الزبير بن العوام
2008-05-15, 02:04 AM
قال ابن القيم رحمه الله :
أنواع الغيرة .. وفوائد جليلة
الغيرة غيرتان : غيرة على الشيء ، وغيرة من الشيء ، فالغيرة على المحبوب حرصك عليه ، والغيرة من المكروه أن يزاحمك عليه ، فالغيرة على المحبوب لا تتم إلا بالغيرة من المزاحم ، وهذه تحمد حيث يكون المحبوب تقبح المشاركة في حبه كالمخلوق .
وأما من تحسن المشاركة في حبه سبحانه فلا يتصور غيره المزاحمة عليه بل هو حسد ، والغيرة المحمودة في حقه أن يغار المحب على محبته له أن يصرفها إلى غيره ، أو يغار عليها أن يطلع عليها الغير فيفسدها عليه، أو يغار على أعماله أن يكون فيها شيء لغير محبوبه ، أو يغار عليها أن يشوبها ما يكره محبوبه من رياء أو إعجاب أو محبة لإشراف غيره عليها أو غيبته عن شهود منته عليه فيها .
و بالجملة : فغيرته تقتضي أن تكون أحواله وأعماله وأفعاله كلها لله ، وكذلك يغار على أوقاته أن يذهب منها وقت في غير رضا محبوبه ، فهذه الغيرة من جهة العبد ، وهي غيرة من المزاحم له المعوق القاطع له عن مرضاة محبوبه . وأما غيرة محبوبه عليه فهي كراهية أن ينصرف قلبه عن محبته إلى محبة غيرة بحيث يشاركه في حبه ، ولهذا كانت غيرة الله أن يأ تي العبد ما حرم عليه ، ولأجل غيرته سبحانه حرم الفاحشة ما ظهر وما بطن ؛ لأن الخلق عبيده وإماؤه فهو يغار على إمائه كما يغار السيد على جواريه - ولله المثل الأعلى - ويغار على عبيده أن تكون محبتهم لغيره بحيث تحملهم تلك المحبة على عشق الصور ونيل الفاحشة منها .
من عظم وقار الله في قلبه أن يعصيه وقره الله في قلوب الخلق أن يذلوه .
إذا علقت شروش المعرفة في أرض القلب نبتت فيه شجرة المحبة ، فإذا تمكنت وقويت أثمرت الطاعة فلا تزال الشجرة تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها .
أول منازل القوم : « اذكروا الله ذكراً كثيراً وسبحوه بكرة وأصيلا » الأحزاب : 42 ، وأوسطها : « هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور » الأحزاب 43 . وآخرها : « تحيتهم يوم يلقونه سلام » الأحزاب : 44 .
أرض الفطرة رحبة قابلة لما يغرس فيها، فإن غرست شجرة الإيمان والتقوى أورثت حلاوة الأبدان ، وإن غرست شجرة الجهل والهوى فكل الثمر مر .
ارجع إلى الله واطلبه من عينك وسمعك وقلبك ولسانك ، ولا تشرد عنه من هذه الأربعة فما رجع من رجع إليه بتوفيقه إلا منها ، وما شرد من شرد عنه بخذلانه إلا منها ، فالموفق يسمع ويبصر ويتكلم ويبطش بمولاه ، والمخذول يصدر ذلك عنه بنفسه وهواه .
مثال تولد الطاعة ونموها وتزايدها كمثل نواة غرستها فصارت شجرة ثم أثمرت فأكلت ثمرها وغرست نواها فكلما أثمر منها شيء جنيت ثمره وغرست نواه ، وكذلك تداعي المعاصي ، فليتدبر اللبيب هذا المثال: فمن ثواب الحسنة الحسنة بعدها، ومن عقوبة السيئة السيئة بعدها .
ليس العجب من مملوك يتذلل لله ويتعبد له ولا يمل من خدمته مع حاجته وفقره إليه ، إنما العجب من مالك يتحبب إلى مملوك بصنوف إنعامه ويتودد إليه بأنواع إحسانه مع غناه عنه .
كفى بك عزًّا أنك له عبد * * * وكفى بك فخراً أنه لك رب
انتهى كلام ابن القيم رحمه الله .. اسأل الله أن يرحمنا برحمته ،
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أنواع الغيرة .. وفوائد جليلة
الغيرة غيرتان : غيرة على الشيء ، وغيرة من الشيء ، فالغيرة على المحبوب حرصك عليه ، والغيرة من المكروه أن يزاحمك عليه ، فالغيرة على المحبوب لا تتم إلا بالغيرة من المزاحم ، وهذه تحمد حيث يكون المحبوب تقبح المشاركة في حبه كالمخلوق .
وأما من تحسن المشاركة في حبه سبحانه فلا يتصور غيره المزاحمة عليه بل هو حسد ، والغيرة المحمودة في حقه أن يغار المحب على محبته له أن يصرفها إلى غيره ، أو يغار عليها أن يطلع عليها الغير فيفسدها عليه، أو يغار على أعماله أن يكون فيها شيء لغير محبوبه ، أو يغار عليها أن يشوبها ما يكره محبوبه من رياء أو إعجاب أو محبة لإشراف غيره عليها أو غيبته عن شهود منته عليه فيها .
و بالجملة : فغيرته تقتضي أن تكون أحواله وأعماله وأفعاله كلها لله ، وكذلك يغار على أوقاته أن يذهب منها وقت في غير رضا محبوبه ، فهذه الغيرة من جهة العبد ، وهي غيرة من المزاحم له المعوق القاطع له عن مرضاة محبوبه . وأما غيرة محبوبه عليه فهي كراهية أن ينصرف قلبه عن محبته إلى محبة غيرة بحيث يشاركه في حبه ، ولهذا كانت غيرة الله أن يأ تي العبد ما حرم عليه ، ولأجل غيرته سبحانه حرم الفاحشة ما ظهر وما بطن ؛ لأن الخلق عبيده وإماؤه فهو يغار على إمائه كما يغار السيد على جواريه - ولله المثل الأعلى - ويغار على عبيده أن تكون محبتهم لغيره بحيث تحملهم تلك المحبة على عشق الصور ونيل الفاحشة منها .
من عظم وقار الله في قلبه أن يعصيه وقره الله في قلوب الخلق أن يذلوه .
إذا علقت شروش المعرفة في أرض القلب نبتت فيه شجرة المحبة ، فإذا تمكنت وقويت أثمرت الطاعة فلا تزال الشجرة تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها .
أول منازل القوم : « اذكروا الله ذكراً كثيراً وسبحوه بكرة وأصيلا » الأحزاب : 42 ، وأوسطها : « هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور » الأحزاب 43 . وآخرها : « تحيتهم يوم يلقونه سلام » الأحزاب : 44 .
أرض الفطرة رحبة قابلة لما يغرس فيها، فإن غرست شجرة الإيمان والتقوى أورثت حلاوة الأبدان ، وإن غرست شجرة الجهل والهوى فكل الثمر مر .
ارجع إلى الله واطلبه من عينك وسمعك وقلبك ولسانك ، ولا تشرد عنه من هذه الأربعة فما رجع من رجع إليه بتوفيقه إلا منها ، وما شرد من شرد عنه بخذلانه إلا منها ، فالموفق يسمع ويبصر ويتكلم ويبطش بمولاه ، والمخذول يصدر ذلك عنه بنفسه وهواه .
مثال تولد الطاعة ونموها وتزايدها كمثل نواة غرستها فصارت شجرة ثم أثمرت فأكلت ثمرها وغرست نواها فكلما أثمر منها شيء جنيت ثمره وغرست نواه ، وكذلك تداعي المعاصي ، فليتدبر اللبيب هذا المثال: فمن ثواب الحسنة الحسنة بعدها، ومن عقوبة السيئة السيئة بعدها .
ليس العجب من مملوك يتذلل لله ويتعبد له ولا يمل من خدمته مع حاجته وفقره إليه ، إنما العجب من مالك يتحبب إلى مملوك بصنوف إنعامه ويتودد إليه بأنواع إحسانه مع غناه عنه .
كفى بك عزًّا أنك له عبد * * * وكفى بك فخراً أنه لك رب
انتهى كلام ابن القيم رحمه الله .. اسأل الله أن يرحمنا برحمته ،
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين