مشاهدة النسخة كاملة : حوار مع الأستاذ سمير انتهى بإسلامه
أسد الدين
2007-10-27, 12:43 AM
عزيزي سمير ، اعذرني ان تأخرت عليك في الحوار ، فقد انشغلت بالإعداد لسفري ثم غادرت بلدي بالأمس و وصلت ليلا ... و ها أنا الآن أواصل معك الحوار ..
ريد دليل هلى هذا لو سمحت
لا ارى فيما قرأت الا ما هو منطقى وعادل ......
أشكرك يا سمير على إنصافك و عدلك ..
بالنسبة لقصة سراقة فهي كالتالي :
لما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم هو و صاحبه أبو بكر في قصة الهجرة المشهورة و تبعتهم قريش بفرسانها ، أدكهم سراقة بن مالك المدلجي و كاد يمسك بهم ، فلما رآه سيدنا أبو بكر قال أُتينا يا رسول الله فقال : له النبي صلى الله عليه وسلم لا تحزن إن الله معنا فدعا النبي صلى الله عليه وسلم على سراقة فساخت يدا فرسه في الرمل فقال سراقة : إني أراكما قد دعوتما علي، فادعوا لي، فالله لكما أن أرد عنكما الطلب، فدعا له النبي صلى الله عليه وفي رواية أن النبي صلى عليه وسلم قال لسراقة كيف بك إذا لبست سواري كسرى وتاجه.
فلما فتحت فارس و المدائن و غنم المسلمون كنوز كسرى أتى أصحاب رسول الله بها بين يدي عمر بن الخطاب ، فأمر عمر بأن يأتوا له بسراقة و قد كان وقتها شيخاً كبيراً قد جاوز الثمانين من العمر ، و كان قد مضى على وعد رسول الله له أكثر من خمس عشرة سنة فألبسه سواري كسرى و تاجه و كان رجلاً أزب أي كثير شعر الساعدين فقال له أرفع يديك وقل الحمد لله الذي سلبهما كسرى بن هرمز وألبسهما سراقة الأعرابي، وقد روى ذلك عنه بن أخيه عبد الرحمن بن مالك بن جعشم وروى عنه بن عباس وجابر وسعيد بن المسيب وطاوس .
ولقد مات سراقة في خلافة عثمان سنة أربع وعشرين وقيل بعد عثمان .
فكان بذلك قد جلس على عرش كسرى الفُرس بامتلاكه سواريه و تاجه ...
فمن أخبر محمداً بن عبد الله هذا الإنسان الهارب من القتل بأن الله سوف يغنم أمته كنوز كسرى وتاجه و يلبسها سراقة الأعرابي .
إنها مُعجزة إلهية تثبت نبوة المصطفى صلى الله عليه و سلم
المصدر : صحيح البخاري كتاب المناقب ـ باب علامات النبوة 3419 كنز العمال .35752.
.... يتبع
أسد الدين
2007-11-06, 08:15 AM
اتقدم بالشكر لصديقى الدكتور على على انه قال لى ان المنتدى قد تك اصلاحه
ربما كانت الفترة الماضية جعلتنى ابحث كثيرا فى الموضوع
وانت معك لنكمل حوار البحث عن الحقيقة يا اسد الدين
فى انتظار باقى ردك ان احببت ان تكمل
أحمد الله تعالى على عودة المنتدى مرة أخرى ، و الله ما كان انشغال بالي لتعطله إلا لأني أرغب في استكمال الحوار معك يا سمير .
بالطبع سأكمل يا عزيزي ... سنكمل بإذن الله حوار البحث عن الحقيقة ....
و لعل هذا التعطل حكمة إلهية جعلتك تبحث أكثر في الموضوع ... سبحان الله العظيم ..
أسأل الله أن يبين لك الحقيقة و يجعلها واضحة أمامك وضوح الشمس و أن يرزقك اتباعها ...
و بدوري أقدم شكري لأخي ذي الفقار الذي أعلمني بعودة المنتدى .... جزاه الله خيراً
سأرسل الجزء التالي مساءاً بإذن الله تعالى
و شكراً لأمانتك و عدلك و إنصافك يا سمير
أسد الدين
2007-11-06, 09:00 PM
سؤال اخر
لقد فهمت من كلام اسد الدين ان الذين هاجروا لم يبالوا بما ورائهم وفضلوا ان يلتحقو بالاسلام وخرجو على هذا الاساس
فماذا جرى بعد ذلك هل ندموا على ما تركوه وقرروا ان ياخذوع عنوة ؟؟؟؟؟؟
عزيزي سمير ،
هناك فرق بين أن تترك مالك و أهلك و أولادك ثم تهاجر ، و بين أن تتم مصادرة أموالك و سبي أهلك و أولادك مباشرة بعد هجرتك ..
فلكل موقف منهما حديث خاص ! فليست المسألة ندماً على ما تُرٍك .. بقدر ما هي استرجاع كرامة و حقوق مسلوبة !!
فقد كانت قريش السباقة دائماً للأذى ، و أوذي رسول الله صلى الله عليه و سلم و أصحابه كما سبق الذكر مما جعلهم يهاجرون هربا من القمع و العذاب ... و لكن قانون العدل و الإنصاف لا يعطي لقريش حق مصادرة ممتلكات المسلمين المُهاجرين رغم تركهم لها و عدم مبالاتهم بها ..
فقريش لم تكفر و تُعانِد فحسب ، بل ضربت بكل الأعراف عرض الحائط و انتهكت حرمات المُهاجرين في غيابهم و سلبت أموالهم و مولت بها قوافلها .. حتى اُخبر النبي صلَّى الله عليه و سلم بان القافلة التجارية الكبرى لقريش المحملة بمختلف البضائع و الأموال , و التي تقدر قيمتها بخمسين ألف دينار و المحملة على ألف بعير ـ و الممولة بأموال المسلمين المصادرة طبعا ـ سوف تمرّ بالقرب من المدينة و هي في طريق عودتها إلى مكة المكرمة قادمة من الشام ، عندها قرر النبي صلَّى الله عليه و سلم أن يقابلهم بالمثل و يسعى من أجل استرداد شيء مما نهبه كفار قريش من المسلمين و ذلك عن طريق مصادرة أموال قريش بالإغارة على قافلتهم و السيطرة عليها ...
فما رأيك يا سمير ؟!
هل يُعتبر هذا سطواً و قطع طريق ؟؟ أم استِرداد حق من الحقوق الكثيرة المسلوبة ؟؟!!
نحن لا نتكلم عن سياسة دولة ولكن نتكلمة عن انتشار دين ....
لم يهاجم المسلمون جيشا ولكم قطعوا طريق قافلة هل تعتقد ان الامر واحد يا خالد ؟؟؟؟
ما الفرق اذا بين من كون مجموعة من الافراد واغار على بيت ابوه او اخوه او حتى احد لا يعرفه لمجرد انه ذات يوم اخذ منه شيئا
الفرق أنهم صادروا الأموال و سبوا النساء و تعدوا على الحُرُمات
و الإغارة على القافلة لم تكن انتقاما بقدر ما كانت استرداداً لبعض الحقوق !
ثم أنهم لم يتمكنوا من مهاجمة القافلة لأن أبا سفيان علم بالأمر فغيّر طريقه و أرسل إلى قريش من يخبرهم بذلك و طلب منهم المدد و العون ، فهرعت قريش لنصرته بكامل العدة و العتاد الحربي و كان عددهم من (900) إلى (1000) مقاتل .
و هكذا فقد تمكن أبو سفيان من الفرار بالقافلة إلى مكة و نجا بنفسه و الأموال التي كانت معه ، لكن مقاتلي قريش عزموا على قتال المسلمين ، و قد رأى عتبة بن ربيعة أن يتراجعوا مادامت القافلة في أمان ، لكن عناد و تكبر سادة قريش جعلهم يُصِرون على الحرب ، فكانت النتيجة انهم خرجوا منها بالعار و الخزي و الهزيمة و الخسائر الجسيمة ، و هكذا نصر الله تعالى نبيه الكريم
و كما وضح لك أخي الحبيب خالد بن الوليد ، فكل هذا كان مرتبا ترتيبا إلهيا لأن تقوم هذه المعركة ..
