المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شبهات الملحدين و المستشرقين علي الإسلام و الرد عليها



الصفحات : 1 [2] 3 4 5 6 7 8 9 10 11

Miss Invisible
2011-10-20, 12:27 AM
شبهات باطلة حول العقيدة
الشبهة الرابعة والعشرون (24):
- يذكر القرآن فى سورة (الفيل) أن الله أهلك جيش أبرهة لأنه أراد أن يهدم الكعبة, مع أن كفار قريش قد ملأوا الكعبة بالأصنام من قديم الدهر, ولا شك أن ذلك كان أقبح من تخريب الكعبة, فكيف يسلط الله العذاب على من قصد تخريب الجدران, ولم يسلطه على من قصد تخريب الإيمان؟

الرد:
- لقد كان مُقدَّراً فى علم الله سبحانه وتعالى منذ الأزل أنه سيبعث رسولاً يدعو إلى التوحيد, ويطهر الكعبة المشرَّفة من هذه الأوثان, وتكون قِبلته, وقِبلة أُمَّته, وكان مُقدَّراً أيضاً أن هذا النبى صلى الله عليه وسلم سَيُرسَل لقومه خاصَّة, وللناس عامَّة, فلو أهلكهم الله بذنوبهم, فمن أين ولِمَن كان سيُبعَث نبيهم؟, والله أعلم.


شبهات باطلة حول العقيدة
الشبهة الخامسة والعشرون (25):
- لله عندكم تسعة وتسعون اسماً, ليس فيها اسم المحبَّة كما عندنا!

الرد:
- إن الذين يقولون: (الله محبَّة) ويتغنَّون بها ليل نهار, يخفون – أو لا يعلمون – أن كتابهم المقدس قال: لأن إلهنا نار آكلة (الرسالة إلى العبرانيين12: 29) كما أنهم لا يذكرون ما جاء فى كتابهم المقدس من العقوبات التى يُنْزِلها الله بمن عصاه, والتى تتعارض مع قولهم: (الله محبَّة) وسنذكر نصّاً واحداً كمثال على هذه العقوبات, ولكننا سنؤجل ذكره بعد الرد على الشبهة إن شاء الله تعالى.
إن من أسماء الله الحسنى ما يدل على المحبة, والحنان, والرأفة, والرحمة, واللُّطْف, والحِلم, والعفو, والمغفرة, وغير ذلك من صفات الجمال والكمال, ومن هذه الأسماء: اسمه سبحانه وتعالى (الودود) قال ابن كثير فى تفسير قوله تعالى: {وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ} [البروج:14] إن عبد الله بن عباس – رضى الله عنهما – وغَيْرَه قالوا: (الودود) هو (الحبيب). وبالإضافة لما قاله فإن (الودود) هو الذى يتودد إلى خلقه بنعمه عليهم لعلهم يُسْلِمُون, فقد قال سبحانه وتعالى بعد سَرْد العديد من نعمه على عباده: {كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُون} [النحل:81]
ولكن مَن الذين يحبهم الله تعالى؟ إن الإجابة على هذا تتمثل فى بضع آيات من كتابه الكريم, وأحاديث رسوله البشير النذير , نذكر من الآيات: {إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة:195] {إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِين} [البقرة:222] {وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ} [آل عمران:146] {إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} [آل عمران:159] {إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [المائدة:42] {إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} [التوبة:4] {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ} [الصف:4] ونذكر من الأحاديث: ((إن الله رفيق يحب الرفق ويرضاه, ويُعين عليه ما لا يُعين على العنف)) [صحيح الجامع:1770] ((إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه)) [صحيح الجامع:1880] ((إن الله يحب معالى الأخلاق, ويكره سَفسافها)) [صحيح الجامع:1889] وقد وردت صفات أخرى فى الكتاب والسنَّة للذين يحبهم الله تعالى, وكلها صفات تدور حول طاعة الله ورسوله .
والآن نورد بعض العقوبات التى وردت فى الكتاب المقدس كما وعدناكم:
ولكن إن لم تسمع لصوت الرب إلهك لتحرص أن تعمل بجميع وصاياه وفرائضه التى أنا أوصيك بها اليوم تأتى عليك جميع هذه اللعنات وتدركك. ملعوناً تكون فى المدينة وملعوناً تكون فى الحقل. ملعونة تكون سَلَّتُكَ ومِعْجَنُكَ. ملعونة تكون ثمرة بطنك وثمرة أرضك نتاج بقرك وإناث غنمك. ملعوناً تكون فى دخولك وملعوناً تكون فى خروجك. يرسل الرب عليك اللعن والاضطراب والزجْر فى كل ما تمتد إليه يدك لتعمله حتى تهلك وتفنى سريعاً من أجل سوء أفعالك إذ تركتنى. يُلصِقُ بكَ الرب الوَبَأ حتى يبيدك عن الأرض التى أنت داخل إليها لكى تمتلكها. يضربك الرب بالسُّل والْحُمَّى والبُرَداء والالتهاب والجفاف واللفح والذبول فتتَّبِعُك حتى تف###… ويجعل الرب مطر أرضك غباراً وتراباً ينزل عليك من السماء حتى تهلك. يجعلك الرب منهزماً أمام أعدائك. فى طريق واحدة تخرج عليهم وفى سبع طرق تهرب أمامهم… وتكون جُثَّتُكَ طعاماً لجميع طيور السماء ووحوش الأرض وليس من يزعجها. يضربك الرب بقرحة مصر وبالبواسير والجرب والحِكَّة حتى لا تستطيع الشفاء. يضربك الرب بجنون وعمى وحيرة قلب. فتتلمس فى الظُّهر كما يتلمس الأعمى فى الظلام ولا تنجح فى طرقك بل لا تكون إلا مظلوماً مغصوباً كل الأيام وليس مُخَلِّص. تخطب امرأة ورجل آخر يضطجع معها. تبنى بيتاً ولا تسكن فيه. تغرس كرماً ولا تستغله. يُذبَح ثوْرك أمام عي### ولا تأكل منه. يُغتَصب حمارك من أمام وجهك ولا يرجع إليك. تُدْفَع غنمك إلى أعدائك وليس لك مُخَلِّص. يُسَلَّم بنوك وبناتك لشعب آخر وعيناك تنظران إليهم طول النهار فتكِلان وليس فى يدك طائلة. ثمر أرضك وكل تعبك يأكله شعب لا تعرفه فلا تكون إلا مظلوماً ومسحوقاً كل الأيام. وتكون مجنوناً من منظر عي### الذى تنظر. يضربك الرب بقرح خبيث على الركبتين وعلى الساقين حتى لا تستطيع الشفاء من أسفل قدمك إلى قمة رأسك…بنين وبنات تلد ولا يكونون لك لأنهم إلى السَّبْى يذهبون… وتأتى عليك جميع هذه اللعنات وتتبعك وتدركك حتى تهلك لأنك لم تسمع لصوت الرب إلهك لتحفظ وصاياه وفرائضه التى أوصاك بها… من أجل أنك لم تعبد الرب إلهك بفرح وبطيبة قلب لكثرة كل شىء تُستَعبَد لأعدائك الذين يرسلهم الرب عليك فى جوع وعطش وعُرْى وعَوَز كل شىء. فيجعل نير حديد على عنقك حتى يهلكك. يجلب الرب عليك أمَّة من بعيد من أقصاء الأرض… فتأكل ثمرة بهائمك وثمرة أرضك حتى تهلك ولا تُبْقِى لك قمحاً ولا خمراً ولا زيتاً ولا نتاج بقرك ولا إناث غنمك حتى تف###. وتحاصرك فى جميع أبوابك حتى تهبط أسوارك الشامخة الحصينة التى أنت تثق بها فى كل أرضك. تحاصرك فى جميع أبوابك فى كل أرضك التى يعطيك الرب إلهك. فتأكل ثمرة بطنك لحم ب### وبناتك الذين أعطاك الرب إلهك فى الحصار والضيقة التى يضايقك بها عدوك. (تثنية28: 15-53) وهناك عقوبات أخرى, مثل ما ورد فى الرد على الشبهة رقم (236) وغيرها, والله أعلم.

يتبع باءذن الله

Miss Invisible
2011-10-20, 12:33 AM
http://a3.sphotos.ak.fbcdn.net/hphotos-ak-ash4/250988_215154958507948_215130781843699_687929_6477 890_n.jpg


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، و الصلاه و السلام علي خاتم النبيين و المرسلين، سيدنا محمد - صلى الله عليه و سلم - و بعد ،،،
انشئت هذه الصفحة لوجه الله تعالى، للرد علي الملحدين و المستشرقين و أهل الكتاب و من يشكك في العقيدة الإسلامية، من خلال عرض الشبهات و التشكيكات التي أتهموا بها الإسلام و افتروا بها علي الله كذباً، و لم و لن يفلحوا لأنه دين الحق و سوف نضع بين أيديكم بإذن الله تعالى كل يوم عدد من الشبهات الملقاه علي الإسلام و الرد عليها من الكتاب و السنة
"يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ . هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ"
{التوبة 32}

"لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا وَلا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ"
{المدثر31}
http://a4.sphotos.ak.fbcdn.net/hphotos-ak-snc6/255164_215154601841317_215130781843699_687926_5917 972_n.jpg
جّلدة الكتاب، و المؤلف (http://www.facebook.com/media/set/?set=a.241909142499196.61240.215130781843699&type=3)


http://a1.sphotos.ak.fbcdn.net/hphotos-ak-snc6/224456_241909205832523_215130781843699_793412_5613 528_n.jpg




http://a7.sphotos.ak.fbcdn.net/hphotos-ak-snc6/226064_241909272499183_215130781843699_793413_4675 334_n.jpg

Miss Invisible
2011-10-20, 12:41 AM
http://a2.sphotos.ak.fbcdn.net/hphotos-ak-snc6/248346_215607518462692_215130781843699_690830_2059 626_n.jpg

شبهات مُغرضة حول القرآن:
الشبهة السادسة و العشرون (26):
- تقولون إن القرآن أنزل من عند الله, لأنه تحدى العرب البارعين فى اللغة, أليس من المحتمل أن يكون محمد شاعراً موهوباً كمن سبقه من الشعراء, كالنابغة, والزهير, وغيرهما؟

