قاصِف
2011-10-13, 05:19 PM
دكتور محمد على يوسف يكتب: وعدها الله الذين كفروا يا أستاذ بلال
http://elmokhalestv.com/upload/belal.jpg
http://elmokhalestv.com/upload/bilal.jpg
لم أكن أتمنى يوما أن أضطر للرد على الكاتب الصحفى الأستاذ بلال فضل
و لم أكن أتصور يوما أن يصل الخلاف معه إلى هذه المنطقة شديدة الحساسية و الخطورة و التى تباين تماما الوجوه الأخرى التى نختلف فيها معه
لماذا ؟
لأن للأستاذ بلال فضل الكثير مما أحترمه و أقدره من الصفات و المواقف
أختلف معه نعم لكننى أحترمه
أحترم شجاعته
أحترم صدعه بما يعتقده الأصلح لبلاده حتى فى وجوه أصدقائه و مريديه
أحترم نضاله و صموده فى وجه النظام السابق
أحترم ثقافته و اطلاعه الواسع الذى أجزم أنه أضعاف أضعاف الكثير ممن يسمون أنفسهم بالنخبة المثقفة و يصدعون رؤوسنا ليل نهار بركيك الكلام و سطحية الرؤى
أحترم آراءه السياسية فى كثير من الأحيان و أستشف فيها حبا صادقا و حرصا على هذا البلد
أحترم تجرده فى كثير من القضايا و إبرازه رأى من يخالفه أيديولوجيا كما فعل أكثر من مرة مع الإخوان و السلفيين
و أحترم كذلك دفاعه عن المظلوم حتى لو كان ذلك تغريدا خارج السرب النخبوى و حتى لو كانت السياسة العامة لقناته أو جريدته النيل ممن يدافع عنهم
أحترمه حين يتكلم عن النبى صلى الله عليه و سلم أو يكتب عنه كلمات أحسبها خرجت من قلب محب غير متكلف و لا مفتعل و الله حسيبه
و أختلف معه
أختلف معه فى كثير من النقاط و التصورات و الأفعال
بل و أرفض بالكلية المهنة الأخرى التى يتكسب منها عيشه و هى كتابة السيناريو و الحوار و تأليف أفلام و مسلسلات يوصف كثير منها بالتفاهة و الإسفاف أحيانا
أختلف معه فى طريقة تناوله للنصوص القرآنية و النبوية و اعتماده الأوحد فى كثير من الأحيان على فهمه لها دون ضوابط و أصول كافية للاستنباطات الجريئة _ و الشاذة أحيانا _ التى يصل إليها
لكن العجيب أن خلافى معه كان ممزوجا دائما بهذا الإحترام و الإعجاب بكثير من الرؤى و الأطروحات و المواقف التى كانت تجعلنى دائما أغض الطرف عن الكثير من المشاكل التى تحويها كتابات الأستاذ بلال و خصوصا فى الجوانب الشرعية
قد يكون ذلك نوع من أنواع الهوى أستغفر الله منه لكنه أمر أعترف به و أظن أنه آن له أن يتوقف .
آن له أن يتوقف بعد أن تخلى الأستاذ بلال عن موضوعيته التى عهدتها فى الكثير من كتاباته و خاض مع من خاضوا فى بحر لجى و تكلموا فى أمر هو الأخطر على الإطلاق فى حياة المسلم
أمر العقيدة ..
بدأ الأمر متدرجا بمقالين متتابعين للأستاذ بلال أظن أنه كتبهما متأثرا بالقضية التى صارت بفعل فاعل قضية الساعة و هى قضية كفر النصارى
لكن الأمر تطور مع الأستاذ بلال إلى ما هو أعجب
لقد امتد إلى غير المسلمين مطلقا .
نعم ..
