ابن النعمان
2011-03-16, 04:16 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
الاسلام دين العلم والتقدم وليس دين التخلف والجمود
"ادعى بعض المستشرقين ان الاسلام كان حربا ضروسا على حرية الفكر , وانه كبت جميع الحركات العلمية , وحارب البحث والفلسفة , وحظر على معتنقيه التامل والنظر او الاشتغال بالعلم الدينيوى , ولم يبح لاتباعه الا العناية بالعلوم الدينيوية , وكان من ابرز دعاة هذا الفكر الخاطىء ارنست رينان" ( الاسلام من خلال مبادئه التاسيسية – الدكتور محمد غلاب ص57) .
وقد زعم المستشرق "ثنحان" فى كتابه "مختصر تاريخ الفلسفة" "ان عدة عقبات ثبطت تقدم العرب فى الفلسفة وهى ان كتابهم المقدس يعوق النظر العقلى الحر " .
"كما زعم البعض الاخر ان الاسلام هو دين التخلف والجمود , وانه دين من اديان الظلام الفكرى التى تحول بين معتنيقيها والنور وهذا يجلب الركود الى الشعوب ويضع امامها العقبات و يمنعها من التقدم
ولا شك ولا جدال فى مجافاة هذه الاقوال للواقع , فالاسلام كما اعتمد على الايمان اعتمد على العلم , فخاطب العقل والقلب معا , واثار العاطفة والفكر فى آن واحد .
والاسلام يعتبر العلم والتعليم هدفا اساسيا فى بناء المجتمع الانسانى . وآية ذلك ان رسالة الاسلام قد بدأت فى غار حراء بقوله تعالى "اقرأ باسم ربك الذى خلق " (العلق 1) فهذا الامر الموجه الى النبى صلى الله عليه وسلم فى بداية الدعوة الاسلامية انما هو دعوة لتحرير العقل الانسانى من ظلام الجهل ودفعه الى ولوج ابواب العلم والمعرفة .
ولقد حبب القرآن الكريم الناس فى العلم فيقول عز وجل "يرفع الله الذين آمنوا منكم و الذين أتوا العلم درجات و الله بما تعملون خبير" (المجادلة 11)
كما قدس التعليم فحين اقسم الله عز وجل به "ن والقلم وما يسطوون" (القلم 1) واشار الى وسيلة العلم والتعلم بقوله "اقرأ باسم ربك الذي خلق. خلق الإنسان من علق. اقرأ وربك الأكرم.الذي علم بالقلم. علم الإنسان ما لم يعلم" (العلق 5:1)
وحارب الوهم والاساطير بقوله "وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا" (الاسراء37) وتوالت ايات القرآن الكريم تحث على الاستزادة من العلم والاغتراف من رحيقه " ... هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكّر أولو الألباب" (الزمر 9) , "....و قل رب زدني علما" (طه 114)
ولم يكتف القرآن بذلك بل فتح مجال العلم للعقل الانسانى وتعدى به اسرار الطبيعة , وتغلل فى اسرار الحياة "فلينظر الانسان مما خلق ... " (الطارق 5) , "وارسلنا الرياح لواقح فأنزلنا من السماء ماء فأسيقناكموه وما انتم له بخازنين" (الحجر 22) .وفى آيات القرآن الكريم دعوة الى التأمل والمشاهدة , والتفكير فى ملكوت السموات والارض لاستنباط الحقائق العلمية , واتباع الاسلوب العلمى فى جميع نواحى الحياة , " أولم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض وما خلق الله من شيء وأن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم فبأي حديث بعده يؤمنون" (الاعراف 185) . "وفي الأرض آيات للموقنين , وفي أنفسكم أفلا تبصرون" (الذاريات 21,20) .
{ أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ وَإِلَى السَّمَاء كَيْفَ رُفِعَتْ وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ } الغاشية 17-20 .
{أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآَخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} : العنكبوت 19-20ويظهر لنا من هذه الايات الكريمة انها تحث على التفكير , وهذا يعنى الاعلان عن فضل العقل والايحاء بالعمل على تنميته , مما يعتبر تسجيلا لفضل العلم , وايحاء بتحصيله .
ولقد كرم الله تعالى العلماء تكريما لا مطمع ورائه لرفعه حيث اضافهم الى نفسه وملائكته , وفى الاقرار بربوبيته وعلمه ووحدانيته { شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا اله إِلا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَآئـِمَا بِالْقِسْطِ لا إله إِلا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } آل عمران 18
ويظهر لنا من هذه الايات الكريمة انها تحث على التفكير وهذا يعنى الاعلان عن فضل العقل والايحاء بالعمل على تنميته , مما يعتبر تسجيلا لفضل العلم , وايحاء بتحصيله .
وتفيض السنة النبوية الشريفة وهى المصدر الثانى للتشريع الاسلامى بالاحاديث النبوية التى تبين مكانة العلم وعلو منزلته وتحفز الانسان الى طلبه والسعى اليه فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة " (رواه الترمذى) ويقول عليه الصلاة والسلام : "يوزن مداد العلماء بدماء الشهداء يوم القيمة" (الطبرانى) ويقول صلى الله عليه وسلم "ساعة عالم متكىء على فراشه ينظر علمه خير من عبادة العابد ستين عاما" رواه الديلمى فى المسند . (افتراءات واباطيل – المستشار على عبد اللاه طنطاوى ص64 - 66)
"فالايات القرآنية كما سلف , والاحاديث النبوية تطلب من الانسان ان يفكر ويتدبر , وان ينظر ويتأمل و وان يعمل ويستنبط , والحكمة من ذلك ان الاسلام جاء بمنهج يتناول كافة امور الدين والدنيا , ويتولى شئون البشرية كلها , ويساعد الانسان على ان يحصل لنفسه وللجماعة الانسانية على اسمى درجة من الكمال الانسانى فى الروح والخلق , والمادة والعقل , وينظم علاقته بربه , وبغيره من البشر , ومنهج بمثل هذا الشمول والعمق والانتشار لابد وان يستقر ويرسخ فى الوجدان عن طريق الفكر والمعرفة فالمعرفة فى الاسلام هى شرط للايمان" . (الثقافة الاسلامية – الدكتورعبد الواحد الفار120)
وفى ذلك يقول الاستاذ عباس محمود العقاد "كل ما يجب على المسلم ان يؤمن به ان كتابه الالهى يامره بالبحث والتفكير , ولا ينهاه عنه , ولا يصده عن النظر والتامل فى مبحاث الوجود واسرار الطبيعة , وخفايا المجهول كيفما كان " . (الفلسفة القرآنية – عباس محمود العقاد ص256)
والقرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة لا يشجعان على العلم الدينى فحسب , ولكن يشجعان على كل علم يؤدى الى نفع البشرية, ويفضى الى تقدم الحياة ورقيها , ولنقرأ فى ذلك قوله تعالى ( ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود ( 27 ) ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك إنما يخشى الله من عباده العلماء إن الله عزيز غفور ( 28 ) الآيات من سورة فاطر فهاتان الايتان جمعتا اشتاتا من المعارف الحيوية , وانماطا من المشاهد الطبيعية , منها ما يرتبط بعلم النبات , ومنها ما يرتبط بعلم طبقات الارض, وانواع التربة, ومنها ما يرتبط بعلم الانسان , وعلى المسلم ان يتأمل كل ذلك بعقل الباحث المفكر . (افتراءات واباطيل – المستشار على عبد اللاه طنطاوى ص68 , 67)
ورحم الله العقاد عندما قال "...... فمن الحق ان نعلم ان كتابنا يأمرنا بالبحث والنظر, والتعلم والاحاطة بكل معلوم يصدر عن العقل " . (التفكير فريضة اسلامية – العقادص78)
"والقرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة فى حثهما على طلب العلم واعمال الفكر فى علوم الدين والدنيا قصدا بذلك اصلاح احوالنا الدنيوية وتأسيس الانسان المسلم الكامل الذى يسمو بنفسه ومجتمعه الى درجة الكمال والسمو الانسانى .
