعل : "
كان إذا أخذ مضجعه قال : .. " فذكره . أخرجه البيهقي في " الشعب " ( 4 / 173 /
4706 ) و قال : " أخرجاه في " الصحيح " من حديث شعبة " . كذا قال ! و قد عرفت
أنهما إنما أخرجاه من أمره صلى الله عليه وسلم , و ليس من فعله , فكأنه يرى أن
أمره صلى الله عليه وسلم به يستلزم فعله إياه , لقاعدة *( أتأمرون الناس بالبر
و تنسون أنفسكم )* إلا لدليل , و هنا مع أنه لا دليل , فاختلاف الروايات عن
البراء ما بين أمر و فعل يدل على ثبوت الأمرين عنه صلى الله عليه وسلم , و قد
جمع بينهما العلاء بن المسيب في حديث الترجمة , فإنه بعد أن ساقه من فعله صلى
الله عليه وسلم ختمه بقوله صلى الله عليه وسلم : " من قالهن ثم مات .. " الحديث
, و هذا مذكور في أكثر روايات الأمر . و كذلك وقع الجمع في رواية خلف بن خليفة
المتقدمة على ما فيه من ضعف , لكن يقويه رواية العلاء و ما نحن في صدد ذكره من
الطرق , و إلى هذا مال الحافظ في " الفتح " ( 11 / 110 ) . ثم استدركت فقلت :
لعل رواية أبي الوليد عند البيهقي غير محفوظة , أو أن أحد الرواة اختصره فروى
الفعل دون الأمر , فقد قال الدارمي في " سننه " ( 2 / 290 ) : أخبرنا أبو
الوليد : حدثنا شعبة ... أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر رجلا إذا أخذ
مضجعه أن يقول : فذكره . و قد استوعب الطبراني في " الدعاء " طرقه عن أبي إسحاق
استيعابا واسعا لم أره لغيره , و منها طريق أبي الوليد هذه , و لكنه لم يذكر
معها إلا لفظا واحدا و هو لفظ الأمر , و كذلك هو في " المعجم الصغير " بإحدى
تلك الطرق ( رقم 145 - الروض ) و أخرى في " المعجم الأوسط " ( 1 / 159 / 2975 )
لكن قد أخرجه ابن حبان ( 5502 و 5517 ) بإسناد واحد عن شيخه أبي خليفة الفضل بن
الحباب قال : حدثنا أبو الوليد بالمتنين قوله و فعله , مفرقا في موضعين , فهذا
يؤيد ما ذهبنا إليه من الجمع . و الله الموفق . رابعا : أبو الأحوص : حدثنا أبو
إسحاق الهمداني به بلفظ الأمر : " يا فلان إذا أويت .. " الحديث . أخرجه
البخاري ( 13 / 462 / 7488 ) و مسلم , و ابن أبي شيبة ( 9 / 75 / 6583 و 10 /
246 / 9344 ) و الطبراني ( 2 / 903 / 241 ) . خامسا : معمر عن أبي إسحاق به من
أمره صلى الله عليه وسلم . أخرجه عبد الرزاق في " المصنف " ( 11 / 34 / 19829 )
و الطبراني ( 2 / 902 و 903 ) من طريقين عنه . سادسا و سابعا : عبد الله بن
المختار و حبيب بن الشهيد عن أبي إسحاق به بلفظ : " كان إذا أوى إلى فراشه قال
: " فذكره . أخرجه النسائي ( 774 ) : أخبرنا الحسن بن أحمد بن حبيب قال : حدثنا
إبراهيم - و هو ابن الحجاج - قال : حدثنا حماد عن عبد الله بن المختار و حبيب
بن الشهيد به . قلت : و هذا إسناد جيد , رجاله كلهم ثقات معروفون غير الحسن بن
أحمد هذا شيخ النسائي , و قد قال فيه : " لا بأس به " . قلت : لكن قد خالفه في
متنه إبراهيم بن هاشم البغوي , فقال : حدثنا إبراهيم بن الحجاج السامي به .. أن
النبي صلى الله عليه وسلم أمر رجلا إذا أخذ مضجعه .. الحديث . أخرجه الطبراني
في " الدعاء " ( 2 / 902 / 241 ) و في " الأوسط " ( 1 / 159 / 2975 ) و قال فيه
: " لم يروه عن عبد الله بن المختار و حبيب إلا حماد " . قلت : و البغوي هذا
قال الدارقطني : " ثقة " , فالجمع بين روايتهما أن كلتيهما صحيح ثابت , روى
أحدهما هذا , و الآخر هذا كما يشعر بذلك حديث الترجمة و غيره كما تقدم , و يؤيد
ذلك ما يأتي . و لحماد - و هو ابن سلمة - إسناد آخر , إن صح عنه , يرويه محمد
بن السكن الأيلي قال : حدثنا مؤمل بن إسماعيل قال : حدثنا حماد بن سلمة قال :
حدثنا ثابت البناني عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء بن عازب قال : " كان
النبي صلى الله عليه وسلم إذا أوى إلى فراشه قال : " فذكره . أخرجه الطبراني في
" الأوسط " ( 1 / 68 / 2 / 1258 و 2 / 72 / 6188 ) من طريق شيخين له قالا :
حدثنا محمد بن السكن الأيلي به . و قال : " تفرد به مؤمل بن إسماعيل " . قلت :
و هو صدوق سيىء الحفظ , كما في " التقريب " . و محمد بن السكن الأيلي لا أدري
إذا كان هو الذي في " الميزان " : " محمد بن السكن عن عبد الله بن بكير . لا
يعرف , و خبره منكر , قال البخاري : في إسناد حديثه نظر .. " . لكن الذي في "
تاريخ البخاري " ( 1 / 1 / 111 ) : " محمد بن سكين .. " . و كذا في " الجرح " ,
و " الثقات " ( 9 / 67 ) . و روي الحديث عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي
رضي الله عنه قال : فذكره من فعله صلى الله عليه وسلم . أخرجه الطبراني ( 2 /
901 / 239 ) من طريق علي بن عابس عنه . و علي بن عابس ضعيف . و قد خالفه
إسرائيل فرواه عن أبي إسحاق به عن علي موقوفا عليه . و هو أصح . أخرجه النسائي
( 454 / 708 ) . و رجاله ثقات . و بالجملة , فالحديث صحيح من فعله صلى الله
عليه وسلم و أمره , و هو على الاستحباب كما ذكر الحافظ في " الفتح " . هذا , و
قد امتحن بحديث الترجمة بعض المتعلقين بهذا العلم الشريف , و المتاجرين به , من
الناشرين المدعين للعلم , و الكاتبين , و لا أقول المؤلفين فيه , يجمعهم في ذلك
أنهم جميعا أنكروا رواية البخاري من فعله صلى الله عليه وسلم , بعضهم صراحة , و
بعضهم ضمنا . الأول : محمد فؤاد عبد الباقي , فإنه قال تحت حديث العلاء بن
المسيب في " الأدب المفرد " ( ص 312 / 1211 ) : " البخاري في : 4 - كتاب الوضوء
, 75 - باب فضل من بات على وضوء . مسلم في : 48 - كتاب الذكر و الدعاء و التوبة
.. ح 56 و 57 و 58 " . و هذا خطأ من ناحيتين : الأولى : أن البخاري إنما روى
الحديث في المكان الذي أشار إليه من " الوضوء " من طريق منصور التي هي من أمره
صلى الله عليه وسلم , و ليس من فعله كما تقدم بيانه , فكان حقه - لو كان يعلم -
أن يعزوه لكتاب " الدعوات " , فإن الحديث فيه كما تقدم مشارا إليه برقمه . و
الأخرى : أن مسلما لم يرو الحديث مطلقا من فعله صلى الله عليه وسلم لا من طريق
العلاء بن المسيب , و لا من غيره , كما تبين لك من هذا التخريج . و الثاني :
الشيخ الجيلاني في شرحه على " الأدب المفرد " ( 2 / 619 ) , فقد بالغ في الوهم
أنه قرن مع مسلم أبا داود و الترمذي ! و أضاف إلى البخاري كتاب التوحيد أيضا .
يشير بذلك إلى رواية أبي الأحوص التي هي من أمره صلى الله عليه وسلم كما تقدم
في ( رابعا ) , و إنما يقع هذا الشيخ الفاضل في مثل هذا الخطأ في التخريج لعدم
ممارسته هذا العلم , و انتباهه للفرق بين القول و الفعل , مع أن هذا ضروري جدا
من الناحية الفقهية كما لا يخفى على العلماء , و قد وقع له و للمذكور الأول مثل
هذا الخطأ في تخريجهما لأحاديث " الأدب المفرد " الشيء الكثير , كما ستراه
منبها عليه في كتابي الجديد " صحيح الأدب المفرد " الذي أرجو أن أنتهي منه
قريبا بإذن الله تبارك و تعالى . ثم انتهيت منه , و طبع و صدر هو و قسيمه "
ضعيف الأدب المفرد " , و الحمد لله على توفيقه . الثالث : جماعة من العلماء
بإشراف زهير شاويش ! كذا قال في الوجه الأول من طبعته الأولى بالترتيب الجديد !
لكتاب " رياض الصالحين " الذي كنت حققته من قبل , و طبعه سنة ( 1979 - 1399 )
الطبعة الأولى , ثم أعادها ثانية سنة ( 1404 ) , و الثالثة سنة ( 1406 ) . ثم
قام بطبعه هذه السنة ( 1412 ) بالترتيب الجديد , و قدم لها بمقدمة ملؤها الكذب
و الزور و قلب الحقائق بما لا مجال لبيان ذلك الآن , فحسب القراء دليلا على ذلك
زعمه أنه " تحقيق جماعة من العلماء " , فانظروا الآن في المثال الآتي : لقد
علقت " جماعة العلماء " على هذا الحديث , و قد قال النووي في تخريجه إياه ( رقم
817 - الطبعة الأولى بتحقيقي ) و ( رقم 818 - تحقيق جماعة من العلماء ) , قال
النووي : " رواه البخاري بهذا اللفظ في كتاب الأدب من صحيحه " . علقت عليه
الجماعة بقولها ( ص 337 ) : " تقدم هذا الحديث برقم ( 81 ) و سيأتي برقم ( 1470
) و رواه الإمام البخاري في الوضوء و الدعوات و التوحيد . بزيادة عما هنا , و
لم أجده في كتاب الأدب . و انظر " فتح الباري " ( 1 / 357 و 11 / 109 , 113 ,
115 , 13 / 462 ) . و لعل المؤلف وهم إذ إن الحديث في كتاب الأدب المفرد
للبخاري " . فتأمل أيها القارىء الكريم في هذا التخريج , هل هو أولا من عمل "
جماعة من العلماء " أم الجهلة , أم هو عمل فرد واحد لا يدري ما ينطق به لسانه ,
و ما يجري به قلمه , ألا و هو الذي أعلن أن التحقيق المذكور هو بإشرافه , بدليل
قوله : " و لم أجده .. " ?! هذا أولا . و ثانيا : هل كان عزوه تحقيق الطبعة
الجديدة لـ " جماعة من العلماء " من باب تغيير شكل من أجل الأكل الذي تمثل جليا
في حشره نفسه و غيره معي في تحقيق كتاب " التنكيل " كما شرحت ذلك في مقدمة
طبعته الجديدة ? أم هو الإعجاب و الغرور بالتحقيق المزعوم هنا فعزاه لنفسه هنا
دونهم ? ( أحلاهما مر ) . و سواء كان هذا أو ذاك , فهذا التخريج وحده أكبر دليل
على أن كاتبه ليس طالب علم , فضلا عن أنه ليس عالما , فكيف " جماعة من العلماء
" ?! و ذلك للوجوه الآتية : أولا : أن الحديث في " صحيح البخاري " كما علمت ,
فإنكار وجوده فيه مع توفر الفهارس الميسرة للاطلاع عليه يؤكد ما ذكرت . ثانيا :
أن الأرقام التي عزاها لـ " فتح الباري " هي ليست من كده و بحثه و تنقيبه , و
إنما هي من سرقاته الكثيرة التي فشت في كتاباته و تعليقاته , فهو استفادها من
الطبعة السلفية التي استقصى أطراف أحاديثها محمد فؤاد عبد الباقي رحمه الله ,
فقد أشار في الموضع الأول لحديث البراء ( 1 / 357 ) إلى أرقام أطرافه , فجاء
هذا المتشبع بما لم يعط ! فحول أرقامها إلى أرقام الصفحات و المجلدات !! تبجحا
و تدليسا على القراء , و إيهاما أن ذلك من تتبعه للحديث الذي لم يجده . ثالثا :
يا لله ! ما أجمل ما قيل : و مهما تكن عند امرىء من خليقة و إن خالها تخفى على
الناس تعلم . كما روي في الحديث الضعيف : " ما أسر عبد سريرة إلا ألبسه الله
رداءها , إن خيرا فخير , و إن شرا فشر " , فما أجمله من حديث لو صح <1> . لقد
كشف الله عن سرقة هذا المدعي و عن جهله و عجبه و غروره , بأن ألهمه أن يحول
أرقام أطراف الأحاديث إلى أرقام صفحاتها تدليسا و تمويها - كما سبق - و فيها
صفحة ( 115 ) من المجلد ( 11 ) , و الحديث الذي نفى وجوده فيها ! و بالرقم الذي
رقمه محمد فؤاد ( 6315 ) ! فحوله هو إلى رقم الصفحة كما رأيت , ليعمي عنه , و
قد جمعت أنا بين ذكر المجلد و الصفحة و رقم الحديث في أول هذا التخريج . و له
من مثل هذا النوع من الخلط و العدوان على العلم الشيء الكثير في تعليقاته التي
يعتدي بها علي و على كتبي , و قد سبق له مثال تحت الحديث ( 2840 ) فراجعه . و
الرابع و الأخير إن شاء الله من الممتحنين في هذا الحديث , ألا و هو المدعو
حسان عبد المنان , فقد قام هذا الرجل في هذه السنة بطبع " رياض الصالحين " طبعة
جديدة مسخها مسخا و تصرف فيه تصرفا سيئا بحيث صار نسبة الكتاب إلى الإمام
النووي كذبا و زورا مكشوفا لأسباب كثيرة قد ذكرت شيئا منها في موضع آخر <2> ,
منها أنه حذف منه نحو أربعمائة حديث كما حذف كلام النووي عليه شرحا , أو تحسينا
و تصحيحا . و هذا الحديث من تلك الأحاديث التي حذفها تحت بابه رقم ( 127 - باب
آداب النوم .. ) , و قد ذكر النووي فيه حديث الترجمة هذا , و حديثه من رواية
منصور المتقدم , فاحتفظ بطرفه الأول من هذا مشيرا إلى أنه يأتي بتمامه , و حذف
الأول دون أن يشير إلى ذلك , و السبب واضح لأنه فيما بدا لي من صنيعه في هذا
الكتاب أنه لا معرفة عنده بما في الأصول من الأحاديث , و إنما هو يستفيد من
الكتب الجامعة للأحاديث , و من بعض الكتب التي تعني بتخريج الأحاديث و الكلام
عليها , فإذا وجد فائدة أو نقدا تبناه و ذكره دون أن ينسبه إلى صاحبه , فيظهر
لي أنه ما حذفه إلا و قد شك على الأقل في وجوده في " صحيح البخاري " , و لم
يساعده الوقت للبحث عنه مستعينا بالفهارس , و ليس بالعلم الذي في صدره - إن كان
فيه - , و إلا لم يكن لحذفه معنى معقول لو كان واجدا له , لأن فيه فائدة لا
توجد في رواية منصور و هي مداومة النبي صلى الله عليه وسلم على النوم على شقه
الأيمن , و الدعاء فيه , و النووي رحمه الله ما أوردها إلا لذلك .
-----------------------------------------------------------
[1] انظر تخريجه في " سلسلة الأحاديث الضعيفة " رقم ( 237 ) .
[2] انظر الهامش الآتي ( ص 920 ) . و راجع ما جاء تحت الحديث ( 2914 ) . اهـ .
ساجدة لله
2010-10-20, 06:01 AM
2890 " من صلى صلاة الصبح فهو في ذمة الله , فلا يطلبنكم الله من ذمته بشيء فإنه من
يطلبه من ذمته بشيء يدركه , ثم يكبه على وجهه في نار جهنم " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 918 :
أخرجه مسلم ( 2 / 125 ) و أبو عوانة ( 2 / 11 - 12 ) و البيهقي في " السنن " (
1 / 464 ) و الطبراني في " المعجم الكبير " ( 2 / 179 / 1683 و 1684 ) و كذا
الروياني في " مسنده " ( 164 / 2 ) من طريق خالد الحذاء عن أنس بن سيرين قال :
سمعت # جندبا القسري # يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . و
تابعه الحسن عن جندب به مختصرا دون قوله : " فإنه من يطلبه .. " إلخ . أخرجه
مسلم و أبو عوانة و الترمذي ( 222 ) و ابن حبان ( 3 / 120 / 1740 ) و أحمد ( 4
/ 312 / 313 ) و الروياني أيضا ( 165 / 2 ) و أبو يعلى ( 3 / 95 / 1526 ) و
الطبراني أيضا ( 2 / 169 / 1654 - 1661 ) و في " الأوسط " ( 1 / 135 / 2 / 2611
) و البيهقي أيضا من طرق عنه , و قال الترمذي : " حديث حسن صحيح " . قلت : هو
كذلك لو أن الحسن - و هو البصري - صرح بالتحديث , فإنه معروف بالتدليس , بل قال
أبو حاتم : " لم يصح له السماع منه " . لكن أشار الحافظ المزي في " تهذيبه "
إلى رد ذلك بتصريحه بسماعه منه في إسناد صحيح ذكره , و هو يشير بذلك إلى حديث
رواه الشيخان , و سيأتي تخريجه برقم ( 3013 ) , فالعلة إذن عنعنته في حديث
الترجمة عند كل من ذكرنا ممن خرجه . و لعله من أجل ذلك أخرجه مسلم عقب حديث أنس
بن سيرين , كأنه ذكره استشهادا به . و الله أعلم . و قد زاد بعضهم في متنه من
روايته عن الحسن : " فانظر يا ابن آدم ! لا يطلبنك .. " . و هي عند أبي عوانة و
ابن حبان و البيهقي و أحمد و الطبراني دون مسلم , و لعله - رحمه الله - تعمد أن
لا يذكرها إشارة منه إلى ما ذكرته آنفا من العلة , مع عدم ورودها في الطريق
الأولى الصحيحة , فهي شاذة إن لم نقل منكرة , فقد جاء الحديث عن جمع من الصحابة
دون هذه الزيادة , منهم : أبو هريرة عند الترمذي ( 2165 ) و الدارمي ( 1 / 332
) . و سمرة بن جندب عند ابن ماجه ( 3946 ) و أحمد ( 5 / 10 ) . و أبو بكر
الصديق عند ابن ماجه ( 3945 ) . و عبد الله بن عمر , في " المسند " ( 2 / 111 )
و البزار ( 2 / 120 / 3342 ) عن نافع , و الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 197 / 2
/ 3608 ) عن سالم كلاهما عنه . و أنس بن مالك , عند البزار أيضا ( 3343 ) و أبي
يعلى ( 7 / 141 / 4107 و 151 / 4120 ) و الطبراني أيضا ( 1 / 158 / 2 / 2962 )
و ابن عدي ( 2 / 276 ) . ( تنبيه على أمور ) : أولا : أورد النووي الحديث في "
رياض الصالحين " ( 1055 ) من رواية مسلم دون قوله : " فإنه من يطلبه .. " إلخ ,
و بالزيادة المنكرة التي في رواية الحسن البصري عند غير مسلم ! و في ظني أنه
نقلها من سنن " البيهقي " لأنه عزاها لمسلم أيضا ! ثانيا : لم يتنبه لهذا الذي
ذكرته حسان عبد المنان في طبعته الجديدة لـ " الرياض " , التي لم يعد من الجائز
نسبتها إلى مؤلفه الإمام النووي لمسخه إياه مسخا غير معالمه بالحذف و التقديم و
التأخير بما يطول ذكره , و قد بينت شيئا من ذلك في غير ما موضع <1> , و المقصود
هنا أن الرجل ادعى من العلم في تحقيقه لهذا الكتاب ما يدل واقعه على أنه ليس
كما يدعي , إنما هو ناقل لا تحقيق عنده و هذا هو المثال أمامك , فإنه على رغم
أنه رجع إلى الحديث في " مسلم " , و وضع بجانبه رقمه فيه ( 632 ) , فإنه لم
ينبه على الاختلاف الذي بينه و بين نصه في " مسلم " , كأنه لا يعنيه من تعقيبه
أحاديث " رياضه " بأرقامها في " البخاري " و " مسلم " إلا إيهام القراء أنه
راجع ألفاظها , و قابلها بأحاديث " الرياض " , و هو لم يصنع من ذلك شيئا (
كالهر يحكي انتفاخا صولة الأسد ) ! ثالثا : و أما صاحب ( المكتب الإسلامي ) ,
فإنه أيضا أعاد طبع " الرياض " في هذه السنة ( 1412 ) , و هي نفسها التي صدرت
فيها طبعة المذكور قبله , و لا أدري أيهما غار من الآخر فطبع طبعته منافسا له !
و الشاهد أن الصاحب المشار إليه علق على الحديث بقوله : " سكت الشيخ ناصر عن
هذا الحديث , و ليس في روايات مسلم 1 / 454 : " فانظر يا ابن آدم " , و في
روايات مسلم زيادة مفادها : فيدركه فيكبه في نار جهنم " . قلت : و فيه ملاحظات
عديدة : الأولى : السكوت الذي نسبه إلي - و قد كرره مرارا ! فيه غمز خبيث ما
أظنه إلا منه , و ليس من " جماعة العلماء " الذين ادعى في مقدمة طبعته الجديدة
أنها من تحقيقهم , فهل يقع العلماء في مثل هذا الغمز الذي لا فائدة منه إلا
التشفي , و بغير حق ! لأنه يريد أن يشعر القراء بإخلالي في تحقيقي السابق
للكتاب : " الرياض " الذي لم يكن هو قد أراد له كل جوانب التحقيق , و إنما على
ما تيسر , فضلا عن أنه لم يكن فيه التزام مقابلة أحاديثه بأصولها , و لا الصاحب
المذكور يرضى بذلك , و لو فعل لأفلس , لأن تأليف الكتاب من جديد أيسر من ذلك
التحقيق . و على الباغي تدور الدوائر , و يؤكد ذلك ما يلي : الثانية : لقد
انتبه لتلك الزيادة أنها ليست في مسلم , و لكنه لم يعزها لمصدر , و لا بين
ضعفها , مع أنه زعم في مقدمة طبعته الجديدة أنها من " تحقيق جماعة من العلماء "
! الثالثة : قوله : " مفادها .. " تعبير غير علمي لأنه يساوي قوله : " معناها "
, فالصواب أن يقال : نصها . كما هو ظاهر لا يخفى إلا على جاهل غبي . الرابعة :
هذا النص هو في رواية لمسلم مختصرة جدا , فكان عليه أو على " جماعة العلماء " -
إن كان صادقا - أن يذكروا رواية مسلم الأخرى التي اعتمدتها في حديث الترجمة ,
لأنها أتم كما ترى . الخامسة : كان عليه أو عليهم ! أن ينبهوا أن هناك في متن
حديث " الرياض " مخالفة أخرى لما في " مسلم " , ففيه : " فلا يطالبنكم " , و في
" الرياض " : " لا يطالبنك " ! لقد ذكرني هذا الغماز اللماز بالمثل العامي : من
كان بيته من زجاج فلا يرمي الناس بالحجارة ! رابعا : عزا المنذري الحديث في "
الترغيب " ( 1 / 141 ) لأبي داود أيضا , و هو وهم . فاقتضى التنبيه .
-----------------------------------------------------------
[1] انظر مثلا ( ص 945 - 947 ) من " الصحيحة " المجلد الأول / الطبعة الجديدة .
و ( ص 717 - 724 ) من المجلد الثاني / الطبعة الجديدة , و تقدم شيء منه قريبا (
917 ) . اهـ .
2891 " أيما امرئ قال لأخيه : يا كافر ! فقد باء بها أحدهما إن كان كما قال و إلا
رجعت عليه ( و في رواية : " على الآخر " ) " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 922 :
أخرجه مسلم ( 1 / 57 ) و أبو عوانة ( 1 / 23 ) و ابن حبان ( 1 / 234 / 250 ) و
أحمد ( 2 / 44 )من طرق عن عبد الله بن دينار أنه سمع # ابن عمر # يقول : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم :فذكره . و أخرجه البخاري ( 6104 ) و أبو عوانة
, و ابن حبان ( 249 ) و الترمذي ( 7 / 293 / 2639 ) ,و أحمد ( 2 / 18 و 47 و
60 و 112 و 113 ) من طرق أخرى عن ابن دينار به دون قوله : " إن كان .. " إلخ ,
و كذا هو في " موطأ مالك " ( 3 / 148 ) و من طريقه أخرجه البخاري و غيره . و
كذلك رواه في " الأدب المفرد " ( 439 ) من طرق عن مالك . و قال الترمذي : "
حديث حسن صحيح " . و خالف الطرق المشار إليها عن مالك أحد الضعفاء , فقال
البخاري في " الأدب المفرد " ( 440 ) : حدثنا سعيد بن داود , قال : حدثنا مالك
أن نافعا حدثه أن عبد الله بن عمر أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
فذكره بمعنى حديث الترجمة . و سعيد هذا هو الزنبري , قال الحافظ في " التقريب "
: " صدوق له مناكير عن مالك , و يقال : اختلط عليه بعض حديثه , و كذبه عبد الله
ابن نافع في دعواه أنه سمع من لفظ مالك " . قلت : و هذا من مناكيره , فإنه خالف
الجماعة في شيخ مالك , فجعله نافعا , و إنما هو عبد الله بن دينار . لكن له أصل
من حديث نافع عن ابن عمر مختصرا دون الزيادة . أخرجه مسلم ( 1 / 56 ) و أبو
عوانة ( 1 / 21 - 22 ) . و له شاهد من حديث أبي ذر مرفوعا بلفظ : " لا يرمي رجل
رجلا بالفسق , و لا يرميه بالكفر , إلا ارتدت عليه إن لم يكن صاحبه كذلك " .
أخرجه البخاري في " صحيحه " ( 6045 ) و " الأدب المفرد " ( 432 ) و مسلم بنحوه
, و أبو عوانة ( 1 / 23 ) و أحمد ( 5 / 181 ) و البزار ( 4 / 431 / 2034 ) و
قال : " لا نعلمه بهذا اللفظ عن أحد من الصحابة إلا بهذا الإسناد " . ( تنبيه )
: وهم في حديث " الأدب المفرد " من طريق سعيد بن داود الزنبري رجلان : أحدهما :
الشيخ الجيلاني شارح " الأدب " , فقال في تخريجه ( 1 / 529 ) : " أخرجه المصنف
في " صحيح الأدب " و أحمد " . و هذا خطأ , لأن البخاري إنما رواه في " صحيحه "
مختصرا كما تقدم . و كان الأولى به أن يعزوه لمسلم لأنه عنده أتم بنحوه . و
الآخر : محمد فؤاد عبد الباقي , فإنه لم يخرجه , و إنما قال : " هو معنى الحديث
السابق " . يعني حديث صحيح البخاري المختصر الذي آخره : " فقد باء به أحدهما "
. و كان حقه أن يعزوه لمسلم لما تقدم آنفا .
2892 " أرأيت هذا الليل الذي قد كان ألبس عليك كل شيء أين جعل ? فقال : الله أعلم .
قال : فإن الله يفعل ما يشاء " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 924 :
أخرجه إسحاق بن راهويه في " مسند أبي هريرة " ( 1 / 399 / 437 ) : أخبرنا
المخزومي : أخبرنا عبد الواحد بن زياد أخبرنا عبد الله بن عبد الله الأصم
أخبرنا يزيد بن الأصم عن # أبي هريرة # قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله
عليه وسلم فقال : يا محمد ! أرأيت *( جنة عرضها السماوات و الأرض )* فأين النار
? قال : فذكره . و أخرجه ابن حبان في " صحيحه " ( 1 / 158 / 103 ) من طريق ابن
راهويه و فيه بعض الأحرف قد حرفت فتصحح من هنا . و توبع إسحاق , فقال البزار في
" مسنده " ( 3 / 43 / 2196 ) : حدثنا محمد بن معمر حدثنا مغيرة بن سلمة أبو
هشام حدثنا عبد الواحد بن زياد به . إلا أنه قال : " قال : حيث شاء الله , قال
: فكذلك النار حيث شاء الله " . و توبع البزار , فقال الحاكم ( 1 / 36 ) :
أخبرني محمد بن عبد الله الجوهري - و اللفظ له - : حدثنا محمد بن إسحاق : أنبأ
محمد بن معمر بن ربعي القيسي : حدثنا أبو هشام المغيرة بن سلمة المخزومي به ,
إلا أنه قال : " قال : كذلك الله يفعل ما يشاء " . و قد توبع المخزومي , فأخرجه
الحاكم أيضا من طريق أبي النعمان محمد بن الفضل : حدثنا عبد الواحد بن زياد به
. و قال : " حديث صحيح على شرط الشيخين " . و وافقه الذهبي . و أقول : إنما هو
على شرط مسلم فقط , لأن عبد الله بن عبد الله الأصم لم يرو عنه البخاري , و هو
ثقة كما قال ابن معين و غيره , و هو أخو عبيد الله بن عبد الله الأصم , و
كلاهما ذكرهما ابن حبان في " الثقات " ( 7 / 36 و 142 ) , أكبرهما عبد الله , و
كلاهما يروي عن عمهما يزيد بن الأصم , و عن كل منهما عبد الواحد بن زياد كما في
" الجرح و التعديل " و غيره , فكأنه لذلك اختلف الرواة أو المخرجون في راوي هذا
الحديث هل هو عبد الله المكبر , أم عبيد الله المصغر ? فوقع في " مسند إسحاق "
و " مستدرك الحاكم " مكبرا , و وقع في " الإحسان " و في " مسند البزار " مصغرا
, و كذا وقع في " صحيح مسلم " ( 2 / 59 ) و قد ساق له حديثا آخر فيما يقطع
الصلاة , ساقه عن شيخه إسحاق بن راهويه بإسناده المذكور أعلاه , لكنه قال : "
عبيد الله .. " , و من الغريب أن الحافظ ذكر القطع هذا في ترجمة عبد الله
المكبر , و هو تابع في ذلك لأصله " تهذيب المزي " فإنه ساقه في ترجمته ( 15 /
164 - 165 ) بإسناده المذكور أعلاه ! و عزاه لمسلم ! و قد رأيته في " مسند
السراج " ( ق 43 / 1 ) بإسناده هذا لكن وقع فيه : " عبيد الله " مصغرا ! و هي
نسخة جيدة , و كذلك هو في " مسنده " المطبوع ( 1 / 328 / 314 ) و لكني أعتقد
أنه خطأ من الناسخ لأن صورته في الأصل المخطوط هكذا : " عبد " هكذا بسن واحد
للباء الموحدة بين العين و الدال , و بجانب نقطة الباء ظهرت وسخة في المصورة
نقطة أخرى عن يسار الأولى , و دونها و أكبر منها قليلا توهمها المحقق نقطتين !
و لو كان صوابا لجعل لها ناسخ الأصل سنا أيضا هكذا " عبيد " , و يؤيد الوهم أن
في " مسند ابن راهويه " قبل هذا و بعده حديثين آخرين بسندين آخرين عن عبد الله
هذا عن عمه يزيد بن الأصم به . لكن أحدهما - و هو في أمر الأعمى أن يحضر صلاة
الجماعة إذا سمع النداء - لكن الحديث في " صحيح مسلم " ( 2 / 124 ) من طريق
إسحاق و غيره , و فيه : " عبيد الله " مصغرا ! و كذلك وقع في " أبي عوانة " ( 2
/ 7 ) من طريق أخرى عن شيخ إسحاق مروان بن معاوية الفزاري عنه و بالجملة , فهذا
اختلاف شديد في الراوي لهذه الأحاديث و منها حديث الترجمة عن يزيد بن الأصم ,
حتى إنه ليلقى في البال لعله شخص واحد , اختلف الرواة في اسمه , فمنهم من يكبره
, و منهم من يصغره , و سواء كان هذا أو ذاك , فالمهم أنه ثقة من رجال مسلم , و
قد صححه من سبق ذكرهم , و لاسيما و له شواهد كثيرة و هي و إن كانت جلها موقوفة
, أخرجه ابن جرير في " تفسيره " ( 4 / 60 ) من حديث عمر بن الخطاب , و ابن عباس
, بسندين صحيحين عنهما - فإنها تدل على أن هذا الجواب منه صلى الله عليه وسلم
كان معروفا لديهم , على أنه قد روي مرفوعا في حديث التنوخي رسول هرقل إلى رسول
الله صلى الله عليه وسلم , و فيه قوله صلى الله عليه وسلم : " سبحان الله أين
الليل إذا جاء النهار ? " . أخرجه أحمد ( 4 / 441 - 442 ) و ابن جرير بسند ضعيف
, و قد تكلم عليه الشيخ أحمد شاكر رحمه الله في تعليقه على " تفسير ابن جرير "
( 7 / 209 - 210 ) و أطال النفس و أجاد , جزاه الله خيرا . و إن من فقه الحديث
ما ترجم له ابن حبان بقوله : " ذكر الخبر الدال على إجابة العالم السائل
بالأجوبة على سبيل التشبيه و المقايسة دون الفصل في القصة " .
2893 " اركع ركعتين و لا تعودن لمثل هذا . يعني : التأخير في المجيء إلى الجمعة " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 927 :
أخرجه ابن حبان في " صحيحه " ( 4 / 92 / 2495 ) و الدارقطني في " سننه " ( 2 /
16 / 11 ) من طريق ابن إسحاق : حدثني أبان بن صالح عن مجاهد عن # جابر بن عبد
الله # قال : دخل سليك الغطفاني المسجد يوم الجمعة و رسول الله صلى الله عليه
وسلم يخطب الناس , فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره , قال :
فركعهما ثم جلس . قلت : و هذا إسناد حسن لأن ابن إسحاق قد صرح بالتحديث , فأمنا
بذلك شر تدليسه , و سائر رجاله ثقات , و لعله لذلك أشار الحافظ لتقوية الحديث
بقوله في " الفتح " ( 2 / 408 ) : " أخرجه ابن حبان " , و سكت عليه . و قال ابن
حبان عقبه . " قوله : " لا تعودن لمثل هذا " , أراد الإبطاء في المجيء إلى
الجمعة لا الركعتين اللتين أمر بهما , و الدليل على صحة هذا خبر ابن عجلان الذي
تقدم ذكرنا له أنه أمره في الجمعة الثانية أن يركع ركعتين مثلهما " . قلت :
حديث ابن عجلان الذي أشار إليه ابن حبان , أخرجه ابن حبان قبيل هذا , و إسناده
حسن أيضا , و هو مخرج في " صحيح أبي داود " ( 1470 ) .
2894 " لا وصال في الصيام " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 928 :
أخرجه أبو داود الطيالسي في " مسنده " ( 1765 ) : حدثنا اليمان أبو حذيفة عن
أبي عيسى عن # جابر # أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره . قلت : و
هذا إسناد ضعيف , اليمان هذا ضعيف اتفاقا . و أبو عيسى لم أعرفه . و رواه حرام
بن عثمان عن عبد الرحمن و محمد ابني جابر عن أبيهما به . أخرجه عبد الرزاق في "
المصنف " ( 4 / 269 / 7758 ) و البيهقي في " السنن " ( 7 / 319 ) من طريقين عنه
. لكن حرام هذا متروك , حتى قال الشافعي فيه : " الرواية عن حرام حرام " ! و
أخرجه الطيالسي أيضا ( 1764 ) : حدثنا خارجة بن مصعب عن حرام بن عثمان عن أبي
عتيق عن جابر به . و أبو عتيق هو عبد الرحمن بن جابر المتقدم في رواية عبد
الرزاق . و خارجة بن مصعب متروك أيضا . لكن للحديث شاهد خير مما تقدم , فقال
أحمد في " المسند " ( 3 / 62 ) : حدثنا عبد الله بن الوليد حدثنا سفيان عن سلمة
بن كهيل عن قزعة عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره .
قلت : و هذا إسناد جيد , رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير عبد الله بن الوليد
هذا , و هو العدني , و هو مختلف فيه , و قد قال أحمد فيه : " حديثه صحيح " . و
قال الذهبي في " المغني " : " صدوق " . و كذا قال الحافظ , و زاد : " ربما أخطأ
" . قلت : و قد توبع , فقد أخرجه ابن حبان في " صحيحه " ( 5 / 236 / 3570 ) من
طريق أخرى عن أحمد قال : حدثنا مؤمل بن إسماعيل و عبد الله بن الوليد عن سفيان
به . و مؤمل هذا قريب حاله من حال العدني , قال الحافظ : " صدوق سيىء الحفظ " .
فهو متابع قوي , و الحديث صحيح , فقد جاء من طريق أخرى عن أبي سعيد مرفوعا بلفظ
: " لا تواصلوا .. " الحديث . رواه البخاري و غيره , و هو مخرج في " صحيح أبي
داود " ( 2044 ) . و الحديث لم يعزه السيوطي في " الجامع الصغير " إلا للطيالسي
, و أما في " الجامع الكبير " فزاد عليه : " عم , سمويه , حب " . و لعل " عم "
محرف من " حم " , فإن عبد الله بن الوليد هو من شيوخ أحمد . ثم إنني أتعجب من
الهيثمي كيف فات عليه هذا الحديث فلم يورده في " مجمع الزوائد " مع أنه على
شرطه , و كذلك لم يورده في " موارد الظمآن " ! و لعل ملحظه في ذلك أنه بمعنى
رواية البخاري المتقدمة , فهو على ذلك ليس على شرطه . و الله سبحانه و تعالى
أعلم . ثم إن للحديث طريقا ثالثة عن جابر , و شاهدا آخر من حديث علي رضي الله
عنهما , أخرجهما ابن الجوزي في " الواهيات " ( 2 / 152 - 153 ) و بين عللهما ,
و فيما تقدم غنية عنهما , فمن شاء رجع إليه . و له شاهد ثالث فيه زيادة منكرة ,
فلابد من ذكره و بيان علته يرويه جعفر بن سعد ابن سمرة : حدثني خبيب بن سليمان
عن أبيه سليمان بن سمرة عن سمرة قال : " نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن
نواصل في شهر الصوم و كرهه , و ليس بعزمة " . أخرجه البزار ( 1 / 482 / 1024 )
و الطبراني في " الكبير " ( 7 / 300 / 7011 و 7012 ) و قال الهيثمي ( 3 / 158 )
: " و إسناده ضعيف " . قلت : و هذا إسناد مظلم , مسلسل بالعلل : 1 - جعفر بن
سعد بن سمرة , قال الحافظ في " التقريب " : " ليس بالقوي " . 2 - خبيب بن
سليمان , مجهول . 3 - أبوه سليمان بن سمرة , مقبول . قلت : و على هذا فالزيادة
منكرة .
2895 " من أحبهما فقد أحبني و من أبغضهما فقد أبغضني . يعني الحسن و الحسين رضي الله
عنهما " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 931 :
أخرجه أحمد في " المسند " ( 2 / 440 ) و في " الفضائل " ( 2 / 777 / 1376 ) و
من طريقه الحاكم ( 3 / 166 ) و البزار ( 3 / 227 / 2627 ) عن جعفر بن إياس عن
عبد الرحمن بن مسعود عن # أبي هريرة # قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه
وسلم و معه حسن و حسين , هذا على عاتقه , و هذا على عاتقه , و هو يلثم هذا مرة
, و يلثم هذا مرة , حتى انتهى إلينا , فقال له رجل : يا رسول الله ! إنك تحبهما
. فقال : فذكره . و قال البزار : " لا نعلم روى عبد الرحمن بن مسعود عن أبي
هريرة إلا هذا " . قلت : بلى له عنه حديث آخر تقدم برقم ( 360 ) , لكن وقع هناك
" عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود " نقلا عن " موارد الظمآن " , و بعد طبع
أصله " صحيح ابن حبان " , و طبع كتاب شيخه فيه " مسند أبي يعلى " تبين أن زيادة
" عبد الله " بين " عبد الرحمن " و " مسعود " خطأ من الناسخ أو الطابع فليصحح .
و قال الحاكم عقب حديث الترجمة : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي . و هذا
منهما ذهاب إلى أن عبد الرحمن بن مسعود هذا ثقة , و قد وثقه ابن حبان ( 5 / 106
) و لم يذكر له راويا غير جعفر هذا , و كذلك فعل ابن أبي حاتم , لكن لما ترجمه
الحافظ في " التعجيل " قال : " و عنه جعفر بن إياس و غيره " . و خفي هذا على
المعلق على " الإحسان " ( 10 / 447 - طبع المؤسسة ) , فقال : " و لم يرو عنه
غير جعفر بن إياس " ! و لم يقله قبله غيره ! مع أنه قال عقبه : " مترجم عند ابن
أبي حاتم ( 5 / 285 ) , و " التعجيل " ( ص 258 ) " , و فيه تدليس لا يخفى على
اللبيب , أما بالنسبة لـ " التعجيل " فظاهر لأنه نفى ما أثبته , و أما بالنسبة
لـ " الجرح " فلأنه لم ينف نفيه , و إنما ذكر أنه روى عنه جعفر ! و شتان ما
بينهما !! على أنه لم يتفرد بهذا الحديث , فقد أخرجه الطبراني في " المعجم
الكبير " ( 3 / 40 - 42 ) و ابن عساكر في " التاريخ " ( 4 / 501 - 503 ) من طرق
عن أبي حازم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكر حديث
الترجمة . و بعض هذه الطرق عند أحمد ( 2 / 288 ) و عبد الرزاق ( 3 / 471 / 6369
) و فيه عنده قصة ذكرتها في " أحكام الجنائز " ( ص 100 - 101 ) , و صححه الحاكم
. و وافقه الذهبي , و هو كما قالا .
2896 " مثل المجاهد في سبيل الله كمثل الصائم القائم الدائم الذي لا يفتر من صلاة و
لا صيام حتى يرجع " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 933 :
أخرجه مالك في " الموطأ " ( 2 / 2 ) و عنه ابن حبان في " صحيحه " ( 7 / 68 /
4602 - الإحسان ) و أحمد ( 2 / 465 ) عن أبي الزناد عن الأعرج عن # أبي هريرة #
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره . و من طريق مالك أيضا أخرجه
البغوي في " شرح السنة " ( 10 / 349 - 350 ) و قال : " متفق على صحته , أخرجاه
من رواية أبي الزناد و غيره , و من طرق عن أبي هريرة " . و من طرقه : عن سهيل
بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال : قيل للنبي صلى الله عليه وسلم : ما
يعدل الجهاد في سبيل الله عز وجل ? قال : " لا تستطيعونه " . قال : فأعادوا
عليه مرتين أو ثلاثا , كل ذلك يقول : " لا تستطيعونه " . و قال في الثالثة :
فذكره . أخرجه مسلم ( 6 / 35 ) و أبو بكر بن أبي شيبة ( 5 / 287 ) و من طريقه
ابن حبان ( 4608 ) و الترمذي ( 1619 ) و صححه , و أحمد أيضا ( 2 / 424 ) و كذا
البغوي ( رقم 2612 ) و قال : " حديث متفق على صحته , أخرجاه من أوجه عن أبي
هريرة " . ثم رواه أحمد ( 2 / 459 ) من طريق شعبة عن سهيل به دون السؤال و
الجواب . و رواه النسائي ( 2 / 57 ) من طريق أخرى عن أبي صالح مختصرا , و كذلك
رواه ابن أبي شيبة ( 5 / 333 ) . و منها : عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عنه
مرفوعا مثل حديث مالك , و زاد : " .. بما رجع من غنيمة [ أو أجر ] , أو يتوفاه
الله فيدخله الجنة " . أخرجه ابن حبان ( 4603 ) و أحمد ( 2 / 438 ) و إسناده
حسن . و منها : عن الزهري : أخبرني سعيد بن المسيب أن أبا هريرة قال : .. فذكره
نحوه , و فيه الزيادة بتمامها . أخرجه البخاري ( 2787 ) و النسائي ( 2 / 56 ) .
( تنبيهان ) : الأول : حديث مالك رواه ابن حبان عن شيخه عمر بن سعيد بن سنان
بسنده عن مالك به . و حديث محمد بن عمرو رواه عن شيخه محمد بن أحمد بن عون
بسنده عنه . فاختلط الأمر على الهيثمي في " موارد الظمآن " ( رقم 1584 ) أو على
الناسخ - فجعل متن حديث هذا الشيخ الثاني لشيخه الأول , و لم يسق متن هذا الشيخ
لأنه في متن الآخر كما هو ظاهر لك من هذا التخريج . و من الغريب أن هذا الخطأ
وقع فيه المنذري أيضا في " الترغيب " ( 2 / 179 ) , فعزا متن هذا لذاك الشيخ
الأول !! و الآخر : أن السيوطي أورد الحديث في جامعيه : " الصغير " و " الكبير
" بلفظ كامل ملفق من لفظ مالك في شطره الأول , و من لفظ البخاري في شطره الآخر
! و عزاه للشيخين و الترمذي و النسائي ! و ليس هذا فقط , بل و قال في الشطر
الأول : " و لا صدقة " ! و هذا مما لا أصل له عند المذكورين من المخرجين , و لا
عند غيرهم ممن سبق ذكره في تخريجنا هذا , و إنما هو عندهما بلفظ : " .. صلاة و
لا صيام " . اللهم إلا ابن أبي شيبة فهو باللفظ الذي عند السيوطي ! و هو شاذ ,
لما سبق , و لأحاديث أخرى في الباب , مثل حديث أبي سعيد الخدري بلفظ : " كمثل
الصائم , القائم الذي لا يفتر حتى يرجع " . أخرجه ابن ماجه ( 2754 ) و ابن أبي
شيبة ( 5 / 319 ) من طريق عطية عنه . و حديث النعمان بن بشير مرفوعا مختصرا
بلفظ : " كمثل الصائم نهاره , و القائم ليله حتى يرجع متى رجع " . أخرجه عبد
الرزاق ( 5 / 256 / 9537 ) موقوفا , و أحمد ( 4 / 271 ) مرفوعا , و كذا البزار
( 2 / 256 / 1645 ) بسند جيد . ثم روى البزار ( 1648 ) : حدثنا محمد بن يحيى
أبو الصباح : حدثنا عاصم بن علي بسنده عن الأعرج عن أبي هند مرفوعا به مثل حديث
الترجمة , إلا أنه قال : " و لا صدقة " , مكان " حتى يرجع " . و قال : " هكذا
رواه لنا هذا الرجل , و إنما يعرف من حديث الأعرج عن أبي هريرة " . قلت : و
الرجل المشار إليه هو شيخه أبو الصباح , و لم أعرفه .
2897 " و أنا أشهد , و أشهد : أن لا يشهد بها أحد إلا برئ من الشرك . يعني
الشهادتين " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 936 :
أخرجه النسائي في " عمل اليوم و الليلة " ( 155 / 39 ) و الطبراني في " الأوسط
" ( 2 / 266 / 2 / 9059 ) من طريق أصبغ بن الفرج قال : أخبرني ابن وهب عن عمرو
بن الحارث عن سعيد بن أبي هلال أن يحيى بن عبد الرحمن حدثه عن عون بن عبد الله
عن يوسف بن # عبد الله بن سلام # عن أبيه قال : بينما نحن نسير مع رسول الله
صلى الله عليه وسلم سمع رجلا في الوادي يقول : أشهد أن لا إله إلا الله , و أن
محمدا رسول الله , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره , و اللفظ
للنسائي , و زاد الطبراني في أوله : " .. إذ سمع القوم و هم يقولون : أي
الأعمال أفضل يا رسول الله ? فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إيمان بالله
و رسوله , و جهاد في سبيل الله , و حج مبرور , ثم سمع .. " الحديث . و قال
الطبراني : " لا يروى عن عبد الله بن سلام إلا بهذا الإسناد , تفرد به عمرو بن
الحارث " . قلت : و هو ثقة , و كذلك من فوقه , غير يحيى بن عبد الرحمن , و هو
الثقفي , ذكره ابن أبي حاتم ( 4 / 2 / 166 ) بهذه الرواية , و كذا ابن حبان في
" الثقات " ( 5 / 524 و 527 ) و لهذا قال الذهبي في " الميزان " مشيرا إلى
جهالته : " تفرد عنه سعيد بن أبي هلال " . و الحديث أخرجه سعيد بن منصور في "
سننه " ( 3 / 2 / 141 / 2338 ) قال : أخبرنا عبد الله ابن وهب به إسنادا و متنا
مع زيادة الطبراني . و كذا أخرجه أحمد و ابنه عبد الله ( 5 / 451 ) : حدثنا
هارون بن معروف حدثنا ابن وهب به . و كذلك أخرجه الضياء المقدسي في " المختارة
" ( 58 / 8 / 1 ) من طرق قالوا : أخبرنا ابن وهب به . و خالفهم جميعا في إسناده
حرملة بن يحيى فقال : حدثنا ابن وهب به , إلا أنه قال : " يحيى بن عبد الله بن
سالم " مكان " يحيى بن عبد الرحمن " . أخرجه ابن حبان في " صحيحه " ( 7 / 58 /
4576 ) : أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم : حدثنا حرملة بن يحيى به . و ابن
سالم هذا ثقة . و أنا أظن أن هذا وهم من حرملة , فإنه و إن كان ثقة و من شيوخ
مسلم , فقد تكلم فيه بعضهم كما ترى في " التهذيب " , و لذا قال الذهبي في "
الكاشف " : " صدوق يغرب " . و أما ابن سلم - و هو الحمصي - فهو ثقة إمام محدث ,
و وثقه ابن حبان , كما ذكر الذهبي في " سير النبلاء " ( 14 / 306 ) . و قد جهل
هذا التحقيق أو تجاهله المعلق على " الإحسان " ( 10 / 456 / 4596 ) - و أظنه
غير الشيخ شعيب من الذين يعملون تحت يده - فقال : " إسناده قوي على شرط مسلم
غير يوسف بن عبد الله بن سلام , فقد روى عنه أصحاب السنن , و هو صحابي صغير " .
ثم خرجه من رواية سعيد و أحمد , و لم يعرج على المخالفة التي وقعت من حرملة
لروايتهما , كما أنه لم يعزه للنسائي و عبد الله بن أحمد و الطبراني ! و
بالجملة , فهذا الإسناد ضعيف لجهالة يحيى بن عبد الرحمن الثقفي , إلا أن حديثه
بشطريه ثابت صحيح بشواهده . أما حديث الترجمة , فيشهد له حديث عائشة رضي الله
عنها : " كان إذا سمع المؤذن قال : و أنا , و أنا " . أخرجه أبو داود و غيره ,
و هو مخرج في " صحيح أبي داود " رقم ( 538 ) , و رواه ابن حبان , و هو مما سقط
من كتاب الهيثمي " الموارد " ! و يشهد لجملة البراءة من الشرك حديث رجل من
أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقرأ :
*( قل يا أيها الكافرون )* , قال : " أما هذا فقد برىء من الشرك " . و سمع آخر
يقرأ : *( قل هو الله أحد )* , فقال : " أما هذا فقد غفر له " . أخرجه أحمد ( 4
/ 65 و 5 / 376 و 378 ) من طريقين عن مهاجر الصائغ عنه . فهو إسناد صحيح . و
لهذا شاهد من حديث نوفل أبي فروة بلفظ : " اقرأ *( قل يا أيها الكافرون )* , ثم
نم على خاتمتها , فإنها براءة من الشرك " . صححه ابن حبان ( 786 و 787 و 5500 و
5520 و [ .. ] ص 429 ج 7 ) , و الحاكم و الذهبي , و هو في " التعليق الرغيب " (
1 / 209 ) . و أما الزيادة التي فيها السؤال عن أفضل الأعمال , فلها شواهد في "
الصحيحين " و غيرهما من حديث أبي هريرة و أبي ذر , و هذا أخرجه ابن حبان ( 4577
) . فراجع " الترغيب " ( 2 / 172 - 173 ) إن شئت .
2898 " من أطرق فرسه مسلما كان له كأجر سبعين فرسا حمل عليه في سبيل الله فإن لم
تعقب كان له كأجر فرس يحمل عليها في سبيل الله " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 939 :
أخرجه ابن حبان ( 1637 - الموارد ) و أحمد ( 4 / 231 ) و أبو إسحاق الحربي في "
غريب الحديث " ( 5 / 9 / 1 ) و الطبراني في " المعجم الكبير " ( 22 / 341 / 853
) من طرق عن محمد بن حرب عن الزبيدي عن راشد بن سعد عن أبي عامر الهوزني عن #
أبي كبشة الأنماري # أنه أتى رجلا فقال : أطرقني من فرسك فإني سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول : فذكره . قلت : و هذا إسناد شامي صحيح , رجاله كلهم
ثقات من رجال " التهذيب " , و أبو كبشة الأنماري صحابي معروف نزل الشام , اختلف
في اسمه , و جزم الترمذي بأن اسمه عمر بن سعد . و أبو عامر الهوزني اسمه عبد
الله بن لحي . و الزبيدي اسمه محمد بن الوليد . و للحديث شاهد موقوف يرويه
طيسلة بن علي عن ابن عمر قال : ما تعاطى الناس بينهم شيئا قط أفضل من الطرق ,
يطرق الرجل فرسه فيجري له أجره , و يطرق الرجل فحله فيجري له أجره , و يطرق
الرجل كبشه فيجري له أجره . أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 12 / 264 /
13061 ) من طريق زياد بن مخراق عنه . قلت : و إسناده جيد , رجاله كلهم ثقات , و
لولا أن في ( عارم ) , و اسمه محمد بن الفضل السدوسي - شيخ شيخ الطبراني علي بن
عبد العزيز البغوي - كلاما في حفظه لجزمت بصحته , قال الحافظ فيه : " ثقة ثبت ,
تغير في آخر عمره " . و أما قوله في ( طيسلة ) : " مقبول " . فإنه غير مقبول
منه , بل هو ثقة كما قال ابن معين فيما رواه ابن أبي حاتم عنه ( 2 / 1 / 501 )
و هو مما ذكره ابن شاهين في " ثقاته " عن يحيى , يعني ابن معين , و حكاه المزي
في " تهذيبه " ( 13 / 467 ) عنه . و مع ذلك كله لم يذكره الحافظ في " تهذيب
التهذيب " , كأنه صرفه عنه اشتغاله بالرد على المزي في تفريقه بين طيسلة بن علي
الهذلي هذا , و عنه جمع من الثقات ليس فيهم زياد بن مخراق , و بين طيسلة بن
مياس السلمي , و يقال : الهذلي . روى عنه زياد المذكور , و كذا يحيى ابن أبي
كثير , و هو من الرواة عن الأول . فاستدل الحافظ بهذا و بغيره على أن الصواب
أنهما واحد , و نقله عن غير واحد من الحفاظ , و أيد ذلك بأثر أخرجه البخاري في
" الأدب المفرد " ( رقم 8 ) من طريق زياد بن مخراق المتقدم قال : حدثني طيسلة
بن مياس عن ابن عمر . و تابعه أيوب بن عتبة قال : حدثني طيسلة بن علي قال :
أتيت ابن عمر .. فذكره . لكنه صرح برفع الكبائر التسع إلى النبي صلى الله عليه
وسلم . أخرجه البغوي في " مسند ابن الجعد " ( 2 / 1150 / 3426 ) و الخرائطي في
" مساوىء الأخلاق " ( 118 / 247 ) و الخطيب في " الكفاية " ( ص 105 ) و البيهقي
في " السنن " ( 3 / 409 ) من طرقه عنه . فأقول : أيوب بن عتبة و إن كان ضعيفا ,
فإن المقصود إنما هو الاستشهاد بروايته عن طيسلة بن علي أن هذا هو طيسلة بن
مياس الذي روى عنه زياد بن مخراق هذا الحديث نفسه , إلا أنه أوقفه , و هو أصح ,
فدل ذلك على أن طيسلة بن علي هو نفسه طيسلة بن مياس , و لاسيما و قد ذكر
البرديجي في " الأفراد " : " طيسلة بن مياس , و مياس لقب , و اسمه علي " . و
لذلك قال الحافظ في " التقريب " عقب ترجمة ( طيسلة بن علي ) في ترجمة ابن مياس
هذا : " هو الذي قبله , فرقهما المزي فوهم , و قد بينت ذلك في الأصل " . فأقول
: نعم , و لكن هذا التحقيق و التوحيد يباينه قولك فيه : " مقبول " , ما دام أنه
روى عنه جمع من الثقات : يحيى بن أبي كثير , و عكرمة بن عمار , و أبو معشر
البراء , و زياد بن مخراق . زد على ذلك توثيق ابن معين الذي فاته , و ابن حبان
( 4 / 398 و 399 ) , و قد ذكره هو , و أشار شيخه الهيثمي إلى اعتماده , فقال
عقب الشاهد المتقدم ( 5 / 266 ) : " رواه الطبراني , و رجاله ثقات " .
2899 " كان يخمر وجهه و هو محرم " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 941 :
أخرجه الدارقطني في " العلل " ( 3 / 13 ) قال : حدثنا أبو بكر الشافعي قال :
حدثنا موسى بن الحسن قال : حدثنا القعنبي : حدثنا ابن أبي ذئب عن الزهري عن
أبان بن عثمان عن # عثمان بن عفان # : فذكره . و قال : " هكذا كان في كتاب أبي
بكر مرفوعا , و الصواب موقوف " ! كذا قال ! ثم ساق عقبه بسنده الصحيح عن عبد
الله بن عامر بن ربيعة أنه رأى عثمان بن عفان بـ ( العرج ) مخمرا وجهه بقطيفة
أرجوان في يوم صائف و هو محرم . و أقول : لا تعارض بين المرفوع , و هذا الموقوف
, و لاسيما و إسنادهما مختلف , و الأول صحيح أيضا رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين
غير شيخ أبي بكر الشافعي موسى بن الحسن , و لم يعرفه المعلق على كتاب " العلل "
, و هو محدث ثقة يعرف بـ ( الجلاجلي ) لحسن صوته , وثقه محمد بن أبي الفوارس ,
و تبعه الخطيب , و روى عن الدارقطني أنه قال : " لا بأس به " . و هو مترجم في "
تاريخ بغداد " ( 13 / 49 ) و " تاريخ دمشق " ( 17 / 264 - 265 ) و " سير
النبلاء " ( 13 / 378 ) . فالإسناد على شرط الضياء في " الأحاديث المختارة " ,
و لم يخرجه ! و هو أقوى بكثير من بعض أحاديثه , فالظاهر أنه لم يقع له مرويا
بسنده إلى الشافعي أو الدارقطني . و إذا عرفت صحة إسناده , فلا تعارض بينه و
بين الموقوف على عثمان كما هو ظاهر , إذ لا شيء يمنع من القول بجواز أن عثمان
فعل ما يمكن أن يكون صلى الله عليه وسلم فعله . هذا خير من نسبة الخطأ إلى
الثقة لمجرد فعل عثمان بما رواه عن النبي عليه الصلاة و السلام . ألا ترى معي
أنه لا فرق بين تصويب الدارقطني رحمه الله للموقوف على المرفوع , و بين من لو
عكس عليه الأمر , فصوب المرفوع على الموقوف . فالحق أن كلا منهما صحيح , فلا
يعارض أحدهما بالآخر . و قد جاءت آثار كثيرة عن الصحابة و التابعين و الأئمة
المجتهدين بجواز تغطية المحرم لوجهه للحاجة , و بها استدل ابن حزم في " المحلى
" ( 7 / 91 - 93 ) مؤيدا بها الأصل , و خرج بعضها للبيهقي ( 5 / 54 ) . و لا
يخالف ذلك قوله صلى الله عليه وسلم فيمن مات محرما : " اغسلوه بماء و سدر , و
كفنوه في ثوبيه , و لا تخمروا وجهه و رأسه " . رواه مسلم و غيره , و هو مخرج في
" الإرواء " ( 4 / 198 - 199 ) . فإن هذا حكم خاص فيمن مات محرما , و حديث
الترجمة في الأحياء , فاختلفا . انظر لتمام البحث " المحلى " .
2900 " يا أبا بكر ! ما أنا بمستعذرك منها بعد هذا أبدا " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 943 :
أخرجه ابن حبان في " صحيحه " ( 319 / 1314 - موارد ) و ( 6 / 191 / 4173 -
الإحسان ) من طريق ابن أبي السري : حدثنا عبد الرزاق : أنبأنا معمر عن الزهري
عن يحيى ابن سعيد بن العاص عن # عائشة # : أن النبي صلى الله عليه وسلم استعذر
أبا بكر من عائشة , و لم يظن النبي صلى الله عليه وسلم أن ينال منها بالذي نال
منها , فرفع أبو بكر يده فلطمها , و صك في صدرها , فوجد من ذلك النبي صلى الله
عليه وسلم و قال : فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين غير
ابن أبي السري , و هو حافظ صدوق إلا أن له أوهاما كثيرة , و اسمه محمد بن
المتوكل , و قد قال الذهبي في " الكاشف " : " حافظ وثق , و لينه أبو حاتم " .
قلت : فمثله يستشهد به على الأقل , و يتقوى حديثه بالمتابعة , و هذا هو الواقع
, فالحديث في " الجامع " من " مصنف عبد الرزاق " ( 11 / 431 / 20923 ) و هو من
رواية إسحاق الدبري عن عبد الرزاق , فهي متابعة قوية , و بها صح الحديث و الحمد
لله . ثم روى عبد الرزاق عن معمر : و أخبرني رجل من عبد القيس أن النبي صلى
الله عليه وسلم دعا أبا بكر فاستعذره من عائشة , فبينا هما عنده قالت : إنك
لتقول : إنك لنبي ! فقام إليها أبو بكر , فضرب خدها , فقال النبي صلى الله عليه
وسلم : " مه يا أبا بكر ! ما لهذا دعوناك " . و هذا إسناد معضل , و الرجل
القيسي مجهول لا يعرف " . و في " طبقات ابن سعد " ( 8 / 80 - 81 ) بإسناد واه
عن الزهري عن ابن المسيب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر : ..
فذكر حديث الترجمة بنحوه . و الحديث صححه المعلق على طبعة المؤسسة لـ " الإحسان
" ( 9 / 491 / 4185 ) مع أنه ضعفه بابن أبي السري , لكنه قال : " و قد توبع " .
لكنه لم يذكر المتابع ! قوله : ( بمستعذرك ) يعني : كن عذيري منها إن أدبتها ,
أي قم بعذري في ذلك . نهاية .
ساجدة لله
2010-10-20, 06:02 AM
2901 " ألا ترين أني قد حلت بين الرجل و بينك . يعني أبا بكر الصديق و ابنته عائشة "
.
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 944 :
أخرجه أحمد ( 4 / 271 - 272 ) قال : حدثنا وكيع عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن
العيزار بن حريث عن # النعمان بن بشير # قال : جاء أبو بكر يستأذن على النبي
صلى الله عليه وسلم , فسمع عائشة و هي رافعة صوتها على رسول الله صلى الله عليه
وسلم ? فأذن له , فدخل , فقال : يا ابنة أم رومان - و تناولها - أترفعين صوتك
على رسول الله صلى الله عليه وسلم ?! قال : فحال النبي بينه و بينها . قال :
فلما خرج أبو بكر جعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول لها - يترضاها - : فذكر
الحديث . قال : ثم جاء أبو بكر فاستأذن عليه , فوجده يضاحكها , فأذن له , فدخل
, فقال له أبو بكر : يا رسول الله ! أشركاني في سلمكما , كما أشركتماني في
حربكما . قلت : و هذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين غير العيزار , فإنه من
رجال مسلم وحده , و لولا أن أبا إسحاق كان اختلط , و هو إلى ذلك مدلس , و قد
عنعنه لجزمت بصحته , لكنه قد توبع كما يأتي , فهو بذلك صحيح , و اسمه عمرو بن
عبد الله السبيعي . و أخرجه أبو داود ( 4999 ) من طريق حجاج بن محمد : حدثنا
يونس بن أبي إسحاق عن أبي إسحاق به نحوه , و زاد في آخره : " فقال النبي صلى
الله عليه وسلم : قد فعلنا , قد فعلنا " . قلت : و رجاله ثقات أيضا , لكن حجاج
بن محمد - و هو الأعور المصيصي - كان اختلط في آخر عمره لما قدم بغداد قبل موته
, كما قال الحافظ في " التقريب " . فأقول : فأخشى أن يكون هذا مما حدث به في
بغداد , فإنه من رواية يحيى بن معين عنه , و يحيى بغدادي , لكن يحتمل أن يكون
سمعه منه قبل اختلاطه , فقد قيل : إنه كتب عنه نحوا من خمسين ألف حديث ! و إنما
قلت : " أخشى " , لأن ثقتين اتفاقا قد خالفاه في إسناده : أحدهما : عمرو بن
محمد العنقزي , فقال : أنبأنا يونس بن أبي إسحاق عن عيزار بن حريث به . لم يذكر
أبا إسحاق فيه . أخرجه النسائي في " السنن الكبرى " ( 5 / 365 / 9155 ) :
أخبرني عبدة بن عبد الرحيم المروزي قال : أخبرنا عمرو .. و المروزي هذا وثقه
النسائي و غيره , فالسند صحيح . و الآخر : أبو نعيم الفضل بن دكين , قال أحمد (
4 / 275 ) : حدثنا أبو نعيم : حدثنا يونس به مختصرا , و فيه : " فسمع صوت عائشة
عاليا و هي تقول : والله لقد عرفت أن عليا أحب إليك من أبي و مني ( مرتين أو
ثلاثا ) " . فقد ثبت برواية هذين الثقتين رواية يونس عن العيزار مباشرة دون
واسطة أبيه السبيعي , و بذلك صح السند كما قلنا , و الحمد لله تعالى . فإن كان
الحجاج المصيصي قد حفظ عن يونس روايته عن أبيه عن العيزار , فيكون يونس رواه
على الوجهين , تارة بواسطة أبيه , و تارة عن العيزار مباشرة . و إن مما يؤيد
ذلك أنه قد شارك أباه في كثير من شيوخه , و منهم العيزار كما جاء في ترجمة هذا
من " التهذيب " , و قد قال ابن سعد في ترجمة يونس ( 6 / 363 ) : " كانت له سن
<1> عالية , و قد روى عن عامة رجال أبيه " . ثم هو لم يرم بالتدليس , غاية ما
قيل فيه ما أجمله الحافظ بقوله في " التقريب " : " صدوق , يهم قليلا " .
-----------------------------------------------------------
[1] كذا وقع فيه , و في " التهذيب " ( 11 / 434 ) : " سنن " ! و لعل الصواب
الأول . اهـ .
2902 " صلاة هاهنا - يريد المدينة - خير من ألف صلاة هاهنا - يريد إيلياء - " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 946 :
أخرجه الطحاوي في " مشكل الآثار " ( 1 / 247 ) و الحاكم ( 3 / 504 ) و الطبراني
في " المعجم الكبير " ( 1 / 285 / 907 ) و من طريقه أبو نعيم في " المعرفة " (
2 / 381 / 1006 ) من طريق عطاف بن خالد عن عبد الله بن عثمان بن الأرقم [ عن
جده # الأرقم # ] أنه قال : جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقال لي : أين
تريد ? فقلت : إلى بيت المقدس , فقال : إلى تجارة ? فقلت : لا , و لكن أردت أن
أصلي فيه . فقال : فذكره , و السياق للطحاوي , و الزيادة من الآخرين , و لفظهما
: " صلاة ههنا , خير من ألف صلاة ثم " . و أورده الهيثمي في " المجمع " ( 4 / 5
) بلفظ : " فالصلاة ههنا - و أومأ إلى مكة - خير من ألف صلاة - و أومأ بيده إلى
الشام - " . و قال الهيثمي : " رواه أحمد , و الطبراني في " الكبير " فقال : ..
" . قلت : فساق لفظ الطبراني المتقدم , و ليس فيه الإيماء الذي عزاه لرواية
أحمد , و قد بحثت عنها كثيرا في " مسنده " , و قد استعنت على ذلك بكل الفهارس
الموضوعة لـ " المسند " و المعروفة اليوم فلم أهتد إليه , و لقد افترضت أنه
أورده - لمناسبة ما في غير مسند صحابيه ( الأرقم ) , فراجعت كل أحاديث فضل
الصلاة في مسجده صلى الله عليه وسلم في مسانيد الصحابة الذين رووها مثل أبي
هريرة , و ابن عمر , و غيرهما , فلم أعثر عليه , فمن المحتمل أن يكون في بعض
نسخ " المسند " , فقد بلغني عن بعض إخواننا المشتغلين بهذا العلم الشريف أنه
عثر على قطعة منه غير مطبوعة , فلعل الحديث فيها , فإن وجد فغالب الظن أنه من
طريق عطاف هذا . ثم صدق ظني هذا , فقد أفادني هاتفيا الأخ علي الحلبي - جزاه
الله خيرا - أن الحديث أورده الحافظ ابن حجر في " أطراف المسند " ( 1 / 48 / 84
- تحقيق الأخ سمير ) : حدثنا عصام بن خالد عن العطاف بن خالد عن يحيى بن عمران
عن عبد الله بن عثمان بن الأرقم عن جده الأرقم به . و عن علي بن عياش عن عطاف
عن يحيى بن عمران عن عبد الله بن عثمان به <1> . قلت : و في هذا دلالة على
أمرين : الأول : أن الحديث فعلا مما سقط من " المسند " المطبوع . و الآخر : أنه
سقط من إسناد الأولين يحيى بن عمران بين العطاف و عبد الله بن عمران . و من
الظاهر أن ذلك من العطاف نفسه - و ليس من الرواة عنه لأنهم ثقات - , و قد
تكلموا فيه من قبل حفظه , كما أشار إلى ذلك الحافظ بقوله : " صدوق يهم " . و قد
تابعه على إثباته غير واحد , فقد أخرجه أبو نعيم ( رقم 1007 ) من طريق أبي مصعب
عن يحيى بن عمران بن عثمان بن الأرقم عن عمه عبد الله بن عثمان , و عن أهل بيته
, عن جده عثمان بن الأرقم عن الأرقم . و قال أبو نعيم : " و رواه محمد بن أبي
بكر المقدمي عن يحيى بن عمران مثله سواء " . و من وجوه الاختلاف على العطاف ما
رواه ابن أبي عاصم في " الآحاد و المثاني " ( 2 / 19 / 688 ) من طريق عبد الله
بن صالح : أخبرنا عطاف بن خالد المخزومي أخبرنا عبد الله ابن عثمان بن الأرقم
عن أبيه عثمان بن الأرقم قال : " جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم .. " الحديث
, فجعله من مسند عثمان بن الأرقم , قال الحافظ في " الإصابة " بعد أن أورده في
القسم الرابع , يعني الذين لم تثبت صحبتهم : " هكذا أورده , و هو خطأ من أبي
صالح أو غيره , و الصواب ما رواه أبو اليمان عن عطاف عن عبد الله بن عثمان بن
الأرقم عن أبيه , عن جده . أخرجه ابن منده و غيره , و هو الصواب " . قلت : كذا
وقع فيه : " عن أبيه " , و أظنه سبق قلم من الحافظ , أو مقحما من بعض النساخ ,
فإنه لم يذكر في كل المصادر المتقدمة , و إنما هو " عن عبد الله بن عثمان بن
الأرقم عن جده " . و هكذا هو في " التعجيل " قال : " روى عن جده , و له صحبة .
و عنه يحيى بن عمران , فيه نظر " . و يتلخص من هذا التخريج أن سند الحديث يدور
: أولا : على عبد الله بن عثمان بن الأرقم عن جده الأرقم . و ثانيا : أن العطاف
بن خالد رواه عنه تارة مباشرة بدون واسطة , و لكن معنعنا لم يذكر السماع , و
تارة رواه بواسطة يحيى بن عمران عنه . و قد توبع على هذه . و عليه فنستطيع أن
نقول : إن الحديث إنما هو من رواية يحيى بن عمران عن عبد الله ابن عثمان عن جده
الأرقم . و حينئذ يتحرر معنا أن في هذا الإسناد علتين : الأولى : عبد الله بن
عثمان هذا , لا يعرف إلا في هذه الرواية , و قد أورده البخاري و ابن أبي حاتم
في كتابيهما من رواية عطاف , و لم يذكرا فيه جرحا و لا تعديلا , لكن البخاري
ذكره على القلب : " عثمان بن عبد الله بن الأرقم " ! و هكذا وقع في رواية
الطبراني و الحاكم المتقدمة , و كذلك أعاده ابن أبي حاتم ! و هذا مما يؤكد أن
الرجل غير معروف , فمن المستغرب عدم ذكره في " الميزان " , و لا في " اللسان "
. و أغرب منه ذكر ابن حبان إياه في " الثقات " ( 7 / 198 ) كما ذكره البخاري ,
أي مقلوبا ! و لم يذكره في العبادلة كما فعل ابن أبي حاتم , و هو هو !! و العلة
الأخرى : يحيى بن عمران , و هو ابن عثمان بن الأرقم كما تقدم في إحدى روايتي
أبي نعيم , و هكذا أورده الشيخان في كتابيهما , و قال ابن أبي حاتم عن أبيه : "
شيخ مدني مجهول " . و أما ابن حبان فذكره أيضا في " الثقات " ( 9 / 253 ) . إذا
عرفت هذا يتبين لنا به أوهام بعض الحفاظ : الأول : قول الحاكم : " صحيح الإسناد
" ! و وافقه الذهبي ! الثاني : قول الهيثمي بعدما عزاه لأحمد و الطبراني : " و
رجال الطبراني ثقات " ! ذلك لأنه لا فرق بين رواية الطبراني و الحاكم من جهة ,
و رواية أحمد من جهة أخرى , إذ إن رواية الجميع تدور على عطاف بن خالد , و فيه
الضعف الذي سبق ذكره , و شيخه عندهم جميعا واحد , و هو عبد الله بن عثمان , في
رواية أحمد , و عثمان ابن عبد الله على القلب عند الآخرين , و هو هو كما سبق
تحقيقه , و أنه غير معروف . ثم إن عطافا قد اضطرب في إسناده , فأدخل بينه و بين
عبد الله بن عثمان يحيى بن عمران , و هو مجهول , فلا وجه إذن لتصحيح إسناده , و
لا للتفريق بين إسناد أحمد و الطبراني . الثالث : خلط الحافظ ابن حجر في "
التعجيل " في ترجمة عبد الله بن عثمان هذا و ترجمة أبيه عثمان , و عزوه لعطاف
من الحديث ما لم يروه , فقال فيها ( ص 228 ) : " و له في " المسند " حديث آخر
من طريق عطاف بن خالد عن عثمان المذكور ( ! ) عن أبيه عن جده ( ! ) في الذي
يتخطى الرقاب يوم الجمعة " . فأقول : ليس لعطاف علاقة بهذا الحديث , و إنما هو
عند أحمد ( 3 / 417 ) و غيره من حديث هشام بن زياد - و هو متروك - عن عثمان بن
الأرقم بن أبي الأرقم المخزومي عن أبيه - و كان من أصحاب النبي صلى الله عليه
وسلم - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : فذكره , و هو مخرج في " الضعيفة "
برقم ( 2811 ) . فأنت ترى أن عثمان المذكور ليس هو المترجم , و إنما ابنه , و
أن قوله : " عن جده " مقحم لا علاقة له بالحديث , فهو من هذه الحيثية كعطاف !!
و كعبد الله بن عثمان ! فلعل مثل هذا الخلط ( ! ) من النساخ , فإنه بعيد جدا
عما نعرف من علم الحافظ و دقته . و قد ذكره في " الإصابة " من رواية أحمد عن
عثمان بن الأرقم عن أبيه لم يجاوزه , و أعله بتفرد هشام بن زياد و قال : "
ضعفوه " . هذا و بعد أن انتهينا من تحقيق الكلام على إسناد حديث الترجمة , و
بيان ضعفه لجهالة بعض رواته , و بيان بعض أوهام العلماء التي وقعت حوله , بما
قد لا تراه في مكان آخر , بقي علي أن أحرر القول في متنه بعد أن عرفت مما سبق
أن الروايات اختلفت في تعيين المسجد المراد بتفضيل الصلاة فيه بألف , أهو مسجد
( المدينة ) كما في رواية الطحاوي , أم هو مسجد مكة كما في رواية أحمد , و كلتا
الروايتين مدارهما على العطاف . فوجدت للرواية الأولى ما يقويها من رواية يحيى
بن عمران عند أبي نعيم المخرجة آنفا , فإنها بلفظ : " صلاة في مسجدي هذا خير من
ألف صلاة فيما سواه , إلا المسجد الحرام " . و زاد : " قال : فجلس الأرقم و لم
يخرج " . قلت : فهذا مما يرجح أن المقصود إنما هو مسجد المدينة لا مكة . فإن
قيل : ما فائدة هذا التحقيق , سواء ما كان منه متعلقا بالإسناد أو المتن ما دام
أن السند ضعيف عندك ? و جوابا عليه أقول : لا تلازم بين الأمرين , فقد يكون
المتن صحيحا مع ضعف إسناده لوجود طريق آخر له , أو شاهد , و هو ما يعرف بالحديث
الحسن أو الصحيح لغيره , و هذا هو واقع هذا الحديث . فقد وجدت له شاهدا قويا من
حديث أبي سعيد الخدري قال : ودع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا فقال له : "
أين تريد ? " . قال : أريد بيت المقدس . فقال له النبي صلى الله عليه وسلم :
فذكر الحديث بلفظ يحيى بن عمران . أخرجه أحمد , و ابنه عبد الله في " زوائد
المسند " ( 3 / 77 ) قال : حدثني أبي : حدثنا عثمان بن محمد - و سمعته أنا من
عثمان بن محمد بن أبي شيبة - : حدثنا جرير عن مغيرة عن إبراهيم عن سهم عن قزعة
عن أبي سعيد الخدري به . قلت : و هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين
غير سهم , و هو منجاب , و هو ثقة من رجال مسلم , و وقع في " المسند " ( إبراهيم
بن سهل ) ! و هو خطأ مطبعي . و إبراهيم هو ابن يزيد النخعي . و مغيرة هو ابن
مقسم الضبي . و جرير هو ابن عبد الحميد . ثم استدركت فقلت : لكن المغيرة مدلس ,
و لذلك أورده الذهبي في " المغني " و قال : " إمام ثقة , لكن لين أحمد بن حنبل
روايته عن إبراهيم فقط " . قلت : فحديثه و الحالة هذه حسن يصلح للشهادة فقط . و
الحديث أخرجه ابن حبان في " صحيحه " ( 3 / 73 / 1622 ) : أخبرنا عمران بن موسى
بن مجاشع : حدثنا عثمان بن أبي شيبة به , إلا أنه قال : " مائة " مكان " ألف "
. و هو شاذ لمخالفته لرواية أحمد و ابنه عبد الله المتقدمة من جهة , و لأحاديث
أخرى عن جمع آخر من الصحابة من جهة أخرى , و هي مخرجة في " الإرواء " ( 4 / 143
- 146 ) . ثم أخرجه ابن حبان ( 1621 ) , و أبو يعلى في " مسنده " ( 2 / 393 /
1165 ) و كذا البزار ( 1 / 215 / 429 - كشف الأستار ) من طرق أخرى عن جرير به ,
بلفظ " مائة " . إلا أن الهيثمي لم يسق لفظه في " الكشف " و إنما أحال به على
لفظ طريق أخرى قبل هذه بلفظ " ألف " قائلا : " قلت : فذكره نحوه " . فكأنه يعني
أنه بلفظ : " ألف " , و هذا ما صرح به في " مجمع الزوائد " , فإنه قال ( 4 / 6
) بعد أن ساقه بلفظ أبي يعلى : " رواه أبو يعلى و البزار بنحوه , إلا أنه قال :
" أفضل من ألف صلاة " , و رجال أبي يعلى رجال الصحيح " . فأقول : لا داعي
لتخصيص أبي يعلى بما ذكره , فإن البزار شيخه فيه يوسف بن موسى عن جرير , و يوسف
هذا هو أبو يعقوب الكوفي , و هو من شيوخ البخاري , فالصواب أن يقال : " و
رجالهما رجال الصحيح " . ثم إنه قد فاته عزوه لأحمد , و هو من شرطه ! و كذلك
فاته أن يذكره في كتابه الآخر : " غاية المقصد في زوائد المسند " ( ق 51 / 2 )
. و كذلك فات المعلق على مسند أبي يعلى أن يعزوه إلى أحمد , و لم يتنبه هو و لا
المعلق على " الإحسان " ( 4 / 504 / 1623 - 1624 ) لعلة التدليس التي تمنع من
التصحيح , و لا لشذوذ متنه المخالف لرواية أحمد و ابنه و البزار , و لسائر
الأحاديث , فالحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات . بقي الكلام على فضل الصلاة
في مسجد ( إيلياء ) : المسجد الأقصى , أعاده الله إلى المسلمين مع سائر بلاد
فلسطين , فإنه لم يرد له ذكر إلا في الطريق الأولى , و أصح ما جاء في فضل
الصلاة فيه حديث أبي ذر رضي الله عنه قال : تذاكرنا و نحن عند رسول الله صلى
الله عليه وسلم أيهما أفضل : مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أو مسجد بيت
المقدس ? فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " صلاة في مسجدي هذا أفضل من
أربع صلوات فيه , و لنعم المصلى .. " الحديث . أخرجه الطحاوي في " مشكل الآثار
" ( 1 / 248 ) و الحاكم ( 4 / 509 ) و البيهقي في " الشعب " ( 3 / 486 / 4145 )
و الطبراني في " الأوسط " ( 2 / 220 / 1 / 8395 - بترقيمي ) و قال : " لم يروه
عن قتادة إلا الحجاج و سعيد بن بشير , تفرد به عن الحجاج إبراهيم بن طهمان , و
تفرد به عن سعيد محمد بن سليمان بن أبي داود " . قلت : قد تابعه آخران , أحدهما
: الوليد بن مسلم عند الطحاوي , و الآخر : محمد ابن بكار بن بلال عند البيهقي .
و الحجاج هو ابن الحجاج الباهلي , و هو ثقة من رجال الشيخين , و مثله إبراهيم
ابن طهمان , و لذلك قال الحاكم عقبه : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي . و
هو كما قالا . و قال الهيثمي في " المجمع " ( 4 / 7 ) : " رواه الطبراني في "
الأوسط " , و رجاله رجال الصحيح " . و لم يقف المنذري على رواية الطبراني هذه ,
و كذا رواية الحاكم , فقال في " الترغيب " ( 2 / 138 ) : " رواه البيهقي بإسناد
لا بأس به , و في متنه غرابة " ! كذا قال ! و كذلك لم يقف على رواية الحاكم هذه
الصحيحة المعلق على " مشكل الآثار " ( 2 / 68 - طبع المؤسسة ) , فصدر تخريجه
بتضعيف إسناده بسعيد بن بشير , و نقل قول الهيثمي المذكور , دون أن يدري أن
إسناده - كإسناد الحاكم - صحيح .
