ابن النعمان
2011-03-25, 11:35 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
انظر كيف يشهد الحاقدون لمعجزة القرآن ؟
اذا كان بعض النصارى يقولون بأن الاحتكام إلى المؤلف نفسه أو الأتباع في تقرير الأبلغ والأجمل والأجوَد هو احتكام غير صحيح، وهو يشبه أن يقول أحدهم أن القران ليس من عند الله، فيردّ عليه شخص بأن الله قال أنه تنزيلٌ من رب العالمين، فهذا استدلال فاسد، لأن الشيء لا يكون شاهداً على نفسه نقول ليس فى هذا الكلام شىء لتدخل التكيف والعصبية فى الحكم ولكن مع الالتفات الى شىء هام وهوان قيمته واعتباره ترجعان لشهادة الشىء على نفسه بالايجاب لا بالسلب نظرا لتدخل العصبية والتكيف فى هذه الشهادة كما قلنا وبالتالى اذا شهد الشىء على نفسه بالسلب فان قيمة هذه الشهادة سوف تكون اكبر لتحررها من التكيف والعصبية واذا تجاهلنا الاولى فبناء على رأيهم الذين يرفضون فيه شهادة الشىء على نفسه بالايجاب لا يمكن ان نتجاهل الثانية هذا من ناحية ولكونها سوف تكون بعيدة تماما عن التكيف والعصبية كما قلنا وقريبة جدا من الانصاف والموضوعية من ناحية اخرى وعلى هذا الاساس سوف نرد عليهم من تحت باب وشهد شاهد من اهلها حتى نكون باعدين تماما عن العصبية او الحكم على القرآن حسب المقاييس الشخصية والاهواء اوالشهادة على انفسنا بانفسنا لانفسنا ونرى فى نفس الوقت شهادة الشىء على نفسه بالسلب من ناحية النقص والتحريف والقصور .
بعرض ما قاله المستشرقين المنصفين فى القرآن الكريم والكتاب المقدس سواء باللفظ الصريح او الاعتراف الضمنى .
تقول الكاتبة ارم استرونج
: "لقد جاء محمد بالقرآن الذى فاق وتجاوز كل الالفاظ الادبية التى عرفها العرب حتى ان هؤلاء القرشيين الذين رفضوا الخضوع للاسلام قد تأثرو ا بالقرآن واضطربوا بسببه
وذلك لانه كما قلنا مخالفا لمعهودهم فى اللغة ولانماطهم الادبية ,
انه لم يكن كإلهامات كهانهم وشعرائهم ,
ولا هو كرقى وتصورات السحرة ,
بل ان القرآن قد ملك عليهم عقولهم وقلوبهم ,
وقد اسلم كثير منهم بسبب تاثرهم بالقرآن الذى لولاه ما كان الاسلام نفسه ...."
ثم تقول :
"انه بفضل القرآن اسطاع محمد ان يحول العرب من الوثنية الى الاسلام فى مدى 23 عام
بينما اخذ الاسرائيليون القدامى حوالى ال700 سنة ليتخلصوا من محض الولاء للوثنية الى الولاء لديانة التوحيد " (محمد بين الحقيقة والافتراء - الدكتور محمد محمد ابو ليله ص46)
بينما يقول المستشرق المنصف بارتلمى شتيلر :
"ان القرآن بقى اجمل مثال للغة التى انزل بها ,
ولم ارى ما يشبه ذلك فى جميع ادوارالتاريخ الدينى للعالم الانسانى "
(فى جولة مع المستشرقين ص55)
اما جستاف لوبون فيقول
"حسب هذا الكتاب جلالة ومجدا ان الاربعة عشر قرنا التى مرت عليه لم تستطع ان تجفف من اسلوبه الذى لا يزال غضا كأن عهده بالوجود امس ,
ولم يكن هذا النبى الجليل داعيا الى الاخرة وحدها بل امر اتباعه بان ياخذوا نصيبهم من الدنيا " (المرجع السابق)
وناتى الى جميس يتشنر الذى يقول :
"لعل القرآن هو اكثر الكتب التى تقرأ فى العالم ,
وهو بكل تأكيد ايسرها حفظا ,
واشوقها اثرا فى الحياة اليومية لمن يؤمن به ,
فهو ليس طويلا كالعهد القديم ,
وهو مكتوب باسلوب رفيع
ومن مزاياه ان القلوب تخشع عند سماعه ,
وتزداد ايمانا وسجودا ....
هذا هو القرآن الكريم
معجزة نبى الاسلام ورسول السلام خاتم الرسل والانبياء " ( (المرجع السابق )
شهادة الاعداء والمتربصين
ويمكن ان نضيف الى هذه الشهادات شهادات بعض المستشرقين المعاديين للاسلام الذين لم يستطيعوا ان يخفوا اعجابهم بالقرآن رغم حقدهم وكراهيتهم للاسلام ليظهر لنا الاعجاب مختلطا بالحقد والعصبية فى اغرب هيئة وصورة , فهم يقولون فى القرآن ما ينوب عن الاعجاب والاحساس بالروعة والجمال ثم ينسبونه بعد ذلك إلى محمد صلى الله عليه وسلم مع عدم التدقيق فى هذه النقطة البديهية التى نرجع مصدره الالهى فيقول مثلا المستشرق سيل واضع اشهر ترجمة لمعانى القرآن الكريم : "من المعترفِ به أن لغةَ محمدٍ صلى الله عليه وسلم قد بلغت الغايةَ في الروعةِ والنقاء، وقد استند محمدٌ إلى إعجاز الكتاب لإثبات حقيقة بعثته، وأعلن تحديه لأعظم الرجال وأكثرهم فصاحة" , ويقول أيضاً: "ولا شك أن أسلوب القرآنِ مذهل فهو جميل مشرق، وهو مُفعَمٌ بذوقٍ شرقي فضلاً عن أنه ممتلئٌ بالتعبيرات الهادية المنمَّقة التي تنطقُ بالحِكمة، كما أن المواضع التي تذكر عظمةَ الله وصفاته هي الذروة فيما قدم الأسلوب القرآني من فنون البيان" (انظر: الاستشراق والقرآن العظيم د. محمد خليفة ص 59، 60.)
ويقول "هيرتشفلد" وهو مستشرق يهودي، وباحث فى القرآن الكريم وتفسيره : "إن هذا الدين الذي أحدث الثورة الكبرى لم يقم على مجرد الخيال" (انظر: دعوى المستشرقين أن القرآن من صنع البشر 143) .
شهادة الكفار والمشركين
يقول الدكتور "عبد الودود مقبول حنيف" فى كتابه "مصدر القرآن الكريم" : "الأسلوب الأدبي للقرآن الكريم أسلوب رفيع عال يفوق أي أسلوبٍ من الأساليب العربية الأخرى، سواءٌ أكانت قصيدةً أم نثراً مسجوعاً أم غير مسجوع، أو شعراً، فلغة النبي صلى الله عليه وسلم تدل على رصانةِ ألفاظه وقوة فصاحتِه وبلاغته، فقد أوتي جوامع الكلم صلى الله عليه وسلم، وهو ما بدا واضحاً في سنته عليه الصلاة والسلام، ومع ذلك كله لا يمكن أن يصل لمستوى القرآنِ الكريم فهو معجزٌ، عجزت الإنس والجن عن أن يأتوا بمثله ولن يستطيع أحدٌ الإتيانَ بمثله ولو كان بعضهم لبعضٍ ظهيراً، بعكس الحديث النبوي فإن أعجز عامة الناس الإتيان بالأسلوب البشري فلا يعجز بعض خاصتهم الإتيان بأسطرٍ منه، وبالمقارنة بين القرآنِ والسنة يتضحُ الفرق بين الأسلوب الإلهي الذي يدل على روعة النظمِ القرآني وبين الأسلوب البشري"، قال ابن عطية : ((لو نُزعت منه لفظة ثم أدير لسان العرب في أن يوجدَ أحسن منها لم يوجد))( تفسير ابن عطية 1/52.) وقال الزرقاني في البيان والتوضيح بين الأسلوبين: ((حتى كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أوتي جوامع الكلم، وأشرقت نفسه بنور النبوة والوحي، وصِيغَ على أكمل ما خلق الله، فإنه مع تحليقه في سماءِ البيان وسُمُوِّه على كل إنسان لا يزالُ هناك بَونٌ بينه وبين القرآن)) "مناهل العرفان 2/ 298"
