ابوالسعودمحمود
2011-07-19, 10:04 AM
السؤال:
كنت أتصفح موقعكم ولقد استمتعت بذلك حيث أنني طالبة نصرانية بمدرسة دينية وأرغب في تعلم المزيد. أريد أن أعرف رأيك فيما يلي هل هو صحيح؟
في الإسلام: الجنة عبارة عن خمر ونساء وغناء. وطريق الجنة يكون بالبعد عن هذه الأمور التي سوف يكافأ بها بالإضافة إلى الالتزام بأركان الإسلام الخمسة.
في الإسلام: لا يبدو أن هناك ضمانا بالنجاة والخلاص. فقط يقال اتبع هذه الطريقة خلال الحياة وستنال الخلاص والنجاة من الله. ليس هناك ضمان. أنا لا أحب أن أعيش كذلك بلا ضمان. أنا أعلم أن المسلمين لا يعتقدون بالخطيئة الأصلية ولكن بغض النظر عن كون الإنسان يولد مخطئا أو لا ، ألا توافقني بأن الإنسان خطاء وكثير الخطأ؟ ماذا يفعل الإنسان تجاه خطئه ومعصيته؟ أنا أفهم التوبة لكن يبدو أنه لا يمكن لأحد أن يبلغ النجاة عند الله. ولهذا أرسل الله ابنه ليقتل على الصليب من أجلنا ، من أجل الخلاص من ذنوبنا الحاضرة والماضية والقادمة.
ليس هناك ضمان للنجاة في الإسلام، إن هذا أمر مرعب حقا أن تعيش بلا ضمان للنجاة. أن تعيش حياتك ولا تدري هل عملت من الأعمال الصالحة ما يكفي لخلاصك يوم القيامة ولا تدري هل صليت بما فيه الكفاية أم لا …الخ إنه أمر مرعب حقا.
لقد سألت العديد من زملائي المسلمين هل هم متأكدون من دخولهم الجنة أو النار بعد الموت ولكن لم أتلق منهم ردا بالإيجاب. إنه ليس هناك ضمانات في الإسلام لأنه ليس هناك اعتقاد في الخلاص بالإيمان بالمسيح ، إنما يعتمد الإسلام على فعل الشخص وأعماله.
أيضا: لو أردت أن أصبح مسلمة فإنني لا أستطيع. إذا كان المسلمون يعتقدون أنهم المصطفون من بين الناس فلماذا لا ينشرون دينهم؟ هل يقتصر الأمر على أن تكون محظوظا لأنك ولدت مسلما؟
إذا أراد شخص أن يكون نصرانيا فإنه يستطيع ذلك. أي شخص يمكن أن يصبح نصرانيا في خلال ثوان. أنا لم أكن نصرانية عندما ولدت . إن النصارى يؤكدون أن عيسى المسيح هو الطريق الوحيد للرب.
عيسى المسيح قال بنفسه أنا الطريق أنا الحق أنا الحياة لا أحد سيصل إلى الأب من غير طريقي إنه لم يقل أنا أحد الطرق بل قال أنا الطريق
وقال أيضا: أنا والأب واحد.
أنا لا أفهم كيف يكون أي شخص متعاميا عن هذه الحقائق إلا إذا لم يسمعوا بها من قبل.
أنا أرغب في رد وتعليق من قبلك.
المفتي: محمد صالح المنجد (http://www.islamway.com/?iw_s=Fatawa&iw_a=mufties&mufti_id=44) الإجابة:
الحمد لله
مما نقدره لك أيها السائل توجهك بالسؤال عن إفادة بشأن ما عرضته عن تصورات لقضايا في دين الإسلام ، ونحن نرجو أن تكون المناقشة لبعض ما كتبت والتصحيح لبعض التصورات التي عرضتها سبيلا إلى الوصول إلى الحقيقة والاقتناع بها :
1- ما أوردته عن العقيدة الإسلامية حيال موضوع الجنة وأنه نعيم بالخمر والنساء والغناء فيه قصور كبير عن الاعتقاد الصحيح حيال ذلك ، فإن نعيم الجنة ليس نعيما حسيا جسديا فقط بل هو كذلك نعيم قلبي بالطمأنينة والرضى به سبحانه وتعالى وبجواره ، بل إن أعظم نعيم في الجنة على الإطلاق هو رؤية الرب سبحانه وتعالى ، فإن أهل الجنة إذا رأوا وجهه الكريم نسوا كل ما كانوا فيه من ألوان النعيم ، وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين ولا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما إلا قيلا سلاما سلاما ، فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون ، والمقصود بيان أن نعيم أهل الجنة ليس مقصورا على ما ورد في كلامك بل هو أوسع من ذلك بكثير .
2- ما ذكرته من أن دخول الجنة يتحقق بترك محرمات معينة ليفوز الإنسان بها في الآخرة هو أيضا خطأ كبير بهذا الإطلاق إذ أن الإسلام دين يأمر بالعمل لا بالترك فقط فلا تتحقق النجاة إلا بفعل المأمورات وليس بترك المنهيات فقط فهو قيام بالواجبات وانتهاء عن المحرمات ، وكذلك فإنه ليس كل نعيم الجنة مما كان محرما في الدنيا على سبيل المكافأة بل كم في الجنة من النعيم الذي كان مباحا في الدنيا فالزواج مباح هنا وهو نعيم هناك والفواكه الطيبة من الرمان والتين وغيرها مباح هنا وهو من النعيم هناك والأشربة من اللبن والعسل مباح هنا وهو نعيم هناك وهكذا ، بل إن المفسدة التي تشتمل عليها المحرمات في الدنيا تنتزع منها في الآخرة إذا كانت من نعيم الجنة كالخمر مثلا قال الله سبحانه وتعالى عن خمر الجنة : { لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون } فلا تذهب العقل ولا تسبب صداعا ولا مغصا ، فطبيعتها مختلفة عما هي عليه في الدنيا ، والمقصود أن نعيم الجنة ليس مقصورا على إباحة المحرمات الدنيوية . وكذلك مما يجدر التنبيه عليه أن هناك من المحرمات التي لا يجازى على تركها في الدنيا بإعطاء نظيرها في الآخرة سواء من ذلك المطعومات أو المشروبات أو الأفعال والأقوال فالسم مثلا لا يكون نعيما في الآخرة مع حرمته في الدنيا وكذا اللواط ونكاح المحارم وغير ذلك لا تباح في الآخرة مع حظرها في الدنيا ، وهذا واضح بحمد الله .
3- أما مسألة وجود الضمانات من عدمها وأن حياة الشخص ستكون رديئة شنيعة على حد تعبيرك إذا لم يكن لديه ضمان بالجنة فالجواب أن سوء التصور هو الذي يوصل إلى هذه النتيجة ، ولو أنك قلت : لو كان كل شخص عنده ضمان بالجنة لكانت مصيبة عظيمة إذ أنه سيفعل كل حرام ويرتكب كل محظور بهذا الضمان ، وكثيرا ما يفعل المجرمون من اليهود والنصارى ما يفعلون اعتمادا على ذلك الضمان الباطل وصكوك الغفران وطلبات الصفح من الرهبان ، وقد أخبرنا ربنا عن هؤلاء بقوله : { وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين } [سورة البقرة:111] ، وقضية الجنة عندنا نحن المسلمين ليست بأهوائنا ولا بأهواء غيرنا كما قال ربنا : { ليس بأمانــيـــكــــم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا } [سورة النساء:123] ، وإليك فيما يلي نبذة مختصرة في الاعتقاد الإسلامي بشأن ضمان المصير :
يقدم الإسلام ضمانا لكل مسلم مخلص مطيع لله حتى يموت على ذلك بأنه سيدخل الجنة قطعا وجزما . قال الله تعالى في محكم تنزيله : { والذين ءامنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا وعد الله حقا ومن أصدق من الله قيلا } [سورة النساء:122] وقال تعالى : { وعد الله الذين ءامنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة وأجر عظيم } [سورة المائدة:9] . وقال تعالى : { جنات عدن التي وعد الرحمن عباده بالغيب إنه كان وعده مأتيا } [سورة مريم:61] ، وقال : { قل أذلك خير أم جنة الخلد التي وعد المتقون كانت لهم جزاء ومصيرا } [سورة الفرقان:15] ، وقال : { لكن الذين اتقوا ربهم لهم غرف من فوقها غرف مبنية تجري من تحتها الأنهار وعد الله لا يخلف الله الميعاد } [سورة الزمر:20] ، وكذلك يضمن الإسلام للكافر المعرض عن أمر الله عز وجل بأنه سيدخل النار قطعا وجزما ، قال تعالى : { وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم خالدين فيها هي حسبهم ولعنهم الله ولهم عذاب مقيم } [سورة التوبة:68] ، وقال سبحانه : { والذين كفروا لهم نار جهنم لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها كذلك نجزي كل كفور } [سورة فاطر:36] ، وقال تعالى عن الكافرين يوم الدين : { هذه جهنم التي كنتم توعدون ، اصلوها اليوم بما كنتم تكفرون } [سورة يس:63-64] . فوعد الله لا يتخلف مع الفريقين كما ذكر عن حالهما بعد انتهاء يوم القيامة :
{ ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا قالوا نعم فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين} [سورة الأعراف:44] ، فكل من آمن وعمل صالحا ومات على ذلك يدخل قطعا الجنة ، وكل من كفر وعمل السيئات ومات على ذلك يدخل النار قطعا ، ثم إن من قواعد الإسلام العظيمة ان يعيش المؤمن بين الخوف والرجاء فلا يحكم لنفسه بالجنة لأنه سيغتر ثم إنه لا يدري على أي شيء سيموت ، ولا يحكم على نفسه بالنار لأن ذلك قنوط من رحمة الله ويأس محرم ، فهو يعمل الصالحات ويرجو أن يثيبه الله عليها ويجتنب السيئات خوفا من عقاب الله ، ولو أذنب فإنه يتوب لينال المغفرة ويتقي بتوبته عذاب النار والله يغفر الذنوب ويتوب على من تاب ، وإذا خاف المؤمن أن ما قدمه من العمل لا يكفي على حد تعبيرك زاد في العمل خوفا ورجاء . ومهما قدم من أعمال صالحة فإنه لا يركن إليها ولا يغتر فيهلك بل يعمل ويرجو الثواب ، وفي الوقت ذاته يخشى على عمله من الرياء والعجب والحبوط كما قال الله تعالى في وصف المؤمنين : { والذين يؤتون ما ءاتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون} ، فهكذا يبقى المؤمن يعمل ويرجو ويخاف إلى أن يلقى الله على التوحيد وعمل الصالحات فيفوز برضى الرب وجنته ، ولو أنك تمعنت في الأمر لعلمت أن هذه هي الدوافع الصحيحة للعمل ، وأن الاستقامة في الحياة لا تحصل إلا بهذا .
4- وأما ما أوردته حيال مسألة الخطيئة الأصلية فالكلام عليه من عدة جهات :
الأولى : أن موقف العقيدة الإسلامية حيال الذنوب البشرية هو : أن الشخص كما يتحمل تبعة عمله ولا يتحملها غيره فكذلك لا يتحمل هو تبعة عمل غيره ، كما قال عز وجل : { ولا تزر وازرة وزر أخرى } ، ففكرة الخطيئة الأصلية منتفية بهذا فإذا أخطأ الأب فما ذنب الأولاد والأحفاد أن يتحملوا خطيئة عملها غيرهم ، إن العقيدة النصرانية التي تحمل الذرية خطأ أبيهم هي عين الظلم ، فهل يقول عاقل أن الذنب يتسلسل عبر قرون البشرية ، وأن ذنب الجد يلطخ الأولاد والأحفاد والأجيال ؟؟
الثانية : أن الخطأ من طبيعة البشر وقد قال نبينا صلى الله عليه وسلم : « كل ابن آدم خطاء » . رواه الترمذي 2423 ، لكن الله لم يجعل الإنسان عاجزا عند حصول الذنب لا يملك أن يفعل شيئا حياله بل أعطاه الفرصة وفتح له الباب للتوبة والعودة ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في تكملة الحديث السابق : « وخير الخطائين التوابون » ، وتظهر رحمة الرب في شريعة الإسلام جلية عندما ينادي سبحانه وتعالى عباده بقوله : { قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم } [سورة الزمر:53] . فهذه طبيعة النفس البشرية وهذا سبيلها وحل مشكلتها إذا أذنبت ، أما أن تجعل هذه الطبيعة البشرية وهي طبيعة الخطأ سدا منيعا بين العبد وبين الرب وأن العبد لا يقدر على بلوغ مرضات الرب إطلاقا إلا بأن ينزل لهم ابنه ( المزعوم !! ) ليصلب ذليلا مهانا تحت سمع وبصر ( أبيه !! ) فعند ذلك يغفر للبشرية فأمر في غاية العجب والسخافة ومجرد حكاية هذا الكلام الباطل يغني عن الرد عليه ، وقد قلت مرة لشخص نصراني ونحن في نقاش هذه المسألة إذا كنتم تقولون أنه أنزل ابنه ليصلب فداء للبشرية الذين في عصره أو الذين سيأتوا بعد الصلب فما هو ياترى حال الذين أذنبوا وماتوا مذنبين قبل ولادة المسيح ولم يتسنى لهم أن يعرفوا المسيح ليؤمنوا بعقيدة الصلب المذكورة ليغفر لهم ؟ ، فلم يزد على أن قال : بالتأكيد عند قساوستنا رد على هذا الإشكال ! ولو وجد فإنه تلفيق فماذا عساهم يقولون .
وأنت إذ استعرضت العقيدة النصرانية حيال موضوع الخطيئة البشرية بعقل منصف وجدتهم يقولون أن الرب قد ضحى بولده البكر الوحيد ليكفر بذلك خطايا البشر وهذا الابن إله فلئن كان الإله قد ضرب وشتم وصلب فمات فإن هذه العقيدة تحمل في طياتها الإلحاد فيه سبحانه وتعالى واتهامه بالتخاذل والضعف . وهل الرب عاجز عن غفران ذنوب العباد كلهم بكلمة واحدة منه ، إذا كان كذلك وهو على كل شيء قدير ( والنصارى لا يعترضون على هذا ) فما الذي يجعله إذن يضحي بولده من أجل ذلك { تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا } ، { بديع السموات والأرض أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة وخلق كل شيء وهو بكل شيء عليم} [سورة الأنعام:101] ، وإذا كان الشخص العادي لا يرضى أن يمس ولده بسوء بل يدافع عنه ولا يسلمه إلى عدو لينال منه أو يسبه ويشتمه فضلا عن أن يتركه يواجه مصير القتل صلبا بأبشع القتلات ، إذا كان هذا حال المخلوق العادي فكيف بالرب .