-----------------------------------------------------------
[1] ثم رأيت الهيثمي قد ساقه في " زوائد المسند " ( ق 51 / 2 ) و انظر
الاستدراك ( 2 ) .
2903 " ضعوا ما كان معكم من الأنفال " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 955 :
أخرجه الحاكم ( 3 / 504 ) و الطبراني في " المعجم الكبير " ( 1 / 285 - 286 /
909 ) و " الأوسط " ( 2 / 71 / 1 / 6173 ) و أبو نعيم في " المعرفة " ( 1 / 79
/ 1 ) من طريق أبي مصعب : حدثنا يحيى بن عمران بن عثمان عن جده عثمان بن #
الأرقم بن أبي الأرقم # عن أبيه رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم يوم بدر : فذكره , فرفع أبو أسيد الساعدي سيف ابن عائذ المرزبان ,
فعرفه الأرقم بن أبي الأرقم , فقال : هبه لي يا رسول الله ! فأعطاه إياه . و
قال الحاكم : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي . و قال الطبراني : " لا يروى
عن الأرقم بن أبي الأرقم إلا بهذا الإسناد , تفرد به أبو مصعب " . قلت : و اسمه
أحمد بن أبي بكر الزهري المدني , و هو ثقة من رجال الشيخين . و من فوقه على شرط
ابن حبان , فيحيى بن عمران بن عثمان ذكره في " ثقاته " , لكن صرح أبو حاتم
بجهالته كما تقدم في الحديث الذي قبله . و جده عثمان بن الأرقم , ذكره البخاري
في " التاريخ " ( 3 / 2 / 214 ) برواية حفيده يحيى عنه , و لم يذكر فيه جرحا و
لا تعديلا . و كذلك فعل ابن أبي حاتم ( 3 / 1 / 144 ) و لكنه ذكره من رواية
عطاف بن خالد و عمار بن سعد عنه . و أما ابن حبان فذكره في " الثقات " ( 5 /
157 ) و قال : " روى عنه أهل الحجاز و ابن ابنه يحيى بن عمران بن عثمان " . قلت
: فهو صدوق إن شاء الله تعالى . و قال الهيثمي بعد أن عزاه لمعجمي الطبراني ( 6
/ 52 ) : " و رجاله ثقات " . فأقول : فمثل هذا الإسناد يتقوى بالشواهد , و قد
وجدت لحديث الترجمة شاهدا في قصة تشبه هذه وقعت لسعد بن أبي وقاص , و فيه قوله
صلى الله عليه وسلم : " ضعه من حيث أخذته " . رواه مسلم , و أبو عوانة , و ابن
حبان , و هو مخرج في " صحيح أبي داود " ( 2446 ) .
2904 " تفل صلى الله عليه وسلم في رجل عمرو بن معاذ حين قطعت رجله , فبرأت " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 957 :
أخرجه ابن حبان في " صحيحه " ( 8 / 151 / 6475 - الإحسان ) و أبو نعيم في "
المعرفة " ( 2 / 94 / 1 ) من طريق الحسين بن حريث قال : حدثنا علي بن الحسين بن
واقد قال : حدثني أبي قال : حدثني عبد الله بن # بريدة # قال : سمعت أبي يقول :
فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح أو حسن على الأقل و هو على شرط مسلم , و في
بعضهم كلام لا يضر . و هو من الأحاديث الكثيرة التي صرح عبد الله بن بريدة
بسماعه من أبيه , فلا جرم أن احتج الشيخان بروايته عن أبيه فأخرجا له في "
الصحيحين " , ففيه رد صريح على من زعم من المعاصرين أنه لم يسمع هو و أخوه
سليمان من أبيهما , و قد ذكرت تفصيل القول في الرد عليه و إبطال زعمه في الحديث
الآتي برقم ( 2914 ) بما لا تراه في مكان آخر . فالحمد لله الذي بنعمته تتم
الصالحات . و الحديث عزاه الحافظ في " الإصابة " للضياء المقدسي أيضا في "
الأحاديث المختارة " .
2905 " نهى عن مجلسين و ملبسين , فأما المجلسان : فجلوس بين الظل و الشمس , و المجلس
الآخر : أن تحتبي في ثوب يفضي إلى عورتك , و الملبسان : أحدهما : أن تصلي في
ثوب و لا توشح به . و الآخر : أن تصلي في سراويل ليس عليك رداء " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 958 :
أخرجه الحاكم في " المستدرك " ( 4 / 272 ) و ابن عدي في " الكامل " ( 4 / 329 -
330 ) من طريق أبي ثميلة : حدثني أبو المنيب عبيد الله بن عبد الله العتكي
حدثني عبد الله بن # بريدة # عن أبيه رضي الله عنه قال : فذكره مرفوعا . أورده
ابن عدي في ترجمة أبي المنيب هذا , و ذكر الخلاف فيه , و ساق له أحاديث ثم قال
: " و له غير ما ذكرت , و هو عندي لا بأس به " . قلت : و هذا هو الذي يتخلص من
خلافهم فيه , أنه حسن الحديث إذا لم يخالف , صحيح الحديث إذا وافق الثقات , و
هو الذي يشير إليه قول الذهبي في " الكاشف " : " وثقه ابن معين و غيره , و قال
البخاري : عنده مناكير " . و زاد في " المغني " : " و أنكر أبو حاتم على
البخاري إدخاله في الضعفاء " . و قال الحافظ : " صدوق يخطىء " . و أما الحاكم
فسكت عنه , و لا أدري لم ? و أما الذهبي فقال عقبه : " قلت : أبو المنيب عبيد
الله قواه أبو حاتم , و احتج به النسائي " . و الحديث صحيح , فقد جاء مفرقا في
أحاديث : 1 - الجلوس بين الظل و الشمس . فيه أحاديث عن أبي هريرة و غيره خرجت
بعضها فيما تقدم ( 837 و 838 ) و ( 3110 ) . 2 - الاحتباء في ثوب .. فيه أحاديث
عن أبي سعيد و أبي هريرة , في " الصحيحين " , و عائشة عند ابن ماجه و غيره .
3 - الصلاة في ثوب لا يتوشح فيه . 4 - الصلاة في السراويل دون رداء . فيهما
حديث بريدة : " نهى أن يصلي في لحاف لا يتوشح به , و أن يصلي في سراويل ليس
عليه رداء " . و هذا القدر رواه أبو داود و غيره في حديث بريدة أيضا , و هو
مخرج في " صحيح أبي داود " ( 646 ) . و روى الخطيب ( 5 / 138 ) من طريق الحسين
بن واقد - الأصل : وردان ! - عن أبي الزبير عن جابر : أن النبي صلى الله عليه
وسلم نهى عن الصلاة في السراويل . و هو مخرج في " الضعيفة " ( 4721 ) . و روى
الخطيب عن أبي بكر النيسابوري أنه قال : " فقه هذا الحديث أن النبي صلى الله
عليه وسلم نهى عن الصلاة في السروال وحده " . قلت : فهو بمعنى قوله صلى الله
عليه وسلم : " إذا كان لأحدكم ثوبان فليصل فيهما , فإن لم يكن إلا ثوب واحد
فليتزر به , و لا يشتمل اشتمال اليهود " . أخرجه أبو داود و غيره بسند صحيح , و
هو مخرج في " صحيح أبي داود " ( 645 ) .
2906 " لا يأتي على الناس مائة سنة , و على الأرض عين تطرف ممن هو حي اليوم " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 960 :
أخرجه أحمد ( 1 / 93 ) و ابنه عبد الله ( 1 / 140 ) و من طريقه الضياء في "
الأحاديث المختارة " ( 2 / 378 / 760 ) و أبو يعلى ( 1 / 438 / 584 ) و
الطبراني في " المعجم الأوسط " ( 2 / 59 / 1 / 5988 ) من طرق عن منصور عن
المنهال بن عمرو عن نعيم ابن دجاجة أنه قال : دخل أبو مسعود عقبة بن عمرو
الأنصاري على #علي بن أبي طالب # , فقال له علي : أنت الذي تقول : لا يأتي على
الناس مائة سنة و على الأرض عين تطرف ?! إنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
: .. ( فذكر الحديث ) , والله إن رجاء هذه الأمة بعد مائة عام . و تابعه مطرف
بن طريف عن المنهال بن عمرو به . أخرجه الطحاوي في " مشكل الآثار " ( 1 / 161 )
و أبو يعلى أيضا ( 1 / 360 / 467 ) و من طريقه الضياء أيضا ( 761 ) و الطبراني
في " المعجم الكبير " ( 17 / 248 / 693 ) . قلت : و هذا إسناد صحيح , المنهال
بن عمرو ثقة من رجال البخاري , و فيه كلام لا يضر . و نعيم بن دجاجة , ذكره ابن
أبي حاتم ( 4 / 1 / 461 ) برواية ثقتين آخرين عنه , و لم يذكر فيه جرحا و لا
تعديلا . و ذكره ابن حبان في كتابه في " ثقات التابعين " ( 5 / 478 ) و الظاهر
أنه كان حيا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم , و لذلك ألزم الحافظ من صنف في
الصحابة أن يذكروه فيهم . راجع كتابه " التهذيب " . و للحديث شواهد كثيرة في "
الصحيحين " و غيرهما , و خرجت طائفة منها في " الروض النضير " تحت حديث أبي
سعيد الخدري بمعناه ( 1100 ) , و هو في " صحيح مسلم " و " صحيح ابن حبان " . و
الحديث أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 1 / 198 ) و قال : " رواه أحمد و
أبو يعلى و الطبراني في " الكبير " و " الأوسط " , و رجاله ثقات " . و معنى
الحديث أنه لا يعيش أحد ممن كان يؤمئذ حيا على وجه الأرض بعد مائة سنة . و ليس
فيه نفي حياة أحد يولد بعد ذلك . انظر " فتح الباري " ( 1 / 211 - 212 ) .
2907 " لو كان لابن آدم واديان من مال ( و في رواية : من ذهب ) لابتغى [ واديا ]
ثالثا , و لا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب , و يتوب الله على من تاب " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 961 :
أقول : هذا حديث صحيح متواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم , رواه عنه جماعة من
أصحابه بألفاظ متقاربة , و قد خرجته عن جماعة منهم في " تخريج أحاديث مشكلة
الفقر " ( 18 / 14 ) منهم # أنس # عند الشيخين , و قد أخرجاه عن #ابن عباس #
أيضا , و منهم #ابن الزبير # عند البخاري , و # أبو موسى #عند مسلم و غيره ,
و يأتي لفظه , و غيرهم , و عددهم نحو عشرة , و في الباب عن غيرهم تجد تخريجها
في " مجمع الزوائد " ( 7 / 140 - 141 و 10 / 243 - 245 ) و يأتي تخريج بعضها مع
سوق ألفاظها المناسبة لما أنا متوجه إليه الآن , و هو تحرير القول في الروايات
المختلفة في حديث الترجمة : هل هو حديث نبوي , أو حديث قدسي , أو قرآن منسوخ
التلاوة ? فأول ما يواجه الباحث و يلفت نظره للتحري ثلاثة أخبار عن الصحابة :
الأول : قول ابن عباس في رواية عنه عقب حديثه المشار ? إليه آنفا : " فلا أدري
من القرآن هو أم لا ? " . الثاني : قول أنس نحوه في رواية لمسلم و أحمد .
الثالث : قول أبي بن كعب من رواية أنس عنه قال : " كنا نرى هذا من القرآن حتى
نزلت *( ألهاكم التكاثر )* " . أخرجه البخاري ( 6440 ) و الطحاوي في " مشكل
الآثار " ( 2 / 420 ) . و لا يخفى على البصير أن القولين الأولين لا يدلان على
شيء مما سبقت الإشارة إليه , لأنه اعتراف صريح بعدم العلم , و لكنه مع ذلك فيه
إشعار قوي بأنه كان من المعلوم لدى الصحابة أن هناك شيئا من القرآن رفع و نسخ ,
و لذلك لم يكتب في المصحف المحفوظ , فتأمل هذا , فإنه يساعدك على فهم الحقيقة
الآتي بيانها . و أما قول أبي : " كنا نرى .. " , فهو يختلف عن القولين الأولين
, من جهة أنه كان الحديث المذكور أعلاه من القرآن , إما ظنا غالبا راجحا , و
إما اعتقادا جازما , ذلك ما يدل عليه قوله : " نرى " , قال الحافظ ( 11 / 257 )
: " بضم النون - أوله - أي نظن , و يجوز فتحها , من ( الرأي ) أي نعتقد " . قلت
: و الثاني هو الراجح عندي , بل الصواب الذي لا يجوز سواه لما سيأتي عنه و عن
غيره من الصحابة الجزم به . و لا ينافيه قوله : " حتى نزلت *( ألهاكم التكاثر
)* " , لأنه يعني : فنسخت هذه تلك . إذا عرفت هذا فإليك الآن الأحاديث المؤكدة
لما دل عليه حديث أبي هذا : أن قوله : " لو كان لابن آدم واديان .. " إلخ كان
قرآنا يتلى , ثم رفع و نسخ . الحديث الأول : عن أبي بن كعب أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم قال له : " إن الله أمرني أن أقرأ عليك القرآن . فقرأ عليه : *(
لمن يكن الذين كفروا )* , و قرأ فيها : " إن ذات الدين الحنيفية المسلمة , لا
اليهودية , و لا النصرانية , و لا المجوسية , من يعمل خيرا فلن يكفره " . و قرأ
عليه : " لو أن لابن آدم واديا من مال لابتغى إليه ثانيا , و لو كان له ثانيا
لابتغى إليه ثالثا .. " إلخ [ قال : ثم ختمها بما بقي منها ] " .
2908 " إن الله أمرني أن أقرأ عليك القرآن . فقرأ عليه : *( لم يكن الذين كفروا )*
, و قرأ فيها : " إن ذات الدين الحنيفية المسلمة , لا اليهودية و لا النصرانية
و لا المجوسية , من يعمل خيرا فلن يكفره " . و قرأ عليه : " لو أن لابن آدم
واديا من مال لابتغى إليه ثانيا , و لو كان له ثانيا لابتغى إليه ثالثا .. "
إلخ [ قال : ثم ختمها بما بقي منها ] " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 963 :
أخرجه الترمذي ( 9 / 400 / 3894 ) و الحاكم ( 2 / 224 ) و الطيالسي ( رقم ( 539
) و أحمد ( 5 / 131 - 132 ) و عبد الله بن أحمد ( 5 / 132 ) و أبو نعيم في "
الحلية " ( 4 / 187 ) كلهم من طريق شعبة عن عاصم قال : سمعت زر بن حبيش يحدث عن
# أبي بن كعب # أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له : فذكره . و الزيادة
لعبد الله , و قال الترمذي : " حديث حسن صحيح " . و أقره ابن كثير في " التفسير
" . و قال الحاكم : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي , و أقره الحافظ في عدة
مواضع من " الفتح " ( 7 / 127 و 8 / 725 ) و قال ( 11 / 257 ) : " و سنده جيد "
. و أقول : الأصل في هذا الإسناد التحسين فقط للخلاف المعروف في عاصم - و هو
ابن أبي النجود - في الحديث , و لكن لما كان صدوقا في نفسه , و ثقة و إماما في
القراءة , و قرأ على شيخه في هذا الحديث - زر بن حبيش - و كان الحديث في
القراءة , فهو إذن يتعلق باختصاصه , فالنفس تطمئن لحفظه إياه جيدا أكثر من حفظه
للأحاديث الأخرى التي لا تتعلق بالقراءة , و هذا ظاهر جدا , و لذا أخرجه الضياء
في " المختارة " ( 3 / 368 - 369 ) . و لحديث الترجمة منه طريق أخرى عند
الطبراني في " المعجم الكبير " ( 1 / 170 / 542 ) بسند ضعيف عن الشعبي عن ابن
عباس عن أبي مرفوعا بلفظ : " لو كان للإنسان واديان من المال .. " . لكن له
إسناد صحيح عن ابن عباس , رواه الشيخان و غيرهما , و هو مخرج في " أحاديث
المشكلة " ( 18 / 14 ) و يأتي برواية أخرى بالرقم التالي . و جملة القراءة عليه
رضي الله عنه لها طريق آخر , يرويه عبد الله بن عبد الرحمن ابن أبزى عن أبيه عن
أبي مرفوعا بلفظ : " إن الله تعالى أمرني أن أعرض القرآن عليك " . قال : و
سماني لك ربي تبارك و تعالى ? قال : *( بفضل الله و برحمته فبذلك فلتفرحوا )* ,
هكذا قرأها أبي , و في رواية زاد : " فقلت له : يا أبا المنذر ! ففرحت بذلك ?
قال : و ما يمنعني ? والله تبارك و تعالى يقول : *( قل بفضل الله و برحمته
فبذلك فلتفرحوا هو خير مما يجمعون )* . قال مؤمل : قلت لسفيان : هذه القراءة في
الحديث ? قال : نعم " . و أخرجه أبو داود ( 3981 ) و ابن جرير في " التفسير " (
15 / 108 / 17687 و 17688 ) و الحاكم ( 2 / 240 - 241 ) و قال : " صحيح الإسناد
" . و وافقه الذهبي , و هو كما قالا إلا أنه وقع عنده فعل ( فليفرحوا ) و (
يجمعون ) بالمثناة التحتية فيهما . و كذا وقع الفعل الثاني في " المسند " , و
أظن ذلك كله خطأ من الناسخ أو الطابع , و الصواب فيهما بالتاء المثناة , فهي
قراءة أبي , و الأولى قراءة عامة القراء , كما قال ابن جرير . و للجملة
المذكورة شاهد من حديث أنس رضي الله عنه أخرجه الشيخان , و ابن حبان ( 9 / 139
/ 7100 ) و أحمد ( 3 / 130 و 185 و 218 و 233 و 273 و 284 ) و غيرهم .
الحديث الثاني : عن ابن عباس رضي الله عنه قال : " جاء رجل إلى عمر يسأله ,
فجعل ينظر إلى رأسه مرة , و إلى رجليه أخرى , هل يرى من البؤس شيئا ? ثم قال له
عمر : كم مالك ? قال : أربعون من الإبل ! قال ابن عباس : صدق الله و رسوله : "
لو كان لابن آدم واديان من ذهب .. " الحديث . فقال عمر : ما هذا ? فقلت : هكذا
أقرأنيها أبي . قال : فمر بنا إليه . قال : فجاء إلى أبي , فقال : ما يقول هذا
? قال أبي : هكذا أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم " .
2909 " جاء رجل إلى عمر يسأله , فجعل ينظر إلى رأسه مرة , و إلى رجليه أخرى هل يرى
من البؤس شيئا ? ثم قال له عمر : كم مالك ? قال : أربعون من الإبل ! قال ابن
عباس : صدق الله و رسوله : " لو كان لابن آدم واديان من ذهب .. " الحديث . فقال
عمر : ما هذا ? فقلت : هكذا أقرأنيها أبي . قال : فمر بنا إليه . قال : فجاء
إلى أبي , فقال : ما يقول هذا ? قال أبي : هكذا أقرأنيها رسول الله صلى الله
عليه وسلم " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 965 :
أخرجه أحمد ( 5 / 117 ) و ابن حبان في " صحيحه " ( 5 / 97 / 3226 ) من طريق أبي
معاوية عن أبي إسحاق الشيباني عن يزيد بن الأصم عن # ابن عباس # قال : فذكره .
قلت : و هذا إسناد صحيح على شرط مسلم . هذا هو الحديث الثاني الدال على قوله :
" لو كان لابن آدم .. "كان قرآنا يتلى , ثم رفع .
الحديث الثالث : عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال : " لقد كنا نقرأ على عهد
رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو كان لابن آدم واديان من ذهب و فضة لابتغى
إليهما آخر , و لا يملأ بطن ابن آدم إلا التراب , و يتوب الله على من تاب " .
ساجدة لله
2010-10-20, 06:05 AM
2910 " لقد كنا نقرأ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو كان لابن آدم واديان
من ذهب و فضة لابتغى إليهما آخر , و لا يملأ بطن ابن آدم إلا التراب , و يتوب
الله على من تاب " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 966 :
أخرجه أحمد ( 4 / 368 ) و السياق له , و البزار ( 4 / 246 / 3639 ) و الطبراني
في " المعجم الكبير " ( 5 / 207 / 5032 ) من طرق عن يوسف بن صهيب قال : حدثني
حبيب بن يسار عن # زيد بن أرقم # به . قلت : و هذا إسناد صحيح , و رجاله ثقات .
و قال الهيثمي في " المجمع " ( 10 / 243 ) : " رواه أحمد و الطبراني , و البزار
بنحوه , و رجالهم ثقات " .
الحديث الرابع : عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال : " سمعت النبي صلى الله
عليه وسلم يقرأ في الصلاة : لو أن لابن آدم واديا من ذهب لابتغى إليه ثانيا , و
لو أعطي ثانيا لابتغى إليه ثالثا , و لا يملأ جوف ابن آدم .. " الحديث .
2911 " سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الصلاة : لو أن لابن آدم واديا من ذهب
لابتغى إليه ثانيا , و لو أعطي ثانيا لابتغى إليه ثالثا , و لا يملأ جوف ابن
آدم .. " الحديث " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 967 :
أخرجه الطحاوي في " مشكل الآثار " ( 2 / 419 ) و البزار ( 4 / 244 / 3634 ) من
طريقين عن عبد العزيز بن مسلم : حدثنا صبيح أبو العلاء عن عبد الله بن # بريدة
# عن أبيه قال : فذكره . قلت : و هذا إسناد جيد , رجاله عند البزار كلهم رجال
البخاري غير صبيح أبي العلاء , و قد وثقه ابن حبان , ذكره في " ثقات التابعين "
( 4 / 385 ) بروايته عن أنس , و عنه حماد بن سلمة و عبد العزيز بن المختار هذا
, و في " ثقات أتباع التابعين " ( 6 / 478 ) بروايته عن شريح , و عنه مروان بن
معاوية الفزاري . قلت : فهؤلاء ثقات ثلاثة رووا عنه : عبد العزيز هذا , و مروان
بن معاوية , و حماد بن سلمة , و روايته في " تاريخ البخاري " . و ذكر له ابن
أبي حاتم راويا رابعا , و هو محمد بن جابر , و هو اليمامي , و هو صدوق سيىء
الحفظ . و عند البخاري خامس : عدي بن الفضل , و لكنه متروك . و قد فات هذا
التحقيق المعلق على " مشكل الآثار " ( 5 / 276 - 277 ) , فأعله بجهالة ( صبيح )
هذا , غافلا عن رواية هؤلاء الثقات الأربعة عنه , و عن توثيق ابن حبان إياه . و
أعله أيضا بالانقطاع بين ابن بريدة و أبيه ! و يأتي الجواب عنه . و الحديث قال
الهيثمي ( 10 / 244 ) : " رواه البزار , و رجاله رجال الصحيح غير صبيح أبي
العلاء , و هو ثقة " . قلت : و عبد الله بن بريدة ثقة احتج به الشيخان عن أبيه
و غيره , و قد سمع منه أحاديث كثيرة خلافا لأحد الجهلة , المتعدين على هذا
العلم فزعم أنه لم يسمع من أبيه , و سيأتي الرد عليه بتفصيل لا تجده في مكان
آخر , فراجع الحديث الآتي برقم ( 2914 ) , و لا أدري - والله - إذا كان هذا
الزاعم قلد المعلق المشار إليه آنفا في هذا الإعلال المرفوض , أم هو كما قيل :
( وافق شن طبقه ) , أم هو تلميذه فيه ?! و في الحديث شاهد قوي يؤيد أن الحديث
كان آية تتلى , و زاد عليها أنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ بها في الصلاة و
يؤيده :
الحديث الخامس عن أبي موسى الأشعري قال : " نزلت سورة فرفعت , و حفظت منها : "
لو أن لابن آدم واديين من مال لابتغى إليهما ثالثا , .. " الحديث " .
2912 " نزلت سورة فرفعت و حفظت منها : " لو أن لابن آدم واديين من مال لابتغى إليهما
ثالثا , .. " الحديث " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 968 :
أخرجه الطحاوي ( 2 / 418 - 419 ) : حدثنا أبو أمية حدثنا أحمد بن إسحاق الحضرمي
حدثنا حماد بن سلمة حدثنا داود بن أبي هند عن أبي حرب بن أبي الأسود الديلي عن
أبيه عن #أبي موسى الأشعري #قال : فذكره . قلت : و هذا إسناد جيد , رجاله
ثقات رجال مسلم غير أبي أمية , و اسمه محمد بن إبراهيم بن مسلم الخزاعي
الطرسوسي , و هو صدوق حافظ له أوهام , لكنه قد توبع . فقال الطحاوي : حدثنا
إبراهيم بن مرزوق حدثنا عفان بن مسلم حدثنا حماد بن سلمة حدثنا علي بن زيد عن
أبي حرب بن أبي الأسود به . و كذا رواه حجاج بن منهال , فقال أبو عبيدة في "
فضائل القرآن " ( ص 192 ) : حدثنا حجاج عن حماد بن سلمة به . و علي بن زيد - و
هو ابن جدعان - ضعيف , لكنه قد توبع من حماد بن سلمة كما تقدم من رواية أبي
أمية , و قد توبع من علي بن مسهر عن داود بن أبي هند عن أبي حرب بن أبي الأسود
عن أبيه قال : بعث أبو موسى الأشعري إلى قراء أهل البصرة , فدخل عليه ثلاثمائة
رجل , قد قرأوا القرآن , فقال : أنتم خيار أهل البصرة و قراؤهم , فاتلوه , و لا
يطولن عليكم الأمد فتقسوا قلوبكم كما قست قلوب من كان قبلكم , و إنا كنا نقرأ
سورة كنا نشبهها في الطول و الشدة ببراءة , فأنسيتها غير أني قد حفظت منها : "
لو كان لابن آدم واديان من مال .. " الحديث . أخرجه مسلم ( 3 / 100 ) و الطحاوي
( 2 / 419 ) و البيهقي في " دلائل النبوة " ( 7 / 156 ) من طريقين عن علي بن
مسهر . و أعله المعلق على " الطحاوي " ( 5 / 276 ) ببعض العلل التي لا أعرفها
منه , و إنما تمثل أسلوب ذاك الهدام للسنة المشار إليه آنفا في آخر الكلام على
حديث بريدة المتقدم ( 2911 ) , و ذكرت قبله إعلال المعلق لحديث بريدة بعلة
الهدام ! و كدت أن أقول إنه إعلال الهدام نفسه , و لكني دندنت حوله . و أما
الآن فإني أجزم بأن العلل المشار إليها إنما هي من ( الهدام ) , فإنها مما لا
يخفى بطلانها على المعلق إن شاء الله . فإن منها قوله : " و أبو حرب بن أبي
الأسود ليس له في صحيح مسلم غير هذا الحديث , و لم يوثقه غير ابن حبان " !! و
وجه بطلان هذا الإعلال ظاهر , فهب أن مسلما لم يخرج له مطلقا فهل يكون ذلك علة
في الراوي إذا كان ثقة ?! و قوله : " و لم يوثقه غير ابن حبان " كذب بلوناه منه
مرارا و تكرارا , فقد صرح بتوثيقه إمام النقاد الحافظ الذهبي , ثم الحافظ
العسقلاني , و دل عليه صنيع مسلم بإخراجه لحديثه , و قول ابن سعد من قبله : "
كان معروفا " . و قد روى عنه جماعة من الثقات , هذا إلى كونه تابعيا . و لذلك
فقد غلب على ظني أن هذا التعليق هو بقلم الهدام , و أن المعلق المشار إليه لا
علم عنده به , و إنما نسبت إليه تعليقات الكتاب لمشاركته في بعضها و لأسباب
أخرى يعرفها أهل العلم , و لسان الحال يقول : ( له الاسم و لغيره الرسم ) !! و
يستفاد من حديث أبي موسى هذا فائدة جديدة غير ما في الأحاديث المتقدمة , و هي
أن هذا النص كان من جملة ما يتلى في زمنه صلى الله عليه وسلم , ثم رفع و نسخ ,
و به أيد الحافظ الاحتمال الذي سبق أن رجحته في تفسير قول أبي المتقدم تحت
الحديث ( 2907 ) : " نرى " , فقال : ( 11 / 258 ) : " فهو مما نسخت تلاوته جزما
, و إن كان حكمه مستمرا " . قال : " و يؤيد هذا الاحتمال ما أخرج أبو عبيد في "
فضائل القرآن " من حديث أبي موسى قال : قرأت سورة نحو *( براءة )* , و حفظت
منها : " لو أن لابن آدم .. " ( الحديث ) , و من حديث جابر : " كنا نقرأ : لو
أن لابن آدم ملء واد مالا , لأحب إليه مثله " الحديث " . قلت : و لم أر حديث
جابر هذا في نسخة " الفضائل " المطبوعة في لبنان عن نسخة مخطوطة سيئة بتحقيق
وهبي الغاوجي , و هو خال من أي تحقيق علمي يذكر ! فإذا ثبت حديث جابر هذا فليضم
إلى الأحاديث الخمسة المتقدمة . و جملة القول : أن هذه الأحاديث عن هؤلاء
الصحابة الخمسة تلقي اليقين في النفس أن النص المذكور فيها كان قرآنا يتلى ,
حتى في الصلاة , ثم رفع . و قد جهل هذه الحقيقة ذاك المعلق في " مسند أبي يعلى
" ( 4 / 448 ) على قول ابن عباس الذي تردد فيه بين أن يكون قرآنا أو لا ? فقال
: " أقول : و قول ابن عباس و حديث أبي دفعا عشاق الناسخ و المنسوخ إلى أن
يقولوا : إن هذا الحديث كان قرآنا , ثم نسخ بسورة التكاثر , يقولون هذا مع
علمهم أن القرآن لا يثبت إلا بطريق التواتر .. " إلخ كلامه . و من الواضح أنه
لا يفرق بين القرآن المثبت بين الدفتين الذي يشترط فيه التواتر الذي ذكر , و
بين منسوخ التلاوة كهذا الذي نحن في صدد الكلام حوله , بل حكمه حكم الأحاديث
النبوية و الأحاديث القدسية , فإنه لا يشترط فيها التواتر , و إن كان فيها ما
هو متواتر , كهذا , فإنه رواه خمسة من الأصحاب أو أكثر كما سبق . ثم قال المومى
إليه : " و " نرى " , في الحديث - بضم النون - معناها نظن , و الظن عكس اليقين
, و قد يكون إياه بقرينة , و ليست موجودة هنا " . فأقول : هذا مبني على الشرط
الذي ذكره في منسوخ التلاوة , و هو باطل كما عرفت , و ما بني على باطل فهو باطل
. و مما سلف تعلم أن تأييده ما ذهب إليه بما نقله عن الحافظ من توجيهه لظنهم
المذكور - لا يفيده شيئا , لأن الحافظ ذكره في جملة ما ذكره من الاحتمالات في
توجيه بعض الأحاديث , و لم يعتمد عليه , بل اعتمد على الآخر الذي سبق نقله عنه
, و حط عليه بقوله : " فهو مما نسخت تلاوته جزما , و إن كان حكمه مستمرا " . و
أيده بحديث أبي موسى , و حديث جابر , فلا أدري كيف تجاهله هذا المومى إليه ,
فكيف و هناك الأحاديث الأخرى المتقدمة التي تلقي اليقين في النفس أن الحديث كان
من القرآن ثم نسخت تلاوته , و في ظني أنه لم يعلم بها , و إنه لو علم بها ما
قال ما قال , و إلا دل قوله على سوء الحال . نسأل الله السلامة . و هذا البحث
مما ساقني إلى تخريج حديث " الشيخ و الشيخة إذا زنيا " , لأنه من مشاهير منسوخ
التلاوة عند العلماء , و أتبع ذلك بما ذكره الحافظ عن الصحابة في منسوخ التلاوة
, ليعلم المومى إليه و غيره من المخرجين أن العلم و الفقه في الكتاب و السنة
شيء , و مهنة تخريج الأحاديث شيء آخر . و الله المستعان .
2913 " الشيخ و الشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 972 :
ورد من حديث # عمر و زيد بن ثابت و أبي بن كعب و العجماء خالة أبي أمامة بن سهل
# . 1 - أما حديث عمر , فقال أبو بكر بن أبي شيبة في " المصنف " ( 10 / 75 - 76
) : حدثنا ابن عيينة عن الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس قال : قال عمر : قد
خشيت أن يطول بالناس زمان حتى يقول القائل : ما نجد الرجم في كتاب الله فيضلوا
بترك فريضة أنزلها الله , ألا و إن الرجم حق إذا أحصن , أو قامت البينة , أو
كان حمل , أو اعتراف . و قد قرأتها : " الشيخ و الشيخة .. " الحديث , رجم رسول
الله صلى الله عليه وسلم , و رجمنا بعده . و أخرجه ابن ماجه ( 2553 ) من طريق
أبي بكر , و كذا مسلم ( 5 / 116 ) و لكنه لم يسق لفظه , و النسائي في " الكبرى
" ( 4 / 273 / 7156 ) و البيهقي ( 8 / 211 ) من طريقين آخرين عن سفيان بن عيينة
به . قلت : و هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين , و قد أخرجاه , البخاري ( رقم
6829 ) من طريق علي بن عبد الله , و مسلم من طريق أبي بكر - كما تقدم - كلاهما
عن سفيان به , إلا أنهما لم يقولا : " و قد قرأتها .. "إلخ , و مع ذلك فقد
عزاه البيهقي إليهما عقب روايته إياه , و كذلك فعل السيوطي في " الدر المنثور "
( 5 / 179 - 180 ) و إلى ذلك أشار الضياء المقدسي بعدم إيراده إياه في " مسند
عمر " من " الأحاديث المختارة " , و كنت تبعتهم في ذلك في كتابي " الإرواء " (
8 / 3 - 4 / 2338 ) حين عزوته فيه لجمع منهم الشيخان , و هذا مقبول بالنسبة
لمسلم , لأنه رواه من طريق ابن أبي شيبة كما تقدم و فيها الزيادة , و إن كان لم
يسق لفظه , بل أحال به على لفظ رواية يونس عن ابن شهاب قبله , و ليس فيه قوله
المذكور : " و قد قرأتها .. " . و أما بالنسبة للبخاري فرواه من طريق شيخه علي
بن المديني , و قد ذكر الحافظ في " الفتح " ( 12 / 143 ) أن الإسماعيلي أخرجه ,
يعني في " مستخرجه على البخاري " من طريق جعفر الفريابي عن علي بن المديني , و
فيه القول المذكور , و قال الحافظ عقبه : " و لعل البخاري هو الذي حذف ذلك عمدا
" . ثم استشهد على ذلك بقول النسائي عقب الحديث : " لا أعلم أحدا ذكر في هذا
الحديث : " الشيخ و الشيخة .. " غير سفيان , و ينبغي أنه وهم في ذلك " . قال
الحافظ : " و قد أخرج الأئمة هذا الحديث من رواية مالك و يونس و معمر و صالح بن
كيسان , و عقيل , و غيرهم من الحفاظ عن الزهري , فلم يذكروها , و قد وقعت هذه
الزيادة في هذا الحديث من رواية الموطأ عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب قال
: لما صدر عمر من الحج و قدم المدينة خطب الناس فقال : .. " , فذكر الخطبة و
فيها الزيادة , و هي في " حدود الموطأ " ( 3 / 42 - 43 ) . و أخرجها ابن سعد في
" الطبقات " ( 3 / 334 ) من طريق يزيد بن هارون : أخبرنا يحيى بن سعيد به . و
بهذا الإسناد روى أحمد ( 1 / 43 ) طرفا منه . و رواه ( 1 / 36 ) من طريق أخرى
عن يحيى . قلت : و هذا إسناد صحيح على الخلاف المعروف في سماع سعيد من عمر .
فهو شاهد قوي للزيادة التي تفرد بها ابن عيينة , ثم ذكر الحافظ لها شواهد أخرى
, و يأتي تخريجها إن شاء الله قريبا . 2 - و أما حديث زيد بن ثابت , فيرويه
شعبة عن قتادة , عن يونس بن جبير عن كثير ابن الصلت قال : كان ابن العاص و زيد
بن ثابت يكتبان المصاحف , فمروا على هذه الآية , فقال زيد : سمعت رسول الله صلى
الله عليه وسلم يقول : " الشيخ و الشيخة .. " الحديث . فقال عمر : لما أنزلت
هذه أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : أكتبنيها , - قال شعبة - فكأنه
كره ذلك . فقال عمر : ألا ترى أن الشيخ إذا لم يحصن جلد , و أن الشاب إذا زنى و
قد أحصن رجم ? أخرجه أحمد ( 5 / 183 ) و النسائي في " السنن الكبرى " ( 4 / 270
/ 7145 ) و الدارمي ( 2 / 179 ) المرفوع منه , و الحاكم ( 4 / 360 ) و البيهقي
( 8 / 211 ) و قال الحاكم : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي . و هو كما قالا
. و في رواية للنسائي رقم ( 7148 ) من طريق أخرى عن ابن عون عن محمد - هو ابن
سيرين - نبئت عن ابن أخي كثير بن الصلت قال : كنا عند مروان و فينا زيد بن ثابت
قال زيد : كنا نقرأ : " و الشيخ و الشيخة .. " , فقال مروان : أفلا نجعله في
المصحف ? قال : لا , ألا ترى أن الشابين الثيبين يرجمان ? قال : و قال : ذكروا
ذلك و فينا عمر بن الخطاب رضي الله عنه , قال : أنا أشفيكم من ذاك . قال : قلنا
: كيف ? قال : آتي النبي صلى الله عليه وسلم فأذكر كذا و كذا , فإذا ذكر الرجم
أقول : يا رسول الله ! أكتبني آية الرجم . قال : فأتيته فذكرته , قال : فذكر
آية الرجم . قال : فقال : يا رسول الله ! أكتبني آية الرجم . قال : " لا أستطيع
ذاك " . قلت : و رجاله ثقات غير شيخ محمد , فإنه لم يسم , و قد أشار إلى صحته
البيهقي بقوله عقبه : " في هذا و ما قبله دلالة على أن آية الرجم حكمها ثابت ,
و تلاوتها منسوخة , و هذا مما لا أعلم فيه خلافا " . و أورده السيوطي في " الدر
المنثور " من رواية النسائي و أبي يعلى نحوه ببعض اختصار بلفظ : " لا أستطيع
الآن " . 3 - و أما حديث أبي , فيرويه عاصم بن بهدلة عن زر قال : قال لي أبي بن
كعب : كائن تقرأ سورة ( الأحزاب ) , أو كائن تعدها ? قال : قلت : ثلاثا و سبعين
آية . قال : قط , لقد رأيتها و إنها لتعادل سورة ( البقرة ) , و لقد قرأنا فيها
: " الشيخ و الشيخة .. " , و زاد : " نكالا من الله , و الله عليم حكيم " .
أخرجه النسائي ( 7141 ) و ابن حبان ( 6 / 301 / 4411 و 4412 ) و الحاكم ( 2 /
415 و 4 / 359 ) و البيهقي أيضا , و عبد الرزاق في " المصنف " ( 3 / 365 / 5990
) و الطيالسي ( 540 ) و عبد الله بن أحمد ( 5 / 132 ) و الضياء في " المختارة "
( 3 / 370 - 371 ) و قال الحاكم : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي , و هو
كما قالا , على ما سبق بيانه تحت الحديث الأول رقم ( 2908 ) . و زاد الطيالسي
في آخر الحديث : " فرفع فيما رفع " . و في سندها ابن فضالة , و اسمه مبارك , و
هو مدلس , و قد عنعن . و قد توبع عاصم على أصل الحديث من يزيد بن أبي زياد عن
زر بن حبيش به . أخرجه عبد الله بن أحمد أيضا . و يزيد هو الهاشمي مولاهم , و
لا بأس به في المتابعات . 4 - و أما حديث العجماء , فيرويه الليث بن سعد عن
سعيد بن أبي هلال عن مروان بن عثمان عن أبي أمامة بن سهل أن خالته ( و قال
الطبراني : العجماء ) أخبرته قالت : لقد أقرأنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
آية الرجم : " الشيخ و الشيخة فارجموهما البتة , بما قضيا من اللذة " . أخرجه
النسائي ( 7146 ) و الحاكم ( 4 / 359 ) و الطبراني في " المعجم الكبير " ( 24 /
350 / 867 ) و قال الحاكم : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي . و أقول :
رجاله ثقات رجال الشيخين غير مروان بن عثمان , و هو ابن أبي سعيد بن المعلى
الأنصاري الزرقي , غمزه النسائي , و قال أبو حاتم : ضعيف . و أما ابن حبان
فذكره في " الثقات " ( 7 / 482 ) ! و قال الذهبي في " الكاشف " : " مختلف في
توثيقه " ! قلت : فلم يصنع شيئا . و قد أورده في " المغني " , و ذكر تضعيف أبي
حاتم إياه , و غمز النسائي له , و لم يتعرض لذكر توثيق ابن حبان , و هو الصواب
هنا , و لذلك جزم الحافظ في " التقريب " بأنه " ضعيف " . و قال في " الإصابة "
: " متروك " . انظر " الضعيفة " ( 6371 ) . إذا علمت ما تقدم , فاتفاق هؤلاء
الصحابة رضي الله عنهم على رواية هذه الأحاديث الصريحة في رفع تلاوة بعض الآيات
القرآنية , هو من أكبر الأدلة على عدالتهم و أدائهم للأمانة العلمية , و تجردهم
عن الهوى , خلافا لأهل الأهواء الذين لا يستسلمون للنصوص الشرعية , و يسلطون
عليها تأويلاتهم العقلية , كما تقدم عن بعض المعلقين ! و لا ينافي تلك الأحاديث
قول ابن عباس لما سئل : أترك النبي صلى الله عليه وسلم من شيء ? فقال : " ما
ترك إلا ما بين الدفتين " . رواه البخاري ( 5019 ) . فإنه إنما أراد من القرآن
الذي يتلى , كما في " الفتح " , و من الدليل على ذلك أن ابن عباس من جملة من
روى شيئا من ذلك كما يدل عليه قوله في الحديث المتقدم ( 2909 ) : " صدق الله و
رسوله : لو كان .. " . ثم قال الحافظ ( 9 / 65 ) في آخر شرحه لحديث ابن عباس :
" و يؤيد ذلك ما ثبت عن جماعة من الصحابة من ذكر أشياء نزلت من القرآن فنسخت
تلاوتها , و بقي أمر حكمها أو لم يبق مثل حديث عمر : " الشيخ و الشيخة إذا زنيا
فارجموهما البتة " . و حديث أنس في قصة القراء الذين قتلوا في بئر معونة , قال
: فأنزل الله فيهم قرآنا : " بلغوا عنا قومنا أنا لقد لقينا ربنا " , و حديث
أبي بن كعب : " كانت الأحزاب قدر البقرة " . و حديث حذيفة : " ما يقرؤون ربعها
. يعني براءة " . و كلها أحاديث صحيحة . و قد أخرج ابن الضريس من حديث ابن عمر
أنه " كان يكره أن يقول الرجل : قرأت القرآن كله , و يقول : إن منه قرآنا قد
رفع , و ليس في شيء من ذلك ما يعارض حديث الباب لأن جميع ذلك مما نسخت تلاوته
في حياة النبي صلى الله عليه وسلم " .
2914 " خمس لا يعلمهن إلا الله : *( إن الله عنده علم الساعة و ينزل الغيث و يعلم ما
في الأرحام و ما تدري نفس ماذا تكسب غدا و ما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله
عليم خبير )* " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 978 :
أخرجه أحمد ( 5 / 353 ) و البزار ( 3 / 65 / 2249 ) عن زيد بن الحباب : حدثنا
حسين بن واقد حدثني عبد الله قال : سمعت # أبي بريدة # يقول : سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول : فذكره . قلت : و هذا إسناد جيد رجاله كلهم ثقات رجال
مسلم , مسلسل بالتحديث و السماع , و لذلك قال الحافظ ابن كثير في " التفسير " (
3 / 453 - 454 ) بعد أن ذكره بإسناد أحمد هذا : " صحيح إسناد , و لم يخرجوه " .
و عزاه السيوطي في " الدر المنثور " ( 5 / 169 ) لابن مردويه أيضا و الروياني و
الضياء , قال السيوطي : " بسند صحيح " . و أما عزو الحافظ إياه في " الفتح " (
8 / 514 ) لابن حبان و الحاكم , فما أظنه إلا وهما . و قال الهيثمي في " المجمع
" ( 7 / 89 ) : " رواه أحمد و البزار , و رجال أحمد رجال الصحيح " . و للحديث
شاهد صحيح من رواية أبي هريرة رضي الله عنه في قصة مجيء جبريل عليه السلام و
سؤاله عن الإيمان و الإسلام و الإحسان و الساعة . رواه الشيخان , و ابن حبان (
1 / 188 / 159 ) و غيرهم , و هو مخرج في " الإرواء " ( 1 / 32 / 3 ) . و شاهد
آخر من حديث عبد الله بن عمر بلفظ : " مفاتيح الغيب خمس .. " الحديث . أخرجه
البخاري ( 1039 ) و ابن حبان ( 1 / 144 / 70 و 7 / 647 / 6101 ) و أحمد ( 2 /
24 و 52 و 58 ) من طريق عبد الله بن دينار عنه . و تابعه سالم بن عبد الله عن
عبد الله به . أخرجه أحمد ( 2 / 122 ) . و سنده صحيح على شرط الشيخين . و هذا
الحديث عن ابن عمر , أورده الهيثمي في " موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان " (
434 / 1754 و 1755 ) , و ليس من شرطه كما ترى . ( تنبيه ) : في إسناد حديث
الترجمة الصحيح بشهادة أولئك الحفاظ : الضياء المقدسي و السيوطي و كذا ابن كثير
- رد صريح قوي على ذاك المتعالم الذي عاث في كتاب " رياض الصالحين " للنووي
فسادا , فغير فيه و بدل , و أخرج منه عشرات الأحاديث الصحيحة زاعما أنها ضعيفة
جعلها ذيلا لـ " رياضه " متشبثا بتعليلات هي أوهى من بيت العنكبوت , و من ذلك
أنه ضعف ( ص 560 ) حديثين صحيحين من رواية أحمد أيضا عن عبد الله بن بريدة عن
أبيه , بدعوى أنها منقطعة و أن عبد الله لم يسمع من أبيه شيئا ! و دعم ذلك -
بزعمه - بقول أحمد : " لا أدري أسمع من أبيه أم لا ? " , و بكلمة نقلها عن
البخاري في " تاريخه " ( 3 / 1 / 51 ) ليست صريحة في نفي السماع <1> , و لذلك
لم نر أحدا من الحفاظ المتأخرين , عرج على هذا النفي كالذهبي في " السير " ( 5
/ 50 ) و قال : " الحافظ الإمام .. حدث عن أبيه فأكثر .. " . و في " الكاشف "
جزم بروايته عن أبيه و غيره , و قال : " ثقة " . و كذلك قال الحافظ في "
التقريب " . و الحافظ العلائي لما أورده في كتابه " المراسيل " ( 252 / 338 )
لم يزد على قوله : " عن عمر رضي الله عنه . قال أبو زرعة : مرسل " . لقد ثبت
لدي يقينا أن هذا الرجل من أهل الأهواء في تضعيفه الأحاديث الصحيحة , خلافا
للعلماء المتخصصين في هذا المجال , هذا إذا كان على علم بأن ما تمسك به في نفي
السماع لا ينهض في إثبات الانقطاع الذي ادعاه , و بموقف الحفاظ المذكور منه , و
بحقائق أخرى تؤيدهم , و إلا فهو جاهل متعالم ! و إليك الآن ما تيسر لدي من
الحقائق : الأولى : أن إمام المحدثين البخاري الذي نسب إليه المتعالم نفيه
لسماع عبد الله من أبيه قد أخرج له في " صحيحه " محتجا به , و قد وقفت له فيه
على حديثين أخرجهما في " المغازي " : الأول : ( 8 / 66 / 4350 ) من طريق علي بن
سويد عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال : بعث النبي صلى الله عليه وسلم عليا
إلى خالد ليقبض الخمس .. الحديث . و أخرجه أحمد ( 5 / 350 ) من طريق أخرى عن
عبد الله بن بريدة : حدثني أبي بريدة . فصرح بسماعه من أبيه , و هذا منه كثير
كما يأتي , و إسناد هذا حسن . و الآخر : ( 8 / 153 / 4473 ) من طريق كهمس عن
ابن بريدة عن أبيه قال : غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ست عشرة غزوة . و
شاركه في هذا مسلم ( 5 / 200 ) من هذا الوجه . ثم رواه من طريق حسين بن واقد عن
عبد الله بن بريدة نحوه . و من هذا الوجه أخرجه البيهقي في " دلائل النبوة " (
5 / 459 ) مصرحا بتحديث ابن بريدة عن أبيه . إذا عرفت هذا فقول الحافظ في "
مقدمة الفتح " ( 413 ) أن عبد الله بن بريدة ليس له في البخاري من روايته عن
أبيه سوى حديث واحد , و وافقه مسلم على إخراجه ! فهو سهو عن الحديث الأول , و
قد عزوته آنفا إلى الجزء و الصفحة و الرقم من شرحه - الطبعة السلفية . الحقيقة
الثانية : أن الإمام مسلما قد صحح جملة من أحاديث عبد الله بن بريدة عن أبيه في
مختلف أنواع أبواب الفقه , أخرجها في " صحيحه " , فمن شاء راجعها مستعينا على
ذلك بكتاب المزي : " تحفة الأشراف " , و هذه أرقامها : ( 1947 و 1963 و 1980 و
1989 و 1999 و 2001 ) . و الرقم الأول يشير إلى قصة ماعز و رجمه , و هو مخرج في
" إرواء الغليل " ( 7 / 356 - 357 ) و صححه الدارقطني أيضا . و الرقم الثاني
يشير إلى غزو بريدة معه صلى الله عليه وسلم تسع عشرة غزوة أخرجها بإسناد حديث
الترجمة , و صرح عبد الله بسماعه من أبيه في " الدلائل " كما تقدم . و الرقم
الثالث يشير إلى حديث المرأة التي تصدقت على أمها بجارية , و هو مخرج في "
الإرواء " ( 3 / 262 ) و " صحيح أبي داود " ( 1460 ) و استدركه الحاكم كما يأتي
, فوهم . و الرقم الرابع في النهي عن زيارة القبور , و لحوم الأضاحي و غيرها .
و هو مخرج في " أحكام الجنائز " ( ص 178 - 179 ) , و " الصحيحة " ( 2048 -
المجلد الخامس ) , و صححه الترمذي و ابن حبان . و الرقم الخامس في قوله صلى
الله عليه وسلم : أوتي مزمارا من مزامير آل داود . و هو مخرج في " صحيح أبي
داود " ( 1341 ) , و صححه ابن حبان أيضا . الثالثة : أن أحاديث مسلم التي
أخرجها من طريق سليمان بن بريدة عن أبيه أكثر و أطيب , و هذه أرقامها في "
التحفة " تيسيرا لمن أراد استخراجها منه : ( 1928 و 1929 و 1930 و 1931 - 1937
) . و الأول منها مخرج في " صحيح أبي داود " ( 164 ) و صححه أيضا أبو عوانة و
الترمذي و ابن حبان . و الحديث الثاني مخرج في " الإرواء " ( 5 / 86 / 1247 ) و
صححه أيضا أبو عوانة و ابن حبان و ابن الجارود . و الثالث مخرج في " أحكام
الجنائز " ( ص 189 - 190 ) , و صححه ابن حبان أيضا . و الرابع في " صحيح أبي
داود " ( 423 ) , و صححه أيضا أبو عوانة و ابن حبان و الترمذي . و الخامس في "
أحكام الجنائز " ( ص 178 ) , و صححه الترمذي أيضا و ابن حبان . و السادس : "
حرمة نساء المجاهدين .. " , مخرج في " صحيح أبي داود " ( 2255 ) و صححه أيضا
أبو عوانة و ابن حبان . و السابع : في قصة ماعز المتقدمة , فقد رواها مسلم و
غيره من حديث سليمان بن بريدة أيضا . و الثامن : " من لعب بالنردشير .. " , و
هو مخرج في " الإرواء " ( 8 / 286 - 287 ) , و صححه ابن حبان أيضا و البغوي . و
التاسع : " من دعا إلى الجمل الأحمر .. " , و صححه أيضا أبو عوانة و ابن حبان و
كذا ابن خزيمة ( 1301 ) . و العاشر : حديث المرأة التي تصدقت على أمها بجارية ,
المتقدم في ترجمة عبد الله بن بريدة , فقد رواه بعضهم عن أخيه سليمان . و تقدم
تخريجه . قلت : هذه الأحاديث الصحيحة كلها و غيرها كثير و كثير جدا , مما يعنيه
الرجل المتعالم بالإعلال الذي نقله عن الإمام البخاري و غيره بعدم سماع عبد
الله بن بريدة و أخيه سليمان من أبيهما ! و لم يتنبه الرجل لجهله بهذا العلم ,
و بالغ غفلته بعواقب ما ينقله عن بعض الأئمة من تضعيف لأحاديثهم التي صححها
الأئمة أنفسهم , و وافقهم جماهير العلماء و الحفاظ الذين جاؤوا من بعدهم . و من
تلك الغفلة أنه أورد في " رياضه " أربعة أحاديث رقم ( 434 و 436 و 1250 و 1296
) من تلك الأحاديث الصحيحة المتقدمة من رواية مسلم , مشيرا إلى أرقامها في "
مسلم " , و ذلك يعني - إن كان واعيا لما يشير - أنها من رواية سليمان بن بريدة
عن أبيه , و الأولى من الأربعة في الإذن بزيارة القبور , و الثاني في السلام
عليها , و الثالث في حرمة نساء المجاهدين , و الرابع : " من دعا إلى الجمل
الأحمر " . و قد يقال : لعله أوردها مع تسليمه بضعف إسنادها في قرارة نفسه ,
لشواهد لها عنده تقويها ! فأقول : هذا أولا غير معروف عنه , فكم من أحاديث
صحيحة بمجموع طرقها أوردها في " ضعيفته " متباهيا ! و ثانيا : لا يعرف لكثير من
تلك الأحاديث ما يقويها , مثل حديث : " حرمة نساء المجاهدين " . و ثالثا : كان
عليه أن ينبه القراء على أنه لا تلازم بين إعلال الحديث بالانقطاع - لو صح - و
بين ضعفه , لما ذكرته , لكي لا يدعهم في حيرة من أحاديث الابنين عن أبيهما
بريدة رضي الله عنه , و ليقطع بذلك دابر سوء ظنهم به , و لو بكلمة قصيرة عندما
ضعف الحديثين الصحيحين المشار إليهما فيما سبق بعلة الانقطاع , و إذ لم يفعل
فهو متهم بتضعيفه لكل الأحاديث الواردة من طريقهما عن أبيهما حتى يعلن رأيه
الصريح في كل الأحاديث التي صح السند بها إليهما عن أبيهما . فإن كان الجواب :
إنها صحيحة , فقد اهتدى و بطلت العلة المذكورة , و هذا هو المراد , و إن ظل
متشبثا بها , لزمه ما ألزمناه من تضعيفه لعشرات الأحاديث الصحيحة , مخالفا بذلك
( سبيل المؤمنين ) . و لتزداد يقينا - أيها القارىء الكريم - ببالغ خطورة
التشبث المذكور , ينبغي أن تعلم أن إعلاله المذكور يشمل عشرات الأحاديث الأخرى
المبثوثة في مختلف كتب السنن و المسانيد و المعاجم و الفوائد و غيرها مما يصعب
إحصاؤه و حصره , و لذلك فإني سأكتفي بذكر مواضع أحاديثهما عن أبيهما في كتابين
فقط من تلك الكتب التي التزم مؤلفوها الصحة , و هما " صحيح ابن حبان " و "
مستدرك الحاكم " . أولا : أحاديث بريدة من رواية ابنيه عنه بأرقامها في "
الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان " طبع دار الكتب العلمية , ذات السبعة مجلدات :
1 - " ليلة أسري بي .. " ( 1 / 1 / 12 / 47 ) و هو مخرج في " المشكاة " ( 5921
/ التحقيق الثاني ) و هو مما حسنه الترمذي , و صححه الحاكم و الذهبي .
2 - " أحساب أهل الدنيا .. " ( 2 / 42 / 697 و 698 ) و هو مخرج في " الإرواء "
( 6 / 271 - 272 ) و صححه الحاكم و الذهبي , و صرح عبد الله بن بريدة بالسماع
من أبيه !
3 - " لقد سألت الله بالاسم الذي إذا سئل به أعطى .. " ( 2 / 125 / 888 و 889 )
و هو مخرج في " صفة الصلاة " , و " صحيح أبي داود " ( 1341 ) , و صححه الحاكم و
الذهبي , و حسنه الترمذي .
4 - حديث السؤال عن المواقيت ( 3 / 24 / 1490 و 35 / 1523 ) و هو مخرج في
الحديث الرابع المشار إليه ( ص 983 ) من أحاديث مسلم المتقدمة .
5 - " في الإنسان ستون و ثلاثمائة مفصل .. " ( 3 / 79 / 1640 و 3 / 106 ) و هو
مخرج في " الإرواء " ( 2 / 213 ) من رواية جمع منهم أحمد و الطحاوي و صرحا فيه
بسماع عبد الله من أبيه بريدة و هي رواية ابن خزيمة في " صحيحه " ( 1226 ) .
6 - صلى الصلوات كلها بوضوء واحد ( 3 / 105 / 1703 و 1704 و 1705 ) رواه مسلم
أيضا , و صححه جمع , و هو الحديث الأول المشار إليه ( ص 982 ) .
7 - كان لا يخرج يوم الفطر حتى يطعم ( 4 / 206 / 2801 ) و هو مخرج في " المشكاة
" ( 1440 ) و صححه الحاكم أيضا و ابن القطان و الذهبي , و كذا ابن خزيمة ( 1426
) .
8 - " المؤمن يموت بعرق جبينه " ( 5 / 6 / 3000 ) , و هو مخرج في " أحكام
الجنائز " ( 35 ) و حسنه الترمذي , و صححه الحاكم و الذهبي .
9 - النهي عن زيارة القبور ( 5 / 67 / 3158 / 7 / 385 / 5376 ) و تقدم من رواية
مسلم , و هو الحديث الثالث .
10 - السلام على أهل القبور ( 4 / 69 / 3163 ) و هو الخامس عند مسلم .
11 - " من خبب زوجته .. " ( 6 / 279 / 4348 ) و هو مخرج في " الصحيحة " ( 94 و
325 ) , و صححه جمع منهم المنذري .
12 - حديث ضرب الجارية على الدف .. ( 6 / 286 - 287 ) و هو مخرج في " الصحيحة "
( 2261 ) , و صححه الترمذي أيضا .
13 - " حرمة نساء المجاهدين .. " ( 7 / 72 / 4615 ) و صححه جمع تقدم ذكرهم في
حديث مسلم السادس .
14 - " صاحب الدابة أحق .. " ( 7 / 114 / 4715 ) و هو مخرج في " صحيح أبي داود
" ( 2318 ) , و حسنه الترمذي , و صححه أيضا الحاكم و الذهبي , و صرح عبد الله
بن بريدة بسماعه من أبيه عند أحمد و غيره .
15 - " اغزوا بسم الله .. " ( 7 / 116 / 4719 ) و صححه جمع منهم مسلم , ذكروا
في حديثه الثاني .
16 - " مالي أجد منك ريح الأصنام .. " ( 7 / 411 / 5464 ) و هو مخرج في "
المشكاة " ( 4396 ) و " آداب الزفاف " ( 128 ) و سنده إلى عبد الله بن بريدة
ضعيف .
17 - كان لا يتطير من شيء .. ( 7 / 530 / 5797 ) و هو مخرج في " الصحيحة " (
762 ) , و صححه ابن القطان .
18 - إقبال الحسن و الحسين عليه و هو يخطب ( 7 / 612 و 613 ) , و هو مخرج في "
صحيح أبي داود " ( 1016 ) , و حسنه الترمذي , و صححه ابن خزيمة أيضا و الحاكم و
الذهبي , و صرح عبد الله بالسماع من أبيه عنده , أعني ابن حبان في روايته , و
كذا أحمد .
19 - تفله في رجل عمرو بن معاذ فبرأ ( 8 / 151 / 6475 ) و فيه تصريح عبد الله
بالسماع , و مضى تخريجه برقم ( 2904 ) .
20 - " من كنت وليه فعلي وليه " ( 9 / 42 / 6891 ) و هو مخرج في " الصحيحة " (
1750 ) و " الروض النضير " ( 171 ) , و قواه الحافظ في " الفتح " ( 8 / 67 ) و
صححه الحاكم و الذهبي , و صرح عنده عبد الله بلقائه لأبيه !
21 - " إنها صغيرة .. " . يعني فاطمة ( 9 / 51 / 6909 ) و صححه الحاكم أيضا , و
وافقه الذهبي .
22 - في فضل بلال و عمر رضي الله عنهما ( 9 / 108 / 7044 و 7045 ) و هو مخرج في
" التعليق الرغيب " ( 1 / 99 ) و صححه أيضا الترمذي و الحاكم و الذهبي , و صرح
عبد الله بسماعه من أبيه عند أحمد ( 5 / 354 ) .
23 - " أهل الجنة عشرون و مائة صف .. " ( 9 / 274 - 275 ) و هو مخرج في "
المشكاة " ( 5644 ) و حسنه الترمذي , و صححه الحاكم ( 1 / 82 ) .
ثانيا : أحاديث بريدة من رواية ابنيه عنه في " مستدرك الحاكم " مشيرا إلى أرقام
صفحاتها فيه و مجلداتها من الطبعة الهندية التي لم يصدر غيرها حتى الآن فيما
علمت , و سأخرج ما تيسر لي منها .
1 - " أهل الجنة .. " الحديث المذكور آنفا ( 1 / 82 ) و أقره الذهبي .
2 - " كنا لا نرفع رؤوسنا إعظاما له " ( 1 / 120 - 121 ) و صححه و أقره الذهبي
. 3 - إقبال الحسن و الحسين .. المتقدم آنفا برقم ( 18 ) ( 1 / 287 / 4 / 189 )
, و أقره الذهبي .
4 - الخروج يوم الفطر المتقدم برقم ( 7 ) ( 1 / 294 ) و صححه هو و الذهبي .
5 - " الوتر حق .. " ( 1 / 305 ) و صححه , و تعقبه الذهبي بمن دون عبد الله , و
هو مخرج في " الإرواء " ( 417 ) و غيره .
6 - لما أخذوا في غسله صلى الله عليه وسلم ( 1 / 354 ) و صححه و وافقه الذهبي .
7 - " المؤمن يموت بعرق الجبين " ( 1 / 361 ) و صححه هو و الذهبي , و تقدم .
8 - زيارته صلى الله عليه وسلم لقبر أمه ( 1 / 375 و 2 / 605 ) و صححاه .
9 - " إني استأذنت ربي في الاستغفار لأمي .. " ( 1 / 376 ) و صححاه .
10 - " كان يتعهد الأنصار و يعودهم .. " ( 1 / 384 ) و صححاه , و هو مخرج في "
أحكام الجنائز " ( 164 - 165 ) .
11 - " من استعملناه على عمل .. " ( 1 / 406 ) و صححاه , و هو مخرج في " غاية
المرام " ( 460 ) .
12 - حديث التوسل باسم الله الأعظم ( 1 / 504 ) و قد تقدم , و صححاه .
13 - " اللهم أنت ربي .. " ( 1 / 564 - 565 ) و صححاه , و رواه ابن حبان أيضا (
1032 ) و هو مما فاتنا ذكره في أحاديثه المتقدمة , و هو مخرج في " الصحيحة " (
4 / 328 ) .
14 - " بسم الله , اللهم إني أسألك خير هذه السوق .. " ( 1 / 539 ) , و ضعفه
الذهبي بمن دون سليمان بن بريدة . و هو مخرج في " الكلم الطيب " ( حديث رقم 231
) .
15 - " يجيء يوم القيامة القرآن كالرجل .. " ( 1 / 556 ) و صححه , و سكت عنه
الذهبي , و في الطريق إلى عبد الله بن بريدة كلام , لكن له شاهد تقدم تخريجه
برقم ( 2829 ) .
16 - " تعلموا سورة البقرة و آل عمران .. " ( 1 / 560 ) و صححاه , و هو مخرج في
" التعليق الرغيب " ( 2 / 219 ) .
17 - " من قرأ القرآن و تعلمه .. " ( 1 / 567 - 568 ) و صححاه , و هو مخرج في "
التعليق الرغيب " ( 2 / 210 ) و انظر الحديث المتقدم ( 2829 ) .
18 - مجيء سلمان إليه صلى الله عليه وسلم بصدقة ثم بهدية .. ( 2 / 16 ) و صححاه
, و هو مخرج في " مختصر الشمائل " ( رقم 18 ) و صرح عبد الله بسماعه من أبيه
عند أحمد ( 5 / 354 ) .
19 - " من أنظر معسرا .. " ( 2 / 29 ) و صححاه , و هو مخرج في " الصحيحة " ( 86
) و " الإرواء " ( 5 / 263 / 1438 ) .
20 - " صاحب الدابة أحق .. " ( 2 / 64 ) و تقدم , و صححاه .
21 - " من كنت وليه .. " ( 2 / 129 - 130 ) و تقدم , و فيه أن عبد الله بن
بريدة كان يمشي مع أبيه , و صححاه .
22 - " أحساب أهل الدنيا .. " ( 2 / 163 ) و تقدم , و صححاه .
23 - " .. إنها صغيرة .. " ( 2 / 167 - 168 ) و تقدم , و صححاه .
24 - " يا علي لا تتبع النظرة .. " ( 2 / 194 ) و صححاه و فيه نظر , و هو مخرج
في " الجلباب " ( ص 77 / الطبعة الجديدة ) .
25 - " لما انتهينا إلى بيت المقدس .. " ( رقم 1 ) ( 2 / 360 ) و تقدم , و
صححاه .
26 - قول عمر : " لا تباع أم حر " , و فيه قصة ( 2 / 458 ) و صححاه .
27 - بعثه صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص في غزوة السلاسل ( 3 / 42 - 43 ) و
صححاه .
28 - في إسلام أبي ذر و ابن عمر .. ( 3 / 112 ) و صححاه .
29 - في فضل بلال و عمر .. ( 3 / 285 ) و تقدم ( 22 ) و صححاه .
30 - " القضاة ثلاثة .. " ( 4 / 90 ) و هو مخرج في " الإرواء " ( 8 / 235 /
2614 ) و صححاه , و فيه نظر بينته هناك .
31 - " ادع تلك الشجرة .. " ( 4 / 172 ) . صححه الحاكم , و وهاه الذهبي بمن دون
عبد الله بن بريدة . لكن القصة لها شواهد .
32 - " كنا في الجاهلية إذا ولد لنا غلام .. " ( 4 / 238 ) و صححاه . و هو مخرج
في " الإرواء " ( 4 / 388 - 389 ) و صرح عبد الله بن بريدة بسماعه من أبيه عند
البيهقي .
33 - " نهى عن مجلسين و ملبسين .. " ( 4 / 272 ) و سكت عنه , و قواه الذهبي كما
تقدم بيانه برقم ( 2905 ) .
34 - " ليس منا من حلف بالأمانة .. " ( 4 / 298 ) و صححاه , و هو مخرج في "
الصحيحة " ( 94 ) و صححه ابن حبان أيضا , و هو في الحديث المتقدم برقم ( 11 ) ,
و هو أحد الحديثين اللذين جنى عليهما المردود عليه , كما سبقت الإشارة إلى ذلك
في أول هذا البحث .
35 - " من قال : أنا بريء من الإسلام .. " ( 4 / 298 أيضا ) و صححه هو و الذهبي
, و هو مخرج في " الإرواء " ( 2576 ) و هو الحديث الآخر من الحديثين اللذين
ضعفهما المومى إليه , و لم يعزه في " ضعيفته " ( 560 / 120 ) لأحمد لأنه صرح في
روايته بسماع عبد الله بن بريدة من أبيه !
36 - " إذا قال الرجل للمنافق .. " ( 4 / 311 ) و صححه الحاكم , و ضعفه الذهبي
بمن دون عبد الله , و لكنه متابع , و هو مخرج في " الصحيحة " ( 371 و 1389 ) .
37 - حديث المرأة التي تصدقت على أمها بجارية ( 4 / 347 ) و قال : " صحيح
الإسناد و لم يخرجاه " ! و قد وهم في استدراكه إياه على مسلم كما تقدم التنبيه
عليه ( ص 982 ) .
38 - قصة ماعز و الغامدية ( 4 / 363 ) و سكت عنه هو و الذهبي , و هو المتقدم
عند مسلم ( ص 982 ) .
39 - " إن لله ريحا يبعثها على رأس مائة سنة .. " ( 4 / 457 ) و صححاه و فيه
ضعف و مخالفة ممن دون عبد الله بن بريدة. و قد بينت ذلك في " الضعيفة " ( 2576
) .
40 - يجيء قوم صغار العيون .. " الحديث ( 4 / 474 ) و صححاه , و دون عبد الله
ممن تكلم فيه . هذا ما تيسر لي ذكره من أحاديث عبد الله و سليمان ابني بريدة بن
الحصيب رضي الله عنه من صحيح البخاري و مسلم و ابن حبان و الحاكم , و لابد أنه
قد ذهب عني بعض أحاديث الأخيرين , و لكن فيما ذكر كفاية للدلالة على ما قصدت
إليه من بيان جهل هذا الرجل أو تجاهله , لاتفاق العلماء على تصحيح أحاديث
الابنين الكريمين , فصدق فيه قول ربنا تبارك و تعالى : *( و من يشاقق الرسول من
بعدما تبين له الهدى و يتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى و نصله جهنم و ساءت
مصيرا )* , لأنه إن كان جاهلا فقد خالف نصوصا كثيرة تأمره و أمثاله بسؤال
العلماء , و إن كان جاهلا فقد خالف نصوصا كثيرة تأمره و أمثاله بسؤال العلماء ,
و إن كان متجاهلا فالأمر أوضح من أن يحتاج إلى بيان بعد هذه العشرات من
الأحاديث التي صححها الشيخان و غيرهما , و في بعضها تصريح عبد الله بسماعه من
أبيه و بلقائه إياه كما تقدم , مع تصحيح أولئك الأئمة لأحاديثهما , و ما أحسن
ما قيل : و ليس يصح في الأذهان شيء إذا احتاج النهار إلى دليل .
-----------------------------------------------------------
[1] نعم , ما نقله عن إبراهيم الحربي صريح في النفي , لكنه معارض بما سيأتي من
الحقائق , و لاسيما أنه تفرد بقرن سلمان مع أخيه عبد الله في نفي سماعهما من
أبيهما !! . اهـ .
2915 " المسلمون عند شروطهم " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 992 :
حديث صحيح بمجموع طرقه , كنت خرجته في " إرواء الغليل " ( 5 / 142 - 146 ) من
حديث جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم , لا تجدها مجموعة في كتاب , من
حديث # أبي هريرة و عائشة و أنس بن مالك و عمرو بن عوف و رافع بن خديج و عبد
الله بن عمر #, فأغنى ذلك عن إعادة تخريجه هنا . و لكني وقفت على فوائد جديدة
حوله , فأحببت أن أزفها إلى القراء الكرام , تقوية للحديث علاوة على ما هناك ,
و ردا لتضعيف بعض أهل الأهواء إياه . فأقول : لقد وقفت على شاهده المرسل القوي
في " مصنف ابن أبي شيبة " قال ( 6 / 568 / 2064 ) : حدثنا يحيى بن أبي زائدة عن
عبد الملك عن عطاء قال : بلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : فذكره . قلت
: و هذا بلاغ مرسل صحيح , رجاله كلهم ثقات رجال مسلم , عبد الملك هو ابن أبي
سليمان العرزمي أحد الأئمة , و عطاء هو ابن أبي رباح التابعي الجليل , من
المكثرين عن ابن عباس و جابر و ابن عمر و غيرهم من أصحاب رسول الله صلى الله
عليه وسلم . فهو من أقوى المراسيل التي يستشهد بها كل العلماء محدثين و فقهاء ,
كما هو مبسوط في محله . و قال شيخ الإسلام ابن تيمية في " إبطال التحليل " ( ص
30 ) : " و المرسل صالح للاعتضاد باتفاق الفقهاء " . و لذلك علق الحديث الإمام
البخاري في " صحيحه " بصيغة الجزم , فقال ( 4 / 451 ) : " و قال النبي صلى الله
عليه وسلم : المسلمون عند شروطهم " . و خرجه الحافظ في " الفتح " عن بعض
المذكورين , و كذلك جزم بنسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم ابن عبد البر في "
التمهيد " ( 7 / 117 ) و ابن القيم أيضا في " الإغاثة " ( 2 / 21 و 55 ) و حسن
إسناد أبي هريرة النووي في " المجموع " ( 9 / 376 ) و قواه ابن دقيق العيد في "
الإلمام " ( 906 و 907 ) , و حسنه الشوكاني في " نيل الأوطار " ( 5 / 216 ) .
إذا عرفت هذا , فقد شذ عن هؤلاء الأئمة جميعا , و عن القوة التي يأخذها الحديث
من مجموع طرقه - و بخاصة المرسل الصحيح منها - المدعو ( حسان عبد المنان ) في
تعليقه على " إغاثة اللهفان " لابن القيم , فجزم بضعفه , غير مبال بمخالفته
سبيل المؤمنين , فقال ( 2 / 21 ) : " حديث ضعيف علقه البخاري في " صحيحه " ( 4
/ 451 ) ! هكذا قال ! ثم خرج بعض الطرق المشار إليها , و كاتما أقوال الأئمة
الذين قووه و احتجوا به , بل إنه أوهم القراء أن البخاري ضعفه بتعليقه إياه , و
كتم عنهم أنه جزم بنسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم , فما حكم من يفعل ذلك
معشر القراء الكرام ?!
2916 " لأن أقعد مع قوم يذكرون الله تعالى من صلاة الغداة حتى تطلع الشمس أحب إلي من
أن أعتق أربعة من ولد إسماعيل . و لأن أقعد مع قوم يذكرون الله من صلاة العصر
إلى أن تغرب الشمس أحب إلي من أعتق أربعة " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 994 :
أخرجه أبو داود ( 3667 ) و الطبراني في " الدعاء " ( 3 / 1638 / 1878 ) و
البيهقي في " شعب الإيمان " ( 1 / 409 / 561 و 562 ) من طريق موسى بن خلف عن
قتادة عن # أنس # قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . قلت : و
هذا إسناد حسن كما قال الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " ( 1 / 32 ) و رجاله
ثقات , و في موسى بن خلف كلام , و قال الحافظ في " التقريب " : " صدوق عابد له
أوهام " . و يشهد له حديث علي بن زيد عن أبي طالب الضبعي عن أبي أمامة مرفوعا
به . أخرجه أحمد ( 5 / 254 ) و الطبراني في " الدعاء " ( 1882 ) و في " المعجم
الكبير " ( 8 / 317 / 8028 ) و أبو نعيم في " الحلية " ( 2 / 284 ) و قال
الهيثمي بعدما عزاه لأحمد و " المعجم " ( 10 / 104 ) : " و أسانيده حسنة " !
كذا قال , و لعله يعني في الشواهد , فإن علي بن زيد - و هو ابن جدعان - ضعيف
يستشهد به . و حديث الترجمة أخرجه أبو يعلى في " مسنده " ( 6 / 119 / 3392 ) من
طريق أبي عبيدة [ الحداد ] عن محتسب عن ثابت عن أنس به , و زاد في الشطرين : "
دية كل رجل منهم اثنا عشر ألفا " . و من طريق أبي يعلى و غيره أخرجه ابن عدي في
" الكامل " ( 6 / 466 ) في ترجمة ( محتسب ) هذا , و هو ابن عبد الرحمن البصري
أبو عائذ , و قال : " يروي عن ثابت أحاديث ليس محفوظة " . و قال الذهبي في "
المغني " : " له مناكير " . قلت : كهذه الزيادة , فإنها منكرة . و زادها أيضا
يزيد الرقاشي في الشطر الأول منه من طريق ( معلى بن زياد ) عنه . رواه أبو يعلى
( 7 / 128 - 129 و 154 ) و عنه ابن السني و عن غيره ( 216 / 664 ) و الطبراني
في " الدعاء " ( 1879 ) و البيهقي ( 563 ) , و تحرف ( المعلى ) في الموضع الأول
من " أبي يعلى " إلى ( الهقل ) , و هو خطأ ظنه المعلق عليه صوابا ! و يزيد هو
ابن أبان , ضعيف . و للشطر الأول منه طريق أخرى , يرويها عبد المؤمن بن سالم :
حدثنا سليمان التيمي عن أنس به . أخرجه أبو نعيم في " الحلية " ( 3 / 35 ) , و
" أخبار أصبهان " ( 1 / 200 ) . لكن عبد المؤمن هذا قال العقيلي ( 3 / 93 ) :
" لا يتابع على حديثه " . لكن له شاهد يرويه شعبة عن عبد الملك بن ميسرة قال :
سمعت كردوسا يقول : سمعت رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من أهل بدر
يقول : إنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لأن أجلس في هذا المجلس
أحب إلي من أن أعتق أربع رقاب " . قال : قلت : أي مجلس تعني ? قال : مجلس الذكر
. أخرجه الدارمي ( 2 / 319 ) و البيهقي في " الشعب " ( 564 ) و السياق له , و
في " السنن " ( 10 / 88 - 89 ) و أحمد ( 3 / 474 ) و قال في رواية هاشم عن شعبة
: " قال شعبة : فقلت أي مجلس تعني ? قال : كان قاصا " . و قال في الإسناد : "
سمعت كردوس بن قيس , و كان قاص العامة بالكوفة " . قلت : و من هذا الوجه هو في
" السنن " لكن وقع في الموضعين منه : " قاضي العامة " , " كان قاضيا " . و ذكره
في " كتاب آداب القاضي " ! و أنا أظنه محرفا , بدليل روايته الصريحة أنه يعني "
مجلس الذكر " , و نحوه رواية أحمد . و كذلك وقع في " تاريخ البخاري " ( 4 / 1 /
243 ) : عن ابن عون قال : " رأيت ( كردوسا التغلبي ) و كان قاص الجماعة " . و
عن أبي وائل عن " كردوس بن عمرو , و كان يقرأ الكتب " . و كذا في " ثقات ابن
حبان " ( 5 / 342 ) , و زاد : " و يحكي عن الإنجيل و التوراة " . فهذا كله يؤكد
أنه كان قاصا واعظا . فمثله لا يصلح أن يكون قاضيا , و لذلك لم يورده ( وكيع )
في كتابه " أخبار القضاة " , و ترجم الدارمي بقوله : " باب في الرخصة في القصص
" , و قال عقبه : " قال أبو محمد - هو الدارمي - : الرجل من أصحاب بدر هو علي "
. قلت : و كذا وقع في رواية البزار في " البحر الزخار " ( 3 / 130 ) من طريق
روح بن عبادة قال : أخبرنا شعبة قال : أخبرنا عبد الملك بن ميسرة قال : سمعت
كردوس بن عمرو قال : سمعت رجلا من أهل بدر - قال شعبة : أراه علي بن أبي طالب -
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لأن تفصل المفصل أحب إلي من كذا بابا
" . قال شعبة : فقلت لعبد الملك : أي مفصل ? قال : القصص . و قال البزار : " و
لا نعلم روى كردوس بن عمرو عن علي إلا هذا الحديث " . و قال الهيثمي في "
المجمع " ( 1 / 161 ) : " رواه البزار و فيه ( كردوس ) وثقه ابن حبان , و قال
أبو حاتم : " فيه نظر " . و بقية رجاله رجال الصحيح " . كذا قال , و أقره
الحافظ في " مختصر الزوائد " ( 1 / 134 ) !
2917 " إنا كنا نرد السلام في صلاتنا , فنهينا عن ذلك " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 997 :
أخرجه الطحاوي في " شرح المعاني " ( 1 / 263 ) و البزار في " مسنده " ( 1 / 268
/ 554 - كشف الأستار ) و الطبراني في " المعجم الأوسط " ( 2 / 246 / 1 / 8795 )
من طرق عن عبد الله بن صالح : حدثني الليث حدثني محمد بن عجلان عن زيد بن أسلم
عن عطاء بن يسار عن # أبي سعيد الخدري # : أن رجلا سلم على رسول الله صلى الله
عليه وسلم و هو في الصلاة , فرد النبي صلى الله عليه وسلم بإشارة , فلما سلم
قال له النبي صلى الله عليه وسلم : فذكره . و قال الطبراني : " لم يروه عن ابن
عجلان إلا الليث " . قلت : و هو ابن سعد الإمام المصري الحجة , فالسند حسن
للخلاف المعروف في محمد ابن عجلان . و أعله الهيثمي بـ ( عبد الله بن صالح )
فقال ( 2 / 81 ) : " رواه البزار , و فيه عبد الله بن صالح كاتب الليث , وثقه
عبد الملك بن شعيب ابن الليث , فقال : " ثقة مأمون " , و ضعفه أحمد و غيره " .
و توسط الحافظ فيه فذهب إلى أنه ثقة في رواية الأئمة الكبار عنه كالبخاري و أبي
حاتم و نحوهما . انظر ترجمته في " مقدمة الفتح " . و من الظاهر أنه لم يعزه
للطبراني - و هو على شرطه - , فإما أن يكون سقط منه - و له أمثلة - و إما من
الناسخ , و يرجح الأول أنه لم يورده أيضا في " مجمع البحرين " ( 2 / 176 ) و هو
من أصوله كما هو معلوم عند العارفين بـ " المجمعين " . ثم إن الرجل الذي سلم
على النبي صلى الله عليه وسلم هو عبد الله بن مسعود كما روى أبو هريرة عنه قال
: " مررت برسول الله صلى الله عليه وسلم , و هو يصلي , فسلمت عليه فأشار إلي "
. أخرجه الطبراني بسند صحيح عنه , و هو مخرج في " الروض النضير " ( 637 ) و كان
ذلك عند قدومه من هجرته رضي الله عنه من الحبشة , صح ذلك عنه من غير ما طريق ,
و تقدم تخريجه في المجلد الخامس رقم ( 2380 ) و في " الروض " أيضا ( 605 ) .
من فقه الحديث : و في الحديث دلالة صريحة على أن رد السلام من المصلي لفظا كان
مشروعا في أول الإسلام في مكة , ثم نسخ إلى رده بالإشارة في المدينة . و إذا
كان ذلك كذلك , ففيه استحباب إلقاء السلام على المصلي , لإقراره صلى الله عليه
وسلم ابن مسعود على " إلقائه " , كما أقر على ذلك غيره ممن كانوا يسلمون عليه و
هو يصلي , و في ذلك أحاديث كثيرة معروفة من طرق مختلفة , و هي مخرجة في غير ما
موضع . و على ذلك فعلى أنصار السنة التمسك بها , و التلطف في تبليغها و تطبيقها
, فإن الناس أعداء لما جهلوا , و لاسيما أهل الأهواء و البدع منهم .
