رضا البطاوى
2011-09-02, 10:26 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على رسل الله وبعد :
هذا كتاب علم الإختلاف فى القرآن .
ماهية الاختلاف :
هو أن يعتقد فردان أو أكثر – كل منهم اعتقاد- فى مسألة واحدة أى أن يكون رأى فرد فى موضوع غير رأى فرد أخر فى نفس الموضوع أى أن يكون حكم فرد فى قضية ما غير حكم فرد أخر فى نفس القضية ومن ثم فلابد أن الاختلاف لابد فيه من شىء مشترك هو المسألة أى الموضوع أى القضية والاختلاف لابد فيه من تعدد الآراء وهى الأحكام من جانب الأفراد ويسمى الاختلاف التفرق والتنازع .
الاختلاف سنة الحياة :
إن الله خلق الناس كى يختلفوا وخلافهم سيكون مستمر ما استمرت الحياة البشرية وفى هذا قال تعالى بسورة هود:
"ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم ".
أنواع الخلاف:
1-الخلاف مع الأخر وهو صاحب الدين المخالف لدين الفرد وسبب الخلاف هو اختلاف الدين .
2-الخلاف مع الأخ وهو صاحب الدين المماثل وهذا الاختلاف متنوع الأسباب.
أنواع الخلاف بين المسلمين:
إن الخلاف بين المسلمين على نوعين :
1-الخلاف المباح وهذا الاختلاف ليس على المختلفين فيه ذنب فلكل واحد الحق فى الاختلاف مع الأخرين وكل مسائل الخلاف المباح تدخل تحت قوله تعالى بسورة الشورى:
"وأمرهم شورى بينهم "
أى وقرارهم مشترك بينهم ومن أمثلة هذه المسائل :
-أن يبايع إنسان فلان رئيسا للحى ويبايع إنسان أخر علان رئيسا لنفس الحى .
-أن تقرر الأم فطام الطفل وأن يعترض الأب على فطام الطفل.
-أن يحب فلان أكل المانجو وأن يمتنع علان عن أكل المانجو .
والملاحظ أن لكل مسألة يجوز فيها اختلاف الناس قاعدة تلزم المختلفين باتباعها ففى حالة المبايعة يلتزم الأفراد بتنصيب من حصل على أعلى عدد من الأصوات فى المبايعة رئيسا وفى حالة الفطام يلتزم الأب والأم بمصلحة الطفل وهى عدم جواز الفطام قبل مرور العامين وفى حالة حب أكل ما والإمتناع عن نفس الأكل يلتزم الكل بقاعدة أن يكون الأكل حلالا .
2-الخلاف المحرم ويكون فيه الذنب على المختلفين كلهم ويكون فى حكم ثابت فى الوحى ومن أمثلة هذا :
-أن يتم تشبيه الخالق بالخلق من جانب فرد وأن يتم تشبيه الخلق بالخالق من جانب فرد أخر ففى هذه الحالة يكون كل منهما مخالف لحكمه بسورة الشورى :
"ليس كمثله شىء "
-أن يبيح فرد القليل من الخمر وأن يبيح فرد أخر الكثير من الخمر فكلاهما هنا خالف حكم ثابت هو تحريم الخمر قليلها وكثيرها وفى هذا قال تعالى بسورة المائدة:
"يا أيها الذين أمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه "
وقد نهى الله عن هذا الخلاف وهو التفرق وفى هذا قال بسورة آل عمران:
"ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات ".
متى يحدث الاختلاف :
إن الاختلاف وهو التفرق أى التنازع يحدث فى توقيت محدد هو ما بعد مجىء الحق أى ما بعد إتيان العلم أى حين يتضح الحق من الباطل لكل إنسان وفى هذا قال تعالى بسورة البينة:
"وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة "
وقال بسورة الشورى:
"وما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم "
إذا فعلامة اختلاف أى افتراق الأمة الواحدة الكافرة هى مجىء الوحى الإلهى فعند إبلاغ الوحى للناس يصبحون فريقين :
1- من يكفر بالوحى وهم الغالبية
2- من يؤمن بالوحى الإلهى وهم القلة .
نتائج الاختلاف :
إن اختلاف المسلمين اختلافا محرما يؤدى لنتيجة واحدة هى الفشل أى ذهاب الريح أى القوة والمراد أن نتيجة الخلاف المحرم الضعف والوهن وفى هذا قال تعالى بسورة الأنفال:
"وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم "
هذه النتيجة دنيوية وأما الأخروية فهى العذاب العظيم وفى هذا قال تعالى بسورة آل عمران:
"ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءتهم البينات ولهم عذاب عظيم يوم تبيض وجوه وتسود وجوه ".
تطور الاختلافات :
إن اختلاف الاعتقادات أى الأحكام المصدقة فى نفوس الناس له احتمالات تتمثل فى:
1- أن يظل الاختلاف اختلافا كلاميا بمعنى استمرار الجدل بالقول المكتوب أو المسموع بين المختلفين دون توقف.
2- أن يتطور الجدل فى الاختلاف لقيام حرب لها صور مختلفة هى :
أ- الشتائم والسباب والقذف
ب- الشجار بأعضاء الجسم
ت- العراك بالسلاح
ث- اندماج الصور كلها .
رد الأمر لله عند اختلاف المسلمين :
إن الواجب عند اختلاف المسلمين فى أى أمر من أمور حياتهم هو رد الأمر لله والرسول (ص)والمراد إعادة الموضوع لحكم أى لقضاء الله ورسوله (ص)وفى هذا قال تعالى بسورة النساء:
"فإن تنازعتم فى شىء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الأخر "وقال بسورة الشورى:
"وما اختلفتم فيه من شىء فحكمه إلى الله "
وكان الذى يحكم بحكم الله فى الوحى الإلهى المحفوظ هو الرسول (ص) ولذا قال تعالى بسورة النساء:
"فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينكم ثم لا يجدوا فى أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما "
وفى حالة عدم وجود الرسول (ص)فى المكان كان الذى يحكم بحكم الله هو ولى الأمر وفى حالة عدم وجود الرسول (ص)فى الزمان لموته يكون الذى يحكم بحكم الله هو ولى الأمر وهذا يعنى أن الأمر المختلف فيه يرد لأولى الأمر وفى هذا قال تعالى بسورة النساء:
"وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولى الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم "
وأولى الأمر يردونه لكتاب الله.
الحكم فى اقتتال المسلمين المختلفين :
يحدث أحيانا أن يختلف المسلمون فى أمر وتكون نتيجة الخلاف حدوث حرب أى قتال بين الفريقين وحدوث القتال فى تلك الحال يستلزم تدخل باقى المسلمين بالطريقة التالية :
- التفريق بين الفريقين وهذا يعنى وقوف باقى المسلمين – والمراد بعضهم- حاجزا لمنع اقتتال الفريقين .
- مجالسة كل فريق على حدة من أجل التوفيق بينهم .
- جمع رؤساء الفريقين وإصدار الأحكام العادلة على كل فريق .
ويسمى هذا بالإصلاح بينهم وفى هذا قال تعالى بسورة الحجرات:
"وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما "
و"إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم "
وإذا حدث بعد هذه المصالحة بغى أى اعتداء من فريق على الفريق الأخر فالواجب هو أن يحارب المسلمون الباقون الفريق المعتدى ولا يتم التوقف عن الحرب حتى يفىء الفريق المعتدى لأمر الله الذى حكم به المسلمون المصلحون وفى هذا قال تعالى بسورة الحجرات:
"فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التى تبغى حتى تفىء إلى أمر الله "
إذا فاء أى عاد الفريق المعتدى للحق فالواجب هو أن يقوم المسلمون الباقون بالإصلاح بين المعتدى والمعتدى عليه بالعدل وهذا يعنى أن الإعتداء يستلزم إعادة الحقوق لأصحابها الذين تم الإعتداء عليهم بعد المصالحة الأولى وفى هذا قال تعالى بسورة الحجرات:
"فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين ".
من اختلافات المسلمين فى عهد النبى (ص):
حدثت بين المسلمين فى عهد النبى (ص)خلافات ذكر القرآن منها التالى :
-أن فريقين من المسلمين أرادا أى هما بالفشل والمراد أن الطائفتين أرادت كل منهما قتال الأخرى ولكن لم يحدث قتال وكان هذا قبل مقابلة الكفار فى غزوة بدر وفى هذا قال تعالى بسورة آل عمران:
"إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا".
-أن المسلمين فى غزوة أحد بعد انتصارهم فى بداية المعركة فشلوا أى تنازعوا أى اختلفوا فى الأمر أى عصوا أمر الله ورسوله (ص)فكانت النتيجة هى أن الكفار قتلوا وجرحوا الكثير منهم وفى هذا قال بسورة آل عمران:
"ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه حتى إذا فشلتم وتنازعتم فى الأمر وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون ".
-أن بعض المسلمين كادت قلوبهم أن تزيغ عن الحق مخالفين بذلك الأمر بالغزو فى ساعة العسرة ولكنهم عادوا للحق فتاب الله عليهم وكان منهم ثلاثة تخلفوا مختلفين بتخلفهم عن باقى المسلمين القادرين ولكنهم تابوا بعد فترة فتاب الله عليهم وفى هذا قال تعالى بسورة التوبة:
"لقد تاب الله على النبى والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه فى ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم إنه بهم رءوف رحيم وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب الله عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم ".
الأصل هو الوحدة :
إن أصل الناس وهو قانون حياة البشر هو أن يكونوا أمة واحدة وهذا يعنى أن يكون كل الأفراد على دين واحد هو الإسلام ،لذا كان البشر فى أول عهدهم بالحياة فى الأرض أمة واحدة ليس بينهم خلاف وفى هذا قال تعالى بسورة البقرة:
"كان الناس أمة واحدة "
وبعد هذه الوحدة القصيرة زمنيا اختلف الناس فى الدين فأصبح لكل جماعة منهم دين يدينون به وكان السبب فى عدم قضاء أى حكم الله بين الناس فى الذى فيه يختلفون وهو الدين هو كلمة الله السابقة والمراد حكم الله الذى صدر من قبل وهو الحكم بين الناس يوم القيامة وليس فى الدنيا وفى هذا قال تعالى بسورة يونس:
"وما كان الناس إلا أمة واحدة فاختلفوا ولولا كلمة سبقت من ربك لقضى بينهم فيما هم فيه يختلفون ".
سبب الاختلاف المحرم :
هو البغى أى الظلم والمراد إرادة البشر للظلم أى إرادة كل جماعة أن تتميز على الجماعات الأخرى بحيث تكون هى صاحبة كل الإمتيازات والسلطات وفى هذا قال تعالى بسورة الشورى:
"وما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم "
وقال بسورة البقرة :
"وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم "
إذا فسبب نشوء أى دين ضال هو إرادة المنشئين أن يكون لهم الإمتيازات على الأخرين من بنى البشر .
الاختلاف سبب بعث الرسل (ص):
إن اختلاف البشر فى الدين – حيث لكل جماعة من جماعات البشر دين تدين به وكل هذه الأديان إنما هى أديان ضالة لم ينزل الله بها سلطانا – هو سبب إرسال الرسل فالرسول أى رسول من عند الله يأتى للحكم بين الناس فى كل ما اختلفوا فيه وطبعا هذا الحكم يكون بالحق والعدل الظاهر الذى لا شبهة فيه وفى هذا قال تعالى بسورة البقرة:
"كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه ".
الجماعة المسلمة وتكوينها من المختلفين :
إن الجماعة المؤمنة تتكون من الأفراد المختلفين فى الدين فى بداية بعث الرسول وهذه الجماعة المسلمة هداها أى أرشدها الله ويتمثل هذا الرشاد فى تسليمهم بالحق الذى أتى به الوحى الإلهى فيما اختلفوا فيه قبل بعث رسولهم وفى هذا قال تعالى بسورة البقرة:
"فهدى الله الذين أمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم ".
اختلاف الأمة الواحدة :
إن الأمة الواحدة تنقسم لأمم متعددة عن طريق واحد هو تقطيع الأمر أى تفصيل الدين زبرا والمراد جعل الدين الواحد عدة أديان وكل حزب أى جماعة من الأمة التى كانت واحدة فرح مؤمن بما لديه والمراد مؤمن بالدين الذى فصله لنفسه وفى هذا قال تعالى بسورة المؤمنون:
"وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون ".
الاختلاف الكونى :
الاختلاف الكونى على ضربين :
1- الاختلاف المحرم وهو ممنوع على الناس وكل من خيرهم الله بين الإسلام والكفر وفى تحريمه قال تعالى بسورة الروم:
"ولا تكونوا من المشركين من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا "
وقال بسورة آل عمران :
"واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا "
و"ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات "
2-الاختلاف المباح وقد جعل الله الاختلاف قانون سارى على المخلوقات فكل منها يختلف فى اللون أو الشكل أو الهيئة أو اللسان ومن الأدلة على هذا قوله تعالى بسورة الروم:
"ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن فى ذلك لآيات للعالمين "
وقال بسورة فاطر:
"ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه ".
لسنا من المختلفين فى شىء :
إن الذين فرقوا دينهم أى جعلوا دينهم عدة أديان لكل دين منها شيعة أى جماعة تدين بأحكام مختلفة ليسوا من المسلمين فى شىء أى ليسوا على دين الإسلام وقد نهانا الله عن الإشتراك معهم فى هذه الأديان الضالة فقال بسورة الروم:
"ولا تكونوا من المشركين من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون "
وقد كرر الله ذلك للنبى (ص)فبين له أن الذين تفرقوا فى الدين وأصبحوا شيعا ليس الرسول (ص)منهم فى شىء أى فى دين وإنما هو من المسلمين فى الدين الذى هو الإسلام وفى هذا قال تعالى بسورة الأنعام:
"إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم فى شىء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون ".
الاختلاف والتشيع :
أن النتيجة الدنيوية للاختلاف هى الفشل أى ذهاب الريح أى ضياع القوة أى الضعف والوهن وفى هذا قال تعالى بسورة الأنفال:
"ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم "
ويتمثل الفشل فى إنقسام الأمة الواحدة إلى شيع أى أمم أى فرق مختلفة كل منها يدعى أنه على الدين الحق الذى كان عليه الكل فى البداية وهذا الإنقسام لشيع يؤدى للحرب وهى البأس أى الأذى الذى تذيقه الفرق لبعضها وفى هذا قال تعالى بسورة الأنعام:
"قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض "
وبين إنقسام القوم لأحزاب أى فرق أى شيع كل حزب منهم فرح أى مصدق بما لديه وفى هذا قال تعالى بسورة الروم:
"ولا تكونوا من المشركين الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون ".
القرآن والاختلاف
القرآن هو حكم الله ولو كان حكم غير الله لكان الحادث هو وجود اختلاف كثير فيه والمراد وجود تناقضات عديدة فى نصوصه وهذه التناقضات تعنى وجود أخطاء ولكن لما كان القرآن حكم الله فقد خلا من الاختلاف إلا ما نص الله عليه من الناسخ والمنسوخ وفى هذا قال تعالى بسورة النساء:
"أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا".
النبأ المختلف فيه :
تساءل الناس عن النبأ العظيم وهو الحديث الكبير وهو القرآن الكريم وقد اختلف الناس فى الخبر لفرق كل منها يدعى حكم مناقض للوحى الإلهى وفى هذا قال تعالى بسورة النبأ:
"عم يتساءلون عن النبأ العظيم الذى هم فيه مختلفون ".
التفضيل :
الاختلاف المباح له اسم أخر هو التفضيل فكل واحد منا يفضل شىء على شىء أخر فى نفس الموضوع ومن أمثلة هذا :
-أن البعض يفضل أكل ثمار معينة بينما يفضل بعض أخر ثمار أخرى وفى هذا قال تعالى بسورة الرعد:
"وفى الأرض قطع متجاورات وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض فى الأكل ".
-أن البعض وهو ولى المطلقة عند الطلاق طلاق غير المدخول بها يأخذ نصف الفريضة بينما البعض الأخر يفضل العفو وهو ترك أخذ هذا النصف وفى هذا قال تعالى بسورة البقرة:
"وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفو الذى بيده عقدة النكاح وأن تعفوا أقرب للتقوى ولا تنسوا الفضل بينكم " .
-أن أولياء المقتول بعضهم يفضل القصاص من القاتل وبعضهم يفضل العفو عنه وفى هذا قال تعالى بسورة البقرة:
"يا أيها الذين أمنوا كتب عليكم القصاص فى القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفى له من أخيه شىء "
وكما قلنا سابقا تدخل كل موضوعات التفضيل فى دائرة حكم الشورى وهو الاشتراك فى الحكم فكل مسلم يحق له أن يكون له حكم خاص به فى مسائل التفضيل بين شيئين أو أكثر ويستوى فى الشورى الحر والعبد والذكر والأنثى وإن كانت الشورى على نوعين الأول الشورى العامة وتكون فى المسائل التى تخص الأمة أو الجماعات كالحى والبلدة والثانى الشورى الخاصة التى تخص الأفراد أو الأسرة كالزواج والفطام .
الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على رسل الله وبعد :
هذا كتاب علم الإختلاف فى القرآن .
ماهية الاختلاف :
هو أن يعتقد فردان أو أكثر – كل منهم اعتقاد- فى مسألة واحدة أى أن يكون رأى فرد فى موضوع غير رأى فرد أخر فى نفس الموضوع أى أن يكون حكم فرد فى قضية ما غير حكم فرد أخر فى نفس القضية ومن ثم فلابد أن الاختلاف لابد فيه من شىء مشترك هو المسألة أى الموضوع أى القضية والاختلاف لابد فيه من تعدد الآراء وهى الأحكام من جانب الأفراد ويسمى الاختلاف التفرق والتنازع .
الاختلاف سنة الحياة :
إن الله خلق الناس كى يختلفوا وخلافهم سيكون مستمر ما استمرت الحياة البشرية وفى هذا قال تعالى بسورة هود:
"ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم ".
أنواع الخلاف:
1-الخلاف مع الأخر وهو صاحب الدين المخالف لدين الفرد وسبب الخلاف هو اختلاف الدين .
2-الخلاف مع الأخ وهو صاحب الدين المماثل وهذا الاختلاف متنوع الأسباب.
أنواع الخلاف بين المسلمين:
إن الخلاف بين المسلمين على نوعين :
1-الخلاف المباح وهذا الاختلاف ليس على المختلفين فيه ذنب فلكل واحد الحق فى الاختلاف مع الأخرين وكل مسائل الخلاف المباح تدخل تحت قوله تعالى بسورة الشورى:
"وأمرهم شورى بينهم "
أى وقرارهم مشترك بينهم ومن أمثلة هذه المسائل :
-أن يبايع إنسان فلان رئيسا للحى ويبايع إنسان أخر علان رئيسا لنفس الحى .
-أن تقرر الأم فطام الطفل وأن يعترض الأب على فطام الطفل.
-أن يحب فلان أكل المانجو وأن يمتنع علان عن أكل المانجو .
والملاحظ أن لكل مسألة يجوز فيها اختلاف الناس قاعدة تلزم المختلفين باتباعها ففى حالة المبايعة يلتزم الأفراد بتنصيب من حصل على أعلى عدد من الأصوات فى المبايعة رئيسا وفى حالة الفطام يلتزم الأب والأم بمصلحة الطفل وهى عدم جواز الفطام قبل مرور العامين وفى حالة حب أكل ما والإمتناع عن نفس الأكل يلتزم الكل بقاعدة أن يكون الأكل حلالا .
2-الخلاف المحرم ويكون فيه الذنب على المختلفين كلهم ويكون فى حكم ثابت فى الوحى ومن أمثلة هذا :
-أن يتم تشبيه الخالق بالخلق من جانب فرد وأن يتم تشبيه الخلق بالخالق من جانب فرد أخر ففى هذه الحالة يكون كل منهما مخالف لحكمه بسورة الشورى :
"ليس كمثله شىء "
-أن يبيح فرد القليل من الخمر وأن يبيح فرد أخر الكثير من الخمر فكلاهما هنا خالف حكم ثابت هو تحريم الخمر قليلها وكثيرها وفى هذا قال تعالى بسورة المائدة:
"يا أيها الذين أمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه "
وقد نهى الله عن هذا الخلاف وهو التفرق وفى هذا قال بسورة آل عمران:
"ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات ".
متى يحدث الاختلاف :
إن الاختلاف وهو التفرق أى التنازع يحدث فى توقيت محدد هو ما بعد مجىء الحق أى ما بعد إتيان العلم أى حين يتضح الحق من الباطل لكل إنسان وفى هذا قال تعالى بسورة البينة:
"وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة "
وقال بسورة الشورى:
"وما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم "
إذا فعلامة اختلاف أى افتراق الأمة الواحدة الكافرة هى مجىء الوحى الإلهى فعند إبلاغ الوحى للناس يصبحون فريقين :
1- من يكفر بالوحى وهم الغالبية
2- من يؤمن بالوحى الإلهى وهم القلة .
نتائج الاختلاف :
إن اختلاف المسلمين اختلافا محرما يؤدى لنتيجة واحدة هى الفشل أى ذهاب الريح أى القوة والمراد أن نتيجة الخلاف المحرم الضعف والوهن وفى هذا قال تعالى بسورة الأنفال:
"وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم "
هذه النتيجة دنيوية وأما الأخروية فهى العذاب العظيم وفى هذا قال تعالى بسورة آل عمران:
"ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءتهم البينات ولهم عذاب عظيم يوم تبيض وجوه وتسود وجوه ".
تطور الاختلافات :
إن اختلاف الاعتقادات أى الأحكام المصدقة فى نفوس الناس له احتمالات تتمثل فى:
1- أن يظل الاختلاف اختلافا كلاميا بمعنى استمرار الجدل بالقول المكتوب أو المسموع بين المختلفين دون توقف.
2- أن يتطور الجدل فى الاختلاف لقيام حرب لها صور مختلفة هى :
أ- الشتائم والسباب والقذف
ب- الشجار بأعضاء الجسم
ت- العراك بالسلاح
ث- اندماج الصور كلها .
رد الأمر لله عند اختلاف المسلمين :
إن الواجب عند اختلاف المسلمين فى أى أمر من أمور حياتهم هو رد الأمر لله والرسول (ص)والمراد إعادة الموضوع لحكم أى لقضاء الله ورسوله (ص)وفى هذا قال تعالى بسورة النساء:
"فإن تنازعتم فى شىء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الأخر "وقال بسورة الشورى:
"وما اختلفتم فيه من شىء فحكمه إلى الله "
وكان الذى يحكم بحكم الله فى الوحى الإلهى المحفوظ هو الرسول (ص) ولذا قال تعالى بسورة النساء:
"فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينكم ثم لا يجدوا فى أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما "
وفى حالة عدم وجود الرسول (ص)فى المكان كان الذى يحكم بحكم الله هو ولى الأمر وفى حالة عدم وجود الرسول (ص)فى الزمان لموته يكون الذى يحكم بحكم الله هو ولى الأمر وهذا يعنى أن الأمر المختلف فيه يرد لأولى الأمر وفى هذا قال تعالى بسورة النساء:
"وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولى الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم "
وأولى الأمر يردونه لكتاب الله.
الحكم فى اقتتال المسلمين المختلفين :
يحدث أحيانا أن يختلف المسلمون فى أمر وتكون نتيجة الخلاف حدوث حرب أى قتال بين الفريقين وحدوث القتال فى تلك الحال يستلزم تدخل باقى المسلمين بالطريقة التالية :
- التفريق بين الفريقين وهذا يعنى وقوف باقى المسلمين – والمراد بعضهم- حاجزا لمنع اقتتال الفريقين .
- مجالسة كل فريق على حدة من أجل التوفيق بينهم .
- جمع رؤساء الفريقين وإصدار الأحكام العادلة على كل فريق .
ويسمى هذا بالإصلاح بينهم وفى هذا قال تعالى بسورة الحجرات:
"وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما "
و"إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم "
وإذا حدث بعد هذه المصالحة بغى أى اعتداء من فريق على الفريق الأخر فالواجب هو أن يحارب المسلمون الباقون الفريق المعتدى ولا يتم التوقف عن الحرب حتى يفىء الفريق المعتدى لأمر الله الذى حكم به المسلمون المصلحون وفى هذا قال تعالى بسورة الحجرات:
"فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التى تبغى حتى تفىء إلى أمر الله "
إذا فاء أى عاد الفريق المعتدى للحق فالواجب هو أن يقوم المسلمون الباقون بالإصلاح بين المعتدى والمعتدى عليه بالعدل وهذا يعنى أن الإعتداء يستلزم إعادة الحقوق لأصحابها الذين تم الإعتداء عليهم بعد المصالحة الأولى وفى هذا قال تعالى بسورة الحجرات:
"فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين ".
من اختلافات المسلمين فى عهد النبى (ص):
حدثت بين المسلمين فى عهد النبى (ص)خلافات ذكر القرآن منها التالى :
-أن فريقين من المسلمين أرادا أى هما بالفشل والمراد أن الطائفتين أرادت كل منهما قتال الأخرى ولكن لم يحدث قتال وكان هذا قبل مقابلة الكفار فى غزوة بدر وفى هذا قال تعالى بسورة آل عمران:
"إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا".
-أن المسلمين فى غزوة أحد بعد انتصارهم فى بداية المعركة فشلوا أى تنازعوا أى اختلفوا فى الأمر أى عصوا أمر الله ورسوله (ص)فكانت النتيجة هى أن الكفار قتلوا وجرحوا الكثير منهم وفى هذا قال بسورة آل عمران:
"ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه حتى إذا فشلتم وتنازعتم فى الأمر وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون ".
-أن بعض المسلمين كادت قلوبهم أن تزيغ عن الحق مخالفين بذلك الأمر بالغزو فى ساعة العسرة ولكنهم عادوا للحق فتاب الله عليهم وكان منهم ثلاثة تخلفوا مختلفين بتخلفهم عن باقى المسلمين القادرين ولكنهم تابوا بعد فترة فتاب الله عليهم وفى هذا قال تعالى بسورة التوبة:
"لقد تاب الله على النبى والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه فى ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم إنه بهم رءوف رحيم وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب الله عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم ".
الأصل هو الوحدة :
إن أصل الناس وهو قانون حياة البشر هو أن يكونوا أمة واحدة وهذا يعنى أن يكون كل الأفراد على دين واحد هو الإسلام ،لذا كان البشر فى أول عهدهم بالحياة فى الأرض أمة واحدة ليس بينهم خلاف وفى هذا قال تعالى بسورة البقرة:
"كان الناس أمة واحدة "
وبعد هذه الوحدة القصيرة زمنيا اختلف الناس فى الدين فأصبح لكل جماعة منهم دين يدينون به وكان السبب فى عدم قضاء أى حكم الله بين الناس فى الذى فيه يختلفون وهو الدين هو كلمة الله السابقة والمراد حكم الله الذى صدر من قبل وهو الحكم بين الناس يوم القيامة وليس فى الدنيا وفى هذا قال تعالى بسورة يونس:
"وما كان الناس إلا أمة واحدة فاختلفوا ولولا كلمة سبقت من ربك لقضى بينهم فيما هم فيه يختلفون ".
سبب الاختلاف المحرم :
هو البغى أى الظلم والمراد إرادة البشر للظلم أى إرادة كل جماعة أن تتميز على الجماعات الأخرى بحيث تكون هى صاحبة كل الإمتيازات والسلطات وفى هذا قال تعالى بسورة الشورى:
"وما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم "
وقال بسورة البقرة :
"وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم "
إذا فسبب نشوء أى دين ضال هو إرادة المنشئين أن يكون لهم الإمتيازات على الأخرين من بنى البشر .
الاختلاف سبب بعث الرسل (ص):
إن اختلاف البشر فى الدين – حيث لكل جماعة من جماعات البشر دين تدين به وكل هذه الأديان إنما هى أديان ضالة لم ينزل الله بها سلطانا – هو سبب إرسال الرسل فالرسول أى رسول من عند الله يأتى للحكم بين الناس فى كل ما اختلفوا فيه وطبعا هذا الحكم يكون بالحق والعدل الظاهر الذى لا شبهة فيه وفى هذا قال تعالى بسورة البقرة:
"كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه ".
الجماعة المسلمة وتكوينها من المختلفين :
إن الجماعة المؤمنة تتكون من الأفراد المختلفين فى الدين فى بداية بعث الرسول وهذه الجماعة المسلمة هداها أى أرشدها الله ويتمثل هذا الرشاد فى تسليمهم بالحق الذى أتى به الوحى الإلهى فيما اختلفوا فيه قبل بعث رسولهم وفى هذا قال تعالى بسورة البقرة:
"فهدى الله الذين أمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم ".
اختلاف الأمة الواحدة :
إن الأمة الواحدة تنقسم لأمم متعددة عن طريق واحد هو تقطيع الأمر أى تفصيل الدين زبرا والمراد جعل الدين الواحد عدة أديان وكل حزب أى جماعة من الأمة التى كانت واحدة فرح مؤمن بما لديه والمراد مؤمن بالدين الذى فصله لنفسه وفى هذا قال تعالى بسورة المؤمنون:
"وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون ".
الاختلاف الكونى :
الاختلاف الكونى على ضربين :
1- الاختلاف المحرم وهو ممنوع على الناس وكل من خيرهم الله بين الإسلام والكفر وفى تحريمه قال تعالى بسورة الروم:
"ولا تكونوا من المشركين من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا "
وقال بسورة آل عمران :
"واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا "
و"ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات "
2-الاختلاف المباح وقد جعل الله الاختلاف قانون سارى على المخلوقات فكل منها يختلف فى اللون أو الشكل أو الهيئة أو اللسان ومن الأدلة على هذا قوله تعالى بسورة الروم:
"ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن فى ذلك لآيات للعالمين "
وقال بسورة فاطر:
"ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه ".
لسنا من المختلفين فى شىء :
إن الذين فرقوا دينهم أى جعلوا دينهم عدة أديان لكل دين منها شيعة أى جماعة تدين بأحكام مختلفة ليسوا من المسلمين فى شىء أى ليسوا على دين الإسلام وقد نهانا الله عن الإشتراك معهم فى هذه الأديان الضالة فقال بسورة الروم:
"ولا تكونوا من المشركين من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون "
وقد كرر الله ذلك للنبى (ص)فبين له أن الذين تفرقوا فى الدين وأصبحوا شيعا ليس الرسول (ص)منهم فى شىء أى فى دين وإنما هو من المسلمين فى الدين الذى هو الإسلام وفى هذا قال تعالى بسورة الأنعام:
"إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم فى شىء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون ".
الاختلاف والتشيع :
أن النتيجة الدنيوية للاختلاف هى الفشل أى ذهاب الريح أى ضياع القوة أى الضعف والوهن وفى هذا قال تعالى بسورة الأنفال:
"ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم "
ويتمثل الفشل فى إنقسام الأمة الواحدة إلى شيع أى أمم أى فرق مختلفة كل منها يدعى أنه على الدين الحق الذى كان عليه الكل فى البداية وهذا الإنقسام لشيع يؤدى للحرب وهى البأس أى الأذى الذى تذيقه الفرق لبعضها وفى هذا قال تعالى بسورة الأنعام:
"قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض "
وبين إنقسام القوم لأحزاب أى فرق أى شيع كل حزب منهم فرح أى مصدق بما لديه وفى هذا قال تعالى بسورة الروم:
"ولا تكونوا من المشركين الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون ".
القرآن والاختلاف
القرآن هو حكم الله ولو كان حكم غير الله لكان الحادث هو وجود اختلاف كثير فيه والمراد وجود تناقضات عديدة فى نصوصه وهذه التناقضات تعنى وجود أخطاء ولكن لما كان القرآن حكم الله فقد خلا من الاختلاف إلا ما نص الله عليه من الناسخ والمنسوخ وفى هذا قال تعالى بسورة النساء:
"أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا".
النبأ المختلف فيه :
تساءل الناس عن النبأ العظيم وهو الحديث الكبير وهو القرآن الكريم وقد اختلف الناس فى الخبر لفرق كل منها يدعى حكم مناقض للوحى الإلهى وفى هذا قال تعالى بسورة النبأ:
"عم يتساءلون عن النبأ العظيم الذى هم فيه مختلفون ".
التفضيل :
الاختلاف المباح له اسم أخر هو التفضيل فكل واحد منا يفضل شىء على شىء أخر فى نفس الموضوع ومن أمثلة هذا :
-أن البعض يفضل أكل ثمار معينة بينما يفضل بعض أخر ثمار أخرى وفى هذا قال تعالى بسورة الرعد:
"وفى الأرض قطع متجاورات وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض فى الأكل ".
-أن البعض وهو ولى المطلقة عند الطلاق طلاق غير المدخول بها يأخذ نصف الفريضة بينما البعض الأخر يفضل العفو وهو ترك أخذ هذا النصف وفى هذا قال تعالى بسورة البقرة:
"وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفو الذى بيده عقدة النكاح وأن تعفوا أقرب للتقوى ولا تنسوا الفضل بينكم " .
-أن أولياء المقتول بعضهم يفضل القصاص من القاتل وبعضهم يفضل العفو عنه وفى هذا قال تعالى بسورة البقرة:
"يا أيها الذين أمنوا كتب عليكم القصاص فى القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفى له من أخيه شىء "
وكما قلنا سابقا تدخل كل موضوعات التفضيل فى دائرة حكم الشورى وهو الاشتراك فى الحكم فكل مسلم يحق له أن يكون له حكم خاص به فى مسائل التفضيل بين شيئين أو أكثر ويستوى فى الشورى الحر والعبد والذكر والأنثى وإن كانت الشورى على نوعين الأول الشورى العامة وتكون فى المسائل التى تخص الأمة أو الجماعات كالحى والبلدة والثانى الشورى الخاصة التى تخص الأفراد أو الأسرة كالزواج والفطام .