الرد:
- لقد أجمع علماء النفس والاجتماع والسلوكيات, وسائر العلوم الإنسانية, أن الموهبة لا يمكن بحال من الأحوال أن تتأخر إلى سن الأربعين, فلابد أن تنضح على صاحبها منذ الصغر, كما نشاهد طفلاً عنده حب الزعامة, يقوم بتقسيم زملائه إلى فريقين ليلعبوا بالكرة, ويختار أفراد كِلا الفريقين, وحارس المرمى, وكذا وكذا.. وهم يطيعونه, وليس شرطاً أن يكون أكبرهم سناً, أو أقواهم, أو أذكاهم, ولكن شخصيته قيادية. أو نجد طفلاً محباً للمصارعة والكاراتيه, فيصارع أصدقاءه, ويلعب معهم الكاراتيه, حتى أنه يحاول ضرب إخوته الكبار بالطريقة نفسها. ونجد طفلة تتقمص شخصية المدَرِّسة, وتعطى أوامر لصديقاتها, وتضرب التى لا تطيعها. أو طفلاً عنده حب القرآن أو الخطابة, فتراه يقلد المشايخ, ويسجل صوته, أو يضع أمامه ميكروفوناً, ليقلد شيخ المسجد وهو يخطب. أو طفلاً محباً للرسم, أو الزخرفة, أو الاختراعات... إلخ. وكلما ازدادوا فى العمر, ازداد إتقانهم لما يحبونه, والموهبة لابد أن تُصقَل, وتخضع للتجربة والخطأ, والرسول – صلى الله عليه وسلم - لم يُعلَم عنه أنه قال شعراً قط, ولا مدح أحداً, ولا هَجَا أحداً, ولكنه كان يُعرَف بالرجل الْمُتَحَنِّف, أى المائل عن الشرك إلى التوحيد (كان هناك بقية قليلة من الموحدين أتباع سيدنا إبراهيم, على نبينا وعليه الصلاة والسلام) وكان المشركون يقولون إن محمداً قد عشق ربه, ويتعجبون لماذا يترك عبادة الأوثان, ويترك متاع الدنيا, وهم غارقون فيه, ولماذا يترك زوجته الجميلة الغنية وأولاده, وينقطع فى غار حِراء للتفكر فى خلق الله.
ربما يُقال إن موهبة الشعر كانت عنده منذ الصغر, ولكنه لم يظهرها إلا بعد سن الأربعين, فهل كان يضمن أن يعيش لسن الأربعين؟ كما أن الشاعر لا يستطيع أن يصبر على نفسه, ويكتم موهبته, أمام ما يلاقيه من الأحداث, والرسول – صلى الله عليه وسلم - وُلِدَ يتيماً, فلم يَرَ أباه, وماتت أمه وهو ابن ست سنين, ومات جده وهو ابن ثمان سنين, وعاش مع عمه الفقير, ورعى الغنم وهو صغير, أمَعَ كل هذه الأحداث يستطيع شاعر أن يصبر على نفسه؟ ويكفى فى الرد على هذه الفِريَة قول الله عز وجل: {قُل لَّوْ شَاء اللّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَدْرَاكُم بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِّن قَبْلِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُون} [يونس:16] وقوله: {وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ} [العنكبوت:48] ولنا سؤال: هل هناك دجال يرفض الكمال؟ فإن القرآن كمال, فكيف لا ينسبه إليه, إلا إذا كان رسولاً صادقاً, وخاصة أنه أعجز الفصحاء والبُلغاء من أبناء عصره, وكان يمكنه أن يتفاخر عليهم. إننا نجد الكثير ممن يقتبس الرسالات مثل رسالات الماجستير والدكتوراه والمقالات والمؤلفات من غيره, وينسبها لنفسه, لينال بها شهادة, أو منصباً, أو غيره. ولو كان الرسول – صلى الله عليه وسلم - هو الذى ألَّف القرآن, فلِمَ لم يُطِع المشركين, ويغير بعض آياته, ليكسب وُدَّهم, أو ليغدقوا عليه الأموال؟ ولِمَ لم يرفع ذِكرَ أهله, ويتفاخر بهم, كما كان يفعل الشعراء من قبله, وقد كانت قبيلته أشرف القبائل؟ ولِمَ ذكر الآيات التى تعاتبه, مثل ما ورد فى سورة (عبس) وغيرها؟ ولِمَ لم يحل مشكلة حادثة الإفك بين يوم وليلة؟ وما الذى جعله ينتظر شهراً كاملاً فى هذه المحنة, بسبب ما قيل عن زوجته الشريفة العفيفة, رضى الله عنها؟ إن الرسول –صلى الله عليه وسلم - لم يتكلف شيئاً من عنده, ولم يغير, ولم يبدل {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَـذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاء نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} [يونس:15] ثم إن القرآن ليس شعراً, فإنه لا يخضع لقوافى الشعر وبُحُوره, كما أن الشعراء لهم أحوال نفسية متقلبة كسائر البشر, ويظهر ذلك فى شعرهم, فتراه متناقضاً حسب أحوالهم ومصالحهم, أما القرآن الكريم فليس به أى تناقض {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيد} [فصلت:42] {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً} [النساء:82] فأى كاتب أو أديب أو شاعر تجد مؤلفاته بها اختلافات كثيرة, حسب حالته النفسية, أو أهوائه, أو مصالحه, وغالباً لا تجد الشعراء إلا مبالغين فى أقوالهم, غير ملتزمين الصدق فى أشعارهم, كما قيل عن الشعر: (إن أعْذَبَه أكْذَبُه) يقول ربنا تبارك وتعالى: {وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ{224} أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ{225} وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ{226} إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيراً وَانتَصَرُوا مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ} [الشعراء:224-227] والعرب كانوا أعلم الناس بالشعر, ولهم قصائد ومُعلَّقات تُدَرَّسُ إلى يومنا هذا, ولم يقولوا عن القرآن إنه شعر إلا جحوداً وصدّاً عن سبيل الله, كما روى ابن جرير عن عكرمة, أن الوليد بن المغيرة قال لأبى جهل (حين طلب منه أن يقول فى القرآن قولاً منكراً): فماذا أقول فيه, فوالله ما منكم رجل أعلم بالأشعار منى, ولا أعلم برَجَزِه ولا بقصيده ولا بأشعار الجن, والله ما يشبه الذى يقول شيئاً من هذا, والله إن لقوله لحلاوة, وإنه ليحطم ما تحته, وإنه لَيَعْلُو وما يُعلَى عليه (بقية القصة يُرجَع إليها فى تفسير سورة المدثر) ومعروف أن لكل صاحب قلم أسلوباً خاصاً, كالشعراء والأدباء والكتّاب والصحفيين, لدرجة أنك لو قرأت كتاباً أو مقالاً أو شعراً, لحكمت عليه بأنه أسلوب فلان, وكأنه بَصمته, أمّا الرسول - فقد جاء بثلاثة أساليب: القرآن, والحديث النبوى, والحديث القدسى, وكل أسلوب مختلف عن الآخر, أمّا لو أن أحداً من الكتاب أو غيرهم حاول تغيير أسلوبه, فبعد فترة تجد أن الأساليب توحدت فى أسلوب واحد, وكأنك وضعت عدة ألوان مع بعضها, فتكون النتيجة أنها أصبحت لوناً جديداً واحداً.
ثم لو كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - أراد من تلقاء نفسه أن يصحح ما كان عليه قومه من عبادة أصنام لا تنفع ولا تضر, وهو يرى بفطرته أن خالق هذا الكون أعظم من هذا بكثير, أليس كان أول خطاب يوجهه لهم: اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً؟ وهل يوجد إنسان له فكر متحضر عن قومه, يريد تغيير ما هم عليه.. ثم يكون أول ما يبدأ به قول: {اقْرَأْ} وهو أصلاً لا يقرأ؟ ولو أن الرسول – صلى الله عليه وسلم - ألّفه - كما يقولون - لنسىَ بعضه, كما يُقال: إن كنت كذوباً فكن ذكوراً, وكالمثل الذى يقول: (الكذب مالوش رجلين) أى أن الذى يكذب ينسى ما قاله بعد فترة, ويقول شيئاً غيره, فثبوته على قول واحد على مدار ثلاثة وعشرين عاماً يدل على صدقه. وهناك شىء آخر: إن أى واحد منا إذا خطب فى الناس, وقيل له أعِدْ ما قلته بالحرف الواحد, فلن يستطيع, ولو كان أكثر الناس ذكاءً, فلابد أن ينسى شيئاً, أو يزيد, أو ينقص. ونحن لابد أن نراجع القرآن باستمرار, وإلا- لتفلَّت منا, أما الرسول – صلى الله عليه وسلم - فكان يحفظه عن ظهر قلب, مع أنه لا يستطيع القراءة, إلا أنه كان يراجعه مع جبريل – عليه السلام - مرة واحدة فى رمضان من كل عام, إلا رمضان الأخير, فقد راجعه عليه مرتين. فعدم نسيان الرسول – صلى الله عليه وسلم - للقرآن يدل على أن هناك قوة قادرة تثبّته فى صدره حتى لا ينساه {سَنُقْرِؤُكَ فَلَا تَنسَى} [الأعلى:6] وكان الرسول – صلى الله عليه وسلم - من حبه فى القرآن يخشى ألا يحفظه, فكان يردد خلف جبريل – عليه السلام - فنهاه الله عن ذلك فى قوله تبارك وتعالى: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ{16} إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ{17} فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ{18} ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَه} [القيامة:16-19] إن الرسول – صلى الله عليه وسلم - ليس فقط لم يكن شاعراً, بل إنه كان لا يحفظ أى بيت من الشعر, حتى إنه أراد مرة أن يقول بيتاً من الشعر فأخطأ, فضحك أبو بكر- رضي الله عنه - وقال: سبحان الله! ثم قرأ قوله تعالى: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَه} [يس:69], والله أعلم.


شبهات مُغرضة حول القرآن:
الشبهة السابعة و العشرون (27):
- أنتم تقولون إن نبيكم لم يؤلف القرآن, لأنه لم تظهر عليه موهبة الشعر منذ الصغر, أليس من المحتمل أن يكون قد تعلمه من غيره؟

الرد:
- إن الرسول – صلى الله عليه وسلم - معلوم عنه أنه كان أمِّيا, لا يعرف القراءة والكتابة, وبفرض أنه كان يعرف.. فلماذا لم يكتب كل شىء يتلقنه؟ فلم يكن فى مكة المكرمة غير المشركين, وعدد قليل جداً من النصارى, كأمثال ورقة بن نوفل - الذى أسلم فيما بعد – رضي الله عنه -، - فلو كان الرسول – صلى الله عليه وسلم - تعلم من النصارى, فلِمَ دعا إلى التوحيد, ولم يَدعُ إلى التثليث مثلهم؟ ولِمَ ذمَّهم, وحكم عليهم بالكفر {َّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَآلُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَم} [المائدة:17] أو على الأقل.. لماذا لم يوافقهم فى قضية صلب المسيح عليه السلام؟ أكان هذا يضر دعوته فى شىء؟ إن الذى يتعلم من أحد يخشى أن يخالفه فيما يمليه عليه, حتى لا يكُف عن تعليمه.. أليس كذلك؟ ربما يقول قائل: ربما خالفهم بعدما تعلم منهم, فنقول له: لو حدث هذا لفضحه معلمه ليثبت للناس كذبه, ولقال للناس: أنا الذى علمته, فهل قال هذا أحد؟ وهل لديكم أى دليل على ذلك؟ ربما يقول مُجادل: ليس شرطاً أن يكون قد تعلمه من النصارى, فربما تعلمه من اليهود, فنقول له: بفرض أنه كان يوجد بمكة يهود - مع أن هذا مخالف للتاريخ - فلِمَ لم يَسُب السيدة مريم مثلهم؟ ولِمَ ذمَّهُم فى آيات كثيرة؟
إن هذه الشبهة قديمة من أيام الرسول – صلى الله عليه وسلم - فقد اتهمه المشركون بأنه تعلم القرآن من رجل أعجمى من بلاد الروم, فرد الله عليهم بقوله: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَـذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ} [النحل:103] فكيف يُعَلِّم الأعجمى العربى؟ هل يصلح أن نأتى برجل أجنبى ليعلمنا اللغة العربية, والفصاحة والبلاغة, وهو لا يجيدها, بل يتكلم - كما نقول - كلام مكسر؟ وهل هذا يقوله عاقل؟ والذين يقولون إن القرآن من تأليف بحيرا الراهب, نسألهم: فلماذا لم ينسبه بحيرا لنفسه؟ ولماذا لم يواجهه يهود المدينة بهذا الأمر, ويفضحونه بين القبائل؟ وهل كان لبحيرا أن يذكر أسلافه من اليهود بسوء, كما ذكرهم القرآن؟, والله أعلم.


الشبهة الثامنة و العشرون (28):
- كيف تقولون إن القرآن لكل الناس, وإنه مُعجِز لهم, مع أن أغلبهم لا يعرفون اللغة العربية, ولا الفصاحة, ولا البلاغة؟