2918 " يا شيطان اخرج من صدر عثمان ! [ فعل ذلك ثلاث مرات ] " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 999 :
هو من حديث # عثمان بن أبي العاص الثقفي # رضي الله عنه , و له عنه طرق أربعة :
الأولى : عن عبد الأعلى : حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن الطائفي عن عبد الله بن
الحكم عن عثمان بن بشر قال : سمعت عثمان بن أبي العاص يقول : شكوت إلى رسول
الله صلى الله عليه وسلم نسيان القرآن , فضرب صدري بيده فقال : فذكره . قال
عثمان : " فما نسيت منه شيئا بعد , أحببت أن أذكره " . أخرجه الطبراني في "
المعجم الكبير " ( 9 / 37 / 8347 ) و قال الهيثمي في " المجمع " ( 9 / 3 ) : "
رواه الطبراني و فيه عثمان بن بشر , و لم أعرفه , و بقية رجاله ثقات " . فأقول
: بلى هو معروف , فقد ترجمه البحاري في " التاريخ " , و ابن أبي حاتم , و روى
عن ابن معين أنه قال : " عثمان بن بشر الثقفي - ثقة " . و بقية رجال الإسناد
ثقات رجال مسلم على ضعف يسير في الطائفي , و غير عبد الله بن الحكم , و الظاهر
أنه البلوي المترجم في " التاريخ " , و " ثقات ابن حبان " ( 7 / 30 ) , فإنه من
هذه الطبقة , فالإسناد حسن . و لعبد الله الطائفي هذا إسناد آخر أصح من هذا , و
هو الطريق : الثانية : يرويه معتمر بن سليمان قال : سمعت عبد الله بن عبد
الرحمن الطائفي يحدث عن عمه عمرو بن أويس عن عثمان بن أبي العاص قال : استعملني
رسول الله صلى الله عليه وسلم و أنا أصغر الستة الذين وفدوا عليه من ثقيف , و
ذلك أني كنت قرأت سورة *( البقرة )* , فقلت : يا رسول الله ! إن القرآن ينفلت
مني , فوضع يده على صدري و قال : " يا شيطان ! اخرج من صدر عثمان " . فما نسيت
شيئا أريد حفظه . أخرجه البيهقي في " دلائل النبوة " ( 5 / 308 ) . و إسناده
صحيح . الثالثة : يرويه الحسن عنه , قال : شكوت إلى النبي صلى الله عليه وسلم
سوء حفظي للقرآن , فقال : " ذاك شيطان يقال له : ( خنزب ) , ادن مني يا عثمان !
" . ثم وضع يده على صدري , فوجدت بردها بين كتفي , ثم قال : ( فذكره ) . فما
سمعت بعد ذلك شيئا إلا حفظته . أخرجه أبو نعيم في " الدلائل " ( ص 400 - 401 )
, و كذا البيهقي من طريق عثمان بن عبد الوهاب الثقفي : حدثنا أبي عن يونس و
عنبسة عنه . قلت : و هذا إسناد صحيح لولا عنعنة ( الحسن ) , و هو البصري , فإنه
كان يدلس , و رجاله ثقات رجال الشيخين غير عثمان بن عبد الوهاب , وثقه ابن حبان
( 8 / 453 ) . و أصل الحديث في " صحيح مسلم " بلفظ آخر , و هو في " صفة الصلاة
" . الرابعة : يرويه عيينة بن عبد الرحمن : حدثني أبي عن عثمان بن أبي العاص
قال : لما استعملني رسول الله صلى الله عليه وسلم على الطائف , جعل يعرض لي شيء
في صلاتي , حتى ما أدري ما أصلي ! فلما رأيت ذلك رحلت إلى رسول الله صلى الله
عليه وسلم , فقال : " ابن العاص ? " . قلت : نعم يا رسول الله ! قال : " ما جاء
بك ? " . قلت : يا رسول الله ! عرض لي شيء في صلاتي حتى ما أدري ما أصلي ! قال
: " ذاك الشيطان , ادنه " . فدنوت منه , فجلست على صدور قدمي , قال : فضرب صدري
بيده , و تفل في فمي و قال : " اخرج عدو الله ! " . ففعل ذلك ثلاث مرات , ثم
قال : " الحق بعملك " . أخرجه ابن ماجه ( 3548 ) و الروياني في " مسنده " ( ق
148 / 1 - 2 ) كلاهما بإسناد واحد عنه . و هو إسناد صحيح . و في الحديث دلالة
صريحة على أن الشيطان قد يتلبس الإنسان و يدخل فيه و لو كان مؤمنا صالحا , و في
ذلك أحاديث كثيرة , و قد كنت خرجت أحدها فيما تقدم برقم ( 485 ) من حديث يعلى
بن مرة قال : " سافرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأيت منه شيئا عجبا ..
" و فيه : " و أتته امرأة فقالت : إن ابني هذا به لمم منذ سبع سنين , يأخذه كل
يوم مرتين , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أدنيه " , فأدنته منه ,
فتفل في فيه , و قال : اخرج عدو الله ! أنا رسول الله " . رواه الحاكم و صححه .
و وافقه الذهبي , و هو منقطع . ثم خرجته من طرق أخرى عن يعلى , جود المنذري
أحدها ! ثم ختمت التخريج بقولي : " و بالجملة فالحديث بهذه المتابعات جيد <1> .
و الله أعلم " . ثم وقفت على كتاب عجيب من غرائب ما طبع في العصر الحاضر بعنوان
( طليعة " استحالة دخول الجان بدن الإنسان " ) ! لمؤلفه ( أبو عبد الرحمن إيهاب
بن حسين الأثري ) - كذا الأثري موضة العصر ! - و هذا العنوان وحده يغني القارئ
اللبيب عن الاطلاع على ما في الكتاب من الجهل و الضلال , و الانحراف عن الكتاب
و السنة , باسم الكتاب و السنة و وجوب الرجوع إليهما , فقد عقد فصلا في ذلك , و
فصلا آخر في البدعة و ذمها و أنها على عمومها , بحيث يظن من لم يتتبع كلامه و
ما ينقله عن العلماء في تأييد ما ذهب إليه من الاستحالة أنه سلفي أو أثري - كما
انتسب - مائة في المائة ! و الواقع الذي يشهد به كتابه أنه خلفي معتزلي من أهل
الأهواء , يضاف إلى ذلك أنه جاهل بالسنة و الأحاديث , إلى ضعف شديد باللغة
العربية و آدابها , حتى كأنه شبه عامي , و مع ذلك فهو مغرور بعلمه , معجب بنفسه
, لا يقيم وزنا لأئمة السلف الذين قالوا بخلاف عنوانه كالإمام أحمد و ابن تيمية
و ابن القيم , و الطبري و ابن كثير و القرطبي , و الإمام الشوكاني و صديق حسن
خان القنوجي , و يرميهم بالتقليد ! على قاعدة ( رمتني بدائها و انسلت ) , الأمر
الذي أكد لي أننا في زمان تجلت فيه بعض أشراط الساعة التي منها قوله صلى الله
عليه وسلم : " و ينطق فيها الرويبضة . قيل : و ما الرويبضة ? قال : الرجل
التافه يتكلم في أمر العامة " <2> . و نحوه قول عمر رضي الله عنه : " فساد
الدين إذا جاء العلم من الصغير , استعصى عليه الكبير , و صلاح الناس إذا جاء
العلم من قبل الكبير , تابعه عليه الصغير " <3> . و ما أكثر هؤلاء ( الصغار )
الذين يتكلمون في أمر المسلمين بجهل بالغ , و ما العهد عنا ببعيد ذاك المصري
الآخر الذي ألف في تحريم النقاب على المسلمة ! و ثالث أردني ألف في تضعيف قوله
صلى الله عليه وسلم : " عليكم بسنتي و سنة الخلفاء الراشدين " , و في حديث
تحريم المعازف , المجمع على صحتهما عند المحدثين , و غيرهم و غيرهم كثير و كثير
!! و إن من جهل هذا ( الأثري ) المزعوم و غباوته أنه رغم تقريره ( ص 71 و 138 )
أن : " منهج أهل السنة و الجماعة التوقف في المسائل الغيبية عندما ثبت عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم , و أنه ليس لأحد مهما كان شأنه أن يضيف تفصيلا , أو
أن ينقص ما ثبت بالدليل , أو أن يفسر ظاهر الآيات وفق هواه , أو بلا دليل " .
أقول : إنه رغم تقريره لهذا المنهج الحق الأبلج , فإنه لم يقف في هذه المسألة
الغيبية عند حديث الترجمة الصحيح . بل خالفه مخالفة صريحة لا تحتاج إلى بيان ,
و كنت أظن أنه على جهل به , حتى رأيته قد ذكره نقلا عن غيره ( ص 4 ) من الملحق
بآخر كتابه , فعرفت أنه تجاهله , و لم يخرجه مع حديث يعلى و غيره مما سبقت
الإشارة إليه ( ص 1002 ) . و كذلك لم يقدم أي دليل من الكتاب و السنة على ما
زعمه من الاستحالة , بل توجه بكليته إلى تأويل قوله تعالى المؤيد للدخول الذي
نفاه : *( الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من
المس )* تأويلا ينتهي به إلى إنكار ( المس ) - الذي فسره العلماء بالجنون - و
إلى موافقة بعض الأشاعرة و المعتزلة ! الذين فسروا ( المس ) بوسوسة الشيطان
المؤذية ! و هذا تفسير بالمجاز , و هو خلاف الأصل , و لذلك أنكره أهل السنة كما
سيأتي , و هو ما صرح به نقلا عن الفخر الرازي الأشعري ( ص 76 و 78 ) : " كأن
الشيطان يمس الإنسان فيجن " ! و نقل ( ص 89 ) عن غيره أنه قال : " كأن الجن مسه
" ! و عليه خص المس هذا بمن خالف شرع الله , فقال ( ص 22 ) : " و ما كان ليمس
أحد ( كذا غير منصوب ! ) <4> إلا بالابتعاد عن النهج المرسوم " ! و لو سلمنا
جدلا أن الأمر كما قال , فلا يلزم منه عند العلماء ثبوت دعوى النفي , لإمكان
وجود دليل آخر على الدخول كما في هذا الحديث الصحيح , بينما توهم الرجل أنه
برده دلالة الآية على الدخول ثبت نفيه إياه , و ليس الأمر كذلك لو سلمنا برده ,
فكيف و هو مردود عليه بهذا الحديث الصحيح , و بحديث يعلى المتقدم و بهما تفسر
الآية , و يبطل تفسيره إياها بالمجاز . و من جهل الرجل و تناقضه أنه بعد أن فسر
الآية بالمجاز الذي يعني أنه لا ( مس ) حقيقة , عاد ليقول ( ص 93 ) : " و اللغة
أجمعت على أن المس : الجنون " . و لكنه فسره على هواه فقال : أي من الخارج لا
من الداخل , قال : " ألا ترى مثلا إلى الكهرباء و كيف تصعق المماس لها من
الخارج ... " إلخ هرائه . فإنه دخل في تفاصيل تتعلق بأمر غيبي قياسا على أمور
مشاهدة مادية , و هذا خلاف المنهج السلفي الذي تقدم نقله عنه , و مع ذلك فقد
تعامى عما هو معروف في علم الطب أن هناك جراثيم تفتك من الداخل كجرثومة ( كوخ )
في مرحلته الثالثة ! فلا مانع عقلا أن تدخل الجان من الخارج إلى بدن الإنسان ,
و تعمل عملها و أذاها فيه من الداخل , كما لا مانع من خروجها منه بسبب أو آخر ,
و قد ثبت كل من الأمرين في الحديث فآمنا به , و لم نضربه كما فعل المعتزلة و
أمثالهم من أهل الأهواء , و هذا المؤلف ( الأثري ) - زعم - منهم . كيف لا و قد
تعامى عن حديث الترجمة , فلم يخرجه البتة في جملة الأحاديث الأخرى التي خرجها و
ساق ألفاظها من ( ص 111 ) إلى ( ص 126 ) - و هو صحيح جدا - كما رأيت , و هو إلى
ذلك لم يأخذ من مجموع تلك الأحاديث ما دل عليه هذا الحديث من إخراجه صلى الله
عليه وسلم للشيطان - من ذاك المجنون - , و هي معجزة عظيمة من معجزاته صلى الله
عليه وسلم , بل نصب خلافا بين رواية " اخرج عدو الله " و رواية " اخسأ عدو الله
" , فقد أورد على نفسه ( ص 124 ) قول بعضهم : " إن الإمام الألباني قد صحح
الحديث " , فعقب بقوله : " فهذا كذب مفترى , انظر إلى ما قاله الشيخ الألباني
لتعلم الكذب : المجلد الأول من سلسلته الصحيحة ص 795 ح 485 " . ثم ساق كلامي
فيه , و نص ما في آخره كما تقدم : " و بالجملة فالحديث بهذه المتابعات جيد . و
الله أعلم " . قلت : فتكذيبه المذكور غير وارد إذن , و لعل العكس هو الصواب ! و
قد صرح هو بأنه ضعيف دون أي تفصيل ( ص 22 ) , و اغتر به البعض ! نعم , لقد شكك
في دلالة الحديث على الدخول بإشارته إلى الخلاف الواقع في الروايات , و قد ذكرت
لفظين منها آنفا . و لكن ليس يخفى على طلاب هذا العلم المخلصين أنه ليس من
العلم في شيء أن تضرب الروايات المختلفة بعضها ببعض , و إنما علينا أن نأخذ
منها ما اتفق عليه الأكثر , و إن مما لا شك فيه أن اللفظ الأول : " اخرج " أصح
من الآخر " اخسأ " , لأنه جاء في خمس روايات من الأحاديث التي ساقها , و اللفظ
الآخر جاء في روايتين منها فقط ! على أني لا أرى بينهما خلافا كبيرا في المعنى
, فكلاهما يخاطب بهما شخص , أحدهما صريح في أن المخاطب داخل المجنون , و الآخر
يدل عليه ضمنا . و إن مما يؤكد أن الأول هو الأصح صراحة حديث الترجمة الذي
سيكون القاضي بإذن الله على كتاب " الاستحالة " المزعومة , مع ما تقدم من
البيان أنها مجرد دعوى في أمر غيبي مخالفة للمنهج الذي سبق ذكره . و لابد لي
قبل ختم الكلام على هذا الموضوع أن أقدم إلى القراء الكرام و لو مثالا واحد على
الجهل بالسنة الذي وصفت به الرجل فيما تقدم , و لو أنه فيما سلف كفاية للدلالة
على ذلك ! لقد ذكر الحديث المشهور في النهي عن اتباع سنن الكفار بلفظ لا أصل له
رواية و لا دراية , فقال ( ص 27 ) : " و صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ
يقول : " لتتبعن من قبلكم من الأمم حذاء القذة بالقذة , حتى لو دخلوا جحر ضب
لدخلتموه وراءهم . قالوا : اليهود و النصارى يا رسول الله ? قال : فمن ? " . أو
كما قال صلى الله عليه وسلم " ! و مجال نقده في سياقه للحديث هكذا واسع جدا , و
إنما أردت نقده في حرف واحد منه أفسد به معنى الحديث بقوله ( حذاء ) , فإن هذا
تحريف قبيح للحديث لا يخفى على أقل الناس ثقافة , و الصواب ( حذو ) . و ليس هو
خطأ مطبعيا كما قد يتبادر لأذهان البعض , فقد أعاده في مكان آخر . فقال ( ص 34
) مقرونا بخطأ آخر : " حذاء القذة بالقذة " ! كذا ضبطه بفتح القاف ! و إنما هو
بالضم <5> . و نحو ذلك مما يدل على جهله بالسنة قوله ( ص 240 ) : " يقول السلف
: ليس الخبر كالمعاينة " . و هذا حديث مرفوع رواه جماعة من الأئمة منهم أحمد عن
ابن عباس مرفوعا , و فيه قصة . و هو مخرج في " صحيح الجامع الصغير " ( 5250 ) .
و من أمثلة جهله بما يقتضيه المنهج السلفي أنه حشر ( ص 74 ) في زمرة التفاسير
المعتبرة " تفسير الكشاف " , و " تفسير الفخر الرازي " , فهل رأيت أو سمعت
أثريا يقول مثل هذا , فلا غرابة بعد هذا أن ينحرف عن السنة , متأثرا بهما و
يفسر آية الربا تفسيرا مجازيا ! و أما أخطاؤه الإملائية الدالة على أنه ( شبه
أمي ) فلا تكاد تحصى , فهو يقول في أكثر من موضع : " تعالى معي " ! و قال ( ص
131 ) : " ثم تعالى لقوله تعالى " , و ذكر آية . و في ( ص 129 ) : " فمن
المستحيل أن تفوت هذه المسألة هذان الإمامان الجليلان " ! و ( ص 130 ) . " أضف
إلى ذلك أن الإمامين ليسا طبيبان " ! فهو يرفع المنصوب مرارا و تكرارا . و في
الختام أقول : ليس غرضي مما تقدم إلا إثبات ما أثبته الشرع من الأمور الغيبية ,
و الرد على من ينكرها . و لكنني من جانب آخر أنكر أشد الإنكار على الذين
يستغلون هذه العقيدة , و يتخذون استحضار الجن و مخاطبتهم مهنة لمعالجة المجانين
و المصابين بالصرع , و يتخذون في ذلك من الوسائل التي تزيد على مجرد تلاوة
القرآن مما لم ينزل الله به سلطانا , كالضرب الشديد الذي قد يترتب عليه أحيانا
قتل المصاب , كما وقع هنا في عمان , و في مصر , مما صار حديث الجرائد و المجالس
. لقد كان الذين يتولون القراءة على المصروعين أفرادا قليلين صالحين فيما مضى ,
فصاروا اليوم بالمئات , و فيهم بعض النسوة المتبرجات , فخرج الأمر عن كونه
وسيلة شرعية لا يقوم بها إلا الأطباء عادة , إلى أمور و وسائل أخرى لا يعرفها
الشرع و لا الطب معا , فهي - عندي - نوع من الدجل و الوساوس يوحي بها الشيطان
إلى عدوه الإنسان *( و كذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس و الجن يوحي بعضهم
إلى بعض زخرف القول غرورا )* , و هو نوع من الاستعاذة بالجن التي كان عليها
المشركون في الجاهلية المذكورة في قوله تعالى : *( و أنه كان رجال من الإنس
يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا )* . فمن استعان بهم على فك سحر - زعموا -
أو معرفة هوية الجني المتلبس بالإنسي أذكر هو أم أنثى ? مسلم أم كافر ? و صدقه
المستعين به ثم صدق هذا الحاضرون عنده , فقد شملهم جميعا وعيد قوله صلى الله
عليه وسلم : " من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول , فقد كفر بما أنزل على
محمد " , و في حديث آخر : " .. لم تقبل له صلاة أربعين ليلة " <6> . فينبغي
الانتباه لهذا , فقد علمت أن كثيرا ممن ابتلوا بهذه المهنة هم من الغافلين عن
هذه الحقيقة , فأنصحهم - إن استمروا في مهنتهم - أن لا يزيدوا في مخاطبتهم على
قول النبي صلى الله عليه وسلم : " اخرج عدو الله " , مذكرا لهم بقوله تعالى *(
فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم )* . و الله
المستعان و لا حول و لا قوة إلا بالله .
-----------------------------------------------------------
[1] و له شواهد كثيرة يزداد بها قوة , قد ساقها المؤلف الآتي ذكره , و سلم
بصحته في الجملة , و لكنه ناقش في دلالته , و يأتي الرد عليه .
[2] حديث صحيح مخرج من طرق فيما تقدم برقم ( 1887 و 2238 و 2253 ) .
[3] رواه قاسم بن أصبغ بسند صحيح كما في " الفتح " ( 13 / 301 ) .
[4] قلت : و مثله كثير , انظر بعض الأمثلة في آخرها هذا التخريج .
[5] و هو مخرج في " الصحيحة " من طرق بألفاظ متقاربة ( 3312 ) .
[6] رواه مسلم و غيره , و هو مخرج في " غاية المرام " ( رقم 284 ) و رواه
الطبراني من طريق أخرى بقيد : " غير مصدق لم تقبل ... " , و هو منكر بهذه
الزيادة , و لذلك خرجته في " الضعيفة " ( 6555 ) . و الحديث الذي قبله صحيح
أيضا , و هو مخرج في " الإرواء " برقم ( 2006 ) و في غيره . اهـ .
2919 " خفف الصلاة على الناس , حتى وقت *( سبح اسم ربك الأعلى )* و *( اقرأ باسم ربك
الذي خلق )* , و أشباهها من القرآن " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1010 :
أخرجه أحمد ( 4 / 218 ) و الطبراني في " المعجم الكبير " ( 9 / 38 - 39 ) من
طريق ابن خثيم : أنبأنا داود بن أبي عاصم الثقفي عن # عثمان بن أبي العاص # قال
: آخر كلام كلمني رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ استعملني على الطائف , قال :
فذكره . قلت : و إسناده صحيح , رجاله كلهم ثقات . و إنما أخرجته لتوقيت السور
المذكورة , و إلا فأصل الحديث في " صحيح مسلم " و غيره , و بأتم منه , و هو
مخرج في " صحيح أبي داود " تحت الحديث ( 541 ) .
ساجدة لله
2010-10-20, 06:07 AM
2920 " كان لا يدع ركعتين قبل الفجر , و ركعتين بعد العصر " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1010 :
أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 2 / 352 ) : حدثنا عفان قال : أخبرنا أبو
عوانة قال : حدثنا إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن أبيه : أنه كان يصلي بعد
العصر ركعتين , فقيل له ? فقال : لو لم أصلهما إلا أني رأيت مسروقا يصليهما
لكان ثقة , و لكني سألت # عائشة # ? فقالت : فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح
غاية على شرط الشيخين , و أبو عوانة اسمه الوضاح اليشكري , و هو ثقة ثبت كما
قال الحافظ في " التقريب " . و قد خالفه شعبة في متنه فرواه عن إبراهيم به ,
إلا أنه قال : " .. أربعا قبل الظهر " , مكان الركعتين بعد العصر . أخرجه
البخاري و غيره , و هو مخرج في " صحيح أبي داود " رقم ( 1139 ) . و يظهر لي - و
الله أعلم - أن كلا من الروايتين محفوظ لثقة رواتهما و حفظهما , و لأن للركعتين
طرقا كثيرة عن عائشة يأتي ذكر بعضها بإذن الله تعالى . و قد أخرجه الطحاوي في "
شرح المعاني " ( 1 / 177 ) من طريق هلال بن يحيى قال : حدثنا أبو عوانة به ,
إلا أنه أدخل بين محمد بن المنتشر و عائشة - مسروقا . و هلال هذا ضعيف . قال
ابن حبان في " الضعفاء " ( 3 / 88 ) : " كان يخطىء كثيرا على قلة روايته " .
نعم لحديث مسروق أصل صحيح برواية أخرى , فكأنها اختلطت عليه بهذه , فقال الإمام
أحمد ( 6 / 241 ) : حدثنا إسحاق بن يوسف قال : حدثنا مسعر عن عمرو بن مرة عن
أبي الضحى عن مسروق قال : حدثتني الصديقة بنت الصديق حبيبة حبيب الله المبرأة :
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي ركعتين بعد العصر . و هذا إسناد صحيح
أيضا على شرط الشيخين , و قد أخرجاه من طريق أخرى عن مسروق مقرونا مع الأسود
بلفظ : " ما من يوم يأتي علي النبي صلى الله عليه وسلم إلا صلى بعد العصر
ركعتين " . و في رواية بلفظ : " ركعتان لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم
يدعهما سرا و لا علانية : ركعتان قبل صلاة الصبح , و ركعتان بعد العصر " . و هو
مخرج في " الإرواء " ( 2 / 188 - 189 ) و الذي قبله في " صحيح أبي داود " (
1160 ) و قد تابع إسحاق بن يوسف - و هو الأزرق - جعفر بن عون , إلا أنه خالفه
في إسناده فقال : عن مسعر عن حبيب بن أبي ثابت عن أبي الضحى به . أخرجه ابن أبي
شيبة ( 2 / 353 ) و أبو العباس السراج في " مسنده " ( ق 132 / 1 ) و جعفر بن
عون صدوق من رجال الشيخين , فإن كان حفظه فيكون لمسعر فيه شيخان , و إلا فرواية
الأزرق أصح . هذا و قد روى ابن أبي شيبة عن جماعة من السلف أنهم كانوا يصلون
هاتين الركعتين بعد العصر , منهم أبو بردة بن أبي موسى و أبو الشعثاء و عمرو بن
ميمون و الأسود ابن يزيد و أبو وائل , رواه بالسند الصحيح عنهم , و منهم محمد
بن المنتشر و مسروق كما تقدم آنفا . و أما ضرب عمر من يصليهما , فهو من
اجتهاداته القائمة على باب سد الذريعة , كما يشعر بذلك روايتان ذكرهما الحافظ
في " الفتح " ( 2 / 65 ) : إحداهما في " مصنف عبد الرزاق " ( 2 / 431 - 432 ) و
" مسند أحمد " ( 4 / 155 ) و الطبراني ( 5 / 260 ) و حسنه الهيثمي ( 2 / 223 )
. و الأخرى عند أحمد ( 4 / 102 ) أيضا , و الطبراني في " المعجم الكبير " ( 2 /
58 - 59 ) , و " الأوسط " ( 8848 - بترقيمي ) . و قد وقفت على رواية ثالثة تشد
من عضدهما , و هي من رواية إسرائيل عن المقدام ابن شريح عن أبيه قال : سألت
عائشة عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف كان يصلي ? [ قالت : ] " كان
يصلي الهجير ثم يصلي بعدها ركعتين , ثم يصلي العصر ثم يصلي بعدها ركعتين . فقلت
: فقد كان [ عمر ] يضرب عليهما و ينهى عنهما ? فقالت : قد كان عمر يصليهما , و
قد علم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم [ كان ] يصليهما , و لكن قومك أهل
الدين قوم طغام , يصلون الظهر , ثم يصلون ما بين الظهر و العصر , و يصلون العصر
ثم يصلون ما بين العصر و المغرب , فضربهم عمر , و قد أحسن " . أخرجه أبو العباس
السراج في " مسنده " ( ق 132 / 1 ) . قلت : و إسناده صحيح , و هو شاهد قوي
للأثرين المشار إليهما آنفا , و هو نص صريح أن نهي عمر رضي الله عنه عن
الركعتين ليس لذاتهما كما يتوهم الكثيرون , و إنما هو خشية الاستمرار في الصلاة
بعدهما , أو تأخيرهما إلى وقت الكراهة و هو اصفرار الشمس , و هذا الوقت هو
المراد بالنهي عن الصلاة بعد العصر الذي صح في أحاديث كما سبق بيانه تحت
الحديثين المتقدمين برقم ( 200 و 314 ) . و يتلخص مما سبق أن الركعتين بعد
العصر سنة إذا صليت العصر معها قبل اصفرار الشمس , و أن ضرب عمر عليها إنما هو
اجتهاد منه وافقه عليه بعض الصحابة , و خالفه آخرون , و على رأسهم أم المؤمنين
رضي الله عنها , و لكل من الفريقين موافقون , فوجب الرجوع إلى السنة , و هي
ثابتة صحيحة برواية أم المؤمنين , دون دليل يعارضه إلا العموم المخصص بحديث علي
و أنس المشار إلى أرقامهما آنفا . و يبدو أن هذا هو مذهب ابن عمر أيضا , فقد
روى البخاري ( 589 ) عنه قال : " أصلي كما رأيت أصحابي يصلون , لا أنهى أحدا
يصلي بليل و لا نهار ما شاء , غير أن لا تحروا طلوع الشمس و لا غروبها " . و
هذا مذهب أبي أيوب الأنصاري أيضا , فقد روى عبد الرزاق عنه ( 2 / 433 ) بسند
صحيح عن ابن طاووس عن أبيه : أن أبا أيوب الأنصاري كان يصلي قبل خلافة عمر
ركعتين بعد العصر , فلما استخلف عمر تركهما , فلما توفي ركعهما , فقيل له : ما
هذا ? فقال : إن عمر كان يضرب الناس عليهما . قال ابن طاووس : و كان أبي لا
يدعهما . و هنا ينبغي أن نذكر أهل السنة الحريصين على إحياء السنن و إماتة
البدع أن يصلوا هاتين الركعتين كلما صلوا العصر في وقتها المشروع , لقوله صلى
الله عليه وسلم : " من سن في الإسلام سنة حسنة .. " . و بالله التوفيق .
2921 " إذا زنت الأمة فاجلدوها , فإن زنت فاجلدوها , فإن زنت فاجلدوها , فإن زنت
فاجلدوها , ثم بيعوها و لو بضفير " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1014 :
أخرجه ابن ماجه ( 2 / 119 ) و أحمد ( 6 / 65 ) من طريق عمار بن أبي فروة أن
محمد ابن مسلم حدثه أن عروة حدثه أن عمرة بنت عبد الرحمن حدثته أن #عائشة #
حدثتها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( فذكره ) . قلت : و هذا إسناد
رجاله ثقات رجال الشيخين غير عمار - و يقال : عمارة - ابن أبي فروة , قال
البوصيري في " الزوائد " ( 159 / 1 ) : " قال البخاري : لا يتابع في حديثه . و
ذكره العقيلي و ابن الجارود في " الضعفاء " , و ذكره ابن حبان في " الثقات "
فما أجاد " . قلت : و ذلك لأنه لم يرو عنه غير يزيد بن أبي حبيب , و قد انفرد
به هكذا . و خالفه مالك و سفيان و غيرهما فقالوا : عن الزهري عن عبيد الله بن
عبد الله عن أبي هريرة و زيد بن خالد الجهني مرفوعا به نحوه . أخرجاه في "
الصحيحين " و غيرهما , و قد خرجته في " الإرواء " ( 2326 ) , فالحديث متنه صحيح
. و الله أعلم . ( تنبيه ) : ليس في رواية أحمد : " فإن زنت فاجلدوها " في
المرة الرابعة , و الظاهر أنها زيادة صحيحة , ففي حديث " الصحيحين " المشار
إليه آنفا : " قال ابن شهاب : لا أدري أبعد الثالثة أو الرابعة " . لكن في
رواية لأحمد ( 2 / 376 و 422 ) من طريق سعيد بن أبي سعيد ( زاد في رواية : عن
أبيه ) عن أبي هريرة , و زاد : " فإن عادت في الرابعة فليبعها و لو بحبل من شعر
, أو ضفير من شعر " . و سنده صحيح على شرط الشيخين , و هو في " مسلم " ( 5 /
123 - 124 ) دون الزيادة . و الله أعلم .
2922 " لا تبيعوا القينات و لا تشتروهن , و لا تعلموهن , و لا خير في تجارة فيهن , و
ثمنهن حرام , و في مثل هذا أنزلت هذه الآية : *( و من الناس من يشتري لهو
الحديث ليضل عن سبيل الله )* إلى آخر الآية " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1015 :
أخرجه الترمذي ( 1282 و 3193 ) و ابن جرير الطبري في " التفسير " ( 21 / 39 ) و
أحمد ( 5 / 252 و 264 ) و الحميدي ( 910 ) و ابن أبي الدنيا في " ذم الملاهي "
( ق 5 / 1 ) و البيهقي في " السنن " ( 6 / 14 ) و الثعلبي في " تفسيره " ( 3 /
75 / 1 ) و عنه البغوي في " تفسيره " ( 6 / 284 ) و الواحدي في " الوسيط " ( 3
/ 190 / 2 ) من طرق عن عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم بن عبد
الرحمن عن # أبي أمامة # عن رسول الله صلى الله عليه وسلم به . و كذا رواه
الطبراني في " المعجم الكبير " ( 8 / 7805 و 7825 و 7855 و 7861 و 7862 ) و قال
الترمذي : " حديث غريب , إنما يروى من حديث القاسم عن أبي أمامة , و القاسم ثقة
, و علي ابن يزيد يضعف في الحديث , قاله محمد بن إسماعيل " . و نقل البيهقي عن
الترمذي أنه قال : " سألت البخاري عن إسناد هذا الحديث ? فقال : علي بن يزيد
ذاهب الحديث , و وثق عبيد الله بن زحر , و القاسم بن عبد الرحمن " . قلت : و قد
تابعه الفرج بن فضالة الحمصي عن علي بن يزيد به دون ذكر الآية . أخرجه أحمد ( 5
/ 257 و 268 ) و الطيالسي أيضا ( 1134 ) . و أخرجه ابن ماجه ( 2168 ) و ابن
عساكر ( 2 / 425 / 1 ) عن أبي المهلب عن عبيد الله الأفريقي عن أبي أمامة قال :
" نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع المغنيات و عن شرائهن و عن كسبهن و
عن أكل أثمانهن " . و أبو المهلب هذا اسمه مطرح بن يزيد الكوفي , و هو ضعيف .
و الأفريقي هو عبيد الله بن زحر نفسه , فكأن أبا المهلب أسقط شيخه علي بن يزيد
الألهاني , و هذا يدل على ضعفه . و وجدت للألهاني متابعا قويا , فقال الوليد بن
الوليد : حدثنا ابن ثوبان عن يحيى بن الحارث عن القاسم به . أخرجه الطبراني ( 8
/ 212 / 7749 ) من طريقين عنه . قلت : و هذا إسناد حسن , الوليد بن الوليد هو
العنسي القلانسي الدمشقي , قال ابن أبي حاتم ( 4 / 2 / 19 ) عن أبيه : " صدوق ,
ما بحديثه بأس , حديثه صحيح " . و من فوقه معروفون من رجال التهذيب على كلام في
بعضهم . و لنزول الآية شاهد من حديث ابن مسعود أنه سئل عن هذه الآية : *( و من
الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم )* ? فقال : " هو الغناء
والذي لا إله إلا هو , يرددها ثلاث مرات " . أخرجه ابن جرير , و ابن أبي شيبة
في " المصنف " ( 6 / 309 ) و الحاكم ( 2 / 411 ) و البيهقي ( 10 / 223 ) و قال
الحاكم : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي . و هو كما قالا . و مثله ما عند
ابن أبي شيبة ( 6 / 310 ) و البخاري في " الأدب المفرد " ( 1265 ) و ابن جرير (
21 / 4 ) و ابن أبي الدنيا ( ق 4 / 1 - 2 ) و البيهقي ( 10 / 221 ) من طريق
منصور بن أبي الأسود عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في هذه
الآية : *( من يشتري لهو الحديث )* . قال : " نزلت في الغناء و أشباهه " . قلت
: و رجاله ثقات , فهو صحيح الإسناد لولا أن ابن السائب كان اختلط , فهو شاهد
جيد على الأقل . و في الباب عن جمع آخر من الصحابة , لكن أسانيد بعضها شديد
الضعف , فمن شاء الوقوف عليها فليرجع إلى " مجمع الزوائد " ( 4 / 91 ) و "
تخريج الكشاف " للحافظ العسقلاني ( 4 / 129 - 130 ) . ثم وقفت على ترجمة الوليد
بن الوليد العنسي في " الميزان " و " اللسان " , فوجدت فيه جرحا شديدا من غير
واحد من الحفاظ , فقال الدارقطني و غيره : " متروك " , و قال ابن حبان في "
الضعفاء " ( 3 / 81 ) : " يروي عن ابن ثوبان و ثابت بن يزيد العجائب " . ثم ساق
له حديث " مكارم الأخلاق عشرة ... " <1> , و قال عقبه : " و هذا ما لا أصل له
من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم " . و جرح هؤلاء مقدم على تعديل أبي حاتم
إياه , لأنه جرح مفسر كما هو ظاهر , و يستغرب خفاء ذلك على أبي حاتم الإمام
الحافظ النقاد المعروف بأنه من المتشددين في الجرح , و المعصوم من عصمه الله .
و لذلك فقد رجعت عن الاستشهاد بحديث الوليد هذا , و بقي الحديث على ضعفه , إلا
ما يتعلق منه بنزول الآية في الغناء , للشواهد الصحيحة المذكورة عن ابن مسعود
و غيره , فإنها في حكم المرفوع عند الحاكم و غيره , لاسيما و قد حلف ابن مسعود
ثلاث مرات على نزولها في الغناء , و قد صححه ابن القيم في " إغاثة اللهفان " (
1 / 240 ) عن ابن عباس و ابن مسعود , ثم تتابعت الآثار بذلك عن التابعين و
غيرهم , و منهم الحسن البصري , فقد جزم بأنها نزلت في الغناء و المزامير . كما
أخرجه ابن أبي حاتم عنه كما في " الدر المنثور " ( 5 / 159 ) . و لا ينافي ذلك
ما استصوبه ابن جرير ( 21 / 4 ) أن الآية عامة تعني كل ما كان من الحديث ملهيا
عن سبيل الله مما نهى الله عن استماعه و رسوله . قال : " و الغناء و الشرك من
ذلك " . و مال إلى هذا ابن كثير في " تفسيره " , و ابن القيم في " الإغاثة " (
1 / 240 - 241 ) . و فيما تقدم رد قوي على ابن حزم في قوله في " رسالة الملاهي
" ( ص 97 ) : أنه لم يثبت عن أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم تفسير
الآية بأنه الغناء ! قال : " و إنما هو قول بعض المفسرين ممن لا تقوم بقوله حجة
" ! و مع سقوط كلامه هذا بما سبق , فيخالفه صنيعه في " المحلى " , فقد ساق فيه
الروايات المتقدمة عن ابن مسعود و ابن عباس , و عن غيرهما من التابعين , و لم
يضعفها , و إنما قال : " لا حجة لأحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم " !
فنقول : كلمة حق أريد بها باطل , لأنه لم يذكر عنه صلى الله عليه وسلم ما يخالف
تفسيرهم . ثم زعم أنه قد خالفهم غيرهم من الصحابة و التابعين ! و هذا كالذي
قبله , فإنه لم يذكر و لا رواية واحدة مخالفة , و لو كان لديه لسارع إلى بيانها
. ثم احتج بأن الآية فيها صفة من فعلها كان كافرا . فنقول : هذا حق , و لكن ذلك
لا ينفي أن يؤاخذ المسلم بقدر ما قام فيه من تلك الصفة , كالالتهاء بالأغاني عن
القرآن . و تفصيل هذا في " إغاثة اللهفان " .
-----------------------------------------------------------
[1] تقدم تخريجه في " الضعيفة " ( 720 ) . اهـ .
2923 " من لقي الله لا يشرك به شيئا لم يتند بدم حرام , دخل الجنة " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1020 :
أخرجه أحمد ( 4 / 152 ) : حدثنا وكيع عن ابن أبي خالد عن عبد الرحمن بن عائذ عن
#عقبة بن عامر الجهني #قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . و
بهذا الإسناد رواه ابن أبي شيبة في " مسنده " كما في " زوائد ابن ماجه " ( ق
162 / 2 ) للبوصيري , و ابن ماجه ( 2618 ) و الحاكم ( 4 / 351 ) من طريقين
آخرين عن وكيع به . و صححه الحاكم . و وافقه الذهبي , و هو كما قالا , فإن
رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير ابن عائذ هذا , و قد وثقه النسائي و ابن حبان
. و أعله البوصيري بالانقطاع فقال : " هذا إسناد صحيح إن كان عبد الرحمن بن
عائذ الأزدي سمع من عقبة بن عامر فقد قيل : إن روايته عنه مرسلة " . كذا قال ,
و ما علمت ذكر ذلك أحد قبله , و ظني أنه شبه له , فقد ذكر الحافظ أنه روى عن
جمع من الصحابة منهم عمر و علي و معاذ و عقبة و غيرهم , ثم قال : " و قد قيل :
إنه أدرك عليا . و قال أبو زرعة : حديثه عن علي مرسل , و لم يدرك معاذا , و قال
ابن أبي حاتم : روى عن عمر مرسلا " . فهذا كل ما ذكروه في ترجمته من الانقطاع ,
فالظاهر أنه التبس عليه عقبة بمعاذ , و شتان ما بين وفاتيهما , فإن معاذا توفي
سنة ( 18 ) , و عقبة سنة ( 60 ) ! فقد أدركه يقينا , و قد أشار إلى هذا الحافظ
بقوله في " التقريب " : " ثقة , من الثالثة , و وهم من ذكره في الصحابة , قال
أبو زرعة : لم يدرك معاذا " . ثم إن وكيعا قد توبع , فقال أحمد ( 4 / 148 ) :
حدثنا يزيد بن هارون : أنبأنا إسماعيل - يعني ابن أبي خالد - عن عبد الرحمن بن
عائذ - رجل من أهل الشام - قال : انطلق عقبة بن عامر الجهني إلى المسجد الأقصى
ليصلي فيه , فاتبعه ناس , فقال : ما جاء بكم ? قالوا : صحبتك رسول الله صلى
الله عليه وسلم , أحببنا أن نسير معك و نسلم عليك , قال : انزلوا فصلوا ,
فنزلوا , فصلى , و صلوا معه , فقال حين سلم : سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول : " ليس من عبد يلقى الله عز وجل لا يشرك به شيئا , لم يتند بدم حرام
, إلا دخل من أي أبواب الجنة شاء " . و هذه متابعة قوية من يزيد بن هارون الثقة
الحافظ لوكيع بن الجراح , و قد خالفهما القاسم بن الوليد الهمداني في إسناده
فقال : حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن جرير بن عبد الله رضي
الله عنه مرفوعا بنحو لفظ يزيد . أخرجه الحاكم , و أشار إلى أن الراجح الأول ,
و تبعه الذهبي فقال : " قلت : الأول أصح " . و ذلك لمخالفة القاسم بن الوليد
لوكيع و يزيد , و هو دونهما حفظا و ضبطا , و قد قال الحافظ فيه : " صدوق يغرب "
. و الحديث عند البخاري في " العلم " من حديث أنس مرفوعا به دون قوله : " لم
يتند بدم حرام " , انظر " مختصر البخاري " ( 85 ) . و كذلك رواه أحمد ( 2 / 361
- 362 و 421 - 422 ) من حديث أبي هريرة بزيادة , و أحمد أيضا ( 4 / 260 و 5 /
285 ) من حديث سلمة بن نعيم , و زاد : " و إن زنى و إن سرق " . و هي صحيحة . و
الأحاديث بهذا المعنى كثيرة صحيحة معروفة في " الصحيحين " و غيرهما , و إنما
خرجت هذا لما فيه من الزيادة عليها , و للتنبيه على وهم البوصيري في إعلاله
إياه بالانقطاع . و الله أعلم .
