التوحيد
2008-08-03, 07:57 PM
مجموع الفتاوي
سئل شيخ الإسلام ابن تيميّة ـ رحمه اللّه ـ عن بنت الزنا: هل تزوج بأبيها؟
فأجاب:
الحمد للّه، مذهب الجمهور من العلماء أنه لا يجوز التزويج بها، وهو الصواب المقطوع به؛ حتى تنازع الجمهور: هل يقتل من فعل ذلك؟على قولين. والمنقول عن أحمد: أنه يقتل من فعل ذلك. فقد يقال: هذا إذا لم يكن متأولا. وأما المتأول فلا يقتل، وإن كان مخطئا. وقد يقال: هذا مطلقا، كما قاله الجمهور: إنه يجلد من شرب النبيذ المختلف فيه متأولا، وإن كان مع ذلك لا يفسق عند الشافعي وأحمد في إحدى الروايتين، وفسقه / مالك وأحمد في الرواية الأخري. والصحيح: أن المتأول المعذور لا يفسق، بل ولا يأثم. وأحمد لم يبلغه أن في هذه المسألة خلافا؛ فإن الخلاف فيها إنما ظهر في زمنه، لم يظهر في زمن السلف، فلهذا لم يعرفه.
والذين سوغوا نكاح البنت من الزنا، حجتهم في ذلك أن قالوا: ليست هذه بنتا في الشرع، بدليل أنهما لا يتوارثان، ولا يجب نفقتها، ولا يلي نكاحها، ولا تعتق عليه بالملك، ونحو ذلك من أحكام النسب، وإذا لم تكن بنتا في الشرع لم تدخل في آية التحريم، فتبقي داخلة في قوله: {وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ} (http://java************************************:openquran (3,24,24)) [النساء: 24].
وأما حجة الجمهور فهو أن يقال: قول اللّه تعالى: {حُرِّمَتْ عليكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ} (http://java************************************:openquran (3,23,23)) الآية [النساء: 23]، هو متناول لكل من شمله هذا اللفظ، سواء كان حقيقة أو مجازاً، وسواء ثبت في حقه التوارث وغيره من الأحكام، أم لم يثبت إلا التحريم خاصة، ليس العموم في آية التحريم كالعموم في آية الفرائض ونحوها؛ كقوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} (http://java************************************:openquran (3,11,11)) [النساء: 11] وبيان ذلك من ثلاثة أوجه:
أحدها: أن آية التحريم تتناول البنت وبنت الابن وبنت البنت، كما يتناول لفظ العمة ـ عمة الأب؛ والأم، والجد ـ وكذلك بنت الأخت، وبنت ابن الأخت، وبنت بنت الأخت، ومثل هذا العموم لا يثبت، لا في آية الفرائض، ولا نحوها من الآيات، والنصوص التي علق فيها الأحكام بالأنساب.
/الثاني: إن تحريم النكاح يثبت بمجرد الرضاعة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يحرم من الرضاعة ما يحرم من الولادة)، وفي لفظ: (ما يحرم من النسب) وهذا حديث متفق على صحته، وعمل الأئمة به: فقد حرم اللّه على المرأة أن تتزوج بطفل غذته من لبنها، أو أن تنكح أولاده، وحرم على أمهاتها وعماتها وخالتها، بل حرم على الطفلة المرتضعة من امرأة أن تتزوج بالفحل صاحب اللبن، وهو الذي وطئ المرأة حتى در اللبن بوطئه. فإذا كان يحرم على الرجل أن ينكح بنته من الرضاع، ولا يثبت في حقها شيء من أحكام النسب ـ سوي التحريم وما يتبعها من الحرمة ـ فكيف يباح له نكاح بنت خلقت من مائة؟ ! وأين المخلوقة من مائة من المتغذية بلبن در بوطئه؟ ! فهذا يبين التحريم من جهة عموم الخطاب، ومن جهة التنبيه والفحوي، وقياس الأولى.
الثالث: أن اللّه تعالى قال: {وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ} (http://java************************************:openquran (3,23,23)) [النساء: 23]، قال العلماء: احتراز عن ابنه الذي تبناه، كما قال: {لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا} (http://java************************************:openquran (32,37,37)) [الأحزاب: 37]، ومعلوم أنهم في الجاهلية كانوا يستلحقون ولد الزنا أعظم مما يستلحقون ولد المتبني، فإذا كان اللّه ـ تعالى ـ قيد ذلك بقوله: {مِنْ أَصْلاَبِكُمْ}، علم أن لفظ [البنات] ونحوها، يشمل كل من كان في لغتهم داخلا في الاسم.
