الصارم الصقيل
2011-11-21, 03:27 PM
http://www.3almsbaya.com/vb/storeimg/img_1314405081_263.gif
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على رسول الله و آله و صحبه أجمعين
أما بعد :
هذه فرية يلوكها الزنادقة الشيعة و ينقلها منهم أمثالهم من النصارى و لا يخفى أنهم جميعا صنيع اليهود .
تأصيل المسألة :
أولاً متن القصة
رُوِيَ عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت كان متاعي فيه خِفٌّ، وكان على جمل ناجٍ، وكان متاع صفية فيه ثِقلٌ، وكان على جمل ثقالٍ بطيء يتبطأ بالركب، فقال رسول الله «حوّلوا متاع عائشة على جمل صفية، وحولوا متاع صفية على جمل عائشة، حتى يمضي بالركب، قالت عائشة فلما رأيت ذلك قلت يا لعباد الله، غلبتنا هذه اليهودية على رسول الله
قالت فقال رسول الله «يا أمَّ عبد الله، إن متاعك كان فيه خفٌّ، وكان متاع صفية فيه ثقل، فأبطأ بالركب، فحولنا متاعها على بعيرك، وحولنا متاعك على بعيرها» قالت
فقلت ألست تزعم أنك رسول الله؟
قالت فتبسم
قال أو في شك أنت يا أم عبد الله؟»
قالت ألست تزعم أنك رسول الله؟ أَفَهلاَّ عدلت؟
وسمعني أبو بكر وكان فيه غَرْب أي حِدَّة فأقبل عليَّ فلطم وجهي
فقال رسول الله «مهلاً يا أبا بكر»
فقال يا رسول الله، أما سمعت ما قالت؟
فقال رسول الله «إنَّ الغَيْرَى لا تبصر أسفل الوادي من أعلاه»
ثانيًا التخريج
هذه القصة أخرجها أبو يعلى في «مسنده» ح قال حدثنا الحسن بن عمر بن شقيق بن أسماء الجرمي البصري، حدثنا سلمة بن الفضل، عن محمد بن إسحاق، عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن عائشة أنها قالت «وكان متاعي » القصة
ثالثًا التحقيق
هذه القصة الواهية بها علتان
العلة الأولى سلمة بن الفضل
قال الإمام البخاري في «التاريخ الكبير» ت «سلمة بن الفضل أبو عبد الله الأبرش الرازي الأنصاري، سمع محمد بن إسحاق، عنده مناكير، مات بعد التسعين، وهّنه عليٌّ»
قال الإمام العقيلي في «الضعفاء الكبير» ت «سلمة بن الفضل الأبرش رازيّ»
أ حدثنا محمد بن عيسى قال حدثنا صالح قال سمعت علي بن المديني يقول «ما خرجنا من الري حتى رمينا بحديث سلمة»
ب وقال حدثنا محمد بن أحمد، قال حدثنا عباس، قال سمعت يحيى يقول «سلمة الأبرش رازي وكان يتشيّع
وأقر هذا التشيع الإمام الذهبي في «الميزان» حيث قال «وروى عباس، عن ابن معين، قال سلمة الأبرش رازي يتشيع»
قلت ثم نقل الإمام الذهبي عن أبي زُرعة أنه قال «كان أهل الري لا يرغبون فيه لسوء رأيه، وظلم فيه»
قال الإمام ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» ت سمعت أبي يقول «سلمة بن الفضل في حديثه إنكار، لا يُحتج به»
ثم أقر قول علي بن المديني؛ حيث قال وسمعت أبي يقول قال علي بن المديني «ما خرجنا من الري حتى رمينا بحديث سلمة»
قال الإمام النسائي في «الضعفاء والمتروكين» ت «سلمة بن الفضل الأبرش أبو عبد الله ضعيف، يروي عن ابن إسحاق المغازي»
قال الإمام ابن عدي في «الكامل» «سلمة بن الفضل أبو عبد الله الأبرش الرازي الأنصاري ضعّفه إسحاق بن إبراهيم الحنظلي»
ثم قال وعنده سوى المغازي عن ابن إسحاق وغيره إفرادات وغرائب اهـ