وغنى عن البيان انه لا توجد فى القرآن الكريم كلمة واحدة تفلاق بين علوم الدنيا والدين , بل على العكس حث الانسان على مرعاة شئونه الدنيوية وعدم اهمالها "" (القصص 77) .
فالاسلام ليس دينا روحنيا يعزل معتنقيه عن الحياة , ولا ماديا صرف يوقعهم فى اوحال الدنيا , انما يعتد بالاخرة والدنيا معا , ويعتبر الدنيا وسيلة للاخرة . (افتراءات واباطيل – المستشار على عبد اللاه طنطاوى ص68)
"وحضارته هى الوحيدة التى تميزت بغايتها الربانية ، ورؤيتها الإنسانية ونزعتها العالمية ، ونظرتها الشمولية ، وفكرتها الوسطية ، وصبغتها الأخلاقية . وهذه الحضارة هي الوحيدة في التاريخ التي وصلت الدنيا بالآخرة ، وربطت السماء بالأرض ، وآخت بين العقل والقلب ، ومزجت المادة بالروح ، وأرضت الفرد والمجتمع ، ووازنت بين الحقوق والواجبات ، وجمعت بين الواقع والمثال .. لقد وحّدت بحق بين الثنائيات ، وأخرجت منها شراباً خالصاً سائغاً للشاربين"
(حضارتنا في عيون الغربيين - د.عبد المعطي الدالاتي) .
"والقول بان الاسلام فضل العلم الدينى دون الدنيوى انما هو فرية خبيثة ظالمة كاذبة روج لها اعداء الاسلام ادعياء الثقافة وجهلة العلم ". (افتراءات واباطيل – المستشار على عبد اللاه طنطاوى ص69)
وقد رد على هذه الفرية جمع غفير من المستشرقين المنصفين منهم المستشرق هورتن الذى يقول :
"فى الاسلام تجد اتحاد الدين والعلم , فهو الدين الوحيد الذى يوحد بينهما , فتجد فيه الدين متمكنا فى دائرة العلم , وترى وجهة الفلسفة ووجهة الفقه متعانقين فهما واحد لا اثنان " (نقلا عم مقال للاستاذ انور وجدى فى مجلة الوعى الاسلامى , العدد 26, ص39) .
كما رد على هذه الفرية البارون "كاردفوا" الباحث الفنى الذى خصص نفسه للفلسفة الاسلامية , فدرسها دراسة عميقة تسمح له ان يحكم عليها الحكم الذى له قيمته فى نظر الباحثين فيقول :
"ليس القران كتابا فلسفيا , وليس محمد صلى الله عليه وسلم فيلسوف بالمعنى الفنى لهذه الكلمة , ولكنه كنبى التقى فى اثناء تادية مهمته ببعض المشاكل الفلسفية فمنحها حلولا الهامية , مصوغة فى اسلوب ادبى , ومجموعة هذه الحلول هى التى كونت العقيدة الاسلامية فيما بعد , وهى التى صارت فيما بعد نقاطا محددة فى النظر الفلسفى عند العرب " ( الاسلام من خلال مبادئه التاسيسية – الدكتور محمد غلاب ) .
