أبوحمزة السيوطي
2008-10-15, 08:53 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
ان الحمد لله تعالى نحمده ونستعين به ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهدي الله تعالى فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.
فهذا الموضوع هو الهدية الأولى لأختنا زهرة المسيح وهو الهدية الأولة مني وهناك موضوع آخر يتم تحضيرها
وهو أيضا هدية ونصيحة لجميع الأخوان .
الثبات على الحق
ولكن أبدء بشيء أسلط الضوء عليه وهو مسألة اغراء المسلمين للناس بالمال وغيره أو يكرههم على الدخول في الاسلام وهو مفهوم مغلوط بكل المقاييس .
لأن الأسلام دين عزيز لا يزيد باسلام الناس ولا يقل بضلالهم
بل إن الله تبارك وتعالى لا يقبل المتاهفتين على الاسلام الا اذا رغبت فيه قلوبهم مؤمنين فسن سنة على عباده لها أهداف عظيمة
هي للذين يدخلون في الاسلام ولمسلمين الذين يعودون لربهم وللالتزام بالدين سواء بسواء
جميعا طبق الله عليهم هذه السنة ولابد .
وهي قال الله تبارك وتعالى :
بسم الله الرحمن الرحيم
{ الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) } سورة العنكبوت
يفتنون لماذا يارب يؤمن الناس فيفتنوا أو يتعرضوا للبلاء ؟!
قال تعالى :
{وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3) }العنكبوت
إنها سنته يختبرهم ليعلم الصادقين ويعلم الكاذبين ( ليعلم) لا لأنه لايعلم ما في القلوب بل ليظهر ما في القلوب حتى يميز الخبيث من الطيب وليظهر للشخص نفسه ويعلمه هل كان صادقا في دعواه أم كان كاذبا .
ومثله قوله تعالى :
{ أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ ٱلَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ ٱلْبَأْسَآءُ وَٱلضَّرَّآءُ وَزُلْزِلُواْ حَتَّىٰ يَقُولَ ٱلرَّسُولُ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ ٱللَّهِ أَلاَۤ إِنَّ نَصْرَ ٱللَّهِ قَرِيبٌ }[البقرة: 214]
وهنا يضرب الله مثل بالأولون أنهم لما آمنوا بالله عز وجل مستهم من الناس بأساء وضراء
نزل بهم أذى كثيرا وتعذيب وسب وإهانة وإغراءات ومساومات حتى يردوهم وهنا يظهر الايمان الصادق من الايمان الكاذب .
وكما علمنا الله أضرب لكم مثلا من الأولين :
قال تعالى :
حاكيا عن سحرة فرعون الذين آمنوا بالله واتبعوا موسى وهارون { قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (47)رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ (48) قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ (49) }
هكذا سنت الله أول ما آمن السحرة وجهروا بايمانهم وقعو في الختبار فهددهم فرعون فما كان ردهم الدال على صدق ايمانهم :
{ قَالُوا لَا ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ (50) } ( الآيات من سورة الشعراء )
اعمل اللي تعمله دخل الايمان قلوبنا عن اقتناع لن تخرجه ولو قطعتنا اربا أنا الى ربنا منقلبون انت هتودينا لمين لما تقتلنا احنا رايحين لله الذي آمنا به .
وهذا هو مثل الأولون لما جائتهم الفتنة أو البلاء ( الاختبار) ثبتوا على الحق الذي علموه .
وهناك من اذا أصابه من الناس هذه الفتنة أو الابتلاء تخاذل ونكص على عقبيه وتملك خوفه من الناس قلبه دليل على عدم تملك الايمان في قلبه فقد كان كاذبا في ايمانه وأستعظم ابتلاء الناس ولم ينتبه لقدرة الله فهو القادر أن يخفف عنه ويرفع عنه ابتلاء الناس أو يلهمه صبرا ثم يعوضه خيرا .