و"إسلام لبيد بن ربيعة وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما المعروفين بالفصاحة والبيان ما هو إلا شاهد ودليلٌ واضحٌ على الأسلوب البلاغي الراقي الذي انفرد به القرآنُ الكريم عن غيره من الأساليب، فقد كانت هناك قصيدةٌ شعرية للبيد تُعَدُّ من أعظم ما قيل من الروائع في عهد محمد صلى الله عليه وسلم، ولم يجرؤ أحدٌ من الشعراء على منافستها حتى علقت بجانبها بعض آياتٍ من القرآنِ الكريم، فأسلم لبيد في الحال وقال قولته: ((إن كلاماً كهذا ليس من قول البشر، وإنه لا شك وحيٌ إلهي)) (انظر الاستشراق والقرآن العظيم د. محمد خليفة ص 52)
و"عمر بن الخطاب كان فصيحاً لا نظير له، وكان يعادي الإسلام والقرآن حتى وجد عند أخته صحيفةً بها بعض القرآن فطلبها فامتنعت فقرأها، فلما تمكن من قراءتها ملأت الآيات القليلة قلبه إعجاباً ورهبة، ومنذ تلك اللحظة أصبح عمر بن الخطاب واحداً من رموز قادة الإسلام "(انظر الاستشراق والقرآن العظيم د. محمد خليفة ص 53)
ومن قبل كانت شهادة الوليد بن المغيرة كافية فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن الوليد بن المغيرة (الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم أبو عبد شمس، من قضاة العرب في الجاهلية ومن زعماء قريش ومن زنادقتها توفي سنة 1 ه، الكامل 2/26، الأعلام 8/122.) جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقرأ عليه القرآن فكأنه رق له فبلغ ذلك أبا جهل، فأتاه فقال له: يا عم، إن قومك يريدون أن يجمعوا لك مالاً، قال: لِمَ ؟ قال: ليعطوكه، فإنك أتيت محمداً لتتعرض لما قبله، قال: قد علمت قريش أني من أكثرها مالاً، قال: فقل فيه قولاً يبلغ من قومك أنك منكر له وكاره، قال: وماذا أقول؟ فوالله ما فيكم رجل ألم بالشعر مني، لا برجزه ولا بقصيده ولا بأشعار الجن، والله ما يشبه الذي يقول شيئاً من هذا، ووالله إن لقوله الذي يقوله لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإنه لمثمر أعلاه، مغدق أسفله، وإنه ليعلو وما يعلى، وإنه ليحطم ما تحته، قال: والله ما يرضى قومك حتى تقول فيه، قال: فدعني حتى أفكر، فلما فكر قال: هذا سحر يؤثر، يأثره عن غيره، فنَزلت : " ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً * وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَمْدُوداً * وَبَنِينَ شُهُوداً * وَمَهَّدْتُّ لَهُ تَمْهِيداً * ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ * كَلاَّ إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيداً * سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً * إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ * فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ نَظَرَ * ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ * ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ * فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ * إِنْ هَذَا إِلاَّ قَوْلُ الْبَشَرِ * سَأُصْلِيهِ سَقَرَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ * لاَ تُبْقِي وَلاَ تَذَرُ * لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ * عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ "
(الايات من سورة المدثر
والحديث أخرجه الحاكم، كتاب التفسير، باب تفسير سورة المدثر 2/506، وقال عقبه: هذا حديثٌ صحيح الإسناد على شرط البخاري ولم يخرجاه.)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