الم يكن المسلمون هم من خرجوا لقافلة ابو سفيان يوم بدر ؟
الا يعتبر هذا قطع طريق ؟؟؟؟؟؟
اعذرنى على سؤالى ولكن هو للاستفسار
لم يكن ينوى القريشيين ان يخرجو الا بعد ان وصل الخبر بان محمد ورجاه قد خرجو لقطع الطريق على قافلة ابو سفيان
قطع الطريق يا سمير يكون تعدياً على الحقوق لأنه سرقة و نهب مالٍ ليس من حق السارق !
فقاطع الطريق يكون ظالماً في هذه الحالة ....
أما مُحاولة استرداد كرامة ، و استرجاع جزء يسير مما سُلب ، فلا يُمكن أن يكون قطع طريق ..
فما رأيك يا سمير ؟
ألم يكن كل هذا دافعاً كافياً يجعلهم يخرجون ؟!
هل لهم الحق في استرجاع بعض ممتلكاتهم ؟!
هل هذا قطع طريق يا سمير ؟!
... يتبع
أسد الدين
2007-11-18, 09:06 PM
على وجه العموم انا مقتنع بفكرة استرداد الحقوق بكافة الطريق ولكن احببت ان اعرف وجه نظر المسلمين فى ذلك
اكمل مشوارك فى السؤال الاساسى واستكمل مشوارك لنتناقش
لم نخرج من اول سؤال وعندى الكثير
أشكرك يا سمير على رأيك المُنصِف السديد ، فهذا ما كنت أتوسمه فيك ..
و سأرسل التتمة هذه الليلة ، أو غداً على أقصى تقدير ...
و أنا أرحب بكل أسئلتك يا عزيزي سمير .. و سأكون سعيداً إن طال مُقامُك بيننا ، فلا تتعجل ... كما سأكون أسعد أن يصل بنا هذا الحِوار إلى نتيجة تُرضي الله تعالى ..
و أسأل الله لك الهداية يا سمير ..
أسد الدين
2007-11-19, 12:24 AM
الثالثة : قتال المشركين.
بدأ المُشرِكون قِتال المُسلِمين , ولم يبدأ المُسلِمون القِتال ... إذاً فقد رأيت الآن يا سمير , كيف أن في كل مرة يبدأ القُرشيون من تطوير هجومِهِم , وتطوير صلفِهِم و تعدِّيهِم وظُلمِهِم بالمُسلِمين .
فكانت المرة التي اتجه المُسلِمون للسيطرة على سرية قُرشية بقيادة أبي سُفيان ـ كما رأينا سابقاً ـ فأرسل إلى قُريش , وبرغم أن أبو سفيان لم يحدُث لِقافِلتِه شيء , إلا أن أبا جهل صمّم ان يُقاتِل محمداً وأن يقضي على المُسلِمين تماما ... وهكذا كانت أولى الغزوات الإسلامية .. غزوة بدر ..!!
فكانت أول لقاء مسلح بين المسلمين والمشركين، وكانت معركة فاصلة أكسبت المسلمين نصراً حاسماً شهد له العرب قاطبة. والذين كانوا أشد استياء لنتائج هذه المعركة هم أولئك الذين منوا بخسائر فادحة مباشرة؛ وهم المشركون، أو الذين كانوا يرون عزة المسلمين وغلبتهم ضرباً قاصماً على كيانهم الديني والاقتصادي، وهم اليهود. فمنذ أن انتصر المسلمون في معركة بدر كان هذان الفريقان يحترقان غيظاً وحنقًا على المسلمين؛ {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ} [المائدة:82]
وكانت في المدينة بطانة للفريقين دخلوا في الإسلام حين لم يبق مجال لعزهم إلا في الدخول في الإسلام للإبقاء على مكانتهم و شرفهم بين الناس ، وهم عبد الله بن أبي وأصحابه أي المُنافقين ، ولم تكن هذه الفرقة الثالثة أقل غيظاً من الأوليين.
وكانت هناك فرقة رابعة، وهم البدو الضاربون حول المدينة، لم يكن يهمهم مسألة الكفر والإيمان، ولكنهم كانوا أصحاب سلب ونهب، فأخذهم القلق، واضطربوا لهذا الانتصار، وخافوا أن تقوم في المدينة دولة قوية تحول بينهم وبين اكتساب قوتهم عن طريق السلب والنهب، فجعلوا يحقدون على المسلمين وصاروا لهم أعداء.
فبدأ التفكير في الانتقام ........
فجاءت غزوة بني سُليم بالكُدْر حيث بلغ النبي صلى الله عليه وسلم بعد بدر أن بني سليم وبني غَطَفَان تحشد قواتها لغزو المدينة، فباغتهم النبي صلى الله عليه وسلم في مائتي راكب في عقر دراهم ...
ثم حاول المُشركون اغتيال الرسول صلى الله عليه و سلم ، و ذلك بعد أن اتجه عُمير بن وهب الى المدينة بحجة فدية ابنه الأسير ... فشاء الله أن يُسلم بين يدي رسول الله صلى الله عليه و سلم ، بعد مُعجزة إلهية حين أخبره رسول الله بتفاصيل حديثه مع صفوان ابن أمية الذي حرضه على قتل رسول الله ... فآمن عُمير و أسلم ...
هل احتاج عُمير إلى السيف يا سمير لكي يُسلم ؟؟
هل احتاج أن يُرهبه سيف مُحمد ليُسلم و هو الذي جاء ليقتل الرسول صلى الله عليه و سلم ؟
ثم اشتد رُعب اليهود من انتصارات المسلمين المُتوالية ، فنقضوا العهد و الميثاق الذي كان بينهم و بين المُسلِمين ، وأخذوا في طريق الدس والمؤامرة والتحريش وإثارة القلق والاضطراب في صفوف المسلمين. وهاك مثلاً من ذلك:
نموذج من مكيدة اليهود
قال ابن إسحاق: مر شاس بن قيس ـ وكان شيخاً [يهودياً] قد عسا ، عظيم الكفر، شديد الضغن على المسلمين، شديد الحسد لهم ـ على نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأوس والخزرج في مجلس قد جمعهم، يتحدثون فيه، فغاظه ما رأي من ألفتهم وجماعتهم وصلاح ذات بينهم على الإسلام، بعد الذي كان بينهم من العداوة في الجاهلية، فقال: قد اجتمع ملأ بني قَيْلَةَ بهذه البلاد، لا والله ما لنا معهم إذا اجتمع ملؤهم بها من قرار، فأمر فتي شاباً من يهود كان معه، فقال: اعمد إليهم، فاجلس معهم، ثم اذكر يوم بُعَاث وما كان من قبله، وأنشدهم بعض ما كانوا تقاولوا فيه من الأشعار، ففعل، فتكلم القوم عند ذلك، وتنازعوا وتفاخروا حتى تواثب رجلان من الحيين على الركب فتقاولا، ثم قال أحدهما لصاحبه: إن شئتم رددناها الآن جَذَعَة ـ يعني الاستعداد لإحياء الحرب الأهلية التي كانت بينهم ـ وغضب الفريقان جميعاً، وقالوا: قد فعلنا، موعدكم الظاهرة ـ والظاهرة: الحَرَّة ـ السلاح السلاح، فخرجوا إليها [وكادت تنشب الحرب].
فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج إليهم فيمن معه من أصحابه المهاجرين حتى جاءهم فقال: (يا معشر المسلمين، الله الله، أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم بعد أن هداكم الله للإسلام، وأكرمكم به، وقطع به عنكم أمر الجاهلية، واستنقذكم به من الكفر وألف بين قلوبكم)
فعرف القوم أنها نزغة من الشيطان، وكيد من عدوهم، فبكوا، وعانق الرجال من الأوس والخزرج بعضهم بعضاً، ثم انصرفوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سامعين مطيعين، قد أطفأ الله عنهم كيد عدو الله شاس بن قيس.