غير المسلمين بعمومهم بما يشمل الكتابى و الوثنى و الملحد أو هكذا بدا من تعميمه
لقد بدأ المقالين بعنوان صادم و هو " المرحوم ستيف جوبز "
و ستيف جوبز هو مؤسس شركة أبل ماكنتوش العالمية و الذى توفى حديثا
و المعلوم أن ستيف جوبز مات على البوذية و ليس حتى على ملة أهل الكتاب لنقول أن هنالك شبهة ( و هى شبهة حديثة لم يكن المتقدمون يعدونها إلا مخالفة لما علم من الدين بالضرورة و هو كفر اليهود و النصارى المنصوص عليه فى القرآن )
لكن قلنا لعله لم يعلم بموضوع البوذية و دفعه تأثره بالنجاح الدنيوى المبهر الذى ناله ستيف إلى الترحم عليه ناسيا أو متناسيا قول الله " مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ والّذينَ آمَنُوا أنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلمُشْرِكِينَ ولو كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهم أنَّهم أصْحَابُ الجَحِيمِ وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأوَّاهٌ حَلِيمٌ " و متجاهلا أن الله لا يغفر أن يشرك به و يغفر ما دون ذلك لمن يشاء كما قال هو عن نفسه فى غير آية
نقب الأستاذ بلال فى بطون الكتب التى أعرف جيدا أن لديه الكثير منها و لديه أهم من ذلك القدرة على مطالعتها و البحث فيها عما يوافق وجهة نظره ثم خرج إلينا فى المقال بنقول عن بعض السادة العلماء و المشايخ توافق ما ذهب إليه أو هكذا تصور
فأورد كلاما للشيخ محمد رشيد رضا و الشيخ محمد عبده و الشيخ محمد عبد الله دراز نقلا عن كتاب للكاتب الصحفى الأستاذ فهمى هويدى
و لقد أجاد الكاتب الأستاذ خالد المرسى بالمصريون تفنيد هذه النقول و إثبات أنها حملت على غير محملها ممن أوردها فى مقال بعنوان " إياك و علماءنا يا أستاذ بلال و هذا رابطه
http://almesryoon.com/news.aspx?id=81848
و أضيف عليه من نقل واضح أورده الأستاذ بلال عن الشيخ محمد رشيد ضا رحمه الله بيد أنه لم يلحظ كلمة محورية ذكرها الشيخ رشيد شرطا لدخول الجنة و هى كلمة " وهو متلبس بالإيمان " و الجملة بتمامها «أى أن كل من يعمل ما يستطيع عمله من الصالحات، وهو متلبس بالإيمان مطمئن به، فأولئك العاملون المؤمنون بالله واليوم الآخر يدخلون الجنة بزكاء أنفسهم وطهارة أرواحهم».
فالشيخ رشيد بين أن شرط الإيمان لا يمكن التنازل عنه لدخول الجنة فلا أدرى كيف يصلح مثل هذا النقل لتأصيل للعقيدة التى يدعو إليها الأستاذ بلال |
و كذا باقى النقول التى فند أغلبها الأستاذ خالد مرسى جزاه الله خير
و العلماء حتى و إن نصوا على هذا كما توهم الكاتب فنا يكون هذا فى عشرات غيرهم أحمعوا إحماعا قطعيا على بطلان ذلك و ما دام الأمر بالنقول فإليك يا أستاذ بلال نقولا من أئمة أعظم و أعلم ممن ذكرت
نص علماء المذاهب بما قضت به هذه النصوص ، وإليك أقوالهم :
قال القرطبي المالكي رحمه الله : "فطلب الغفران للمشرك مما لا يجوز".
وقال ابن قدامة الحنبلي رحمه الله :" وأما أهل الحرب فلا يُصلى عليهم ؛ لأنهم كفار ، ولا يَقبل فيهم شفاعة ، ولا يُستجاب فيهم دعاء ، وقد نهينا عن الاستغفار لهم ، وقال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم :} ولا تصل على أحد منهم مات أبداً ولا تقم على قبره{ ، وقال :} إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم{ ".
وقال السرخسي الحنفي :" وإذا وُجد ميتٌ لا يُدرى أمسلم هو أم كافر ؛ فإن كان في قرية من قرى أهل الإسلام فالظاهر أنه مسلم فيغسل ويصلى عليه ، وإن كان في قرية من قرى أهل الشرك فالظاهر أنه منهم فلا يُصلى عليه إلا أن يكون عليه سيما المسلمين "
وقال النووي الشافعي :" ولا تجوز الصلاة على كافر حربياً كان أو ذمياً "
و لولا أن يطول المقام لأوردت مئات الأقوال لأئمة أهل العلم من السلف و الخلف تدحض مزاعم بلال لكنها كلها لا تعدل كلام الله الذى نهى بتصريح فى غير موضع عن الاستغفار لمن مات على الشرك
كقوله تعالى :} مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ 113 وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأوَّاهٌ حَلِيمٌ {
قال ابن حجر رحمه الله :" قوله } ما كان للنبي ...{ : خبر بمعنى النهي"
ومن الأدلة القرآنية قوله تعالى :} اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ {.
فهي ظاهرة الدلالة على عدم جواز الاستغفار للكفار .
قال الإمام الطبري[7] :" ويروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه حين نزلت هذه الآية قال : لأزيدن في الاستغفار لهم على سبعين مرة ؛ رجاءً منه أن يغفر الله لهم ، فنزلت } سَوَاء عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ{ ".
