سوفانا
2012-06-14, 02:14 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بقلم الدكتور محمد موسى الشريف
هو مجاهد من المجاهدين العظام في زمن اشتدت فيه حاجتنا إلى المجاهدين العظماء، تعرض للشهادة في مواطنها، وأبى إلا أن يغترف من كأسها الطاهر المطهر،
لكنه مات على فراشه بعد ملحمة طويلة، ومعارك جليلة أذاق فيها الروس القياصرة الذل والهوان، وهزموا أمامه مراراً، هذا وروسيا آنذاك من القوى العالمية في الطبقة الأولى،
وكانت في أوج عنفوانها وغطرستها، قد هزمت نابليون وتقدمت حتى دخلت باريس سنة 1816 !!والإمام شامل من داغستان، ولد في قرية منها سنة 1212/1797،
ونشأ فيها نشأة الأبطال الفرسان على أنه درس بعض العلوم على مشايخ من بلاده.
وداغستان جزء من منطقة القوقاز الشمالي الذي يضم معها الشيشان والانجوش وأوسيتيا،
وهذه المنطقة مواجهة تماماً للروس، وهناك القوقاز الأوسط الذي هو جمهورية جورجيا الآن وكانت تعرف عند المسلمين بالكرج، وهناك القوقاز الجنوبي الذي فيه أذربيجان وأرمينيا،
والقوقاز غزاه المسلمون الأوائل وثبتوا في جنوبه وفي مناطق في شمال غربه، لكن لوعورة المنطقة ولكثرة طوائف وأديان ومذاهب أهلها لم يستطع المسلمون أن يتحركوا شمالاً،
وغاية ما فعلوه أن سراقة بن عمرو الذي كان في زمن الخليفة الأموي مروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية استطاع دخول تفليس (تبليس، عاصمة جورجيا اليوم).
ثم إن التتار ورأسهم تيمورلنك في مرحلة تحولهم إلى الإسلام نشروا الإسلام في أجزاء من الشيشان والداغستان وأنجوش.
ثم أرسلت الدولة العثمانية في مرحلة متأخرة نسبياً دعاة إلى الشيشان وأقنعوا جماعات من الشيشانيين بالتحول إلى الإسلام بعد أن كانوا وثنيين وكان هذا من قرابة ثلاثة قرون من الآن،
وكان ذاك عملاً رائعاً في منطقة وعرة ضخمة بها أشجار بلوط ضخمة يبلغ ارتفاع بعضها مائتين وثمانين قدماً ومحيطها خمسة وثلاثين قدماً !!
والمنطقة مليئة بهذه الأشجار، وبها جبال وعرة مما يصعب أي عمل عسكري فيها، وهذا من فضل الله على أولئك الدعاة.
ومنذ أن دخل الشيشانيون إلى الإسلام عمدوا إلى الدفاع عن الإسلام ورفع لوائه إلى يوم الناس هذا،
ولم تفلح معهم كل محاولات التغريب والتنصير، وهناك شعوب دخلت قبلهم في الإسلام لكنها أجبرت على التحول إلى النصرانية
كما اجتاحها الروس القياصرة مثل شعب الكرج (جورجيا) التي دخلها الإسلام منذ عصر التابعين لكن الشيشانيين ثبتوا ولله الحمد.
كان لشامل صاحب يكبره بخمس سنوات يسمى غازي محمد ملا، وكان رفيق دربه، فكانا يدرسان معاً على المشايخ،
ويدوران على المساجد، وابتدآ الجهاد معاً، وكان لبدء الجهاد سبب مؤثر وهو أن غازي ملا رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام ثلاث مرات وهو يدعوه للجهاد ضد الروس.
والروس آنذاك هم الذين ابتدأوا بالاعتداء حيث كانت القيصرة كاترين تملكهم فأرسلت الجيوش إلى تلك المناطق، وتتابع القياصرة من بعدها على إرسال الجيوش.
تقدمت الدولة الروسية لتحتل القوقاز وكان يدفعها سببان رئيسان: أولاهما أن القوقاز طريق إلى التركستان فإذا أخذوا القوقاز سهل عليهم الاستيلاء على التركستان،
ومن ثم يتقدمون لأخذ الهند من المغول المسلمين – وهذا هو الدافع الآخر ، وفعلاً ما إن أسقطوا دولة شامل إلا ودخلوا طشقند عاصمة أوزبكستان إحدى جمهوريات التركستان، ولم يستغرق منهم هذا سوى سنة واحدة فقط بعد سقوط القوقاز.
لما رأى غازي محمد ملا النبي صلى الله عليه وسلم في المنام ثلاث مرات يأمره ببدء الجهاد تحدث إلى الداغستانيين بهذا فأجابوه وجاهد الروس ثلاث سنوات من سنة 1829،
ثم حوصر في بلدته غمري هو وشامل ومن معهما، فقتل غازي محمد ملا، وهرب شامل.
ثم استطاع أن يجمع فلول الداغستانيين ويبتدئ الجهاد ضد الروس سنة 1834 إلى سنة 1839،
وفي تلك السنة دل عليه بعض أمراء الداغستان الخونة وحاصره الروس بقوة ضخمة فيها مدافع لم يكن يملك الداغستانيون شيئاً حيالها حيث كان الروس يدكون البيوت بها دكاً،
لكن شاملاً استطاع الهرب أيضاً.وبعد تفكير ومراجعة لأحواله في ظل خيانة أمراء الداغستان قرر التوجه إلى الشيشان، وهو معقل حصين جبلي كان أهله أقوى إيماناً من الداغستانيين وأوفى ذمة،
وطبيعة الشعب الشيشاني الصعبة لا تسمح لهم بأن يرضخ بعضهم لبعض فكانوا بحاجة لرجل غريب يُسلسون له قيادهم فكان هذا هو الإمام شامل الذي استطاع أن يصل إلى القسم الجبلي من الشيشان،
وجمع حوله فلول أتباعه من الداغستانيين الذين انهزموا من الروس، وبايعه أمراء الشيشان وقبائلهم، وأعلنوه إماماً عليهم له حق السمع والطاعة والجهاد معه في سبيل الله تعالى.
بقلم الدكتور محمد موسى الشريف
هو مجاهد من المجاهدين العظام في زمن اشتدت فيه حاجتنا إلى المجاهدين العظماء، تعرض للشهادة في مواطنها، وأبى إلا أن يغترف من كأسها الطاهر المطهر،
لكنه مات على فراشه بعد ملحمة طويلة، ومعارك جليلة أذاق فيها الروس القياصرة الذل والهوان، وهزموا أمامه مراراً، هذا وروسيا آنذاك من القوى العالمية في الطبقة الأولى،
وكانت في أوج عنفوانها وغطرستها، قد هزمت نابليون وتقدمت حتى دخلت باريس سنة 1816 !!والإمام شامل من داغستان، ولد في قرية منها سنة 1212/1797،
ونشأ فيها نشأة الأبطال الفرسان على أنه درس بعض العلوم على مشايخ من بلاده.
وداغستان جزء من منطقة القوقاز الشمالي الذي يضم معها الشيشان والانجوش وأوسيتيا،
وهذه المنطقة مواجهة تماماً للروس، وهناك القوقاز الأوسط الذي هو جمهورية جورجيا الآن وكانت تعرف عند المسلمين بالكرج، وهناك القوقاز الجنوبي الذي فيه أذربيجان وأرمينيا،
والقوقاز غزاه المسلمون الأوائل وثبتوا في جنوبه وفي مناطق في شمال غربه، لكن لوعورة المنطقة ولكثرة طوائف وأديان ومذاهب أهلها لم يستطع المسلمون أن يتحركوا شمالاً،
وغاية ما فعلوه أن سراقة بن عمرو الذي كان في زمن الخليفة الأموي مروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية استطاع دخول تفليس (تبليس، عاصمة جورجيا اليوم).
ثم إن التتار ورأسهم تيمورلنك في مرحلة تحولهم إلى الإسلام نشروا الإسلام في أجزاء من الشيشان والداغستان وأنجوش.
ثم أرسلت الدولة العثمانية في مرحلة متأخرة نسبياً دعاة إلى الشيشان وأقنعوا جماعات من الشيشانيين بالتحول إلى الإسلام بعد أن كانوا وثنيين وكان هذا من قرابة ثلاثة قرون من الآن،
وكان ذاك عملاً رائعاً في منطقة وعرة ضخمة بها أشجار بلوط ضخمة يبلغ ارتفاع بعضها مائتين وثمانين قدماً ومحيطها خمسة وثلاثين قدماً !!
والمنطقة مليئة بهذه الأشجار، وبها جبال وعرة مما يصعب أي عمل عسكري فيها، وهذا من فضل الله على أولئك الدعاة.
ومنذ أن دخل الشيشانيون إلى الإسلام عمدوا إلى الدفاع عن الإسلام ورفع لوائه إلى يوم الناس هذا،
ولم تفلح معهم كل محاولات التغريب والتنصير، وهناك شعوب دخلت قبلهم في الإسلام لكنها أجبرت على التحول إلى النصرانية
كما اجتاحها الروس القياصرة مثل شعب الكرج (جورجيا) التي دخلها الإسلام منذ عصر التابعين لكن الشيشانيين ثبتوا ولله الحمد.
كان لشامل صاحب يكبره بخمس سنوات يسمى غازي محمد ملا، وكان رفيق دربه، فكانا يدرسان معاً على المشايخ،
ويدوران على المساجد، وابتدآ الجهاد معاً، وكان لبدء الجهاد سبب مؤثر وهو أن غازي ملا رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام ثلاث مرات وهو يدعوه للجهاد ضد الروس.
والروس آنذاك هم الذين ابتدأوا بالاعتداء حيث كانت القيصرة كاترين تملكهم فأرسلت الجيوش إلى تلك المناطق، وتتابع القياصرة من بعدها على إرسال الجيوش.
تقدمت الدولة الروسية لتحتل القوقاز وكان يدفعها سببان رئيسان: أولاهما أن القوقاز طريق إلى التركستان فإذا أخذوا القوقاز سهل عليهم الاستيلاء على التركستان،
ومن ثم يتقدمون لأخذ الهند من المغول المسلمين – وهذا هو الدافع الآخر ، وفعلاً ما إن أسقطوا دولة شامل إلا ودخلوا طشقند عاصمة أوزبكستان إحدى جمهوريات التركستان، ولم يستغرق منهم هذا سوى سنة واحدة فقط بعد سقوط القوقاز.
لما رأى غازي محمد ملا النبي صلى الله عليه وسلم في المنام ثلاث مرات يأمره ببدء الجهاد تحدث إلى الداغستانيين بهذا فأجابوه وجاهد الروس ثلاث سنوات من سنة 1829،
ثم حوصر في بلدته غمري هو وشامل ومن معهما، فقتل غازي محمد ملا، وهرب شامل.
ثم استطاع أن يجمع فلول الداغستانيين ويبتدئ الجهاد ضد الروس سنة 1834 إلى سنة 1839،
وفي تلك السنة دل عليه بعض أمراء الداغستان الخونة وحاصره الروس بقوة ضخمة فيها مدافع لم يكن يملك الداغستانيون شيئاً حيالها حيث كان الروس يدكون البيوت بها دكاً،
لكن شاملاً استطاع الهرب أيضاً.وبعد تفكير ومراجعة لأحواله في ظل خيانة أمراء الداغستان قرر التوجه إلى الشيشان، وهو معقل حصين جبلي كان أهله أقوى إيماناً من الداغستانيين وأوفى ذمة،
وطبيعة الشعب الشيشاني الصعبة لا تسمح لهم بأن يرضخ بعضهم لبعض فكانوا بحاجة لرجل غريب يُسلسون له قيادهم فكان هذا هو الإمام شامل الذي استطاع أن يصل إلى القسم الجبلي من الشيشان،
وجمع حوله فلول أتباعه من الداغستانيين الذين انهزموا من الروس، وبايعه أمراء الشيشان وقبائلهم، وأعلنوه إماماً عليهم له حق السمع والطاعة والجهاد معه في سبيل الله تعالى.