ماذا يستحق هؤلاء اليهود في رأيك يا سمير ؟
ماذا يستحق في زماننا من يُثير الفتنة الطائفية ، و يُزعزع استقرار البِلاد ؟؟
فنقض يهود بني قينقاع العهد كذلك ... وكان أعظمهم حقداً وأكبرهم شراً كعب بن الأشرف .. فلما فتح الله للمسلمين في بدر اشتد طغيانهم، وتوسعوا في تحرشاتهم واستفزازاتهم، فكانوا يثيرون الشغب، ويتعرضون بالسخرية، ويواجهون بالأذي كل من ورد سوقهم من المسلمين حتى أخذوا يتعرضون بنسائهم.
روي أبو داود وغيره، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشاً يوم بدر، وقدم المدينة جمع اليهود في سوق بني قينقاع. فقال: (يا معشر يهود، أسلموا قبل أن يصيبكم مثل ما أصاب قريشاً).
قالوا:يا محمد، لا يغرنك من نفسك أنك قتلت نفراً من قريش كانوا أغماراً لا يعرفون القتال، إنك لو قاتلتنا لعرفت أنا نحن الناس، وأنك لم تلق مثلنا، فأنزل الله تعالى: {قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَاء إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لَّأُوْلِي الأَبْصَارِ} [آل عمران 12، 13].
وازداد بنو قينقاع جراءة، فواصلوا إثارة الفتن و التحرش بالمسلمين إلى أن جاء يوم الفصل ..
روي ابن هشام عن أبي عون: أن امرأة من العرب قدمت بجَلَبٍ لها، فباعته في سوق بني قينقاع، وجلست إلى صائغ، فجعلوا يريدونها على كشف وجهها، فأبت، فَعَمَد الصائغ إلى طرف ثوبها فعقده إلى ظهرها ـ وهي غافلة ـ فلما قامت انكشفت سوأتها فضحكوا بها فصاحت، فوثب رجل من المسلمين على الصائغ فقتله ـ وكان يهودياً ـ فشدت اليهود على المسلم فقتلوه، فاستصرخ أهل المسلم المسلمين على اليهود، فوقع الشر بينهم وبين بني قينقاع.
فكيف ستُعامل مثل هؤلاء يا سمير ؟؟
كيف ستُعامل من اعتدى على أختك بهذه الطريقة ؟؟
وحينئذ عِيلَ صبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستخلف على المدينة أبا لُبَابة بن عبد المنذر، وأعطي لواء المسلمين حمزة بن عبد المطلب، وسار بجنود الله إلى بني قينقاع ، فحاصرهم أشد الحصار ، وقذف الله في قلوبهم الرعب فنزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في رقابهم وأموالهم ونسائهم وذريتهم، فأمر بهم فكتفوا.
وحينئذ قام عبد الله بن أبي بن سلول بدور نفاقه، فألح على رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصدر عنهم العفو،
وعامل رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا المنافق ـ الذي لم يكن مضي على إظهار إسلامه إلا نحو شهر واحد فحسب ـ عامله بالحسنى ...
فوهبهم له، وأمرهم أن يخرجوا من المدينة ولا يجاوروه بها، فخرجوا إلى أذْرُعَات الشام، فقل أن لبثوا فيها حتى هلك أكثرهم.
هل ترى في هذا ظُلماً يا سمير ؟؟
و أين السيف هنا يا عزيزي ؟؟
و هكذا ... استمر النشاط العسكري في المدينة المنورة و حولها لنفس الأسباب ، و هي رد الأذى و الدفاع عن النفس و المال و العرض !
و في نفس الفترة ، كانت قُريش تحشد الجيوش للانتقام لـبدر .... فتجيشوا و جمعوا العدة و العتاد لغزو المدينة المنورة ...
ماذا تنتظر من المسلمين يا سمير ؟؟
ماذا تنتظر من مدينة مُهددة بالغزو ؟؟
هل دفاعهم عن أنفسهم يُعد ظلماً لأحد ؟؟
فأنزل الله تعالى قوله:
وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ، وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ ، فَإِنِ انتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ، وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انتَهَوْا فَلا عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ
ففهمنا من الآية ومن عظمة الإسلام التالي :
برغم أن الآية موجة لكفار قُريش إلا أن فيها دروس عامة ....نخرُج بها .. وهي :
1- أن لا نُقاتِل أحداً إلا من بدأ بِقِتالِنا .. وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ.
2- أن لا نُقاتِل من لم يُقاتِلنا , ولا نعتدي على أحد .. وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ... وهذا السبب الرئيسي في أن الرسول صلى الله عليْه وسلم لم يُقاتل اليهود برغم معاداتِهم له ولدعوته.
3- و تحليل قتلِ الأعداء الذين بدأوا قِتالنا في أي مكان , ولا يختص بِمكان مُعين , وأمرنا وحثنا أن نستعي وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ
4- الحض على كرامة الوطن والحث على استِرداد الديار وإخراج العدو منها ...وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ.
5- وأن لا نُقاتِلهم عند المسجِد الحرام حتى يُقاتلونا عِنده ... وَلا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ .
6- وما أعظم نغُفران الله ورحمته ... فإن توقفوا و ارتدعوا , توقفنا ... فَإِنِ انتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ.
.... سأتوقف هنا و أواصل غداً بإذن الله تعالى البقية ، لأدع لك فرصة للقراءة بتمعن ...
و سأركز بإذن الله على أسباب الغزوات .. و سألتزم بطلبك بعدم الإطالة ..
يتبع.
أسد الدين
2007-11-21, 10:38 PM
وهل كان محمد يقاتل فى الحروب او الغزوات ؟
وهل قتل احدا فى تلك الغزاوت ؟
وان لم يقال هل قتل اي نفس فى تاريخ حياته؟؟
أشكرك على مراعاتك لذلك
لان هناك الكثير جدا من الاسئلة فى ذهنى اريد لها جوابا
ضيفنا الفاضل سمير ،
أعلم أن هناك أسئلة كثيرة جدا في رأسك ، و والله إنه ليُسعِدني جداً أن أعلم هذا ، فهو على الأقل بشرى طيبة إذ تثبت لي صدق نيتك في البحث عن الحق ...
اطمئن يا سمير ، فبإذن الله تعالى سنُجيبك على كل أسئلتك ..
ما رأيك فيما وصلنا إليه حتى الآن ؟؟
هل مازِلت ترى ـ حتى هذه المرحلة ـ أن الإسلام استعمل السيف لإنتشاره ؟
إن كنت لا تُريد مني أن أستعرض عليك أهم المراحِل لأبين لك اسباب المعارك ، فتستطيع أنت أن تطرح علي أسئلة مُحددة ثم أجيبك عليها اختصاراً لوقتك ، أما إن رأيت أن أستمر ، فيكون أفضل ...
عزيزي سمير ،
بينا حتى الآن مَشروعية الحروب و الغزوات التي قام بها المُسلمون للدفاع عن أنفسهم و أعراضهم و ممتلكاتهم ...
و مادامت الحروب و الغزوات مشروعة ، و واجبة لاسترداد الحقوق المسلُوبة و دِفاعاً عن النفس و العِرض و حمايتهما من القتل و السبي ، فالقتل في هذه الحالة مشروع
رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يُقاتل كذلك ، وبرغم أنه لم يُقاتل في كل الغزوات ، و لكنه كان يتولى القيادة العامة للجيش في كل غزواته، ويقتضي ذلك منه أن يتولى الإشراف المباشر على ساحة المعركة، فيحدد المكان، وينظم الصفوف، كما فعل يوم بدر ...
فإن كانت الحرب مشروعة ، و دفاعاً عن الحق و المال و العرض و النفس ، كما رأينا حتى الآن و كما استقر في نفسك ، أصبح قتل المُعتدي واجباً لا يُترك ، لئلا يزيد في طغيانِه و تطاوُلِه ....
و قد جاء قتل رسول الله صلى الله عليه و سلم في نهاية معركة أحد لأُبَيّ بن خلف الذي كان يقول: "أين محمد؟ لا نجوْتُ إن نجوْتَ"!
فاعترضه رجال من المسلمين، فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فخلوا طريقه، فطعنه الرسول بحربته، فوقع أُبَيٌّ عن فرسه ولم يخرج من طعنته دم، فلما رجع إلى قريش، قال قتلني والله محمد قالوا له ذهب والله فؤادك، والله إن بك من بأس قال إنه قد كان قال لي بمكة أنا أقتلك فوالله لو بصق علي لقتلني، وقال والذي نفسي بيده لو كان هذا الذي بي بأهل ذي المجاز لماتوا أجمعون. فمات عدو الله وهم قافلون به إلى مكة. [عيون الأثر 1 / 420].
..
يمكنك الاستزادة هنا ..
http://www.islamtoday.net/questions/show_question_content.cfm?id=127042
.... يُتبع
أسد الدين
2007-11-22, 03:54 AM
يا رفيق أسد الدين لقد بحثت كثيرا وكثيرا جدا فى دينكم ولكن هناك الكثير ايضا من الاسئلة التى احب ان انقشها
و أنا أسعد جداً لإجابتك على هذه الأسئلة يا سمير ..
هل يمكن ان نعتبر ذلك معجزة ؟
قال ابن إسحاق : فلما أسند رسول الله في الشعب أدركه أبي بن خلف وهو يقول : أين محمد ؟ لا نجوتُ إن نجا . فقال القوم : يا رسول الله ، أيعطف عليه رجل منا ؟ فقال رسول الله : ( دعوه ) ، فلما دنا منه تناول رسول الله الحربة من الحارث بن الصمة ، فلما أخذها منه انتفض انتفاضة تطايروا عنه تطاير الشعر عن ظهر البعير إذا انتفض ، ثم استقبله وأبصر تَرْقُوَتَه من فرجة بين سابغة الدرع والبيضة ، فطعنه فيها طعنة تدأدأ ـ تدحرج ـ منها عن فرسه مراراً . فلما رجع إلى قريش وقد خدشه في عنقه خدشاً غير كبير، فاحتقن الدم ، قال : قتلني والله محمد ، قالوا له: ذهب والله فؤادك ، والله إن بك من بأس ، قال : إنه قد كان قال لي بمكة : ( أنا أقتلك ) ، فوالله لو بصق على لقتلني . فمات عدو الله بسَرِف وهم قافلون به إلى مكة .
المعجزة يا سمير تكمن في تحقق ما أخبر به رسول الله صلى الله عليه و سلم حين قال لأبي بن خلف : أنا أقتلك !
و فعلاً كان هو من قتله !
هل ننكر ان محمد ارسل رسله الى هرقل وكسرى ويهددهم (( اسلم تسلم ))
لا يا سمير ، لا نُنكر أبداً أن محمداً صلى الله عليه و سلم أرسل رُسله إلى ملوك العالم ...
و لكن الإختلاف يكمُن في أنك أسأت فهم العبارة "أسلم تسلم" فظننت أنها رسالة تهديد ، لكنها لا تعني أن تَسلم من السيف كما يَتبادر إلى الذهن ، و إنما تَسلم من الإثم و تتبرأ منه و تُبريء شعبك ، و تسلم من العذاب في الآخرة ....
و الدليل على هذا الكلام واضح و ملموس و لا يحتاج إلى إيضاح ، و هو أنه بعد الفتوحات الإسلامية ، بقي النصارى الغير مُحاربين على قيد الحياة ، و على دينهم ، و لم يُجبرهم أحد على تغييره ، و وجودهم إلى يومنا هذا لهو أكبر دليل على ما أقول !
فقد كان نص الرسالة إلى هرقل مثلاً كالتالي :
(بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى هرقل . أدعوك بدعاية الإسلام) يعني: دعوة الإسلام وهي: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله. (أسلم تسلم) وهذا في غاية البلاغة. (يؤتك الله أجرك مرتين) : لماذا؟ لأنك تكون آمنت بالنبي الأول، وآمنت بالنبي المبعوث، وكذلك يكون لك الأجر مرتين؛ لأن بإسلامك يمكن أن يسلم أعدادٌ من قومك فتنال مثل أجرهم أيضاً.
فليس هناك أدنى تهديد يا سمير ...
سوف نتناقش فى نقاط الواحدة تلك الاخرى ولك الوقت الكافى للرد
فما رأيك لانى قرءت الكثير كما ذكرت لك واتفق فى امور كثيرة
ولكن ...لنضع السرد وندخل فى النقاش
موافق يا سمير ،
و لك أن تضع السرد .. فنحن الى الآن لم نُكمل استعراض السيرة لنقف على أسباب الغزوات ...
و لكن بإمكانك أن تطرح أسئلة مُحددة و أنا بإذن الله سأجيبك عليها ...
أسد الدين
2007-11-25, 12:51 AM
عزيزي سمير ،
تبين لك إلى الآن و عن قناعة ، أن الإسلام كان يُدافع عن نفسه ، و لم ينتشر بالسيف ، و إنما انتشر بالدعوة بالحُسنى و السيف حمى الدعاة إلى الله من أن يُقتلوا و أن تُنتهك أعراضهم و تُسلب أموالهم ...
و هذا كان السبب الرئيسي لكل غزوات النبي صلى الله عليه و سلم ... و لذا فسأستعرض أهم الغزوات دون إطالة ... فالسبب بات معروفاً .. و إن كان لديك أنت بعد ذلك استفسارات ، اطرحها علي ...
غزوة أحد :
كانت مكة تحترق غيظاً على المسلمين مما أصابها في معركة بدر من مأساة الهزيمة وقتل الصناديد والأشراف من كبرائها و قادتها ، وكانت تجيش فيها نزعات الانتقام وأخذ الثأر .. فاتفقت قريش على أن تقوم بحرب شاملة ضد المسلمين تشفي غيظها وتروي غلة حقدها، وأخذت في الاستعداد للخوض في مثل هذه المعركة.
وأول ما فعلوه بهذا الصدد أنهم احتجزوا العير التي كان قد نجا بها أبو سفيان، والتي كانت سبباً لمعركة بدر، وقالوا للذين كانت فيها أموالهم: يا معشر قريش، إن محمداً قد وَتَرَكُم وقتل خياركم، فأعينونا بهذا المال على حربه ؛ لعلنا أن ندرك منه ثأراً، فأجابوا لذلك، فباعوها، وكانت ألف بعير، والمال خمسين ألف دينار، وفي ذلك أنزل الله تعالي: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ} [الأنفال: 36]
ثم فتحوا باب التطوع لكل من أحب المساهمة في غزو المسلمين من الأحابيش وكنانة وأهل تهامة .. فبدأوا بتحريض القبائل على المُشاركة في هذه الحرب ، حتى اجتمع من المشركين ثلاثة آلاف مقاتل من قريش والحلفاء والأحابيش ، و انطلق الجيش الى المدينة غازياً ....
فوصلت رسالة إلى الرسول صلى الله عليه و سلم من عمه العباس يُخبره بما تُعِد قريش له و للمُسلِمين ...
فاستعد النبي لحرب الدفاع عن المدينة ، فخرج للتصدي للغزاة قبل دُخولِهم المدينة المنورة ...
فكما ترى يا سمير ، فهو حق المسلمين المشروع للدفاع عن دينهم و مالهم و أعراضهم ...
لكن هذه المعركة لم تنتهِ لصالح المُسلمين ... فتركت أثراً سيئاً على سمعة المؤمنين، فقد ذهبت ريحهم، وزالت هيبتهم عن النفوس، وزادت المتاعب الداخلية والخارجية عليهم ، وأحاطت الأخطار بالمدينة من كل جانب، وكاشف اليهود والمنافقون والأعراب بالعداء السافر، وهمت كل طائفة منهم أن تنال من المؤمنين، بل طمعت في أن تقضي عليهم وتستأصل شأفتهم.
فبدأت القبائل تتأهب لغزو المدينة و تدبير المكائد لقتل الصحابة ، و نجحت في قتل عدد منهم بعد مؤامرات خسيسة ، فقابلهم الرسول صلى الله عليه و سلم بالمِثل ، و أعطى أوامره بغزوهم في عقر دارهم و مباغتتهم قبل أن يصلوا إلى المدينة ...
غزوة بني النضير
رأينا يا سمير كيف أن اليهود كانوا يتحرقون على الإسلام والمسلمين إلا أنهم لم يكونوا أصحاب حرب ، بل اقتصروا على دس المؤامرات ـ وهذا أخطرـ فكانوا يجاهرون بالحقد والعداوة، ويختارون أنواعاً من الحيل ؛ لإيقاع الإيذاء بالمسلمين دون أن يقوموا للقتال ، حيث أن بينهم و بين المسلمين عهود ومواثيق، وأنهم بعد وقعة بني قينقاع وقتل كعب بن الأشرف خافوا على أنفسهم فاستكانوا والتزموا الهدوء والسكوت.
ولكنهم بعد وقعة أحُد تجرأوا، فكاشفوا بالعداوة والغدر، وأخذوا يتصلون بالمنافقين وبالمشركين من أهل مكة سراً، ويعملون لصالحهم ضد المسلمين .
وصبر النبي صلى الله عليه وسلم حتى دبروا مؤامرة تهدف لقتله صلى الله عليه وسلم.
حيث حاول أحدهم إلقاء صخرة على رأس النبي صلى الله عليه و سلم و هو جالس ... فنزل جبريل من عند رب العالمين على رسوله صلى الله عليه وسلم يعلمه بما هموا به، فنهض مسرعاً وتوجه إلى المدينة، و أتى بجيش و حاصر ديار بني النضير حتى استسلموا و خرجوا من المدينة بنفوسهم و ذرايرهم ، وأن لهم ما حملت الإبل إلا السلاح.
و تلا ذلك نشاط عسكري لرد الأذى و استرجاع هيبة المُسلِمين ... فهدأت الجزيرة العربية بعد الحروب والبعوث التي استغرقت أكثر من سنة كاملة، إلا أن اليهود شرعوا في التآمر من جديد على المسلمين ، و بذلك يكونون قد نقضوا العهد و الميثاق بينهم و بين المُسلمين ، وأخذوا يعدون العدة، لتصويب ضربة تكون قاتلة لا حياة بعدها. ولما لم يكونوا يجدون في أنفسهم جرأة على قتال المسلمين مباشرة، خططوا لهذا الغرض خطة رهيبة.
فذهبوا إلى مكة يُحرضون قريشاً على قتال المسلمين ، ثم توجهوا إلى غطفان ، ثم طافوا بين قبائل العرب يدعونهم لقِتال المسلمين ، فاستجابوا .... فكانت غزوة الأحزاب ...
غزوة الأحزاب :
و هكذا اجتمعت الأحزاب و انطلقت لغزو المدينة المُنورة .... فسُميت بذلك غزوة الأحزاب ، أو غزوة الخندق لأن المسلمين حفروا فيها خندقاً يحول بينهم و بين هجوم المُشركين ....
فلما فوجئ الكفار بهذا الخندق ، اضطروا للحصار ....
و بينما المُسلمون يُواجهون هذه الشدائد على الجبهة ، كان اليهود المُواطنون في المدينة ، يدسون المؤامرات الخبيثة ، حتى وصل رسولَ الله صلى الله عليه و سلم أنهم اتفقوا مع قريش لمُحاصرة المسلمين في المدينة ، فظهر نِفاق المُنافقين حينها ...
فقابلهم رسول الله صلى الله عليه و سلم بالمِثل و بعث لهم من يفرق صفوفهم ، فتخاذل الفريقان، ودبت الفرقة بين صفوفهم، وخارت عزائمهم.
فانسحبت قُريش و انسحب الأحزاب معها ، و بقي اليهود في المدينة .... فلم تكن معركة الأحزاب معركة خسائر، بل كانت معركة أعصاب، لم يجر فيها قتال مرير ... و لكن حرب الأعصاب هي أخطر و أشد وقعاً من حرب السيوف و الرماح ..
لذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أجلى الله الأحزاب: (الآن نغزوهم، ولا يغزونا، نحن نسير إليهم).
فما رأيك في ما فعل اليهود يا سمير ؟؟ و ما هي في نظرك عقوبة الخيانة العُظمى و الغدر و نقض المعاهدات ؟؟
ألا يستحقون القتل ؟؟!!
غزوة بني قريظة :
بعد هذا الانسحاب ، نزل جبريل بأمر من ربنا عز و جل فقال: أو قد وضعت السلاح؟ فإن الملائكة لم تضع أسلحتهم، وما رجعت الآن إلا من طلب القوم، فانهض بمن معك إلى بني قريظة، فإني سائر أمامك أزلزل بهم حصونهم، وأقذف في قلوبهم الرعب ..
فخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم الى بني قريظة ، فحاصرهم و عرض عليهم الإسلام فرفضوا ، فحق عليهم حكم الله بالقتل ، و الذي وافق عليه اليهود أنفسهم ، و هو العقوبة العادلة لكل خائن يدس المكائد و المؤامرات ليُزعزع استقرار المدينة ....
و هكذا انتهت معركة بني قُريظة ... و استقرت الأوضاع في المدينة المُنورة ....
وأنزل الله تعإلى في غزوة الأحزاب وبني قريظة آيات من سورة الأحزاب، ذكر فيها أهم جزئيات الوقعة، وبين حال المؤمنين والمنافقين، ثم تخذيل الأحزاب، ونتائج الغدر من أهل الكتاب.
و استمر النشاط العسكري لتأديب القبائل التي شاركت في غزوة الأحزاب ...
و في سنة 6 هـ جاء صلح الحديبية الذي كان بمثابة نقطة تحول كبيرة في الدعوة الى الإسلام ، حيث تعاهد رسول الله صلى الله عليه و سلم مع قُريش على وضع السلاح 10 سنين ، و كان لهذا الصلح تأثير كبير على النفوس ، بعد أن هدأت الجزيرة العربية من الحروب ، ففُسح المجال للقبائل للتعرف على الإسلام عن قُرب ، فدخل الناس فيه أفواجاً ...
و في هذه المرحلة كتب رسول الله إلى الملوك يدعوهم للإسلام .... إذ الدعوة الإسلامية هي المقدَمة طبعاً، بل ذلك هو الهدف الذي عانى من أجله المسلمون ما عانوه من المصائب والآلام، والحروب والفتن، والقلاقل والاضطرابات.
غزوة مؤتة :
وسبب هذه المعركة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث الحارث بن عمير الأزدي بكتابه إلى عظيم بُصْرَى . فعرض له شُرَحْبِيل بن عمرو الغساني ـ وكان عاملاً على البلقاء من أرض الشام من قبل قيصر ـ فأوثقه رباطاً، ثم قدمه، فضرب عنقه.
وكان قتل السفراء والرسل من أشنع الجرائم، يساوي بل يزيد على إعلان حالة الحرب، فاشتد ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نقلت إليه الأخبار، فجهز إليهم جيشاً قوامه ثلاثة آلاف مقاتل ، وهو أكبر جيش إسلامي لم يجتمع قبل ذلك إلا في غزوة الأحزاب.
فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذا البعث زيد بن حارثة، وقال: (إن قتل زيد فجعفر، وإن قتل جعفر فعبد الله بن رواحة) ، وعقد لهم لواء أبيض، ودفعه إلى زيد بن حارثة.
وأوصاهم أن يأتوا مقتل الحارث بن عمير، وأن يدعوا مَنْ هناك إلى الإسلام، فإن أجابوا فذاك ، وإن عاندوا و قاتلوهم ، استعانوا بالله عليهم، وقاتلوهم كذلك ، وقال لهم: (اغزوا بسم الله، في سبيل الله، مَنْ كفر بالله، لا تغدروا، ولا تغلوا، ولا تقتلوا وليداً ولا امرأة، ولا كبيراً فانياً، ولا منعزلاً بصومعة، ولا تقطعوا نخلاً ولا شجرة، ولا تهدموا بناء).
و بالرغم من عدم تحقيق الثأر و الهدف من هذه المعركة إلا أن لها تأثيراً بالغاً في نفوس العرب ، حيث أثارت الدهشة في نفوسهم ، و أعطت المُسلمين هيبة كبيرة ، إذ أن الروم حينها كانت قوة عُظمى لا يجرؤ العرب على مواجهتها .....
إذن رأينا حتى الآن كيف استمرت الدعوة سرا ثم كيف هاجر المسلمون هربا من أذى قريش ، ثم كيف بنى رسول الله صلى الله عليه و سلم المجتمع و المدينة ، و كيف دافع المسلمون عن أنفسهم و أموالهم و أعراضهم ....
غير أن قُريشاً لم تلتزم بالمُعاهدة المُبرمة في صُلح الحُديبية ، فنكثته و قتلت المسلمين في الحرم .. و أعطت بذلك الحق للمسلمين في فتح مكة ....
فتح مكة :
الآن يا سمير و بعد كل ما لقيه رسول الله صلى الله عليه وسلم و المسلمين معه من ألوان العذاب و الاستهزاء و السخرية و التكذيب و الاتهام بالجنون و الدجل و الحروب و الحصار و كل ما أوردناه من قبل ....
ماذا تتوقع أنه فاعل حين دخل مكة منتصراً ظافراً بعدوه في يوم أصبح المسلمون فيه أقوى قوى العرب ؟!
هل قتلهم ؟ هل أبادهم عن بكرة أبيهم ؟
كلا!
أنظر الى موقفه عليه الصلاة و السلام حين قال :
" يا معشر قريش..
ما تظنون أني فاعل بكم"..؟؟
هنالك تقدم خصم الإسلام بالأمس سهيل بن عمرو وقال مجيبا:
" نظن خيرا، أخ كريم، وابن أخ كريم".
وتألقت ابتسامة من نور على شفتي حبيب الله وناداهم:
" اذهبوا...
فأنتم الطلقاء"..!!
ما رأيك يا سمير ؟
أية أخلاق هذه ؟! هل هذا رسول حرب و سفك دِماء ؟؟!!
الرد لك يا سمير !
هكذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم يتعامل مع أعداء الله ..!! حتى يلين قلبهم إلى ذكر الله ..
غير أن هذا الفتح الأعظم كان له رد فعل معاكس لدى القبائل العربية الكبيرة القريبة من مكة، وفي مقدمتها قبيلتا هوزان و ثقيف . فقد اجتمع رؤساء هذه القبائل، وسلموا قياد أمرهم، إلى مالك بن عوف سيد هوزان . وأجمعوا أمرهم على المسير لقتال المسلمين، قبل أن تتوطد دعائم نصرهم، وتنتشر طلائع فتحهم .
و بينما النبي صلى الله عليه و سلم في مكة ، وصله أن قبيلة هوازن و ثقيف تتأهب لغزوه .. فخرج إليهم في جيش كبير من اثني عشر ألفاً ، حتى التقوا في وادي حُنين ، فنصب المُشركون كميناً للقضاء على المُسلمين ، لكن الله تعالى نصر رسوله و من معه مِن المؤمنين ...
و انتهت المعركة لصالح المُسلمين ... و استمر الجيش الإسلامي في مُطاردة فلول هوازن و ثقيف الفارين حتى وصل الطائف لاستئصال كل القِوى التي تُهدد استقرار المدينة ...
فأصل القتال في الإسلام يا سمير هو الدفاع عن النفس أي أن نقاتل من يُقاتلنا و لا نعتدي على حرمة أحد .. و هذا و لله الحمد صار قناعة شخصية لديك
فإذا هجم العدو على بقعة من بلاد المسلمين مهما صغرت، وجب على أهل تلك البقعة دفعه وإزالته، فإن لم يستطيعوا وجب على من بقربهم وهكذا، حتى يعمَّ الواجب جميع المسلمين، ولا نعني بالبلد، أو البقعة النطاق الجغرافي الرسمي لكل بلد، فبلد الإسلام من شرقه إلى غربه بلد واحد، وأمة الإسلام أمة واحدة، فلو قدر أن بلداً في دولة إسلامية تعرض لغزو وكان محاذياً لبلد في دولة أخرى، لكان الوجوب أسرع إلى البلدة المحاذية منه إلى المدن الأخرى البعيدة. .
إذن نلخص أهداف الجهاد في الإسلام فيما يلي :
1 - رد العدوان والدفاع عن النفس.
2- تأمين الدعوة إلى الله وإتاحة الفرصة للضعفاء الذين يريدون اعتناقها.
3- المطالبة بالحقوق السليبة.
4- نصرة الحق والعدل.
ويتضح لنا أيضا من خلال الحقائق التاريخية أن من شروط وضوابط الحرب:
(1) النبل والوضوح فى الوسيلة والهدف.
(2) لا قتال إلا مع المقاتلين ولا عدوان على المدنيين.
(3) إذا جنحوا للسلم وانتهوا عن القتال فلا عدوان إلا على الظالمين.
(4) المحافظة على الأسرى ومعاملتهم المعاملة الحسنة التى تليق بالإنسان.
(5) المحافظة على البيئة ويدخل فى ذلك النهى عن قتل الحيوان لغير مصلحة وتحريق الأشجار ، وإفساد الزروع والثمار ، والمياه ، وتلويث الآبار ، وهدم البيوت.
(6) المحافظة على الحرية الدينية لأصحاب الصوامع والرهبان وعدم التعرض لهم.
فما رأيك في كُل ما قيل حتى الآن ؟؟
هل مازالت هُنالِك شكوك في صدرك بأن الإسلام انتشر بالسيف و بالإرهاب و سفك الدماء ؟؟
الكلمة لك يا سمير
أسد الدين
2007-11-27, 12:59 AM
الجنة في الإسلام
تعريف الجنة في قاموس المحيط
" الجَنَّةُ: الحَديقَةُ ذاتُ النَّخْلِ والشَّجَرِ "
إذن الجنة هي الحديقة والحديقة لا تكون حديقة بدون شجر وماء بل ان العرب لا تطلق علي الحديقة جنة ما لن يكن فيها نحل وعنب كما ذكر المرتضي الزبيدي في تاج العروس
" والجنة الحديقة ذات النخل والشجر" قال أبو علي في التذكرة لا تكون في كلامهم جنة الا وفيها نخل وعنب فإن لم يكونا فيها وكانت ذات شجر ، فحديقة لا جنة ... وفي الصحاح ، الجنة البستان " ( تاج العروس من جواهر القاموس )
و الجنة هي الجزاء و المُكافأة التي وعد الله سبحانه و تعالى كل من آمن به و وحده بالعبودية ، و آمن بملائكته و كتبه و برُسُله .. و لم يُفرق بين أحدٍ من رسله ..
فمن آمن بسيدنا موسى عليه السلام و برسالته الداعية الى توحيد الله ( الإسلام ) و اتبعه إلى عهد المسيح و وحد الله تعالى بالعبودية ، هو من أهل الجنة ...
و كذلك من آمن بسيدنا المسيح عليه السلام و برسالته الداعية الى توحيد الله بالعبادة ( الإسلام ) ، و مات على ذلك قبل بعثة النبي الخاتم محمد صلى الله عليه و سلم ، فهو في الجنة ...
و كذلك من آمن برسالة النبي الخاتم محمد صلى الله عليه و سلم الداعية الى توحيد الله تعالى بالعبادة ، و الى الإيمان بكل المُرسلين الذين سبقوا و برسالتهم ( الإسلام ) .. و مات على ذلك فهو في الجنة ..
فالدين عند الله الإسلام منذ أن خلق آدم عليه السلام ، و الإسلام معناه أن تُسلم لله و توحده و تعبده وحده لا شريك له ، و هذه كانت رسالة كل الأنبياء و المُرسلين ... و الاختلاف يكمن في الشرائع التي تختلف من قوم لآخر ..
فهذا هو الإسلام .. و المُسلمون هم كل من آمن بوحدانية الله تعالى و عبده وحده لا شريك له على مر العصور ، و من آمن برسالة كل الرسل الذين سبقوا عصره .... و ليسوا فقط من اتبع النبي صلى الله عليه و سلم
و هؤلاء المُسلمون المُوحدون السابقون و المُسلمون اللاحقون ، هم من سيدخل الجنة التي وعدنا الله تعالى ـ أسأل الله أن يُدخلنا إياها بمنه و كرمه ـ
قال الله تعالى في سورة الواقعة :
وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ{10} أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ{11} فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ{12} ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَوَّلِينَ{13} وَقَلِيلٌ مِّنَ الْآخِرِينَ{14} عَلَى سُرُرٍ مَّوْضُونَةٍ{15} مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ{16} يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ{17} بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ{18} لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنزِفُونَ{19} وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ{20} وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ{21} وَحُورٌ عِينٌ{22} كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ{23} جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ{24} لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلَا تَأْثِيماً{25} إِلَّا قِيلاً سَلَاماً سَلَاماً{26}
و جاء في تفسير الجلالين للآية 10 :
(والسابقون) إلى الخير وهم الأنبياء ، مبتدأ (السابقون) تأكيد لتعظيم شأنهم
و في تفسير الآية 13 و 14 :
(ثلة من الأولين) مبتدأ ، جماعة من الأمم الماضية
(وقليل من الآخرين) من أمة محمد صلى الله عليه وسلم
إذاً يا سمير ، الجنة سيدخلها كل من وحد الله تعالى بالعبادة على مر العصور ، و آمن بكل أنبيائه ...
و الجنة لها أوصاف في القرآن و السنة ... و سأستشهد ببعض الآيات و الأحاديث النبوية التي تصف الجنة ...
ففي الصحيحين عن أبي هريرةَ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قال: «قال الله عزَّ وجلَّ: أعْدَدْتُ لعبادي الصالحينَ مَا لاَ عَيْنٌ رأتْ ولا أذنٌ سمعتْ ولا خطرَ على قلب بَشَر. وأقْرَؤوا إن شئتُم { فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّآ أُخْفِىَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } [السجدة: 17]».
الجنة فيها أنهار من لبن و عسل و ماء و خمر غير مُسكِر و ثمرات
قال الله تعالى: { مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِى وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأَنْهَـرُ أُكُلُهَا دَآئِمٌ وِظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّعُقْبَى الْكَـفِرِينَ النَّارُ } [الرعد: 53]
وقال تعالى: { مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاء غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاء حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءهُمْ } [محمد: 15]
الجنة فيها زوجات مُطهرة ، و فيها خلود بلا موت ...
وقال تعالى: { وَبَشِّرِ الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّـلِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّـتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأَنْهَـرُ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً قَالُواْ هَـذَا الَّذِى رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَـبِهاً وَلَهُمْ فِيهَآ أَزْوَجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَـلِدُونَ } [البقرة: 25].
الجنة فيها ملك كبير و خدم و ترف و لباس من حرير و أساور من ذهب و لؤلؤ ...
وقال تعالى: { وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَـلُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلاً * وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِـَانِيَةٍ مِّن فِضَّةٍ وَأَكْوابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَاْ * قَوَارِيرَاْ مِن فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيراً * وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْساً كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلاً * عَيْناً فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً * وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَنٌ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَّنثُوراً * وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً } [الإِنسان: 14 20]
وقال تعالى: { فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ * لاَّ تَسْمَعُ فِيهَا لاغِيَةً * فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ * فِيهَا سُرُرٌ مَّرْفُوعَةٌ * وَأَكْوَابٌ مَّوْضُوعَةٌ * وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ * وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ } [الغاشية: 10 16]
وقال تعالى: { يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ } [الحج: 23].
- وقال تعالى: { عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّواْ أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ وَسَقَـهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً ً} [الإِنسان: 21]
وقال تعالى: { مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِىٍّ حِسَانٍ } [الرحمن: 76]
لا حر و لا شمس و لا برد في الجنة ....
وقال تعالى: { مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الاَْرَائِكِ لاَ يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلاَ زَمْهَرِيراً ً} [الإِنسان: 13]
يُزوج المؤمنون المتقون في الجنة بحور عين ...
و هن حوريات خلقهن الله تعالى ليكن زوجات للمؤمنين في الجنة
وقال تعالى: { إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِى مَقَامٍ أَمِينٍ * فِى جَنَّـتٍ وَعُيُونٍ * يَلْبَسُونَ مِن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَقَـبِلِينَ * كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَـهُم بِحُورٍ عِينٍ * يَدْعُونَ فِيهَا بِكلِّ فَـكِهَةٍ ءَامِنِينَ } [الدخان: 51 55]
وقال تعالى: { ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ * يُطَافُ عَلَيْهِم بِصِحَافٍ مِّن ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ ا لْأَنفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } [الزخرف: 70 74].
- وقال تعالى: { فِيهِنَّ قَـصِرَتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَآنٌّ * فَبِأَىِّ ءَالاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ } [الرحمن: 56 58]
وقال تعالى: { فِيهِنَّ خَيْرَتٌ حِسَانٌ * فَبِأَىِّ ءَالاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * حُورٌ مَّقْصُورَتٌ فِى الْخِيَامِ } [الرحمن: 70 72]
وقال تعالى: { فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّآ أُخْفِىَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } [السجدة: 17]
وقال تعالى: { لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ أُوْلَـئِكَ أَصْحَـبُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَـلِدُونَ } [يونس: 26].
فانظر معي يا سمير إلى هذه الدنيا حيث الكل يتسابق ليصبح ثرياً و ليملك رصيداً في البنك ، و يبني بيتاً ضخماً و يملك سيارة فخمة ، و يحصل على زوجة جميلة ...... الخ .. مع أنه يعلم أنه ميت و تارك كل شيء ...
و لكنها الطبيعة البشرية و الفطرة التي خلقنا الله عليها ....
لذا فهو يكافيء من آمن و عمل صالحاً و أحسن في حياته ، بأن يُضاعف له كل ما كان يسعى إلى تحقيقه في الدنيا بطبيعته البشرية ....
فالْحُسنَى هي الجنةُ لأنَّهُ لا دارَ أحسنُ منها، والزيادةُ هي النظرُ إلى وجهِ الله الكريمِ رزقَنَا الله ذلك بِمنِّهِ وكرمِه. والآياتُ في وصفِ الجنةِ ونعيمها وسرورها وأنْسِهَا وحبُورِها كثيرةٌ جداً..
و أغلى و أسمى ما يُمكن الحصول عليه في الجنة ، هو النظرُ إلى وجهِ الله الكريم .... فلا لذة بعد ذلك .....
عن صُهَيب رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قال: « إذا دخلَ أهلُ الجنةِ الجنةَ نادىَ منادٍ يا أهلَ الجنةِ إن لكم عندَ الله مَوْعِداً يريدُ أن يُنْجِزَكُمُوهُ، فيقولونَ: ما هُو ألَمْ يُثَقِّلْ موازينَنَا ويُبَيِّضْ وجوهَنا ويدخلْنا الجنةَ ويزحْزحْنا عن النار؟ قال: فيكشفُ لهم الحِجَاب فينظرون إليه فوالله ما أعطاهم الله شيئاً أحبَّ إليهمْ من النظرِ إليه ولا أقَرَّ لأعينِهم منهُ »، رواه مسلمٌ. وله من حديثِ أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه أنَّ الله يقول لأهلِ الجنةِ: «أحِلُّ عليكم رضوانِي فلا أسخطُ عليكم بعدَه أبداً».