قال تعالى :
{ وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ وَلَئِن جَاء نَصْرٌ مِّن رَّبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ (10)وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ (11) } سورة العنكبوت .
وهناك فتنة أخرى فمن الناس من تأتيهم هذه الفتنة ( الاختبار) بالاغراء بالحياة الدنيا وزينتها الزائفة الزائلة
فاذا ما كان الابتلاء بضيق في الرزق أو أو على الأقل النزول من مستوى أعلى لأسفل أو يقيلوه من وظيفته تبدأ هذه الفتنة باغراء مالي أو رفع المستوى أو العودة للوظيفة وغيره
فحين اذا يثبت المؤمن حقا وينكص على عقبيه الكاذب في ايمانه .
اذا ما الحكمة من هذا الاختبار ؟
1- ليميز الله الخبيث من الطيب ليميز الصادق من المنافق .
2- وهذه مهمة جدا :
قال تعالى :
{ وَلِيَبْتَلِيَ اللّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحَّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (154) } آل عمران
فإن الانسان الذي يؤمن في بداية أمره أو يقبل على الله كملتزم يكون في صدره بعض شوائب الجاهليه تحيق بصدره فيبتلي الله الانسان ما في صدره فاذا ثبت على الحق شعر بداخل نفسه بحلاوة لا يستطيع وصفها إلا مجربها وأعتقد أن كثير من الإخوة الملتزمين الذين مروا بهذه المرحلة شعروا بهذه الحلاوة عندما يثبت على الحق ويتصر على كل الاغراءات والفتن والاختبارات .
هل تعرفون ما هي هذه الحلاوة إنها ( وليمحص ما في قلوبكم ) والتمحيص في اللغة التخليص والتنقية .
وهنا لفتة بلاغية جميلة في الآية : إن المقبل على الله يكون سبب اقباله هذا نور وهدى في القلب
أما شوائب فهي تكون هواجس في الصدر والتي تعني النفس ووساوسها فلا يجتمع هدى وضلال في مكان واحد أي أن المقبل على الله في قلبه هدى ولكن بعض الشوائب خارج القلب في الصدور فيبتليها الله ويمحقها ويخلصها وينقيها فيخلص القلب بالتبعية مما أحاط به وينقى .
وهذا ما بينته الآية فتمحيص القلب ( تنقيته ) دلاله على إزالة ما في الصدور من شوائب بالكلية حتى وصل النقاء للقلب .
3- أيضا مهمة :
هو يختبرك لتشعر وأنت في بداية اقبالك بحلاوة اللجوء اليه فاذا أصابك مكروه تسارع بالدعاء له وتطلب منه العون والهام الصبر فيعينك فتشعر به وبتأيده تبارك وتعالى عندما يثبتك ويعينك ويلهمك الصبر والثبات فيكون الناس كلهم ضدك وهو وحده معك وكفى بالله وليا وكفا بالله نصيرا .
و هذه الحكمة ( من الأختبار ) ييسر الله فهمها للثابت على الحق وينتقل الى مرحلة أخرى وهي التملق في حلاوة الإيمان ويقويه الله فيصبح محصننا لا يخاف في الله لومة لائم ولا يضر من ضل اذا اهتدى.
وهذه هي فائدة وحكمة الاختبارات أو البتلاءات أو الفتن .
وهكذا فدين الله عزيز لا يقبل الله إلا من صدق قلبه فلا يقبل من تظاهر بالاسلام لينال المنالات
ولا يقبله من المتظاهر به خوفا ونفاقا ....
لذلك أحسن الناس نراهم على الأرض من آمن بالله بمصداقية ثم أوذي في الله ثم صبر ثم ثبت على الحق ثم صدع به داعيا إليه .
أولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات ويزيدهم من فضله ويكونون جنده في الأرض .
طوبى لهم طوبى لهم طوبى لهم
وهذه نصيحة أعتذر أنها طويلة ولكنها تدل على خوفي وحبي لكم جميعا و أبدأ فيها بنفسي
فالمقبلين على الله سواء من الكفر الى الايمان أو من الغفلة الى التنبه والالتزام يحتاجون لهذه النصيحة .
ولكن أبشر الجميع برحمة الله رب العالمين فالأمر ليس للتخويف , لماذا ؟
لأن الرحمن الهادي الذي يهدي ابتداءا الذي يرسل نوره لقلب أختنا زهرة وإخواننا الملتزمين فهو القادر على أن ينجيهم
ويعينهم ويثبتهم ويزدهم ايمان ويلهمهم الصبر ويعوضهم خيرا وخيرا وخيرا .
ولكن الأمر يتطلب لشيئين فقط :
1- صدق الاقبال على الله .
2- الدعاء والاستعانة بالله .
وعلى الله فليتوكل المتوكلون المؤمنون الصادقون .
فجددوا نيتكم جميعا وإيمانكم جميعا وأقبلوا على الله .
أسأل الله لكي يا أختي الثبات على الحق وأسأله عز وجل لنا جميعا الثبات على الحق .
ثم أسألكم أن تسألوا الله لنا جميعا الثبات على الحق والموت عليه .
وأترككم مع آيات الله الآتية تدبروها وهي أيضا من سورة العنكبوة في نهايتها بعد ذكر الابتلاءات والفتن على المقبلن على الله
لينصحهم ويبشرهم ويرشدهم .
وفي أيضا لفتة جميل في أول آية ( إن أرضي واسعة ) ما هي مناسبة ذكرها هنا ؟
إن المؤمنين على مر العصور محاربين من البشر الضالين فلا يهنئوهم على عيش كريم ولا يتركوهم وما يعبدون
واذا قدروا عليهم يظلمون وعنفون ويعذبون .وهذا ما ذكره الله في سورة العنكبوت من قصص بعض أهل القرى
وموقفهم مع أهل الايمان .
فأمر الله تعالى عباده المؤمنين بالهجرة من البلد الذي لا يقدرون فيه على إقامة الدين إلى أرض الله الواسعة حيث يمكن إقامة الدين، بأن يوحدوا الله ويعبدوه كما أمرهم .
ثم قال تعالى: { كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ ٱلْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ } أي أينما كنتم يدرككم الموت، فكونوا في طاعة الله وحيث أمركم الله ، فهو خير لكم، فإن الموت لا بد منه ولا محيد عنه( مت في بلدك مت في غيرها هنا أو هناك المهم تموت على العبودية لله الواحد ) ثم إلى الله المرجع والمآب، فمن كان مطيعاً له جازاه أفضل الجزاء، ووافاه أتم الثواب ولهذا قال تعالى: { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِّنَ ٱلْجَنَّةِ غُرَفَاً تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ } أي لنسكننهم منازل عالية في الجنة تجري من تحتها الأنهار على اختلاف أصنافها من ماء وخمر وعسل ولبن، يصرفونها ويجرونها حيث شاؤوا { خَـٰلِدِينَ فِيهَا } أي ماكثين فيها أبداً لا يبغون عنها حولا { نِعْمَ أَجْرُ ٱلْعَامِلِينَ } نعمت هذه الغرف أجراً على أعمال المؤمنين { ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ } أي على دينهم.( وأذى الناس ) وهاجروا إلى الله ونابذوا الأعداء، وفارقوا الأهل والأقرباء ابتغاء وجه الله ورجاء ما عنده وتصديق موعده. (ابن كثير ما بين القوسين مني )
ملحوظة : - الهجرة الى الله على أمرين :
1- مغادرة فعلية للمكان الذي عجزت فيه عن إقامة العبودية .
2- إن لم تستطع الهجرة الفعلية فالمعنوية تهاجر المجتمع المخالف هم في غرفتك أو في قلبك وتهجر أفعالهم ولا تشاركهم فيها .
بسم الله الرحمن الرحيم
{يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ (57)كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (58) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُم مِّنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (59) الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (60) } سورة العنكبوت .
ان الحمد لله تعالى نحمده ونستعين به ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهدي الله تعالى فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.
فهذا الموضوع هو الهدية الأولى لأختنا زهرة المسيح وهو الهدية الأولة مني وهناك موضوع آخر يتم تحضيرها
وهو أيضا هدية ونصيحة لجميع الأخوان .
الثبات على الحق
ولكن أبدء بشيء أسلط الضوء عليه وهو مسألة اغراء المسلمين للناس بالمال وغيره أو يكرههم على الدخول في الاسلام وهو مفهوم مغلوط بكل المقاييس .
لأن الأسلام دين عزيز لا يزيد باسلام الناس ولا يقل بضلالهم
بل إن الله تبارك وتعالى لا يقبل المتاهفتين على الاسلام الا اذا رغبت فيه قلوبهم مؤمنين فسن سنة على عباده لها أهداف عظيمة
هي للذين يدخلون في الاسلام ولمسلمين الذين يعودون لربهم وللالتزام بالدين سواء بسواء
جميعا طبق الله عليهم هذه السنة ولابد .
وهي قال الله تبارك وتعالى :
بسم الله الرحمن الرحيم
{ الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) } سورة العنكبوت
يفتنون لماذا يارب يؤمن الناس فيفتنوا أو يتعرضوا للبلاء ؟!
قال تعالى :
{وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3) }العنكبوت
إنها سنته يختبرهم ليعلم الصادقين ويعلم الكاذبين ( ليعلم) لا لأنه لايعلم ما في القلوب بل ليظهر ما في القلوب حتى يميز الخبيث من الطيب وليظهر للشخص نفسه ويعلمه هل كان صادقا في دعواه أم كان كاذبا .
ومثله قوله تعالى :
{ أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ ٱلَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ ٱلْبَأْسَآءُ وَٱلضَّرَّآءُ وَزُلْزِلُواْ حَتَّىٰ يَقُولَ ٱلرَّسُولُ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ ٱللَّهِ أَلاَۤ إِنَّ نَصْرَ ٱللَّهِ قَرِيبٌ }[البقرة: 214]
وهنا يضرب الله مثل بالأولون أنهم لما آمنوا بالله عز وجل مستهم من الناس بأساء وضراء
نزل بهم أذى كثيرا وتعذيب وسب وإهانة وإغراءات ومساومات حتى يردوهم وهنا يظهر الايمان الصادق من الايمان الكاذب .
وكما علمنا الله أضرب لكم مثلا من الأولين :
قال تعالى :
حاكيا عن سحرة فرعون الذين آمنوا بالله واتبعوا موسى وهارون { قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (47)رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ (48) قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ (49) }
هكذا سنت الله أول ما آمن السحرة وجهروا بايمانهم وقعو في الختبار فهددهم فرعون فما كان ردهم الدال على صدق ايمانهم :
{ قَالُوا لَا ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ (50) } ( الآيات من سورة الشعراء )
اعمل اللي تعمله دخل الايمان قلوبنا عن اقتناع لن تخرجه ولو قطعتنا اربا أنا الى ربنا منقلبون انت هتودينا لمين لما تقتلنا احنا رايحين لله الذي آمنا به .
وهذا هو مثل الأولون لما جائتهم الفتنة أو البلاء ( الاختبار) ثبتوا على الحق الذي علموه .
وهناك من اذا أصابه من الناس هذه الفتنة أو الابتلاء تخاذل ونكص على عقبيه وتملك خوفه من الناس قلبه دليل على عدم تملك الايمان في قلبه فقد كان كاذبا في ايمانه وأستعظم ابتلاء الناس ولم ينتبه لقدرة الله فهو القادر أن يخفف عنه ويرفع عنه ابتلاء الناس أو يلهمه صبرا ثم يعوضه خيرا .
قال تعالى :
{ وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ وَلَئِن جَاء نَصْرٌ مِّن رَّبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ (10)وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ (11) } سورة العنكبوت .
وهناك فتنة أخرى فمن الناس من تأتيهم هذه الفتنة ( الاختبار) بالاغراء بالحياة الدنيا وزينتها الزائفة الزائلة
فاذا ما كان الابتلاء بضيق في الرزق أو أو على الأقل النزول من مستوى أعلى لأسفل أو يقيلوه من وظيفته تبدأ هذه الفتنة باغراء مالي أو رفع المستوى أو العودة للوظيفة وغيره
فحين اذا يثبت المؤمن حقا وينكص على عقبيه الكاذب في ايمانه .
اذا ما الحكمة من هذا الاختبار ؟
1- ليميز الله الخبيث من الطيب ليميز الصادق من المنافق .
2- وهذه مهمة جدا :
قال تعالى :
{ وَلِيَبْتَلِيَ اللّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحَّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (154) } آل عمران
فإن الانسان الذي يؤمن في بداية أمره أو يقبل على الله كملتزم يكون في صدره بعض شوائب الجاهليه تحيق بصدره فيبتلي الله الانسان ما في صدره فاذا ثبت على الحق شعر بداخل نفسه بحلاوة لا يستطيع وصفها إلا مجربها وأعتقد أن كثير من الإخوة الملتزمين الذين مروا بهذه المرحلة شعروا بهذه الحلاوة عندما يثبت على الحق ويتصر على كل الاغراءات والفتن والاختبارات .
هل تعرفون ما هي هذه الحلاوة إنها ( وليمحص ما في قلوبكم ) والتمحيص في اللغة التخليص والتنقية .
وهنا لفتة بلاغية جميلة في الآية : إن المقبل على الله يكون سبب اقباله هذا نور وهدى في القلب
أما شوائب فهي تكون هواجس في الصدر والتي تعني النفس ووساوسها فلا يجتمع هدى وضلال في مكان واحد أي أن المقبل على الله في قلبه هدى ولكن بعض الشوائب خارج القلب في الصدور فيبتليها الله ويمحقها ويخلصها وينقيها فيخلص القلب بالتبعية مما أحاط به وينقى .
وهذا ما بينته الآية فتمحيص القلب ( تنقيته ) دلاله على إزالة ما في الصدور من شوائب بالكلية حتى وصل النقاء للقلب .
3- أيضا مهمة :
هو يختبرك لتشعر وأنت في بداية اقبالك بحلاوة اللجوء اليه فاذا أصابك مكروه تسارع بالدعاء له وتطلب منه العون والهام الصبر فيعينك فتشعر به وبتأيده تبارك وتعالى عندما يثبتك ويعينك ويلهمك الصبر والثبات فيكون الناس كلهم ضدك وهو وحده معك وكفى بالله وليا وكفا بالله نصيرا .
و هذه الحكمة ( من الأختبار ) ييسر الله فهمها للثابت على الحق وينتقل الى مرحلة أخرى وهي التملق في حلاوة الإيمان ويقويه الله فيصبح محصننا لا يخاف في الله لومة لائم ولا يضر من ضل اذا اهتدى.
وهذه هي فائدة وحكمة الاختبارات أو البتلاءات أو الفتن .
وهكذا فدين الله عزيز لا يقبل الله إلا من صدق قلبه فلا يقبل من تظاهر بالاسلام لينال المنالات
ولا يقبله من المتظاهر به خوفا ونفاقا ....
لذلك أحسن الناس نراهم على الأرض من آمن بالله بمصداقية ثم أوذي في الله ثم صبر ثم ثبت على الحق ثم صدع به داعيا إليه .
أولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات ويزيدهم من فضله ويكونون جنده في الأرض .
طوبى لهم طوبى لهم طوبى لهم
وهذه نصيحة أعتذر أنها طويلة ولكنها تدل على خوفي وحبي لكم جميعا و أبدأ فيها بنفسي
فالمقبلين على الله سواء من الكفر الى الايمان أو من الغفلة الى التنبه والالتزام يحتاجون لهذه النصيحة .
ولكن أبشر الجميع برحمة الله رب العالمين فالأمر ليس للتخويف , لماذا ؟
لأن الرحمن الهادي الذي يهدي ابتداءا الذي يرسل نوره لقلب أختنا زهرة وإخواننا الملتزمين فهو القادر على أن ينجيهم
ويعينهم ويثبتهم ويزدهم ايمان ويلهمهم الصبر ويعوضهم خيرا وخيرا وخيرا .
ولكن الأمر يتطلب لشيئين فقط :
1- صدق الاقبال على الله .
2- الدعاء والاستعانة بالله .
وعلى الله فليتوكل المتوكلون المؤمنون الصادقون .
فجددوا نيتكم جميعا وإيمانكم جميعا وأقبلوا على الله .
أسأل الله لكي يا أختي الثبات على الحق وأسأله عز وجل لنا جميعا الثبات على الحق .
ثم أسألكم أن تسألوا الله لنا جميعا الثبات على الحق والموت عليه .
وأترككم مع آيات الله الآتية تدبروها وهي أيضا من سورة العنكبوة في نهايتها بعد ذكر الابتلاءات والفتن على المقبلن على الله
لينصحهم ويبشرهم ويرشدهم .
وفي أيضا لفتة جميل في أول آية ( إن أرضي واسعة ) ما هي مناسبة ذكرها هنا ؟
إن المؤمنين على مر العصور محاربين من البشر الضالين فلا يهنئوهم على عيش كريم ولا يتركوهم وما يعبدون
واذا قدروا عليهم يظلمون وعنفون ويعذبون .وهذا ما ذكره الله في سورة العنكبوت من قصص بعض أهل القرى
وموقفهم مع أهل الايمان .
فأمر الله تعالى عباده المؤمنين بالهجرة من البلد الذي لا يقدرون فيه على إقامة الدين إلى أرض الله الواسعة حيث يمكن إقامة الدين، بأن يوحدوا الله ويعبدوه كما أمرهم .
ثم قال تعالى: { كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ ٱلْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ } أي أينما كنتم يدرككم الموت، فكونوا في طاعة الله وحيث أمركم الله ، فهو خير لكم، فإن الموت لا بد منه ولا محيد عنه( مت في بلدك مت في غيرها هنا أو هناك المهم تموت على العبودية لله الواحد ) ثم إلى الله المرجع والمآب، فمن كان مطيعاً له جازاه أفضل الجزاء، ووافاه أتم الثواب ولهذا قال تعالى: { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِّنَ ٱلْجَنَّةِ غُرَفَاً تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ } أي لنسكننهم منازل عالية في الجنة تجري من تحتها الأنهار على اختلاف أصنافها من ماء وخمر وعسل ولبن، يصرفونها ويجرونها حيث شاؤوا { خَـٰلِدِينَ فِيهَا } أي ماكثين فيها أبداً لا يبغون عنها حولا { نِعْمَ أَجْرُ ٱلْعَامِلِينَ } نعمت هذه الغرف أجراً على أعمال المؤمنين { ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ } أي على دينهم.( وأذى الناس ) وهاجروا إلى الله ونابذوا الأعداء، وفارقوا الأهل والأقرباء ابتغاء وجه الله ورجاء ما عنده وتصديق موعده. (ابن كثير ما بين القوسين مني )
ملحوظة : - الهجرة الى الله على أمرين :
1- مغادرة فعلية للمكان الذي عجزت فيه عن إقامة العبودية .
2- إن لم تستطع الهجرة الفعلية فالمعنوية تهاجر المجتمع المخالف هم في غرفتك أو في قلبك وتهجر أفعالهم ولا تشاركهم فيها .
بسم الله الرحمن الرحيم
{يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ (57)كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (58) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُم مِّنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (59) الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (60) } سورة العنكبوت .