صفاء
2008-04-10, 06:43 PM
http://www.msa7a.net/pic1/uploads/4998eee954.gif (http://www.msa7a.net/pic1)
"وادي المخازن " معركة الملوك الثلاثة
كان دافع البرتغاليين لخوض هذه المعركة هو استرداد شواطئ شمال أفريقيا وسحب البساط تدريجيا من تحت أقدام الإسلام في تلك المناطق وإرجاعها إلى حظيرة المسيحية، وإحكام السيطرة على طرق التجارة، خاصة مدخل البحر المتوسط من خلال السيطرة على مضيق جبل طارق، محاولين في ذلك استلهام تجربة حروب الاسترداد التي خاضتها أسبانيا ضد الوجود الإسلامي بها.
المتوكل.. على الأسبان والبرتغاليين
كانت الدولة السعدية هي التي تسيطر على مراكش (المغرب)، وكان قيامها سنة (923هـ= 1517م) على أساس مجاهدة البرتغاليين، واستطاعت هذه الأسرة أن تحرر الكثير من شواطئ المغرب المطلة على المحيط الأطلنطي -والتي احتلها الأسبان في عدة حملات- حيث استطاعت دخول مراكش سنة (931هـ= 1525م) ثم فاس في (961هـ= 1554م) وكان ذلك بداية قيام تلك الدولة التي استمرت حتى عام (1011هـ=1603م)
وعندما توفي عبد الله الغالب السعدي حاكم الدولة السعدية تولى من بعده ابنه محمد المتوكل الحكم سنة (981هـ=1574م) وعرف عنه القسوة وإتيان المنكرات، فانقلب عليه عماه عبد المالك وأحمد واستنجدا بالعثمانيين -الذين كانوا موجودين بالجزائر- فقدم لهما العثمانيون المساعدات واستطاعا الانتصار على المتوكل في معركتين سنة (983هـ=1576م) واستطاع عبد المالك أن يدخل فاس عاصمة الدولة السعدية وأن يأخذ البيعة لنفسه، وأن يشرع في تأسيس جيش قوي ضم العرب والبربر وعناصر تركية وأندلسية.
ولم تؤد خسارة المتوكل أمام عميه عبد المالك وأحمد إلى أن يرضى بالأمر الواقع فرحل إلى الشواطئ البرتغالية واستنجد بالملك البرتغالي دون سباستيان ليساعده في استرداد ملكه مقابل أن يمنحه الشواطئ المغربية على المحيط الأطلسي.
واستطاعت المخابرات العثمانية في الجزائر أن ترصد هذه الاتصالات بين المتوكل والبرتغاليين، وبعث حسن باشا أمير أمراء الجزائر برسالة مهمة إلى السلطان العثماني بهذا الشأن، وكان العثمانيون في إستانبول على دراية بما يجري في أوربا فقد كان لديها معلومات عن اتصالات يجريها بابا روما ودوق فرنسا منذ عدة أشهر بهدف جمع جنود وإعداد سفن وتحميلها بمقاتلين لمساعدة البرتغال في غزوها للشاطئ المغربي، ورصدت المخابرات العثمانية الاتصالات بين ملك البرتغال سباستيان وخاله ملك أسبانيا فيليب الثاني ولكنها لم تستطع أن تقف على حقيقة الاتفاق الذي جرى بينهما، لكن المعلومات التي رصدتها أكدت أن ملك أسبانيا جمع حوالي عشرة آلاف جندي لمساعدة البرتغال في تأديبه ملك فاس عبد المالك السعدي.
أما الدولة السعدية فقد استطاعت سفنها أن تلقي القبض على سفارة كان قد أرسلها المتوكل إلى البرتغال تطالبهم بالتدخل لمساعدته في استرداد ملكه مقابل منحهم الشواطئ المغربية على المحيط الأطلسي، ولذا بدأ السعديون يأخذون أهبتهم للحرب القادمة من حيث الاستعدادات الحربية وحشد الجنود والاتصال بالعثمانيين الموجودين في الجزائر للحصول على دعمهم في الحرب القادمة ضد البرتغاليين والأسبان.
سباستيان: استرداد استرداد
كان الهوس الديني مسيطرا على سباستيان وكان يرغب في أن يخوض حرب استرداد مسيحية أخرى في سواحل الشمال الأفريقي، ورأى أن تكون حربا كبيرة لا مجرد غارة خاطفة، ولذا بدأ مشاورات مع عدد من ملوك وأمراء أوربا وعلى رأسهم خاله فيليب الثاني الذي سمح للمتطوعين الأسبان بالتدفق على الجيش البرتغالي، وأمده بقوات من جيشه وسفن لنقل القوات إلى الشواطئ المغربية، وشارك بثلث نفقات الحملة شريطة الاكتفاء باحتلال ميناء العرائش على المحيط الأطلسي وعدم التوغل في الأراضي المغربية وألا تستمر الحرب أكثر من عام.
تدفقت جموع المتطوعين على الجيش البرتغالي من إيطاليا وألمانيا وغيرها من الدول الأوربية، وجمع سباستيان حوالي 18 ألف مقاتل، وكان بالجيش البرتغالي الكثير من المدافع والخيالة الذين كانوا عماد الحرب في تلك الفترة من التاريخ. واختلف في المجموع الكلي لجيش سباستيان وجموع الأسبان والمتطوعين المسيحيين الذين تدفقوا على هذا الجيش؛ إذ رفع البعض عددهم إلى حوالي 125 ألف مقاتل، وفي تقديرات أخرى 80 ألفا، بينما يقول المدققون إنه كان يزيد على 40 ألفا.
وقد ظن البرتغاليون أنهم ذاهبون إلى نزهة على الشواطئ المغربية؛ حيث أخذوا الأمر باستخفاف شديد؛ فقد كانوا واثقين من انتصارهم السهل، حتى إن الصلبان كانت مُعدة لتعليقها على المساجد المغربية الكبيرة في فاس ومراكش، بل وضعت تصميمات لتحويل قبلة جامع القرويين الشهير إلى مذبح كنسي، وكانت بعض النساء البرتغاليات من الطبقة الراقية يرغبن في مصاحبة الجيش لمشاهدة المعركة، وكان بعض البرتغاليين يرتدون الثياب المزركشة المبهرة وكأنهم سيحضرون سباقا أو مهرجانا.
الإبحار والخطة والمواجهة
أبحرت السفن البرتغالية والأسبانية من ميناء لشبونة في (19 ربيع ثان 986هـ= 24 من يونيو 1578م) ورست على شاطئ ميناء أصيلة فاحتلته، وفوجئ سباستيان بأن عدد قوات المتوكل قليل جدا.
بنى السعديون خطتهم للمواجهة على إطالة الفترة التي تبقاها قوات البرتغاليين في الشاطئ دون التوغل في الأراضي المغربية؛ حتى يتمكن السعديون من تجميع قواتهم ودفعها إلى المعركة، ثم بدأ السعديون في محاولة إغراء البرتغال بترك الشواطئ والتوغل في الأرض المغربية الصحراوية لإرهاقها وإبعادها عن مراكز تموينها على شاطئ المحيط.
نجحت خطة عبد المالك واستطاع أن يغري القوات البرتغالية والأسبانية بالزحف داخل المغرب حتى سهل فسيح يسمى سهل القصر الكبير أو سهل وادي المخازن بالقرب من نهر لوكوس، وكان يوجد جسر وحيد على النهر للعبور إلى الوادي.
كانت خطة عبد المالك القتالية أن يجعل القوات البرتغالية تعبر الجسر إلى الوادي ثم تقوم القوات المغربية بنسف هذا الجسر لقطع طريق العودة على البرتغاليين، ومن ثمة يكون النهر في ظهرهم أثناء القتال؛ بحيث لا يجد الجنود البرتغاليون غيره ليهرعوا إليه عند اشتداد القتال؛ وهو ما يعني أنهم سيغرقون به نظرا لما يحملونه من حديد ودروع.
بدأ القتال وكان شديدا نظرا للحماسة الدينية التي كانت تسيطر على كلا الطرفين، وأصيب عبد المالك بمرض شديد أقعده في الفراش، وقيل إن بعض الخدم وضع له سما. وقد زاد ضغط البرتغاليين والأسبان على بعض القوات المغربية فاختلت صفوفها فما كان من عبد المالك إلا أن ركب فرسه وحث جنده على الثبات، لكنه سقط فنقل إلى خيمته وأوصى إن توفاه الله تعالى أن يتم كتمان الخبر حتى الانتهاء من القتال حتى لا يؤثر ذلك في معنويات الجنود، وشاءت إرادة الله تعالى أن يُتوفى عبد المالك، وعمل رجال دولته بوصيته فكتموا الخبر.
استمر القتال حوالي أربع ساعات وثلث الساعة وفي أثنائها بدأت بشائر النصر تلوح في الأفق للمسلمين فحاول البرتغاليون الهروب من ميدان المعركة والعودة إلى الشاطئ لكنهم وجدوا أن جسر وادي المخازن قد نُسف فألقى الجنود ومعهم سباستيان بأنفسهم في الماء فمات هو وكثير من جنوده غرقا، أما الباقون فقتلوا في ميدان المعركة أو أسروا، أما البقية التي نجت وركبت البحر فقد استطاع حاكم الجزائر حسن باشا وقائده الريس سنان أن يعترض سفنهم وأن يأسر غالبيتهم؛ حيث أسر 500 شخص.
معركة الملوك الثلاثة
لقي في هذه المعركة ثلاثة ملوك حتفهم هم عبد المالك وسباستيان والمتوكل؛ ولذا عرفت بمعركة الملوك الثلاثة، وفقدت البرتغال في هذه الساعات ملكها وجيشها ورجال دولتها، ولم يبق من العائلة المالكة إلا شخص واحد، فاستغل فيليب الثاني ملك أسبانيا الفرصة وضم البرتغال إلى تاجه سنة (988هـ= 1580م)، وورث أحمد المنصور العرش السعدي في فاس، وأرسل سفارة إلى السلطان العثماني يعرض عليه فيها انضمام دولته لدولة الخلافة العثمانية.
مراجع الدراسة:
عزيز سامح التر: الأتراك العثمانيون في أفريقيا الشمالية- ترجمة: محمود علي عامر- دار النهضة العربية- بيروت- لبنان- الطبعة الأولى- 1989م.
شوقي أبو خليل: وادي المخازن- دار الفكر- دمشق- 1988م.
ماجد اللحام: معجم المعارك الحربية -دار الفكر المعاصر- بيروت- الطبعة الأولى 1990م.
إبراهيم حسن: واقعة وادي المخازن في تاريخ المغرب- دار الثقافة- الدار البيضاء- 1979م.
يونس نكروف: معركة وادي المخازن- ترجمة حسين حيدر ووفاء موسى- دار عويدات للطباعة والنشر-1987م.
إحسان هندي: معركة وادي المخازن- مركز الدراسات التاريخية- دمشق- 1985م.
"وادي المخازن " معركة الملوك الثلاثة
كان دافع البرتغاليين لخوض هذه المعركة هو استرداد شواطئ شمال أفريقيا وسحب البساط تدريجيا من تحت أقدام الإسلام في تلك المناطق وإرجاعها إلى حظيرة المسيحية، وإحكام السيطرة على طرق التجارة، خاصة مدخل البحر المتوسط من خلال السيطرة على مضيق جبل طارق، محاولين في ذلك استلهام تجربة حروب الاسترداد التي خاضتها أسبانيا ضد الوجود الإسلامي بها.
المتوكل.. على الأسبان والبرتغاليين
كانت الدولة السعدية هي التي تسيطر على مراكش (المغرب)، وكان قيامها سنة (923هـ= 1517م) على أساس مجاهدة البرتغاليين، واستطاعت هذه الأسرة أن تحرر الكثير من شواطئ المغرب المطلة على المحيط الأطلنطي -والتي احتلها الأسبان في عدة حملات- حيث استطاعت دخول مراكش سنة (931هـ= 1525م) ثم فاس في (961هـ= 1554م) وكان ذلك بداية قيام تلك الدولة التي استمرت حتى عام (1011هـ=1603م)
وعندما توفي عبد الله الغالب السعدي حاكم الدولة السعدية تولى من بعده ابنه محمد المتوكل الحكم سنة (981هـ=1574م) وعرف عنه القسوة وإتيان المنكرات، فانقلب عليه عماه عبد المالك وأحمد واستنجدا بالعثمانيين -الذين كانوا موجودين بالجزائر- فقدم لهما العثمانيون المساعدات واستطاعا الانتصار على المتوكل في معركتين سنة (983هـ=1576م) واستطاع عبد المالك أن يدخل فاس عاصمة الدولة السعدية وأن يأخذ البيعة لنفسه، وأن يشرع في تأسيس جيش قوي ضم العرب والبربر وعناصر تركية وأندلسية.
ولم تؤد خسارة المتوكل أمام عميه عبد المالك وأحمد إلى أن يرضى بالأمر الواقع فرحل إلى الشواطئ البرتغالية واستنجد بالملك البرتغالي دون سباستيان ليساعده في استرداد ملكه مقابل أن يمنحه الشواطئ المغربية على المحيط الأطلسي.
واستطاعت المخابرات العثمانية في الجزائر أن ترصد هذه الاتصالات بين المتوكل والبرتغاليين، وبعث حسن باشا أمير أمراء الجزائر برسالة مهمة إلى السلطان العثماني بهذا الشأن، وكان العثمانيون في إستانبول على دراية بما يجري في أوربا فقد كان لديها معلومات عن اتصالات يجريها بابا روما ودوق فرنسا منذ عدة أشهر بهدف جمع جنود وإعداد سفن وتحميلها بمقاتلين لمساعدة البرتغال في غزوها للشاطئ المغربي، ورصدت المخابرات العثمانية الاتصالات بين ملك البرتغال سباستيان وخاله ملك أسبانيا فيليب الثاني ولكنها لم تستطع أن تقف على حقيقة الاتفاق الذي جرى بينهما، لكن المعلومات التي رصدتها أكدت أن ملك أسبانيا جمع حوالي عشرة آلاف جندي لمساعدة البرتغال في تأديبه ملك فاس عبد المالك السعدي.
أما الدولة السعدية فقد استطاعت سفنها أن تلقي القبض على سفارة كان قد أرسلها المتوكل إلى البرتغال تطالبهم بالتدخل لمساعدته في استرداد ملكه مقابل منحهم الشواطئ المغربية على المحيط الأطلسي، ولذا بدأ السعديون يأخذون أهبتهم للحرب القادمة من حيث الاستعدادات الحربية وحشد الجنود والاتصال بالعثمانيين الموجودين في الجزائر للحصول على دعمهم في الحرب القادمة ضد البرتغاليين والأسبان.
سباستيان: استرداد استرداد
كان الهوس الديني مسيطرا على سباستيان وكان يرغب في أن يخوض حرب استرداد مسيحية أخرى في سواحل الشمال الأفريقي، ورأى أن تكون حربا كبيرة لا مجرد غارة خاطفة، ولذا بدأ مشاورات مع عدد من ملوك وأمراء أوربا وعلى رأسهم خاله فيليب الثاني الذي سمح للمتطوعين الأسبان بالتدفق على الجيش البرتغالي، وأمده بقوات من جيشه وسفن لنقل القوات إلى الشواطئ المغربية، وشارك بثلث نفقات الحملة شريطة الاكتفاء باحتلال ميناء العرائش على المحيط الأطلسي وعدم التوغل في الأراضي المغربية وألا تستمر الحرب أكثر من عام.
تدفقت جموع المتطوعين على الجيش البرتغالي من إيطاليا وألمانيا وغيرها من الدول الأوربية، وجمع سباستيان حوالي 18 ألف مقاتل، وكان بالجيش البرتغالي الكثير من المدافع والخيالة الذين كانوا عماد الحرب في تلك الفترة من التاريخ. واختلف في المجموع الكلي لجيش سباستيان وجموع الأسبان والمتطوعين المسيحيين الذين تدفقوا على هذا الجيش؛ إذ رفع البعض عددهم إلى حوالي 125 ألف مقاتل، وفي تقديرات أخرى 80 ألفا، بينما يقول المدققون إنه كان يزيد على 40 ألفا.
وقد ظن البرتغاليون أنهم ذاهبون إلى نزهة على الشواطئ المغربية؛ حيث أخذوا الأمر باستخفاف شديد؛ فقد كانوا واثقين من انتصارهم السهل، حتى إن الصلبان كانت مُعدة لتعليقها على المساجد المغربية الكبيرة في فاس ومراكش، بل وضعت تصميمات لتحويل قبلة جامع القرويين الشهير إلى مذبح كنسي، وكانت بعض النساء البرتغاليات من الطبقة الراقية يرغبن في مصاحبة الجيش لمشاهدة المعركة، وكان بعض البرتغاليين يرتدون الثياب المزركشة المبهرة وكأنهم سيحضرون سباقا أو مهرجانا.
الإبحار والخطة والمواجهة
أبحرت السفن البرتغالية والأسبانية من ميناء لشبونة في (19 ربيع ثان 986هـ= 24 من يونيو 1578م) ورست على شاطئ ميناء أصيلة فاحتلته، وفوجئ سباستيان بأن عدد قوات المتوكل قليل جدا.
بنى السعديون خطتهم للمواجهة على إطالة الفترة التي تبقاها قوات البرتغاليين في الشاطئ دون التوغل في الأراضي المغربية؛ حتى يتمكن السعديون من تجميع قواتهم ودفعها إلى المعركة، ثم بدأ السعديون في محاولة إغراء البرتغال بترك الشواطئ والتوغل في الأرض المغربية الصحراوية لإرهاقها وإبعادها عن مراكز تموينها على شاطئ المحيط.
نجحت خطة عبد المالك واستطاع أن يغري القوات البرتغالية والأسبانية بالزحف داخل المغرب حتى سهل فسيح يسمى سهل القصر الكبير أو سهل وادي المخازن بالقرب من نهر لوكوس، وكان يوجد جسر وحيد على النهر للعبور إلى الوادي.
كانت خطة عبد المالك القتالية أن يجعل القوات البرتغالية تعبر الجسر إلى الوادي ثم تقوم القوات المغربية بنسف هذا الجسر لقطع طريق العودة على البرتغاليين، ومن ثمة يكون النهر في ظهرهم أثناء القتال؛ بحيث لا يجد الجنود البرتغاليون غيره ليهرعوا إليه عند اشتداد القتال؛ وهو ما يعني أنهم سيغرقون به نظرا لما يحملونه من حديد ودروع.
بدأ القتال وكان شديدا نظرا للحماسة الدينية التي كانت تسيطر على كلا الطرفين، وأصيب عبد المالك بمرض شديد أقعده في الفراش، وقيل إن بعض الخدم وضع له سما. وقد زاد ضغط البرتغاليين والأسبان على بعض القوات المغربية فاختلت صفوفها فما كان من عبد المالك إلا أن ركب فرسه وحث جنده على الثبات، لكنه سقط فنقل إلى خيمته وأوصى إن توفاه الله تعالى أن يتم كتمان الخبر حتى الانتهاء من القتال حتى لا يؤثر ذلك في معنويات الجنود، وشاءت إرادة الله تعالى أن يُتوفى عبد المالك، وعمل رجال دولته بوصيته فكتموا الخبر.
استمر القتال حوالي أربع ساعات وثلث الساعة وفي أثنائها بدأت بشائر النصر تلوح في الأفق للمسلمين فحاول البرتغاليون الهروب من ميدان المعركة والعودة إلى الشاطئ لكنهم وجدوا أن جسر وادي المخازن قد نُسف فألقى الجنود ومعهم سباستيان بأنفسهم في الماء فمات هو وكثير من جنوده غرقا، أما الباقون فقتلوا في ميدان المعركة أو أسروا، أما البقية التي نجت وركبت البحر فقد استطاع حاكم الجزائر حسن باشا وقائده الريس سنان أن يعترض سفنهم وأن يأسر غالبيتهم؛ حيث أسر 500 شخص.
معركة الملوك الثلاثة
لقي في هذه المعركة ثلاثة ملوك حتفهم هم عبد المالك وسباستيان والمتوكل؛ ولذا عرفت بمعركة الملوك الثلاثة، وفقدت البرتغال في هذه الساعات ملكها وجيشها ورجال دولتها، ولم يبق من العائلة المالكة إلا شخص واحد، فاستغل فيليب الثاني ملك أسبانيا الفرصة وضم البرتغال إلى تاجه سنة (988هـ= 1580م)، وورث أحمد المنصور العرش السعدي في فاس، وأرسل سفارة إلى السلطان العثماني يعرض عليه فيها انضمام دولته لدولة الخلافة العثمانية.
مراجع الدراسة:
عزيز سامح التر: الأتراك العثمانيون في أفريقيا الشمالية- ترجمة: محمود علي عامر- دار النهضة العربية- بيروت- لبنان- الطبعة الأولى- 1989م.
شوقي أبو خليل: وادي المخازن- دار الفكر- دمشق- 1988م.
ماجد اللحام: معجم المعارك الحربية -دار الفكر المعاصر- بيروت- الطبعة الأولى 1990م.
إبراهيم حسن: واقعة وادي المخازن في تاريخ المغرب- دار الثقافة- الدار البيضاء- 1979م.
يونس نكروف: معركة وادي المخازن- ترجمة حسين حيدر ووفاء موسى- دار عويدات للطباعة والنشر-1987م.
إحسان هندي: معركة وادي المخازن- مركز الدراسات التاريخية- دمشق- 1985م.