ولقد بيّن الحافظ ابن حجر في «التقريب» أن سلمة كثُر الخطأ في حديثه وفحُش، وهذا من مذهبه الفاسد في التشيع؛ حيث قال الحافظ «سلمة بن الفضل الأبرش كثير الخطأ»
ولقد بيّن الإمام العراقي في «فتح المغيث» ص «من كثر الخطأ في حديثه وفحش؛ استحق الترك وإن كان عدلاً»
قُلْتُ وهل هناك أفحش من الخطأ برمي أم المؤمنين عائشة في إيمانها، وأنها تشك في نبوة النبي ؟ حتى قالت «ألست تزعم أنك رسول الله؟» قلت وهذا دليل على أن حديث القصة منكر، بل وتشك في عدالة النبي حتى قالت للنبي «أَفَهلاَّ عدلت؟»
وهذا دليل آخر على أن الخبر الذي جاءت به القصة منكر، وإن تعجب فعجبٌ قولها إن أباها أبا بكر رضي الله عنه عندما سمع قولها من الطعن في عدالة النبي والشك في رسالته؛ لطم وجه ابنته عائشة رضي الله عنها
وهذا دليل ثالث على أن الخبر الذي جاءت به القصة منكر؛ لأن ضرب الوجه محرم شرعًا
أ فقد أخرج الإمام مسلم في «صحيحه» ح كتاب كتاب «البر والصلة والآداب» باب باب النهي عن ضرب الوجه، قال الإمام مسلم حدثنا عبد الله بن سلمة بن قعنب حدثنا المغيرة يعني الحزامي عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله «إذا قاتل أحدكم أخاه؛ فليتجنب الوجه»
قلت وهذا السند فيه فائدة مهمة جدًّا لطالب هذا الفن؛ حيث قال الإمام الحاكم في «معرفة علوم الحديث» النوع حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب قال حدثنا محمد بن سليمان قال سمعت محمد بن إسماعيل البخاري يقول «أصح الأسانيد كلها مالك عن نافع عن ابن عمر، وأصلح أسانيد أبي هريرة أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة» اهـ
قلت وبهذا يتبين من تطبيق هذه القاعدة على سند حديث النهي عن ضرب الوجه أن هذا السند من أصح أسانيد أبي هريرة رضي الله عنه
ب وأخرجه مسلم من طريق آخر قال حدثناه عمرو الناقد وزهير بن حرب قالا حدثنا سفيان بن عيينة عن أبي الزناد بهذا الإسناد، وقال «إذا ضرب أحدكم أخاه؛ فليتجنب الوجه»
قلت والحديث أخرجه الإمام البخاري في «صحيحه» ح قلت فالحديث أيضًا «متفق عليه» فهو في أعلى أقسام الصحيح كما هو مبيّن في «تدريب الراوي» ، فهذا الحديث يجمع بين أعلى أقسام الصحة وأصح الأسانيد في النهي عن ضرب الوجه
قلت والحديث أخرجه الإمام البخاري في كتابه «الأدب المفرد» ح ؛ حيث قال حدثنا خالد بن مخلد قال حدثنا سليمان بن بلال قال حدثني محمد بن عَجلان قال أخبرني أبي وسعيد عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي قال «إذا ضَرَب أحدكم خادمه؛ فليجتنب الوجه» اهـ
وأخرج الإمام البخاري في «الأدب المفرد» ح ، وصححه الألباني قال حدثنا خالد قال حدثنا سفيان، عن أبي الزبير، عن جابر رضي الله عنه قال «مُرَّ على النبي بدابّة قد وُسم يدخن منخراه، قال النبي لعن الله من فعل هذا، لا يَسِمَنَّ أحدٌ الوجه ولا يضربه» اهـ
قلت وأخرج مسلم مصرحًا بسماع أبي الزبير عن جابر؛ حيث قال الإمام مسلم في «صحيحه» وحدثني هارون بن عبد الله حدثنا حجاج بن محمد، ح وحدثنا عبد بن حميد أخبرنا محمد بن بكر كلاهما عن ابن جريج قال أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله رضي الله عنهما يقول نهى رسول الله عن الضرب في الوجه وعن الوسم في الوجه»