2924 " إني لم أبعث باليهودية و لا بالنصرانية , و لكني بعثت بالحنيفية السمحة ,
والذي نفسي بيده لغدوة أو روحة في سبيل الله خير من الدنيا و ما فيها , و لمقام
أحدكم في الصف خير من صلاته ستين سنة " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1022 :
أخرجه أحمد ( 5 / 266 ) و الطبراني في " الكبير " ( 7868 ) و ابن عساكر في "
الأربعين في الجهاد " ( الحديث 15 ) من طريق معان بن رفاعة : حدثني علي بن يزيد
عن القاسم عن # أبي أمامة # قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في
سرية من سراياه , قال : فمر رجل بغار فيه شيء من ماء , قال : فحدث نفسه بأن
يقيم في ذلك الغار فيقوته ما كان فيه من ماء , و يصيب ما حوله من البقل , و
يتخلى من الدنيا ! ثم قال : لو أني أتيت نبي الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك
له , فإن أذن لي فعلت , و إلا لم أفعل . فأتاه فقال : يا نبي الله ! إني مررت
بغار فيه ما يقوتني من الماء و البقل , فحدثتني نفسي بأن أقيم فيه و أتخلى من
الدنيا . قال فقال النبي صلى الله عليه وسلم : فذكره . قلت : و هذا إسناد ضعيف
: 1 - القاسم - و هو ابن عبد الرحمن صاحب أبي أمامة - مختلف فيه , و المتقرر
فيه أنه حسن الحديث إذا لم يخالف . 2 - علي بن يزيد - و هو الألهاني - ضعيف كما
في " التقريب " , و لكنه لم يترك كما قال الذهبي في " الكاشف " . 3 - معان بن
رفاعة , لين الحديث كما قال الحافظ . و يبدو من هذه التراجم الموجزة أن السند
ليس شديد الضعف , فيمكن الاستشهاد به , فقد جاء الحديث مفرقا عن جمع من الصحابة
إلا الفقرة الأولى , فلم أجد ما يشهد لها في السنة فيما يحضرني الآن . و لكن
حسبك القرآن شهادة . ألا و هو قوله تعالى : *( و لن ترضى عنك اليهود و لا
النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى و لئن اتبعت أهواءهم بعد الذي
جاءك من العلم ما لك من الله من ولي و لا نصير )* ( البقرة : 120 ) . و قوله :
*( ما كان إبراهيم يهوديا و لا نصرانيا , و لكن كان حنيفا مسلما و ما كان من
المشركين )* ( آل عمران : 67 ) . و قوله : *( إن أولى الناس بإبراهيم للذين
اتبعوه و هذا النبي و الذين آمنوا و الله ولي المؤمنين )* ( آل عمران : 68 ) .
و أما الفقرة الثانية , فقد رويت من حديث عائشة , و جابر , و حبيب بن أبي ثابت
, و ابن عباس . أما حديث عائشة , فيرويه عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه قال
: قال لي عروة : إن عائشة قالت يومئذ - يعني يوم لعب الحبشة في المسجد , و نظرت
عائشة إليهم - : " لتعلم يهود أن في ديننا فسحة , إني أرسلت بحنيفية سمحة " .
أخرجه أحمد ( 6 / 116 / 233 ) و الديلمي في " مسند الفردوس " ( 2 / 1 / 4 ) .
قلت : و هذا إسناد حسن في المتابعات و الشواهد على الأقل , فإن عبد الرحمن بن
أبي الزناد مختلف فيه , و المتقرر أنه حسن الحديث إذا لم يخالف , و قد جاءت قصة
الحبشة هذه من طرق عن عائشة في " الصحيحين " و غيرهما , و قد خرجتها في " آداب
الزفاف " , و جمعت فيه الزيادات و جعلتها بين المعقوفات [ ] , و ليس منها : "
إني أرسلت بحنيفية سمحة " , لأنه صار في نفسي يومئذ شك في ثبوتها لمخالفتها لكل
الطرق المشار إليها . بل و لعدم ورودها في طريق أخرى عنها عند الحميدي ( رقم
254 ) , مع أنه ورد فيها الزيادة التي قبلها : " لتعلم يهود أن في ديننا فسحة "
, فهذا كله جعلني يومئذ أعرض عنها و لا أعتمدها , فلما وقفت على حديث الترجمة
و شواهده اطمأننت لثبوتها , فالحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات . أما حديثا
جابر و حبيب بن أبي ثابت , فهما ضعيفان , و كنت خرجتهما و كشفت عن علتهما في "
غاية المرام " ( رقم 8 ) تحت الحديث " بعثت بالحنيفية السمحة " , و كنت ضعفته
للسبب الذي ذكرته آنفا . و أما حديث ابن عباس , فلفظه يخالف هذا , قال ابن عباس
: قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أي الأديان أحب إلى الله ? قال : "
الحنيفية السمحة " . و قد خرجته هناك و بينت أن فيه عنعنة ابن إسحاق و غيرها ,
و أنكرت على الحافظ ابن حجر تحسينه لإسناده ! و لكني حسنت متنه لبعض الشواهد
ذكرتها له في " تمام المنة في التعليق على فقه السنة " , و لذلك أوردته في "
الصحيحة " برقم ( 881 ) و أشرت إلى شواهده محيلا بها على " تمام المنة " , ثم
أوردته في " صحيح الجامع " ( 158 ) . و لقد كنت ذكرت في تخريج حديث حبيب بن أبي
ثابت أن فيه بردا الحريري , و أني لم أعرفه . فأقول الآن : بأني وجدته في "
التاريخ الكبير " للبخاري ( 1 / 2 / 134 ) و " الجرح و التعديل " لابن أبي حاتم
( 1 / 1 / 422 ) و " الثقات " لابن حبان ( 6 / 114 - 115 ) كلهم ذكروه من رواية
محمد بن عبيد الطنافسي عنه . لكن ابن أبي حاتم قرن معه أخاه يعلى بن عبيد ,
فخرج بذلك عن الجهالة العينية , و لاسيما و قد ذكر له عنه راويا ثالثا , و لكنه
شك أن يكون هو بردا هذا أو غيره . و الله أعلم . و يعود السبب في كتابة هذا
التخريج إلى أخينا الفاضل الأستاذ محمد شقرة , فقد لفت نظري - جزاه الله خيرا -
إلى أن الشيخ شعيب الأرناؤط قد قوى حديث " بعثت بالحنيفية السمحة " في تعليقه
على " العواصم " ( ص 175 ) , و رد فيه عليك تضعيفك إياه في " غاية المرام " , و
بعد الاطلاع على التعليق المشار إليه وجدت الحق معه , فأخبرت الأستاذ بذلك ,
فشكر و أثنى خيرا . و لكن المومى إليه لم يكن منصفا في سائر كتابته حول هذا
الحديث - كما هي عادته كلما سنحت له الفرصة لانتقادي - فإنه هداني الله تعالى و
إياه أخذ تخريج أكثر الأحاديث التي ذكرها شاهدا للحديث هذا من كتابي المذكور :
" غاية المرام " دون أن يشير إلى ذلك أدنى إشارة ! هذا أولا . و ثانيا : فإنه
حذف من تخريجي المذكور ما فيه من البيان لعلل تلك الشواهد , و منها حديث ابن
عباس , بل إنه نقل تحسين الحافظ لإسناده و أقره , و هو يعلم أن فيه عنعنة ابن
إسحاق ! و أنها علة الحديث , فلم سكت عنه ?! و ثالثا : أنه أوهم القراء بأنني
ضعفت حديث ابن عباس المشار إليه , و ليس كذلك , فإني قد حسنته لشواهد خرجتها في
" تمام المنة في التعليق على فقه السنة " , و قد أشرت إليها في " الصحيحة " رقم
( 881 ) و لذلك أوردته في " صحيح الجامع " ( 158 ) كما تقدم , فكان على الشيخ
شعيب أن يشير إلى ذلك كما تقتضيه الأمانة العلمية . و لكن .. و لا يقال : لعله
لا يعلم ذلك ! فنقول : ذلك بعيد جدا عن مثله , و كتبي من مراجعه الأولى في
مكتبته التي في المؤسسة التي يعمل فيها , كما أخبرني أحد الإخوان الذين كانوا
ابتلوا بالعمل معه !! ثم رأيت ابن كثير قد أشار إلى تقوية هذه الفقرة لورودها
من طرق , فانظر تفسير آية *( الذين يتبعون الرسول النبي الأمي .. )* ( 2 / 252
) . و أما الفقرة الثالثة : فقرة الغدوة , فلها شواهد كثيرة من حديث أنس و سهل
و أبي أيوب في " الصحيحين " و غيرهما , و هي مخرجة في " الترغيب " ( 2 / 164 -
165 ) . و أما الفقرة الرابعة و الأخيرة , فلها شاهد من حديث أبي هريرة , و آخر
من حديث عمران بن حصين , و قد سبق تخريجهما برقم ( 902 ) . ثم وجدت للفقرة
الثانية شاهدا من حديث أحمد بن يحيى الحلواني : حدثنا محرز بن عون حدثنا حسان
بن إبراهيم عن عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع عن ابن عمر مرفوعا بلفظ : " إن
دين الله الحنيفية السمحة " . أخرجه الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 45 / 2 / 783
- بترقيمي ) و أبو نعيم في " الحلية " ( 8 / 203 ) و القضاعي في " مسند الشهاب
" ( 2 / 104 / 977 ) من طريقين عن الحلواني به . و قال أبو نعيم : " غريب تفرد
به حسان بن إبراهيم , لم نكتبه إلا من حديث محرز " . قلت : و هو ثقة من رجال
مسلم , و كذا من فوقه , على ضعف في حسان من قبل حفظه , و الحلواني من شيوخ
الطبراني الثقات له ترجمة في " تاريخ بغداد " , فالإسناد حسن .
2925 " كان ينام و هو ساجد , فما يعرف نومه إلا بنفخه , ثم يقوم فيمضي في صلاته " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1027 :
أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 1 / 133 ) و من طريقه البغوي في " شرح
السنة " ( 1 / 338 ) : حدثنا إسحاق بن منصور عن منصور بن أبي الأسود عن الأعمش
عن إبراهيم عن علقمة عن # عبد الله # قال : فذكره مرفوعا . و رواه الطبراني في
" الكبير " ( 9995 ) من طريق آخر عن ابن أبي الأسود . قلت : و هذا إسناد صحيح
رجاله ثقات رجال الشيخين غير منصور بن أبي الأسود , و هو ثقة على تشيع فيه . و
قد أرسله بعضهم , فقال ابن أبي شيبة : حدثنا هشيم عن مغيرة عن إبراهيم : أن
النبي صلى الله عليه وسلم نام في المسجد حتى نفخ , ثم قام فصلى و لم يتوضأ ,
كان النبي صلى الله عليه وسلم تنام عيناه و لا ينام قلبه . ثم قال ابن أبي شيبة
, و أحمد أيضا ( 6 / 135 ) : حدثنا وكيع عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن
عائشة قالت : " كان النبي صلى الله عليه وسلم ينام حتى ينفخ , ثم يقوم فيصلي و
لا يتوضأ " . و هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين . و للحديث شاهد من حديث ابن
عباس مرفوعا نحوه . أخرجه أبو داود و غيره بإسناد ضعيف , و فيه زيادة منكرة
بلفظ : " إنما الوضوء على من نام مضطجعا .. " . و لذلك خرجته في " ضعيف أبي
داود " ( 25 ) و هو في " الصحيحين " بغير هذه الزيادة نحوه , و هو مخرج في "
صحيح أبي داود " ( 1224 - 1229 ) . و أما زيادة مرسل إبراهيم : " كان تنام
عيناه و لا ينام قلبه " . فهي صحيحة جاءت موصولة في " الصحيحين " و غيرهما , و
هو مخرج في " صحيح أبي داود " ( 1212 ) , و من حديث أبي هريرة و غيره . انظر "
صحيح الجامع الصغير " ( 2997 ) . قلت : و هذه الزيادة صريحة في أن النوم لا
ينقض وضوءه صلى الله عليه وسلم , و أن ذلك من خصوصياته . و قد اختلف العلماء في
نوم الجالس المتمكن في جلوسه , و الراجح أنه ناقض كما بينته في " تمام المنة "
, فليراجعه من شاء .
2926 " حدثوا عن بني إسرائيل و لا حرج , فإنه كانت فيهم الأعاجيب " . ثم أنشأ يحدث
قال : " خرجت طائفة من بني إسرائيل حتى أتوا مقبرة لهم من مقابرهم , فقالوا :
لو صلينا ركعتين , و دعونا الله عز وجل أن يخرج لنا رجلا ممن قد مات نسأله عن
الموت , قال : ففعلوا . فبينما هم كذلك إذ أطلع رجل رأسه من قبر من تلك المقابر
, خلاسي , بين عينيه أثر السجود , فقال : يا هؤلاء ما أردتم إلي ? فقد مت منذ
مائة سنة , فما سكنت عني حرارة الموت حتى كان الآن فادعوا الله عز وجل لي
يعيدني كما كنت " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1029 :
أخرجه أحمد في " الزهد " ( 16 - 17 ) و ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 9 / 62 )
دون القصة , و كذا البزار في " مسنده " ( 1 / 108 / 192 - كشف الأستار ) عن
الربيع ابن سعد الجعفي سمعه من عبد الرحمن بن سابط عن # جابر بن عبد الله # قال
: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : .. فذكره . قلت : و هذا إسناد رجاله ثقات
على خلاف في سماع ابن سابط من جابر , فقد سئل ابن معين : سمع عبد الرحمن بن
سابط من جابر ? فقال : لا . لكن أثبت سماعه منه ابن أبي حاتم , فقال في " الجرح
و التعديل " ( 2 / 2 / 240 ) : " روى عن عمر , مرسل , و عن جابر , متصل " . و
هذا خلاف ما حكاه في " المراسيل " ( ص 84 ) , و هذا أرجح لما يأتي . و الحديث
أخرجه عبد بن حميد في " المنتخب من المسند " ( ق 152 / 1 ) بتمامه , و كذا وكيع
في " الزهد " ( 1 / 280 / 56 ) و ابن أبي داود في " البعث " ( 30 / 5 ) و فيه
تصريح ابن سابط بالتحديث , فصح الحديث و اتصل الإسناد و الحمد لله . و للجملة
الأولى منه شاهد من حديث أبي هريرة مرفوعا . أخرجه أبو داود ( 2 / 126 ) و
الطحاوي في " مشكل الآثار " ( 1 / 40 - 41 ) و ابن حبان ( 109 - موارد ) و زاد
: " و حدثوا عني , و لا تكذبوا علي " . و إسناده جيد . و له شاهد آخر من حديث
ابن عمرو , رواه البخاري و غيره , و هو مخرج في " الروض النضير " ( 582 ) . (
تنبيه ) : لقد أعل الحديث المعلق على " البعث " , و المعلق على " زهد وكيع "
بقول الذهبي في راويه الربيع بن سعد الجعفي : " لا يكاد يعرف " . كذا قال , و
خفي عليه قول أبي حاتم فيه : " لا بأس به " . و وثقه غيره كما ذكرت في " تيسير
الانتفاع " , و قد روى عنه خمسة من الثقات , فمثله يحتج به , و تطمئن النفس
لحديثه , و بخاصة أنه من أتباع التابعين . قوله : ( خلاسي ) : أي أسمر اللون ,
يقال ولد خلاسي , ولد بين أبوين أبيض و أسود .
2927 " لا , إنه كان يعطي للدنيا و ذكرها و حمدها , و لم يقل يوما قط : رب اغفر لي
خطيئتي يوم الدين " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1030 :
أخرجه أبو يعلى في " مسنده " ( 6965 ) و الطبراني في " المعجم الكبير " ( 23 /
279 / 606 و 391 / 932 ) من طرق عن منصور عن مجاهد عن # أم سلمة # قالت : قلت
للنبي صلى الله عليه وسلم : هشام بن المغيرة كان يصل الرحم و يقري الضيف و يفك
العناة و يطعم الطعام , و لو أدرك أسلم , هل ذلك نافعه ? قال : فذكره . قلت : و
هذا إسناد صحيح , رجاله رجال الشيخين . و قال الهيثمي في " المجمع " ( 1 / 118
) : " رواه الطبراني في " الكبير " , و أبو يعلى , و رجاله رجال الصحيح " . قلت
: له طريق أخرى , يرويه عمرو بن ثابت عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن أبي بكر
بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أم سلمة : أن الحارث بن هشام أتى النبي صلى
الله عليه وسلم عام حجة الوداع فقال : يا رسول الله ! إنك تحث على صلة الرحم ,
و الإحسان إلى الجار , و إيواء اليتيم و إطعام الضيف و إطعام المساكين , و كل
هذا كان هشام بن المغيرة يفعله , فما ظنك به يا رسول الله ! فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم : " كل قبر لا يشهد صاحبه أن لا إله إلا الله فهو جذوة من النار
, و قد وجدت عمي أبا طالب في طمطام من النار , فأخرجه الله لمكانه مني و إحسانه
إلي , فجعله في ضحضاح من النار " . أخرجه الطبراني في " الكبير " ( 23 / 405 /
972 ) و في " المعجم الأوسط " ( 2 / 165 / 2 / 7523 ) و قال : لا يروى عن أم
سلمة إلا بهذا الإسناد " . قلت : الظاهر أنه يعني بهذا التمام , و إلا فالطريق
التي قبلها بغير هذا الإسناد كما رأيت . ثم إن الهيثمي أعله بقوله : " و فيه
عبد الله بن محمد بن عقيل , و هو منكر الحديث لا يحتجون بحديثه , و قد وثق " .
قلت : هو إلى التوثيق أقرب , و الحق أنه وسط حسن الحديث , فقد كان أحمد و إسحاق
و الحميدي يحتجون بحديثه , و قال الحافظ في " التقريب " : " صدوق في حديثه لين
, و يقال : تغير بأخرة " . قلت : فالأولى إعلاله بالراوي عنه : عمرو بن ثابت ,
فإنه ضعيف باتفاقهم , و إن كان أبو داود قال فيه : " أحاديثه مستقيمة " . و
الحديث له شاهد من حديث عائشة رضي الله عنها , و له طرق : الأولى : عن مسروق
عنها قالت : قلت : يا رسول الله ! ابن جدعان كان في الجاهلية يصل الرحم و يطعم
المسكين , فهل ذاك نافعه ? قال : " لا ينفعه , إنه لم يقل يوما : رب اغفر لي
خطيئتي يوم الدين " . أخرجه مسلم ( 1 / 136 ) و أبو عوانة ( 1 / 99 - 100 ) و
أحمد ( 6 / 63 ) . الثانية : عن عبيد بن عمير عنها به أتم منه . أخرجه أبو
عوانة , و ابن حبان في " صحيحه " ( رقم 330 - الإحسان / الرسالة ) و أحمد ( 6 /
120 ) و أبو يعلى ( 4672 ) و أبو نعيم في " الحلية " ( 3 / 278 ) و قال أحمد و
الأول في رواية له : " عبد الله بن جدعان " . الثالثة : عن أبي سلمة عنها .
أخرجه الحاكم ( 2 / 405 ) و سماه " عبد الله بن جدعان " , و قال : " صحيح
الإسناد " . و وافقه الذهبي .
2928 " من استطاع منكم أن لا يموت إلا بالمدينة فليمت بها , فإنه من يمت بها يشفع له
, أو يشهد له " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1033 :
أخرجه ابن حبان في " صحيحه " ( 1032 - موارد ) و الطبراني في " المعجم الكبير "
( 24 / 331 / 824 ) و البيهقي في " الشعب " ( 2 / 1 / 83 / 1 ) من طريق يونس عن
ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن # الصميتة # - امرأة من بني ليث
- سمعها تحدث صفية بنت أبي عبيد أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح رجاله ثقات , و في إسناده اختلاف يسير لا يضر
إن شاء الله تعالى , ذكره البيهقي و الحافظ في " الإصابة / ترجمة الصميتة " . و
من ذلك ما رواه الطبراني ( 24 / 294 / 747 ) و البيهقي من طريق عبد العزيز بن
محمد الدراوردي عن أسامة بن زيد عن عبد الله بن عكرمة عن عبد الله بن عبد الله
ابن عمر بن الخطاب عن أبيه عن سبيعة الأسلمية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال : فذكره . إلا أنه قال : " إلا كنت له شفيعا أو شهيدا يوم القيامة " . و
قال البيهقي : " هذا خطأ , إنما هو عن صميتة " . و أقره المنذري في " الترغيب "
( 2 / 143 ) . و في رواية للطبراني ( 825 ) من طريق ابن أبي فديك عن ابن أبي
ذئب عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر ( ! ) عن امرأة يتيمة كانت
عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره نحو لفظ رواية أسامة . كذا وقع
فيه ( ابن عمر ) , و في " تحفة الأشراف " للحافظ المزي ( 11 / 346 ) من هذه
الطريق : ( ابن عتبة ) , و لعله أصح . ثم إنه لا منافاة بين هذه الرواية و
الرواية الأولى , لأنه وقع عند النسائي في " الكبرى / الحج " من طريق القاسم بن
مبرور عن يونس بسنده المتقدم قال : " أن الصميتة - امرأة من بني ليث بن بكر
كانت في حجر النبي صلى الله عليه وسلم .. " . فقد بينت هذه الرواية أن اليتيمة
هي الصميتة نفسها . و الله أعلم . و قد حسن المنذري إسناد الطبراني عن اليتيمة
, و هي صحيحة بما قبلها . و يزيده قوة أن له شاهدا من حديث ابن عمرو مرفوعا
بلفظ : " من استطاع أن يموت بالمدينة فليفعل , فإني أشفع لمن مات بها " . أخرجه
أحمد ( 2 / 74 ) و غيره , و سنده صحيح على شرط الشيخين , و قد صححه الترمذي و
ابن حبان . ( تنبيه ) : أورد البيهقي هنا في " الشعب " ( 2 / 1 / 82 / 2 )
بإسناده عن أبي يزيد الرقاشي عن محمد بن روح بن يزيد البصري : حدثني أيوب
الهلالي قال : " حج أعرابي , فلما جاء إلى باب مسجد رسول الله صلى الله عليه
وسلم أناخ راحلته فعقلها , ثم دخل المسجد حتى أتى القبر و وقف بحذاء وجه رسول
الله صلى الله عليه وسلم فقال : بأبي أنت و أمي يا رسول الله ! جئتك مثقلا
بالذنوب و الخطايا , أستشفع بك على ربك لأنه قال في محكم كتابه : *( و لو أنهم
إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله و استغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا
رحيما )* .. ثم أقبل في عرض الناس و هو يقول :
يا خير من دفنت في الترب أعظمه فطاب من طيبهن القاع و الأكم
نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه فيه العفاف و فيه الجود و الكرم .
قلت : و هذا إسناد ضعيف مظلم , لم أعرف أيوب الهلالي و لا من دونه . و أبو يزيد
الرقاشي , أورده الذهبي في " المقتنى في سرد الكنى " ( 2 / 155 ) و لم يسمه , و
أشار إلى أنه لا يعرف بقوله : " حكى شيئا " . و أرى أنه يشير إلى هذه الحكاية .
و هي منكرة ظاهرة النكارة , و حسبك أنها تعود إلى أعرابي مجهول الهوية ! و قد
ذكرها - مع الأسف - الحافظ ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية : *( و لو أنهم إذ
ظلموا أنفسهم .. )* و تلقفها منه كثير من أهل الأهواء و المبتدعة , مثل الشيخ
الصابوني , فذكرها برمتها في " مختصره " ! ( 1 / 410 ) و فيها زيادة في آخرها :
" ثم انصرف الأعرابي , فغلبتني عيني , فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم
, فقال : يا عتبي ! الحق الأعرابي فبشره أن الله قد غفر له " . و هي في " ابن
كثير " غير معزوة لأحد من المعروفين من أهل الحديث , بل علقها على " العتبي " ,
و هو غير معروف إلا في هذه الحكاية , و يمكن أن يكون هو أيوب الهلالي في إسناد
البيهقي . و هي حكاية مستنكرة , بل باطلة , لمخالفتها الكتاب و السنة , و لذلك
يلهج بها المبتدعة , لأنها تجيز الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم , و طلب
الشفاعة منه بعد وفاته , و هذا من أبطل الباطل , كما هو معلوم , و قد تولى بيان
ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في كتبه و بخاصة في " التوسل و الوسيلة " , و قد
تعرض لحكاية العتبي هذه بالإنكار , فليراجعه من شاء المزيد من المعرفة و العلم
.
2929 " لقد خرج أبو بكر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم تاجرا إلى بصرى , لم
يمنع أبا بكر الضن برسول الله صلى الله عليه وسلم شحه على نصيبه من الشخوص
للتجارة , و ذلك كان لإعجابهم كسب التجارة , و حبهم للتجارة , و لم يمنع رسول
الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر من الشخوص في تجارته لحبه صحبته و ضنه بأبي
بكر , - فقد كان بصحبته معجبا - لاستحسان ( و في رواية : لاستحباب ) رسول الله
صلى الله عليه وسلم للتجارة و إعجابه بها " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1036 :
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 23 / 300 / 674 ) : حدثنا الحسين بن
إسحاق : حدثنا أبو المعافى الحراني حدثنا محمد بن سلمة عن أبي عبد الرحيم عن
زيد بن أبي أنيسة عن الزهري عن عبد الله أخي أم سلمة قال : سمعت #أم سلمة #
تقول فذكره . قلت : و هذا إسناد جيد , رجاله ثقات معروفون من رجال " التهذيب "
غير الحسين ابن إسحاق , و هو التستري , قال الذهبي في " سير أعلام النبلاء " (
14 / 57 ) : " كان من الحفاظ الرحلة , أكثر عنه أبو القاسم الطبراني " . قلت :
له حديث واحد في " المعجم الصغير " , و خمسة أحاديث في " المعجم الأوسط " ( 1 /
198 / 1 - 2 / 2617 - 2621 ) . و للحديث إسناد آخر , فقال الطبراني في " الأوسط
" ( 2 / 95 / 2 / 6524 ) : حدثنا محمد بن عمرو حدثنا أبي عن موسى بن أعين عن
إسحاق بن راشد عن الزهري عن عبد الله بن زمعة قال : سمعت أم سلمة تقول : فذكره
, و قال : " لم يروه عن الزهري إلا إسحاق بن راشد , تفرد به موسى بن أعين " .
قلت : هو ثقة من رجال الشيخين . و كذا شيخه إسحاق ثقة من رجال البخاري , لكن
قال الحافظ في " التقريب " : " في حديثه عن الزهري بعض الوهم " . قلت : فيخشى
أن يكون وهم في قوله : " عبد الله بن زمعة " مكان : " عبد الله أخي أم سلمة " ,
و كلاهما صحابي , فهو وهم غير ضار إن شاء الله تبارك و تعالى . و لعله من أجله
فاوت الهيثمي بين إسنادي الطبراني , فوثق رجال الأول دون الثاني فقال ( 3 / 63
) : " رواه الطبراني في " الكبير " و " الأوسط " بنحوه , و رجال " الكبير "
ثقات " .
2930 " مروها فلتركب و لتختمر [ و لتحج ] , [ و لتهد هديا ] " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1037 :
أخرجه الطحاوي في " شرح المعاني " ( 2 / 74 ) و الطبراني في " المعجم الكبير "
( 17 / 320 / 886 ) و الزيادة له من طرق عن عبد العزيز بن مسلم قال : حدثنا
يزيد بن أبي منصور عن دخين الحجري عن #عقبة بن عامر الجهني # قال : نذرت أختي
أن تمشي إلى الكعبة حافية حاسرة , فأتى عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال : " ما بال هذه ? " . قالوا : نذرت أن تمشي إلى الكعبة حافية حاسرة ! فقال
: فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح رجاله ثقات كما تقدم بيانه تحت حديث آخر برقم
( 492 ) . و تابعه الحسن عن عقبة أنه قال : يا رسول الله ! إن أختي نذرت أن تحج
ماشية و تنشر شعرها , فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " إن الله لغني عن نذر
أختك , مروها فلتركب و لتهد هديا , و أحسبه قال : و تغطي شعرها " . أخرجه
الروياني في " مسنده " ( 19 / 6 / 1 - 2 ) و رجاله ثقات . و تابعه ابن عباس رضي
الله عنهما عن عقبة بن عامر به نحوه , و قال : " و لتهد هديا " مكان الزيادة .
أخرجه الطحاوي ( 2 / 75 ) بإسناد صحيح , و قد رواه غيره بنحوه , و صححه الحافظ
, و هو مخرج في " الإرواء " ( 8 / 219 ) . و تابعه أبو عبد الرحمن الحبلي عن
عقبة بن عامر به , إلا أنه قال : " و لتصم ثلاثة أيام " مكان الزيادة . أخرجه
الطحاوي أيضا , و في " مشكل الآثار " ( 3 / 38 ) و الروياني في " مسنده " ( 19
/ 5 / 1 ) من طريق حيي ( الأصل : يحيى ) بن عبد الله المعافري عنه . قلت : و
إسناده بما قبله جيد . و تابعه عبد الله بن مالك عن عقبة مثل الذي قبله . و في
سنده ضعف بينته في المصدر المذكور آنفا مع تخريجه , و قد حسنه الترمذي . و
أخرجه أيضا عبد الرزاق في " المصنف " ( 8 / 450 / 15871 ) و أبو يعلى في "
مسنده " ( 3 / 291 / 1753 ) و الروياني في " مسنده " ( 19 / 55 / 1 - 2 ) و
الطبراني في " الكبير " ( 17 / 323 / 893 و 894 ) . و رواه الشيخان , و غيرهما
من طريق أخرى : عن أبي الخير عن عقبة به مختصرا جدا بلفظ : " لتمش و لتركب " .
و هو مخرج هناك أيضا , ليس فيه الاختمار و لا الصيام الذي في رواية أبي يعلى
هذه , و لذلك فقد وهم المعلق عليه وهما فاحشا في تخريجها , إذ لم ينبه على هذا
الذي ذكرته من الاختصار , فأوهم القراء أن الحديث بتمامه عند الشيخين حين عزاه
إليهما ! و في الحديث فوائد هامة منها : أن نذر المعصية لا يجوز الوفاء به . و
فيه أحاديث كثيرة صحيحة معروفة . و منها : أن إحرام المرأة في وجهها , فلا يجوز
لها أن تضرب بخمارها عليه , و إنما على الرأس و الصدر , فهو كحديث : " لا تنتقب
المرأة المحرمة , و لا تلبس القفازين " . أخرجه الشيخان . و منها : أن ( الخمار
) إذا أطلق , فهو غطاء الرأس و أنه لا يدخل في مسماه تغطية الوجه , و الأدلة
على ذلك كثيرة من الكتاب و السنة و آثار السلف كما كنت بينته في كتابي " جلباب
المرأة المسلمة " , و قد طبع مرات , و زدت ذلك بيانا في ردي على بعض العلماء
النجديين الذين ادعوا أن الخمار غطاء الوجه أيضا في مقدمتي الضافية للطبعة
الجديدة من كتابي المذكور , نشر المكتبة الإسلامية / عمان .
ساجدة لله
2010-10-20, 06:09 AM
2931 " إذا سمعتم بالطاعون في أرض فلا تدخلوها , و إذا وقع بأرض و أنتم بها فلا
تخرجوا منها [ فرارا منه ] . و في رواية : " إن هذا الوجع أو السقم رجز عذب به
بعض الأمم قبلكم , [ أو طائفة من بني إسرائيل ] , ثم بقي بعد بالأرض , فيذهب
المرة , و يأتي الأخرى , فمن سمع به في أرض فلا يقدمن عليه , و من وقع بأرض و
هو بها فلا يخرجنه الفرار منه " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1040 :
حديث صحيح غاية , جاء من حديث # أسامة بن زيد و سعد بن أبي وقاص و عبد الرحمن
بن عوف , و غيرهم # . 1 - أما حديث أسامة , فله عنه طرق : الأولى : عن عامر بن
سعد بن أبي وقاص عنه بالرواية الثانية . أخرجه البخاري ( 6974 ) و مسلم ( 7 /
26 - 30 ) و سياقها مع الزيادة له , و مالك أيضا ( 3 / 91 ) و عنه الشيخان , و
كذا أبو عمرو الداني في " الفتن " ( ق 43 / 1 ) و النسائي في " السنن الكبرى "
( 4 / 362 / 7524 ) و عبد الرزاق في " المصنف " ( 11 / 146 / 20158 ) و عنه
أحمد ( 5 / 207 ) و الحميدي في " مسنده " ( 249 / 544 ) و أحمد أيضا ( 5 / 200
- 201 و 202 و 208 ) و كذا الداني ( ق 42 / 2 ) و الطبراني في " المعجم الكبير
" ( 1 / 92 - 94 و 124 ) من طرق عنه . و زاد الحميدي : " قال عمرو بن دينار :
فلعله لقوم عذاب أو رجز , و لقوم شهادة . قال سفيان : فأعجبني قول عمرو هذا " .
الثانية : عن إبراهيم بن سعد قال : سمعت أسامة بن زيد به . أخرجه البخاري (
5728 ) - و السياق له بالرواية الأولى -و مسلم ( 7 / 28 ) و أحمد ( 1 / 178 و
5 / 206 و 209 و 210 ) و الداني ( 42 / 1 - 2 ) من طرق عنه . و زاد حبيب بن أبي
ثابت سماعا من إبراهيم عن سعد بن مالك , و خزيمة بن ثابت , و أسامة بن زيد ,
قالوا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره بنحوه . أخرجه مسلم , و
النسائي ( 7523 ) و أحمد ( 1 / 182 ) . 2 - و أما حديث سعد بن أبي وقاص , فتقدم
آنفا في رواية حبيب من طريق إبراهيم ابن سعد عنه . و أخرجه أحمد أيضا ( 1 / 173
و 175 و 180 و 186 ) و الطبراني ( 1 / 109 / 330 ) من طرق أخرى عن سعد وحده .
3 - و أما حديث عبد الرحمن بن عوف , فيرويه عنه عبد الله بن عباس و غيره : أن
عمر بن الخطاب خرج إلى الشام حتى إذا كان بـ ( سرغ ) لقيه أمراء الأجناد : أبو
عبيدة بن الجراح و أصحابه , فأخبروه : أن الوباء قد وقع بأرض الشام . قال ابن
عباس : فقال عمر بن الخطاب : ادع لي المهاجرين الأولين , فدعاهم , فاستشارهم و
أخبرهم أن الوباء قد وقع بالشام , فاختلفوا , فقال بعضهم : قد خرجت لأمر , و لا
نرى أن ترجع عنه . و قال بعضهم : معك بقية الناس , و أصحاب رسول الله صلى الله
عليه وسلم , و لا نرى أن تقدمهم على هذا الوباء . فقال عمر : ارتفعوا عني . ثم
قال : ادع لي الأنصار . فدعوهم , فاستشارهم , فسلكوا سبيل المهاجرين و اختلفوا
كاختلافهم , فقال : ارتفعوا عني . ثم قال : ادع لي من كان ههنا من مشيخة قريش
من مهاجرة الفتح . فلم يختلف عليه منهم رجلان , فقالوا : نرى أن ترجع بالناس و
لا تقدمهم على هذا الوباء . فنادى عمر في الناس : إني مصبح على ظهر , فأصبحوا
عليه . فقال أبو عبيدة : أفرارا من قدر الله ?! فقال عمر : لو غيرك قالها يا
أبا عبيدة ! نعم , نفر من قدر الله إلى قدر الله , أرأيت لو كان لك إبل فهبطت
واديا له عدوتان , إحداهما مخصبة , و الأخرى جدبة , أليس إن رعيت المخصبة
رعيتها بقدر الله , و إن رعيت الجدبة رعيتها بقدر الله ? فجاء عبد الرحمن بن
عوف - و كان غائبا في بعض حاجته - فقال : إن عندي من هذا علما , سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول : فذكره بالرواية الأولى . أخرجه مالك في " الموطأ " (
3 / 89 - 91 ) و عنه و عن غيره البخاري مطولا و مختصرا ( 2729 و 2730 و 6973 )
و مسلم ( 7 / 29 - 30 ) و النسائي ( 7521 - 7523 ) و عبد الرزاق ( 20159 ) و
أحمد ( 1 / 193 - 194 ) و أبو يعلى ( 837 و 848 ) و أبو عمرو الداني ( ق 42 / 2
- 43 / 1 ) و الطبراني ( 1 / 90 - 94 ) من طرق عنه , و السياق لمالك . و قد قال
ابن عبد البر في " التمهيد " ( 10 / 65 ) مشيرا إلى هذه الأحاديث و الطرق : " و
الحديث ثابت متصل , صحيح من وجوه من حديث مالك و غيره " . ( فائدة ) : قول عمرو
بن دينار المتقدم في الطاعون : " ... و لقوم شهادة " , إنما يعني به المؤمنين
الصابرين عليه , و قد جاءت فيه أحاديث صحيحة كقوله صلى الله عليه وسلم : "
الطاعون شهادة لكل مسلم " . رواه الشيخان و غيرهما , و هو مخرج في " أحكام
الجنائز " ( ص 52 / 1 ) و في الباب أحاديث أخرى , فراجعها إن شئت هناك ( ص 52 -
55 ) و " الصحيحة " ( 1928 ) و " الإرواء " ( 1637 ) .
2932 " عمل هذا قليلا , و أجر كثيرا " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1042 :
أخرجه البخاري ( 2808 ) , و أحمد ( 4 / 291 و 293 ) من طريق إسرائيل عن أبي
إسحاق قال : سمعت # البراء # رضي الله عنه يقول : أتى النبي صلى الله عليه وسلم
رجل [ من الأنصار ] مقنع بالحديد , فقال : يا رسول الله ! أقاتل أو أسلم ? قال
: " [ لا , بل ] أسلم ثم قاتل " , فأسلم ثم قاتل فقتل , فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم : فذكره . و السياق للبخاري , و ليس عنده : " هذا " , و هي
لأحمد مع الزيادتين الأخريين , و الأولى منهما عند مسلم ( 6 / 43 - 44 ) من
طريق زكريا عن أبي إسحاق بلفظ : " جاء رجل من بني النبيت - قبيل من الأنصار -
فقال : أشهد أن لا إله إلا الله , و أنك عبده و رسوله , ثم تقدم , فقاتل حتى
قتل , فقال النبي صلى الله عليه وسلم : فذكره إلا أنه قال : " يسيرا " مكان "
قليلا " . و أخرجه الطيالسي في " مسنده " ( 724 ) و من طريقه الروياني في "
مسنده " ( 21 / 2 / 1 - 2 ) : حدثنا أبو وكيع [ الجراح بن مليح ] عن أبي إسحاق
بلفظ : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقاتل العدو , فجاء رجل مقنع في
الحديد , فعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم الإسلام , فأسلم . فقال : أي
عمل أفضل كي أعمله ? فقال : " تقاتل قوما جئت من عندهم " . فقاتل حتى قتل ,
فقال : رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . ثم أخرجه الروياني ( 20 / 13 /
1 - 2 ) و كذا سعيد بن منصور في " السنن " ( 3 / 2 / 230 ) من طريق حديج بن
معاوية : حدثنا أبو إسحاق عن البراء بن عازب نحوه , إلا أنه زاد : " قال : و إن
لم أصل لله صلاة ? قال : نعم . قال : فحمل فقاتل فقتل .. " . قلت : و أبو إسحاق
هو عمرو بن عبد الله السبيعي , و مدار الطرق الأربعة - كما ترى - عليه . و قد
كان اختلط , و إسرائيل - و هو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي - , و زكريا - و
هو ابن أبي زائدة - , كلاهما سمعا منه في اختلاطه , و الآخران : الجراح بن مليح
, و حديج بن معاوية في حكم الأولين , و ذلك لأنهما لا يعلم أسمعا منه قبل
الاختلاط أو بعده , مع ضعف فيهما . فلعل الشيخين ثبت لديهما من طرق أخرى أنه
حدث به قبل الاختلاط , أو أنهما كانا لا يريان أنه اختلط اختلاطا شديدا يضعف به
حديثه . و الله أعلم .
2933 " *( و من يطع الله و الرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين و
الصديقين و الشهداء و الصالحين و حسن أولئك رفيقا )* " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1044 :
أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " ( 1 / 29 / 1 - 2 ) , و " الصغير " ( ص 12
- هندية ) : حدثنا أحمد بن عمرو الخلال المكي أبو عبد الله : حدثنا عبد الله بن
عمران العابدي : حدثنا فضيل بن عياض عن منصور عن إبراهيم عن الأسود عن # عائشة
# قالت : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ! إنك لأحب
إلي من نفسي , و إنك لأحب إلي من أهلي , و أحب إلي من ولدي , و إني لأكون في
البيت فأذكرك فما أصبر حتى آتيك , فأنظر إليك , و إذا ذكرت موتي و موتك عرفت
أنك إذا دخلت الجنة رفعت مع النبيين , و إني إذا دخلت الجنة خشيت أن لا أراك ?