انظر كيف يشهد الحاقدون لمعجزة القرآن ؟
اذا كان بعض النصارى يقولون بأن الاحتكام إلى المؤلف نفسه أو الأتباع في تقرير الأبلغ والأجمل والأجوَد هو احتكام غير صحيح، وهو يشبه أن يقول أحدهم أن القران ليس من عند الله، فيردّ عليه شخص بأن الله قال أنه تنزيلٌ من رب العالمين، فهذا استدلال فاسد، لأن الشيء لا يكون شاهداً على نفسه نقول ليس فى هذا الكلام شىء لتدخل التكيف والعصبية فى الحكم ولكن مع الالتفات الى شىء هام وهوان قيمته واعتباره ترجعان لشهادة الشىء على نفسه بالايجاب لا بالسلب نظرا لتدخل العصبية والتكيف فى هذه الشهادة كما قلنا وبالتالى اذا شهد الشىء على نفسه بالسلب فان قيمة هذه الشهادة سوف تكون اكبر لتحررها من التكيف والعصبية واذا تجاهلنا الاولى فبناء على رأيهم الذين يرفضون فيه شهادة الشىء على نفسه بالايجاب لا يمكن ان نتجاهل الثانية هذا من ناحية ولكونها سوف تكون بعيدة تماما عن التكيف والعصبية كما قلنا وقريبة جدا من الانصاف والموضوعية من ناحية اخرى وعلى هذا الاساس سوف نرد عليهم من تحت باب وشهد شاهد من اهلها حتى نكون باعدين تماما عن العصبية او الحكم على القرآن حسب المقاييس الشخصية والاهواء اوالشهادة على انفسنا بانفسنا لانفسنا ونرى فى نفس الوقت شهادة الشىء على نفسه بالسلب من ناحية النقص والتحريف والقصور .
بعرض ما قاله المستشرقين المنصفين فى القرآن الكريم والكتاب المقدس سواء باللفظ الصريح او الاعتراف الضمنى .
تقول الكاتبة ارم استرونج
: "لقد جاء محمد بالقرآن الذى فاق وتجاوز كل الالفاظ الادبية التى عرفها العرب حتى ان هؤلاء القرشيين الذين رفضوا الخضوع للاسلام قد تأثرو ا بالقرآن واضطربوا بسببه
وذلك لانه كما قلنا مخالفا لمعهودهم فى اللغة ولانماطهم الادبية ,
انه لم يكن كإلهامات كهانهم وشعرائهم ,
ولا هو كرقى وتصورات السحرة ,
بل ان القرآن قد ملك عليهم عقولهم وقلوبهم ,
وقد اسلم كثير منهم بسبب تاثرهم بالقرآن الذى لولاه ما كان الاسلام نفسه ...."
ثم تقول :
"انه بفضل القرآن اسطاع محمد ان يحول العرب من الوثنية الى الاسلام فى مدى 23 عام
بينما اخذ الاسرائيليون القدامى حوالى ال700 سنة ليتخلصوا من محض الولاء للوثنية الى الولاء لديانة التوحيد " (محمد بين الحقيقة والافتراء - الدكتور محمد محمد ابو ليله ص46)
بينما يقول المستشرق المنصف بارتلمى شتيلر :
"ان القرآن بقى اجمل مثال للغة التى انزل بها ,
ولم ارى ما يشبه ذلك فى جميع ادوارالتاريخ الدينى للعالم الانسانى "
(فى جولة مع المستشرقين ص55)
اما جستاف لوبون فيقول
"حسب هذا الكتاب جلالة ومجدا ان الاربعة عشر قرنا التى مرت عليه لم تستطع ان تجفف من اسلوبه الذى لا يزال غضا كأن عهده بالوجود امس ,
ولم يكن هذا النبى الجليل داعيا الى الاخرة وحدها بل امر اتباعه بان ياخذوا نصيبهم من الدنيا " (المرجع السابق)
وناتى الى جميس يتشنر الذى يقول :
"لعل القرآن هو اكثر الكتب التى تقرأ فى العالم ,
وهو بكل تأكيد ايسرها حفظا ,
واشوقها اثرا فى الحياة اليومية لمن يؤمن به ,
فهو ليس طويلا كالعهد القديم ,
وهو مكتوب باسلوب رفيع
ومن مزاياه ان القلوب تخشع عند سماعه ,
وتزداد ايمانا وسجودا ....
