مجدي فوزي
2011-06-15, 01:44 PM
لاشك أن آيات سورة النساء التي تشرع نظاما للمواريث قد لقيت أهتماما عظيما من علماء المسلمين ، وفي هذه المقالة لسنا بصدد شرح لنظام المواريث في الأسلام ولكن الغرض هو بيان وجه الأعجاز التشريعي فيها ليعلم عامة المسلمين عظمة هذا التشريع بالفهم وليس سماعا من الغير
ولكن علينا أولا أن نبين كيفية تقسم الميراث في الجاهلية والقوانين الأخرى، وإعطاء فكرة مبسطة للقاريء عن نظام المواريث الإسلامي من خلال شرح الآيات التي تناولت هذا الموضوع وهي الآيات رقم 11 و 12 و 176 من سورة النساء.
نظام الميراث في الجاهلية:
كان نظام الجاهلية في المواريث ينقل مال الميت إلى الرجال الأشداء دون الصغار والبنات والزوجات مثل الإخ الكبير والعم وابن العم لأن الصغار والنساء لا يحملوا السلاح ولا يأخذوا بالثأر ولا يجلبوا المغانم ولا يقاتلوا الأعداء. قال الطبري : كان أهل الـجاهلـية لا يقسمون من ميراث الـميت لأحد من ورثته بعده مـمن كان لا يلاقـي العدوّ ولا يقاتل فـي الـحروب من صغار ولده، ولا للنساء منهم، وكانوا يخصون بذلك الـمقاتلة دون الذرية، فقسم الله وعز جلّ أن فـي سورة النساء للأولاد للصغار والنساء نصيبا من مال الميت . وفي الأثر:
حدثنا مـحمد بن الـحسين،قال: ثنا أحمد بن مفضل، قال: ثنا أسبـاط، عن السديّ: كان أهل الـجاهلـية لا يورّثون الـجواري، ولا الصغار من الغلـمان، لا يرث الرجلَ من ولده إلا من أطاق القتال.
قال الألوسي : فإنهم ما كانوا يورثون النساء والأطفال ويقولون: إنما يرث من يحارب ويذب عن الحوزة، وروى عن ابن عباس قال: كان أهل الجاهلية لا يورثون البنات، ولا الصغار الذكور حتى يدركوا. وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير أن أهل الجاهلية كانوا لا يورثون النساء ولا الولدان الصغار شيئا، يجعلون الميراث لذي الأسنان من الرجال.
معنى هذا أن الورثة في الجاهلية هم الرجال الأشداء القادرين على حمل السلاح فقط دون غيرهم ، ولكن إمرأة سعد بن الربيع شكت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم
فعن جابر بن عبد الله : أن امرأة من الأنصار أتت النبي - عليه السلام - بابنتي سعد بن الربيع ، فقالت : يا رسول الله ! سعد بن الربيع قتل يوم أحد شهيدا ، فأخذ عمهما كل شيء من تركته ، ولم يدع لهما من مال أبيهما ، قليلا ، ولا كثيرا ، والله ما لهما مال . ولا تنكحان إلا ولهما مال ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " سيقضي الله في ذلك ما شاء ، فنزلت : يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك الآية [ النساء : 11 ] . فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمهما ، فقال : " أعط هاتين الجاريتين مما ترك أبوهما الثلثين ، وأعط أمهما الثمن ، وما بقي فهو لك . حديث حسن رواه أبو داود والترمذي والحاكم
لاحظ هنا أن الرسول بهذا النظام الجديد يصادم أهواء كثير من الرجال المعاصرين الذين سيضطرون إلى مقاسمة الميراث مع النساء والجواري والغلمان
خلافا لما اعتادوا عليه مئات السنين، والأمر ليس سهلا ، ولولا إيمان الصحابة القوي لما انصاعوا إطلاقا لهذا التشريع، وفتنة المال قوية. تخيل هذا العم
كان بيده كل المال ‘ ثم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بإعطاء البنتين الثلثين والثمن للأم ، يعني نصيبه تقلص لأقل من الثلث ! ضع مليون جنيه في حسابك ثم
تنازل عن سبعمائة ألف لباقي الورثة ثم تخيل حالتك النفسية.
قال تعالى في سورة النساء:
( يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ* فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ* وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ* وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ* فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ* فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ* آبَآؤُكُمْ وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ* إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيما حَكِيماً (11) وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ* فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ* وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ* فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ* وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً أَو امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ* فَإِن كَانُوَاْ أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاء فِي الثُّلُثِ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَآرٍّ* وَصِيَّةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ (12) ))
وقال : (( يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ* إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ* وَهُوَ يَرِثُهَا إِن لَّمْ يَكُن لَّهَا وَلَدٌ* فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ* وَإِن كَانُواْ إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَاء فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ* يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (176) ))
القرآن يتحدى:
الله أكبر ، نظام كامل للمواريث يأتي به الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن موجودا من قبل ! كيف يأتي هذا النظام الذي يدرس
في الجامعات وتألفت له الكتب لدراسته فجأة هكذا من رجل أمي لا يقرأ ولا يكتب ولا يحسب ، والموضوع كله حسابات، إلا أنه من عند الله؟
ثلاثة آيات في حوالي مائتين من الكلمات تشمل هذا النظام الفريد.
جرب أن تتكلم مع شخص أمي أو حتى متعلم من خريجي الجامعات في هذه الكسوروالحسابات وسجل متى يستوعب هذا النظام الفريد.
ولكي يتفهم الإخوة القراء وجه الإعجاز في الأمر ، نعطي لهم بعض المعلومات المبسطة عن هذا النظام ودليله من الآيات الكريمة التي يمر عليها
كثيرا من المسلمين مرور الكرام عند قراءة القرآن غافلين عن ما تحمله من إعجاز تشريعي.
قد يقول بعض المجادلين من الملاحدة والمنافقين ، وما وجه الإعجاز في هذه الآيات؟
نقول له ، هات لنا النظام الذي تظنه يصلح للمواريث وكيفية توزيع التركة على الورثة بقانون ثابت وراسخ هكذا (بسرعة لوسمحت) ، لآن الآيات
نزلت قبل أن يتمكن العم الوارث من التصرف في نصيب الزوجة والإبنتين . وياليت يكون أسلوبك حتى ربع الأسلوب الرائع للقرآن وفي نفس مستوى
الإيجاز ، يعني لا تتكلم كثيرا بدون فائدة، وبهذه المناسبة سنعرض على حضراتكم بعد أسطر قليلة كيف أن كل كلمة في الآيات تحمل جزء من تشريع
المواريث وبصورة مركزة وموجزة جدا ، هذا فضلا عن الأسلوب الأدبي المعجز. لا تنس أن المسموح لك هو 250 كلمة فقط (الآيات تحمل حوالي 220)
ولتعمل في حسابك أن الورثة هم:
الأبناء والأحفاد ، الآباء والأمهات و الأجداد والجدات والأعمام والعمات أشقاء ولأب والإخوة الأشقاء والشقيقات ، والإخوة والأخوات لأب و لأم وأولاد العم
والزوج والزوجات ، وهؤلاء يشملون أصحاب الفروض والعصبات.
نظام الميراث في القرآن:
لابد من معرفة بعض المصطلحات الهامة أولا :
ما معنى أصحاب الفروض:
هم الأفراد الذين فرض لهم الله عز وجل نصيبا مفروضا محدد مثل الربع والنصف والسدس ، ويقسم الميراث لهم أولا.
وهم :
اثنا عشر: أربعة من الذكور وهم الأب والجد الصحيح وإن علا والأخ لأم والزوج .
وثمان من الإناث وهن الزوجة والبنت والأخت الشقيقة والأخت لأب والأخت لأم وبنت الابن والأم والجدة الصحيحة وإن علت .
ما معنى العصبات:
العَصَبَة جمع عاصب كطلبة و طالب ، وهم بنو الرجل وقرابته لأبيه ، وسموا بذلك لشدَ بعضهم أزر بعض .
مثل الإبن والأب والعم وأولاده والأخ لأب وأولاده
وهؤلاء ينتظرون انتهاء أصحاب الفروض أولا ثم يقسم الباقي عليهم كما سنرى.
الكلالة:
حالة الميت الذي ليس له والد ولا ولد يعني ليس في ورثته أصل (أباه وجده) ولا فرع وارث (ابن ، ابنه ، أحفاد)
ترتيب تقسيم الميراث:
قبل تقسم التركة يجب قضاء دين الميت ودفع مصاريف تجهيزه
ثم إنفاذ وصيته في حدود ثلث التركة مع عدم التوصية لأحد الورثة لآنه لا وصية لوارث
إعطاء أصحاب الفروض أولا
باقي التركة يقسم على عصبات الميت
تحليل آيات الميراث:
الآية 11 من سورة النساء تتناول نصيب أصول الميت (الوالدان ويشمل الأجداد) وفروعه(الأبناء ويشمل الأحفاد والموضوع فيه تفاصيل وردت في السنة)
يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ (نصيب الأبناء في حالة وجود ذكور مع إناث)
يرثون للذكر مثل حظ الأنثيين
مثال:
الميت مات عن : ابنين وثلاثة بنات
نصيب الابن الواحد 2/7 ونصيب البنت الواحدة 1/7
2/7(ذكر)+2/7(ذكر)+1/7(أنثى)+1/7(أنثى)+1/7(أنثى)=7/7(كامل التركة)
فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ (الأبناء إناث فقط)
الثلثان تقسم على البنات (والباقي لأقرب ذكرأو ذكور من جهة الأب تعصيبا)
مثال:
الميت مات عن : أبنتين و عم
للأبنتين الثلثان فرضا والباقي للعم تعصيبا
وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ (الأبناء بنت وحيدة)
البنت الواحدة لها النصف (والباقي لأقرب ذكرأو ذكور من جهة الأب تعصيبا)
مثال:
الميت مات عن : أبنة واحدة و ابن عم
الأبنة نصيبها النصف فرضا والباقي لأبن العم تعصيبا
وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ (والدا الميت في حالة وجود أولاد له)
لكل واحد من الوالدين السدس فرضا
مثال:
الميت مات عن : أب وأم و أبن وأبنة
للأب السدس ، وللأم السدس والباقي للأبن والأبنة تعصيبا للذكر مثل حظ لاأنثيين
فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ (والدا الميت الذي ليس له أولاد)
للأم الثلث فرضا والباقي للأب تعصيبا
مثال:
الميت مات عن : أب وأم
للأم الثلث فرضا والباقي للأب تعصيبا
فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ (نصيب الأم عند وجود إخوة للميت)
للأم السدس فرضا
مثال:
الميت مات عن : أم و أخ شقيق
للأم السدس فرضا والباقي للشقيق تعصيبا
مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ
يعني يجب قضاء ديون الميت أولا ، ثم تنفيذ وصيته (في حدود الثلث وخارج الورثة لآنه لا وصية لوارث)
وتأمل حرص الآيات على حقوق من له دين عند الميت وكذلك تبرئة الميت من الدين
مثال:
الميت مات عن : ابنين وأم وأوصى بربع تركته للصدقات :
يتم التصدق بربع التركة وتأخذ الأم السدس والباقي للأبناء تعصيبا بالتساوي بينهم
الآية 12 من سورة النساء تتناول الزوجة أو الزوج من الميراث وكذلك الإخوة لأم
وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ ولد (نصيب الزوج في حالة عدم وجود أولاد لزوجته المتوفاه)
للزوج النصف فرضا في حالة عدم وجود أولاد للميتة
مثال:
الميتة ماتت عن : زوج وأب
للزوج النصف فرضا وللأب الباقي تعصيبا
فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ (نصيب الزوج في حالة وجود أولاد)
للزوج الربع فرضا في حالة وجود أولاد
مثال:
الميتة ماتت عن : زوج وأبن وأبنة
للزوج الربع فرضا والباقي للأبناء تعصيبا للذكر مثل حظ الأنثيين
مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ
تقديم سداد ديون الميت وتنفيذ وصيتة (في حدود الثلث) قبل تقسم ميراثه
وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ (نصيب الزوجة وليس لزوجها الميت أولاد)
الربع فرضا
مثال:
الميت مات عن: زوجة وابن عم
للزوجة الربع فرضا والباق لأابن العم تعصيبا
فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم (نصيب الزوجة و لزوجها الميت أولاد)
الثمن فرضا
مثال:
الميت مات عن: زوجة وابنين وابن عم
للزوجة الثمن فرضا والباقي للأبناء تعصيبا بالسوية ولاشيء لأبن العم لحجبه بالأبناء
مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ
تقديم سداد ديون الميت وتنفيذ وصيتة (في حدود الثلث) قبل تقسم ميراثه
وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً أَو امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ (أخ أو أخت لأم)
الأخ لأم أو الأخت لأم المنفرد له السدس فرضا
مثال:
الميت مات عن: أخ و أخت لأم و زوجة وعم
للأخ لأم السدس وكذلك للأخت لأم ، وللزوجة الربع والباقي للعم تعصيبا
فَإِن كَانُوَاْ أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاء فِي الثُّلُثِ (وجود أكثر من أخ أو أخت لأم ذكورا أو إناثا أو مختلطين)
يتقاسمون ثلث التركة بالتساوي بينهم ذكورا و إناثا
مثال:
الميت مات عن: إخوة لأم ثلاث ذكور وأنثى وأخ شقيق
الإخوة لأم شركاء في الثلث بالتساوي ، والباقي للأخ الشقيق تعصيبا
الآية 176 من سورة النساء تتناول الميت الذي ليس له أصل وارث (والدان) ولا فرع وارث( أبناء) ولكن له إخوة أشقاء أو لأب
إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ (ورثة الميت أخت شقيقة أو لأب وليس له ولد ولا والد)
نصيب الأخت الشقيقة أو لأب النصف فرضا (والباقي لأقرب ذكرأو ذكور من جهة الأب تعصيبا)
مثال:
الميت مات عن: أخت شقيقة و ابني عم
للأخت الشقيقة النصف والباقي لأبني العم تعصيبا بالتساوي
وَهُوَ يَرِثُهَا إِن لَّمْ يَكُن لَّهَا وَلَدٌ (نصيب الأخ الشقيق أو لأب من أخته المتوفاه وليس لها ولد ولا والد)
يرث الأخ كل التركة تعصيبا
مثال:
الميتة ماتت عن: أخ شقيق وعم
الأخ الشقيق يرثها تعصيبا ولا شيء للعم
فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ (أختين شقيقتين للمتوفى بدون أصل ولا فرع وارث)
نصيب الأختين الثلثان
مثال:
الميت مات عن: أختين شقيقتين وابن عم
الثلثان للأختين والباقي لأبن العم تعصيبا
وَإِن كَانُواْ إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَاء فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ (إخوة وأخوات لميت ليس له أصل ولا فرع وارث)
للذكر مثل حظ الأنثيين
مثال:
الميت مات عن: أخين وثلاث أخوات أشقاء
للذكر مثل حظ الأنثيين
ثم يختم الله عز وجل ببيان أن غير هذا التقسم يكون ضلالا :
يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
لاحظ مدى إيجاز التشريع الوارد في الآيات بحيث لا يشمل أي كلمة زائدة لا لزوم لها .
رد شبهة للذكر مثل حظ الأنثيين:
يظن كثير من الناس أن أي ذكر يرث ضعف أي أنثى في تشريع المواريث الإسلامي ، وهذا خطأ فادح حيث أن هناك
كثير من الحالات تأخذ فيها الأنثى أكثر من الذكر، ونضرب أمثلة:
مثال1:
الميت مات عن: بنت، وبنت إبن، وعم
للبنت النصف فرضا
لبنت الابن السدس تكملة للثلثين ، حيث أن للبنتين الثلثان أصلا ، ولما كانت الأولى بنت الميت الوحيدة فلها النص ، والثانية حفيدته
فتأخذ باقي الثلثين وهو السدس
للعم الشقيق الباقي تعصيبا وهنا يكون : 1- 2/3= 1/3
نجد هنا البنت لها النصف هي الأنثى وللعم الثلث وهو الذكر
مثال2:
الميت مات عن: زوجة وبنت وابن عم
للزوجة الثمن
للبنت النصف
الباقي لأبن العم تعصيبا
1/2 + 1/8 =5/8
نصيب العم = 1 - 5/8 = 3/8
هنا نجد أن نصيب البنت النصف (4/8) ونصيب العم 3/8 يعني البنت الأنثى أكثر من العم الذكر
مثال3:
الميت مات عن: بنت أبن ، وأم ، و عم
لبنت الأبن النصف
للأم السدس
للعم الباقي تعصيبا ويبلغ الثلث (أقل من نصيب بنت الأبن)
مثال4:
الميت مات عن: زوجة وبنتين و أبن عم
للزوجة الثمن
للبنتين الثلثان
لأبن العم الباقي تعصيبا ويبلغ 5/24 يعني أقل من الربع ومن نصيب كل بنت على حدة
مثال5:
الميت مات عن: أخت شقيقة وأخت لأب وابن أخ
الشقيقة لها النصف
الأخت لأب لها السدس
الباقي تعصيبا لأبن الأخ ويبلغ الثلث (أقل من الأخت الشقيقة)
مثال6:
الميت مات عن: زوجة وبنت أبن وعم
للزوجة الثمن
لبنت الأبن النصف (تقوم مقام البنت لأن البنت الأصلية غير موجودة)
للعم الباقي تعصيبا ويبلغ الربع (أقل من الحفيدة)
مثال7:
الميت مات عن: أب ، وأم ، وزوجة، وبنت
للأم السدس 4/24
للزوجة الثمن 3/24
للبنت النصف 12/24
للأب السدس 4/24 والباقي يعود له تعصيبا أيضا (1/24)
فيكون نصيب الأب 4/24 + 1/24 = 5/24
أقل من النصف الخاص بالبنت (12/24)
مثال8:
الميت مات عن: زوجة ، وبنتي أبن ، وأخ لأب
للزوجة الثمن 3/24
لبنتي الأبن الثلثان 16/24
الباقي للأخ لأب تعصيبا 5/24
أقل من نصيب البنت الواحدة وهو 8/24
وهناك أمثلة أيضا على تساوي الذكر بالأنثى في الميراث:
مثال1:
الميت مات عن: بنت ، و أخ لأب
للبنت النصف ولأخ لأب الباقي تعصيبا
مثال2:
الميت مات عن: بنت وعم شقيق
للبنت النصف وللعم النصف الباقي تعصيبا
مثال3:
الميت مات عن: بنت وأب
للبنت النصف فرضا
للأب السدس فرضا ويعود عليه الباقي تعصيبا ليبلغ النصف
مثال4:
ميراث الإخوة لأم:
يتقاسمون ثلث التركة بالتساوي بينهم ذكورا و إناثا
الموضوع إذاً ، ليس موضوع أن ميراث الأنثى دائما أقل من الذكر ، ولكن الموضوع هو موقع الأنثى بالنسبة للميت ، فلماذا لا يتباكى مدعو حقوق الإنسان أن نصيب والد الميت (السدس) وهو ذكر أقل من نصيب بنت الميت (النصف) وهي أنثى ؟
هذا والأمثلة كثيرة
أما حالات ميراث الأنثى نصيب أقل من الذكر فلذلك حكمة أيضا ‘ فالإسلام قد أعفى الأنثى من كثير من الأعباء المادية والالتزامات الاجتماعية في الوقت الذي حمّل الرجل كثيراً من هذه الأعباء والالتزامات . لقد رفع عنها عبء الإنفاق ، ومشقة العمل ، حتى ولو كانت تملك المال ، وجعل نفقتها على من يعولها من
الذكور مثل أبيها وأخيها وجدها وعمها ، أو زوجها وأولادها . وفي هذا توازن ، إذ أن الذي على عاتقه واجب النفقة على المرأة يأخذ نصيب أوفر منها.
وهذا ليس في كل الأحوال طبعا ، فهناك كما رأينا حالات كثيرة تكون الأنثى فيها أولى من الذكر بالنصيب الأكبر في ميراث الميت.
وعلى الذين يطعنون في الأسلام من جهة ميراث المرأة أن ينظروا أولا إلى ميراثها عند اليهود والنصارى والقوانين الوضعية.
الميراث عند اليهود
ورد في سفر التثنية أصحاح 21 عن الميراث ما يلي:
حق الابن الأكبر
تث-21-15: ((إذا كان لرجل امرأتان إحداهما محبوبة والأخرى مكروهة فولدتاله بنين المحبوبة والمكروهة. فإن كان الابن البكر للمكروهة
تث-21-16: فيوم يقسم لبنيه ما كان له لا يحل له أن يقدم ابن المحبوبة بكرا على ابن المكروهة البكر
تث-21-17: بل يعرف ابن المكروهة بكرا ليعطيه نصيب اثنين من كل ما يوجد عنده لأنه هو أول قدرته. له حق البكورية.
و ورد في سفر العدد أصحاح 27 عن الميراث مايلي:
عد-27-1 فتقدمت بنات صلفحاد بن حافر بن جلعاد بن ماكير بن منسى من عشائر منسى بن يوسف. وهذه أسماء بناته: محلة ونوعة وحجلة وملكة وترصة.
عد-27-2: ووقفن أمام موسى وألعازار الكاهن وأمام الرؤساء وكل الجماعة لدى باب خيمة الاجتماع قائلات:
عد-27-3: أبونا مات في البرية ولم يكن في القوم الذين اجتمعوا على الرب في جماعة قورح بل بخطيته مات ولم يكن له بنون.
عد-27-4: لماذا يحذف اسم أبينا من بين عشيرته لأنه ليس له ابن؟ أعطنا ملكا بين أعمامنا)).
عد-27-5: فقدم موسى دعواهن أمام الرب.
عد-27-6: فقال الرب لموسى:
عد-27-7: ((بحق تكلمت بنات صلفحاد فتعطيهن ملك نصيب بين أعمامهن وتنقل نصيب أبيهن إليهن.
عد-27-8: وتقول لبني إسرائيل: أيما رجل مات وليس له ابن تنقلون ملكه إلى ابنته.
عد-27-9: وإن لم تكن له ابنة تعطوا ملكه لإخوته.
عد-27-10: وإن لم يكن له إخوة تعطوا ملكه لأعمامه.
عد-27-11: وإن لم يكن لأبيه إخوة تعطوا ملكه لنسيبه الأقرب إليه من عشيرته فيرثه)). فصارت لبني إسرائيل فريضة قضاء كما أمر الرب موسى.
ملاحظات على النصوص:
أولا:
بنو إسرائيل لا تعطي البنات ميراثا إذا كان هناك لهن إخوة ذكور !! لاحظ قول الرب لموسى ليعلمه متى ترث بنت الميت؟
الجواب ، عندما لا يكون للرجل الميت ولد ذكر(أيما رجل مات وليس له ابن تنقلون ملكه إلى ابنته)
ما رأيكم يا أيها المتباكون على نصيب البنت في الإسلام ؟ لا شيء للبنت لو كان لها أخ.
بل أن الأبن البكري يرث ضعف إخوته لمجرد أنه الأبن البكر!
ثانيا:
ما هو نصيب أبيه وأمه في حالة وجودهما مع أبناء الميت؟
الجواب لاشيء (ليس لهم ذكر أصلا) . إذاً، يخرج الأب والأم أقرب الناس للميت صفر اليدين بعد ان أفنوا عمرهم في تربيته
وغالبا ما يكون الوالدن الكبيران في حاجة للرعاية المادية ، خاصة في العصور القديمة حيث لا معاش ولا هيئات رعاية إجتماعية ،
ثالثا:
ماهو نصيب إخوة الميت في حالة وجود بنات للميت؟
الجواب لاشيء (وإن لم تكن له ابنة تعطوا ملكه لإخوته) ، يعني البنت تحجب أعمامها حجبا كاملا.
رابعا:
ماهو نصيب الأعمام في حالة وجود بنات للميت ؟
الجواب لاشيء (وإن لم يكن له إخوة تعطوا ملكه لأعمامه) ، يعني البنت تحجب أعمام والدها حجبا كاملا.
خامسا:
ما هو نصيب زوجة الميت؟
الجواب لاشيء (ليس لهم ذكر أصلا)
أين أنتم يا أنصار حقوق المرأة ؟؟ الزوجة التي قد تكون أفنت عمرها في خدمة زوجها وأولاده ورعايه شئونهم ليس لها أي شيء !!
وقد تكون الزوجة قد عاشت مع زوجها في رغد من العيش حين من الدهر ،ثم فجأة تنتقل ثروته لأولاده أو إخوته من دونها ولا تملك
هي أن تفعل أي شيء حيال ذلك.
الميراث عند النصارى:
لم يتعرض الأنجيل لتشريع تقسم الميراث ، بل أن القول المنسوب للمسيح في هذا الشأن يطعن في عقيدتهم أنه أقنوم إلهي كما يلي:
لو-12-13: وقال له واحد من الجمع: ((يا معلم ، قل لأخي أن يقاسمني الميراث)).
لو-12-14: فقال له: ((يا إنسان ، من أقامني عليكما قاضيا أو مقسما؟))
كيف لا يكون الإله قاضيا بين الناس ؟
ومن هو مشرع الميراث في العهد القديم ؟ أليس هو حسب معتقدهم؟
عموما بعض النصارى يتبع ما في العهد القديم وبعضهم القوانين الوضعية
الميراث في القانون الفرنسي:
حددت المادة 731 مـن القانون الفرنسي أنـواع الـورثـة بأربع فئات : فيأتـي فـي الدرجـة الأولى أولاد المتوفـى ذكـورا وإناثا , فنصـت المادة 745 من القانون الفرنسي على ما يلي : يـرث الأولاد وأبناؤهم والدهم ووالدتهم , جـدهم وجـداتهم دون أي تمييز بين الـوارث الذكـر والوارث الأنثى أي أن للذكـر مثل حـظ الأنثى في الميراث .
ويأتي في الدرجـة الثانية والـد الميت ووالدتـه , إخـوته وأخواته إلى قسـمة التركة عند عدم وجود أولاد له ذكورا أو إناثا , فإذا توفي المورث تاركا أخا أو أختا , إخـوة أو أخوات ورثوا التركة بكاملها , أما إذا توفـي المـورث تاركا أخا أو أختا , إخـوة أو أخـوات أو أبا وأما فالتركـة تقسـم إلى قسمين , فيأخـذ الإخـوة والأخوات أو هما معا النصف ويأخذ الأب الربع وتأخذ الأم الربع الباقي .
ثم يأتي في الدرجـة الثالثة الأعمام والخالات وأبناء العمومة , إذ نصـت المادة 754 على توريث الأعمام والخـالات وأبناء العمومة في حال عـدم وجـود وارث شـرعي غيـرهم ، ثـم يأتي أخـيرا وفـي الدرجـة الرابعـة بقيـة الأقارب .
إن القانون الفرنسي لم يورث الزوج أو الزوجة إلا في حالة عدم وجـود الورثة المذكورين أعلاه على أن يعطى حق استثمار قسم من التركة عند وجود الورثة الشرعيين بنسبة تسمح له بالمحافظة على وضعه الاجتماعي الذي سـبق وفاة المورث . أما الدولة فإنها لا تـرث مال المتوفى إلا عند عـدم وجـود ورثـة شـرعيين وزوج المتوفى .
رابط المصدر
http://pulpit.#######voice.com/articles/2009/11/09/179367.html
كما نرى لا ترث الزوجة أو الزوج من الميت إلا إذا كان لا ورثة له من المذكورين أعلاه .
والسؤال الآن: ما هو نظام الميراث الأكثر شمولا الذي راعى نصيب جميع الأقارب بلا إفراط ولا تفريط؟
إنه نظام القرآن
القرآن قسم نصيبا للوالدين من تركة أبنهما المتوفى والعهد القديم لم يفعل
القرآن قسم نصيبا لزوجة المتوفى من تركة زوجها والعهد القديم والقانون الفرنسي لم يفعل
القرآن قسم نصيبا لبنات المتوفى من تركة أبيهن والعهد القديم لم يفعل
بل أعطى الأخوة الذكور كل التركة
القرآن قسم نصيب كل أخ بالسوية بينهم والعهد القديم أعطى البكري الضعف
كل هذا يثبت أن نظام القرآن أعلى وأجل
ويكفي أن يتجاهل القانون الفرنسي قسمة ميراث للزوج والزوجة في حالة وجود أقرباء للميت ليكون القرآن نظام القرآن أعلى و أجل
ويكفي القرآن أن نظامه شامل يراعي أحوال جميع ورثة الميت بدون نسيان أحد منهم
والآن عزيزي القاريء ، هل يمكن لرجل أمي لا يقرأ ولا يحسب أن يأتي فجأة بمثل هذا النظام المحكم من تلقاء نفسه ؟
جرب بنفسك محاولة الأتيان بمثله ، وعندما تفشل ، فاعلم إنه كلام الله
والحمد لله رب العالمين
ولكن علينا أولا أن نبين كيفية تقسم الميراث في الجاهلية والقوانين الأخرى، وإعطاء فكرة مبسطة للقاريء عن نظام المواريث الإسلامي من خلال شرح الآيات التي تناولت هذا الموضوع وهي الآيات رقم 11 و 12 و 176 من سورة النساء.
نظام الميراث في الجاهلية:
كان نظام الجاهلية في المواريث ينقل مال الميت إلى الرجال الأشداء دون الصغار والبنات والزوجات مثل الإخ الكبير والعم وابن العم لأن الصغار والنساء لا يحملوا السلاح ولا يأخذوا بالثأر ولا يجلبوا المغانم ولا يقاتلوا الأعداء. قال الطبري : كان أهل الـجاهلـية لا يقسمون من ميراث الـميت لأحد من ورثته بعده مـمن كان لا يلاقـي العدوّ ولا يقاتل فـي الـحروب من صغار ولده، ولا للنساء منهم، وكانوا يخصون بذلك الـمقاتلة دون الذرية، فقسم الله وعز جلّ أن فـي سورة النساء للأولاد للصغار والنساء نصيبا من مال الميت . وفي الأثر:
حدثنا مـحمد بن الـحسين،قال: ثنا أحمد بن مفضل، قال: ثنا أسبـاط، عن السديّ: كان أهل الـجاهلـية لا يورّثون الـجواري، ولا الصغار من الغلـمان، لا يرث الرجلَ من ولده إلا من أطاق القتال.
قال الألوسي : فإنهم ما كانوا يورثون النساء والأطفال ويقولون: إنما يرث من يحارب ويذب عن الحوزة، وروى عن ابن عباس قال: كان أهل الجاهلية لا يورثون البنات، ولا الصغار الذكور حتى يدركوا. وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير أن أهل الجاهلية كانوا لا يورثون النساء ولا الولدان الصغار شيئا، يجعلون الميراث لذي الأسنان من الرجال.
معنى هذا أن الورثة في الجاهلية هم الرجال الأشداء القادرين على حمل السلاح فقط دون غيرهم ، ولكن إمرأة سعد بن الربيع شكت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم
فعن جابر بن عبد الله : أن امرأة من الأنصار أتت النبي - عليه السلام - بابنتي سعد بن الربيع ، فقالت : يا رسول الله ! سعد بن الربيع قتل يوم أحد شهيدا ، فأخذ عمهما كل شيء من تركته ، ولم يدع لهما من مال أبيهما ، قليلا ، ولا كثيرا ، والله ما لهما مال . ولا تنكحان إلا ولهما مال ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " سيقضي الله في ذلك ما شاء ، فنزلت : يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك الآية [ النساء : 11 ] . فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمهما ، فقال : " أعط هاتين الجاريتين مما ترك أبوهما الثلثين ، وأعط أمهما الثمن ، وما بقي فهو لك . حديث حسن رواه أبو داود والترمذي والحاكم
لاحظ هنا أن الرسول بهذا النظام الجديد يصادم أهواء كثير من الرجال المعاصرين الذين سيضطرون إلى مقاسمة الميراث مع النساء والجواري والغلمان
خلافا لما اعتادوا عليه مئات السنين، والأمر ليس سهلا ، ولولا إيمان الصحابة القوي لما انصاعوا إطلاقا لهذا التشريع، وفتنة المال قوية. تخيل هذا العم
كان بيده كل المال ‘ ثم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بإعطاء البنتين الثلثين والثمن للأم ، يعني نصيبه تقلص لأقل من الثلث ! ضع مليون جنيه في حسابك ثم
تنازل عن سبعمائة ألف لباقي الورثة ثم تخيل حالتك النفسية.
قال تعالى في سورة النساء:
( يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ* فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ* وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ* وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ* فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ* فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ* آبَآؤُكُمْ وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ* إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيما حَكِيماً (11) وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ* فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ* وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ* فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ* وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً أَو امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ* فَإِن كَانُوَاْ أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاء فِي الثُّلُثِ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَآرٍّ* وَصِيَّةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ (12) ))
وقال : (( يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ* إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ* وَهُوَ يَرِثُهَا إِن لَّمْ يَكُن لَّهَا وَلَدٌ* فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ* وَإِن كَانُواْ إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَاء فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ* يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (176) ))
القرآن يتحدى:
الله أكبر ، نظام كامل للمواريث يأتي به الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن موجودا من قبل ! كيف يأتي هذا النظام الذي يدرس
في الجامعات وتألفت له الكتب لدراسته فجأة هكذا من رجل أمي لا يقرأ ولا يكتب ولا يحسب ، والموضوع كله حسابات، إلا أنه من عند الله؟
ثلاثة آيات في حوالي مائتين من الكلمات تشمل هذا النظام الفريد.
جرب أن تتكلم مع شخص أمي أو حتى متعلم من خريجي الجامعات في هذه الكسوروالحسابات وسجل متى يستوعب هذا النظام الفريد.
ولكي يتفهم الإخوة القراء وجه الإعجاز في الأمر ، نعطي لهم بعض المعلومات المبسطة عن هذا النظام ودليله من الآيات الكريمة التي يمر عليها
كثيرا من المسلمين مرور الكرام عند قراءة القرآن غافلين عن ما تحمله من إعجاز تشريعي.
قد يقول بعض المجادلين من الملاحدة والمنافقين ، وما وجه الإعجاز في هذه الآيات؟
نقول له ، هات لنا النظام الذي تظنه يصلح للمواريث وكيفية توزيع التركة على الورثة بقانون ثابت وراسخ هكذا (بسرعة لوسمحت) ، لآن الآيات
نزلت قبل أن يتمكن العم الوارث من التصرف في نصيب الزوجة والإبنتين . وياليت يكون أسلوبك حتى ربع الأسلوب الرائع للقرآن وفي نفس مستوى
الإيجاز ، يعني لا تتكلم كثيرا بدون فائدة، وبهذه المناسبة سنعرض على حضراتكم بعد أسطر قليلة كيف أن كل كلمة في الآيات تحمل جزء من تشريع
المواريث وبصورة مركزة وموجزة جدا ، هذا فضلا عن الأسلوب الأدبي المعجز. لا تنس أن المسموح لك هو 250 كلمة فقط (الآيات تحمل حوالي 220)
ولتعمل في حسابك أن الورثة هم:
الأبناء والأحفاد ، الآباء والأمهات و الأجداد والجدات والأعمام والعمات أشقاء ولأب والإخوة الأشقاء والشقيقات ، والإخوة والأخوات لأب و لأم وأولاد العم
والزوج والزوجات ، وهؤلاء يشملون أصحاب الفروض والعصبات.
نظام الميراث في القرآن:
لابد من معرفة بعض المصطلحات الهامة أولا :
ما معنى أصحاب الفروض:
هم الأفراد الذين فرض لهم الله عز وجل نصيبا مفروضا محدد مثل الربع والنصف والسدس ، ويقسم الميراث لهم أولا.
وهم :
اثنا عشر: أربعة من الذكور وهم الأب والجد الصحيح وإن علا والأخ لأم والزوج .
وثمان من الإناث وهن الزوجة والبنت والأخت الشقيقة والأخت لأب والأخت لأم وبنت الابن والأم والجدة الصحيحة وإن علت .
ما معنى العصبات:
العَصَبَة جمع عاصب كطلبة و طالب ، وهم بنو الرجل وقرابته لأبيه ، وسموا بذلك لشدَ بعضهم أزر بعض .
مثل الإبن والأب والعم وأولاده والأخ لأب وأولاده
وهؤلاء ينتظرون انتهاء أصحاب الفروض أولا ثم يقسم الباقي عليهم كما سنرى.
الكلالة:
حالة الميت الذي ليس له والد ولا ولد يعني ليس في ورثته أصل (أباه وجده) ولا فرع وارث (ابن ، ابنه ، أحفاد)
ترتيب تقسيم الميراث:
قبل تقسم التركة يجب قضاء دين الميت ودفع مصاريف تجهيزه
ثم إنفاذ وصيته في حدود ثلث التركة مع عدم التوصية لأحد الورثة لآنه لا وصية لوارث
إعطاء أصحاب الفروض أولا
باقي التركة يقسم على عصبات الميت
تحليل آيات الميراث:
الآية 11 من سورة النساء تتناول نصيب أصول الميت (الوالدان ويشمل الأجداد) وفروعه(الأبناء ويشمل الأحفاد والموضوع فيه تفاصيل وردت في السنة)
يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ (نصيب الأبناء في حالة وجود ذكور مع إناث)
يرثون للذكر مثل حظ الأنثيين
مثال:
الميت مات عن : ابنين وثلاثة بنات
نصيب الابن الواحد 2/7 ونصيب البنت الواحدة 1/7
2/7(ذكر)+2/7(ذكر)+1/7(أنثى)+1/7(أنثى)+1/7(أنثى)=7/7(كامل التركة)
فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ (الأبناء إناث فقط)
الثلثان تقسم على البنات (والباقي لأقرب ذكرأو ذكور من جهة الأب تعصيبا)
مثال:
الميت مات عن : أبنتين و عم
للأبنتين الثلثان فرضا والباقي للعم تعصيبا
وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ (الأبناء بنت وحيدة)
البنت الواحدة لها النصف (والباقي لأقرب ذكرأو ذكور من جهة الأب تعصيبا)
مثال:
الميت مات عن : أبنة واحدة و ابن عم
الأبنة نصيبها النصف فرضا والباقي لأبن العم تعصيبا
وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ (والدا الميت في حالة وجود أولاد له)
لكل واحد من الوالدين السدس فرضا
مثال:
الميت مات عن : أب وأم و أبن وأبنة
للأب السدس ، وللأم السدس والباقي للأبن والأبنة تعصيبا للذكر مثل حظ لاأنثيين
فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ (والدا الميت الذي ليس له أولاد)
للأم الثلث فرضا والباقي للأب تعصيبا
مثال:
الميت مات عن : أب وأم
للأم الثلث فرضا والباقي للأب تعصيبا
فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ (نصيب الأم عند وجود إخوة للميت)
للأم السدس فرضا
مثال:
الميت مات عن : أم و أخ شقيق
للأم السدس فرضا والباقي للشقيق تعصيبا
مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ
يعني يجب قضاء ديون الميت أولا ، ثم تنفيذ وصيته (في حدود الثلث وخارج الورثة لآنه لا وصية لوارث)
وتأمل حرص الآيات على حقوق من له دين عند الميت وكذلك تبرئة الميت من الدين
مثال:
الميت مات عن : ابنين وأم وأوصى بربع تركته للصدقات :
يتم التصدق بربع التركة وتأخذ الأم السدس والباقي للأبناء تعصيبا بالتساوي بينهم
الآية 12 من سورة النساء تتناول الزوجة أو الزوج من الميراث وكذلك الإخوة لأم
وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ ولد (نصيب الزوج في حالة عدم وجود أولاد لزوجته المتوفاه)
للزوج النصف فرضا في حالة عدم وجود أولاد للميتة
مثال:
الميتة ماتت عن : زوج وأب
للزوج النصف فرضا وللأب الباقي تعصيبا
فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ (نصيب الزوج في حالة وجود أولاد)
للزوج الربع فرضا في حالة وجود أولاد
مثال:
الميتة ماتت عن : زوج وأبن وأبنة
للزوج الربع فرضا والباقي للأبناء تعصيبا للذكر مثل حظ الأنثيين
مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ
تقديم سداد ديون الميت وتنفيذ وصيتة (في حدود الثلث) قبل تقسم ميراثه
وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ (نصيب الزوجة وليس لزوجها الميت أولاد)
الربع فرضا
مثال:
الميت مات عن: زوجة وابن عم
للزوجة الربع فرضا والباق لأابن العم تعصيبا
فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم (نصيب الزوجة و لزوجها الميت أولاد)
الثمن فرضا
مثال:
الميت مات عن: زوجة وابنين وابن عم
للزوجة الثمن فرضا والباقي للأبناء تعصيبا بالسوية ولاشيء لأبن العم لحجبه بالأبناء
مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ
تقديم سداد ديون الميت وتنفيذ وصيتة (في حدود الثلث) قبل تقسم ميراثه
وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً أَو امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ (أخ أو أخت لأم)
الأخ لأم أو الأخت لأم المنفرد له السدس فرضا
مثال:
الميت مات عن: أخ و أخت لأم و زوجة وعم
للأخ لأم السدس وكذلك للأخت لأم ، وللزوجة الربع والباقي للعم تعصيبا
فَإِن كَانُوَاْ أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاء فِي الثُّلُثِ (وجود أكثر من أخ أو أخت لأم ذكورا أو إناثا أو مختلطين)
يتقاسمون ثلث التركة بالتساوي بينهم ذكورا و إناثا
مثال:
الميت مات عن: إخوة لأم ثلاث ذكور وأنثى وأخ شقيق
الإخوة لأم شركاء في الثلث بالتساوي ، والباقي للأخ الشقيق تعصيبا
الآية 176 من سورة النساء تتناول الميت الذي ليس له أصل وارث (والدان) ولا فرع وارث( أبناء) ولكن له إخوة أشقاء أو لأب
إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ (ورثة الميت أخت شقيقة أو لأب وليس له ولد ولا والد)
نصيب الأخت الشقيقة أو لأب النصف فرضا (والباقي لأقرب ذكرأو ذكور من جهة الأب تعصيبا)
مثال:
الميت مات عن: أخت شقيقة و ابني عم
للأخت الشقيقة النصف والباقي لأبني العم تعصيبا بالتساوي
وَهُوَ يَرِثُهَا إِن لَّمْ يَكُن لَّهَا وَلَدٌ (نصيب الأخ الشقيق أو لأب من أخته المتوفاه وليس لها ولد ولا والد)
يرث الأخ كل التركة تعصيبا
مثال:
الميتة ماتت عن: أخ شقيق وعم
الأخ الشقيق يرثها تعصيبا ولا شيء للعم
فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ (أختين شقيقتين للمتوفى بدون أصل ولا فرع وارث)
نصيب الأختين الثلثان
مثال:
الميت مات عن: أختين شقيقتين وابن عم
الثلثان للأختين والباقي لأبن العم تعصيبا
وَإِن كَانُواْ إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَاء فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ (إخوة وأخوات لميت ليس له أصل ولا فرع وارث)
للذكر مثل حظ الأنثيين
مثال:
الميت مات عن: أخين وثلاث أخوات أشقاء
للذكر مثل حظ الأنثيين
ثم يختم الله عز وجل ببيان أن غير هذا التقسم يكون ضلالا :
يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
لاحظ مدى إيجاز التشريع الوارد في الآيات بحيث لا يشمل أي كلمة زائدة لا لزوم لها .
رد شبهة للذكر مثل حظ الأنثيين:
يظن كثير من الناس أن أي ذكر يرث ضعف أي أنثى في تشريع المواريث الإسلامي ، وهذا خطأ فادح حيث أن هناك
كثير من الحالات تأخذ فيها الأنثى أكثر من الذكر، ونضرب أمثلة:
مثال1:
الميت مات عن: بنت، وبنت إبن، وعم
للبنت النصف فرضا
لبنت الابن السدس تكملة للثلثين ، حيث أن للبنتين الثلثان أصلا ، ولما كانت الأولى بنت الميت الوحيدة فلها النص ، والثانية حفيدته
فتأخذ باقي الثلثين وهو السدس
للعم الشقيق الباقي تعصيبا وهنا يكون : 1- 2/3= 1/3
نجد هنا البنت لها النصف هي الأنثى وللعم الثلث وهو الذكر
مثال2:
الميت مات عن: زوجة وبنت وابن عم
للزوجة الثمن
للبنت النصف
الباقي لأبن العم تعصيبا
1/2 + 1/8 =5/8
نصيب العم = 1 - 5/8 = 3/8
هنا نجد أن نصيب البنت النصف (4/8) ونصيب العم 3/8 يعني البنت الأنثى أكثر من العم الذكر
مثال3:
الميت مات عن: بنت أبن ، وأم ، و عم
لبنت الأبن النصف
للأم السدس
للعم الباقي تعصيبا ويبلغ الثلث (أقل من نصيب بنت الأبن)
مثال4:
الميت مات عن: زوجة وبنتين و أبن عم
للزوجة الثمن
للبنتين الثلثان
لأبن العم الباقي تعصيبا ويبلغ 5/24 يعني أقل من الربع ومن نصيب كل بنت على حدة
مثال5:
الميت مات عن: أخت شقيقة وأخت لأب وابن أخ
الشقيقة لها النصف
الأخت لأب لها السدس
الباقي تعصيبا لأبن الأخ ويبلغ الثلث (أقل من الأخت الشقيقة)
مثال6:
الميت مات عن: زوجة وبنت أبن وعم
للزوجة الثمن
لبنت الأبن النصف (تقوم مقام البنت لأن البنت الأصلية غير موجودة)
للعم الباقي تعصيبا ويبلغ الربع (أقل من الحفيدة)
مثال7:
الميت مات عن: أب ، وأم ، وزوجة، وبنت
للأم السدس 4/24
للزوجة الثمن 3/24
للبنت النصف 12/24
للأب السدس 4/24 والباقي يعود له تعصيبا أيضا (1/24)
فيكون نصيب الأب 4/24 + 1/24 = 5/24
أقل من النصف الخاص بالبنت (12/24)
مثال8:
الميت مات عن: زوجة ، وبنتي أبن ، وأخ لأب
للزوجة الثمن 3/24
لبنتي الأبن الثلثان 16/24
الباقي للأخ لأب تعصيبا 5/24
أقل من نصيب البنت الواحدة وهو 8/24
وهناك أمثلة أيضا على تساوي الذكر بالأنثى في الميراث:
مثال1:
الميت مات عن: بنت ، و أخ لأب
للبنت النصف ولأخ لأب الباقي تعصيبا
مثال2:
الميت مات عن: بنت وعم شقيق
للبنت النصف وللعم النصف الباقي تعصيبا
مثال3:
الميت مات عن: بنت وأب
للبنت النصف فرضا
للأب السدس فرضا ويعود عليه الباقي تعصيبا ليبلغ النصف
مثال4:
ميراث الإخوة لأم:
يتقاسمون ثلث التركة بالتساوي بينهم ذكورا و إناثا
الموضوع إذاً ، ليس موضوع أن ميراث الأنثى دائما أقل من الذكر ، ولكن الموضوع هو موقع الأنثى بالنسبة للميت ، فلماذا لا يتباكى مدعو حقوق الإنسان أن نصيب والد الميت (السدس) وهو ذكر أقل من نصيب بنت الميت (النصف) وهي أنثى ؟
هذا والأمثلة كثيرة
أما حالات ميراث الأنثى نصيب أقل من الذكر فلذلك حكمة أيضا ‘ فالإسلام قد أعفى الأنثى من كثير من الأعباء المادية والالتزامات الاجتماعية في الوقت الذي حمّل الرجل كثيراً من هذه الأعباء والالتزامات . لقد رفع عنها عبء الإنفاق ، ومشقة العمل ، حتى ولو كانت تملك المال ، وجعل نفقتها على من يعولها من
الذكور مثل أبيها وأخيها وجدها وعمها ، أو زوجها وأولادها . وفي هذا توازن ، إذ أن الذي على عاتقه واجب النفقة على المرأة يأخذ نصيب أوفر منها.
وهذا ليس في كل الأحوال طبعا ، فهناك كما رأينا حالات كثيرة تكون الأنثى فيها أولى من الذكر بالنصيب الأكبر في ميراث الميت.
وعلى الذين يطعنون في الأسلام من جهة ميراث المرأة أن ينظروا أولا إلى ميراثها عند اليهود والنصارى والقوانين الوضعية.
الميراث عند اليهود
ورد في سفر التثنية أصحاح 21 عن الميراث ما يلي:
حق الابن الأكبر
تث-21-15: ((إذا كان لرجل امرأتان إحداهما محبوبة والأخرى مكروهة فولدتاله بنين المحبوبة والمكروهة. فإن كان الابن البكر للمكروهة
تث-21-16: فيوم يقسم لبنيه ما كان له لا يحل له أن يقدم ابن المحبوبة بكرا على ابن المكروهة البكر
تث-21-17: بل يعرف ابن المكروهة بكرا ليعطيه نصيب اثنين من كل ما يوجد عنده لأنه هو أول قدرته. له حق البكورية.
و ورد في سفر العدد أصحاح 27 عن الميراث مايلي:
عد-27-1 فتقدمت بنات صلفحاد بن حافر بن جلعاد بن ماكير بن منسى من عشائر منسى بن يوسف. وهذه أسماء بناته: محلة ونوعة وحجلة وملكة وترصة.
عد-27-2: ووقفن أمام موسى وألعازار الكاهن وأمام الرؤساء وكل الجماعة لدى باب خيمة الاجتماع قائلات:
عد-27-3: أبونا مات في البرية ولم يكن في القوم الذين اجتمعوا على الرب في جماعة قورح بل بخطيته مات ولم يكن له بنون.
عد-27-4: لماذا يحذف اسم أبينا من بين عشيرته لأنه ليس له ابن؟ أعطنا ملكا بين أعمامنا)).
عد-27-5: فقدم موسى دعواهن أمام الرب.
عد-27-6: فقال الرب لموسى:
عد-27-7: ((بحق تكلمت بنات صلفحاد فتعطيهن ملك نصيب بين أعمامهن وتنقل نصيب أبيهن إليهن.
عد-27-8: وتقول لبني إسرائيل: أيما رجل مات وليس له ابن تنقلون ملكه إلى ابنته.
عد-27-9: وإن لم تكن له ابنة تعطوا ملكه لإخوته.
عد-27-10: وإن لم يكن له إخوة تعطوا ملكه لأعمامه.
عد-27-11: وإن لم يكن لأبيه إخوة تعطوا ملكه لنسيبه الأقرب إليه من عشيرته فيرثه)). فصارت لبني إسرائيل فريضة قضاء كما أمر الرب موسى.
ملاحظات على النصوص:
أولا:
بنو إسرائيل لا تعطي البنات ميراثا إذا كان هناك لهن إخوة ذكور !! لاحظ قول الرب لموسى ليعلمه متى ترث بنت الميت؟
الجواب ، عندما لا يكون للرجل الميت ولد ذكر(أيما رجل مات وليس له ابن تنقلون ملكه إلى ابنته)
ما رأيكم يا أيها المتباكون على نصيب البنت في الإسلام ؟ لا شيء للبنت لو كان لها أخ.
بل أن الأبن البكري يرث ضعف إخوته لمجرد أنه الأبن البكر!
ثانيا:
ما هو نصيب أبيه وأمه في حالة وجودهما مع أبناء الميت؟
الجواب لاشيء (ليس لهم ذكر أصلا) . إذاً، يخرج الأب والأم أقرب الناس للميت صفر اليدين بعد ان أفنوا عمرهم في تربيته
وغالبا ما يكون الوالدن الكبيران في حاجة للرعاية المادية ، خاصة في العصور القديمة حيث لا معاش ولا هيئات رعاية إجتماعية ،
ثالثا:
ماهو نصيب إخوة الميت في حالة وجود بنات للميت؟
الجواب لاشيء (وإن لم تكن له ابنة تعطوا ملكه لإخوته) ، يعني البنت تحجب أعمامها حجبا كاملا.
رابعا:
ماهو نصيب الأعمام في حالة وجود بنات للميت ؟
الجواب لاشيء (وإن لم يكن له إخوة تعطوا ملكه لأعمامه) ، يعني البنت تحجب أعمام والدها حجبا كاملا.
خامسا:
ما هو نصيب زوجة الميت؟
الجواب لاشيء (ليس لهم ذكر أصلا)
أين أنتم يا أنصار حقوق المرأة ؟؟ الزوجة التي قد تكون أفنت عمرها في خدمة زوجها وأولاده ورعايه شئونهم ليس لها أي شيء !!
وقد تكون الزوجة قد عاشت مع زوجها في رغد من العيش حين من الدهر ،ثم فجأة تنتقل ثروته لأولاده أو إخوته من دونها ولا تملك
هي أن تفعل أي شيء حيال ذلك.
الميراث عند النصارى:
لم يتعرض الأنجيل لتشريع تقسم الميراث ، بل أن القول المنسوب للمسيح في هذا الشأن يطعن في عقيدتهم أنه أقنوم إلهي كما يلي:
لو-12-13: وقال له واحد من الجمع: ((يا معلم ، قل لأخي أن يقاسمني الميراث)).
لو-12-14: فقال له: ((يا إنسان ، من أقامني عليكما قاضيا أو مقسما؟))
كيف لا يكون الإله قاضيا بين الناس ؟
ومن هو مشرع الميراث في العهد القديم ؟ أليس هو حسب معتقدهم؟
عموما بعض النصارى يتبع ما في العهد القديم وبعضهم القوانين الوضعية
الميراث في القانون الفرنسي:
حددت المادة 731 مـن القانون الفرنسي أنـواع الـورثـة بأربع فئات : فيأتـي فـي الدرجـة الأولى أولاد المتوفـى ذكـورا وإناثا , فنصـت المادة 745 من القانون الفرنسي على ما يلي : يـرث الأولاد وأبناؤهم والدهم ووالدتهم , جـدهم وجـداتهم دون أي تمييز بين الـوارث الذكـر والوارث الأنثى أي أن للذكـر مثل حـظ الأنثى في الميراث .
ويأتي في الدرجـة الثانية والـد الميت ووالدتـه , إخـوته وأخواته إلى قسـمة التركة عند عدم وجود أولاد له ذكورا أو إناثا , فإذا توفي المورث تاركا أخا أو أختا , إخـوة أو أخوات ورثوا التركة بكاملها , أما إذا توفـي المـورث تاركا أخا أو أختا , إخـوة أو أخـوات أو أبا وأما فالتركـة تقسـم إلى قسمين , فيأخـذ الإخـوة والأخوات أو هما معا النصف ويأخذ الأب الربع وتأخذ الأم الربع الباقي .
ثم يأتي في الدرجـة الثالثة الأعمام والخالات وأبناء العمومة , إذ نصـت المادة 754 على توريث الأعمام والخـالات وأبناء العمومة في حال عـدم وجـود وارث شـرعي غيـرهم ، ثـم يأتي أخـيرا وفـي الدرجـة الرابعـة بقيـة الأقارب .
إن القانون الفرنسي لم يورث الزوج أو الزوجة إلا في حالة عدم وجـود الورثة المذكورين أعلاه على أن يعطى حق استثمار قسم من التركة عند وجود الورثة الشرعيين بنسبة تسمح له بالمحافظة على وضعه الاجتماعي الذي سـبق وفاة المورث . أما الدولة فإنها لا تـرث مال المتوفى إلا عند عـدم وجـود ورثـة شـرعيين وزوج المتوفى .
رابط المصدر
http://pulpit.#######voice.com/articles/2009/11/09/179367.html
كما نرى لا ترث الزوجة أو الزوج من الميت إلا إذا كان لا ورثة له من المذكورين أعلاه .
والسؤال الآن: ما هو نظام الميراث الأكثر شمولا الذي راعى نصيب جميع الأقارب بلا إفراط ولا تفريط؟
إنه نظام القرآن
القرآن قسم نصيبا للوالدين من تركة أبنهما المتوفى والعهد القديم لم يفعل
القرآن قسم نصيبا لزوجة المتوفى من تركة زوجها والعهد القديم والقانون الفرنسي لم يفعل
القرآن قسم نصيبا لبنات المتوفى من تركة أبيهن والعهد القديم لم يفعل
بل أعطى الأخوة الذكور كل التركة
القرآن قسم نصيب كل أخ بالسوية بينهم والعهد القديم أعطى البكري الضعف
كل هذا يثبت أن نظام القرآن أعلى وأجل
ويكفي أن يتجاهل القانون الفرنسي قسمة ميراث للزوج والزوجة في حالة وجود أقرباء للميت ليكون القرآن نظام القرآن أعلى و أجل
ويكفي القرآن أن نظامه شامل يراعي أحوال جميع ورثة الميت بدون نسيان أحد منهم
والآن عزيزي القاريء ، هل يمكن لرجل أمي لا يقرأ ولا يحسب أن يأتي فجأة بمثل هذا النظام المحكم من تلقاء نفسه ؟
جرب بنفسك محاولة الأتيان بمثله ، وعندما تفشل ، فاعلم إنه كلام الله
والحمد لله رب العالمين