ويكفيا ردا على مزاعم المستشرق سنحان ما قرره المستشرق جيلون فى كتابه الفلسفة فى العصر الوسيط "ان اروبا كانت فى القرن الثالث عشر الميلادى تتطلع الى الفكر الاسلامى تريد أن تأخذ عنه وتفيد منه، وأنه كان لما نقل من الكتب العربية واليونانية إلى اللاتينية أثر قوي في وجود نشاط فكري هائل في أوروبا وظهور الجامعات" .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
الاسلام دين العلم والتقدم وليس دين التخلف والجمود
"ادعى بعض المستشرقين ان الاسلام كان حربا ضروسا على حرية الفكر , وانه كبت جميع الحركات العلمية , وحارب البحث والفلسفة , وحظر على معتنقيه التامل والنظر او الاشتغال بالعلم الدينيوى , ولم يبح لاتباعه الا العناية بالعلوم الدينيوية , وكان من ابرز دعاة هذا الفكر الخاطىء ارنست رينان" ( الاسلام من خلال مبادئه التاسيسية – الدكتور محمد غلاب ص57) .
وقد زعم المستشرق "ثنحان" فى كتابه "مختصر تاريخ الفلسفة" "ان عدة عقبات ثبطت تقدم العرب فى الفلسفة وهى ان كتابهم المقدس يعوق النظر العقلى الحر " .
"كما زعم البعض الاخر ان الاسلام هو دين التخلف والجمود , وانه دين من اديان الظلام الفكرى التى تحول بين معتنيقيها والنور وهذا يجلب الركود الى الشعوب ويضع امامها العقبات و يمنعها من التقدم
ولا شك ولا جدال فى مجافاة هذه الاقوال للواقع , فالاسلام كما اعتمد على الايمان اعتمد على العلم , فخاطب العقل والقلب معا , واثار العاطفة والفكر فى آن واحد .
والاسلام يعتبر العلم والتعليم هدفا اساسيا فى بناء المجتمع الانسانى . وآية ذلك ان رسالة الاسلام قد بدأت فى غار حراء بقوله تعالى "اقرأ باسم ربك الذى خلق " (العلق 1) فهذا الامر الموجه الى النبى صلى الله عليه وسلم فى بداية الدعوة الاسلامية انما هو دعوة لتحرير العقل الانسانى من ظلام الجهل ودفعه الى ولوج ابواب العلم والمعرفة .
ولقد حبب القرآن الكريم الناس فى العلم فيقول عز وجل "يرفع الله الذين آمنوا منكم و الذين أتوا العلم درجات و الله بما تعملون خبير" (المجادلة 11)
كما قدس التعليم فحين اقسم الله عز وجل به "ن والقلم وما يسطوون" (القلم 1) واشار الى وسيلة العلم والتعلم بقوله "اقرأ باسم ربك الذي خلق. خلق الإنسان من علق. اقرأ وربك الأكرم.الذي علم بالقلم. علم الإنسان ما لم يعلم" (العلق 5:1)
وحارب الوهم والاساطير بقوله "وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا" (الاسراء37) وتوالت ايات القرآن الكريم تحث على الاستزادة من العلم والاغتراف من رحيقه " ... هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكّر أولو الألباب" (الزمر 9) , "....و قل رب زدني علما" (طه 114)
ولم يكتف القرآن بذلك بل فتح مجال العلم للعقل الانسانى وتعدى به اسرار الطبيعة , وتغلل فى اسرار الحياة "فلينظر الانسان مما خلق ... " (الطارق 5) , "وارسلنا الرياح لواقح فأنزلنا من السماء ماء فأسيقناكموه وما انتم له بخازنين" (الحجر 22) .وفى آيات القرآن الكريم دعوة الى التأمل والمشاهدة , والتفكير فى ملكوت السموات والارض لاستنباط الحقائق العلمية , واتباع الاسلوب العلمى فى جميع نواحى الحياة , " أولم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض وما خلق الله من شيء وأن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم فبأي حديث بعده يؤمنون" (الاعراف 185) . "وفي الأرض آيات للموقنين , وفي أنفسكم أفلا تبصرون" (الذاريات 21,20) .
{ أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ وَإِلَى السَّمَاء كَيْفَ رُفِعَتْ وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ } الغاشية 17-20 .
{أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآَخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} : العنكبوت 19-20ويظهر لنا من هذه الايات الكريمة انها تحث على التفكير , وهذا يعنى الاعلان عن فضل العقل والايحاء بالعمل على تنميته , مما يعتبر تسجيلا لفضل العلم , وايحاء بتحصيله .
ولقد كرم الله تعالى العلماء تكريما لا مطمع ورائه لرفعه حيث اضافهم الى نفسه وملائكته , وفى الاقرار بربوبيته وعلمه ووحدانيته { شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا اله إِلا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَآئـِمَا بِالْقِسْطِ لا إله إِلا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } آل عمران 18
ويظهر لنا من هذه الايات الكريمة انها تحث على التفكير وهذا يعنى الاعلان عن فضل العقل والايحاء بالعمل على تنميته , مما يعتبر تسجيلا لفضل العلم , وايحاء بتحصيله .
وتفيض السنة النبوية الشريفة وهى المصدر الثانى للتشريع الاسلامى بالاحاديث النبوية التى تبين مكانة العلم وعلو منزلته وتحفز الانسان الى طلبه والسعى اليه فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة " (رواه الترمذى) ويقول عليه الصلاة والسلام : "يوزن مداد العلماء بدماء الشهداء يوم القيمة" (الطبرانى) ويقول صلى الله عليه وسلم "ساعة عالم متكىء على فراشه ينظر علمه خير من عبادة العابد ستين عاما" رواه الديلمى فى المسند . (افتراءات واباطيل – المستشار على عبد اللاه طنطاوى ص64 - 66)
"فالايات القرآنية كما سلف , والاحاديث النبوية تطلب من الانسان ان يفكر ويتدبر , وان ينظر ويتأمل و وان يعمل ويستنبط , والحكمة من ذلك ان الاسلام جاء بمنهج يتناول كافة امور الدين والدنيا , ويتولى شئون البشرية كلها , ويساعد الانسان على ان يحصل لنفسه وللجماعة الانسانية على اسمى درجة من الكمال الانسانى فى الروح والخلق , والمادة والعقل , وينظم علاقته بربه , وبغيره من البشر , ومنهج بمثل هذا الشمول والعمق والانتشار لابد وان يستقر ويرسخ فى الوجدان عن طريق الفكر والمعرفة فالمعرفة فى الاسلام هى شرط للايمان" . (الثقافة الاسلامية – الدكتورعبد الواحد الفار120)
وفى ذلك يقول الاستاذ عباس محمود العقاد "كل ما يجب على المسلم ان يؤمن به ان كتابه الالهى يامره بالبحث والتفكير , ولا ينهاه عنه , ولا يصده عن النظر والتامل فى مبحاث الوجود واسرار الطبيعة , وخفايا المجهول كيفما كان " . (الفلسفة القرآنية – عباس محمود العقاد ص256)
والقرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة لا يشجعان على العلم الدينى فحسب , ولكن يشجعان على كل علم يؤدى الى نفع البشرية, ويفضى الى تقدم الحياة ورقيها , ولنقرأ فى ذلك قوله تعالى ( ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود ( 27 ) ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك إنما يخشى الله من عباده العلماء إن الله عزيز غفور ( 28 ) الآيات من سورة فاطر فهاتان الايتان جمعتا اشتاتا من المعارف الحيوية , وانماطا من المشاهد الطبيعية , منها ما يرتبط بعلم النبات , ومنها ما يرتبط بعلم طبقات الارض, وانواع التربة, ومنها ما يرتبط بعلم الانسان , وعلى المسلم ان يتأمل كل ذلك بعقل الباحث المفكر . (افتراءات واباطيل – المستشار على عبد اللاه طنطاوى ص68 , 67)
ورحم الله العقاد عندما قال "...... فمن الحق ان نعلم ان كتابنا يأمرنا بالبحث والنظر, والتعلم والاحاطة بكل معلوم يصدر عن العقل " . (التفكير فريضة اسلامية – العقادص78)
"والقرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة فى حثهما على طلب العلم واعمال الفكر فى علوم الدين والدنيا قصدا بذلك اصلاح احوالنا الدنيوية وتأسيس الانسان المسلم الكامل الذى يسمو بنفسه ومجتمعه الى درجة الكمال والسمو الانسانى .