الرد:
- إن القرآن الكريم نزل على نبى عربى – صلى الله عليه وسلم - فى بيئة عربية, فكان لابد أن يكون معجزاً لأهل عصره, حتى يؤمنوا به, والإعجاز فى كل الديانات كان فى الجانب الذى تفوَّق فيه أهل ذلك العصر, مثل عصا موسى - على نبينا وعليه الصلاة والسلام - واليد, وشَقّ البحر, وغيره, لأن قومه كانوا متفوقين فى السحر, فجاءهم بما لا يقدرون عليه. وكذلك سيدنا عيسى - على نبينا وعليه الصلاة والسلام - أرسل إلى قوم جُل تقدمهم وحضارتهم فى الطب, فجاء بما يعجزهم من إبراء الأكمه والأبرص, وإحياء الموتى بإذن الله. وهكذا كل رسول - صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين - كان يأتى بمعجزة حِسِّية من جنس ما تفوَّق فيه قومه, ليؤمن بها من شاهدها, لأن كل رسالة كانت للقوم الذين أرسل فيهم خاصة, وكانت المعجزة هى التى تؤيد منهج الرسالة, كناقة سيدنا صالح, وإنجاء سيدنا إبراهيم من النار - على نبينا وعليهما الصلاة والسلام - أما رسالة سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم - فهى رسالة عالمية, لأنها الرسالة الخاتمة, وهو الرسول الخاتم {مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} [الأحزاب:40] {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُون} [سبأ:28] فكان لابد أن يأتى بمعجزة تصلح لكل زمان ومكان, لأنه لو أتى بمعجزة حِسِّية فقط, لكان الذى شاهدها هو الذى يؤمن بها, أما من جاء بعده فلا يلزمه الإيمان بها, فأين عصا موسى, وإبراء عيسى للأكمه والأبرص, وناقة صالح؟ إن كل هذه المعجزات أصبحت مجرد أخبار تتناقل عبر التاريخ, ولولا أن الله سبحانه وتعالى ذكرها فى كتابه الكريم لَمَا لزمنا تصديقها. أما سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم - فمعجزته القرآن, وهو منهجه فى آن واحد, فالقرآن ليس معجزاً فى الفصاحة والبلاغة فحسب, بل إنه معجز فى منهجه الذى لا يضاهيه أى منهج فى أى رسالة, وها هى كتب اليهود والنصارى بين أيديهم, فلْيقارنوا بين منهجها وبين منهج القرآن الكريم, فمن مظاهر إعجازه فى المنهج على سبيل المثال لا الحصر:
أنه وازن بين الروح والمادة, فاليهود ماديُّون يصعب عليهم التصديق بالغيبيات, كما قال الله عنهم: {وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً} [البقرة:55] {وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْاْ عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَّهُمْ قَالُواْ يَا مُوسَى اجْعَل لَّنَا إِلَـهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ} [الأعراف:138] وكما صنعوا من الذهب {عِجْلاً جَسَداً لَّهُ خُوَار} ليعبدوه, والنصارى يميلون للتخيلات والروحانيات والغيبيات {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاء رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا} [الحديد:27] أما الإسلام فهو دين الوسطية, فالقرآن يدعو إلى التفكر فى خلق الله, وحبه, وذكره, والشوق إلى الجنة, والخوف من النار, ويدعو أيضاً إلى عمارة الأرض, والسعى لطلب الرزق, والآيات فى كِلا الأمرين كثيرة ومعلومة.
القرآن حافظ على حياة الإنسان بتحريم الانتحار {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُم} [النساء:29] وتحريم كل ما هو ضار {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِث} [الأعراف:157] وتحريم الاعتداء على الناس بغير حق بأى صورة من الصور {وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِين} [البقرة:190] وشرع القصاص للحفاظ على الأرواح والأبدان {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاة} [البقرة:179] وحرم ظلم الناس لمجرد بغضهم {وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُواْ} [المائدة:2] {وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا} [المائدة:8] وحافظ على العقل بتحريم الخمر, ويندرج تحت تحريمه تحريم كل مُسكِر ومُفتِّر (كما ورد فى سنن أبى داود ومُسنَد أحمد) وحافظ على الأموال بتشريع قطع يد السارق, وتحريم الربا والميسر والغُلول, وغير ذلك من أنواع الكسب المحرم {قُل لاَّ يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيث} [المائدة:100] وأمر بأداء الأمانات إلى أهلها {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء:58] لدرجة الاهتمام بكتابة الدَّين والإشهاد عليه, سواء كان صغيراً أو كبيراً {وَلاَ تَسْأَمُوْاْ أَن تَكْتُبُوْهُ صَغِيراً أَو كَبِيراً إِلَى أَجَلِه} [البقرة:282] وأمر بإخراج الزكاة للفقراء والمساكين, وغيرهم من المحتاجين, وحرم شهادة الزور, وأمر بقول الحق, ولو على النفس أوالوالدين والأقربين {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ} [النساء:135] وأمر بمكارم الأخلاق {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْي} [النحل:90] وأمر ببر الوالدين, وصلة الأرحام, والإحسان إلى اليتيم والفقير والمسكين, والجار والصاحب والمملوك, وابن السبيل والأسير {وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء:36] {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً} [الإنسان:8] وحرم الاعتداء على الأعراض, بتحريم الزنى, وتحريم فعل قوم لوط, ووضع العقاب الرادع لمن يقترفهما, وتشريع الحجاب, وغض البصر, وتحريم الفواحش ما ظهر منها وما بطن {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَن} [الأعراف:33] لدرجة تحريم ترقيق صوت المرأة على مسمع من غير محارمها {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَض} [الأحزاب:32] وأمر بالإصلاح بين الناس {لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ} [النساء:114] وأمر باحترامهم, وعدم تتبع عوراتهم, بتحريم السخرية, والهمز واللمز, والتنابز بالألقاب, وسوء الظن, والتجسس, والغيبة (كما ورد فى سورتى الْحُجُرات والْهُمَزَة) وحافظ على أسرار البيوت بتشريع الاستئذان قبل دخولها {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَ} [النور:27] وأمر بالاستئذان فى الدخول على الأبوين داخل البيوت (سورة النور) وأمر بالعدل بين الناس, وإن كان الحق مع غير المسلم {وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ} [النساء:58] (وهناك قصة تُظهر عدل الإسلام فى تَبْرِئَة الرجل اليهودى من السرقة التى نُسِبَت إليه على عهد الرسول – صلى الله عليه وسلم - وردت فى سورة النساء فى الآيات من 105 إلى 113 فليرجع إلى تفسيرها من يشاء) وأمر بحفظ العهود مع الناس, ومع الدول الأخرى, طالما أنها عهود مبنية على غير معصية {وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً} [النحل:91] وتوعَّد من ينقض العهود لمجرد {أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّة} [النحل:92] أى أن تكون أمة أغنى من الأمة التى عاهدناها, أو أكثر منها نفعاً {وَلاَ تَتَّخِذُواْ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُواْ الْسُّوءَ بِمَا صَدَدتُّمْ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النحل:94] وحافظ على أرواح الْمُعاهَدِين من غير المسلمين, وفرض الدِّيَة على المسلم لو قتل الْمُعاهَد غير المسلم, ولو كان بغير قصد (راجع تفسير النَّسَفِى لقوله تعالى: {وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً} [النساء:92]) واهتم بصحة الإنسان, فأمَرَه بالأكل من الطيبات {يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً} [البقرة:168] وحرم عليه ما يضره, كالميتة والدم ولحم الخنزير, واهتم بجميع شئون الحياة الاجتماعية والأُسَرية, من أحكام زواج وطلاق وخُلْع, ونفقة ومهر, ورَضاع وميراث... إلخ. ولو تكلمنا عن الإعجاز فى المنهج لَمَا انتهينا, ولكن هذا ما تيسر فى هذه العُجالة.
ثم إن القرآن معجز لجميع الأجيال المتعاقبة إلى أن تقوم الساعة {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَق} [فصلت:53] وسنذكر إن شاء الله بعضاً من إعجازه على سبيل المثال لا الحصر, فالقرآن الكريم عطاءاته لا تنتهى:
القرآن مزَّق حجاب النفس, كما قال عن اليهود: {سَيَقُولُ السُّفَهَاء مِنَ النَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُواْ عَلَيْهَا} [البقرة:142] فهذه الآية نزلت قبل أن يقولوا, وكان من الممكن ألا يقولوها ليكذّبوه, وخاصة أنهم حين يقولونها سيعلم الناس مَن المقصود بالسفهاء, فمثلاً: لو قلت لمجموعة من الناس: سيقول المجرم كذا, فهل سينطق أحد بما قلت؟ بالطبع لا.. لأنه سَيُعرَف أنه المجرم, وهذا يدل على أن القرآن الكريم منزل من عند رب العالمين, الذى قهرهم فلم يستطيعوا كتمان ما فى نفوسهم. والقرآن حكم على أبى لهب بأنه لن يؤمن أبداً, فقال: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ{1} مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ{2} سَيَصْلَى نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ} [المسد:1-3] فلو كان القرآن من عند غير الله لقال أبو لهب - ولو على سبيل التحدى - إن محمداً قد قال لكم إنى سأموت كافراً, وها أنا أقول لا إله إلا الله محمد رسول الله.. فهل قالها؟ إنه لم ينطق بها فحسب, بل زاد فى عداوته للرسول . وآيات أخرى مزَّقت حجاب النفس, مثل: {وَيَقُولُونَ فِي أَنفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ} [المجادلة:8] {يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِم} [التوبة:64] {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} [الحجرات:14] {إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} [المنافقون:1]
القرآن مزَّق حجاب الماضى, مثل: {وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُون أَقْلاَمَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ } [آل عمران:44] {وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ وَمَا كُنتَ مِنَ الشَّاهِدِين} [القصص:44] {وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِن رَّحْمَةً مِّن رَّبِّك} [القصص:46] {وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُواْ أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُون} [يوسف:102]
القرآن مزَّق حجاب المستقبل, مثل قوله: {غُلِبَتِ الرُّومُ{2} فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ} [الروم:2-3] ما الذى كان يدعو سيدنا محمداً – صلى الله عليه وسلم - للخوض فى الكلام عن معركة لم تأتِ بعد؟ أليس كان من الممكن أن ينهدم الدين بأكمله لو لم تحدث, أو حدثت وكانت النتيجة عكس ما قال؟ إن هذه الآية ليست إعجازاً بتمزيق حجاب المستقبل فحسب, وهو أن تغلب الرومُ الفرسَ, ولكن بها إعجازاً آخر أثبتته الأبحاث الحديثة فى قوله تعالى: {أَدْنَى الْأَرْضِ} وهو أن أكثر المناطق انخفاضاً على وجه الأرض هى منطقة البحر الميت التى حدثت عندها المعركة, فهى منخفضة عن مستوى سطح البحر بمقدار أربعمائة متر, وكانوا يفهمونها فى الماضى على أنها أقرب الأرض إلى مكة المكرمة, وكِلا المعنيين صحيح.
القرآن به من الإعجاز العلمى ما لا يتسع المجال لذِكره, ويُرجع إليه فى مصادره, ولكننا نكتفى بذكر بعضه, وبالله التوفيق:
أثبت العلم أنه لا توجد حياة على أى كوكب غير الأرض لعدم وجود الماء, وهذا ما ذكره الله عز وجل فى قوله: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ} [الأنبياء:30]
أثبت العلم أن الأرض كروية, وقد قال الله عز وجل: {يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ} [الزمر:5] وقال: {وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا} [ق:7] قال العلماء: إن كلمة {مَدَدْنَاهَا} تثبت أن الأرض كروية.. كيف؟ إن أى شكل هندسى مُجَسَّم, سواء كان مكعَّباً, أو متوازى مستطيلات, أو غير ذلك, لابد أن تكون له حافّات, فلو أن الأرض على أى شكل غير الكروى, لكانت لها حافّات تتهاوى بعدها الأجساد.
قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَاراً كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ} [النساء:56] أثبت العلم الحديث أن أطراف الأعصاب فى الجلد, وبعد اختراق الجلد لا يشعر الإنسان بالألم - وخصوصاً الحرارة والبرودة - والدليل على ذلك أن الذى يأخذ حقنة لا يشعر إلا بألم دخولها فى جلده, وكثيراً من العمليات لا يشعر الإنسان بعدها إلا بألم الخياطة التى تكون فى الجلد, ولا أقول إن الإحساس منعدم نهائياً فى الأعضاء الداخلية, ولكنه أقل بكثير.
قال تعالى: {أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَى{37} ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى{38} فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى} [القيامة:37-39] وقد أثبت العلم أن الحيوان المنوى هو الذى يحدد جنس الجنين - بإذن الله - ذكراً كان أم أنثى.
القرآن تحدى بخَلْق الحياة والموت, أما الحياة فهناك آيات كثيرة, منها مثلاً: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ} [الحج:73] هل وُجِدَ على وجه الأرض إلى الآن من استطاع أن يخلق ذبابة, أو ما دونها؟ أو هل يستطيع أن يسترجع ما سلبته منه الذبابة, ولو أخضعها لأحدث التحاليل المجهرية؟ أتدرون لماذا؟ لأن الذبابة قبل أن تمتص أى مادة, تفرز عليها لعابها, الذى يحولها إلى مادة سكرية, ثم تمتصها, فلا يوجد للمادة الأصلية أى أثر.. سبحان الله! أما التحدى بالموت فهناك أيضاً آيات كثيرة, مثل: {أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ} [النساء:78] وهذا تحَدٍّ للعالم أجمع إلى يوم القيامة - مهما بلغت علومه وحضارته - أن يمنع الموت عن أى كائن حى.
أثبت العلم الحديث ما ذكره القرآن الكريم فى سورة (المؤمنون) عن خلق الإنسان من {نُطْفَة} وهى ماء الرجل, ثم {عَلَقَةً} وهى البويضة المخصَّبة, التى انقسمت إلى خلايا كثيرة, حتى أصبحت على شكل كرة, ثم تعلقت تعلقاً شديداً بجدار الرحم, ثم {مُضْغَة} وهى قطعة لحمية صغيرة, تبدو وكأنها ممضوغة بالأسنان كقطعة اللِبَان, ثم تكون {عِظَاما} ثم تكسى العظام باللحم (العضلات) وقد اعترف بذلك أشهر أساتذة علم الأجنَّة, وهو البروفِسور (كيث إل مور) الأستاذ بجامعة تورينتو بكندا, فى كتابه الذى اشترك فيه مع مجموعة من علماء الأجِنّة العالميين, ودعا فيه إلى إعادة تقسيم وتسمية مراحل تكوين الجنين لتكون مطابقة لما ورد فى القرآن الكريم, والسنة النبوية المطهرة, لأنهما أدق فى الوصف, وأسهل على طالب العلم من الوصف الحالى, والكتاب اسمه:
(Human development as described in Quran and Sunnah)
أثبت العلم الحديث أن الكون فى اتساع مستمر, وهذا يؤيده قول ربنا تبارك وتعالى: {وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} [الذاريات:47] وأثبت أن جميع قيعان البحار والمحيطات مُسجَّرة بالنيران, فلا الماء يطفئ النار, ولا النار تبخر الماء, وهذا يؤيده قول الله جل وعلا: {وَالْبَحْرِ الْمَسْجُور} [الطور:6]
يقول الله سبحانه وتعالى: {وَالسَّمَاء ذَاتِ الرَّجْعِ{11} وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ} [الطارق:11-12] وقد أثبت العلم أن الكرة الأرضية مغلَّفة بغلاف جوى, يفصل بينها وبين العالم الخارجى بطبقة (الأوزون) وهذه الطبقة ترجع معظم الأشعة الضارة المنبعثة من الشمس حتى لا تصيب الإنسان, وكذلك فإنها ترجع الأبخرة المتصاعدة من المحيطات والبحار على هيئة مطر, وترجع الموجات الصوتية, وغير ذلك من المواد المنبعثة من الأرض, ولولا أن الله جعلها هكذا, لتبخرت مياه البحار والمحيطات, ولَمَا انتفع بها الإنسان, ولَمَا استطعنا أن نسمع أصواتنا, أو نستقبل الموجات الإذاعية والمرئية. كما أثبت العلم أن قيعان البحار والمحيطات بها صدوع وتشققات, تتلاحم مع بعضها البعض, لتكوِّن شبكة من الصدوع حول الكرة الأرضية, وكأنها صدع واحد, تفرعت منه الصدوع الأخرى.
وكان من آخر الأبحاث العلمية ما تقدمت به طبيبة منتقبة, فى المؤتمر الثامن للإعجاز العلمى فى القرآن والسنَّة, والذى أقيم فى دولة الكويت فى الفترة من (23-26) نوفمبر لعام 2006 ميلادية, وهذه الطبيبة قد لَفَتَ انتباهها قول الله تعالى: {وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَر} [النحل:81] ولاحظت أن الله سبحانه وتعالى قال: {تَقِيكُمُ الْحَر} ولم يقل (تقيكم البرد) فبحثت على شبكة الإنترنت, وغيرها من المصادر العلمية, فوجدت أن الأبحاث الأمريكية قد أثبتت أن التعرض للشمس لمدة طويلة له تأثير ضار جداً على جلد الإنسان, فضلاً عمّا يسببه من ضربات الشمس المعروفة, والتى تتسبب فى موت الآلاف من البشر كل عام, وقد نصحوا الناس المعرَّضين للشمس لمدة طويلة بتغطية أجسادهم كلها ما عدا الوجه والكفين, وبشرط أن تكون هذه الملابس فضفاضة, حتى تقيهم تأثير الشمس على جلودهم, وحتى الوجه والكفين اقترحوا تغطيتها لمن يعملون فى الصحراء, لأنهم أثبتوا أن التعرض للأشعة فوق البنفسجية لمدة طويلة يصيب الجلد بالسرطان (ميلانوما) وأن واحداً من كل خمسة أمريكيين معرض للإصابة بهذا المرض, والله أعلم.

يتبع

Miss Invisible
2011-10-20, 12:45 AM
شبهات مُغرضة حول القرآن:
الشبهة التاسعة و العشرون (29):
- تزعمون أن كتب التوراة والإنجيل مُحَرَّفة, مع أن القرآن يقرر أنها منزلة من عند الله, فلِمَ سمح الله بتحريفها - على حد قولكم - ولم يسمح بتحريف القرآن كما تزعمون؟

الرد:
- أولاً: إن قولنا عن هذه الكتب إنها محرفة ليس زعماً, ولكنه حقيقة, وقد أوردنا بعضاً من الأدلة على تحريفها من الكتاب المقدس, فى الرد على الشبهة رقم (48) ولا أدَل على تحريفها من أنها نسبت ردىء الصفات والأخلاق لله رب العالمين, ولأنبيائه ورسله, صلوات ربى وسلامه عليهم أجمعين.
ثانياً: إن الله عز وجل أنزل الكتب السابقة, وأخذ العهد على المؤمنين بحفظها, كما ورد فى الآية الكريمة: {بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء} [المائدة:44] فنقضوا العهد مع ربهم وحرفوها, فأعقبتها كتب أخرى تبين الحق, واستُحفِظَ عليها أيضاً المؤمنون بها, لكنهم حرفوها, والدليل على ذلك ليس من عندنا فقط, بل من كتابهم المقدس, إذ يقول: أمّا أوَّلاً فلأنهم استؤمنوا على أقوال الله. فماذا إن كان قوم لم يكونوا أمناء. (رسالة بولس إلى رومية3: 2-3) أما وحى الرب فلا تذكروه بعد لأن كلمة كل إنسان تكون وحيه إذ قد حَرّفتم كلام الإله الحى رب الجنود إلهنا. (إرمياء23: 36) كيف تقولون نحن حكماء وشريعة الرب معنا. حقاً إنه إلى الكذب حوَّلها قلم الكتبة الكاذب. (إرمياء8: 8) ويل للذين يتعمقون ليكتموا رأيهم عن الرب فتصير أعمالهم فى الظلمة ويقولون من يبصرنا ومن يعرفنا. يا لتحريفكم. (إشعياء29: 15-16) أمّا القرآن الكريم فلو حُرِّفَ فماذا يأتى بعده ليصحح أخطاءه؟ إنه الكتاب الخاتم, ولن ينزل الله من بعده كتاباً, ولن يبعث من بعده رسولاً إلى أن تقوم الساعة, فكان لابد ألا يَكِل الله حفظه للمخلوقين فيحرفوه كما حرفوا ما قبله, ولكن الله سبحانه وتعالى تعهد بحفظه, لأنه سيكون منهاجاً للعالمين إلى يوم الدين {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيد} [فصلت:42], والله أعلم.

شبهات مُغرضة حول القرآن:
الشبهة الثلاثون (30):
- لِمَ لم يفسر رسولكم القرآن, مع أن من هم أقل منه بكثير يفسرونه؟ ألم يكن محمد أوْلى بتفسيره من علمائكم؟

الرد:
- الرسول – صلى الله عليه وسلم - فسر آيات الأحكام كآيات الصلاة, فلم يذكر الله عز وجل كيفيتها وكم مرة نصلى, وما عدد ركعات كل فرض, فبينها لنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم - وكذلك الصيام, والزكاة, والحج... إلخ. أما لو فسر كل القرآن, فيكون قد قَصَرَه على مفهوم واحد, ولَجَمُدَ على هذا المعنى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها, ولكن القرآن عطاءاته لا تنتهى, وهو صالح لكل العصور, والعلم الحديث أثبت أشياء ذكرها القرآن, لو ذُكِرَت على عهد الرسول – صلى الله عليه وسلم - لصدمت العقول, ولَمَا فهمها أحد, قال الله عز وجل: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَق} [فصلت:53] {فِي الْآفَاقِ} أى فى أرجاء الكون, مثل قضية انشقاق القمر, فقد ذكر العالم الإسلامى الأستاذ الدكتور (زغلول النجار) أنه كان يلقى محاضرة فى جامعة ببريطانيا عن الإعجاز العلمى فى القرآن الكريم, فقام أحد الحاضرين, وسأله عن انشقاق القمر الذى ذكره القرآن, فرد عليه بأنها آية حدثت فى عهد رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ونحن مطالبون بالإيمان بها, فقام أحد المسلمين البريطانيين, واسمه (داود موسى بيتكوك) الذى يرأس الحزب الإسلامى البريطانى, وقال: إن هذه الآية كانت سبباً فى إسلامه, فقد كان يشاهد برنامجاً على قناة (بى بى سى) يُسائِل فيها مقدم البرنامج ثلاثة من علماء الفضاء الأمريكيين على إنفاق أكثر من مائة ألف مليون دولار لإنزال رجل على سطح القمر, والعالم يَعُج بالفقر والتخلف والمرض, فقالوا إنهم قد اكتشفوا اكتشافاً خطيراً يستحق هذا الإنفاق وأضعافه, وهو أنهم وجدوا منطقة من الصخور المتحولة على هيئة حزام ممتد على سطح القمر, وقد وضعوا أجهزة رصد الزلازل, فأعطتهم هذه الصورة: أن هذه الصخور ممتدة من ظاهره لباطنه لظاهره من الناحية الأخرى (أى نافذة فى جسم القمر كله) مما يدل على أنه انشق فى يوم من الأيام ثم التحم, سبحان الله! {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ} [القمر:1] فالقرآن الكريم به أسرار عجيبة, يقرؤه الرجل البسيط فيفهمه على قدر علمه, ويقرؤه العَالِم المتخصص فيفهمه على ضوء الاكتشافات العلمية, مثل الآية الكريمة: {يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ} [الزمر:5] كانت تُفهَمُ فى الماضى على أنها تعاقب الليل والنهار المعروف, أمّا فى العصر الحديث فقد فهمناها على أن الأرض كروية, ومثل الآية الكريمة: {لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ} [سبأ:3] كانت الذرَّة تُفهَمُ فى الماضى على أنها النملة الصغيرة أو الهباءة (أى الجسم الصغير الذى يبدو فى شعاع الشمس) وبعد تطور العلم فهمها العَالِم الحديث على أنها الذرَّة, والأصغر منها هو انشطارها... وهكذا, فالقرآن الكريم بحر من الخير لا ساحل له, ولا منتهى لعطائه, والله أعلم.


شبهات مُغرضة حول القرآن:
الشبهة الواحد و الثلاثون (31):
- تقولون إن القرآن نزل من عند الله, ورغم هذا تقولون إن بعض آياته نُسِخَت, وجاءت آيات أخرى بدلاً منها, إن هذا معناه البَدَاء, وهو أن الحكم ينزل, وبعد تطبيقه يتضح عدم صلاحيته وقصوره فى مواجهة الواقع, فيُغيَّر بحكم آخر, وهذا مُحال على الله, ولماذا لم يُنسَخ شرعكم كما نُسِخَت الشرائع الأخرى كما تقولون؟

الرد:
- إن البَدَاء مُحال على الله سبحانه وتعالى, وهو من عقائد الشيعة الباطلة, ومعناه أن الله يأمر بشىء ثم يبدو له شىء آخر أصلح منه فيأمر به, وهذا من صفات البشر التى لا تليق بالله, لأنه سبحانه وتعالى يعلم ما كان, وما يكون, وما سيكون, وما لم يكن لو كان كيف كان يكون, ولكن تبديل الآيات أو الأحكام بغيرها يسمى (النسخ) والنسخ ليس خاصاً بالقرآن وحده, بل إن بعض أحكام التوراة والإنجيل نُسِخَت بأحكام أخرى, وسيأتى ذكر بعضها بعد الإجابة على الشبهة إن شاء الله تعالى.
نقول وبالله التوفيق: ليس هناك نسخ فى العقائِد, قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : ((خير ما قلت أنا والنبيون من قبلى: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شىء قدير)) [صحيح الجامع:3274] وهذه لا يمكن نسخها, كذلك أخبار يوم القيامة, والبعث والنشور, والجنة والنار, وقصص الأنبياء... إلخ, لا تُنسَخ لأنها أمور ثابتة لا تتغير. والنسخ معناه الإزالة, وهو أمر ضرورى ومرحلى, فكل زمن له أحكام توافقه, ثم يأتى الزمن الذى يليه فيحتاج لأحكام أخرى, كما يمر الإنسان بمراحل مختلفة من حياته, يحتاج فى كل مرحلة إلى ما لا يحتاجه فى المراحل الأخرى, فالطفل, غير الشاب, غير الكهل... إلخ. فالله سبحانه وتعالى نسخ شريعة إبراهيم بشريعة موسى, ونسخ بعض شريعة موسى بشريعة عيسى, ونسخ شريعة عيسى بشريعة سيدنا محمد, صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين. والنسخ لا يكون إلا فى التكاليف.. إفعل ولا تفعل, أشياء تُحَلل, وأخرى تُحَرَّم, أشياء تزيد, وأخرى تنقص, قال تعالى: {مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} [البقرة:106] والناس تحكمها عادات وتقاليد وبيئات, والمجتمع المشرك كان يَئِن بالأمراض, ولتغيير تلك العادات ومعالجة تلك الأمراض كان لابد من التدرج فى التشريع, كالذى يأخذ الدواء على جرعات, ولو أخذه كله مرة واحدة لمات, وكذلك فإنه من حين لآخر يُغيَّرُ له نوع العلاج, ليناسب ما جَدَّ من أحواله. فمثلاً: تحريم الخمر جاء على مراحل متعددة, فقد كانوا يشربون الخمر شُربهم للماء, وكانت لهم فيها أشعار, فلو حُرِّمَت عليهم فجأة لكان هذا صعباً على نفوسهم, فمن المعلوم لدى الأطباء أن المدمن لشىء يصعب عليه أن يفارقه فجأة, لأن هذا يصيبه باضطرابات عصبية ونفسية, فلابد له من التدرج فى تركه, أمّا الأجيال التى جاءت بعدهم فليس لهم تدرج فى هذا الأمر, لأن أسلافهم منعوها, فلم تبقَ فى خَلَفِهم. ومن جهة أخرى فإن تحريمها فجأة كان سيضر باقتصادهم, وتخيلوا لو أن جميع محلات بيع الخمور أُغلِقَت فجأة.. فمن أين يرتزق أصحابها؟ أما تحريمها بالتدريج فقد جعل الإقبال عليها يقل بالتدريج, حتى يتسنَّى للمتاجرين فيها أن يبحثوا عن مصادر أخرى ليرتزقوا منها. وكذلك آيات الصبر على أذى الكفار كانت فى أول البعثة, حيث المؤمنون قِلَّة مستضعفة لا تستطيع المواجهة, أما بعد أن قويت شوكتهم, وأصبحت لهم دولة, أذِن الله لهم فى القتال {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} [الحج:39] ولو ظلت آيات الصفح والعفو عن المشركين لم تنسخ, لأُجهِضَ الإسلام, ولَوئِدَت دولته منذ نشأتها, فلابد للحق من قوة تحميه, قال الله عز وجل: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً} [الحج:40] ومن الآيات التى نُسخِت حكماً وبقيت تلاوة, قوله تعالى: {وَاللَّذَانَ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا} [النساء:16] و{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ} [النساء:43] وآيات أخرى نُسِخت تلاوة وبقيت حكماً, مثل {الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة} أى المحصنون إذا زنوا فلابد أن يُرجَموا, وهذه الآيات التى نسخت تلاوة وبقيت حكماً هى التى نُسِيَت, أى فى قوله تعالى: {أَوْ نُنسِهَا} وليس كل ما نُسِخَ نعلم حكمته, ولكننا نسلّم بأن الله سبحانه وتعالى له الحكمة التامة فى ذلك وغيره, فهو سبحانه يفعل ما يشاء {إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} [الحج:18] قد يقول قائل: {بِخَيْرٍ مِّنْهَا} مقبولة, ولكن ما فائدة {مِثْلِهَا}؟ فنقول وبالله التوفيق: إن هذا مِثل آية تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة:144] فالعبرة ليست بالاتجاه يميناً أو يساراً {وَلِلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ} [البقرة115] ولكن العبرة هى تعظيم أمر الله جل وعلا, مثل سجود الملائكة لآدم - على نبينا وعليه الصلاة والسلام - فليس هذا تعظيماً لآدم, ولكنه تعظيماً لأمر الآمر, وهو الله جل وعلا. وتحويل القبلة كان اختباراً إيمانياً {وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى} [البقرة:143] فمثلاً {وَلِلّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى} لو قال أب لابنه: قُمْ من على هذا الكرسى واجلس على الآخر, فالوضعان بالنسبة للابن سواء, ولكن الأب يريد أن يختبر طاعة ابنه له, وانقياده لأوامره.
أما لماذا لم يُنسَخُ شرعنا؟ لأنه فى علم الله القديم أن هذا الشرع الأخير يصلح لجميع الأجيال المتعاقبة إلى يوم القيامة, ولن تأتى أحوال تستدعى تشريعاً آخر, وكأن البشرية قد بلغت سن الرشد, كما يُكَلَّفُ أحدنا حين يبلغ سن الرشد, ولا تتغير عليه الأحكام بعد ذلك. قد يقول قائل: قد جَدَّت على البشرية أحوال كثيرة غير التى كانت على أيام الرسول – صلى الله عليه وسلم - , ونقول له: إنها تقاس على أحكام أخرى مشابهة لها, والفقهاء - بارك الله فيهم - عندهم الإجابة على كل سؤال, فعلى سبيل المثال: شرب الدخان يُحكَم عليه بحديث الرسول – صلى الله عليه وسلم - : ((لا ضَرَرَ ولا ضِرار)) [مُسنَد أحمد وسنن ابن ماجه, صحيح الجامع:7517] والحشيش والبانجو والأفيون وغيرها, يحكم عليها بحكم الخمر, لأن الخمر تُخمِّرُ العقل.. أى تغطيه, وقد سُمِّىَ الخِمارُ خماراً لأنه يغطى الرأس. التِلفاز, والطبق (الدِّش) والحاسب الآلى, والشبكة العنكبوتية (الإنترنت) يُحكَم عليها بما قيل فى الشِّعر: إن حلاله حلال وحرامه حرام. ويحكم عليها أيضاً بالآية الكريمة: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَان} [المائدة:2] وأشياء أخرى كثيرة يُحكَمُ عليها بما يناسبها.
والآن نذكر لكم بعض ما نُسِخَ من الكتاب المقدس:
وتأكل كعكاً من الشعير. على الْخُرْء الذى يخرج من الإنسان تخبزه أمام عيونهم. وقال الرب. هكذا يأكل بنو إسرائيل خبزهم النجس بين الأمم الذين أطردهم إليهم. فقلت آه يا سيد الرب ها نفسى لم تتنجس ومن صباى إلى الآن لم آكل ميتة أو فريسة ولا دخل فمى لحم نجس. فقال لى انظر. قد جعلت لك خِثى البقر بدل خُرْء الإنسان فتصنع خبزك عليه. (حزقيال4: 12-15) فى هذا النَّص يزعمون أن الله سبحانه وتعالى أمر نبيه (حزقيال) بعمل الكعك على خُرْء الإنسان (أى برازه) فلما اعترض خفف عنه وأمره أن يخبزه على خِثىّ البقر.
يقولون إن الله أمر نبيه (إيليا) أن يدمر مَلِك إسرائيل (أخآب) وأن يترك دمه لتلحسه الكلاب, فلما عَلِمَ أخآب تاب, فعفا عنه وجعل العقوبة على ابنه, ورغم ذلك قُتِلَ ولحست الكلاب دمه, وكأن الله سبحانه وتعالى قد رجع فى كلامه, وها هو ملخص قصته: فكان كلام الرب إلى إيليا التشبى قائلاً قُم انزل للقاء أخآب ملك إسرائيل... هكذا قال الرب. فى المكان الذى لحست فيه الكلاب دم نابوت تلحس الكلاب دمك أنت أيضاً... هَأنذا أجلبُ عليك شراً وأبيدُ نسلك... من مات لأخآب فى المدينة تأكله الكلاب ومن مات فى الحقل تأكله طيور السماء... ولما سمع أخآب هذا الكلام شق ثيابه وجعل مِسحاً على جسده وصام واضطجع بالمِسح ومشى بسكوت. فكان كلام الرب إلى إيليا التشبى قائلاً هل رأيتَ كيف اتضع أخآب أمامى. فمن أجل أنه قد اتضع أمامى لا أجلبُ الشر فى أيامه بل فى أيام ابنه أجلبُ الشر على بيته (الملوك الأول21: 17-39) أما قصة قتله ففى الإصحاح الذى بعده, وها هى نهايتها: وإن رجلاً نزع فى قوسه غير متعمد وضرب ملك إسرائيل... وأوقف الملك فى مركبته مقابل أرام ومات عند المساء وجرى دم الجرح إلى حِضن المركبة... وغُسِلَت المركبة فى بركة السامرة فلحست الكلاب دمه... فاضطجع أخآب مع آبائه ومَلَكَ أخزيا ابنه عِوَضاً عنه (الملوك الأول22: 34-40) ومعنى (فاضطجع أخآب مع آبائه) أى دُفِنَ معهم.
فى النَّص التالى يأمر الرب بإهلاك أورشليم, ثم يندم (بزعمهم) ويأمر المَلَك بالكَفّ عن إهلاكها: وأرسل الله ملاكاً على أورشليم لإهلاكها وفيما هو يُهلِكُ رأى الرَبُّ فندم على الشر وقال للملاك الْمُهلِك كفى الآن رُدَّ يدك. (أخبار الأيام الأول21: 15)
نسخ العهد الجديد بعض أحكام العهد القديم مثل الطلاق, فقد كان مباحاً للرجل أن يطلق امرأته, وكان مباحاً لها أن تتزوج بعد طلاقها, بدليل قوله: إذا أخذ رجل امرأة وتزوج بها فإن لم تجد نعمة فى عينيه لأنه وجد فيها عيب شىء وكتب لها كتاب طلاق ودفعه إلى يدها وأطلقها من بيته ومتى خرجت من بيته ذهبت وصارت لرجل آخر فإن أبغضها الرجل الأخير وكتب لها كتاب طلاق ودفعه إلى يدها وأطلقها من بيته أو إذا مات الرجل الأخير الذى اتخذها له زوجة لا يقدر زوجها الأول الذى طلقها أن يعود يأخذها لتصير له زوجة بعد أن تنجست. (تثنية24: 1-4) ثم جاء العهد الجديد فحرم الطلاق إلا بسبب الزنى, وحرم زواج المطلقة, وحكم عليه بأنه زنى, فقال: وقيل من طلق امرأته فليعطها كتاب طلاق. وأما أنا فأقول لكم إن من طلق امرأته إلا لِعِلَّة الزنى يجعلها تزنى. ومن يتزوج مطلقة فإنه يزنى (متى5: 31-32) قالوا له فلماذا أوصى موسى أن يعطى كتاب طلاق فتطلق. قال لهم إن موسى من أجل قساوة قلوبكم أذِنَ لكم أن تطلقوا نساءكم. ولكن من البدء لم يكن هكذا. وأقول لكم إن من طلق امرأته إلا بسبب الزنا وتزوج بأخرى يزنى. والذى يتزوج بمطلقة يزنى. (متى19: 7-9) نلاحظ أن النَّص الأخير أقرَّ بالنسخ مرتين, مرة فى شريعة موسى, ومرة فى شريعة عيسى - على نبينا وعليهما الصلاة والسلام - لأنهم لما سألوه وقالوا له إن موسى أحلَّ الطلاق, رد عليهم بأن موسى فعل ذلك لأجل قساوة قلوبهم (ولكن من البدء لم يكن هكذا)
حرم العهد القديم أشياءً كثيرة جداً, واعتبرها نجسة, منها أنواع كثيرة فى (سِفْر اللاويين, الإصحاح11) وبعضها قد ذُكِرَ فى الرد على الشبهة رقم (60) ثم جاء العهد الجديد فأحلها, بدليل قوله: إنى عالم ومتيقن فى الرب يسوع أن ليس شىء نجساً بذاته إلا من يحسب شيئاً نجساً فله هو نجس. (رسالة بولس إلى رومية14: 14) كل شىء طاهر للطاهرين وأما للنجسين وغير المؤمنين فليس شىء طاهراً بل قد تنجس ذهنهم أيضاً وضميرهم (رسالة بولس إلى تيطس1: 15) كل الأشياء طاهرة لكنه شر للإنسان الذى يأكل بعَثْرَة. (الرسالة إلى رومية14: 20)
كان تعظيم السبت حكماً أبدياً فى العهد القديم, لدرجة أن من عمل فيه أدنى عمل يُقتل: وكلم الرب موسى قائلاً. وأنت تكلم بنى إسرائيل قائلاً سُبُوتى تحفظونها. لأنه علامة بينى وبينكم فى أجيالكم لتعلموا أنى أنا الرب الذى يقدسكم. فتحفظون السبت لأنه مقدس لكم. من دنَّسَه يُقتل قتلاً. إن كل من صنع فيه عملاً تُقطع تلك النفس من بين شعبها. ستة أيام يُصنع عمل. وأما اليوم السابع ففيه سبت عطلة مقدس للرب. كل من صنع عملاً فى يوم السبت يُقتل قتلاً. فيحفظ بنو إسرائيل السبت ليصنعوا السبت فى أجيالهم عهداً أبدياً. هو بينى وبين بنى إسرائيل علامة إلى الأبد. لأنه فى ستة أيام صنع الرب السماء والأرض وفى اليوم السابع استراح وتنفَّس. (خروج31: 12-17) ثم جاء المسيح - عليه السلام - فنقض السبت, ولذلك أراد اليهود أن يقتلوه: ولهذا كان اليهود يطردون يسوع ويطلبون أن يقتلوه لأنه عمل هذا فى سبت. فأجابهم يسوع أبى يعمل حتى الآن وأنا أعمل. فمن أجل هذا كان اليهود يطلبون أكثر أن يقتلوه. لأنه لم يَنقُض السبت فقط بل قال أيضاً إن الله أبوه معادلاً نفسه بالله (يوحنا5: 16-18) فقال قوم من الفريسيين هذا الإنسان ليس من الله لأنه لا يحفظ السبت. (يوحنا9: 16)
كان الختان حكماً أبدياً لليهود, فيقول العهد القديم: وقال الله لإبراهيم وأما أنت فتحفظ عهدى. أنت ونسلك من بعدك فى أجيالهم. هذا هو عهدى الذى تحفظونه بينى وبينكم وبين نسلك من بعدك. يختن منكم كل ذكر. فتختنون فى لحم غُرلتكم. فيكون علامة عهد بينى وبينكم. ابن ثمانية أيام يختن منكم كل ذكر فى أجيالكم. وليد البيت والمبتاع بفضة من كل ابن غريب ليس من نسلك. يختن ختاناً وليد بيتك والمبتاع بفضتك. فيكون عهدى فى لحمكم عهداً أبدياً. وأما الذكر الأغلف الذى لا يُختن فى لحم غرلته فتقطع تلك النفس من شعبها. إنه قد نكث عهدى (تكوين17: 9-14) واستمر فيهم هذا الأمر إلى أن اختتن المسيح عليه السلام نفسه: ولما تمت ثمانية أيام ليختنوا الصبى سُمِّىَ يسوع (لوقا2: 21) ثم جاء بولس بعد ذلك فنسخ الختان بقوله: ها أنا بولس أقول لكم إنه إن اختتنتم لا ينفعكم المسيح شيئاً. لكن أشهد أيضاً لكل إنسان مختتن أنه ملتزم أن يعمل بكل الناموس. قد تبطَّلتم عن المسيح أيها الذين تتبررون بالناموس. سقطتم من النعمة. فإننا بالروح من الإيمان نتوقع رجاء بِرّ. لأنه فى المسيح يسوع لا الختان ينفع شيئاً ولا الغرلة بل الإيمان العامل بالمحبة. (رسالة بولس إلى غلاطية5: 2-6) غير أنه كما قسم الله لكل واحد كما دعا الرب كل واحد هكذا ليسلك وهكذا أنا آمر فى جميع الكنائس. دُعِىَ أحد وهو مختون فلا يَصِر أغلف. دُعِىَ أحد فى الغرلة فلا يختتن. ليس الختان شيئاً وليست الغرلة شيئاً بل حفظ وصايا الله. (رسالة بولس الأولى إلى كورنثوس7: 17-19) إن عبارة (دُعِىَ أحد فى الغرلة فلا يختتن) مفهومة, ولكن كيف نفهم (دُعِىَ أحد وهو مختون فلا يَصِر أغلف)؟
نسخ جميع أحكام التوراة إلا أربعة: لأنه قد رأى الروح القدس ونحن أن لا نضع عليكم ثقلاً أكثر غير هذه الأشياء الواجبة أن تمتنعوا عمّا ذبح للأصنام وعن الدم والمخنوق والزنا التى إن حفظتم أنفسكم منها فنِعِمّاً تفعلون. وكونوا مُعافين (أعمال الرسل15: 28-29) ولم يقتصر الأمر على ذلك, بل إن جميع أحكام التوراة تم نسخها, يقول بولس: مع المسيح صُلِبتُ فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فىَّ. فما أحياه الآن فى الجسد فإنما أحياه فى الإيمان إيمان ابن الله الذى أحبنى وأسلم نفسه لأجلى. لست أبطل نعمة الله. لأنه إن كان بالناموس بِرّ فالمسيح إذاً مات بلا سبب (رسالة بولس إلى غلاطية2: 20-21) لأن جميع الذين هم من أعمال الناموس هم تحت لعنة لأنه مكتوب ملعون كل من لا يثبت فى جميع ما هو مكتوب فى كتاب الناموس ليعمل به. ولكن أن ليس أحد يتبرر بالناموس عند الله فظاهر لأن البارّ بالايمان يحيا. ولكن الناموس ليس من الإيمان بل الإنسان الذى يفعلها سيحيا بها. المسيح افتدانا من لعنة الناموس إذ صار لعنة لأجلنا (رسالة بولس إلى غلاطية3: 10-13) إن معنى كلام (بولس) فى الفقرة الأولى أن الناموس (أى شريعة سيدنا موسى, على نبينا وعليه الصلاة والسلام) إن كان له بِرّ (أى إن كان سبباً فى البِرّ) فيكون المسيح قد صُلِبَ بغير فائدة, أى أن صَلْبه لم يَعُد عليهم بفائدة فى تخفيف أحكام الناموس عليهم. ومعنى كلامه فى الفقرة الثانية أن المسيح (بزعمهم) صُلِبَ وجُعِلَ لعنة ليخلصهم من لعنة الناموس, لأنه بالإيمان يصبح الإنسان بارّاً لا بالناموس. وهنا يتضح الفرق بيننا وبينهم, فهم يزعمون أن بالإيمان وحده ينجو الإنسان, بل إنهم وصفوا الشريعة (الناموس) بأنها لعنة, أما نحن فلا نقول إن الإيمان وحده يكفى, بل لابد أن يقترن بالعمل الصالح, وهذا ما نص عليه القرآن الكريم فى أكثر من موضع. ومن يرجع إلى الكتاب المقدس فسيجد أشياءً أخرى كثيرة نُسِخَت غير التى ذكرناها, ومنها على سبيل المثال ما جاء فى (إنجيل متى, الإصحاح5) من تكرار قول المسيح - عليه السلام - قد سمعتم إنه قيل كذا وأنا أقول كذا, والله أعلم.

يتبع

Miss Invisible
2011-10-20, 12:49 AM
شبهات مُغرضة حول القرآن:
الشبهة الثانية و الثلاثون (32):
- لماذا لم يُدَوَّن القرآن فى مصحف واحد فى عهد نبيكم, أو حتى يُجمع بين لوحين؟

الرد:
- لم يجمع القرآن فى عهد رسول الله – صلى الله عليه وسلم - فى مصحف واحد لعدة اعتبارات, أهمها:
1) احتمال نزول آيات ناسخة لآيات سابقة.
2) استمرار نزول الوحى على رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ولا يعرف أين ستوضع الآيات الجديدة.
3) كان القرآن محفوظاً فى صدر النبى – صلى الله عليه وسلم - وفى صدور كتبة الوحى, وفى صدور كثير من الصحابة - رضي الله عنهم - ومع ذلك كان القرآن مكتوباً على الرِّقاع, والأكتاف, واللخاف, والعسب, وكان كله مجموعاً فى بيت رسول الله – صلى الله عليه وسلم - .
ونقول للسائل: إن التوراة والإنجيل لم تتم كتابتهما فى عهد رسوليهما - على نبينا وعليهما الصلاة والسلام - فقد جاء فى (ص3) من (الكتاب المقدس طبعة لبنان سنة (1993) ما نصه: كانت أول لائحة وُضِعَت فى سبيل قانونية العهد القديم وأسفاره تضم أسفار الشريعة الخمسة فى أيام عزرا حوالى 400 ق.م ثم زاد المعلمون الأسفار النبوية من يشوع والقضاة حتى إشعياء وإرمياء, وحوالى سنة 90 ق.م التقى معلمو الشريعة اليهود من مختلف البلدان فى بلدة (يمنية) الواقعة فى (فلسطين) وثبتوا لائحة نهائية وكاملة للأسفار... إلخ.
إن معنى هذا الكلام أن أسفار (العهد القديم) الموجودة الآن لم تكن موجودة بكاملها عند أول كتابتها, كما أن أول كتابة لها كانت سنة (400 ق.م) أى بعد موت سيدنا موسى بمئات السنين, والدليل على ذلك أنها ذكرت عهد الملوك فقالت: وهؤلاء هم الملوك الذين ملكوا فى أرض أدوم قبلما مَلَكَ مَلِكٌ لبنى إسرائيل. (تكوين36: 31) وعهد الملوك فى بنى إسرائيل بدأ بعد موت سيدنا موسى بأربعة قرون. والدليل الأقوى على أن التوراة لم تُكتب فى زمن سيدنا موسى, أنها تحدثت عن موته, فمن كتبها إذن بعده؟
فمات هناك موسى عبد الرب فى أرض موآب حسب قول الرب. ودفنه فى الجواء فى أرض موآب مقابل بيت فغور ولم يعرف إنسان قبره إلى هذا اليوم وكان موسى ابن مئة وعشرين سنة حين مات ولم تكِلَّ عينه ولا ذهبت نضارته فبكى بنو إسرائيل موسى فى عربات موآب ثلاثين يوماً. فكملت أيام بكاء مَناحة موسى (تثنية34: 5-8)
كما أن الإنجيل (العهد الجديد) لم تتم كتابته هو أيضاً فى عهد المسيح عليه السلام, والدليل على ذلك وجود أربعة أناجيل مختلفة ليس فيها (إنجيل المسيح) وكلها تذكُره بصيغة الغائب, مثل: ذهب.. جاء.. قال... إلخ, ولم يتم الاتفاق على كونها مقدسة (هى وبقية رسائل الكتاب المقدس) إلا فى القرن الرابع, وبالتحديد فى عام 325 بإقرار من (مجمع نيقيَّة), والله أعلم.


شبهات مُغرضة حول القرآن:
الشبهة الثالثة و الثلاثون (33):
- إن جمع القرآن فى خلافة أبى بكر لم يكن منضبطاً, ولا موثوقاً فيه, نظراً لموت كثير من الحفظة, وهذا هو الجمع الأول الذى عليه الاعتماد.

الرد:
- إن الجمع فى خلافة أبى بكر كان بناءً على اقتراح من عمر بن الخطاب (رضى الله عنهما) بعد أن استحر القتل فى حفظة القرآن الكريم, خصوصاً بعد معركة اليمامة (حرب الردة) التى قُتِلَ فيها سبعون حافظاً لكتاب الله, فخاف عمر على القرآن, وأشار على أبى بكر بأن يجمعه فى مصحف واحد, ورفض أبو بكر فى أول الأمر, واعتبره بدعة, لأن الرسول – صلى الله عليه وسلم - لم يفعله, ولكن تحت إلحاح عمر, وبعد مشاورات, تم اختيار الصحابى الجليل زيد بن ثابت - رضي الله عنه - لهذا الأمر الصعب, ورغم أنه كان من الحفظة المهرة, إلا أنه قال: والله لو كلفونى بنقل جبل لكان أهون علىَّ من جمع القرآن. وكان زيد معروفاً بأنه قد حضر العرضة الأخيرة للقرآن سماعاً من فم الرسول – صلى الله عليه وسلم - , بالإضافة إلى ورعه وتقواه, فتم جمع القرآن فى عهد أبى بكر فى مصحف واحد, وقد نال جَمْعَهُ استحسان ورضا جميع الصحابة - رضي الله عنهم - حتى قيل: إن أعظم الناس أجراً فى المصاحف هو أبو بكر, لأنه أول من جمعه بين لوحين.
كيفية جمع القرآن فى عهد أبى بكر:
1) تم جمع كل الوثائق الخطيَّة التى كتبت فى عهد رسول الله – صلى الله عليه وسلم - من فمه الشريف من كُتّاب الوحى.
2) إحضار كل الحَفَظَة المهَرَة بالقرآن الذين حضروا العرضة الأخيرة, وكانوا سبعة, خصوصاً زيد بن ثابت, وعبد الله بن الزبير, وسعد بن أبى وقاص, وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام, وأبى بن كعب, تحت إمرة زيد بن ثابت (رضى الله عنهم أجمعين)
3) لم تكتب آية من آيات القرآن إلا إذا كانت مدونة فى الرقاع, أو سعف النخيل, أو الأكتاف, على عهد رسول الله – صلى الله عليه وسلم - , ويشهد لها جمع من الحفظة, وأقل الجمع رجلان من الحفظة, ولا تقبل شهادة الرجل الواحد, مع أن التدوين يؤيده, إلا آية واحدة لم يجدوا لها إلا شاهداً واحداً هو خُزَيمة بن ثابت - رضي الله عنه - وقد قبلوا شهادته وحده, لأن الرسول – صلى الله عليه وسلم - قال عنه: ((من شَهِدَ له خُزَيمة أو شهد عليه فَحَسْبُه)) [المعجم الكبير للطبرانى] ((فحسبه)) أى يكفيه, والله أعلم.


الشبهة الرابعة و الثلاثون (34):
- إن جمع القرآن فى عهد عثمان حذف منه أشياء كثيرة من صلب القرآن, بدليل أنه أحرق كثيراً من المصاحف المخالفة له.

الرد:
- أحرق عثمان - رضي الله عنه - المصاحف المخالفة لمصحفه لعدة أسباب:
1) كان بها بعض العبارات التفسيرية, سواء فى آخر الآية, أو فوقها, أو تحتها, مما قد يُظَن بعد ذلك أنها من القرآن, وهى فى الحقيقة تفسيرات, وهذه العبارات التفسيرية لم تكن واحدة, ولكن اختلفت باختلاف الكُتّاب.
2) كان بهذه المصاحف قراءات غير صحيحة, وآيات نسخت تلاوة وما زالت عندهم فى هذه المصاحف.
3) الطريقة التى كتبت بها المصاحف لا تحتمل وجود الألسن السبعة, بل أكثرها كان يعبر عن لسان واحد لقبيلة واحدة.
4) اختلاف الطرق الإملائية فى هذه المصاحف, وهذا ما تداركه عثمان, فوحَّد الخط على يد رجل واحد, هو سعيد بن العاص - رضي الله عنه - حتى تصبح النُّسَخ كلها بخط واحد كأنها نُسَخ ضوئية لمصحف واحد, وهو المعروف بمصحف عثمان.
والأهم من هذا كله أن أصحاب المصاحف مثل أُبَىّ بن كعب, وعبد الله بن مسعود, وعلى بن أبى طالب, لم يعترض منهم أحد, وأجمعوا على صحة ما فعله عثمان, وتمت عملية الإحراق أمام الكبراء من أصحاب النبى – صلى الله عليه وسلم - حتى لما حدثت الفتنة بعد مقتل عثمان, وقال بعض الروافض إنه حرق المصاحف, قال لهم على بن أبى طالب: اتقوا الله أيها الناس, والله ما فعل عثمان ذلك إلا بمشورتنا, وحضورنا, وموافقتنا جميعاً, لم يَشِذّ منا أحد.
كيفية جمع القرآن فى عهد عثمان - رضي الله عنه - (وقد كان من المهَرَة بالقرآن, كما وردت بذلك الأخبار الصحيحة):
فزع حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - حينما رأى اختلاف الناس, وتعصبهم لبعض القراءات, إلى حد الافتخار بقراءة على أخرى, ونظراً لفتوح بعض البلدان الأعجمية بدأت تظهر قراءات مليئة بالأخطاء, لدخول ألسنة غير عربية على قراءة القرآن, فظهر كثير من اللحن فى قراءته, فتوجَّه إلى أمير المؤمنين عثمان بن عفان أن يدرك الأمة, قبل أن تضيع لغة القرآن بين الناس, وتحدث فُرقة كفُرقة أهل الكتاب على كتابهم, فتم اختيار نخبة من أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم - لجمع القرآن فى مصحف واحد تجتمع الناس عليه, ويحمل فى الوقت نفسه صلاحية الأحرف السبعة التى نزل بها. والمعلوم أن الأحرف السبعة غير القراءات السبعة, وكانت النخبة التى كوَّنها عثمان من الحفظة المهرة, الذين حضروا العرضة الأخيرة على رسول الله – صلى الله عليه وسلم - وتلوها عليه, وأقرَّهم عليها, ومن هؤلاء الحفظة زيد ابن ثابت, وعبد الله بن الزبير, وسعد بن أبى وقاص, وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام, رضى الله عنهم أجمعين. وقد كان هؤلاء من كتبة الوحى, وكانوا حافظين للقرآن بالسماع المباشر من فم الرسول – صلى الله عليه وسلم - , وكان زيد بن ثابت له السبْق فى خلافة أبى بكر الصديق فى الجمع الأول للقرآن, وكانت النسخة الأولى المعروفة بالبَكْرية (نسبة لأبى بكر) فى بيت أم المؤمنين حفصة - رضى الله عنها - بعدما تركها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب, وكان قد أخذها بعد موت أبى بكر بعد الجمع الأول الذى تمت الإشارة إليه, فاستأذن عثمان - رضي الله عنه - فى أخذ هذه النسخة, باعتبارها العمدة فى القراءات والأصيلة, لأنها كتبت من فم الرسول – صلى الله عليه وسلم - , ثم أعادها إليها بعد أن نسخ المصاحف التى أرسل بها إلى الأمصار الإسلامية, وتم نسخ القرآن بطريقة تحفظ الألسن السبعة, والتى عُرِفَت بالرسم العثمانى, وكانت بخط الصحابى الجليل سعيد بن العاص - رضي الله عنه - وكانت حوالى ثمانى نسخ, احتفظ عثمان لنفسه بنسخة, وأرسل الباقى إلى الأمصار الإسلامية, وكان عملاً فخيماً عظيماً نال إعجاب كل الصحابة, وكان هذا فى العام الخامس والعشرين من الهجرة, وكان جمع أبى بكر فى عام 12 هجرية بعد حروب الردة, وكانت النسخة العثمانية من الدقة بمكان, حتى إن أحد المؤرخين المستشرقين واسمه (موير) قال: إن المصحف الذى جمعه عثمان قد تواتر انتقاله من يد إلى يد حتى وصل إلينا الآن دون أى تحريف. وللآن القرآن الموجود فى كل الدنيا هو قرآن واحد, والواقع يؤيد صدق الآية الكريمة: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُون} [الحجر:9] أما كتابكم المقدس فقد حُذِفَت منه إصحاحات بكاملها, وقد حدث ذلك فى تراجمه المختلفة, التى لا تختلف عن بعضها فقط فى التعبير عن كلمة بكلمة أخرى, ولكن بزيادة ونقص هذه الإصحاحات, فالكتاب المقدس فى نسخة الكاثوليك 73 إصحاح, وفى نسخة البروتستانت 66 إصحاح, وفى نسخة الأُرثوذُكس 81 إصحاح, وفى النسخة الأوربية الشرقية 87 إصحاح, والله أعلم.

يتبع

Miss Invisible
2011-10-20, 12:51 AM
الشبهة الخامسة و الثلاثون (35):
- إن القرآن قد مُلئ بالإضافات التى لم تكن فى مصحف عثمان, وقد تم ذلك بعد موته.

الرد:
- إن الإضافات التى يزعم أعداء الإسلام أنها أضيفت لمصحف عثمان - رضي الله عنه - هى النَّقْط, والضبط, وعلامات الوقف, ثم إنها:
أولاً: لا تمس رسم الكلمة من قريب أو بعيد, ولا تغير من هيكل الرسم العثمانى للكلمات, بل هى إيضاحات خارجة عن أصل الكلمة.
ثانياً: إن هذه الإضافات المزعومة عبارة عن علامات لخدمة النص القرآنى, وهى وسائل إيضاح اصطلاحية متفق عليها, تعين قارئ القرآن على تلاوة متقنة, وليست منزلة من عند الله, ولو جُرِّدَ المصحف منها ما نقص كلام الله شيئاً, وقد كان كتاب الله قبل إدخال هذه العلامات هو كتاب الله, فهى إذن ليست إضافة أو تبديلاً أو تحريفاً أُدخِلَ على كتاب الله فأضاع معالمه.
فالنقْط مثلاً: هو وضع النقط فوق الحروف أو تحتها, مثل النون والباء والتاء والياء.
أما الضبط فهو وضع الحركات الأربع: الضمة والفتحة والكسرة والسكون, حسب النطق الصوتى للكلمة, حسبما تقتضيه قواعد النحو.
أما علامات الوقف: فهى كالنقط والضبط, توضع فوق نهاية الكلمة التى يجوز الوقف عليها, أو وصلها بما بعدها.
وقبل إضافة النقط إلى الحروف, أو الضبط, أو الوقف, كان السماع يقوم مقامها, لأن الحفظة لم يكونوا فى حاجة إلى هذه الوسائل, أما غير الحفاظ - وهم الأكثرية من المسلمين - ففى حاجة ماسَّة إلى هذه الإيضاحات, وإن هذا الضبط والتنقيط والتوقيف تم فى عهد جماعة من كبار التابعين, وأول من نقَّط المصحف أبو الأسود الدؤَلى, وناصر بن عاصم الليثى, ويحيى بن يعمر, والخليل بن أحمد. وكان هذا العمل العظيم من السنن الحسنة التى أجازها كبار التابعين, لأن فيه تيسيراً على قُرّاء كتاب الله, والله أعلم.


شبهات مُغرضة حول القرآن:
الشبهة السادسة و الثلاثون (36):
- كيف تقطعون بصحة نقل القرآن, مع أن الذين كانوا يحفظونه كله حوالى سبعة من الصحابة؟

الرد:
- كان القرآن فى صدر النبى - صلى الله عليه وسلم - وكان مدوَّناً - كما قلنا - فى الرقاع والأكتاف والعسب, وكانت حظوظ أصحاب النبى - صلى الله عليه وسلم - من القرآن متفاوتة, فمنهم من يحفظ أوله, ومنهم من يحفظ وسطه, ومنهم من يحفظ آخره, وبذلك يكون القرآن كله مع الصحابة - رضي الله عنهم - وقد كان هناك حفظة آخرون غير السبعة الذين تتحدثون عنهم, أما هؤلاء السبعة فقد عرضوه على الرسول - صلى الله عليه وسلم - فأقرَّهم عليه قبل موته, ثم جاءت الجَمْعة البكرية, ثم الجَمْعة العثمانية التى أقرها وأجمع عليها كل أصحاب النبى - صلى الله عليه وسلم -.
ونقول للسائل: هل تضمن صحة نقل ما جاء فى كتابك المقدس؟ فإن قلت: (نعم) سألناك وماذا يعنى قول (لوقا) فى أول إنجيله: إذ كان كثيرون قد أخذوا بتأليف قصة فى الأمور الْمُتَيقَّنة عندنا كما سلَّمها إلينا الذين كانوا منذ البَدْء مُعاينين وخُدّاماً للكلمة رأيتُ أنا أيضاً إذ قد تتبعتُ كل شىء من الأول بتدقيق أن أكتب على التوالى إليك أيها العزيز ثاوفيلس لتعرف صحة الكلام الذى علمت به (لوقا1: 1-4) إن معنى كلام (لوقا) أنه كان هناك كثيرون قبله ألَّفوا قصصاً من عندهم, ونسبوها (للكلمة) أى الوحى الأصلى, وهو الإنجيل, فأين صحة النقل إذن؟
كما أن بولس الرسول يقول: إنى أتعجب أنكم تنتقلون هكذا سريعاً عن الذى دعاكم بنعمة المسيح إلى إنجيل آخر ليس هو آخر غير أنه يوجد قوم يزعجونكم ويريدون أن يحوِّلوا إنجيل المسيح. (الرسالة إلى غلاطية1: 6-7) إن بولس يُقرُّ بأن هناك ما يُسمَّى بإنجيل المسيح, فأين هذا الإنجيل؟, والله أعلم.

الشبهة السابعة و الثلاثون (37):
- تقولون إن القرآن نزل على سبعة أحرف, ومرة تقولون إن عندكم سبع قراءات, ومرة تقولون إن هناك قراءات شاذة غير السبعة.

الرد:
- إن القراءات السبع ليس المقصود بها الأحرف السبعة التى نزل بها القرآن, كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أُمِرتُ أن أقرأ القرآن على سبعة أحرُف كُلُّها شافٍ كافٍ)) [صحيح الجامع:1374] وهذا من تيسير الله عز وجل على أمة الإسلام, لأن قبائل الحجاز العربية لها لهجات مختلفة, مثل القُرَشية, والتميمية, والْهُزَلية, والثقيفية, والغِفارية, والأَسَدية, وغيرها, فمثلاً قوله تعالى: {وَانظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا} [البقرة:259] فقد صحت قراءة أخرى متواترة {ننشرها} وقوله تعالى: {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْءاً وَأَقْوَمُ قِيلاً} قرأها أنس {وأصوب قيلا} فقال له البعض: يا أبا حمزة إنما هى {وَأَقْوَمُ} فقال: أقوم وأصوب وأهيأ واحد. أما القراءات السبع, قال أبو شامة: ظن قوم أن القراءات السبع الموجودة الآن هى التى أريدت فى الحديث, وهو خلاف إجماع أهل العلم قاطبة, وإنما يظن ذلك بعض أهل الجهل. وقال مكى بن أبى طالب: هذه القراءات التى يُقرأ بها اليوم, وصحَّت روايتها عن الأئمة, هى جزء من الأحرف السبعة التى نزل بها القرآن.
ومن حكمة تعدد القراءات, التعرف من خلالها على حكم الصحيح, وحسم مادة الخلاف عند التعارض فى أقوال الفقهاء, أو ترجيح بعضها على بعض, فإن الفقيه يلجأ فى تصويب رأيه إلى وجوه القراءات, لعلمه أن القرآن يفسر بعضه بعضاً, ولقد وضع العلماء الأقدمون ضوابط محكمة للقراءات الصحيحة التى هى وحى من عند الله, وتلك الضوابط هى:
1) صحة السنَد الذى يؤكد سماع القراءة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
2) موافقة القراءة لرسم المصحف العثمانى الذى أجمعت عليه الأمة.
3) أن تكون القراءة موافقة لوجه من وجوه تراكيب اللغة العربية.
4) أن يكون معنى القراءة غير خارج عن قِيَم الإسلام ومقاصده الأصول والفروع.
وعملاً بهذه الضوابط تميزت القراءات الصحيحة من القراءات غير الصحيحة, أو ما يسمى بالقراءات الشاذة. فإن سأل سائل فقال: فما الذى يُقبَل من القرآن فيُقرَأ به؟ وما الذى يُقبَل ولا يُقرَأ به؟ فالجواب: أن جميع ما رُوِىَ فى القرآن على ثلاثة أقسام:
القسم الأول: قسم يقرأ به اليوم, وهو ما اجتمعت فيه الشروط الأربعة المتقدمة.
القسم الثانى: ما صحَّ نقله عن الآحاد, وصح وجهه فى العربية, وخالف لفظه خط المصحف, هذا يقبل ولا يقرأ به.
القسم الثالث: هو ما نقله غير ثقة, أو نقله ثقة ولا وجه له فى العربية, فهذا لا يقبل وإن وافق خط المصحف, والله أعلم.

يتبع

Miss Invisible
2011-10-20, 12:53 AM
الشبهة الثامنة و الثلاثون (38):
- لماذا تعددت المصاحف فى عهد عثمان, حتى وصلت إلى سبعة فى الأقطار الإسلامية؟

الرد:
- إن هذه المصاحف السبعة هى نسخ لم تتعدد, وهى تشبه الآن التصوير الضوئى, لأنها كانت بخط رجل واحد, هو سعيد بن العاص - رضي الله عنه -, وهذا المصحف هو المعروف بمصحف عثمان.
وقد ذكرنا فى الشبهة رقم (32) أن الأناجيل الأربع الموجودة الآن تم الاتفاق على أنها مقدسة فى عام (325) بعد ميلاد المسيح - على نبينا وعليه الصلاة والسلام - فى مجمع نيقيَّة, وقد تم اختيار هذه الأناجيل حين ذاك من بين أكثر من سبعين إنجيل, ولم يتم ذلك الاختيار وِفْق منهج علمى تمَّ على أساسه قبول ما قُبِلَ ورَدِّ ما رُدَّ ، وإنما كان الضابط فى ذلك ما ظنَّه رعاة المجمع من عدم معارضة تلك الأناجيل لِما تبنَّوْه من القول بألوهية المسيح وأنه ابن الله، تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً. وبالطبع فلم يكن هذا القول ليَحْظى بموافقة كل المؤتمرين، فقد عارضه جمع عظيم منهم، إلا أن قوة سيف الرومان حسمت الخلاف لصالح من ذهب إلى القول بألوهية المسيح عليه السلام، وجعلت من المخالفين مبتدعة ومهرطقين، عِلماً بأنهم الأكثرية, وفيهم عدد من الموحِّدين الذين نادوا بوحدانية الله لا شريك له, وأن المسيح عبد الله ورسوله. وهكذا قضت قوة الرومان على هؤلاء المخالفين - وخاصة الموحِّدين منهم - بالملاحقة والتشريد والتعذيب، فلم ينتشر مذهبهم، بل اضمحل مع مرور الوقت, حتى أضحى اليوم - فيما يظهر - من غير أتْباع, والله أعلم.

الشبهة التاسعة و الثلاثون (39):
- إن الشيعة يقولون إن عثمان حذف من القرآن شيئاً يتعلق بعلىّ بن أبى طالب, وبعضهم يذكر سورة باسم (سورة النورين) كانت مما نزل، وحذفها عثمان عند جمع المصحف, وهذا يعتبر تعديلاً فى النصوص الموحَى بها, فكيف تقولون إن القرآن لم يُمَس, وأنه متطابق فى المصاحف كلها؟

الرد:
- إن الذين قالوا ذلك ليسوا من الشيعة, بل من الدخلاء على التشيُّع, ولا وجود لهم الآن فى العالم كله, فقد انقرضوا, ومما يدفع هذه الفِرية عن عثمان - رضي الله عنه - أن التشيع فى خلافته كان شيئاً لا يُذكَر, وكان على يد (عبد الله بن سبأ) اليهودى الحاقد على الإسلام. أما التشيُّع فلم يظهر إلا بعد حادثة التحكيم بين على بن أبى طالب ومعاوية ابن أبى سفيان - رضى الله عنهما - ومعنى هذا أن غَمْط حق علىّ بن أبى طالب لم يكن له وجود فى عهد عثمان, فما الذى كان يحمل عثمان على غمط حقه؟ ولنفترض أن ذلك قد حدث.. فهل من المتصوَّر أن حفاظ القرآن من الصحابة - رضي الله عنهم - كانوا سيتركونه يعبث بكتاب الله؟ وقد قلنا قبل ذلك إن علياً قد أثنى على ما قام به عثمان من جمع القرآن, وكذلك كل الصحابة فى خلافة عثمان, وإلى يومنا هذا فإن المصحف المتداول فى العالم الإسلامى كله - بما فيه فِرَق الشيعة - هو المصحف العثمانى.
واسمع إلى رأى الشيعة الإمامية - وهم أهم فِرَق الشيعة - كما ورد فى كتاب أبى جعفر (الأم): (إن اعتقادنا فى جملة القرآن الذى أوحى الله تعالى به إلى نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - هو كل ما تحويه دفَّتا المصحف المتداول بين الناس لا أكثر, وعدد السور المتعارف عليه بين المسلمين هو114 سورة, أما عندنا نحن الشيعة فسورتا الضحى والشرح تكوِّنان سورة واحدة, وكذلك سورتا الفيل وقريش, وأيضاً سورتا الأنفال والتوبة, أما ما ينسب إلينا من أن القرآن أكثر من ذلك فهو كاذب) فماذا يقول خصوم القرآن بعد هذا البيان؟ وماذا يقولون عن كتابهم المقدس الذى قال:
كما أمر موسى عبدُ الربِّ بنى إسرائيل. كما هو مكتوب فى سِفْر توراة موسى. (يشوع8: 31) فتشددوا جداً لتحفظوا وتعملوا كل المكتوب فى سِفْر شريعة موسى حتى لا تحيدوا عنها يميناً أو شمالاً. (يشوع23: 6) وكتب يشوع هذا الكلام فى سِفْر شريعة الله. (يشوع24: 26) فأين هذه الأسفار الثلاثة؟ ألا يدلّ ذلك على أن التوراة التى بين أيديكم ليست التوراة الحقيقية التى أُنزِلت على سيدنا موسى, على نبينا وعليه الصلاة والسلام؟ وإلا.. فما معنى (سِفْر توراة موسى) و(سِفْر شريعة موسى) و(سِفْر شريعة الله)؟ ثم إنكم متفقون معنا على أن الكتاب المقدس الموجود الآن هو ترجمة للتوراة والإنجيل, سواء كانت هذه الترجمة باللغة العربية, أو الإنجليزية, أو الفرنسية... إلخ, فأين إذن النُّسَخ الأصلية؟ ولِمَ جعلتم التراجم مقدَّسة, وأطلقتم عليها عبارة (الكتاب المقدس)؟ ألا كان المفروض أن تسمونه (ترجمة الكتاب المقدس) وخصوصاً أن هذه التراجم مختلفة مع بعضها البعض؟, والله أعلم.


الشبهة الأربعون (40):
- إن بعض المصاحف تختلف فى عدد سور القرآن من 112 إلى 116, وكذلك تختلف المصاحف فى عدد آيات القرآن, وفى عدد كلماته وحروفه, فكيف تقولون إن تعدد المصاحف عندكم على صورة واحدة, وإن كل مصحف تكرار لما عداه من المصاحف؟

الرد:
- إن الاختلاف بين مصاحف السنَّة والشيعة فى تعداد السور فقط, فإنهم (كما ذكرنا فى السؤال السابق) يدمجون بعض السور مع بعض, بما لا يزيد فى كتاب الله ولا ينقص, فإذا اعتبروا سورتى الأنفال والتوبة سورة واحدة, والضحى والشرح سورة واحدة, والفيل وقريش سورة واحدة, فإن هذا لا يزيد فى كتاب الله كلمة, ولا ينقص منه كلمة. أما عدد الآيات فقد قام بعض الشيعة بقسمة بعض الآيات إلى آيتين, وهذا أيضاً لا ينقص ولا يزيد فى كتاب الله شيئاً. وأما الأحرف, فهناك أحرف أُدغِمَت مثل (إن ما) كتبت (إمّا) وهكذا لم يزد فى القرآن حرف ولم ينقص, والله أعلم.

يتبع

الشهاب
2011-10-20, 01:35 AM
تقولون إن كل شىء من خلْق الله, فمن خلَق الله؟

جواب هذا السؤال يكون أيضا بما يأتي :

إن من أساسيات العقل مبدأ عدم التناقض ، فلا يمكن أن أقول في وصف الشيء إنه أبيض و أسود في الوقت نفسه فذلك مناقض للعقل ،فإما أن يكون ذلك الشيء أسود أو أبيض ، أو أن تقول عن شخص إنه أنثى و ذكر في الوقت نفسه ، فإما أن يكون أنثى أو يكون ذكرا و إلا كان ذلك مخالفا للعقل . و عليه ، لا يمكن وصف الله بأنه خالق و مخلوق في الوقت نفسه ، فإما أن يكون خالقا أو مخلوقا ، و ما دام الله خالقا ، فلا يمكن أن يكون مخلوقا ، علما أن الخلق يعني الإيجاد من عدم ، فالخالق هو الذي يوجد الأشياء من العدم . و عليه ، يستحيل أن يوصف الله بأنه خالق و مخلوق .

Miss Invisible
2011-10-22, 12:20 AM
الشهاب (http://www.albshara.com/member.php?u=5295)
تحيتي وتقييمي
جزاك الله خيرا
وجزيل الشكر ايها الاخ الكريم

Miss Invisible
2011-10-22, 12:23 AM
شبهات مُغرضة حول القرآن:

الشبهة الحادية و الأربعون (41):
- كثير من سور القرآن افتُتِحَت بكلمات عبارة عن طلاسم لا تُفهم, ولا يُفهم ما المراد منها, ولا يُرى منها فصاحة ولا بلاغة, مثل {الم} {الر} {كهيعص} {حم{1} عسق} {طسم} وغيرها.

الرد:
- أولاً: هذه أحرف مقطَّعة وليست كلمات كما يقول المدَّعى.
ثانياً: لو أن هذه طلاسم, أو ألغاز, أو كلام عاطل لا معنى له - كما يقولون - لكان أول من تصدى لها أساطين الكلام من المشركين, الذين كانوا يلعبون بالكلام كما يلعب الصبى بالكرة, ولاشتهر عنهم اعتراضهم الشديد على هذه الأحرف, ولكن شيئاً من ذلك لم يحدث على الإطلاق.
ثالثاً: إن بُلغاء العرب كانوا يعلمون أن وراء هذه الأحرف مُراداً, وأنها تعنى عند بعضهم أرقاماً لبقاء هذا القرآن, وقد قيل فى هذه الحروف تفسيرات كثيرة, من أفضلها أن الله عز وجل يتحدى العرب بهذه الأحرف التى نزل بها القرآن, والتى يتكلمون بها, بمعنى: أن الخامة واحدة, فعليهم أن يأتوا بمثله, طالما فى أيديهم نفس الخامة, وقد تحداهم الله بذلك فى قوله: {قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً} [الإسراء:88] ثم إن هذه الأحرف إذا جمعتها, وحذفت منها المتكرر, تعطيك هذه العبارة: (نص حكيم قاطع له سِر) كما ذكره الإمام الزمخشرى. وقد قال أيضاً: (إن هذه الأحرف هى نصف الأحرف الأبجدية الثمانية والعشرين, وهى تمثل الأساس فى الأحرف الأبجدية المنطوق بها) وإذا نظرت فى هذه الأربعة عشر حرفاً لوجدتها مشتملة على أنصاف أجناس الحروف, وبيان ذلك أن فيها نصف الحروف المهموسة, والمجهورة, والشديدة, والرخوة, والْمُطبَقة, والمنفتحة, والمستعلية, والمنخفضة.
ونقول لمن يعتبر هذه الحروف ليست وحياً من عند الله, مع أنها ليس فيها ما يناقض ذلك: هل كل ما جاء فى الكتاب المقدس وحى من عند الله؟ وهل كل ما ذكرناه فى الرد على شبهات أخرى, من ألفاظ جنسية صارخة, وسَبّ للأنبياء – صلوات الله وسلامه عليهم – وغير ذلك من قصص الخيانة والسَّب والشتم والعنف, وحى من عند الله؟ وهل القُبْلَة المقدَّسة والسلامات التى ذكرناها فى الرد على الشبهة رقم (61) وحى من عند الله؟ أضف إلى ذلك أن فى سِفْر (الملوك الأول) إصحاحان كاملان - وهما السادس والسابع - فى وصف الهيكل وطوله وعرضه وسُمكه وارتفاعه, وعدد غرفاته ونوافذه وأبوابه ومراحيضه, وتفاصيل أخرى كثيرة يقول الكتاب المقدس إنها المواصفات التى يريدها الرب لمسكنه الأبدى: وكان كلام الرب إلى سليمان قائلاً هذا البيت الذى أنت بانيه إن سلكتَ فى فرائضى وعملتَ أحكامى وحفظتَ كل وصاياى للسلوك بها فإنى أقيمُ معك كلامى الذى تكلمتُ به إلى داود أبيك. وأسكنُ فى وسط بنى إسرائيل ولا أتركُ شعبى إسرائيل (الملوك الأول6: 11-13) وقد ذكرنا بعض مواصفات الهيكل فى الرد على الشبهة رقم (88)
وفى سِفْر (أخبار الأيام الأول) عدة إصحاحات (من الأول إلى التاسع) كلها أنساب سيدنا آدم وأحفاده, وسيدنا إبراهيم وذريته - على نبينا وعليهم الصلاة والسلام - وفى (عزرا2: 1-67) قائمة بأسماء العائدين من بابل حسب عائلاتهم, وأعداد كل عائلة, بالإضافة لأعداد حميرهم وجمالهم, وقوائم أخرى بأعداد الجيوش والبوابين من كل سِبْط, وعدد كل جيش (انظر سِفر أخبار الأيام الأول: الإصحاح23 والإصحاح24 والإصحاح27) وفى سِفر (الخروج) يأمر الرب سيدنا موسى - على نبينا وعليه الصلاة والسلام - بصناعة التابوت والمسكَن, بمواصفات دقيقة تستمر 13 صفحة, تبدأ من الإصحاح25 إلى الإصحاح30, وفى سِفْر (الخروج) الإصحاح (28) تفصيل مُطوَّل لحياكة الملابس المقدسة لسيدنا هارون وأولاده, من جُبَّة, ورداء, وقميص, وعمامة, وسراويل... إلخ, وغير ذلك الكثير والكثير, فمن أراد المزيد فليرجع إلى الكتاب المقدس, والله أعلم.


شبهات مُغرضة حول القرآن:
الشبهة الثانية و الأربعون (42):
- أنتم تقولون إن الأحرف المقطعة فى أوائل السور يأتى الحديث بعدها عن القرآن, ولكن هناك خمس سور بدأت بأحرف مقطعة ولم يأتِ بعدها ذكر للقرآن, وهى مريم والروم والعنكبوت والشورى والقلم.

الرد:
- لم تَخْلُ سورة من هذه السور من وجه من وجوه الإعجاز, فسورة (مريم) جاء فيها ذكر ولادة سيدنا عيسى بلا أب, ومن قبله مجىء سيدنا يحيى - على نبينا وعليهما الصلاة والسلام - من أب طاعن فى السن, وامرأة عجوز عاقر. وسورة (الروم) جاء فيها البشارة بنصر الروم على الفرس {غُلِبَتِ الرُّومُ{2} فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ{3} فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ} [2-4] وسورة (العنكبوت) ذُكِرَ فيها من الإعجاز العلمى قوله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاء كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُون} [41] وقد تكلمنا عنها فى الرد على الشبهة رقم (430) وسورة (الشورى) فيها إعجاز علمى فى قوله تعالى: {إِن يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ} [33] وقد ذكرناه فى الرد على الشبهة رقم (448) وسورة (القلم) جاء فيها الكلام عن الوليد بن المغيرة, وأنه {زَنِيمٍ} أى أنه ابن زنى, والعياذ بالله. ولا يعنى ما ذكرناه من الإعجاز فى هذه السُّوَر أنها خلت من ضروب الإعجاز الأخرى, ولكن ما ذكرناه هو أبرز ما فيها من الإعجاز, والله أعلم.


الشبهة الثالثة و الأربعون (43):
- هناك سورتان أثبتهما أُبَىّ بن كعب فى مصحفه, ولم يأتِ ذكرهما فى بقية المصاحف, وهما سورتا (الحفد) و(الخلع) فكيف تقولون إن الله قد حفظه من النقص والزيادة والتحريف؟

الرد:
- يزعم السائل أن هناك سورتين حُذِفتا من القرآن الكريم, وهما سورتا الحفد والخلع, وكانتا عند أبى بن كعب - رضي الله عنه -, ونصّهما (اللهم إنا نستعينك ونستهديك ونستغفرك ونتوب إليك, ونؤمن بك ونتوكل عليك, ونثنى عليك الخير كله, نشكرك ولا نكفرك, ونخلع ونترك من يفجرك, اللهم إياك نعبد, ولك نصلى ونسجد, وإليك نسعى ونحفد, ونرجو رحمتك ونخاف عذابك, إن عذابك الجِد بالكفار ملحِق) ونقول لهذا السائل وأمثاله: إنك لن تستطيع أن تثبت صحة هذا القول, وبفرض صحته فإن ما ورد فى مصحف أُبَى بن كعب - رضي الله عنه - ليس من القرآن, ولكنه دعاء كان يَقنُت به فى الصلاة, وقد وضعه على هامش المصحف, كما كان يكتب بعضهم فى مصحفه تفسيراً لآية معينة حتى لا ينساها, كما كتب أحدهم (صلاة العصر) أمام قوله تعالى: {حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى} [البقرة:238] ولو كتب سيدنا أُبَى هذا الكلام على أنه قرآن لأخبر عنه سيدنا زيد بن ثابت - رضى الله عنهما - حتى يكتبه فى نصوص القرآن حين كان يجمعه, ولكن شيئاً من هذا لم يحدث. وقد كان الصحابة - رضي الله عنهم - يفعلون هذا بمصاحفهم لنُدْرة أدوات الكتابة عندهم, ولأنها كانت مصاحفهم الخاصة بهم دون غيرهم, وقد أمِنوا على أنفسهم أن يحدث لهم لَبْس فى هذا الأمر, لأنهم كانوا يعلمون جيداً ما هو من القرآن أو غيره.
وقد استشهد الكتاب المقدس بأسفار لا وجود لها, فقال على سبيل المثال: لذلك يُقال فى كتاب حروب الرب واهب فى سوفة وودية أرنون (عدد21: 14)
فدامت الشمس ووقف القمر حتى انتقم الشعب من أعدائه. أليس هذا مكتوباً فى سِفر ياشر. فوقفت الشمس فى كبد السماء ولم تعجل للغروب نحو يوم كامل. (يشوع10: 13)
وبقية أمور سليمان وكل ما صنع وحكمته أمَا هى مكتوبة فى سِفر أمور سليمان. (الملوك الأول11: 41)
وبقية أمور سليمان الأولى والأخيرة أمَا هى مكتوبة فى أخبار ناثان النبى وفى نبوّة أخيّا الشيلونى وفى رؤى يعدو الرائى على يربعام بن نباط. (أخبار الأيام الثانى9: 29)
وأمور داود الملك الأولى والأخيرة هى مكتوبة فى سِفر صموئيل الرائى وأخبار ناثان النبى وأخبار جاد الرائى (أخبار الأيام الأول29: 29)
فأين كتاب حروب الرب, وسِفر ياشر, وسِفر أمور سليمان, وأخبار ناثان النبى, ونبوَّة أخيّا الشيلونى, ورؤى يعدو الرائى, وسِفر صموئيل الرائى, وأخبار جاد الرائى؟
وجاء فى الكتاب المقدس أيضاً:
وأتى وسكن فى مدينة يقال لها ناصرة. لكى يتم ما قيل بالأنبياء إنه سيدعى ناصرياً (متى2: 23) إن هذ معناه أنه يستشهد بما قيل فى سِفر (الأنبياء) الذى لا وجود له, لأنه لو كان يقصد أن الأنبياء قالوا عنه: (إنه سيدعى ناصرياً) لقال: لكى يتم ما قال الأنبياء, أو: لكى يتم ما قاله الأنبياء, والله أعلم.

يتبع