هذا هو القرآن الكريم
معجزة نبى الاسلام ورسول السلام خاتم الرسل والانبياء " ( (المرجع السابق )
شهادة الاعداء والمتربصين
ويمكن ان نضيف الى هذه الشهادات شهادات بعض المستشرقين المعاديين للاسلام الذين لم يستطيعوا ان يخفوا اعجابهم بالقرآن رغم حقدهم وكراهيتهم للاسلام ليظهر لنا الاعجاب مختلطا بالحقد والعصبية فى اغرب هيئة وصورة , فهم يقولون فى القرآن ما ينوب عن الاعجاب والاحساس بالروعة والجمال ثم ينسبونه بعد ذلك إلى محمد صلى الله عليه وسلم مع عدم التدقيق فى هذه النقطة البديهية التى نرجع مصدره الالهى فيقول مثلا المستشرق سيل واضع اشهر ترجمة لمعانى القرآن الكريم : "من المعترفِ به أن لغةَ محمدٍ صلى الله عليه وسلم قد بلغت الغايةَ في الروعةِ والنقاء، وقد استند محمدٌ إلى إعجاز الكتاب لإثبات حقيقة بعثته، وأعلن تحديه لأعظم الرجال وأكثرهم فصاحة" , ويقول أيضاً: "ولا شك أن أسلوب القرآنِ مذهل فهو جميل مشرق، وهو مُفعَمٌ بذوقٍ شرقي فضلاً عن أنه ممتلئٌ بالتعبيرات الهادية المنمَّقة التي تنطقُ بالحِكمة، كما أن المواضع التي تذكر عظمةَ الله وصفاته هي الذروة فيما قدم الأسلوب القرآني من فنون البيان" (انظر: الاستشراق والقرآن العظيم د. محمد خليفة ص 59، 60.)
ويقول "هيرتشفلد" وهو مستشرق يهودي، وباحث فى القرآن الكريم وتفسيره : "إن هذا الدين الذي أحدث الثورة الكبرى لم يقم على مجرد الخيال" (انظر: دعوى المستشرقين أن القرآن من صنع البشر 143) .
شهادة الكفار والمشركين
يقول الدكتور "عبد الودود مقبول حنيف" فى كتابه "مصدر القرآن الكريم" : "الأسلوب الأدبي للقرآن الكريم أسلوب رفيع عال يفوق أي أسلوبٍ من الأساليب العربية الأخرى، سواءٌ أكانت قصيدةً أم نثراً مسجوعاً أم غير مسجوع، أو شعراً، فلغة النبي صلى الله عليه وسلم تدل على رصانةِ ألفاظه وقوة فصاحتِه وبلاغته، فقد أوتي جوامع الكلم صلى الله عليه وسلم، وهو ما بدا واضحاً في سنته عليه الصلاة والسلام، ومع ذلك كله لا يمكن أن يصل لمستوى القرآنِ الكريم فهو معجزٌ، عجزت الإنس والجن عن أن يأتوا بمثله ولن يستطيع أحدٌ الإتيانَ بمثله ولو كان بعضهم لبعضٍ ظهيراً، بعكس الحديث النبوي فإن أعجز عامة الناس الإتيان بالأسلوب البشري فلا يعجز بعض خاصتهم الإتيان بأسطرٍ منه، وبالمقارنة بين القرآنِ والسنة يتضحُ الفرق بين الأسلوب الإلهي الذي يدل على روعة النظمِ القرآني وبين الأسلوب البشري"، قال ابن عطية : ((لو نُزعت منه لفظة ثم أدير لسان العرب في أن يوجدَ أحسن منها لم يوجد))( تفسير ابن عطية 1/52.) وقال الزرقاني في البيان والتوضيح بين الأسلوبين: ((حتى كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أوتي جوامع الكلم، وأشرقت نفسه بنور النبوة والوحي، وصِيغَ على أكمل ما خلق الله، فإنه مع تحليقه في سماءِ البيان وسُمُوِّه على كل إنسان لا يزالُ هناك بَونٌ بينه وبين القرآن)) "مناهل العرفان 2/ 298"
و"إسلام لبيد بن ربيعة وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما المعروفين بالفصاحة والبيان ما هو إلا شاهد ودليلٌ واضحٌ على الأسلوب البلاغي الراقي الذي انفرد به القرآنُ الكريم عن غيره من الأساليب، فقد كانت هناك قصيدةٌ شعرية للبيد تُعَدُّ من أعظم ما قيل من الروائع في عهد محمد صلى الله عليه وسلم، ولم يجرؤ أحدٌ من الشعراء على منافستها حتى علقت بجانبها بعض آياتٍ من القرآنِ الكريم، فأسلم لبيد في الحال وقال قولته: ((إن كلاماً كهذا ليس من قول البشر، وإنه لا شك وحيٌ إلهي)) (انظر الاستشراق والقرآن العظيم د. محمد خليفة ص 52)
و"عمر بن الخطاب كان فصيحاً لا نظير له، وكان يعادي الإسلام والقرآن حتى وجد عند أخته صحيفةً بها بعض القرآن فطلبها فامتنعت فقرأها، فلما تمكن من قراءتها ملأت الآيات القليلة قلبه إعجاباً ورهبة، ومنذ تلك اللحظة أصبح عمر بن الخطاب واحداً من رموز قادة الإسلام "(انظر الاستشراق والقرآن العظيم د. محمد خليفة ص 53)
ومن قبل كانت شهادة الوليد بن المغيرة كافية فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن الوليد بن المغيرة (الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم أبو عبد شمس، من قضاة العرب في الجاهلية ومن زعماء قريش ومن زنادقتها توفي سنة 1 ه، الكامل 2/26، الأعلام 8/122.) جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقرأ عليه القرآن فكأنه رق له فبلغ ذلك أبا جهل، فأتاه فقال له: يا عم، إن قومك يريدون أن يجمعوا لك مالاً، قال: لِمَ ؟ قال: ليعطوكه، فإنك أتيت محمداً لتتعرض لما قبله، قال: قد علمت قريش أني من أكثرها مالاً، قال: فقل فيه قولاً يبلغ من قومك أنك منكر له وكاره، قال: وماذا أقول؟ فوالله ما فيكم رجل ألم بالشعر مني، لا برجزه ولا بقصيده ولا بأشعار الجن، والله ما يشبه الذي يقول شيئاً من هذا، ووالله إن لقوله الذي يقوله لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإنه لمثمر أعلاه، مغدق أسفله، وإنه ليعلو وما يعلى، وإنه ليحطم ما تحته، قال: والله ما يرضى قومك حتى تقول فيه، قال: فدعني حتى أفكر، فلما فكر قال: هذا سحر يؤثر، يأثره عن غيره، فنَزلت : " ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً * وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَمْدُوداً * وَبَنِينَ شُهُوداً * وَمَهَّدْتُّ لَهُ تَمْهِيداً * ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ * كَلاَّ إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيداً * سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً * إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ * فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ نَظَرَ * ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ * ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ * فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ * إِنْ هَذَا إِلاَّ قَوْلُ الْبَشَرِ * سَأُصْلِيهِ سَقَرَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ * لاَ تُبْقِي وَلاَ تَذَرُ * لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ * عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ "
(الايات من سورة المدثر
والحديث أخرجه الحاكم، كتاب التفسير، باب تفسير سورة المدثر 2/506، وقال عقبه: هذا حديثٌ صحيح الإسناد على شرط البخاري ولم يخرجاه.)