ذو الفقار
2008-04-19, 11:42 PM
السلام عليكم ورحمة الله
تقول الشبهة :
ان الاسلام إنتشر بحد السيف فكيف يكون الإسلام دين سلام
تفنيد الشبهة
بسم الله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد و لم يولد و لم يكن له كفؤا أحد
السلام على من اتبع الهدى
القارئ المشكك وصاحب الشبهة ،
نحن نرحب بأي سؤال مهما كانت ماهيته ، لأننا و لله الحمد نفخر بديننا .. ولا يوجد عِندنا ما نُخفيه .. كما أنه و لله الحمد فلا يوجد في الإسلام سؤالٌ إلا و له إجابة شافية و وافية .. و أسأل الله تعالى أن يشرح صدرك و يُنير بصيرتك لرؤية الحق و اتباعه .
حضرتك قلت أن الإسلام انتشر بحد السيف ، و أنا لا ألومك على هذا ، فهو الشائع للأسف عن هذا الدين العظيم ، الذي حورب بشتى أنواع الحروب و الأسلحة .. و لكن الله من علينا بنعمة العقل ، و لنا أن نستخدمه للبحث و المعرفة ، و لا نصدق كل ما يُشاع من أناس غرضهم الأول و الأخير تشويه صورة هذا الدين ..
نود أن نرجع الآن إلى بداية الدعوة ، أي في الزمن الذي كان يحكمه الكثير من الصراعات بين الطوائف المختلفة وكان يسود عليه التخلف بل والكفر بالله والتعبد لغير الله .. فسنجِد أمامنا أربع محطات رئيسية ... أو أربع مراحل أساسية ... وهم ...
1- المرحلة المكية .
2- المرحلة المدنية.
3- فتح مكة .
4- مرحلة الفتوحات الإسلامية.
ولكي نحكُم هل انتشر الإسلام في هذه المراحِل الأربعة بحد السيف ... أم لا ... فيجب تدارس كل مرحلة منها تفصيلياً .. ومِن ثمّ يكون السؤال المنطقي ... هو :
كيف انتشرت الدعوة للإسلام في كل مرحلة من هذه المراحِل الأربعة ؟
عزيزي القارئ ... أسأل الله لنا ولك الهداية والسداد .
يا رجُل إن لم تُسلِم لله بالوحدانية ... فعلى الأقل استمع لما يقوله المُسلِم و عِه و تأمّل في معانيه وحكِّم عقلك فيه , ولا تستمع لشبهات أعدائِه ولو كانوا بني مِلّتِك .
1 - المرحلة المكية :
نزل جبريل عليه عليه السلام بأول آية على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لكي يعلن بذلك بداية عهد الله مع البشر من جديد و يعلن أن الدين المنتظر والرسول المنتظر قد جاء بالحق .. فآمن به من آمن و كفر من كفر ........ فهل أجبر الرسول صلى الله عليه و سلم أحدا على الدخول في الإسلام آنذاك ؟!
كلا !
لقد مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ثلاثة عشر عاما ، وهو يدعو إلى الله بالحجة والموعظة الحسنة ، وقد دخل في الإسلام في هذه الفترة من الدعوة خيار المسلمين من الأشراف وغيرهم ، وكان الداخلون أغلبهم من الفقراء ، ولم يكن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم من الثراء ما يغري هؤلاء ، وهذا أمر لا يختلف فيه اثنان ، وقد تحمَّل المسلمون - ولاسيما الفقراء والعبيد ومن لا عصبية له منهم - من صنوف العذاب والبلاء ألواناً ، فما صرفهم ذلك عن دينهم ، وما تزعزعت عقيدتهم ، بل زادهم ذلك صلابة في الحق ، وصمدوا صمود الأبطال مع قلتهم وفقرهم ، وما سمعنا أن أحداً منهم ارتدّ سخطاً عن دينه ، أو أغرته مغريات المشركين في النكوص عنه ، وإنما كانوا كالذهب لا تزيده النار إلا صفاء ونقاء ، وكالحديد لا يزيده الصهر إلا قوةً وصلابةً ، بل بلغ من بعضهم أنهم وجدوا في العذاب عذوبة ، وفي المرارة حلاوة .
1- فهذا بلال بن رباح - رضي اللّه عنه - كان يعذبه أمية بن خلف على توحيده وإيمانه بالله - تعالى - . وقد عذبه أشد العذاب ، ومن ذلك أن أمية كان يُخرجُ بلالًا إذا حميت الشمس في الظهيرة ، فيطرحه على ظهره في بطحاء مكة ، ثم يأمر بالصّخرة العظيمة فتوضع على صدره ، ثم يقول : لا تزال هكذا حتى تموت أو تكفر بمحمد وتعبد اللات والعزى ، فيقول وهو في ذلك البلاء : أَحدٌ أَحدٌ . .
أين السيف في ذلِك يا عزيزي القارئ؟!!
أما كان خير لبلال هذا العبد رضي الله عنه , أما كان أفضل له أن يفتدي نفسه من مُر هذا العذاب بأن يعود إلى دين قومِه و يترُك دعوة محمد لعبادة الله؟!!! ...
إن كانوا قد أسلموا و سيف قريش على رِقابِهم ..و دين محمد ما زال في مهده ... فاين السيف إذاً يا عزيزي القارئ؟!!
2- المرحلة المدنية :
وسنتعامل فيها مع فترات ثلاث ..
الأولى : مرحلة الإعداد للهجرة
الثانية : هجرة الرسول.
الثالثة : قتال المشركين.
الأولى : مرحلة الإعداد للهجرة
أهم ما يُميزها هو بدأ انتشار الإسلام بين القبائل , و مقدمات لبشارات العزة والتمكين ...
1- اسلام وفد دوْس في مكة , والمسلمون مستضعفون :
وهم عشيرة أبي هريرة الصحابي الشهير، وكان الطفيل شريفًا في قومه شاعراً نبيلا، فلما قرأ عيه القرآن أسلم، فقال له رسول الله: "اذهب على قومك فادعهم إلى الإسلام" ودعا لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "اللهم اهد دوساً"
2- أسلام حمزة وعُمر :
ثم بدأ المسلمون المستضعفون يستعِدون إلى الهجرة الى المدينة ,فخرجوا و خرج معهم بعد أن أسلما عم رسول الله حمزة بن عبدالمطلب وعمر بن الخطاب هذا الذي سبقه للإسلام أخته وزوج أختِه الذي قال عنه يأساً من أن يُسلِم : " والله لا يسلم حتى يسلم حمار الخطاب!" لما كان يراه من قسوته وشدته على المسلمين . وهكذا أسلما ففزعت قريش , لأن اثنين من فرسانها وكبارها قد اسلما ودانا بدين محمد وتركا عزهما ومالهما وتحديا قريش علانية في أن يمنعهما أحد في الخروج مع محمد .
يا عزيزي القارئ لم يُسلم عمر بن الخطاب كبير فرسان قريش و اشد اعداء المسلمين واكثرهم بطشا , خوفا من سيف محمد , و محمد قد تبعه الضعفاء و العبيد والإماء و الموالي .... !!
3- انتشار الاسلام في المدينة قبل هجرة الرسول اليها :
وكانت المدينة تُسمى يثرِب , وكان يقطنها قبيلتان عربيتان لهما النفوذ و القوة على يثرب وهما : الأوس، والخزرج وكان بينهما من العداوة ما يجعل الحرب سجال , لا تضع أوزارها بين الفريقين، وكان يجاورهم من اليهود : بنو قينقاع، وبنو قريظة وبنو النضير. فحالف الأوس بني قريظة، وحالف الخزرج بني النضير وبني قينقاع. وكان اليهود إذا خٌذِلوا يستفتحون على أعدائهم باسم نبي يبعث قد قرب زمانه.
4- اسلام ستة من خزرج يثرب:
وجاء ستة نفر من الخزرج معروفون باسمائهم الى مكة فدعاهم الرسول إلى الإسلام وإلى معاونته في تبليغ رسالة ربه، فقال بعضهم لبعض: إنه للنبي الذي كانت تعدكم به يهود فلا يَسْبِقَنَّكُم إليه، فآمنوا به وصدقوه، وقالوا: إنا تركنا قومنا بينهم من العداوة ما بينهم، فإن يجمعهم الله عليك فلا رجل أعز منك، ووعدوه المقابلة في الموسم المقبل.
وهذا هو بدء الإسلام لعرب يثرب.... وكان لا سيف يُرهِبهم ليُسلِموا يا عزيزي القارئ ...!!!
5- اسلام اثنا عشر من يثرب .. بيعة العقبة الأولى:
فلما كان العام المقبل قدم اثنا عشر رجلاً، منهم عشرة من الخزرج، واثنان من الأوس،معروفون بأسمائِهِم ، فاجتمعوا به عند العقبة، وأسلموا وبايعوا رسول الله على بيعة النساء، وذلك قبل أن تفترض الحرب، على ألا يشركوا بالله شيئًا، ولا يسرقوا ولا يزنوا، ولا يقتلوا أولادهم، ولا يأتوا ببهتان يفترونه بين أيديهم وأرجلهم، ولا يعصونه في معروف، فإن وَفَوا فلهم الجنة، وإن غَشَوا من ذلك شيئًا فأمرهم إلى الله عز وجل، إن شاء غفر وإن شاء عذب، وهذه هي العقبة الأولى .
6- اسلام باقي عرب يثرب وساداتها - على يد رجلين فقط ..... :
أرسل الرسول عليه الصلاة والسلام مصعب بن عمير و عبد الله ابن أم مكتوم يقرآن المبايعين الاثنى عشر رجلا ونسائهم , القرآن ، ويفقهانهم في الدين، ونزل مصعب على أحد المبايعين أبي أمامة أسعد بن زرارة، وصار يدعو بقية الأوس والخزرج للإسلام، وبينما هو في بستان مع أسعد بن زرارة إذ قال سعد بن معاذ -رئيس قبيلة الأوس- لأُسَيد بن حضير ابن عم سعد: ألا تقوم إلى هذين الرجلين اللذين أتيا يُسفِّهان ضعفاءنا لتزجرهما؟ فقام لهما أسيد بحربته، فلما رآه أسعد قال لمصعب: هذا سيد قومه، وقد جاءك فاصدق الله فيه، فلما وقف عليهما قال: ما جاء بكما تسفِّهان ضعفاءنا؟ اعتزلا إن كان لكما بأنفسكما حاجة، فقال مصعب: أو تجلس فتسمع؟ فإن رضيت أمراً قبلته، وإن كرهته كففنا عنك ما تكره، فقرأ عليه مصعب القرآن فاستحسن دين الإسلام، وهداه الله له فتشهد ورجع إلى سعد، فسأله عما فعل، فقال: والله ما رأيت بالرجلين بأساً، فغضب سعد وقام لهما مغيظاً، ففعل معه مصعب كسابقه فهداه الله للإسلام، ورجع لرجال بني عبد الأشهل، وهم بطن من الأوس، فقال لهم: ما تعدونني فيكم؟ قالوا: سيدنا وابن سيدنا، قال: كلام رجالكم ونسائكم علي حرام حتى تسلموا، فلم يبق بيت من بيوت بني عبد الأشهل إلا أجابه، وقد انتشر الإسلام في دور يثرب حتى لم يكن بينهم حديث إلا أمر الإسلام.(نور اليقين في سيرة سيد المرسلين 1/57- 58 .) ...
7- حضور ثلاثة وسبعين رجلًا من أهل المدينة لمبايعة الرسول (بيعة العقبة الثانية).
حضر منهم في العام التالي , ثلاثة وسبعون رجلا ممن أسلموا على يد الصحابيين في المدينة , اثنان وستون من الخزرج، وأحد عشر من الأوس ومعهم امرأتان وجاءوا ليُبايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلّم.. وتحالفوا على أن ياتيهم رسول الله و ينصرونه وينصُرهم... و عاهدوهعلى الذود عنه حتى الموت
وكان لا سيف يُرهِبهم ليُسلِموا يا عزيزي القارئ ...!!!
ما رأيُك يا عزيزي القارئ .. هدانا الله وإياك ..!!!
وكان لا سيف لمُحمد يستعينون به على أعدائِهم يا عزيزي القارئ ...!!! , أين السيف الذي دفع هؤلاء دفعاً للإسلام؟!!
ألم يكُن اولى لهم أن يُحالفوا قريشاً لتُسانِدهم ضد عدوهم من أن يُحالِفوا محمداً الضعيف منبوذ قُريش ومن معه من العبيد يا عزيزي القارئ ...؟!!!!!
.
2- و ها هو عمار ابن ياسر.. وأمه سُمية .. و أبوه ياسر ... ثلاثتُهُم أسلموا ... و من أوائل من أسلموا .. فقُتِلت أمه و قُتِل أبوه ... وكانوا رضي الله عنهم - يُعذبون أشدّ العذاب من أجل إيمانهم باللّه - تعالى - ، فلم يردهم ذلك العذاب عن دينهم ، لأنهم صدقوا مع اللّه فصدقهم اللّه - تعالى - ولهذا قيل لهم : « صبرًا آل ياسر ، فإن موعدكم الجنة »
أين كان سيف محمد يا عزيزي القارئ وهم يُعذبون؟!!
أين كان سيف محمد وقد كان الإسلام في أضعف عصورِه , وكان الشرك في أزهى أيامه .. أين كان سيف محمد ليدافِع عن سُمية تِلك العجوز الكبيرة الضعيفة و التي رُبِطت بين بعيرين وأتاها أبو جهل يشتمها ويشتم زوجها، ثم طعنها في فرجها بحربة فقُتِلت وقُتِل زوجها ..
فهل أرهب سُمية وزوجها سيف محمد يا عزيزي القارئ؟!!!
3 - وهذا صُهيب الرومي - رضي الله عنه - أراد الهجرة فمنعه كفار قريش أن يُهاجر بماله ، وإن أحب أن يتجرّد من ماله كله ويدفعه إليهم تركوه وما أراد ، فأعطاهم ماله ونجى بدينه مهاجرًا إلى الله ورسوله وأنزل الله .. فباع ماله كله واشترى به مرضاة الله ومرضاة رسوله .. أكان هذا بسيف محمد يا عزيزي القارئ؟!!!
لقد أدى أذى قُريش و بطشها بأتباع محمد صلى الله عليه وسلّم , أن اجبر ذلِك بعضهم على أن يُهاجِر إلى بلاد الحبشة هجرتين هربا من العذاب ، فكان عدد من هاجر في هجرة الحبشة الأولى اثنى عشر او يزيد , , وتنبهت قريش لهجرة المسلمين هذه , فعملت على وأدها , فزادت سطوة قريش وصلفها .. فالمنطق يا عزيزي القارئ أن يقِل العدد ولا ينتشِر هذا الدين .. إن كان انتشاره بالسيف ... !! , و المنطق يا عزيزي القارئ أن لا يزيد عدد من آمن , ولكِن إذ بعدد من هاجر في الهجرة الثانية للحبشة أضعاف أضعاف الأولى , فقد وصل إلى أكثر من مئة , ثلاث وثمانين رجُلاً و ثمانية عشر امراة أو يزيد .. فكان العدد في ازدياد ... ثم هاجروا جميعاً الهجرة الكبرى إلى المدينة ، تاركين الأهل والولد والمال والوطن ، متحملين آلام الاغتراب ، ومرارة الفاقة والحرمان .
كل هذا ولا سيف لمحمد صلى الله عليْه وسلّم ...!!
واستمر الرسول بالمدينة عاماً وبعض العام يدعو إلى الله بالحكمة والمجادلة بالتي هي أحسن ، وقد دخل في الإسلام من أهل المدينة قبل الهجرة وبعدها عدد كثير عن رضاً واقتناع ويقين واعتقاد ، كما سيأتي تفصيله بعد قليل.
وأخيراً يا عزيزي القارئ ... في خِتام هذه المرحلة فلا يُمكِن لأي إنسان يحترم عقله ويذعن للمقررات التاريخية الثابتة ، أن يزعم أنه كان للنبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين في هذه الأربعة عشر عاماً أو تزيد حول أو قوة ترغم أحداً على الدخول في الإسلام ، إلا إذا ألغى عقله وهدم التاريخ الصحيح ....
والسؤال الآن إليك يا عزيزي القارئ.
كيف انتشر الإسلام في المرحلة المكية ؟؟
هل بالسيف أم بالإيمان والعقل ؟!!
أين السيف في هذه المرحلة ؟!!
هل حقا كل هؤلاء أسلموا بالسيف ؟؟
وما الذي أجبر هؤلاء جميعا على أن يهجروا مالهم وأهليهم وأن يتحملوا القتل و العذاب في سبيل الإيمان بدعوة محمد ولم يعِدهم رسول الله بشيء من متاع الدنيا , لا بالمال ولا بالقصور و لا بالمجد والشهرة ...!!
يتبع ......
تقول الشبهة :
ان الاسلام إنتشر بحد السيف فكيف يكون الإسلام دين سلام
تفنيد الشبهة
بسم الله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد و لم يولد و لم يكن له كفؤا أحد
السلام على من اتبع الهدى
القارئ المشكك وصاحب الشبهة ،
نحن نرحب بأي سؤال مهما كانت ماهيته ، لأننا و لله الحمد نفخر بديننا .. ولا يوجد عِندنا ما نُخفيه .. كما أنه و لله الحمد فلا يوجد في الإسلام سؤالٌ إلا و له إجابة شافية و وافية .. و أسأل الله تعالى أن يشرح صدرك و يُنير بصيرتك لرؤية الحق و اتباعه .
حضرتك قلت أن الإسلام انتشر بحد السيف ، و أنا لا ألومك على هذا ، فهو الشائع للأسف عن هذا الدين العظيم ، الذي حورب بشتى أنواع الحروب و الأسلحة .. و لكن الله من علينا بنعمة العقل ، و لنا أن نستخدمه للبحث و المعرفة ، و لا نصدق كل ما يُشاع من أناس غرضهم الأول و الأخير تشويه صورة هذا الدين ..
نود أن نرجع الآن إلى بداية الدعوة ، أي في الزمن الذي كان يحكمه الكثير من الصراعات بين الطوائف المختلفة وكان يسود عليه التخلف بل والكفر بالله والتعبد لغير الله .. فسنجِد أمامنا أربع محطات رئيسية ... أو أربع مراحل أساسية ... وهم ...
1- المرحلة المكية .
2- المرحلة المدنية.
3- فتح مكة .
4- مرحلة الفتوحات الإسلامية.
ولكي نحكُم هل انتشر الإسلام في هذه المراحِل الأربعة بحد السيف ... أم لا ... فيجب تدارس كل مرحلة منها تفصيلياً .. ومِن ثمّ يكون السؤال المنطقي ... هو :
كيف انتشرت الدعوة للإسلام في كل مرحلة من هذه المراحِل الأربعة ؟
عزيزي القارئ ... أسأل الله لنا ولك الهداية والسداد .
يا رجُل إن لم تُسلِم لله بالوحدانية ... فعلى الأقل استمع لما يقوله المُسلِم و عِه و تأمّل في معانيه وحكِّم عقلك فيه , ولا تستمع لشبهات أعدائِه ولو كانوا بني مِلّتِك .
1 - المرحلة المكية :
نزل جبريل عليه عليه السلام بأول آية على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لكي يعلن بذلك بداية عهد الله مع البشر من جديد و يعلن أن الدين المنتظر والرسول المنتظر قد جاء بالحق .. فآمن به من آمن و كفر من كفر ........ فهل أجبر الرسول صلى الله عليه و سلم أحدا على الدخول في الإسلام آنذاك ؟!
كلا !
لقد مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ثلاثة عشر عاما ، وهو يدعو إلى الله بالحجة والموعظة الحسنة ، وقد دخل في الإسلام في هذه الفترة من الدعوة خيار المسلمين من الأشراف وغيرهم ، وكان الداخلون أغلبهم من الفقراء ، ولم يكن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم من الثراء ما يغري هؤلاء ، وهذا أمر لا يختلف فيه اثنان ، وقد تحمَّل المسلمون - ولاسيما الفقراء والعبيد ومن لا عصبية له منهم - من صنوف العذاب والبلاء ألواناً ، فما صرفهم ذلك عن دينهم ، وما تزعزعت عقيدتهم ، بل زادهم ذلك صلابة في الحق ، وصمدوا صمود الأبطال مع قلتهم وفقرهم ، وما سمعنا أن أحداً منهم ارتدّ سخطاً عن دينه ، أو أغرته مغريات المشركين في النكوص عنه ، وإنما كانوا كالذهب لا تزيده النار إلا صفاء ونقاء ، وكالحديد لا يزيده الصهر إلا قوةً وصلابةً ، بل بلغ من بعضهم أنهم وجدوا في العذاب عذوبة ، وفي المرارة حلاوة .
1- فهذا بلال بن رباح - رضي اللّه عنه - كان يعذبه أمية بن خلف على توحيده وإيمانه بالله - تعالى - . وقد عذبه أشد العذاب ، ومن ذلك أن أمية كان يُخرجُ بلالًا إذا حميت الشمس في الظهيرة ، فيطرحه على ظهره في بطحاء مكة ، ثم يأمر بالصّخرة العظيمة فتوضع على صدره ، ثم يقول : لا تزال هكذا حتى تموت أو تكفر بمحمد وتعبد اللات والعزى ، فيقول وهو في ذلك البلاء : أَحدٌ أَحدٌ . .
أين السيف في ذلِك يا عزيزي القارئ؟!!
أما كان خير لبلال هذا العبد رضي الله عنه , أما كان أفضل له أن يفتدي نفسه من مُر هذا العذاب بأن يعود إلى دين قومِه و يترُك دعوة محمد لعبادة الله؟!!! ...
إن كانوا قد أسلموا و سيف قريش على رِقابِهم ..و دين محمد ما زال في مهده ... فاين السيف إذاً يا عزيزي القارئ؟!!
2- المرحلة المدنية :
وسنتعامل فيها مع فترات ثلاث ..
الأولى : مرحلة الإعداد للهجرة
الثانية : هجرة الرسول.
الثالثة : قتال المشركين.
الأولى : مرحلة الإعداد للهجرة
أهم ما يُميزها هو بدأ انتشار الإسلام بين القبائل , و مقدمات لبشارات العزة والتمكين ...
1- اسلام وفد دوْس في مكة , والمسلمون مستضعفون :
وهم عشيرة أبي هريرة الصحابي الشهير، وكان الطفيل شريفًا في قومه شاعراً نبيلا، فلما قرأ عيه القرآن أسلم، فقال له رسول الله: "اذهب على قومك فادعهم إلى الإسلام" ودعا لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "اللهم اهد دوساً"
2- أسلام حمزة وعُمر :
ثم بدأ المسلمون المستضعفون يستعِدون إلى الهجرة الى المدينة ,فخرجوا و خرج معهم بعد أن أسلما عم رسول الله حمزة بن عبدالمطلب وعمر بن الخطاب هذا الذي سبقه للإسلام أخته وزوج أختِه الذي قال عنه يأساً من أن يُسلِم : " والله لا يسلم حتى يسلم حمار الخطاب!" لما كان يراه من قسوته وشدته على المسلمين . وهكذا أسلما ففزعت قريش , لأن اثنين من فرسانها وكبارها قد اسلما ودانا بدين محمد وتركا عزهما ومالهما وتحديا قريش علانية في أن يمنعهما أحد في الخروج مع محمد .
يا عزيزي القارئ لم يُسلم عمر بن الخطاب كبير فرسان قريش و اشد اعداء المسلمين واكثرهم بطشا , خوفا من سيف محمد , و محمد قد تبعه الضعفاء و العبيد والإماء و الموالي .... !!
3- انتشار الاسلام في المدينة قبل هجرة الرسول اليها :
وكانت المدينة تُسمى يثرِب , وكان يقطنها قبيلتان عربيتان لهما النفوذ و القوة على يثرب وهما : الأوس، والخزرج وكان بينهما من العداوة ما يجعل الحرب سجال , لا تضع أوزارها بين الفريقين، وكان يجاورهم من اليهود : بنو قينقاع، وبنو قريظة وبنو النضير. فحالف الأوس بني قريظة، وحالف الخزرج بني النضير وبني قينقاع. وكان اليهود إذا خٌذِلوا يستفتحون على أعدائهم باسم نبي يبعث قد قرب زمانه.
4- اسلام ستة من خزرج يثرب:
وجاء ستة نفر من الخزرج معروفون باسمائهم الى مكة فدعاهم الرسول إلى الإسلام وإلى معاونته في تبليغ رسالة ربه، فقال بعضهم لبعض: إنه للنبي الذي كانت تعدكم به يهود فلا يَسْبِقَنَّكُم إليه، فآمنوا به وصدقوه، وقالوا: إنا تركنا قومنا بينهم من العداوة ما بينهم، فإن يجمعهم الله عليك فلا رجل أعز منك، ووعدوه المقابلة في الموسم المقبل.
وهذا هو بدء الإسلام لعرب يثرب.... وكان لا سيف يُرهِبهم ليُسلِموا يا عزيزي القارئ ...!!!
5- اسلام اثنا عشر من يثرب .. بيعة العقبة الأولى:
فلما كان العام المقبل قدم اثنا عشر رجلاً، منهم عشرة من الخزرج، واثنان من الأوس،معروفون بأسمائِهِم ، فاجتمعوا به عند العقبة، وأسلموا وبايعوا رسول الله على بيعة النساء، وذلك قبل أن تفترض الحرب، على ألا يشركوا بالله شيئًا، ولا يسرقوا ولا يزنوا، ولا يقتلوا أولادهم، ولا يأتوا ببهتان يفترونه بين أيديهم وأرجلهم، ولا يعصونه في معروف، فإن وَفَوا فلهم الجنة، وإن غَشَوا من ذلك شيئًا فأمرهم إلى الله عز وجل، إن شاء غفر وإن شاء عذب، وهذه هي العقبة الأولى .
6- اسلام باقي عرب يثرب وساداتها - على يد رجلين فقط ..... :
أرسل الرسول عليه الصلاة والسلام مصعب بن عمير و عبد الله ابن أم مكتوم يقرآن المبايعين الاثنى عشر رجلا ونسائهم , القرآن ، ويفقهانهم في الدين، ونزل مصعب على أحد المبايعين أبي أمامة أسعد بن زرارة، وصار يدعو بقية الأوس والخزرج للإسلام، وبينما هو في بستان مع أسعد بن زرارة إذ قال سعد بن معاذ -رئيس قبيلة الأوس- لأُسَيد بن حضير ابن عم سعد: ألا تقوم إلى هذين الرجلين اللذين أتيا يُسفِّهان ضعفاءنا لتزجرهما؟ فقام لهما أسيد بحربته، فلما رآه أسعد قال لمصعب: هذا سيد قومه، وقد جاءك فاصدق الله فيه، فلما وقف عليهما قال: ما جاء بكما تسفِّهان ضعفاءنا؟ اعتزلا إن كان لكما بأنفسكما حاجة، فقال مصعب: أو تجلس فتسمع؟ فإن رضيت أمراً قبلته، وإن كرهته كففنا عنك ما تكره، فقرأ عليه مصعب القرآن فاستحسن دين الإسلام، وهداه الله له فتشهد ورجع إلى سعد، فسأله عما فعل، فقال: والله ما رأيت بالرجلين بأساً، فغضب سعد وقام لهما مغيظاً، ففعل معه مصعب كسابقه فهداه الله للإسلام، ورجع لرجال بني عبد الأشهل، وهم بطن من الأوس، فقال لهم: ما تعدونني فيكم؟ قالوا: سيدنا وابن سيدنا، قال: كلام رجالكم ونسائكم علي حرام حتى تسلموا، فلم يبق بيت من بيوت بني عبد الأشهل إلا أجابه، وقد انتشر الإسلام في دور يثرب حتى لم يكن بينهم حديث إلا أمر الإسلام.(نور اليقين في سيرة سيد المرسلين 1/57- 58 .) ...
7- حضور ثلاثة وسبعين رجلًا من أهل المدينة لمبايعة الرسول (بيعة العقبة الثانية).
حضر منهم في العام التالي , ثلاثة وسبعون رجلا ممن أسلموا على يد الصحابيين في المدينة , اثنان وستون من الخزرج، وأحد عشر من الأوس ومعهم امرأتان وجاءوا ليُبايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلّم.. وتحالفوا على أن ياتيهم رسول الله و ينصرونه وينصُرهم... و عاهدوهعلى الذود عنه حتى الموت
وكان لا سيف يُرهِبهم ليُسلِموا يا عزيزي القارئ ...!!!
ما رأيُك يا عزيزي القارئ .. هدانا الله وإياك ..!!!
وكان لا سيف لمُحمد يستعينون به على أعدائِهم يا عزيزي القارئ ...!!! , أين السيف الذي دفع هؤلاء دفعاً للإسلام؟!!
ألم يكُن اولى لهم أن يُحالفوا قريشاً لتُسانِدهم ضد عدوهم من أن يُحالِفوا محمداً الضعيف منبوذ قُريش ومن معه من العبيد يا عزيزي القارئ ...؟!!!!!
.
2- و ها هو عمار ابن ياسر.. وأمه سُمية .. و أبوه ياسر ... ثلاثتُهُم أسلموا ... و من أوائل من أسلموا .. فقُتِلت أمه و قُتِل أبوه ... وكانوا رضي الله عنهم - يُعذبون أشدّ العذاب من أجل إيمانهم باللّه - تعالى - ، فلم يردهم ذلك العذاب عن دينهم ، لأنهم صدقوا مع اللّه فصدقهم اللّه - تعالى - ولهذا قيل لهم : « صبرًا آل ياسر ، فإن موعدكم الجنة »
أين كان سيف محمد يا عزيزي القارئ وهم يُعذبون؟!!
أين كان سيف محمد وقد كان الإسلام في أضعف عصورِه , وكان الشرك في أزهى أيامه .. أين كان سيف محمد ليدافِع عن سُمية تِلك العجوز الكبيرة الضعيفة و التي رُبِطت بين بعيرين وأتاها أبو جهل يشتمها ويشتم زوجها، ثم طعنها في فرجها بحربة فقُتِلت وقُتِل زوجها ..
فهل أرهب سُمية وزوجها سيف محمد يا عزيزي القارئ؟!!!
3 - وهذا صُهيب الرومي - رضي الله عنه - أراد الهجرة فمنعه كفار قريش أن يُهاجر بماله ، وإن أحب أن يتجرّد من ماله كله ويدفعه إليهم تركوه وما أراد ، فأعطاهم ماله ونجى بدينه مهاجرًا إلى الله ورسوله وأنزل الله .. فباع ماله كله واشترى به مرضاة الله ومرضاة رسوله .. أكان هذا بسيف محمد يا عزيزي القارئ؟!!!
لقد أدى أذى قُريش و بطشها بأتباع محمد صلى الله عليه وسلّم , أن اجبر ذلِك بعضهم على أن يُهاجِر إلى بلاد الحبشة هجرتين هربا من العذاب ، فكان عدد من هاجر في هجرة الحبشة الأولى اثنى عشر او يزيد , , وتنبهت قريش لهجرة المسلمين هذه , فعملت على وأدها , فزادت سطوة قريش وصلفها .. فالمنطق يا عزيزي القارئ أن يقِل العدد ولا ينتشِر هذا الدين .. إن كان انتشاره بالسيف ... !! , و المنطق يا عزيزي القارئ أن لا يزيد عدد من آمن , ولكِن إذ بعدد من هاجر في الهجرة الثانية للحبشة أضعاف أضعاف الأولى , فقد وصل إلى أكثر من مئة , ثلاث وثمانين رجُلاً و ثمانية عشر امراة أو يزيد .. فكان العدد في ازدياد ... ثم هاجروا جميعاً الهجرة الكبرى إلى المدينة ، تاركين الأهل والولد والمال والوطن ، متحملين آلام الاغتراب ، ومرارة الفاقة والحرمان .
كل هذا ولا سيف لمحمد صلى الله عليْه وسلّم ...!!
واستمر الرسول بالمدينة عاماً وبعض العام يدعو إلى الله بالحكمة والمجادلة بالتي هي أحسن ، وقد دخل في الإسلام من أهل المدينة قبل الهجرة وبعدها عدد كثير عن رضاً واقتناع ويقين واعتقاد ، كما سيأتي تفصيله بعد قليل.
وأخيراً يا عزيزي القارئ ... في خِتام هذه المرحلة فلا يُمكِن لأي إنسان يحترم عقله ويذعن للمقررات التاريخية الثابتة ، أن يزعم أنه كان للنبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين في هذه الأربعة عشر عاماً أو تزيد حول أو قوة ترغم أحداً على الدخول في الإسلام ، إلا إذا ألغى عقله وهدم التاريخ الصحيح ....
والسؤال الآن إليك يا عزيزي القارئ.
كيف انتشر الإسلام في المرحلة المكية ؟؟
هل بالسيف أم بالإيمان والعقل ؟!!
أين السيف في هذه المرحلة ؟!!
هل حقا كل هؤلاء أسلموا بالسيف ؟؟
وما الذي أجبر هؤلاء جميعا على أن يهجروا مالهم وأهليهم وأن يتحملوا القتل و العذاب في سبيل الإيمان بدعوة محمد ولم يعِدهم رسول الله بشيء من متاع الدنيا , لا بالمال ولا بالقصور و لا بالمجد والشهرة ...!!
يتبع ......