ومن الآيات قوله تعالى :} وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَىَ قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُواْ وَهُمْ فَاسِقُونَ{
عن ابن عمر رضي الله عنهما أن عبد الله بن أبي لما توفي جاء ابنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله أعطني قميصك أكفنه فيه ، وصلِّ عليه ، واستغفر له . فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم قميصه ، فقال : ((آذني أصلي عليه )) ، فآذنه ، فلما أراد أن يصلي عليه جذبه عمر رضي الله عنه فقال : أليس الله نهاك أن تصلي على المنافقين ؟ فقال :((أنا بين خيرتين . قال :}استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم{))، فصلى عليه فنزلت :}ولا تصل على أحد منهم مات أبداً{ . أخرجه الشيخان
هذا بالنسبة للمقالين و و كنت سأكتفى برد الأستاذ خالد مرسى مع تعليق بسيط لولا أن تطور الأمر إلى مرحلة أشد خطورة و أصرح مما فى المقالين السابقين لدرجة لم تعد تحتمل التأول أو محاولة حمل الكلام على الغفلة أو النسيان
لقد صرح الأستاذ بلال بعد منتصف ليل الأربعاء الثانى عشر من أكتوبر على حسابه على تويتر بتصريحات فى منتهى الشطط لا أظن أحدا من أهل العلم سلفا أو خلف سبقه إليها بل لا أبالغ إن قلت من أهل الفهم البسيط لدين الله عز و جل
لقد حطم الأستاذ بلال ثوابت و أصول يكاد يكون جل القرآن دليلا عليها و مرسخا لها .
لقد تعدى الأستاذ على قضية الإيمان و الكفر من الأساس فزعم أنه حتى البوذى الوثنى أو الهندوسى عابد البقر لا يوجد ما يمنع من دخوله الجنة و أننا لا يحق لنا أن نقول أن أصحاب الديانات الأخرى سماوية كانت أو أرضية هم من أهل النار
مخالفا بذلك صريح القرآن و آتيا بمعايير عجيبة لدخول الناس الجنة أو النار مبناها فى الأساس على النجاح و التقدم الدنيوى .
و يدور كلامه حول شبهات ثلاث نرد عليها بحول الله و قوته
الأولى :
أن دخول جميع غير المسلمين يتنافى مع حكمة الله و عدله و هذا يظهر فى قوله نصا " من هو الأبله الذي يتصور أن الله خلق مليارات البشر لكي يلعبوا دور الكومبارس في تمثيلية مشهد النهاية فيها أن يدخل المسلمون فقط إلى الجنة
كيف تصدق أن الله عادل وأنت تؤمن أنه سيدخل إلى النار شخصا آمن به على طريقته ونفع الناس ولم يؤذ أحدا وعمل الصالحات كيف يكون هذا عدلا
و الثانية :أن دخولهم النار يتنافى مع رحمة الله التى وسعت كل شىء و هذا يظهر فى قوله " لما إنت ضامن إنك هتخش الجنة بتتعصب ليه لما تلاقي حد عايز كل البشر يخشوها خليك في ضمانك وسيبنا في ضلالاتنا يا أخي إحنا بنراهن على رحمة ربنا
كيف أؤمن برحمة الله وأنا أكره مجرد الإقرار أن رحمته يمكن أن تسع جميع الذين عملوا صالحا وأن جنته يمكن أن تسع كل الصالحين والمحسنين
نعم أؤمن أن الدين عند الله الإسلام وأنه هو الحق المبين لكني أؤمن بالقرآن الذي قال لنا أن الله سيشمل برحمته كل من أحسن وعمل صالحا "
و الثالثة :شبهة المعيار لدخول الجنة و قصره على النجاح و التقدم الدنيوى و هو ما يظهر فى قوله " نحن الأمة التي تحملت الظلم والإستبداد وتعايشت مع الفساد والزيف ولم تقدم للعالم شيئا يذكر منذ قرون ومع ذلك سندخل الجنة ويدخل غيرنا النار
هل كنت أمينا على استخلافك في الأرض؟ لا هل عشت حرا كريما؟ لا هل قدمت شيئا للبشرية؟ لاهل عشت عالة على غيرك من الأمم؟ نعم لماذا تستحق الجنة إذا
