أبو جاسم
2011-05-06, 07:27 PM
الحمد لله معز الإسلام بنصره و مذل الكفر بقهره و الصلاة و السلام على من أعلى منار الإسلام بشرعه ، ثم أما بعد :
كثيراً ما يتمسك النصارى في حوارتهم مع المسلمين ببعض النصوص الشرعية الإسلامية من قرآن و سنة ظناً منهم أنها تفيدهم في تثبيت معتقداتهم المتهافتة ، و من هذه الاستدلالات ما يزعمونه من أن النبي صلى الله عليه و سلم قد صادق على صحة التوراة في زمانه بقوله عنها (( آمنت بك و بمن أنزلك )) و عليه أنقل لكم جواب الشيخ الصياح المشرف العام على منتديات صناعة الحديث حول هذه العبارة .
(( السؤال
ما صحة حديث
عند ابى داود
حدثنا أحمد بن سعيد الهمداني ، ثنا ابن وهب ، حدثني هشام بن سعد ، أن زيد بن أسلم حدّثه ، عن ابن عمر قال :
أتى نفرٌ من يهود فدعوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى القُف فأتاهم في بيت المدارس فقالوا: يا أبا القاسم، إن رجلاً منَّا زنى بامرأة فاحكم بينهم، فوضعوا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وسادةً فجلس عليها ثم قال: "ائتوني بالتوراة" فأتي بها.
فنزع الوسادة من تحته ووضع التوراة عليها ثم قال: "آمنت بك وبمن أنزلك ".
مع بيان الدليل على الصحة او الضعف
حفظكم الله
الجواب
وعليك السلام ورحمة الله وبركاته
جواب السؤال:
أنّ هذا الحديث أصله من رواية الصحابي الجليل عبد الله بن عمر ورواه عنه كبار أصحابه مثل نافع (وهي في الصحيحين)، وسالم بن عبد الله بن عمر.
وللقصة شواهد من حديث البراء بن عازب، وأبي هريرة، وجابر بن عبد الله.
فأصل القصة برجم الزانيين من اليهود لا إشكال في ثبوتها، إنما الذي يشكل هنا لفظة "آمنت بك وبمن أنزلك" والتي في رواية أبي داود فلم ترد إلاّ في رواية هشام بن سعد وهشام بالجملة لا باس به خاصة عن زيد بن أسلم ولكن مثل هذه اللفظة التي يتفرد هشام ولم ترد في بقية الروايات الصحيحة مع كثرتها وإمامة من رواها مما يجعل الناقد يتوقف فيها ويميل إلى نكارتها هذا خلاصة القول فيها عندي.
ومما أنبه عليه هنا أنّ هذه اللفظة "آمنت بك وبمن أنزلك" لو صحت لما يكن فيها حجة للنصارى الذين يستدلون بها الآن ويدعون أنَّ التوراة غير محرفة لذا قال النبي صلى الله عليه وسلم ما قال؟!، فلو صحت لكان معناها المتسق مع جملة نصوص الكتاب والسنة الصحيحة دون تكلف:
أنّ المؤمن يؤمن بالتوراة الصحيحة المنزلة على موسى عليه السلام، وكذلك ما وجد في التوراة المحرفة من أحكام صحيحة لم تحرف يصدق بها، فأي إشكال هنا؟!.
وهذا المعنى البين الواضح تؤيده بقية روايات الحديث دون عناء، تأمل معي:
-فَقَالَ النبي صلى الله عليه وسلم: (أَنْشُدُكَ بِاللهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّورَاةَ عَلَى مُوسى، أَهكَذَا تَجِدُونَ حَدَّ الزَّانِي؟)
-وفي صحيح البخاري :
1- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ إِنَّ الْيَهُودَ جَاءُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرُوا لَهُ أَنَّ رَجُلًا مِنْهُمْ وَامْرَأَةً زَنَيَا فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاةِ فِي شَأْنِ الرَّجْمِ فَقَالُوا نَفْضَحُهُمْ وَيُجْلَدُونَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ كَذَبْتُمْ إِنَّ فِيهَا الرَّجْمَ فَأَتَوْا بِالتَّوْرَاةِ فَنَشَرُوهَا فَوَضَعَ أَحَدُهُمْ يَدَهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ فَقَرَأَ مَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ ارْفَعْ يَدَكَ فَرَفَعَ يَدَهُ فَإِذَا فِيهَا آيَةُ الرَّجْمِ قَالُوا صَدَقَ يَا مُحَمَّدُ فِيهَا آيَةُ الرَّجْمِ فَأَمَرَ بِهِمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرُجِمَا فَرَأَيْتُ الرَّجُلَ يَحْنِي عَلَى الْمَرْأَةِ يَقِيهَا الْحِجَارَةَ
ولعل من نافلة القول أن أبين أنّ من عقيدة كل مسلم مؤحد الإيمان بالركن الثالث من أركان الإيمان وهو:
الإيمان بالكتب وهو:
التصديقُ الجازم بأنَّ الله تعالى أنزل كتباً على من شاء من رسله وأنبيائه فيها الأخبار، والقصص، والمواعظ، والأوامر، والنواهي، والوعد، والوعيد، وأنَّ الله تكلم بهذه الكتب كيف شاء.
الإيمان بالكتب يتضمن أربعة أمور:
الأول: الإيمان بها إجمالاً وأنها كلها منـزلة من عند الله حقًّا، قال تعالى: {قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ}[البقرة: 136].
الثاني:الإيمان بما سمي لنا منها على وجه الخصوص؛ كالتوراة، والإنجيل والزبور، وصحف إبراهيم وموسى، قال تعالى: {اللّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ{2} نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ{3} مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَأَنزَلَ الْفُرْقَانَ } [عمران: 2-4]، وقال تعالى: {وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورا }[الإسراء: 55]، وقال تعالى: { إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى{18} صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى} [الأعلى: 18-19].
الثالث: الإيمان بما في هذه الكتب إجمالاً، وبما أخبرنا الله ورسوله :ss-6: به مما اشتملت عليه خصوصاً كما قال تعالى في التوراة: { إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}[ المائدة:44]
وقال تعالى في صحف موسى وإبراهيم:{ أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى{36} وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى{37} أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى{38} وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى{39}[النجم: 36-39].
الرابع: الإيمان بهذا القرآن المنـزل على خاتم النبيين وأنه أشرف وآخر كتاب نزل من عند الله، وأنه ناسخٌ لما سبقه من الكتب، وأنه حاكم عليها، وأنه الذي يجب اتباعه بتصديق أخباره، وبإحلال حلاله، وتحريم حرامه، والعمل بأوامره ونواهيه، قال تعـالى:{ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ }[التغابن: 8]، وقال الله تعالى: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَـكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ}[المائدة: 48]. أي: حاكمًا وأميناً عليه، وقال تعالى: { كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلاَ يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ} [الأعراف: 3].
ومما يجب اعتقاده أنَّ هذا القرآن كافٍ عمّا تقدمه من الكتب؛ كالتوراة والإنجيل، فلا يجوز النظر فيها طلباً للهدى، ويجب الاستغناء به عنها ولذلك غضب النبي صلى الله عليه و سلم حين رأى مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه قطعة من التوراة ينظر فيها وقال: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ جِئْتُكُمْ بِهَا بَيْضَاءَ نَقِيَّةً، ولَوْ أَنَّ مُوسَى كَانَ حَيًّا مَا وَسِعَهُ إِلا أَنْ يَتَّبِعَنِي» أخرجه أحمد (3/387)، والبيهقيّ في شعب الإيمان (1/200)، وصححه الضياء المقدسي في الأحاديث المختارة (1/215).، وفي لفظٍ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَصْبَحَ فِيكُمْ مُوسَى ثُمَّ اتَّبَعْتُمُوهُ وَتَرَكْتُمُونِي لَضَلَلْتُمْ إِنَّكُمْ حَظِّي مِنَ الأُمَمِ وَأَنَا حَظُّكُمْ مِنَ النَّبِيِّينَ»
هذا ما تيسر والله أعلم
أبوعمر الصياح))
رابط جواب الشيخ من منتديات صناعة الحديث
http://www.hadiith.net/montada/showthread.php?t=799
كثيراً ما يتمسك النصارى في حوارتهم مع المسلمين ببعض النصوص الشرعية الإسلامية من قرآن و سنة ظناً منهم أنها تفيدهم في تثبيت معتقداتهم المتهافتة ، و من هذه الاستدلالات ما يزعمونه من أن النبي صلى الله عليه و سلم قد صادق على صحة التوراة في زمانه بقوله عنها (( آمنت بك و بمن أنزلك )) و عليه أنقل لكم جواب الشيخ الصياح المشرف العام على منتديات صناعة الحديث حول هذه العبارة .
(( السؤال
ما صحة حديث
عند ابى داود
حدثنا أحمد بن سعيد الهمداني ، ثنا ابن وهب ، حدثني هشام بن سعد ، أن زيد بن أسلم حدّثه ، عن ابن عمر قال :
أتى نفرٌ من يهود فدعوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى القُف فأتاهم في بيت المدارس فقالوا: يا أبا القاسم، إن رجلاً منَّا زنى بامرأة فاحكم بينهم، فوضعوا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وسادةً فجلس عليها ثم قال: "ائتوني بالتوراة" فأتي بها.
فنزع الوسادة من تحته ووضع التوراة عليها ثم قال: "آمنت بك وبمن أنزلك ".
مع بيان الدليل على الصحة او الضعف
حفظكم الله
الجواب
وعليك السلام ورحمة الله وبركاته
جواب السؤال:
أنّ هذا الحديث أصله من رواية الصحابي الجليل عبد الله بن عمر ورواه عنه كبار أصحابه مثل نافع (وهي في الصحيحين)، وسالم بن عبد الله بن عمر.
وللقصة شواهد من حديث البراء بن عازب، وأبي هريرة، وجابر بن عبد الله.
فأصل القصة برجم الزانيين من اليهود لا إشكال في ثبوتها، إنما الذي يشكل هنا لفظة "آمنت بك وبمن أنزلك" والتي في رواية أبي داود فلم ترد إلاّ في رواية هشام بن سعد وهشام بالجملة لا باس به خاصة عن زيد بن أسلم ولكن مثل هذه اللفظة التي يتفرد هشام ولم ترد في بقية الروايات الصحيحة مع كثرتها وإمامة من رواها مما يجعل الناقد يتوقف فيها ويميل إلى نكارتها هذا خلاصة القول فيها عندي.
ومما أنبه عليه هنا أنّ هذه اللفظة "آمنت بك وبمن أنزلك" لو صحت لما يكن فيها حجة للنصارى الذين يستدلون بها الآن ويدعون أنَّ التوراة غير محرفة لذا قال النبي صلى الله عليه وسلم ما قال؟!، فلو صحت لكان معناها المتسق مع جملة نصوص الكتاب والسنة الصحيحة دون تكلف:
أنّ المؤمن يؤمن بالتوراة الصحيحة المنزلة على موسى عليه السلام، وكذلك ما وجد في التوراة المحرفة من أحكام صحيحة لم تحرف يصدق بها، فأي إشكال هنا؟!.
وهذا المعنى البين الواضح تؤيده بقية روايات الحديث دون عناء، تأمل معي:
-فَقَالَ النبي صلى الله عليه وسلم: (أَنْشُدُكَ بِاللهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّورَاةَ عَلَى مُوسى، أَهكَذَا تَجِدُونَ حَدَّ الزَّانِي؟)
-وفي صحيح البخاري :
1- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ إِنَّ الْيَهُودَ جَاءُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرُوا لَهُ أَنَّ رَجُلًا مِنْهُمْ وَامْرَأَةً زَنَيَا فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاةِ فِي شَأْنِ الرَّجْمِ فَقَالُوا نَفْضَحُهُمْ وَيُجْلَدُونَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ كَذَبْتُمْ إِنَّ فِيهَا الرَّجْمَ فَأَتَوْا بِالتَّوْرَاةِ فَنَشَرُوهَا فَوَضَعَ أَحَدُهُمْ يَدَهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ فَقَرَأَ مَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ ارْفَعْ يَدَكَ فَرَفَعَ يَدَهُ فَإِذَا فِيهَا آيَةُ الرَّجْمِ قَالُوا صَدَقَ يَا مُحَمَّدُ فِيهَا آيَةُ الرَّجْمِ فَأَمَرَ بِهِمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرُجِمَا فَرَأَيْتُ الرَّجُلَ يَحْنِي عَلَى الْمَرْأَةِ يَقِيهَا الْحِجَارَةَ
ولعل من نافلة القول أن أبين أنّ من عقيدة كل مسلم مؤحد الإيمان بالركن الثالث من أركان الإيمان وهو:
الإيمان بالكتب وهو:
التصديقُ الجازم بأنَّ الله تعالى أنزل كتباً على من شاء من رسله وأنبيائه فيها الأخبار، والقصص، والمواعظ، والأوامر، والنواهي، والوعد، والوعيد، وأنَّ الله تكلم بهذه الكتب كيف شاء.
الإيمان بالكتب يتضمن أربعة أمور:
الأول: الإيمان بها إجمالاً وأنها كلها منـزلة من عند الله حقًّا، قال تعالى: {قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ}[البقرة: 136].
الثاني:الإيمان بما سمي لنا منها على وجه الخصوص؛ كالتوراة، والإنجيل والزبور، وصحف إبراهيم وموسى، قال تعالى: {اللّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ{2} نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ{3} مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَأَنزَلَ الْفُرْقَانَ } [عمران: 2-4]، وقال تعالى: {وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورا }[الإسراء: 55]، وقال تعالى: { إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى{18} صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى} [الأعلى: 18-19].
الثالث: الإيمان بما في هذه الكتب إجمالاً، وبما أخبرنا الله ورسوله :ss-6: به مما اشتملت عليه خصوصاً كما قال تعالى في التوراة: { إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}[ المائدة:44]
وقال تعالى في صحف موسى وإبراهيم:{ أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى{36} وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى{37} أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى{38} وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى{39}[النجم: 36-39].
الرابع: الإيمان بهذا القرآن المنـزل على خاتم النبيين وأنه أشرف وآخر كتاب نزل من عند الله، وأنه ناسخٌ لما سبقه من الكتب، وأنه حاكم عليها، وأنه الذي يجب اتباعه بتصديق أخباره، وبإحلال حلاله، وتحريم حرامه، والعمل بأوامره ونواهيه، قال تعـالى:{ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ }[التغابن: 8]، وقال الله تعالى: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَـكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ}[المائدة: 48]. أي: حاكمًا وأميناً عليه، وقال تعالى: { كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلاَ يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ} [الأعراف: 3].
ومما يجب اعتقاده أنَّ هذا القرآن كافٍ عمّا تقدمه من الكتب؛ كالتوراة والإنجيل، فلا يجوز النظر فيها طلباً للهدى، ويجب الاستغناء به عنها ولذلك غضب النبي صلى الله عليه و سلم حين رأى مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه قطعة من التوراة ينظر فيها وقال: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ جِئْتُكُمْ بِهَا بَيْضَاءَ نَقِيَّةً، ولَوْ أَنَّ مُوسَى كَانَ حَيًّا مَا وَسِعَهُ إِلا أَنْ يَتَّبِعَنِي» أخرجه أحمد (3/387)، والبيهقيّ في شعب الإيمان (1/200)، وصححه الضياء المقدسي في الأحاديث المختارة (1/215).، وفي لفظٍ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَصْبَحَ فِيكُمْ مُوسَى ثُمَّ اتَّبَعْتُمُوهُ وَتَرَكْتُمُونِي لَضَلَلْتُمْ إِنَّكُمْ حَظِّي مِنَ الأُمَمِ وَأَنَا حَظُّكُمْ مِنَ النَّبِيِّينَ»
هذا ما تيسر والله أعلم
أبوعمر الصياح))
رابط جواب الشيخ من منتديات صناعة الحديث
http://www.hadiith.net/montada/showthread.php?t=799