وغنى عن البيان انه لا توجد فى القرآن الكريم كلمة واحدة تفلاق بين علوم الدنيا والدين , بل على العكس حث الانسان على مرعاة شئونه الدنيوية وعدم اهمالها "" (القصص 77) .
فالاسلام ليس دينا روحنيا يعزل معتنقيه عن الحياة , ولا ماديا صرف يوقعهم فى اوحال الدنيا , انما يعتد بالاخرة والدنيا معا , ويعتبر الدنيا وسيلة للاخرة . (افتراءات واباطيل – المستشار على عبد اللاه طنطاوى ص68)
"وحضارته هى الوحيدة التى تميزت بغايتها الربانية ، ورؤيتها الإنسانية ونزعتها العالمية ، ونظرتها الشمولية ، وفكرتها الوسطية ، وصبغتها الأخلاقية . وهذه الحضارة هي الوحيدة في التاريخ التي وصلت الدنيا بالآخرة ، وربطت السماء بالأرض ، وآخت بين العقل والقلب ، ومزجت المادة بالروح ، وأرضت الفرد والمجتمع ، ووازنت بين الحقوق والواجبات ، وجمعت بين الواقع والمثال .. لقد وحّدت بحق بين الثنائيات ، وأخرجت منها شراباً خالصاً سائغاً للشاربين"
(حضارتنا في عيون الغربيين - د.عبد المعطي الدالاتي) .
"والقول بان الاسلام فضل العلم الدينى دون الدنيوى انما هو فرية خبيثة ظالمة كاذبة روج لها اعداء الاسلام ادعياء الثقافة وجهلة العلم ". (افتراءات واباطيل – المستشار على عبد اللاه طنطاوى ص69)
وقد رد على هذه الفرية جمع غفير من المستشرقين المنصفين منهم المستشرق هورتن الذى يقول :
"فى الاسلام تجد اتحاد الدين والعلم , فهو الدين الوحيد الذى يوحد بينهما , فتجد فيه الدين متمكنا فى دائرة العلم , وترى وجهة الفلسفة ووجهة الفقه متعانقين فهما واحد لا اثنان " (نقلا عم مقال للاستاذ انور وجدى فى مجلة الوعى الاسلامى , العدد 26, ص39) .
كما رد على هذه الفرية البارون "كاردفوا" الباحث الفنى الذى خصص نفسه للفلسفة الاسلامية , فدرسها دراسة عميقة تسمح له ان يحكم عليها الحكم الذى له قيمته فى نظر الباحثين فيقول :
"ليس القران كتابا فلسفيا , وليس محمد صلى الله عليه وسلم فيلسوف بالمعنى الفنى لهذه الكلمة , ولكنه كنبى التقى فى اثناء تادية مهمته ببعض المشاكل الفلسفية فمنحها حلولا الهامية , مصوغة فى اسلوب ادبى , ومجموعة هذه الحلول هى التى كونت العقيدة الاسلامية فيما بعد , وهى التى صارت فيما بعد نقاطا محددة فى النظر الفلسفى عند العرب " ( الاسلام من خلال مبادئه التاسيسية – الدكتور محمد غلاب ) .
ويكفيا ردا على مزاعم المستشرق سنحان ما قرره المستشرق جيلون فى كتابه الفلسفة فى العصر الوسيط "ان اروبا كانت فى القرن الثالث عشر الميلادى تتطلع الى الفكر الاسلامى تريد أن تأخذ عنه وتفيد منه، وأنه كان لما نقل من الكتب العربية واليونانية إلى اللاتينية أثر قوي في وجود نشاط فكري هائل في أوروبا وظهور الجامعات" .