قلت ولقد بوّب الإمام النووي بابًا في «صحيح مسلم» ترجمته «باب النهي عن ضرب الحيوان في وجهه ووسمه فيه»
قلت فإذا كان النبي قد أمر باجتناب ضرب الوجه حتى مع الخادم بل ومع الدابة، فكيف بقصة واهية تجعل الصديق أبا بكر رضي الله عنه يخالف أمر النبي ويلطم وجه ابنته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها والله تعالى يقول فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ النور
ويفترون على أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، ويجعلون سبب لطم أبي بكر رضي الله عنه لوجهها أنه سمعها وهي تطعن في عدالة النبي وتشك في رسالته، وهذا الخبر الذي جاءت به القصة من التحقيق الذي أوردناه آنفًا رواه سلمة بن الفضل انتصارًا لمذهبه المبني على الطعن في أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأبيها الصديق أبي بكر رضي الله عنه؛ لأن سلمة كان يتشيع، فكثر الخطأ في حديثه وفحش، ولقد بينا آنفًا أن من كان هذا حاله استحق الترك، ولو كان عدلاً في القاعدة التي نقلناها عن الإمام العراقي، لذلك تركه شيخ البخاري الإمام علي بن المديني، وقال «ما خرجنا من الري حتى رمينا بحديث سلمة» اهـ
قلت هذا قول الإمام علي بن المديني في سلمة بن الفضل، وقد عاصره وعاش معه في الرّي، وهذا ظاهر من قول الإمام علي بن المديني، وكذلك المواليد والوفيات
فقد نقل الإمام المزي في «تهذيب الكمال» عن البخاري قال «مات سلمة بن الفضل بعد التسعين ومائة، وقال محمد بن سعد توفي سلمة بالري، وقد أتى عليه مائة وعشر سنين
أما الإمام علي بن المديني فقد وُلد سنة إحدى وستين ومائة، ومات يوم الاثنين ليومين بقيا من شهر ذي القعدة سنة أربع وثلاثين بعد المائتين، وقد بلغ من العمر ثلاثًا وسبعين سنة
قلت حكم الإمام علي بن المديني على سلمة بن الفضل بالترك ورمي حديثه، حكمُ من إمام قال فيه الحافظ ابن حجر في «التقريب» «علي بن عبد الله بن جعفر بن نجيح السعدي مولاهم أبو الحسن ابن المديني البصري، ثقة، ثبت، إمام، أعلم أهل عصره بالحديث وعلله، حتى قال البخاري ما استصغرت نفسي إلا عنده، وقال فيه شيخه ابن عيينة كنت أتعلم منه أكثر مما يتعلمه مني، وقال النسائي كأن الله خلقه للحديث» اهـ
العلة الأخرى تدليس محمد بن إسحاق
محمد بن إسحاق مدلس، وقد عَنْعَن ولم يصرّح بالسماع
فقد أورده الحافظ ابن حجر في «طبقات المدلسين» المرتبة الرابعة رقم قال «محمد بن إسحاق بن يسار المطلبي المدني صاحب المغازي مشهور بالتدليس عن الضعفاء والمجهولين، وعن شرٍّ منهم» اهـ
وفي «التهذيب» قال يعقوب بن شيبة سمعت ابن نمير يقول «إذا حدث عن مَن سمع منه من المعروفين؛ فهو حسن الحديث، وإنما أُتي من أنه يحدّث عن المجهولين أحاديث باطلة» اهـ
قال الإمام أحمد بن حنبل قدم ابن إسحاق بغداد؛ فكان لا يبالي عمن يحكي، عن الكلبي وغيره كذا في التهذيب وفي تاريخ بغداد قلت والكلبي هو محمد بن السائب الكلبي الكوفي الإخباري، قال ابن معين الكلبي ليس بثقة، وقال الجوزجاني وغيره كذاب، وقال الدارقطني وجماعة تركوه» اهـ كذا في «الميزان»
ثم ذكر الذهبي من وهَّاه
أ قال أبو داود قدريّ معتزليّ
ب وقال سليمان التيمي «كذاب»
جـ وقال أحمد «كثير التدليس جدًّا»
د وقال يحيى القطان «أشهد أن محمد بن إسحاق كذاب»
هـ وروي عن حميد بن حبيب أنه رأى ابن إسحاق مجلودًا في القدر، جلده إبراهيم بن هشام الأمير
و وقال عبد الرحمن بن مهدي «كان يحيى بن سعيد الأنصاري ومالك يجرِّحان ابن إسحاق»
ز وقال يحيى بن آدم حدثنا ابن إدريس، قال كنت عند مالك فقيل له إن ابن إسحاق يقول اعرضوا عليَّ عِلْمَ مالك، فإني بَيْطَاره فقال مالك انظروا إلى دجال من الدجاجلة اهـ
هـ قلت وهذه بعض أقوال من وهَّاه وجرحه من أئمة الجرح والتعديل، وهناك البعض ممن وثقه، ولكن القاعدة عند أهل الصنعة أن «الجرح مقدّم على التعديل»، خاصة وأن التجريح ظاهر مفسّر في الإسناد وفي الاعتقاد»، ومن أراد المزيد فلينظر إلى «تحذير الداعية» الحلقة
وبهذا يتبين أن هذه القصة واهية، وأن الحديث الذي جاءت به سنده تالف، فيه سلمة بن الفضل، رماه شيخ البخاري الإمام علي بن المديني كما هو ظاهر من قوله «ما خرجنا من الري حتى رمينا بحديث سلمة»، وفوق ذلك تدليس ابن إسحاق، فهو مشهور بالتدليس عن الضعفاء والمجهولين وعن شر منهم، وتحدث عنهم بأحاديث باطلة كما بينا آنفًا
وبهذا التحقيق يتبين براءة الصديقة بنت الصديق أم المؤمنين رضي الله عنها مما افتُرِيَ عليها في هذه القصة
وهذا البحث يحتّم على علماء الصنعة الحديثية أن يخرّجوا ويحقّقوا أمثال هذه القصص الواهية، والتي تطعن في صحابة النبي وأزواجه أمهات المؤمنين، خاصة وأن هذه القصص توجد في أشهر المسانيد عند أهل السنة، فمسند أبي يعلى من المسانيد المشهورة عند أهل السنة، يتبين ذلك من قول الإمام الحافظ ابن كثير في كتابه «البداية والنهاية» «أبو يعلى الموصلي صاحب المسند المشهور، سمع الإمام أحمد بن حنبل وطبقته وكان حافظًا، خيِّرًا، حسن التصنيف، عدلاً فيما يرويه، ضابطًا لما يحدث به»
قلت فهو يسند بحق، ومن أسند فقد أحال، ويجب على أهل الصنعة أن يحققوا هذه الأسانيد لمثل هذه القصص الواهية التي في أشهر المسانيد عند أهل السنة، ويجادلنا بها الرافضة، ويذكرونها بالاسم والجزء والصفحة على قنوات الرافضة الفضائية، خاصة في هذه الأيام، ويقف عاجزًا عن الرد مَن لا دراية له بالصناعة الحديثية من القُصاص والوعاظ؛ حيث توهم من ذكر الجزء والصفحة أن القصة صحيحة، ولكن هيهات، ففرق بين التخريج والتحقيق، فرق لا يعلمه إلا أهل هذه الصنعة، جعلني الله خادمًا لها ما بقيت، وجعلني الله فداء أم المؤمنين عائشة الصديقة بنت الصديق، والتي أخرج البخاري في «صحيحه» ح ، ومسلم في «صحيحه» ح أنها قالت قال رسول الله يومًا «يا عائش، هذا جبريل يقرئك السلام» فقلت وعليه السلام ورحمة الله وبركاته ترى ما لا أرى تريد رسول الله اهـ
هذا ما وفقني الله إليه، وهو وحده من وراء القصد
رابعا : الخلاصة
الحديث إذن غير ثابت فبطل الاستشهاد به
فهل تقام الحجة على المسليمن بالأحاديث الضعيفة و الموضوعة ؟
هذا من عجز المخالفين لما أفحمناهم و حاججناهم بالصحيح من مصاادر الاستدلال عندهم
فلعنة الله على الكاذبين
منقول بتصرف
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على رسول الله و آله و صحبه أجمعين
أما بعد :
هذه فرية يلوكها الزنادقة الشيعة و ينقلها منهم أمثالهم من النصارى و لا يخفى أنهم جميعا صنيع اليهود .
تأصيل المسألة :
أولاً متن القصة
رُوِيَ عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت كان متاعي فيه خِفٌّ، وكان على جمل ناجٍ، وكان متاع صفية فيه ثِقلٌ، وكان على جمل ثقالٍ بطيء يتبطأ بالركب، فقال رسول الله «حوّلوا متاع عائشة على جمل صفية، وحولوا متاع صفية على جمل عائشة، حتى يمضي بالركب، قالت عائشة فلما رأيت ذلك قلت يا لعباد الله، غلبتنا هذه اليهودية على رسول الله
قالت فقال رسول الله «يا أمَّ عبد الله، إن متاعك كان فيه خفٌّ، وكان متاع صفية فيه ثقل، فأبطأ بالركب، فحولنا متاعها على بعيرك، وحولنا متاعك على بعيرها» قالت
فقلت ألست تزعم أنك رسول الله؟
قالت فتبسم
قال أو في شك أنت يا أم عبد الله؟»
قالت ألست تزعم أنك رسول الله؟ أَفَهلاَّ عدلت؟
وسمعني أبو بكر وكان فيه غَرْب أي حِدَّة فأقبل عليَّ فلطم وجهي
فقال رسول الله «مهلاً يا أبا بكر»
فقال يا رسول الله، أما سمعت ما قالت؟
فقال رسول الله «إنَّ الغَيْرَى لا تبصر أسفل الوادي من أعلاه»
ثانيًا التخريج
هذه القصة أخرجها أبو يعلى في «مسنده» ح قال حدثنا الحسن بن عمر بن شقيق بن أسماء الجرمي البصري، حدثنا سلمة بن الفضل، عن محمد بن إسحاق، عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن عائشة أنها قالت «وكان متاعي » القصة
ثالثًا التحقيق
هذه القصة الواهية بها علتان
العلة الأولى سلمة بن الفضل
قال الإمام البخاري في «التاريخ الكبير» ت «سلمة بن الفضل أبو عبد الله الأبرش الرازي الأنصاري، سمع محمد بن إسحاق، عنده مناكير، مات بعد التسعين، وهّنه عليٌّ»
قال الإمام العقيلي في «الضعفاء الكبير» ت «سلمة بن الفضل الأبرش رازيّ»
أ حدثنا محمد بن عيسى قال حدثنا صالح قال سمعت علي بن المديني يقول «ما خرجنا من الري حتى رمينا بحديث سلمة»
ب وقال حدثنا محمد بن أحمد، قال حدثنا عباس، قال سمعت يحيى يقول «سلمة الأبرش رازي وكان يتشيّع
وأقر هذا التشيع الإمام الذهبي في «الميزان» حيث قال «وروى عباس، عن ابن معين، قال سلمة الأبرش رازي يتشيع»
قلت ثم نقل الإمام الذهبي عن أبي زُرعة أنه قال «كان أهل الري لا يرغبون فيه لسوء رأيه، وظلم فيه»
قال الإمام ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» ت سمعت أبي يقول «سلمة بن الفضل في حديثه إنكار، لا يُحتج به»
ثم أقر قول علي بن المديني؛ حيث قال وسمعت أبي يقول قال علي بن المديني «ما خرجنا من الري حتى رمينا بحديث سلمة»
قال الإمام النسائي في «الضعفاء والمتروكين» ت «سلمة بن الفضل الأبرش أبو عبد الله ضعيف، يروي عن ابن إسحاق المغازي»
قال الإمام ابن عدي في «الكامل» «سلمة بن الفضل أبو عبد الله الأبرش الرازي الأنصاري ضعّفه إسحاق بن إبراهيم الحنظلي»
ثم قال وعنده سوى المغازي عن ابن إسحاق وغيره إفرادات وغرائب اهـ
ولقد بيّن الحافظ ابن حجر في «التقريب» أن سلمة كثُر الخطأ في حديثه وفحُش، وهذا من مذهبه الفاسد في التشيع؛ حيث قال الحافظ «سلمة بن الفضل الأبرش كثير الخطأ»
ولقد بيّن الإمام العراقي في «فتح المغيث» ص «من كثر الخطأ في حديثه وفحش؛ استحق الترك وإن كان عدلاً»
قُلْتُ وهل هناك أفحش من الخطأ برمي أم المؤمنين عائشة في إيمانها، وأنها تشك في نبوة النبي ؟ حتى قالت «ألست تزعم أنك رسول الله؟» قلت وهذا دليل على أن حديث القصة منكر، بل وتشك في عدالة النبي حتى قالت للنبي «أَفَهلاَّ عدلت؟»
وهذا دليل آخر على أن الخبر الذي جاءت به القصة منكر، وإن تعجب فعجبٌ قولها إن أباها أبا بكر رضي الله عنه عندما سمع قولها من الطعن في عدالة النبي والشك في رسالته؛ لطم وجه ابنته عائشة رضي الله عنها
وهذا دليل ثالث على أن الخبر الذي جاءت به القصة منكر؛ لأن ضرب الوجه محرم شرعًا
أ فقد أخرج الإمام مسلم في «صحيحه» ح كتاب كتاب «البر والصلة والآداب» باب باب النهي عن ضرب الوجه، قال الإمام مسلم حدثنا عبد الله بن سلمة بن قعنب حدثنا المغيرة يعني الحزامي عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله «إذا قاتل أحدكم أخاه؛ فليتجنب الوجه»
قلت وهذا السند فيه فائدة مهمة جدًّا لطالب هذا الفن؛ حيث قال الإمام الحاكم في «معرفة علوم الحديث» النوع حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب قال حدثنا محمد بن سليمان قال سمعت محمد بن إسماعيل البخاري يقول «أصح الأسانيد كلها مالك عن نافع عن ابن عمر، وأصلح أسانيد أبي هريرة أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة» اهـ
قلت وبهذا يتبين من تطبيق هذه القاعدة على سند حديث النهي عن ضرب الوجه أن هذا السند من أصح أسانيد أبي هريرة رضي الله عنه
ب وأخرجه مسلم من طريق آخر قال حدثناه عمرو الناقد وزهير بن حرب قالا حدثنا سفيان بن عيينة عن أبي الزناد بهذا الإسناد، وقال «إذا ضرب أحدكم أخاه؛ فليتجنب الوجه»
قلت والحديث أخرجه الإمام البخاري في «صحيحه» ح قلت فالحديث أيضًا «متفق عليه» فهو في أعلى أقسام الصحيح كما هو مبيّن في «تدريب الراوي» ، فهذا الحديث يجمع بين أعلى أقسام الصحة وأصح الأسانيد في النهي عن ضرب الوجه
قلت والحديث أخرجه الإمام البخاري في كتابه «الأدب المفرد» ح ؛ حيث قال حدثنا خالد بن مخلد قال حدثنا سليمان بن بلال قال حدثني محمد بن عَجلان قال أخبرني أبي وسعيد عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي قال «إذا ضَرَب أحدكم خادمه؛ فليجتنب الوجه» اهـ
وأخرج الإمام البخاري في «الأدب المفرد» ح ، وصححه الألباني قال حدثنا خالد قال حدثنا سفيان، عن أبي الزبير، عن جابر رضي الله عنه قال «مُرَّ على النبي بدابّة قد وُسم يدخن منخراه، قال النبي لعن الله من فعل هذا، لا يَسِمَنَّ أحدٌ الوجه ولا يضربه» اهـ
قلت وأخرج مسلم مصرحًا بسماع أبي الزبير عن جابر؛ حيث قال الإمام مسلم في «صحيحه» وحدثني هارون بن عبد الله حدثنا حجاج بن محمد، ح وحدثنا عبد بن حميد أخبرنا محمد بن بكر كلاهما عن ابن جريج قال أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله رضي الله عنهما يقول نهى رسول الله عن الضرب في الوجه وعن الوسم في الوجه»
قلت ولقد بوّب الإمام النووي بابًا في «صحيح مسلم» ترجمته «باب النهي عن ضرب الحيوان في وجهه ووسمه فيه»
قلت فإذا كان النبي قد أمر باجتناب ضرب الوجه حتى مع الخادم بل ومع الدابة، فكيف بقصة واهية تجعل الصديق أبا بكر رضي الله عنه يخالف أمر النبي ويلطم وجه ابنته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها والله تعالى يقول فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ النور
ويفترون على أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، ويجعلون سبب لطم أبي بكر رضي الله عنه لوجهها أنه سمعها وهي تطعن في عدالة النبي وتشك في رسالته، وهذا الخبر الذي جاءت به القصة من التحقيق الذي أوردناه آنفًا رواه سلمة بن الفضل انتصارًا لمذهبه المبني على الطعن في أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأبيها الصديق أبي بكر رضي الله عنه؛ لأن سلمة كان يتشيع، فكثر الخطأ في حديثه وفحش، ولقد بينا آنفًا أن من كان هذا حاله استحق الترك، ولو كان عدلاً في القاعدة التي نقلناها عن الإمام العراقي، لذلك تركه شيخ البخاري الإمام علي بن المديني، وقال «ما خرجنا من الري حتى رمينا بحديث سلمة» اهـ
قلت هذا قول الإمام علي بن المديني في سلمة بن الفضل، وقد عاصره وعاش معه في الرّي، وهذا ظاهر من قول الإمام علي بن المديني، وكذلك المواليد والوفيات
فقد نقل الإمام المزي في «تهذيب الكمال» عن البخاري قال «مات سلمة بن الفضل بعد التسعين ومائة، وقال محمد بن سعد توفي سلمة بالري، وقد أتى عليه مائة وعشر سنين
أما الإمام علي بن المديني فقد وُلد سنة إحدى وستين ومائة، ومات يوم الاثنين ليومين بقيا من شهر ذي القعدة سنة أربع وثلاثين بعد المائتين، وقد بلغ من العمر ثلاثًا وسبعين سنة
قلت حكم الإمام علي بن المديني على سلمة بن الفضل بالترك ورمي حديثه، حكمُ من إمام قال فيه الحافظ ابن حجر في «التقريب» «علي بن عبد الله بن جعفر بن نجيح السعدي مولاهم أبو الحسن ابن المديني البصري، ثقة، ثبت، إمام، أعلم أهل عصره بالحديث وعلله، حتى قال البخاري ما استصغرت نفسي إلا عنده، وقال فيه شيخه ابن عيينة كنت أتعلم منه أكثر مما يتعلمه مني، وقال النسائي كأن الله خلقه للحديث» اهـ
العلة الأخرى تدليس محمد بن إسحاق
محمد بن إسحاق مدلس، وقد عَنْعَن ولم يصرّح بالسماع
فقد أورده الحافظ ابن حجر في «طبقات المدلسين» المرتبة الرابعة رقم قال «محمد بن إسحاق بن يسار المطلبي المدني صاحب المغازي مشهور بالتدليس عن الضعفاء والمجهولين، وعن شرٍّ منهم» اهـ
وفي «التهذيب» قال يعقوب بن شيبة سمعت ابن نمير يقول «إذا حدث عن مَن سمع منه من المعروفين؛ فهو حسن الحديث، وإنما أُتي من أنه يحدّث عن المجهولين أحاديث باطلة» اهـ
قال الإمام أحمد بن حنبل قدم ابن إسحاق بغداد؛ فكان لا يبالي عمن يحكي، عن الكلبي وغيره كذا في التهذيب وفي تاريخ بغداد قلت والكلبي هو محمد بن السائب الكلبي الكوفي الإخباري، قال ابن معين الكلبي ليس بثقة، وقال الجوزجاني وغيره كذاب، وقال الدارقطني وجماعة تركوه» اهـ كذا في «الميزان»
ثم ذكر الذهبي من وهَّاه
أ قال أبو داود قدريّ معتزليّ
ب وقال سليمان التيمي «كذاب»
جـ وقال أحمد «كثير التدليس جدًّا»
د وقال يحيى القطان «أشهد أن محمد بن إسحاق كذاب»
هـ وروي عن حميد بن حبيب أنه رأى ابن إسحاق مجلودًا في القدر، جلده إبراهيم بن هشام الأمير
و وقال عبد الرحمن بن مهدي «كان يحيى بن سعيد الأنصاري ومالك يجرِّحان ابن إسحاق»
ز وقال يحيى بن آدم حدثنا ابن إدريس، قال كنت عند مالك فقيل له إن ابن إسحاق يقول اعرضوا عليَّ عِلْمَ مالك، فإني بَيْطَاره فقال مالك انظروا إلى دجال من الدجاجلة اهـ
هـ قلت وهذه بعض أقوال من وهَّاه وجرحه من أئمة الجرح والتعديل، وهناك البعض ممن وثقه، ولكن القاعدة عند أهل الصنعة أن «الجرح مقدّم على التعديل»، خاصة وأن التجريح ظاهر مفسّر في الإسناد وفي الاعتقاد»، ومن أراد المزيد فلينظر إلى «تحذير الداعية» الحلقة
وبهذا يتبين أن هذه القصة واهية، وأن الحديث الذي جاءت به سنده تالف، فيه سلمة بن الفضل، رماه شيخ البخاري الإمام علي بن المديني كما هو ظاهر من قوله «ما خرجنا من الري حتى رمينا بحديث سلمة»، وفوق ذلك تدليس ابن إسحاق، فهو مشهور بالتدليس عن الضعفاء والمجهولين وعن شر منهم، وتحدث عنهم بأحاديث باطلة كما بينا آنفًا
وبهذا التحقيق يتبين براءة الصديقة بنت الصديق أم المؤمنين رضي الله عنها مما افتُرِيَ عليها في هذه القصة
وهذا البحث يحتّم على علماء الصنعة الحديثية أن يخرّجوا ويحقّقوا أمثال هذه القصص الواهية، والتي تطعن في صحابة النبي وأزواجه أمهات المؤمنين، خاصة وأن هذه القصص توجد في أشهر المسانيد عند أهل السنة، فمسند أبي يعلى من المسانيد المشهورة عند أهل السنة، يتبين ذلك من قول الإمام الحافظ ابن كثير في كتابه «البداية والنهاية» «أبو يعلى الموصلي صاحب المسند المشهور، سمع الإمام أحمد بن حنبل وطبقته وكان حافظًا، خيِّرًا، حسن التصنيف، عدلاً فيما يرويه، ضابطًا لما يحدث به»
قلت فهو يسند بحق، ومن أسند فقد أحال، ويجب على أهل الصنعة أن يحققوا هذه الأسانيد لمثل هذه القصص الواهية التي في أشهر المسانيد عند أهل السنة، ويجادلنا بها الرافضة، ويذكرونها بالاسم والجزء والصفحة على قنوات الرافضة الفضائية، خاصة في هذه الأيام، ويقف عاجزًا عن الرد مَن لا دراية له بالصناعة الحديثية من القُصاص والوعاظ؛ حيث توهم من ذكر الجزء والصفحة أن القصة صحيحة، ولكن هيهات، ففرق بين التخريج والتحقيق، فرق لا يعلمه إلا أهل هذه الصنعة، جعلني الله خادمًا لها ما بقيت، وجعلني الله فداء أم المؤمنين عائشة الصديقة بنت الصديق، والتي أخرج البخاري في «صحيحه» ح ، ومسلم في «صحيحه» ح أنها قالت قال رسول الله يومًا «يا عائش، هذا جبريل يقرئك السلام» فقلت وعليه السلام ورحمة الله وبركاته ترى ما لا أرى تريد رسول الله اهـ
هذا ما وفقني الله إليه، وهو وحده من وراء القصد
رابعا : الخلاصة
الحديث إذن غير ثابت فبطل الاستشهاد به
فهل تقام الحجة على المسليمن بالأحاديث الضعيفة و الموضوعة ؟
هذا من عجز المخالفين لما أفحمناهم و حاججناهم بالصحيح من مصاادر الاستدلال عندهم
فلعنة الله على الكاذبين
منقول بتصرف