وأما الأحاديثُ التي تصف الجنة ، فهي كثيرة ...
فعن أبي هريرةَ رضي الله عنه قال: قُلْنَا: يا رسولَ الله حدِّثنَا عن الجنةِ ما بناؤُهَا قال: « لَبِنَةٌ ذهبٍ ولبنةٌ فضةٍ، ومِلاَطُها المسكُ، وحَصباؤها اللؤلؤُ والياقوتُ، وترابَها الزَعفرانُ، مَنْ يدخلُها ينعمُ ولا يبأسُ، ويخلُدُ ولا يموتُ، لا تَبْلَى ثيابه ولا يَفْنى شبابُه »، رواه أحمد والترمذي.
وعن سهلِ بنِ سعدٍ رضي الله عنه أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قالَ: « في الجنةِ ثمانيةُ أبوابٍ فيها بابٌ يسمَّى الريَّانَ لا يدخلُه إلا الصائمون »، متفق عليه.
وعن أسامةَ بن زيدٍ رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلّم قال: « ألاَ هَلْ من مُشَمِّرٌ إلى الجنةِ، فإنَّ الجنةَ لا خطر لها، هي وَرَبِّ الكعبةِ نورٌ يَتَلأْلأُ وريحانةٌ تَهْتزُّ وقصرٌ مشِيدٌ ونهرٌ مطَّردٌ وثَمَرةٌ نضِيْجَةٌ وزوجةٌ حسناءُ جميلةٌ وحُلَلٌ كثيرةٌ ومُقَامٌ في أبدٍ في دارٍ سليمةٍ وفاكهةٌ وخضرةٌ وحَبْرةٌ ونعمةٌ في مَحَلَّةٍ عاليةٍ بهيَّةٍ، قالوا: يا رسولَ الله نحن المشمِّرون لها. قال: قولوا إنْ شاء الله. فقال القوم: إنْ شاء الله »، رواه ابن ماجةَ والبيهقيُّ وابنُ حبَّانَ في صحيحهِ.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلّم قال: « إن في الجنةِ مئة درجةٍ أعَدَّها الله للمجاهدِين في سبيلِه بينَ كلِّ درجتين كما بينَ السماءِ والأرض. فإذَا سألتُمُ الله فأسألُوه الفِرْدوسَ فإنَّهُ وسطُ الجنة وأعلى الجنة ومنه تفجَّرُ أنهار الجنة وفوقَه عرشُ الرحمنِ »، رواه البخاريُّ
وله عن أبي سعيدٍ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قال: « إن أهْلَ الجنةِ يَتراءَوْنَ أهل الغرَفِ فوقَهم كما تَتَراءَوْنَ الكوكبَ الدُّرِّيَّ الغابرَ في الأفُق من المشرق أو المغرب لتفاضلِ ما بيْنَهم. قالوا: يا رسولَ الله تلك مَنازلُ الأنبياءِ لا يبلغُها غيرُهم قال: بَلَى والَّذِي نَفْسِي بِيَدهِ رجالٌ آمنوا بالله وصدَّقُوا المرسلينَ ».
وعن أبي مالكٍ الأشعريِّ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قال: « إن في الجنةِ غُرَفاً يُرَى ظاهرُها من باطِنُها وباطنُها مِن ظاهرِها أعَدَّها الله لمَنْ أطْعَمَ الطعامَ وأدامَ الصيامَ وصلَّى بالليلِ والناس نيامٌ »، أخرجه الطبراني.
وعن أبي موسَى رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قالَ: « إنَّ للمؤمِن في الجنة لخيمةً من لؤلؤة واحدةٍ مجوفة طولها في السماء ستون ميلاً للمؤمن فيها أهلُون يطوفُ علِيهمْ فلا يَرَى بعضُهم بعضاً »، متفق عليه.
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قال: « إنَّ أوَّلَ زُمْرَةٍ تدخلُ الجَنةَ على صُورةِ القمر ليلةَ البدْرِ، ثم الذينَ يلونَهُمُ على أشَدِّ نجمِ في السماءِ إضاءةً، ثم همْ بعَدَ ذلك منازلُ لا يتَغَوَّطُونَ، ولا يبولُونَ، ولا يمتخِطون، ولا يبصُقون، أمشاطُهُم الذهبُ، ومجامِرُهم الأُلوَّة، ورشْحُهمُ المِسْكُ، أخلاقُهم على خَلْقِ رجلٍ واحدٍ على طولِ أبيْهم آدمَ ستُون ذِراعاً ». وفي روايةٍ: « لا اختلافَ بينَهم ولا تباغِضَ، قلوبُهُم قلبٌ واحدٌ يسبِّحونَ الله بُكرةً وعشِياً ». وفي روايةٍ: « وأزُواجُهُم الحورُ العِين ». وله مِن حديث جابر رضي الله عنه أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قال: « إن أهل الجنةِ يَأكلُون فيها ويشْرَبُون ولا يتفُلُون ولا يبُولونَ ولا يَتَغَوَّطونَ ولا يمْتَخِطون، قالوا: فما بالُ الطعام؟ قال: جُشاءٌ ورَشْحٌ كَرشحِ المسكِ يُلْهَمُونَ التسبيحَ والتحميدَ كما يُلْهَمُونَ النَّفس ».
عن أبي سعيد رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قالَ: « إذا دخل أهل الجنةِ الجنة ينادِي منادٍ: إن لكمْ أنّ تَصِحُّوا فلا تَسْقموا أبداً وإن لكم أن تَحْيَوْا فلا تموتوا أبداً، وإنَّ لكم أن تشِبُّوا فلا تَهرموا أبداً. وإن لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبداً وذلك قولُ الله عز وجل: { وَنُودُواْ أَن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } [الأعراف: 43]». رواه مسلم
أسأل الله تعالى أن يمُن عليك بالهداية لتوحيده يا عزيزي سمير لتدخل الجنة أنت أيضاً
أسد الدين
2007-11-27, 04:55 AM
عزيزي سمير ،
لقد حرم الله تعالى بعض الأمور على المُسلم ، و ذلك لأنه خالقه ، و هو وحده عز و جل العالم بما ينفع و ما يضُر الناس .....
و عليه ، فإن أي شيء مُحرم في الإسلام هو لِعِلة تضر الإنسان ..
و العلة من تحريم الخمر هي الإسكار أي ذهاب العقل و فقدان الإدراك و السيطرة على النفس ، و قد وضع النبي صلى الله عليه وسلم قاعدة تفيد بأن كل ما أسكر فهو حرام ؛ ولو لم يكن خمراً ، فقال : " كل مسكر خمر ، وكل مسكر حرام، ومن شرب الخمر في الدنيا فمات وهو لم يتب منها ، لم يشربها في الآخرة " رواه مسلم وأحمد .
فمادام الإسكار هو ما يجعل الخمر حراماً ، فمعنى هذا أنه لو اختفت العلة ، أصبح الخمر حلالاً ...
و هذا ما وعدنا الله تعالى في الجنة ، فقد وعدنا أنهاراً من خمر خالٍ من الإسكار ..
فقال جل جلاله في سورة الواقعة :
يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ{17} بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ{18} لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنزِفُونَ{19}
تفسير الجلالين :
(يطوف عليهم) للخدمة (ولدان مخلدون) على شكل الأولاد لا يهرمون (بأكواب) أقداح لا عُرا لها (وأباريق) لها عرا وخراطيم (وكأس) إناء شرب الخمر (من معين) أي خمر جارية من منبع لا ينقطع أبداً (لا يُصدَّعون عنها ولا يُنزَفون) بفتح الزاي وكسرها ، من نزف الشارب وأنزف أي لايحصل لهم منها صداع ولا ذهاب عقل بخلاف خمر الدنيا
Powered by vBulletin® Version 4.2.0 Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir