أمـــة الله
2008-09-06, 01:50 AM
سيرة الصحابي زيد بن ثابت
كاتب الوحي وجامع القرآن
إذا حملت المصحف بيمينك.. واستقبلته بوجهك.. ومضيت تتنعم في روضاته اليانعات، سورة سورة، وآية آية.. فاعلم أن من بين الذين تدين لهم بالشكر والعرفان على هذا الصنيع العظيم رجل كبير.. اسمه الصحابي زيد بن ثابت الأنصاري.
إن وقائع جمع القرآن في مصحف لا تذكر إلا ويذكر معها هذا الصحابي الجليل.. إنه أنصاري من المدينة المنورة، وكان عمره يوم قدم الرسول مهاجراً إلى المدينة إحدى عشرة سنة، وأسلم الصبي زيد مع المسلمين من أهله وبورك بدعوة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصَحِبَهُ أباه معه إلى غزوة بدر،
لكن الرسول رده لصغر سنه وجسمه، وفي غزوة أحد ذهب زيد مع جماعة من أترابه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كي يقبلهم في أي مكان في صفوف المجاهدين، قبل الرسول البعض وردَّ البعض الآخر وبقي زيد مع أترابه الأشبال يبذلون جهدهم بالرجاء تارةً، وباستعراض عضلاتهم تارة، وبالدمع تارة..
ولكنَّ أعمارهم كانت صغيرة وأجسادهم غضة؛ فوعدهم الرسول بمشاركتهم في الغزوة المقبلة. وهكذا بدأ زيد مع إخوانه دورة مقاتل في سبيل الله بدءاً من غزوة الخندق سنة خمس من الهجرة.
كانت شخصيته المسلحة المؤمنة تنمو سريعاً، فهو لم يبرع كمجاهد فحسب بل كمثقف متنوع المزايا، فهو يتابع القرآن حفظاً ويكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم ويتفوق في العلم والحكمة، وحين يبدأ الرسول في إبلاغ دعوته للعالم، وإرسال كتبه لملوك الأرض وقياصرتها، يأمر زيد أن يتعلم بعض لغاتهم في وقت وجيز فينجح، وهكذا تألقت شخصية زيد بن ثابت وتبوأ في المجتمع الجديد مكاناً علياً، وصار موضع احترام المسلمين وتوقيرهم.
يقول الشعبي: ذهب زيد ليركب، فأمسك ابن عباس بالركاب، فقال له زيد تنح يا ابن عم رسول الله. فأجابه ابن عباس: هكذا نصنع بعلمائنا.
ويقول ابن عباس: لقد علم المخططون من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن زيداً بن ثابت كان من الراسخين في العلم، وشاءت مقادير الله لزيد مهمة من أنبل المهام في تاريخ الإسلام كله، مهمة جمع القرآن الكريم. منذ بدأ الوحي يأخذ طريقه إلى قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم ليكون من المنذرين. مستهلاً موكب القرآن والدعوة بهذه الآيات الرائعة، بسم الله الرحمن الرحيم: ((اقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق الإنسان من علق * اقرأ وربك الأكرم * الذي علم بالقلم * علم الإنسان ما لم يعلم)). صدق الله العظيم
وخلال ثلاثة وعشرين سنة تقريباً نزل القرآن خلالها آيات تلو آيات ملبياً مناسبات النزول وأسبابها، كان أولئك الحفظة والمسجِّلون يقومون بأعمالهم بتوفيق من الله كبير، حيث أن القرآن لم يوحى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كله جملة واحدة؛ لأنه ليس كتاباً مؤلفاً ولا موضوعاً،
إنما هذا دستور أمة جديدة، تبنى بعناية الله، لبنة لبنة، وتنهض عقيدتها ويتشكل قلبها وفكرها وإرادتها وفق مشيئته سبحانه.. وتوافد الحفاظ والكتبة على حفظ القرآن وتسجيله وكان على رأسهم علي بن أبي طالب، وأُبي بن كعب، وعبد الله بن مسعود، وعبد الله ابن عباس، وصاحب الشخصية التي نتحدث عنها الآن زيد بن ثابت الأنصاري رضي الله عنهم أجمعين.
وبعد وفاة رسول الله عليه الصلاة والسلام انشغل المسلمون بحروب الردة وكان عدد الشهداء من قرّاء القرآن وحفظته كبيراً ومثيراً حتى فزع عمر إلى الخليفة أبي بكر الصديق رضي الله عنهم أجمعين راغباً إليه في إلحاح أن يسارعوا إلى جمع القرآن، واستخار الخليفة ربه وشاور صحبه، ثم دعا زيد بن ثابت الأنصاري قال له: إنك شاب عاقل لا تنهمك، وأمره أن يبدأ بجمع القرآن الكريم، ونهض زيد بالعمل الذي توقف عليه مصير الإسلام كله كدين، وبلى بلاءً عظيماً في إنجاز أشق المهام وأعظمها، فمضى بجمع الآيات والسور من صدور الحفاظ ومن مواطنها المكتوبة، وأخد يقابل ويعارض ويتحرى فيما بينها حتى جمع القرآن مرتباً ومنسقاً. وقال سيدنا زيد بن ثابت مصوراً وموضحاً قداسة المهمة وجلالتها: والله لو كلفوني بنقل جبل من مكانه لكان أهون عليّ مما أمروني به من جمع القرآن.
أجل.. إن حمل جبل أو حتى جبال فوق كاهل سيدنا زيد لهو أرضى لنفسه من أن يخطئ أدنى خطأ في نقل آية أو تمام سورة،
لكن توفيق الله ورعايته كانت معه.
وأخيراً ولد الصحابي زيد بن ثابت رضي الله عنه
سنة عشرة للهجرة وتوفي سنة أربع وخمسين بعد الهجرة تقريباً في المدينة. وكان عالماً بالفرائض.
وقال أبو هريرة حين مات: اليوم مات حبر هذه الأمة وعسى الله أن يجعل في ابن عباس منه خلفاً..
ورثاه حسان بن ثابت بقوله:
فمن للقوافي بعد حسان وابنه ومن للمعاني بعد زيد بن ثابت
المصدر: مركز زيد بن ثابت
لخدمة القرآن الكريم والأنشطة القرآنية
http://www.zaidcenter.com/zaid_story_f.html
كاتب الوحي وجامع القرآن
إذا حملت المصحف بيمينك.. واستقبلته بوجهك.. ومضيت تتنعم في روضاته اليانعات، سورة سورة، وآية آية.. فاعلم أن من بين الذين تدين لهم بالشكر والعرفان على هذا الصنيع العظيم رجل كبير.. اسمه الصحابي زيد بن ثابت الأنصاري.
إن وقائع جمع القرآن في مصحف لا تذكر إلا ويذكر معها هذا الصحابي الجليل.. إنه أنصاري من المدينة المنورة، وكان عمره يوم قدم الرسول مهاجراً إلى المدينة إحدى عشرة سنة، وأسلم الصبي زيد مع المسلمين من أهله وبورك بدعوة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصَحِبَهُ أباه معه إلى غزوة بدر،
لكن الرسول رده لصغر سنه وجسمه، وفي غزوة أحد ذهب زيد مع جماعة من أترابه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كي يقبلهم في أي مكان في صفوف المجاهدين، قبل الرسول البعض وردَّ البعض الآخر وبقي زيد مع أترابه الأشبال يبذلون جهدهم بالرجاء تارةً، وباستعراض عضلاتهم تارة، وبالدمع تارة..
ولكنَّ أعمارهم كانت صغيرة وأجسادهم غضة؛ فوعدهم الرسول بمشاركتهم في الغزوة المقبلة. وهكذا بدأ زيد مع إخوانه دورة مقاتل في سبيل الله بدءاً من غزوة الخندق سنة خمس من الهجرة.
كانت شخصيته المسلحة المؤمنة تنمو سريعاً، فهو لم يبرع كمجاهد فحسب بل كمثقف متنوع المزايا، فهو يتابع القرآن حفظاً ويكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم ويتفوق في العلم والحكمة، وحين يبدأ الرسول في إبلاغ دعوته للعالم، وإرسال كتبه لملوك الأرض وقياصرتها، يأمر زيد أن يتعلم بعض لغاتهم في وقت وجيز فينجح، وهكذا تألقت شخصية زيد بن ثابت وتبوأ في المجتمع الجديد مكاناً علياً، وصار موضع احترام المسلمين وتوقيرهم.
يقول الشعبي: ذهب زيد ليركب، فأمسك ابن عباس بالركاب، فقال له زيد تنح يا ابن عم رسول الله. فأجابه ابن عباس: هكذا نصنع بعلمائنا.
ويقول ابن عباس: لقد علم المخططون من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن زيداً بن ثابت كان من الراسخين في العلم، وشاءت مقادير الله لزيد مهمة من أنبل المهام في تاريخ الإسلام كله، مهمة جمع القرآن الكريم. منذ بدأ الوحي يأخذ طريقه إلى قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم ليكون من المنذرين. مستهلاً موكب القرآن والدعوة بهذه الآيات الرائعة، بسم الله الرحمن الرحيم: ((اقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق الإنسان من علق * اقرأ وربك الأكرم * الذي علم بالقلم * علم الإنسان ما لم يعلم)). صدق الله العظيم
وخلال ثلاثة وعشرين سنة تقريباً نزل القرآن خلالها آيات تلو آيات ملبياً مناسبات النزول وأسبابها، كان أولئك الحفظة والمسجِّلون يقومون بأعمالهم بتوفيق من الله كبير، حيث أن القرآن لم يوحى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كله جملة واحدة؛ لأنه ليس كتاباً مؤلفاً ولا موضوعاً،
إنما هذا دستور أمة جديدة، تبنى بعناية الله، لبنة لبنة، وتنهض عقيدتها ويتشكل قلبها وفكرها وإرادتها وفق مشيئته سبحانه.. وتوافد الحفاظ والكتبة على حفظ القرآن وتسجيله وكان على رأسهم علي بن أبي طالب، وأُبي بن كعب، وعبد الله بن مسعود، وعبد الله ابن عباس، وصاحب الشخصية التي نتحدث عنها الآن زيد بن ثابت الأنصاري رضي الله عنهم أجمعين.
وبعد وفاة رسول الله عليه الصلاة والسلام انشغل المسلمون بحروب الردة وكان عدد الشهداء من قرّاء القرآن وحفظته كبيراً ومثيراً حتى فزع عمر إلى الخليفة أبي بكر الصديق رضي الله عنهم أجمعين راغباً إليه في إلحاح أن يسارعوا إلى جمع القرآن، واستخار الخليفة ربه وشاور صحبه، ثم دعا زيد بن ثابت الأنصاري قال له: إنك شاب عاقل لا تنهمك، وأمره أن يبدأ بجمع القرآن الكريم، ونهض زيد بالعمل الذي توقف عليه مصير الإسلام كله كدين، وبلى بلاءً عظيماً في إنجاز أشق المهام وأعظمها، فمضى بجمع الآيات والسور من صدور الحفاظ ومن مواطنها المكتوبة، وأخد يقابل ويعارض ويتحرى فيما بينها حتى جمع القرآن مرتباً ومنسقاً. وقال سيدنا زيد بن ثابت مصوراً وموضحاً قداسة المهمة وجلالتها: والله لو كلفوني بنقل جبل من مكانه لكان أهون عليّ مما أمروني به من جمع القرآن.
أجل.. إن حمل جبل أو حتى جبال فوق كاهل سيدنا زيد لهو أرضى لنفسه من أن يخطئ أدنى خطأ في نقل آية أو تمام سورة،
لكن توفيق الله ورعايته كانت معه.
وأخيراً ولد الصحابي زيد بن ثابت رضي الله عنه
سنة عشرة للهجرة وتوفي سنة أربع وخمسين بعد الهجرة تقريباً في المدينة. وكان عالماً بالفرائض.
وقال أبو هريرة حين مات: اليوم مات حبر هذه الأمة وعسى الله أن يجعل في ابن عباس منه خلفاً..
ورثاه حسان بن ثابت بقوله:
فمن للقوافي بعد حسان وابنه ومن للمعاني بعد زيد بن ثابت
المصدر: مركز زيد بن ثابت
لخدمة القرآن الكريم والأنشطة القرآنية
http://www.zaidcenter.com/zaid_story_f.html