ابوالسعودمحمود
2011-08-06, 10:29 PM
بواكي لهم!
http://www.almesryoon.com/images/%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%B1-%D8%A3%D8%A8%D9%88-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D8%A7.jpg
ياسر أبو العلا | 06-08-2011 01:22
لم يكن أحد يتخيل ما حدث في تلك القاعة الفخمة ، ولم يدُر في ذهن أخصبنا خيالاً أن أن يقف هؤلاء خلف القضبان التي طالما وضعوا المعارضين لهم وراءها على مدى عشرات السنين . فضلاً عن أن أكثرنا إبداعًا أدبيًّا لم يكن في استطاعته أن ينسج خيوط هذا السيناريو المدهش ، بل إن أكثرنا خبثًا لم يكن يجرؤ على أن يرى هذه المشاهد خلال أحلامه .
بالفعل .. ما حدث في قاعة أكاديمية " مبارك " للأمن كان فوق الخيال وفوق تصور البشر .. فمن كان يعتقد أن هذا القائد الذي طالما عرفنا خبثه ودهاءه وخبرنا جبروته يمكن أن يَمثل أمام الملايين ليُسأل عن الجرائم التي ارتكبها في حق شعبه لأكثر من 30عامًا ؟ ومن كان يفكر في أن وريثه الشرعي الذي كان يستعد للجلوس على كرسي الرئاسة يمكن أن يقف صاغرًا ممسكًا بمصحف ويبتهل إلى الله أن ينجيه من السجن أو الإعدام ؟ ومن كان يظن أن ابنه الوسيم الهادئ - الذي كان يتم تصديره لنا باعتباره الابن المتدين البسيط القريب من الشعب بينما كان يفرض سطوته على عالم المال والأعمال - يمكن أن يكون مصيره محاولة التهرب من الكاميرات حتى لا تلتقط لحظات انكساره ؟ ومن كان يتخيل أن هذا الوزير الذي لا تتبدل ملامح وجهه القاسية يمكن أن يقف وحيدًا يتحسر على هيبته التي ضاعت وسمعته التي تشوهت بعد أن أصبح إعدامه المطلب الأول لمعظم المصريين ؟ ومن كانت تقترب من خياله فكرة أن يقف جنرالات الداخلية هذا الموقف المهين بعد أن كانوا ملء السمع والبصر وأحلامهم أوامر وبطشهم ينال القريب والبعيد داخل جدران الوطن .
كان المشهد تاريخيًّا بمعنى الكلمة ؛ سواء على مستوى الشخصيات أو الحدث أو التوقيت . حيث لم يسبق أن يحاكم رئيس جمهورية وأبناؤه وأركان نظامه بهذه السرعة وتلك الصورة المهينة . ولا ريب أن هؤلاء الذين رأيناهم منكسي الرؤوس أدركوا الآن أن ما وصلوا إليه ليس إلا حصائد أعمالهم ، ونتيجة حتمية للبطش الذي أدمنوه ، وللظلم الذي أصبح يسري في دمائهم إلى جوار بلازما الدم ، ونتيجة لما اقترفته أيديهم التي امتدت إلى مقدرات هذا البلد فسرقته دون رادع أو رقيب ، واغتالت أحلام أبنائه دون وازع من دين أو ضمير. كما ينبغي أن يكون هؤلاء قد تيقنوا أنه قد آن الأوان لاسترداد الحقوق ، وتصحيح الأوضاع ؛ بأن يكون اللصوص داخل الأقفاص باعتبار أن هذا هو المكان الطبيعي لمن باع نفسه للشيطان ، ونسي أن عدالة السماء لا تغيب ، وتناسى أن آكلي حقوق البشر والأوطان لابد أن تكون نهايتهم مزيجًا من الذل والعار الذي سيلاحقهم وأبناءهم ، وستدوَّن جرائمهم في الصفحات التي يخصصها التاريخ لأمثالهم مصحوبين بلعنات الملايين من المظلومين والمضطهدين الذين ذاقوا على أيديهم الويلات ، وكانوا سببًا رئيسًا في تحول حياتهم وأسرهم إلى جحيم لا يطاق .
وأعتقد أن من أكثر العقوبات التي طالت مبارك وعصابته تلك الفرحة التي لمعت في أعين الملايين حين شاهدوهم داخل الأقفاص الحديدية يواسي بعضهم بعضًا ، ولم يفلح سرير مبارك ولا مصحف علاء ولا لهفة جمال على والده في أن تثير الشفقة داخل قلوب هؤلاء الذين اكتووا بنار الفقر والقهر والإرهاب طوال سنوات طويلة. وكيف يشفق الضحية على الجلاد الذي طالما ألهب ظهره ضربًا بالسياط ، وكيف يعطف المريض على المجرم الذي كان سببًا في أن ينهش المرض جسده النحيل ، وكيف يتغاضى الجائع عن حقه في السعادة لرؤية المتسبب في تضور أبنائه جوعًا لأنه لا يجد ما يسد به رمقهم ، وكيف لشاب أو فتاة فاتهم قطار الزواج - لأن نفقاته أعلى بكثير من إمكاناتهم المادية المتواضعة – أن يخفي فرحته برؤية سارقي فرحتهم مكبلين في الأغلال ، وهل يتوقع أحدٌ أن معتقلاً قضى شبابه داخل زنزانة مظلمة ، و مات أقرب الناس إليه دون أن يلقي نظرة الوداع على جثمانه أن يسامح من ألقى به داخل غياهب السجون إلى أن لفه النسيان ، ولا شك في أن الأب الذي كان يتهرب من مطالب صغاره البسيطة ؛ لأن راتبه لا يكفي إلا شراء الطعام وإيجار الشقة وفواتير المياه والكهرباء لن يقبل من أحد أن يطالبه بأن يغفر لمن ضيقوا عليه وأمثاله ووسعوا على أنفسهم بشكل غير إنساني ، ومن الطبيعي أن المغترب الذي ترك بلاده وودع أهله وأصدقاء عمره منذ سنوات لتأمين لقمة العيش لأبنائه لن تطاوعه نفسه في أن ينسى لمن طردوه من وطنه وطاردوه في أكل عيشه جريمتهم ، أما الأمهات اللاتي فقدن أبناءهن في ريعان الشباب ؛ لأنهم كانوا طليعة الثوار ، أو المصابين الذين فقدوا أحد أعضائهم برصاص القناصة أو قنابل الأمن المركزي فلا يتوقع منهم أحدٌ أن يسامحوا متخذي القرار بأن يكون مصيهم هكذا ، وبالطبع لن يترحم على مبارك وأعوانه غرقى عبارة الموت أو قتلى الدويقة أو محروقو بني سويف أومصدومو ضحايا قطارات البدرشين والعياط وكفر الدوار . لا بواكي إذن لمبارك وأعوانه الذين نسوا أن الظلم ظلمات ، وأن المنتقم لا ينام ، وأنه " لابد من يوم معلوم تترد فيه المظالم " .
المتدينون والبرلمان القادم
الهيثم زعفان
أكثر ما لفت نظري في جمعة الهوية والإرادة الشعبية، هو تجلي ثمرة الدعوة في الميدان، ثمرة دعوة "حسن البنا" ورفاقه رحمهم الله، وحفظ الله الحي منهم، وثمرة دعوة "المقدم" ورفاقه حفظهم الله ورحم من مات منهم، وجزاهم الله عنا جميعاً خير الجزاء، ورزقهم الفردوس الأعلى بصحبة نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
ثمرة دعوة جسدتها وحدة صف وتلاحم إسلامي في الميدان، ليفتخر بهذه الوحدة المحب لدينه، وتدخل السرور على كل عامل يعمل لدين الله سبحانه وتعالى.
معادلة حقيقية لا تخطئها العين، مجتمع مصري متدين بطبعه، معتز بإسلامه، محب لربه، ولنبيه. هذا التدين المصري الذي أثمر دعوات صالحات على مدار ثمانين عام من الزمان تهدف إلى تعظيم التنافس في صفوف الشعب المصري المتدين، عملاً بقوله تعالى " وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ" وتحقيقاً لوصية الرسول صلى الله عليه وآله وسلم " إن في الجنة مائة درجة، أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله، ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض، فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس، فإنه أوسط الجنة، وأعلى الجنة - أراه - فوقه عرش الرحمن" صحيح البخاري.
صورة الميدان المتدينة ليست غريبة على تدين المجتمع المصري، بل هي جزء أصيل منه، اتفاق كلي في الأصول والفروض وإن كان من زيادة فهي من باب التنافس في فعل الخيرات، طمعاً في الفوز بأعلى الدرجات في جنة الرحمن.
نعمة وحدة الصف المتدين التي تجلت في جمعة الهوية، تحتاج إلى صيانة من نوع خاص، فهي جاءت مصحوبة بنعمة مبهجة، وهي رؤية العالم أجمع لثمرة دعوة سنين وسنين تحت ضغوط اقتصادية، إقصاء سياسي، اعتقال، قتل، تعذيب، وآلام كثيرة، ولكنها تهون في سبيل الدعوة إلى الله.
وحدة الصف المتدين التي تجلت في جمعة الهوية، أحسب أنها تزكي النفوس، وتنقي الذاكرة من أية منغصات سابقة، آن الأوان لطي صفحتها ونسيانها.
إن تدين المجتمع المصري بعمومه، وبامتداده الموحد الذي تجسد في جمعة الهوية، يحتاج إلى بعض من ترتيب الأوراق، فهو مقبل على انتخابات برلمانية، سيترتب عليها دستور جديد للبلاد، يحاول البعض التفكير في آليات لخلخلة مواد الهوية والشريعة الإسلامية في هذا الدستور، من هنا كانت الأمانة عظيمة على عاتق كل متدين في مصر، فليس من المعقول التنافس على الجنة في ميدان، والتفريط في ميدان آخر وهو ميدان الحفاظ على هوية مصر ومصدر تشريعاتها الشريعة الإسلامية، الأمر الذي من شأنه أن يجلب غضب الرحمن على كل بقعة في البلد، وسيكون المفرط أول الهالكين خاصة إذا كان من المتدينين.
فالقضية إذن ليست قضية من نزل الميدان من المتدينين وحسب، ولكنها قضية كل متدين في مصر، والمرحلة تفرض تعظيم وحدة الصف التي تجلت في جمعة الهوية، وعلى أساسها ينبغي أن يتباحث المتدينون ليقدموا لمصر بأكملها أفضل ما عندهم من كوادر بشرية وهم كثير ولله الحمد في القطاعات الشرعية، الطبية، الهندسية، التربوية، وغيرها، ليحملوا "هم المرحلة"، بروح متدينة تكاملية لا إقصائية. وعلى كل متدين في مصر أن يعطي المرحلة قليل من التفكير العقدي، فعسى تغيير النية للتفاعل مع المرحلة بنية ربانية، أن يكون ذلك من العمل الصالح الذي يرفع من قدره يوم القيامة.
ما أود التأكيد عليه، أن هناك رزقاً ساقه الله إلينا في جمعة الهوية، وهو "وحدة الصف المتدين"، فلنحافظ على هذا الرزق، ولنجعله زادا وقدوة للمجتمع المصري المتدين، ليشعر المجتمع بعظم المرحلة عقدياً، وتتغير النظرة إلى البرلمان من وجاهة، إلى مسئولية ربانية عقدية تصان من خلالها هوية مصر ومستقبلها العقدي، ويشعر كل مصري أن هناك بحق من يخشى على دنياه وآخرته.
http://www.almesryoon.com/images/%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%B1-%D8%A3%D8%A8%D9%88-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D8%A7.jpg
ياسر أبو العلا | 06-08-2011 01:22
لم يكن أحد يتخيل ما حدث في تلك القاعة الفخمة ، ولم يدُر في ذهن أخصبنا خيالاً أن أن يقف هؤلاء خلف القضبان التي طالما وضعوا المعارضين لهم وراءها على مدى عشرات السنين . فضلاً عن أن أكثرنا إبداعًا أدبيًّا لم يكن في استطاعته أن ينسج خيوط هذا السيناريو المدهش ، بل إن أكثرنا خبثًا لم يكن يجرؤ على أن يرى هذه المشاهد خلال أحلامه .
بالفعل .. ما حدث في قاعة أكاديمية " مبارك " للأمن كان فوق الخيال وفوق تصور البشر .. فمن كان يعتقد أن هذا القائد الذي طالما عرفنا خبثه ودهاءه وخبرنا جبروته يمكن أن يَمثل أمام الملايين ليُسأل عن الجرائم التي ارتكبها في حق شعبه لأكثر من 30عامًا ؟ ومن كان يفكر في أن وريثه الشرعي الذي كان يستعد للجلوس على كرسي الرئاسة يمكن أن يقف صاغرًا ممسكًا بمصحف ويبتهل إلى الله أن ينجيه من السجن أو الإعدام ؟ ومن كان يظن أن ابنه الوسيم الهادئ - الذي كان يتم تصديره لنا باعتباره الابن المتدين البسيط القريب من الشعب بينما كان يفرض سطوته على عالم المال والأعمال - يمكن أن يكون مصيره محاولة التهرب من الكاميرات حتى لا تلتقط لحظات انكساره ؟ ومن كان يتخيل أن هذا الوزير الذي لا تتبدل ملامح وجهه القاسية يمكن أن يقف وحيدًا يتحسر على هيبته التي ضاعت وسمعته التي تشوهت بعد أن أصبح إعدامه المطلب الأول لمعظم المصريين ؟ ومن كانت تقترب من خياله فكرة أن يقف جنرالات الداخلية هذا الموقف المهين بعد أن كانوا ملء السمع والبصر وأحلامهم أوامر وبطشهم ينال القريب والبعيد داخل جدران الوطن .
كان المشهد تاريخيًّا بمعنى الكلمة ؛ سواء على مستوى الشخصيات أو الحدث أو التوقيت . حيث لم يسبق أن يحاكم رئيس جمهورية وأبناؤه وأركان نظامه بهذه السرعة وتلك الصورة المهينة . ولا ريب أن هؤلاء الذين رأيناهم منكسي الرؤوس أدركوا الآن أن ما وصلوا إليه ليس إلا حصائد أعمالهم ، ونتيجة حتمية للبطش الذي أدمنوه ، وللظلم الذي أصبح يسري في دمائهم إلى جوار بلازما الدم ، ونتيجة لما اقترفته أيديهم التي امتدت إلى مقدرات هذا البلد فسرقته دون رادع أو رقيب ، واغتالت أحلام أبنائه دون وازع من دين أو ضمير. كما ينبغي أن يكون هؤلاء قد تيقنوا أنه قد آن الأوان لاسترداد الحقوق ، وتصحيح الأوضاع ؛ بأن يكون اللصوص داخل الأقفاص باعتبار أن هذا هو المكان الطبيعي لمن باع نفسه للشيطان ، ونسي أن عدالة السماء لا تغيب ، وتناسى أن آكلي حقوق البشر والأوطان لابد أن تكون نهايتهم مزيجًا من الذل والعار الذي سيلاحقهم وأبناءهم ، وستدوَّن جرائمهم في الصفحات التي يخصصها التاريخ لأمثالهم مصحوبين بلعنات الملايين من المظلومين والمضطهدين الذين ذاقوا على أيديهم الويلات ، وكانوا سببًا رئيسًا في تحول حياتهم وأسرهم إلى جحيم لا يطاق .
وأعتقد أن من أكثر العقوبات التي طالت مبارك وعصابته تلك الفرحة التي لمعت في أعين الملايين حين شاهدوهم داخل الأقفاص الحديدية يواسي بعضهم بعضًا ، ولم يفلح سرير مبارك ولا مصحف علاء ولا لهفة جمال على والده في أن تثير الشفقة داخل قلوب هؤلاء الذين اكتووا بنار الفقر والقهر والإرهاب طوال سنوات طويلة. وكيف يشفق الضحية على الجلاد الذي طالما ألهب ظهره ضربًا بالسياط ، وكيف يعطف المريض على المجرم الذي كان سببًا في أن ينهش المرض جسده النحيل ، وكيف يتغاضى الجائع عن حقه في السعادة لرؤية المتسبب في تضور أبنائه جوعًا لأنه لا يجد ما يسد به رمقهم ، وكيف لشاب أو فتاة فاتهم قطار الزواج - لأن نفقاته أعلى بكثير من إمكاناتهم المادية المتواضعة – أن يخفي فرحته برؤية سارقي فرحتهم مكبلين في الأغلال ، وهل يتوقع أحدٌ أن معتقلاً قضى شبابه داخل زنزانة مظلمة ، و مات أقرب الناس إليه دون أن يلقي نظرة الوداع على جثمانه أن يسامح من ألقى به داخل غياهب السجون إلى أن لفه النسيان ، ولا شك في أن الأب الذي كان يتهرب من مطالب صغاره البسيطة ؛ لأن راتبه لا يكفي إلا شراء الطعام وإيجار الشقة وفواتير المياه والكهرباء لن يقبل من أحد أن يطالبه بأن يغفر لمن ضيقوا عليه وأمثاله ووسعوا على أنفسهم بشكل غير إنساني ، ومن الطبيعي أن المغترب الذي ترك بلاده وودع أهله وأصدقاء عمره منذ سنوات لتأمين لقمة العيش لأبنائه لن تطاوعه نفسه في أن ينسى لمن طردوه من وطنه وطاردوه في أكل عيشه جريمتهم ، أما الأمهات اللاتي فقدن أبناءهن في ريعان الشباب ؛ لأنهم كانوا طليعة الثوار ، أو المصابين الذين فقدوا أحد أعضائهم برصاص القناصة أو قنابل الأمن المركزي فلا يتوقع منهم أحدٌ أن يسامحوا متخذي القرار بأن يكون مصيهم هكذا ، وبالطبع لن يترحم على مبارك وأعوانه غرقى عبارة الموت أو قتلى الدويقة أو محروقو بني سويف أومصدومو ضحايا قطارات البدرشين والعياط وكفر الدوار . لا بواكي إذن لمبارك وأعوانه الذين نسوا أن الظلم ظلمات ، وأن المنتقم لا ينام ، وأنه " لابد من يوم معلوم تترد فيه المظالم " .
المتدينون والبرلمان القادم
الهيثم زعفان
أكثر ما لفت نظري في جمعة الهوية والإرادة الشعبية، هو تجلي ثمرة الدعوة في الميدان، ثمرة دعوة "حسن البنا" ورفاقه رحمهم الله، وحفظ الله الحي منهم، وثمرة دعوة "المقدم" ورفاقه حفظهم الله ورحم من مات منهم، وجزاهم الله عنا جميعاً خير الجزاء، ورزقهم الفردوس الأعلى بصحبة نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
ثمرة دعوة جسدتها وحدة صف وتلاحم إسلامي في الميدان، ليفتخر بهذه الوحدة المحب لدينه، وتدخل السرور على كل عامل يعمل لدين الله سبحانه وتعالى.
معادلة حقيقية لا تخطئها العين، مجتمع مصري متدين بطبعه، معتز بإسلامه، محب لربه، ولنبيه. هذا التدين المصري الذي أثمر دعوات صالحات على مدار ثمانين عام من الزمان تهدف إلى تعظيم التنافس في صفوف الشعب المصري المتدين، عملاً بقوله تعالى " وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ" وتحقيقاً لوصية الرسول صلى الله عليه وآله وسلم " إن في الجنة مائة درجة، أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله، ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض، فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس، فإنه أوسط الجنة، وأعلى الجنة - أراه - فوقه عرش الرحمن" صحيح البخاري.
صورة الميدان المتدينة ليست غريبة على تدين المجتمع المصري، بل هي جزء أصيل منه، اتفاق كلي في الأصول والفروض وإن كان من زيادة فهي من باب التنافس في فعل الخيرات، طمعاً في الفوز بأعلى الدرجات في جنة الرحمن.
نعمة وحدة الصف المتدين التي تجلت في جمعة الهوية، تحتاج إلى صيانة من نوع خاص، فهي جاءت مصحوبة بنعمة مبهجة، وهي رؤية العالم أجمع لثمرة دعوة سنين وسنين تحت ضغوط اقتصادية، إقصاء سياسي، اعتقال، قتل، تعذيب، وآلام كثيرة، ولكنها تهون في سبيل الدعوة إلى الله.
وحدة الصف المتدين التي تجلت في جمعة الهوية، أحسب أنها تزكي النفوس، وتنقي الذاكرة من أية منغصات سابقة، آن الأوان لطي صفحتها ونسيانها.
إن تدين المجتمع المصري بعمومه، وبامتداده الموحد الذي تجسد في جمعة الهوية، يحتاج إلى بعض من ترتيب الأوراق، فهو مقبل على انتخابات برلمانية، سيترتب عليها دستور جديد للبلاد، يحاول البعض التفكير في آليات لخلخلة مواد الهوية والشريعة الإسلامية في هذا الدستور، من هنا كانت الأمانة عظيمة على عاتق كل متدين في مصر، فليس من المعقول التنافس على الجنة في ميدان، والتفريط في ميدان آخر وهو ميدان الحفاظ على هوية مصر ومصدر تشريعاتها الشريعة الإسلامية، الأمر الذي من شأنه أن يجلب غضب الرحمن على كل بقعة في البلد، وسيكون المفرط أول الهالكين خاصة إذا كان من المتدينين.
فالقضية إذن ليست قضية من نزل الميدان من المتدينين وحسب، ولكنها قضية كل متدين في مصر، والمرحلة تفرض تعظيم وحدة الصف التي تجلت في جمعة الهوية، وعلى أساسها ينبغي أن يتباحث المتدينون ليقدموا لمصر بأكملها أفضل ما عندهم من كوادر بشرية وهم كثير ولله الحمد في القطاعات الشرعية، الطبية، الهندسية، التربوية، وغيرها، ليحملوا "هم المرحلة"، بروح متدينة تكاملية لا إقصائية. وعلى كل متدين في مصر أن يعطي المرحلة قليل من التفكير العقدي، فعسى تغيير النية للتفاعل مع المرحلة بنية ربانية، أن يكون ذلك من العمل الصالح الذي يرفع من قدره يوم القيامة.
ما أود التأكيد عليه، أن هناك رزقاً ساقه الله إلينا في جمعة الهوية، وهو "وحدة الصف المتدين"، فلنحافظ على هذا الرزق، ولنجعله زادا وقدوة للمجتمع المصري المتدين، ليشعر المجتمع بعظم المرحلة عقدياً، وتتغير النظرة إلى البرلمان من وجاهة، إلى مسئولية ربانية عقدية تصان من خلالها هوية مصر ومستقبلها العقدي، ويشعر كل مصري أن هناك بحق من يخشى على دنياه وآخرته.