يجلس المتعصب على شاشة كمبيوتر اخترعه مسيحي وجمعه بوذي وصمم برامجه يهودي ونفذها هندوسي ليكتب أنه وحده سيدخل الجنة والباقون في النار
إذا كان هناك من يستحق النار حقا فهم الذين كانوا أسوأ حملة لأعظم دين ونفروا الناس من دينهم بالتعصب والكراهية وكانوا نموذجا للفشل في الدنيا
و لنأت لشبهة شبهة مما ساقها الأستاذ الكاتب
أولا : شبهة العدل و الحكمة :
لا شك أن الأصل هو اليقين فى أن الله هو الحكم العدل و ما من مسلم إلا و من المفترض أنه يؤمن إيمانا جازما أن الله لا يظلم مثقال ذرة وأنه لا يظلم ربك أحدا
هذا الأصل يطمئن المؤمن إلى أفعال الله حتى و إن لم يبلغ بعلمه القاصر إدراك حكمتها لكنه الأمر المحكم الذى لا يشك فيه من تشرب قلبه حلاوة الإيمان و قد أصل النبى صلى الله عليه و سلم لذلك اليقين بقوله " لو أن الله عذب أهل سماواته وأهل أرضه ، لعذبهم وهو غير ظالم لهم " الحديث صححه الالباني رحمه الله في مشكاة المصابيح وصحيح ابن ماجة
وقد رواه الامام أحمد وابن حبان وقال عنه شعيب الأرنؤوط (اسناد قوي)
ورواه الطبراني في الكبير والبيهقي في سننه وغيرهم
و لهذا فالمسلم يعتقد أنه ما من شىء يا سيد بلال إلا بحكمة و لحكمة " و كل شىء خلقناه بقدر " " حكمة بالغة فما تغن النذر "
فلا يتصور طبعا أن هناك " كومبارس " فى هذه الدنيا كما يقول الأستاذ بل الكل يتعرض للأدلة و الحجج التى تميل إليها فطرته و يقبلها عقله لو تدبرها كل بقدره و هناك من يتلقى تلك الحجج و البراهين بالترحاب و يذعن إليها و هناك من يصد عنها و يرفضها و يعرض " و إن يروا آية يعرضوا و يقولوا سحر مستمر "
و إذا ما افترضنا أن هناك من لم تبلغه تلك الحجة و هذا افتراض جدلى أو حتى بلغه خبر الإسلام بطريقة مغلوطة و منفرة فإنا نطمئن لعدل الله معهم و معاملتهم معاملة أهل الفترة لكن مع هذا يثبت له لفظ الكفر فى الدنيا كاصطلاح
أخرج الإمام أحمد بن حنبل في " مسنده " والبيهقي في كتاب " الاعتقاد " ـ وصححه ـ عن الأسود بن سريع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أربعة يمتحنون يوم القيامة : رجل أصم لا يسمع شيئًا ، ورجل أحمق ، ورجل هرِم ، ورجل مات في فترة ، فأما الأصم فيقول : رب لقد جاء الإسلام وما أسمع شيئًا ، وأما الأحمق فيقول : رب لقد جاء الإسلام والصبيان يقذفوني بالبعر ، وأما الهرِم فيقول : رب لقد جاء الإسلام وما أعقل شيئًا ، وأما الذي مات في الفترة فيقول : رب ما أتاني لك رسول ، فيأخذ مواثيقهم ليطيعونه ، فيرسل إليهم أن ادخلوا النار ، فمن دخلها كانت عليه برداً وسلاماً ، ومن لم يدخلها يسحب إليها )
فمن لم تبلغه الدعوة لا يكون من أهل النار بإطلاق على الصحيح من أقوال أهل العلم؛ استدلالاً بقوله تعالى: (وما كنّا معذّبين حتّى نبعث رسولاً)، وقوله: (رُسُلا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ)، فكأنّه يكون للناس حجّة قبل الرسل، ومن يُبلّغ الدعوة يقوم مقام الرسل، وذلك لانقطاع الرسل بعد النبيّ الخاتم صلّى الله عليه وآله وسلّم، وفي هذا المعنى يقول النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلم في المتّفق عليه: (ولا أحد أحبّ إليه العذر من الله، ومن أجل ذلك بعث المبشرين والمنذرين، ولا أحد أحبّ إليه الْمِدْحة من الله، ومن أجل ذلك وَعَدَ الله الجنة).
لكن لا يتصور أبدا أن تصل الحجة لإنسان يا سيد بلال كما هو الأصل مع عدل الله ثم نقول أنه بعد رفضها و جحودها من الممكن أن يدخل الجنة !
إن هذا هو عين الظلم إن تصورنا وقوعه و حاشا لله " أفنجعل المسلمين كالمجرمين مالكم كيف تحكمون "
http://elmokhalestv.com/upload/bilalfadl.pdf
http://elmokhalestv.com/upload/belal.jpg
http://elmokhalestv.com/upload/bilal.jpg
لم أكن أتمنى يوما أن أضطر للرد على الكاتب الصحفى الأستاذ بلال فضل
و لم أكن أتصور يوما أن يصل الخلاف معه إلى هذه المنطقة شديدة الحساسية و الخطورة و التى تباين تماما الوجوه الأخرى التى نختلف فيها معه
لماذا ؟
لأن للأستاذ بلال فضل الكثير مما أحترمه و أقدره من الصفات و المواقف
أختلف معه نعم لكننى أحترمه
أحترم شجاعته
أحترم صدعه بما يعتقده الأصلح لبلاده حتى فى وجوه أصدقائه و مريديه
أحترم نضاله و صموده فى وجه النظام السابق
أحترم ثقافته و اطلاعه الواسع الذى أجزم أنه أضعاف أضعاف الكثير ممن يسمون أنفسهم بالنخبة المثقفة و يصدعون رؤوسنا ليل نهار بركيك الكلام و سطحية الرؤى
أحترم آراءه السياسية فى كثير من الأحيان و أستشف فيها حبا صادقا و حرصا على هذا البلد
أحترم تجرده فى كثير من القضايا و إبرازه رأى من يخالفه أيديولوجيا كما فعل أكثر من مرة مع الإخوان و السلفيين
و أحترم كذلك دفاعه عن المظلوم حتى لو كان ذلك تغريدا خارج السرب النخبوى و حتى لو كانت السياسة العامة لقناته أو جريدته النيل ممن يدافع عنهم
أحترمه حين يتكلم عن النبى صلى الله عليه و سلم أو يكتب عنه كلمات أحسبها خرجت من قلب محب غير متكلف و لا مفتعل و الله حسيبه
و أختلف معه
أختلف معه فى كثير من النقاط و التصورات و الأفعال
بل و أرفض بالكلية المهنة الأخرى التى يتكسب منها عيشه و هى كتابة السيناريو و الحوار و تأليف أفلام و مسلسلات يوصف كثير منها بالتفاهة و الإسفاف أحيانا
أختلف معه فى طريقة تناوله للنصوص القرآنية و النبوية و اعتماده الأوحد فى كثير من الأحيان على فهمه لها دون ضوابط و أصول كافية للاستنباطات الجريئة _ و الشاذة أحيانا _ التى يصل إليها
لكن العجيب أن خلافى معه كان ممزوجا دائما بهذا الإحترام و الإعجاب بكثير من الرؤى و الأطروحات و المواقف التى كانت تجعلنى دائما أغض الطرف عن الكثير من المشاكل التى تحويها كتابات الأستاذ بلال و خصوصا فى الجوانب الشرعية
قد يكون ذلك نوع من أنواع الهوى أستغفر الله منه لكنه أمر أعترف به و أظن أنه آن له أن يتوقف .
آن له أن يتوقف بعد أن تخلى الأستاذ بلال عن موضوعيته التى عهدتها فى الكثير من كتاباته و خاض مع من خاضوا فى بحر لجى و تكلموا فى أمر هو الأخطر على الإطلاق فى حياة المسلم
أمر العقيدة ..
بدأ الأمر متدرجا بمقالين متتابعين للأستاذ بلال أظن أنه كتبهما متأثرا بالقضية التى صارت بفعل فاعل قضية الساعة و هى قضية كفر النصارى
لكن الأمر تطور مع الأستاذ بلال إلى ما هو أعجب
لقد امتد إلى غير المسلمين مطلقا .
نعم ..
غير المسلمين بعمومهم بما يشمل الكتابى و الوثنى و الملحد أو هكذا بدا من تعميمه
لقد بدأ المقالين بعنوان صادم و هو " المرحوم ستيف جوبز "
و ستيف جوبز هو مؤسس شركة أبل ماكنتوش العالمية و الذى توفى حديثا
و المعلوم أن ستيف جوبز مات على البوذية و ليس حتى على ملة أهل الكتاب لنقول أن هنالك شبهة ( و هى شبهة حديثة لم يكن المتقدمون يعدونها إلا مخالفة لما علم من الدين بالضرورة و هو كفر اليهود و النصارى المنصوص عليه فى القرآن )
لكن قلنا لعله لم يعلم بموضوع البوذية و دفعه تأثره بالنجاح الدنيوى المبهر الذى ناله ستيف إلى الترحم عليه ناسيا أو متناسيا قول الله " مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ والّذينَ آمَنُوا أنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلمُشْرِكِينَ ولو كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهم أنَّهم أصْحَابُ الجَحِيمِ وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأوَّاهٌ حَلِيمٌ " و متجاهلا أن الله لا يغفر أن يشرك به و يغفر ما دون ذلك لمن يشاء كما قال هو عن نفسه فى غير آية
نقب الأستاذ بلال فى بطون الكتب التى أعرف جيدا أن لديه الكثير منها و لديه أهم من ذلك القدرة على مطالعتها و البحث فيها عما يوافق وجهة نظره ثم خرج إلينا فى المقال بنقول عن بعض السادة العلماء و المشايخ توافق ما ذهب إليه أو هكذا تصور
فأورد كلاما للشيخ محمد رشيد رضا و الشيخ محمد عبده و الشيخ محمد عبد الله دراز نقلا عن كتاب للكاتب الصحفى الأستاذ فهمى هويدى
و لقد أجاد الكاتب الأستاذ خالد المرسى بالمصريون تفنيد هذه النقول و إثبات أنها حملت على غير محملها ممن أوردها فى مقال بعنوان " إياك و علماءنا يا أستاذ بلال و هذا رابطه
http://almesryoon.com/news.aspx?id=81848
و أضيف عليه من نقل واضح أورده الأستاذ بلال عن الشيخ محمد رشيد ضا رحمه الله بيد أنه لم يلحظ كلمة محورية ذكرها الشيخ رشيد شرطا لدخول الجنة و هى كلمة " وهو متلبس بالإيمان " و الجملة بتمامها «أى أن كل من يعمل ما يستطيع عمله من الصالحات، وهو متلبس بالإيمان مطمئن به، فأولئك العاملون المؤمنون بالله واليوم الآخر يدخلون الجنة بزكاء أنفسهم وطهارة أرواحهم».
فالشيخ رشيد بين أن شرط الإيمان لا يمكن التنازل عنه لدخول الجنة فلا أدرى كيف يصلح مثل هذا النقل لتأصيل للعقيدة التى يدعو إليها الأستاذ بلال |
و كذا باقى النقول التى فند أغلبها الأستاذ خالد مرسى جزاه الله خير
و العلماء حتى و إن نصوا على هذا كما توهم الكاتب فنا يكون هذا فى عشرات غيرهم أحمعوا إحماعا قطعيا على بطلان ذلك و ما دام الأمر بالنقول فإليك يا أستاذ بلال نقولا من أئمة أعظم و أعلم ممن ذكرت
نص علماء المذاهب بما قضت به هذه النصوص ، وإليك أقوالهم :
قال القرطبي المالكي رحمه الله : "فطلب الغفران للمشرك مما لا يجوز".
وقال ابن قدامة الحنبلي رحمه الله :" وأما أهل الحرب فلا يُصلى عليهم ؛ لأنهم كفار ، ولا يَقبل فيهم شفاعة ، ولا يُستجاب فيهم دعاء ، وقد نهينا عن الاستغفار لهم ، وقال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم :} ولا تصل على أحد منهم مات أبداً ولا تقم على قبره{ ، وقال :} إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم{ ".
وقال السرخسي الحنفي :" وإذا وُجد ميتٌ لا يُدرى أمسلم هو أم كافر ؛ فإن كان في قرية من قرى أهل الإسلام فالظاهر أنه مسلم فيغسل ويصلى عليه ، وإن كان في قرية من قرى أهل الشرك فالظاهر أنه منهم فلا يُصلى عليه إلا أن يكون عليه سيما المسلمين "
وقال النووي الشافعي :" ولا تجوز الصلاة على كافر حربياً كان أو ذمياً "
و لولا أن يطول المقام لأوردت مئات الأقوال لأئمة أهل العلم من السلف و الخلف تدحض مزاعم بلال لكنها كلها لا تعدل كلام الله الذى نهى بتصريح فى غير موضع عن الاستغفار لمن مات على الشرك
كقوله تعالى :} مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ 113 وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأوَّاهٌ حَلِيمٌ {
قال ابن حجر رحمه الله :" قوله } ما كان للنبي ...{ : خبر بمعنى النهي"
ومن الأدلة القرآنية قوله تعالى :} اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ {.
فهي ظاهرة الدلالة على عدم جواز الاستغفار للكفار .
قال الإمام الطبري[7] :" ويروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه حين نزلت هذه الآية قال : لأزيدن في الاستغفار لهم على سبعين مرة ؛ رجاءً منه أن يغفر الله لهم ، فنزلت } سَوَاء عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ{ ".
ومن الآيات قوله تعالى :} وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَىَ قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُواْ وَهُمْ فَاسِقُونَ{
عن ابن عمر رضي الله عنهما أن عبد الله بن أبي لما توفي جاء ابنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله أعطني قميصك أكفنه فيه ، وصلِّ عليه ، واستغفر له . فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم قميصه ، فقال : ((آذني أصلي عليه )) ، فآذنه ، فلما أراد أن يصلي عليه جذبه عمر رضي الله عنه فقال : أليس الله نهاك أن تصلي على المنافقين ؟ فقال :((أنا بين خيرتين . قال :}استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم{))، فصلى عليه فنزلت :}ولا تصل على أحد منهم مات أبداً{ . أخرجه الشيخان
هذا بالنسبة للمقالين و و كنت سأكتفى برد الأستاذ خالد مرسى مع تعليق بسيط لولا أن تطور الأمر إلى مرحلة أشد خطورة و أصرح مما فى المقالين السابقين لدرجة لم تعد تحتمل التأول أو محاولة حمل الكلام على الغفلة أو النسيان
لقد صرح الأستاذ بلال بعد منتصف ليل الأربعاء الثانى عشر من أكتوبر على حسابه على تويتر بتصريحات فى منتهى الشطط لا أظن أحدا من أهل العلم سلفا أو خلف سبقه إليها بل لا أبالغ إن قلت من أهل الفهم البسيط لدين الله عز و جل
لقد حطم الأستاذ بلال ثوابت و أصول يكاد يكون جل القرآن دليلا عليها و مرسخا لها .
لقد تعدى الأستاذ على قضية الإيمان و الكفر من الأساس فزعم أنه حتى البوذى الوثنى أو الهندوسى عابد البقر لا يوجد ما يمنع من دخوله الجنة و أننا لا يحق لنا أن نقول أن أصحاب الديانات الأخرى سماوية كانت أو أرضية هم من أهل النار
مخالفا بذلك صريح القرآن و آتيا بمعايير عجيبة لدخول الناس الجنة أو النار مبناها فى الأساس على النجاح و التقدم الدنيوى .
و يدور كلامه حول شبهات ثلاث نرد عليها بحول الله و قوته
الأولى :
أن دخول جميع غير المسلمين يتنافى مع حكمة الله و عدله و هذا يظهر فى قوله نصا " من هو الأبله الذي يتصور أن الله خلق مليارات البشر لكي يلعبوا دور الكومبارس في تمثيلية مشهد النهاية فيها أن يدخل المسلمون فقط إلى الجنة
كيف تصدق أن الله عادل وأنت تؤمن أنه سيدخل إلى النار شخصا آمن به على طريقته ونفع الناس ولم يؤذ أحدا وعمل الصالحات كيف يكون هذا عدلا
و الثانية :أن دخولهم النار يتنافى مع رحمة الله التى وسعت كل شىء و هذا يظهر فى قوله " لما إنت ضامن إنك هتخش الجنة بتتعصب ليه لما تلاقي حد عايز كل البشر يخشوها خليك في ضمانك وسيبنا في ضلالاتنا يا أخي إحنا بنراهن على رحمة ربنا
كيف أؤمن برحمة الله وأنا أكره مجرد الإقرار أن رحمته يمكن أن تسع جميع الذين عملوا صالحا وأن جنته يمكن أن تسع كل الصالحين والمحسنين
نعم أؤمن أن الدين عند الله الإسلام وأنه هو الحق المبين لكني أؤمن بالقرآن الذي قال لنا أن الله سيشمل برحمته كل من أحسن وعمل صالحا "
و الثالثة :شبهة المعيار لدخول الجنة و قصره على النجاح و التقدم الدنيوى و هو ما يظهر فى قوله " نحن الأمة التي تحملت الظلم والإستبداد وتعايشت مع الفساد والزيف ولم تقدم للعالم شيئا يذكر منذ قرون ومع ذلك سندخل الجنة ويدخل غيرنا النار
هل كنت أمينا على استخلافك في الأرض؟ لا هل عشت حرا كريما؟ لا هل قدمت شيئا للبشرية؟ لاهل عشت عالة على غيرك من الأمم؟ نعم لماذا تستحق الجنة إذا
يجلس المتعصب على شاشة كمبيوتر اخترعه مسيحي وجمعه بوذي وصمم برامجه يهودي ونفذها هندوسي ليكتب أنه وحده سيدخل الجنة والباقون في النار
إذا كان هناك من يستحق النار حقا فهم الذين كانوا أسوأ حملة لأعظم دين ونفروا الناس من دينهم بالتعصب والكراهية وكانوا نموذجا للفشل في الدنيا
و لنأت لشبهة شبهة مما ساقها الأستاذ الكاتب
أولا : شبهة العدل و الحكمة :
لا شك أن الأصل هو اليقين فى أن الله هو الحكم العدل و ما من مسلم إلا و من المفترض أنه يؤمن إيمانا جازما أن الله لا يظلم مثقال ذرة وأنه لا يظلم ربك أحدا
هذا الأصل يطمئن المؤمن إلى أفعال الله حتى و إن لم يبلغ بعلمه القاصر إدراك حكمتها لكنه الأمر المحكم الذى لا يشك فيه من تشرب قلبه حلاوة الإيمان و قد أصل النبى صلى الله عليه و سلم لذلك اليقين بقوله " لو أن الله عذب أهل سماواته وأهل أرضه ، لعذبهم وهو غير ظالم لهم " الحديث صححه الالباني رحمه الله في مشكاة المصابيح وصحيح ابن ماجة
وقد رواه الامام أحمد وابن حبان وقال عنه شعيب الأرنؤوط (اسناد قوي)
ورواه الطبراني في الكبير والبيهقي في سننه وغيرهم
و لهذا فالمسلم يعتقد أنه ما من شىء يا سيد بلال إلا بحكمة و لحكمة " و كل شىء خلقناه بقدر " " حكمة بالغة فما تغن النذر "
فلا يتصور طبعا أن هناك " كومبارس " فى هذه الدنيا كما يقول الأستاذ بل الكل يتعرض للأدلة و الحجج التى تميل إليها فطرته و يقبلها عقله لو تدبرها كل بقدره و هناك من يتلقى تلك الحجج و البراهين بالترحاب و يذعن إليها و هناك من يصد عنها و يرفضها و يعرض " و إن يروا آية يعرضوا و يقولوا سحر مستمر "
و إذا ما افترضنا أن هناك من لم تبلغه تلك الحجة و هذا افتراض جدلى أو حتى بلغه خبر الإسلام بطريقة مغلوطة و منفرة فإنا نطمئن لعدل الله معهم و معاملتهم معاملة أهل الفترة لكن مع هذا يثبت له لفظ الكفر فى الدنيا كاصطلاح
أخرج الإمام أحمد بن حنبل في " مسنده " والبيهقي في كتاب " الاعتقاد " ـ وصححه ـ عن الأسود بن سريع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أربعة يمتحنون يوم القيامة : رجل أصم لا يسمع شيئًا ، ورجل أحمق ، ورجل هرِم ، ورجل مات في فترة ، فأما الأصم فيقول : رب لقد جاء الإسلام وما أسمع شيئًا ، وأما الأحمق فيقول : رب لقد جاء الإسلام والصبيان يقذفوني بالبعر ، وأما الهرِم فيقول : رب لقد جاء الإسلام وما أعقل شيئًا ، وأما الذي مات في الفترة فيقول : رب ما أتاني لك رسول ، فيأخذ مواثيقهم ليطيعونه ، فيرسل إليهم أن ادخلوا النار ، فمن دخلها كانت عليه برداً وسلاماً ، ومن لم يدخلها يسحب إليها )
فمن لم تبلغه الدعوة لا يكون من أهل النار بإطلاق على الصحيح من أقوال أهل العلم؛ استدلالاً بقوله تعالى: (وما كنّا معذّبين حتّى نبعث رسولاً)، وقوله: (رُسُلا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ)، فكأنّه يكون للناس حجّة قبل الرسل، ومن يُبلّغ الدعوة يقوم مقام الرسل، وذلك لانقطاع الرسل بعد النبيّ الخاتم صلّى الله عليه وآله وسلّم، وفي هذا المعنى يقول النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلم في المتّفق عليه: (ولا أحد أحبّ إليه العذر من الله، ومن أجل ذلك بعث المبشرين والمنذرين، ولا أحد أحبّ إليه الْمِدْحة من الله، ومن أجل ذلك وَعَدَ الله الجنة).
لكن لا يتصور أبدا أن تصل الحجة لإنسان يا سيد بلال كما هو الأصل مع عدل الله ثم نقول أنه بعد رفضها و جحودها من الممكن أن يدخل الجنة !
إن هذا هو عين الظلم إن تصورنا وقوعه و حاشا لله " أفنجعل المسلمين كالمجرمين مالكم كيف تحكمون "
http://elmokhalestv.com/upload/bilalfadl.pdf