مشاهدة النسخة كاملة : السلسلة الصحيحة للالباني
ساجدة لله
2010-10-12, 01:37 AM
351 " اللهم من ظلم أهل المدينة و أخافهم فأخفه , و عليه لعنة الله و الملائكة
و الناس أجمعين , لا يقبل منه صرف و لا عدل " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 620 :
رواه الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 125 / 2 ) : حدثنا روح بن الفرج أبو الزنباع
حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث به سعد عن هشام بن عروة عن موسى بن عقبة عن
عطاء بن يسار عن # عبادة بن الصامت # مرفوعا و قال :
" لم يروه عن موسى إلا هشام تفرد به الليث " .
قلت : و هذا إسناد صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين غير روح بن الفرج و هو ثقة
كما في " التقريب " و قول الهيثمي في " المجمع " ( 3 / 306 ) :
" رواه الطبراني في " الأوسط " " و الكبير " و رجاله رجال الصحيح " ليس صحيحا
على إطلاقه , و تلك عادة له أنه يطلق مثل هذا القول : " و رجاله رجال الصحيح "
و يعني من فوق شيخ الطبراني , فاعلم هذا فإنه مفيد في مواطن النزاع و التحقيق .
ثم رأيت الحديث في " تاريخ ابن عساكر " ( 16 / 241 / 2 ) من طريق عيسى ابن حماد
أنبأنا الليث به .
ساجدة لله
2010-10-12, 01:37 AM
352 " البس جديدا و عش حميدا و مت شهيدا " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 620 :
أخرجه ابن ماجه ( 3558 ) و ابن السني في " عمل اليوم و الليلة " ( 262 )
و أحمد و إسحاق في " مسنديهما " و النسائي في " الكبرى " و الطبراني كلهم عن
عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن # سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه # قال :
" رأى النبي صلى الله عليه وسلم على عمر رضي الله عنه ثوبا أبيض فقال : أجديد
ثوبك هذا أم غسيل ? فقال : بل غسيل , و ( في رواية : جديدا ) فقال : فذكره .
زاد الدبري و يرزقك الله قرة عين في الدنيا و الآخرة , قال : و إياك يا رسول
الله " .
قال الحافظ في " نتائج الأفكار " ( 1 / 27 / 2 ) :
" هذا حديث حسن غريب , و رجال الإسناد رجال الصحيح , لكن أعله النسائي فقال :
هذا حديث منكر أنكره يحيى القطان على عبد الرزاق , قال النسائي : و قد روي أيضا
عنه متصلا يعني الزهري , و روي عنه مرسلا . قال : و ليس هذا من حديث الزهري .
قلت : و جدت له شاهدا مرسلا أخرجه بن أبي شيبة في المصنف عن عبد الله بن إدريس
عن أبي الأشهب عن رجل , فذكر المتن بنحو رواية أحمد , و أبو الأشهب اسمه جعفر
ابن حيان العطاردي و هو من رجال الصحيح , و سمع من كبار التابعين , و هذا يدل
على أن للحديث أصلا , و أقل درجاته أن يوصف بالحسن " .
( تنبيه )
---------
اقتصر النووي في " الأذكار " في عزوه على بن ماجة و ابن السني و هو قصور ظاهر
تعجب منه الحافظ .
ساجدة لله
2010-10-12, 01:38 AM
353 " إياي و التنعم , فإن عباد الله ليسوا بالمتنعمين " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 621 :
أخرجه أحمد ( 5 / 243 , 244 ) و أبو نعيم في " الحلية " ( 5 / 155 ) من طرق عن
بقية بن الوليد عن السري بن ينعم عن مريح بن مسروق عن # معاذ بن جبل # .
" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعث به إلى اليمن قال : " فذكره .
قلت : و هذا إسناد رجاله ثقات كما قال المنذري ( 3 / 125 ) و الهيثمي
( 10 / 250 ) , و سكتا عن عنعنة بقية مع كونه مشهورا بالتدليس ! و لكنه قد صرح
بالتحديث عند أبي نعيم , فزالت شبهة تدليسه و ثبت الحديث بذلك . و الحمد لله .
ساجدة لله
2010-10-12, 01:38 AM
.
354 " إياك و كل ما يعتذر منه " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 622 :
رواه الضياء في " المختارة " ( 131 / 1 ) عن عمرو بن الضحاك حدثنا أبي الضحاك
ابن مخلد أنبأ شبيب بن بشر عن # أنس بن مالك # مرفوعا .
قلت : و هذا سند حسن رجاله ثقات و في شبيب كلام لا يضر .
و قال الحافظ في " التقريب " : " صدوق يخطىء " .
و قال المناوي : " و رواه عن أنس أيضا الديلمي في " مسند الفردوس " و سنده حسن
و أخرجه الحاكم في " المستدرك " من حديث سعد , و الطبراني في " الأوسط " من
حديث ابن عمر و جابر " .
قلت : في حديث جابر محمد بن أبي حميد , و هو مجمع على ضعفه كما في " المجمع "
( 10 / 248 ) .
ساجدة لله
2010-10-12, 01:38 AM
355 " مثل المؤمن مثل النحلة , لا تأكل إلا طيبا , و لا تضع إلا طيبا " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 622 :
أخرجه ابن حبان ( رقم 30 ) و ابن عساكر ( 2 / 43 / 1 ) من طريق مؤمل ابن
إسماعيل حدثنا شعبة عن يعلى بن عطاء عن # وكيع بن عدس عن عمه أبي رزين # قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ثم روى ابن عساكر بسنده عن هارون الحمال قال :
" و ذكر هذا الحديث - حديث مؤمل - لأبي عبد الله ( يعني الإمام أحمد ) فقال
أبو عبد الله : إنما حدثنا غندر عن شعبة عن يعلى بن عطاء عن عبد الله بن عمرو
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : مثل المؤمن مثل النحلة " .
قلت : كذا وقع في نسخة ابن عساكر : " عن يعلى بن عطاء عن عبد الله ابن عمرو " .
و أخشى أن يكون سقط منها شيء فقد أخرجه ابن أبي شيبة في " كتاب الإيمان "
( رقم 89 - بتحقيقي ) بسند أحمد مغايرا لما فيها , فقال : حدثنا غندر عن شعبة
عن يعلى بن عطاء عن أبيه عن عبد الله بن عمرو قال :
" مثل المؤمن .... " . هكذا قال : " عن أبيه " و لم يرفعه و لعله الصواب .
و إذا ثبت ذلك فالإمام أحمد يشير إلى أن مؤمل بن إسماعيل قد أخطأ في إسناد
الحديث فقال : " عن وكيع بن عدس " و الصواب " عن أبيه " كما قال غندر فإنه أوثق
من مؤمل و أخطأ أيضا في رفعه , لأن غندرا أوقفه عند ابن أبي شيبة و لعله كذلك
عند ابن عساكر , لكن بعض النساخ رفعه !
نعم قد جاء مرفوعا من طريقين آخرين عن شعبة , فقال ابن السماك في " حديثه "
( 2 / 90 / 2 ) : حدثنا محمد بن عيسى حدثنا سلام بن سليمان حدثنا شعبة بإسناد
غندر مرفوعا .
و سلام هذا و هو أبو العباس المدائني الضرير قال الحافظ في " التقريب " :
" ضعيف " . و لكن تابعه حجاج بن نصير قال : أنبأنا شعبة به .
أخرجه القضاعي في " مسند الشهاب " ( 110 / 1 ) .
و حجاج ضعيف أيضا . لكن تابعه حرمي ابن عمارة بن أبي حفصة قال : أنبأنا شعبة به
.
أخرجه البخاري في " التاريخ الكبير " ( 4 / 1 / 248 / 1058 ) . و حرمي صدوق يهم
فهو بمجموع هذه المتابعات ثابت عن شعبة .
و للحديث طريق أخرى أخرجها الحسين المروزي في " زوائد الزهد لابن المبارك "
( ق 123 / 1 - كواكب 575 ) بسند صحيح عن عبد الله بن بريدة قال :
" ذكر لي أن أبا سبرة بن سلمة سمع .... عبد الله بن عمرو ...... " فذكره مرفوعا
و فيه قصة .
و جملة القول أن الحديث بهذه الطرق حسن أو صحيح . و الله أعلم .
ساجدة لله
2010-10-12, 01:39 AM
356 " أتاني جبريل عليه السلام فقال : إني كنت أتيتك الليلة فلم يمنعني أن أدخل
عليك البيت الذي أنت فيه إلا أنه كان في البيت تمثال رجل و كان في البيت قرام
ستر فيه تماثيل فمر برأس التمثال يقطع فيصير كهيئة الشجرة و مر بالستر يقطع
و في رواية : إن في البيت سترا في الحائط فيه تماثيل , فاقطعوا رءوسها فاجعلوها
بساطا أو وسائد فأوطئوه , فإنا لا ندخل بيتا فيه تماثيل . فيجعل منه وسادتان
توطآن و مر بالكلب فيخرج . ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم و إذا الكلب جرو
كان للحسن و الحسين عليهما السلام تحت نضد لهما . قال : و مازال يوصيني بالجار
حتى ظننت أو رأيت أنه سيورثه " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 624 :
أخرجه أحمد ( 2 / 305 , 478 ) و السياق له و أبو داود ( 4158 ) و الترمذي
( 2 / 132 ) و ابن حبان في " صحيحه " ( 1487 ) من طريق يونس بن أبي إسحاق عن
مجاهد عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره .
قلت : و هذا إسناد صحيح على شرط مسلم , و صححه الترمذي و غيره , و قد صرح يونس
بالتحديث في رواية ابن حبان , و في حفظه ضعف يسير لا يضر في حديثه ,
و قال الحافظ في " التقريب " : " صدوق يهم قليلا " .
قلت : و قد تابعه أبو إسحاق , فقال أحمد ( 2 / 308 ) حدثنا عبد الرزاق أنبأنا
معمر عن أبي إسحاق عن مجاهد به مختصرا بالرواية الثانية .
و هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين لولا أن أبا إسحاق و هو السبيعي والد يونس ,
كان تغير في آخره , و قد اختلف عليه في لفظه , فرواه عنه معمر هكذا , و رواه
أبو بكر عنه به نحوه بلفظ :
" فإما أن تقطع رؤوسها , أو تجعل بساطا يوطأ " .
أخرجه النسائي ( 2 / 302 ) .
و الأول أصح , لأن معمرا حفظه عن أبي بكر و هو ابن عياش الكوفي قال الحافظ :
" ثقة عابد , إلا أنه لما كبر ساء حفظه , و كتابه صحيح " .
فقه الحديث :
--------------
الأول : تحريم الصور , لأنها سبب لمنع دخول الملائكة , و الأحاديث في تحريمها
أشهر من أن تذكر .
الثاني : أن التحريم يشمل الصور التي ليست مجسمة و لا ظل لها لعموم قول جبريل
عليه السلام : " فإنا لا ندخل بيتا فيه تماثيل " , و هي الصور , و يؤيده أن
التماثيل التي كانت على القرام لا ظل لها , و لا فرق في ذلك بين ما كان منها
تطريزا على الثوب أو كتابة على الورق , أو رسما بالآلة الفوتوغرافية إذ كل ذلك
صور و تصوير , و التفريق بين التصوير اليدوي و التصوير الفوتوغرافي , فيحرم
الأول دون الثاني , ظاهرية عصرية , و جمود لا يحمد كما حققته في " آداب الزفاف
في السنة المطهرة " ( ص 112 - 114 ) .
الثالث : أن التحريم يشمل الصورة التي توطأ أيضا إذا تركت على حالها و لم تغير
بالقطع , و هو الذي مال إليه الحافظ في " الفتح " .
الرابع : أن قوله " حتى تصير كهيئة الشجرة " , دليل على أن التغيير الذي يحل به
استعمال الصورة , إنما هو الذي يأتي على معالم الصورة , فيغيرها حتى تصير على
هيئة أخرى مباحة كالشجرة . و عليه فلا يجوز استعمال الصورة و لو كانت بحيث لا
تعيش لو كانت حية كما يقول بعض الفقهاء , لأنها في هذه الحالة لا تزال صورة
اسما و حقيقة , مثل الصور النصفية , و أمثالها , فاعلم هذا فإنه مما يهم المسلم
معرفته في هذا العصر الذي انتشرت فيه الصور و عمت و طمت . , و إن شئت زيادة
تحقيق في هذا , فراجع المصدر السابق ( ص 111 / 112 ) .
الخامس : فيه إشارة إلى أن الصورة إذا كانت من الجمادات فهي جائزة , و لا تمنع
من دخول الملائكة , لقوله " كهيئة الشجرة " , فإنه لو كان تصوير الشجر حراما
كتصوير ذوات الأرواح , لم يأمر جبريل عليه السلام , بتغييرها إلى صورة شجرة ,
و هذا ظاهر , و يؤيده حديث ابن عباس رضي الله عنه " و إن كنت لابد فاعلا ,
فاصنع الشجرة , و ما لا نفس له " . رواه مسلم و أحمد ( 1 / 308 ) .
السادس : تحريم اقتناء الكلب لأنه أيضا سبب يمنع من دخول الملائكة , و هل يمنع
لو كان كلب ماشية أو صيد , الظاهر لا , لأنه يباح اقتناؤه .
و يؤيده أن الصورة إذا كانت مباحة لا تمنع أيضا من دخول الملائكة بدليل أن
السيدة عائشة رضي الله عنها كانت تقتني لعب البنات , و تلعب بها هي و رفيقاتها
على مرأة من النبي صلى الله عليه وسلم , فلا ينكرها عليها كما ثبت في البخاري
و غيره , فلو كان ذلك مانعا من دخول الملائكة لما أقرها صلى الله عليه وسلم
عليه . و الله أعلم .
ساجدة لله
2010-10-12, 01:40 AM
357 " من أحب أن يتمثل له الناس قياما , فليتبوأ مقعده من النار " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 627 :
أخرجه البخاري في " الأدب " ( 977 ) و أبو داود ( 5229 ) و الترمذي ( 2 / 125 )
و الطحاوي في " مشكل الآثار " ( 2 / 40 ) و اللفظ له و أحمد ( 4 / 93 , 100 )
و الدولابي في " الكنى " ( 1 / 95 ) و المخلص في " الفوائد المنتقاة " ( ق 196
/ 2 ) و عبد بن حميد في " المنتخب من المسند " ( ق 51 / 2 ) و البغوي في " حديث
علي بن الجعد " ( 7 / 69 / 2 ) و أبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 1 / 219 ) من
طرق عن حبيب بن الشهيد عن أبي مجلز قال :
" دخل معاوية بيتا فيه عبد الله بن الزبير , و عبد الله بن عامر , فقام ابن
عامر , و ثبت ابن الزبير , و كان أدر بهما فقال # معاوية # : اجلس يا ابن عامر
فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : فذكره .
و قال الترمذي : " حديث حسن " .
قلت : بل هو حديث صحيح , رجال إسناده ثقات رجال الشيخين , و أبو مجلز اسمه لاحق
بن حميد , و هو ثقة , و حبيب بن الشهيد ثقة ثبت كما في " التقريب " , فلا وجه
للاقتصار على تحسينه , و إن سكت عليه الحافظ في " الفتح " ( 11 / 42 ) ,
لاسيما و له طريق أخرى , فقال المخلص في " الفوائد " : حدثنا عبد الله أنبأنا
داود : أنبأنا مروان أنبأنا مغيرة بن مسلم السراج عن عبد الله بن بريدة قال :
" خرج معاوية فرآهم قياما لخروجه , فقال لهم : اجلسوا فإن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال : من سره أن يقوم له بنو آدم , و جبت له النار " .
قلت : و هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال مسلم غير شيخ المخلص عبد الله ,
و هو الحافظ أبو القاسم البغوي , و مغيرة بن مسلم السراج و هما ثقتان بلا خلاف
و داود هو ابن رشيد , و مروان هو ابن معاوية الفزاري الكوفي الحافظ . و قد
تابعه شبابة بن سوار حدثني المغيرة بن مسلم به إلا أنه قال :
" من أحب أن يستجم له الرجال ... " و الباقي مثله .
أخرجه الطحاوي ( 2 / 38 - 39 ) و الخطيب في " تاريخ بغداد " ( 13 / 193 ) .
و للحديث عنده ( 11 / 361 ) شاهد مرسل في قصة طريفة , أخرجه من طريق عبد الرزاق
بن سليمان بن علي بن الجعد قال : سمعت أبي يقول :
" لما أحضر المأمون أصحاب الجوهر , فناظرهم على متاع كان معهم , ثم نهض المأمون
لبعض حاجته , ثم خرج , فقام كل من كان في المجلس إلا ابن الجعد , فإنه لم يقم ,
قال : فنظر إليه المأمون كهيئة المغضب , ثم استخلاه فقال له : يا شيخ ما منعك
أن تقوم لي كما قام أصحابك ? قال : أجللت أمير المؤمنين للحديث الذي نأثره عن
النبي صلى الله عليه وسلم , قال : و ما هو ? قال علي بن الجعد : سمعت المبارك
بن فضالة يقول : سمعت الحسن يقول قال النبي صلى الله عليه وسلم :
( فذكره باللفظ الأول ) قال : فأطرق المأمون متفكرا في الحديث , ثم رفع رأسه
فقال : لا يشترى إلا من هذا الشيخ , قال : فاشترى منه في ذلك اليوم بقيمة
ثلاثين ألف دينار " .
قلت : فصدق في علي بن الجعد ( و هو ثقة ثبت ) قول الله عز و جل :
( و من يتق الله يجعل له مخرجا , و يرزقه من حيث لا يحتسب ) .
و نحو هذه القصة ما أخرج الدينوري في " المنتقى من المجالسة " ( ق 8 / 1 - نسخة
حلب ) : حدثنا أحمد بن علي البصري قال :
" وجه المتوكل إلى أحمد بن العدل و غيره من العلماء فجمعهم في داره , ثم خرج
عليهم , فقام الناس كلهم إلا أحمد بن العدل , فقال المتوكل لعبيد الله :
إن هذا الرجل لا يرى بيعتنا , فقال له : بلى يا أمير المؤمنين و لكن في بصره
سوء , فقال أحمد بن العدل : يا أمير المؤمنين ما في بصري من سوء , و لكنني
نزهتك من عذاب الله تعالى , قال النبي صلى الله عليه و سلم : " من أحب أن يمثل
له الرجال قياما فليتبوأ مقعده في النار " , فجاء المتوكل فجلس إلى جنبه " .
و روى ابن عساكر في " تاريخ دمشق " ( 19 / 170 / 2 ) بسنده عن الأوزاعي حدثني
بعض حرس عمر بن عبد العزيز قال :
" خرج علينا عمر بن عبد العزيز و نحن ننتظره يوم الجمعة , فلما رأيناه قمنا ,
فقال : إذا رأيتموني فلا تقوموا , و لكن توسعوا " .
فقه الحديث :
--------------
دلنا هذا الحديث على أمرين .
الأول : تحريم حب الداخل على الناس القيام منهم له , و هو صريح الدلالة بحيث
أنه لا يحتاج إلى بيان .
و الآخر : كراهة القيام من الجالسين للداخل , و لو كان لا يحب القيام , و ذلك
من باب التعاون على الخير , و عدم فتح باب الشر , و هذا معنى دقيق دلنا عليه
راوي الحديث معاوية رضي الله عنه , و ذلك بإنكاره على عبد الله بن عامر قيامه
له , و احتج عليه بالحديث , و ذلك من فقهه في الدين , و علمه بقواعد الشريعة ,
التي منها " سد الذرائع " , و معرفته بطبائع البشر , و تأثرهم بأسباب الخير
و الشر , فإنك إذا تصورت مجتمعا صالحا كمجتمع السلف الأول , لم يعتادوا القيام
بعضهم لبعض , فمن النادر أن تجد فيهم من يحب هذا القيام الذي يرديه في النار ,
و ذلك لعدم وجود ما يذكره به و هو القيام نفسه , و على العكس من ذلك إذا نظرت
إلى مجتمع كمجتمعنا اليوم , قد اعتادوا القيام المذكور , فإن هذه العادة
لاسيما مع الاستمرار عليها فإنها تذكره به , ثم إن النفس تتوق إليه و تشتهيه
حتى تحبه , فإذا أحبه هلك , فكان من باب التعاون على البر و التقوى أن يترك هذا
القيام , حتى لمن نظنه أنه لا يحبه خشية أن يجره قيامنا له إلى أن يحبه , فنكون
قد ساعدناه على إهلاك نفسه و ذا لا يجوز . و من الأدلة الشاهدة على ذلك أنك ترى
بعض أهل العلم الذين يظن فيهم حسن الخلق , تتغير نفوسهم إذا ما وقع نظرهم على
فرد لم يقم له , هذا إذا لم يغضبوا عليه و لم ينسبوه إلى قلة الأدب , و يبشروه
بالحرمان من بركة العلم بسبب عدم احترامه لأهله بزعمهم . بل إن فيهم من يدعوهم
إلى القيام , و يخدعهم بمثل قوله " أنتم لا تقومون لي كجسم من عظم و لحم ,
و إنما تقومون للعلم الذي في صدري " ! ! كأن النبي صلى الله عليه و سلم عنده لم
يكن لديه علم ! ! لأن الصحابة كانوا لا يقومون له , أو أن الصحابة كانوا لا
يعظمونه عليه السلام التعظيم اللائق به ! فهل يقول بهذا أو ذاك مسلم ? !
و من أجل هذا الحديث و غيره ذهب جماعة من أهل العلم إلى المنع من القيام للغير
كما في " الفتح " ( 11 / 41 ) ثم قال :
" و محصل المنقول عن مالك إنكار القيام , ما دام الذي يقام لأجله لم يجلس ,
و لو كان في شغل نفسه , فإنه سئل عن المرأة تبالغ في إكرام زوجها , فتتلقاه
و تنزع ثيابه , و تقف حتى يجلس ? فقال : أما التلقي فلا بأس به , و أما القيام
حتى يجلس فلا , فإن هذا فعل الجبابرة , و قد أنكره عمر بن عبد العزيز " .
قلت : و ليس في الباب ما يعارض دلالة هذا الحديث أصلا , و الذين خالفوا فذهبوا
إلى جواز هذا القيام بل استحبابه , استدلوا بأحاديث بعضها صحيح , و بعضها ضعيف
و الكل عند التأمل في طرقها و متونها لا ينهض للاستدلال على ذلك , و من أمثلة
القسم الأول حديث " قوموا إلى سيدكم " . و قد تقدم الجواب عنه برقم ( 67 ) من
وجوه أقواه أنه صح بزيادة : " فأنزلوه " فراجعه .
و من أمثلة القسم الآخر حديث قيامه صلى الله عليه وسلم حين أقبل عليه أخوه من
الرضاعة فأجلسه بين يديه .
فهو حديث ضعيف معضل الإسناد , و لو صح فلا دليل فيه أيضا و قد بينت ذلك كله في
" الأحاديث الضعيفة " ( 1148 ) .
ساجدة لله
2010-10-12, 01:42 AM
358 " ما كان في الدنيا شخص أحب إليهم رؤية من رسول الله صلى الله عليه وسلم
و كانوا إذا رأوه لم يقوموا له , لما كانوا يعلمون من كراهيته لذلك " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 631 :
أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " ( 946 ) و الترمذي ( 2 / 125 ) و الطحاوي
في " مشكل الآثار " ( 2 / 39 ) و أحمد ( 3 / 132 ) و أبو يعلى في " مسنده "
( ق 183 / 2 ) و اللفظ له من طرق عن حماد بن سلمة عن حميد عن # أنس # به .
و قال الترمذي : " حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه " .
قلت : و إسناده صحيح على شرط مسلم .
و هذا الحديث مما يقوي ما دل عليه الحديث السابق من المنع من القيام للإكرام
لأن القيام لو كان إكراما شرعا , لم يجز له صلى الله عليه وسلم أن يكرهه من
أصحابه له , و هو أحق الناس بالإكرام , و هم أعرف الناس بحقه عليه الصلاة
و السلام .
و أيضا فقد كره الرسول صلى الله عليه وسلم هذا القيام له من أصحابه , فعلى
المسلم - خاصة إذا كان من أهل العلم و ذوي القدوة - أن يكره ذلك لنفسه اقتداء
به صلى الله عليه وسلم , و أن يكره لغيره من المسلمين لقوله صلى الله عليه وسلم
: " لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه من الخير " , فلا يقوم له أحد ,
و لا هو يقوم لأحد , بل كراهتهم لهذا القيام أولى بهم من النبي عليه الصلاة
و السلام , ذلك لأنهم إن لم يكرهوه اعتادوا القيام بعضهم لبعض , و ذلك يؤدي بهم
إلى حبهم له , و هو سبب يستحقون عليه النار كما في الحديث السابق , و ليس كذلك
رسول الله صلى الله عليه وسلم , فإنه معصوم من أن يحب مثل هذه المعصية , فإذا
كان مع ذلك قد كره القيام له , كان واضحا أن المسلم أولى بكراهته له .
ساجدة لله
2010-10-12, 01:43 AM
359 " نهى النبي صلى الله عليه وسلم يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية , و أذن في
لحوم الخيل " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 632 :
هو من حديث # جابر بن عبد الله # رضي الله عنه . و له عنه طرق :
الأولى : عن محمد بن علي عنه .
أخرجه البخاري ( 4 / 16 ) و مسلم ( 6 / 66 ) و أبو داود ( 3788 ) و النسائي
( 2 / 199 ) و الترمذي ( 1 / 331 ) و الدارمي ( 2 / 87 ) و الطحاوي ( 2 / 318 )
و البيهقي ( 9 / 325 ) و أحمد ( 3 / 361 , 385 ) من طرق عن حماد بن زيد عن عمرو
بن دينار عن محمد بن علي به .
و تابعه سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن جابر , فأسقط من الإسناد محمد ابن
علي , و لفظه :
" أطعمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لحوم الخيل , و نهانا عن لحوم الحمر " .
أخرجه النسائي و الطحاوي و الترمذي ( 1 / 331 ) و قال :
" هذا حديث حسن صحيح , و هكذا روى غير واحد عن عمرو بن دينار عن جابر و رواه
حماد بن زيد عن عمرو بن دينار عن محمد بن علي عن جابر و رواية ابن عيينة أصح .
و سمعت محمدا يقول : سفيان بن عيينة أحفظ من حماد ابن زيد " .
قال الحافظ في " الفتح " ( 9 / 559 ) :
" قلت : لكن اقتصر البخاري و مسلم على تخريج طريق حماد بن زيد , و قد وافقه
ابن جريج عن عمرو و على إدخال الواسطة بين عمرو و جابر و لكنه لم يسمه , أخرجه
أبو داود " .
الثانية : عن أبي الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول :
" أكلنا زمن خيبر الخيل و حمر الوحش , و نهانا النبي صلى الله عليه وسلم عن
الحمار الأهلي " .
أخرجه مسلم و أبو داود ( 3789 ) و النسائي و ابن ماجه ( 3191 ) و الطحاوي
و البيهقي و أحمد ( 3 / 356 , 362 ) من طرق عن أبي الزبير به . و لفظ النسائي
مثل لفظ ابن عيينة المتقدم بزيادة : " يوم خيبر " .
و لفظ أبي داود و أحمد :
" ذبحنا يوم خيبر الخيل و البغال و الحمير , فنهانا رسول الله صلى الله عليه
وسلم عن البغال و الحمير , و لم ينهنا عن الخيل " .
الثالثة : عن عطاء عنه قال :
" كنا نأكل لحوم الخيل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم " زاد في رواية :
" قلت : فالبغال ? قال : لا " .
أخرجه النسائي و اللفظ له و ابن ماجه ( 3197 ) و الزيادة له و الطحاوي ( 2 /
318 , 322 ) و البيهقي .
قلت : و إسناده صحيح .
و للحديث شاهد من رواية أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت :
" نحرنا فرسا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكلناه ( بالمدينة ) " .
أخرجه البخاري و مسلم و الدارمي و البيهقي و أحمد ( 6 / 345 , 346 , 353 )
و الزيادة للدارمي و رواية للبخاري .
و في الحديث جواز أكل لحوم الخيل , و هو مذهب الأئمة الأربعة سوى أبي حنيفة
فذهب إلى التحريم خلافا لصاحبيه فإنهما وافقا الجمهور , و هو الحق لهذا الحديث
الصحيح , و لذلك اختاره الإمام أبو جعفر الطحاوي , و ذكر أن حجة أبي حنيفة حديث
خالد بن الوليد مرفوعا :
" لا يحل أكل لحوم الخيل و البغال و الحمير " .
و لكنه حديث منكر ضعيف الإسناد لا يحتج به إذا لم يخالف ما هو أصح منه , فكيف
و قد خالف حديثين صحيحين كما ترى .
و قد بينت ضعفه و علله في " السلسلة الضعيفة " رقم ( 1149 ) .
ساجدة لله
2010-10-12, 01:43 AM
360 " ليأتين عليكم أمراء يقربون شرار الناس , و يؤخرون الصلاة عن مواقيتها , فمن
أدرك ذلك منهم فلا يكونن عريفا و لا شرطيا و لا جابيا و لا خازنا " .
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 635 :
أخرجه ابن حبان في " صحيحه " فقال ( 1558 - موارد ) : أخبرنا أحمد ابن علي
بن المثنى حدثنا إسحاق بن إبراهيم المروزي أنبأنا جرير بن عبد الحميد عن رقبة
بن مصقلة عن جعفر بن إياس عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبي سعيد
و أبي هريرة قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره .
قلت : و هذا إسناد صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الرحمن بن عبد الله
بن مسعود و هو ثقة , و أحمد بن علي بن المثنى هو أبو يعلى الموصلي و هو ثقة
حافظ . و قد أخرجه في " مسنده " , فقال الهيثمي في " المجمع " ( 5 / 240 ) .
" رواه أبو يعلى , و رجاله رجال الصحيح خلا عبد الرحمن بن مسعود ( ! ) و هو
ثقة " .
قلت : و له طريق أخرى عن أبي هريرة وحده .
أخرجه الطبراني في " المعجم الصغير " ( ص 117 ) و الخطيب في " تاريخ بغداد "
عن داود بن سليمان الخراساني : حدثنا عبد الله بن المبارك عن سعيد بن أبي عروبة
عن قتادة عن سعيد بن المسيب عنه .
و قال الطبراني :
" تفرد به داود بن سليمان , و هو شيخ لا بأس به " .
قلت : و هذه فائدة عزيزة , فإن توثيق الطبراني للخراساني هذا مما لم يرد له ذكر
في كتب الرجال مثل " الميزان " و " اللسان " و غيرهما , و إنما جاء فيهما أن
الأزدي قال : " ضعيف جدا " .
قلت : و بقية رجال الإسناد ثقات رجال الستة , فهو شاهد لا بأس به عندي و الله
أعلم .
Powered by vBulletin® Version 4.2.0 Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir