رضا البطاوى
2012-05-04, 10:32 AM
البناء فى الإسلام
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد : هذا كتاب يدور حول البناء من خلال أحكام الإسلام . البناء : إن البناء هو إقامة بنيان ما على أساس هو الرص فأى مبنى مكوناته أيا كان نوعها إلى جانب بعضها البعض وفى ذلك قال تعالى بسورة الصف "إن الله يحب الذين يقاتلون فى سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص " وخذ أى نوع من المبانى ستجد هذه القاعدة ثابتة لا محيد عنها فمثلا الجدران توضع حجارتها بجانب بعضها البعض ومثلا السقف إذا كان من خشب ستجد أن العروق توضع على مسافات محددة بجانب بعضها وإذا كان من خرسانة تجد أن أسياخ الحديد توضع إلى جانب بعضها بطريقة معينة ثم توضع فوقها أكوام الرمل المخلوط بالملاط والزلط جانب بعضها ومثلا الأعمدة إذا كانت من حجارة توضع إلى جانب بعضها البعض لتكون فى النهاية العمود وإذا كانت من خرسانة توضع أسياخ الحديد لجانب بعضها البعض ثم توضع أكوام اللواصق فوق بعضها للتلاصق بجانب بعضها البعض داخل الخشب الذى سيشكل جسم العمود . أنواع الأبنية : تنقسم الأبنية وهى البيوت إلى نوعين هما : 1-البيوت المسكونة وهى البيوت التى هى أماكن راحة حيث تعيش الأسرة وفيها قال تعالى بسورة النحل "والله جعل لكم من بيوتكم سكنا ". 2-البيوت غير المسكونة وهى البيوت التى فيها متاع أى نفع للإنسان وهى المؤسسات العامة مثل المساجد والمدارس والمشافى وفى هذه البيوت قال تعالى بسورة النور "ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة فيها متاع لكم"ويمكن أن نسمى هذه البيوت بيوت المتاع أو بيوت العمل كما تنقسم لنوعين هما : 1-البيوت المحرمة وهى البيوت التى ينطبق عليها شرط أو أكثر من الشروط التالية: -ممارسة نشاط محرم فيها مثل الزنا والربا وشرب الخمر . -الإفراط والإسراف فى نظام البناء . -القذارة والوساخة . -الضيق البالغ ومن أمثلتها مسجد الضرار وفيه قال تعالى بسورة التوبة "والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى والله يشهد أنهم لكاذبون لا تقم فيه أبدا "ودليل الحرمة هنا قوله "لا تقم فيه أبدا "فقد نهى الله نبيه (ص)عن الصلاة فى هذا المبنى لأن من بنوه قد بنوه بقصد الإضرار والكفر والتفريق بين المسلمين وجمع أعداء الإسلام فيه 2-البيوت المباحة وهى البيوت التى ينطبق عليها شرط أو أكثر من الشروط التالية : -ممارسة النشاط الحلال - الاعتدال فى نظام البناء - النظافة . ومن أمثلة هذه البيوت مسجد التقوى وفيه قال بسورة التوبة "لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المتطهرين ". مسكن لكل مخلوق : خلق الله المخلوقات وجعل لكل مخلوق منها بيت يسكن فيه وقد سمى الله بيت المخلوق المستقر وفى هذا قال تعالى بسورة هود "وما من دابة فى الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل فى كتاب مبين "وقد جاءت عدة آيات عن بعض بيوت المخلوقات منها : - بيوت النحل وقد حددها الله فى ثلاث مواضع هى الجبال والشجر ومما يعرش الإنسان أى مما يصنع الإنسان وهى الخلايا وفى هذا قال تعالى بسورة النحل "وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذى من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون ". - بيوت النمل وقد طلبت نملة من النمل أن يدخلوا هذه المساكن قبل مرور سليمان (ص)وجيشه بالمنطقة حتى لا يقتلوهم وهم لا يدرون ولا يشعرون وفى هذا قال تعالى بسورة النمل "حتى إذا أتوا على واد النمل قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون ". - بيت العنكبوت وهذا البيت هو أوهن البيوت أى أضعف المساكن لمن أوى له من المخلوقات وفى هذا قال تعالى بسورة العنكبوت "مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون ". مسكن لكل إنسان : إن المسكن حق لكل إنسان فإذا وجدت إنسانا من غير بيت فاعلم أن الظلم قد عم البلاد لأن الأصل وهو العدل هو أن يكون لكل إنسان بيت ولذا قال تعالى بسورة النور "ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت أبائكم أو بيوت أمهاتكم أو بيوت اخوانكم أو بيوت أخواتكم أو بيوت أعمامكم أو بيوت عماتكم أو بيوت أخوالكم أو بيوت خالاتكم أو ما ملكتم مفاتحه أو صديقكم "فهنا الجميع لهم بيوت بلا استثناء وهم : الأنفس وذلك قوله "بيوتكم "والآباء ويشمل الأب والأجداد والأمهات ويشمل الأم والجدات والإخوان وهم الإخوة الذكور والأخوات وهن الأخوات الإناث والأعمام والعمات والأخوال والخالات والأولاد وهذا قوله "وما ملكتم مفاتحه "أى ما ولدتم أصحابه والأصدقاء فالله لم يستثن أحدا من وجود بيت للسكن فيه ومما ينبغى ذكره أن البيت سواء كان بيت للسكن أو بيت لغير السكن لا يورث أى لا يقسم فى الميراث لأن البيوت ليست من ضمن الميراث فالميراث ما وجد لدى الميت من مال ممثل فى الذهب والفضة والنقود والحلى وذلك لأن اقتسام هذه البيوت أمر غريب لأنه يجب أن يظل المسكن لإنسان واحد فقط وأقصد هنا أن يسكن واحد فقط البيت مع زوجته وتوفر الدولة لكل فرد من اخوته أو من كانوا يسكنون معه بيت خاص بكل واحد منهم . أول بيت فى الأرض : أول بيت وجد فى الأرض هو بيت الله الحرام فى مكة وهو بيت مبارك بناه الله بكلمة كن وفى هذا قال تعالى بسورة آل عمران "إن أول بيت وضع للناس للذى ببكة مباركا "والسبب فى بناء البيت هو أن يصلى إليه وقد أقسم الله سبحانه وتعالى بالبيت المعمور أى المصان المحمى وفى هذا قال تعالى بسورة الطور "والطور وكتاب مسطور فى رق منشور والبيت المعمور ". بيوت الصلاة : إن المساجد وهى بيوت الصلاة ورد عنها كمبانى الأتى: -أن هذه البيوت تؤسس على أمر من اثنين : 1-التقوى وهى طاعة الله خوفا منه ويمكن أن نسمى هذا الأساس نفع المسلمين . 2-الجرف الهار وهو الكفر ويمكن أن نسمى هذا الأساس إضرار المسلمين وفى هذا قال تعالى بسورة التوبة "أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به فى نار جهنم ". -أن إبراهيم (ص)وإسماعيل (ص)قاما برفع قواعد وهى جدران القبلة وفى هذا قال تعالى بسورة البقرة "وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ". -أن الناس لما مات أهل الكهف بعد أن قاموا من الموت الكهفى اختلفوا فى أمرهم لفريقين الأول قالوا ابنوا عليهم بنيانا والمراد اجعلوا لهم قبرا والثانى قالوا لنتخذن عليهم مسجدا أى لنبنين لهم بيتا للصلاة وقد غلب هذا الفريق الفريق الأول فبنى المسجد لأهل الكهف فبنى المسجد على أهل الكهف أى وقبورهم داخل المسجد وفى هذا قال تعالى بسورة الكهف "إذ يتنازعون بينهم أمرهم فقالوا ابنوا عليهم بنيانا ربهم أعلم بهم قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا ". -أن الله أذن أى أمر الناس برفع البيوت أى بناء المساجد لذكره وفى هذا قال تعالى بسورة النور " فى بيوت أذن الله أن ترفع وأن يذكر فيها اسمه ". من قصص الأبنية الكفرية : إن إقامة المبانى إنما تكون لهدف واحد هو نفع الناس طبقا لشرع الله ولكن البشر على اختلاف أزمنة وجودهم أقاموا مبانى الغرض منها مخالفة الشرع وقد ذكر الله لنا عن هذه المبانى قصص تتمثل فى التالى : -أن أصحاب الحجر وهم ثمود كانوا ينحتون من الجبال بيوتا والمراد يبنون من حجارة الجبال بيوتا فى الوادى وفى هذا قال تعالى بسورة الحجر "وكانوا ينحتون من الجبال بيوتا أمنين "وقال بسورة الفجر "وثمود الذين الصخر بالواد "ولم يكن غرضهم من البناء سوى الأمن والأمن مما ؟إنه الأمن من عذاب الله فقد كانوا يبنون هذه المبانى ظنا منهم أنها تحميهم من عذاب الله إذا أتى ولذا قال لهم صالح (ص)أتتركون الأمن فى الجنات والعيون والزروع والنخل وتبنون من الجبال بيوتا فارهين ؟وفى هذا قال بسورة الشعراء "أتتركون فى ما هاهنا أمنين فى جنات وعيون وزروع ونخل طلعها هضيم وتنحتون من الجبال بيوتا فارهين "ومن هنا يتبين لنا أن من الخطأ نقل حجارة الجبال للأودية لبناء مبانى بها تحمى من الموت . -أن عاد وهم قوم هود (ص)قد بنوا الأعمدة وهى المصانع أى المبانى العظيمة وفى هذا قال تعالى بسورة الشعراء "أتبنون بكل ريع آية تعبثون وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون "والمعنى أتشيدون بكل مرتفع مبنى تلعبون وتتخذون قلاع لعلكم تحتمون ؟وهذا يعنى أن عاد بنوا المبانى عبثا أى لعبا أى دون هدف مباح وهذا الهدف المحرم هو ظنهم الخلود أى اعتقادهم أنها تحميهم من الموت ومن ثم يظلون أحياء ومن هنا يتبين لنا أن من الأخطاء الاعتقاد أن المبانى تحمى من الأسباب المؤدية للموت ولذا قال تعالى بسورة النساء "أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم فى بروج مشيدة "أى فى أى مكان تكونون يلحقكم الموت حتى ولو كنتم فى بيوتا مقفلة محصنة . -أن قوم إبراهيم (ص)لما عرفوا أنه هو الذى كسر أصنامهم قالوا :ابنوا له بنيانا فألقوه فى الجحيم أى اصنعوا له موقدا فارموه فى الموقد وهذا يعنى أنهم قد شيدوا مبنى مخصوص هو المحرقة أى الموقد لهدف محرم وهو معاقبة رسولهم على إحسانه لهم وفى هذا قال بسورة الصافات "قالوا ابنوا له بنيانا فألقوه فى الجحيم ". -أن فرعون طلب من وزيره هامان أن يبنى له صرحا أى سلما والسبب أن يصل للأسباب كى يقابل إله موسى (ص)وهذا البناء بنى لهدف محرم كما يدل على جنون فرعون ومن معه إذا اعتقدوا أن الله يسكن فى السماء سبحانه وتعالى عن هذا وفى هذا قال بسورة غافر "وقال فرعون يا هامان ابن لى صرحا لعلى أبلغ الأسباب أسباب السموات فاطلع إلى إله موسى " وكان هذا الصرح مبنى من الطين المشوى وهو الطين الذى أشعلت فيه النار وفى هذا قال تعالى بسورة القصص "وقال فرعون يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيرى فأوقد لى يا هامان على الطين فاجعل لى صرحا لعلى أطلع إلى إله موسى وإنى لأظنه من الكاذبين ". -أن أهل النفاق قد جمعوا أموالا وبنوا بها مسجدا وكانت أهدافهم من وجود هذا المسجد هى إضرار المسلمين وهو الكفر ومنه التفريق بين المسلمين والجمع لمحاربى الله ورسوله (ص)من قبل وفى هذا قال تعالى بسورة التوبة "والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل ". -أن الناس انقسموا فى أهل الكهف بعد موتهم النهائى إلى فريقين الأول قال يجب قبرهم أى دفنهم فى بنيان هو القبر كغيرهم من الناس والثانى قال نتخذ عليهم مسجدا أى أن يبنوا ضريح لهم يصلون فيه وبهذا اتخذ البناء هدف محرم وقد نجحوا فى مسعاهم وفى هذا قال تعالى بسورة الكهف "إذ يتنازعون بينهم أمرهم فقالوا ابنوا عليهم بنيانا ربهم أعلم بهم قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا " . العمارة والبيوت : إن الواجب على الإنسان تجاه البيت هو عمارته أى صيانته بتنظيفه وترميمه ومما جاء عن العمارة أن الكفار جعلوا كل من سقاية الحجاج وعمارة أى صيانة أى نظافة المسجد الحرام أعمال تجعلهم يتساوون مع المؤمنين بالله واليوم الأخر وجاهدوا فى سبيل الله وقد أخبرهم الله أنهم لا يتساوون أبدا مع المسلمين مهما فعلوا وفى هذا قال تعالى بسورة التوبة "أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن أمن بالله واليوم الأخر وجاهد فى سبيل الله لا يستوون عند الله "وقد جعل الله الذين يعمرون أى يصونون مساجد الله هو الذين أمنوا وأقاموا الصلاة أى أتوا الزكاة أى لم يخافوا إلا الله وفى هذا قال تعالى بسورة التوبة "إنما يعمر مساجد الله من أمن بالله واليوم الأخر وأقام الصلاة وأتى الزكاة ولم يخش إلا الله "ومن ثم وجب علينا تعمير البيوت أى صيانتها بكل الوسائل الممكنة . المساكن التى ترضى : إن من المساكن ما يرضى البشر ومنها ما لا يرضيهم ومرد الرضا وعدم الرضا هو دين الإنسان فمثلا المسلم يرضيه المسجد بينما لا يرضيه بيت الأوثان ولا بيت اللهو والدعارة ومثلا الكافر لا يرضيه المسجد بينما يرضيه بيت الخمور وبيت الرقص العام. إذا فالرضا مبعثه هو الدين الذى يدين به الإنسان وقد طلب الله من نبيه (ص)أن يقول للناس :إن كان كل من الأباء والأبناء والإخوان والأزواج والعشيرة والأموال والتجارة التى يخافون كسادها والمساكن التى يرضونها أى يعجبون بها أحب إليهم من الله ونبيه (ص)والجهاد فى سبيل الله فعليهم الإنتظار حتى يأتى الله بأمره وفى هذا قال تعالى بسورة التوبة "قل إن كان أباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد فى سبيله فتربصوا حتى يأتى الله بأمره ". مساكن الأقوام الهالكة : إن الكثير من أهل القرى قد بطروا المعيشة ولذا فإن الله قد عاقبهم بالهلاك هذا وقد تبقت مساكنهم بعد هلاكهم لتكون عظة وعبرة لمن يعتبر وهذه المساكن قد اتخذها البعض بعد هلاك الأقوام مساكن له وهذه المساكن سكنتها الأقوام بعد الأقوام الهالكة إلا القليل منها وفى هذا قال تعالى بسورة القصص "وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلا قليلا "ومساكن الأقوام الهالكة قد مشى الناس فيها فشاهدوا ما حل بهم من العقاب ولكن من يتعظ ويعتبر ؟إنهم أصحاب العقول وفى هذا قال تعالى بسورة طه "أفلم يهد لهم كم أهلكنا قبلهم من القرون يمشون فى مساكنهم إن فى ذلك لأيات لأولى النهى "ولعله من المضحك أن تكون المساكن عند الأقوام العائشة الآن دالة على عظمة من بنوها ومجدهم وليست دالة كما يقول الله على خستهم ودناءتهم وعدم تعقلهم . مواد البناء فى القرآن : بين الله لنا أن من مواد البناء التالى : - جلود الأنعام ومن هذه الجلود تبنى المبانى فى المناطق الرعوية وتمتاز هذه البيوت بأنها سهلة الإقامة والحمل والهدم وفى هذا قال تعالى بسورة النحل "وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتا تستخفونها يوم ظعنكم ويوم إقامتكم " - الطين المشوى وهو الطين الذى أشعلت فيه النار وقد طلب فرعون من هامان أن يبنى له الصرح من هذه المادة وفى هذا قال تعالى بسورة القصص "فأوقد لى يا هامان على الطين فاجعل لى صرحا ". - القوارير وهى الزجاجات أى الرقائق الشفافة وقد بين سليمان (ص)لملكة سبأ أن الصرح الذى دخلته مصنوع من قوارير أى زجاج شفاف وفى هذا قال تعالى بسورة النمل "قيل لها ادخلى الصرح فلما رأته حسبته لجة وكشفت عن ساقيها قال إنه صرح ممرد من قوراير ". - صخر الجبال وهى الحجارة الجامدة وقد بين الله لنا أن ثمود وهم أصحاب الحجر قد بنوا البيوت من صخر الجبال وفى هذا قال بسورة الحجر "ولقد كذب أصحاب الحجر المرسلين وأتيناهم آياتنا فكانوا عنها معرضين وكانوا ينحتون من الجبال بيوتا أمنين ". - الشجر وهو النباتات الشجرية وهذه المادة يبنى فيها النحل بيوته والإنسان أيضا قد يعمل منها بيوتا وفى هذا قال تعالى بسورة النحل "وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذى من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون " . - الزخرف وهو الذهب وقد طلب الكفار من الرسول (ص)أن يكون له بيت من زخرف أى ذهب حتى يؤمنوا به وفى هذا قال تعالى بسورة الإسراء "أو يكون لك بيت زخرف ". إقامة العبد الصالح (ص)للجدار : انطلق موسى (ص)والعبد الصالح (ص)حتى دخلا قرية من القرى فجاعا وعند ذلك طلبا من أهلها القرى وهو طعام الضيوف فرفضوا أن يطعموهم شيئا فسارا فى القرية وبينما هم سائرون وجد الرجلان جدارا وهذا الجدار يريد أن ينقض أى يتهدم فعمل العبد الصالح (ص)على أن يقيمه من جديد فكان أن أقامه أى بناه بناء حسنا فلما أتم البناء قال له موسى (ص):لو شئت أخذت على بنائه أجرا فكان هذا القول نهاية الطريق المشترك بينهما وفى هذا قال بسورة الكهف "فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه قال لو شئت لتخذت عليه أجرا قال هذا فراق بينى وبينك "وقد فسر العبد الصالح (ص)لموسى (ص)السبب فى بناء الجدار وهو أن الجدار أى المبنى كان ملكا لطفلين يتيمين وكان تحت المبنى كنز لهما وكان أبوهما مسلما فأراد الله أن يكبرا ويحصلا على الكنز رحمة منه بهما وفى هذا قال تعالى بسورة الكهف "وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين فى المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحا فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك ".
لا هدم لأماكن الصلاة : أن الله لولا أنه يدفع الناس بعضهم ببعض والمراد يقاوم ظلم الناس بالناس لتهدمت المبانى الصوامع والبيع والصلوات والمساجد التى يذكر فيها اسم الله وفى هذا قال تعالى بسورة الحج "ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ". صرح سليمان (ص): لقد بنى لسليمان (ص)صرحا وهذا الصرح أى المبنى كان مقاما بطريقة فنية تخدع البصر لما أتت ملكة سبأ قال لها سليمان (ص)ادخلى الصرح فلما شاهدت الصرح وهو المبنى ظنته لجة أى بحر ولذا قامت برفع ملابسها وكشف ساقيها وذلك حتى لا تبتل ملابسها وعند ذلك قال سليمان (ص)إنه صرح ممرد من قوارير والمراد إنه مبنى مصنوع من رقائق شفافة أى زجاج وهذه القوارير يصدر عنها أشعة تموجية تجعل العين ترى المكان كأنه بحر به ماء كثير مع أنه سطح مستوى لا بروز ولا انخفاض فيه وفى هذا قال تعالى بسورة النمل "قيل لها ادخلى الصرح فلما رأته حسبته لجة وكشفت عن ساقيها قال إنه صرح ممرد من قوارير "وبناة الصرح هم الشياطين أى مردة الجن فقد كانوا فرق منها البناة والغواصين وفى هذا قال تعالى بسورة ص"والشياطين كل بناء وغواص ". مكونات البيت : يتكون البيت من وحدات هى الحجرات وكل حجرة لها مهام معينة يحددها صاحب البيت وفى هذا قال تعالى بسورة الحجرات "إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون "ومن مكونات البيت كل من : -السقف وهو الجزء المغطى للبيت من أعلى . -المعارج وهى السلالم - الأبواب وهى الفتحات وهى تشمل الأبواب والشبابيك -الزخرف وهو الملاط أى اللياسة التى تغطى الجدران وغيرها من الأرضيات وأحيانا الأسقف وقد وردت هذه المكونات مذكورة فى قوله بسورة الزخرف "ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة ومعارج عليها يظهرون ولبيوتهم أبوابا وسررا عليها يتكئون وزخرفا "وهذه المكونات لابد من وجودها فى كل بيت سواء كان فى قرية أو فى مدينة أو فى غير هذا من المناطق الصالحة لإقامة المبانى . بيت من زخرف : لقد طلب الكفار من الرسول (ص)حتى يؤمنوا برسالته أن يكون له واحد من أمور عدة ذكروا فيها أن يكون له بيت من زخرف أى ذهب وفى هذا قال تعالى بسورة الإسراء "أو يكون لك بيت من زخرف "وقد رد الله عليهم بأن قال لنبيه (ص)إن الله إن أراد جعل له أفضل مما يطلبون وهو جنات تجرى من تحتها الأنهار وقصور أى مبانى جميلة فى الجنات وفى هذا قال تعالى بسورة الفرقان "تبارك الذى إن شاء جعل لك خيرا من ذلك جنات تجرى من تحتها الأنهار ويجعل لك قصورا ". صرح فرعون : طلب فرعون من هامان أن يبنى له صرح أى سلم أى مبنى له درجات متعددة يصعد عليها فرعون للسماء كما طلب وكانت مادة البناء هى الطين المشوى فقد طلب فرعون من هامان أن يوقد له على الطين وقد بناه له هامان وكانت نهاية أمره هى التباب أى التهدم وفى هذا قال تعالى بسورة القصص "فأوقد لى يا هامان على الطين فاجعل لى صرحا لعلى أطلع إلى إله موسى وإنى لأظنه من الكاذبين "وقال بسورة غافر "وقال فرعون يا هامان ابن لى صرحا لعلى أبلغ الأسباب أسباب السموات فاطلع إلى إله موسى وإنى لأظنه كاذبا وكذلك زين لفرعون سوء عمله وصد عن السبيل وما كيد فرعون إلا فى تباب "فالكيد هنا فى خسارة ومن ضمنه الصرح . آثار الأقوام الهالكة : لقد ترك كل قوم من الأقوام الهالكة آثار أى مبانى أقاموها لأغراض مختلفة منها المحرم ومنها المباح وفى هذا قال تعالى بسورة يس "إنا نحن نحى الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم "وقال بسورة الحج "فكأين من قرية أهلكناها وهى ظالمة فهى خاوية على عروشها وبئر معطلة وقصر مشيد"فالعروش هى المساكن والقصر هو القلعة وهذه المبانى تركها الله لنا كى نعتبر ونتعظ بها وليس للفرجة ومما لا شك فيه أن هذه المبانى يجب أن تستغل فى نفع الناس إذا كانت تصلح لأى منفعة كالسكن أو غير هذا وأما ما يسمى سياحة الآثار فذلك أمر لا داعى له إذا كنا بحاجة لهذه المساكن فيما ينفع الناس من الأمور الأخرى . المبانى العقابية : إن المبانى منها مبانى عقابية منها السجن والمحرقة وقد ورد أن قوم إبراهيم (ص)قد طلبوا من بعضهم البعض أن يبنوا لإبراهيم (ص)بنيانا والمراد أن يقيموا لإحراق إبراهيم (ص)مبنى والسبب أن يلقوه فى النار التى ستكون فى المبنى وفى هذا قال تعالى بسورة الصافات "قالوا ابنوا له بنيانا فألقوه فى الجحيم "وقد ورد ذكر السجن الذى سجن فيه يوسف "ورأوا من بعد الآيات ليسجننه "وقال "يا صاحبى السجن "وقال "رب السجن أحب إلى ". تخريب البيوت : فى الحرب يباح تخريب بيوت العدو إذا تحصن بها وتمترس داخلها وقد حدث أن بعض أهل الكتاب احتموا ببيوتهم فلما وجد المسلمون أنهم يحاربون من داخلها اضطروا إلى تخريب وهدم البيوت فلما أيقن اليهود باستيلاء المسلمين على البيوت قاموا بهدمها مع المسلمين والسبب ألا يتمتع المسلمون بالإقامة فيها أى ألا ينتفع المسلمون بما فيها من الأمور التى كان اليهود قد أعدوها لراحة أنفسهم وفى هذا قال تعالى بسورة الحشر "يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدى المؤمنين فاعتبروا يا أولى الأبصار ". البيوت العورة : إن أهل النفاق فى غزوة الأحزاب قام بعضهم بالاستئذان من النبى (ص)وذلك للعودة لبيوتهم والسبب فى ذلك كما قالوا إن بيوتنا عورة أى مكشوفة للعدو ولم تكن بيوتهم عورة أى معرضة للعدوان وفى هذا قال بسورة الأحزاب "وإذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا ويستئذن فريق منهم النبى يقولون إن بيوتنا عورة وما هى بعورة إن يريدون إلا فرارا "والمستفاد من القصة هو أن يتم توفير الحماية العسكرية وهى تختلف من بيوت لأخرى ومن ثم وجب وضع الترتيبات الحمائية عند إقامة البيوت وذلك حفاظا عليها وعلى أهلها وذلك حتى لا يبرز بعض المنافقين ويقولون كما قال المنافقون فيما مضى من الأزمان وأهم الترتيبات فى رأيى هى : أن يكون تحت كل قرية أو مدينة قرية أو مدينة أصغر معدة- الملجأ- لإقامة السكان فيها خلال الغارات طالت أو قصرت . وجود حوائط لصد الطائرات والصواريخ المعادية من الصواريخ وغيرها من الدفاعات. وجود مصايد للقنابل وغيرها من وسائل الحرب فوق المدينة أو القرية . أسس بناء البلدات : تتمثل الأسس فى التالى : 1-الفصل بين البيوت المسكونة والبيوت غير المسكونة بمعنى ابتعاد المساكن عن ما نسميه المبانى الوظيفية مثل الورش والمصانع والأسواق والمدارس وهذا الأساس مأخوذ من تسمية البيوت بالسكن أى مكان الراحة فى قوله تعالى بسورة النحل "والله جعل لكم من بيوتكم سكنا ". 2-أن تكون البيوت مناسبة للبيئة المحلية والمراد أن تكون المواد البنائية من نفس المنطقة حتى لا يدخل عنصر غريب على البيئة فساد فيها فمثلا المبانى فى البيئة الرعوية تكون من جلود الأنعام ومثلا فى البيئة الزراعية تكون من الطين أو الطين المشوى يدل على هذا قوله بسورة النحل "وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتا تستخفونها يوم ظعنكم ويوم إقامتكم "ومثلا البيئة الجبلية تكون من صخور الجبال يدل على هذا قوله بسورة النحل "وجعل لكم من الجبال أكنانا ". 3-وجود حدائق فى المنطقة والمراد أن يكون لكل بلدة أرض زراعية تمدها بالأطعمة وتمد مصانعها بالمواد الخام الغذائية وغير ذلك يدل على هذا أن الله جعل من نعمه على أهل سبأ أن الجنات كانت تحيط بالبلدة من اليمين والشمال وفى هذا قال تعالى بسورة سبأ "لقد كان لسبأ فى مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال". البناء بمواد البيئة المحلية : إن البناء فى منطقة ما يستلزم الحفاظ على طبيعة المنطقة والمراد ألا يدخل الإنسان على المنطقة عناصر غريبة لم تكن موجودة فى المنطقة من قبل والسبب هو أن العنصر الغريب سواء كان حيا أو ميتا سيتسبب فى إلحاق ضرر بمخلوقات المنطقة ومنها الإنسان نفسه ومن ثم وجب الأتى عند تعمير أى منطقة أن تقام المبانى من نفس المواد الموجودة فى المنطقة فإن كان هناك طين فمن الطين وإن كان هناك صخر فمن الصخر وإن كان هناك شىء أخر فمن هذا الشىء . إن الإلتزام بهذا الشرط سيعمل على توفير المال اللازم لشراء المواد الأخرى ومن ثم نقلها إلى المنطقة والجهد المبذول فى حمل ورفع ووضع المواد المنقولة والوقت المبذول فى الحمل والنقل والوضع وغير هذا من الأعمال اللازمة كما أنه يضمن قلة تكاليف المبنى وسهولة إقامته . البلدات والبيوت التى تحتاجها : تحتاج كل بلدة لنوعين من البيوت هما : 1- بيوت السكن التى نقيم بها مع أسرنا فى غير أوقات العمل الوظيفى . 2- بيوت غير مسكونة وهى تنقسم لنوعين : أ-بيوت موجودة فى كل بلدة وهى الدكاكين والمشفى والمدرسة ونقطة الشرطة والمحكمة والنقطة المالية ونقاط الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ومحطة المياه ومحطة المواصلات ومكتب البريد ومكتب الاتصالات ومحطة الكهرباء والجمعية الزراعية والنادى الرياضى والمسجد. ب-بيوت توجد فى بلاد دون بلاد وهى المصانع والكليات فكل بلدة لا توجد فيها كل الصناعات وأكثر البلاد ليس بها كليات وإنما كل بلدة توجد فيها صناعة أو أكثر أو كلية أو أكثر. فى العمارة الإسلامية : يقال إن العمارة منها ما يسمونه الإسلامية ويقولون أن لكل مبنى فيها صفات تميزه فمثلا المسجد يميزه المئذنة والقبة والزخارف الورقية والحق هو أن العمارة الإسلامية هى أى مبنى لا يخالف حكم من أحكام الإسلام فى البناء فليس المسجد فى الإسلام مثلا هو من له مئذنة وقبة وإنما أى بناء معد للصلاة . إن المآذن والقباب وغير ذلك من الصفات التى تطلق على العمارة الإسلامية قد تكون عمارة كفرية فالمآذن الآن تعتبر إقامتها إسراف وكفر لأن ليس هناك حاجة إليها فإذا كان القوم قد برروا بناءها قديما بأن يعلوها المؤذن لكى يصل صوته إلى من فى البلدة فإن مكبرات الصوت قد حلت المشكلة بتكاليف أقل وكذلك الأمر فى القباب والزخارف ،إننا نريد كما فى القولة الشهيرة "إنه بيت للصلاة يدعى "وليس "مغارة لصوص "كما فى نفس القول ولو نظرت للمساجد فى العصور السابقة لوجدت عجبا فمثلا فى القاهرة شارع ملىء بالمساجد كشارع المعز مع أن المنطقة ليس فيها عدد من السكان يكفى لملء اثنين أو ثلاثة من هذه المساجد والسبب هو سرقة أموال الشعب وبناء المساجد ليقال أن فلان مسجده أحسن من فلان ومما ينبغى قوله أن الغرض من البناء هو نفع الناس فإذا وجد فى البناء شىء لا يفيد الناس فاعلم أنه ليس من العمارة الإسلامية ومن أمثلة ذلك : المنابر المزخرفة والشبابيك والفتحات المشغولة فى الأسبلة والقصور الضخمة التى تتسع للمئات من الناس فكل هذا ليس من الإسلام فى شىء . ما يراعى عند إنشاء البيوت : يجب مراعاة التالى عند إنشاء البلدات : -أن تناسب البيئة وحاجات أهلها. -أن تبنى البلدة فوق منطقة مرتفعة عن الأرض حولها . -أن تكون البلدة بعيدة عن المياه الجوفية . -أن تكون بعيدة عن البراكين النشطة والخامدة بمسافة كافية . -أن تكون بعيدة عن البلدات الأخرى بمسافة كبيرة كافية لنموها المستقبلى بحيث لا تتلاصق البلدات . -أن تكون شوارعها واسعة كافية لمرور أى وسيلة نقل . -ألا ترتفع المبانى عن ثلاثة أدوار بأى حال من الأحوال مهما كانت الظروف ومن المفضل أن تقل عن ذلك .
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد : هذا كتاب يدور حول البناء من خلال أحكام الإسلام . البناء : إن البناء هو إقامة بنيان ما على أساس هو الرص فأى مبنى مكوناته أيا كان نوعها إلى جانب بعضها البعض وفى ذلك قال تعالى بسورة الصف "إن الله يحب الذين يقاتلون فى سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص " وخذ أى نوع من المبانى ستجد هذه القاعدة ثابتة لا محيد عنها فمثلا الجدران توضع حجارتها بجانب بعضها البعض ومثلا السقف إذا كان من خشب ستجد أن العروق توضع على مسافات محددة بجانب بعضها وإذا كان من خرسانة تجد أن أسياخ الحديد توضع إلى جانب بعضها بطريقة معينة ثم توضع فوقها أكوام الرمل المخلوط بالملاط والزلط جانب بعضها ومثلا الأعمدة إذا كانت من حجارة توضع إلى جانب بعضها البعض لتكون فى النهاية العمود وإذا كانت من خرسانة توضع أسياخ الحديد لجانب بعضها البعض ثم توضع أكوام اللواصق فوق بعضها للتلاصق بجانب بعضها البعض داخل الخشب الذى سيشكل جسم العمود . أنواع الأبنية : تنقسم الأبنية وهى البيوت إلى نوعين هما : 1-البيوت المسكونة وهى البيوت التى هى أماكن راحة حيث تعيش الأسرة وفيها قال تعالى بسورة النحل "والله جعل لكم من بيوتكم سكنا ". 2-البيوت غير المسكونة وهى البيوت التى فيها متاع أى نفع للإنسان وهى المؤسسات العامة مثل المساجد والمدارس والمشافى وفى هذه البيوت قال تعالى بسورة النور "ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة فيها متاع لكم"ويمكن أن نسمى هذه البيوت بيوت المتاع أو بيوت العمل كما تنقسم لنوعين هما : 1-البيوت المحرمة وهى البيوت التى ينطبق عليها شرط أو أكثر من الشروط التالية: -ممارسة نشاط محرم فيها مثل الزنا والربا وشرب الخمر . -الإفراط والإسراف فى نظام البناء . -القذارة والوساخة . -الضيق البالغ ومن أمثلتها مسجد الضرار وفيه قال تعالى بسورة التوبة "والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى والله يشهد أنهم لكاذبون لا تقم فيه أبدا "ودليل الحرمة هنا قوله "لا تقم فيه أبدا "فقد نهى الله نبيه (ص)عن الصلاة فى هذا المبنى لأن من بنوه قد بنوه بقصد الإضرار والكفر والتفريق بين المسلمين وجمع أعداء الإسلام فيه 2-البيوت المباحة وهى البيوت التى ينطبق عليها شرط أو أكثر من الشروط التالية : -ممارسة النشاط الحلال - الاعتدال فى نظام البناء - النظافة . ومن أمثلة هذه البيوت مسجد التقوى وفيه قال بسورة التوبة "لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المتطهرين ". مسكن لكل مخلوق : خلق الله المخلوقات وجعل لكل مخلوق منها بيت يسكن فيه وقد سمى الله بيت المخلوق المستقر وفى هذا قال تعالى بسورة هود "وما من دابة فى الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل فى كتاب مبين "وقد جاءت عدة آيات عن بعض بيوت المخلوقات منها : - بيوت النحل وقد حددها الله فى ثلاث مواضع هى الجبال والشجر ومما يعرش الإنسان أى مما يصنع الإنسان وهى الخلايا وفى هذا قال تعالى بسورة النحل "وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذى من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون ". - بيوت النمل وقد طلبت نملة من النمل أن يدخلوا هذه المساكن قبل مرور سليمان (ص)وجيشه بالمنطقة حتى لا يقتلوهم وهم لا يدرون ولا يشعرون وفى هذا قال تعالى بسورة النمل "حتى إذا أتوا على واد النمل قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون ". - بيت العنكبوت وهذا البيت هو أوهن البيوت أى أضعف المساكن لمن أوى له من المخلوقات وفى هذا قال تعالى بسورة العنكبوت "مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون ". مسكن لكل إنسان : إن المسكن حق لكل إنسان فإذا وجدت إنسانا من غير بيت فاعلم أن الظلم قد عم البلاد لأن الأصل وهو العدل هو أن يكون لكل إنسان بيت ولذا قال تعالى بسورة النور "ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت أبائكم أو بيوت أمهاتكم أو بيوت اخوانكم أو بيوت أخواتكم أو بيوت أعمامكم أو بيوت عماتكم أو بيوت أخوالكم أو بيوت خالاتكم أو ما ملكتم مفاتحه أو صديقكم "فهنا الجميع لهم بيوت بلا استثناء وهم : الأنفس وذلك قوله "بيوتكم "والآباء ويشمل الأب والأجداد والأمهات ويشمل الأم والجدات والإخوان وهم الإخوة الذكور والأخوات وهن الأخوات الإناث والأعمام والعمات والأخوال والخالات والأولاد وهذا قوله "وما ملكتم مفاتحه "أى ما ولدتم أصحابه والأصدقاء فالله لم يستثن أحدا من وجود بيت للسكن فيه ومما ينبغى ذكره أن البيت سواء كان بيت للسكن أو بيت لغير السكن لا يورث أى لا يقسم فى الميراث لأن البيوت ليست من ضمن الميراث فالميراث ما وجد لدى الميت من مال ممثل فى الذهب والفضة والنقود والحلى وذلك لأن اقتسام هذه البيوت أمر غريب لأنه يجب أن يظل المسكن لإنسان واحد فقط وأقصد هنا أن يسكن واحد فقط البيت مع زوجته وتوفر الدولة لكل فرد من اخوته أو من كانوا يسكنون معه بيت خاص بكل واحد منهم . أول بيت فى الأرض : أول بيت وجد فى الأرض هو بيت الله الحرام فى مكة وهو بيت مبارك بناه الله بكلمة كن وفى هذا قال تعالى بسورة آل عمران "إن أول بيت وضع للناس للذى ببكة مباركا "والسبب فى بناء البيت هو أن يصلى إليه وقد أقسم الله سبحانه وتعالى بالبيت المعمور أى المصان المحمى وفى هذا قال تعالى بسورة الطور "والطور وكتاب مسطور فى رق منشور والبيت المعمور ". بيوت الصلاة : إن المساجد وهى بيوت الصلاة ورد عنها كمبانى الأتى: -أن هذه البيوت تؤسس على أمر من اثنين : 1-التقوى وهى طاعة الله خوفا منه ويمكن أن نسمى هذا الأساس نفع المسلمين . 2-الجرف الهار وهو الكفر ويمكن أن نسمى هذا الأساس إضرار المسلمين وفى هذا قال تعالى بسورة التوبة "أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به فى نار جهنم ". -أن إبراهيم (ص)وإسماعيل (ص)قاما برفع قواعد وهى جدران القبلة وفى هذا قال تعالى بسورة البقرة "وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ". -أن الناس لما مات أهل الكهف بعد أن قاموا من الموت الكهفى اختلفوا فى أمرهم لفريقين الأول قالوا ابنوا عليهم بنيانا والمراد اجعلوا لهم قبرا والثانى قالوا لنتخذن عليهم مسجدا أى لنبنين لهم بيتا للصلاة وقد غلب هذا الفريق الفريق الأول فبنى المسجد لأهل الكهف فبنى المسجد على أهل الكهف أى وقبورهم داخل المسجد وفى هذا قال تعالى بسورة الكهف "إذ يتنازعون بينهم أمرهم فقالوا ابنوا عليهم بنيانا ربهم أعلم بهم قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا ". -أن الله أذن أى أمر الناس برفع البيوت أى بناء المساجد لذكره وفى هذا قال تعالى بسورة النور " فى بيوت أذن الله أن ترفع وأن يذكر فيها اسمه ". من قصص الأبنية الكفرية : إن إقامة المبانى إنما تكون لهدف واحد هو نفع الناس طبقا لشرع الله ولكن البشر على اختلاف أزمنة وجودهم أقاموا مبانى الغرض منها مخالفة الشرع وقد ذكر الله لنا عن هذه المبانى قصص تتمثل فى التالى : -أن أصحاب الحجر وهم ثمود كانوا ينحتون من الجبال بيوتا والمراد يبنون من حجارة الجبال بيوتا فى الوادى وفى هذا قال تعالى بسورة الحجر "وكانوا ينحتون من الجبال بيوتا أمنين "وقال بسورة الفجر "وثمود الذين الصخر بالواد "ولم يكن غرضهم من البناء سوى الأمن والأمن مما ؟إنه الأمن من عذاب الله فقد كانوا يبنون هذه المبانى ظنا منهم أنها تحميهم من عذاب الله إذا أتى ولذا قال لهم صالح (ص)أتتركون الأمن فى الجنات والعيون والزروع والنخل وتبنون من الجبال بيوتا فارهين ؟وفى هذا قال بسورة الشعراء "أتتركون فى ما هاهنا أمنين فى جنات وعيون وزروع ونخل طلعها هضيم وتنحتون من الجبال بيوتا فارهين "ومن هنا يتبين لنا أن من الخطأ نقل حجارة الجبال للأودية لبناء مبانى بها تحمى من الموت . -أن عاد وهم قوم هود (ص)قد بنوا الأعمدة وهى المصانع أى المبانى العظيمة وفى هذا قال تعالى بسورة الشعراء "أتبنون بكل ريع آية تعبثون وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون "والمعنى أتشيدون بكل مرتفع مبنى تلعبون وتتخذون قلاع لعلكم تحتمون ؟وهذا يعنى أن عاد بنوا المبانى عبثا أى لعبا أى دون هدف مباح وهذا الهدف المحرم هو ظنهم الخلود أى اعتقادهم أنها تحميهم من الموت ومن ثم يظلون أحياء ومن هنا يتبين لنا أن من الأخطاء الاعتقاد أن المبانى تحمى من الأسباب المؤدية للموت ولذا قال تعالى بسورة النساء "أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم فى بروج مشيدة "أى فى أى مكان تكونون يلحقكم الموت حتى ولو كنتم فى بيوتا مقفلة محصنة . -أن قوم إبراهيم (ص)لما عرفوا أنه هو الذى كسر أصنامهم قالوا :ابنوا له بنيانا فألقوه فى الجحيم أى اصنعوا له موقدا فارموه فى الموقد وهذا يعنى أنهم قد شيدوا مبنى مخصوص هو المحرقة أى الموقد لهدف محرم وهو معاقبة رسولهم على إحسانه لهم وفى هذا قال بسورة الصافات "قالوا ابنوا له بنيانا فألقوه فى الجحيم ". -أن فرعون طلب من وزيره هامان أن يبنى له صرحا أى سلما والسبب أن يصل للأسباب كى يقابل إله موسى (ص)وهذا البناء بنى لهدف محرم كما يدل على جنون فرعون ومن معه إذا اعتقدوا أن الله يسكن فى السماء سبحانه وتعالى عن هذا وفى هذا قال بسورة غافر "وقال فرعون يا هامان ابن لى صرحا لعلى أبلغ الأسباب أسباب السموات فاطلع إلى إله موسى " وكان هذا الصرح مبنى من الطين المشوى وهو الطين الذى أشعلت فيه النار وفى هذا قال تعالى بسورة القصص "وقال فرعون يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيرى فأوقد لى يا هامان على الطين فاجعل لى صرحا لعلى أطلع إلى إله موسى وإنى لأظنه من الكاذبين ". -أن أهل النفاق قد جمعوا أموالا وبنوا بها مسجدا وكانت أهدافهم من وجود هذا المسجد هى إضرار المسلمين وهو الكفر ومنه التفريق بين المسلمين والجمع لمحاربى الله ورسوله (ص)من قبل وفى هذا قال تعالى بسورة التوبة "والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل ". -أن الناس انقسموا فى أهل الكهف بعد موتهم النهائى إلى فريقين الأول قال يجب قبرهم أى دفنهم فى بنيان هو القبر كغيرهم من الناس والثانى قال نتخذ عليهم مسجدا أى أن يبنوا ضريح لهم يصلون فيه وبهذا اتخذ البناء هدف محرم وقد نجحوا فى مسعاهم وفى هذا قال تعالى بسورة الكهف "إذ يتنازعون بينهم أمرهم فقالوا ابنوا عليهم بنيانا ربهم أعلم بهم قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا " . العمارة والبيوت : إن الواجب على الإنسان تجاه البيت هو عمارته أى صيانته بتنظيفه وترميمه ومما جاء عن العمارة أن الكفار جعلوا كل من سقاية الحجاج وعمارة أى صيانة أى نظافة المسجد الحرام أعمال تجعلهم يتساوون مع المؤمنين بالله واليوم الأخر وجاهدوا فى سبيل الله وقد أخبرهم الله أنهم لا يتساوون أبدا مع المسلمين مهما فعلوا وفى هذا قال تعالى بسورة التوبة "أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن أمن بالله واليوم الأخر وجاهد فى سبيل الله لا يستوون عند الله "وقد جعل الله الذين يعمرون أى يصونون مساجد الله هو الذين أمنوا وأقاموا الصلاة أى أتوا الزكاة أى لم يخافوا إلا الله وفى هذا قال تعالى بسورة التوبة "إنما يعمر مساجد الله من أمن بالله واليوم الأخر وأقام الصلاة وأتى الزكاة ولم يخش إلا الله "ومن ثم وجب علينا تعمير البيوت أى صيانتها بكل الوسائل الممكنة . المساكن التى ترضى : إن من المساكن ما يرضى البشر ومنها ما لا يرضيهم ومرد الرضا وعدم الرضا هو دين الإنسان فمثلا المسلم يرضيه المسجد بينما لا يرضيه بيت الأوثان ولا بيت اللهو والدعارة ومثلا الكافر لا يرضيه المسجد بينما يرضيه بيت الخمور وبيت الرقص العام. إذا فالرضا مبعثه هو الدين الذى يدين به الإنسان وقد طلب الله من نبيه (ص)أن يقول للناس :إن كان كل من الأباء والأبناء والإخوان والأزواج والعشيرة والأموال والتجارة التى يخافون كسادها والمساكن التى يرضونها أى يعجبون بها أحب إليهم من الله ونبيه (ص)والجهاد فى سبيل الله فعليهم الإنتظار حتى يأتى الله بأمره وفى هذا قال تعالى بسورة التوبة "قل إن كان أباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد فى سبيله فتربصوا حتى يأتى الله بأمره ". مساكن الأقوام الهالكة : إن الكثير من أهل القرى قد بطروا المعيشة ولذا فإن الله قد عاقبهم بالهلاك هذا وقد تبقت مساكنهم بعد هلاكهم لتكون عظة وعبرة لمن يعتبر وهذه المساكن قد اتخذها البعض بعد هلاك الأقوام مساكن له وهذه المساكن سكنتها الأقوام بعد الأقوام الهالكة إلا القليل منها وفى هذا قال تعالى بسورة القصص "وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلا قليلا "ومساكن الأقوام الهالكة قد مشى الناس فيها فشاهدوا ما حل بهم من العقاب ولكن من يتعظ ويعتبر ؟إنهم أصحاب العقول وفى هذا قال تعالى بسورة طه "أفلم يهد لهم كم أهلكنا قبلهم من القرون يمشون فى مساكنهم إن فى ذلك لأيات لأولى النهى "ولعله من المضحك أن تكون المساكن عند الأقوام العائشة الآن دالة على عظمة من بنوها ومجدهم وليست دالة كما يقول الله على خستهم ودناءتهم وعدم تعقلهم . مواد البناء فى القرآن : بين الله لنا أن من مواد البناء التالى : - جلود الأنعام ومن هذه الجلود تبنى المبانى فى المناطق الرعوية وتمتاز هذه البيوت بأنها سهلة الإقامة والحمل والهدم وفى هذا قال تعالى بسورة النحل "وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتا تستخفونها يوم ظعنكم ويوم إقامتكم " - الطين المشوى وهو الطين الذى أشعلت فيه النار وقد طلب فرعون من هامان أن يبنى له الصرح من هذه المادة وفى هذا قال تعالى بسورة القصص "فأوقد لى يا هامان على الطين فاجعل لى صرحا ". - القوارير وهى الزجاجات أى الرقائق الشفافة وقد بين سليمان (ص)لملكة سبأ أن الصرح الذى دخلته مصنوع من قوارير أى زجاج شفاف وفى هذا قال تعالى بسورة النمل "قيل لها ادخلى الصرح فلما رأته حسبته لجة وكشفت عن ساقيها قال إنه صرح ممرد من قوراير ". - صخر الجبال وهى الحجارة الجامدة وقد بين الله لنا أن ثمود وهم أصحاب الحجر قد بنوا البيوت من صخر الجبال وفى هذا قال بسورة الحجر "ولقد كذب أصحاب الحجر المرسلين وأتيناهم آياتنا فكانوا عنها معرضين وكانوا ينحتون من الجبال بيوتا أمنين ". - الشجر وهو النباتات الشجرية وهذه المادة يبنى فيها النحل بيوته والإنسان أيضا قد يعمل منها بيوتا وفى هذا قال تعالى بسورة النحل "وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذى من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون " . - الزخرف وهو الذهب وقد طلب الكفار من الرسول (ص)أن يكون له بيت من زخرف أى ذهب حتى يؤمنوا به وفى هذا قال تعالى بسورة الإسراء "أو يكون لك بيت زخرف ". إقامة العبد الصالح (ص)للجدار : انطلق موسى (ص)والعبد الصالح (ص)حتى دخلا قرية من القرى فجاعا وعند ذلك طلبا من أهلها القرى وهو طعام الضيوف فرفضوا أن يطعموهم شيئا فسارا فى القرية وبينما هم سائرون وجد الرجلان جدارا وهذا الجدار يريد أن ينقض أى يتهدم فعمل العبد الصالح (ص)على أن يقيمه من جديد فكان أن أقامه أى بناه بناء حسنا فلما أتم البناء قال له موسى (ص):لو شئت أخذت على بنائه أجرا فكان هذا القول نهاية الطريق المشترك بينهما وفى هذا قال بسورة الكهف "فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه قال لو شئت لتخذت عليه أجرا قال هذا فراق بينى وبينك "وقد فسر العبد الصالح (ص)لموسى (ص)السبب فى بناء الجدار وهو أن الجدار أى المبنى كان ملكا لطفلين يتيمين وكان تحت المبنى كنز لهما وكان أبوهما مسلما فأراد الله أن يكبرا ويحصلا على الكنز رحمة منه بهما وفى هذا قال تعالى بسورة الكهف "وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين فى المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحا فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك ".
لا هدم لأماكن الصلاة : أن الله لولا أنه يدفع الناس بعضهم ببعض والمراد يقاوم ظلم الناس بالناس لتهدمت المبانى الصوامع والبيع والصلوات والمساجد التى يذكر فيها اسم الله وفى هذا قال تعالى بسورة الحج "ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ". صرح سليمان (ص): لقد بنى لسليمان (ص)صرحا وهذا الصرح أى المبنى كان مقاما بطريقة فنية تخدع البصر لما أتت ملكة سبأ قال لها سليمان (ص)ادخلى الصرح فلما شاهدت الصرح وهو المبنى ظنته لجة أى بحر ولذا قامت برفع ملابسها وكشف ساقيها وذلك حتى لا تبتل ملابسها وعند ذلك قال سليمان (ص)إنه صرح ممرد من قوارير والمراد إنه مبنى مصنوع من رقائق شفافة أى زجاج وهذه القوارير يصدر عنها أشعة تموجية تجعل العين ترى المكان كأنه بحر به ماء كثير مع أنه سطح مستوى لا بروز ولا انخفاض فيه وفى هذا قال تعالى بسورة النمل "قيل لها ادخلى الصرح فلما رأته حسبته لجة وكشفت عن ساقيها قال إنه صرح ممرد من قوارير "وبناة الصرح هم الشياطين أى مردة الجن فقد كانوا فرق منها البناة والغواصين وفى هذا قال تعالى بسورة ص"والشياطين كل بناء وغواص ". مكونات البيت : يتكون البيت من وحدات هى الحجرات وكل حجرة لها مهام معينة يحددها صاحب البيت وفى هذا قال تعالى بسورة الحجرات "إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون "ومن مكونات البيت كل من : -السقف وهو الجزء المغطى للبيت من أعلى . -المعارج وهى السلالم - الأبواب وهى الفتحات وهى تشمل الأبواب والشبابيك -الزخرف وهو الملاط أى اللياسة التى تغطى الجدران وغيرها من الأرضيات وأحيانا الأسقف وقد وردت هذه المكونات مذكورة فى قوله بسورة الزخرف "ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة ومعارج عليها يظهرون ولبيوتهم أبوابا وسررا عليها يتكئون وزخرفا "وهذه المكونات لابد من وجودها فى كل بيت سواء كان فى قرية أو فى مدينة أو فى غير هذا من المناطق الصالحة لإقامة المبانى . بيت من زخرف : لقد طلب الكفار من الرسول (ص)حتى يؤمنوا برسالته أن يكون له واحد من أمور عدة ذكروا فيها أن يكون له بيت من زخرف أى ذهب وفى هذا قال تعالى بسورة الإسراء "أو يكون لك بيت من زخرف "وقد رد الله عليهم بأن قال لنبيه (ص)إن الله إن أراد جعل له أفضل مما يطلبون وهو جنات تجرى من تحتها الأنهار وقصور أى مبانى جميلة فى الجنات وفى هذا قال تعالى بسورة الفرقان "تبارك الذى إن شاء جعل لك خيرا من ذلك جنات تجرى من تحتها الأنهار ويجعل لك قصورا ". صرح فرعون : طلب فرعون من هامان أن يبنى له صرح أى سلم أى مبنى له درجات متعددة يصعد عليها فرعون للسماء كما طلب وكانت مادة البناء هى الطين المشوى فقد طلب فرعون من هامان أن يوقد له على الطين وقد بناه له هامان وكانت نهاية أمره هى التباب أى التهدم وفى هذا قال تعالى بسورة القصص "فأوقد لى يا هامان على الطين فاجعل لى صرحا لعلى أطلع إلى إله موسى وإنى لأظنه من الكاذبين "وقال بسورة غافر "وقال فرعون يا هامان ابن لى صرحا لعلى أبلغ الأسباب أسباب السموات فاطلع إلى إله موسى وإنى لأظنه كاذبا وكذلك زين لفرعون سوء عمله وصد عن السبيل وما كيد فرعون إلا فى تباب "فالكيد هنا فى خسارة ومن ضمنه الصرح . آثار الأقوام الهالكة : لقد ترك كل قوم من الأقوام الهالكة آثار أى مبانى أقاموها لأغراض مختلفة منها المحرم ومنها المباح وفى هذا قال تعالى بسورة يس "إنا نحن نحى الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم "وقال بسورة الحج "فكأين من قرية أهلكناها وهى ظالمة فهى خاوية على عروشها وبئر معطلة وقصر مشيد"فالعروش هى المساكن والقصر هو القلعة وهذه المبانى تركها الله لنا كى نعتبر ونتعظ بها وليس للفرجة ومما لا شك فيه أن هذه المبانى يجب أن تستغل فى نفع الناس إذا كانت تصلح لأى منفعة كالسكن أو غير هذا وأما ما يسمى سياحة الآثار فذلك أمر لا داعى له إذا كنا بحاجة لهذه المساكن فيما ينفع الناس من الأمور الأخرى . المبانى العقابية : إن المبانى منها مبانى عقابية منها السجن والمحرقة وقد ورد أن قوم إبراهيم (ص)قد طلبوا من بعضهم البعض أن يبنوا لإبراهيم (ص)بنيانا والمراد أن يقيموا لإحراق إبراهيم (ص)مبنى والسبب أن يلقوه فى النار التى ستكون فى المبنى وفى هذا قال تعالى بسورة الصافات "قالوا ابنوا له بنيانا فألقوه فى الجحيم "وقد ورد ذكر السجن الذى سجن فيه يوسف "ورأوا من بعد الآيات ليسجننه "وقال "يا صاحبى السجن "وقال "رب السجن أحب إلى ". تخريب البيوت : فى الحرب يباح تخريب بيوت العدو إذا تحصن بها وتمترس داخلها وقد حدث أن بعض أهل الكتاب احتموا ببيوتهم فلما وجد المسلمون أنهم يحاربون من داخلها اضطروا إلى تخريب وهدم البيوت فلما أيقن اليهود باستيلاء المسلمين على البيوت قاموا بهدمها مع المسلمين والسبب ألا يتمتع المسلمون بالإقامة فيها أى ألا ينتفع المسلمون بما فيها من الأمور التى كان اليهود قد أعدوها لراحة أنفسهم وفى هذا قال تعالى بسورة الحشر "يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدى المؤمنين فاعتبروا يا أولى الأبصار ". البيوت العورة : إن أهل النفاق فى غزوة الأحزاب قام بعضهم بالاستئذان من النبى (ص)وذلك للعودة لبيوتهم والسبب فى ذلك كما قالوا إن بيوتنا عورة أى مكشوفة للعدو ولم تكن بيوتهم عورة أى معرضة للعدوان وفى هذا قال بسورة الأحزاب "وإذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا ويستئذن فريق منهم النبى يقولون إن بيوتنا عورة وما هى بعورة إن يريدون إلا فرارا "والمستفاد من القصة هو أن يتم توفير الحماية العسكرية وهى تختلف من بيوت لأخرى ومن ثم وجب وضع الترتيبات الحمائية عند إقامة البيوت وذلك حفاظا عليها وعلى أهلها وذلك حتى لا يبرز بعض المنافقين ويقولون كما قال المنافقون فيما مضى من الأزمان وأهم الترتيبات فى رأيى هى : أن يكون تحت كل قرية أو مدينة قرية أو مدينة أصغر معدة- الملجأ- لإقامة السكان فيها خلال الغارات طالت أو قصرت . وجود حوائط لصد الطائرات والصواريخ المعادية من الصواريخ وغيرها من الدفاعات. وجود مصايد للقنابل وغيرها من وسائل الحرب فوق المدينة أو القرية . أسس بناء البلدات : تتمثل الأسس فى التالى : 1-الفصل بين البيوت المسكونة والبيوت غير المسكونة بمعنى ابتعاد المساكن عن ما نسميه المبانى الوظيفية مثل الورش والمصانع والأسواق والمدارس وهذا الأساس مأخوذ من تسمية البيوت بالسكن أى مكان الراحة فى قوله تعالى بسورة النحل "والله جعل لكم من بيوتكم سكنا ". 2-أن تكون البيوت مناسبة للبيئة المحلية والمراد أن تكون المواد البنائية من نفس المنطقة حتى لا يدخل عنصر غريب على البيئة فساد فيها فمثلا المبانى فى البيئة الرعوية تكون من جلود الأنعام ومثلا فى البيئة الزراعية تكون من الطين أو الطين المشوى يدل على هذا قوله بسورة النحل "وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتا تستخفونها يوم ظعنكم ويوم إقامتكم "ومثلا البيئة الجبلية تكون من صخور الجبال يدل على هذا قوله بسورة النحل "وجعل لكم من الجبال أكنانا ". 3-وجود حدائق فى المنطقة والمراد أن يكون لكل بلدة أرض زراعية تمدها بالأطعمة وتمد مصانعها بالمواد الخام الغذائية وغير ذلك يدل على هذا أن الله جعل من نعمه على أهل سبأ أن الجنات كانت تحيط بالبلدة من اليمين والشمال وفى هذا قال تعالى بسورة سبأ "لقد كان لسبأ فى مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال". البناء بمواد البيئة المحلية : إن البناء فى منطقة ما يستلزم الحفاظ على طبيعة المنطقة والمراد ألا يدخل الإنسان على المنطقة عناصر غريبة لم تكن موجودة فى المنطقة من قبل والسبب هو أن العنصر الغريب سواء كان حيا أو ميتا سيتسبب فى إلحاق ضرر بمخلوقات المنطقة ومنها الإنسان نفسه ومن ثم وجب الأتى عند تعمير أى منطقة أن تقام المبانى من نفس المواد الموجودة فى المنطقة فإن كان هناك طين فمن الطين وإن كان هناك صخر فمن الصخر وإن كان هناك شىء أخر فمن هذا الشىء . إن الإلتزام بهذا الشرط سيعمل على توفير المال اللازم لشراء المواد الأخرى ومن ثم نقلها إلى المنطقة والجهد المبذول فى حمل ورفع ووضع المواد المنقولة والوقت المبذول فى الحمل والنقل والوضع وغير هذا من الأعمال اللازمة كما أنه يضمن قلة تكاليف المبنى وسهولة إقامته . البلدات والبيوت التى تحتاجها : تحتاج كل بلدة لنوعين من البيوت هما : 1- بيوت السكن التى نقيم بها مع أسرنا فى غير أوقات العمل الوظيفى . 2- بيوت غير مسكونة وهى تنقسم لنوعين : أ-بيوت موجودة فى كل بلدة وهى الدكاكين والمشفى والمدرسة ونقطة الشرطة والمحكمة والنقطة المالية ونقاط الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ومحطة المياه ومحطة المواصلات ومكتب البريد ومكتب الاتصالات ومحطة الكهرباء والجمعية الزراعية والنادى الرياضى والمسجد. ب-بيوت توجد فى بلاد دون بلاد وهى المصانع والكليات فكل بلدة لا توجد فيها كل الصناعات وأكثر البلاد ليس بها كليات وإنما كل بلدة توجد فيها صناعة أو أكثر أو كلية أو أكثر. فى العمارة الإسلامية : يقال إن العمارة منها ما يسمونه الإسلامية ويقولون أن لكل مبنى فيها صفات تميزه فمثلا المسجد يميزه المئذنة والقبة والزخارف الورقية والحق هو أن العمارة الإسلامية هى أى مبنى لا يخالف حكم من أحكام الإسلام فى البناء فليس المسجد فى الإسلام مثلا هو من له مئذنة وقبة وإنما أى بناء معد للصلاة . إن المآذن والقباب وغير ذلك من الصفات التى تطلق على العمارة الإسلامية قد تكون عمارة كفرية فالمآذن الآن تعتبر إقامتها إسراف وكفر لأن ليس هناك حاجة إليها فإذا كان القوم قد برروا بناءها قديما بأن يعلوها المؤذن لكى يصل صوته إلى من فى البلدة فإن مكبرات الصوت قد حلت المشكلة بتكاليف أقل وكذلك الأمر فى القباب والزخارف ،إننا نريد كما فى القولة الشهيرة "إنه بيت للصلاة يدعى "وليس "مغارة لصوص "كما فى نفس القول ولو نظرت للمساجد فى العصور السابقة لوجدت عجبا فمثلا فى القاهرة شارع ملىء بالمساجد كشارع المعز مع أن المنطقة ليس فيها عدد من السكان يكفى لملء اثنين أو ثلاثة من هذه المساجد والسبب هو سرقة أموال الشعب وبناء المساجد ليقال أن فلان مسجده أحسن من فلان ومما ينبغى قوله أن الغرض من البناء هو نفع الناس فإذا وجد فى البناء شىء لا يفيد الناس فاعلم أنه ليس من العمارة الإسلامية ومن أمثلة ذلك : المنابر المزخرفة والشبابيك والفتحات المشغولة فى الأسبلة والقصور الضخمة التى تتسع للمئات من الناس فكل هذا ليس من الإسلام فى شىء . ما يراعى عند إنشاء البيوت : يجب مراعاة التالى عند إنشاء البلدات : -أن تناسب البيئة وحاجات أهلها. -أن تبنى البلدة فوق منطقة مرتفعة عن الأرض حولها . -أن تكون البلدة بعيدة عن المياه الجوفية . -أن تكون بعيدة عن البراكين النشطة والخامدة بمسافة كافية . -أن تكون بعيدة عن البلدات الأخرى بمسافة كبيرة كافية لنموها المستقبلى بحيث لا تتلاصق البلدات . -أن تكون شوارعها واسعة كافية لمرور أى وسيلة نقل . -ألا ترتفع المبانى عن ثلاثة أدوار بأى حال من الأحوال مهما كانت الظروف ومن المفضل أن تقل عن ذلك .