وأما قول القائل: إنه لا يثبت في حقها الميراث، ونحوه. فجوابه أن النسب تتبعض أحكامه، فقد ثبت بعض أحكام النسب دون بعض، كما / وافق أكثر المنازعين في ولد الملاعنة على أنه يحرم على الملاعن ولا يرثه. واختلف العلماء في استلحاق ولد الزنا إذا لم يكن فراشا، على قولين. كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ألحق ابن وليدة زمعة بن الأسود بن زمعة ابن الأسود، وكان قد أحبلها عتبة بن أبي وقاص، فاختصم فيه سعد وعبد بن زمعة، فقال سعد: ابن أخي، عهد إلى أن ابن وليدة زمعة هذا ابني. فقال عبد: أخي وابن وليدة أبي، ولد على فراش أبي. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (هو لك ياعبد بن زمعة. الولد للفراش، وللعاهر الحجر، احتجبي منه ياسودة)؛ لما رأي من شبهه البين بعتبة، فجعله أخاها في الميراث دون الحرمة.
وقد تنازع العلماء في ولد الزنا: هل يعتق بالملك؟على قولين في مذهب أبي حنيفة وأحمد.
وهذه المسألة لها بسط لا تسعه هذه الورقة. ومثل هذه المسألة الضعيفة ليس لأحد أن يحكيها عن إمام من أئمة المسلمين؛ لا على وجه القدح فيه، ولا على وجه المتابعة له فيها، فإن في ذلك ضربًا من الطعن في الأئمة واتباع الأقوال الضعيفة، وبمثل ذلك صار وزير التتر يلقي الفتنة بين مذاهب أهل السنة حتى يدعوهم إلى الخروج عن السنة والجماعة، ويوقعهم في مذاهب الرافضة وأهل الإلحاد. والله أعلم.
----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
المرجع
مجموع الفتاوي
باب النكاح مجلد 32 ص 134 الكتاب اليكتروني(Word Doc)
وايضا الفتوى موجودة على الرابط
http://islamtoday.al-eman.com/feqh/viewchp.asp?BID=252&CID=599 (http://islamtoday.al-eman.com/feqh/viewchp.asp?BID=252&CID=599)
سئل شيخ الإسلام ابن تيميّة ـ رحمه اللّه ـ عن بنت الزنا: هل تزوج بأبيها؟
فأجاب:
الحمد للّه، مذهب الجمهور من العلماء أنه لا يجوز التزويج بها، وهو الصواب المقطوع به؛ حتى تنازع الجمهور: هل يقتل من فعل ذلك؟على قولين. والمنقول عن أحمد: أنه يقتل من فعل ذلك. فقد يقال: هذا إذا لم يكن متأولا. وأما المتأول فلا يقتل، وإن كان مخطئا. وقد يقال: هذا مطلقا، كما قاله الجمهور: إنه يجلد من شرب النبيذ المختلف فيه متأولا، وإن كان مع ذلك لا يفسق عند الشافعي وأحمد في إحدى الروايتين، وفسقه / مالك وأحمد في الرواية الأخري. والصحيح: أن المتأول المعذور لا يفسق، بل ولا يأثم. وأحمد لم يبلغه أن في هذه المسألة خلافا؛ فإن الخلاف فيها إنما ظهر في زمنه، لم يظهر في زمن السلف، فلهذا لم يعرفه.
والذين سوغوا نكاح البنت من الزنا، حجتهم في ذلك أن قالوا: ليست هذه بنتا في الشرع، بدليل أنهما لا يتوارثان، ولا يجب نفقتها، ولا يلي نكاحها، ولا تعتق عليه بالملك، ونحو ذلك من أحكام النسب، وإذا لم تكن بنتا في الشرع لم تدخل في آية التحريم، فتبقي داخلة في قوله: {وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ} (http://java************************************:openquran (3,24,24)) [النساء: 24].
وأما حجة الجمهور فهو أن يقال: قول اللّه تعالى: {حُرِّمَتْ عليكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ} (http://java************************************:openquran (3,23,23)) الآية [النساء: 23]، هو متناول لكل من شمله هذا اللفظ، سواء كان حقيقة أو مجازاً، وسواء ثبت في حقه التوارث وغيره من الأحكام، أم لم يثبت إلا التحريم خاصة، ليس العموم في آية التحريم كالعموم في آية الفرائض ونحوها؛ كقوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} (http://java************************************:openquran (3,11,11)) [النساء: 11] وبيان ذلك من ثلاثة أوجه:
أحدها: أن آية التحريم تتناول البنت وبنت الابن وبنت البنت، كما يتناول لفظ العمة ـ عمة الأب؛ والأم، والجد ـ وكذلك بنت الأخت، وبنت ابن الأخت، وبنت بنت الأخت، ومثل هذا العموم لا يثبت، لا في آية الفرائض، ولا نحوها من الآيات، والنصوص التي علق فيها الأحكام بالأنساب.
/الثاني: إن تحريم النكاح يثبت بمجرد الرضاعة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يحرم من الرضاعة ما يحرم من الولادة)، وفي لفظ: (ما يحرم من النسب) وهذا حديث متفق على صحته، وعمل الأئمة به: فقد حرم اللّه على المرأة أن تتزوج بطفل غذته من لبنها، أو أن تنكح أولاده، وحرم على أمهاتها وعماتها وخالتها، بل حرم على الطفلة المرتضعة من امرأة أن تتزوج بالفحل صاحب اللبن، وهو الذي وطئ المرأة حتى در اللبن بوطئه. فإذا كان يحرم على الرجل أن ينكح بنته من الرضاع، ولا يثبت في حقها شيء من أحكام النسب ـ سوي التحريم وما يتبعها من الحرمة ـ فكيف يباح له نكاح بنت خلقت من مائة؟ ! وأين المخلوقة من مائة من المتغذية بلبن در بوطئه؟ ! فهذا يبين التحريم من جهة عموم الخطاب، ومن جهة التنبيه والفحوي، وقياس الأولى.
الثالث: أن اللّه تعالى قال: {وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ} (http://java************************************:openquran (3,23,23)) [النساء: 23]، قال العلماء: احتراز عن ابنه الذي تبناه، كما قال: {لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا} (http://java************************************:openquran (32,37,37)) [الأحزاب: 37]، ومعلوم أنهم في الجاهلية كانوا يستلحقون ولد الزنا أعظم مما يستلحقون ولد المتبني، فإذا كان اللّه ـ تعالى ـ قيد ذلك بقوله: {مِنْ أَصْلاَبِكُمْ}، علم أن لفظ [البنات] ونحوها، يشمل كل من كان في لغتهم داخلا في الاسم.
وأما قول القائل: إنه لا يثبت في حقها الميراث، ونحوه. فجوابه أن النسب تتبعض أحكامه، فقد ثبت بعض أحكام النسب دون بعض، كما / وافق أكثر المنازعين في ولد الملاعنة على أنه يحرم على الملاعن ولا يرثه. واختلف العلماء في استلحاق ولد الزنا إذا لم يكن فراشا، على قولين. كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ألحق ابن وليدة زمعة بن الأسود بن زمعة ابن الأسود، وكان قد أحبلها عتبة بن أبي وقاص، فاختصم فيه سعد وعبد بن زمعة، فقال سعد: ابن أخي، عهد إلى أن ابن وليدة زمعة هذا ابني. فقال عبد: أخي وابن وليدة أبي، ولد على فراش أبي. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (هو لك ياعبد بن زمعة. الولد للفراش، وللعاهر الحجر، احتجبي منه ياسودة)؛ لما رأي من شبهه البين بعتبة، فجعله أخاها في الميراث دون الحرمة.
وقد تنازع العلماء في ولد الزنا: هل يعتق بالملك؟على قولين في مذهب أبي حنيفة وأحمد.
وهذه المسألة لها بسط لا تسعه هذه الورقة. ومثل هذه المسألة الضعيفة ليس لأحد أن يحكيها عن إمام من أئمة المسلمين؛ لا على وجه القدح فيه، ولا على وجه المتابعة له فيها، فإن في ذلك ضربًا من الطعن في الأئمة واتباع الأقوال الضعيفة، وبمثل ذلك صار وزير التتر يلقي الفتنة بين مذاهب أهل السنة حتى يدعوهم إلى الخروج عن السنة والجماعة، ويوقعهم في مذاهب الرافضة وأهل الإلحاد. والله أعلم.
----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
المرجع
مجموع الفتاوي
باب النكاح مجلد 32 ص 134 الكتاب اليكتروني(Word Doc)
وايضا الفتوى موجودة على الرابط
http://islamtoday.al-eman.com/feqh/viewchp.asp?BID=252&CID=599 (http://islamtoday.al-eman.com/feqh/viewchp.asp?BID=252&CID=599)