ذو الفقار
2008-05-08, 06:17 PM
هزيمة الروم:
وفر المنهزمون من اليرموك حتى بلغوا دمشق، وأما هرقل فإنه لما بلغه خبر اليرموك وكان بحمص تركها وولى عليها رجلاً وجعلها بينه وبين المسلمين، وودع سوريا الوداع الأخير.
وتوجه المسلمون بعد ذلك إلى الأردن، وطهرها مما بقي فيها من جنود الروم، ثم تابعوهم إلى دمشق حيث حاصروهم هناك.
وبلغ عدد الشهداء من المسلمين ثلاثة آلاف شهيد بينهم كثير من كبار الصحابة مثل سعيد بن الحرب بن قيس السهمي، ونعيم النحام، والنضير بن الحارث، وأبو الروم عمير بن هشام أخو مصعب بن عمير. وكان في جنود هذه المعركة ألف صحابي منهم مائة ممن شهد بدراً [23].
وغنم المسلمون كل ما كان في معسكر الروم، وكان شيئًا عظيماً حتى خص الفارس من النفل ألف وخمسمائة درهم [24] أو ألف وخمسة دراهم [25]، وكانت الموقعة الفاصلة عند اليرموك في شهر جمادى الآخرة من السنة الثالثة عشرة من الهجرة بعد أن مكث المسلمون قرابة أربعة أشهر لا ينالون من الروم، ولا ينال منهم.
ولما انتهت المعركة، وطارد المسلمون الروم حتى حاصروهم في دمشق أظهر خالد الكتاب الذي جاء به البريد، فإذا هو نعي للخليفة، وعزل لخالد من الإمارة وتولية لأبي عبيدة بن الجراح إمارة الناس، وعندئذ قال خالد -رضي الله عنه- وهو يعلن وفاة الخليفة وتولية عمر: (الحمد لله الذي قضى على أبي بكر بالموت، وكان أحب إلى من عمر والحمد لله الذي ولي عمر، وكان أبغض إلى من أبي بكر، وألزمني حبه) [26].
وفاة الصديق:
ونحن نلاحظ خلافاً في تاريخ وفاة الصديق -رضي الله عنه- ينبغي أن يحقق، فالطبري وابن الأثير وابن كثير والسيوطي والبلاذري كلهم مجمعون على أن الوفاة كانت في جمادى الآخرة وهذا أمر لا خلاف فيه بين المؤرخين.
وكما اتفق المؤرخون على الشهر الذي توفي فيه الخليفة، فهم كذلك متفقون على أن الوفاة كانت في السنة الثالثة عشرة من الهجرة.
ويأتي الخلاف بعد ذلك في اليوم الذي حصلت فيه الوفاة، والرواية التي تكاد تحظى بإجماع المؤرخين أنه -رضي الله عنه- اغتسل في يوم شديد البرد، وكان ذلك يوم الاثنين لسبع خلون من جمادى الآخرة، فحم على أثر ذلك خمسة عشر يوماً، وتوفي ليلة الثلاثاء لثمان بقين من جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة [27].
ولكننا نرى أن البريد قد وصل والمسلمون في اليرموك والمعركة دائرة بينهم وبين الروم والمؤرخون أنفسهم يرون أن معركة اليرموك انتهت في جمادى الآخرة كذلك، فمتى يصل البريد من المدينة إلى الشام؟ وفي كم يوم يقطع المسافة؟؟
إن البريد مهما كانت سرعته ر يمكن أن يقطع هذه المسافة في أقل من عشرة أيام، ولو توفى الخليفة لثمان بقين من جمادى الآخرة لتحتم أن تكون المعركة قد امتدت إلى شهر رجب.
ولهذا فإني أرجح أن تكون وفاة الصديق في النصف من جمادى الآخرة قبل انتهاء المعركة بعشرة أيام كما ذكر الطبري حيث يقول: (ومرض أبو بكر -رحمه الله- في جمادى الأولى وتوفي للنصف من جمادى الآخرة، قبل الفتح بعشرة أيام) [28].
وهذه الأيام العشرة يمكن أن يصل البريد فيها من المدينة المنورة إلى الشام حيث تدور المعركة.
الهوامش
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] ابن الأثير (2/406).
[2] نفسه.
[3] الصديق أبو بكر ص 285.
[4] الطبري (3/392)، ابن الأثير (2/406).
[5] نفسه.
[6] ابن كثير (7/5).
[7] ابن الأثير (2/407).
[8] الطبري (3/393).
[9] الطبري (3/394).
[10] الطبري(3/395-396)، ابن الأثير (2/411).
[11] ابن الأثير (2/411).
[12] ابن الأثير (2/412).
[13] الطبري (3/397).
[14] ابن كثير (7/9).
[15] الطبري 3(/401).
[16] ابن كثير (7/12).
[17] الطبري (3/400).
[18] ابن الأثير (2/414).
[19] ابن كثير (7/13-14).
[20] نفسه.
[21] ابن الأثير (2/414)، والطبري (3/401).
[22] ابن كثير (7/14).
[23] ابن الأثير (2/410-414).
[24] الطبري (3/400).
[25] هيكل ص 303.
[26] ابن كثير (7/14).
[27] الطبري (3/419)، ابن الأثير (2/41، ابن كثير (7/1،
السيوطي ص 81.
[28] الطبري (3/394).
********************
المصدر : مجلة الجامعة الاسلامية - المدينة النبوية - العدد 49
لفضيلة الدكتور محمد السيد الوكيل
وفر المنهزمون من اليرموك حتى بلغوا دمشق، وأما هرقل فإنه لما بلغه خبر اليرموك وكان بحمص تركها وولى عليها رجلاً وجعلها بينه وبين المسلمين، وودع سوريا الوداع الأخير.
وتوجه المسلمون بعد ذلك إلى الأردن، وطهرها مما بقي فيها من جنود الروم، ثم تابعوهم إلى دمشق حيث حاصروهم هناك.
وبلغ عدد الشهداء من المسلمين ثلاثة آلاف شهيد بينهم كثير من كبار الصحابة مثل سعيد بن الحرب بن قيس السهمي، ونعيم النحام، والنضير بن الحارث، وأبو الروم عمير بن هشام أخو مصعب بن عمير. وكان في جنود هذه المعركة ألف صحابي منهم مائة ممن شهد بدراً [23].
وغنم المسلمون كل ما كان في معسكر الروم، وكان شيئًا عظيماً حتى خص الفارس من النفل ألف وخمسمائة درهم [24] أو ألف وخمسة دراهم [25]، وكانت الموقعة الفاصلة عند اليرموك في شهر جمادى الآخرة من السنة الثالثة عشرة من الهجرة بعد أن مكث المسلمون قرابة أربعة أشهر لا ينالون من الروم، ولا ينال منهم.
ولما انتهت المعركة، وطارد المسلمون الروم حتى حاصروهم في دمشق أظهر خالد الكتاب الذي جاء به البريد، فإذا هو نعي للخليفة، وعزل لخالد من الإمارة وتولية لأبي عبيدة بن الجراح إمارة الناس، وعندئذ قال خالد -رضي الله عنه- وهو يعلن وفاة الخليفة وتولية عمر: (الحمد لله الذي قضى على أبي بكر بالموت، وكان أحب إلى من عمر والحمد لله الذي ولي عمر، وكان أبغض إلى من أبي بكر، وألزمني حبه) [26].
وفاة الصديق:
ونحن نلاحظ خلافاً في تاريخ وفاة الصديق -رضي الله عنه- ينبغي أن يحقق، فالطبري وابن الأثير وابن كثير والسيوطي والبلاذري كلهم مجمعون على أن الوفاة كانت في جمادى الآخرة وهذا أمر لا خلاف فيه بين المؤرخين.
وكما اتفق المؤرخون على الشهر الذي توفي فيه الخليفة، فهم كذلك متفقون على أن الوفاة كانت في السنة الثالثة عشرة من الهجرة.
ويأتي الخلاف بعد ذلك في اليوم الذي حصلت فيه الوفاة، والرواية التي تكاد تحظى بإجماع المؤرخين أنه -رضي الله عنه- اغتسل في يوم شديد البرد، وكان ذلك يوم الاثنين لسبع خلون من جمادى الآخرة، فحم على أثر ذلك خمسة عشر يوماً، وتوفي ليلة الثلاثاء لثمان بقين من جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة [27].
ولكننا نرى أن البريد قد وصل والمسلمون في اليرموك والمعركة دائرة بينهم وبين الروم والمؤرخون أنفسهم يرون أن معركة اليرموك انتهت في جمادى الآخرة كذلك، فمتى يصل البريد من المدينة إلى الشام؟ وفي كم يوم يقطع المسافة؟؟
إن البريد مهما كانت سرعته ر يمكن أن يقطع هذه المسافة في أقل من عشرة أيام، ولو توفى الخليفة لثمان بقين من جمادى الآخرة لتحتم أن تكون المعركة قد امتدت إلى شهر رجب.
ولهذا فإني أرجح أن تكون وفاة الصديق في النصف من جمادى الآخرة قبل انتهاء المعركة بعشرة أيام كما ذكر الطبري حيث يقول: (ومرض أبو بكر -رحمه الله- في جمادى الأولى وتوفي للنصف من جمادى الآخرة، قبل الفتح بعشرة أيام) [28].
وهذه الأيام العشرة يمكن أن يصل البريد فيها من المدينة المنورة إلى الشام حيث تدور المعركة.
الهوامش
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] ابن الأثير (2/406).
[2] نفسه.
[3] الصديق أبو بكر ص 285.
[4] الطبري (3/392)، ابن الأثير (2/406).
[5] نفسه.
[6] ابن كثير (7/5).
[7] ابن الأثير (2/407).
[8] الطبري (3/393).
[9] الطبري (3/394).
[10] الطبري(3/395-396)، ابن الأثير (2/411).
[11] ابن الأثير (2/411).
[12] ابن الأثير (2/412).
[13] الطبري (3/397).
[14] ابن كثير (7/9).
[15] الطبري 3(/401).
[16] ابن كثير (7/12).
[17] الطبري (3/400).
[18] ابن الأثير (2/414).
[19] ابن كثير (7/13-14).
[20] نفسه.
[21] ابن الأثير (2/414)، والطبري (3/401).
[22] ابن كثير (7/14).
[23] ابن الأثير (2/410-414).
[24] الطبري (3/400).
[25] هيكل ص 303.
[26] ابن كثير (7/14).
[27] الطبري (3/419)، ابن الأثير (2/41، ابن كثير (7/1،
السيوطي ص 81.
[28] الطبري (3/394).
********************
المصدر : مجلة الجامعة الاسلامية - المدينة النبوية - العدد 49
لفضيلة الدكتور محمد السيد الوكيل