فلم يرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم شيئا حتى نزل جبريل عليه السلام بهذه
الآية . فذكرها . و قال : " لم يروه عن منصور عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة
إلا فضيل , تفرد به عبد الله ابن عمران " . قلت : و هو صدوق كما قال أبو حاتم ,
و ذكره ابن حبان في " الثقات " ( 8 / 363 ) و قال : " يخطىء و يخالف " . قلت :
فهو حسن الحديث إن شاء الله تعالى , و إلى هذا يشير الحافظ المقدسي بقوله عقبه
في " صفة الجنة " - و قد رواه من طريق الطبراني - : " لا أرى بإسناده بأسا " .
كما في " تفسير ابن كثير " ( 1 / 523 ) . و فيه أنه رواه ابن مردويه من طريق
أخرى عن عبد الله بن عمران به . و قال الهيثمي في " المجمع " ( 7 / 7 ) : "
رواه الطبراني في " الصغير " و " الأوسط " , و رجاله رجال ( الصحيح ) غير عبد
الله بن عمران العابدي , و هو ثقة " . قلت : و يقويه أن له شواهد مرسلة في "
تفسير ابن جرير " ( 5 / 104 ) عن جماعة منهم قتادة , و إسناده صحيح . و آخر من
رواية عطاء بن السائب عن الشعبي عن ابن عباس أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه
وسلم فقال : فذكره . أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 12 / 86 / 12559 )
من طريق ثابت بن عباس أبي بكر الأحدب : حدثنا خالد بن عبد الله عن عطاء بن
السائب .. و عطاء كان اختلط , و به أعله الهيثمي . لكن ثابت بن عباس هذا لم أجد
له ترجمة فيما عندي من المصادر , و لا ذكره أصحاب " الكنى " .
2934 " أنذركم الدجال , أنذركم الدجال , أنذركم الدجال , فإنه لم يكن نبي إلا و قد
أنذره أمته , و إنه فيكم أيتها الأمة و إنه جعد آدم , ممسوح العين اليسرى , و
إن معه جنة و نارا , فناره جنة و جنته نار , و إن معه نهر ماء و جبل خبز , و
إنه يسلط على نفس فيقتلها ثم يحييها , لا يسلط على غيرها , و إنه يمطر السماء و
لا تنبت الأرض , و إنه يلبث في الأرض أربعين صباحا حتى يبلغ منها كل منهل , و
إنه لا يقرب أربعة مساجد : مسجد الحرام و مسجد الرسول و مسجد المقدس و الطور ,
و ما شبه عليكم من الأشياء , فإن الله ليس بأعور ( مرتين ) " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1046 :
أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 15 / 147 - 148 ) من طريق زائدة عن منصور ,
و أحمد ( 5 / 435 ) و في " السنة " ( رقم 1016 ) من طريق سفيان عن الأعمش و
منصور , كلاهما عن مجاهد قال : حدثنا جنادة بن أبي أمية الدوسي قال : دخلت أنا
و صاحب لي على رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا : حدثنا ما
سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم , و لا تحدثنا عن غيره و إن كان عندك
مصدقا . قال : نعم , قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال :
فذكره . و السياق لابن أبي شيبة . و قال أحمد : " الأزدي " مكان " الدوسي " . و
تابعه شعبة عن سليمان وحده , و هو الأعمش . أخرجه أحمد أيضا ( 5 / 434 ) و في "
السنة " ( 1232 ) , و تابعه ابن عون عن مجاهد به نحوه . أخرجه أحمد أيضا . قلت
: و إسناده صحيح رجاله كلهم ثقات مشهورون من رجال " التهذيب " , و جنادة بن أبي
أمية الأزدي الدوسي تابعي كبير ثقة , وثقه ابن حبان ( 4 / 103 ) و غيره , و روى
عنه جمع منهم مجاهد كما في هذا الحديث , و كما ذكر ابن عساكر في " تاريخ دمشق "
( 4 / 28 ) و قد قيل بصحبته , فلا أدري لماذا لم يصححه الحافظ , فقال في "
الفتح " ( 13 / 105 ) : " أخرجه أحمد , و رجاله ثقات " . و نحوه قول شيخه
الهيثمي في " المجمع " ( 7 / 343 ) : " رواه أحمد , و رجاله رجال ( الصحيح ) "
. و هذا أقرب , و إن كان لا يفيد الصحة ! انظر الاستدراك رقم ( 3 ) .
2935 " إن امرأة كانت فيه ( يعني بيتا في المدينة ) , فخرجت في سرية من المسلمين , و
تركت ثنتي عشرة عنزا لها و صيصتها , كانت تنسج بها , قال : ففقدت عنزا من غنمها
و صيصتها , فقالت : يا رب ! إنك قد ضمنت لمن خرج في سبيلك أن تحفظ عليه , و إني
قد فقدت عنزا من غنمي و صيصتي , و إني أنشدك عنزي و صيصتي , قال : فجعل رسول
الله صلى الله عليه وسلم يذكر شدة مناشدتها لربها تبارك و تعالى . قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : فأصبحت عنزها و مثلها , و صيصتها و مثلها , و هاتيك
فائتها فاسألها إن شئت " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1047 :
أخرجه أحمد في " مسنده " ( 5 / 67 ) قال : حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث
أخبرنا سليمان ( يعني ابن المغيرة ) عن حميد ( يعني ابن هلال ) قال : كان رجل
من الطفاوة طريقه علينا , فأتى على الحي فحدثهم قال : قدمت المدينة في عير لنا
, فبعنا بضاعتنا ( الأصل : بياعتنا ) <1> ثم قلت : لأنطلقن إلى هذا الرجل ,
فلآتين من بعدي بخبره , قال : فانتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم , فإذا
هو يريني بيتا . قال : فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح , رجاله كلهم ثقات رجال
الشيخين غير الرجل الطفاوي , فإنه لم يسم , و لا يضر لأنه صحابي , و الصحابة
كلهم عدول . و قال الهيثمي ( 5 / 277 ) : " رواه أحمد , و رجاله رجال الصحيح "
. قوله : ( صيصتها ) هي الصنارة التي يغزل بها و ينسج كما في " النهاية " .
-----------------------------------------------------------
[1] و التصحيح من " المجمع " , و المعنى قريب . اهـ .
2936 " [ يا أبا هريرة ] خذهن ( يعني تمرات دعا فيهن صلى الله عليه وسلم بالبركة )
فاجمعهن في مزودك هذا , أو في هذا المزود , كلما أردت أن تأخذ منه شيئا , فأدخل
يدك فيه فخذه و لا تنثره نثرا " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1048 :
أخرجه الترمذي ( 3838 ) و ابن حبان ( 2150 ) و البيهقي في " الدلائل " ( 6 /
109 ) و أحمد ( 2 / 352 ) من طرق عن حماد بن زيد : حدثنا المهاجر عن أبي
العالية الرياحي عن # أبي هريرة # قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بتمرات
فقلت : يا رسول الله ! ادع الله فيهن بالبركة , فضمهن ( و في رواية : فصفهن بين
يديه ) , ثم دعا لي فيهن بالبركة , فقال لي : ( فذكر الحديث ) , فقد حملت من
هذا التمر كذا و كذا من وسق ( و في طريق : خمسين وسقا ) في سبيل الله , و كنا
نأكل منه و نطعم , و كان لا يفارق حقوي حتى كان يوم قتل عثمان , فإنه انقطع [
عن حقوي فسقط ] . و قال الترمذي - و السياق له - : " حديث حسن غريب من هذا
الوجه " . قلت : و سقط التحسين من بعض نسخ " الترمذي " , فحملني ذلك لما علقت
على " المشكاة " ( 5933 ) على تفسير قوله : " غريب " بالتضعيف . و لم يتنبه
لذلك بعض من انتقدني من المعاصرين النجديين - و قد بلغني وفاته رحمه الله -
فقال : " لم يضعفه الترمذي بل قال : حسن غريب من هذا الوجه " . و الآن و قد
تيسر لي تخريج الحديث تخريجا علميا , فقد ترجح عندي أمران : الأول : أن تحسين
الترمذي ثابت عنه لأنه نقله حافظان جليلان : ابن كثير في " تاريخه " ( 6 / 117
) و الحافظ ابن حجر في " فتحه " ( 11 / 281 ) . و الآخر : أن الحديث صحيح
بمجموع طرقه , و هي ثلاث : الأولى : هذه المتقدمة عن أبي العالية عن أبي هريرة
, و قلت : إن السياق للترمذي , و الرواية الأولى و الزيادة الأخيرة لأحمد . و
السند رجاله ثقات رجال الشيخين غير المهاجر , و هو ابن مخلد أبو مخلد , قال
الحافظ في " التقريب " : " مقبول " . أي عند المتابعة , و قد توبع كما يأتي .
الثانية : عن سهل بن زياد أبي زياد : حدثنا أيوب السختياني عن محمد بن سيرين عن
أبي هريرة به نحوه , و لفظه أتم , و فيه الزيادة الأولى . أخرجه البيهقي . و
إسناده جيد , رجاله كلهم ثقات معروفون غير سهل بن زياد , أورده الذهبي في "
الميزان " و قال : " ما ضعفوه , و له ترجمة في ( تاريخ الإسلام ) " . قلت : و
قد وثقه ابن حبان ( 8 / 291 ) , و روى عنه جمع من الثقات كما بينته في " تيسير
انتفاع الخلان " , فهو صدوق يحتج به , و لعله لذلك سكت الحافظان ابن كثير و ابن
حجر عن إسناده , فلا يلتفت إذن إلى ما ذكر في " اللسان " أن الأزدي قال فيه : "
منكر الحديث " . و من الغريب أن الشيخ النجدي المشار إليه آنفا مع تصريحه بأن
إسناده صحيح , و ترجمته للرواة الذين دون سهل بن زياد إلى شيخ البيهقي , فإنه
لم يتعرض لترجمته البتة , مع أنه أولى بها من الآخرين الذين ترجم لهم , لما
ذكرته آنفا في ترجمة سهل , و أنه لم يوثقه غير ابن حبان , و الغالب أن من تفرد
هو بتوثيقه يكون مجهولا , لكني قد بينت أنه خرج عن الجهالة برواية أولئك الثقات
عنه . فلهذا كان أولى بترجمته و بيان حاله من الرواة الذين ترجم لهم ! ثم وقفت
على توثيق البزار و غيره إياه , و ألحقت ذلك بـ " التيسير " فالسند صحيح .
الثالثة : عن سهل بن أسلم العدوي عن يزيد ( الأصل : زيد ) بن أبي منصور عن أبيه
عن أبي هريرة نحوه . قلت : أخرجه أبو نعيم في " الدلائل " ( ص 372 ) و البيهقي
من طريقين عن سهل ابن أسلم , و هو ثقة كما قال أبو داود الطيالسي , و مثله يزيد
بن أبي منصور . و أما أبوه : أبو منصور , و هو الأزدي , فلم أجد له ترجمة إلا
في " المقتنى في سرد الكنى " للذهبي , فإنه قال : " أبو يزيد الأزدي عن أبي
هريرة , و عنه سلام بن مسكين " . فيحتمل أنه هو , و مع ذلك فلا أعرف حاله .
2937 " لو تركها لدارت أو طحنت إلى يوم القيامة " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1051 :
أخرجه الطبراني في " الأوسط " ( 2 / 41 / 2 ) و البيهقي في " الدلائل " ( 6 /
105 ) من طريق أحمد بن عبد الله بن يونس : حدثنا أبو بكر بن عياش عن هشام بن
حسان عن محمد بن سيرين عن # أبي هريرة # قال : أصاب رجلا حاجة فخرج إلى البرية
, فقالت امرأته : اللهم ارزقنا ما نعتجن و ما نختبز , فجاء الرجل و الجفنة ملأى
عجينا , و في التنور حبوب الشواء , و الرحى تطحن , فقال : من أين هذا ? قالت :
من رزق الله , فكنس ما حول الرحى , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره
, و السياق للطبراني , و قال : " لم يروه عن محمد بن سيرين إلا هشام , و لا عنه
إلا أبو بكر , تفرد به أحمد " . قلت : و هو ثقة من رجال الشيخين , و كذلك من
فوقه , سوى أبي بكر بن عياش , فمن رجال البخاري , و فيه كلام يسير لا يسقط
حديثه عن مرتبة الحسن , و لاسيما و له طريق أخرى كما يأتي . و من هذا الوجه
أخرجه البزار في " مسنده " ( 4 / 267 / 3687 ) و قال : " لا نعلم رواه عن هشام
إلا أبو بكر بن عياش " . قلت : و هذا أدق تعبيرا من قول الطبراني المتقدم لأنه
لا يرد عليه ما يرد على قول الطبراني : أنه تفرد به أحمد بن يونس , فقال الإمام
أحمد في " المسند " ( 2 / 513 ) : حدثنا ابن عامر : أنبأنا أبو بكر عن هشام به
نحوه . و ابن عامر هو ( أسود بن عامر ) كما في أحاديث قبله , و هو ثقة من رجال
الشيخين أيضا . و قال الهيثمي في " المجمع " ( 10 / 257 ) بعد أن ساقه برواية
أحمد : " رواه أحمد و البزار و الطبراني في " الأوسط " بنحوه , و رجالهم رجال
الصحيح غير شيخ البزار , و شيخ الطبراني , و هما ثقتان " . و للحديث طريق ثان
يرويه أبو صالح عبد الله بن صالح : حدثنا الليث بن سعد عن سعيد بن أبي سعيد
المقبري عن أبي هريرة أن رجلا من الأنصار كان ذا حاجة .. الحديث نحوه أتم منه .
أخرجه البيهقي . و أبو صالح فيه ضعف . و له طريق ثالث عن شهر بن حوشب قال : قال
أبو هريرة : بينما رجل و امرأته في السلف الخالي لا يقدران على شيء , فجاء
الرجل من سفره فدخل على امرأته جائعا قد أصابته مسغبة شديدة , فقال لامرأته :
أعندك ? قالت : نعم .. الحديث نحوه . أخرجه أحمد ( 2 / 421 ) و شهر بن حوشب
ضعيف , و في حديثه زيادات منكرة , و الله أعلم .
2938 " لا يحل لأحد يحمل فيها السلاح لقتال . يعني المدينة " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1052 :
أخرجه أحمد في " المسند " ( 3 / 347 ) : حدثنا موسى : حدثنا ابن لهيعة عن أبي
الزبير أن # جابرا # أخبره أنه قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول :
فذكره , و زاد في آخره : " فقال قتيبة : يعني المدينة " . قلت : و قد توبع على
هذه الزيادة , فقال أحمد ( 3 / 393 ) : حدثنا حسن حدثنا ابن لهيعة أنبأنا أبو
الزبير قال : و أخبرني جابر أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " مثل
المدينة كالكير , و حرم إبراهيم مكة , و أنا أحرم المدينة , و هي كمكة , حرام
ما بين حرتيها و حماها كلها , لا يقطع منها شجرة , إلا أن يعلف رجل منها , و لا
يقربها إن شاء الله الطاعون , و لا الدجال , و الملائكة يحرسونها على أنقابها و
أبوابها " . قال : و إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " و لا يحل
لأحد يحمل فيها سلاحا لقتال " . قلت : و رجال إسناده ثقات رجال مسلم غير ابن
لهيعة , و هو ثقة , لكنه سيىء الحفظ , و قال الهيثمي في " المجمع " ( 3 / 304 )
: " رواه أحمد , و فيه ابن لهيعة , و حديثه حسن , و فيه كلام " . قلت : و لحديث
الترجمة متابع بسند صحيح عنه , و هو معقل بن عبيد الله الجزري عن أبي الزبير عن
جابر مرفوعا بلفظ : " لا يحل لأحد أن يحمل بمكة السلاح " . أخرجه مسلم ( 4 /
111 ) و من طريقه البغوي في " شرح السنة " ( 7 / 302 ) و ابن حبان ( 3706 -
الإحسان ) . و معقل هذا فيه كلام من قبل حفظه , قال الحافظ في " التقريب " : "
صدوق يخطىء " . فقد خالف ابن لهيعة في قوله : " عن أبي الزبير أخبره جابر " , و
قوله : " المدينة " مكان " مكة " . و من الصعب ترجيح أحد القولين على الآخر , و
لعل الراجح الجمع بينهما , أما قول ابن لهيعة : " المدينة " , فلأن له شاهدين :
أحدهما : من حديث أنس بن مالك بلفظ : " المدينة حرم من كذا إلى كذا , من أحدث
فيها حدثا , أو آوى محدثا , فعليه لعنة الله و الملائكة و الناس أجمعين , لا
يقبل الله منه صرفا و لا عدلا , لا يحمل فيها سلاح لقتال " . أخرجه أحمد ( 3 /
242 ) و رجاله ثقات رجال مسلم غير مؤمل , و هو ابن إسماعيل , قال الهيثمي ( 3 /
302 ) : " و هو موثق , و فيه كلام " . و الآخر : من حديث علي نحو حديث حسن عن
ابن لهيعة , و فيه : " .. و لا يحمل فيها السلاح لقتال " . أخرجه أحمد و غيره
بسند صحيح , و هو مخرج في " الإرواء " ( 4 / 250 - 251 ) و قواه الحافظ في "
الفتح " ( 4 / 85 ) . و أما قول معقل , فيشهد له حديث ابن عباس مرفوعا : " إن
الله عز وجل حرم مكة , فلم تحل لأحد قبلي , و لا تحل لأحد بعدي .. " الحديث .
رواه البخاري و غيره , و هو مخرج هناك ( 4 / 248 - 249 ) و مثله حديث أبي هريرة
عند الشيخين . و لكن من الظاهر أن هذه الشواهد إنما تنهى عن حمل السلاح في مكة
لقتال , فعلى ضوئها يجب أن يفسر حديث جابر إن ثبت , فإنه مطلق فليتقيد بها , و
لعل هذا هو المراد بقول البخاري في " الصحيح " ( 13 / العيدين 9 - باب ما يكره
من حمل السلاح في العيد و الحرم ) , و قال الحسن : " نهوا أن يحملوا السلاح يوم
عيد إلا أن يخافوا عدوا " . و قد ساق الحافظ تحته في " الفتح " ( 2 / 455 )
حديث مسلم عن معقل .. و لكنه ذكره بالمعنى , فقال : " نهى رسول الله صلى الله
عليه وسلم أن يحمل السلاح في مكة " . و حاصل ما تقدم من الروايات أن يحرم حمل
السلاح في مكة و المدينة لقتال , و مفهومه أنه يجوز حمله لخوف عدو أو فتنة . و
الله أعلم .
2939 " إن أحب الكلام إلى الله أن يقول العبد : سبحانك اللهم و بحمدك , و تبارك اسمك
, و تعالى جدك , و لا إله غيرك , و إن أبغض الكلام إلى الله أن يقول الرجل
للرجل : اتق الله , فيقول : عليك نفسك " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1055 :
أخرجه النسائي في " عمل اليوم و الليلة " ( 488 / 849 ) و ابن منده في "
التوحيد " ( ق 123 / 2 - الظاهرية ) و البيهقي في " الشعب " ( 1 / 359 - هندية
) و " الدعوات الكبير " ( 102 / 136 ) من طريق محمد بن سعيد بن الأصبهاني قال :
حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن الحارث بن سويد عن # عبد الله
# قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح ,
رجاله ثقات رجال الشيخين غير ابن الأصبهاني و هو ثقة ثبت من شيوخ البخاري . و
قد خالفه ابن أبي شيبة فرواه في " المصنف " ( 1 / 232 ) عن أبي معاوية و ابن
فضيل عن الأعمش به موقوفا . و تابعه محمد بن العلاء عن أبي معاوية وحده به .
أخرجه النسائي ( 489 / 850 ) . و تابعه عنده ( 851 و 852 ) داود و أبو الأحوص
عن الأعمش به موقوفا أيضا . و إن مما لا شك فيه أن الوقف أصح من حيث الرواية ,
لكنه من حيث المعنى في حكم المرفوع , لأنه لا يقال من قبل الرأي كما هو ظاهر .
و من الغريب أن تخفى على الحافظ ابن حجر هذه المصادر , و بخاصة منها كتاب
النسائي الذي رواه مرفوعا و موقوفا , فإنه عزاه في تخريج " الكشاف " ( 7 / 43 )
لابن أبي شيبة وحده موقوفا ! و لطرفه الأخير طريق آخر , يرويه سفيان عن أبي
إسحاق عن سعيد بن وهب عن عبد الله قال : " إن من أكبر الذنب أن يقول الرجل
لأخيه : ( اتق الله ) , فيقول : عليك نفسك , أنت تأمرني ?! " . أخرجه الطبراني
في " المعجم الكبير " ( 9 / 119 / 8587 ) . قلت : و رجاله ثقات إن كان سعيد (
الأصل : سعد ) بن وهب هو الهمداني الخيواني الذي أخرج له مسلم , فقد فرقوا بين
هذا و بين الهمداني الثوري , و لم يذكروا في هذا الثاني توثيقا , خلافا لابن
حبان , فإنه لم يذكر في " ثقاته " ( 4 / 291 ) سوى الأول . و كلاهما روى عنه
أبو إسحاق السبيعي . و الله أعلم . على أن السبيعي مدلس , و قد عنعنه . و سفيان
هو الثوري , و قد خالفه في إسناده شعبة , فقال : عن أبي إسحاق عن زيد ابن وهب
عن عبد الله قال : " كفى بالمرء إثما إذا قيل له : ( اتق الله ) غضب " ! أخرجه
الطبراني ( 8588 ) . و قال الهيثمي في كل من الروايتين ( 7 / 271 ) : " و رجاله
رجال الصحيح " . فأنت ترى أن شعبة قال : " زيد بن وهب " , مكان " سعيد بن وهب "
, فلا أدري الراجح منهما . ( تنبيه ) : تقدم هذا الحديث برقم ( 2598 ) من رواية
ابن منده و الأصبهاني في " الترغيب " , و وقع هنا بزيادة كبيرة في التخريج و
التحقيق فاحتفظت به , و الله ولي التوفيق .
2940 " لا بأس بذلك . يعني المسح على الخفين " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1057 :
أخرجه ابن حبان في " صحيحه " ( 172 - موارد ) من طريق فضيل بن سليمان : حدثنا
موسى بن عقبة عن أبي حازم عن # أبي هريرة # أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
سئل فقيل : يا رسول الله ! أرأيت الرجل يحدث فيتوضأ و يمسح على خفيه , أيصلي ?
قال : فذكره . قلت : و هذا إسناد جيد رجاله ثقات رجال الشيخين , لولا ضعف في
الفضيل هذا من قبل حفظه , و قد أورده الحافظ في " مقدمة الفتح " ( ص 435 ) , و
قال ما خلاصته : " كان صدوقا , و عنده مناكير , روى له الجماعة , و ليس له في "
البخاري " سوى أحاديث توبع عليها " . فأقول : و لحديثه شاهد يدل على أنه حديث
محفوظ غير منكر , يرويه أبو سلمة عن سعد بن أبي وقاص عن رسول الله صلى الله
عليه وسلم في المسح على الخفين أنه لا بأس به . أخرجه النسائي ( 1 / 31 ) و
أحمد ( 1 / 169 و 169 - 170 ) و ابن عساكر في " تاريخ دمشق " ( 7 / 168 ) من
طريق موسى بن عقبة عن أبي النضر عنه . قلت : و هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين
, و أخرجه البيهقي ( 1 / 269 - 270 ) و لكنه أدخل عبد الله بن عمر بين أبي سلمة
و سعد , و زاد في متنه قصة ابن عمر مع أبيه و سعد , و هي عند البخاري ( 202 )
من طريق عمرو ( و هو ابن الحارث ) : حدثني أبو النضر عن أبي سلمة بن عبد الرحمن
عن عبد الله بن عمر عن سعد بن أبي وقاص عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مسح
على الخفين , و أن عبد الله بن عمر سأل عمر عن ذلك ? فقال : نعم , إذا حدثك
شيئا سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا تسأل عنه غيره . و قال موسى بن عقبة
: أخبرني أبو النضر أن أبا سلمة أخبره أن سعدا .. فقال عمر لعبد الله .. نحوه .
كذا علقه البخاري عن موسى و لم يسق لفظه , و كذلك فعل الحافظ في " شرحه " ( 1 /
305 ) و لم يوصله خلافا لعادته ! و لما وصله و خرجه في " تغليق التعليق " ( 2 /
132 - 133 ) و عزاه للنسائي لم يسق لفظه !! و كذلك فعل المعلق على " الإحسان "
( 4 / 163 - طبع المؤسسة ) بحديث الترجمة , فإنه لم يزد فيه على تضعيفه لفضيل
ابن سليمان و قوله : " و هو صحيح بشواهده " ! و يعني غير حديث سعد مما صح عنه
صلى الله عليه وسلم فعلا و قولا في المسح على الخفين ! و كان عليه أن يخرجه و
أن يتوسع في تخريجه كما هي عادته , و لكن الفهارس لم تساعده على ذلك !! و اعلم
أن الأحاديث في المسح على الخفين متواترة , كما صرح بذلك غير ما واحد من أئمة
الحديث و السنة , و الآثار بعمل الصحابة و السلف بها كثيرة جدا مشهورة , و ما
روي عن بعضهم من الإنكار , فذلك قبل أن تصل بذلك إليهم الأخبار , كما هو شأن
كثير من المسائل الفقهية , و لذلك عادوا إلى القول و العمل بها لما وصلتهم , و
ذلك مطابق لقراءة الجر في قوله تعالى في آية الوضوء : *( و أرجلكم إلى الكعبين
)* . فبقاء بعض الفرق الإسلامية على إنكار هذه السنة كالرافضة و الخوارج و منهم
الإباضية مما يؤكد أنهم من أهل الأهواء المتوعدين بقوله تعالى : *( و من يشاقق
الرسول من بعد ما تبين له الهدى و يتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى و نصله
جهنم و ساءت مصيرا )* . و إن تعجب فالعجب من الشيخ عبد الله بن حميد السالمي
الإباضي أن يصر إصرار هؤلاء على المشاققة للرسول و اتباع غير سبيل المؤمنين , و
يتمسك في ذلك بالآثار الواهية رواية و دراية التي ذكرها إمامهم المزعوم الربيع
بن حبيب في " المسند " المنسوب إليه ! ( 1 / 35 - 36 ) و مدارها على شيخه أبي
عبيدة المجهول عنده , و غير معروف عندهم في الرواية بالضبط و الحفظ و الإتقان !
ثم يعرض في شرحه إياه ( 1 / 177 - 179 ) عن تلك الأحاديث الصحيحة المتواترة , و
الآثار الكثيرة الثابتة المشهورة , و يضعفها تعصبا لإباضيته بشطبة قلم , فيقول
: " و قد عرفت أن السنة لم تثبت في ذلك " !! و هو غير صادق فيما قال لوجهين :
الأول : أنه جحد التواتر , فصدق في مثله قوله تعالى : *( و جحدوا بها و
استيقنتها أنفسهم )* . و الآخر : قوله : " قد عرفت .." , إذ لا يمكن معرفة
صحة الدعوى إلا بتقديم الحجة و البرهان كما هو مستقر بداهة في الأذهان , و هو
لم يفعل شيئا من ذلك مطلقا إلا مجرد الدعوى , و هذا شأن عالمهم الذي زعم بعض
الكتاب أنه معتدل غير متعصب , وايم الحق إن من بلغ به التعصب من أهل الأهواء
إلى رد أخبار التواتر التي عني بها أهل الحديث عناية لا قبل لأهل الأهواء
بمثلها , لحري به أن يعجز عن إقامة البرهان على صحة مذهبهم الذي شذوا فيه عن
أهل السنة و الحديث . فهذا الحق ليس به خفاء فدعني من بنيات الطريق . و قبل أن
أمسك القلم أقول : لقد اعتاد الرجل السالمي أن يسوق كلامه على عواهنه مؤيدا به
مذهبه و هواه , من ذلك أنه قرن مع الشيعة و الخوارج بعض علماء السنة من
الظاهرية , فقال ( ص 178 ) عطفا على المذكورين : " و أبو بكر بن داود الظاهري "
. فأقول : أبو بكر هذا هو محمد بن داود بن علي الظاهري , ترجمه الحافظ الذهبي
في " السير " ( 13 / 109 ) : " حدث عن أبيه , و عباس الدوري .. و له بصر تام
بالحديث و بأقوال الصحابة , و كان يجتهد و لا يقلد أحدا " . فأقول : فيستبعد
جدا من مثله أن يخالف الحديث و الصحابة , و أن يوافق الخوارج في إنكار سنة
المسح على الخفين , لاسيما و هو قد تفقه على أبيه داود , و هذا مع أئمة الفقه و
الحديث في القول بالمسح على الخفين كما ذكر ذلك الإمام ابن حزم في " المحلى " (
2 / 89 ) فمن أين جاء السالمي بما عزاه لأبي بكر الظاهري ?! و ما أحسن ما قيل :
و الدعاوي ما لم تقيموا عليها بينات أبناؤها أدعياء !
ساجدة لله
2010-10-20, 06:10 AM
2941 " جاءنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجدنا بـ ( قباء ) , فجئت و أنا غلام
[ حدث ] حتى جلست عن يمينه , [ و جلس أبو بكر عن يساره ] ثم دعا بشراب فشرب منه
, ثم أعطانيه , و أنا عن يمينه , فشربت منه , ثم قام يصلي , فرأيته يصلي في
نعليه " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1061 :
أخرجه أحمد ( 4 / 221 ) و ابن أبي عاصم في " الوحدان " ( 4 / 167 / 2148 ) من
طريق مجمع بن يعقوب : أخبرنا محمد بن إسماعيل قال : قيل # لعبد الله بن أبي
حبيبة # رضي الله عنه : هل أدركت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ? قال :
فذكره . قلت : و هذا إسناد حسن إن شاء الله تعالى , محمد بن إسماعيل هذا روى
عنه أيضا عاصم بن سويد إمام مسجد قباء كما في " الجرح و التعديل " , و ذكره ابن
حبان في " الثقات " ( 7 / 394 ) في أتباع التابعين , و كذلك ذكر فيهم الراويين
المذكورين عنه : مجمع بن يعقوب و عاصم بن سويد , و هذا مستغرب منه , لأن الظاهر
أن محمد بن إسماعيل تابعي أدرك جده من قبل أم عبد الله بن أبي حبيبة هذا . و
لذلك قال ابن السكن في ترجمته , أعني عبد الله هذا كما في " الإصابة " : "
إسناد حديثه صالح " . ثم ساق له هذا الحديث , و عزاه لابن أبي شيبة أيضا و
البغوي و الطبراني . و يؤيد ما ذكرت إخراج الضياء المقدسي للحديث في " المختارة
" ( ج 56 / 136 / 2 - 137 / 1 ) من طريق أحمد و الطبراني - و منه استفدت
الزيادتين بين المعقوفتين . و هذا كله يدل على أن محمدا هذا تابعي , و أن
الإسناد متصل . ثم رأيت الحديث في " معجم الطبراني الكبير " ( 191 / 449 ) قطعة
من الجزء ( 13 ) طبع حديثا بتحقيق الأخ حمدي السلفي جزاه الله خيرا . و للحديث
شاهد مختصر يرويه الصلت بن غالب الهجيمي عن مسلم به بديل عن أبي هريرة قال :
رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يشرب على راحلته , ثم ناول الذي عن يمينه . ذكره
ابن حبان في ترجمة مسلم هذا من " ثقاته " ( 5 / 400 ) و أفاد أنه روى عنه غير
الصلت هذا , فقال : " و هو الذي روى عنه عبد الله بن عون حديث الطفيل بن عمرو
الدوسي " . و حديث ابن عون هذا أخرجه ابن حبان في " صحيحه " ( 2 / 162 / 976 )
بسنده الصحيح عن ابن عون عن مسلم بن بديل عن أبي هريرة قال : جاء رجل إلى رسول
الله صلى الله عليه وسلم فذكر دوسا , فقال : إنهم ... ( بياض في الأصل ) فذكر
رجالهم و نساءهم , فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه , فقال الرجل : *( إنا
لله و إنا إليه راجعون )* هلكت دوس و رب الكعبة , فرفع النبي صلى الله عليه
وسلم يديه و قال : " اللهم اهد دوسا " . و قد تابع مسلما على هذا أبو سلمة عن
أبي هريرة بأتم منه قال : قدم الطفيل بن عمرو الدوسي و أصحابه , فقالوا : يا
رسول الله ! إن دوسا قد عصت و أبت , فادع الله عليها , قال أبو هريرة : فرفع
رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه , فقلت : هلكت دوس , فقال : " اللهم اهد
دوسا , و ائت بها " . أخرجه أحمد ( 2 / 502 ) : حدثنا يزيد أنبأنا محمد بن عمرو
عن أبي سلمة به . قلت : و هذا إسناد جيد رجاله ثقات رجال الشيخين , إلا أنهما
أخرجا لمحمد بن عمرو - و هو ابن علقمة - في الشواهد و المتابعات لضعف فيه يسير
. و قد توبع , فقال سفيان - و هو ابن عيينة - : حدثنا أبو الزناد عن الأعرج عن
أبي هريرة به , إلا أنه قال مكان الرفع : " فظن الناس أنه يدعو عليهم " . أخرجه
البخاري ( 6397 ) : حدثنا علي : حدثنا سفيان به . و بهذا الإسناد أخرجه في "
الأدب المفرد " ( 611 ) , لكنه زاد قبيل جملة الظن هذه : " فاستقبل رسول الله
صلى الله عليه وسلم القبلة و رفع يديه " . و هذه الزيادة قد توبع عليها علي -
شيخ البخاري و هو ابن المديني - , فقال أحمد ( 2 / 243 ) و الحميدي في " مسنده
" ( 1050 ) : حدثنا سفيان به . و أخرجها البيهقي في " دلائل النبوة " ( 5 / 359
) من طريق سعدان بن نصر : حدثنا سفيان به . و قال : " رواه البخاري في " الصحيح
" عن علي بن عبد الله عن سفيان " ! كذا قال , و هو يعني أصل الحديث - و هي عادة
له في كتبه و منها " السنن " , فقد عرفت أن هذه الزيادة ليست في " الصحيح " , و
قد صرح بذلك الحافظ في " الفتح " ( 11 / 142 ) . و قد تابع سفيان بن عيينة
سفيان الثوري فرواه البخاري ( 4392 ) : حدثنا أبو نعيم حدثنا سفيان عن ابن
ذكوان به مختصرا . و ابن ذكوان اسمه عبد الله , و هو أبو الزناد . و كذلك أخرجه
ابن حبان في " صحيحه " ( 2 / 162 / 975 ) من طريق أخرى عن أبي نعيم , و أحمد (
2 / 448 ) : حدثنا وكيع عن سفيان به . و تابعه المغيرة بن عبد الرحمن عن أبي
الزناد به , إلا أنه زاد بعد قوله : " فادع الله عليها " : " فقيل : هلكت دوس "
. أخرجه مسلم ( 7 / 180 ) . لقد ابتعدت كثيرا عن حديث الترجمة في صدد الكلام
على راوي شاهده المختصر , لأقول الآن : إن له شاهدا آخر أصح منه و أتم من حديث
أنس . و فيه قوله صلى الله عليه وسلم : " الأيمن فالأيمن " . رواه الشيخان و
غيرهما , و قد سبق تخريجه برقم ( 1771 ) . ففي هذا نص على أن الساقي يبدأ بمن
عن يمينه , و ليس بكبير القوم , أو أعلمهم , أو أفضلهم , و على ذلك جرى السلف
الصالح كما تراه في " مصنف ابن أبي شيبة " ( 8 / 223 ) . و قد روى هو و مسلم و
عبد الرزاق و الحميدي في حديث أنس المشار إليه : أن النبي صلى الله عليه وسلم
لما شرب : كان عن يمينه أعرابي و عن يساره أبو بكر , و عمر تجاهه , فقال : يا
رسول الله ! أعط أبا بكر , و خشي أن يعطي الأعرابي , فأبى صلى الله عليه وسلم و
أعطى الأعرابي , و قال : الحديث . و في رواية لمسلم : و قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : " الأيمنون , الأيمنون , الأيمنون " . قال أنس : فهي سنة , فهي سنة
, و هي سنة . فأقول : فمن الغرائب أن يصر كثير من الأفاضل على مخالفة هذه السنة
, بل هذا الأدب الاجتماعي الذي تفرد الإسلام به - في مجالسهم الخاصة - , حيث لا
يخشى أن يقع أي محظور في العمل بها سوى مخالفة عادة الآباء و الأجداد ! و لقد
كان إعراضهم عن هذه السنة الصحيحة اعتمادا منهم على تلك الفلسفة التي نفيتها
آنفا - سببا لمخالفتهم هم أنفسهم إياها , حين لم يلتزموها عمليا , فصار الساقي
يبدأ - على علم منهم - بأكابرهم و أمرائهم , و لو كانت فلسفتهم لا تنطبق عليهم
! و أنا حين أقول هذا - أعلم أنهم إنما يصرون على هذه المخالفة من باب الحكمة و
السياسة و المداراة , و أنهم لا يملكون غير ذلك لفساد النفوس و الأخلاق . و
لكني أقول : لو أنهم التزموا العمل بهذه السنة في مجالسهم الخاصة , و حضرها أحد
أولئك الأمراء لانقلب الأمر و لاضطر هؤلاء إلى أن يسايسوا أهل المجلس , و
لاسيما و هم من الساسة ! و لما طمعوا أن يعاملوا بخلاف السنة , ثم لانتشرت هذه
إلى مجالس الساسة الخاصة ! و يشبه هذه المسألة إيجابا و سلبا مسألة القيام
للداخل , فلما تركت هذه السنة بدعوى الاحترام و الإكرام لأهل العلم و الفضل ,
تحول ذلك مع الزمن إلى القيام لمن ليس في العير و لا النفير كما يقال , بل إلى
القيام للفساق و الفجار . بل و لأعداء الله ! فهل من معتبر ?! أما صلاته صلى
الله عليه وسلم في نعليه الوارد في آخر حديث الترجمة فله شواهد كثيرة تبلغ مبلغ
التواتر في " الصحيحين " , و غيرهما , و بعضها مخرج في " صحيح أبي داود " ( 657
و 658 و 659 و 660 ) .
2942 " قال الله عز وجل : أنا عند ظن عبدي , و أنا معه إذا دعاني " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1066 :
أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " ( 616 ) : حدثنا خليفة بن خياط قال : حدثنا
كثير بن هشام : حدثنا جعفر عن يزيد بن الأصم عن # أبي هريرة # عن رسول الله صلى
الله عليه وسلم قال : فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح , رجاله كلهم رجال الصحيح
, و قد أخرجه مسلم ( 8 / 66 ) من طريق وكيع عن جعفر بن برقان به . و له طريق
أخرى بزيادة في متنه بلفظ : " .. عبدي عند ظنه بي , و أنا معه إذا دعاني , فإن
ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي , و إن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم و أطيب
, و إن تقرب مني شبرا تقربت منه ذراعا , و إن تقرب مني ذراعا تقربت منه باعا ,
و إن أتاني يمشي أتيته هرولة " . أخرجه أحمد ( 2 / 480 ) : حدثنا محمد بن جعفر
قال : حدثنا شعبة عن سليمان عن ذكوان عن أبي هريرة به . و هذا إسناد صحيح على
شرط الشيخين . و من هذا الوجه أخرجه ابن حبان ( 2 / 91 / 809 ) إلى قوله : " و
أطيب " . و هو في " الصحيحين " من طريق أخرى عن سليمان - و هو الأعمش - بلفظ :
" .. و أنا معه إذا ذكرني .. " , و هو رواية لابن حبان ( 808 ) , و هو مما تقدم
تخريجه تحت الرقم ( 2011 ) , و ذكرت هناك لحديث الترجمة شاهدا من حديث أنس رضي
الله عنه بسند صحيح .
2943 " ذهبت بي أمي إلى النبي صلى الله عليه وسلم [ و أنا غلام ] فمسح على رأسي , و
دعا لي بالرزق , [ و في رواية : بالبركة ] " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1067 :
أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " ( 164 / 632 ) قال : حدثنا أبو نمير حدثنا
أبو اليمان قال : حدثنا إسماعيل بن أبي خالد قال : سمعت # عمرو بن حريث #يقول
: فذكره . قلت : و هذا إسناد رجاله ثقات غير أبي نمير هذا فلم أعرفه , و ليس في
الرواة من يكنى بهذه الكنية سوى واحد فوق هذه الطبقة , و لم يذكر الحافظ الذهبي
سواه في " كناه " . و في الإسناد إشكال ثان , و هو أن أبا اليمان - و اسمه
الحكم بن نافع البهراني - و هو من شيوخ المؤلف هنا , و في " الصحيح " , روى عنه
مباشرة هنا نحو خمسة عشر حديثا , و لم يذكروا أنه يروي عنه بالواسطة , و بخاصة
لأبي نمير هذا المجهول . و ثمة إشكال ثالث , و هو تصريح أبي اليمان بتحديث
إسماعيل بن أبي خالد إياه , فإن هذا مستبعد جدا بالنظر إلى تاريخ الولادة و
الوفاة , فقد ذكروا في ترجمة أبي اليمان أنه ولد سنة ( 138 ) , و في ترجمة
إسماعيل أنه مات سنة ( 146 ) , فيكون عمر أبي اليمان ( 8 ) سنوات حين وفاة
إسماعيل , و لذلك لم يذكروا له رواية عنه . و لعله لما ذكرت من الإشكال ذهب
الشيخ الجيلاني في شرحه على " الأدب " , إلى أن الصواب في اسم شيخ المؤلف : "
ابن نمير " , ثم قال ( 2 / 89 ) : " لعله انقلب السند , و الصحيح : حدثنا أبو
اليمان حدثنا ابن نمير , أي : عبد الله بن نمير , و كان في المطبوعة : حدثنا
أبو نمير " . فأقول : هذا احتمال قوي , فقد ذكروا لابن نمير هذا رواية عن
إسماعيل بن أبي خالد , و وجدت تصريحه بتحديث إسماعيل إياه في " سنن ابن ماجه "
( رقم 817 ) بحديث القراءة في صلاة الفجر , لكنه أدخل بينه و بين عمرو بن حريث
( أصبغ مولى عمرو بن حريث ) , فإذا صح هذا الاحتمال , فالإسناد صحيح لتصريح
إسماعيل فيه بسماعه إياه من عمرو بن حريث . و إن مما يؤكد ذلك أنني وجدت تصريح
إسماعيل بالسماع في هذا الحديث نفسه من طريق أخرى عنه , فقال أبو يعلى في "
مسنده " ( 3 / 41 / 1456 ) : حدثنا محمد بن عبد الله ابن نمير : حدثنا يحيى بن
يمان حدثنا إسماعيل قال : سمعت عمرو بن حريث به . قلت : و هذا إسناد لا بأس به
في المتابعات و الشواهد , رجاله ثقات رجال الشيخين غير يحيى هذا , و هو صدوق
يخطىء كثيرا , و كان تغير كما في " التقريب " , و أما قول المعلق على " مسند
أبي يعلى " : " و قد صحح مسلم حديثه في الزهد رقم ( 2972 ) " . ففيه تدليس لعله
غير مقصود , لأن مسلما لم يحتج به و إنما قرنه بـ " عبدة بن سليمان " و هو
الكلابي ثقة ثبت , فتصحيح مسلم لحديثه , و ليس لحديث يحيى كما زعم , فكان الحق
أن يقال روى له مقرونا . و من الغريب أن فؤاد عبد الباقي قد لفت نظر القراء في
الحاشية إلى هذا المعنى , و مع ذلك لم يتنبه له المعلق المشار إليه , أو أنه لم
يأخذ به , لأنه رأى المترجمين له قد رمزوا له بأنه من رجال مسلم كالحافظ في
كتابيه , و كأبي نصر الكلاباذي في " الجمع بين رجال الصحيحين " أطلقوا و لم
يقيدوا بأنه مقرون عنده , و لكن هذا إن صح , فما كان ينبغي للمومى إليه أن يقول
ما قال , لأن ذلك لا يصدق على الحديث الذي أشار إليه , لما ذكرت أنه مقرون , و
الكلاباذي قد أشار إليه أيضا و لم يزد ! فتنبه , فإنه من خفايا هذا العلم
الشريف . و مع الضعف المشار إليه , فقد خالفه في إسناده محمد بن يزيد - و هو
الواسطي الثقة - فقال : عن إسماعيل بن أبي خالد عن مولى عمرو بن حريث عن عمرو
بن حريث .. فذكر حديث القراءة المشار إليه آنفا , و زاد عقبه : " و قال : ذهبت
بي أمي أو أبي إليه , فدعا لي بالرزق " . أخرجه أبو يعلى ( 1469 ) . قلت : فزاد
الواسطي في الإسناد مولى عمرو بن حريث , فزيادته مقبولة لثقته و حفظه . و
الظاهر أن هذا المولى هو ( أصبغ ) المذكور في إسناد حديث ابن ماجه المتقدم , و
هو ثقة , إلا أنه كان تغير كما في " التقريب " , و يحتمل عندي أن يكون هو
الوليد بن سريع , فإنه مولى عمرو بن حريث أيضا , و شارك ( أصبغ ) في رواية حديث
القراءة عن مولاه عمرو عند مسلم و غيره كأبي يعلى ( 1457 ) و هو مخرج في "
الإرواء " ( 2 / 63 ) , فيحتمل عندي أيضا أن يكون هو ( أصبغ ) نفسه , و يكون
هذا لقبا له . و الله سبحانه و تعالى أعلم . و حديث عمرو هذا أورده الهيثمي في
" المجمع " ( 9 / 405 ) بروايتيه , أعني عن أصبغ و عن الوليد , و قال : "
رواهما أبو يعلى و الطبراني بأسانيد , و رجال أبي يعلى و بعض أسانيد الطبراني
رجال الصحيح " . ثم وجدت للحديث طريقا أخرى عن عمرو بن حريث يزداد بها قوة ,
فقال البخاري في " التاريخ الكبير " ( 1 / 2 / 190 ) : قال أبو نعيم : حدثنا
فطر عن أبيه : سمع عمرو ابن حريث قال : انطلق بي أبي إلى النبي صلى الله عليه
وسلم , و أنا غلام , فدعا لي بالبركة , و مسح على رأسي . و هذا إسناد حسن في
الشواهد و المتابعات , رجاله رجال البخاري غير والد فطر , و هو خليفة مولى عمرو
بن حريث , أورده ابن حبان في " الثقات " ( 4 / 209 ) برواية أبيه هذه , و قال
ابن القطان : " مجهول الحال " . و قال الحافظ في " التقريب " : " لين الحديث "
. أي عند التفرد , و إلا فهو مقبول الحديث عند المتابعة كما هنا . و لعله لذلك
جزم ابن عبد البر بالحديث , فقال في ترجمة عمرو بن حريث من " الاستيعاب " : "
رأى النبي صلى الله عليه وسلم و سمع منه , و مسح برأسه و دعا له بالبركة , و خط
له بالمدينة دارا بقوس " . و ذكر هذا بتمامه الذهبي في " السير " ( 3 / 418 -
419 ) من طريق فطر بن خليفة عن أبيه , دون أن يعزوه لأحد . أما المعلق عليه
فعزاه لأبي داود برقم ( 3060 ) ! و هذا العزو خطأ , لأنه يوهم القراء أن الحديث
بتمامه عند أبي داود , و ليس كذلك , و إنما عنده و بالرقم الذي أشار إليه جملة
الدار منه , و للضعف الذي في خليفة و لعدم وجود المتابع له أو الشاهد لهذه
الجملة , أوردتها في " ضعيف أبي داود " برقم ( 545 ) . و الله الموفق لا رب
غيره , و لا معبود بحق سواه .
2944 " كان من دعائه صلى الله عليه وسلم : اللهم اغفر لي ما قدمت و ما أخرت , و ما
أسررت و ما أعلنت , و ما أنت أعلم به مني , إنك أنت المقدم و المؤخر , لا إله
إلا أنت " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1071 :
أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " ( 174 / 673 ) و أحمد ( 2 / 291 و 514 و 526
) من طرق عن عبد الرحمن المسعودي عن علقمة بن مرثد عن أبي الربيع عن # أبي
هريرة # قال : فذكره . قلت : و هذا إسناد جيد رجاله كلهم ثقات معروفون , و أبو
الربيع هو المدني , روى عنه أيضا سماك بن حرب و يزيد بن أبي زياد , و قال أبو
حاتم : " صالح الحديث " . و ذكره ابن حبان في " الثقات " ( 5 / 582 ) , و حسن
له الترمذي , و قال الذهبي : " صدوق " . و أما اقتصار الحافظ فيه على قوله : "
مقبول " . فهو غير مقبول . و الحق في أمثاله ما قاله الذهبي : " صدوق " , و
كثيرا ما أرى الحافظ يوافقه . و الله الهادي . و أما المسعودي فهو و إن كان قد
اختلط , فهو صحيح الحديث إذا حدث قبل الاختلاط , و طريق معرفة ذلك النظر في
الراوي عنه , فإذا كان بصريا أو كوفيا , كان صحيحا حديثه لأنهم حدثوا عنه قبل
الاختلاط , و منهم خالد بن الحارث كما في كتاب " ابن الكيال " مع كون خالد هذا
ثقة ثبتا , و هو بصري . و للحديث شواهد كثيرة أقربها إليه حديث أبي موسى
الأشعري عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يدعو بهذا الدعاء : " اللهم اغفر لي
خطيئتي و جهلي .. " الحديث بطوله , و فيه هذا , و زاد في آخره : " و أنت على كل
شيء قدير " . أخرجه البخاري ( 6398 و 6399 ) و مسلم ( 8 / 81 ) و البخاري في "
الأدب المفرد " أيضا ( 177 / 688 ) و الزيادة في " المستدرك " ( 1 / 511 ) من
طريق أخرى عنه نحوه . و صححه على شرطهما , و وافقه الذهبي ,و من شواهده حديث
علي الطويل في دعاء الاستفتاح , و في آخره : " ثم يكون من آخر ما يقول بين
التشهد و التسليم .. " فذكره بتمامه . و هو مخرج في " صحيح أبي داود " ( 738 )
برواية مسلم و غيره . و له شاهد آخر عن ابن عباس فيما كان رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقول إذا قام إلى الصلاة من جوف الليل , فذكره في آخره , و لكن ليس
فيه : " و ما أنت أعلم به مني " . اللهم إلا في رواية للبخاري برقم ( 7442 ) و
كذا ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 10 / 259 - 260 ) .
2945 " لا تصم يوم الجمعة إلا في أيام هو أحدها , و أما أن لا تكلم أحدا , فلعمري
لأن تكلم بمعروف , و تنهى عن منكر خير من أن تسكت " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1073 :
أخرجه أحمد ( 5 / 224 - 225 ) و الطبراني في " المعجم الكبير " ( 2 / 31 / 1232
) و البيهقي في " السنن " ( 10 / 75 - 76 ) من طرق عن عبيد الله بن إياد بن
لقيط قال : سمعت ليلى - امرأة بشير - قالت : أخبرني # بشير # أنه سأل رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال : أصوم يوم الجمعة , و لا أكلم ذلك اليوم أحدا ? قال :
فذكره . و من هذا الوجه أخرجه البيهقي في " الشعب " أيضا ( 6 / 92 / 7578 ) و
ابن عساكر في " تاريخ دمشق " ( 3 / 382 ) . قلت : و هذا إسناد صحيح , و رجاله
ثقات , و ليلى هذه صحابية على الراجح . و بشير هو ابن الخصاصية , و في مسنده
أورده الإمام أحمد . ثم روى هو و الطبراني ( 1230 ) , و كذا البخاري في " الأدب
" ( 830 ) بالسند نفسه عنه قال : " و كان قد أتى النبي صلى الله عليه وسلم ,
قال : اسمه " زحم " , فسماه النبي صلى الله عليه وسلم : بشيرا " . و لهذا طريق
آخر مخرج في " الجنائز " ( 136 - 137 ) و " الإرواء " ( رقم 760 ) . و الشطر
الأول من الحديث عزاه الحافظ في " الفتح " ( 4 / 234 ) لأحمد , و سكت عنه مشيرا
إلى تقويته إياه . و له شواهد تقدم بعضها برقم ( 980 و 981 و 1014 ) و هو صريح
الدلالة أنه لا يجوز صيامه وحده و لو صادف يوم فضيلة كعاشوراء و عرفة خلافا
للحافظ , و قد بسطت القول في ذلك فيما تقدم , و انظر الحديث ( 2398 ) .
2946 " لا تجمعوا بين اسمي و كنيتي , [ أنا أبو القاسم , و الله يعطي , و أنا أقسم ]
" .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1074 :
أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " و الترمذي ( 2843 ) و ابن حبان ( 5784 -
الإحسان ) و أحمد ( 2 / 433 ) و ابن سعد في " الطبقات " ( 1 / 106 و 107 ) و
الدولابي في " الكنى " ( 1 / 5 ) و أبو نعيم في " الحلية " ( 7 / 91 ) و
البيهقي في " الدلائل " ( 1 / 163 ) كلهم من طريق ابن عجلان عن أبيه عن # أبي
هريرة # مرفوعا . و الزيادة للبخاري , و ابن حبان في رواية ( 5787 ) و أحمد و
البيهقي , و كذا ابن حبان في رواية ( 5785 ) و الترمذي , لكن مختصرا بلفظ : " و
يسمي : محمدا أبا القاسم " . و قال : " حديث حسن صحيح " . قلت : و هو كما قال ,
فإن إسناده حسن , و له شاهد من حديث سفيان عن عبد الكريم الجزري عن عبد الرحمن
بن أبي عمرة عن عمه مرفوعا به . دون الزيادة . أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف
" ( 8 / 672 / 5979 ) و أحمد ( 3 / 450 و 5 / 363 - 364 ) و ابن سعد أيضا ,لكن
سقط منه أو من أحد رواته قوله : " عن عمه " , فصار مرسلا ! و إسنادهم صحيح .
فهو شاهد قوي للحديث . و هو بمعنى اللفظ الآخر عن أبي هريرة : " تسموا ( أو
سموا ) باسمي , و لا تكنوا بكنيتي " . أخرجه البخاري ( 6188 ) و في " الأدب
المفرد " ( 836 ) و مسلم ( 6 / 171 ) و أبو داود ( 4965 ) و ابن ماجه ( 3735 )
و ابن حبان ( 5782 ) و أحمد ( 2 / 457 و 461 ) و البيهقي ( 9 / 308 ) و في "
الدلائل " ( 1 / 162 ) من طرق عنه و أخرجه الشيخان و غيرهما من حديث سالم بن
أبي الجعد عن جابر بن عبد الله مرفوعا به . و خالفه أبو الزبير فقال : عن جابر
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من تسمى باسمي فلا يكتني بكنيتي , و من
تكنى بكنيتي فلا يتسمى باسمي " . أخرجه أبو داود ( 4966 ) و الترمذي ( 2845 ) و
ابن حبان ( 5786 ) و البيهقي ( 9 / 309 ) و في " الشعب " ( 6 / 393 / 8634 ) و
أحمد ( 3 / 313 ) و اللفظ لهما و لأبي داود , و لفظ ابن حبان : " إذا كنيتم فلا
تسموا بي , و إذا سميتم بي فلا تكنوا بي " . و كذا لفظ الترمذي إلا أنه لم يسق
الشطر الأول منه , و كأنه فعل ذلك عمدا لمخالفته الطرق الصحيحة عن أبي هريرة
كما تقدم , و قال عقبه : " حديث حسن غريب من هذا الوجه " . و لعله لم يصححه
لعنعنة أبي الزبير , فإنه كان مدلسا , و لذلك فلم يصب البيهقي في قوله عقبه في
" الشعب " : " هذا إسناد صحيح " ! و كذلك أخطأ المعلق على " الإحسان " ( 13 /
133 - المؤسسة ) في قوله : " حديث صحيح على شرط مسلم " . فإنه تجاهل تفريق
الحفاظ النقاد بين ما أخرجه مسلم من طريق الليث عن أبي الزبير عن جابر , فهو
صحيح لأنه لم يرو عنه إلا ما صرح بسماعه من جابر , و بين ما رواه عنه غيره
بالعنعنة . كما أنه تجاهل أو أنه لم يتنبه لكونه زاد على سالم بن أبي الجعد و
غيره أيضا تلك الزيادة المخالفة للأحاديث الصحيحة : " .. و إذا سميتم فلا تكنوا
بكنيتي " . و على إنكارها يفسر حديث الترجمة الناهي عن الجمع بين الاسم و
الكنية , و يؤيد ذلك تلك الزيادة الصحيحة : " أنا أبو القاسم .. " , فإنها تشعر
باختصاصه صلى الله عليه وسلم بهذه الكنية مطلقا كما هو ظاهر . هذا , و قد أصاب
حديث أبي هريرة من بعض رواته المعروفين بسوء الحفظ ما أصاب حديث جابر من
الزيادة المنكرة , فقال شريك عن سلم بن عبد الرحمن النخعي عن أبي زرعة عن أبي
هريرة مرفوعا بلفظ أبي الزبير عن جابر . أخرجه أحمد ( 2 / 312 و 454 - 455 و
457 و 461 ) . و شريك هو ابن عبد الله النخعي القاضي صدوق يخطىء كثيرا , و قد
خالفه شعبة فرواه عن عبد الله بن يزيد النخعي قال : سمعت أبا زرعة يحدث عن أبي
هريرة به مختصرا بلفظ : " تسموا باسمي و لا تكنوا بكنيتي " . أخرجه أحمد ( 2 /
457 و 461 ) . و هو لفظ الجماعة عن أبي هريرة كما تقدم , و هو المحفوظ عنه في
هذا الحديث و عن جابر و غيره . و قد أشار إلى هذا البيهقي بقوله عقب حديث أبي
الزبير عن جابر المتقدم , قال في " السنن " : " و روي ذلك أيضا من وجه آخر عن
أبي هريرة رضي الله عنه , و اختلف عليه فيها , و أحاديث النهي على الإطلاق أكثر
و أصح " . و إن مما يؤكد خطأ رواية شريك عن .. أبي هريرة , و رواية أبي الزبير
عن جابر سبب ورود الحديث , من رواية محمد بن المنكدر عنه . فقال ابن أبي شيبة (
8 / 672 / 5980 ) و أحمد ( 3 / 307 ) و الحميدي ( 1232 ) , قالوا : حدثنا سفيان
عن ابن المنكدر سمع جابر بن عبد الله يقول : ولد لرجل منا غلام , فأسماه القاسم
, فقلنا : لا نكنيك أبا القاسم , و لا ننعمك عينا , فأتى النبي صلى الله عليه
وسلم فذكر ذلك له , فقال : " أسم ابنك عبد الرحمن " . و إسناده ثلاثي صحيح على
شرط الشيخين , و قد أخرجاه البخاري ( 6186 و 6189 ) و مسلم ( 6 / 171 ) و
غيرهما من طرق عن سفيان بن عيينة به . و تابعه سالم بن أبي الجعد عن جابر به ,
إلا أنه قال : " تسموا باسمي و لا تكنوا بكنيتي " . أخرجه البخاري ( 3114 و
6187 ) و " الأدب المفرد " ( 842 ) . و زاد : " أحسنت الأنصار , تسموا .. "
الحديث . و هي عند مسلم أيضا ( 6 / 170 - 171 ) إلا أنه قال : " فسماه محمدا ,
فقلنا : لا نكنيك برسول الله صلى الله عليه وسلم .. " . و رواية البخاري أرجح
عندي لموافقتها لرواية ابن المنكدر المتفق عليها أولا , و لأنه لو كان سماه
محمدا لم يأمره صلى الله عليه وسلم بأن يسميه عبد الرحمن كما هو ظاهر و المقصود
أن حديث جابر هذا صريح الدلالة في أنه صلى الله عليه وسلم لم يرض للأنصاري أن
يكتني بكنيته صلى الله عليه وسلم , و استحسن إنكار الأنصار عليه , فبطل ما
أفاده حديث أبي الزبير و شريك من جواز الاكتناء بكنيته صلى الله عليه وسلم
وحدها غير مقرون باسمه . و قد وقفت على حديث آخر , لكن في إسناده نظر أسوقه
لبيان حاله , فقال يعقوب بن محمد الزهري : حدثنا إدريس بن محمد بن يونس بن محمد
بن أنس بن فضالة الأنصاري ثم الظفري قال : حدثني جدي عن أبيه قال : قدم النبي
صلى الله عليه وسلم المدينة و أنا ابن أسبوعين , فأتي بي إليه , فمسح على رأسي
و قال : " سموه باسمي و لا تكنوه بكنيتي " . قال : و حج بي معه حجة الوداع , و
أنا ابن عشر سنين و لي ذؤابة . قال يونس بن محمد : فلقد عمر أبي حتى شاب رأسه
كله و ما شاب موضع يد رسول الله صلى الله عليه وسلم من رأسه . أخرجه البخاري في
" التاريخ " ( 1 / 16 ) و الدولابي في " الكنى " ( 1 / 5 ) و الطبراني في "
المعجم الكبير " ( 19 / 244 / 547 ) . قلت : و هذا إسناد ضعيف , يعقوب هذا قال
الحافظ : " صدوق كثير الوهم و الرواية عن الضعفاء " . و شيخه إدريس بن محمد
ذكره ابن أبي حاتم في " الجرح " بهذه الرواية , و برواية ابن أبي فديك عنه . و
أما ابن حبان فذكره في " ثقاته " ( 8 / 132 ) بهذه الرواية فقط ! و أما جده
يونس بن محمد , فذكره في " الجرح " بهذه الرواية فقط , أي برواية حفيده إدريس
بن محمد . و كذلك البخاري في " التاريخ " , و تبعهما ابن حبان في " الثقات " (
5 / 555 ) ذكره في التابعين هكذا : " يونس بن محمد بن فضالة الظفري الأنصاري "
. و هكذا هو في " الجرح " , لكنه زاد في النسب فقال : " .. فضالة بن أنس الظفري
" و هذا على القلب مما في إسناد الحديث - و سياقه للدولابي - فإنه فيه " يونس
بن محمد بن أنس بن فضالة الأنصاري " كما تقدم . و لعل هذا هو الصواب , فإنه
المثبت في " الإصابة " . و إن من غرائب ابن حبان أنه ذكره قبل الترجمة السابقة
بترجمة على الصواب , لكنه لم يذكر : " ابن فضالة " , و قال : " و عنه فضيل بن
سليمان " <1> . و كذلك ذكره البخاري في " التاريخ " ( 4 / 2 / 410 ) لكنه لم
يذكر له راويا غير إدريس بن محمد كما تقدم , و هو الصواب . ثم زاد ابن حبان
إغرابا فذكره في " أتباع التابعين " أيضا ! فقال ( 7 / 647 ) : " يونس بن محمد
بن فضالة بن أنس الظفري أبو محمد المدني . روى عن جماعة من التابعين . و عنه
أهل المدينة . مات سنة ست <2> و خمسين و مائة , و هو ابن خمس و ثمانين سنة " .
فهذا خلاف كل ما تقدم , فإنه سمى جد يونس الأعلى ( أنسا ) , و هو جده الأدنى
عكس ما في " الإصابة " ! و هذا الاختلاف في نسب يونس هذا إنما يدل على أنه غير
مشهور , و مع ذلك مشى ابن حبان على ما وقع له من الاختلاف و جعلها ثلاث تراجم و
هي لراو واحد ! و كذلك ذكرها الهيثمي في " ترتيب الثقات " على نسق واحد . و
الله أعلم . و جملة القول أن إسناد هذا الحديث ضعيف لجهالة بعض رواته , و أما
الهيثمي فقال في " مجمع الزوائد " : " رواه الطبراني , و فيه يعقوب بن محمد
الزهري , وثقه ابن حبان و غيره , و ضعفه جماعة , و بقية رجاله ثقات " ! و مثله
ما رواه محمد بن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه
عن جده قال : كنت أتكنى بأبي القاسم , فجئت أخوالي من بني ساعدة , فسمعوني و
أنا أتكنى بها , فنهوني و قالوا : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من
تسمى باسمي فلا يتكن بكنيتي " . فحولت كنيتي , فتكنيت بأبي عبد الملك . أخرجه
الدولابي بإسناد رجاله كلهم ثقات معروفون من رجال " التهذيب " , فهو حسن لولا
عنعنة ابن إسحاق . بعد هذا التخريج و التحقيق , و تمييز الصحيح من الضعيف من
أحاديث الباب , يحق لي أن أنتقل إلى الثمرة المقصودة من ذلك و هي الناحية
الفقهية فأقول : لقد اختلف العلماء في مسألة التكني بأبي القاسم على مذاهب
ثلاثة , حكاها الحافظ في " الفتح " , و استدل لها , و ناقشها , و بين ما لها و
ما عليها , و لست أشك بعد ذلك أن الصواب إنما هو المنع مطلقا , و سواء كان اسمه
محمدا أم لا , لسلامة الأحاديث الصحيحة الصريحة في النهي عن المعارض الناهض كما
تقدم , و هو الثابت عن الإمام الشافعي رحمه الله , فقد روى البيهقي ( 9 / 309 )
بالسند الصحيح عنه أنه قال : " لا يحل لأحد أن يكتني بأبي القاسم كان اسمه
محمدا أو غيره " . قال البيهقي : " و روينا معنى هذا عن طاووس اليماني رحمه
الله " . و يؤكد ما تقدم حديث علي رضي الله عنه أنه قال : يا رسول الله ! أرأيت
إن ولد لي بعدك , أسميه محمدا و أكنيه بكنيتك ? قال : " نعم " . قال : فكانت
رخصة لي . أخرجه الترمذي ( 2846 ) و قال : " حديث صحيح " . و قواه الحافظ في "
الفتح " ( 10 / 573 ) و هو مخرج في " المشكاة " ( 4772 / التحقيق الثاني ) .
-----------------------------------------------------------
[1] قد خرجت رواية فضيل هذا عن يونس في " الضعيفة " ( 6356 ) .
[2] الأصل " خمس " , و أفاد محققه أن النسخ مختلفة , و أن في بعضها ما أثبت
أعلاه , و لما كان هو المطابق لكتاب " ترتيب الثقات " رجحته . اهـ .
2947 " من بنى بناء فليدعمه حائط جاره . و في لفظ : من سأله جاره أن يدعم على حائطه
فليدعه " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1082 :
أخرجه ابن ماجه ( 2337 ) و ابن جرير الطبري في " تهذيب الآثار " ( 2 / 1 / 772
- 774 و 777 ) و الطحاوي في " مشكل الآثار " ( 3 / 150 ) و البيهقي ( 6 / 69 )
و أحمد ( 1 / 235 و 255 و 303 و 317 ) و الطبراني ( 11 / 11736 ) من طرق عن
عكرمة عن # ابن عباس # مرفوعا بألفاظ متقاربة , و اللفظان لأحمد , و لابن جرير
و الطبراني الثاني , و له شاهد من حديث أبي هريرة , رواه مسلم و غيره , و هو
مخرج في " الإرواء " ( 5 / 255 ) و أصله متفق عليه , و نحوه لفظ ابن ماجه , و
رواية لأحمد بلفظ : " لا يمنع أحدكم جاؤه أن يغرز خشبة على جداره " . و لفظ
أحمد : " .. أخاه مرفقه أن يضعه على جداره " . و إسنادهما صحيح . و من هذا
الوجه أخرجه الطبراني ( 11502 ) و قال الهيثمي ( 4 / 160 ) : " رواه الطبراني
في " الكبير " , و فيه ابن لهيعة , و حديثه حسن , و بقية رجاله رجال الصحيح " .
و خفي عليه أنه ليس من شرط " زوائده " لأنه عند ابن ماجه كما تقدم , كما أنه
قصر في عدم عزوه إياه لأحمد . و كذلك وهم البوصيري في " زوائده " حيث قال : "
في إسناده ابن لهيعة , و هو ضعيف " . فلم يتنبه أنه عند ابن ماجه من رواية عبد
الله بن وهب عن ابن لهيعة , و حديث ابن وهب عنه صحيح كما تقدم التنبيه عليه
مرارا , و تابعه قتيبة بن سعيد عنه , و هو صحيح الحديث أيضا عنه , كما كنت
نقلته عن الذهبي . و قال ابن جرير بعد ما رواه من طرق عن سماك بن حرب عن عكرمة
عن ابن عباس : " و هذا خبر عندنا صحيح سنده , و قد يجب أن يكون على مذهب
الآخرين سقيما غير صحيح , لعلل .. " . ثم ذكرها . و هي مما لا قيمة لها إلا
الأخيرة منها , و هي أن بعض الثقات خالفوا سماكا فرووه عن عكرمة عن أبي هريرة ,
و هذا لا يقدح في رواية تلك الطرق المشار إليها في أول التخريج عن عكرمة ,
لاحتمال أن يكون هذا رواه عن كل من ابن عباس و أبي هريرة , فالحديث صحيح عنهما
كليهما , و هو عن أبي هريرة أصح لاتفاق الشيخين عليه كما تقدم . هذا , و قد
اختلف العلماء في الأمر المذكور في الحديث هل هو للوجوب أو الندب , و قد أطال
الكلام فيه كثير من العلماء كأبي جعفر الطحاوي و ابن جرير الطبري و ابن حجر
العسقلاني و غيرهم , و ذهب إلى الوجوب الإمام أحمد و غيره , و مذهب الجمهور
الاستحباب و إلى هذا مال الطبري في أول بحثه , و أطال النفس و المناقشة فيه . و
لكنه انتهى في آخره إلى أنه ليس للجار أن يمنع جاره من الوضع , قال ( ص 796 -
797 ) : " فهو بتقدمه على ما نهاه عنه عليه السلام من ذلك لله عاص , و لنهي
نبيه صلى الله عليه وسلم مخالف , من غير أن يكون ذلك لجاره الممنوع منه حقا
يلزم الحكام الحكم به على المانع , أحب المانع ذلك أو سخط " . فأقول : و هذا
الذي انتهى إليه الإمام الطبري هو الصواب إن شاء الله تعالى , إلا ما ذكره في
الحكام , فأرى أن يترك ذلك للقضاء الشرعي يحكم بما يناسب الحال و الزمان , فقد
وصل الحال ببعض الناس إلى وضع لا يطاق من الأنانية و الاستبداد و منع الارتفاق
, بسبب القوانين الوضعية القائمة على المصالح المادية دون المبادىء الخلقية ,
فقد حدثني ثقة أنه لما استعد لبناء داره في أرضه رمى مواد البناء في أرض بوار
بجانبه , فمنعه من ذلك صاحبها , و ساعده القانون على ذلك و لم يتمكن من متابعة
البناء إلا بعد أن دفع لهذا الظالم الجشع من الدنانير ما أسكته , و أسقط الدعوى
التي كان أقامها على الباني ! مع أنه من كبار الأغنياء , و صدق الله : *( كلا
إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى )* , و لا ينفع في مثل هذا الطاغي إلا مثل ما
فعل الأنصار في مثله , و هو ما رواه البيهقي في " سننه " ( 6 / 69 ) من طريق
إسحاق بن إبراهيم الحنظلي بإسناده الصحيح إلى يحيى بن جعدة - و هو تابعي ثقة -
قال : أراد رجل بالمدينة أن يضع خشبة على جدار صاحبه بغير إذنه فمنعه , فإذا من
شئت من الأنصار يحدثون عن رسول الله أنه نهاه أن يمنعه , فجبر على ذلك . و في
الطريق إلى إسحاق - و هو ابن راهويه - شيخ البيهقي أبو عبد الرحمن السلمي , و
فيه كلام كثير , فإن كان قد توبع فالأثر صحيح , و هو الظاهر من صنيع الحافظ ,
فقد عزاه في " الفتح " ( 5 / 111 ) لإسحاق في " مسنده " , و البيهقي , و سكت
عنه . فإن " مسند إسحاق " الذي طبع حديثا بعض مجلداته ليس من رواية السلمي هذا
. و الله أعلم .
2948 " يا فاطمة ! ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين , أو سيدة نساء هذه الأمة
" .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1085 :
أخرجه البخاري ( 6286 ) و مسلم ( 7 / 142 - 144 ) و النسائي في " الكبرى " ( 5
/ 96 ) و ابن ماجه ( 1621 ) و الطحاوي في " مشكل الآثار " ( 48 - 49 ) و ابن
سعد ( 8 / 26 - 27 ) و أحمد ( 6 / 282 ) من طرق عن فراس عن عامر عن مسروق :
حدثتني # عائشة # أم المؤمنين قالت : إنا كنا أزواج النبي صلى الله عليه وسلم
عنده جميعا لم تغادر منا واحدة , فأقبلت فاطمة عليها السلام تمشي , و لا والله
ما تخفى مشيتها مشية رسول الله صلى الله عليه وسلم , فلما رآها رحب بها , قال :
" مرحبا بابنتي " . ثم أجلسها عن يمينه , أو عن شماله , ثم سارها , فبكت بكاء
شديدا , فلما رأى حزنها سارها الثانية , فإذا هي تضحك , فقلت لها - أنا من بين
نسائه - : خصك رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسر من بيننا ثم أنت تبكين !
فلما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم سألتها : عما سارك ? قالت : ما كنت
لأفشي على رسول الله صلى الله عليه وسلم سره . فلما توفي قلت لها : عزمت عليك -
بما لي عليك من الحق - لما أخبرتني . قالت : أما الآن فنعم , فأخبرتني , قالت :
أما حين سارني في الأمر الأول , فإنه أخبرني أن جبريل كان يعارضه بالقرآن كل
سنة مرة , و إنه قد عارضني به العام مرتين , و لا أرى الأجل إلا قد اقترب ,
فاتقي الله و اصبري , فإني نعم السلف أنا لك . قلت : فبكيت بكائي الذي رأيت ,
فلما رأى جزعي سارني الثانية قال : ( فذكر الحديث ) [ فضحكت ضحكي الذي رأيت ] .
و السياق للبخاري , و الزيادة لمسلم , و لمن دونه نحوه . و زاد مسلم في رواية
بعد قولها : " فإذا هي تضحك " : " فقلت : ما رأيت كاليوم فرحا أقرب من حزن " .
و هو رواية للبخاري ( 3623 ) و في " الأدب المفرد " ( 1030 ) بعضه . ثم أخرجه
هو , و مسلم , و ابن حبان ( 6915 ) و النسائي و غيرهم من طرق أخرى مختصرا ليس
فيها ذكر للكلمتين و لا لفضل فاطمة , إلا في رواية للنسائي , و ابن حبان ( 6913
) من طريق محمد بن عمرو عن أبي سلمة عنها مختصرا و في آخره : " فأخبرني أني أول
أهله لحوقا به , و أني سيدة نساء أهل الجنة إلا مريم بنت عمران , فضحكت " . و
إسناده حسن , و لهذه الزيادة شاهد من حديث أبي سعيد الخدري تقدم تخريجه برقم (
796 ) . و لكلمة " السلف " من قوله صلى الله عليه وسلم شاهد من رواية ابن إسحاق
عن عبد الله بن رافع عن أم سلمة قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على
هذا المنبر يقول : " إني لكم سلف على الكوثر " . و رجاله ثقات , إلا أن ابن
إسحاق مدلس و قد عنعنه , و مع هذا فقد خالفه القاسم ابن عباس الهاشمي عن عبد
الله بن رافع به , فقال : " فرط " مكان " سلف " . أخرجه مسلم ( 7 / 67 ) و
للحديث عنده تتمة . أخرجه هو و غيره من حديث أبي هريرة بتمامه و بأتم منه فيه
السلام على قبور المؤمنين , و هو مخرج في " الإرواء " ( 776 ) و " أحكام
الجنائز " ( 190 ) . ثم رأيت حديث ابن إسحاق في " معجم الطبراني الكبير " ( 23
/ 413 / 996 ) بلفظ : " إني سابقكم على الكوثر , فبينما أنا عليه .. " الحديث .
أخرجه من طريق ابن أبي شيبة بهذا اللفظ , فلا أدري إذا كان محفوظا هو و الذي
قبله عن ابن أبي شيبة , أو أحدهما خطأ عليه , كما يبدو أن كلمة " السلف " في
حديث ابن إسحاق - إن كانت هي المحفوظة في رواية ابن أبي شيبة - فليست محفوظة في
رواية شيخ ابن إسحاق عبد الله بن رافع , لمخالفة القاسم بن عباس إياه كما تقدم
, و قد أخرجها الطبراني أيضا ( رقم 661 ) . و إن مما يؤيد هذه المخالفة , و
يؤكد شذوذ لفظ ابن إسحاق أن الحديث جاء عن جمع من الصحابة بلفظ : " أنا فرطكم
على الحوض " . و قد أخرج ابن أبي عاصم في " السنة " روايات الكثيرين منهم
بأسانيد كثيرة خرجتها في " ظلال الجنة " ( 2 / 242 - 246 ) .
2949 " لا شيء في الهام , و العين حق , و أصدق الطير الفأل " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 1088 :
أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " ( 914 ) و " التاريخ " ( 2 / 1 / 107 - 108
) و الترمذي ( 2 / 6 ) و أحمد ( 4 / 67 و 5 / 70 و 379 ) و ابن سعد ( 7 / 66 )
و أبو يعلى في " مسنده " ( 582 ) و في " المفاريد " ( 2 / 13 / 2 ) و الطبراني
( 1 / 175 / 2 ) من طرق عن يحيى بن أبي كثير : حدثني حية بن #حابس التميمي # :
حدثني أبي مرفوعا . و قال الترمذي : " حديث غريب . و روى شيبان عن يحيى بن أبي
كثير عن حية بن حابس عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم . و علي
بن المبارك و حرب بن شداد لا يذكران فيه : عن أبي هريرة " . قلت : و إنما
استغربه الترمذي لأن حية بن حابس غير مشهور بالعدالة , بل لم يرو عنه غير يحيى
بن أبي كثير كما في " الميزان " . و في " التقريب " : " مقبول " . يعني عند
المتابعة , و إلا فلين الحديث . ثم قال : " و وهم من زعم أن له صحبة " . لكن
لغالب الحديث شاهد , يرويه أبو معشر عن محمد بن قيس عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ :
" أصدق الطيرة الفأل , و العين حق " . أخرجه أحمد ( 2 / 289 ) . و إسناده حسن
في الشواهد , أبو معشر اسمه نجيح بن عبد الرحمن السندي , و هو ضعيف من قبل حفظه
. و الشطر الأول منه رواه عبد الرزاق ( 10 / 406 ) عن الأعمش مرفوعا . و رجاله
ثقات إلا أنه معضل . و جملة " العين حق " متفق عليها من حديث أبي هريرة , و قد
سبق تخريجها ( 1248 ) و صحت من حديث ابن عباس أيضا , و قد مضى ( 1250 و 1251 )
. ثم وقفت على شاهد للجملة الأولى , و لكنه مما لا يفرح به , لأنه يرويه عفير
بن معدان عن سليم بن عامر عن أبي أمامة مرفوعا بلفظ حديث الترجمة . أخرجه
الطبراني في " المعجم الكبير " ( 8 / 192 / 7686 ) . قلت : و رجاله ثقات غير
عفير بن معدان , فهو متروك , و قد تقدمت له عدة أحاديث موضوعة تدل على حاله ,
فراجع فهارس المجلدات الأربعة المطبوعة . ثم استدركت فقلت : إن قوله : " لا شيء
في الهام " . هو في المعنى مثل قوله صلى الله عليه وسلم : " لا هامة " , و هذا
قد ثبت في جملة من الأحاديث الصحيحة عند الشيخين و غيرهما من حديث أبي هريرة و
غيره , و قد سبق تخريجها بالأرقام التالية ( 780 و 782 و 783 و 785 و 789 ) و
في بعضها بلفظ : " .. و لا هام " . و إذا كان الأمر كذلك , فقد قررت إيراد
الحديث في هذه السلسلة الصحيحة لمجموع هذه الشواهد بعد أن كنت أوردته في " ضعيف
الجامع الصغير " ( 6309 - الطبعة الأولى الشرعية ) . و لذلك حولته إلى " صحيح
الجامع " , كما أوردته في كتابي الجديد من مشروع تقريب السنة بين يدي الأمة : "
صحيح الأدب المفرد " تحت ( 355 - باب الفأل - 411 ) , و أنا على وشك الانتهاء
منه إن شاء الله تعالى . ثم انتهيت منه , و صدر هو و قسيمه " ضعيف الأدب المفرد
" . و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات . و اعلم أن ( هام ) هو جمع ( هامة )
, قال ابن الأثير في " النهاية " : " الهامة : الرأس , و اسم طائر , و هو
المراد في الحديث . و ذلك أنهم كانوا يتشاءمون بها , و هي من طير الليل . و قيل
: هي البومة . و قيل : كانت العرب تزعم أن روح القتيل الذي لا يدرك بثأره تصير
هامة , فتقول : اسقوني , فإذا أدرك بثأره طارت .. " . و بهذه المناسبة لابد لي
من التنبيه على خطأين فاحشين وقعا في هذه اللفظة ( هام ) من بعض الناس أحدهم من
أهل العلم , و هو الشيخ فضل الله الجيلاني في شرحه لكتاب " الأدب المفرد "
للإمام البخاري , فقد تحرفت في متنه إلى ( الهوام ) ! و هو في ذلك تبع لنسخة
الطبعة الهندية سنة ( 1306 هـ ) ( ص 131 ) , ثم اشتط الشيخ الجيلاني في الخطأ
حين فسره بقوله ( 2 / 367 ) : " ( الهوام ) جمع هام اسم طير من طير الليل .. "
!! و الصواب : أن ( هام ) هو الجمع , مفرده ( هامة ) كما في " القاموس " و غيره
. و أما ( الهوام ) فهو جمع ( الهامة ) و هي الدابة , و كل ذي سم يقتل سمه كما
في كتب اللغة . و أما الخطأ الآخر , فهو ما صدر من زهير الشاويش صاحب المكتب
الإسلامي , فإنه أعاد طبع كتابي المذكور آنفا " ضعيف الجامع الصغير " طبعة
ثانية دون إذني و علمي , فوقعت له فيه أمور عجيبة , و تصرفات غريبة , و تعليقات
و حواش تنبئ عن اعتداء صارخ على مؤلفه و ادعاء للعلم مهلك , و حسبي الآن مثال
واحد , و هو ما أنا في صدده , فقد وقع الحديث في طبعته هذه المتوجة بإشرافه
كعادته : " لا شيء في البهائم " ! نعم هكذا تحرف عليه لفظ ( الهام ) في الحديث
إلى ( البهائم ) ! و ليس هذا خطأ مطبعيا حتى يغتفر كما زعم بعض الجهلة , لأن
الطابع أعاده على عجره و بجره في تعليق له على طبعته الجديدة أيضا - و دون إذني
أيضا - لكتابي " صحيح الجامع " ( 2 / 1248 ) على هذا الحديث قال : " أوله : لا
شيء في البهائم " .. " ! فهذا إن دل على شيء فهو يدل - كما يقال اليوم - على أن
الرجل يهرف بما لا يعرف , و ينقل الخطأ الذي وقع فيه أولا , ينقله بأمانة ثانيا
! و الله المستعان .
Powered by vBulletin® Version 4.2.0 Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir