مجد الإسلام
2011-02-24, 01:09 AM
ميدان التحرير بين خلع الحجاب وثورة الشباب
مجدى داود
المصدر/ http://www.alukah.net/World_Muslims/0/29857/
الحمد لله ناصِرِ دِينه وعِباده المؤمنين، مُذِلِّ المشركين والكافرين، قاهر الطُّغاة والظالمين، الحمد لله الذي أعزَّ أهلَ مصر بزَوال حُسني مبارك ونِظامه الفاسد الذي طغَى في البلاد فأكثر فيها الفساد.
الحمد لله فقد تحقَّقت إرادة الشعب الثائر الذي تجمَّع ما يزيد على ثلاثة ملايين منه في ميدانِ التحرير رمزِ الثورة المصريَّة، ميدان التحرير ذلك المكان الذي كان علمًا من أعلام هذه الثورة، وشاهدًا على حيويَّتها وتجدُّدها يومًا بعد يوم.
إنَّ لميدان التحرير مع أهل مصر قصَّةً قديمةً، تاريخ قد مضى عهده؛ فهذا الميدان وقبل أكثر من تسعين عامًا، وبالتحديد في عام 1919م أثناء الثورة ضد الاحتلال الإنجليزي، كانت هناك مظاهرة نسويَّة تقودُها صفيَّة زغلول (زوجة سعد زغلول)، وفي ميدان التحرير وقفت المظاهرة أمام قوَّات الجيش الإنجليزي، وفجأةً، وبلا سابق إنذار، وبلا أيِّ مُبرِّر، قامتْ صفيَّة زغلول ومَن معها بخلْع النِّقاب ووضَعْنه تحت أقدامهنَّ ثم قاموا بحرقه!
كانت تلك الواقعة المريرة بدايةً حقيقيةً لأولى الخطوات الفعليَّة التي عمل عليها التغريبيُّون في المجتمع المصري من أيَّام قاسم أمين، ومنذ تلك اللحظة بدَأ الهجوم على النِّقاب، ومن ثَمَّ الحجاب الذي يُغطِّي الرأس، وبدَأت الحرب الشَّعواء على كلِّ المظاهر الإسلاميَّة، خاصَّة بعد قِيام مصطفى كمال أتاتورك - لعنة الله عليه - بإسقاط الخلافة الإسلاميَّة وإعلان تركيا دولة علمانيَّة.
لقد نجحتْ صفيَّة زغلول وهدى شعراوي من قبل تسعين عامًا فيما يُسمُّونه "تحرير المرأة"، ونقَلُوها من عبادة ربِّ العباد إلى عبادة العباد وعبادة الجسد والشَّهوة، وتغيَّر اسم الميدان من ميدان الإسماعيليَّة نسبةً إلى الخديوي إسماعيل وصار ميدان التحرير.
وفي يوم الخامس والعشرين من يناير من العام الحادي عشر بعد الألف الثانية من ميلاد السيد المسيح عيسى ابن مريم - عليه وعلى نبيِّنا الصلاة والسلام - تَوافَد الآلاف من شَباب مصر الثُّوَّار الذين رفَضُوا الظُّلم والهَوان على ميدان التحرير مُطالِبين بثلاثة مَطالِب رئيسة وهي: عيش، وحرية، وعدالة اجتماعيَّة، ولكن قُوَى الطُّغيان دائمًا ترى نفسَها أكبر من أنْ تستَجِيب لمطالب الشعب، وتعامَلتْ معهم من منطق المستكبِر المتعالِ على شَعبِه، الذي ظنَّ أنَّه في حمى جيشٍ من الأجهزة الأمنيَّة تعامَل مع الشباب بعُنْجُهيَّة معهودة، وأرسَلَ إليهم جَحافِل الأمن المركزي ظنًّا منه أنها ستَقضِي على هذه التظاهُرة في خِلال خمس دقائق، ووقَف وزير الداخلية في وسط الميدان وأبلَغَ قيادات النِّظام أنَّ الميدان خالٍ، وأنَّه لا أحد من المُتَظاهِرين سيعودُ إليه مرَّة ثانية.
ولكنْ خيَّب الله ظنَّهم، وعادَتْ جحافل الثُّوَّار مرَّةً أخرى في يوم الجمعة العظيم الثامن والعشرين من يناير، ولكنَّها هذه المرَّة تُطالِب بحلٍّ جذري، تُطالِب برحيل نظام حسني مبارك بكامله، وتَمَّ التعامُل معه بنفس المنطق، إنَّه منطق فرعون؛ ﴿ فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ * إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ * وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ * وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ ﴾ [الشعراء: 53 - 56]، هذا هو منطق الطُّغاة في كلِّ عصرٍ وزمان، فكأنهم يَتدارَسون سير بعضهم البعض، ولكنَّهم - للأسف الشديد - يَتدارَسون كلَّ شيءٍ إلا النهاية، يتذكَّرون أساليب الظُّلم والطُّغيان، ولكن لا يتذكَّرون نهاية الطُّغاة الظالمين.
وفي ميدان التحرير نزل الجيش المصري حيث الثُّوَّار، وكان مخطط النظام أنْ تسيلَ الدِّماء، كان يريدُ أنْ يقومَ الناس بالتعدِّي على الجيش أو العكس فيستفز الطرف الآخَر، وتُراق دِماء الشعب بسلاح الجيش، ولكنْ خابَ مَسعاه، وكان ميدان التحرير شاهِدًا على عُمق العلاقة التي تربط الجيش المصري بشعبه، فما أطلَقَ الجيش رصاصةً قطُّ.
تدفَّق الآلاف إلى ميدان التحرير، وأعلَنُوا الاعتصامَ المفتوح فيه، وكان كل يوم يمرُّ يشهد فيه ميدان التحرير قُرْبَ انهيار النظام السابق، وفي ميدان التحرير رأينا الملايين من المسلمين يُؤدُّون الصلاة في وقْتها جماعةً، وكان هذا المشهد يَتكرَّر خمسَ مرَّات يوميًّا، وهو المشهد الذي غاظَ أعداء الله، ممَّن جعَلُوا هذا الميدان في السابق ميدانا للتحرُّر من أحكام الشَّرع والدِّين، ولكنْ ها هو يشهَدُ الصلاة في وقتها، وهي الركن الثاني من أركان الدِّين.
في ميدان التحرير كان الدُّعاء والذِّكر، في ميدان التحرير كانت الرغبة الأكيدة على رفْع الظُّلم حتى يتنفَّس الشعب حريَّته، في ميدان التحرير كانت الجموع تَهتِف: إنَّ النصر مع الصبر، في ميدان التحرير كان الشيخ صفوت حجازي، والشيخ نشأت أحمد، والشيخ محمد عبدالمقصود، في ميدان التحرير كان الهتاف لحظة إعلان سُقوط النظام (الله أكبر)، في ميدان التحرير سجَد المسلمون شُكرًا لله الواحد.
ميدان التحرير منذ تسعين عامًا كان وَبالاً على مصر بخلْع الحِجاب، واليوم ميدان التحرير هو رمز الثورة المصريَّة، هو رمز الحريَّة، هو رمز سُقوط الطُّغاة الظالمين، هو رمز التلاحُم الرائع بين الشعب والجيش، هو رمز النصر الرائع والنهضة القادمة، فشتَّان شتَّان بين ميدان التحرير بالأمس وميدان التحرير اليوم!
مجدى داود
المصدر/ http://www.alukah.net/World_Muslims/0/29857/
الحمد لله ناصِرِ دِينه وعِباده المؤمنين، مُذِلِّ المشركين والكافرين، قاهر الطُّغاة والظالمين، الحمد لله الذي أعزَّ أهلَ مصر بزَوال حُسني مبارك ونِظامه الفاسد الذي طغَى في البلاد فأكثر فيها الفساد.
الحمد لله فقد تحقَّقت إرادة الشعب الثائر الذي تجمَّع ما يزيد على ثلاثة ملايين منه في ميدانِ التحرير رمزِ الثورة المصريَّة، ميدان التحرير ذلك المكان الذي كان علمًا من أعلام هذه الثورة، وشاهدًا على حيويَّتها وتجدُّدها يومًا بعد يوم.
إنَّ لميدان التحرير مع أهل مصر قصَّةً قديمةً، تاريخ قد مضى عهده؛ فهذا الميدان وقبل أكثر من تسعين عامًا، وبالتحديد في عام 1919م أثناء الثورة ضد الاحتلال الإنجليزي، كانت هناك مظاهرة نسويَّة تقودُها صفيَّة زغلول (زوجة سعد زغلول)، وفي ميدان التحرير وقفت المظاهرة أمام قوَّات الجيش الإنجليزي، وفجأةً، وبلا سابق إنذار، وبلا أيِّ مُبرِّر، قامتْ صفيَّة زغلول ومَن معها بخلْع النِّقاب ووضَعْنه تحت أقدامهنَّ ثم قاموا بحرقه!
كانت تلك الواقعة المريرة بدايةً حقيقيةً لأولى الخطوات الفعليَّة التي عمل عليها التغريبيُّون في المجتمع المصري من أيَّام قاسم أمين، ومنذ تلك اللحظة بدَأ الهجوم على النِّقاب، ومن ثَمَّ الحجاب الذي يُغطِّي الرأس، وبدَأت الحرب الشَّعواء على كلِّ المظاهر الإسلاميَّة، خاصَّة بعد قِيام مصطفى كمال أتاتورك - لعنة الله عليه - بإسقاط الخلافة الإسلاميَّة وإعلان تركيا دولة علمانيَّة.
لقد نجحتْ صفيَّة زغلول وهدى شعراوي من قبل تسعين عامًا فيما يُسمُّونه "تحرير المرأة"، ونقَلُوها من عبادة ربِّ العباد إلى عبادة العباد وعبادة الجسد والشَّهوة، وتغيَّر اسم الميدان من ميدان الإسماعيليَّة نسبةً إلى الخديوي إسماعيل وصار ميدان التحرير.
وفي يوم الخامس والعشرين من يناير من العام الحادي عشر بعد الألف الثانية من ميلاد السيد المسيح عيسى ابن مريم - عليه وعلى نبيِّنا الصلاة والسلام - تَوافَد الآلاف من شَباب مصر الثُّوَّار الذين رفَضُوا الظُّلم والهَوان على ميدان التحرير مُطالِبين بثلاثة مَطالِب رئيسة وهي: عيش، وحرية، وعدالة اجتماعيَّة، ولكن قُوَى الطُّغيان دائمًا ترى نفسَها أكبر من أنْ تستَجِيب لمطالب الشعب، وتعامَلتْ معهم من منطق المستكبِر المتعالِ على شَعبِه، الذي ظنَّ أنَّه في حمى جيشٍ من الأجهزة الأمنيَّة تعامَل مع الشباب بعُنْجُهيَّة معهودة، وأرسَلَ إليهم جَحافِل الأمن المركزي ظنًّا منه أنها ستَقضِي على هذه التظاهُرة في خِلال خمس دقائق، ووقَف وزير الداخلية في وسط الميدان وأبلَغَ قيادات النِّظام أنَّ الميدان خالٍ، وأنَّه لا أحد من المُتَظاهِرين سيعودُ إليه مرَّة ثانية.
ولكنْ خيَّب الله ظنَّهم، وعادَتْ جحافل الثُّوَّار مرَّةً أخرى في يوم الجمعة العظيم الثامن والعشرين من يناير، ولكنَّها هذه المرَّة تُطالِب بحلٍّ جذري، تُطالِب برحيل نظام حسني مبارك بكامله، وتَمَّ التعامُل معه بنفس المنطق، إنَّه منطق فرعون؛ ﴿ فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ * إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ * وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ * وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ ﴾ [الشعراء: 53 - 56]، هذا هو منطق الطُّغاة في كلِّ عصرٍ وزمان، فكأنهم يَتدارَسون سير بعضهم البعض، ولكنَّهم - للأسف الشديد - يَتدارَسون كلَّ شيءٍ إلا النهاية، يتذكَّرون أساليب الظُّلم والطُّغيان، ولكن لا يتذكَّرون نهاية الطُّغاة الظالمين.
وفي ميدان التحرير نزل الجيش المصري حيث الثُّوَّار، وكان مخطط النظام أنْ تسيلَ الدِّماء، كان يريدُ أنْ يقومَ الناس بالتعدِّي على الجيش أو العكس فيستفز الطرف الآخَر، وتُراق دِماء الشعب بسلاح الجيش، ولكنْ خابَ مَسعاه، وكان ميدان التحرير شاهِدًا على عُمق العلاقة التي تربط الجيش المصري بشعبه، فما أطلَقَ الجيش رصاصةً قطُّ.
تدفَّق الآلاف إلى ميدان التحرير، وأعلَنُوا الاعتصامَ المفتوح فيه، وكان كل يوم يمرُّ يشهد فيه ميدان التحرير قُرْبَ انهيار النظام السابق، وفي ميدان التحرير رأينا الملايين من المسلمين يُؤدُّون الصلاة في وقْتها جماعةً، وكان هذا المشهد يَتكرَّر خمسَ مرَّات يوميًّا، وهو المشهد الذي غاظَ أعداء الله، ممَّن جعَلُوا هذا الميدان في السابق ميدانا للتحرُّر من أحكام الشَّرع والدِّين، ولكنْ ها هو يشهَدُ الصلاة في وقتها، وهي الركن الثاني من أركان الدِّين.
في ميدان التحرير كان الدُّعاء والذِّكر، في ميدان التحرير كانت الرغبة الأكيدة على رفْع الظُّلم حتى يتنفَّس الشعب حريَّته، في ميدان التحرير كانت الجموع تَهتِف: إنَّ النصر مع الصبر، في ميدان التحرير كان الشيخ صفوت حجازي، والشيخ نشأت أحمد، والشيخ محمد عبدالمقصود، في ميدان التحرير كان الهتاف لحظة إعلان سُقوط النظام (الله أكبر)، في ميدان التحرير سجَد المسلمون شُكرًا لله الواحد.
ميدان التحرير منذ تسعين عامًا كان وَبالاً على مصر بخلْع الحِجاب، واليوم ميدان التحرير هو رمز الثورة المصريَّة، هو رمز الحريَّة، هو رمز سُقوط الطُّغاة الظالمين، هو رمز التلاحُم الرائع بين الشعب والجيش، هو رمز النصر الرائع والنهضة القادمة، فشتَّان شتَّان بين ميدان التحرير بالأمس وميدان التحرير اليوم!