الثالثة : إن عقيدة التكفير عن الخطيئة الأصلية التي يعتقدها النصارى لها أثر سلبي على واقع الحياة البشرية إذ أن العقيدة النصرانية كما أوردت لا تفرض على الإنسان أي التزامات فما عليه إلا أن يعتقد أن الله قد أرسل ابنه إلى هذه الأرض ليصلب فيموت تكفيرا لأخطاء البشر فيكون بذلك نصرانيا يضمن بذلك الفوز برضى الرب ويدخل الجنة ، وليس هذا فحسب بل يعتقد أن كل ما حدث بابن الله إنما هو لتكفير خطاياه السالفة والحاضرة والمستقبلية ولا تتساءل بعد ذلك عن سبب ما تعيشه المجتمعات النصرانية من تزايد حالات القتل والاغتصاب والسرقة وإدمان الكحول إلى غيرها من الخطايا .. أليس المسيح قد مات لتكفيرها وقد كفرت ومحيت فلما لا يتوقفون عن عمل المعاصي . وقل لي بربك لماذا تعدمون القاتل أحيانا ، وتسجنون المجرم ، وتعاقبون بالعقوبات المختلفة إذا كان المجرم في نظركم قد كفرت ذنوبه وغفرت سائر جرائمه بدم المسيح ؟ أليس تناقضا عجيبا ؟
5- ما أوردته في كلامك من أن المسلمين ما داموا يعتقدون أنهم المصطفون من البشر فلماذا لا ينشرون عقيدتهم ، فالجواب أن المخلصين منهم العاملين بالكتاب الكريم قد قاموا بذلك وإلا فما الذي أوصل الإسلام من مكة إلى أندنوسيا وسيبريا والمغرب والبوسنة وجنوب أفريقية وسائر بلاد الشرق والغرب ، والأخطاء الموجودة في سلوكيات بعض المسلمين اليوم لا يتحملها الإسلام وليس سببا فيها بل إنها لم تحصل إلا نتيجة مخالفة الإسلام ، وليس من العدل أن يحمل المنهج أخطاء بعض أتباعه الذين خالفوه وانحرفوا عنه . أليس المسلمون أعدل من النصارى عندما يقرون بأن المذنب مهدد بعقاب الله مالم يتب وأن من الذنوب ما فيه حد يردع في الدنيا ويكون كفارة في الآخرة كحد القتل والسرقة والزنا .. إلخ .
6- وأما ما ذكرته من سهولة الدخول في النصرانية بالنسبة للإسلام فخطأ ظاهر فإن مفتاح الإسلام عبارتان لا غير : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله يدخل بها الشخص الإسلام في ثوان لا يحتاج إلى تعميد ولا قسيس ولا ذهاب إلى مكان معين لا مسجد ولا غيره ، قارن بين هذا وبين إجراءات التعميد المضحكة التي يفعلها النصارى إذا أرادوا إدخال شخص في النصرانية . ثم يقدس النصارى الصليب الذي آذى عيسى لما صلب عليه - بزعمهم - وآلم ظهره وأوجعه فيجعلونه مقدسا وبركة وشفاء بدل أن يذموه ويكرهوه ويعتبروه رمزا للظلم وشكلا بشعا لموت ابن الإله !! وهو الذي أوجع ظهره وحرمه النوم .
7- ألا ترى معي بأن المسلمين أولى بالحق من غيرهم وهم يؤمنون بجميع الأنبياء والمرسلين ويجلونهم ويعتقدون أنهم على الحق والتوحيد جميعا وأن كلا نبأه الله أو أرسله إلى قومه بشريعة تناسب ذلك الزمان والمكان ، إن النصراني المنصف إذا رأى أهل الإسلام يؤمنون بموسى وعيسى ومحمد عليهم صلوات الله وسلامه وبالتوراة والإنجيل الأصليين والقرآن الكريم ، ثم يرى بني قومه من النصارى يكفرون بمحمد صلى الله عليه وسلم ويجحدون نبوته ويكذبون بكتابه ، ألا يقوده إنصافه إلى ترجيح كفة المسلمين ؟
8- أما ما ذكرته من أن قول المسيح : لا أحد يستطيع أن يصل إلى الأب إلا من خلالي . فإنه لا بد من إثبات هذه المقولة وصحة نسبتها إلى عيسى أولا ، وثانيا : إنها واضحة البطلان فكيف عرفت البشرية الله في عهد نوح وهود وصالح ويونس وشعيب وإبراهيم وموسى وغيرهم من الأنبياء ؟ ولو كانت المقولة إن بني إسرائيل في عهد عيسى عليه السلام وعصره وما بعده إلى عهد خاتم الأنبياء محمد عليه السلام - لا يستطيعون الوصول إلى دين الله وشريعته إلا من طريق عيسى عليه السلام فقط لقلنا إن ذلك قول صحيح وعبارة وجيهة .
9- أما ما ختمت به من قول المسيح أنا والأب واحد فهذه عقيدة مرفوضة ولو سلكت سبيل الإنصاف وتجردت عن الهوى لتبين لك أن قولة : " أنا والأب " ، مركبة من معطوف ومعطوف عليه وأداة العطف بينهما ، والعطف في علم اللغة يقتضي التغاير أي أنه شئ والأب شئ آخر ، ولو قال شخص أنا وفلان لعلم كل عاقل أنهما اثنان مختلفان ، ومعادلة 1+1+1=1 هي معادلة مرفوضة عند جميع العقلاء من الرياضيين وغيرهم .
وختاما أوصيك وما أظنك ترد ذي الوصية أن تقوم لله متفكرا في نفسك فيما قرأت من الكلام متجردا عن أي خلفية أو مقالة سابقة وعن كل هوى أو عصبية صادقا في طلب الهداية من الله وحده ، والله أكرم من أن يخيب عبدا هذا شأنه . والله الهادي إلى سواء السبيل ، وهو حسبنا ونعم الوكيل .
كنت أتصفح موقعكم ولقد استمتعت بذلك حيث أنني طالبة نصرانية بمدرسة دينية وأرغب في تعلم المزيد. أريد أن أعرف رأيك فيما يلي هل هو صحيح؟
في الإسلام: الجنة عبارة عن خمر ونساء وغناء. وطريق الجنة يكون بالبعد عن هذه الأمور التي سوف يكافأ بها بالإضافة إلى الالتزام بأركان الإسلام الخمسة.
في الإسلام: لا يبدو أن هناك ضمانا بالنجاة والخلاص. فقط يقال اتبع هذه الطريقة خلال الحياة وستنال الخلاص والنجاة من الله. ليس هناك ضمان. أنا لا أحب أن أعيش كذلك بلا ضمان. أنا أعلم أن المسلمين لا يعتقدون بالخطيئة الأصلية ولكن بغض النظر عن كون الإنسان يولد مخطئا أو لا ، ألا توافقني بأن الإنسان خطاء وكثير الخطأ؟ ماذا يفعل الإنسان تجاه خطئه ومعصيته؟ أنا أفهم التوبة لكن يبدو أنه لا يمكن لأحد أن يبلغ النجاة عند الله. ولهذا أرسل الله ابنه ليقتل على الصليب من أجلنا ، من أجل الخلاص من ذنوبنا الحاضرة والماضية والقادمة.
ليس هناك ضمان للنجاة في الإسلام، إن هذا أمر مرعب حقا أن تعيش بلا ضمان للنجاة. أن تعيش حياتك ولا تدري هل عملت من الأعمال الصالحة ما يكفي لخلاصك يوم القيامة ولا تدري هل صليت بما فيه الكفاية أم لا …الخ إنه أمر مرعب حقا.
لقد سألت العديد من زملائي المسلمين هل هم متأكدون من دخولهم الجنة أو النار بعد الموت ولكن لم أتلق منهم ردا بالإيجاب. إنه ليس هناك ضمانات في الإسلام لأنه ليس هناك اعتقاد في الخلاص بالإيمان بالمسيح ، إنما يعتمد الإسلام على فعل الشخص وأعماله.
أيضا: لو أردت أن أصبح مسلمة فإنني لا أستطيع. إذا كان المسلمون يعتقدون أنهم المصطفون من بين الناس فلماذا لا ينشرون دينهم؟ هل يقتصر الأمر على أن تكون محظوظا لأنك ولدت مسلما؟
إذا أراد شخص أن يكون نصرانيا فإنه يستطيع ذلك. أي شخص يمكن أن يصبح نصرانيا في خلال ثوان. أنا لم أكن نصرانية عندما ولدت . إن النصارى يؤكدون أن عيسى المسيح هو الطريق الوحيد للرب.
عيسى المسيح قال بنفسه أنا الطريق أنا الحق أنا الحياة لا أحد سيصل إلى الأب من غير طريقي إنه لم يقل أنا أحد الطرق بل قال أنا الطريق
وقال أيضا: أنا والأب واحد.
أنا لا أفهم كيف يكون أي شخص متعاميا عن هذه الحقائق إلا إذا لم يسمعوا بها من قبل.
أنا أرغب في رد وتعليق من قبلك.
المفتي: محمد صالح المنجد (http://www.islamway.com/?iw_s=Fatawa&iw_a=mufties&mufti_id=44) الإجابة:
الحمد لله
مما نقدره لك أيها السائل توجهك بالسؤال عن إفادة بشأن ما عرضته عن تصورات لقضايا في دين الإسلام ، ونحن نرجو أن تكون المناقشة لبعض ما كتبت والتصحيح لبعض التصورات التي عرضتها سبيلا إلى الوصول إلى الحقيقة والاقتناع بها :
1- ما أوردته عن العقيدة الإسلامية حيال موضوع الجنة وأنه نعيم بالخمر والنساء والغناء فيه قصور كبير عن الاعتقاد الصحيح حيال ذلك ، فإن نعيم الجنة ليس نعيما حسيا جسديا فقط بل هو كذلك نعيم قلبي بالطمأنينة والرضى به سبحانه وتعالى وبجواره ، بل إن أعظم نعيم في الجنة على الإطلاق هو رؤية الرب سبحانه وتعالى ، فإن أهل الجنة إذا رأوا وجهه الكريم نسوا كل ما كانوا فيه من ألوان النعيم ، وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين ولا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما إلا قيلا سلاما سلاما ، فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون ، والمقصود بيان أن نعيم أهل الجنة ليس مقصورا على ما ورد في كلامك بل هو أوسع من ذلك بكثير .
2- ما ذكرته من أن دخول الجنة يتحقق بترك محرمات معينة ليفوز الإنسان بها في الآخرة هو أيضا خطأ كبير بهذا الإطلاق إذ أن الإسلام دين يأمر بالعمل لا بالترك فقط فلا تتحقق النجاة إلا بفعل المأمورات وليس بترك المنهيات فقط فهو قيام بالواجبات وانتهاء عن المحرمات ، وكذلك فإنه ليس كل نعيم الجنة مما كان محرما في الدنيا على سبيل المكافأة بل كم في الجنة من النعيم الذي كان مباحا في الدنيا فالزواج مباح هنا وهو نعيم هناك والفواكه الطيبة من الرمان والتين وغيرها مباح هنا وهو من النعيم هناك والأشربة من اللبن والعسل مباح هنا وهو نعيم هناك وهكذا ، بل إن المفسدة التي تشتمل عليها المحرمات في الدنيا تنتزع منها في الآخرة إذا كانت من نعيم الجنة كالخمر مثلا قال الله سبحانه وتعالى عن خمر الجنة : { لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون } فلا تذهب العقل ولا تسبب صداعا ولا مغصا ، فطبيعتها مختلفة عما هي عليه في الدنيا ، والمقصود أن نعيم الجنة ليس مقصورا على إباحة المحرمات الدنيوية . وكذلك مما يجدر التنبيه عليه أن هناك من المحرمات التي لا يجازى على تركها في الدنيا بإعطاء نظيرها في الآخرة سواء من ذلك المطعومات أو المشروبات أو الأفعال والأقوال فالسم مثلا لا يكون نعيما في الآخرة مع حرمته في الدنيا وكذا اللواط ونكاح المحارم وغير ذلك لا تباح في الآخرة مع حظرها في الدنيا ، وهذا واضح بحمد الله .
3- أما مسألة وجود الضمانات من عدمها وأن حياة الشخص ستكون رديئة شنيعة على حد تعبيرك إذا لم يكن لديه ضمان بالجنة فالجواب أن سوء التصور هو الذي يوصل إلى هذه النتيجة ، ولو أنك قلت : لو كان كل شخص عنده ضمان بالجنة لكانت مصيبة عظيمة إذ أنه سيفعل كل حرام ويرتكب كل محظور بهذا الضمان ، وكثيرا ما يفعل المجرمون من اليهود والنصارى ما يفعلون اعتمادا على ذلك الضمان الباطل وصكوك الغفران وطلبات الصفح من الرهبان ، وقد أخبرنا ربنا عن هؤلاء بقوله : { وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين } [سورة البقرة:111] ، وقضية الجنة عندنا نحن المسلمين ليست بأهوائنا ولا بأهواء غيرنا كما قال ربنا : { ليس بأمانــيـــكــــم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا } [سورة النساء:123] ، وإليك فيما يلي نبذة مختصرة في الاعتقاد الإسلامي بشأن ضمان المصير :
يقدم الإسلام ضمانا لكل مسلم مخلص مطيع لله حتى يموت على ذلك بأنه سيدخل الجنة قطعا وجزما . قال الله تعالى في محكم تنزيله : { والذين ءامنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا وعد الله حقا ومن أصدق من الله قيلا } [سورة النساء:122] وقال تعالى : { وعد الله الذين ءامنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة وأجر عظيم } [سورة المائدة:9] . وقال تعالى : { جنات عدن التي وعد الرحمن عباده بالغيب إنه كان وعده مأتيا } [سورة مريم:61] ، وقال : { قل أذلك خير أم جنة الخلد التي وعد المتقون كانت لهم جزاء ومصيرا } [سورة الفرقان:15] ، وقال : { لكن الذين اتقوا ربهم لهم غرف من فوقها غرف مبنية تجري من تحتها الأنهار وعد الله لا يخلف الله الميعاد } [سورة الزمر:20] ، وكذلك يضمن الإسلام للكافر المعرض عن أمر الله عز وجل بأنه سيدخل النار قطعا وجزما ، قال تعالى : { وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم خالدين فيها هي حسبهم ولعنهم الله ولهم عذاب مقيم } [سورة التوبة:68] ، وقال سبحانه : { والذين كفروا لهم نار جهنم لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها كذلك نجزي كل كفور } [سورة فاطر:36] ، وقال تعالى عن الكافرين يوم الدين : { هذه جهنم التي كنتم توعدون ، اصلوها اليوم بما كنتم تكفرون } [سورة يس:63-64] . فوعد الله لا يتخلف مع الفريقين كما ذكر عن حالهما بعد انتهاء يوم القيامة :
{ ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا قالوا نعم فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين} [سورة الأعراف:44] ، فكل من آمن وعمل صالحا ومات على ذلك يدخل قطعا الجنة ، وكل من كفر وعمل السيئات ومات على ذلك يدخل النار قطعا ، ثم إن من قواعد الإسلام العظيمة ان يعيش المؤمن بين الخوف والرجاء فلا يحكم لنفسه بالجنة لأنه سيغتر ثم إنه لا يدري على أي شيء سيموت ، ولا يحكم على نفسه بالنار لأن ذلك قنوط من رحمة الله ويأس محرم ، فهو يعمل الصالحات ويرجو أن يثيبه الله عليها ويجتنب السيئات خوفا من عقاب الله ، ولو أذنب فإنه يتوب لينال المغفرة ويتقي بتوبته عذاب النار والله يغفر الذنوب ويتوب على من تاب ، وإذا خاف المؤمن أن ما قدمه من العمل لا يكفي على حد تعبيرك زاد في العمل خوفا ورجاء . ومهما قدم من أعمال صالحة فإنه لا يركن إليها ولا يغتر فيهلك بل يعمل ويرجو الثواب ، وفي الوقت ذاته يخشى على عمله من الرياء والعجب والحبوط كما قال الله تعالى في وصف المؤمنين : { والذين يؤتون ما ءاتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون} ، فهكذا يبقى المؤمن يعمل ويرجو ويخاف إلى أن يلقى الله على التوحيد وعمل الصالحات فيفوز برضى الرب وجنته ، ولو أنك تمعنت في الأمر لعلمت أن هذه هي الدوافع الصحيحة للعمل ، وأن الاستقامة في الحياة لا تحصل إلا بهذا .
4- وأما ما أوردته حيال مسألة الخطيئة الأصلية فالكلام عليه من عدة جهات :
الأولى : أن موقف العقيدة الإسلامية حيال الذنوب البشرية هو : أن الشخص كما يتحمل تبعة عمله ولا يتحملها غيره فكذلك لا يتحمل هو تبعة عمل غيره ، كما قال عز وجل : { ولا تزر وازرة وزر أخرى } ، ففكرة الخطيئة الأصلية منتفية بهذا فإذا أخطأ الأب فما ذنب الأولاد والأحفاد أن يتحملوا خطيئة عملها غيرهم ، إن العقيدة النصرانية التي تحمل الذرية خطأ أبيهم هي عين الظلم ، فهل يقول عاقل أن الذنب يتسلسل عبر قرون البشرية ، وأن ذنب الجد يلطخ الأولاد والأحفاد والأجيال ؟؟
الثانية : أن الخطأ من طبيعة البشر وقد قال نبينا صلى الله عليه وسلم : « كل ابن آدم خطاء » . رواه الترمذي 2423 ، لكن الله لم يجعل الإنسان عاجزا عند حصول الذنب لا يملك أن يفعل شيئا حياله بل أعطاه الفرصة وفتح له الباب للتوبة والعودة ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في تكملة الحديث السابق : « وخير الخطائين التوابون » ، وتظهر رحمة الرب في شريعة الإسلام جلية عندما ينادي سبحانه وتعالى عباده بقوله : { قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم } [سورة الزمر:53] . فهذه طبيعة النفس البشرية وهذا سبيلها وحل مشكلتها إذا أذنبت ، أما أن تجعل هذه الطبيعة البشرية وهي طبيعة الخطأ سدا منيعا بين العبد وبين الرب وأن العبد لا يقدر على بلوغ مرضات الرب إطلاقا إلا بأن ينزل لهم ابنه ( المزعوم !! ) ليصلب ذليلا مهانا تحت سمع وبصر ( أبيه !! ) فعند ذلك يغفر للبشرية فأمر في غاية العجب والسخافة ومجرد حكاية هذا الكلام الباطل يغني عن الرد عليه ، وقد قلت مرة لشخص نصراني ونحن في نقاش هذه المسألة إذا كنتم تقولون أنه أنزل ابنه ليصلب فداء للبشرية الذين في عصره أو الذين سيأتوا بعد الصلب فما هو ياترى حال الذين أذنبوا وماتوا مذنبين قبل ولادة المسيح ولم يتسنى لهم أن يعرفوا المسيح ليؤمنوا بعقيدة الصلب المذكورة ليغفر لهم ؟ ، فلم يزد على أن قال : بالتأكيد عند قساوستنا رد على هذا الإشكال ! ولو وجد فإنه تلفيق فماذا عساهم يقولون .
وأنت إذ استعرضت العقيدة النصرانية حيال موضوع الخطيئة البشرية بعقل منصف وجدتهم يقولون أن الرب قد ضحى بولده البكر الوحيد ليكفر بذلك خطايا البشر وهذا الابن إله فلئن كان الإله قد ضرب وشتم وصلب فمات فإن هذه العقيدة تحمل في طياتها الإلحاد فيه سبحانه وتعالى واتهامه بالتخاذل والضعف . وهل الرب عاجز عن غفران ذنوب العباد كلهم بكلمة واحدة منه ، إذا كان كذلك وهو على كل شيء قدير ( والنصارى لا يعترضون على هذا ) فما الذي يجعله إذن يضحي بولده من أجل ذلك { تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا } ، { بديع السموات والأرض أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة وخلق كل شيء وهو بكل شيء عليم} [سورة الأنعام:101] ، وإذا كان الشخص العادي لا يرضى أن يمس ولده بسوء بل يدافع عنه ولا يسلمه إلى عدو لينال منه أو يسبه ويشتمه فضلا عن أن يتركه يواجه مصير القتل صلبا بأبشع القتلات ، إذا كان هذا حال المخلوق العادي فكيف بالرب .
الثالثة : إن عقيدة التكفير عن الخطيئة الأصلية التي يعتقدها النصارى لها أثر سلبي على واقع الحياة البشرية إذ أن العقيدة النصرانية كما أوردت لا تفرض على الإنسان أي التزامات فما عليه إلا أن يعتقد أن الله قد أرسل ابنه إلى هذه الأرض ليصلب فيموت تكفيرا لأخطاء البشر فيكون بذلك نصرانيا يضمن بذلك الفوز برضى الرب ويدخل الجنة ، وليس هذا فحسب بل يعتقد أن كل ما حدث بابن الله إنما هو لتكفير خطاياه السالفة والحاضرة والمستقبلية ولا تتساءل بعد ذلك عن سبب ما تعيشه المجتمعات النصرانية من تزايد حالات القتل والاغتصاب والسرقة وإدمان الكحول إلى غيرها من الخطايا .. أليس المسيح قد مات لتكفيرها وقد كفرت ومحيت فلما لا يتوقفون عن عمل المعاصي . وقل لي بربك لماذا تعدمون القاتل أحيانا ، وتسجنون المجرم ، وتعاقبون بالعقوبات المختلفة إذا كان المجرم في نظركم قد كفرت ذنوبه وغفرت سائر جرائمه بدم المسيح ؟ أليس تناقضا عجيبا ؟
5- ما أوردته في كلامك من أن المسلمين ما داموا يعتقدون أنهم المصطفون من البشر فلماذا لا ينشرون عقيدتهم ، فالجواب أن المخلصين منهم العاملين بالكتاب الكريم قد قاموا بذلك وإلا فما الذي أوصل الإسلام من مكة إلى أندنوسيا وسيبريا والمغرب والبوسنة وجنوب أفريقية وسائر بلاد الشرق والغرب ، والأخطاء الموجودة في سلوكيات بعض المسلمين اليوم لا يتحملها الإسلام وليس سببا فيها بل إنها لم تحصل إلا نتيجة مخالفة الإسلام ، وليس من العدل أن يحمل المنهج أخطاء بعض أتباعه الذين خالفوه وانحرفوا عنه . أليس المسلمون أعدل من النصارى عندما يقرون بأن المذنب مهدد بعقاب الله مالم يتب وأن من الذنوب ما فيه حد يردع في الدنيا ويكون كفارة في الآخرة كحد القتل والسرقة والزنا .. إلخ .
6- وأما ما ذكرته من سهولة الدخول في النصرانية بالنسبة للإسلام فخطأ ظاهر فإن مفتاح الإسلام عبارتان لا غير : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله يدخل بها الشخص الإسلام في ثوان لا يحتاج إلى تعميد ولا قسيس ولا ذهاب إلى مكان معين لا مسجد ولا غيره ، قارن بين هذا وبين إجراءات التعميد المضحكة التي يفعلها النصارى إذا أرادوا إدخال شخص في النصرانية . ثم يقدس النصارى الصليب الذي آذى عيسى لما صلب عليه - بزعمهم - وآلم ظهره وأوجعه فيجعلونه مقدسا وبركة وشفاء بدل أن يذموه ويكرهوه ويعتبروه رمزا للظلم وشكلا بشعا لموت ابن الإله !! وهو الذي أوجع ظهره وحرمه النوم .
7- ألا ترى معي بأن المسلمين أولى بالحق من غيرهم وهم يؤمنون بجميع الأنبياء والمرسلين ويجلونهم ويعتقدون أنهم على الحق والتوحيد جميعا وأن كلا نبأه الله أو أرسله إلى قومه بشريعة تناسب ذلك الزمان والمكان ، إن النصراني المنصف إذا رأى أهل الإسلام يؤمنون بموسى وعيسى ومحمد عليهم صلوات الله وسلامه وبالتوراة والإنجيل الأصليين والقرآن الكريم ، ثم يرى بني قومه من النصارى يكفرون بمحمد صلى الله عليه وسلم ويجحدون نبوته ويكذبون بكتابه ، ألا يقوده إنصافه إلى ترجيح كفة المسلمين ؟
8- أما ما ذكرته من أن قول المسيح : لا أحد يستطيع أن يصل إلى الأب إلا من خلالي . فإنه لا بد من إثبات هذه المقولة وصحة نسبتها إلى عيسى أولا ، وثانيا : إنها واضحة البطلان فكيف عرفت البشرية الله في عهد نوح وهود وصالح ويونس وشعيب وإبراهيم وموسى وغيرهم من الأنبياء ؟ ولو كانت المقولة إن بني إسرائيل في عهد عيسى عليه السلام وعصره وما بعده إلى عهد خاتم الأنبياء محمد عليه السلام - لا يستطيعون الوصول إلى دين الله وشريعته إلا من طريق عيسى عليه السلام فقط لقلنا إن ذلك قول صحيح وعبارة وجيهة .
9- أما ما ختمت به من قول المسيح أنا والأب واحد فهذه عقيدة مرفوضة ولو سلكت سبيل الإنصاف وتجردت عن الهوى لتبين لك أن قولة : " أنا والأب " ، مركبة من معطوف ومعطوف عليه وأداة العطف بينهما ، والعطف في علم اللغة يقتضي التغاير أي أنه شئ والأب شئ آخر ، ولو قال شخص أنا وفلان لعلم كل عاقل أنهما اثنان مختلفان ، ومعادلة 1+1+1=1 هي معادلة مرفوضة عند جميع العقلاء من الرياضيين وغيرهم .
وختاما أوصيك وما أظنك ترد ذي الوصية أن تقوم لله متفكرا في نفسك فيما قرأت من الكلام متجردا عن أي خلفية أو مقالة سابقة وعن كل هوى أو عصبية صادقا في طلب الهداية من الله وحده ، والله أكرم من أن يخيب عبدا هذا شأنه . والله الهادي إلى سواء السبيل ، وهو حسبنا ونعم الوكيل .